الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 أغسطس 2023

الطعن 835 لسنة 44 ق جلسة 15 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 95 ص 492

جلسة 15 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، ومحمد راسم، عبد الرشيد نوفل وسعيد صقر.

---------------

(95)
الطعن رقم 835 لسنة 44 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
حق الطاعن في اختصام من كان طرفاً في الدعوى أمام محكمة الموضوع وقت صدور الحكم المطعون فيه وبذات الوضع الذي كان مختصماً به.
(2، 3) عمل "وقف العامل. إنهاء العقد".
(2) وقف العامل لاتهامه في جناية أو جنحة. ورفض إعادته للعمل رغم القضاء ببراءته. عدم تقديمه للمحاكمة. أثره. افتراض التعسف في جانب صاحب العمل. حقه في فصل العامل متى أثبت توافر المبرر لذلك.
(3) عدم مراعاة قواعد تأديب العامل. لا يمنع رب العمل من فسخ العقد إذا توافر المبرر لذلك.
(4، 5) استئناف "نطاقه". نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن".
(4) صيرورة قضاء محكمة أول درجة في شق من الخصومة نهائياً لعدم استئنافه. لا محل للنعي على الحكم الاستئنافي بإغفاله الإشارة إلى هذا الشق طالما لم يكن مطروحاً على المحكمة.
(5) رفض الحكم المطعون فيه بعض طلبات الطاعن وتأييده ما قضى له به ابتدائياً في شق آخر اعتباره مشتملاً على قضاء ضمني برفض الاستئناف المقابل المرفوع منه.

---------------
1 - إذا كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يختصم في الطعن من كان طرفاً في الدعوى أمام محكمة الموضوع وقت صدور الحكم المطعون فيه وبذات الوضع الذي كان مختصماً به، وكان الثابت أن المطعون ضدها الثانية - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - كانت خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وكان للطاعن مصلحة ظاهرة في اختصامها في الطعن، فإن ما ذهبت إليه النيابة من عدم قبول الطعن بالنسبة لها يكون في غير محله.
2 - مؤدى نصوص المواد 67 فقرة أولى وثانية و72 فقرة أولى و74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 67 من أنه "إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجب إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً" إنما أنشأ للعامل الموقوف لسبب من الأسباب المبينة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة - ورأت في شأنه السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضى ببراءته - مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إن هو رفض إعادته إلى عمله، وذلك حملاً لحال صاحب العمل على الظاهر أو مع الغالب، ولا يتعارض هذا المركز الخاص مع الحق المقرر في المادة 72 من نفس القانون لكل صاحب عمل في إنهاء عقد العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل إذا توافر المبرر، ومن ذلك عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل كنص المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959.
4 - إذ كان الحكم الابتدائي قد أجاب الطاعن إلى قيمة حصته في الادخار وصار قضاؤه في هذا الخصوص نهائياً بعدم الطعن عليه، فإنه لا يقبل من الطاعن تعييب الحكم لإغفاله الإشارة إلى طلب لم يكن مطروحاً عليه.
5 - إذ كان البين من أسباب الحكم أنه قضى برفض جانب من طلبات الطاعن التي قضى له بها الحكم الابتدائي وأيد ما قضى له به في الجانب الآخر منها، فإن منطوق الحكم إذ قضى في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف على نحو ما جاء به يكون قد اشتمل على قضاء ضمني برفض الاستئناف المقابل المرفوع من الطاعن، وإذ كان هذا الأخير لا يدعي أن هذا الاستئناف قد تعلق بنقاط أخرى غير التي بحثها الحكم وأدلى برأيه فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة, وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 864 لسنة 1967 عمال كلي القاهرة على المطعون ضدهما "مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" وطلب الحكم بإلزام المؤسسة المطعون ضدها الأولى بأن تدفع إليه مبلغ 1136.615 جنيهاً، وقال بياناً لها إنه كان يعمل لدى المطعون ضدها الأولى بأجر قدره 80 جنيهاً شهرياً، وبتاريخ 12/ 6 سنة 1967 أخطرته بفصله من العمل، وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق عنه تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه و80 جنيهاً بدل إنذار و200 جنيه مقابل أجازته السنوية و512 جنيهاً أجر متأخر و42 جنيهاً بدل انتقال و30 جنيهاً قيمة حصته في الادخار بالإضافة إلى مبلغ 496.615 جنيهاً كان قد دفعها لحساب المطعون ضدها الأولى على ذمة ما يسفر عنه التحقيق فيما نسب إليه فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان، وبتاريخ 18/ 1/ 1969 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق حكمها، وبعد أن تنفذ هذا الحكم حكمت في 28/ 3/ 1970 بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 4093.945 جنيهاً وبإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 30 جنيهاً, استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1345 لسنة 87 قضائية، كما أقام عنه الطاعن استئنافياً مقابلاً قيد برقم 2438 لسنة 87 قضائية, وبتاريخ 25/ 5/ 1974 قضت المحكمة في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 565.330 جنيهاً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية ورفضه بالنسبة للمطعون ضدها الأولى، وعرض الطعن في غرفة مشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 4/ 12/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يختصم في الطعن من كان طرفاً في الدعوى أمام محكمة الموضوع وقت صدور الحكم المطعون فيه وبذات الوضع الذي كان مختصماً به، وكان الثابت أن المطعون ضدها الثانية - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - كانت خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وكانت للطاعن مصلحة ظاهرة في اختصامها في الطعن، فإن ما ذهبت إليه النيابة من عدم قبول الطعن بالنسبة لها يكون في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم جرى في قضائه على أن فصله من العمل لدى المطعون ضدها الأولى كان مبرراً استناداً إلى المادة 57 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 الذي تسري أحكامه على العاملين في القطاع العام، حال أن المطعون ضدها الأولى مؤسسة خاصة ومن ثم فإن قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 هو الذي يحكم واقعة الدعوى. وإذ كانت المادة 67 من هذا القانون تقضي بأنه إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً، وكانت النيابة قد أبعدته عن واقعة الاختلاس التي نسبت إليه مما كان يوجب اعتبار فصله تعسفياً، فإن الحكم حين ذهب إلى غير ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، وذلك لأنه لما كان مؤدى نصوص المواد (67) فقرة أولى وثانية و72 فقرة أولى و74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة 67 من "أنه إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً" إنما أنشأ للعامل الموقوف لسبب من الأسباب المبينة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة - ورأت في شأنه السلطة المختصة عدم تقديمه للمحاكمة أو قضى ببراءته - مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إن هو رفض إعادته إلى عمله، وذلك حملاً لحال صاحب العمل على الظاهر أو على الغالب، ولا يتعارض هذا المركز الخاص مع الحق المقرر في المادة 72 من نفس القانون لكل صاحب عمل في إنهاء عقد العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب التعويض على ما قرره من "أنه بتمحيص الأفعال التي نسبت إلى المستأنف ضده "الطاعن" يبين أنها كما وصفتها النيابة في قراراها أنه نسب إليه اختلاس مبالغ قدرها 465.615 جنيهاً بينتها مذكرة النيابة ولم يقم بسداد هذه المبالغ إلا بعد بدء التحقيق معه للشركة المستأنفة (المطعون ضدها الأولى)، وهي أفعال بلا جدال تفقد الثقة بالمستأنف ضده وتجعل الشركة المستأنفة لا تطمئن إليه في عملها مستقبلاً وتعد فعلته هذه التي جاءت مخالفة لواجب الأمانة إخلالاً منه بواجبات وظيفته مما يقتضي مؤاخذته تأديبياً عملاً بنص المادة 57 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966.... وحيث إنه استناداً إلى ما تقدم فإن قرار فصل المستأنف ضده يكون له ما يبرره"، وكان ما قرره الحكم إعمالاً لسلطته التقديرية بالنسبة لمبررات الفصل جاء سائغاً ويؤدي إلى ما خلص إليه من أن الفصل كان مبرراً، فإنه لا يعيبه ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة طالما أنه قد أصاب في النتيجة وإن تنكب الوسيلة باستناده إلى مادة في القانون لا تنطبق على واقعة الدعوى، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى أن قرار الفصل وقع باطلاً لصدوره دون عرض الأمر على اللجنة المختصة، وإذ عاد الحكم وقرر أن الفصل صحيح وله ما يبرره، فإنه يكون قد شابه التناقض في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل إذا توافر المبرر، ومن ذلك عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل كنص المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، وكان الحكم وهو في معرض الرد على ما أثارته المطعون ضدها الأولى....... من أن قرار النيابة بحفظ الدعوى الجنائية قبل الطاعن قد ناط بها مجازاته إدارياً بعد أن فقدت الجريمة أهميتها بالسداد.. قد أورد في مدوناته "أن قرار فصل الطاعن قد وقع باطلاً لعدم اتباع إجراءات التأديب المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 والتي توجب عرض أمر فصل العامل على لجنة خاصة قبل أن يصدر قرار نهائي بهذا الفصل"، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن لم يكن ليمنعه من بحث مشروعية الفصل في نطاق ما نسب إلى الطاعن من أفعال، فإنه إذ خلص إلى أن الفصل كان له ما يبرره لا يكون قد شابه التناقض في التسبيب ما دام قصده في الحالتين ظاهراً، مما يكون معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض طلبه استرداد مبلغ 496.615 جنيهاً استناداً إلى ما جاء بمذكرة النيابة من نسبة اختلاس هذا المبلغ إليه, حال أن تقرير اللجنة الفنية التي شكلتها النيابة لفحص حسابات المطعون ضدها الأولى انتهى إلى عدم مسئوليته عن هذه الواقعة، وإذ التفت الحكم عما جاء بتقرير هذه اللجنة رغم ما له من أثر في الدعوى، وكانت مذكرة النيابة قد شابها الخطأ في نقل ما أثبتته اللجنة بخصوص ذلك المبلغ، فإن الحكم يكون قد خالف الثابت في الأوراق وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك لأنه لما كان الحكم قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أن "الثابت من مذكرة النيابة بشأن المستأنف ضده "الطاعن" أن هذا المبلغ هو الذي استلمه المستأنف ضده للقيام بتسليمه إلى آخرين وأن اتهامه قام أساساً على عدم تسليمه هذا المبلغ لذويه فلما قام بعد بدء التحقيق برد هذا المبلغ إلى الشركة المستأنفة "المطعون ضدها الأولى" رأت النيابة الاكتفاء بالعقوبة الإدارية لحصول الشركة على حقها، وعلى هذا الوجه لا يكون هناك ثمة حق للمطالبة بهذا المبلغ ويتعين لذلك رفض هذا الطلب"، وكان ما أورده الحكم كافياً لحمل قضائه في هذا الشأن ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن تقرير اللجنة الفنية إلى الأخذ بما أستخلصه من مذكرة النيابة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها والأخذ بما تقتنع به منها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض وإذ كان الطاعن يجادل في أن مذكرة النيابة التي اتخذها الحكم سنداً لقضائه في هذا الخصوص قد اشتملت بالفعل على ما استقاه الحكم منها كما أنه لم يثر عليها أي مطعن أمام محكمة الموضوع فإنه لا يقبل منه تعييبها والمجادلة في الدليل المستمد منها لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يعرض لمستنداته ودفاعه الذي ختمه بمذكرته المقدمة لجلسة 22/ 12/ 1973، كما أنه لم يشر إلى حق الطاعن في الادخار الذي قضى له به الحكم الابتدائي, فضلاً عن خلو الحكم مما يشير إلى أنه عرض للاستئناف المقابل المرفوع منه بما يكشف عن رأيه فيه.
وحيث إن هذا النعي في شقيه الأولين غير مقبول، ذلك لأن الطاعن لم يبين في سبب الطعن أوجه الدفاع أو المستندات التي لم يعرض لها الحكم للوقوف على صحة ما يتحدى به في هذا الخصوص مما يجعل النعي بهذا الشق مجهلاً، وإذ كان الحكم الابتدائي قد أجاب الطاعن إلى قيمة حصته في الادخار وصار قضاؤه في هذا الخصوص نهائياً بعدم الطعن عليه فإنه لا يقبل من الطاعن تعييب الحكم لإغفاله الإشارة إلى طلب لم يكن مطروحاً عليه. والنعي في شقه الأخير مردود بأنه لما كان البين من أسباب الحكم أنه قضى برفض جانب من طلبات الطاعن التي قضى له بها في الحكم الابتدائي وأيد ما قضى له به في الجانب الآخر منها فإن منطوق الحكم إذ قضى في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف على نحو ما جاء به يكون قد اشتمل على قضاء ضمني برفض الاستئناف المقابل المرفوع من الطاعن، وإذ كان هذا الأخير لا يدعي أن هذا الاستئناف قد تعلق بنقاط أخرى غير التي بحثها الحكم وأدلى برأيه فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 767 لسنة 47 ق جلسة 14 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 94 ص 487

جلسة 14 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور إبراهيم علي صالح، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، وجهدان حسين عبد الله.

-----------------

(94)
الطعن رقم 767 لسنة 47 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "التزامات المؤجر". إثبات "الإثبات بالبينة". نظام عام.
عقد إيجار الأماكن. وجوب إفراغه كتابة. المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969. تعلق ذلك بالنظام العام. مخالفة المؤجر أو احتياله لستر التعاقد أو أحد شروطه. أثره. للمستأجر إثبات حقيقة التعاقد بكافة طرق الإثبات.

----------------
مفاد نص المادتين 16، 44 من القانون رقم 52 لسنة 1969 يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار في عقد مكتوب من مسائل النظام العام، وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو في حالة الاحتيال لستر العقد أو شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد بجميع طرق الإثبات، ولما كان المطعون عليه قد طعن في عقد الاتفاق المؤرخ بأنه قصد به الاحتيال لإخفاء حقيقة أنه عقد إيجار لغرفة النزاع بأجرة سنوية هي المبلغ الثابت به على أنه مقابل استشارات قانونية يؤديها الطاعن للمطعون عليه فلا على الحكم المستأنف فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكن المستأجر (المطعون عليه) من إثبات حقيقة الواقع فيه بشهادة الشهود، وإذ أقام الحكم قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية على خلاف الثابت بالاتفاق المذكور على ما اطمأن إليه من البينات، فلا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2098 لسنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة ضد المطعون عليه بطلب الحكم بطرده من الغرفة المبينة بالصحيفة وتسليمها له. وقال في بيانها إنه بموجب اتفاق مؤرخ 16/ 8/ 1971 تعهد أن يعمل مستشاراً قانونياً للمطعون عليه وعملائه من الممولين، لمدة سنة تبدأ من 1/ 9/ 1971 مقابل مبلغ 120 جنيهاً كأتعاب، ونص في الاتفاق على السماح للمطعون عليه باستعمال إحدى الغرف بمكتب الطاعن لمقابلة عملائه بلا مقابل، وإذ امتنع المطعون عليه عن إخلاء الغرفة بعد إنذاره بتاريخ 2/ 6/ 1974 بعدم رغبة الطاعن في تجديد الاتفاق سالف البيان، فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أنه كان يستأجر غرفة النزاع وأن ما أثبت بالاتفاق المبرم بينهما لا يطابق الطاعن الحقيقة, وبعد سماع الشهود حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3332 لسنة 93 ق القاهرة، وبتاريخ 21/ 3/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام علاقة إيجارية بينه وبين المطعون عليه استناداً إلى نص المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي تجيز إثبات حقيق الاتفاق المبرم بينهما بجميع طرق الإثبات ومن بينها البينة والقرائن، وإلى أن كلمة إيجار الواردة بالإيصال المؤرخ 5/ 4/ 1966 تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة، في حين أنه اعترض أمام محكمة أول درجة على تنفيذ هذا الحكم وتمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز إثبات ما يخالف الاتفاق المؤرخ 16/ 8/ 1971 بغير الكتابة عملاً بنص المادة 61 من قانون الإثبات، هذا إلى أنه لا وجه لاعتبار الإيصال سالف البيان مبدأ ثبوت بالكتابة ما دام أن العلاقة بينه وبين المطعون عليه ينظمها اتفاق مكتوب وغير مشوب بالغموض.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان النص في المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة........ ويجوز للمستأجر عند المخالفة إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات" والنص في المادة 44 من ذات القانون على معاقبة من يخالف حكم المادة سالفة البيان، يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار كتابة من مسائل النظام العام. وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو حالة الاحتيال على شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد بجميع طرق الإثبات، لما كان ذلك, وكان المطعون عليه قد طعن في عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 8/ 1971 بأنه قصد به الاحتيال لإخفاء حقيقة أنه عقد إيجار لغرفة النزاع بأجرة سنوية هي المبلغ الثابت به على أنه مقابل استشارات قانونية يؤديها الطاعن للمطعون عليه, فلا على الحكم المستأنف فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكين المستأجر "المطعون عليه" من إثبات حقيقة الواقع فيه بشهادة الشهود وإن الحكم المطعون فيه إذ أقام الحكم قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية على خلاف الثابت بالاتفاق المذكور على ما اطمأن إليه من البينات لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان لا يبين من حكم الإحالة إلى التحقيق أو الحكم المطعون فيه أن أيهما قد أسس جواز إثبات واقعة التأجير على اعتبار ما تضمنه إيصال 5/ 4/ 1966 مبدأ ثبوت بالكتابة، فإن الشق الثاني من النعي يكون غير صحيح لوروده على غير محل من الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الأول والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الاتفاق المعقود بين الطرفين قصد به التحايل على أحكام قوانين الإيجار واستدل على ذلك بأوراق الشكوى رقم 1818 لسنة 1970 إداري الأزبكية، وأثبت في مدوناته أن الطاعن لم يشهد أحداً وأنه لم يطعن على شهادة شاهدي المطعون عليه، في حين أنه تمسك في دفاعه بأن قانون إيجار الأماكن يجيز له تأجير مثل غرفة النزاع مفروشة ولا يخضع عقدها عندئذ لقواعد تحديد الأجرة أو الامتداد القانوني، ومع ذلك التفت الحكم عن الرد على هذا الدفاع، في حين أن الثابت من أوراق الشكوى سالفة البيان أن الطاعن كان يشارك المطعون عليه في استعمال غرفة النزاع وأنه إذ رغب في تأجير غرفة أخرى كان يستعملها المطعون عليه لآخر فقد انتقل إلى غرفة النزاع، كما أن الإيصالات المقدمة من المطعون عليه هي بصريح عباراتها مقابل استشارات قانونية، حالة أن المطعون عليه لم يثبت أنها لقاء إيجار غرفة النزاع، كذلك فإنه قد اعترض على تنفيذ الحكم الصادر بالإحالة على التحقيق وفند شهادة شاهدي المطعون عليه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها بأن عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 8/ 1971 هو في حقيقته إجارة عين النزاع مقابل المبلغ المحدد به، استناداً إلى ما شهد به شاهدي المطعون عليه ومما تضمنته أوراق الشكوى رقم 1818 لسنة 1971 إداري الأزبكية من محاولة إدخال منقولات بها في بداية النزاع، وما ورد بإيصال 5/ 4/ 1966 من أنه مقابل أجرة شهر أبريل، فإنها تكون قد أقامت قضاءها على ما استظهرته في سداد من أوراق الدعوى وأوردت أسباباًَ سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها، فتكون في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به دون رقابة أو تعقيب عليها في ذلك من محكمة النقض، كما أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتتبع أقوال الخصوم والرد على كل منها استقلالاً متى كانت أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، ويعتبر ما أورده من أسباب رداً ضمنياً مسقطاً لما أثاره الطاعن، وترتيباً على ما سلف البيان فإن النعي بهذه الأسباب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1352 لسنة 47 ق جلسة 12 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 93 ص 481

جلسة 12 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاروق راتب، وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، وليم رزق بدوي، علي محمد عبد الفتاح ومحمد مختار منصور.

--------------

(93)
الطعن رقم 1352 لسنة 47 القضائية

(1) تأمين "التأمين من المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات". مسئولية "المسئولية التقصيرية: السبب المنتج". تعويض.
شمول وثيقة التأمين الجرار دون المقطورة. استخلاص الحكم سائغاً أن المقطورة سبب عارض للضرر. وأن قيادة الجرار هي السبب المنتج الفعال. تحت مسئولية المؤمن لديه عن التعويض.
(2) نقض "السبب الجديد". تأمين. مسئولية.
تمسك المؤمن لديه بأن وثيقة التأمين الإجباري لا تغطي غير راكبين ليست بينهما مورثة المطعون عليها. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

---------------
1 - لئن كان قانون التأمين الإجباري يستلزم التأمين على المقطورة على استقلال عن الجرار - باعتبارها إحدى المركبات وفقاً لقانون المرور - حتى تغطي شركة التأمين المؤمن عليها لديها الأضرار الناتجة عن الحوادث التي تقع الضرر بواسطتها إلا أن المعيار في تحديد المسئولية عند تعدد الأسباب المؤدية إلى الضرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون بتحديد السبب الفعال المنتج في إحداثه دون السبب العارض، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المقطورة مجرد سبب عارض في الحادث وأن قيادة الجرار على النحو الذي ثبت من تحقيق الواقعة هي السبب المنتج للضرر في استخلاص سائغ سليم من أوراق الدعوى، ورتب على ذلك مسئولية الشركة الطاعنة باعتبارها المسئولة عن تغطية المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث الجرار المؤمن عليه لديها، فإن النعي على الحكم - عدم امتداد الضمان الناشئ عن وثيقة التأمين الإجباري على الجرار إلى المقطورة ووقوع الحادث نتيجة مخالفة المقطورة غير المؤمن عليها لشروط الأمن والمتانة - يكون على غير أساس.
2 - إذ كان من المقرر أن الدفاع الذي يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان يبين من أوراق الطعن أن الشركة الطاعنة لم تتمسك بدفاعها - بأن وثيقة التأمين لا تغطي سوى ما يختص براكبين اثنين فقط - أمام محكمة الموضوع حتى تتحقق من أن مورثة المطعون عليها الأولى ليست من الركاب الذين يغطيهم التأمين الإجباري. فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعة الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 4370 سنة 76 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب إلزام الشركة المطعون عليها الثانية والشركة الطاعنة بأن تدفعا لها متضامنين مبلغ 8000 جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بمورثتها...... قبل وفاتها وعن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتها شخصياً من جراء وفاة مورثتها واستندت على طلباتها إلى القول بأن...... تابع الشركة المطعون عليها الثانية اتهم في الجنحة رقم 767 سنة 76 أشمون بقتل مورثتها "وآخرين" خطأ بأن قاد جراراً بمقطورة غير مستوفاة لشروط الأمن والمتانة وخالية من الفرامل وغير مرخص بها وسمح بركوب المجني عليهم بها وسار بالجرار بهذه الحالة بسرعة كبيرة في طريق ضيق مما أدى إلى انفصال المقطورة عن الجرار وسقوطها بالمجني عليهم في الماء فحدثت بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية التي أودت بحياتهم، وقد قضى عليه نهائياً بالعقوبة والتعويض المدني المؤقت، ومن ثم يكون المطعون ضدها الثانية مسئولة عن تعويض الأضرار باعتبارها متبوعة لمرتكب الحادث فضلاً عن مسئوليتها باعتبارها حارسة على الجرار والمقطورة، وتكون الشركة الطاعنة مسئولة عن التعويض للتأمين على الجرار الذي وقع به الحادث لديها تأميناً إجبارياً. وبتاريخ 19/ 12/ 1976 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بإلزام كل من الشركتين - المطعون عليها الثانية والطاعنة - بالتضامم بأن تؤديا للمطعون عليها الأولى تعويضاً مادياً وأدبياً قدره ألف جنيه وتعويضاً موروثاً قدره ألف جنيه تختص بنصيبها منه بحسب الفريضة الشرعية، فاستأنفت الشركة المطعون ضدها الثانية هذا الحكم بالاستئناف رقم 465 سنة 94 ق كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 488 سنة 94 ق، وبجلسة 19/ 6/ 1977 قضت محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين - بعد ضم أحدهما للآخر - برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن مؤدى أحكام قانون المرور رقم 66 سنة 73 أن المقطورة مركبة معدة لكي يجرها جرار أو سيارة أو أية آلة أخرى، ويشترط لتسييرها أن تكون لها رخصة تسيير فهي إذن مركبة مستقلة عن الجرار أو القاطرة التي تجرها - وإن كان قائدها هو ذات القائد الجرار - ويلزم تبعاً لذلك أن تكون لها وثيقة تأمين مستقلة أيضاً وفقاً لأحكام المادة الخامسة من قانون التأمين الإجباري على السيارات لتغطية المسئولية المدنية التي ترتب عن حوادثها، وهو بهذه المثابة تأمين عيني يختص بالمركبة محل التأمين ولا يمتد الضمان الناشئ عن وثيقة التأمين الإجباري إلى مركبة أخرى قد يستعملها المستأمن ومن ثم يكون مناط مسئولية شركة التأمين عن الحوادث التي تقع بواسطة المقطورة أن تكون مؤمناً عن حوادثها لديها، وإذ كان يبين من تحقيقات الجنحة عن الواقعة محل الدعوى أن الحادث كان نتيجة مخالفة المقطورة غير المؤمن عليها لشروط الأمن والمتانة فتكون هي المتسببة في الحادث دون الجرار، فإن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة عن تعويض الأضرار الناشئة عن هذا الحادث على مجرد مسئولية قائد الجرار المؤمن عن حوادثه لديها، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كان قانون التأمين الإجباري يستلزم التأمين على المقطورة على استقلال عن الجرار - باعتبارها إحدى المركبات وفقاً لقانون المرور - حتى تغطي شركة التأمين المؤمن عليها لديها الأضرار الناتجة عن الحوادث التي تقع بواسطتها إلا أن المعيار في تحديد المسئولية عند تعدد الأسباب المؤدية إلى الضرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون بتحديد السبب الفعال المنتج في إحداثه دون السبب العارض ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المقطورة مجرد سبب عارض في الحادث وأن قيادة الجرار على النحو الذي ثبت من تحقيق الواقعة هي السبب المنتج للضرر في استخلاص سائغ سليم من أوراق الدعوى، ورتب على ذلك مسئولية الشركة الطاعنة باعتبارها المسئولة عن تغطية المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث الجرار المؤمن عليه لديها، فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وخطأه في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول الشركة الطاعنة إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه أنه يحق للشركة الطاعنة أن ترجع على الشركة المستأنفة - المطعون ضدها الثانية - لاسترداد ما تكون قد أوفته للمضرور من تعويض عملاً بالمادة 16 من القانون رقم 652 سنة 1955 لإخلالها بما تفرضه أحكام التأمين الإجباري ووثيقة التأمين في حين أن الحالة الماثلة ليست من الحالات التي تجيز للشركة الطاعنة ذلك وفقاً لقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 سنة 1955 الذي بين حالات الرجوع ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تعييب الحكم فيما يستطرد إليه في أسبابه تزيداً - أياً كان الرأي فيه - غير منتج ما دام غير لازم للفصل فيما هو معروض على المحكمة من طلبات وغير مؤثر في النتيجة التي خلص إليها في قضائه، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى مسئولية الشركة الطاعنة على ما سلف بيانه في الرد على سببي الطعن الأولين ولم تكن مسألة حق الرجوع - محل النعي - معروضة على المحكمة لتفصل فيها وإنما استطرد إليها الحكم تزيداً، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً للشرط الأول من وثيقة التأمين على مركبات النقل أنه لا يستفيد من التأمين إلا الراكبان المصرح بركوبهما طبقاً لقانون المرور، ولما كان الجرار والمقطورة من مركبات النقل، فإن وثيقة التأمين على الجرار لديها - بفرض تغطيتها لحوادث المقطورة الملحقة به - لا تغطي سوى ما يختص براكبين اثنين فقط، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمسئولية الشركة الطاعنة عن وفاة جميع ركاب المقطورة، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بدوره غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر أن الدفاع الذي يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض. وكان يبين من أوراق الطعن أن الشركة الطاعنة لم تتمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع حتى تتحقق من أن مورثة المطعون عليها الأولى ليست من الركاب الذين يغطيهم التأمين الإجباري, فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.
ولما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 711 لسنة 47 ق جلسة 10 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 92 ص 473

جلسة 10 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد صدقي العصار، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين رافع، عبد الحميد المنفلوطي، علي السعدني، وأحمد شلبي.

---------------

(92)
الطعن رقم 711 لسنة 47 القضائية

(1) بطلان. عقد.
بطلان العقد في شق منه أو قابليته للإبطال. أثره. بطلان هذا الشق وحده. الاستثناء. تعذر إتمام العقد بغير الشق الذي وقع باطلاً. المادة 143 مدني.
(2) بيع "حبس الثمن". محكمة الموضوع.
حبس المشتري للثمن. شرطه. وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده. المادة 457/ 2 مدني. علم المشتري بهذا السبب وقت الشراء. لا يعد بذاته دليلاً على نزوله عن حق الحبس. علة ذلك. تقدير جدية السبب. استقلال قاضي الموضوع بها.

----------------
1 - مقتضى المادة 143 من القانون المدني إنه إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً.
2 - مفاد نص المادة 457/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشتري حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده، فمجرد قيام هذا السبب لدى المشتري يخول له الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يتهدده، وعلم المشتري وقت الشراء بالسبب الذي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفي بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذي يتهدده ويكون في ذات الوقت معتمداً على البائع لدفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقي في ذمته من الثمن، ولم يقصر المشرع في المادة المذكورة حق المشتري في حبس الثمن على وقوع تعرض له بالفعل وإنما أجاز له الحق أيضاً ولو لم يقع هذا التعرض إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده، وتقديره جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من تحت يده هو من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض متى أقام قضاء على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 5037 لسنة 1960 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 9/ 1960 المتضمن بيعه لها العقار الموضح بذلك العقد وبالصحيفة والبالغ مسطحه 252 متراً مربعاً تبين أن حقيقته 271.52 متراً مربعاً بثمن قدره 3950 جنيهاً. وقالت بياناً للدعوى إنه بموجب العقد المذكور باع لها الطاعن العقار الموضح به شاملاً زوائد تنظيم اشتراها من بلدية الزقازيق وذلك بثمن قدره 3950 جنيهاً، دفعت منه مبلغ ألف جنيه عند التوقيع على العقد واتفق على سداد مبلغ 1650 جنيهاً في ميعاد غايته أول ديسمبر سنة 1960 وسداد الباقي وقدره 1300 جنيه عند التوقيع على العقد النهائي الذي حددت له مدة أقصاها سنة، ولما كان الطاعن مديناً بمبلغ 450 مليم و195 جنيهاً لمقاول البناء وبمبلغ 1380 جنيهاً مضمون برهن على العقار المبيع لصالح بنك التسليف الذراعي والتعاوني، وإذ لم ينفذ التزامه بسداد هذين الدينين ولم ينقل لملكيته زوائد التنظيم التي تدخل ضمن العقار المبيع بالعقد موضوع الدعوى فإنه يحق لها حبس باقي الثمن أخذاً بالمادة 457/ 2 من القانون المدني حتى يقوم بتطهير العقار المبيع بما عليه من حقوق للغير ويعد المستندات اللازمة للتسجيل مع حقها في طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد ومن ثم أقامت الدعوى بطلباتها وقد أقام الطاعن الدعوى رقم 374 سنة 1961 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها بطلب فسخ عقد البيع المذكور واعتبار العربون المدفوع حقاً له، وذلك تأسيساً على أن المطعون عليها أخلت بالتزامها بسداد قسط الثمن البالغ 1650 جنيهاً في الأجل المحدد لسداده رغم إنذارها فيكون عقد البيع قد فسخ منم تلقاء نفسه إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه في البند الخامس منه، وقد قررت المحكم ضم الدعوى الثانية للدعوى الأولى وإحالتها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية فقيدت بها برقم 903 سنة 1963، وبعد أن ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل بالزقازيق لمعاينة العقار المبيع وبيان القدر الذي يدخل منه في ملكية الطاعن وقيمة ذلك القدر، وقدم الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 13/ 4/ 1962 بفسخ عقد البيع على أن يكون للمطعون عليها اتقاء الفسخ إذا وفت وفاء قانونياً بباقي الثمن وقدره 2632 جنيهاً و528 مليماً، خلال شهر من صيرورة الحكم نهائياً. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 184 سنة 15 ق المنصورة، وبتاريخ 8/ 5/ 1973 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لمعاينة العقار المبيع وبيان حدوده ومساحته بعد استبعاد القدر الذي ثبت عدم ملكية الطاعن له وتقدير قيمة القدر المستبعد وقيمة الباقي، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره وأودعت المطعون عليها خزينة المحكمة باقي الثمن الذي أظهره هذا التقدير وقدره 1280 جنيهاً 500 مليماً، حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 3/ 1977 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن بفسخ عقد البيع المؤرخ 26/ 9/ 1960 وبصحة ونفاذ هذا العقد فيما تضمنه من بيع الطاعن للمطعون عليها القطعة الأولى المبينة به وبصحيفة الدعوى وبتقرير الخبير المؤرخ 13/ 11/ 1976 والبالغ مسطحها 228.05 متراً مربعاً لقاء ثمن قدره 2280 جنيهاً 500 مليماً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن عقد البيع موضوع الدعوى قد نص على تحديد مدة أقصاها سنة من تاريخ تحريره لإنهاء عقد البيع النهائي, وإذ كانت المطعون عليها قد أقامت الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع قبل انقضاء تلك السنة، وكانت العبرة في تحقيق شروط الدعوى بوقت رفعها لا بوقت الحكم فقد تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى المطعون عليها لرفعها قبل الأوان غير أن الحكم المطعون فيه قضى بصحة ونفاذ عقد البيع دون أن يرد على هذا الدفع مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد صدر بصحة ونفاذ عقد البيع بعد انقضاء سنة من تاريخ تحريره فلا تكون للطاعن مصلحة في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل اكتمال تلك السنة ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي لم ترد على هذا الدفع.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه معيب بالقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه ما كان ليتم بيع عقاره موضوع الدعوى إلا مع زوائد التنظيم التي عرضت عليه بلدية الزقازيق شراءها وعلى ذلك فإبطال عقد البيع في شق منه من شأنه أن يبطل العقد كله أخذاً بالمادة 143 من القانون المدني، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ العقد بالنسبة لباقي العقار المبيع بعد استبعاد زوائد التنظيم دون أن يعرض لهذا الدفاع وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بصحة ونفاذ عقد البيع عن القدر المملوك للطاعن البائع، بعد استبعاد زوائد التنظيم التي ثبت عدم ملكيته لها، ولما كان مقتضى المادة 143 من القانون المدني أنه إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال, فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً، وهو ما لم يقدم الطاعن البائع الدليل عليه باعتباره لا ينفصل عن جملة التعاقد، فلا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على ما أثاره الطاعن من دفاع بهذا الخصوص. وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، من وجهين، الأول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليها كانت تعلم وقت التعاقد أنه لا يملك زوائد التنظيم التي باعها لها مع العقار المملوك له، فلا تستحقق قبله أي تعويض لا على أساس أنه باع لها ملك الغير ولا على أساس المادة 433 من القانون المدني التي لا تنطبق إلا في حالة وجود عجز في المبيع عند قيام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري، غير أن الحكم المطعون فيه لم يبحث هذا الدفاع ولم يرد عليه مما ينبئ عن عدم فهم المحكمة للواقع في الدعوى ولأحكام القانون - والثاني أن الحكم المطعون فيه قدر للمساحة التي حكم بصحة ونفاذ عقد البيع عنها ثمناً يقل عن قيمتها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن "يبين من الاطلاع على عقد البيع المؤرخ 26/ 9/ 1960 أن العقار المبيع مكون من قطعتين القطعة الأولى هي العقار رقم 6 شارع الحريري والثانية هي زوائد التنظيم المشتراة بمعرفة البائع ومبين حدودها ومعالمها على حدة وورد بالبند الثالث من العقد أن البيع تم بثمن إجمالي وجزافي قدره 3950 جنيهاً. وحيث إنه لما كان ذلك، وكان عقد البيع قابلاً للتجزئة بطبيعته إذا يمكن قصره على القطعة الأولى دون القطعة الثانية، فإنه يبقى بصدد تحديد ثمن القطعة الأولى التي ثبتت ملكية المطعون عليه الأول البائع - الطاعن - لها الرجوع إلى قيمتها في مقابل القطعة الثانية بالنظر إلى الثمن الإجمالي الوارد في العقد.. وتأخذ المحكمة في ذلك كله بتقرير الخبير المقدم أخيراً في الدعوى لسلامة الأسس التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لها، والذي انتهى إلى أن مساحة العقار موضوع النزاع بعد استبعاد القدر الذي ثبت عدم ملكية المستأنف عليه الأول له هي 228.55 متراً مربعاً وأن ثمن ذلك القدر 2280 جنيهاً و500 مليماً باعتبار أن ثمن المتر الواحد عشرة جنيهات"، مما مفاده أن المحكمة لم تقض بتعويض إنما قدرت ثمن المساحة التي حكمت بصحة ونفاذ العقد عنها، مما يكون معه النعي بالوجه الأول غير منتج لوروده على غير الأسس التي قام عليها الحكم المطعون فيه، وإذ اعتمد الحكم في تقدير هذا الثمن على تقرير الخبير الفني محمولاً على أسبابه السائغة التي اعتنقها، فإن النعي بالوجه الثاني يضحى جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي اقتنعت به المحكمة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الثابت بعقد البيع التزام المطعون عليها بسداد مبلغ 1650 جنيهاً من الثمن في ميعاد غايته 1/ 12/ 1960 وإلا اعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بعد إنذار المشترية بالفسخ، وأن هذا الالتزام غير معلق على شرط، وفي وقت استحقاقه لم يحل أي من التزامات الطاعن الواردة في عقد البيع ولم تكن هناك أسباب تخشى منها المطعون عليها وقوع تعرض لها من الغير، فيكون من حقه حبس التزامه بنقل الملكية لعدم قيام المطعون عليها بسداد القسط المذكور، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع وأقام قضاءه في تبرير امتناع المطعون عليها عن سداد قسط الثمن على أن مسلك الطاعن وظروف الدعوى تبرران ذلك وأن استحقاق هذا القسط كان رهناً بتقديم الطاعن دليل تملكه زوائد التنظيم وسداد المستحقات التي نص في عقد البيع على التزامه بها, مما يعيبه مخالفة الثابت بالأوراق وبالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أن مفاد نص المادة 457 - 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشتري حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده, فمجرد قيام هذا السبب لدى المشتري يخول له الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يهدده, وعلم المشتري وقت الشراء بالسبب الذي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفي بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذي يتهدده ويكون في ذات الوقت معتمداً على البائع لدفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقي في ذمته من الثمن, ولم يقصر المشرع في المادة المذكورة حق المشتري في حبس الثمن على وقوع تعرض له بالفعل وإنما أجاز له هذا الحق أيضاً ولو لم يقع هذا التعرض إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده, وتقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من تحت يده هو من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله, ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده من أن "امتناع المستأنفة عن الوفاء بالقسط البالغ قدره 1650 جنيهاً له ما يبرره بالنظر إلى مسلك البائع والظروف التي تحيط بالبيع ذلك أنه في حالة سدادها ذلك المبلغ كان يتبقى من ثمن البيع مبلغ 1350 جنيهاً حال أن المستحق لبنك التسليف 1381 جنيهاً حيث رهن العقار المبيع للبنك ضماناً ووفاء لدين بهذا المقدار يلتزم البائع بسداده ولم يقدم الأخير ما يفيد حصول هذا السداد قبل 19/ 12/ 1960، كما أن المقاول الذي أقام الدكاكين كان قد أنذر المستأنفة في 6/ 12/ 1960 باستحقاقه لمبلغ 195 جنيهاً و450 مليماً، ومقدار ذلك كله يجاوز مبلغ الـ 1350 جنيهاً الذي يبقى من ثمن المبيع بعد سداد القسط المحدد له أول ديسمبر سنة 1960، كما أن البائع لم يكن قد تملك زوائد التنظيم التي كانت ضمن العار المبيع، وإيداع ما يعادل قيمة تلك الزوائد مع قيمة دين البنك ودين المقاول يجعل كل المستحق للبائع كباقي ثمن المبيع برمته وبعد سداد مبلغ الـ 1000 جنيه المدفوع وقت تحرير عقد البيع يقل بكثير عن مقدار القسط المحدد له أول ديسمبر سنة 1960 ولا يرد على ذلك أن العقد لم يحدد للبائع ميعاداً لإنهاء إجراءات نزع الملكية فيما يختص بالجزء المعتبر زوائد تنظيم إذ يقتضي منطق الأمور أنه إذا ما كان استبعاد قيمة تلك الزوائد مع باقي ما يستحق على البائع - دين البنك ودين المقاول - يستغرق المتبقي من الثمن المقرر سداده عند التوقيع على عقد البيع النهائي وجانباً من القسط المستحق في أول ديسمبر سنة 1960 أن يكون استحقاق القسط المذكور رهناً بتقديم البائع ما يدل على امتلاكه لزوائد التنظيم وسداد تلك المستحقات أو القليل تقديم البائع للدليل على أن باقي المستحق عليه لا يجاوز 1350 جنيهاً المقرر سداده عند التوقيع على عقد البيع النهائي حتى يكون من حقه اقتضاء القسط المحدد له أول ديسمبر سنة 1960 في التاريخ المذكور وتشري المحكمة في هذا الصدد أن قيمة زوائد التنظيم بحكم طبيعتها وموقعها تثير منازعة جدية"، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه يكفي لحمل قضائه فيما انتهى إليه من حق المطعون عليها في حبس القسط المذكور من الثمن لعدم تملك الطاعن زوائد التنظيم التي كانت ضمن العقار المبيع وعدم إيداعه قيمة تلك الزوائد والدينين المستحقين للبنك وللمقاول وعدم تطهير العقار المبيع من الرهن المحمل به ضماناً لأول هذين الدينين، وكان الشرط الفاسخ المقرر جزاء على عدم وفاء المشتري بالثمن في الميعاد المتفق عليه لا يتحقق إلا إذا كان التخلف عن الوفاء بغير حق، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 742 لسنة 46 ق جلسة 10 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 91 ص 468

جلسة 10 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد صدقي العصار. وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، علي السعدني، عبد المنعم بركة وأحمد شلبي.

---------------

(91)
الطعن رقم 742 لسنة 46 القضائية

(1) عقد "فسخ العقد". إيجار. مسئولية.
فسخ عقد الإيجار. ليس له أثر رجعي. رجوع أحد الطرفين - بعد فسخ العقد - على الآخر بإدعاء عدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد خلال المدة التي انقضت قبل فسخه. إعمال قواعد المسئولية التقصيرية دون العقدية. خطأ.
(2) إيجار "التزامات المؤجر". نظام عام.
التزام المؤجر بتهيئة العين المؤجرة للانتفاع الذي أجرت له. غير متعلق بالنظام العام. جواز الاتفاق على ما يخالفه.

-------------------
1 - من المقرر أن فسخ عقد الإيجار اتفاقاً أو قضاء - بعد البدء في تنفيذه - وخلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعي؛ إذ يعتبر العقد مفسوخاً من وقت الاتفاق عليه أو الحكم النهائي بفسخه، لأن طبيعة العقود الزمنية ومنها عقد الإيجار تستعصي على هذا الأثر ويبقى عقد الإيجار بالنسبة للمدة التي انقضت من قبل قائماً بحكم العلاقة بين الطرفين في شأن إدعاء أي منهما قبل الآخر بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد خلال تلك المدة باعتبار أن أحكام العقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي وحدها التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، فلا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية, لأن في ذلك إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عن عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أن تعديل طلبات المطعون عليه يعتبر منه تسليماً بفسخ عقد الإيجار موضوع الدعوى ورتب على ذلك إعماله قواعد المسئولية التقصيرية بدلاً من قواعد المسئولية العقدية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - التزام المؤجر في المادة 564 من القانون المدني بتهيئة العين المؤجرة للانتفاع الذي أجرت له ليس من قبيل القواعد الآمرة المتصلة بالنظام العام وإنما هو من قبيل القواعد المفسرة لإرادة المتعاقدين، فيجوز لهما الاتفاق على ما يخالفه بالتشديد أو التخفيف في مدى التزام المؤجر بشأن أعمال الإصلاحات اللازمة لإعداد العين للغرض الذي أجرت من أجله، ويجوز أن يصل التخفيف إلى حد أن يقبل المستأجر استلام العين بالحالة التي كانت عليها وقت العقد، وأن مثل هذا الاتفاق متى كان قاطعاً في الدلالة على اتجاه نية المتعاقدين إلى تعديل أحكام التزام المؤجر الواردة في المادة 564 من القانون المدني، فإنه يكون واجب الإعمال دون نص المادة المذكورة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه, وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1239 لسنة 1970 مدني مصر الجديدة ضد الطاعنين بطلب التصريح له بإجراء الأعمال الموضحة بصحيفة الدعوى بالجراج المؤجر له من الطاعنة الأولى مع الإذن له بخصم قيمة تكاليفها من الأجرة المستحقة حالياً ومستقبلاً.. وقال في بيان دعواه إنه استأجر الجراج المذكور من الشركة الطاعنة بعقد إيجار تاريخه 20 فبراير سنة 1969 ولما تقدم لاستخراج التراخيص الإدارية اللازمة لاستغلاله رفض طلبه لعدم استيفاء الجراج للاشتراطات القانونية إذ لزم فتح باب ثان له وتخفيض مستوى أرضه طبقاً للوائح والتعليمات.. فأخطر الشركة لإجرائها ولكنها لم تقم بتنفيذها، فأقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 25 يونيه سنة 1971 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لاختصاصها بها قيمياً، فقيدت بجدولها برقم 2676 سنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية. وإذ استصدرت الشركة الطاعنة حكماً بطرده من العين المؤجرة وتنفيذ هذا الحكم عدل المطعون عليه طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن تدفعا له مبلغ 251 ج تعويضاً مؤقتاً عن حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة حتى تاريخ تنفيذ حكم الطرد وما أصابه بسبب ذلك من أضرار، وبتاريخ 25 نوفمبر سنة 1974 حكمت المحكمة بإلزام الشركة الطاعنة الأولى بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 251 ج. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 55 سنة 92 ق مدني، وبتاريخ 9 مايو سنة 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من ثلاثة وجوه، ذلك أنه قضى بتأييد الحكم المستأنف بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض استناداً إلى قواعد المسئولية التقصيرية، وأغفل الرد على دفاعها بالتمسك بما ورد في البندين الأول والرابع عشر من عقد الإيجار من أن المطعون عليه قبل العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد والتزامه بالقيام بما يتطلبه استغلالها كجراج من إصلاحات على نفقته دون مطالبة الشركة الطاعنة بأي مبلغ، وهو اتفاق صحيح يتعين إعماله، وانتهى رغم وجود هذا الاتفاق في عقد الإيجار إلى أن مطالبة الشركة للمطعون عليه بالأجرة من بدء عقد الإيجار واستصدار حكم من القضاء المستعجل بطرده منها لعدم سداد تلك الأجرة يعتبر منها تعسفاً قبل المطعون عليه في حين أن العلاقة بين الطرفين يحكمها عقد الإيجار، وهو الذي يحدد التزامات الطرفين، ويجري في نطاقه بحث ما إذا كان كل منهما قد التزام بها أم أنه أخل بها وخرج عليها، مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يلتزم بأحكام المسئولية العقدية والرجوع إلى البندين الأول والرابع عشر بشأن الاتفاق على تخفيف التزام الشركة بتسليم العين المؤجرة عند بدء عقد الإيجار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه عيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان من المقرر أن فسخ عقد الإيجار اتفاقاً أو قضاء - بعد البدء في تنفيذه - وخلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعي, إذ يعتبر العقد مفسوخاً من وقت الاتفاق عليه أو الحكم النهائي بفسخه، لأن طبيعة العقود الزمنية ومنها عقد الإيجار تستعصى على هذا الأثر ويبقى عقد الإيجار بالنسبة للمدة التي انقضت من قبل فسخه قائماً بحكم العلاقة بين الطرفين في شأن إدعاء أي منهما قبل الآخر بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد خلال تلك المدة, باعتبار أن أحكام العقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي وحدها التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، فلا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية؛ لأن في ذلك إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عن عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له, وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التزام المؤجر في المادة 564 من القانون المدني بتهيئة العين المؤجرة للانتفاع الذي أجرت له ليس من قبيل القواعد الآمرة المتصلة بالنظام العام وإنما هو من قبيل القواعد المفسرة لإرادة المتعاقدين، فيجوز لهما الاتفاق على ما يخالفه بالتشديد أو التخفيف في مدى التزام المؤجر بشأن أعمال الإصلاحات اللازمة لإعداد العين للغرض الذي أجرت من أجله، ويجوز أن يصل التخفيف إلى حد أن يقبل المستأجر استلام العين بالحالة التي كانت عليها وقت العقد، وأن مثل هذا الاتفاق متى كان قاطعاً في الدلالة على اتجاه نية العاقدين إلى تعديل التزام المؤجر الواردة في المادة 564 من القانون المدني، فإنه يكون واجب الإعمال دون نص المادة المذكورة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أن تعديل طلبات المطعون عليه يعتبر منه تسليماً بفسخ عقد الإيجار موضوع الدعوى ورتب على ذلك إعماله قواعد المسئولية التقصيرية بدلاً من قواعد المسئولية العقدية وانتهى إلى ثبوت الخطأ التقصيري في حق الشركة الطاعنة تأسيساً على أنها سلكت قبل المطعون عليه مسلكاً تعسفياً بمطالبته بالأجرة من بدء عقد الإيجار، واستصدرت ضده حكماً من القضاء المستعجل بطرده من العين المؤجرة رغم أنها لم تسلمها له صالحة للانتفاع بها في الغرض الذي أجرت من أجله مع التزامها بذلك تبعاً لأن هذا الغرض من الإيجار كان مرعياً عند التعاقد، وهو من المحكمة خطأ في تطبيق القانون، وقد حجبها هذا الخطأ عن التعرض لدفاع الشركة الطاعنة الذي تمسكت به في صحيفة الاستئناف وهو يقوم على تمسكها بنص البندين الأول والرابع عشر من عقد الإيجار آنف البيان على قبول المطعون عليه استلام العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت إبرام العقد وتعهده بعمل الإصلاحات اللازمة لاستغلالها كجراج على نفقته الخاصة دون مطالبة الشركة الطاعنة بأي مبلغ مستندة في ذلك إلى عقد الإيجار الذي قدمته أمام محكمة الاستئناف، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور وفساد الاستدلال بما يستوجب نقضه.

الطعن 451 لسنة 47 ق جلسة 10 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 90 ص 462

جلسة 10 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد صدقي العصار وعضوية؛ السادة المستشارين: إبراهيم فودة، محمد إبراهيم خليل، علي السعدني وعبد المنعم بركة.

----------------

(90)
الطعن رقم 451 لسنة 47 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. ملكية "أسباب كسب الملكية".
اتحاد الخصوم كشرط لاكتساب الحكم قوة الأمر المقضي. المقصود به. صفات الخصوم لا أشخاصهم. الحكم ضد السلف لا حجية له على من يخلفه إذا استند هذا الخلف إلى سبب آخر يختلف عن سبب التلقي. مثال في ملكية.
(2) بيع "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد دعوى استحقاق مآلاً. الحكم الصادر فيها لا حجية له بشأن الملكية ما لم يكن قد تناولها. المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها. شرطه.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". خبرة. نقض.
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. مؤداه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه. طلب ندب خبير. إغفال الإشارة إليه. قضاء ضمني برفضه.

---------------
1 - العبرة في اتحاد الخصوم فيما يتعلق بقوة الشيء المحكوم فيه، إنما هي بالخصوم من حيث صفاتهم لا من حيث أشخاصهم فالحكم الصادر في وجه شخص لا تكون له حجية على ما يخلفه من وارث أو مشتر أو متلق إذا استند هذا الخلف في إثبات ملكيته إلى سبب آخر غير التلقي مستغنياً بهذا السبب الآخر عن سبب التلقي، وكان الحكم للطاعن بصحة البيع في الدعوى رقم...... لم يصدر في مواجهة المطعون عليه الثالث بصفته الشخصية بل في مواجهة تركة مورثه وخوصم باعتباره أحد وارثيه، فلا تكون له حجية تمنع من نظر الدعوى بملكية الأطيان المبيعة والتي ركنت فيها المطعون عليها الأولى إلى حيازتها وسلفها المطعون عليه الثالث المدة الطويلة المكسبة للملكية إذ التقادم يكفي بذاته متى توافرت شروطه لكسب ملكيتها مستقلاً عن تلقيها ميراثاً عن المرحوم........ مورث سلفها المطعون عليه الثالث.
2 - لئن كانت دعوى صحة التعاقد تتسع لبحث ما عسى أن يثار فيها من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع باعتبارها دعوى استحقاق مآلاً إلا أن الحكم الصادر فيها لا يحوز حجية بشأن الملكية ما لم تكن الملكية قد أثيرت وبحثها الحكم الصادر بصحة البيع، ذلك لأن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرار جامعاً مانعاً، وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعي به بالدعوى الثانية، وينبني على ذلك أن ما لم تنظر المحكمة فيه بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
3 - لا يعيب الحكم المطعون فيه أنه لم يرد على ما ساقه الطاعن نعياً على تقرير الخبير لأن في أخذه به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنه لم يجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير كما لا يعيبه عدم الإشارة إلى طلب ندب خبير آخر مما يفيد قضاءه ضمناً برفضه ويضحى ما أثاره الطاعن جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى 404 لسنة 1972 مدني الفيوم الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها إلى الأطيان الزراعية الموضحة الحدود والمعالم بصحية الدعوى والبالغة مساحتها 16 فداناً وسهمين، وقالت شرحاً لدعواه إنها ابتاعت هذا القدر من المطعون عليهما الثانية والثالث بموجب عقد مؤرخ 29 يوليو سنة 1969 ووضعت يدها على الأطيان منذ الشراء فتملكتها بحيازتها هي والبائعين لها المدة الطويلة المكسبة للملكية وإذ نازعها الطاعن والمطعون عليهم من الرابع إلى السادس فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 22 مارس 1973 حكمت المحكمة بندب خبير في الدعوى لأداء المأمورية الموضحة به، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 2 مارس سنة 1975 للمطعون عليها الأولى بطلباتها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم...... بني سويف "مأمورية الفيوم" بطلب إلغائه فيما قضى به من ثبوت ملكية المطعون عليها الأولى للمساحة الثانية الموضحة بصحية الدعوى ومساحتها فداناً و7 أسهم ورفض الدعوى بالنسبة لهذا القدر، وبتاريخ 7 فبراير سنة 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب الأول، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة, فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين، ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه كان قد ابتاع من المطعون عليه السادس الأطيان البالغة مساحتها فداناً و7 أسهم و8 قيراط بموجب عقد مؤرخ 23 يوليو سنة 1971 والتي آلت لبائعه بالشراء من المطعون عليه الرابع بالعقد المؤرخ 12 أغسطس سنة 1970 وتلقاها الأخير ميراثاً عن والده المرحوم/ مصطفى أبو زيد طنطاوي, وأنه رفع على بائعه والبائع الأخير الدعوى رقم 475 لسنة 1971 مدني الفيوم الابتدائية وقضى له بصحة البيعين في مواجهة ورثة المرحوم/ أبو زيد طنطاوي ومن بينهم المطعون عليه الثالث - البائع للمطعون عليها الأولى - وأصبح الحكم نهائياً وله حجية على المحكوم في مواجهته والمطعون عليها الأولى باعتبارها خلفاً خاصاً لم تسجل عقد شرائها قبل تسجيل صحيفة دعواه بصحة البيع، وإذ تشمل تلك الحجية أن المبيع مملوك للبائع لبائعه، اعتباراً بأن الحكم بصحة البيع قد تناول ملكية البائع لبائعه، وأن تلك المساحة قد وقعت في حصة مورثه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بثبوت ملكية المطعون عليها الأولى لها، على سند من أنها حازتها وسلفها المطعون عليه الثالث المدة الطويلة المكسبة للملكية، يكون قد أهدر حجية الحكم السابق وخالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن العبرة في اتحاد الخصوم فيما يتعلق بقوة الشيء المحكوم فيه إنما هي بالخصوم من حيث صفاتهم لا من حيث أشخاصهم فالحكم الصادر في وجه شخص لا تكون له حجية على من يخلفه من وارث أو مشتر أو متلق, إذا استند هذا الخلف في إثبات ملكيته إلى سبب آخر غير التلقي، مستغنياً بهذا السبب الآخر عن سبب التلقي، وكان الحكم للطاعن بصحة البيع في الدعوى رقم 475 لسنة 1971 مدني الفيوم الابتدائية لم يصدر في مواجهة المطعون عليه الثالث بصفته الشخصية بل في مواجهة تركة مورثه, وخوصم باعتباره أحد وارثيه، فلا تكون له حجية تمنع من نظر الدعوى بملكية الأطيان المبيعة, والتي ركنت فيها المطعون عليها الأولى إلى حيازتها وسلفها المطعون عليه الثالث المدة الطويلة المكسبة للملكية إذ التقادم يكفي بذاته متى توافرت شروطه لكسب ملكيتها, مستقلاً عن تلقيها ميراثاً عن المرحوم أبو زيد طنطاوي مورث سلفها المطعون عليه الثالث، كما أنه ولئن كانت دعوى صحة التعاقد تتسع لبحث ما عسى أن يثار فيها من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع باعتبارها دعوى استحقاق مآلاً إلا أن الحكم الصادر فيها لا يحوز حجية بشأن الملكية ما لم تكن الملكية قد أثيرت وبحثها الحكم الصادر بصحة البيع، ذلك لأن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها, يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً، وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعي به بالدعوى الثانية، وينبني على ذلك أن ما لم تنظر المحكمة فيه بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، وكان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 475 لسنة 1971 مدني الفيوم الابتدائية أنه لم يعرض لملكية المطعون عليه الرابع - البائع لبائع الطاعن - ولم يناقشها ولم يبحث فيها، إذ لم تكن تلك المسألة قد أثيرت في الدعوى التي رفعت بصحة البيع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر، ولم ير حجية للحكم الصادر فيها تمنع من نظر دعوى الملكية التي أقامتها المطعون عليها الأولى استناداً إلى حيازتها وسلفها المدة الطويلة المكسبة للملكية والذي خوصم في الدعوى الأولى بصفته وارثاً، فإنه يكون صحيحاً في القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيقه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وعابه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع من وجهين، وفي بيان أولهما يقول الطاعن إن الثابت من أقوال شهوده والبائعين له أمام الخبير أن ملكية الأطيان هي لمورث البائع لبائعه، غير أن تقرير الخبير الذي اعتنق الحكم أسبابه استدل على حيازة المطعون عليه الثالث بما ورد بملف الحراسة الإدارية التي فرضت عليه، مع أن هذا البيان بمفرده لا يفيد في ذاته الملكية والحيازة، كما أنه قد تمسك بأن الحراسة فرضت أيضاً على مورث البائع لبائعه، وكانت تلك الأطيان ضمن ما تيم الاستيلاء عليه لديه وأنه بعد الإفراج عنها استصدر البائع لبائعه قراراً بطرد مستأجريها من الحراسة وهما بذاتهما ما زالا يستأجران أطياناً أخرى للمطعون عليه الثالث، كما تسمك بأن الخبير وقع في خطأ إذ افترض أن الحراسة لم تفرض إلا على البائع للمطعون عليها الأولى، كما لم يناقش ما قدمه من مستندات تفيد أن الأطيان كانت من ضمن ما احتفظ به مورث البائع لبائعه بمناسبة صدور القانون رقم 127 لسنة 1961 ومن بين ما تسلمه بمناسبة الإفراج عن أمواله، غير أن الحكم المطعون عليه لم يعرض للرد على هذا الدفاع الجوهري كما لم يستجب لطلب ندب خبير آخر لتحقيقه مما يعيبه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان الوجه الثاني يقول الطاعن إنه ضمن صحيفة الاستئناف أوجه نعي قاطعة الدلالة على فساد الحكم المستأنف وتقرير الخبير الذي اعتنق أسبابه ولكن الحكم المطعون فيه لم يحصها مجتزئاً القول بأن الحكم المستأنف قد رد عليها مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن تقدير الدليل من إطلاقات محكمة الموضوع، وكانت تلك المحكمة وفي حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوضحها في تقريره والتي عول فيها على أقوال شهود المطعون عليها الأولى ومما ثبت له من الاطلاع على ملف الحراسة التي كانت قد فرضت على البائع لها فيما يخص أطيان النزاع، واستدل بذلك على توافر شروط الحيازة المؤدية إلى كسب الملكية بالتقادم، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم، ولا عليها بعد ذلك إذ لم تعول على المستندات المقدمة من الطاعن لحملها على الأخذ بغير الحقيقة التي اقتنعت بها، وساقت الدليل عليها، خاصة وأن وضع اليد واقعة مادية، العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً, فإذا كان الواقع يخالف ما هو ثابت من الأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عداه, ولا يعيب الحكم المطعون فيه, أنه لم يرد على ما ساقه الطاعن نعياً على تقرير الخبير لأن في أخذه به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنه لم يجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير, كما لا يعيبه عدم الإشارة إلى طلب ندب خبير آخر مما يفيد قضاءه ضمنياً برفضه ويضحى ما أثاره الطاعن بهذا الوجه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومردود في وجهه الثاني بأن الطاعن لم يبين أوجه نعيه على الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه والتي يقول إنه ضمنها صحيفة استئنافه ويكون النعي بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 477 لسنة 49 ق جلسة 9 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 89 ص 458

جلسة 9 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني وحافظ السلمي.

------------------

(89)
الطعن رقم 277 لسنة 49 القضائية

إثبات "الإقرار القضائي: الإقرار المركب".
إقرار المطعون ضده بأن العملية محل الخلاف رست عليه ولكنه لم يقم بتنفيذها وإنما تنازل عنها لآخر. إقرار مركب. عدم جواز تجزئته.

------------------
النص في المادة 104 من قانون الإثبات على أن "الإقرار حجة قاطعة ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى" يدل على أن الإقرار القضائي وهو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة بما ينبني عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على تلك الواقعة، وقد يضاف إلى الإقرار شق آخر يكمل الاعتراف بالواقعة أو يشل دلالة هذا الاعتراف ويكون غير منفك عنه في صدوره، وهو ما يعرف بالإقرار المركب، ويعتبر الشق المضاف غير منفك عن جملة الإقرار بحيث يعتبر حجة بأسره، لا جزء منه فحسب، لما كان ما تقدم وكان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه وإلى أوراق الدعوى أن المطعون ضده قد أقر أمام المحكمة أن العملية محل الخلاف رست عليه ولكنه لم يقم بتنفيذها وإنما تنازل عنها لآخر، وهو من قبيل الإقرار المركب وذلك لتوافر الارتباط بين الواقعة الأصلية - وهي رسو العملية محل الخلاف على المطعون ضده - والواقعة المصاحبة لها وهي عدم قيام بتنفيذها وتنازله عنها لآخر، وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الأولى وجودها القانوني ومن ثم فهو لا يقبل التجزئة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلغاء قرار لجنة الطعن على أساس أن الطاعنة لم تقدم الدليل على قيام المطعون ضده بتنفيذ العملية موضوع الربط لحسابه الخاص، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن مأمورية ضرائب بولاق قامت بتقدير أرباح المطعون ضده من نشاطه في المقاولات في السنوات من 1955 إلى 1959 بمبلغ 7260 جنيهاً عن كل سنة، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لحنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 28/ 1/ 1964 بتخفيض أرباح المطعون ضده عن سنة 1955 بمبلغ 1260 جنيهاً وبإلغاء تقدير المأمورية عن السنوات من 1956 إلى 1959 لعدم ثبوت مزاولته للنشاط خلالها، فقد أقام المطعون ضده الدعوى رقم 232 لسنة 1964 ضرائب القاهرة طعناً على هذا القرار، وبتاريخ 28/ 1/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء قرار لجنة الطعن فيما قضى به من تقدير أرباح المطعون ضده عن سنة 1955 وإلغاء تقدير المأمورية في ربحه عن هذه السنة لعدم ثبوت مزاولته للنشاط خلالها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 450 لسنة 82 ق القاهرة، وبتاريخ 13/ 4/ 1967 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق واقعة العطاء الخاص ببناء خرسانة الكوبري فوق ترعة الإسماعيلية وتاريخ رسو هذا العطاء على المطعون ضده وبيان من باشر تنفيذ هذه العملية وهل تم التنازل عنها لآخر، أعاد الخبير الأوراق إذ أن الطاعنة لم تمكنه من أداء المأمورية، فأعيدت المأمورية إلى المكتب إلا أن الطاعنة لم تقدم أي دليل، وبتاريخ 20/ 12/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى الطاعنة به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلغاء قرار لجنة الطعن على أساس أن تقاعس مصلحة الضرائب من معاونة الخبير في الدعوى يؤيد أنه لا دليل لديها على مزاولة المطعون ضده نشاط المقاولات في سنة النزاع، في حين أن مزاولته للنشاط موضوع الربط - ثبت من إقراره طوال مراحل النزاع وأمام المحكمة بأن عملية إنشاء الكوبري العلوي موضوع الربط قد رست عليه في سنة 1955 وكان عليه - أن يثبت ما يدعيه من أنه تنازل عنها إلى آخر وقد حملت المحكمة مصلحة الضرائب تبعة عدم إثبات تنفيذ هذه العملية وأعفت المطعون ضده من عبء إثبات ما يدعيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 104 من قانون الإثبات على أن "الإقرار حجة قاطعة. ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى" يدل على أن الإقرار القضائي وهو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة بما ينبني عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على تلك الواقعة، وقد يضاف إلى الإقرار شق آخر يكمل الاعتراف بالواقعة أو يشل دلالة هذا الاعتراف ويكون غير منفك عنه في صدوره وهو ما يعرف بالإقرار المركب ويعتبر الشق المضاف غير منفك عن جملة الإقرار بحيث يعتبر حجة بأسره، لا جزء منه فحسب، لما كان ما تقدم وكان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه وإلى أوراق الدعوى أن المطعون ضده, قد أقر أمام المحكمة بأن العملية - محل الخلاف - رست عليه ولكنه لم يقم بتنفيذها وإنما تنازل عنها لآخر، وهو من قبيل الإقرار المركب؛ وذلك لتوافر الارتباط بين الواقعة الأصلية - وهي رسو العملية محل الخلاف على المطعون ضده - والواقعة المصاحبة لها وهي عدم قيامه بتنفيذها وتنازله عنها لآخر - وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الأولى ووجودها القانوني ومن ثم فهو لا يقبل التجزئة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلغاء قرار لجنة الطعن على أساس أن الطاعنة لم تقدم الدليل على قيام المطعون ضده بتنفيذ العملية موضوع الربط لحسابه خاصة، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير أساس ويتعين رفض الطعن.

الطعن 471 لسنة 46 ق جلسة 9 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 88 ص 450

جلسة 9 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، سيد عبد الباقي, والدكتور أحمد حسني.

------------------

(88)
الطعن رقم 471 لسنة 46 القضائية

(1، 2) شركات "التوصية البسيطة". إفلاس "إفلاس الشركة". حكم "حجية الحكم".
(1) شركة التوصية البسيطة. استقلال شخصيتها عن شخصية الشركاء فيها. أثر ذلك. الحكم بإشهار إفلاس الشركة. مؤداه. إشهار إفلاس الشركاء المتضامنين فيها، ولو لم يرد صراحة بالحكم.
(2) الحكم الصادر بإفلاس شركة التوصية البسيطة في مواجهة مديرها. حجة على الشركاء فيها ولو لم يختصموا في الدعوى.

-----------------
1 - من المقرر قانوناً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شركة التوصية البسيطة هي شركة ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها ومن مقتضى هذه الشخصية أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء فتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنها وحدهم كما تخرج حصة الشريك عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند قسمة الشركة، والحكم بإشهار إفلاس هذه الشركة يستتبع حتماً إفلاس الشركاء المتضامنين فيها إذ أن الشركاء المتضامنين مسئولون في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة، فإذا وقفت الشركة عن الدفع فمعنى ذلك وقوفهم أيضاً ولا يترتب على إغفال الحكم الصادر بإفلاس الشركة النص على شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها أو إغفال بيان أسمائهم أن يظلوا بمنأى عن الإفلاس، إذ أن إفلاسهم يقع نتيجة حتمية ولازمة لإفلاس الشركة، وهذا المبدأ المقرر بالنسبة لشركات التضامن ينطبق أيضاً بالنسبة للشركاء المتضامنين في شركات التوصية البسيطة.
2 - لما كان شركة التوصية البسيطة لها شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، فإن الحكم الصادر ضدها يعتبر حجة على الشركاء فيها ولو لم يختصموا في الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم - ومن ثم - فإن الحكم الصادر بإفلاس تلك الشركة والتي كان مديرها مختصماً فيها يكون حجة على الشريك المتضامن فيها ولو لم يكن مختصماً فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر مازن أقام الدعوى رقم 204 سنة 1973 إفلاس جنوب القاهرة ضد المطعون عليها وعمر عبد العزيز الإمام وحاتم عمر عبد العزيز بطلب الحكم على المطعون ضده الأول أولاً: بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة عمر عبد العزيز الإمام بأن يسلم الطاعن الشقة المبينة بصحيفة الدعوى بما فيها من منقولات مع ما يترتب على ذلك من آثار من بينها اعتبار عقد الإيجار المبرم بين المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً للدائنين وبين المطعون ضده الثاني كأن لم يكن. ثانياً: بإلزام المطعون ضده الأول بصفته الشخصية بأن يؤدي للطاعن تعويضاً قدره خمسة آلاف جنيه، ثالثاً: بالنسبة للمطعون ضده الثاني اعتبار عقد الإيجار الذي أبرمه معه المطعون ضده الأول بصفته كأن لم يكن، وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 21/ 5/ 1964 استأجر عمر عبد العزيز الإمام وولده حاتم الذي كان مشمولاً بولايته الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وبعد أن أجرى فيها بعض الإصلاحات قام في 2/ 5/ 1965 بتأجيرها من الباطن إلى الطاعن الذي دفع له مقابل هذه الإصلاحات وسجل هذا العقد في 2/ 8/ 1965 كما تنازل للطاعن عن تأمينات الكهرباء والتليفونات وقد تكونت بين الطاعن وابنه المشمول بولايته شركة توصية بسيطة وفرع لها اسمها "حسن مهنا وشركاه" والسمة التجارية للشركة الأم هي شركة النيل للتجارة الدولية والسمة التجارية للفرع هي شركة النيل للتعمير ونص في عقد الشركة على أن يكون مركزها هي وفروعها بالشقة المذكورة وقدم الطاعن هذا العقد للسجل التجاري في 3/ 7/ 1965 وسجل ملخصه بمحكمة القاهرة الابتدائية في 12/ 10/ 1968، وبتاريخ 4/ 7/ 1965 قام الطاعن بعمل توكيل لعمر عبد العزيز الإمام للقيام نيابة عنه بإدارة الشركة وفروعها والتوقيع عنها وتمثيلها أمام جميع الجهات، وإذ كانت إجراءات تفليسة المذكور قد شملت الشركة وفرعها وهما مملوكتان للطاعن والذي طالب وكيل الدائنين بهذه الشقة فرفض تسليمها له، ومن ثم فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته سالفة الذكر. وبتاريخ 25/ 1/ 1975 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعن لم يتبع في إنشاء الشركة الإجراءات المنصوص عليها في قانون التجارة وقد قضى بحكم حائز قوة الأمر المقضي في الدعويين رقمي 237 سنة 1970، 256 سنة 1970 بإفلاس القاهرة واستئنافها رقم 162 سنة 88 ق بإشهار إفلاس الشركة وفرعها وعمر عبد العزيز الإمام بصفته الشريك المتضامن فيها. استأنف الطاعن نفسه وبصفته هذا الحكم القاضي برفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 89 سنة 92 ق. وبتاريخ 27/ 3/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن نفسه وبصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن بصفته ممثلاً للشركة وبرفض الدعوى. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة العامة في محله، ذلك لأنه لما كان الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر مازن وكانت هذه الصفة هي التي رفع بها الاستئناف الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وكان الطاعن قد أقام الطعن عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر مازن وممثلاً لشركة حسن مهنا في حين أنه لم يمثل في النزاع بصفته الأخيرة، فإنه يكون قد أضاف لنفسه في الطعن صفة لم يخاصم فيها ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن بصفته ممثلاً لشركة حسن مهنا وشركاه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للطاعن عن نفسه وبصفته.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان السبب الأول يقول إن الحكم طبق قواعد الصورية تطبيقاً خاطئاً في العلاقة بين المتعاقدين وبالنسبة للغير، فعن العلاقة بين المتعاقدين أقام الحكم قضاءه بالصورية تأسيساً على أن المستندات التي قدمها الطاعن لإثبات ملكيته للشقة موضوع النزاع مستندات صورية اصطنعت من قبل لخدمة المفلس وذلك حتى تخرج الشقة من الضمان العام للمالك الحقيقي وليتمكن الطاعن من أن يسترد الشقة من التفليسة في حين أن الصورية بين المتعاقدين لا تتحقق إلا إذا توافرت شروطها وهي أن يوجد عقدان اتحد فيهما الطرفان والموضوع، والبين من المستندات التي قدمها الطاعن أن من بينها عقود أبرمها الطاعن مع الغير وليس مع المفلس وهي عقود لا يتحد فيها الطرفان كما أن موضوع هذه العقود ليس متحداً وهو ما يفقد الصورية مقوماتها، وأما عن تطبيق الصورية بالنسبة للغير فإن الحكم طرح مستندات الطاعن الخاصة باسترداد الشقة محل النزاع لمصلحة الشركة بدعوى الصورية في حين أن الشقة قدمت حصة للشركة المذكورة وأصبحت مالاًَ مملوكاً لها، ولما كانت الشركة تعد من الغير بالنسبة لعلاقة الصوري المزعومة بين حسن مهنا والمفلس عمر عبد العزيز الإمام، فإن من حقها التمسك بالموضع الظاهر واعتبار الشقة ملكاً للشريك حسن مهنا, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان السبب الثالث إن الحكم أهدر المستندات المقدمة منه الدالة على ملكية شركة حسن مهنا وشركاه للشقة محل النزاع، في حين أن هذه المستندات فيها ما يتعلق بملكية الطاعن للحق في إيجار وملكية الأثاث الموجود بها، ومنها ما يتعلق بقيام الطاعن باستعمال المال واستغلاله بوصفه وكيلاً له، وإذ لم يدحض الحكم المستندات التي قدمها أو يرد عليها فقد شابه عيب القصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذين السببين "الأول والثالث" في غير محله؛ لأنه من المقرر قانوناً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شركة التوصية البسيطة هي شركة ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها ومن مقتضى هذه الشخصية أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء, فتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم كما تخرج حصة الشريك عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند قسمة الشركة، والحكم بإشهار إفلاس هذه الشركة يستتبع حتماً إفلاس الشركاء المتضامنين فيها إذ أن الشركاء المتضامنين مسئولون في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة فإذا وقفت الشركة عن الدفع فمعنى ذلك توقفهم أيضاً, ولا يترتب على إغفال الحكم الصادر بإفلاس الشركة النص على شهر إفلاس الشركاء المتضامنين فيها أو إغفال بيان أسمائهم أن يظلوا بمنأى عن الإفلاس إذ أن إفلاسهم يقع نتيجة حتمية ولازمة لإفلاس الشركة، وهذا المبدأ المقرر بالنسبة لشركات التضامن ينطبق أيضاً بالنسبة للشركاء المتضامنين في شركات التوصية البسيطة، لما كان ذلك وكانت الشركة التي يقول الطاعن إنه شريك متضامن فيها هي شركة توصية بسيطة وهي ذاتها التي صدر الحكم بإشهار إفلاسها في الدعويين رقمي 237 سنة 1970، 256 سنة 1970 إفلاس كلي القاهرة وإن السمة التجارية بينهما "شركة النيل للتجارة الدولية وفروعها شركة النيل للتعمير" واحدة، كما أن شقة النزاع هي مقر الشركة التي يقول بها الطاعن وهي أيضاً مقر الشركة التي قضى بإفلاسها، كما أن الثابت من حكم الإفلاس أن دفاع عمر عبد العزيز الإمام كان قائماً على أن الشركة المطلوب إشهار إفلاسها هي ذات الشركة التي يقول بها الطاعن وأنه مجرد وكيل عن الطاعن الشريك المتضامن فيها وقد تكفل الحكم الاستئنافي (رقم 162 سنة 88 ق) بالرد على هذا الدفاع وانتهى إلى ثبوت صفته كشريك متضامن في الشركة وفرعها وأنه هو القائم بإدارتها، وكان مقتضى قول الطاعن إنه شريك متضامن في الشركة سالفة الذكر أن تخرج حصته فيها عن ملكه وتعتبر مملوكه للشركة وتدخل في الضمان العام لدائنيها، كما أن الحكم بإشهار إفلاس تلك الشركة يستتبع حتماً إفلاسه حتى لو كان ذلك الحكم قد أغفل النص على اسمه، وأن مقتضى ذلك دخول شقة النزاع بما فيها من منقولات ضمن أموال التفليسة، ومن ثم فإن النعي بهذين السببين بالخطأ في تطبيق قواعد الصورية وبالقصور في التسبيب بوصفه المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على ملكيته شقة النزاع بما فيها من منقولات بالصورية دون أن يرد أو يناقشها تفصيلاً يكون نعياً غير منتج بالنسبة للطاعن حسن شعبان عن نفسه، أما بالنسبة للطاعن بصفته ولياً على نجله القاصر مازن فإنه لما كان من المقرر أن استخلاص أدلة الصورية من إطلاقات محكمة الموضوع ما دامت قد بنيت على أسباب سائغة، كما أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له واستخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عمر عبد العزيز الإمام زاول نشاطه التجاري في شقة النزاع واعتبرها مقراً للشركة التي طلب الطاعن استردادها وانتهى الحكم إلى استبعاد المستندات المقدمة من الطاعن بصفته لصوريتها وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه بمخالفة تطبيق قواعد الصورية يكون في غير محله بالنسبة للطاعن بصفته ولياً على ابنه القاصر.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه من ثلاثة أوجه الخطأ في تطبيق القانون وفي تحصيل الواقع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه لم يكن طرفاً في حكم إشهار الإفلاس وبذلك لا يكون الحكم حجة عليه، وإذ لم يلتزم الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، كما طرح الحكم المستندات التي تقدم بها الطاعن بمقولة إنها صورية تأسيساً على واقعة معينة هي أن المفلس كان يزاول عمله في الشقة التي يطالب الطاعن باستردادها في حين أن هذه الواقعة هي التي بني عليها الحكم ولم تحقق، كما لم يثبت في حكم إشهار إفلاس عمر عبد العزيز الإمام وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تحصيل الوقائع، كما استدل الحكم على إهدار ملكية الطاعن للشقة بمزاولة المفلس عمله التجاري بها دون أن يناقش مستندات الملكية وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول، ذلك أنه لما كانت شركة التوصية البسيطة لها شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، فإن الحكم الصادر ضدها يعتبر حجة على الشركاء فيها حتى ولو لم يختصموا في الدعوى التي صدر فيها ذلك الحكم، ولما كانت شركة النيل للتجارة الدولية التي صدر الحكم ضدها في الدعويين رقم 237 سنة 1970، 256 سنة 1970 إفلاس كلي القاهرة هي شركة توصية بسيطة وهي ذات الشركة التي يقول الطاعن إنه شريك متضامن فيها، فإن الحكم الصادر بإفلاس تلك الشركة والتي كان مديرها مختصماً فيها يكون حجة عليه ولو لم يكن مختصماً فيه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس. والنعي مردود في وجهه الثاني ذلك أن الثابت من الحكم الصادر في دعويي الإفلاس المذكورتين أن المفلس شريك متضامن في الشركة التي أشهر إفلاسها والقائم على إدارتها، وكان موطن الشخص الاعتباري هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته، فإن الحكم المطعون فيه - إذ انتهى إلى أن عمر عبد العزيز الإمام باعتباره شريكاً متضامناً في الشركة وفروعها. والقائم على إدارتها قد اتخذ في شقة النزاع مقراً للشركة وفروعها وزاول نشاطه فيها - لا يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع. والنعي في وجهه الثالث مردود بما تضمنه الرد على السببين الأول والثاني - على ما سلف البيان - من الالتفات عن المستندات التي قدمها الطاعن لأنها صورية وهو ما يكفي لحمل قضاء الحكم، ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم قد أحال إلى ما لا يتعارض مع أسبابه من أن أسباب الحكم الابتدائي، وإذ كان الحكم الأخير لم يعترض على المستندات المقدمة من الطاعن برغم أنه قد استبعدها لسبب لا يتعلق بها وهو أن الشركة طالبة الاسترداد لم يحصل شهرها ولا يجوز الاحتجاج بوجودها على الغير، وكان الحكم المطعون فيه قد استبعد تلك المستندات لصوريتها وبالتالي فإن أسبابه تكون قد تعارضت مع أسباب الحكم الابتدائي في هذا الخصوص فإذا كان قد أحال إليها رغم ذلك فإنه يكون قد وقع في التناقض المبطل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم، وليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً فيه، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أن أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من القول إن شركة حسن مهنا وشركاه، لم تتبع بشأنها إجراءات اللصق والشهر المنصوص عليها في المادتين 48، 49 من قانون التجارة وبالتالي فلا يصح الاحتجاج بعقدها في مواجهة المطعون ضدهم وإنما الذي يصح الاحتجاج به هو الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي القاضي بإشهار إفلاس شركة النيل للتجارة الدولية وفرعها شركة النيل للتعمير وعمر عبد العزيز الإمام بصفته الشريك المتضامن فيها، مما مفاده أن الحكم الابتدائي لم يتعرض للمستندات المقدمة من الطاعن أن يقل كلمته، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تلك المستندات لصوريتها فإنه لا يكون قد تناقض مع الحكم الابتدائي في هذا الخصوص ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.

الطعن 453 لسنة 42 ق جلسة 9 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 87 ص 445

جلسة 9 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، سيد عبد الباقي والدكتور أحمد حسني.

---------------

(87)
الطعن رقم 453 لسنة 42 القضائية

(1) دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع. نقض "سبب الطعن".
الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) نقل بحري "مشارطة إيجار السفينة. شرط التحكيم". عقد. التزام.
إحالة سند الشحن على شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطة إيجار السفينة. توقيع الشاحن - وهو في نفس الوقت مستأجر - على هذه المشارطة. أثره. التزام المرسل إليه بذلك الشرط. خلو سند الشحن من توقيع الشاحن. لا أثر له في هذه النتيجة.
(3) تحكيم. نقل بحري. نظام عام.
جواز الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج. شرطه. عدم المساس بالنظام العام.
(4) إثبات. قانون "القانون الأجنبي".
الاستناد إلى قانون أجنبي. واقعة - مادية - يجب على الخصم إقامة الدليل عليها.

-----------------
1 - إذا كان الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير متعلق بالنظام العام, وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم يسبق لها أن تمسكت أمام محكمة الاستئناف بانعدام صفة الطاعن، فإن ما تثيره بهذا الدفع يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
2 - وإذا كان الثابت بالدعوى أن عملية النقض قد تمت بموجب مشارطة إيجار بالرحلة اشتملت على شروط الاتفاق وحرر تنفيذاً لها سند شحن تضمن الإحالة بصيغة عامة إلى ما تضمنته المشارطة من شروط ومن بينها شروط التحكيم، وكان الشاحن هو مستأجر السفينة، فإن توقيعه على المشارطة بما اشتملت عليه من شروط التحكيم يلزم الطاعن باعتباره مرسلاً إليه وطرفاً ذا شأن في النقل يتكافأ مركزه ومركز الشاحن مستأجر السفينة حينما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته المشارطة، ومن ثم فلا يعتبر الشاحن نائباً عن الطاعن في عقد المشارطة أو في سند الشحن حتى يتطلب الأمر وكالة خاصة، ولا يؤثر على هذه النتيجة عدم توقيع الشاحن على سند الشحن الذي يعد في هذه الحالة مجرد إيصال باستلام البضاعة وشحنها على السفينة.
3 - لما كان الثابت أن شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطة الإيجار قد نص على أن يسوي النزاع في "لندن" طبقاً لقانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1950، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام.
4 - إذا كان الطاعن لم يقدم الدليل على القانون الإنجليزي - المشار إليه - باعتباره واقعة يجب أن يقيم الدليل عليها حتى تتبين المحكمة مدى صحة ما ادعاه من بطلان التحكيم لمخالفته للنظام العام، وكان الحكم الطعون فيه قد اعتبر هذا الشرط صحيحاً مرتباً لآثاره، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 104 لسنة 1961 تجاري كلي السويس بطلب إلزامهما بمبلغ 2351 جنيهاً و904 مليماً والفوائد القانونية، وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 23/ 5/ 1961 وصلت السفينة "سليفرليك" التابعة للمطعون ضدهما إلى ميناء الأدبية وعليها شحنة من القمح الاسترالي لحساب الطاعن وقد اتضح عند تفريغ البضاعة المشحونة أن بها عجزاً في الوزن يسأل عنه المطعون ضدهما باعتبارهما ممثلين للناقل، دفع المطعون ضدهما بعدم قبول الدعوى للاتفاق في البند 34 من مشارطة إيجار السفينة على إنهاء النزاع بطريق التحكيم، وبتاريخ 28/ 12/ 1969 قضت محكمة السويس الابتدائية بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 80 سنة 87 ق طالباً إلغاءه والحكم بطلباته السابقة، وبتاريخ 27/ 4/ 1972 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض. دفعت المطعون ضدها الأول بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ورفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أن قرار الجمهوري رقم 1189 لسنة 1968 الصادر بإنشاء الهيئة العامة للسلع التموينية قد نص في مادته الثامنة على أن تحل هذه الهيئة محل وزارة التموين فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات ناشئة عن عقود أبرمتها الوزارة مما أصبح يدخل في اختصاص الهيئة، ومفاد ذلك أنه بصدور القرار الجمهوري المشار إليه لم تعد وزارة التموين ممثلة في الدعوى وإذ رفع الطعن من وزير التموين بصفته، فإنه يكون مرفوعاً من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول، ذلك أنه لما كان الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير متعلق بالنظام العام, وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم يسبق لها أن تمسكت أمام محكمة الاستئناف بانعدام صفة الطاعن، فإن ما تثيره بهذا الدفع يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاثة أوجه حاصل الوجهين الأول والثاني منها أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه يشترط وفقاً للمادتين 99، 100 من قانون التجارة البحري لكي يحتج بسند الشحن على الشاحن أو المرسل إليه باعتباره طرفاً ذا شأن في عقد النقل أن يكون موقعاً من الشاحن، وإذ كان السند المقدم في الدعوى قد خلا من هذا التوقيع، فلا يحتج على الطاعن بما ورد فيه من إحالة عامة على ما ورد بمشارطة إيجار السفينة من شروط استثنائية ومنها شرط عرض النزاع على التحكيم، إذ أنه لم يكن طرفاً في مشارطة الإيجار أو في سند الشحن ولم يوكل الشاحن توكيلاً خاصاً في الاتفاق على التحكيم ولم يصدر منه ما يعد قبولاً لهذا الشرط مما يجعل الاختصاص بنظر النزاع معقوداً للقضاء المصري، وإذ ذهب الحكم إلى الاحتجاج على الطاعن بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت بالدعوى أن عملية النقل قد تمت بموجب مشارطة إيجار بالرحلة اشتملت على شروط الاتفاق وحرر تنفيذاً لها سند شحن تضمن الإحالة بصيغة عامة إلى ما تضمنته المشارطة من شروط ومن بينها شرط التحكيم، وكان الشاحن هو مستأجر السفينة، فإن توقيعه على المشارطة بما اشتملت عليه من شروط التحكيم يلزم الطاعن باعتباره مرسلاً إليه وطرفاً ذا شأن في النقل يتكافأ مركزه ومركز الشاحن مستأجر السفينة حينما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته المشارطة، ومن ثم فلا يعتبر الشاحن نائباً عن الطاعن في عقد المشارطة أو في سند الشحن حتى يتطلب الأمر وكالة خاصة ولا يؤثر على هذه النتيجة عدم توقيع الشاحن على سند الشحن الذي يعد في هذه الحالة مجرد إيصال باستلام البضاعة وشحنها على السفينة، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إعمال شرط التحكيم وفق هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث أن على القاضي الوطني قبل أن يتخلى عن اختصاصه للمحكمين في الخارج أن يثبت من صحة شرط التحكيم ومطابقته للنظام العام في مصر باعتبار ذلك مسألة أولية فإذا تبين له صحة هذا الشرط أعمله وإلا قضى ببطلانه وتصدى لنظر الدعوى، وإذ كان الطاعن قد دفع ببطلان شرط التحكيم لمخالفته لنص المادة 823 من قانون المرافعات (القديم) وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها على الفصل في هذه المسألة الأولية بمقولة إن قواعد الإجراءات في القانون المصري لا تنطبق على التحكيم الذي يتم في الخارج، فإن حكمها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت أن شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطة الإيجار قد نص على أن يسوي النزاع في "لندن" طبقاً لقانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1950، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام، وإذ كان الطاعن لم يقدم الدليل على القانون الإنجليزي المشار إليه باعتباره واقعة يجب أن يقيم الدليل عليها حتى تتبين المحكمة مدى صحة ما ادعاه من بطلان شرط التحكيم لمخالفته للنظام العام، وكان الحكم الطعون فيه قد اعتبر هذا الشرط صحيحاً مرتباً لآثاره، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس.

الطعن 301 لسنة 46 ق جلسة 8 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 86 ص 440

جلسة 8 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، فهمي عوض مسعد, محمد محمود راسم ومحمود مصطفى سالم.

----------------

(86)
الطعن رقم 301 لسنة 46 القضائية

(1، 2) عمل "تعيين العامل". شركات "شركات القطاع العام".
(1) تعيين العامل بشركات القطاع العام. القانون رقم 61 لسنة 1971. استحقاقه لأجر الوظيفة المعين بها. عدم الاعتداد بإجازته العلمية أو خبرته العملية بما قد يؤهله لوظيفة أعلى. أثره. عدم جواز المطالبة بتعديل الأجر أو الوظيفة المعين بها استناداً لقاعدة المساواة.
(2) تكليف العامل بالقيام بمهام وظيفة أعلى مما يشغلها. عدم جواز المطالبة بتسوية حالته عليها.
(3) حكم "حجية الحكم". عمل.
الحكم الصادر بندب خبير. عدم اشتمال أسبابه أو منطوقه على قضاء صريح أو ضمني بشأن أحقية العامل للفئة المطالب بها. أثره. لا حجية له في هذا الخصوص.

-----------------
1 - مفاد نص المادتين الثانية والثامنة عشر من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 أن المشرع أوجب على كل شركة وضع جداول توصيف وتقييم الوظائف بها بما يتضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها وشروط شغلها والأجر المقرر لها وذلك في نطاق الجدول المرافق للقانون المشار إليه لأنه إنما استهدف وضع قواعد عامة مجردة باتخاذ أساس موضوعي يعتد في الوظيفة بالفئة المالية المقررة لها، ويخضع من يعين بشركات القطاع العام لقواعد التعيين الواردة بذلك القانون وللأجر المحدد للوظيفة المعين بها بغض النظر عن نوع إجازته العلمية وخبرته العملية بما قد يؤهله لوظيفة أعلى من تلك التي عين بها، ولازم ذلك أن يكون المناط في تحديد العمل وأجره بما ورد بشأنه في قرار تعيين العامل فلا يجوز له المطالبة بتعديله استناداً إلى حالته الشخصية أو قاعدة المساواة.
2 - إذا كان لا يوجد مانع يحول دون تكليف العامل بالقيام بمهام وظيفة أعلى مما يشغلها بحيث لا يستحق إلا أجر الوظيفة التي استوفى شروط شغلها لأن هذا التكليف يعتبر بمثابة ندب له للقيام بمهام الوظيفة الأعلى فلا يستحق تسوية حالته عليها أو استحقاقه لأجر فئتها.
3 - إذا كان من المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه لا حجية لحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بالأخذ برأي الخبير طالما أنها أبانت في حكمها بأسباب سائغة عن مبررات عزوفها عنه، وكان الثابت في الدعوى أن الحكم الصادر بندب الخبير لم يتعرض في أسبابه أو منطوقه بقضاء صريح أو ضمني لموضوع أحقية الطاعنة للفئة المطالب بها، فإنه لا يكون قد قطع في هذه الأحقية بحكم حائز قوة الشيء المحكوم به، ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 578 سنة 1973 عمال كلي الجيزة على المطعون ضدها - الشركة العامة لمخابز القاهرة والجيزة - طالباً الحكم بوضعه في وظيفة من وظائف الفئة الثامنة بأجر شهري مقداره 15 جنيهاً اعتباراً من 10/ 9/ 1970 وما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً لها إنه عين في 10/ 9/ 1970 لدى الشركة المطعون ضدها في وظيفة مندوب قضائي بأجر شهري مقداره تسعة جنيهات وتسلم عمله بتاريخ 22/ 10/ 1970 ثم ثبت في 13/ 2/ 1973 بالقرار رقم 22 لسنة 1973 الذي نص على تعيينه في وظيفة مساعد كاتب بمراقبة الشئون القانونية من الفئة العاشرة بأجر مقداره 10.500 شهرياً، وإذ كان يستحق الفئة الثامنة لأن له خبرة في الأعمال القضائية قبل تعيينه لا تقل عن خمس سنوات فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان، وبتاريخ 19 من مايو سنة 1973 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها بمنطوق حكمها، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 26 من أبريل سنة 1975 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 835 سنة 12 ق أمام محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 29 من يناير سنة 1976 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة, وتحدد لنظره أخيراً جلسة 21 من ديسمبر سنة 1980 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب. ينعى الطاعن بالسبب الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وبياناً لذلك يقول إنه وقد استوفى شرائط شغل الفئة التاسعة عند التحاقه بالعمل لدى المطعون ضدها فيتعين وضعه بها وليس بفئة أدنى لا تناسب مدة خبرته دون التمسك بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين، طالما أن للمطعون ضدها جداول بتوصيف الوظائف وشرائط شغلها سيما أنه قام بأعباء وظيفة من تلك الفئة بمراقبة الشئون القانونية، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأغفل أنه في مجال القطاع العام حدد المشرع فئات وظائف الهيكل الإداري للوحدة وأجر كل فئة بالجدول المرافق لنظام العاملين وأنه يمارس اختصاصات وظيفة مقرر لها الفئة الثامنة دون بيان أسباب إطراح هذا الواقع، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته القانون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك لأنه لما كانت المادة الثانية من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 - الذي يحكم واقعة الدعوى - قد نصت على أن "يكون لكل مؤسسة أو وحدة اقتصادية جدول توصيف للوظائف والمرتبات يتضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وترتيبها في داخل إحدى مستويات الجدول الملحق بهذا النظام، ونصت المادة الثامنة عشر على أن - "يحدد أجر العامل عند تعيينه ببداية مربوط الوظيفة المعين عليها ويستحق هذا الأجر من تاريخ تسليمه العمل" فإن مفاد ذلك أن المشرع أوجب على كل شركة وضع جداول توصيف وتقييم الوظائف بها بما يتضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها وشروط شغلها والأجر المقرر لها وذلك في نطاق الجدول المرافق للقانون المشار إليه, لأنه إنما استهدف وضع قواعد عامة مجردة باتخاذ أساس موضوعي يعتد في الوظيفة بالفئة المالية المقررة لها ويخضع من يعين بشركات القطاع العام لقواعد التعيين الواردة بذلك القانون وللأجر المحدد للوظيفة المعين بها بغض النظر عن نوع إجازته العلمية وخبرته العملية بما قد يؤهله لوظيفة أعلى من تلك التي عين بها، ولازم ذلك أن يكون المناط في تحديد العمل وأجره بما ورد بشأنه في قرار تعيين العامل فلا يجوز له المطالبة بتعديله استناداً إلى حالته الشخصية أو قاعدة المساواة، ولما كان لا يوجد مانع يحول دون تكليف العامل بالقيام بمهام وظيفة أعلى مما يشغلها بحيث لا يستحق إلا أجر الوظيفة التي استوفى شروط شغلها لأن هذا التكليف يعتبر بمثابة ندب له للقيام بمهام الوظيفة الأعلى فلا يستحق تسوية حالته عليها أو استحقاقه لأجر فئتها، لما كان ذلك وكان البين من واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعن عين لدى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1970 ثم ثبت بعقد مؤرخ 13 من فبراير سنة 1973 في وظيفة مساعد كاتب بالفئة العاشرة، فيكون غير محق في الفئة المطالب بها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض في أسبابه وبياناً له يقول إن المحكمة الابتدائية قبل أن تصدر حكمها المؤيد بالحكم المطعون فيه ندبت خبيراً لتحديد طبيعة عمله والواجبات والمسئوليات الملقاة على عاتقه والفئة الواجب تعيينه بها على أساس جدول توصيف الوظائف والمرتبات الخاص بالشركة المطعون ضدها ومدى مخالفة ذلك للفئة المعين عليها فقدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أحقيته للفئة التاسعة لكن المحكمة أهدرت ذلك الحكم الذي يعتبر مع تقرير الخبير سنداً كافياً لمنحه هذه الفئة واتخذت لها أسباباً متناقضة مع ما ورد به في حين أنه يعتبر مكملاً لأسباب حكمها الصادر بعده في نفس الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه لا حجية لحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بالأخذ برأي الخبير طالما أنها أبانت في حكمها بأسباب سائغة عن مبررات عزوفها عنه، وكان الثابت في الدعوى أن الحكم الصادر بندب الخبير لم يتعرض في أسبابه أو منطوقه بقضاء صريح أو ضمني لموضوع أحقية الطاعنة للفئة المطالب بها، فإنه لا يكون قد قطع في هذه الأحقية بحكم حائز قوة الشيء المحكوم به، ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس.