الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 يوليو 2020

الطعن 2964 لسنة 32 ق جلسة 18 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 146 ص 811


جلسة 18 من نوفمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
---------------
(146)
الطعن رقم 2964 لسنة 32 القضائية

استيلاء على أموال الدولة بغير حق. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون وتأويله".
نص المادة 113 عقوبات يقابله النص القديم للمادة 118 عقوبات قبل تعديلها بالقانون 69 لسنة 1953. اقتصار النص القديم على عقاب من يأخذ نقوداً للحكومة دون صور المال الأخرى. اختيار النص الجديدة للمادة 113 لفظ "المال" ليشمل العقاب بها اختلاس النقود وغيرها من الأموال على اختلاف صورها. مجانية الحكم هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون وتأويله.

-----------------
المادة 113 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 69 لسنة 1953 تقابل النص القديم للمادة 118 عقوبات قبل تعديلها بالقانون المذكور. وكان النص القديم يقتصر على عقاب من يأخذ نقوداً للحكومة دون صور المال الأخرى كأوراق الحكومة ومستنداتها وأمتعتها، ثم جاء النص الجديد للمادة 113 سالفة الذكر واختار لفظ "المال" ليشمل العقاب بها اختلاس النقود وغيرها من الأموال على اختلاف صورها. ومن ثم فإن الحكم إذا اعتبر ما أسند إلى المطعون ضدهما الأول والثاني - من الاستيلاء على منقولات مملوكة للدولة (في ظل النص الجديد) - جنحة سرقة منطبقة على المادة 317/ 5 عقوبات يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه خطأ يعيبه ويستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح هذا الخطأ بتوقيع العقوبة المنصوص عليها في المادتين 113 و118 من قانون العقوبات.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة "الطاعنين" المحكوم عليهم بأنهم في 17 نوفمبر سنة 1956 بدائرة قسم ضواحي الإسماعيلية محافظة القنال: المتهمان الأول والثاني: بصفتهما مستخدمين عموميين سائقي سيارات تابعين لإدارة الغاز والكهرباء استوليا بغير حق على المنقولات المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة للدولة. المتهمان الثالث والرابع: سرقا الأشياء المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة للدولة. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 111 و113 و118 و119 و317/ 5 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضورياً بتاريخ 12 نوفمبر سنة 1961 عملاً بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 382/ 5 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للأول والثاني بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض كل من الأول والثاني والرابع. كما طعنت فيه النيابة العامة.... إلخ.

المحكمة
من حيث إنه وإن كان الطاعنان الثاني والرابع قد طعنا على الحكم في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما فيتعين عدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بنص المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد أستوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن حاصل وجهي هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه مشوب بفساد الاستدلال والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد ذلك أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما شهد به عبد الحميد حمدي الموظف المنوط به إثبات حضور وانصراف مستخدمي المصلحة وعلى الدفتر الذي قدمه، متضمناً غياب الطاعن عن عمله الذي يبدأ في الساعة 7 من مساء يوم الحادث وينتهي في الساعة 7 من صباح اليوم التالي، مع أن هذا الشاهد لم يكن موجوداً بالعمل في تلك الفترة، وهو غير أمين في عمله ومن اليسير عليه أن يعبث بدفتر من صنعه لسبق حصول نزاع بينهما، وبالرغم من هذه المطاعن، فإن الحكم عول على أقواله وعلى الدفتر المقدم منه، واطرح ما شهد به شاهد النفي أحمد هارون من أن الطاعن كان في عمله يوم الحادث، كما أن المحكمة رفضت طلب ضم دفتر تحركات السيارة رقم 2159 قيادة الطاعن، لمجرد أن المدافع عنه فوض الرأي للمحكمة في إجابة هذا الطلب، هذا إلى أن الحكم استند في إدانته إلى أن منزله يقع في الطريق الذي سلكته السيارة بعد وصولها إلى مدينة القاهرة، ومع أنه أنكر هذه الواقعة فقد التفت الحكم عن تحقيقها، كما التفت أيضاً عن تحقيق مواعيد قيام ووصول السيارات التي كانت تنقل الأدوات إلى القاهرة رغم اختلاف شهادة الشهود في شأنها.
وحيث عن الدعوى الجنائية أقيمت على كل من أمين على خليل - الطاعن - وحامد متولي الديب ومحمد إبراهيم حسن وسيد إبراهيم سريره لأنهم في يوم 17/ 11/ 1956 بدائرة ضواحي الإسماعيلية محافظة القنال. المتهمان الأول والثاني: بصفتهما مستخدمين عموميين - سائقي سيارات تابعين لإدارة الغاز والكهرباء استوليا على المنقولات المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة للدولة - والمتهمان الثالثة والرابع سرقا الأشياء المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة للدولة. وطلبت النيابة العامة معاقبتهم عملاً بالمواد 111 و113 و118 و119 و317/ 5 من قانون العقوبات ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت باعتبار الواقعة المسندة إلى الطاعن والمتهم الثاني جنحة سرقة ودانتهما - مع باقي المتهمين - بمقتضى نص المادة 317/ 5 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن حامد متولي الديب قائد السيارة رقم 6456 نقل حكومة التابعة لمصلحة الغاز والكهرباء كلف في يوم 17/ 11/ 1956 بنقل بعض المهمات اللازمة لها من مدينة الإسماعيلية إلى القاهرة فاختلس - مع الطاعن - وباقي المتهمين المنقولات المبينة بالمحضر والتي ضبط بعضها بمنزل الطاعن. وبعد أن سرد الحكم الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة تناول هذه الأدلة بالتحصيل فأورد أقوال المهندس محمد حلمي محمود والتي تخلص في أنه عهد إلى المتهم الثاني بنقل المهمات. وكان المتهمان الأخيران من بين عمال الشحن وأنه - أي المتهم الثاني - غادر الإسماعيلية في نحو الساعة الخامسة مساء - وبرفقته هذين المتهمين - متخذاً طريق السويس سبيلاً إلى القاهرة - ثم حصل أقوال المتهمين الأخيرين بما مفاده أنهما صاحبا المتهم الثاني في السيارة، وأن الطاعن كان يجلس إلى جواره وأنهم عندما وصلوا إلى القاهرة مروا بمنزل الطاعن بحدائق القبة حيث أنزلت الأدوات المضبوطة. ثم غادره هو والمتهم الثاني - وأوضح الحكم بعد ذلك أن منزل الطاعن يقع في طريق السير العادي للسيارة في اتجاهها إلى محطة جنوب القاهرة لمصلحة الغاز والكهرباء وأن انقطاع الطاعن عن عمله يوم الحادث مستفاد مما شهد به عبد الحميد مصطفى الموظف بالمصلحة ومما كشف عنه دفتر إثبات حضور وانصراف المستخدمين - ثم تناول الحكم بعد إيراد ما تقدم دفاع الطاعن ورد عليه بقوله "وحيث إن المتهم الأول - الطاعن - أنكر الواقعة المنسوبة إليه ونفى وجوده بالسيارة بتاتاً في يوم الحادث وقرر أنه كان يزاول عمله بمصلحة الكهرباء والغاز بالقاهرة واستلم العمل في الساعة السابعة من مساء يوم 17/ 11/ 1956 وظل يباشره حتى الساعة السابعة من صباح اليوم التالي وأشهد على ذلك شهود النفي الذين سمعت أقوالهم بالجلسة والتي جاءت شهادتهم لصالحه وأضاف أنه لم يكن موجوداً بمنزله عند إنزال المضبوطات ولم يعلم بوجودها به إلا في صباح اليوم التالي من زوجته السيدة مستقيمة حسن على مصطفى والتي قررت بدورها أن المتهمين الثالث والرابع أحضرا المضبوطات التي وجدت بمنزلها طالبين إليها إبقاءها لحين حضور زوجها الذي لم يكن يعلم بها وأشهدت على قولها جرجس مرجان صاحب المنزل. ومن حيث إن المحكمة لا ترى محلاً للأخذ بهذه الأقوال إذ ثبت لديها بالدليل المقنع على الوجه السالف بيانه أن هذا المتهم كان من بين من قارف الأعمال المكونة للجريمة وأنه كان موجوداً عند إنزال بعضها بمنزله. ولا ترى المحكمة التعويل على أقوال المتهم الثاني في نفى وجود هذا المتهم بالسيارة إذ أنه أنكر أصلاً قيامه بالفعل المكون لهذه الجريمة، هذا فضلاً عن أن صاحب المنزل قد نفى علمه بشيء عن الحادث مكذباً في ذلك أقوال زوجة المتهم الأول - الطاعن - أما بخصوص ما أثاره الدفاع عن المتهم الأول من أن ماديات الدعوى تنفى وجوده في وقت الضبط أو قبله بما يتفق وميعاد إحضار الأشياء المضبوطة فإنه: أولاً - قد ثبت عدم وجوده بمكان عمله على الوجه السابق بيانه. ثانياً - أن ميعاد الضبط مع ميعاد وصول السيارة إلى القاهرة مع مراعاة المسافة والزمن اللازم لقطعها عادة بمثل سرعة سيارات النقل. وحيث إنه بالنسبة لطلب الحاضر عن المتهم الأول - الطاعن - الخاص بضم الدفتر الخاص بسير السيارة رقم 2159 نقل حكومة القاهرة التابعة لمصلحة الكهرباء والتي يعمل عليها المتهم الأول فإنه قد ترك أمر تقدير هذا الطلب إلى المحكمة نحو إجابته من عدمه والمحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب لما ثبت من أن هذا المتهم لم يذهب إلى عمله في يوم الحادث من الدفتر الخاص بإثبات الحضور والانصراف ومن شهادة الموظف المختص بذلك. لما كان ما تقدم، وكان لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من الأدلة والقرائن المطروحة عليها، لأنها متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا عليها إن هي أطرحت من بعد أقوال شهود النفي. لما كان ذلك، وكان الحكم في قضائه بإدانة الطاعن قد قام على ما اطمأنت إليه عقيدة المحكمة واقتنعت به من أقوال شهود الإثبات وأقوال المتهمين الثالث والرابع. لما كان ذلك، وكان الحكم إذ رفض طلب ضم دفتر السيارة قد أسس ما انتهى إليه على أسباب سائغة، فإن النعي على الحكم من هذه الناحية لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من إغفال الحكم تحقيق واقعة وجود منزله في طريق سير السيارة إلى محطة الكهرباء وتحقيق موعد وصولها إلى القاهرة مردوداً بالنسبة للأمر الأول بأنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه طلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأنه فليس له أن ينعى عليها عدم إجابة طلباً لم يتمسك به - ومردوداً في خصوص الأمر الثاني بأن الحكم قد استخلص استخلاصاً سائغاً ما انتهى إليه من اتفاق ميعاد وصول السيارة مع وقت الضبط. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقديرها للدليل مما يخرج عن رقابة محكمة النقض، ويكون الطعن بوجهيه على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
 
عن طعن النيابة العامة
وحيث إنه وإن كان طعن النيابة العامة على ما يبين من تقريره - قد شمل المطعون ضدهم الأربعة جميعاً إلا أن، أسباب الطعن انصرفت إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهما الأولين فقط مما يتعين معه عملاً بنص المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات الطعن وإجراءاته أمام محكمة النقض عدم قبول ذلك الطعن بالنسبة إلى "المطعون ضدهما الثالث والرابع" وقبوله بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثاني:
وحيث إن حاصل هذا الطعن هو خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتأويله حين اعتبر الواقعة المسندة إلى المطعون ضدهما الأول والثاني جنحة منطبقة على نص المادة 317/ 5 من هذا القانون بمقولة إن لفظ المال الوارد بنص المادة 113ع التي طلبت النيابة تطبيقها في حقهما قاصر على النقود وما في حكمها فلا ينصرف إلى المهمات المملوكة للدولة حالة أن المقصود بالمال في حكم هذه المادة هو النقود وغيرها من سائر صور المال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد بصدد اعتبار الواقعة جنحة سرقة بالنسبة للمطعون ضدهما المذكورين قوله "وحيث إن المادة 113 عقوبات نصت على عقاب الموظف العمومي الذي يستولى بغير حق على مال للدولة أو إحدى الهيئات العامة.... إلخ بعقوبة الجناية. ويؤخذ من مقارنة هذا بنص المادة 112 عقوبات أن المال في حكم هذه المادة قاصر على النقود وما في حكمها ومما يؤيد ذلك أن المادة المقابلة في قانون العقوبات لسنة 1939 وهى 118 عقوبات والمادة 103 من قانون عقوبات سنة 1903 تحدثت في صراحة على النقود فأراد المشرع بهذا التعديل توسيع معنى المال حتى يشمل ما في حكم النقود من أوراق أخرى ذات قيمة مالية تجرى مجرى النقود فوصفت جميعها في التشريع القائم بأنها أموال أما ما عداها مثل المنقولات والأمتعة التي وردت في حكم المادة 112 عقوبات فمناط التجريم عليها أن تكون جميعها في عهدة الموظف المختلس وتظل بعيدة عن حكم المادة 113 عقوبات لحكمة ظاهرة وهى أن مثل هذه الأمتعة والمنقولات لا يسهل اختلاسها بتلك السهولة التي يتم بها اختلاس النقود وما في مجراها وأنه لو قصد المشرع أن يجعل اختلاس الأمتعة والمنقولات بمعرفة الموظفين جناية لنص عليها. كما نص على ذلك في المادة 112 عقوبات بقوله "مال وأمتعة" ولا يجوز التوسع في التفسير في مجال القوانين الجنائية بما يخرج بها عن قصد المشرع فضلاً عن تنزيه المشرع عن العبث". ولما كانت المادة 113 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أي قبل واقعة الدعوى تقابل النص القديم للمادة 118 من قانون العقوبات قبل تعديلها بالقانون المذكور، وكان النص القديم يقتصر على عقاب من يأخذ نقوداً للحكومة دون صور المال الأخرى كأوراق الحكومة وسنداتها وأمتعتها ثم جاء النص الجديد للمادة 113 من قانون العقوبات واختار لفظ "المال" ليشمل العقاب بها اختلاس النقود وغيرها من الأموال على اختلاف صورها. لما كان ذلك، فإن الحكم إذ اعتبر ما أسند إلى المطعون ضدهما الأول والثاني جنحة منطبقة على المادة 317/ 5 ع يكون قد أخطأ في تأويل وتطبيق القانون خطأ يعيبه ويستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح هذا الخطأ بتوقيع العقوبة المنصوص عليها في المادتين 113 و118 من قانون العقوبات عدا الحكم بالرد لسبق تسليم المضبوطات للمجني عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق