الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 يوليو 2023

الطعن 709 لسنة 48 ق جلسة 18 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 169 ص 934

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، درويش عبد المجيد، إبراهيم زغو ومحمد عبد المنعم جابر.

------------------

(169)
الطعن رقم 709 لسنة 48 القضائية

(1) استئناف. إعلان الاستئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن".
اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان المستأنف عليه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب بسبب يرجع إلى المستأنف جوازي للمحكمة م .7 مرافعات معدلة بالقانون 75 لسنة 1976.
(2) قانون. "سريان القانون من حيث الزمان".
سريان أحكام القانون الجديد. نطاقه. عدم جواز انسحاب القانون الجديد على ما يكون انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع.
(3) التزام. "حق الحبس". بيع. محكمة الموضوع.
حق المشتري في حبس الثمن. مناطه. وجوب سبب جدي يخشى منه نزع المبيع من تحت يده ولو لم يكن للبائع يد فيه. تقدير جدية هذا السبب. استقلال قاضي الموضوع به متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(4) بيع. "الوفاء بالثمن". عقد. "فسخ العقد". "الشرط الفاسخ". التزام. "حق الحبس".
الشرط الفاسخ الصريح جزاء عدم الوفاء بالثمن في الميعاد المتفق عليه. عدم تحققه إلا إذا كان التخلف من الوفاء بغير حق. قيام حق المشتري في حبس الثمن. لا محل لإعمال الشرط الفاسخ ولو كان صريحاً.
(5) التزام. "انقضاء الالتزام" "الوفاء" "العرض والإيداع". محكمة الموضوع.
الشرط الذي يجعل العرض والإيداع غير مبرئين للذمة هو الشرط التعسفي. لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير سلامة هذا الشرط.

---------------------
1 - مفاد نص المادة 70 من قانون المرافعات بعد التعديل الذي استحدثه المشرع بالقانون رقم 75 لسنة 1976. والمنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع اشترط لتوقيع الجزاء المقرر بهذا النص - والذي يسري على الاستئناف طبقاً لحكم المادة 24 من قانون المرافعات، ألا يتم إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى خلال الأشهر الثلاثة التالية لتاريخ تقديم الصحيفة قلم كتاب المحكمة بسبب يرجع إلى فعل المدعي وألا يوقع الجزاء إلا بناء على طلب المدعى عليه مع جعل أمر توقيعه رغم توافر هذين الشرطين جوازياً للمحكمة لتكون لها مكنة للتقدير فتوازنه بين مصلحة طرفي التداعي في هذا الشأن وتقدر أيهما أولى بالرعاية من الآخر.
2 - من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين.
3 - أجاز المشرع للمشتري في المادة 457 من القانون المدني الحق في حبس الثمن إذا تبين وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده، ومفاد هذا النص أن مجرد قيام هذا السبب، ولو لم يكن للبائع يد فيه يخول للمشتري الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن، ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يهدده، وتقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من تحت يده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع، ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
4 - لا يحول دون استعمال المشتري لحق حبس الثمن تضمين العقد الشرط الفاسخ جزاء عدم وفاء المشتري بالثمن في الميعاد المتفق عليه، ذلك أن هذا الشرط لا يتحقق إلا إذا كان التخلف عن الوفاء بغير حق، فإن كان من حق المشتري قانوناً أن يحبس الثمن عن البائع فلا عمل للشرط الفاسخ ولو كان صريحاً.
5 - الشرط الذي يجعل العرض والإيداع غير مبرئين للذمة هو الشرط التعسفي الذي يكون للمدين حق في فرضه، ولمحكمة الموضوع السلطة في تقدير مدى سلامة الشرط الذي يسوغ قيد العرض والإيداع به، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن حق المطعون ضدها في حبس باقي الثمن ظل قائماً طوال فترة سريان أحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 إلى أن ألغي بالقانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به في 8 من سبتمبر سنة 1977 وأن الطاعن بادر برفع دعواه بطلب الحكم بانفساخ عقد البيع أثناء قيام حق الحبس ثم أصر في دفاعه أمام محكمة الاستئناف على حصول الانفساخ وأبدى إعراضاً عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية أو المعاونة في إتمام إجراءات التسجيل ورفض قبول عرض باقي الثمن الذي تم بالجلسة طليقاً من ثمة قيود واستخلص الحكم من مسلك الطاعن على هذا النحو ما يجيز للمطعون ضدها بعد رفض العرض تعليق صرف باقي الثمن المودع خزانة المحكمة على صدور الحكم النهائي في دعوى صحة ونفاذ البيع التي أقامتها. لما كان ذلك، وكان التعليل الذي ساقه الحكم المطعون فيه لسلامة الشرط الذي قيد به إيداع باقي الثمن سائغاً مستمداً مما له أصل بالأوراق، فإن النعي الذي يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في مسألة مردها سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1416 لسنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدها طالباً الحكم باعتبار عقد البيع المؤرخ 8/ 8/ 1976 مفسوخاً، وقال بياناً لدعواه إنه باع بموجب هذا العقد إلى المطعون ضدها أرض فضاء معدة للبناء - مبينة بالصحيفة - لقاء ثمن مقداره 54 ألف ج و330 م دفعت منه أثناء التعاقد مبلغ 20 ألف ج، واتفق بالعقد على التزام البائع بشهر سند ملكيته للعقار المبيع وتسليمه للمشترية التي تلتزم بأداء باقي الثمن خلال شهر من تسلمها هذا السند وإلا اعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو حكم قضائي، وأنه إذ كان قد سلم المطعون ضدها في 12/ 10/ 1976 سند ملكيته مسجلاً، وبالرغم من ذلك لم توف باقي الثمن إبان الأجل المحدد مما يتحقق معه الشرط الفاسخ الصريح الوارد بالعقد. لذا فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه منها - وبتاريخ 8 من مايو سنة 1977 حكمت المحكمة للطاعن بطلباته. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 2908 لسنة 94 القضائية ودفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بالصحيفة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها قلم كتاب المحكمة. وبتاريخ 21 من فبراير سنة 1978 قضت المحكمة برفض هذا الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فيما قضي به من رفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، إذ بني قضاءه على أن التأخير في إتمام الإعلان خلال ميعاد الأشهر الثلاثة المقرر بالمادة 70 من قانون المرافعات لم يكن مرجعه إلى فعل المطعون ضدها وحدها بل كان سببه أيضاً البيان الخاطئ الذي سجله المحضر عند الانتقال الأول إلى موطن الطاعن من إثبات عدم الاستدلال عليه في هذا الموطن بالرغم من أنه قد أعلن به بعد ذلك، وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون، ذلك أن المسئولية في مباشرة الإعلان من متابعة إجراءاته حتى إتمامه إنما تقع على كاهل المعلن وحده دون المحضر مما يجعل التراخي في الإعلان مرده إلى تقصير من المطعون ضدها ويستتبع بالتالي تطبيق الجزاء الذي تمسك به.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المادة 70 من قانون المرافعات بعد التعديل الذي استحدثه المشرع بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - والمنطبق على واقعة الدعوى - تنص على أنه "يجوز بناء على طلب المدعى عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وكان ذلك راجعاً إلى فعل المدعى"، ومفاد ذلك أن المشرع اشترط لتوقيع الجزاء المقرر بهذا النص - والذي يسري على الاستئناف طبقاً لحكم المادة 240 من قانون المرافعات - ألا يتم إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى خلال الأشهر الثلاثة التالية لتاريخ تقديم الصحيفة قلم كتاب المحكمة بسبب يرجع إلى فعل المدعي وألا يوقع الجزاء إلا بناء على طلب المدعى عليه مع جعل أمر توقيعه رغم توافر هذين الشرطين جوازياً للمحكمة ليكون لها مكنة التقدير فتوازن بين مصلحة طرفي التداعي في هذا الشأن وتقدر أيهما أولى بالرعاية من الآخر، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد أبان بمدوناته أن المحكمة لم تر توقيع الجزاء المقرر بالمادة 70 من قانون المرافعات اعتباراً بأن توقيعه جوازي وليس وجوبياً، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع إن لم تشأ تطبيق جزاء أخضعه القانون لمطلق تقديرها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه فيما استطرد إليه من إيراد تقريرات أخرى تتصل بمدى توافر أحد شرطي تطبيق الجزاء - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه صدر الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 الذي عمل به اعتباراً من 23/ 9/ 1976 وجاء هذا الأمر يحظر في مادته التاسعة على أعضاء الجمعيات التعاونية لبناء المساكن التصرف في الأراضي والوحدات المخصصة لهم بهذه الصفة إلى غير أعضاء هذه الجمعيات وإلا كان التصرف باطلاً، وهذا الجزاء يتعلق بالنظام العام وله الأثر الفوري في التطبيق، مما كان متعيناً على الحكم المطعون فيه تطبيقه على عقد البيع الذي أصبح محكوماً بذلك الحظر ولو كان قد أبرم قبل العمل بالأمر العسكري، وليس من شأن إلغاء هذا الأمر بعد ذلك بالقانون رقم 49 لسنة 1977 أن يبعث العقد الباطل إلى الوجود، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر العقد صحيحاً ولم يوقع جزاء البطلان فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، وإذ كان عقد البيع محل التداعي قد انعقد في 8/ 8/ 1976 أي قبل سريان أحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 الذي عمل به من تاريخ نشره في 23/ 9/ 1976 ولم يرد به نص على تطبيقه بأثر رجعي فإن الحظر وجزاء البطلان المقررين بنص المادة التاسعة من هذا الأمر لا ينسحبان على هذا العقد في خصوص سلامة انعقاده وصحة التصرف الثابت به، وإذ كان الحكم المطعون فيه اعتبر البيع قد وقع صحيحاً لا يمتد إليه جزاء البطلان استناداً إلى أن أحكام الأمر العسكري لا تسري على هذا البيع لانعقاده قبل العمل بها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، وفي بيان الوجه الأول يقول إن الحكم قد عول على الدفع الذي أبدته المطعون ضدها من الحق في حبس باقي الثمن طوال فترة العمل بأحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 باعتباره سبباً يخشى معه تعذر تسجيل البيع وانتقال ملكية العقار المبيع مع أن العقد قد تضمن شرطاً صحيحاً فاسخاً إذا لم تسدد المطعون ضدها باقي الثمن خلال شهر من تاريخ تسلمها سند ملكية البائع وقد تحقق هذا الشرط، وليس من شأن العمل بأحكام الأمر العسكري أن يعتبر سبباً مبرراً لحبس باقي الثمن حتى ولو تعذر إتمام التسجيل إذ لا بد للطاعن البائع في هذا السبب ولم يكن متوقعاً من جانبه، فضلاً عن أن سريان الأمر العسكري ما كان يعوق إجراءات التسجيل بدلالة أنه قد تأشر من مكتب الشهر العقاري على عقد البيع بما يفيد صلاحيته للشهر في تاريخ تال للعمل بهذا الأمر، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى على خلاف ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المشرع أجاز للمشتري في المادة 457 من القانون المدني الحق في حبس الثمن إذا تبين وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده، ولما كان مفاد هذا النعي أن مجرد قيام هذا السبب ولو لم يكن للبائع يد فيه يخول للمشتري الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يهدده، وكان تقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من تحت يده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان لا يحول دون استعمال هذا الحق تضمين العقد الشرط الفاسخ جزاء عدم وفاء المشتري بالثمن في الميعاد المتفق عليه، ذلك أن هذا الشرط لا يتحقق إلا إذا كان التخلف عن الوفاء بغير حق، فإن كان من حق المشتري قانوناً أن يحبس الثمن عن البائع، فلا عمل للشرط الفاسخ ولو كان صريحاً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض في قضائه لما تمسكت به المطعون ضدها من الحق في حبس باقي الثمن بسبب خشيتها تعذر تنفيذ الطاعن لالتزامه بنقل ملكية العقار المبيع إزاء صدور الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 فأورد بمدوناته قوله "إن قيام الأمر العسكري الذي سرى العمل به بعد العقد ولكن قبل شهره وقبل حدوث الواقعة التي اتفق في البند الخامس من العقد على أن يبدأ منها ميعاد الوفاء بباقي الثمن من شأنه أن يعد سبباً جدياً يبرر خشية المستأنفة تعذر قيام المستأنف عليه تنفيذ التزامه العقدي بنقل ملكية العقار المبيع إليها مما يجوز لها ما تمسكت به من حق في حبس باقي الثمن ولا يقدح في ذلك حصولها في 27/ 10/ 1976 من جهة الشهر العقاري على مشروع العقد النهائي مختوماً بختم الصلاحية للشهر إذ هذا في ذاته لا يزيل الخشية الجدية من أن يحول ذلك الأمر العسكري دون إتمام المختصين لإجراءات شهر العقد...". لما كان ذلك. وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه يعد سائغاً وكافياً لحمل قضائه في قيام السبب الجدي الذي يجوز للمطعون ضدها استعمال حق حبس باقي الثمن فإن من شأن قيام هذا الحق أن يقف حائلاً دون إعمال الشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه بالعقد، وهو ما خلص إليه صحيحاً قضاء الحكم المطعون فيه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثاني إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد قد حدد مهلة شهر للوفاء بباقي الثمن من تاريخ تسلم المشترية لسند ملكية البائع فلو صح اعتبار الأمر العسكري سبباً يجيز استعمال حق الحبس طوال سريانه فإنه وقد ألغي هذا الأمر يصبح متعيناً احتساب الشهر المحدد للوفاء بباقي الثمن من تاريخ إلغائه وهو يوم 8/ 9/ 1977 ويكون الشرط الفاسخ قد تحقق بعرض المطعون ضدها باقي الثمن في 6/ 11/ 1977 أي بعد فوات الشهر، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعتد بهذا الأجل ولم يعمل الشرط الفاسخ استناداً إلى القول بأن رفع البائع دعوى الفسخ يعتبر تعرضاً من جانبه ما بقيت الدعوى قائمة ويحق للمشتري لهذا السبب حبس باقي الثمن دون أن يعرضه على البائع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعتبر رفع دعوى الفسخ تعرضاً من جانب البائع يخول للمشتري حق حبس باقي الثمن إنما أورد بأسبابه أنه بعد إلغاء الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 نشأ موقف جديد. إذ كان قد صدر الحكم الابتدائي باعتباره عقد البيع مفسوخاً لتحقق الشرط الصريح وبالرغم من خطأ هذا الحكم لثبوت قيام حق الحبس للمطعون ضدها إبان سريان أحكام الأمر العسكري فإن الطاعن قد أصر أمام محكمة الاستئناف حتى من بعد إلغاء هذا الأمر على موقفه من اعتبار عقد البيع مفسوخاً واتضح من الإعراض عن تنفيذ التزامه بنقل ملكية العقار المبيع أو معاونة المطعون ضدها في التوقيع على العقد النهائي بعد حصولها على ما يفيد صلاحيته للشهر بل وكشف بجلاء ووضوح عن إصرار على الامتناع عن تنفيذ التزامه عند رفضه قبول باقي الثمن المعروض عليه بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1977، واستخلص الحكم المطعون فيه من تلك الأمور جميعها ما يسوغ في القانون ما تمسكت به المطعون ضدها عقب إلغاء الأمر العسكري وقبل عرض باقي الثمن من دفع لعدم تنفيذ التزامها إزاء إصرار الطاعن على عدم تنفيذ التزامه بنقل ملكية العقار المبيع، ومن ثم لا يكون صحيحاً ما ساقه الطاعن بهذا الوجه من نعي على ذلك الحكم.
وحيث إن حاصل السبب الرابع خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، إذ قد اتفق في العقد على التزام المشترية بسداد باقي الثمن خلال شهر من تسلمها سند ملكية البائع ولم يعلق العاقدان وفاء الثمن على إتمام تسجيل عقد البيع، ومن ثم فإن إيداع المطعون ضدها لباقي الثمن خزانة المحكمة بعد رفض العرض مقروناً بعدم صرفه للطاعن إلا بعد صدور الحكم النهائي في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع التي أقامها يكون إيداعاً غير مبرئ للذمة وهو ما تمسك به أمام محكمة الاستئناف، وإذ قضى الحكم بصحة العرض والإيداع يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد بأن الشرط الذي يجعل العرض والإيداع غير مبرئين للذمة هو الشرط التعسفي الذي لا يكون للمدين حق في فرضه، ولمحكمة الموضوع السلطة في تقدير مدى سلامة الشرط الذي يسوغ قيد العرض والإيداع به، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن حق المطعون ضدها في حبس باقي الثمن ظل قائماً طوال فترة سريان أحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 إلى أن ألغي بالقانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به في 8 من سبتمبر سنة 1977 وأن الطاعن بادر برفع دعواه بطلب الحكم بانفساخ عقد البيع أثناء قيام حق الحبس ثم أصر في دفاعه أمام محكمة الاستئناف على حصول الانفساخ وأبدى إعراضاً عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية أو المعاونة في إتمام إجراءات التسجيل ورفض قبول عرض باقي الثمن الذي تم بالجلسة طليقاً من ثمة قيود، واستخلص الحكم من مسلك الطاعن على هذا النحو ما يجيز للمطعون ضدها بعد رفض العرض تعليق صرف باقي الثمن المودع خزانة المحكمة على صدور الحكم النهائي في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع التي أقامتها. لما كان ذلك وكان التعليل الذي ساقه الحكم المطعون فيه لسلامة الشرط الذي قيد به إيداع باقي الثمن سائغاً مستمداً مما له أصل بالأوراق فإن النعي الذي يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في مسألة مردها سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 197 لسنة 25 ق جلسة 26 / 11 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 107 ص 699

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع المستشارين.

-------------------

(107)
الطعن رقم 197 لسنة 25 القضائية

رسم التسجيل "طبيعته" "الواقعة المنشئة له".
هو في حقيقته ضريبة غير مباشرة تفرض على الأموال العقارية عند تداولها بمناسبة ما يقدم عنها من محررات بطلب تسجيلها.
الواقعة المنشئة لهذه الضريبة التي يحدد بموجبها المركز القانوني للشخص هي واقعة التوثيق أو التصديق لأن المشرع أوجب تحصيلها وقتئذ.
تحديد فئة هذه الضريبة وفقاً للقانون المعمول به وقت تحصيلها ولو صدر تشريع جديد برفعها قبل إتمام التسجيل.

-------------------
مفاد نص المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 92 لسنة 1944 بشأن رسوم التسجيل ورسوم الحفظ أن رسم التسجيل مقرر بفئة نسبية تتغير بحسب تغير القيمة التي يتعلق بها المحرر المراد تسجيله دون نظر إلى المنفعة الخاصة التي يفيد منها الشخص من هذا التسجيل وبغير التفات إلى نفقات المصلحة في هذا الخصوص، إذ أن ما تتحمله في سبيل القيام بعمليات التسجيل لا يعدو أن يكون نفقات ثابتة متساوية بالنسبة لها جميعاً بغير تفاوت بين عملية وأخرى، ومؤدى ذلك هو اعتبار هذا الرسم في حقيقته ضريبة غير مباشرة تفرض على الأموال العقارية عند تداولها بمناسبة ما يقدم عنها من محررات بطلب تسجيلها، ومتى تقرر ذلك، فإن الواقعة المنشئة لهذه الضريبة والتي يحدد بموجبها المركز القانوني للشخص هي واقعة التوثيق بالنسبة للعقود الرسمية وواقعة التصديق على التوقيعات في العقود العرفية، ذلك أن المشرع أوجب تحصيل هذه الضريبة عند التوثيق أو التصديق فلا يجوز بعدئذ المساس بحقوق الأفراد المتعلقة بفئة هذه الضريبة التي تحددت طبقاً للقانون المعمول به وقت تحصيلها ولو صدر تشريع جديد برفعها قبل إتمام التسجيل.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن بصفته ولياً طبيعياً على ابنه مدحت أقام الدعوى رقم 3055 سنة 1952 كلي القاهرة مختصماً المطعون عليها - مصلحة الشهر العقاري - وقال في بيانها إنه بتاريخ 30 من يونيه سنة 1951 تقدم إلى مصلحة الشهر العقاري بالقاهرة لتوثيق عقد الهبة الصادر منه إلى ابنه مدحت والمتضمن هبة 455 فداناً قدر ثمنها بمبلغ مائة ألف جنيه، وتم تقدير رسم التسجيل طبقاً للقانون رقم 92 لسنة 1944 بواقع 3 و1/2% من قيمة الأطيان الموهوبة بمبلغ وقدره 3500 جنيه دفعه في ذات اليوم الذي تم فيه توثيق الهبة في عقد رسمي. وقبل أن يتم تسجيل العقد صدر القانون رقم 134 لسنة 1951 في 15 من سبتمبر سنة 1951 برفض فئة رسم التسجيل إلى 5% واضطر - الطاعن - إزاء تمسك المصلحة بمعاملته طبقاً لأحكام القانون الجديد - إلى تكملة الرسم بدفع مبلغ 1700 جنيه ثم أقام الدعوى طالباً إلزام المطعون عليها برد هذا المبلغ إليه على أساس من المادة 181/ 1 من القانون المدني باعتبار أنها قد قبضته دون أن يكون مستحقاً لها. وبتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1953 قضت محكمة أول درجة للطاعن بطلباته. فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 380 سنة 71 قضائية، وقضت المحكمة الاستئنافية في 6 من فبراير سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن. فطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض في 26 من إبريل سنة 1955. وبتاريخ 5 من مايو سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وأبدت النيابة رأيها برفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالته إلى الدائرة المدنية لجلسة 8 من أكتوبر سنة 1959 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون، ذلك أنه أقام قضاءه برفض دعواه على أساس أن دفع رسم التسجيل وقت توثيق عقد الهبة في محرر رسمي لا يؤدي إلى التخلص من الالتزام به بمقولة إن هذا الرسم - وقد فرضه القانون مقابل عملية التسجيل بالذات - فإن تحصيله عند التوثيق هو تحصيل متقدم على وقت الاستحقاق الذي يحتمل أن يزيد فيه مقداره أو ينقص، ورتب الحكم على ذلك اعتبار مقدار هذا الرسم معلقاً على ما يتعين به بمقتضى القانون الذي يكون معمولاً به وقت حصول الأمر الذي فرض من أجله وهو التسجيل. ويقول الطاعن إن ما ذهب إليه الحكم مخالف للقانون، ذلك أن المشرع قد حدد الوقت الذي يستحق فيه رسم التسجيل، فأوجب سداده عند التوثيق أو التصديق على التوقيعات. ولا تلازم بين أداء الرسم في ذاته وإتمام عملية التسجيل التي تستلزم استيفاء إجراءات عدة تحتم وجود فارق زمني قد يطول أو يقصر تبعاً لظروف الأحوال، وطالما أن دافع الرسم قد أوفى به كاملاً في الوقت الذي حدده المشرع وبالفئة المقررة بالقانون المعمول به وقت سداده، فلا تأثير بعد ذلك لأي تعديل تشريعي برفع هذه الفئة أو خفضها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المشرع قد نص بالمادة الخامسة من القانون رقم 92 لسنة 1944 الصادر في 19 من يوليه سنة 1944 بشأن رسوم التسجيل ورسوم الحفظ على أنه "إذا وقع أي تصرف من التصرفات المبينة أنواعها بالجدول المرافق لهذا القانون بإشهاد أو بعقد عرفي مطلوب حفظه حصلت رسوم التسجيل عند تحرير الإشهاد أو حفظ العقد العرفي. وإذا كان التصرف بعقد عرفي واجب التصديق على التوقيعات الواردة به وجب على الموظفين والمأمورين العموميين المخول لهم التصديق على الإمضاءات أو الأختام أن يحصلوا مع رسوم التصديق رسوم التسجيل والحفظ وما إليها". ونص بالمادة الأولى من ذلك القانون على فرض رسوم نسبية على تسجيل كل عقد أو إشهاد أو تصرف أو حكم بحسب ما هو مبين بالجدول المرافق له الذي حدد به رسم تسجيل الهبة بواقع 3 و1/2% من قيمة العقار الموهوب وقت الهبة، ولما كان رسم التسجيل مقرراً على النحو المتقدم بيانه بفئة نسبية تتغير بحسب تغير القيمة التي يتعلق بها المحرر المراد تسجيله، دون نظر إلى المنفعة الخاصة التي يفيد منها الشخص من هذا التسجيل وبغير التفات إلى نفقات المصلحة في هذا الخصوص، إذ أن ما تتحمله في سبيل القيام بعمليات التسجيل لا يعدو أن يكون نفقات ثابتة متساوية بالنسبة لها جميعها بغير تفاوت بين عملية وأخرى، فإن مؤدى ذلك هو اعتبار هذا الرسم في حقيقته ضريبة غير مباشرة تفرض على الأموال العقارية عند تداولها بمناسبة ما يقدم عنها من محررات بطلب تسجيلها. ومتى تقرر ذلك فإن الواقعة المنشئة لهذه الضريبة والتي يحدد بموجبها المركز القانوني للشخص هي واقعة التوثيق بالنسبة للعقود الرسمية وواقعة التصديق على التوقيعات في العقود العرفية، ذلك أن المشرع أوجب تحصيل هذه الضريبة عند التوثيق أو التصديق، فلا يجوز بعدئذ المساس بحقوق الأفراد المتعلقة بفئة هذه الضريبة التي تحددت طبقاً للقانون المعمول به وقت تحصيلها، ولو صدر تشريع جديد برفعها قبل إتمام التسجيل، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعن التي يطلب بموجبها رد مبلغ 1700 جنيه اضطر إلى دفعه لمصلحة الشهر العقاري لتمسكها به بسبب رفع فئة رسم تسجيل الهبة إلى 5% بالقانون رقم 134 لسنة 1951 الصادر في 15 من سبتمبر سنة 1951 رغم سداده لهذا المبلغ حال توثيق هذا العقد في 30 من يونيه سنة 1951 بواقع 3 و1/2% طبقاً للجدول الملحق بالقانون رقم 92 لسنة 1944 المعمول به وقتئذ، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ويتعين لما سبق بيانه تأييد الحكم المستأنف.

الطعن 1178 لسنة 47 ق جلسة 17 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 168 ص 931

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة رئيساً، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، وأحمد شلبي.

-----------------

(168)
الطعن رقم 1178 لسنة 47 القضائية

حيازة. "دعوى منع للتعرض".
دعوى منع للتعرض. تحقق أساسها بمجرد تعكير الحيازة والمنازعة فيها. لا يشترط في التعرض إلحاق ضرر بالحائز.

----------------
دعوى منع التعرض ترمي إلى حماية الحيازة، والتعرض الذي يصلح أساساً لرفعها يتحقق بمجرد تعكير الحيازة والمنازعة فيها، ولا يشترط في التعرض أن يكون قد ألحق ضرراً بالحائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 456 سنة 1973 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بمنع تعرضهما له في الممرات التي تتوسط المباني المبينة بالأوراق وإزالة ما قام به المطعون عليه الأول لتوسعة الكشك المؤجر له والموضح بصحيفة الدعوى وإعادته إلى نفس حالته ومساحته التي كان عليها، وقال بياناً للدعوى أن وزارة الأوقاف أنشأت ثلاثة عمارات تفصل بينها ممرات مشتركة، وقد استأجر إحدى هذه العمارات منذ سنة 1941 لاستغلالها كفندق، بينما استأجرت المحلات التي يمثلها المطعون عليه الأول مساحة محددة بأحد الممرات آنفة الذكر أقيم عليها كشك زجاجي، وبتاريخ 25/ 1/ 1973 قام المطعون عليه الأول بتوسعة الكشك المذكور على مساحة من أرض الممر استأجرها من المطعون عليه الثاني، مما يعتبر تعرضاً للطاعن في استعمال جزء من الممر مخصص لانتفاعه فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 6/ 11/ 1973 حكمت المحكمة بمنع تعرض المطعون عليهما للطاعن في الممرات سالفة الذكر وإزالة التوسعة التي قام بها المطعون عليه الأول في الكشك آنف الذكر. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة أولهما بالاستئناف رقم 5785 سنة 90 وثانيهما بالاستئناف رقم 5798 سنة 90 ق مدني طالبين إلغاءه وبتاريخ 3/ 1/ 1977 حكمت المحكمة بالانتقال لمعاينة الممرات والكشك موضوع النزاع، بعد إجراء المعاينة حكمت المحكمة بتاريخ 23/ 5/ 1977 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن إقامة المطعون عليه الأول ملحقاً للكشك موضوع النزاع بتوسعة طر له لا تعتبر تعرضاً لحيازة الطاعن لأنها لم تؤثر على سعة الممر المقام به الكشك والمؤدي إلى مدخل فندق الطاعن، وإذ كانت دعوى منع التعرض ترمي إلى حماية الحيازة، فإن مجرد تحقق التعرض فيها يكفي لقبول هذه الدعوى، غير أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن دعوى منع التعرض إنما ترمي إلى حماية الحيازة والتعرض الذي يصلح أساساً لرفعها يتحقق بمجرد تعكير الحيازة والمنازعة فيها، ولا يشترط في التعرض أن يكون قد ألحق ضرراً بالحائز، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن ما قام به المطعون عليه الأول من زيادة طول الكشك محل النزاع وتوسعته لم يؤثر على سعة المرور آنف الذكر أو يعوق استعمال الطاعن له رغم ما في ذلك من منازعة في حيازة الطاعن، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعنان 1185 ، 1203 لسنة 14 ق جلسة 22 / 4 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 62 ص 412

جلسة 22 من إبريل سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

------------------

(62)

القضيتان رقما 1185 و1203 لسنة 14 القضائية

(أ) دعوى "حكم فيها".
فتح باب المرافعة في الدعوى لا يستلزم إعلان الخصوم إذا لم يكونوا حاضرين - أساس ذلك.
(ب) حكم - خطأ مادي.
صدور الحكم من محكمة مشكلة برئاسة وكيل مجلس الدولة - تضمنه أن المحكمة مشكلة برئاسة وكيل النيابة الإدارية - خطأ مادي لا يؤدي إلى بطلان الحكم.
(ج) عاملون بالقطاع العام "تأديب. جزاءات تأديبية":
اشتمال نص المادة السادسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 على الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين بالشركات والجمعيات والهيئات الخاصة - صدور تشريعات بعد هذا القانون تنظم أوضاع العاملين بالقطاع العام وتشتمل على الجزاءات التأديبية يجوز توقيعها عليهم - أثر ذلك - زوالا مقتضى تطبيق نص المادة السادسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 والتزام السلطات التأديبية بتوقيع الجزاءات الواردة في التشريعات الجديدة دون غيرها - بيان ذلك.

-----------------
1 - إن المادة 173 من قانون المرافعات لا تتطلب عند فتح باب المرافعة إعلان طرفي النزاع وكل ما تطلبته هو أن يكون فتح باب المرافعة لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر وهذا ما حرصت المحكمة على إثباته في محضر بالجلسة، إذ قررت أن إعادة الدعوى للمرافعة كان بسبب تغير الهيئة ويضاف إلى ذلك أنه من المبادئ الأساسية في فقه المرافعات أنه إذا حضر المدعى عليه في أية جلسة أو أودع مذكرة بدفاعه اعتبرت الخصومة حضورية في حقه ولو تخلف بعد ذلك، كما أن النظام القضائي بمجلس الدولة يقوم أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفهية وإن كان للمحكمة أن تطلب إلى الخصوم أو إلى المفوض ما تراه لازماً من إيضاحات ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطاعن قد قدم العديد من المذكرات المشتملة على دفاعه فإنه لا يكون هناك ثمة إخلال بحقه في الدفاع ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لا يستند على أساس من القانون.
2 - إن الثابت من الاطلاع على الحكم أن المحكمة كانت مشكلة برئاسة السيد الأستاذ وكيل مجلس الدولة فإذا ذكر أمام اسمه كلمة وكيل النيابة الإدارية فإن هذا لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقع عند نقل الحكم المطعون فيه من المسودة ولا يمكن أن ينال ذلك من صحة شكل الحكم المطعون فيه.
3 - يبين من تقصي الأحكام الخاصة بتأديب العاملين بالقطاع العام، أنه بتاريخ 15 من يناير سنة 1959 أصدر المشرع القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه، وبموجبه امتد اختصاص النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية إلى العاملين بالمؤسسات والهيئات العامة والعاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، والعاملين بالشركات التي تساهم فيها الحكومة أو المؤسسات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن لها حداً أدنى من الأرباح: وإذا كان المكان الطبيعي لتحديد المخالفات التأديبية والجزاءات التي يجوز للسلطات التأديبية توقيعها على العاملين، هو تشريعات التوظف غير أنه نظراً لأنه لم يكن قد صدرت بعد حتى تاريخ نفاذ ذلك القانون أية تشريعات تنظم شئون التوظف الخاصة بالعاملين بالشركات، فقد ضمن المشرع المادة السادسة من القانون المشار إليه الجزاءات التي يجوز للمحاكم التأديبية توقيعها على هؤلاء العاملين، وعقب صدور القوانين الاشتراكية في سنة 1961 التي ترتب عليها أيلولة عدد كبير من الشركات والمنشآت والمؤسسات الخاصة إلى الدولة، اتجه المشرع إلى تنظيم أوضاع العاملين بجهات القطاع العام بموجب قرارات تنظيمية عامة، تضمنت أحكام التوظف الخاصة بهم، وتحديد واجباتهم والأعمال المحظورة عليهم، وأوضاع التحقيق معهم وتأديبهم والجزاءات التي يجوز للسلطات التأديبية توقيعها عليهم سواء كانت المحاكم التأديبية أو السلطات الرئاسية. وليس من شك في أن المحاكم التأديبية تلتزم بتوقيع العقوبات المنصوص عليها في تشريعات التوظف الخاصة بالعاملين في القطاع العام، ولو اختلفت هذه العقوبات عن العقوبات الواردة في القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه، ذلك لأنه كما سبق القول، لم يضمن المشرع المادة السادسة تلك العقوبات إلا بسبب عدم وجود التشريعات المنظمة لأحكام التوظف الخاصة بهؤلاء العاملين، فإذا ما وجدت هذه التشريعات وتضمنت العقوبات التي قدر المشرع أنها تتلاءم مع طبيعة العلاقة التي تربط هؤلاء العاملين بالجهات التي يعملون فيها، فقد زال مقتضى تطبيق نص المادة السادسة المشار إليها والتزمت السلطات التأديبية بما فيها المحاكم التأديبية بتوقيع العقوبات الواردة في اللوائح الجديدة دون غيرها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 23 من إبريل سنة 1967 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لموظفي الدرجة الثانية فما فوقها تقرير اتهام ضد كل من.... مدير إدارة الاستثمار والتمويل بالمؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة والمندوب المفوض على شركة القمصان والملابس العربية سابقاً بمرتب 104 جنيهات شهرياً.... عضو مجلس الإدارة المنتدب بشركة محلات شيكوريل الكبرى ومنتدب للإشراف على الإدارة المالية والتجارية بشركة القمصان والملابس العربية بمرتب 1450 جنيهاً سنوياً و.... كاتبة حسابات بالإدارة المالية بشركة القمصان والملابس العربية بمرتب شهري قدره 12 جنيهاً شهرياً لأنهم خلال عام 1964 و1965 بشركة القمصان والملابس العربية التابعة للمؤسسة المصرية الاستهلاكية خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يحافظوا على أموال الشركة محافظتهم على أموالهم الخاصة بأن: -
المتهم الأول: بصفته مندوباً مفوضاً على شركة القمصان والملابس العربية خلال المدة من 1/ 9/ 1963 حتى 5/ 4/ 1965.
1 - لم يتبع الإجراءات الصحيحة في مناقصة بناء مصنع الشركة وانفرد بالبت في العطاءات المقدمة في هذه المناقصة دون تشكيل لجنة من المختصين للبت فيها وقام بممارسة أحد مقدمي العطاءات دون الباقين مخالفاً بذلك القواعد الخاصة بالمناقصات.
2 - تراخي في التعاقد مع شركة صدقي الهندسية التي اسند إليها تنفيذ العملية مما دعاها إلى المطالبة برفع قيمة العطاء المقدم منها بالنسبة للأعمال الاعتيادية فوافقها على ذلك الأمر الذي أدى إلى إلحاق ضرر مالي بالشركة.
3 - لم يتخذ الإجراءات الواجبة للمحافظة على أموال الشركة بأن تنازل لشركة صدقي الهندسية عن الأنقاض المختلفة عن عملية هدم المخازن مقابل مصاريف الهدم دون التحقق من أن هذا التنازل في صالح الشركة.
المتهم الثاني: بصفته المشرف على الأعمال المالية والتجارية بالشركة تراخي في تنفيذ ما كلف به من إخلاء بعض مخازن الشركة وتسليمها لشركة صدقي الهندسية التي أسندت إليها عملية بناء مصنع الشركة مما أدى إلى توقفها عن العمل ومطالبتها بتعويض عن الخسائر التي لحقت بها نتيجة لذلك.
المتهمة الثالثة: أهملت في المحافظة على المستندات المسلمة إليها والخاصة بالناقصة موضوع التحقيق مما أدى إلى فقد بعضها وبناء عليه يكون العاملون المذكورون قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المواد 51/ ج: د، 53 من القرار الجمهوري رقم 3546/ 1962 وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمواد 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958، 4، 5 من القانون رقم 19 لسنة 1959 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966.
وبجلسة 4 من مايو سنة 1968 قضت المحكمة التأديبية في الدعوى:
(أولاً) بالنسبة للمخالف الأول.... بإدانته في المخالفات المنسوبة إليه وتوقيع جزاء اللوم عنها.
(ثانياً) بالنسبة للمخالف الثاني.... برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بإدانته في المخالفة المنسوبة إليه وتوقيع جزاء اللوم عنها.
(ثالثاً) بالنسبة للمخالفة الثالثة.... بإدانتها في المخالفة المنسوبة إليها وتوقيع جزاء الخصم من راتبها لمدة عشرة أيام.
وقد أقامت المحكمة قضاءه فيما يتعلق برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن مجمل هذا الدفع أن المادة 60 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 قد حددت الجزاءات التي يكون لرئيس مجلس الإدارة توقيعها على العاملين شاغلي الوظائف من الفئة الثانية وما يعلوها وحددت الجزاءات التي تملك المحاكم التأديبية توقيعها على العاملين من الفئة الثانية وما يعلوها. ولما كانت النيابة الإدارية لم تطلب الحكم بأقصى العقوبة كما أنها لم تطلب الحكم بعقوبات معينة مما يندرج في اختصاص المحكمة التأديبية فإن هذه المحكمة والحالة هذه تكون غير مختصة، وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بقولها إنه ولئن كانت المادة 60 سالفة الذكر قد تناولت بالتنظيم سلطة توقيع العقوبات وطريقة التظلم منها والطعن فيها واستهدفت تحديد السلطة المخولة لرئيس مجلس الإدارية في هذا الشأن إلا أنها لم تتناول بالتعديل سلطة المحكمة التأديبية في توقيع الجزاء المناسب ومن ثم فإن المحكمة التأديبية لها كامل الولاية في توقيع أي عقوبة تراها مناسبة إذا كانت المخالفة المنسوبة للعامل لا تستوجب عقوبة أشد، هذا فضلاً عن أن القواعد الأصولية المسلم بها أن من يملك الأكثر يملك الأقل وبديهي أن المنع لا يكون إلا بنص صريح وبالتالي فإن ما أوردته المادة 60 لا يحول بين المحكمة التأديبية وبين إيقاع كافة العقوبات المنوطه بها وفقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 إذ ما رفعت الدعوى إليها دون أن يكون لما تطلبه النيابة الإدارية أي أثر في ذلك وانتهت المحكمة إلى رفض الدفع بعدم الاختصاص. ثم تعرضت المحكمة للدفع الذي أثاره المتهم الثاني.... وفحواه أن المادة 58 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 تقضي بأنه لا يجوز توقيع عقوبة على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وأنه لما كانت النيابة الإدارية قد سمعت أقواله لأول مرة في 31/ 8/ 1966 بعد حلف اليمين بصفته شاهد إثبات كما سئل في 4/ 1/ 1966 كشاهد إثبات أيضاً ولم يوجه إليه أي اتهام ليبدي دفاعه بشأنه وتكون الضمانات التي نص عليها القانون قد أهدرت وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بأن النصوص الواردة في شأن تأديب العاملين سواء في قانون تنظيم النيابة الإدارية أو لائحة نظام العاملين المشار إليها لا توجب إفراغ التحقيق في شكل معين وكل ما تهدف إليه هو أن يتم التحقيق وفق الأصول العامة وبمراعاة الضمانات الأساسية تحقيقاً للعدالة فإذا تحقق ذلك واستجوب العامل في وقائع الاتهام ووجه بما هو منسوب إليه ومكن من إبداء دفاعه فإن الغاية التي استهدفها المشرع من ذلك تكون قد تحققت. ولما كان الثابت أن النيابة الإدارية قامت بالتحقيق مع هذا المتهم وواجهته صراحة بما هو منسوب إليه وذلك بجلسة 9/ 1/ 1967 صفحة 61 من التحقيق فإن هذا الدفع يكون في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إن المحكمة استعرضت بعد ذلك التهم المنسوبة إلى المتهمين الثلاثة فتناولت أولاً: المخالفات الثلاث المنسوبة إلى المتهم الأول السيد/ .... والتي سبق بيانها بتقرير الاتهام وانتهت إلى أنها جميعاً ثابتة قبله ففيما يتعلق بالمخالفة الأولى من أنه لم يتبع الإجراءات الصحيحة في مناقصة بناء مصنع الشركة وانفرد بالبت في العطاءات المقدمة في هذه المناقصة دون تشكيل لجان من المختصين للبت فيه وقام بممارسة أحد مقدمي العطاءات دون الباقين مخالفاً بذلك القواعد الخاصة بالمناقصات فإن المتهم الأول وقد كان مندوباً مفوضاً على الشركة لم يشكل لجنة للبت وانفرد بإجراءات المناقصة إلى الحد الذي أخرجها عن طبيعتها كمناقصة إلى عملية ممارسة واتفاق مباشر ولا حجة فيما يثيره هذا المتهم من أن اللجنة التي شكلها لفتح المظاريف تولت عملية البت في العطاءات إذ فضلاً عن عدم قيام دليل على ذلك من الأوراق فإن لكل من لجنتي فتح المظاريف والبت مهمة واختصاص مستقل عن الأخرى. كما أنه لا يجوز إسناد العمليتين إلى لجنة واحدة وذلك لصالح الشركة ذاتها ولكفالة المساواة بين المتناقصين جميعاً ولاختيار أصلح العطاءات وهذا ما توجبه القواعد العامة ولا أدل على أن المتهم انفرد بإجراءات البت في المناقصات من أنه قبل عطاء تقدم به المهندس.... عن أساسات يدوية بعد فتح المظاريف في المناقصة وعن نوع من الأساسات لم تطرح المناقصة على أساسه ثم قام بممارسة شركة صدقي الهندسية - التي لم تقدم عطاء بالنسبة لعملية الأساسات - على هدى عرض المندس.... المشار إليه ثم على أساس عرض شركة الحماقي وهو أحد المتناقصين مهدراً بذلك عملية المناقصة والمراكز التي تحددت للمتناقصين بعد فتح المظاريف. وبذلك يكون قد ثبت في حق المندوب المفوض على الشركة عدم اتباع الإجراءات الصحيحة في مناقصة بناء مصنع الشركة.
أما بالنسبة للمخالفة الثانية من الاتهام وهي أنه تراخى في التعاقد مع شركة صدقي الهندسية مما ترتب عليه رفع قيمة العطاء المقدم منها بالنسبة للأعمال الاعتيادية فالحق بذلك ضرراً مالياً بالشركة فإن الثابت مما تقدم أن المتهم لم يلتزم باتباع الإجراءات السليمة في المناقصة مما أدى إلى سلسلة من الأخطاء تتمثل في حرصه على ممارسة شركة صدقي الهندسية لتقوم بعملية الأساسات وتخبطه في الإجراءات معها إذ اتفق أولاً مع هذه الشركة على أن تكون أساسات المصنع يدوية (ستراوس) بتخفيض 2% من عرض المقاول....، على الرغم من أن المناقصة كانت تتطلب أن تكون الأساسات ميكانيكية وقد بلغ إجمالي العملية بعد هذا التعديل في مواصفات الأساسات 43630 جنيهاً و710 مليمات ثم تراخى وطلب من شركة صدقي مد عطائها فقبلت على أساس زيادة الأعمال الاعتيادية 15% فوافق على ذلك وحرر معها عقداً في 11/ 8/ 1964 بإجمالي 44757 جنيهاً و710 مليمات لكنه لم ينفذ هذا العقد بدعوى أن مهندس العملية لم يقبل هذا النوع من الأساسات اليدوية (ستراوس) مصراً على أن تكون ميكانيكية وهذا يؤكد تخبط المتهم في الإجراءات التي اتبعها لأنه من المفروض أن يكون رأي مهندس المشروع محل اعتبار منذ البداية، وقد اقتضى ذلك من المتهم الأول العودة إلى ممارسة شركة صدقي الهندسية للقيام بعملية الأساسات الميكانيكية وذلك على أساس العرض الذي تقدمت به شركة الحماقي في المناقصة، وهي الأساسات الميكانيكية (ستروميك) بخفض مقداره 2% من هذا العرض وقد كان الواجب على المتهم وقد تصدى لهذا العمل منفرداً المبادرة إلى قبول عطاء شركة صدقي الهندسية عن الأعمال الاعتيادية وإسناد عملية الأساسات إلى صاحب أقل العطائين المقدمين عن هذا الجزء من المناقصة وهو عطاء شركة الحماقي طالما رأى عدم جدوى إعادة طرح المناقصة عن هذا الشق منها وكان بذلك قد تجنب الأخطاء التي وقعت، وتوفير الوقت الذي ضاع على الشركة وكان من نتيجة كل ذلك تحرير العقد الأخير مع شركة صدقي في 31 من ديسمبر سنة 1964 وعلى أساسه بلغ إجمالي العملية 48954 جنيهاً و70 مليماً وبذلك زادت أسعار الأعمال الاعتيادية عما كانت عليه في عملية المناقصة دون مبرر وانتهت المحكمة إلى أن هذه المخلفة ثابتة بدورها في حق المندوب المفوض أما الاتهام الخاص بتنازل المندوب المفوض عن الأنقاض المتخلفة من عملية هدم المخازن لشركة صدقي الهندسية مقابل مصاريف الهدم دون التحقق من أن هذا التنازل في صالح الشركة فإن الثابت من مطالعة البند التاسع من العقد المؤرخ 31/ 12/ 1964 أن جميع أنقاض المباني التي في موقع العمل والمكونة من عنبرين ودورتي مياه يكون من حق شركة صدقي الهندسية مقابل أعمال الهدم عدا الكرينال والأدوات الصحية المركبة في هذه المباني فتكون حقاً لشركة القمصان والملابس وواضح أن المندوب المفوض قدر أن قيمة الأنقاض ما عدا الكرينال والأدوات الصحية تساوي مصاريف الهدم التي تتحملها شركة صدقي الهندسية وظاهر من الأوراق أن هذا التقدير تم بطريقة جزافية دون أخذ رأي أهل الخبرة في ذلك وبالتالي يكون مسئولاً عن هذه المخالفة. ووقعت المحكمة على المخالف عقوبة اللوم.
ومن حيث إن المحكمة تناولت بعد ذلك المخالفة المنسوبة إلى المتهم الثاني السيد/ .... من أنه تراخى في تنفيذ ما كلف به من إخلاء بعض مخازن الشركة وتسليمها لشركة صدقي الهندسية التي أسندت إليها عملية بناء مصنع الشركة مما أدى إلى توقفها عن العمل ومطالبتها بتعويض عن الخسائر التي لحقت بها نتيجة لذلك فقالت في أسباب حكمها أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن شركة صدقي الهندسية طلبت من شركة القمصان والملابس العربية إخلاء باقي موقع العملية وتسليمها المخزنين الباقيين لهدمهما حتى يمكن الانتهاء من عملية الأساسات، وكان ذلك بموجب مكاتبات متكررة منذ شهر إبريل سنة 1965 وقد كلف المندوب المفوض الجديد على الشركة السيد/ .... المتهم بصفته المدير المالي والتجاري بإخلاء هذين المخزنين وتسليمهما للشركة المذكورة ولكنه تراخى في التنفيذ مما اضطر شركة صدقي الهندسية إلى التوقف عن العمل والمطالبة بتعويض عما لحقها من أضرار، وهذه الواقعة ثابتة من أقوال المندوب المفوض المذكور ومن تأشيرته المثبتة على كتاب المؤسسة المؤرخ 21/ 8/ 1965 والمتضمنة سبق تكليفه للمتهم مراراً بإنجاز هذه المهمة بل لقد سبق إن كلف المتهم بهذا العمل من جانب المندوب المفوض السابق السيد/ .... قبل تركة العمل بشركة القمصان والملابس ولكنه لم ينفذ ما طلب منه، وهذا ما شهد به في التحقيقات المهندس.... صاحب شركة صدقي الهندسية بل إن المتهم لم ينكر في أقواله أن السيد/ .... كان قد طلب منه نقل البضائع الموجودة بالمخازن إلى مكان أخر ولو أنه تعلل يتعذر ذلك لعدم وجود المكان المناسب لنقل البضائع إليه وأن المتهم المذكور لم يولي العمل الذي كلف به العناية الكافية وكان يكتفي تارة بإلقاء التبعة على رئيس المخازن وتارة بتكليف مراقب الأمن بالبحث عن مخزن خال وتارة أخرى بتبادل المكاتبات مع المندوب المفوض على الشركة فيما لا طائل تحته وظل الوضع بذلك يدور في حلقة مفرغة أما ما أثاره المتهم من دفاع يعزو فيه سبب توقف العمل بالموقع إلى مخالفة شركة صدقي لشروط ومواصفات المدن تارة وتارة أخرى إلى عدم سداد مطلوبات هذا الشركة أو لعدم دراسة التصميمات اللازمة لبناء المصانع أو لأنه لم يكن مختصاً بهذا العمل وأن المسئول عن ذلك هو رئيس المخازن فإن جميع هذه الأسباب فضلاً عن تضاربها وعدم قيام دليل عليها لا تعدو أن تكون أعذاراً قصد بها دفع التهمة وإلقاء التبعة على غيره وخلصت المحكمة إلى مسئولية المتهم عن هذه المخالفة ووقعت عليه جزاء اللوم.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمتهمة الثالثة.... من أنها أهملت المحافظة على المستندات المسلمة إليها والخاصة بالمناقصة موضوع التحقيق مما أدى إلى فقد بعضها فقد قالت المحكمة أن هذه المتهمة قد أقرت في التحقيقات بأنها تسلمت هذه المستندات إلا أن المندوب المفوض على الشركة كان قد طلبها فسلمتها بملفها إلى سكرتيره السيد/ .... دون أن يوقع باستلامها وقد ثبت صحة أقوال هذه المتهمة من قيام السيد/ .... بتسليم الملف المذكور للمهندس.... ليتولى العمل الذي كان قد كلف به من المؤسسة، وأن هذا الملف سلم أخيراً على النيابة الإدارية إلا أن المحكمة رأت أن هذا لا ينال من مسئولية المتهمة إذ كان يجب عليها أن تلزم جانب الحيطة والدقة في المحافظة على مثل هذا الملفات وما بداخلها من أوراق ومستندات هامة وهذا يفرض عليها معرفة ما بداخل الملف وتعلية أوراقه والمستندات التي به وترقيمها وأن تكون حركات هذه الملفات محكومة بالقواعد الإدارية الموضوعة لهذا الغرض وأخصها رصد حركتها في السجلات وتسليمها بالإيصال اللازم فإذا كانت لم تتخذ الحيطة الواجبة في عملية تسليم هذا الملف فإنها تكون مسئولة عن تقصيرها في هذا الشأن مما يقتضي مساءلتها ومجازاتها بالخصم من راتبها لمدة عشرة أيام.
ومن حيث إن مبنى الطعن الذي أقامه السيد/ .... أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية:
أولاً: عن الدفع بعدم الاختصاص: ومحصله أن المحكمة التأديبية العليا لا تختص بنظر الدعوى لأن النيابة الإدارية لم تطلب في تقرير الاتهام توقيع عقوبة الفصل بل طلبت عقاب المتهمين بالمادة 59 من القرار رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بالقرار رقم 802 لسنة 1967 وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع مردود بأن القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 قد صدر بعد صدور القانون رقم 19 لسنة 1959 وفي هذا القرار تحديد لاختصاص رئيس مجلس الإدارية ولاختصاص المحكمة التأديبية ولما كان القانون اللاحق ينسخ القانون السابق فيما تضمنه من أحكام مخالفة ومن ثم فإن ما جاء بالمادة 60 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 معدلاً بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 يعتبر معدلاً لاختصاص المحكمة التأديبية إذ انتزعت بعض ما كان من اختصاصها وأسندته إلى رئيس مجلس الإدارة ولا حجة فيما تقول به المحكمة من أن من يملك الأكثر يملك الأقل لأن ذلك يتعارض مع توزيع الاختصاص ودرجات التقاضي وهي الأحكام التي استحدثها المشرع في المادة 60 سالفة الذكر.
ثانياً: عن الدفع بعدم القبول وأساس هذا الدفع أن المادة 58 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 تقضي بأنه لا يجوز توقيع عقوبة على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه والحال في هذه الدعوى أن الطاعن سمعت أقواله كشاهد إثبات بعد حلف اليمين ولم يوجه الاتهام إليه صراحة حتى يبدي دفاعه على عكس ما ذهبت إليه المحكمة التأديبية.
ثالثاً: بطلان الحكم المطعون فيه ويندرج تحت هذا السبب وجهان أحدهما بطلان الإجراءات وثانيهما الخطأ في البيانات الجوهرية للحكم أما عن بطلان الإجراءات فإن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى هي غير الهيئة التي أصدرت الحكم بجلسة 4/ 5/ 1968 إذ استبدل بالسيد المستشار محمد بهجت عتيبه السيد المستشار محمد عوض الله مكي مما يستتبع بطلان الحكم إعمالاً لنص المادة 339 من قانون المرافعات وقد عمدت الهيئة إلى تصحيح هذا البطلان بإصدار قرار في جلسة 2/ 3/ 1968 يقضي بإعادة الدعوى للمرافعة لجلسة ذلك اليوم لتغير الهيئة ثم حجزت الدعوى للحكم بجلسة 6 من إبريل سنة 1968، دون أن يكون أحد المخالفين حاضراً وصدر الحكم المطعون فيه بجلسة 4/ 5/ 1968 ووجه البطلان يتمثل في عدم إعلان الطاعن بقرار إعادة الدعوى للمرافعة والحضور لإبداء دفاعه أمام الهيئة الجديدة التي أصدرت الحكم بالمخالفة لصريح نص المادة 339 ومفهوم نص المادة 344 مرافعات، والوجه الثاني ومؤداه الخطأ في البيانات الجوهرية للحكم فإن الثابت بصدر الحكم المطعون فيه أن المحكمة التي أصدرته مشكلة برئاسة وكيل النيابة الإدارية وهذا غير صحيح لأنها كانت مشكلة برئاسة وكيل مجلس الدولة والخطأ في ذكر هذه الصفة بالحكم خطأ جسيم يترتب عليه بطلان الحكم عملاً بنص المادة 349 من قانونه المرافعات.
رابعاً: مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون فقد أخطأت المحكمة في القانون عندما وقعت على الطاعن عقوبة اللوم إعمالاً لحكم المادة 4 من القانون رقم 19 لسنة 1959 الخاص بالنيابة الإدارية بينما الجزاءات التي يجوز توقيعها على العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها قد حددتها المادة 59 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 وليس من بينها عقوبة اللوم وقد نسخت هذه المادة ما كان سارياً من أحكام في ظل القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه.
خامساً: خطأ الحكم المطعون فيه في الإسناد ومخالفة ما هو ثابت في الأوراق إذ أنه لم يثبت من التحقيقات ما يؤيد إدعاء المندوب المفوض بأنه كلف الطاعن مراراً بإنجاز هذه المهمة وهذه الواقعة التي أسس عليه الحكم قضاءه كان يتعين تحقيقها ولا يجوز مطلقاً الاستناد فيها إلى مجرد أقوال المندوب المفوض لأنه هو الذي كان متهماً أصلاً في هذه العملية وتوجد ضغائن بينهما كما أن الطاعن كان منتدباً فقط للإشراف على الإدارة المالية والتجارية وهذا العمل لا شأن له بإخلاء المخازن التي تخص المدير الإداري ورئيس المخازن تحت إشراف المندوب المفوض كما أن لا يجوز الاعتداد بشهادة المهندس.... لأن الطاعن كان يقف لهذا المهندس بالمرصاد في مخالفاته مواصفات البناء هذا فضلاً عن أن الطاعن بذل جهده للمعاونة في حل هذه المشكلة رقم عدم اختصاصه بأدائها وقد رفض المندوب المفوض كل اقتراح تقدم به الطاعن بل ورفض هدم المخزن الذي تمكن الطاعن من إخلائه في 3/ 9/ 1965 بقصد عدم تنفيذ مشروع المباني الذي تعاقد عليه سلفه السيد/ .... ومحاولته أن يستبدل به مشروعاً أخر يتكلف 160000 جنية يتعاقد عليه ويقوم على تنفيذه وانتهى الطاعن إلى أن الاتهام المنسوب إليه لا يستند إلى أساس.
ومن حيث إن مبنى طعن السيد مدير النيابة الإدارية أن الحكم المطعون فيه قد صدر بالمخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أوقع عقوبة اللوم على كل من المتهمين الأول والثاني والخصم من المرتب لمدة عشرة أيام بالنسبة للمتهمة الثالثة وذلك تطبيقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 ذلك لأن نص المادة السادسة من القانون المشار إليه قد نسخت بالنسبة للعاملين بالمؤسسات العامة وشركاتها بمقتضى القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بنظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الذي تضمن الجزاءات الجائز توقيعها على هؤلاء وامتد إلى موظفي المؤسسات العامة بالقرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 وقد تضمن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 العقوبات الجائز توقيعها على هؤلاء العاملين ولما كان الثابت أن المتهمين من العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها فإن العقوبات الجائز توقيعها هي تلك التي أوردتها المادتان 59، 60 من نظام العاملين بالقطاع العام معدلتين بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 والتي ليس من بينها جزاء اللوم على أنه إذا فرض جدلاً انطباق القانونين رقمي 117 لسنة 1958، 19 لسنة 1959 فإن توقيع عقوبة اللوم على المطعون ضده الثاني تكون غير جائزة باعتبار أن القانون رقم 19 لسنة 1959 قد فرق بين الجزاءات التي توقع على العاملين بالشركات وتلك التي توقع على العاملين بالمؤسسات العامة فعددت المادة 6 من القانون رقم 19 لسنة 1959 الجزاءات التي توقع على العاملين بالشركات والتي تتراوح بين الإنذار والعزل وليس من بينها عقوبة اللوم.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من طعن السيد محمود أحمد عبد الجليل والمتعلق بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى فإن المحكمة العليا قضت بجلسة 3 من يوليو سنة 1971 في الدعوى رقم 4 لسنة 1 القضائية (دستورية) بعدم دستورية حكم المادة 60 المشار إليها فيما تضمنه من تعديل اختصاص المحاكم التأديبية المنصوص عليها في القانون رقم 19 لسنة 1959 بسريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية المحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة، ومن ثم تكون المحكمة الأديبة في ظل اللائحة المشار إليها، هي المختصة وحده بإيقاع الجزاء بالطاعن طبقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه، ولم يتغير هذا الواضع بصدر القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العملين بالقطاع العام الذي عمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1971، ذلك لأنه وإن كانت المادتان 49، 50 منه قد خولتا السلطات الرئاسية سلطة واسعة في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها تصل إلى حد توقيع عقوبة الفصل من الخدمة على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثالث عدا أعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين كما خولها سلطات تأديبية واسعة بالنسبة للعاملين شاغلي وظائف المستويين الثاني والأول وكذلك على العاملين شاغلي وظائف مستوى الإدارة العليا على النحو المبين المادتين سالفتي الذكر بينما نصت المادة 49 المذكورة على أن يكون للمحكمة التأديبية المختصة سلطة توقيع جزاءات خفض المرتب وخفض الوظيفة وخفض المرتب والوظيفة معاً على العاملين شاغلي وظائف الإدارة العليا وتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثاني وما يعلوه. إلا أن هذه الأحكام لم تنطو صراحة أو ضمناً على ما يدل على اتجاه المشرع إلى قصر سلطة المحكمة التأديبية وهي بصدد ممارسة اختصاصها في تأديب العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثاني وما يعلوه وأعضاء مجالس إدارة الشركات النقابة وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين على توقيع الجزاءات الواردة في البند الثالث من الفقرة ثانياً والبند الثالث من الفقرة ثالثاً من المادة (49) السالفة الذكر دون الجزاءات التأديبية الأدنى منها والتي قد تراها المحكمة التأديبية مناسبة في الحالة المطروحة عليها إذ أن كل ما استهدفه القانون رقم 61 لسنة 1971 المذكور هو بيان حدود السلطات الموسعة التي منحها للسلطات الرئاسية في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين دون ثمة قيد على سلطة المحاكم التأديبية في توقيع أحد الجزاءات الملائمة التي تضمنتها المادة 48 من القانون إذا ما قام دليل على إدانة المخالف المحال إليها أو الحكم ببراءته إذا ثبت له غير ذلك. ولما كان القانون رقم 61 لسنة 1971 لم يلغ العمل بأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 السالف الإشارة إليه ولم ينسخه فيما تضمنه من أحكام من اعتبار المحكمة التأديبية هي صاحب الولاية العامة في تأديب العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، لما كان الأمر كذلك فإن ولاية المحكمة التأديبية في محاكمة من يحال إليه من العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثاني وما يعلوه وأعضاء مجالس إدارات التشكيلات النقابية ومجالس الإدارات المنتخبين تنبسط شاملة سلطة تقدير قيام المخالفة المسندة إليهم في الواقع والقانون وتقدير الجزاء التأديبي الذي تراه مناسباً لها من بين الجزاءات المنصوص عليها في المادة 48 من القانون رقم 61 لسنة 1971.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن السيد/ محمود أحمد عبد الجليل عضو مجلس الإدارة - المنتدب بشركة محلات شيكوريل الكبرى ومنتدب للإشراف على الإدارة المالية والتجارية بشركة القمصان والملابس وأنه يتقاضى مرتباً قدره 1450 جنيهاً سنوياً ومن ثم تكون المحكمة التأديبية هي المختصة بتأديبه ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما انتهى إليه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية وباختصاصها للأسباب السالفة الذكر ويكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من الطعن السالفة الذكر والخاص بالدفع بعدم القبول فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه برفض هذا الدفع وذلك للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أساساً لحكمها.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن من بطلان الحكم المطعون فيه بمقولة أن الهيئة التي أصدرت الحكم لم تستمع إلى المرافعة كما أن المحكمة عندما أعادت الدعوى للمرافعة بجلسة 2/ 3/ 1968 كان يجب عليها إعلان الطاعن بذلك لإبداء دفاعه ولكنها لم تفعل وحجزت الدعوى للحكم في الجلسة ذاتها هذا النعي مردود بأن الهيئة التي أصدرت الحكم ووقعت عليه هي نفس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وقررت حجز القضية للحكم لجلسة 6/ 4/ 1968 ذلك لأن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحكمة التأديبية أن المحكمة قررت بجلسة 2/ 12/ 1967 إصدار الحكم بجلسة 3/ 2/ 1968 وصرحت المحكمة بتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع وبجلسة 3/ 2/ 1968 حضر السيد المستشار محمد عوض الله مكي بدلاً من المستشار محمد بهجت عتيبه ثم قررت المحكمة في هذه الجلسة من أجل النطق بالحكم لجلسة 2/ 3/ 1968 لإتمام بالمداولة وبجلسة 2 من مارس قررت المحكمة المشكلة بالهيئة الجديدة إعادة الدعوى للمرافعة لتغير الهيئة، ثم حجزت الدعوى للحكم على النحو الذي سبق بيانه وبذلك تكون المحكمة قد فتحت المرافعة في الدعوى وأعادت الإجراءات أمام الهيئة الجديدة. أما القول بأن فتح باب المرافعة يستلزم إعلان طرفي النزاع إذا لم يكونوا حاضرين لإبداء الدفاع فهو قول لا سند له من القانون، ذلك لأن المادة 173 من قانون المرافعات لا تتطلب عند فتح باب المرافعة إعلان طرفي النزاع وكل ما تطلبته هو أن يكون فتح باب المرافعة لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر وهذا ما حرصت المحكمة على إثباته في محضر بالجلسة، إذ قررت أن إعادة الدعوى للمرافعة كان بسبب تغير الهيئة ويضاف إلى ذلك أنه من المبادئ الأساسية في فقه المرافعات أنه إذا حضر المدعى عليه في أية جلسة أو أودع مذكرة بدفاعه اعتبرت الخصومة حضورية في حقه ولو تخلف بعد ذلك، كما أن النظام القضائي بمجلس الدولة يقوم أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفهية وإن كان للمحكمة أن تطلب إلى الخصوم أو إلى المفوض ما تراه لازماً من إيضاحات ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطاعن قد قدم العديد من المذكرات المشتملة على دفاعه فإنه لا يكون هناك ثمة إخلال بحقه في الدفاع ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لا يستند على أساس من القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما أثاره الطاعن من أنه شاب الحكم المطعون فيه البطلان إذ ورد بصدره أن المحكمة التي أصدرت الحكم مشكلة برئاسة السيد وكيل النيابة الإدارية مع أن المحكمة كانت مشكلة برئاسة السيد المستشار وكيل مجلس الدولة فإنه على غير أساس أيضاً ذلك أن الثابت من الاطلاع على الحكم أن المحكمة كانت مشكلة برئاسة السيد الأستاذ وكيل مجلس الدولة فإذا ذكر أمام اسمه كلمة وكيل النيابة الإدارية فإن هذا لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقع عند نقل الحكم المطعون فيه من المسودة ولا يمكن أن ينال ذلك من صحة شكل الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى موضوع الدعوى التأديبية فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من إدانة المخالفين الثلاثة للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لحكمها، ولم يتضمن الطعن المقدم من السيد/ محمود أحمد عبد الجليل جديداً لم يتناوله الحكم المطعون فيه بالرد، ومن ثم فإن الطعن بالنسبة إلى هذا الوجه يكون على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة لا وجه الطعن المتعلقة بالعقوبات التي أوقعها الحكم المطعون فيه على المخالفين الثلاثة ومدى مشروعيتها، فإنه [يبين من تقصي الأحكام الخاصة بتأديب العاملين بالقطاع العام: أنه بتاريخ 15 من يناير سنة 1959 أصدر المشرع القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه، وبموجبه امتد اختصاص النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية إلى العاملين بالمؤسسات والهيئات العامة والعاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، والعاملين بالشركات التي تساهم فيها الحكومة أو المؤسسات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن لها حداً أدنى من الأرباح، وإذا كان المكان الطبيعي لتحديد المخالفات التأديبية والجزاءات التي يجوز للسلطات التأديبية توقيعها على العاملين، هو تشريعات التوظف، غير أنه نظراً لأنه لم يكن قد صدرت بعد حتى تاريخ نفاذ ذلك القانون أية تشريعات تنظم شئون التوظف الخاصة بالعاملين بالشركات، فقد ضمن المشرع المادة السادسة من القانون المشار إليه الجزاءات التي يجوز للمحاكم التأديبية توقيعها على هؤلاء العاملين، وعقب صدور القوانين الاشتراكية في سنة 1961 التي ترتب عليها أيلولة عدد كبير من الشركات والمنشآت والمؤسسات الخاصة إلى الدولة، اتجه المشرع إلى تنظيم أوضاع العاملين بجهات القطاع العام بموجب قرارات تنظيمية عامة، تضمنت أحكام التوظف الخاصة بهم، وتحديد واجباتهم والأعمال المحظورة عليهم، وأوضاع التحقيق معهم وتأديبهم، والجزاءات التي يجوز للسلطات التأديبية توقيعها عليهم سواء كانت المحاكم التأديبية والسلطات الرئاسية. وليس من شك في أن المحاكم التأديبية تلتزم بتوقيع العقوبات المنصوص عليها في تشريعات التوظف الخاصة بالعاملين في القطاع العام، ولو اختلفت هذه العقوبات عن العقوبات الواردة في القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه، ذلك لأنه كما سبق القول، لم يضمن المشرع المادة السادسة تلك العقوبات إلا بسبب عدم وجود التشريعات المنظمة لأحكام التوظف الخاصة بهؤلاء العاملين، فإذا ما وجدت هذه التشريعات وتضمنت العقوبات التي قدر المشرع أنها تتلاءم مع طبيعة العلاقة التي تربط هؤلاء العاملين بالجهات التي يعملون فيها، فقد زال مقتضى تطبيق نص المادة السادسة المشار إليها والتزمت السلطات التأديبية بما فيها المحاكم التأديبية بتوقيع العقوبات الواردة في اللوائح الجديدة دون غيرها.
ومن حيث إنه لما كانت عقوبة اللوم التي أوقعها الحكم المطعون فيه بالمطعون ضدهما الأولين لم ترد في ضمن العقوبات يجوز توقيعها على العاملين في القطاع العام طبقاً للتشريعات المنظمة لشئون التوظف الخاص بهم والمنتهية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ويتعين لذلك تعديله وإيقاع جزاء من الجزاءات التي تضمنتها المادة 48 من هذا القانون تتناسب مع المخالفة التي ثبتت في حق كل من المطعون ضدهما، وتقدرها هذه المحكمة بالنسبة إلى المطعون ضده الأول بالإنذار مراعية في ذلك أن رائد المخالف الأول فيما ارتكب من مخالفات كان تنفيذ العملية بأقل الأسعار، وأما بالنسبة للمخالف الثاني فإن المحكمة تقدر العقوبة المناسبة لما وقع منه بالخصم من مرتبه لمدة خمسة عشرة يوماً.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المطعون ضدها الثالثة فإن الجزاء الموقع عليها يتناسب مع المخالفة التي ثبتت في حقها ومن ثم يكون طعن النيابة الإدارية بالنسبة إليها على غير أساس حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون عندما وقع على المخالفين الأول والثاني عقوبة اللوم ويتعين لذلك الحكم بتعديله ومجازاة المطعون ضدهما الأولين بالجزاء المشار إليه فيما تقدم ورفض الطعن فيما عدا ذلك مع إلزامهما بالمصروفات، أما بالنسبة إلى الطعن رقم 1185 لسنة 14 القضائية فهو على غير أساس ويتعين لذلك رفضه مع إلزام الطاعن بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وفي موضوعهما أولاً: بالنسبة إلى الطعن رقم 1203 لسنة 14 القضائية، بتعديل الحكم المطعون فيه وبمجازاة السيد.... بالإنذار والسيد/ .... بالخصم من مرتبه لمدة خمس عشر يوماً وبرفض الطعن فيما عدا ذلك وألزمت المطعون ضدهما الأول والثاني بالمصروفات. ثانياً: بالنسبة إلى الطعن رقم 1185 لسنة 14 برفضه وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 1598 لسنة 48 ق جلسة 15 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 168 ص 925

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، محمد طموم وزكي المصري.

-----------------

(168)
الطعن رقم 1598 لسنة 48 ق "ضرائب".

(1) ضرائب. دفاتر الممول. تفتيش.
دفاتر الممول. حتى موظفي مصلحة الضرائب ومندوبيها في الاطلاع عليها. مناطه. المواد 81 و82 و83 من القانون رقم 14 لسنة 1939. تفتيش مسكن الممول ومركز نشاطه. خضوعه للقواعد الخاصة به الواردة في قانون الإجراءات الجنائية باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق. عدم التزام المصلحة بهذه القواعد. أثره. بطلان التفتيش وبطلان الربط المستند مما أسفر عنه.
(2) ضرائب. ربط الضريبة. مشروعية الدليل.
ربط الضريبة. التزام مصلحة الضرائب في سبيله بمشروعية الدليل. قوانين الضرائب لا تعفيها من هذا الالتزام. القول بغير ذلك مخالف للدستور.
(3) نقض. "سبب الطعن".
دفاع جديد يخالطه رافع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - إن القانون رقم 14 لسنة 1939 بشأن الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية قد نظم في المادتين 81 و82 منه حتى الاطلاع على دفاتر الممولين التي تلزمهم القوانين بإمساكها وكذلك غيرها من المحررات والدفاتر والوثائق الملحقة وأوراق الإيرادات والمصروفات، وأعطي هذا الحق لموظفي مصلحة الضرائب ومندوبيها وفرض في المادة 83 منه عقوبة جنائية على الامتناع عن تقديم هذه الدفاتر والأوراق فضلاً عن التهديدات المالية التي قررها لإلزام الممولين بتقديمها، ولكنه لم يتعرض للتفتيش ومن ثم يتعين الرجوع بشأنه إلى القواعد الخاصة به والتي وردت في قانون الإجراءات الجنائية باعتباره عملاً من أعمال التحقيق لا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من السلطة المختصة وحيث تتوافر لدلائل الكافية على وقوع جريمة من جرائم التهرب الضريبي، وإذ كان الثابت بالأوراق أن تفتيش مسكن المطعون ضده ومكتبه للمحاماة.... الذي أسفر عن ضبط أوراق ومستندات اعتمدت عليها المصلحة الطاعنة في الربط الإضافي عن السنوات... والربط الأصلي عن سنتي..... قد تم بدون إذن من السلطة المختصة وعلى خلاف القانون فإنه يكون قد وقع باطلاً ويبطل بالتالي كل ما استمد منه وما ترتب عليه مباشرة من آثار.
2 - ما ذهبت إليه المصلحة الطاعنة من أن قوانين الضرائب لا تقيدها في سبيل ربط الضريبة والحصول على حقوق الخزانة العامة بمشروعية الدليل فهو قول لا سند له من القانون ويتعارض مع نصوص الدستور إذ لا يتصور أن تستباح حريات الأفراد في سبيل الحصول على موارد الدولة من الضرائب بينما كفل الدستور هذه الحريات عند استعمال الدولة لحقها في العقاب فلم يطلق يدها في المساس بحريات الأفراد وإنما وضع من القيود والإجراءات ما يكفل صيانتها والقول بغير ذلك يجعل القانون الضريبي في منزلة أعلى من الدستور وهو أمر غير مقبول.
3 - لما كان دفاع الطاعنة بأن هناك أدلة أخرى صحيحة اعتمد عليها الربط بخلاف التفتيش الباطل لم يعرض لها الحكم المطعون فيه هو دفاع يخالطه واقع ويخالف ما جاء بمدونات الحكم نقلاً عن صحيفة استئناف المصلحة الطاعنة من أن التفتيش قد أسفر عن ضبط الأوراق والمستندات والملفات التي استقت منها المعلومات التي كانت أساس تقدير الضريبة، وكانت الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت بهذا الدفاع لدى محكمة الموضوع وليس في الحكم المطعون فيه ما يفيد ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة في وجه النعي يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الموسكي كانت قد ربطت الضريبة على المطعون ضده عن نشاطه في مهنة المحاماة عن السنوات 1954 حتى 1964 ربطاً جزافياً وبتاريخ 28/ 6/ 1967 قامت شرطة الضرائب بتفتيش مسكنه ومكتبه للمحاماة وضبطت ما لديه من أوراق وقضايا ومستندات وأوراق خاصة نقلت لفحصها دون جرد. ثم قامت المأمورية بإجراء ربط إضافي عن ذات السنوات وأخطرته به في 1/ 11/ 1967 على النموذج رقم 20 ضرائب فطعن فيه أمام لجنة الطعن ودفع ببطلانه وببطلان التفتيش وعدم جواز إعادة التقدير وبسقوط حق مصلحة الضرائب المدعى به حتى نهاية سنة 1961. وبتاريخ 20/ 5/ 1969 قررت لجنة الطعن رفض الدفع وأعادت تقدير صافي أرباحه عن السنوات 1954 حتى 1964 على نحو ما جاء بقرارها وكانت المأمورية قد قامت بتقدير صافي أرباحه عن سنتي 1965، 1966 وربطت عليه الضريبة ربط أصلياً وأخطرته بالتقدير والربط على النماذج القانونية فاعترض عليها وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن فأصدرت قرارها في ذات التاريخ بتخفيض تقدير المأمورية على النحو الوارد بقرارها. طعن المطعون ضده على قرار اللجنة الأول أمام محكمة القاهرة الابتدائية برقم 2242 لسنة 1969 ضرائب كلي القاهرة، كما طعن على القرار الثاني برقم 2243 لسنة 1969 ضرائب كلي القاهرة. وبعد أن ضمت محكمة أول درجة الطعن الثاني للأول قيد برقم 8593 لسنة 1971 ضرائب كلي شمال القاهرة وبتاريخ 14/ 1/ 1978 قضت بإلغاء القرارين المطعون فيهما استناداً إلى بطلان تفتيش مسكن ومكتب المطعون ضده استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 160 لسنة 95 ق. وبتاريخ 19/ 6/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بثانيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك تقول إن قانون الضرائب له ذاتيته الخاصة ويستقل بأحكامه ومبادئه. فإذا كان المشرع الضريبي لا يعني بمشروعية النشاط الخاضع للضريبة فإنه - من باب أولى - لا يعتد بمشروعية الدليل على قيام هذا النشاط عند ربط الضريبة عليه ولما كان قد ترتب على تفتيش منزل ومكتوب المطعون ضده أن تجمعت لدى مصلحة الضرائب بعض عناصر الإثبات التي استندت إليها في ربط الضريبة عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الربط استناداً إلى بطلان التفتيش يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن القانون رقم 14 لسنة 1939 بشأن الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية قد نظم في المادتين 81، 82 منه حق الاطلاع على دفاتر الممولين التي تلزمهم القوانين بإمساكها وكذلك غيرها من المحررات والدفاتر والوثائق الملحقة وأوراق الإيرادات والمصروفات، وأعطي هذا الحق لموظفي مصلحة الضرائب ومندوبيها وفرض في المادة 83 منه عقوبة جنائية على الامتناع عن تقديم هذه الدفاتر والأوراق فضلاً عن التهديدات المالية التي قررها لإلزام الممولين بتقديمها، ولكنه لم يتعرض للتفتيش ومن ثم يتعين الرجوع بشأنه إلى القواعد الخاصة به والتي وردت في قانون الإجراءات الجنائية باعتباره عملاً من أعمال التحقيق لا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من السلطة المختصة وحيث تتوافر لدلائل الكافية على وقوع جريمة من جرائم التهرب الضريبي، وإذ كان الثابت بالأوراق أن تفتيش مسكن المطعون ضده ومكتبه للمحاماة - الذي أسفر عن ضبط أوراق ومستندات اعتمدت عليها المصلحة الطاعنة في الربط الإضافي عن السنوات 1954 حتى 1964 والربط الأصلي عن سنتي 1965 و1966 قد تم بدون إذن من السلطة المختصة وعلى خلاف القانون فإنه يكون قد وقع باطلاً ويبطل بالتالي كل ما استمد منه وما ترتب عليه مباشرة من آثار. أما ما ذهبت إليه المصلحة الطاعنة من أن قوانين الضرائب لا تقيدها في سبيل ربط الضريبة والحصول على حقوق الخزانة العامة بمشروعية الدليل فهو قول لا سند له من القانون ويتعارض مع نصوص الدستور إذ لا يتصور أن تستباح حريات الأفراد في سبيل الحصول على موارد الدولة من الضرائب بينما كفل الدستور هذه الحريات عند استعمال الدولة لحقها في العقاب فلم يطلق يدها في المساس بحريات الأفراد وإنما وضع من القيود والإجراءات ما يكفل صيانتها والقول بغير هذا يجعل القانون الضريبي في منزلة أعلى من الدستور فهو أمر غير مقبول وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الربط المستمد من الأوراق والمستندات التي أسفر عنها التفتيش الباطل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الثابت في الأوراق أن الربط قد استند إلى طائفتين من الأدلة الأولى سابقة على تفتيش وهي التحريات والمناقشات والثانية هي التي أسفر عنها التفتيش وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى بطلان الربط استناداً إلى بطلان التفتيش دون أن يميز بين الأدلة الصحيحة والأدلة الباطلة فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وخالف القانون كما شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لما هو مقرر بقضاء هذه المحكمة من أنه متى كان وجه النعي قد تضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان دفاع الطاعنة بأن هناك أدلة أخرى صحيحة اعتمد عليها الربط بخلاف التفتيش الباطل لم يعرض لها الحكم المطعون فيه هو دفاع يخالطه واقع ويخالف ما جاء بمدونات الحكم نقلاً عن صحيفة استئناف المصلحة الطاعنة من أن التفتيش قد أسفر عن ضبط الأوراق والمستندات والملفات التي استقت منها المعلومات التي كانت أساس تقدير الضريبة، وكانت الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت بهذا الدفاع لدى محكمة الموضوع وليس في الحكم المطعون فيه ما يفيد ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة في وجه النعي يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويتعين عدم قبوله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 279 لسنة 25 ق جلسة 19 / 11 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 106 ص 695

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-------------------

(106)
الطعن رقم 279 لسنة 25 القضائية

مسئولية "المسئولية التقصيرية" "الخطأ" "تطبيقات مختلفة لفكرة الخطأ" "مسئولية الحكومة عن تفريق المظاهرات وإصابة شخص غير متظاهر". حكم "عيوب التدليل" "فساد الاستدلال" "ما لا يعد كذلك".
تأسيس الحكم قضاءه برفض دعوى التعويض عن إصابة الطاعنة التي كانت في شرفة منزلها أثناء تفريق رجال البوليس لمظاهرة على نفي وقوع خطأ من جانبهم وإيراده الاعتبارات السائغة المبررة لقضائه. النعي عليه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.

-----------------
إذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى عرض لما أوردته محكمة الدرجة الأولى في حكمها من أسباب أقامت عليها مسؤولية الحكومة عن فعل تابعيها من رجال البوليس أثناء قيامهم بتفريق المظاهرات التي قامت يوم وقوع الحادث الذي أصيبت فيه الطاعنة وما أسنده ذلك الحكم إليهم من خطأ يتمثل في إطلاقهم الأعيرة النارية على غير هدى وبدون دقة - مع وجود متسع من الفضاء أمامهم وإحداثهم نتيجة لذلك ولعدم إحكام الرماية إصابة الطاعنة التي كانت في شرفة منزلها في الدور الثاني منه، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول بالتفنيد ما ورد في هذه الأسباب فأوضح - مما حصله من الوقائع - أنه لم يكن ثمت - في مكان وقوع الحادث - فضاء متسع وأنه لم يثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون النار جزافاً - وأسس قضاءه برفض دعوى الطاعنة على نفي وقوع خطأ ما من جانب رجال البوليس - مورداً في ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه فإن النعي عليه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة أقامت على المطعون عليهم الدعوى رقم 469 لسنة 1951 كلي بمحكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ ألف جنيه والمصاريف والأتعاب، وذكرت في دعواها أن هذا المبلغ تعويض لها عن إصابتها بعيار ناري من رجال بوليس مدينة الإسكندرية أثناء مطاردتهم المتظاهرين في الطرقات في يوم 4 مارس سنة 1946، وقد تسبب عن هذه الإصابة جروح في جبهتها وعينيها نشأ عنها فقد عينها اليسرى. وبتاريخ 4/ 5/ 1952 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا لها متضامنين مبلغ 500 جنيه والمصروفات وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 275 سنة 8 ق كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 276 سنة 8 ق وضم الاستئنافان ثم قضت فيهما محكمة استئناف إسكندرية بتاريخ 16 مارس سنة 1955 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ ثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة - وبتاريخ 7 يونيه سنة 1955 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقضي فيه بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 مايو سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 22 أكتوبر سنة 1959 وأبدت النيابة العامة رأيها بطلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن محصل ما تنعى به الطاعنة في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ في القانون، ذلك أن الواقعة الثابتة في ذلك الحكم هي أن الطاعنة قد أصيبت بالعيار الناري أثناء وجودها في مسكنها، ومع ذلك فقد رفع الحكم المطعون فيه المسئولية عن المطعون عليهم تأسيساً على أن العمل الذي قام به رجال البوليس وهو إطلاق الأعيرة النارية لفض المظاهرة هو عمل مشروع مهما كانت النتائج المترتبة عليه، وهذا التأسيس خاطئ قانوناً لأن القانون وإن كان أباح للفرد أو للحكومة استعمال الحق إلا أن هذا الاستعمال مقيد بألا يلابسه خطأ أو رعونة أو عدم تبصر أو مجانبة للحيطة فإذا لابس استعمال الحق شيء من ذلك وأصاب الغير ضرر نتيجة له حقت المسئولية ووجب التعويض، وقد خالفت محكمة الاستئناف بقضائها ما قررته محكمة النقض في قضاء سابق لها وقد أوجبت فيه على رجال الحفظ عند القيام بالمحافظة على الأمن اتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق هذا الغرض دون ارتكاب أعمال خارجة عما يكون لازماً لتحقيقه.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بفساد الاستدلال إذ شوه الواقعة التي طرحتها الطاعنة على محكمة الموضوع بياناً له لما اكتنف فعل رجال البوليس من خطأ مبني على عدم التبصر وفقدان الحيطة، ذلك أنها ذكرت في هذا الخصوص أن الأعيرة النارية كانت تطلق في الهواء جزافاً وبغير تبصر وبطريقة تعرض الآمنين في مساكنهم للخطر ما أدى إلى إصابة واجهات المنازل وقد كانت إصابتها على هذا النحو وبهذا السبب. وقد آخذ الحكم المطعون فيه الطاعنة بهذا القول ذاكراً في أسبابه أنها لم تثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون الأعيرة النارية على واجهات المنازل بالذات مع أنها لم تذكر في دفاعها أن رجال البوليس قد عمدوا إلى إطلاق النار في واجهات المنازل حتى تطالبها المحكمة بإثبات ذلك.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين مردود بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد سرده لوقائع الدعوى عرض لما أوردته محكمة الدرجة الأولى في حكمها من أسباب أقامت عليها مسئولية الحكومة عن فعل تابعيها من رجال البوليس أثناء قيامها بتفريق المظاهرات التي قامت في الإسكندرية يوم وقوع الحادث الذي أصيبت فيه الطاعنة وما أسنده ذلك الحكم إليه من خطأ يتمثل في إطلاقهم الأعيرة النارية على غير هدى وبدون دقة مع وجود متسع من الفضاء أمامها وإحداثهم نتيجة لذلك ولعدم إحكام الرماية إصابة الطاعنة التي كانت في شرفة منزلها في الدول الثاني منه، وقد تناول الحكم المطعون فيه بالتفنيد ما ورد في هذه الأسباب فأوضح مما حصله من الوقائع أنه لم يكن ثمت في مكان وقوع الحادث فضاء متسع، وأنه لم يثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون النار جزافاً وتأسس قضاؤه برفض دعوى الطاعنة على نفي وقوع خطأ ما من جانب رجال البوليس. ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه برفض مسئولية الحكومة عن أعمال تابعيها من رجال البوليس على الزعم بأن لهؤلاء حقاً مطلقاً في فض المظاهرات بالقوة وبإطلاق الأعيرة النارية تأسيساً على أنه فيما يتخذونه في هذا السبيل إنما يقومون بعمل مشروع فلا يسألون عما ينتج للغير من جراء ذلك من أضرار، بل أقامه على نفي وقوع خطأ من جانبه مورداً في ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثالث مردود بما سلف ذكره إذ هو منطو فيما أوردته الطاعنة بسبب النعي الأول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 600 لسنة 16 ق جلسة 9 / 4 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 61 ص 405

جلسة 9 من إبريل سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار، نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي، المستشارين.

------------------

(61)

القضية رقم 600 لسنة 16 القضائية

عاملون مدنيون - "تعيين. شرط حسن السمعة".
الحكم على الوالد بعقوبة بسبب نشاطه في جماعة الإخوان المسلمين - لا يصم ابنه بسوء السمعة - انتماء الشخص إلى هذه الجماعة لا يعد بذاته عملاً غير مشروع يؤدي إلى حرمانه من تولي الوظائف العامة - أساس ذلك.

---------------------
إنه من المبادئ الدستورية أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون، ومن ثم فإنه من المسلمات أن المسئولية شخصية فلا يحمل أحد وزر أحد ولا يدان شخص بجريرة سواه. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هي تلك المجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق أي أنها تلتمس أصلاً في الشخص نفسه فهي لصيقة به ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكونات شخصيته ومن هذا المنطلق لا يؤاخذ المرء إلا بسلوكه هو لا بسلوك أبيه أو ذويه طالما لا ينعكس شيء منه على سلوكه لأن مجرد قيام هذه الصلات لا يدل بذاته على حسن السمعة أو سوءها ومن ثم فإنه إذا كان قد سبق لوالد الطاعن نشاطه في جماعة الإخوان المسلمين المنحلة أدى إلى محاكمته والحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة فإن مجرد علاقة الأبوة في هذه الدعوى لا تنصرف بطبيعتها لما ارتكبه الأب إلى الابن بما تقف عثرة في طريقه فتجعله غير أهل لتولي هذه الوظيفة.
من جهة أخرى فإن إدراج اسم الطاعن في قوائم جماعة الإخوان المسلمين بمنفلوط قبل سنة 1954 وقبل صدور القرار بحلها وهو في ذلك الحين غلاماً لم يبلغ سن النضج - هذه الواقعة لا تنال بدورها من سلوك الطاعن وحسن سمعته طالما أن مجرد هذا الانتماء إلى هذه الجماعة لا يعد بذاته عملاً غير مشروع يؤدي إلى حرمانه من تولي الوظائف العامة.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه ولئن كان تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب هذه المحكمة يوم 16 من يونيه سنة 1970 على حين صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 26 من فبراير سنة 1970، إلا أنه يبين من الأوراق أن الطاعن تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة بطلب إعفائه من الرسوم القضائية المستحقة عن هذا الطعن في 12 من إبريل سنة 1970 أي خلال الميعاد المقررة قانوناً، وقد قيد الطلب تحت رقم 183 لسنة 16 القضائية، وبجلسة 11 من مايو سنة 1970 صدر قرار اللجنة المذكورة بقبوله، فأودع الطاعن تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في 16 من يونيه سنة 1970، أي خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار اللجنة المشار إليه، ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية على نحو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية في قطع ميعاد الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1656 لسنة 2 القضائية ضد رئاسة الجمهورية والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة والنيابة الإدارية بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 22 من يونيه سنة 1966 طلب فيها الحكم "بإلغاء القرار الصادر بتخطيه في التعيين في وظيفة مساعد نيابة إدارية وأحقيته في التعيين في هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواه في أن النيابة الإدارية أجرت مسابقة في مايو سنة 1965 للترشيح لشغل وظائف مساعدي نيابة، ورغم تقدمه في ترتيب الناجحين استبعدته النيابة من بين المقبولين للترشيح وعينت من يلونه في الترتيب بحجة أن تحريات المباحث العامة أوضحت أن والده حكمت عليه محكمة الشعب بالأشغال الشاقة المؤبدة في قضايا الإخوان المسلمين منذ أكثر من عشر سنوات، وهذا القرار مجحف بحقوقه ولذلك تظلم منه في 27/ 2/ 1966 ثم أقام هذه الدعوى، وينعى على القرار مخالفته للقانون لأن المباحث العامة بأسيوط وكذلك شرطة منفلوط اللتين يقع في دائرة اختصاصهما محل إقامته قررتا حسن سيره وسلوكه سياسياً ولم تمانعا في تعيينه ولكن جهة الإدارة استندت إلى رأي المباحث العامة بالقاهرة التي نصحت - على سبيل الاحتياط - بعدم تعيينه، وأن المسئولية شخصية فلا يجوز أن يتحمل أخطاء أبيه، وأنه يشغل وظيفة عامة لا تقل في حساسيتها وأهميتها عن وظيفة مساعد نيابة إدارية، فقد سبق أن عين عضواً فنياً بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
وأجابت جهة الإدارة على الدعوى بها حاصله أن شرط حسن السير والسلوك والسمعة من الشروط الواجب أن يتحلى بها من يتقلد إحدى الوظائف العامة، ويتفاوت مستوى حسن السمعة تبعاً لتفاوت الوظيفة وخطورتها ومسئوليتها وكانت جهات الإدارة تتثبت من توافر هذا الشرط بشهادة إدارية ولكنها أنشأت أخيراً مكاتب الأمن تتولى بوسائلها الخاصة التحري عن المرشحين للوظائف المختلفة، وقد وردت عن المدعي تحريات من المباحث العامة بأنه كان ضمن الأخوان المسلمين قبل سنة 1954 بمنفلوط تحت رقم 12 بالكشوف الموجودة بالمكتب، وأن والده اتهم في قضية سياسية للإخوان المسلمين سنة 1954 وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وما زال موجوداً بالسجن حتى الآن، وأضافت جهة الإدارة إلى أنه إذا كانت إدارة المباحث قد أرسلت خطاباً للنيابة الإدارية في 27 من أكتوبر سنة 1965 بعدم موافقتها على تعيين المدعي في وظيفة مساعد نيابة إدارية فلا تثريب عليها في ذلك إن امتنعت عن تعيينه لأنها تتحرى الدقة المتناهية بالنسبة للاختيار للوظائف القضائية، ومن ثم فلا مانع من الاعتداد بواقعة سجن والد المدعي، إذ أن ذلك وإن كان لا يدينه إلا إنه ينال من سمعته وسيرته، وإنه لا يغير من ذلك أنه وقت انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين كان صغيراً ما دامت جهة الإدارة ما زالت تتشكك في سلوكه.
وبجلسة 26 من فبراير سنة 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أن جهة الإدارة وقد اعتمدت في قرارها على تقرير المباحث العامة فلا يمكن القول بأنها انحرفت أو أساءت استعمال سلطتها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لأن تقرير المباحث لم يورد أي تعليق على سلوك المدعي أو سيرته وإنما قرر أنه لا يوافق على تعيينه ومن ثم يكون قد أخطأ في فهم الواقع وحكم بغير الثابت في الأوراق كما أن المرء لا يحاسب إلا عن سلوكه ولا علاقة بين انتماء والده لجماعة الإخوان المسلمين سنة 1954 وبين حسن سيرته وسلوكه فضلاً عن أن ما ارتكبه الإخوان المسلمون واعتبرته الدولة ماساً بأمنها لا يعد من الأفعال التي تمس حسن السمعة حتى بالنسبة إلى الأشخاص المحكوم عليهم من محكمة الشعب ذاتها، بدليل أنهم أعيدوا على وظائفهم، وقد رأت الجمعية العمومية للقسم الاستشاري أن ما ارتكبوه لا يعد جريمة مخلة بالشرف: فإذا كان هذا هو حال أعضاء الجماعة الذين أدينوا فلا مراء أن الطاعن الذي لا شأن له بذلك كله لا يرين على سيره أو سلوكه شيء بل أن إدارة المباحث ذاتها وهيئة الأمن القومي رأتا في عديد من المناسبات الموافقة على تعيين الطاعن في الوظائف العامة عند ترشيحه للتعيين في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وعند ترشيحه للتعيين بإدارة قضايا الحكومة سنة 1968 والتي ما زال يشغل منصبه بها حتى الآن، هذا إلى أنه من غير المقبول أن يستند الحكم المطعون فيه إلى واقعة قيد الطاعن في كشوف الإخوان المسلمين سنة 1954 ليرتب على ذلك صحة قرار تخطيه في التعيين ذلك أنه لم يكن في هذا التاريخ في سن يسمح له بالإدراك الواعي إذ كانت سنه أقل من 15 سنة فضلاً عن أن الانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين وقتذاك لم يكن عملاً مؤثماً، وما دام لم ينسب إليه أي عمل يتعلق بالإخلال بالأمن فلا يجوز أن يكون لواقعة إدراج اسمه في كشوف الجماعة المذكورة أي أثر على صلاحيته للالتحاق بالوظائف العامة.
ومن حيث إن مناط الخلاف في هذه المنازعة يدور حول السبب الذي من أجله تخطت جهة الإدارة الطاعن في التعيين في وظيفة مساعد نيابة إدارية رغم أن ترتيبه بين الناجحين كان السابع في المسابقة التي أجريت لهذا الغرض، وإنه ولئن كانت إدارة المباحث العامة لم تفصح في كتابها المؤرخ في 27 من أكتوبر سنة 1965 الموجه منها إلى مدير النيابة الإدارية عن هذا السبب وإنما اكتفت بالاعتراض على التعيين إلا أنه يستفاد من الأوراق والمذكرات التي قدمتها إدارة قضايا الحكومة أن هذا السبب يقوم على أن اسم الطاعن وجد مقيداً بكشوف جماعة الإخوان المسلمين ببلدة منفلوط قبل عام 1954 وأن والده من أعضائها وقد حكم عليه من محكمة الشعب في قضية الإخوان المسلمين عام 1954 بالأشغال الشاقة المؤبدة وأن هذا يجعل شرط حسن السيرة والسمعة تخلفاً في حقه ويحول دون تعيينه في الوظيفة المذكورة.
ومن حيث إنه من المبادئ الدستورية أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة الأبناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون، ومن ثم فإنه من المسلمات أن المسئولية شخصية فلا يحمل أحد وزر أحد ولا يدان شخص بجريرة سواه. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هي تلك المجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق أي أنها تلتمس أصلاً في الشخص نفسه فهي لصيقة به ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكونات شخصيته ومن هذا المنطلق لا يؤاخذ المرء إلا بسلوكه هو لا بسلوك أبيه أو ذويه طالما لا ينعكس شيء منه على سلوكه لأن مجرد قيام هذه الصلات لا يدل بذاته على حسن السمعة أو سوءها، ومن ثم فإنه إذا كان قد سبق لوالد الطاعن نشاط في جماعة الإخوان المسلمين المنحلة أدى إلى محاكمته والحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة فإن مجرد علاقة الأبوة في هذه الدعوى لا تنصرف بطبيعتها فيما ارتكبه الأب إلى الابن بما تقف عثرة في طريقه فتجعله غير أهل لتولي هذه الوظيفة.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإن إدراج اسم الطاعن في قوائم جماعة الإخوان المسلمين بمنفلوط قبل سنة 1954 وقبل صدور القرار بحلها وهو في ذلك الحين غلاماً لم يبلغ سن النضج - هذه الواقعة لا تنال بدورها من سلوك الطاعن وحسن سمعته طالما أن مجرد هذا الانتماء إلى هذه الجماعة لا يعد بذاته عملاً غير مشروع يؤدي إلى حرمانه من تولي الوظائف العامة.
ومن حيث إنه يؤكد ما تقدم أن تقرير إدارة المباحث الجنائية بمنفلوط في 20 من أكتوبر سنة 1965 والتي يقع في دائرة اختصاصها موطن الطاعن وأسرته وإن كان قد أشار إلى أن الطاعن كان مقيداً ضمن جماعة الإخوان المسلمين قبل سنة 1954 وأن والده كان عضواً بها وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، إلا أن هذا التقرير لم ينف عنه حسن السلوك، بل على عكس ذلك، سجل له صراحة وفي ذات الوقت أنه حسن السيرة والسمعة ويحتل وأسرته في المنطقة مركزاً طيباً وكريماً، هذا إلى أن أياً من واقعة القيد في الكشوف أو سجن والده سالف الإشارة إليهما لم تحل دون إدارة الأمن العام وإدارة المباحث العامة إن تقررا بعد ذلك، وفي عديد من المناسبات - أنه ليس هناك أي اعتراض على مسلك الطاعن من الناحية السياسية، فقد كان هذا نتيجة البحث عند قيد الطاعن بنقابة المحامين سنة 1964 وعند تعيينه في وظيفة باحث قانوني بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في ذات السنة، وعند تعيينه في إحدى الوظائف الإدارية بمجلس الدولة سنة 1965 فمن ثم فلا يستساغ من الإدارة المذكورة أن تعترض على تعيين الطاعن في النيابة الإدارية - وفي أقل من عام - متعللة بأسباب غير صحيحة وغير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها واقعاً أو قانوناً، بل إنه مما يقطع بفساد هذه الأسباب أن تناقض تلك الأجهزة نفسها بعد ذلك فتوافق على تعيين الطاعن في وظيفة فنية بإدارة قضايا الحكومة سنة 1968 - وهي من الهيئات القضائية التي لا يقل التعيين فيها حساسية عن التعيين في النيابة الإدارية ولا يحول ما ادعته من سوء سمعته دون هذا التعيين بل ولا يحول دون استمراره في وظيفته بإدارة القضايا حتى بعد إعادة تشكيلها عندما أعيد تشكيل الهيئات القضائية سنة 1969، وبهذه المثابة يكون السبب الذي استندت إليه الجهة الإدارية في تخطي المدعي في التعيين في وظيفة مساعد نيابة إدارية - بعد أن اجتاز الامتحان الذي عقد لها بنجاح واستوفى شرائط التعيين فيها - وهو عدم موافقة إدارة المباحث العامة - لا يجد له ما يبرره من الواقع أو القانون، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن تقرير المباحث العامة لا يزيد في قيمته عن محضر تحريات أو جمع استدلالات يخضع ما جاء فيه لرقابة القضاء الإداري وله أن يناقشه فيأخذ به إذا اطمئن إليه واقتنع به، أو يطرحه من أدلة الثبوت إذا ما استبان له عدم صحة ما جاء فيه، كما يخضع لهذا القضاء كل القرارات الصادرة بالتعيين شأنها في ذلك شأن القرارات الأخرى المتصلة بالوظيفة العامة وله في سبيل أعمال رقابته عليها أن يمحص أسبابها ليتبين مدى مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي تنتهي إليها. ومن ثم فما كان يجوز لجهة الإدارة أن تتخطى الطاعن في التعيين في وظيفة مساعد نيابة إدارية بالقرار الجمهوري رقم 44 لسنة 1966 الذي تضمن تعيين من يلونه في ترتيب النجاح في امتحان المسابقة المشار إليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى خلاف ما تقدم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يتعين معه إلغاؤه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين في الوظيفة المشار إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين في وظيفة مساعد نيابة إدارية وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

الطعن 2172 لسنة 51 ق جلسة 15 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 167 ص 921

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة رئيساً، وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، محمد طموم زكي المصري.

----------------

(167)
الطعن رقم 2172 لسنة 51 ق (تجاري)

(1، 2) إفلاس. "إشهار إفلاس". محكمة الموضوع.
(1) إشهار الإفلاس. جزاء يقتصر توقيعه على التجار الذين يتوقفون عن سداد ديونهم. احتراف الأعمال التجارية لا يفترض. وقوع عبء إثباته على من يدعيه. على محكمة الموضوع قبل الحكم بإشهار الإفلاس. التحقق من توافر صفة التاجر في حق المدين.
(2) اكتفاء الحكم المطعون فيه في ثبوت احتراف الطاعنين للتجارة على ما جاء من قول مرسل بصحيفة افتتاح الدعوى دون تحقيق ذلك. خطأ وقصور.

-----------------
1 - إن النص في المادة 195 والمادتين الأولى والثانية من قانون التجارة يدل على أن إشهار الإفلاس في التشريع المصري هو جزاء يقتصر توقيعه على التجار الذين يتوقفون عن سداد ديونهم التجارية نتيجة اضطراب مركزهم المالي وأن وصف التاجر لا يصدق إلا على كل من يزاول التجارة على سبيل الاحتراف واحتراف الأعمال التجارية لا يفترض فيقع على من يدعيه عبء إثباته. ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع قبل الحكم بإشهار الإفلاس التحقق من قيام صفة التاجر في حق المدين الذي توقف عن دفع ديونه التجارية وإن تبين في حكمها الأسباب التي استندت إليها في اعتباره تاجراً.
2 - إذا اكتفى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه، وكان البين من مدونات الحكم الأخير أنه استند في ثبوت احتراف الطاعنين للتجارة وقيام شركة تضامن تجارية بينهما إلى ما جاء من قول مرسل بصحيفة افتتاح الدعوى من أنهما تاجران ويشتغلان بالتجارة ويكونان شركة تضامن تجارية فيما بينهما، لما كان ذلك. فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 790 لسنة 1979 أمام محكمة طنطا التجارية الابتدائية - طلبت فيها الحكم بإشهار إفلاس الطاعنين وتحديد يوم 12/ 5/ 1979 تاريخاً مؤقتاً لتوقفهما عن الدفع على سند من القول بأنهما من التجار ويكونان شركة تضامن فيما بينهما وأنها تداينهما في مبلغ اثنتى عشر ألف جنيه بموجب سندين إذنيين قيمة كل منهما ستة آلاف جنيه يستحق أولهما في 10 مايو سنة 1979 وحرر عنه احتجاج عدم دفع في 12/ 5/ 1979 ويستحق أيضاً في 15/ 5/ 1979 وحرر عنه احتجاج عدم دفع في 16/ 5/ 1979 - وبتاريخ 21/ 12/ 1979 حكمت المحكمة بإشهار إفلاس الطاعنين وحددت يوم 12/ 5/ 1979 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 لسنة 30 ق طنطا وبتاريخ 11/ 6/ 1981 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي - الذي قضى بإشهار. إفلاسهما أخذاً بأسبابه رغم أن دفاعهما أمام محكمة الاستئناف كان يقوم أساساً على أنهما لا يحترفان التجارة، وليست بينهما شركة تضامن تجارية وأن السندين الإذنيين محل النزاع غير موقع عليهما من الطاعنة الثانية ولم يكن تحريرها مترتباً على معاملات تجارية. ورغم أن هذا الدفاع الجوهري كان مطروحاً على محكمة الاستئناف وتحت بصرها إلا أنها أعرضت عنه ولم تمحصه واكتفت بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه رغم أنه استند في قضائه إلى ما جاء بصحيفة افتتاح الدعوى من قول مرسل بأن الطاعنين يحترفان التجارة وتقوم بينهما شركة تضامن تجارية في حين أن احتراف المدين للتجارة شرط أساسي للحكم بإشهار إفلاسه وهو لا يفترض ويقع عبء إثباته على الدائن الذي يطلب إشهار إفلاسه ويجب على المحكمة أن تثبت من قيام عناصره قبل الحكم بإشهار الإفلاس لأن أحكام الإفلاس إنما تتعلق بالنظام العام وإذ أعرض الحكم المطعون فيه من هذا الدفاع الجوهري دون أن يثبت لديه احترافهما للتجارة فإنه يكون قد خالف وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 195 من قانون التجارة على أن "كل تاجر وقف عن ديونه، يعتبر في حالة الإفلاس ويلزم إشهار إفلاسه بحكم يصدر بذلك" والنص في المادة الأولى من ذات القانون على أن "كل من اشتغل بالمعاملات التجارية واتخذها حرفة معتادة له فهو تاجر" وللنص في المادة الثانية من ذات القانون على أن "يعتبر بحسب القانون عملاً تجارياً....... وجميع السندات التي تحت إذن سواء كان من أمضاها أو ختم عليها تاجراً أو غير تاجر إنما يشترط في الحالة الأخيرة أن يكون تحريرها مترتباً على معاملات تجارية...." يدل على أن إشهار الإفلاس في التشريع المصري هو جزاء يقتصر توقيعه على التجار الذين يتوقفون عن سداد ديونهم التجارية نتيجة اضطراب مركزهم المالي وأن وصف التاجر لا يصدق إلا على كل من يزاول التجارة على سبيل الاحتراف واحتراف الأعمال التجارية لا يفترض فيقع على من يدعيه عبء إثباته ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع قبل الحكم بإشهار الإفلاس التحقق من قيام صفة التاجر في حق المدين الذي توقف عن دفع ديونه التجارية وإن تبين في حكمها الأسباب التي استندت إليها في اعتباره تاجراً، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن أن دفاع الطاعنين يقوم أساساً على أنهما ليسا تاجرين ولا تقوم بينهما شركة تضامن تجارية وأن الطاعنة الثانية لم توقع على سندي المديونية، وأن التوقيع المنسوب إلى الأول منهما مزور عليه فقد كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تتحقق من قيام صفة التاجر في حقهما وأنهما شريكان في شركة تضامن تجارية وإذا اكتفى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه، وكان البين من مدونات الحكم الأخير أنه استند في ثبوت احتراف الطاعنين للتجارة وقيام شركة تضامن تجارية بينهما إلى ما جاء من قول مرسل بصحيفة افتتاح الدعوى من أنهما تاجران ويشتغلان بالتجارة ويكونان شركة تضامن تجارية فيما بينهما، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 60 لسنة 2023 تمييز دبي مدني جلسة 20 / 7 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-07-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 60 لسنة2023 طعن مدني
طاعن:
احمد محمد سيف راشد النقبى
مطعون ضده:
شـركة البحيرة الوطنية للتأمين
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/51 استئناف تنفيذ مدني
بتاريخ 28-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه السيد القاضي المقرر شريف حشمت جادو وبعد المداولة
حيث ان الوقائع ? علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في ان الطاعن قام بفتح ملف التنفيذ رقم 496 لسنة 2021 تنفيذ قرارات هيئة التامين بغرض تنفيذ قرار لجنة تسوية وحل المنازعات التامينية رقم 674 لسنة 2021 أبو ظبي الصادر بالزام شركة التامين المطعون ضدها بان تدفع له مبلغ خمسمائة الف درهم علي سبيل التعويض عن الضرر بنوعيه والضرر الجسدي ومبلغ خمسون الف درهم قيمة السيارة المملوكة له المتضررة في الحادث ، وبعد تنفيذ المطعون ضدها قرار اللجنة ودفع المبالغ المقضي به تقدمت الي قاضي التنفيذ بتاريخ 15-8-2022 بطلب الكتروني قيد برقم 22 تطالب الطاعن برد مبلغ الخمسين الف درهم تأسيسا علي انه لم يسلم لها حطام المركبة وفقا لما قررته لجنة التامين في قرارها ، وبتاريخ 17-8-2022 اصدر قاضي التنفيذ قرارا بالتصريح بالتنفيذ العكسي بان يرد الطاعن المبلغ انف الإشارة الذي قبضه بغير حق ويمثل قيمة حطام السيارة الذي لم يسلمه للمطعون ضدها ، فتقدم الطاعن بتاريخ 24-10-2022 بطلب الكتروني لقاضي التنفيذ قيد برقم 27 التمس فيه وقف إجراءات التنفيذ العكسي علي سند من ان شرطة دبي قامت ببيع حطام السيارة بالمزاد العلني بتاريخ 9-3-2021 وقبل صدور قرار لجنة التامين وقدم شهادة بذلك من جهة الشرطة ، فاصدر قاضي التنفيذ قرارا بوقف إجراءات التنفيذ العكسي قبل الطاعن وبإلغاء امر الضبط والاحضار ، وبعد ذلك وبمناسبة نظر قاضي التنفيذ في طلب الطاعن رقم 33 بإقالته من الغرامة التي سبق وان أصدرها فقد اصدر قرارا في 22-11-2022 بإقالة الطاعن من الغرامة وتكليفه بان يرد للشركة المطعون ضدها مبلغ الخمسين الف درهم لعدم التزامه بتسليم حطام المركبة اليها وفقا لمنطوق الحكم سند التنفيذ ، استأنف الطاعن هذا القرار بالاستئناف رقم 51 لسنة 2022 تنفيذ مدني وبتاريخ 28-12-2022 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بصحيفة اودعت مكتب إدارة الدعوي بتاريخ 30-1-2023 وقدمت الشركة المطعون ضدها مذكرة بدفاعها في الميعاد تمسكت فيها بالدفع بعدم جواز الطعن لقلة النصاب ولان الاحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في منازعات التنفيذ لا تقبل الطعن بالنقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره
وحيث انه عن الدفع المبدي من المطعون ضدها بعدم جواز الطعن فانه غير سديد ذلك ان المقرر في قضاء هذه المحكمة ان احكام محكمة الاستئناف التي تفصل في النزاع القائم بشان إجراءات التنفيذ سواء بطلب منعه او وقفه او استمراره او بطلب بطلانه هي وحدها التي لا يجوز الطعن فيها بطريق التمييز اما ما تصدر من احكام تتعلق بشكل الاستئناف او في شان جوازه من عدمه فانه يجوز الطعن فيها بهذا الطريق لأنها لا تدخل في نطاق الاحكام الصادرة في موضوع الخصومة المطروحة والمتعلقة بإجراءات التنفيذ ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضي بعدم جواز الاستئناف وكان قرار لجنة التامين الزم المطعون ضدها بتعويض بلغ اجمالي مبالغه خمسمائة وخمسون الف درهم وبما يجاوز نصاب الطعن بالتمييز ومن ثم فان الدفع بعدم جواز الطعن بوجهيه يكون علي غير أساس
وحيث ان الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث ان الطعن أقيم علي سبب وحيد ينعي به الطاعن علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك ان قرار قاضي التنفيذ بتكليفه برد مبلغ خمسين الف درهم للشركة المطعون ضدها بسبب عدم تسليمه لها حطام مركبته وفقا لمنطوق الحكم سند التنفيذ هو من المسائل التي تخرج عن اختصاص قاضي التنفيذ طبقا للفقرة أ من البند 2 من المادة 72 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية المعدلة بقرار مجلس الوزراء رقم 75 لسنة 2021 مما يجوز استئنافه ، ذلك ان تقدير قاضي التنفيذ قيمة حطام السيارة بمبلغ خمسين الف درهم مما يخرج عن اختصاصه بتنفيذ السند التنفيذي وان منطوق قرار لجنة التامين محل السند التنفيذي لم ينص فيه علي تحديد حطام السيارة بهذا المبلغ وعلي الزامه بتسليم الحطام لشركة التامين المطعون ضدها وانما أشار قرار اللجنة في اسبابه الي تسليم الحطام ، وان واقع الامر ان شرطة دبي قامت ببيع الحطام بالمزاد العلني وفي تاريخ سابق علي صدور قرار لجنة التامين محل التنفيذ مما يحول دون تسليمه كما ان تقدير قاضي التنفيذ لقيمة الحطام هو مما يخضع لحكم الفقرة ه من المادة 72 انفة الإشارة والتي تتعلق بقرارات قاضي التنفيذ التي تصدر بتحديد المبلغ المنفذ به والاستمرار في تنفيذه من عدمه والتي يجيز القانون استئنافها ، الا ان الحكم المطعون فيه بني قضاءه بعدم جواز الاستئناف علي ان قرار قاضي التنفيذ المستأنف لا يندرج في حالات المادة 72 ولم يفطن الي استحداث الفقرة ه من المادة 72 مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث ان هذا النعي غير سديد ذلك ان المقرر في قضاء هذه المحكمة ان النص في المادة 72 من قرار مجلس الوزراء رقم 75 لسنة 2021 بتعديل بعض احكام قرار مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 2018 في شان اللائحة التنظيمية للقانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 بشأن قانون الإجراءات المدنية ? المنطبق ? على ان " 1- تكون قرارات قاضي التنفيذ قابلة للتظلم في أي من الحالات الاتية: ا- ب-..........و" ويكون القرار الصادر في التظلم نهائيا وغير قابل للطعن
2- يجوز استئناف قرارات قاضي التنفيذ مباشرة امام محكمة الاستئناف المختصة ...... في أي من الأحوال الاتية:
ا- اختصاص قاضي التنفيذ او عدم اختصاصه بتنفيذ السند التنفيذي
ب- الأموال المحجوز عليها مما يجوز او لا يجوز حجزها او بيعها
ج ? اشتراك اشخاص اخرين غير الخصوم في الحجز
د ? قرار حبس المدين على ان يقدم المستأنف كفيلا يكون مسئولا عن احضار المنفذ ضده او الوفاء بالمبلغ المحكوم به وفي حال عجزه عن احضاره وتخلف الكفيل عن احضار مكفوله الزمته المحكمة بقيمة الكفالة وتحصل منه بالطريقة التي تنفذ بها الاحكام
ه ? القرار الصادر بشان تحديد المبلغ المنفذ به والاستمرار في تنفيذه من عدمه " يدل علي ان الأصل في قرارات قاضي التنفيذ انه لا يجوز التظلم منها او استئنافها فيما عدا الحالات الواردة علي سبيل الحصر في هذه المادة بفقرتيها الاولي والثانية فهي وحدها دون غيرها التي يجوز الطعن فيها بطريق الاستئناف ، ومن ثم يكون الفصل في جواز او عدم جواز استئناف هذه القرارات تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 72 سالفة الذكر امرا مطروحا امام المحكمة وتقضي به ولو من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام ، ومن المقرر ان تكييف ما اذا كان قرار قاضي التنفيذ مما يدخل ضمن تلك الحالات هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة التمييز ، لما كان ذلك وكان الثابت من قرار لجنة التامين الذي يجري تنفيذه في ملف التنفيذ رقم 496 لسنة 2021 انه صدر بالزام شركة التامين المطعون ضدها بان تدفع للطاعن مبلغ خمسمائة الف درهم تعويضا عن الضرر بنوعيه والضرر المادي الجسدي وكذا مبلغ خمسين الف درهم قيمة السيارة المملوكة له وقدرت اللجنة هذا المبلغ الأخير علي أساس القيمة السوقية للسيارة في تاريخ الحادث وقضي القرار في أسبابه بالزام الطاعن بتحويل ملكية الحطام الي المطعون ضدها ، ومن ثم فان قرار قاضي التنفيذ محل النزاع لا يتعلق بتقدير حطام السيارة ولا بتحديد المبلغ الذي يجري تنفيذه فهو محدد أصلا في السند التنفيذي فلا حاجة الي تقدير له ولا يندرج بالتالي في الحالة ه من المادة 72 والخاصة باستئناف قرارات قاضي التنفيذ بشان تحديد المبلغ المنفذ به والاستمرار في تنفيذه من عدمه وان قرار قاضي التنفيذ انما صدر بتكليف الطاعن برد التعويض بمبلغ خمسين الف درهم انف الإشارة لأنه لم يسلم الحطام لشركة التامين المطعون ضدها وفقا للسند التنفيذي ? قرار لجنة التامين ? ورغم ان المطعون ضدها نفذت القرار ودفعت له المبلغ ، وان قيام الشرطة ببيع حطام السيارة بالمزاد العلني لا يحول دون الطاعن من ان يسلم المطعون ضدها حصيلة البيع او ما يقابلها طالما انه حصل علي التعويض عن هلاك السيارة وفقا لقيمتها السوقية وهو مما يختص به قاضي التنفيذ لاتصاله بتنفيذ السند التنفيذي المفتوح به ملف التنفيذ ، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه الي عدم جواز الاستئناف وهو ما يستوي في النتيجة مع رفضه لثبوت اختصاص قاضي التنفيذ بإصدار القرار محل النزاع فان النعي عليه يكون علي غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن والزمت الطاعن المصروفات والفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة التامين