جلسة 14 من نوفمبر سنة 1993
برياسة السيد المستشار/
محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد علي خيري،
محمد عبد المنعم إبراهيم نائبي رئيس المحكمة، خيري فخري وحسين نعمان.
------------
(322)
الطعنان رقما 1513، 1700
لسنة 51 القضائية
(1)قرار
إداري. اختصاص.
للمحاكم العادية. التحقق
من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية. وجود عيب فيه ينحدر به إلى درجة
العدم. أثره. التزام المحكمة بالفصل في النزاع. علة ذلك.
(2)حراسة "حراسة إدارية". قانون "قرار جمهوري". ملكية.
اختصاص.
سلطة رئيس الجمهورية في
فرض الحراسة استناداً إلى قانون الطوارئ 126 لسنة 1958. قاصرة على الشركات
والمؤسسات. صدور قرار جمهوري بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين. اعتباره غصباً
للسلطة وخروجاً على التفويض المقرر له بموجب ذلك القانون. أثر ذلك. تجريد القرار
من حصانته واعتباره عقبة مادية. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة
عنه.
(3)حراسة "حراسة إدارية". بيع. تسجيل.
انعدام قرار فرض الحراسة
لصدوره على خلاف القانون. تصرف الحارس العام بالبيع في حصة من عقار النزاع.
باطل. لا يصححه صدور القانون 150 لسنة 1964. أو تسجيل التصرف. علة ذلك.
(4)استئناف. حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي".
محكمة الاستئناف. عدم
التزامها عند تعديل الحكم المستأنف إلا بتسبيب الجزء الذي شمله التعديل. اعتبار
الجزء الذي لم يشمله التعديل كأنه محكوم بتأييده. بقاء أسباب محكمة أول درجة قائمة
بالنسبة له ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة عليها.
(5) حكم "التناقض".
التناقض الذي يفسد الحكم.
ماهيته. تناقض الحكم مع حكم آخر أصدرته ذات المحكمة في نزاع مماثل بين خصوم آخرين.
لا يعد كذلك.
(6) نقض "حالات الطعن:
مخالفة حكم سابق".
النعي على الحكم المطعون فيه
بأنه جاء على خلاف حكم آخر لا تتوافر به شروط الحجية في النزاع. نعي غير منتج.
-----------------
1 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن للمحاكم العادية - للوقوف على القرار الإداري توصلاً لقيامه بمقوماته
القانونية من عدمه - أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هدي من حكمة التشريع
ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وهي في سبيل ذلك بل من واجبها
التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن تبين لها
أنه لم يستكمل مقوماته وشابه عيب يجرده من هذه المقومات وينحدر به إلى درجة العدم
فإنها تلتزم بالفصل في الدعوى ترتيباً على هذا الانعدام باعتباره مجرد عقبة مادية.
2 - مؤدى نص المادة
الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ - التي صدر الأمر
الجمهوري رقم 360 لسنة 1963 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات المطعون عليهم
الثلاثة الأول استناداً إليه - أن سلطة رئيس الجمهورية في فرض الحراسة متى أعلنت
حالة الطوارئ مقصورة على الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين، وأن لرئيس
الجمهورية بقرار يصدره توسيع دائرة الحقوق المبينة بهذه المادة على أن يعرض هذا
القرار على مجلس الأمة في أول اجتماع له، وإذ لم يصدر ثمة قرار من رئيس الجمهورية
بتوسيع دائرة تلك الحقوق، مما يشترط عرضه على المجلس التشريعي لإقراره ومن ثم فإن
ما تضمنه الأمر الجمهوري سالف الذكر وهو بصدد فرض الحراسة على شركة.... من فرض
الحراسة على أموال وممتلكات المطعون عليهم المذكورين يعد خرجاً على التفويض المقرر
بموجب ذلك القانون وانتحالاً لاختصاص السلطة التشريعية في أمر يتصل بحق الملكية
الخاصة التي حرصت الدساتير المتعاقبة على حمايتها وتقرير أنها مصونة لا يجوز
المساس بها إلا في الأحوال المبينة في القانون مما يخرجه من عداد القرارات
الإدارية ويجرده من الحصانة المقررة له ويغدو مجرد عقبة مادية في سبيل استفادة ذوي
الشأن من مراكزهم القانونية المشروعة ويخضعه لأحكام المحاكم العادية صاحبة الولاية
العامة والتي تختص برفع ما ينتج عن هذا الاعتداء المادي من آثار.
3 - وإذ كان الحكم
المطعون فيه قد بني قضاءه صحيحاً على أن التصرف الذي تم في حصة المطعون عليهم
الثلاثة الأول في عقار النزاع وبيعة إلى الشركة الطاعنة استناداً إلى أمر رئيس
الجمهورية رقم 360 لسنة 1963 هو تصرف باطل لصدوره ممن لا يملكه وعلى خلاف القانون
ولا يصحح هذا البطلان صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 متضمناً في مادته الثانية
النص على أيلولة الأموال التي فرضت عليها الحراسة إلى الدولة، إذ أن محل إعمال هذه
المادة هو الأموال التي فرضت الحراسة عليها بموجب قرارات صحيحة صادرة من السلطة
المرخص لها بإصدارها وفي نطاق أحكام القانون الذي ينظمها، كما لا يصححه إجراء
تسجيله في يناير سنة 1970 لصدور هذا الإجراء بدوره ممن لا يملكه قانوناً - لما هو
مقرر أن التسجيل ليس من شأنه تصحيح التصرف الباطل أو تصويبه ومن ثم فإن المال
موضوع التصرف المذكور يبقى على ذمة مالكه دون أن ينتقل منه إلى الدولة بحكم
القانون ولا إلى الشركة الطاعنة بحكم التصرف الباطل، لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد وافق صحيح القانون.
4 - المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن محكمة الاستئناف إن هي اقتصرت على تعديل الحكم المستأنف دون إلغائه
كلية فإن وجوب التسبيب لا ينصب إلا على الجزء الذي شمله التعديل فقط ويعتبر الجزء
الذي لم يشمله كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة بالنسبة
له ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة عليها.
5 - التناقض الذي يفسد
الحكم هو التناقض الذي يقع في ذات الحكم فتتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما
يمكن حمل الحكم عليه، وليس التناقض مع حكم آخر أصدته ذات المحكمة في نزاع مماثل
بين خصوم آخرين.
6 - لا يجدي الطاعن
التحدي بحكم لا تتوافر به شروط الحجية في هذا النزاع من وحدة الخصوم والموضوع
والسبب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا
أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة
الأول في كلا الطعنين أقاموا الدعوى رقم 5533 سنة 1977 مدني جنوب القاهرة
الابتدائية ضد الطاعنين في الطعنين وباقي المطعون عليهم فيهما بطلب الحكم أصلياً:
بعدم سريان عقد البيع المشهر برقم 175 في 22/ 1/ 1970 توثيق القاهرة في حقهم فيما
تضمنه من بيع حصة مقدارها 18 ط في كامل أرض وبناء العقار موضوع التداعي وبطلان عقد
البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 1/ 1964 عن ذات حصصهم فيه وتسليمها إليهم، واحتياطياً
بإثبات إلغاء عقد البيع المشهر سالف الذكر فيما تضمنه من بيع الطاعن الثاني في
الطعن رقم 1700 لسنة 51 ق إلى الشركة الطاعنة في الطعن الأول رقم 1513 سنة 51 ق عن
ذات الحصص آنفه البيان وإلزام هذه الأخيرة بتسليمها لهم، ومن باب الاحتياط الكلي
بإلزام الشركة الطاعنة في الطعن الأول بتصحيح ثمن الحصص - نصيبهم في العقارين - من
مبلغ 71135.730 جنيه إلى مبلغ 14984.100 جنيه وهو ما يعادل مائة وعشرين مثل
الضريبة الأصلية لعقار النزاع في سنة بيعه عام 1964، وبأن تدفع لهم مبلغ
104939.160 جنيه مقدار الفروق المستحقة لهم عن نصيبهم والفوائد الاتفاقية بواقع 4%
عن مبلغ 78704.370 جنيه وقالوا بياناً لدعواهم إنه بموجب أمر رئيس الجمهورية رقم
360 لسنة 1963 الصادر في 15/ 1/ 1963 فرضت الحراسة على شركة......... وعلى أموال
أصحابها والشركاء فيها استناداً للقانون رقم 162 لسنة 1958، وقد شملت تدابير
الحراسة خطأ عقار التداعي المملوك لهم ولشقيقهم........ ملكية خاصة على الشيوع
بواقع 6 ط لكل منهم حال أنه لا يدخل في رأس مال الشركة المذكورة والمساهمين فيها،
واستناداً لقرار المجلس التنفيذي رقم 14 لسنة 1964 قام الحارس العام - المنوط به
فحسب إدارة أموالهم - ببيع عقار النزاع إلى الشركة الطاعنة في الطعن الأول بعقد
البيع الابتدائي الذي يحمل تاريخاً مطبوعا 1/ 1/ 1964 بثمن أتفق على أن يعادل مائة
وعشرين مثل ضريبة العقار الأصلية في سنة بيعه عام 1964، فبلغ ثمنه 94847.640 جنيه
يخصهم منه عن حصتهم البالغة 18 ط مبلغ 71135.730 جنيه وهو يخالف الواقع والقانون
إذ أن حقيقة الضريبة الأصلية طبقاً للمستندات الرسمية - سنة البيع - هي 1664.890
جنيه وليس 790.730 جنيه كما تم احتسابها، فيكون الثمن الصحيح لنصيبهم هو
مبلغ149840.100 جنيه، ثم صدر القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 في 24/ 3/ 1964 برفع
الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة بمقتضى
أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ سالف الإشارة، وبتاريخ 25/ 7/ 1974 صدر
القانون رقم 69 لسنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن الحراسة وأوجب سريان
أحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص
الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964، وخولت المادة الحادية عشرة من هذا
القانون لجهات الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والقطاع العام والهيئات العامة
والوحدات التابعة لها والمشترية للعقارات المبيعة من الحراسة العامة أو إدارة
الأموال التي آلت للدولة الخيار بين الإبقاء على عقود البيع بشرط زيادة الثمن إلى
مائة وستين مثل الضريبة الأصلية المفروضة - على الثمن الأصلي على أن تلتزم بأداء
باقي الثمن خلال فترة لا تجاوز سنة من تاريخ العمل بالقانون المذكور - وبين اعتبار
هذه العقود ملغاة ورد العقارات المبيعة إلى مستحقيها على أن تخطر الحراسة برغبتها
خلال ثلاثة شهور من تاريخ العمل به، وإلا أعتبر العقد ملغياً من تاريخ انقضاء هذه
المهلة، وقد أبدت الشركة الطاعنة في الطعن الأول رغبتها في الميعاد المقرر وطلبت
الإبقاء على عقد البيع الخاص بعقار النزاع والمسجل برقم 175 في 22/ 1/ 1970 توثيق
القاهرة فصار لزاماً عليها تصحيح ثمن نصيبهم فيه طبقاً لما سلف قبل مضي مهلة السنة
المحدد لنهايتها 25/ 7/ 1975 إلا أنها لم تفعل، ولما كان أمر رئيس الجمهورية رقم
360 لسنة 1963 بفرض الحراسة على أموالهم الخاصة قد صدر استناداً إلى قانون الطوارئ
رقم 162 لسنة 1958 الذي قصر حق رئيس الجمهورية في فرض الحراسة على الشركة
والمؤسسات دون الأفراد فإنه يكون معدوماً فاقد الأثر القانوني ولا تلحقه حصانة،
فإن عقد بيع العقار الصادر للطاعنة في الطعن الأول يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً،
فضلاً عن أنه بات ملغياً ويتعين رد العقار إليهم ومن ثم أقاموا الدعوى، ندبت
المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في 27/ 11/ 1979 برفض الدفع بعدم اختصاصها
نوعياً بنظر الدعوى وبإلزام الشركة الطاعنة في الطعن الأول - في مواجهة الطاعنين
في الطعن الثاني - بتصحيح ثمن بيع حصة المطعون عليهم المذكورين في عقار النزاع
وقدرها 18 ط من مبلغ 71135.730 جنيه إلى مبلغ 14984.100 جنيه باعتباره يعادل مائة
وعشرين مثل الضريبة الأصلية للعقار سنة البيع عام 1964، وأن تدفع لهم مبلغ
10439.160 جنيه قيمة الفروق المستحقة لهم طبقاً للمادة 11 من القانون رقم 69 لسنة
1974 والفوائد الاتفاقية وفقاً لعقد البيع بواقع 4% عن مبلغ 78704.370 جنيه
اعتباراً من 1/ 1/ 1965 تاريخ استحقاق القسط الأول وحتى تمام السداد. استأنفت
الشركة الطاعنة في الطعن الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف
رقم 5613 لسنة 96 ق، كما استأنفه المطعون عليهم الثلاثة الأول بالاستئناف رقم 46
لسنة 97 ق القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين ثم حكمت بتاريخ 20/ 4/ 1981 في موضوع
استئناف المطعون عليهم الثلاثة الأول بإلغاء الحكم المستأنف في شقه الثاني وببطلان
عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1964 الصادر من الطاعن الثاني في الطعن الثاني إلى الشركة
الطاعنة في الطعن الأول والمشهر برقم 175 في 22/ 1/ 1970 توثيق القاهرة فيما تضمنه
من بيع حصة مقدارها 18 ط في كامل أرض وبناء العقار موضوع النزاع، وبعدم سريان
البيع في حق المطعون عليهم المذكورين وبإلزام الشركة الطاعنة في الطعن الأول
بتسليم الحصة المذكورة وبرفض استئنافها رقم 5613 سنة 96 ق القاهرة. طعنت هذه
الأخيرة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1513 لسنة 51 ق، كما طعن فيه وزير
المالية ورئيس جهاز تصفية الحراسات بالطعن رقم 1700 لسنة 51 ق، وقدمت النيابة
مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعنان على هذه المحكمة
في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها ضمت الطعنين
والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بسبب الطعن رقم 1700 سنة 51 ق وبالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني من
أسباب الطعن رقم 1513 سنة 51 ق - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان
ذلك يقولون إنه قضى برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع على ما ذهب
إليه من أن قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 لا يجيز لرئيس الجمهورية فرض الحراسة
على الأشخاص الطبيعيين فيكون قرار فرض الحراسة على عقار المطعون عليهم الثلاثة
الأول معدوماً، وإن تعاقب القوانين اللاحقة له والمتعلقة بالحراسات وإنهائها
وتسوية الأوضاع الناشئة عنها ليس من شأنه تصحيح قرار معدوم في حين أن مؤدى ذلك هو
تعطيل هذه القوانين وإيقاف سريانها وهو ما لا يدخل بحال في اختصاص القضاء العادي،
هذا إلى أن صدور القرار من سلطة تملك إصدار القرارات - وعلى خلاف قواعد الاختصاص -
لا يؤدي إلى انعدام القرار بل يجعله باطلا فحسب ما دام قد استوفي أركانه الأساسية
التي يتوافر له بها هذا الوصف، وإذ خالف الحكم هذا النظر وتصدى للفصل في النزاع
على سند من أن قرار فرض الحراسة معدوم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للمحاكم العادية - للوقوف على
القرار الإداري توصلاً لقيامه بمقوماته القانونية من عدمه - أن تعطي تلك القرارات
وصفها القانوني على هدى من حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد
وحقوقهم وهي في سبيل ذلك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته
القانونية والتعرف على فحواه فإن تبين لها أنه لم يستكمل مقوماته وشابه عيب يجرده
من هذه المقومات وينحدر به إلى درجة العدم فإنها تلتزم بالفصل في الدعوى ترتيباً
على هذا الانعدام باعتباره مجرد عقبة مادية، وأن مؤدي نص المادة الثالثة من
القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ - التي صدر الأمر الجمهوري رقم 360
لسنة 1963 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات المطعون عليهم الثلاثة الأول استناداً
إليه - أن سلطة رئيس الجمهورية في فرض الحراسة متى أعلنت حالة الطوارئ مقصورة على
الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين، وأن لرئيس الجمهورية بقرار يصدره توسيع
دائرة الحقوق المبينة بهذه المادة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة في أول
اجتماع له، وإذ لم يصدر ثمة قرار من رئيس الجمهورية بتوسيع دائرة تلك الحقوق، مما
يشترط عرضه على المجلس التشريعي لإقراره ومن ثم فإن ما تضمنه الأمر الجمهوري سالف
الذكر وهو بصدد فرض الحراسة على شركة....... من فرض الحراسة على أموال وممتلكات
المطعون عليهم المذكورين يعد خروجاً على التفويض المقرر بموجب ذلك القانون
وانتحالاً لاختصاص السلطة التشريعية في أمر يتصل بحق الملكية الخاصة التي حرصت
الدساتير المتعاقبة على حمايتها وتقرير أنها مصونة لا يجوز المساس بها إلا في
الأحوال المبينة في القانون مما يخرجه من عداد القرارات الإدارية ويجرده من
الحصانة المقررة له ويغدو مجرد عقبة مادية في سبيل استفادة ذوي الشأن من مراكزهم
القانونية المشروعة ويخضعه لأحكام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة والتي
تختص برفع ما ينتج عن هذا الاعتداء المادي من آثار. لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر ورتب على ذلك أن التصرف الذي تم في حصة المطعون
عليهم الثلاثة الأول في عقار النزاع وبيعه إلى الشركة الطاعنة استناداً إلى الأمر
الجمهوري رقم 360 لسنة 1963 هو تصرف باطل لصدوره ممن لا يملكه وعلى خلاف القانون،
وإنه لا يصحح هذا البطلان صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 بعده متضمناً رفع
الحراسة عن أشخاصهم والنص على أيلولة الأموال التي فرضت عليها الحراسة إلى الدولة
أو صدور القانون رقم 69 لسنة 1974 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة - إذ أن
محل تلك القوانين هو الأموال التي فرضت عليها الحراسة بموجب قرارات صحيحة صادرة من
السلطة المرخص لها 192 بإصدارها وفي نطاق أحكام القانون الذي ينظمها فإنه لا يكون
قد خالف القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة في الطعن
الأول تنعي بالوجه الثاني من السبب الثاني والوجه الأول من السبب الرابع على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنه لا
ارتباط بين قرار فرض الحراسة وأيلولة عقار المطعون عليهم الثلاثة الأول لها، إذ أن
ذلك القرار كان مجرد تحفظ على أموالهم زال أثره بصدور القانون رقم 69 لسنة 1974
بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسات بالنسبة الأشخاص الطبيعيين - ولو كانت
بقرارات تجاوزت سلطات رئيس الجمهورية - الذي نص على رفع الحراسة عنهم وأيلولة
أملاكهم إلى الدولة، وخولت المادة 11 منه للشركات المشترية للعقارات المبيعة من
الحراسة العامة أو إدارة الأموال الخيار بين الإبقاء على عقود البيع بشرط زيادة
الثمن إلى ما يوازي مائة وستين مثل الضريبة الأصلية المفروضة على العقار المبيع وبين
اعتبار عقودهم ملغاة، وهو ما يعد اعتداداً منه بهذه البيوع وصحة الإجراءات التي
تمت على أساسها، وكانت الشركة الطاعنة قد استعملت حقها في هذا الخيار في الإبقاء
على البيع وسددت كامل الثمن العقدي قبل التسجيل، وأيضاً الزيادة القانونية وذلك في
المواعيد المقررة وقبل المطعون عليهم سداد هذه الزيادة منها فإنه لا يحق لهم بعد
ذلك المطالبة بإلغاء هذا البيع لافتقاد ذلك الطلب لأساسه القانوني وإذ لم يلتزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص على بطلان البيع وعدم نفاذه في حق المطعون عليهم
الثلاثة الأول باعتباره بيعاً لملك الغير فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه صحيحاً على أن التصرف الذي تم في
حصة المطعون عليهم الثلاثة الأول في عقار النزاع وبيعة إلى الشركة الطاعنة
استناداً إلى أمر رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1963 هو تصرف باطل لصدوره ممن لا
يملكه وعلى خلاف القانون - على نحو ما سلف بيانه في الرد على سبب النعي السابق -
ولا يصحح هذا البطلان صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 متضمناً في مادته الثانية
النص على أيلولة الأموال التي فرضت عليها الحراسة إلى الدولة، إذ أن محل إعمال هذه
المادة هو الأموال التي فرضت الحراسة عليها بموجب قرارات صحيحة صادرة من السلطة
المرخص لها بإصدارها وفي نطاق أحكام القانون الذي ينظمها، كما لا يصححه إجراء
تسجيله في يناير سنة 1970 لصدور هذا الإجراء بدوره ممن لا يملكه قانوناً - لما هو
مقرر أن التسجيل ليس من شأنه تصحيح التصرف الباطل أو تصويبه، ومن ثم فإن المال
موضوع التصرف المذكور يبقى على ذمة مالكه دون أن ينتقل منه إلى الدولة بحكم
القانون ولا إلى الشركة الطاعنة بحكم التصرف الباطل، لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحي النعي بهذا
السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعي
بالسبب الثالث من أسباب طعنها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون
والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت لدى محكمة الموضوع بسقوط حق
المطعون عليهم الثلاثة الأول في رفع الدعوى لتملكها عقار النزاع بالتقادم المكسب
القصير المدة وفقاً لنص المادة 969 من القانون المدني إذ أنها اشترته من الحراسة
العامة بالعقد الابتدائي المؤرخ 1/ 1/ 1964 ونقلت الملكية إليها بالعقد المشهر
برقم 175 في 12/ 1/ 1970 توثيق القاهرة ولم ترفع الدعوى الماثلة إلا في سبتمبر
1977 وبعد مرور أكثر من خمس سنوات، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا
الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو تم بحثه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وهو ما
يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الاستئناف إن هي اقتصرت
على تعديل الحكم المستأنف دون إلغائه كلية فإن وجوب التسبيب لا ينصب إلا على الجزء
الذي شمله التعديل فقط ويعتبر الجزء الذي لم يشمله كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب
حكم محكمة أول درجة قائمة بالنسبة له ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة
عليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على تعديل الحكم المستأنف
بإلغائه فيما قضى به في شقة الثاني دون إلغائه كلية فإنه لا يكون ملزماً إلا بذكر
الأسباب التي اقتضت به هذا الإلغاء، ويعتبر كل ما لم يتناوله بالإلغاء من قضاء حكم
أول درجة مؤيداً، وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له - ولما كان حكم
أول درجة الصادر بتاريخ 27/ 11/ 1971 عرض لدفاع الطاعنة بسقوط حق المطعون عليهم
الثلاثة الأول في رفع الدعوى لتملكها عقار النزاع بالتقادم الخمسي وانتهى إلى رفضه
استناداً إلى ما أورده بمدوناته أن "المقرر طبقاً للمادة 974 مدني أنه أياً
كانت مدة التقادم المكسب فإنه يقف متى وجد سبب لوقفه.... ونص المشرع في المادة 382
مدني على أنه لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على صاحب الحق أن يطالب
بحقه... ويترتب على وقف التقادم إسقاط المدة التي وقف سريان التقادم خلالها من
حساب مدة التقادم....... وكانت إجراءات فرض الحراسة في الفقرة السابقة وما كان
معها من قسوة وتعذيب وامتهان الكرامة وخوف وبطش....... وكانت هذه الإجراءات كلها
تحول بين صاحب الحق والمطالبة بحقه في تلك الفترة....... فإن ذلك يعد مانعاً
كافياً ليمنع صاحب الحق من الالتجاء على قاضيه الطبيعي للمطالبة بحقه إلى أن صدر
القانون رقم 69 لسنة 1974 وصحح الأوضاع الخاطئة الناشئة عن فرض الحراسة ومن هذا
التاريخ بدأ أصحاب الحقوق المطالبة بحقوقهم ولما كانت الدعوى قد أقيمت في سنة 1977
فتكون مدة التقادم الخمسي لم تكتمل بعد وبالتالي لا تكون الشركة قد تملكت حصة
المدعين بالتقادم" وكان ما أورده ذلك الحكم في هذا الخصوص سائغاً وكافياً
لحمل قضائه، وإذ لم يتناول الحكم المطعون فيه هذا الشق بالإلغاء فإن الأسباب التي
أقيم عليها تبقى مكملة لأسباب الحكم المطعون فيه وتكفي للرد على دفاع الطاعنة
ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي
بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه تناقضه مع أحكام سابقة صادرة
عن ذات الدائرة في دعاوى أخرى مماثلة انتهت فيها إلى حرمان الخاضع بالتبعية من
المطالبة برد العقار عيناً.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول، ذلك أن التناقض الذي يفسد الحكم هو التناقض الذي يقع في ذات الحكم فتتماحى
به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، وليس التناقض مع حكم آخر
أصدته ذات المحكمة في نزاع مماثل بين خصوم آخرين، هذا إلى أنه لا يجدي الطاعنة
التحدي بالأحكام التي أشارت إليها بسبب النعي ما دامت لم تقدم دليلاً على تلك
الأحكام الأخرى التي توافرت بها شروط الحجية في هذا النزاع الماثل من وحدة الخصوم
والموضوع والسبب ويكون النعي بهذا السبب غير منتج ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق