الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 31 مارس 2023

الطعن 21 لسنة 31 ق جلسة 9 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 157 ص 1001

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

-----------------

(157)
الطعن رقم 21 لسنة 31 القضائية

(أ) دعوى "سقوط الخصومة". "النزول عن التمسك به".
سقوط الخصومة مما يتصل بمصلحة الخصم. له التنازل عنه صراحة أو ضمناً. ليس له أن يعود فيما أسقط حقه فيه. الاتفاق على وقف الدعوى للصلح. إفادته قيام الخصومة منتجة لآثارها. عدم جواز التمسك بسقوط الخصومة بعد ذلك.
(ب) تقادم. "تقادم مكسب". نقض. "أسباب الطعن". "مسائل الواقع". ملكية. محكمة الموضوع.
وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة من مسائل الواقع. تقديرها يستقل به قاضي الموضوع.
(ج) إثبات. "الإثبات بالبينة". محاماة. "حقوق المحامي وواجبات مهنته".
عدم جواز تكليف المحامي بأداء الشهادة في نزاع وكل أو استشير فيه. ومع ذلك له أن يؤديها متى طلب منه موكله (م 208 مرافعات وم 34 ق 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم).

----------------
1 - سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً فإذا بدا من الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته ما يدل على أنه قد نزل عن التمسك به فلا يجوز له بعد ذلك أن يعود فيما أسقط حقه فيه (1). وإذ كان الثابت أن الطاعن قد وافق على وقف الدعوى لمدة ستة شهور للصلح طبقاً للمادة 292 من قانون المرافعات وكان ذلك مما يستفاد منه أنه اعتبر الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها فلا يحل للطاعن بعد ذلك التمسك بسقوط الخصومة.
2 - وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
3 - توجب المادة 208 من قانون المرافعات على المحامين والوكلاء والأطباء أو غيرهم أن يؤدوا الشهادة عن الوقائع التي علموا بها من طريق مهنتهم أو صنعتهم متى طلب منهم ذلك من أسرها لهم وإذ تنص المادة 34 من القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم بأن على المحامي أن يمتنع عن أداء مثل هذه الشهادة وأنه لا يجوز تكليفه أداءها في نزاع وكل أو استشير فيه فإن مؤدى هاتين المادتين أن المشرع وإن كان قد حظر على الخصوم تكليف المحامي أداء الشهادة في نزاع وكل أو استشير فيه، إلا أنه لم يمنعه بطريق اللزوم من أدائها فله أن يؤديها متى طلب منه موكله ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 583 سنة 1953 مدني كلي إسكندرية على المطعون ضدهم قالت فيها إنها تملك قطعة أرض مساحتها 4456 ذراعاً مربعاً كائنة برمل الإسكندرية آلت إليها بمقتضى عقد بيع مسجل في 5/ 5/ 1927، وقد تعرض لها المطعون ضدهم بأن وضعوا يدهم على جزء من الأرض المذكورة تبلغ مساحته 678.11 ذراعاً مربعاً وادعوا ملكيتهم له وطلبت الحكم بتثبيت ملكيتها لهذا القدر ومنع التعرض الحاصل منهم والتسليم. دفع المطعون ضدهم بأنهم اكتسبوا ملكية أرض النزاع بالتقادم. وبتاريخ 18/ 5/ 1953 حكمت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أنهم وضعوا اليد على الأرض المذكورة المدة المكسبة للملكية ولتنفي الطاعنة ذلك وبعد سماع شهود الطرفين إثباتاً ونفياً، قضت المحكمة في 23/ 11/ 1953 بندب خبير هندسي لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة ولتحقيق دفاعهما بشأن وضع اليد ومدته. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 6/ 2/ 1956 للطاعنة بطلباتها. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 183 سنة 13 ق الإسكندرية، وبجلسة 4 إبريل سنة 1959 طلب الحاضر عن المستأنفين "المطعون ضدهم" التأجيل للصلح، وفي 6 يونيه سنة 1959 اتفق الطرفان على وقف الدعوى لمدة ستة شهور للصلح، ولما لم يتم عاد الطرفان إلى السير في الاستئناف. ودفعت الطاعنة "المستأنف ضدها" بجلسة 19 مارس سنة 1960 بسقوط الخصومة في الاستئناف ومحكمة الاستئناف قضت في 11 ديسمبر سنة 1960 برفض هذا الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 9 يناير سنة 1961 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 21 مارس 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل أولها مخالفة القانون، ذلك أن الطاعنة دفعت بسقوط الخصومة في الاستئناف استناداً إلى أن المطعون ضدهم "المستأنفين" أعلنوها بصحيفة الاستئناف في 5 يونيه سنة 1957 ولم يقوموا بعد ذلك بإعادة إعلانها بإيداع مذكرة بدفاعها كما توجب المادة 407 مكرر من قانون المرافعات مما ترتب عليه تعطيل الفصل في الاستئناف بإهمالهم منذ ذلك التاريخ حتى أخطرها قلم كتاب محكمة الاستئناف بالحضور لجلسة 7 فبراير سنة 1959 وهي مدة جاوزت السنة مما يترتب عليه سقوط الخصومة تطبيقاً للمادة 301 من قانون المرافعات، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن حضور الطاعنة بجلسة 6/ 6/ 1959 وموافقتها على وقف الدعوى لمدة ستة شهور للصلح مما يفيد تنازلها عن التمسك بالدفع بسقوط الخصومة هذا في حين أن قبولها وقف الدعوى للصلح دون التعرض للموضوع لا يسقط حقها في التمسك بالدفع لأن عدم إتمام الصلح من شأنه أن يعيد كلاً من الطرفين إلى المركز الذي كانا عليه قبل وقف الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفع الدفع بسقوط الخصومة تأسيساً على ما قرره من أن حضور الطاعنة بجلسة 6 يونيه سنة 1959 وسكوتها عن التمسك بالدفع بسقوط الخصومة وموافقتها على وقف الدعوى ستة أشهر للصلح مما يفيد تنازلها عن التمسك بهذا الدفع - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً، فإذا بدا من الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته ما يدل على أنه قد نزل عن التمسك به فلا يجوز له بعد ذلك أن يعود فيما أسقط فيه حقه، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد وافقت بجلسة 6 يونيه سنة 1959 على وقف الدعوى لمدة ستة شهور للصلح طبقاً للمادة 292 من قانون المرافعات، وكان ذلك مما يستفاد منه قطعاً أنها اعتبرت الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها، فلا يحل للطاعنة بعد ذلك التمسك بسقوط الخصومة في الاستئناف - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه اعتبر وضع يد المطعون ضدهم على أرض النزاع قد توافرت فيه صفات الحيازة القانونية المكسبة للملكية بالتقادم، بينما الثابت من تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة الابتدائية أنه لم يجد على الطبيعة ما يفيد أن وضع يد المطعون ضدهم كان هادئاً ومستمراً وأن المنشآت التي أقيمت على أرض النزاع حديثة البناء. وتضيف الطاعنة أن الحكم قد استدل على وضع يد المطعون ضدهم على الأرض المذكورة بمحضر التسليم المؤرخ 31 يوليه سنة 1930 والمقدم منهم مع أنها تمسكت في دفاعها بعدم الاعتداد بمحضر التسليم المشار إليه لأنه - على ما جاء بتقرير الخبير - قد ورد على القطعة رقم 17 بينما القطعة موضوع النزاع هي رقم 15، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه استدل على وضع يد المطعون ضدهم على أرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بما استخلصه من أقوال الشهود ومن قيام المطعون ضدهم بوضع علامات مثبتة على أرض النزاع وإحاطتها بسور من البوص وتوصيل المياه إليها، وتعيين خفير عليها، وكان هذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هي لم تعول على رأي الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة لأن رأيه هذا لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع. أما ما أثارته الطاعنة من أن محضر التسليم المؤرخ 31 مارس سنة 1930 الذي استدل به الحكم على ثبوت وضع يد المطعون ضدهم على أرض النزاع هو عن قطعة أرض أخرى مجاورة لأرض النزاع - فهو قول مردود ذلك أن الحكم قد أورد في شأنه أنه من الثابت استلام المطعون ضدهم أرض النزاع بموجب محضر رسمي محرر في 31/ 3/ 1930 ورد به أن القطعة المسلمة هي القطعة رقم 15 بحري بخلاف ما جاء بتقرير الخبير، وإذا لم تقدم الطاعنة محضر التسليم المشار إليه، يكون ما قرره الحكم قريناً للصحة ويحمل الرد على دفاع الطاعنة في هذا الخصوص، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه قد جهل ما شهد به شهود الطرفين تفصيلاً بشأن وضع اليد وبدايته ومظاهره وسنده كما قرر الحكم أن شهود المطعون ضدهم أجمعوا القول أنهم وضعوا اليد على أرض النزاع المدة المكسبة للملكية من سنة 1930 دون أن يكون لهذا الإجماع أصل ثابت في محضر التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى في 27/ 6/ 1953 ذلك أن الثابت من المحضر المذكور أن أحد شهود المطعون ضدهم وهو السيد/ ريمون حزان قرر أنه كان يلاحظ وجود السيد/ راؤل أورسيني (المطعون ضده الأول) في أرض النزاع في فترات متباعدة من سنة 1940 - وهو ما يتعارض مع ما قرره الحكم من إجماع أقوال الشهود في هذا الخصوص. وأضافت الطاعنة أن الحكم قد أخطأ في الاستدلال أيضاً ذلك أنه استخلص من شهادة السيد/ يني استماتبو - أحد شهود الطاعنة - أنها جاءت مؤيدة لأقوال شهود المطعون ضدهم في حين أن كل ما تفيده أقوال هذا الشاهد هو أنه رأى سوراً من البوص حول أرض النزاع منذ ثلاث سنوات سابقة على أداء شهادته في 27 يونيه سنة 1953 - وهذا القول لا يستدل منه على اكتساب المطعون ضدهم ملكية أرض النزاع بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لا يعيب الحكم عدم إيراد أقوال الشهود تفصيلاً، وحسبه في ذلك أن يورد مضمون أقوالهم، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون أقوال شهود المطعون ضدهم من أنهم وضعوا اليد على أرض النزاع من سنة 1930 وأن حيازتهم لها اتخذت مظهراً مادياً من وضع علامات مثبتة إلى إحاطة أرض النزاع بسور من البوص وتعيين خفير عليها وتوصيل المياه إليها. واستخلص من ذلك أن حيازة المطعون ضدهم صالحة لأن تكسبهم ملكية أرض النزاع بالتقادم وكان هذا الذي استخلصه الحكم غير مناقض لما هو ثابت بمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى في 27/ 6/ 1953 ذلك أنه يبين من الصورة الرسمية للمحضر المذكور والمودعة بملف الطعن أن المطعون ضدهم أشهدوا أربعة شهود، قرر أولهم وهو السيد ريمون حزان أنه يملك أرضاً مجاورة لأرض النزاع من سنة 1940 وأنه كان يلاحظ وجود المطعون ضده الأول من حين لآخر في الأرض المذكورة التي أحاطها بسور من البوص، وهو قول لا يتعارض مع ما أجمع عليه باقي شهود المطعون ضدهم من أنهم كانوا يضعون اليد من سنة 1930 وأنهم باشروا فيها أعمالاً مادية أوردها الحكم المطعون فيه في تقريراته كما ثبت من المحضر المذكور أن يني استماتبو أحد شهود الطاعنة قرر أنه شاهد أرض النزاع محاطة بسور من البوص منذ ثلاث سنوات سابقة على أداء شهادته. لما كان ذلك - وكان ما حصله الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم هو استخلاص سائغ لا يتعارض مع الثابت بمحضر التحقيق المذكور ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أن الطاعنة تمسكت في دفاعها بأنها تضع اليد على أرض النزاع استناداً إلى عقد الملكية الصادر إليها من البائع لها وأن المحكمة الابتدائية ندبت خبيراً لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وتحقيق وضع اليد، وأن الخبير أثبت في تقريره أن عقد ملكية الطاعنة ينطبق على أرض النزاع وأنه صادر لها من مالك، ولم يجد الخبير ما يستدل منه على وضع يد المطعون ضدهم على الأرض، وقد أخذت المحكمة الابتدائية بهذا النظر وقضت للطاعنة بطلباتها ومع ذلك فقد أطرح الحكم المطعون فيه تقرير الخبير ولم يتعرض لسند ملكية الطاعنة كما لم يعن بالرد على أسباب الحكم الابتدائي. وحاصل الوجه الثاني أن الطاعنة طلبت في مذكرتها المقدمة منها لمحكمة الاستئناف استبعاد شهادة الأستاذ بنفينست أحد شهود المطعون ضدهم، لأنه شقيق زوجة المطعون ضده الأول وكان محامياً عن المطعون ضدهم في دعوى منع التعرض رقم 301 سنة 1951 مدني الرمل التي تفرعت عنها الدعوى الحالية فلا يجوز له قانوناً أداء الشهادة في هذا النزاع، ومع ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن الحكم المطعون فيه - على ما سبق بيانه في الرد على السبب الثاني - قد أقام قضاءه على أن المطعون ضدهم وضعوا اليد على أرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية، فلا حاجة بعد ذلك لأن يتحدث عن عقد ملكية الطاعنة، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على أساس سليم من القانون فلا حاجة به للرد على أسباب الحكم الابتدائي. ومردود في وجهه الثاني بأن القانون لم يجعل قرابة الشاهد لأحد الخصوم مانعة من أداء الشهادة، وأما ما أثارته الطاعنة في مذكرتها من أن الأستاذ بنفينست المحامي أحد شهود المطعون ضدهم كان محامياً عنهم في دعوى منع التعرض التي تفرعت عنها الدعوى الحالية فلا يجوز له أداء الشهادة فيها - فمردود بأن المادة 208 من قانون المرافعات تقضي بأنه يجب على المحامين والوكلاء والأطباء أو غيرهم أن يؤدوا الشهادة عن الوقائع التي علموا بها من طريق مهنتهم أو صنعتهم متى طلب منهم ذلك من أسرها لهم، وإذ تقضي المادة 34 من القانون رقم 96 سنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم على أن للمحامي أن يمتنع عن أداء مثل هذه الشهادة وأنه لا يجوز تكليفه أداءها في نزاع وكل أو استشير فيه فإن مؤدى هاتين المادتين أن المشرع وإن كان قد حظر على الخصوم تكليف المحامي أداء الشهادة في نزاع وكل أو استشير فيه إلا أنه لم يمنعه بطريق اللزوم من أدائها - فله أن يؤديها متى طلب منه موكله ذلك - ولما كان الثابت من الأوراق أن الأستاذ بنفينست المحامي قد أدى الشهادة بناء على تكليف من موكليه "المطعون ضدهم" فإن الحكم - إذ استند إلى أقواله - لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 3/ 6/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 764.

الطعن 194 لسنة 36 ق جلسة 17 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 185 ص 1138

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

-------------------

(185)
الطعن رقم 194 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "ميعاد الطعن". قانون. "الأثر الرجعي".
ميعاد الطعن بالنقض. ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. القانون 4 لسنة 1967 سريانه من تاريخ نشر القانون 43 لسنة 1965.
(ب) بطلان. "بطلان الإجراءات". إعلان. "بطلان الإعلان". نقض. "إعلان الطعن".
إعلان تقرير الطعن في غير موطن أحد المطعون ضدهم. بطلان نسبي. لا يجوز لغيره التمسك بهذا البطلان. ولو كانت له مصلحة فيه.
(ج) إعلان. "الإعلان لجهة الإدارة". بطلان. "بطلان الإجراءات".
إخطار المعلن إليه بتسليم الإعلان لجهة الإدارة. لصق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان. كاف لإثبات حصول الإخطار. على النحو الذي قصدته المادة 12 من قانون المرافعات السابق.

------------------
1 - لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وقررت أن ميعاد الطعن بالنقض يبقى ستين يوماً، وأشارت المادة الثالثة منه بأن يعمل بهذه المادة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 المشار إليه وهو 22 يوليو سنة 1965، فإن مؤدى ذلك أن العود إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 لسنة 1955 لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانونين رقمي 57 لسنة 1957 و100 لسنة 1962، فيبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
2 - البطلان المترتب على إعلان المطعون ضده الثاني في غير موطنه هو بطلان نسبي مقرر لمصلحته فليس لغيره أن يتمسك به، ولا يقدح في ذلك ما يقوله المطعون ضده الأول من وجود مصلحة له في هذا الدفع لما يستتبعه القضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني من بطلان الطعن برمته بسبب صدور الحكم في دعوى مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها (دعوى استرداد)، ذلك أن إفادة من صح إعلانهم من البطلان الحاصل في إعلان غيرهم من المطعون ضدهم لا يكون إلا بعد أن يثبت هذا البطلان بالطريق الذي يتطلبه القانون فيتمسك به صاحب الشأن فيه وتحكم به المحكمة، وعندئذ فقط يستتبع الحكم ببطلان الطعن بالنسبة لمن لم يصح إعلانه من المطعون ضدهم بطلانه أيضاً بالنسبة للجميع.
3 - إذا كان البين من تدوينات الحكم المطعون فيه أن المحضر قام بعد أن سلم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة بلصق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان، وكان ما يحويه هذا الإيصال من بيانات بعد لصقه قد اندمج في أصل الإعلان وأصبح جزءاً منه، وكان ما نصت عليه المادة 12/ 3 من قانون المرافعات السابق من وجوب أن يبين المحضر بأصل الإعلان جميع الخطوات التي قام بها ينصرف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى تلك الخطوات التي سبقت تسليم الصورة أما الخطوات اللاحقة على ذلك فحسب المحضر وقد سلم الصورة أن يثبت قيامه بها على أصل ورقة الإعلان، وكان أصل ورقة الإعلان في الحالة المتقدمة وبعد لصق الإيصال به ينبئ بذاته بدون الرجوع إلى أي دليل آخر غير مستمد منه عن أن المحضر قد أثبت به إرساله إلى المعلن إليهما الإخطار الذي يدل على تسليمه صورة الإعلان إلى جهة الإدارة وقيامه بهذا الإجراء في الميعاد على النحو الذي قصدته المادة 12 سالفة الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الإعلان، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 148 سنة 1964 مدني كلي الزقازيق وطلب الحكم بأحقيته للمنقولات المبينة بصحيفة الدعوى وإلغاء الحجز الموقع عليها بتاريخ 21/ 1/ 1963 لصالح الطاعن ضد المطعون ضده الثاني، وفي 3/ 5/ 1965 قضت محكمة أول درجة للمطعون ضده الأول بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بالاستئناف رقم 105 سنة 8 ق. دفع المطعون ضده الأول باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، تأسيساً على أنه لم يعلن للمطعون ضدهما الأولين إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته إلى قلم المحضرين لخلو أصل ورقته من بعض البيانات الجوهرية، إذ لم يثبت بها المحضر أنه وجه إليهما في موطنهما الأصلي خلال أربع وعشرين ساعة من تسليم الورقة إلى جهة الإدارة كتاباً موصى عليه يخبرهما فيه أن الصورة سلمت إلى تلك الجهة. ومحكمة استئناف المنصورة حكمت في 8/ 2/ 1966 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون ضده الأول بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه وهو الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 من قانون المرافعات السابق كما دفع ببطلان الطعن لإعلان التقرير إلى المطعون ضده الثاني في غير موطنه مما يبطله بالنسبة له ويستتبع بطلانه بالنسبة لسائر المطعون ضدهم لصدور الحكم المطعون فيه في دعوى استرداد، وهي مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفعين وبنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الدفع الأول مردود، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وقررت أن ميعاد الطعن بالنقض يبقى ستين يوماً، وأشارت المادة الثالثة منه بأن يعمل بهذه المادة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 المشار إليه وهو 22 يوليو سنة 1965، فإن مؤدى ذلك أن العود إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 لسنة 1955 لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانونين رقمي 57 لسنة 1957، 100 لسنة 1962، فيبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً جارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. وإذ صدر الحكم المطعون فيه في 8/ 2/ 1966 وكان الطاعن قد قرر بالطعن بالنقض في 7/ 4/ 1966، أي قبل ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد مما يتعين معه رفض الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بسقوط الحكم في الطعن.
وحيث إن الدفع الثاني مردود، ذلك أن البطلان المترتب على إعلان المطعون ضده الثاني في غير موطنه، هو بطلان نسبي مقرر لمصلحته فليس لغيره أن يتمسك به، ولا يقدح في ذلك ما يقوله المطعون ضده الأول من وجود مصلحة له في هذا الدفع لما يستتبعه القضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني من بطلان الطعن برمته بسبب صدور الحكم في دعوى مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها، ذلك أن إفادة من صح إعلانهم من البطلان الحاصل في إعلان غيرهم من المطعون ضدهم لا يكون إلا بعد أن يثبت هذا البطلان بالطريق الذي يتطلبه القانون، فيتمسك به صاحب الشأن فيه وتحكم به المحكمة، وعندئذ فقط يستتبع الحكم ببطلان الطعن بالنسبة لمن لم يصح إعلانه من المطعون ضدهم، بطلانه أيضاً بالنسبة للجميع. ومن ثم فلا يسوغ قانوناً للمطعون ضده الأول التمسك ببطلان الطعن لعيب في إعلان الطعن إلى المطعون ضده الثاني وإن صدر الحكم المطعون فيه في دعوى مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها، طالما أن هذا الأخير لم يتمسك ببطلان الطعن بالنسبة له، لما كان ما تقدم فإن هذا الدفع يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه ببطلان الإعلان الموجه إلى المطعون ضده الأول إلى أن المحضر لم يبين في أصل الإعلان أنه أرسل إلى المطعون ضدهما الأولين في موطنهما الأصلي كتاباً موصى عليه يخبرهما فيه بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة، وإلى أن لصق إيصال الكتاب المذكور بأصل الإعلان لا يغني عن وجوب أن يثبت المحضر في محضره جميع الخطوات التي اتبعها في الإعلان، بما في ذلك قيامه بتوجيه الخطاب المشار إليه إلى المعلن إليهما، هذا في حين أن غاية ما تتطلبه المادة 12 من قانون المرافعات السابق في هذه الحالة أن يرسل المحضر خطاباً موصى عليه إلى المعلن إليه في ميعاده، وأن يثبت في محضره أنه أرسل هذا الخطاب في الميعاد، ويرى الطاعن أن هذين الأمرين قد تحققا من قيام المحضر بلصق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان، هذا إلى أن الإجراءات التي يجب على المحضر إثباتها في محضره هي تلك الخطوات التي تسبق تسليم الصورة المراد إعلانها لجهة الإدارة، وهي وحدها التي إذا أغفل المحضر ذكرها في محضره بطل الإعلان أما باقي الخطوات التي تلي تسليم الصورة لجهة الإدارة ومن بينها توجيه الخطاب المشار إليه إلى المعلن إليه فيكفي إثبات قيام المحضر بها في أصل الإعلان دون الصورة التي يكون قد سلمها فعلاً، فإذا قام المحضر بلصق إيصال الخطاب الذي وجهه إلى المعلن إليهما بأصل الإعلان وقضى الحكم رغم ذلك ببطلان إعلانهما فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما كانت المادة 12 من قانون المرافعات السابق تقضي بأنه يجب على المحضر أن يرسل إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً موصى عليه يخبره فيه أن الصورة سلمت لجهة الإدارة وعلى المحضر أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته، مما مؤداه أنه يجب على المحضر أن يرسل الإخطار في الميعاد المنصوص عليه فيها وأن يثبت في محضره قيامه بإرسال هذا الإخطار في الميعاد، إلا أنه لما كان البين من تدوينات الحكم المطعون فيه أن المحضر قام - وبعد أن سلم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة، بلصق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان، وكان ما يحويه هذا الإيصال من بيانات بعد لصقه قد اندمج في أصل الإعلان وأصبح جزءاً منه، وكان ما نصت عليه المادة 12/ 3 من وجوب أن يبين المحضر بأصل الإعلان وصورته جميع الخطوات التي قام بها ينصرف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى تلك الخطوات التي سبقت تسليم الصورة، أما الخطوات اللاحقة على ذلك فحسب المحضر وقد سلم الصورة أن يثبت قيامه بها على أصل ورقة الإعلان وكان أصل ورقة الإعلان في الحالة المتقدمة وعلى النحو السالف بيانه، وبعد لصق الإيصال به ينبئ بذاته بدون الرجوع إلى أي دليل آخر غير مستمد منه عن أن المحضر قد أثبت به إرساله - إلى المعلن إليهما - الإخطار الذي يدل على تسليمه صورة الإعلان إلى جهة الإدارة وقيامه بهذا الإجراء في الميعاد على النحو الذي قصدته المادة 12 سالفة الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الإعلان الموجه إلى المطعون ضده الأول ورتب على ذلك قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 192 لسنة 36 ق جلسة 10 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 184 ص 1130

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(184)
الطعن رقم 192 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "ميعاد الطعن". قانون. "الأثر الرجعي".
ميعاد الطعن بالنقض. ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. القانون 4 لسنة 1967 سريانه ابتداء من تاريخ نشر القانون 43 لسنة 1965.
(ب) قضاة. "نقل القاضي". حكم. "إصدار الحكم".
صدور قرار جمهوري بنقل القاضي. عدم زوال ولاية القضاء عنه في المحكمة المنقول منها إلا إذا أبلغ بالقرار. النطق بالحكم قبل ذلك. صحيح.
(ج) شفعة. تسجيل.
البيع الذي تجوز فيه الشفعة. لا يشترط أن يكون مسجلاً.
(د) شفعة. "الخصوم في الدعوى". دعوى. صورية.
عند توالي البيوع. وجوب إدخال المشتري الثاني خصماً في الدعوى متى تم البيع الثاني قبل تسجيل إعلان الرغبة ولو ادعى الشفيع صورية هذا العقد الأخير.
(هـ) شفعة. "التدخل في الدعوى". دعوى.
عدم اختصام المشتري الثاني للعين المشفوع فيها في دعوى الشفعة. تدخله بعد انقضاء مواعيد طلب الشفعة. لا يصحح الإجراءات.

----------------
1 - لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وقررت بأن ميعاد الطعن بالنقض يبقى ستين يوماً، وأشارت المادة الثالثة منه بأن يعمل بهذه المادة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 المشار إليه وهو 22 من يوليو سنة 1965، فإن مؤدى ذلك هو أن العودة إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 لسنة 1955 لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانونين 57 لسنة 1957 و100 لسنة 1962 فيبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
2 - صدور قرار جمهوري بنقل القاضي من محكمة إلى أخرى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يزيل عنه ولاية القضاء في المحكمة المنقول منها إلا إذا أبلغ إليه القرار الجمهوري بصفة رسمية من وزير العدل، لما كان ذلك وكانت الأوراق المقدمة في ملف الطعن خلواً مما يفيد تبليغ قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر إلى السيد المستشار رئيس الدائرة قبل صدور الحكم، فإنه لا يعتد بصدور هذا القرار قبل النطق بالحكم.
3 - لا يشترط في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل، ولا محل للتفرقة في هذا الخصوص بين حالتي البيع الواحد والبيوع المتوالية.
4 - يجب على الشفيع الذي يريد ممارسة حقه في الأخذ بالشفعة في حالة توالي البيوع أن يستعمل حقه وفقاً للمادة 938 من القانون المدني قبل المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها متى ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل طلب إعلان الرغبة في الشفعة. ولا يقدح في ذلك ما قد يوهم به نص المادة المشار إليها من وجود اختلاف بينها وبين نص المادة التاسعة من قانون الشفعة الملغى، لأن مرد ذلك إلى عدم إحكام الصياغة اللفظية للمادة 938 سالفة الذكر، فالوقت المعول عليه لعدم الاحتجاج على الشفيع بالبيع الثاني هو وقت تسجيل إعلان الرغبة، ولا عبرة بتاريخ حصول الإعلان، ومما يؤيد هذا النظر المادة 947 من القانون المدني التي تقضي بأنه لا يسري في حق الشفيع أي تصرف يصدر من المشتري إذا كان قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة، مما مؤداه بمفهوم المخالفة أنه لا يحق للشفيع أن يتحلل من واجب إدخال المشتري الثاني في دعوى الشفعة طالما أنه قد ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل إعلان رغبة الشفيع، يؤكد هذا النظر أن المادة 942 من القانون المدني قضت بأن إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة لا يكون حجة على الغير إلا إذا سجل. ولا عبرة بما يسوقه الطاعنان (الشفيعان) من أن عقد المشتري الثاني عقد صوري قصد به التحايل لمنع الشفعة إذ أن دعوى الشفعة لا تكون مقبولة إلا إذا دارت الخصومة فيها بين جميع أطرافها مهما تعددوا، الأمر الذي يستلزم أن توجه الدعوى إلى المشتري الثاني، إذ هو صاحب الشأن الأول في دفع الصورية وإثبات جدية عقده.
5 - إذ اقتصر الطاعنان (الشفيعان) عندما أقاما دعواهما بالشفعة على مخاصمة المطعون عليهما الثاني والثالث (البائع والمشتري الأول) دون المطعون عليه الأول (المشتري الثاني) الذي أخطرهما بحصول البيع إليه، فإن قعود الطاعنين عن اختصامه - حسبما انتهى إليه الحكم المطعون فيه - يجعل دعواهما بالشفعة غير مقبولة، ولا يغير من ذلك تدخل المطعون عليه الأول (المشتري الثاني) في الدعوى لأن شرط إمكان القول باستقامة الدعوى بتدخله، أن يكون هذا التدخل قد حصل قبل انقضاء المواعيد التي يخول فيها القانون طلب الشفعة وهو الأمر الذي ثبت عدم تحققه في الدعوى الراهنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 952 لسنة 1962 مدني جزئي دكرنس ضد المطعون عليهما الثاني والثالث بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1962، وقالا بياناً لها إنه نما إلى علمهما أن المطعون عليه الثالث باع إلى المطعون عليه الثاني 3 ف و16 س من الأطيان الزراعية الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة مقابل ثمن قدره 151 ج و400 مليم للصفقة كلها على أساس خمسين جنيهاً للفدان الواحد، وأنه لما كانت أرضهما تجاور الأطيان المبيعة من ثلاثة جهات علاوة على اشتراكها معها في حق الارتفاق بالري فقد قاما بتوجيه إنذار إلى المطعون عليهما السالفين في 2 و9 من ديسمبر سنة 1962 يبديان فيه رغبتهما في أخذ تلك الأطيان بالشفعة أتبعاه برفع الدعوى بطلب أحقيتهما في أخذها بالشفة مقابل المبلغ المودع خزانة المحكمة ومقداره 155 جنيهاً ويمثل الثمن والملحقات. تدخل المطعون عليه الأول في الدعوى بجلسة 20 من مارس سنة 1963 وقال بأن المطعون عليه الثاني قد باعه بدوره ذات الأطيان بموجب عقد مؤرخ أول ديسمبر سنة 1962 نظير ثمن قدره 369 ج للفدان الواحد أي مبلغ 1764 ج للصفقة جميعها وأنه أقام الدعوى رقم 120 لسنة 1963 مدني كلي المنصورة بصحة هذا التعاقد وسجل صحيفتها في 21 من فبراير سنة 1963 وقد انتهت الدعوى صلحاً، وأنه كان قد وجه في 26 من ديسمبر 1962 إلى الطاعنين قبل إقامتهما الدعوى الحالية إنذاراً يخطرهما فيه بالبيع الصادر إليه وشروطه غير أنهما أقاما دعواهما دون اختصامه مما يسقط حقهما في طلب الشفعة وتصبح دعواهما بالتالي غير مقبولة. وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1963 قضت المحكمة الجزئية بقبول المطعون عليه الأول خصماً في الدعوى وبإحالتهما إلى محكمة المنصورة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 980 لسنة 1963 مدني. دفع الطاعنان بصورية عقد الخصم المتدخل ومحكمة أول درجة حكمت في 3 من مارس 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن عقد شراء المطعون عليه الأول عقد صوري، وبعد سماع الشهود حكمت برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبأحقية الطاعنين في أخذ العقار المبيع من المطعون عليه الثالث إلى المطعون عليه الثاني بالشفعة مقابل مبلغ 155 ج. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 293 لسنة 16 ق المنصورة وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1966 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط حق الطاعنين في أخذ العقار المبيع بالشفعة. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليه الأول بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبرفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن دفع المطعون عليه الأول بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد يستند إلى أن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية عادت بإجراءات الطعن بالنقض إلى القواعد التي كانت متبعة أصلاً في قانون المرافعات السابق ومن بينها المادة 428 منه التي حددت ميعاد الطعن بالنقض بثلاثين يوماً وأن ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ صدور الحكم طبقاً للمادة 379 من ذات القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 9 من فبراير سنة 1966 ولم يقرر بالطعن فيه إلا في 6 من إبريل 1966 فإنه يكون مرفوعاً بعد الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وقررت بأن ميعاد الطعن بالنقض يبقى ستون يوماً، وأشارت المادة الثالثة منه بأن يعمل بهذه المادة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 المشار إليه وهو 22 من يوليو 1965، فإن مؤدى ذلك هو أن العود إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 لسنة 1955 لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانونين رقمي 57 لسنة 1957 و100 لسنة 1962 فيبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. وإذ صدر الحكم في 9 من فبراير سنة 1966 وكان الطاعنان قد قررا بالطعن بالنقض في 6 من إبريل سنة 1966 أي قبيل ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد مما يتعين معه رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان، ويقولان في بيان ذلك إن رئيس الدائرة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم المطعون فيه بتاريخ 9 من فبراير سنة 1966 كان قد عين رئيساً لمحكمة استئناف طنطا بموجب القرار الجمهوري رقم 469 لسنة 1966 الذي أشير فيه إلى العمل به اعتباراً من تاريخ صدوره في 5 من فبراير سنة 1966 فيكون بذلك قد اشترك بعد زوال ولايته في إصدار الحكم مما يبطله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأن صدور قرار جمهوري بنقل القاضي من محكمة إلى أخرى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يزيل عنه ولاية القضاء في المحكمة المنقول منها إلا إذا أبلغ إليه القرار الجمهوري بصفة رسمية من وزير العدل، لما كان ذلك وكانت الأوراق المقدمة في ملف الطعن خلواً مما يفيد تبليغ قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر إلى السيد المستشار رئيس الدائرة قبل صدور الحكم، فإنه لا يعتد بصدور هذا القرار قبل النطق بالحكم، ويكون النعي بالبطلان لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، يتحصل أولهما أنهما تمسكا بأن البيع الذي تثبت فيه الشفعة ويوجب توجيه إجراءاتها إلى المشتري لا يكون إلا إذا صدر ممن كان عقده مسجلاً فيشترط حتى يتابع الطاعنان - باعتبارهما شفيعين - البيع الصادر من المشتري الأول (المطعون عليه الثاني) إلى المشتري الثاني (المطعون عليه الأول) أن يكون المشتري الأول قد سجل عقده قبل إجراء البيع إلى المشتري الثاني وإذ قضى الحكم بالشفعة رغم عدم تسجيل عقد المشتري الأول فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم قضى بسقوط حق الطاعنين في الأخذ بالشفعة بسبب عدم اختصام المشتري الثاني (المطعون عليه الأول) في الدعوى التي أقاماها على سند من القول بأن مجرد إعلان إبداء الرغبة دون تسجيله قبل البيع الثاني ليس من شأنه أن يحول دون وجوب إعلان المشتري الثاني في الميعاد القانوني في حين أن المادة 938 من القانون المدني التي تحكم النزاع لا تشترط - وعلى خلاف المادة التاسعة من قانون الشفعة الملغى - تسجيل إعلان الرغبة قبل البيع الثاني وإنما يكفي بمقتضى المادة 938 المشار إليها أن يكون مجرد إعلان الرغبة سابقاً على ذلك البيع كي تصح إجراءات الشفعة دون ضرورة لتوجيهها إلى المشتري الثاني، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر ولم يعول على دفاع الطاعنين بصورية عقد الخصم المتدخل بما يترتب عليه من عدم ضرورة اختصامه في الدعوى وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود، ذلك أنه لا يشترط في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل، ولا محل للتفرقة في هذا الخصوص بين حالتي البيع الواحد والبيوع المتوالية، لما كان ذلك وكان يجب على الشفيع الذي يريد ممارسة حقه في الأخذ بالشفعة في حالة توالي البيوع أن يستعمل حقه وفقاً للمادة 938 من القانون المدني قبل المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها متى ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل طلب إعلان الرغبة في الشفعة ولا يقدح في ذلك ما قد يوهم به ظاهر نص المادة المشار إليها من وجود اختلاف بينها وبين نص المادة التاسعة من قانون الشفعة الملغى لأن مرد ذلك إلى عدم إحكام الصياغة اللفظية للمادة 938 سالفة الذكر، فالوقت المعول عليه لعدم الاحتجاج على الشفيع بالبيع الثاني هو وقت تسجيل إعلان الرغبة ولا عبرة بتاريخ حصول الإعلان، وكان مما يؤيد هذا النظر المادة 947 من القانون المدني التي تقضي بأنه لا يسري في حق الشفيع أي تصرف يصدر من المشتري إذا كان قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة، مما مؤداه بمفهوم المخالفة أنه لا يحق للشفيع أن يتحلل من واجب إدخال المشتري الثاني في دعوى الشفعة طالما أنه قد ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل إعلان رغبة الشفيع، وكانت المادة 942 من ذات القانون قد أكدت هذا النظر إذ قضت بأن إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة لا يكون حجة على الغير إلا إذا سجل. وكان لا عبرة بما يسوقه الطاعنان في هذا الصدد من أن عقد المشتري الثاني عقد صوري قصد به التحايل لمنع الشفعة إذ أن دعوى الشفعة لا تكون مقبولة إلا إذا دارت الخصومة فيها بين جميع أطرافها مهما تعددوا الأمر الذي يستلزم أن توجه الدعوى إلى المشتري الثاني، إذ هو صاحب الشأن الأول في دفع الصورية وإثبات جدية عقده. لما كان ما تقدم وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أبديا رغبتهما في أخذ العقار المبيع بالشفعة بعد أن وصل إلى علمهما نبأ العقد الأول المبرم بين المطعون عليهما الثاني والثالث بتاريخ 2 و9 من ديسمبر سنة 1962، وأن المطعون عليه الأول أخطرهما بحصول البيع الثاني إليه بموجب إنذاره المعلن إلى الطاعنين في 26 من ديسمبر سنة 1962 أي في تاريخ سابق على تسجيل إبداء رغبتهما الذي لم يحصل إلا في 16 من مارس سنة 1963، وكان الطاعنان قد اقتصرا عندما أقاما دعواهما بالشفعة في 31 من ديسمبر سنة 1962 على مخاصمة المطعون عليهما الثاني والثالث دون المطعون عليه الأول وهو المشتري الثاني الذي أخطرهما بحصول البيع إليه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن قعود الطاعنين عن اختصام المطعون عليه الأول مع ثبوت تلك الوقائع يجعل دعواهما بالشفعة غير مقبولة، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولا يغير من ذلك تدخل المطعون عليه الأول في الدعوى لأن شرط إمكان القول باستقامة الدعوى بتدخله أن يكون هذا التدخل قد حصل قبل انقضاء المواعيد التي يخول فيها القانون طلب الشفعة، وهو الأمر الذي أثبتت تدوينات الحكم عدم تحققه في الدعوى الراهنة، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه لهذا السبب بوجهيه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 354 لسنة 30 ق جلسة 9 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 155 ص 986

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

---------------

(155)
الطعن رقم 354 لسنة 30 القضائية

(أ) نقض. "الخصوم في الطعن". حكم. "الطعن في الأحكام".
عدم جواز الطعن في الحكم إلا من المحكوم عليه. عدم القضاء على الطاعن بشيء مما أقيم الطعن من أجله. عدم جواز الطعن.
(ب) عقد. "انعقاده". "الإيجاب والقبول". "فسخ العقد". "الفسخ الاتفاقي". محكمة الموضوع.
مناط انعقاد الاتفاق وتمامه أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب لا يختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً وإلا كان هذا القبول المخالف رفضاًًً يتضمن إيجاباً جديداً.
استخلاص محكمة الموضوع بأسباب سائغة عدم حصول الاتفاق على الفسخ لعدم مطابقة الإيجاب للقبول أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة لمحكمة النقض في ذلك.
(ج) شركات. "شركة التضامن". "بطلان الشركة". "شركة فعلية".
عدم استيفاء شركة التضامن إجراءات الشهر والنشر لا يترتب عليه بطلانها فيما بين الشركاء إلا إذا طلب ذلك أحدهم وحكم به. اعتبار العقد صحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء بالبطلان وتظل الشركة في هذه الفترة قائمة باعتبارها "شركة فعلية".
قضاء الحكم بمساءلة أحد الشركاء لعدم تنفيذه التزامه بنقل ملكية ما باعه من أرض للشركة - التي لم تستوف إجراءات شهرها - وبيعه ذات الأرض لشركة أخرى. لا مخالفة فيه للقانون.
(د) شركات. "شهر الشركة".
استيفاء إجراءات شهر ونشر الشركة ليس منوطاً بمدير الشركة وحده بل يجوز لكل من الشركاء القيام به.
(هـ) شركات. "طلب إبطال الشركة". بطلان. "أثره".
طلب إبطال الشركة في مواجهة الشركاء حق لكل شريك في شركة التضامن. القضاء ببطلان الشركة ليس له أثر رجعي. بقاء الشركة - في الفترة السابقة على القضاء بالبطلان - تستمد وجودها من العقد ولها شخصيتها الاعتبارية.

---------------
1 - لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه فإذا كان لم يقض على الطاعن الثاني بشيء مما أقيم الطعن من أجله فإن الطعن يكو غير جائز منه.
2 - يجب لتمام الاتفاق وانعقاده أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب أما إذا اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً. فإذا كانت محكمة الموضوع قد استندت فيما قررته من انتفاء حصول الاتفاق على الفسخ لعدم مطابقة الإيجاب بالفسخ للقبول إلى ما استخلصته استخلاصاً سائغاً من العبارات المتبادلة بين طرفي الخصومة في مجلس القضاء وكان لا رقابة في ذلك لمحكمة النقض إذ أن استخلاص حصول الاتفاق على الفسخ من عدمه هو مما تستقل به محكمة الموضوع فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ تطبيقه.
3 - جرى قضاء محكمة النقض على أن عدم استيفاء شركة التضامن إجراءات الشهر والنشر لا يترتب عليه بطلانها فيما بين الشركاء إلا إذا طلب ذلك أحدهم وحكم به وعندئذ يعتبر العقد موجوداً وصحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء بالبطلان فيرجع إليه في تنظيم العلاقة بين الشركاء وتسوية حقوقهم والتزاماتهم، ذلك أن البطلان الناشئ عن عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر لا يقع بحكم القانون بل تظل الشركة قائمة باعتبارها "شركة فعلية" ويسري عقدها في مواجهة الشركاء حتى يطلب بطلانها ويقضى به. وإذ رتب الحكم على قيام الشركة الفعلية مساءلة أحد الشركاء لعدم تنفيذه التزامه لنقل ملكية ما باعه من أرض لها وبيعه ذات الأرض لشركة أخرى قبلما يقضي ببطلان الشركة الأولى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
4 - مفاد نص المادة 49 من قانون التجارة أن استيفاء الإجراءات المتعلقة بشهر ونشر الشركة (شركة التضامن) ليس منوطاً بمدير الشركة وحده بل يجوز لكل من الشركاء القيام به. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر وهو بصدد مؤاخذة الطاعن على عدم قيامه بإجراءات الشهر والنشر بصفته شريكاً أنه لا يفيد من إهماله للتخلص من التزامه قبل باقي الشركاء بنقل ملكية ما باعه من أرض إلى الشركة ومن مسئوليته عن التعويض بعد أن جعل تنفيذ الالتزام عيناً متعذراً بتصرفه في ذات الأرض لشركة أخرى بعقد مسجل، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون.
5 - لئن كان لكل شريك في شركة التضامن الحق في أن يطلب بطلان الشركة في مواجهة الشركاء لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر حتى لا يبقى في شركة مهددة بالانقضاء في أي وقت قبل الأجل المحدد لها بعقد تكوينها إلا أنه ليس لهذا البطلان أثر رجعي بل تظل الشركة موجودة وجوداً صحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء به رغم عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر وذلك باعتبارها شركة فعلية لها شخصيتها الاعتبارية التي تستمد وجودها من العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 26 سنة 1955 تجاري كلي الإسماعيلية ضد الطاعنين وقالوا شرحاً لها إنهم اتفقوا مع الطاعنين بموجب عقد مؤرخ 1/ 6/ 1952 على تكوين شركة تضامن لاستغلال الجبس والمصيص مركزها مدينة الإسماعيلية ومدتها خمس عشرة سنة قابلة للتجديد برأس مال قدره 45 ألف جنيه يدفع مناصفة بين الطرفين. ونص بالعقد على أن إدارة الشركة منوطة بالمطعون ضده الثالث وأمانة صندوقها منوطة بالطاعن الثاني وأن لهما حق التوقيع عن الشركة مجتمعين لدى البنوك، كما اتفق الطرفان بذات العقد على أن يشتريا لحساب الشركة مساحة قدرها 246 فداناً مملوكة للطاعن الأول بها جبس وعليها مصنع لاستغلال الجبس والمصيص لقاء مبلغ 33625 جنيهاً، دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأول نصفه إلى الطاعن الأول، كما اتفقا على أن يقوم الأخير بتحرير العقد الابتدائي الخاص بشراء الأرض والمصنع المملوكين له تمهيداً لتسجيله باسم الشركة بعد إتمام إجراءات شهرها وأن يقوم الشركاء بعد تمام عقدي الشركة والبيع بتكملة رأس المال كل حسب حصته فيه - واستطرد المطعون ضدهم الثلاثة الأول قائلين إنه تنفيذاً لهذا الاتفاق أبرم عقد الشركة بين الطرفين في 15/ 6/ 1952 وأعد الطاعن الأول عقد البيع الخاص بنقل الأطيان والمصنع من ملكيته إلى ملكية الشركة وقدمه إلى مصلحة الشهر العقاري في 10 يوليه سنة 1952 وحصل على رقم أسبقية في نفس التاريخ ولكنه وقف عند هذا وعمد إلى تكوين شركة مع آخرين لاستغلال ذات منطقة الجبس موضوع العقد الذي أبرمه مع المطعون ضدهم الثلاثة الأول وأخذ يسوف في إجراءات تسجيل عقد البيع المحرر عن الأرض والمصنع مما حدا بهم إلى إنذار الطاعنين بضرورة تنفيذ ما اتفق عليه وإلا التزما برد المبلغ الذي تسلماه وقدره 16812 جنيهاً و500 مليم مع فسخ عقدي الاتفاق والشركة، وأنه إذ لم يستجب الطاعنان لما جاء بإنذارهم فقد أقاموا الدعوى الحالية - وبعد تعديل طلباتهم أكثر من مرة انتهوا في مذكرتهم الختامية إلى طلب الحكم بصفة أصلية بصحة ونفاذ العقد المؤرخ أول يونيه سنة 1952 والمتضمن بيع الطاعن الأول 246 فداناً موضحة بصحيفة تعديل الطلبات وباستمرار نفاذ عقد الشركة المؤرخ 15/ 6/ 1952 عن المدة الواردة به والتي تنتهي في 14/ 6/ 1967 وما يتبع ذلك من إلزام الطاعنين بأن يودعا أحد البنوك بالإسماعيلية باقي حصتهما في رأس مال الشركة وقدرها 5687 جنيهاًً و200 مليم وبإلزام الطاعن الأول بأن يضع موجودات الشركة من آلات ومبان وعقارات وجبس تحت تصرف مدير الشركة المطعون ضده الثالث وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا متضامنين للمطعون ضدهم الثلاثة الأول تعويضاً قدره عشرون ألفاً من الجنيهات وببطلان عقد الشركة المعقود بين الطاعن الأول والمطعون ضده الرابع بصفته مديراً للشركة الأهلية للجبس والمصيص، وطلبوا احتياطياً فسخ الاتفاق المؤرخ 1/ 6/ 1952 وحل الشركة ورد المبلغ المدفوع منهم ومقداره 9512 جنيهاً و500 مليم مع الفوائد بواقع 5% بعد خصم قيمة السندات الإذنية وبإلزام الطاعنين بتعويض قدره 20000 جنيه - دفع الطاعنان الدعوى بأن أولهما لم يتسلم من المطعون ضدهم كامل نصيبهم في ثمن الأرض والمصنع وقدره 16812 جنيهاً و500 مليم وإنما تسلم 9512 جنيهاً و500 مليم نقداً والباقي سندات إذنية لم يتسن له صرفها وأنه إزاء قعودهم عن الوفاء بالتزاماتهم سواء بالنسبة لباقي ثمن الأرض أم باقي حصتهم في الشركة فقد وافقا منذ الجلسة الأولى على طلبهم الفسخ باعتبارهم المقصرين وأقاما دعوى فرعية ضدهم بتعويض قدره 10000 جنيه وأودعا خزانة المحكمة مبلغ 9512 جنيهاً و500 مليم الذي سبق أن تسلمه أولهما من ثمن الأرض والمصنع - وبتاريخ 22/ 5/ 1956 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بفسخ عقد الاتفاق المؤرخ 1/ 6/ 1952 وببطلان عقد شركة التضامن المؤرخ 15/ 6/ 1952 وبإلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول 9512 جنيهاً و500 مليم والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد، وفي الدعوى الفرعية برفضها - استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 23 سنة 9 ق تجاري استئناف المنصورة وبتاريخ 29/ 5/ 1960 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه (أولاً) برفض طلب صحة ونفاذ الاتفاق التمهيدي المؤرخ أول يونيه سنة 1952 (ثانياً) برفض طلب نفاذ عقد الشركة المؤرخ 15/ 6/ 1952 (ثالثاً) برفض طلب إلزام الطاعنين أن يودعا أحد المصارف باقي حصتهما في رأس مال الشركة (رابعاً) رفض طلب إلزام الطاعن الأول أن يضع موجودات الشركة تحت تصرف المطعون ضده الثالث (خامساً) إلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض (سادساً) تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 9512 جنيهاً و500 مليم والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد على أن يستوفى المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا المبلغ من المبلغ المودع خزانة محكمة بور سعيد الابتدائية بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1954 ومع تسليمهم السندات الإذنية الأربعة عشر المقدمة بحافظة الطاعنين (سابعاً) بعدم قبول طلب الحكم ببطلان الشركة التي يمثلها المطعون ضده الرابع - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بالنسبة لما قضى به في البند الخامس منه وما قضى به من فوائد في البند السادس منه وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فصممت النيابة على رأيها الذي أبدته بالمذكرة المقدمة منها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه لما كان الطعن قاصراً على طلب نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به في بنده الخامس من إلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 5000 جنيه وما قضى به في بنده السادس من تأييد الحكم المستأنف فيما حكم به من فوائد ضد الطاعن الأول عن المبلغ المحكوم عليه به، وكان لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه وكان لم يحكم على الطاعن الثاني بشيء مما أقيم الطعن من أجله فإن الطعن يكون غير جائز منه.
وحيث إنه عن طلب الطاعن الأول نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به ضده من فوائد عن المبلغ المحكوم به عليه وقدره 9512 ج و500 م بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد مستنداً في ذلك إلى ما أورده بالوجه الرابع من السبب الأول للطعن من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى بهذه الفوائد ولم يعتد بما قام به الطاعن الأول - بتاريخ 26/ 2/ 1954 من إيداع المبلغ المحكوم به لذمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول فإن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول كانوا قد طلبوا أصلياً الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع والشركة واحتياطياً إلزام الطاعن الأول بأن يدفع لهم مبلغ 16882 ج و500 م بعد خصم قيمة السندات الإذنية وفوائده بواقع 5%، وقد قضت محكمة أول درجة في طلبهم الأصلي برفضه وفي طلبهم الاحتياطي بإلزام الطاعن الأول بأن يدفع لهم مبلغ 9512 ج و500 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد، ولم يطعن الطاعن المذكور في هذا الحكم بالاستئناف بل استأنفه المطعون ضدهم الثلاثة الأول وتمسكوا بطلبيهم الأول والاحتياطي سالفي البيان وظل الاستئناف مطروحاً منهم وحدهم دون أن يقابله استئناف من الطاعن الأول حتى قضت محكمة الاستئناف في الشق السادس من حكمها بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن الأول بأن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 9512 ج و500 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 - وإذ كان الحكم الابتدائي الذي قضى بالفوائد ضد الطاعن الأول نهائياً قبله بعدم طعنه عليه بالاستئناف وكان الحكم المطعون فيه لم يقض في الاستئناف المقام على الطاعن بفوائد أكثر مما قضى به الحكم الابتدائي وإنما حكم بتأييده فيما قضى به ضده من فوائد عن المبلغ المحكوم به ابتدائياً وبذات السعر وعن المدة عينها - فإنه لا يجوز للطاعن الطعن في هذا الحكم بالنقض في خصوص قضائه عن الفوائد.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من عدة وجوه أولها أن الحكم استند في مساءلته عن التعويض إلى تكوينه شركة مع آخرين غرضها ذات غرض الشركة التي كونت بينه وبين المطعون ضدهم الثلاثة الأول وإلى بيعه للشركة الجديدة ذات الأرض التي كان قد تعاقد على بيعها للشركة الأولى وإلى أن هذا قد تم منه دون أن يحصل تقايل من العقد المبرم مع المطعون ضدهم الثلاثة الأول لأن الإيجاب الصادر منهم بالفسخ لم يطابقه القبول الصادر من الطاعنين، وهذا النظر من الحكم المطعون فيه ينطوي على مخالفة القانون لأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أعلنوا عن رغبتهم في فسخ عقد الشركة بكل الوسائل القانونية وقد وافقهم الطاعنان على هذا الفسخ بجلسة 25/ 1/ 1954 فتلاقى بذلك الإيجاب والقبول وأصبح العقد مفسوخاً باتفاق الطرفين من ذاك التاريخ أي قبل تكوين الشركة الجديدة بين الطاعن الأول وآخرين وقبل تصرفه في الأرض إليها في 29/ 1/ 1954.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الطعون فيه قرر في خصوص انتفاء حصول التفاسخ ما يلي... "أن المستأنفين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) رفعوا الدعوى طالبين في صحيفة افتتاحها فسخ عقد الاتفاق وحل الشركة مع رد المبلغ المدفوع وقدره 16812 ج و500 م وتعويض قدره خمسة آلاف جنيه وقد حدد لنظر الدعوى جلسة 25/ 1/ 1954 وفيها قرر الحاضر عن المستأنف عليهما (الطاعنين) أنه يوافق على طلب فسخ العقد وفض الشركة وذلك لتقصير المدعين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) عن الوفاء بالتزاماتهم وترى المحكمة أن هذا القبول من جانبهما لا يعتبر مطابقاً للإيجاب الصادر من المستأنفين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) إذ أن هذا الإيجاب كما تضمنته صحيفة الدعوى كان قائماً على أساس إخلال المستأنف عليهما (الطاعنين) بالتزاماتهما فإذا ما جاء القبول مغايراً للإيجاب أو محدداً بتغيير أساسه فلا يعتبر أن هنالك تطابقاً بين الإيجاب والقبول وخاصة أن المستأنفين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) قد اتخذوا أساس إيجابهم بالفسخ وهو تقصير المستأنف عليهما (الطاعنين) في التزاماتهما سبباً يقوم عليه هذا الإيجاب وسبباً أيضاً للمطالبة بالرد والتعويض. ومن ثم فقد انعدم التطابق بين الإيجاب والقبول ولا محل للقول بحصول التفاسخ" - وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه يجب لتمام الاتفاق وانعقاده أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب، أما إذا اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً - ولما كانت محكمة الموضوع قد استندت فيما قررته من انتفاء حصول التفاسخ لعدم مطابقة الإيجاب للقبول إلى ما استخلصته استخلاصاً سائغاً من العبارات المتبادلة بين طرفي الخصومة في مجلس القضاء، لما تفيده هذه العبارات من أن قبول الطاعنين جاء مشروطاً باعتبار المطعون عليهم الثلاثة الأول هم المقصرون في التزاماتهم، بينما كان أساس دعوى هؤلاء هو تقصير الطاعنين - وكان لا رقابة في ذلك من محكمة النقض لأن استخلاص حصول التفاسخ من عدمه هو مما يستقل به قاضي الموضوع - لما كان ذلك، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه اعتبر شركة التضامن التجارية التي عقدت بين الطاعن وباقي الشركاء ومنهم المطعون ضدهم الثلاثة الأول والتي لم تستوف إجراءات الشهر والنشر قائمة حتى يحكم ببطلانها ورتب على ذلك مسئولية الطاعن عن التعويض لعدم نقله للشركة ملكية أطيانه المشار إليها باتفاق 1/ 6/ 1952، في حين أن من المقرر قانوناً أن الشركات التجارية التي لم تستوف إجراءات الشهر والنشر لا تكتسب الشخصية المعنوية، ويجوز للشركاء الاحتجاج بعضهم على بعض بالبطلان الناشئ من عدم شهرها أو النشر عنها، ويضيف الطاعن أن الشركة كانت قد انقضت منذ 25/ 1/ 1954 بالتفاسخ وانحل بذلك العقد المبرم بشأنها والاتفاق التمهيدي المؤرخ 1/ 6/ 1952 المتضمن تعهده ببيع أطيان لها، وأن هذا كله ينفي التزامه بنقل ملكية هذه الأطيان إليها ولا يبقى للمطعون ضدهم الثلاثة الأول سوى استرداد ما دفعوه من ثمنها دون أي تعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن عدم استيفاء شركة التضامن إجراءات الشهر والنشر لا يترتب عليه بطلانها فيما بين الشركاء إلا إذا طلب ذلك أحدهم وحكم به، وعندئذ يعتبر العقد موجوداً وصحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء بالبطلان فيرجع إليه في تنظيم العلاقة بين الشركاء وتسوية حقوقهم والتزاماتهم - ذلك أن البطلان الناشئ عن عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر لا يقع بحكم القانون بل تظل الشركة قائمة باعتبارها شركة فعلية ويسري عقدها في مواجهة الشركاء حتى يطلب بطلانها ويقضى به - لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه قد قرر أن بطلان الشركة لعدم استيفاء - إجراءات الشهر والنشر لا ينتج أثره إلا بعد الحكم به وأنها تكون قائمة في الفترة بين تكوينها والحكم ببطلانها ورتب على ذلك مساءلة الطاعن عن التعويض لعدم تنفيذه التزامه بنقل ملكية ما باعه من أرض لها أثناء قيامها وبيعه ذات الأرض لشركة أخرى قبلما يقضى ببطلان الشركة الأولى، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد توخى صحيح حكم القانون - وما يقوله الطاعن من أن تصرفه في الأرض بالبيع لشركة أخرى قد حصل في 29/ 1/ 1954 بعد أن كان التفاسخ قد تم في 25/ 1/ 1954 وانحلت الشركة تبعاً لذلك - هذا القول مردود بما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قرر أن إجراءات شهر الشركة تقع على عاتق كل شريك ومنهم الطاعن باعتباره أحد الشركاء، وأنه كان يتعين عليه إتمام الشهر والنشر ونقل ملكية الأرض إلى الشركة في حين أن الثابت بالاتفاق التمهيدي المؤرخ أول يونيه سنة 1952 وعقد الشركة المؤرخ 15 يونيه سنة 1952 أن المطعون ضده الثالث هو مدير الشركة، وهو بهذه الصفة المسئول وحده عن شهر الشركة والنشر عنها، وإذ لم يقم بذلك فإنه يكون مسئولاً عن عدم استطاعة الطاعن نقل ملكية الأرض للشركة قبلما تستكمل كيانها ووجودها القانوني، مما تنتفي معه مساءلة الطاعن عن التعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص ما يلي "إن ما يقوله المستأنف عليه الأول (الطاعن) من أنه لم يستطع القيام بنقل الملكية إلى الشركة ما دامت إجراءات شهرها لم تتم وبالتالي فلم يكن لها الشخصية الاعتبارية التي تستطيع معها تلقي هذا الحق، فإن هذا القول مردود بما سبق ذكره من أن إتمام إجراءات الشهر لا يحرمها شخصيتها الاعتبارية إذ أن هذه الشخصية تترتب للشركة بمجرد تكوين عقدها، فإن الشخص المعنوي يستند في وجوده إلى وجود العقد حتى يحكم ببطلانه، وقد ثبت من وقائع هذه الدعوى أن عقد الشركة قد أبرم. على أنه من ناحية أخرى فإن إجراءات شهر الشركة تقع على عاتق كل شريك والمستأنف عليه الأول (الطاعن) هو أحد الشركاء فلا يجوز له أن يستفيد من إهماله - وأنه متى ثبت أن المستأنف عليه (الطاعن) قعد عن القيام بنقل ملكية الأطيان المبيعة منه إلى الشركة وقام ببيعها إلى الشركة المستأنف عليها الثالثة (المطعون ضدها الرابعة) بموجب تصرف مسجل حرم به المستأنفون (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) من تنفيذ التزامه جبراً. وحتى هذا فضلاً عما فيه من إخلال المستأنف عليه الأول (الطاعن) بالتزامه بموجب العقد الابتدائي المؤرخ أول يونيه سنة 1952 فإنه أيضاً مخالف للالتزام الوارد بعقد الشركة المبرم في 15 من يونيه سنة 1952 حيث جاء بهذا العقد في البند العاشر منه أنه لا يحق لأحد الشركاء أن يبيع حصته أو يتنازل عن جزء منها إلا بموافقة الشركاء كتابة" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أن المستفاد من نص المادة 49 من قانون التجارة أن استيفاء الإجراءات المتعلقة بشهر ونشر الشركة ليس منوطاً بمدير الشركة وحده بل يجوز لكل من الشركاء القيام به, ومتى كان الطاعن هو أحد الشركاء وفي مكنته القيام بهذه الإجراءات فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر - وهو بصدد مؤاخذته على عدم قيامه بإجراءات الشهر والنشر بصفته شريكاً - أنه لا يفيد من إهماله للتخلص من التزامه قبل باقي الشركاء بنقل ملكية ما باعه من أرض إلى الشركة ومن مسئوليته عن التعويض بعد أن جعل تنفيذ الالتزام عيناً متعذراً بتصرفه في ذات الأرض لشركة أخرى بعقد مسجل - إذ قرر الحكم ذلك لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه. فبينما ذهب إلى أن عدم إتمام إجراءات الشهر والنشر يترتب عليه البطلان الذي يجوز معه للشركاء أن يتمسكوا به في مواجهة بعضهم البعض، إذ به يقرر في موضع آخر أن الشركة موضوع عقد 15/ 6/ 1952 قد اكتسبت شخصيتها الاعتبارية بمجرد تحرير عقدها ويجوز للشركاء التمسك في مواجهة بعضهم البعض بهذه الشخصية، وهذان التقريران من جانب الحكم ينطويان على تناقض ظاهر في خصوص تكييف الشركة والقواعد القانونية التي تحكمها.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سلف بيانه في الرد على الوجهين الثاني والثالث من السبب الأول من أسباب الطعن وبما هو مقرر من أنه وإن كان لكل شريك في شركة تضامن الحق في أن يطلب بطلان الشركة في مواجهة الشركاء لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر حتى لا يبقى في شركة مهددة بالانقضاء في أي وقت قبل الأجل المحدد لها بعقد تكوينها، إلا أنه ليس لهذا البطلان أثر رجعي, بل تظل الشركة الموجودة وجوداً صحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء به رغم عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر وذلك باعتبارها شركة فعلية لها شخصيتها الاعتبارية التي تستمد وجودها من العقد. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذه التقريرات القانونية الصحيحة وحدد على هداها طبيعة البطلان الناشئ من عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر في شركات التضامن فإن النعي عليه بالتناقض في هذا الخصوص على النحو الذي يثيره الطاعن يكون على غير أساس.

الخميس، 30 مارس 2023

الطعن 372 لسنة 30 ق جلسة 4 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 154 ص 973

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

-------------

(154)
الطعن رقم 372 لسنة 30 القضائية

(أ) استئناف. "إجراءات نظر الاستئناف". "تقرير التلخيص".
وجوب وضع تقرير التلخيص في الاستئناف من العضو المقرر وتلاوته قبل بدء المرافعة. لم يستلزم القانون وضع تقرير آخر كلما جد جديد في الدعوى أثناء نظرها أمام المحكمة. في حالة تغيير بعض أعضاء المحكمة يجب تلاوة التقرير من جديد دون أن يشترط أن يكون هذا التقرير من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة.
(ب) وكالة. إثباتها. "الوكالة الضمنية".
وكالة الزوج عن زوجته لا تستخلص ضمناً من مجرد قيام رابطة الزوجية.
(ج) وكالة. وديعة. قرض. "حساب جاري". إثبات. "مبدأ ثبوت الكتابة".
علاقة البنك بالعميل الذي يقوم بإيداع مبالغ في حسابه لديه ليست علاقة وكالة. هي علاقة وديعة ناقصة. اعتبارها بمقتضى المادة 726 مدني قرضاًً - شرطاً مبدأ الثبوت بالكتابة الذي يجوز تكملته بالبينة: وجوب صدور الورقة من الخصم المراد إقامة الدليل عليه أو ممن ينوب عنه في حدود نيابته وأن يكون من شأنها أن تجعل الحق المدعى به قريب الاحتمال. لا يعد كذلك إيصال البنك بإيداع مبلغ لحساب شخص آخر دون تحديد للمودع.
(د) إثبات. "الإثبات بالقرائن". "قرائن قضائية".
القرينة القضائية من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها. تقدير القرائن القضائية من مطلق تقدير القاضي. مثال.
(هـ) قوة الأمر المقضي. إثبات. "القرائن القانونية". دعوى. بيع.
الحكم برفض دعوى صحة التعاقد لعدم قيام المشتري بالتزامه بدفع كامل الثمن، لا يمنع المشتري من العودة إلى دعوى صحة التعاقد إذا ما قام بإيفاء البائع بباقي الثمن.
(و) حكم. "قصور. ما يعد كذلك". إثبات. "الإثبات بالبينة". "المانع الأدبي من الحصول على الكتابة".
تمسك المشتري بقيام مانع أدبي بينه وبين البائع وهو أنه كان يعمل لديه. دفاع جوهري. إغفال الحكم بحث هذا الدفاع. قصور.
(ز) نقض. "الحكم في النقض". قضاة. "عدم صلاحية القاضي".
الأحكام الصادرة من محكمة النقض أحكام باتة لا سبيل للطعن عليها بأي طريق. المادة 27 من القانون 57 لسنة 1959 - لا يستثنى من ذلك إلا حالة الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض لقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية. المادتان 313 و341 من قانون المرافعات.

---------------
1 - إن كل ما أوجبه القانون هو أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريراً يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة. ولم يستلزم القانون وضع تقرير آخر كلما جد جديد في الدعوى أثناء نظرها أمام المحكمة كما أنه في حالة تغيير بعض أعضاء المحكمة بعد تلاوة التقرير فإنه وإن كان يجب تلاوة التقرير من جديد ليعلم من لم يكن حاضراً منهم عند تلاوة التقرير السابق بما لم يحط به علماً من قبل، إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذي يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفي تلاوة التقرير الذي وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير تفيد أن العضو الذي تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعياً لوضع تقرير جديد وتتحقق بهذه التلاوة الغاية التي يهدف إليها المشرع من إيجاب وضع التقرير وتلاوته (1).
2 - وكالة الزوج عن زوجته لا تستخلص ضمناً من مجرد قيام رابطة الزوجية.
3 - علاقة البنك بالعميل الذي يقوم بإيداع مبالغ في حسابه لدى البنك ليست علاقة وكالة وإنما هي علاقة وديعة ناقصة تعتبر بمقتضى المادة 726 من القانون المدني قرضاً ومن ثم فالإيصال الصادر من البنك بإيداع مبلغ لحساب شخص آخر - دون تحديد للمودع - لا يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بالبينة لأن الورقة التي تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجب أن تكون صادرة من الخصم المراد إقامة الدليل عليه أو ممن ينوب عنه في حدود نيابته وأن يكون من شأنها أن تجعل الحق المدعى به قريب الاحتمال وهو ما لا يتوافر في الإيصال المذكور.
4 - حيازة الطاعن لإيصال إيداع مبلغ بالبنك لحساب شخص آخر إن صح اعتباره قرينة على حصول الإيداع منه فإنها لا تعدو أن تكون قرينة قضائية وهي من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها والتي أطلق للقاضي في الأخذ بنتيجتها وعدم الأخذ بها، كما أطلق له في أن ينزل كل قرينة منها من حيث الأهمية والتقدير المنزلة التي يراها.
5 - الحكم برفض دعوى صحة التعاقد لعدم قيام المشتري بالتزامه بدفع كامل الثمن معناه - في هذه الصورة - رفضها بحالتها وهو لا يمنع المشتري من العودة إلى دعوى صحة التعاقد إذا ما قام بإيفاء البائع بباقي الثمن.
6 - متى كان الطاعن (المشتري) قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بقيام مانع أدبي بينه وبين البائعة - وهو أنه كان يعمل خادماً لديها وأن هذه العلاقة تحول بينه وبين الحصول على كتابة بما أوفاه من الثمن وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث هذا الدفاع الجوهري والرد عليه فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
7 - لا سبيل للطعن بأي طريق في الأحكام الصادرة من محكمة النقض إذ هي أحكام باتة وقد نصت المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه لا تجوز المعارضة في أحكام محكمة النقض الغيابية ولا يقبل الطعن في أحكامها بطريق التماس إعادة النظر. واغتنى المشرع عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن الأخرى العادية وغير العادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على تلك الأحكام. ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في المادة 314 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 313 من هذا القانون وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 53 سنة 1951 مدني كلي بني سويف طلب فيها الحكم ضد المطعون ضدها الأولى وفي مواجهة الثانية بصحة التعاقد عن البيع الصادر له من المطعون ضدها الأولى والمتضمن بيعها له 367.5 متراً مربعاً بالحدود والبيانات الواردة بالعريضة لقاء ثمن مقداره 4041 جنيهاً وتسليمها له وأسس دعواه على امتناع البائعة عن تنفيذ التزامها بنقل الملكية إليه وطلب إجبارها على تنفيذ هذا الالتزام وارتكن في إثبات دعواه إلى ورقة وصفها بأنها تتضمن عقد بيع صادر إليه من المطعون ضدها الأولى كما قدم للتدليل على وفائه بالثمن إيصالاً صادراً من بنك مصر يفيد إيداع مبلغ 115 جنيهاً في حساب المطعون ضدها الأولى دون بيان لاسم المودع، وذكر الطاعن أن هذا المبلغ هو ما كان باقياً في ذمته من الثمن - وقد دفعت المطعون ضدها الأولى الدعوى بأنها لم تقبض من الثمن إلا مبلغ مائة جنيه أو ما ينقص عن ذلك قليلاً وأن باقي الثمن كان مقسطاً على خمس سنين غير أن الطاعن طلب منها بعد ذلك التفاسخ لعدم رغبته في الصفقة فقبلت وتفاسخت معه وردت إليه ما كان قد دفعه من الثمن. وبتاريخ 6/ 2/ 1952 قضت المحكمة برد وبطلان المستند رقم 1 من حافظة الطعن وهو الورقة التي وصفها بأنها عقد بيع، واعتباره مزوراً وبرفض الدعوى - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 209 سنة 69 ق - وبجلسة 26/ 5/ 1956 قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وحكمت للطاعن بطلباته فطعنت المطعون ضدها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 196 سنة 23 ق وبتاريخ 14/ 11/ 1957 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للحكم فيها من جديد مؤسسة قضاءها بذلك على ما قالته من أنه "لما كان عقد البيع من العقود التبادلية فإن البائع لا يجبر على تنفيذ التزامه إذا ما دفع الدعوى بعدم قيام المشتري بتنفيذ التزامه بأن لم يوف إليه بثمن المبيع المستحق وهو دفع يترتب على ثبوته حبس التزام البائع بنقل الملكية حتى يقوم المشتري بتنفيذ التزامه وقد أخطأت محكمة الاستئناف في فهم القانون وجرها هذا الخطأ إلى التخلي عن النظر فيما دفعت به البائعة دعوى المشتري من عدم وفائه بكامل الثمن وفيما رد به هذا الأخير من جانبه بل وأسس عليه دعواه من أنه وفى بالتزامه بالثمن وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الوفاء فشاب الحكم المطعون فيه قصور مبناه خطأ في فهم القانون". وبتاريخ 14 من يونيه سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف من جديد برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى المستأنف وأقامت قضاءها على أن المشتري "الطاعن" لم يقدم ما يثبت أنه أوفى بكامل الثمن فيكون متخلفاً عن الوفاء بالتزامه وبذلك يحق للبائعة "المطعون ضدها الأولى" أن تمتنع عن تنفيذ التزامها طبقاً للمادة 161 من القانون المدني التي هي تطبيق لحق الحبس في نطاق العقود الملزمة للطرفين وفي 13/ 7/ 1960 طعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 26/ 11/ 1963 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى أنها ترى نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه بطلان جوهري أثر فيه ذلك أن الهيئة التي أصدرته قد خلفت هيئة أخرى في نظر الاستئناف ولم تقم بما يفرضه عليها القانون من وضع تقرير تلخيص جديد من عمل أحد أعضائها يضمنه ما جد في الدعوى أثناء نظرها أمام المحكمة بل اكتفت بتلاوة التقرير الذي كان قد وضعه أحد أعضاء الهيئة السابقة رغم أن المحكمة بعد وضع هذا التقرير كانت قد أصدرت في 26/ 5/ 1953 حكماً للطاعن بطلباته ثم نقض هذا الحكم وعجل نظر الاستئناف بعد ذلك وقد استجد في الاستئناف بعد إعادة القضية من محكمة النقض أن قدمت مستندات جديدة من الطرفين وتبودلت المذكرات بينهما في مسائل قانونية لم تثر من قبل ومن ثم تكون المحكمة قد أغفلت إجراء جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان الحكم عملاً بالمادتين 116، 416 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن كل ما أوجبه القانون هو أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريراً يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة ولم يستلزم القانون وضع تقرير آخر كلما جد جديد في الدعوى أثناء نظرها أمام المحكمة - كما أنه في حالة تغيير بعض أعضاء المحكمة بعد تلاوة التقرير فإنه وإن كان يجب تلاوة التقرير من جديد ليعلم من لم يكن حاضراً منهم عند تلاوة التقرير السابق بما لم يحط به علماً من قبل إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذي يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفي تلاوة التقرير الذي وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير تفيد أن العضو الذي تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعياً لوضع تقرير جديد وتتحقق بهذه التلاوة الغاية التي يهدف إليها المشرع من إيجاب وضع التقرير وتلاوته - لما كان ذلك - وكان الثابت من الأوراق أن مستشار التحضير قد وضع تقريراً أحيلت به الدعوى إلى المرافعة وأن هذا التقرير تلي بجلسة المرافعة الأخيرة فإن محكمة الاستئناف تكون قد قامت بما فرضه عليها القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها الأولى أقرت في التحقيقات التي أجريت في الشكوى الإدارية رقم 299 سنة 1951 بني سويف بأنها باعته أرض النزاع بثمن مقداره 441 ج اقتضت منه وقت التعاقد مبلغ مائة جنيه والباقي اتفق على دفعه منجماً على عدة أقساط وبذلك تكون قد أقرت باستلامها جزءاً من الثمن وبتراخيها في المطالبة بالباقي ومن ثم يكون هناك شروع في الوفاء وإذ كانت المادة 221 من القانون المدني القديم الذي وقع - في ظله - البيع وسداد الثمن تجيز للقاضي أن يأذن بالإثبات بالبينة إذا كان هناك شروع في الوفاء فإن محكمة الاستئناف إذ لم تلتفت إلى ذلك ولم تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما ادعاه الطاعن من وفائه بالثمن - فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه خلواً مما يدل على أن الطاعن عرض هذا الوجه من أوجه دفاعه على محكمة الاستئناف - وكان الطاعن من جانبه لم يقدم إلى محكمة النقض دليلاً على ذلك وقد تبين من الاطلاع على المذكرتين المقدمتين منه إلى محكمة الاستئناف أن ادعاءه بوجود شروع في الوفاء كان مبنياً على أساس أنه أودع لحساب المطعون ضدها الأولى مبلغ 115 ج لا على أساس أنه سدد مبلغ المائة جنيه فإن ما يثيره الطاعن يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أوفى البائعة بباقي الثمن وقدره 115 ج بأن أودعه باسمها ولحسابها بنك مصر فرع بني سويف في 13/ 5/ 1946 بحضور زوجها الذي أيد هذه الواقعة بإقرار مكتوب تضمن أن هذا المبلغ قد دفعه الطاعن وأنه هو الباقي عليه من الثمن - لكن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع ورد عليه بأن إيصال البنك لا ينهض دليلاً على الوفاء بكامل الثمن كما لا يعد مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الإحالة إلى التحقيق لإثبات هذا الوفاء وأن الزوج لا يعتبر وكيلاً عن زوجته حتى يكون إقراره حجة عليها - ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم ينطوي على خطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون - ذلك أنه يكفي لاعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة أن تكون صادرة من نائب الخصم، والبنك عندما يقبض لحساب البائعة فإنه يكون نائباً عنها إنابة قانونية ومن ثم فالإيصال الصادر منه يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ولو لم يذكر فيه اسم الطاعن باعتباره الدافع للمبلغ ما دام أن هذا الإيصال كان في حيازته إلى أن قدمه للمحكمة وقد عجزت المطعون ضدها الأولى عند استجوابها بجلسة 2/ 5/ 1960 عن تعليل سبب حيازة الطاعن لذلك الإيصال وهذه الحيازة تعتبر وحدها كافية لإثبات أنه الدافع إلى أن يقوم الدليل على العكس - كما لم تلق المحكمة بالاً إلى أن هذه البائعة قد أقرت في استجوابها بأنها كلفت زوجها بإيداع المبلغ المشار إليه لحسابها وبذلك يعتبر الزوج نائباً عنها في هذه المهمة فإذا ما أقر هذا الزوج أن الطاعن هو الدافع وأن المدفوع كان آخر قسط فإن هذا الإقرار يكون حجة عليها لصدوره من نائبها في حدود نيابته وإذا لم يكن هذا الإقرار دليلاً كاملاً على وفاء الثمن فإنه على الأقل يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على ما يثيره الطاعن بهذا السبب بقوله "ومن حيث إن قول المستأنف (الطاعن) أن إيصال البنك بإيداع 115 ج يغنيه عن تقديم الإيصالات السابقة لأنه قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة فمردود بأن هذا الإيصال ليس صادراً من البائعة أو من ينوب عنها في التقرير بأن هذا المبلغ هو باقي الثمن فهو لذلك لا يعد قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة طبقاً للمادة 587 مدني ولا عبرة بما قرره زوج المستأنف عليها - المطعون ضدها الأولى - من أن هذا المبلغ هو الباقي من ثمن الأرض لأنه لم يثبت في الدعوى أنه وكيل عن زوجته وأن وكالته تبيح له هذا الإقرار هذا فضلاً عن أن هذا الإيصال لا يعتبر كذلك مبدأ ثبوت بالكتابة لأنه لم يصدر من البائعة أو ممن يمثلها لأن البنك لا يمثل المستأنف عليها "المطعون ضدها الأولى" في أي شأن يتصل من قريب أو بعيد بمعاملاتها بصفة عامة أو يمثل هذا التعاقد بصفة خاصة ومتى كان ذلك فإنه يتعين الالتفات عن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف "الطاعن" أنه أوفى بكامل الثمن. وهذا الذي أورده الحكم فيه الرد الكافي على ما يثيره الطاعن بسبب النعي ولا مخالفة فيه للقانون ذلك أن وكالة الزوج عن زوجته لا تستخلص ضمناً من مجرد قيام رابطة الزوجية كذلك فإنه لما كان الإيصال الصادر من البنك ليس فيه ما يفيد أن الطاعن هو الذي قام بإيداع المبلغ الوارد فيه أو أن هذا المبلغ هو آخر قسط من الثمن وكان البنك من جهة أخرى لا يعتبر نائباً عن المطعون عليها الأولى لأن العلاقة التي تربطهما بالنسبة للمبالغ التي تقوم الأخيرة بإيداعها في حسابها لدى البنك ليست علاقة وكالة وإنما هي علاقة وديعة ناقصة تعتبر بمقتضى المادة 726 من القانون المدني قرضاً - فإن هذا الإيصال لا يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بالبينة لأن الورقة التي تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجب أن تكون صادرة من الخصم المراد إقامة الدليل عليه أو ممن ينوب عنه في حدود نيابته وأن يكون من شأنها أن تجعل الحق المدعى به قريب الاحتمال وهما الأمران المنتفيان في الإيصال - أما عن حيازة الطاعن لهذا الإيصال فإنه إن صح اعتبارها قرينة على حصول الإيداع منه فإنها لا تعدو أن تكون من القرائن القضائية وهي من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها والتي أطلق للقاضي في الأخذ بنتيجتها وعدم الأخذ بها كما أطلق له في أن ينزل كل قرينة منها من حيث الأهمية والتقدير المنزلة التي يراها - وإذن فمتى كانت محكمة الموضوع لم تر في حيازة الطاعن لإيصال البنك ما يقنعها بحصول الإيداع منه فذلك حقها الذي لا معقب عليه - وإذ كان ما تقدم، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن محكمة الاستئناف قررت استجواب الخصوم شخصياً وتم ذلك بمحضر جلسة 2/ 5/ 1960 ولم تقل المحكمة كلمتها فيما تضمنه إقرار المطعون ضدها الأولى في هذا الاستجواب بصحة ما قاله الطاعن من أنه أودع لحسابها مبلغ 115 جنيهاً وإذ لم تتعرض المحكمة لهذا الاستجواب والأثر القانوني لما تضمنه من إقرارات فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المحكمة لم تأمر باستجواب الخصوم على الوجه الذي نظمه قانون المرافعات في المادة 166 وما بعدها وإنما قررت مناقشتهما فلا عليها إن هي لم تعرض في حكمها لما أسفرت عنه هذه المناقشة وحسبها أنها أقامت قضاءها على أسباب مسوغة للنتيجة التي انتهت إليها ذلك أنه يكفي للوصول للنتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه أن يكون الطاعن قد تخلف عن الوفاء بأي جزء من الثمن ومن ثم فإقرار البائعة في محضر المناقشة بأن الطاعن أوفاها بعض الثمن - بفرض حصوله - لا يغير من هذه النتيجة هذا إلى أنه لا صحة لما يدعيه الطاعن بسبب النعي من أن المطعون ضدها الأولى أقرت بمحضر المناقشة المؤرخ 2/ 5/ 1960 بأنه هو الذي أودع مبلغ المائة والخمسة عشر جنيهاً لحسابها في البنك.
وحيث إن السبب السادس - يتحصل في أن المطعون ضدها الأولى تناقضت في تصوير واقعة الدعوى فادعت أولاً في بلاغها إلى شرطة بندر بني سويف عقب رفع الدعوى بأن بيعاً لم يتم ولم يدفع ثمن وأنه كان هناك شروع في بيع عدل عنه ثم عادت وأقرت عند سؤالها في الشكوى رقم 299 سنة 1951 إداري بني سويف بأن البيع تم بكامل شرائطه القانونية ولكنهما تفاسخا عنه كما تناقضت في كيفية دفع الثمن إذ قررت في الشكوى الإدارية أنها قبضت من الطاعن ما يقرب من مائة جنيه ردته إليه عند التفاسخ واستردت العقد منه وثبت بعد ذلك أنها لم ترد أو تسترد شيئاً - وكذلك تناقضت في واقعة دفع مبلغ المائة وخمسة عشر جنيهاً فذكرت في محضر الاستجواب أن الطاعن قام بدفع مبلغ مائة جنيه "أول قسط" وقسط باقي الثمن على أقساط سنوية تدفع في مواعيدها المبينة بالعقد ثم عدلت عن ذلك إلى القول بأنها أخذت العربون وقدره مائة جنيه وأضافت إليه 15 ج من مالها ثم أودعت المبلغ البنك بواسطة زوجها - ورغم هذا التناقض فإنها عجزت عن تعليل سبب حيازة المشتري للطلبين المحررين للمساحة بتوقيعهما متضمنين البيع والمبيع والثمن وكافة شروط البيع - كما عجزت عن تعليل حيازة المشتري لإيصال دفع مبلغ المائة والخمسة عشر جنيهاً الذي قرر الطاعن وأيده زوجها بأنه قام بإيداعه لحسابها في البنك باعتباره آخر قسط من ثمن المبيع - وهذا التناقض يدل على أنها غير صادقة فيما تدعيه وبالتالي يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بالبينة - وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه في أسبابه لهذا التناقض ولم يعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة ولم يجز للطاعن أن يثبت بشهادة الشهود وفاءه الثمن فإنه يكون مشوباً بالقصور والخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن لم يقدم لمحكمة النقض ما يفيد أنه طلب إلى محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق على أساس أن تناقض المطعون ضدها الأولى في دفاعها يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة وقد خلا الحكم المطعون فيه ومذكرتاه اللتان قدم صورتيهما مما يفيد إبداء هذا الطلب ومن ثم يكون النعي على الحكم بمخالفة القانون والقصور في هذا الخصوص على غير أساس أما باقي ما يثيره الطاعن في هذا النعي فإن بعضه مما تضمنته أسباب الطعن المتقدمة وسبق الرد عليها وبعضه الآخر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع.
وحيث إن مبنى السبب السابع بطلان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن الأول رقم 169 سنة 23 قضائية لابتنائه على إجراءات باطلة ذلك أن إعلان الطاعن بذلك الطعن وقع باطلاً لإعلانه له في غير محل إقامته كما نسب إليه زوراً أنه وقع على هذا الإعلان ببصمة أصبعه وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بعد أن أحيلت إليها القضية من محكمة النقض بهذا البطلان ولكنها أغفلت الرد عليه فشاب حكمها القصور وانتهى الطاعن في هذا السبب إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه والتصريح له باتخاذ إجراءات الادعاء بالتزوير على بصمة الأصبع المنسوبة له على ورقة إعلانه بالطعن السابق رقم 169 سنة 23 ق.
وحيث إن الطعن بهذا السبب على الحكم الصادر من محكمة النقض غير جائز ذلك أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف وأحكامها باتة ولا سبيل إلى الطعن فيها - وقد نصت المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه لا تجوز المعارضة في أحكام محكمة النقض الغيابية ولا يقبل الطعن في أحكامها بطريق التماس إعادة النظر واغتنى المشرع عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن الأخرى العادية وغير العادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على تلك الأحكام ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في المادة 314 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 313 من هذا القانون وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء - لما كان ذلك، فإن الطعن بهذا السبب على حكم النقض السابق على أساس ابتنائه على إجراءات باطلة لا يكون جائز القبول.
وحيث إن حاصل السبب الثامن أن ما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه من أن البيع انعقد بين الطرفين وأن المشتري قد تخلف عن سداد باقي الثمن يؤدي إلى الحكم بعدم قبول الدعوى لا إلى رفضها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بقضائه برفض دعوى الطاعن.
وحيث إن هذا النعي لا جدوى منه ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدعوى لعدم قيام المشتري بالتزامه بدفع كامل الثمن فإن القضاء بالرفض في هذه الصورة معناه رفضها بحالتها وهو لا يمنع الطاعن من العودة إلى دعوى صحة التعاقد إذا ما قام بإيفاء البائعة بباقي الثمن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بقيام مانع أدبي بينه وبين المطعون ضدها الأولى - وهو أنه كان يعمل في خدمتها وأن هذه العلاقة تحول بينه وبين الحصول على سند كتابي بإيفاء الثمن - لكن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع وبذلك شابه القصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف أنه تمسك أمام تلك المحكمة بقيام مانع أدبي بينه وبين البائعة - وهو أنه كان يعمل خادماً لديها - وأن هذه العلاقة تحول بينه وبين الحصول على كتابة بما أوفاه من الثمن - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث هذا الدفاع الجوهري والرد عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص فقط.
وحيث إنه لما كان هذا الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين على هذه المحكمة أن تحكم في الموضوع عملاً بالمادة 24 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الذي يحكم الطعن.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه.
وحيث إن دفاع الطاعن يقوم على أنه كان خادماً عند البائعة "المطعون ضدها الأولى" وأن هذه العلاقة لم تكن لتسمح له بالحصول على سند كتابي بوفائه الثمن وبالتالي يجوز له إثبات هذا الوفاء بالبينة.
وحيث إن هذه المحكمة - ترى من ظروف الدعوى وملابساتها - أن العلاقة بين الطاعن والمطعون ضدها الأولى لم تكن لتحول دون حصوله على دليل كتابي بما يكون قد أداه لها من الثمن سيما وأنه يقر في مذكرته رقم 7 ملف المقدمة لمحكمة الاستئناف وفي محضر المناقشة المؤرخ 2/ 5/ 1960 أنه ترك خدمتها من قبل حصول الوفاء المدعى به بمدة طويلة وافتتح له محلاً لصنع الأحذية ومن ثم ينتفي قيام المانع الأدبي الذي يجيز الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة.


(1) راجع نقض 16 مايو سنة 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 677.

الطعن 190 لسنة 36 ق جلسة 10 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 182 ص 1121

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

----------------

(182)
الطعن رقم 190 لسنة 36 القضائية

سمسرة. "استحقاق أجر السمسار". التزام. "تنفيذ الالتزام". تعويض. "التنفيذ بطريق التعويض". حكم. "ما يعد قصوراً".
تنفيذ الالتزام إما أن يكون عينياً أو بمقابل عن طريق التعويض. تمسك السمسار باستحقاق أجره لتنفيذ العقد - الذي تم بوساطته - بطريق التعويض. دفاع جوهري. إغفال الحكم له. قصور.

-----------------
تنفيذ الالتزام إما أن يكون تنفيذاً عينياً فيقوم المدين بأداء عين ما التزم به أو تنفيذاً بمقابل عن طريق التعويض. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن (السمسار) تأسيساً على أن الاتفاق قد تم بين الطرفين على أن استحقاق أجر الطاعن معلق على تنفيذ العقدين المبرمين بين المطعون عليها (الشركة البائعة) والشركة المشترية وأن هذا الشرط قد تخلف بفسخ العقدين وعدم تنفيذهما تنفيذاً عينياً بفتح الاعتماد وشحن البضاعة، دون أن يعنى الحكم بالرد على دفاع الطاعن من أنه يستحق أجره لأن العقدين قد نفذا بطريق التعويض، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون قد شابه قصور يبطله بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 310 سنة 1962 تجاري القاهرة الابتدائية ضد الشركة المطعون عليها يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 850 ج. وقال شرحاً لدعواه إن المطعون عليها كلفته بأن يبيع لها 3500 طن من البطاطس على دفعتين وقد تمكن من إيجاد مشتر هو الشركة المصرية للتجارة الدولية، وتعاقدت معها المطعون عليها بمقتضى العقدين المؤرخين 13 و19/ 1/ 1959 ثم حررت له إقرارين مؤرخين 14 و20/ 1/ 1959 تعهدت فيهما بأن تدفع له عمولة قدرها 30 قرش عن كل طن، ثم قام بين المطعون عليها وبين المكتب التجاري الزراعي الذي باع لها البطاطس وبين الشركة المشترية منها خلاف بشأن العقود التي أبرمت بينهم، وعرض الخلاف على التحكيم وقضى المحكم في 30/ 4/ 1960 بفسخ هذه العقود واستحقاق المطعون عليها تعويضاً يتمثل في الفرق بين ما دفعته عربوناً للشراء وما قبضته عربوناً وقدره 6630 ج تقريباً، وإذ كانت عمولة الطاعن قد استحقت بمجرد التعاقد بين المطعون عليها والشركة المشترية دون اعتبار لحصول التنفيذ وكانت المطعون عليها لم تدفع له باقي عمولته وقدرها 850 ج فقد أقام دعواه للحكم له بهذا المبلغ، وبتاريخ 27/ 12/ 1964 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 427 سنة 82 ق تجاري القاهرة، وبتاريخ 31/ 1/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدعوى تأسيساً على أنه يبين من الإقرارين المؤرخين 14 و20 يناير سنة 1959 الصادرين من الشركة المطعون عليها أن الاتفاق تم بين الطرفين على أن أجر الطاعن لا يستحق إلا عند تنفيذ العقدين المبرمين بين المطعون عليها وبين الشركة المشترية وأن هذا الشرط قد تخلف بفسخ العقدين وعدم تنفيذهما تنفيذاً عينياً فلا يستحق أجراً، غير أن الطاعن كان قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه يستحق أجره ولو نص في التعهدين على أن استحقاقه للعمولة معلق على التنفيذ طالما أن عقدي البيع المبرمين بين المطعون عليها وبين الشركة المشترية نفذا بطريق التعويض، إذ استحقت المطعون عليها قيمة الفرق بين العربون الذي دفعته لها الشركة المشترية عند التعاقد والعربون الذي دفعته هي للمكتب التجاري الزراعي الذي اشترت منه صفقتي البطاطس ومقدراه 6630 ج تقريباً تنفيذاً لحكم المحكم الصادر في 30/ 4/ 1960 والذي فصل في النزاع الذي ثار بينهم، وأن المطعون عليها قد حصلت بذلك على الربح الذي كانت تتوقعه من الصفقة، وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري، فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه ومن الاطلاع على مذكرة الطاعن التي قدمها أمام محكمة الاستئناف بجلسة 31/ 1/ 1966، أنه تمسك في دفاعه بأنه وإن كانت المطعون عليها قد تعهدت في الإقرارين المؤرخين 14 و20/ 1/ 1959 بأن تدفع له أجره عند تنفيذ العقدين المبرمين بين المطعون عليها والشركة المشترية وأن هذين العقدين قد فسخا ولم ينفذا تنفيذاً عينياً إلا أنه يستحق أجره مع ذلك لأن العقدين نفذا بطريق التعويض إذ قبضت المطعون عليها من الشركة المشترية عربوناً قدره 13161 ج عن العقدين ودفعت في نفس الوقت إلى المكتب التجاري الزراعي الذي اشترت منه صفقتي البطاطس عربوناً قدره 6528 ج 63 م وقد ثار النزاع بشأن هذه العقود وعرض على التحكيم وقضى المحكم بتاريخ 30/ 4/ 1960 بفسخ العقدين المبرمين بين المطعون عليها والشركة المشترية واستحقاق المطعون عليها للجزء الباقي من عربون العقد الأول ومقداره 7161 ج وعربون العقد الثاني ومقداره 6000 ج وبفسخ العقدين المبرمين بين المطعون عليها والمكتب التجاري الزراعي واستحقاق هذا المكتب للجزء الباقي من عربون العقد الأول ومقداره 4028 ج و63 م وعربون العقد الثاني ومقدراه 2500 ج، وأنه بذلك تكون المطعون عليها قد حصلت على تعويض يتمثل في الفرق بين العربون الذي قبضته والعربون الذي دفعته وهو ما يعادل الربح الذي كانت تتوقعه من الصفقة، لما كان ذلك، وكان تنفيذ الالتزام إما أن يكون تنفيذاً عينياً فيقوم المدين بأداء عين ما التزم به أو تنفيذاً بمقابل عن طريق التعويض، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن الاتفاق قد تم بين الطرفين بموجب التعهدين المؤرخين 14 و20/ 1/ 1959 على أن استحقاق أجر الطاعن معلق على تنفيذ العقدين المبرمين بين المطعون عليها والشركة المشترية وأن هذا الشرط قد تخلف بفسخ العقدين وعدم تنفيذهما تنفيذاً عينياً بفتح الاعتماد وشحن البضاعة، دون أن يعنى الحكم بالرد على دفاع الطاعن من أنه يستحق أجره لأن العقدين قد نفذا بطريق التعويض على النحو سالف البيان، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون قد شابه قصور يبطله بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 131 لسنة 36 ق جلسة 10 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 181 ص 1117

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(181)
الطعن رقم 131 لسنة 36 القضائية

إيجار. "اتفاق الزرعة الواحدة". إصلاح زراعي. "الترخيص بالانتفاع زرعة واحدة". إثبات. "الإثبات بالكتابة".
الاتفاق على زراعة الأرض زرعة واحدة. إثباته بالكتابة. إلى ما قبل صدور القانون 52 لسنة 1966. غير لازم.

---------------
أوجبت المادة 36 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي بعد تعديلها بالقانون رقم 17 لسنة 1963، أن يكون عقد إيجار الأراضي الزراعية وعقد المزارعة ثابتين بالكتابة مهما كانت قيمة أي منهما، وإذ أضيف إلى الفقرة الأولى من هذه المادة بموجب القانون رقم 52 لسنة 1966 عبارة "وكذلك كل اتفاق على استغلال أرض زراعية ولو كان لزرعة واحدة" فإن مؤدى ذلك أن المشرع لم يكن يستلزم قبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1966 المشار إليه بالنسبة لاتفاق الزرعة الواحدة، الإثبات بالكتابة، وقد تأكد ذلك بما أفصح عنه في المذكرة الإيضاحية للمادة 36 مكرراً ( أ ) المشار إليها في تبرير إضافة العبارة المتقدمة الذكر لقوله "إنها قضت بوجوب أن يكون عقد الإيجار ثابتاً بالكتابة وكذلك كل اتفاق على استغلال لأرض زراعية ولو كان لزرعة واحدة، وذلك حتى لا يلجأ الملاك إلى التحايل لعدم تحرير عقد الإيجار والادعاء بأنه اتفاق على استغلال الأرض لزرعة واحدة".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 182/ 1964 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليه وطلب الحكم بطرده من نصف فدان في قرية ميت دمسيس مركز أجا مبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمه إليه بما عليه من زراعة. وقال بياناً لدعواه إنه في سنة 1954 استأجر القدر المشار إليه من الأرض ضمن 1 ف و12 ط من السيدة إيليا برنراموني وفي سنة 1963 قام بتأجيره للمطعون ضده لزرعة ذرة مرة واحدة في تلك السنة وبطريق المزارعة، وإذ امتنع عن رده إليه في نهاية تلك الزرعة ثم بذره برسيماً دون أن يكون له حق البقاء فيه، وكانت ملكية القدر المذكور قد آلت إليه ضمن الأرض التي يستأجرها من السيدة إيليا برنراموني والسابق الإشارة إليها بطريق الشراء من الإصلاح الزراعي بعد استيلائه على أطيان تلك السيدة، فقد أقام دعواه بطلباته المتقدمة. دفع المطعون ضده الدعوى بأنه تملك القدر موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة، وقضت محكمة أول درجة في 6 مايو سنة 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عاد المطعون ضده فقرر أنه لا ينازع في ملكية الطاعن لهذا القدر وتمسك بأنه استأجره من والد الطاعن ثم من هذا الأخير من بعد والده، وانتهى المطعون ضده من ذلك إلى توجيه دعوى فرعية ضد الطاعن طلب فيها الحكم بعدم تعرضه له فيه، وبتاريخ 24 يونيه سنة 1964 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بطرد المطعون ضده من أرض النزاع وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 269/ 16 ق، وبتاريخ 2 يناير سنة 1966 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم سماع الدعوى الأصلية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن أورد في مقام سرده للوقائع - أن الدعوى كما قرر الطاعن تقوم بشأن منازعة نشأت من استغلال أرض لزرعة واحدة ذهب إلى أن المادة 36 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1963 تستوجب أن تكون العلاقة الناشئة عن هذا الاستغلال ثابتة بالكتابة وإلا كانت الدعوى الناشئة عنها غير مسموعة، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدعوى، هذا في حين أن الثابت هو أن الطاعن استند في دعواه بطلب طرد المطعون ضده من أرض النزاع إلى أنه بقي فيها دون سند من القانون منذ نهاية زرعة الذرة التي رخص له بها في سنة 1963 بما يعد معه غاصباً، وأنه إذا كان قد أشار في بيان الدعوى إلى أن المطعون ضده استأجر منه هذه الأرض لزرعة واحدة فقد كان ذلك منه توضيحاً للعلاقة التي قامت بينهما وتأكيداً لتوافر حالة الغصب التي نشأت من جانب المطعون ضده بعد نهاية الزرعة المشار إليها مما لا يستلزم وجود عقد مكتوب طبقاً للنص المتقدم الذكر وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن المادة 36 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي بعد تعديلها بالقانون رقم 17 لسنة 1963، قد أوجبت في عقد إيجار الأراضي الزراعية وفي عقد المزارعة أن يكونا ثابتين بالكتابة مهما كانت قيمة أي منهما، وإذ أضيف إلى الفقرة الأولى من هذه المادة بموجب القانون رقم 52 لسنة 1966 عبارة "وكذلك كل اتفاق على استغلال أرض زراعية ولو كان لزرعة واحدة" فإن مؤدى ذلك أن المشرع لم يكن يستلزم قبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1966 المشار إليه بالنسبة لاتفاق الزرعة الواحدة الإثبات بالكتابة وقد تأكد ذلك بما أفصح عنه في المذكرة الإيضاحية للمادة 36 مكرراً ( أ ) المشار إليها في تبرير إضافة العبارة المتقدمة الذكر لقوله "إنها قضت بوجوب أن يكون عقد الإيجار ثابتاً بالكتابة، وكذلك كل اتفاق على استغلال لأرض زراعية ولو كان لزرعة واحدة وذلك حتى لا يلجأ الملاك إلى التحايل لعدم تحرير عقد الإيجار والادعاء بأنه اتفاق على استغلال الأرض لزرعة واحدة"، ولما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أسس دعواه بطلب الحكم بطرد المطعون ضده من أرض النزاع وتسليمها إليه بما عليها من زراعة على أن هذا الأخير استأجر الأرض محل النزاع لزرعة واحدة وبقي فيها بغير سند من القانون بعد انتهاء هذه الزرعة في سنة 1963، وإذ انتهى الحكم رغم ذلك ودون تحري حقيقة العلاقة التي نشأت بين طرفي النزاع وقبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1966 سالف البيان، وهل هي علاقة إيجارية أم هي مجرد الترخيص بالانتفاع بالأرض لزرعة واحدة، إلى أن المادة 36 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1963 تستلزم إثبات هذه العلاقة بالكتابة، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم سماع الدعوى على الرغم من أن القانون رقم 52 لسنة 1966 الذي استلزم إثبات العلاقة الناشئة عن الترخيص باستغلال الأرض لزرعة واحدة، قد صدر تالياً على الواقعة موضوع الدعوى، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.

الطعن 278 لسنة 30 ق جلسة 3 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 153 ص 966

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

---------------

(153)
الطعن رقم 278 لسنة 30 القضائية

(أ) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "إجراءات ربط الضريبة". "الطعن في الربط". "قرار لجنة الطعن".
قرار لجنة الطعن. خلوه من بيان أرقام الأرباح ورأس المال. ورودها مع الوقائع. كفايته. لا بطلان.
(ب) ضرائب. "الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية".
الاستهلاك الاستثنائي. شرطه. وجود ربح استثنائي وبيان للإنشاءات الجديدة توضح فيه الأصول المستحدثة مع ذكر نوعها ووصفها ومميزاتها وتاريخ وقيمة شراء كل منها.
(ج) إثبات. "إجراءات الإثبات". "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
طلب ندب خبير أو الاطلاع على الدفاتر. سلطة محكمة الموضوع.
(د) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة".
مرتب الشريك المدير في شركة التضامن أو التوصية. هو حصة في الربح لا أجر. خضوعه للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.

--------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة لخلوه من بيان أرقام الأرباح ورأس المال الحقيقي المستثمر على أنه "وإن كان منطوق القرار لم يشتمل على ذكر المبالغ المقدرة في السنوات التي فصل فيها إلا أن هذه المبالغ سواء عن الأرباح أو رأس المال قد ذكرت تفصيلاً في صدر القرار في معرض بيان الوقائع وفي ذلك ما يغني عن تكرارها في المنطوق" فإن هذا الذي أقيم عليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون.
2 - إجراء الاستهلاك الاستثنائي عند حساب الضريبة على الأرباح الاستثنائية يقتضي - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون هناك ربح استثنائي وبيان للإنشاءات الجديدة توضح فيه الأصول المستحدثة أصلاً مع ذكر نوعها ووصفها ومميزاتها وتاريخ وقيمة شراء كل منها (1).
3 - محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير أو الاطلاع على الدفاتر متى رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
4 - المرتب الذي يستحقه المدير الشريك في شركة التضامن أو التوصية مقابل عمله هو بحسب الأصل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - حصة في الربح مستحقة للشريك وليس أجراً مستحقاً لأجير ويخضع للضريبة على الأرباح التجارية طبقاً للمادة 30 والفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ومن ثم فلا وجه للقول بأن تخصيص الشركاء بجزء من الأرباح لا يختلف عن تقرير مرتب لهم (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت أرباح المرحوم أحمد حسن الفخراني بصفته مديراً لشركة اتحاد الأتوبيس بزفتى في المدة من 4/ 12/ 1943 إلى 3/ 12/ 1946 بالمبالغ 1385 ج و3685 ج و4355 ج على التوالي ورأس المال الحقيقي المستثمر في سنتي 1944 و1945 بمبلغي 3325 ج و7905 ج ولم يوافق الممول على هذه التقديرات وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 27/ 3/ 1951 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد تقديرات المأمورية للأرباح عن السنوات 43/ 44 و44/ 45 و45/ 46 ولرأس المال الحقيقي المستثمر في 4/ 12/ 1944 و4/ 12/ 1945 وأقام الممول الدعوى رقم 611/ 76 سنة 1951 طنطا الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه واعتماد إقراراته، وبتاريخ 3/ 3/ 1953 حكمت المحكمة حضورياً برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه وألزمته بالمصروفات وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف الممول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 77 سنة 3 تجاري قضائية وأثناء نظره توفى وحل محله ورثته. وبتاريخ 28/ 4/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام ورثة المستأنف بالمصروفات وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعنان ولم يبديا دفاعاً وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة لخلوه من بيان أرقام الأرباح ورأس المال الحقيقي المستثمر استناداً إلى أن مورث الطاعنين لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة أول درجة وفي صحيفة الاستئناف وأن هذه الأرقام وردت تفصيلاً في صدر القرار وفي ذلك ما يغني عن تكرارها في المنطوق، وهو خطأ في الإسناد ومخالفة للقانون إذ ينقضه أن مورث الطاعنين تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة بأن قرار اللجنة جاء خلواً من أية أرقام سواء ما تعلق منها بتقديرات الأرباح أو برأس المال الحقيقي المستثمر وفي ذلك ما يجعله باطلاً لمخالفته للأصول المقررة وما استقر عليه القضاء وأوجبته مصلحة الضرائب في كتابه الدوري رقم 160 لسنة 1946 من وجوب أن تكون القرارات واضحة ومشتملة على المبالغ المقدرة للأرباح ورأس المال الحقيقي المستثمر ولا وجه للقول بأن مبالغ الأرباح أو رأس المال ذكرت تفصيلاً في صدر القرار وفي معرض بيان الوقائع وأن بيانات القرار تكمل بعضها بعضاً أو أن هذا البطلان يزول إذا نزل عنه من شرع لمصلحته.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "بمراجعة قرار لجنة طعن ضرائب المنصورة الصادر بتاريخ 27/ 3/ 1951 (الورقتان 155 و156 من الملف الفردي) يتضح أنه وارد بصدره العبارة الآتية تحت عنوان الوقائع الصادر بشأنها القرار، وقدرت المأمورية أرباح المنشأة ورأس مالها الحقيقي المستثمر كالآتي 43/ 1944 - 1385 ج، 44/ 1945 - 3685 ج، 45/ 1946 - 4355 ج ورأس المال في 4/ 12/ 1944 - 3325 ج، وفي 4/ 12/ 1945 - 7905 ج ولعدم موافقة المنشأة على هذه التقديرات طلبت إحالتها على لجنة الطعن للفصل في الخلاف ثم دون بعد ذلك أسباب القرار التي انتهت بالقرار الآتي (1) قررت اللجنة قبول الطعن شكلاً (2) وفي الموضوع برفضه وتأييد تقديرات المأمورية للأرباح عن السنوات 43/ 1944، 44/ 1945، 45/ 1946 ولرأس المال الحقيقي المستثمر، فإن كان منطوق القرار لم يشتمل على ذكر المبالغ المقدرة في السنوات التي فصل فيها إلا أن هذه المبالغ سواء عن الأرباح أو رأس المال قد ذكرت تفصيلاً في صدر القرار في معرض بيان الوقائع وفي ذلك ما يغني عن تكرارها في المنطوق" وهذا الذي أقيم عليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون وهو كاف لحمله ومن ثم فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أنه بالنسبة للاعتراض الخاص بالاستهلاك الاستثنائي رد الحكم المطعون فيه بأن المنشأة لم تطلب في إقراراتها احتساب الاستهلاك الاستثنائي على السيارات ولم تقدم المستندات والكشوف المؤيدة له، وأن هذا الطلب خارج عن نطاق الدعوى ولا يتأتى إلا عند ربط الضريبة الاستثنائية، وهو إخلال بحق الدفاع ومخالفة للثابت بالأوراق، إذ أن الضريبة الاستثنائية قدرت فعلاً وكانت مثار نزاع بين الطرفين أمام اللجنة والمحكمة الابتدائية حيث طلب مورث الطاعنين استبعاد الغرامات المدفوعة من الشركة والمبينة بدفاترها وقيم الاستهلاك الاستثنائي على السيارات المشتراة في سنة 1943 وردت اللجنة بأن المنشأة لم تقدم ما يثبت ماهية هذه الغرامات وهل تحملت هي بها أم العمال، في حين أن هذه الغرامات صدرت بها أحكام ضد مدير الشركة وثابتة في دفاترها وكان يسع المحكمة تحقيق هذا الدفاع بالاطلاع على الدفاتر أو الاستعانة بخبير.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "المنشأة لم تقدم مع إقراراتها المستندات والكشوف تطبيقاً للائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1941 كما أنها لم تطلب احتساب الاستهلاك الاستثنائي على السيارات في الإقرارات المقدمة منها.." وهذا الذي أورده الحكم لا يخالف الثابت في الأوراق ولا خطأ فيه، ذلك أن إجراء الاستهلاك الاستثنائي عند حساب الضريبة على الأرباح الاستثنائية يقتضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون هناك ربح استثنائي وبيان للإنشاءات الجديدة توضح فيه الأصول المستحدثة أصلاً مع ذكر نوعها ووصفها ومميزاتها وتاريخ وقيمة شراء كل منها، وقد خلت الأوراق من هذا البيان، ومردود (ثانياً) بأن المحكمة غير ملزمة بندب خبير أو الاطلاع على الدفاتر متى رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه لم يحتسب مرتبات للشركاء المديرين للشركة استناداً إلى أنهم يعملون في سبيل تحقيق أرباحها ولا يمكن المجازاة عن هذا العمل إلا عن طريق منحهم جزءاً من الأرباح لا عن طريق المرتب، وهذا القول من الحكم خطأ وقصور، إذ أن تخصيص الشركاء بجزء من الأرباح لا يختلف عن تقرير مرتب لهم، وكان لزاماً على المحكمة أن تحدد النسبة الجائز خصمها من الأرباح لهؤلاء الشركاء بما لها من سلطة مطلقة في بحث موضوع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المرتب الذي يستحقه المدير الشريك في شركة التضامن أو التوصية مقابل عمله هو بحسب الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حصة في الربح مستحقة للشريك وليس أجراً مستحقاً لأجير ويخضع للضريبة على الأرباح التجارية طبقاً للمادة 30 والفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939, ومن ثم فلا وجه للقول بأن تخصيص الشركاء بجزء من الأرباح لا يختلف عن تقرير مرتب لهم.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الدعوى رفعت من مورث الطاعنين بصفته مديراً للشركة. ولما توفى عجلت من ورثته الذين كانوا يجهلون ذلك وكان لزاماً على المصلحة إدخال باقي الشركاء المتضامنين الذين كان يمثلهم مدير الشركة، وأن المحكمة لم تسمح للطاعنين بتقديم المستندات التي استولت عليها نيابة الأحوال الشخصية بعد وفاة مدير الشركة وكانت قد سحبت لتقديمها أمام لجان الصلح.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأنه لم يسبق التحدي به لدى محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، ومردود في الوجه (الثاني) بأن الطاعنين لم يقدما ما يدل على أنهما طلبا من المحكمة السماح لهما بتقديم مستندات ومن ثم فهو عار عن الدليل.
وحيث إن حاصل الأسباب الخامس والسادس والسابع والثامن (1) أن الحكم المطعون فيه لم يحقق دفاع الطاعنين ولم يسمح بتعيين خبير لبحثه (2) وأن الطاعنين طلبا استبعاد قيمة مكافآت ترك الخدمة وإعانة غلاء المعيشة والغرامات وأجور العمال والإيجار الحقيقي للمنشأة والرسوم المحكوم بها لمجلس بلدي طنطا من صافي الأرباح ورد الحكم المطعون فيه بأن هذه الاعتراضات فضلاً عن إثارتها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف يعوزها الدليل، وهو عيب في التسبيب، إذ الثابت في الدعوى أن الطاعنين تمسكا بهذا الدفاع في كافة أدوار النزاع وقدما كشوفاً مفصلة عن المكافآت وإعانة الغلاء تفيد قيام الشركة بالوفاء بها وهي التزامات مقررة بقانون عقد العمل والأوامر العسكرية ولا يجوز مخالفتها، وكان يسع المحكمة تحقيقه بالاستعانة بخبير وبالاطلاع على دفاتر الشركة المودعة بنيابة الأحوال الشخصية (3) وأن المصلحة تصالحت مع الشركة على تقدير أرباح سنة 1947 بمبلغ 2163 ج واتخاذ هذا التقدير أساساً لربط الضريبة في السنوات التالية وبديهي أن سنوات النزاع كانت أقل رواجاً من السنوات التي تم الصلح عنها ومع تمسك الشركة بهذا الدفاع وطلب ضم الملف الفردي لإثباته فإن الحكم المطعون فيه لم يستجب له وأغفل الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "باقي الاعتراضات الواردة في المذكرة الأخيرة المقدمة من ورثة المستأنف فضلاً عن إثارتها لأول مرة أمام هذه المحكمة دون أن يدفع بها أمام اللجنة ومحكمة الدرجة الأولى فإنه يعوزها الدليل" وأن "هذه المحكمة لا ترى لزوماً لندب خبير بعد أن ثبت لها أن الاستئناف لا يقوم على أي سند من القانون أو دليل من الواقع وأنه جدير بالرفض" وهذا الذي أورده الحكم واقع لم يقدم الطاعنان ما ينفيه، ومردود (ثانياً) بما أورده الحكم من أن إقرارات المنشأة عن أرباحها في سنتي 1945 و1946 تزيد عن الأرباح المقدرة في سنة 1947.


(1) نقض 21 أكتوبر سنة 1961. الطعن رقم 289 لسنة 26 ق السنة 12 ص 583.