الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 أكتوبر 2022

الطعن 4502 لسنة 85 ق جلسة 21 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 86 ص 844

جلسة 21 من أكتوبر سنة 2017م

برئاسة السيد القاضي / عاطف عبد السميع فرج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / كمال صقر ، محمود عبد المجيد ، هشام عبد الرحمن وعبد الحميد جابر نواب رئيس المحكمة .
-------------

(86)

الطعن رقم 4502 لسنة 85 القضائية

(1) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟

مثال .

(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .

مثال .

(3) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .

إحراز المخدر بقصد الإتجار . واقعة مادية . الفصل فيها . موضوعي . ما دام سائغاً .

تحدث الحكم استقلالاً عن قصد الإتجار. غير لازم . حد وعلة ذلك ؟

(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يُقبل منها " .

تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . مادام سائغاً .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان أمر الإحالة " .

مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان أمر الإحالة في جريمة إحراز مخدر بقصد الإتجار .

(6) دفوع " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " . إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".

الدفع بانتفاء الصلة بالمضبوطات وبعدم التواجد على مسرح الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفات الحكم عنها . مفاده : اطراحها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(7) عقوبة " العقوبة المبررة " . محكمة الجنايات . دعوى جنائية " حق التصدي " . نقض" المصلحة في الطعن " .

الأصل تقيد المحكمة الجنائية بالواقعة الواردة في أمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور . استثناء . لمحكمة الجنايات إقامة الدعوى الجنائية عن ما يتبين لها من وقائع غير المسندة إلى المتهم وإحالتها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها . نعي الطاعنين على الحكم إدانة كل منهما بتهمة لم ترد بأمر الإحالة . غير مجد . ما دام أوقع عليهما عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة المقدم بها كل منهما للمحاكمة الجنائية . علة وأساس ذلك ؟

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين قد اتفقت مع ما استند إليه الحكم منها وإن ادعى باختلافهما في غير ذلك ، فإن نعيه في هذا الصدد لا يكون له محل .

2- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به بقوله : " وحيث ثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن الأقراص المضبوطة تحتوى على مادة الترامادول المدرجة بالجدول الأول وأن المادة السمراء تزن ست جرامات وستة وسبعين سنتيجرام وثبت أن المادة جميعها حشيش " فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيميائي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .

3- لما كان من المقرر أن حيازة أو إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها ، وكان ما أورده الحكم في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات ورده على دفوع الطاعنين كافياً في إثبات أن حيازتهما وإحرازهما للجواهر المخدرة كان بقصد الإتجار وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها ، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يتحدث عن قصد الإتجار على استقلال لما هو مقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى - كان ذلك محققاً لحكم القانون .

4- لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعن بعدم توافرها وببطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان أمر الإحالة لتناقضه مع أقوال شاهدي الإثبات ورد عليه في قوله :" .... فلا محل له لكون ما سطرته النيابة العامة بأمر الإحالة ما هو إلا ترديد لما شهد به ضابطا الواقعة وما ثبت بحق المتهمين بالأوراق من إحرازهما وحيازتهما للأقراص المخدرة ومخدر الحشيش المضبوط كما أن الدفاع لم يبين ما هو التناقض المدعى به وأن المحكمة ترى أن أقوال ضابطي الواقعة قد جاءت متناسقة فيما بينها وبين ما ورد بأمر الإحالة لا تناقض فيها على نحو ما استخلصته المحكمة من أقوالهما كما أن المقرر قانوناً أن أمر الإحالة يعتبر من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ولها تعديل وصف التهمة متى رأت ذلك " ، وكان ما أورده الحكم – على النحو المار بيانه – يعد سائغاً وكافياً في اطراح الدفع ، وفي بيان وجه اقتناع المحكمة بعدم صحته ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس .

6- لما كان من المقرر أن دفع الطاعن الثاني بعدم تواجده على مسرح الجريمة وانتفاء صلته بالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن واطرحه برد كاف وسائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفض الدفع ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

7- لما كان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية أنه لا يجوز محاكمة المتهم عن واقعة غير الواقعة التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور عملاً بالمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية وأنه يجوز استثناء لمحكمة الجنايات إذا رأت في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك وقائع أخرى غير المسندة فيها إلى المتهم أن تقيم الدعوى بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون ولا يترتب على هذا الحق غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق دون الحكم فيها وذلك عملاً بالمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولما كانت المحكمة قد خالفت صريح نص هذه المادة إذ دانت الطاعن الأول عن واقعة حيازة مخدر الحشيش ، ودانت الطاعن الثاني عن واقعة حيازة مخدر الترامادول وهما جريمتان لم تكن الدعوى مرفوعة عليهما بهما ، وهو مسلك من الحكم كان يؤذن بتعييب إجراءات المحاكمة إلا أن ما يرد هذا العيب في صورة الطعن الحالي – هو انعدام جدواه ذلك بأن الحكم لم يوقع على كلا من الطاعنين سوى عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمتين المقدمين بهما للمحاكمة الجنائية – وهي السجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة مائة ألف جنيه – وهي عقوبة إحراز مخدر الترامادول بقصد الإتجار بالنسبة للطاعن الأول ، وإحراز مخدر الحشيش بقصد الإتجار بالنسبة للطاعن الثاني التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابهما لهما ومن ثم فإن مصلحتهما في النعي على الحكم في هذا الصدد تكون منتفية ، إذ من المقرر أنه إذا أخطأ الحكم فأسند إلى المتهم مع الجريمة الثابت وقوعها منه جريمة أخرى وعاقبة على الجريمتين معاً بعقوبة واحدة داخلة في حدود المواد المنطبقة على الجريمة الواجب معاقبته من أجلها فإنه بذلك تنتفي مصلحة الطاعن بالتمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :

1- المتهم الأول أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " ترامادول " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

2- المتهم الثاني أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " حشيش " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمـر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7/ 1 ، 34/ 1 بند أ ، 36 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 56 ، 150 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997 ، 125 لسنة 2012 مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة جوهري الحشيش والأقراص المخدرين ، وذلك بعد أن عدلت الوصف إلى : إحراز كل منهما لجوهر الحشيش وأقراص الترامادول المخدرين بقصد الإتجار .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي حيازة وإحراز أقراص الترامادول وجوهر الحشيش المخدرين بقصد الإتجار، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه أحال في أقوال شاهد الإثبات الثاني إلى ما أورده من أقوال الأول رغم تباين أدوارهما في واقعة الدعوى ، ولم يورد مضمون تقرير المعمل الكيميائي بشكل واف ، ولم يعن باستظهار قصد الإتجار لدى الطاعنين ، وأطرح برد غير سائغ دفعيهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وببطلان أمر الإحالة لتناقضه مع أقوال الشهود ، ودفع الثاني بانتفاء صلته بالمضبوطات لعدم تواجده على مسرح الجريمة ، وأخيراً فقد عدلت المحكمة وصف الاتهام بإضافة تهمة جديدة لكل طاعن دون لفت نظر الدفاع ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين قد اتفقت مع ما استند إليه الحكم منها وإن ادعى باختلافهما في غير ذلك ، فإن نعيه في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به بقوله :" وحيث ثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن الأقراص المضبوطة تحتوى على مادة الترامادول المدرجة بالجدول الأول وأن المادة السمراء تزن ست جرامات وستة وسبعين سنتيجرام وثبت أن المادة جميعها حشيش" فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيميائي لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حيازة أو إحراز المخدر بقصد الإتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها مادام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها ، وكان ما أورده الحكم في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات ورده على دفوع الطاعنين كافياً في إثبات أن حيازتهما وإحرازهما للجواهر المخدرة كان بقصد الإتجار وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها ، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يتحدث عن قصد الاتجار على استقلال لما هو مقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن بعدم توافرها وببطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان أمر الإحالة لتناقضه مع أقوال شاهدي الإثبات ورد عليه في قوله :".... فلا محل له لكون ما سطرته النيابة العامة بأمر الإحالة ما هو إلا ترديد لما شهد به ضابطا الواقعة وما ثبت بحق المتهمين بالأوراق من إحرازهما وحيازتهما للأقراص المخدرة ومخدر الحشيش المضبوط كما أن الدفاع لم يبين ما هو التناقض المدعى به وأن المحكمة ترى أن أقوال ضابطي الواقعة قد جاءت متناسقة فيما بينها وبين ما ورد بأمر الإحالة لا تناقض فيها على نحو ما استخلصته المحكمة من أقوالهما كما أن المقرر قانوناً أن أمر الإحالة يعتبر من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ولها تعديل وصف التهمة متى رأت ذلك " ، وكان ما أورده الحكم – على النحو المار بيانه – يعد سائغاً وكافياً في اطراح الدفع ، وفي بيان وجه اقتناع المحكمة بعدم صحته ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن دفع الطاعن الثاني بعدم تواجده على مسرح الجريمة وانتفاء صلته بالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن واطرحه برد كاف وسائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفض الدفع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية أنه لا يجوز محاكمة المتهم عن واقعة غير الواقعة التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور عملاً بالمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية وأنه يجوز استثناء لمحكمة الجنايات إذا رأت في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك وقائع أخرى غير المسندة فيها إلى المتهم أن تقيم الدعوى بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون ولا يترتب على هذا الحق غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق دون الحكم فيها وذلك عملاً بالمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولما كانت المحكمة قد خالفت صريح نص هذه المادة إذ دانت الطاعن الأول عن واقعة حيازة مخدر الحشيش ، ودانت الطاعن الثاني عن واقعة حيازة مخدر الترامادول وهما جريمتان لم تكن الدعوى مرفوعة عليهما بهما ، وهو مسلك من الحكم كان يؤذن بتعييب إجراءات المحاكمة إلا أن ما يرد هذا العيب في صورة الطعن الحالي – هو انعدام جدواه ذلك بأن الحكم لم يوقع على كلا من الطاعنين سوى عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمتين المقدمين بهما للمحاكمة الجنائية – وهي السجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة مائة ألف جنيه – وهي عقوبة إحراز مخدر الترامادول بقصد الإتجار بالنسبة للطاعن الأول وإحراز مخدر الحشيش بقصد الإتجار بالنسبة للطاعن الثاني التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابهما لهما ومن ثم فإن مصلحتهما في النعي على الحكم في هذا الصدد تكون منتفية ، إذ من المقرر أنه إذا أخطأ الحكم فأسند إلى المتهم مع الجريمة الثابت وقوعها منه جريمة أخرى وعاقبة على الجريمتين معاً بعقوبة واحدة داخلة في حدود المواد المنطبقة على الجريمة الواجب معاقبته من أجلها فإنه بذلك تنتفي مصلحة الطاعن بالتمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9292 لسنة 85 ق جلسة 19 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 85 ص 836

جلسة 19 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد طاهر وأحمد قزامل نائبي رئيس المحكمة ومحمد السنباطي وأحمد المتناوي .

------------

(85)

الطعن رقم 9292 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالتفتيش . موضوعي .

 (3) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

اطراح الحكم نعي الطاعن بالتلاعب في توقيتات الإذن استناداً لاطمئنان المحكمة لثبوت صحتها بمذكرة وكيل النيابة مُصدره . صحيح . علة ذلك ؟

(4) استدلالات . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .

إمضاء رجل الضبط القضائي وقتاً طويلاً في التحريات . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمُرشدين السريين وتخّير الطريق والوقت المُناسبين لتنفيذ إذن التفتيش بطريقة مُثمرة .

(5) إثبات " شهود " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعه بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي توردها . رداً عليه .

النعي بشأن اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة بالتفتيش استناداً لأقوالهم . جدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(6) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

اطمئنان المحكمة إلى أن المواد المخدرة المضبوطة هي التي أُرسلت للنيابة العامة وصَار تحليلها ولنتيجة التحليل . أثره : التفاتها عن الرد على دفاع الطاعن بانقطاع الصلة بين أوزانها بمحضر جمع الاستدلالات مع ما عُرض على النيابة وأُرسل للتحليل .

(7) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال لمِا لا يُعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(8) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

لمحكمة الموضوع أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش وإسناد واقعة إحراز المخدر للطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي .

(9) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

عدم تقيّد المحكمة بالوصف الذي تُسبغه النيابة العامة على الفعل المُسند للمتهم . اقتصار تعديلها له على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مُشدداً في جريمة إحراز المخدر . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة وشرط ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مُستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقريري المعمل الجنائي والأدلة الجنائية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المُستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإنه ينتفي عن الحكم قالة الإجمال والإبهام .     

2- من المُقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا مُعقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة مُنتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

3- لمَّا كان الحكم قد عرض لما أُثيِر من التلاعب في توقيتات الإذن واطرحه بما محصله من إرسال السيد الأستاذ وكيل النيابة مُصدر الإذن مذكرة تفيد بأن ساعة وتاريخ إصدار الإذن صحيحين ولا يوجد تلاعب في الساعة التي صدر فيها الإذن ، وهو ما اطمأنت له المحكمة ، وكان ما أثاره الطاعن - على نحو ما سلف - هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة ، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد اطرحته بما أوردته فيما تقدم برد سائغ ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

4- لمَّا كان القانون لا يوجب أن يكون رجل الضبط قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، إذ له اتخاذ ما يلزم من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين بدون تحديد فترة زمنية لإجرائها ، كما له تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش بتخيّر الطريق المُناسب لتنفيذه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

5- من المُقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة على وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي توردها ، ولمَّا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.

6- لمَّا كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المُخدرة المضبوطة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصَده محضر جمع الاستدلالات من أوزان لها مع ما عُرض على النيابة العامة وتم إرساله للتحليل ، مردوداً بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المواد المُخدرة المضبوطة هي التي أُرسلت للنيابة العامة وصَار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت بناء على ذلك ، ولا جُناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد .

7- من المُقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى عدم تواجد الشاهد الثاني واقعة ضبطه إذ إنه قام بالتحريات بفرض حصوله لا أثر له في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ومنطق استدلاله على تفتيشه وضبطه محرزاً للمخدر المضبوط وبالتالي تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد .

8- من المُقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يُقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .

9- لمَّا كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المُسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المُبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضى تنبيه الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( الهيروين ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

2- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( الأفيون ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

3- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( الحشيش ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

4- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .

5- أحرز ذخائر ( أربع عشرة طلقة ) مما تستعمل على السلاح الناري موضوع التهمة السالفة دون أن يكون مرخصاً بحيازته أو إحرازه .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2، 38/1 2، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعدل والبند رقم (2) من القسم الأول والبندين 9 ، 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) المُلحق به والمُستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمواد 1 ، 2 ، 6، 26/3 ، 4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المُعدل والبند "ب" من القسم الثاني من الجدول رقم (3) المرفق والمُعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة .... بالسجن المُشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة بالنسبة للتهمة الأولى ، وفى التهمتين الأخيرتين بمعاقبته بالسجن المُشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه وبمصادرة السلاح والذخائر المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية - باعتبار أن إحراز المواد المخدرة مجرداً من القصود المُسماة قانوناً .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم إحراز جواهر مخدرة ( هيروين - أفيون - حشيش ) بغير قصد في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً وإحراز سلاح ناري مششخن ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بإحرازه وذخيرة مما تستعمل فيه قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك بأن أسبابه اعتورها الغموض والإبهام ، ورد الحكم بما لا يسوغ على الدفوع ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات لشواهد متعددة ، وبالتلاحق الزمني السريع في الإجراءات ، وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما ، والتفتت عن الدفع بانتفاء الصلة بالمضبوطات لاختلاف ما عُرض على النيابة العامة عما ورد بمحضر الضبط ، وأورد الحكم بمدوناته أن الضابط .... شارك الضابط .... في الضبط بالمُخالفة للثابت بالأوراق ، وعوَّل على تحريات الشرطة وأقوال مُجريها في نسبة المُخدر للطاعن ثم اطرحها في مقام التدليل على القصد ، وأخيراً استبعدت المحكمة قصد الاتجار دون تنبيه الدفاع لذلك ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مُستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقريري المعمل الجنائي والأدلة الجنائية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإنه ينتفى عن الحكم قالة الإجمال والإبهام . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا مُعقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة مُنتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما أُثيِر من التلاعب في توقيتات الإذن واطرحه بما مُحصله من إرسال السيد الأستاذ وكيل النيابة مُصدر الإذن مذكرة تفيد بأن ساعة وتاريخ إصدار الإذن صحيحين ولا يوجد تلاعب في الساعة التي صدر فيها الإذن ، وهو ما اطمأنت له المحكمة ، وكان ما أثاره الطاعن - على نحو ما سلف - هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة ، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد اطرحته بما أوردته فيما تقدم برد سائغ ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان القانون لا يوجب أن يكون رجل الضبط قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، إذ له اتخاذ ما يلزم من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المُرشدين السريين بدون تحديد فترة زمنية لإجرائها كما له تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش بتخيّر الطريق المُناسب لتنفيذه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مُناسباً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة على وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي توردها ، ولمَّا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصَده محضر جمع الاستدلالات من أوزان لها مع ما عُرض على النيابة العامة وتم إرساله للتحليل ، مردوداً بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المواد المُخدرة المضبوطة هي التي أُرسلت للنيابة العامة وصَار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت بناءً على ذلك ، ولا جُناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى عدم تواجد الشاهد الثاني واقعة ضبطه إذ إنه قام بالتحريات بفرض حصوله لا أثر له في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ومنطق استدلاله على تفتيشه وضبطه مُحرزاً للمخدر المضبوط وبالتالي تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المُخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يُقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المُسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المُبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الإتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مُتعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 5008 لسنة 80 ق جلسة 18 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 84 ص 833

جلسة 18 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / أحمد عمر محمدين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين ، أشرف فريج ، ياسر جميل ومحمد طنطاوي نواب رئيس المحكمة .

-----------

(84)

الطعن رقم 5008 لسنة 80 القضائية

إثبات " خبرة " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " . مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

الإدانة في جريمة حيازة أو إحراز إحدى المواد المخدرة . شرطه : أن تكون المادة المضبوطة في عداد المواد المبينة حصراً في أيٍ من جداول المواد المخدرة الملحقة بالقانون 182 لسنة 1960 . القطع بحقيقتها . لا يصلح فيه غير الدليل الفني .

وجوب إيراد الحكم للأدلة التي استند إليها ومؤداها في بيان كاف . عدم كفاية الإشارة إليها . استناده إلى تقرير المعمل الكيماوي دون إيراد مضمونه ومؤداه . قصور يوجب نقضه . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان البيِّن من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اعتمد - من بين ما اعتمد عليه - في إدانة الطاعن على تقرير المعمل الكيماوي لمصلحة الطب الشرعي ، وكان من المقرر أن الإدانة في جريمة حيازة أو إحراز إحدى المواد المخدرة شرطها أن تكون المادة المضبوطة في عِدَاد المواد المبينة حصراً في أيٍ من جداول المواد المخدرة الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات ، وأن الكشف عن كنه المادة والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير الدليل الفني ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً ، فلا تكفي الإشارة إليها ، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة ، وإذ كان ذلك ، فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها على النحو السالف بيانه إلى تقرير المعمل الكيماوي دون إيراد مضمونه ومؤداه والأسانيد التي قام عليها لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، الأمر الذي يصم الحكم بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

- أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ( حشيشاً ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 المحلق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بحبسه سنة مع الشغل وتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط ، مع إيقاف عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي - قد شابه القصور في التسبيب ؛ ذلك أنه لم يورد مؤدى ومضمون تقرير المعمل الكيماوي الذي عول عليه في قضائه ؛ مما يعيبه بما يستوجب نقضه .

وحيث إن البيّن من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اعتمد - من بين ما اعتمد عليه - في إدانة الطاعن على تقرير المعمل الكيماوي لمصلحة الطب الشرعي ، وكان من المقرر أن الإدانة في جريمة حيازة أو إحراز إحدى المواد المخدرة شرطها أن تكون المادة المضبوطة في عِدَاد المواد المبينة حصراً في أيٍ من جداول المواد المخدرة الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات ، وأن الكشف عن كنه المادة والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير الدليل الفني . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً ، فلا تكفي الإشارة إليها ، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة ، وإذ كان ذلك ، فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها على النحو السالف بيانه إلى تقرير المعمل الكيماوي دون إيراد مضمونه ومؤداه والأسانيد التي قام عليها لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، الأمر الذي يصم الحكم بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7215 لسنة 85 ق جلسة 22 / 10 / 2016

قضاة "صلاحيتهم".

وجوب امتناع القاضي من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى التي لديه معلومات شخصية عن موضوعها لتعارضه مع وظيفته وإلا وقع قضاؤه باطلاً متصلاً بالنظام العام . علة وأساس ذلك ؟ مثال لحكم بالإدانة باطل لصدوره بناء على معلومات شخصية لدى المحكمة مصدرته عن موضوع الدعوى .

----------------

لما كانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض ومن هذه الأحوال أن يكون لديه معلومات شخصية عن موضوعها لم يستقها من الجلسة وما طرح فيها من أدلة - فيتعين على القاضي في هذه الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده وإلا وقع قضاؤه باطلاً متصلاً بالنظام العام بصدوره من قاضى محظور عليه الفصل فيها - ومناط عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى هو خلو ذهنه عن موضوعها وأدلتها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم ويقدر أدلتها في حيدة وتجرد مخافة أن يلتزم برأيه ومعلوماته الشخصية ويتأثر بهما في وزن وتقدير تلك الحجج والأدلة التي تشف عنها معلوماته الشخصية ضناً بأحكام القضاء من أن يعلق بها ثمة ريبة من جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها أغلب الخلق ، وأن عمل القاضي أو قضاءه في تلك الحالة يقع باطلاً وتقضى المحكمة بهذا البطلان من تلقاء نفسها . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بنى قناعته بالإدانة من بين ما عول عليه على قوله ( وما لمسته المحكمة من واقع الأحداث التي جرت يوم 22-7-2013 ) وهو تاريخ الواقعة – مما مفاده أنه قد استمد قناعته بالإدانة من واقع معلوماته الشخصية عن الأحداث موضوع الدعوى – ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً

---------------------

" الـوقـائـــــع "
اتهمت النيابة العامة كل من ........... في قضيه الجناية رقم 11818 لسنة 2013 جنايات قسم الجيزة (والمقيدة بالجدول الكلى برقم 7101 لسنة 2013 جنوب الجيزة ) .
بوصف أنهم في يوم 22 من يوليو سنة 2013 بدائرة قسم الجيزة- محافظة الجيزة.
1ـــــ المتهمون من الأول حتى الثامن : دبروا تجمهراً مؤلفاً من أكثر من خمسة أشخاص كان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والتخريب والإتلاف العمدى والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة .
2ــــ المتهمون من التاسع حتى الأخير : أولاً : اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والتخريب والإتلاف العمدى والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة حال حملهم لأسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وقد وقعت تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الآتية :ـــــ
( أ ) استعرضوا وآخرون مجهولون القوة ولوحوا بالعنف واستخدموهما ضد المجني عليهم الواردة أسمائهم بالتحقيقات وكان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم والإضرار بممتلكاتهم لفرض السيطرة عليهم بأن تجمع المتهمون وآخرون مجهولون من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والموالين لهم في مسيرات عدة بمحيط ميدان الجيزة حال حمل بعضهم أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وما إن تمكنوا من المجني عليهم حتى باغتوهم بالاعتداء عليهم بتلك الأسلحة والأدوات - مما ترتب عليه تكدير أمنهم وسكينتهم وطمأنينتهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وإلحاق الضرر بممتلكاتهم حال كون أحد المجني عليهم أنثى وبعضهم لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة على النحو المبين بالتحقيقات .
- وقد اقترنت بالجريمة السابقة وتلتها جناية القتل العمد ذلك أنهم في ذات الزمان والمكان سالفا البيان:ــ
- قتلوا وآخرون مجهولون المجني عليه ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل من يتصادف وجودة بمحيط ميدان الجيزة وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة والأدوات سالفة البيان وتوجهوا وآخرون مجهولون إلى المكان سالف الذكر وما أن ظفروا به حتى أطلق مجهول من بينهم صوبة عياراً نارياً قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات - وقد اقترنت بجناية القتل أنفة البيان وتقدمتها وتلتها جنايات أخرى ذلك أنهم في ذات الزمان والمكان سالفى الذكر:ـــــ
- قتلوا وآخرون مجهولون المجني عليهم / ......... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل من يتصادف وجوده بمحيط ميدان الجيزة وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة والأدوات سالفة البيان وتوجهوا وآخرون مجهولون إلى المكان سالف الذكر وما إن ظفروا بهم حتى أطلق مجهولون من بينهم صوبهم أعيرة نارية قاصدين إزهاق روحهم فأحدثوا إصابتهم الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي حال كون أحد المجني عليهم طفلاً على النحو المبين بالتحقيقات .
- شرعوا وآخرون مجهولون في قتل المجني عليه / ....... وعشرين آخرين الواردة أسماؤهم بكشف المصابين المرفق - عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتلهم وأعدوا لذلك الغرض الأسلحة والأدوات سالفة البيان وما إن ظفروا بهم حتى أطلق مجهولون من بينهم صوب المجني عليهم أعيرة نارية وتعدوا على بعضهم بالأسلحة البيضاء والأدوات سالفة البيان قاصدين إزهاق أرواحهم فأحدثوا إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق وخاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليهم بالعلاج وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي حال كون بعض المجني عليهم أطفالاً على النحو المبين بالتحقيقات .
- خربوا وآخرون مجهولون عمداً أملاكاً عامة مخصصة لمصالح حكومية - نقطة مرور ، مبنى الشرطة العسكرية بميدان الجيزة - بأن قاموا بإلقاء عبوات مشتعلة ( مولوتوف ) بداخلها وأضرموا النار بها فأتوا عليها وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي وبقصد إحداث الرعب بين الناس وإشاعة الفوضى على النحو المبين بالتحقيقات .
- أتلفوا عمداً أموالاً ثابتة ومنقولة لا يمتلكونها وهى السيارات الموصوفة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليهم / ....... وآخرين والحانوت المملوك لشركة الأزياء الحديثة ومقر بنك الإسكندرية بميدان الجيزة مما ترتب عليه جعل الناس وصحتهم وأمنهم في خطر وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
(ب) حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ( بنادق آلية وأسلحة نارية غير مششخنة أفرده خرطوش ) بغير ترخيص وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام على النحو المبين بالتحقيقات .
(ج) حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة ذخائر مما تستعمل على الأسلحة سالفة الذكر حال كون بعضها غير مرخص لأي منهم بحيازتها أو إحرازها والبعض الأخر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وكان ذلك بأحد أماكن التجمع وبقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام على النحو المبين بالتحقيقات .
(د) حازوا وأحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحملها أو إحرازها أو حيازتها مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت بجلسة 30 من أغسطس سنة 2014 وعملاً بالمواد 30 ، 32 ، 39، 45، 46، 86، 90، 230، 231، 234 ، 235، 361، 375 مكرر ، 375 مكرر أ من قانون العقوبات المضافين بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 والمواد 1 ، 6 ، 25مكرر ، 26 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والبندين 5 ، 7 من الجدول رقم 2 والبند ب من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحقين بالقانون الأول والمادة 116 مكرر من القانون 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالقانون 126 لسنة 2008 بشأن الطفل والمواد 220 ، 251 ، 313 ، 320 ، 381/2 ، 384/1 من قانون الإجراءات الجنائية مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : حضورياً بمعاقبة كل من ..... بالسجن المؤبد عما نسب إليهم وألزمتهم المصروفات الجنائية .
ثانياً : غيابياً بإجماع الآراء بمعاقبة المتهمين ..... بالإعدام عما نسب إليهم وألزمتهم المصروفات الجنائية .
ثالثاً: ألزمت المتهمين جميعاً بأن يؤدوا للمدعين مدنياً / ورثة المجني عليهما ... عشرة آلاف جنيه وألزمتهم المصروفات المدنية.
فطعن المحكوم عليه / ........ على هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 2014 كما طعن كل من ..... على هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 14 من أكتوبر سنة 2014 وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 2014 عن الطاعنين جميعاً الأولى موقع عليها من الأستاذين / ........ المحامين والثانية موقع عليها من الأستاذين / ...... المحامين والثالثة موقع عليها من الأستاذ / ...... المحامي وبتاريخ 27 من أكتوبر سنة 2014 أودعت مذكرة بأسباب الطعن عن الطاعنين ...... موقع عليها من الأستاذ / .... المحامي وبتاريخ 29 من أكتوبر سنة 2014 أودعت مذكرة بأسباب الطعن من الطاعنين .... موقع عليها من الأستاذ / .... المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
---------------------

" المحكمـــة "
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمرافعة والمداولة .
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن الثالث .........
وحيث إن البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر بجلستي 5/5/ 2014 ، 8 /5/ 2014 ثم تأجل نظر الدعوى لجلسة 31/ 5/ 2014 وفيها لم يحضر الطاعن واستمعت المحكمة لأقوال أثنين من أقوال شهود الإثبات وبجلسة 14/ 6/ 2014 لم يحضر الطاعن وتم تأجيل نظر الدعوى لجلسة 19/ 6/ 2014 وتخلف فيها الطاعن عن الحضور فقررت المحكمة أقفال باب المرافعة في الدعوى وحددت جلسة 3 /8/ 2014 للنطق بالحكم ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسات متوالية مثل فيها المتهم فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه موصوفاً بالنسبة له حضورياً. لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن العبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع في الدعوى فلا يكون الحكم حضورياً بالنسبة إلى الخصم إلا إذا حضر وتهيأت له الفرصة لإبداء دفاعه كاملاً ، ويعتبر الحكم الصادر من محكمة الجنايات في جناية حضورياً بالنسبة إلى الخصم الذي يمثل في جلسة المحاكمة وتسمع البينة في حضرته ويتم دفاعه أو يسعه أن يتم بصرف النظر عن موقف غيرة من الخصوم وكان من المقرر أيضاً أن الشارع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية لم يأخذ بنظام الحكم الحضوري الاعتباري فيما يتعلق بالأحكام التي تصدر في مواد الجنايات من محكمة الجنايات كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات وكان الثابت من محاضر الجلسات على النحو المار ذكره أن الطاعن لم يحضر بإحدى الجلسات التي استمعت فيها المحكمة إلى بعض الشهود كما لم يحضر بجلسة المرافعة الأخيرة المعقودة في 19 من يونيه 2014 والتي قررت فيها المحكمة إقفال باب المرافعة في الدعوى ولم يبد دفاعه فإن ما ذهبت إليه المحكمة من وصف الحكم بأنه حضوري للطاعن المذكور يكون غير صحيح في القانون لأنه في حقيقة الأمر حكماً غيابياً برغم هذا الوصف ولا يغير من الأمر حضور الطاعن بالجلسات المؤجلة إليها الدعوى للنطق بالحكم ما دام الثابت أنه لم يحضر جلسة المرافعة الأخيرة ولم يكن ماثلاً عند صدور قرار المحكمة بقفل باب المرافعة وحجز القضية للحكم ولم يبدى دفاعه .
لما كان ذلك ، وكانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز للمحكوم عليه الطعن بالنقض في الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات فإن الطعن يكون غير جائز لكون الواقعة جناية يسرى عليها حكم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية في حق الطاعن .
ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعنين / .........
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين من الأول إلى الخامس بجريمة التدبير لتجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والتخريب والإتلاف العمدى للمال العام ، كما دان الطاعنين من السادس إلى الثامن بالاشتراك في الجريمة سالفة الذكر وجريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدامها ضد المواطنين بقصد ترويعهم المقترنة بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والتخريب العمدى للمال العام والخاص وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتراه الخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم عول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم أن أقوالهم لم تسند للطاعنين مقارفة الفعل المادي للجرائم المنسوبة إليهم ، ولم يأت الحكم بشواهد مادية مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها سوى ما جاء بتحريات الشرطة وأقوال مجريها دون أن تكون معززة بدليل أخر ، كما تساند في الإدانة إلى إقرار الطاعن الثامن رغم أنه لم يكن نصا على اقتراف الجريمة ، هذا إلى أن المحكمة أقامت حكمها على علمها الشخصي ، كما أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على انصراف نية الطاعنين إلى قتل المجني عليهم ، ودانهم بظرف مشدد هو سبق الإصرار دون أن يقيمه في حقهم بما ينتجه هذا إلى أن البادي من الحكم اعتناقه صورتين متعارضتين للواقعة ذلك بأن اعتبر الطاعنين من الأول إلى الخامس فاعلين أصليين في جريمة التدبير للتجمهر التي دانهم بها ثم عاد من بعد واعتبرهم شركاء في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ثم انتهى في عجز أسبابه إلى إدانتهم بوصفهم فاعلين أصليين في جريمة التدبير للتجمهر ، وأخيراً فإن الدفاع الحاضر مع الطاعنين الثالث والخامس والثامن طلب تأجيل نظر الدعوى للمرافعة إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وفصلت في الدعوى دون أن تمكنه من إبداء دفاعه واعتبرت هيئة الدفاع فريق واحد عن كل الطاعنين دون موافقتهم ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون الدليل الذي تعول عليه مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، وكانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل في إدانة الطاعنين بأقوال شهود الإثبات وما ثبت من الاسطوانات المدمجة وتقارير الطب الشرعي والمعامل الجنائية وإقرار المحكوم عليه الثالث عشر ولما كانت أقوال الشهود كما حصلها الحكم قد خلت مما يفيد رؤيتهم أيا من الطاعنين يرتكب الواقعة أو الاشتراك فيها ولا يغنى عن ذلك استناد الحكم إلى أقوال ضابطي الشرطة بالتحقيقات فيما تضمنته تحرياتهما بشقيه الأمن الوطني والجنائي من ارتكاب الطاعنين الجرائم المسندة إليهم ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية أنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحدة ولا يصلح أن يؤسس حكمه على رأى غيره وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينه أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنين الجرائم المسندة إليهم رأى محرر محضري التحريات فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهدان الأول والثاني من تحرياتهما لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها فإن حكمها يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال بما يبطله ولا يعصم الحكم من هذا البطلان أن يكون قد عول في الإدانة على ما ثبت من الأسطوانات المدمجة إذا أن ما حصله الحكم منها لا ينهض دليلاً على ما قضى بها وأن العلم بوقوع الجريمة لا يعتبر في القانون أساساً لمسائلة جنائية على اعتبار أن العالم بوقوعها يعد شريكا في مقارفتها ، كما أن تقارير الطب الشرعي والمعمل الجنائي التي استند إليها الحكم في قضائه لا تنهض بذاتها دليلاً على نسبة الاتهام إلى الطاعنين إذ إنها لا تخرج عن كونها دليلاً يؤيد أقوال الشهود - ومن ثم فإن استناد الحكم إلى التقارير الطبية لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة أساسية على التحريات وحدها وهى لا تصح دليلاً منفرداً في هذا المجال .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عول - من ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على إقرار الطاعن الثامن بتحقيقات النيابة العامة وأورد مضمونه في قوله " أقر المتهم الثالث عشر بالتحقيقات أنه سبق له قيادة عديد من المسيرات بميدان النهضة والجيزة في غضون شهر يوليو ".
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية والذي يؤخذ به المتهم يجب أن يكون نصا في اقتراف الجريمة وأن يكون من الصراحة والوضوح بحيث لا يحتمل تأويلاً كما أن الإقرار هو قول صادر عن المتهم يقر فيه بصحة نسبة التهمة إليه أو أن يتضمن من الدلائل على إقراره بالمساهمة في الجريمة المسندة إليه ومن ثم فإن الإقرار في مبناه ومعناه لا يخرج عن مضمون الاعتراف وأن التباين بينهما هو أن للمحكمة أن ترتب الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع شهود أما الإقرار فيشترط فيه أن يتضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى .
لما كان ذلك ، ولئن كان من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير قيمته في الإثبات مادامت تقيمه على أسباب سائغة بيد أن ما أورده الحكم من أقوال الطاعن الثامن - على السياق المتقدم - لم يكن نصا صريحاً واضحاً في اقتراف الجرائم التي دين الطاعنين بها ، كما لا يستفاد منها ضمناً ارتكابهم الأفعال المسندة إليهم ، فهذه الأقوال مهما كانت دلالتها لا ترقى إلى مرتبه الإقرار على النحو المعرف به قانوناً ومن ثم فإن تعويل الحكم على هذه الأقوال وتسميتها إقراراً بالجريمة يصرفها عن معناه بما يجعله مشوباً بالفساد في الاستدلال الذي أسلمه إلى الخطأ في تطبيق القانون .
لما كان ذلك ، وكانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض ومن هذه الأحوال أن يكون لديه معلومات شخصية عن موضوعها لم يستقها من الجلسة وما طرح فيها من أدلة - فيتعين على القاضي في هذه الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده وإلا وقع قضاؤه باطلاً متصلاً بالنظام العام بصدوره من قاضى محظور عليه الفصل فيها - ومناط عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى هو خلو ذهنه عن موضوعها وأدلتها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم ويقدر أدلتها في حيدة وتجرد مخافة أن يلتزم برأيه ومعلوماته الشخصية ويتأثر بهما في وزن وتقدير تلك الحجج والأدلة التي تشف عنها معلوماته الشخصية ضنا بأحكام القضاء من أن يعلق بها ثمة ريبه من جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها أغلب الخلق وأن عمل القاضي أو قضاءه في تلك الحالة يقع باطلاً وتقضى المحكمة بهذا البطلان من تلقاء نفسها . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بني قناعته بالإدانة من بين ما عول عليه على قوله ( وما لمسته المحكمة من واقع الأحداث التي جرت يوم 22-7-2013 ) وهو تاريخ الواقعة - مما مفاده أنه قد استمد قناعته بالإدانة من واقع معلوماته الشخصية عن الأحداث موضوع الدعوى - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل بقوله " وحيث إن المحكمة قد أسلفت فيما سبق ذكره أن المتهمين من الأول حتى الثامن هم من خلقوا وأداروا وشكلوا التجمع الإرهابي المشار إليه وأن هذا التجمع هو الذي خلق فكرة جرائم القتل العمد المقترن بظرفي سبق الإصرار والترصد سواء بالنسبة لجرائم القتل العمد والشروع فيه ومن ثم فإن مجادلة الدفاع بتبرئتهم تأسيساً على عدم قيامهم بإتيان فعل القتل العمد والشروع فيه أو ضبط أسلحة بحوزتهم هي جهاد من الدفاع في غير موضوعه فكفى بالمحكمة أن أوضحت أدوار المتهمين على نحو يتكفل بالرد على الدفاع في هذا المقام سيما على ضوء الإقرار الصادر من المتهم الثالث عشر بتحقيقات النيابة العامة والمسجل على الأسطوانة المدمجة الموجودة بأحراز القضية والذي أدلى به لقناة الجزيرة القطرية من أن هناك اجتماعاً تم بمسجد رابعة العدوية ضم قيادات جماعة الإخوان الإرهابية وتحالف ما يسمى بدعم الشرعية اتفقوا من خلاله أن هناك انقلابا قويا وأنهم بين خيارين أما الانسحاب لتنظيم الصفوف أو المواجهة وكان القرار بالإجماع هو المواجهة وأن من تبعات ذلك والمقولة سلفا هو القتل ".
لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر الخاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه فلا يدرك بالحس الظاهر وإنما هو يستخلص من الإمارات والمظاهر الخارجية التي تدل عليه ، واستخلاصه من هذه الإمارات والمظاهر وإن كان من شأن محكمة الموضوع إلا أنه يتعين أن يكون ما أثبته الحكم فيها كافياً بذاته للكشف عن قيام ذلك القصد الخاص ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعة سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعنون ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في روية وهدوء .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعن بالتحدث استقلالاً عن هذا الظرف كما أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقتها إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبير عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والإمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى المتمثلة في أقوال الشهود والتقارير الفنية وما سمى خطأ بإقرار الطاعن الثامن مما يدل على ذلك يقينا وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب .
لما كان ذلك ، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 قد نصت على أنه " إذا كان الغرض من التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل ارتكاب جريمة ما أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح ...... فكل شخص من المتجمهرين اشترك في التجمهر وهو عالم بالغرض منه أو علم بهذا الغرض ولم يبتعد عنه .... يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً مصرياً ". كما نصت المادة الرابعة من القانون ذاته على أنه " يعاقب مدبروا والتجمهر الذي يقع تحت حكم المادة الثانية من هذا القانون بنفس العقوبات التي يعاقب بها الأشخاص الداخلون في التجمهر ويكونون مسئولين جنائياً عن كل فعل يرتكبه أي شخص من هؤلاء الأشخاص في سبيل الغرض المقصود من التجمهر ......". ومفاد ما تقدم أن جريمة التجمهر والتدبير لها جريمة تعد في حكم القانون جنحة ، أما لو ارتكب المتجمهرون جناية فيعاقب مدبروا التجمهر بذات عقوبة المتجمهر .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى إذ أورد بمدوناته تارة أن الطاعنين من الأول إلى الخامس فاعلون أصليون في جريمة التدبير للتجمهر ثم عاد واعتبرهم شركاء في جريمة القتل العمد المقترن بظرف سبق الإصرار والتي ارتكبها المتجمهرون ثم عاد وانتهى إلى إدانتهم بوصفهم فاعلين أصليين في جريمة التدبير للتجمهر فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضتين والفارق بيّن بينهما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين مما يتعذر معه الوقوف على مبلغ أثر ذلك الفهم القانوني الخاطئ الذي تردت فيه المحكمة في شأن العقوبة واجبة التطبيق على الطاعنين ومن ثم يكون حكمها قاصراً متخاذلاً في أسبابه متناقضا في بيانه الواقعة تناقضا يعيبه بما يبطله .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته وإذا إستأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدى دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة المعقودة في 19-6-2014 أن المحامين الحاضرين مع المتهمين الثالث والثامن والثالث عشر - قد اقتصروا على طلب التأجيل للمرافعة فكان من المحكمة أن قررت إقفال باب المرافعة في الدعوى وحددت جلسة 3/8/2014 للنطق بالحكم وانتهت إلى إدانة هؤلاء الطاعنون دون أن تنبه الدفاع عن كل منهم إلى رفض طلب التأجيل ، فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع وهو أيضاً واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية يكون قد قصر عن بلوغ غايته وتعطلت حكمه تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة حتى تتاح للمتهم فرصة إبداء دفاعه على الوجه المبسوط قانوناً ولا يغير من هذا النظر ما أثبته الحكم بمدوناته - بالصحيفة رقم 18 منه - من أن المحكمة اعتبرت الدفاع حاضراً عن المتهمين جميعاً وأن المحكمة تعاملت مع الدفاع كفريق واحد يتولى مهمة الدفاع عن كافة المتهمين فذلك مردود عليه بما هو مقرر بأن القانون يوجب أن يكون مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات محام يتولى الدفاع عنه ، والأصل في هذا الوجوب أن المتهم حر في اختيار محامية وأن حقه في ذلك مقدم على حق المحكمة في تعيينه فإذا اختار محامياً - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فليس للقاضي أن يفتأت على اختياره ويعين له مدافعاً أخر هذا فضلاً عن أن الثابت من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة حضور محاميا مع كل طاعن للدفاع عنه ولم يثبت أن المتهمين قد أبدوا موافقة على أن يترافع المحامى الحاضر مع المتهم الأول عن باقي المحامين .
لما كان ذلك ، وكانت المادة 375 مكرراً من قانون العقوبات والمضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 نصت على أنه " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما .... وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر ويقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه " ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصلة أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبات المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد .
لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة المنصوص عليها في المادة 375 مكرراً / 3 من قانون العقوبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بوضع الطاعنين من السادس إلى الثامن تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليهم إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون - مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ - إلا أنه لما كان هذا الطعن مرفوعا من المحكوم عليهم وحدهم دون النيابة العامة - فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة للطاعنين عدا الطاعن الثالث ........ والذي قضى بعدم جواز طعنه - وباقي المحكوم عليهم لكون الحكم قد صدر لهم غيابياً من محكمة الجنايات إذ يبطل الحكم حتما إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
فلهــذه الأسباب
حكمت المحكمة أولاً: بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن ......... ثانياً : بقبول الطعن المقدم من الطاعنين ........ شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة للطاعنين عدا الطاعن الثالث والذي قضى بعدم جواز طعنه وباقي المحكوم عليهم غيابياً إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .