الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 يناير 2023

الطعن رقم 10 لسنة 42 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 14 / 1 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من يناير سنة 2023م، الموافق الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 42 قضائية " منازعة تنفيذ "

المقامة من
عادل قطب محمد دياب
ضد
1 - رئيس الجمهورية
2- وزيـــر العـــدل
3- رئيس مجلس النواب
4- محافـــظ البحيـرة
5- وكيل وزارة الصحة بالبحيــرة
6- مدير إدارة الصيدلة بمديرية الصحة بالبحيرة
7- وزير الصحة
8- خالـد عبد المعبـــود أمين ونس
9- محمد أحمد عبد اللطيف السعدني

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الخامس من مارس سنة 2020، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم؛ أولاً: بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالبحيرة بجلسة 20/ 1/ 2020، في الدعوى رقم 11851 لسنة 17 قضائية. ثانيًا: الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدم المدعى عليه التاسع مذكرة، طلب فيها الحكم، أصليًّا: عدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: رفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفـــة الدعــوى وسائـــر الأوراق - في أن مديرية الشئون الصحية - إدارة الصيدلة - بالبحيرة، كانت قد أصدرت قرارًا بنقل الصيدلية المبينة بالأوراق، المملوكة للمدعى عليهما الثامن والتاسع، من مكانها إلى جوار صيدلية المدعي؛ بسبب هدم العقار الكائن به هذه الصيدلية، دون التقيد بشرط المسافة المقرر بنص المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة. طعن المدعي على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، بالدعوى رقم 11851 لسنة 17 قضائية، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء ذلك القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 20/ 1/ 2020، قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن المدعي على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 39403 لسنة 66 قضائية عليا. وإذ ارتأى المدعي أن هذا الحكم يُعد عقبة في تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، بعدم دستورية النص على استثناء نقل الصيدلية العامة، في حالة الهدم، من شرط المسافة، فقد أقام الدعوى المعروضة. وعقب إقامتها، قضت المحكمة الإدارية العليا فى الطعن المشار إليه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقـًـا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعـًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بهـا من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكــام القضائيــة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - أيضًا - على أن إعمال آثار الأحكام التي تصدرها في المسائل الدستورية هو من اختصاص محاكم الموضوع، وذلك ابتناءً على أن محكمة الموضوع هي التي تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل في النزاع الموضوعي الدائر حولها، ومن ثم فهي المنوط بها تطبيق نصوص القانون في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذي يستلزم - كأصل عام - اللجوء إلى تلك المحاكم ابتداءً، لإعمال آثار الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية على الوجه الصحيح، وليضحى اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا هو الملاذ الأخير لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتحول دون جريان آثارها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية: بعدم دستورية عجز البند (3) من المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، المستبدل بالقانون رقـم 7 لسنة 1956، فيما تضمنه من استثناء نقل الصيدلية العامة في حالة الهدم من مراعاة شرط المسافة المنصوص عليه في الفقـــرة الثانيـــة من المادة (30) من القانون ذاتـــه. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 23 مكرر(ج) بتاريخ 13/ 6/ 2017.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعي قد أقام دعواه المعروضة بتاريخ 5/ 3/ 2020، على سند من أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، بجلسة 20/ 1/ 2020 القاضي برفض الدعوى رقم 11851 لسنة 17 قضائية، يشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية بجلسة 3/ 6/ 2017، وكان حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه، قد تم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 39403 لسنة 66 قضائية عليا، وقد استبق المدعي بإقامة الدعوى المعروضة قبل أن تقول المحكمة الإدارية العليا كلمتها في شأن إعمال آثار الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها على النزاع الموضوعي، باعتبار أن ذلك مفترض أولي للفصل فيه، من خلال التزامها، كسائر جهات القضاء، بتطبيق نصوص القانون في ضوء ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، إعمالاً لنص المادة (195) من الدستور، ونص المادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، التي بمقتضاها تكون الأحكام والقرارات الصادرة منها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، بما فيها جهات القضاء المختلفة، وتكون لها الحجية المطلقة بالنسبة لهم. ولما كانت المحكمة الإدارية العليا قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 26/ 3/ 2022، في الطعن رقم 39403 لسنة 66 قضائية عليا، بإلغاء الحكم المصور عقبة في التنفيذ، وإلغاء القرار المطعون فيه، وكان حكمها قد قضى بما يوجبه تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على وجهه الصحيح، ومن ثم فإن الدعوى المعروضة تكون فاقدة مقومات قبولها، مما لزامه الحكم بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 5 لسنة 44 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " 14 / 1 / 2023

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر مـن يناير سنة 2023م، الموافق الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1444 هـ.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ"

المقامة من

محمـد عبدالمجيــد سيـد

ضــد

1- رئيس الجمهوريــة

2- رئيس مجلس الوزراء

3- رئيس مجلــس النــواب

4- وزير العــدل

5- النائــب العــام

6- رئيس محكمة استئناف القاهرة

7- رئيس محكمة النقـض

8- نقيب المحامين

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الرابع والعشرين من مارس سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ القرار الصادر من مجلس تأديب المحامين في الدعوى التأديبية رقم 184 لسنة 2017 تأديب محامين بجلسة 10/ 6/ 2019، المعدل بقرار مجلس التأديب الاستئنافي رقم 14 لسنة 90 قضائية تأديب محامين الصادر بجلسة 12/ 12/ 2020. وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بقراري مجلس التأديب المشار إليهما، والاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا في الدعويين الدستوريتين رقمي 160 لسنة 33 قضائية، و21 لسنة 42 قضائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: تفويض الرأي للمحكمة.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/ 11/ 2022، وفيها قدم المدعي مذكرة صمم فيها على طلباته، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، رددت فيها طلباتها السابقة، وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.

----------------

" المحكمــة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- في أن المدعي، يمتهن المحاماة، وأُحيل هو وآخرون، إلى مجلس تأديب المحامين، في الدعوى رقم 184 لسنة 2017 تأديب محامين، بناءً على طلب مجلس النقابة العامة، إثر التحقيق الذى أُجرى معه بمعرفة لجنة الشكاوى بنقابة المحامين الفرعيــة بجنــوب القاهـرة، في الشكوى المقدمة ضده، وانتهت فيه إلى صحة ما جاء بمضمون الشكوى، وأحالت الأمر إلى مجلس النقابة العامة الذي طلب من النيابة العامة إحالة المدعي إلى مجلس تأديب المحامين المنصوص عليه في المادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، لمخالفته لنصوص ذلك القانون، وإبان نظر مجلس التأديب الدعوى التأديبية صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، بجلسة 2/ 3/ 2019، والذي قضى بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين ( 107 و 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية. دفع المدعي بعدم صحة تشكيل مجلس التأديب الذي ينظر الدعوى التأديبية. وبجلسة 10/ 6/ 2019، قرر مجلس التأديب حضوريًّا معاقبة المدعي بالمنع من مزاولة المهنة لمدة سنة واحدة، لما أُسند إليه. لم يرتض المدعي هذا القرار وطعن عليه أمام مجلس التأديب الاستئنافي للمحامين بالاستئناف رقم 14 لسنة 90 قضائية تأديب محامين، الذي قرر بجلسة 12/ 12/ 2020، تعديل القرار المطعون فيه، بجعل منع المدعي من مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر. وإذ ارتأى المدعي أن هذين القرارين يُشكلان عقبة تحول دون تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعـوى رقـم 160 لسنة 33 قضائيـة دستوريـة، والصادر ثانيهما بجلسـة 5/ 3/ 2022، في الدعوى رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية، بالنظر إلى خلو تشكيل مجلسي تأديب المحامين المشار إليهما من أي ممثل عن نقابة المحامين، فقد أقام دعواه المعروضة.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا، قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائـق أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، كانت حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائـق- سـواء كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًا أو قرارًا إداريًّا أو عملاً ماديًّا - بطبيعتهـا أو بالنظر إلى نتائجها، حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها أمرًا ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائـق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها، ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، قد سبق لها أن قضت بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائيـة دستورية: بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذى طلب رفع الدعوى التأديبية. ونُــشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (10) مكرر (ب) بتاريخ 11/ 3/ 2019.

وحيث إن مفاد نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون له أثـر رجعـي ينسـحب إلى الأوضاع والعلائق التي يتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان سـابقًا على نشـره بالجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان قد صدر ضد المدعي قرار من مجلس تأديب المحامين، المشكل طبقًا لنص المادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، في الدعوى التأديبية رقم 184 لسنة 2017 بجلسة 10/ 6/ 2019، بوقفه عن مزاولة المهنة لمدة سنة، ثم عُدِّل بقرار مجلــس التأديب الاستئنافــي المنعقد بجلســة 12/ 12/ 2020، إلى وقفه عن مزاولة المهنة مدة ستة أشهر، وكان القراران الصادران من مجلس تأديب المحامين، إعمالاً لنص المادتين (107 و116) من قانون المحاماة، قد التفتا عن إعمال مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، إذ جاء تشكيل المجلسين الابتدائي والاستئنافي مخالفًا لنص المادة (107) من قانون المحاماة، وهو قضاء يخرج عن المسار الذي كان يجب أن يخوض فيه القراران التأديبيان المشار إليهما، إعمالاً لأثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، ولزامه القضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية وعدم الاعتداد بقــرار مجلس تأديب المحامين الصادر بجلسة 10/ 6/ 2019، في الدعوى التأديبية رقم 184 لسنة 2017، المعـدل بالقـرار الاستئنافـي الصــادر بجلســة 12/ 12/ 2020، في الاستئناف رقم 14 لسنة 90 تأديب محامين .

وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ قراري مجلس التأديب السالف بيانهما، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء في موضوع الدعوى، على النحو المتقدم، فإن مباشرتها اختصاص البت في هذا الطلب، طبقًا لنص المادة (50) من قانونها المار ذكره، يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بقرار مجلس تأديب المحامين الصادر بجلسة 10/ 6/ 2019، في الدعوى التأديبية رقم 184 لسنة 2017، المعدل بقرار مجلس التأديب الاستئنافي للمحامين الصادر بجلسة 12/ 12/ 2020، في الاستئناف رقم 14 لسنة 90 قضائية تأديب محامين . وألزمت المدعى عليهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 10 لسنة 42 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 14 / 1 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر مــــن يناير سنة 2023م، الموافق الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمـــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الروينى نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 42 قضائية تنازع

المقامة من
وزير الإسكان، بصفته رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
ضد
رئيس مجلس إدارة شركة مكسيم لإدارة المنشآت السياحية

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثاني والعشرين من أبريل سنة 2020، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًــا الحكم، بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثالثة -، الصادر بجلسة 19/ 11/ 2019، في الدعوى رقم 14790 لسنة 72 قضائية. وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية، بجلسة 29/ 12/ 2016، في الدعوى رقم 932 لسنة 2011 مدني كلي، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 7/ 11/ 2018، في الاستئناف رقم 879 لسنة 73 قضائية، المطعون عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 21845 لسنة 88 قضائية.
وقدمت الشركة المدعى عليها مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: عدم قبول الدعوى. واحتياطيًّا: رفضها. وعلى سبيل الاحتياط: الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/ 11/ 2022، وفيها مثُل محام عن المدعي، وقرر بترك الخصومة في الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.
--------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعى عليها كانت قد أقامت الدعوى التي صار قيدها برقم 932 لسنة 2011 مدني كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعي، وآخرين، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: عدم تعرضهم، المادي والقانوني، لها في حيازتها وانتفاعها بقطعة الأرض محل التداعي. وفي الموضوع: إثبات انعقاد البيع المبرم بين الشركة والمدعى عليهم بتاريخ 30/ 1/ 2005، لقطعة الأرض المشار إليها، وما عليها من منشآت، نظير المبلغ المتفق عليه، وإلزامهم بتحرير العقد وتسليمه للشركة. وبجلسة 29/ 12/ 2016، قضت تلك المحكمة برفض الدعوى. وقد تأيد هذا الحكم من محكمة استئناف الإسكندرية، بحكمها الصادر بجلسة 7/ 11/ 2018، في الاستئناف رقم 879 لسنة 73 قضائية. وإذ لم يصادف الحكم قبول الشركة المدعى عليها، طعنت عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 21845 لسنة 88 قضائية.
ومن ناحية أخرى، كانت الشركة المدعى عليها قد أقامت الدعوى التي صار قيدها برقم 14790 لسنة 72 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري- الدائرة الثالثة -، ضد الخصوم ذاتهم، طالبة الحكم، بوقف تنفيذ وإلغاء قرار اللجنة العقارية الرئيسية بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، الصادر بتاريخ 10/ 6/ 2009، باعتماد توصية اللجنة العقارية الفرعية بجهاز القرى السياحية، بعدم السير في التعاقد مع الشركة، لبطلان إجراءات التخصيص، وما يترتب على ذلك الإلغاء من آثار. وبجلسة 19/ 11/ 2019، قضت تلك المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: استكمال السير في إجراءات تحرير العقد النهائي لقطعة الأرض محل التداعي، على النحو المبين بالأسباب. وإذ لم يصادف الحكم قبول المدعي - في الدعوى المعروضة - طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 24488 لسنة 66 قضائية عليا.
وإذ تراءى للمدعي أن حكمي جهتي القضاء العادي والإداري، السالفي البيان، قد تعامدا على محل واحد، يتمثل في صحة الإجراءات المتبعة في بيع قطعة الأرض محل التعاقد، وتناقضا، على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا، فأقام دعواه المعروضة.
وحيث إنه عن طلب محامي المدعي ترك الخصومة في الدعوى، فتلتفت عنه المحكمة؛ لكون سند وكالته لا يبيح له الترك.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المادة (192) من الدستور، والبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد أسندا لهذه المحكمة دون غيرها، الاختصاص بالفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها. ويتعين على كل ذي شأن - عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون هذه المحكمة - أن يبين في طلب فض التناقض بين الحكمين النهائيين، النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه التناقض بينهما. وضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا - بما لا تجهيل فيه - بأبعاد النزاع، تعريفًا به، ووقوفًا على ماهيته على ضوء الحكمين المدعى تناقضهما، فقد حتم المشرع في المادة (34) من قانونها، أن يرفق بطلب فض التنازع صورة رسمية من كل من هذين الحكمين، وأن يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يُعد إجراءً جوهريًّا تغيا مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا وفقًا لأحكامه.
وحيث إن الثابت من الأوراق، أن المدعي أرفق بصحيفة دعواه المعروضة، عند إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة، صورة ضوئية من الحكم الصادر في الدعوى رقم 932 لسنة 2011 مدني كلي الإسكندرية، وصورة ضوئية من الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية، في الاستئناف رقم 879 لسنة 73 قضائية، ويمثل هذان الحكمان الحد الأول في دعوى التناقض المعروضة - الأمر الذي تغدو معه هذه الدعوى غير مستوفية لشروط قبولها، على النحو المقرر بنص المادة (34) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما لزامه الحكم بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، في الدعوى رقم 14790 لسنة 72 قضائية، بجلسة 19/ 11/ 2019، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين، أو كليهما، هو فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا، اختصاص البت في هذا الطلب وفقًا لنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن رقم 132 لسنة 32 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 14 / 1 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر مـن يناير سنة 2023م، الموافق الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمـــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 132 لسنة 32 قضائية دستورية

المقامة من
عزت عبدالبديع محمد حسن
ضــــد
1 - رئيس الجمهوريــــة
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - وزير الاستثمار
4 - رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية

---------------

" الإجراءات "
بتاريخ التاسع عشر من يونيو سنة 2010، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، المعدل بالقانون رقم 123 لسنة 2008.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. كما قدم المدعى عليه الأخير مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة، كانت قد قدمت حسين طلعت حسين الطباخ - بناءً على طلب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية - للمحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 625 لسنة 2009 جنح اقتصادية القاهرة؛ متهمة إياه: أنه بتاريخ سابق على 31/ 7/ 2006، بدائـرة قسـم عابدين، بمحافظة القاهرة، بصفته المدير المسئول فعليًّا عن شركة سيتي تريد لتداول الأوراق المالية المصريين سابقًا، وعلى النحو المبين بتقرير الهيئة العامة لسوق المال:1- باشر نشاطًا من الأنشطة الخاضعة لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1992، دون أن يكون مرخصًا له في ذلك من الهيئة العامة لسوق المال. 2- اتبع سياسات وأجرى عمليات من شأنها الإضرار بالعملاء والإخلال بحقوقهم. 3- لم يلتزم في تعامله مع عملائه بمبادئ الأمانة والحرص على مصالحهم، والمساواة بين من تتشابه طبيعة وأوضاع تعاملهم مع الشركة، وتجنب كل ما من شأنه تقديم مزايا أو حوافز أو معلومات خاصة لبعضهم دون البعض. 4- لم يلتزم بعــــدم أداء أي عمـل يمكن أن يلحق ضـررًا بعملائه. 5- أجـــرى معاملات على حســاب العملاء دون إذن أو تفويض منهم. 6- اتبع أساليب تنطوي على الغش والتدليس، بأن أنشأ حسابات وهمية بغرض إجراء معاملات ما يمكن القيام بها دون ذلك. 7- استخدم أموال العملاء لتمويل عمليات الشركة الخاصة والإنفاق منها. 8- قام بالتعامل بين محفظة الشركة ومحفظة العميل بيعًا وشراءً. 9- تعامل في أوراق العميل المالية على نحو يتعارض مع مصلحته المالية. وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد (27و 28و 63 بند 1و 67و 68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، والمواد (90و 231و 243و 251و 259) من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993. وبجلسة 19/ 11/ 2009، قضت محكمة القاهرة الاقتصادية ببراءته من التهم المنسوبة إليه، وإحالة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها قبل المتهم الحقيقي، بالنسبة للتهم من الثانية إلى الأخيرة. فقررت النيابة العامة تقديم المدعي للمحاكمة الجنائية بالاتهامات الواردة بالقيد والوصف السالفي البيان. وإبان تداول الدعوى أمام محكمة الموضوع، دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون سوق رأس المال المشار إليه، وإذ قدّرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية؛ فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (63) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، التي ارتكبت الوقائع التي يحاكم عنها المدعي في ظل العمل بأحكامها، كانت تنص - قبل استبدالهــــا بالقانونين رقمــــي 123 لسنة 2008 و17 لسنة 2018 - على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد، منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: 1- كل من باشر نشاطًا من الأنشطة الخاضعة لأحكام هذا القانون دون أن يكون مرخصًا له في ذلك 2- ..............
كما نصت المادة (67) من ذلك القانون على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد، منصوص عليهــا في أي قانون آخر يعاقب بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه كل من يخالف أحد الأحكام المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لهذا القانون . وبعد استبدال نص هذه المادة بالقانون رقم 123 لسنة 2008، تم رفع الحد الأقصى للغرامة الواردة به إلى مبلغ مليون جنيه.
ونصت المادة (68) من القانون ذاته، على أنه يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية بالشركة، بالعقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
وتكون أموال الشركة ضامنة في جميع الأحوال للوفاء بما يحكم به من غرامات مالية . وقد تم استبدال نص الفقرة الأولى من هذه المادة بالقانون رقم 17 لسنة 2018 - المعمول به اعتبارًا من 15/ 3/ 2018 - ليصير يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشركة، بالعقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، متى ثبت علمه بها وكانت المخالفة قد وقعت بسبب إخلاله بواجباته الوظيفية .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد أحالت المُدعي للمحاكمة الجنائية - بصفته المدير المسئول فعليًّا عن شركة سيتي تريد لتــداول الأوراق المالية المصـريين سابقًا-، بالقيد والوصف السابق بيانهما؛ وكان من بين ما نُسب إليه مباشرة نشاط من الأنشطة الخاضعة لأحكام هذا القانون دون أن يكون مرخصًا له في ذلك، ومخالفة أحد الأحكام المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لذلك القانون، وهى الأفعال المؤثمة بنص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، قبل استبدالها بالقانون رقم 17 لسنة 2018، في مجال انطباق أحكامها على نصي المادتين (63/ 1 و67) من القانون ذاته - قبل استبدال أولهما بالقانونين رقمي 123 لسنة 2008، و17 لسنة 2018، وثانيهما بالقانون رقم 123 لسنة 2008 - الذي قدم المدعي للمحاكمة الجنائية استنادًا إليه، ومن ثم يكون للفصل في دستوريته أثره المباشر وانعكاسه الأكيد على الاتهام المسند إلى المدعي، وقضاء محكمة الموضوع فيه؛ الأمر الذي تتوافر معه للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على دستوريته، ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أبدته هيئة قضايا الدولة في هذا المقام غير سديد، متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إنه في شأن نص الفقرة الثانية من المادة (68) السالف بيانه، فلما كان المدعي قد أقام دعواه المعروضة بصفته الشخصية، دون الاحتجاج بنيابته القانونية عن الشخص الاعتباري الذي يمثله، فإن ذلك مما تنحسر معه مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن على دستورية تلك الفقرة، وتغدو الدعوى المعروضة في هذا الشق منها غير مقبولة. ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، قبل استبدالها بالقانون رقم 17 لسنة 2018، في مجال انطباق أحكامها على نصي المادتين (63/ 1 و67) من القانون ذاته، المستبدل أولهما بالقانونين رقمي 123 لسنة 2008 و17 لسنة 2018، والمستبدل ثانيهما بالقانون رقم 123 لسنة 2008.
ولا ينال من توافر المصلحة في الدعوى المعروضة، سبق صدور أحكام هذه المحكمة برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، في الدعاوى الدستورية أرقام 107 لسنة 32 قضائية، بجلسة 14/ 3/ 2015، و186 لسنة 33 قضائية، بجلسة 13/ 10/ 2018، و156 لسنة 34 قضائية، بجلسة 2/ 11/ 2019 و103 لسنة 34 قضائية، بجلسة 2/ 1/ 2021، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، أما ما لم يكن مطروحًا على المحكمة، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا تمتد إليه تلك الحجية. متى كان ذلك، وكانت الأحكام الدستورية المشار إليها، قد اقتصرت جميعها على الفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 في مجال انطباقه على نصوص أخرى وأحوال تغاير الحالة المطروحة في الدعوى المعروضة. ومن ثم، فإن حجية تلك الأحكام تظل مقصورة على ذلك النطاق وحده، دون أن تجاوزه إلى نصوص أخرى لم تطرح من قبل على هذه المحكمة، ليبقى نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال، في حدود النطاق المتقدم، خارجًا عن نطاق الأحكام الدستورية السابقة، وقابلاً للطرح على هذه المحكمة لتقول كلمتها فيه، بشأن مدى اتفاقه وأحكام الدستور.
ولا يغير من هذا النظر تعديل نص المادة (67) من قانون سوق رأس المال المشار إليه، بالقانون رقم 123 لسنة 2008، إذ شددت التعديلات التي جرت على نص هذه المادة الحد الأقصى لعقوبة الغرامة على الأفعال المؤثمة بها، مما لا يُعد معه قانونًـــا أصلح للمتهم. ومن ثم، يظل المدعي مخاطبًا بنص المادة (67/ 1) من قانون سوق رأس المال، قبل استبداله.
ولا يقدح في توافر المصلحة في الدعوى المعروضة، إصدار المشرع القانون رقم 17 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، ومن بينها نص الفقرة الأولى من المادة (68) منه، متبنيًّا في تعديلها الأسس ذاتها التي اعتنقتها هذه المحكمة عند بيانها لمقتضى أحكام ذلك النص، وضمنته مدونات حكمها الصادر فى الدعوى رقم 107 لسنة 32 قضائية دستورية الآنف الذكر، وعينت فيه قواعد وضوابط المسئولية الجنائية للمسئول عن الإدارة الفعلية، وأسست عليه قضاءها برفض الدعوى، فأوجبت أن يكون ممن يعهد إليهم بقسط من نشاط الشركة يمارسه نيابة عنها، ويرتبط بتنفيذ الالتزام القانوني الذي فرضه المشرع على الشركة، واعتبر الإخلال به جريمة مؤثمة قانونًا، وهو يسأل عن فعله شخصيًّا، ولو كان ارتكابه الجريمة قد تم باسم الشركة ولحسابها ولمصلحتها وباستخدام إحدى وسائلها، وبحيث لا تتحقق المسئولية الجنائية عن الجريمة في هذه الحالة إلا بتوافر أركانها، التي تلتزم سلطة الاتهام بإثباتها كاملة فى حقه. وبذلك أتى النهج الذي سلكه المشرع بالنص بعد التعديل المذكور، مواكبًا لذات أسس المسئولية الجنائية وعناصرها وأركانها للمسئول عن الإدارة الفعلية التي أوضحها وكشف عنها حكم المحكمة الدستورية العليا، على النحو المتقدم ذكره. وعلى ذلك، لم يأت النص بعد التعديل بأحكام جديدة تخالف فى مضمونها ومحتواها الحقيقي ما قرره النص المطعون فيه، قبـــل استبدال النص الجديد به.
وحيث إنه بشأن الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، قبل استبدالها بالقانون رقم 17 لسنة 2018، في مجال انطباق أحكامها على نص المادة (67) من القانون ذاته، قبل استبدالها بالقانون رقم 123 لسنة 2008. فقد سبق للمحكمة الدستورية العليا حسم هذه المسألة، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 2/ 11/ 2019، القاضي برفض الدعــــوى رقــــم 156 لسنة 34 قضائية دستوريـة، المقامة طعنًا على دستوريتـه. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 44 مكرر (هـ) في 5 نوفمبر سنة 2019. متى كان ذلك، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصي المادتين (48 و 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهــــم، باعتبارهـا قــــولاً فصــــلاً في المسألة المقضي فيهــــا، لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أي جهة كانت، وهــــى حجية تحـول بذاتهـا دون المجادلـة فيها، أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها. فمن ثم، تغدو الدعوى المعروضة في هذا الشق منها غير مقبولة.
وحيث إن المدعي ينعى على نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال المار ذكره، في مجال انطباق أحكامه على المادة (63/ 1) من القانون ذاته - في حدود النطاق المحدد سلفًا - إخلاله بمبدأي شخصية المسئولية الجنائية، وشخصية العقوبة؛ لافتراضه مسئولية القائم بالإدارة الفعلية للشركة، عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وتحميله تبعة جريمة ارتكبها غيره. فضلاً عما يمثله ذلك من مساس بالحرية الشخصية، وإنكار أصل البراءة، الذي لا يجوز نقضه بغير الأدلة الجازمة، التي تخلص إليها المحكمة، وتتكون منها عقيدتها، مما يشكل افتئاتًا على اختصاص السلطة القضائية، وتدخلاً في شئون العدالة. كما أن عقوبة الغرامة التي فرضها النص المطعون فيه قد جاءت باهظة ومغالى فيها، وذلك كله بالمخالفة لنصوص المواد (41 و66 و67 و86 و165) من دستور سنة 1971، التي تقابل نصوص المواد (54 و95 و96 و101 و184) من دستور سنة 2014 القائم.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة التي تباشرها على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها القواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، ذلك أن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون هذا الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه؛ لكون نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعي للنص التشريعي المطعون فيه - في النطاق السالف تحديده - تندرج تحت المناعي الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي. ولما كان النص المطعون فيه قد ظل ساريًا ومعمولاً بأحكامه حتى تم استبداله عام 2018، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية ذلك النص، من خلال أحكام الدستور الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
وحيث إنه بشأن النعي على النص المطعون عليه - في حدود نطاقه المتقدم - إخلاله بمبدأ شخصية العقوبة، ومساسه بالحرية الشخصية، فإنه مردود؛ بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور في اتجاهه إلى ترسم النظم المعاصرة، ومتابعة خطاها والتقيد بمناهجها التقدمية؛ نص في المادة (95) منه، على أن العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعـال اللاحقـة لتاريخ نفاذ القانون. وكان الدستور قد دل بهذه المادة على أن لكل جريمــة ركنًا ماديًّا لا قوام لها بغيره، يتمثل أساسًا في فعل أو امتنــاع وقــع بالمخالفـة لنص عقابي، مفصحًا بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء، في زواجره ونواهيه، هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه، إيجابيًّا كان هذا الفعل أم سلبيًّا. ذلك أن العلائق التي ينظمها هذا القانون في مجال تطبيقه على المخاطبين بأحكامه، محورها الأفعال ذاتها، في علاماتها الخارجية ومظاهرها الواقعية، وخصائصها المادية؛ إذ هي مناط التأثيم وعلته، وهي التي يتصور إثباتها ونفيها، وهي التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم بعضها البعض، وهي التي تديرها محكمة الموضوع على حكم العقل لتقييمها وتقدير العقوبة المناسبة لها. بل إنه في مجال تقدير توافر القصد الجنائي، فإن محكمة الموضوع لا تعزل نفسها عن الواقعة محل الاتهام التي قام الدليل عليها قاطعًا واضحًا، ولكنها تجيل بصرها فيها منقبة من خلال عناصرها عما قصد إليه الجاني حقيقةً من وراء ارتكابها. ومن ثَمَّ، تعكس هذه العناصر تعبيرًا خارجيًّا وماديًّا عن إرادة واعية، ولا يتصور بالتالي، وفقًا لأحكام الدستور، أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي، ولا إقامة الدليل على توافر علاقة السببية بين مادية الفعل المؤثم، والنتائج التي أحدثها بعيدًا عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه. ولازم ذلك، أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية - وليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته - تعتبر واقعة في منطقة التجريم، كلما كانت تعكس سلوكًا خارجيًّا مؤاخذًا عليه قانونًا. فإذا كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبها، وتم التعبير عنها خارجيًّا في صور مادية لا تخطئها العين، فليس ثمة جريمة.
وحيث إن الأصل في الجرائم، على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أنها تعكس تكوينًا مركّبًا، باعتبار أن قوامها تزامنًا بين يد اتصل الإثم بعملها، وعقل واعٍ خالطها ليهيمن عليها محددًا خطاها، متوجهًا إلى النتيجة المترتبة على نشاطها؛ ليكون القصد الجنائي ركنًا معنويًّا في الجريمة مُكملاً لركنها المادي، ومتلائمًا مع الشخصية الفردية في ملامحها وتوجهاتها. وهذه الإرادة الواعية هي التي تتطلبها الأمم المتحضرة في مناهجها في مجال التجريم بوصفها ركنًا في الجريمة، وأصلاً ثابتًا كامنًا في طبيعتها، وليس أمرًا فجًّا أو دخيلاً مقحمًا عليها أو غريبًا عن خصائصها. ذلك أن حرية الإرادة تعني حرية الاختيار بين الخير والشــــر، ولكلٍ وجهة هــــو مُوَلِّيها، لتنحــــل الجريمة - في معناها الحق - إلى علاقة ما بين العقوبة التي تفرضها الدولة بتشريعاتها، والإرادة التي تعتمل فيها تلك النزعة الإجرامية التي يتعين أن يكون تقويمها ورد آثارها، بديلين عن الانتقام والثأر المحض من صاحبها. وغدا أمرًا ثابتًا - بوصفه أصلاً عامًا - ألا يجرم الفعل ما لم يكن إراديًّا قائمًا على الاختيار الحر، ومن ثَمَّ كان مقصودًا. ولئن جاز القول بأن تحديد مضمون تلك الإرادة وقوفًا على ماهيتها، مازال أمرًا عسرًا، فإن معناها - بوصفها ركنًا معنويًّا في الجريمة - يدور بوجه عام حول النوايا الإجرامية، أو الجانحة، أو النوازع الشريرة المدبرة، أو تلك التي يكون الخداع قوامها، أو التي تتمحض عن علم بالتأثيم، مقترنًا بقصد اقتحام حدوده، لتدل جميعها على إرادة إتيان الفعل بغيًا.
وحيث إن الجريمة في مفهومها القانوني - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمـة - تتمثل في الإخـلال بنص عقابي، وأن وقوعهـا لا يكـون إلا بفعل أو امتناع يتحقق به هذا الإخلال؛ وأن الأصل في الجريمة أن عقوبتها لا يتحمل بها إلا من أدين كمسئول عنها، وهى عقوبة يجب أن تتوازن وطأتها مع طبيعة الجريمة وموضوعها، بما مؤداه أن الشخص لا يزر غير سوء عمله، وأن جريرة الجريمة لا يؤاخذ بها إلا جناتها، ولا ينال عقابها إلا من قارفها، وأن شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها مرتبطان بمن يُعد قانونًا مسئولاً عن ارتكابها. ومن ثَمَّ، تفترض شخصية العقوبة شخصية المسئولية الجنائية، بما يؤكد تلازمهما، ذلك أن الشخـــص لا يكـون مسئولاً عن الجريمـــة، ولا تفـرض عليه عقوبتها، إلا باعتباره فاعلاً لها أو شريكًا فيها، وهو ما يعبر عن العدالة الجنائية في مفهومها الحق.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد أثّم بموجب نص المادة (63/ 1) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، قبل استبدالها، مباشرة نشاط من الأنشطة الخاضعة لأحكام هذا القانون، دون أن يكون مرخصًا له في ذلك، التي نسبت النيابة العامة للمدعي اقترافها، وعدَّ هذه الجريمة جنحة معاقبًا عليها بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه، ويُسأل عنها المسئول عن الإدارة الفعلية للشركة إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة (68) من القانون ذاته، الذي يجب دومًا - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون من الأشخاص الذين يعهد إليهم بقسط من نشاط الشركة يمارسه نيابة عنها، ويرتبط بتنفيذ الالتزام القانوني الذي فرضه المشرع عليها، وجعل الإخلال به جريمة - حرصًا منه على التزام الشركات العاملة في سوق رأس المال بالضوابط التشريعية؛ صونًا لحقوق عملائها، وبما ينعكس إيجابًا على العمل بسوق رأس المال - ليكون مناط مسئوليته عن هذه الجريمة ثبوت مسئوليته عن الإدارة الفعلية للشركة، في حدود الصلاحيات الممنوحة له، وهو يُسأل عن فعله شخصيًّا، ولو كان ارتكابه للجريمة قد تم باسم الشخص الاعتباري ولحسابه ولمصلحته وباستخدام أحد وسائله، دون أن يقيم النص المطعون بعدم دستوريته مسئوليته عن فعل الغير، أو يقرر مسئوليته عن الجريمة المنسوب إليه ارتكابها خارج نطاق الاختصاص والسلطة المعهود له بمباشرتها نيابة عن الشخص الاعتبارى، ذلك أن الجريمة لا تقوم بحقه إلا بتوافر أركانها، التي يتعين دومًا على سلطة الاتهام إثباتها كاملة، وبذلك يتحقق توافق قواعد المسئولية الجنائية التي نصت عليها المادة (68) المطعون فيها، مع مبدأ شخصية العقوبة، على نحو يصون الحرية الشخصية.
وحيث إنه بشـأن النعي على نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال الصـادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 - في حدود نطاقه المتقدم - إهداره أصل البراءة، ومساسه بمبدأ استقلال السلطة القضائية، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الدستور إذ نص في الفقرة الأولى من المادة (96) منه، على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، فإن مؤدى ذلك أن ضوابط المحاكمة المنصفة - التي عناها الدستور في هذه المادة - تتمثل في مجموعة من القواعد المبدئية، التي تعكس مضامينها نظامًا متكامل الملامح، يتوخى بالأسس التي يقوم عليها، صون كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، وذلك انطلاقًا من إيمان الأمم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة، وبوطأة القيود التي تنال من الحرية الشخصية التي عَدَّها الدستور من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية، فلا تنفصل عنها عدوانًا، ولضمان أن تتقيد الدولة - عند مباشرتها لسلطاتها في مجال فرض العقوبة صونًا للنظام الاجتماعي - بالأغراض النهائية للقوانين العقابية، التي ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفًا مقصودًا لذاته، أو أن تكون القواعد التي تتم محاكمته على ضوئها مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة، بل يتعين أن تلتزم هذه القواعد مجموعة من القيم التي تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية، التي لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها، ويندرج تحت هذه القواعد أصل البراءة كقاعدة أولية تفرضها الفطرة، وتوجبها حقائق الأشياء، وهي بعد قاعدة حرص الدستور القائم على إبرازها في المادة (96) منه.
وحيث إن افتراض البراءة، على ما جـرى عليه قضـاء هذه المحكمة، لا يتمحض عن قرينة قانونية، ولا هو من صورها، ذلك أن القرينة القانونية تقوم على تحويل للإثبات من محله الأصلي - ممثلاً في الواقعة مصدر الحق المدعى به - إلى واقعة أخرى قريبة منها متصلة به، وهذه الواقعة البديلة هي التي يُعَدُّ إثباتها إثباتًا للواقعة الأولى بحكم القانون. وليس الأمر كذلك بالنسبة إلى البراءة التي افترضها الدستور، فليس ثمة واقعة أحلها الدستور محل واقعة أخرى، وأقامها بديلاً عنها، وإنما يُؤسس افتراض البراءة على الفطرة التي جُبِــــل الإنســــان عليهـــا، فقــــد ولد حــــرًا مُبَــرَّأً مــــن الخطيئة أو المعصية، ويفترض على امتداد مراحل حياته أن أصل البراءة مازال كامنًا فيه، مصاحبًا له فيما يأتيه من أفعال، إلى أن تنقض محكمة الموضوع بقضاء جازم بات لا رجعة فيه هذا الافتراض، على ضوء الأدلة التي تقدمها النيابة العامة مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إليه في كل ركن من أركانها، وبالنسبة إلى كل واقعة ضرورية لقيامها، بما في ذلك القصد الجنائي بنوعيه إذا كان متطلبا فيها، وحق المتهم في مواجهة الشهود الذين قدمتهم النيابة العامة إثباتًا للجريمة، والحق في دحض أقوالهم وإجهاض الأدلة التي طرحتها بأدلة النفي التي يعرضها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة؛ إذ هو من الركائز التي يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور، ويعكس قاعدة مبدئية تُعَدُّ في ذاتها مستعصية على الجدل، واضحة وضوح الحقيقة ذاتها، تقتضيها الشرعية الإجرائية، ويُعَدُّ إنفاذها مفترضًا أوليًّا لإدارة العدالة الجنائية، ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية في مجالاتها الحيوية، وليوفر من خلالها لكل فرد الأمن في مواجهة التحكم والتسلط والتحامل، بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل، وبما يرد المشرع عن افتراض ثبوتها بقرينة قانونية ينشئها.
وحيث إنه من المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة أن الدستور إذ اختص - بموجب المادة (101) منه - السلطة التشريعية بسن القوانيــن، كما نص في المادتيـــن (184 و188) منــــه على استقلال السلطة القضائية، واختصاصها بالفصل في المنازعات والجرائم، فإن لازم ذلك أن اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين لا يخولها التدخل في أعمال أسندهــــا الدستور للسلطة القضائية وقصــرها عليها، وإلا كان هذا افتئاتًا على عملها، وإخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات. وعلى ذلك، فإن الاختصاص المقرر دستوريًّا للسلطة التشريعية في مجال إنشاء الجرائــم وتقريــر عقوباتهـــا، لا يخولها التدخل بالقرائن التي تنشئها لغل يد المحكمة الجنائية عن القيام بمهمتها الأصلية في مجال التحقق من قيام أركان الجريمة التي عينها المشرع.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون سوق رأس المال، المطعون فيه، في حدود النطاق الذي تطرحه الدعوى المعروضة، قد ألقى على عاتق المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المسئولية الجنائية عن ارتكاب الجرائم المشار إليها، وقرن ثبوتها في حقه بثبوت مباشرته الإدارة الفعلية المتعلقـــة بتنفيذ الالتزام القانوني، الذي عَدَّ المشــــرع الإخلال به جريمة، ورصد لها عقوبة جنائية جزاءً على مخالفة هذا الالتزام، مخولاً القاضي سلطة تفريدها بما يسمح بتناسب العقوبة مع الأفعال المؤثمة دون إفراط ولا تفريط، ولم يُعْـِف النيابة العامة من واجب إقامة الدليل على ثبوت أركان الجريمة في حقه، بما فى ذلك ثبوت قيامه بالإدارة الفعلية، كما لم يحل بينه وبين نفي عناصر الاتهام جميعها بكافة طرق ووسائل الإثبات القانونية في شتى الدعاوى الجنائية. وعلى ذلك، فإن النص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم - يكون قد جاء خلوًا من أي قرينة قانونية تعارض أصل البراءة. ومن ثَمَ،ّ فإن أحكامه تكون مبرأة من قالة الإخلال بأصل البراءة، أو المساس باستقلال السلطة القضائية.
وحيث إنه عن نعي المدعي على العقوبة المقررة للاتهام المسند إليه، غلظتها وعدم تناسبها مع الفعل المسند إليه، فإن ذلك رد بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن العقوبة التخييرية، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازي بعقوبة أصلية أشد - عند توافر عذر قانوني جوازي مخفف للعقوبة - أو إجازة استعمال الرأفة في مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل عملاً بنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقاف تنفيذ عقوبتي الغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هي أدوات تشريعية يتساند القاضي إليها - بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة، ومن ثم ففي الأحوال التي يمتنع فيها إعمال إحدى هذه الأدوات، فإن الاختصاص الحصري بتفريد العقوبة المعقود للقاضي يكون قد استُغلق عليه تمامًا، بما يفتئت على استقلاله، ويسلبه حريته في تقدير العقوبة، ويفقده جوهر وظيفته القضائية، وينطوي على تدخل محظور في شئون العدالة والقضايا، وفقًا لنص المادة (184) من الدستور.
لما كان ذلك، وكان الفعل المؤثم بالفقرة المشار إليها في النص المطعون عليه، محددًا نطاقًا على ما سلف، ينطوي على مساس بالنظم المقررة، لإدارة سوق رأس المال، وينال من جوهرها، ويفتئت على ضوابطها، وكانت العقوبة المرصودة لمواجهة ذلك الفعل، بموجب نص المادة (63/ 1) من قانون سوق رأس المال المشار إليه، عقوبة تخييرية بين الحبس والغرامة، وكانت كلتاهما تقع بين حدين أدنى وأقصى، فضلًا عن أن عقوبة الغرامة يجوز إيقاف تنفيذها، وكذلك عقوبة الحبس في حديها الأدنى والأقصى، فيما لا يجاوز مدة سنة واحدة، فإن ذلك مما تكون معه العقوبة المشار إليها مبررة، في ضوء جسامة الفعل الذي رُصِدت له، ومن ثم يكون النص المطعون فيه، قد جاء مستويًا على القواعد الدستورية المقررة في شأن العقوبة الجنائية، ويغدو النعي عليه فاقدًا سنده.
وحيث إن النص المطعـون فيه، في مجال إعماله على نص المادة (63/ 1) من قانون سوق رأس المال المشار إليه، لا يتعارض مع أي نص آخر في الدستور؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 2003 لسنة 51 ق جلسة 25 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 247 ص 1200

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند وإبراهيم بركات.

-------------

(247)
الطعن رقم 2003 لسنة 51 القضائية

(1 و2) هبة. أحوال شخصية "الخطبة".
(1) الهدايا التي تقدم في فترة الخطبة. هبة. استردادها. شرطه. استناد الواهب الخاطب إلى عذر يقبله القاضي مع انتفاء موانع الرجوع. م 500 مدني.
 (2)الرجوع في الهبة عند فسخ الخطبة. شرطه. قيامه على أسباب تبرره.
 (3)إثبات "اليمين الحاسمة".
حلف اليمين الحاسمة. أثره. حسم النزاع فيما انصبت عليه. اعتبار مضمونها حجة ملزمة للقاضي. سقوط حق عن وجهها في أي دليل آخر.

----------------
1 - الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر إبان الخطبة ومنها الشبكة تعتبر من قبيل الهبات فيسري عليها من يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، ومنها أن حق الخاطب الواهب في استرداد هذه الهدايا يخضع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 من القانون المدني التي تشترط لهذا الرجوع في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع.
2 - مجرد فسخ الخطبة لا يعد بذاته عذراً يسوغ للخاطب الرجوع في الهبة إلا إذا كان هذا الفسخ قائماً على أسباب تبرره.
3 - مؤدى ما نصت المادة 117 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة يحسم النزاع فيما انصبت عليه ويقوم مضمونها حجة ملزم للقاضي، فإن تضمن الحلف إقرار بدعوى المدعي حكم له بموجبه، وإن تضمن إنكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها بعد أن سقط بحلف تلك اليمين حق من وجهها في أي دليل آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 9292 سنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة ووالدها بطلب الحكم بالإذن له في الرجوع في الشبكة المبينة بالأوراق وإلزامهما متضامنين بردها إليه، وقال بياناً للدعوى إنه بمناسبة خطبته للطاعنة قدم لها شبكة عبارة عن خاتم من البلاتين ودبلتين إحداهما من الماس والأخرى من الذهب، ولما طلب تحديد موعد عقد القران فوجئ بهما يعلنان فسخ الخطبة بغير عذر مقبول ويمتنعان عن رد الشبكة إليه، فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 29/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوالد الطاعنة لرفعها على غير ذي صفة، والإذن للمطعون عليه في الرجوع في الشبكة التي قدمها للطاعنة وإلزامها بردها إليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2947 سنة 97 ق مدني، وبتاريخ 23/ 2/ 1981 وجهت المحكمة اليمين الحاسمة إلى الطاعنة، وبعد أن حلفتها حكمت بتاريخ 9/ 6/ 1981 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من الإذن للمطعون عليه في الرجوع في الخاتم البلاتين وبتأييده فيما عدا ذلك - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن مقتضى حلفها اليمين الحاسمة التي قضى الحكم الصادر بتاريخ 23/ 2/ 1981 بتوجيهها إليها - أن يقضي لصالحها برفض دعوى المطعون عليه لأن حلف اليمين يعتبر حجة على من وجهها ويسقط حقه في التمسك بأوجه الإثبات الأخرى وحجة على القاضي الذي حرمه المشرع من كل سلطة تقديرية في هذا الشأن، غير أن الحكم المطعون فيه أهدر حجية اليمين الحاسمة في الإثبات ورتب على حلفها أثر النكول عنها عندما لم يلتزم بأثر حلف الجزء الأول منها ومؤداه سقوط حق المطعون عليه في الرجوع في الشبكة ولو كانت قائمة، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر إبان الخطبة ومنها الشبكة وتعتبر من قبيل الهبات فيسري عليها من يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، ومنها أن حق الخاطب الواهب في استرداد هذه الهدايا يخضع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 من القانون المدني التي تشترط لهذا الرجوع في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع لما كان ذلك، وكان مجرد فسخ الخطبة لا يعد بذاته عذراً يسوغ للخاطب الرجوع في الهبة إلا إذا كان هذا الفسخ قائماً على أسباب تبرره، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه ركن في إثبات توافر العذر المبرر للرجوع في الهبة إلى اليمين الحاسمة التي حلفتها الطاعنة بأن سبب فسخ خطبتها للمطعون عليه يرجع إليه شخصياً وأنها لم تفسخ الخطبة من جانبها، وكان مؤدى ما نصت المادة 117 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة يحسم النزاع فيما انصبت عليه ويقوم مضمونها حجة ملزمة للقاضي، فإن تضمن الحلف إقراراً بدعوى المدعي حكم له بموجبه، وإن تضمن إنكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها بعد أن سقط بحلف تلك اليمين حق من وجهها في أي دليل آخر، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه أقام قضاءه على أن فسخ الخطبة وعدم إتمام إجراءات الزواج يعد في ذاته عذراً مبرراً للرجوع في الهبة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد هذا الحكم فيما قضى به من الإذن للمطعون عليه في الرجوع في الشبكة - فيما عدا الخاتم البلاتين - للأسباب التي أقيم عليها رغم حلف الطاعنة اليمين الحاسمة بأن فسخ خطبتها للمطعون عليه يرجع إليه دونها ولم يلتزم بأثر هذا الحلف في حسم النزاع حول نفي العذر المسوغ للرجوع في الهبة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.