الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 يوليو 2020

الطعن 599 لسنة 19 ق جلسة 10 / 5 / 1949 مج عمر ج 7 ق 906 ص 880


جلسة 10 من مايو سنة 1949
برياسة حضرة أحمد فهمي إبراهيم بك وحضور حضرات: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.
-----------------
(906)
القضية رقم 599 سنة 19 القضائية  (1)

أوراق نقد أجنبي.
القانون رقم 80 لسنة 1947 يحظر التعامل بهذه الأوراق. اتفاق المتهم على بيع نقد أجنبي في متناول يده. معاقب عليه.
--------------
إن المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 قد نصت بصفة عامة مطلقة على حظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي، وهذا الحظر يتناول كل عملية من أي نوع تتصل بهذا النقد وتقع عليه. فاتفاق المتهم على بيع نقد أجنبي كان في متناول يده معاقب عليه إذ هو يعتبر ولا شك عملية من هذا القبيل.


المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن بأنه "تعامل في أوراق النقد الأجنبية (دولارات أمريكية وفرنكات سويسرية) في غير الأوضاع المقررة في قرار وزير المالية" جاء مشوباً بما يبطله. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الواقعة كما أثبتتها المحكمة لا تكون بيعاً ولا تدخل تحت أي نوع من أنواع التعامل، وأنها إن اعتبرت شروعاً في بيع فلا يصح العقاب إذ لم ينص القانون رقم 80 لسنة 1947 على العقاب على الشروع. ويذكر الطاعن في ذلك أن المادة الأولى من القانون تحظر التعامل كما تحظر كل تعهد أو مبادلة أو تحويل أو تسوية أو غير ذلك من عمليات النقد الأجنبي، وأن هذا الذي أوردته في سبيل الإدانة إنما يعاقب عليه إذا استوفى مقوماته القانونية وشروط نفاذه، ولكن المحكمة دانته دون أن تبين نوع التعامل الذي وقع، ثم إنها عندما تعرضت لدفاعه وصفت العمل بأنه مبادلة مع أن البدل يتميز بانعدام ركن الثمن على غير الحال في الدعوى, كما أنه لا يمكن أن يكون كذلك بعدم حصول التسليم الذي لا ينفذ إلا به، وكذلك الحكم فيما قالته عن اعتباره عرضاً للبيع إذ لم يتم قبول لم ينفذ بالتسليم. ويضيف الطاعن أن حيازة النقد الأجنبي لم يكن معاقباً عليها في ذلك الوقت وأنه دافع بأن أوراق النقد انتزعت منه كرهاً بمعرفة رجال البوليس، مما يستحيل معه القول بحصول تعاقد تقوم الجريمة على أساسه. ولكن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع واستندت في الإدانة إلى ما ضبط لديه من أوراق ورسائل تتصل بماضي معاملاته دون أن تبين مدى اتصال ذلك بواقعة الدعوى أو أثر جواز الحيازة على إجراءاته.
وحيث إن النيابة رفعت الدعوى على الطاعن بأنه تعامل في أوراق النقد الأجنبي وأنه لم يعرض على وزارة المالية ما دخل منها في ملكه وحيازته بالسعر الرسمي. فقضت محكمة أول درجة بإدانته عن التهمة الأولى وبراءته من الثانية. فاستأنف المحكوم عليه فقضت المحكمة الاستئنافية بالتأييد. وقد بيَّن الحكم واقعة الدعوى في قوله: "إنها تجمل في أن مفتش الضبط سمع أن المتهم (الطاعن) يتجر في النقد الأجنبي في السوق السوداء، فعهد إلى بعض رجاله في التحري فتحقق لهم صدق ما نمى إليه وأنه يعمد إلى التصرف في النقد بسعر يزيد عن المحدد في القانون فضلاً عن عدم الترخيص له، وأذنت النيابة الضبط والتفتيش... وأثبت الضابط أن الطريقة المجدية للضبط هي الاتفاق على شراء بعض النقد وأمكنه الاهتداء إلى وسيط ثقة... اتفق معه على شراء صفقة من الدولارات الأمريكية قيمتها 4000 ج وصفقة أخرى من الفرنكات قيمتها ألف جنيه واتصل الوسيط بالمتهم وجرى بينهما حديث ثم لقاء واتفق فيما بينهما أن يقصد الوسيط إلى المنزل لتسلم النقد وإتمام الصفقة.... وزود الضابط أحد رجاله بمبلغ من النقد المصري وكلفه بمراقبة الوسيط وطلب إليه أن يشهد العملية وانصرفا معاً من أجلها إلى مسكن المتهم ورابطت قوة... للحاق بهما إذا ما أديت إشارة تدل على إتمام الصفقة, وقد حدثت فعلاً وانطلق أفرادها للفور ثم أدركهم جميعاً مفتش الضبط حيث شهد المتهم وأخته في مشاحنة مع بعض أفراد القوة ففصل بينهم وقدم له الضابط 1330 دولاراً قال إن المتهم أحضرها كدفعة أولى تعقبها دفعات، كما قدم ورقة كتب عليها عبارة 1330 دولار سعر 36.5 قرشاً ويكون ثمنها 485 ج و450 م من العملة المصرية حررت بخط المتهم... وصرح الوسيط بما كان من تكليفه واتفاقه مع المتهم على البيع والشراء، وقدم ورقة أثبت فيها المتهم العملية متجاوزاً فيها السعر المقرر وقدره 24 قرشاً للدولار... وأن المتهم أحضر الدولارات وأخرج الضابط المبلغ وأخذ يحصيه وعندها استولى الضابط على الدولارات من المتهم فقاومه وأدركته القوة". وتعرضت المحكمة لدفاع الطاعن فقالت: "إن المسند إلى المتهم من التعامل في النقد الأجنبي... فلم يقصد به المشرع البيع دون غيره... وإنه بيَّن في نص المادة الأولى من القانون أن التعامل بكافة صوره محظور في نطاق واسع أراده الشارع شاملاً... وإن ما وقع تعامل... بدليل ضبطه في حالة تلبس... وإقراره بالحالة... إذ أجاب أنه تعامل في الدولارات لا غير، ولا يعرف الأوضاع التي رسمها الوزير في المعاملة". وقد أيدت المحكمة الاستئنافية الحكم لهذه الأسباب وأضافت: "إن التعبير بحظر التعامل بنص عام شامل يرمي إلى حظر جميع التعهدات والالتزامات التي يكون موضوعها هذا النقد الأجنبي، ولا شك أن العرض للبيع، وهو أقل ما يوصف به تصرف المتهم، يعد تعاملاً في منطق هذا القانون لأنه التزام بالبيع". ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 قد نصت بصفة عامة مطلقة على حظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي، وكان هذا يتناول كل عملية من أي نوع تتصل بهذا النقد وتقع عليه وكان ما وقع من المتهم من اتفاق على بيع نقد أجنبي كان في متناول يده يعتبر ولا شك عملية من هذا القبيل فإن المحكمة إذ دانته لا تكون مخطئة.


 (1)  بالهيئة السابقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق