الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

الطعن 19 لسنة 41 ق جلسة 27 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 186 ص 1084

جلسة 27 من أبريل سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، ومحمد الباجورى، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.

--------------

(186)
الطعن رقم 19 لسنة 41 ق "أحوال شخصية"

(1) إثبات. تزوير. موظفون.
الأوراق الرسمية. حجيتها. قاصرة على البيانات التي تتعلق بما قام به محررها أو شاهد حصوله من ذوى الشأن أو تلقاء عنهم في حدود سلطته واختصاصه. البيانات الأخرى التي يدونها نقلا عن ذوى الشأن. المرجع في إثبات حقيقتها إلى القواعد العامة في الإثبات.
 (2)أحوال شخصية "الزواج".
إثبات المأذون في وثيقة التصادق على الزواج خلو الزوجين من الموانع الشرعية. لا حجية على إسلام الزوجة. عدم إسلام الزوجة الكتابية. لا يعد مانعا شرعيا في مفهوم لائحة المأذونين.
 (3)إثبات. موظفون.
مباشرة الموظف العام أو المكلف بخدمة عاما لإجراء معين لا تنقطع بمجردها توافر شروط اختصاصه؛ كما أن امتناعه لا يفيد عدم توافرها. العبرة بحقيقة الواقع.
 (4)موظفون. أحوال شخصية. بطلان.
توثيق الزواج بغير المسلمات. عدم اختصاص المأذونين الشرعيين به. توثيق المأذون لهذا العقد. لا يؤدى إلى بطلانا مطلقا. جواز إبطاله بإثبات عدم إسلام الزوجة بكافة الطرق.
(5) موظفون. إثبات "محررات رسمية". أحوال شخصية. إثبات.
مهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات. التحقق من شخصية المتوفى. البيانات الأخرى ومنها ديانة المتوفى يدونها الموظف طبقا لما يدلي به ذوي الشأن. جواز إثبات ما يخالفها بكافة الطرق.

--------------
1 - مفاد المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدني - أن الحجية المقررة للأوراق الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات تتعلق بما قام به محررها أو شاهد حصوله من ذوى الشأن أو تلقاه عنهم في حدود سلطته واختصاصه، تبعا لما في إنكارها من مساس بالأمانة والثقة المتوافرين فيه، ومن ثم لا يتناول هذه الحجية البيانات الخارجة عن الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوى الشأن من بيانات لأن إثباتها في ورقة رسمية لا يعطيها قوة خاصة في ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها، فيرجع في أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات.
2 - عدم إسلام الزوجة الكتابية لا يعد مانعا شرعيا أو قانونيا في معنى المادة 335 من لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل في 4/ 1/ 1955 يحول دون زواج المسلم بها بما لا يضفى على ما أورده المأذون في وثيقة زواج المورث بزوجته من ببان يفيد خلوهما من الموانع الشرعية والقانونية حجية على إسلام الزوجة.
3 - مباشرة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة لإجراء معين لا تقطع بمجردها في توافر الشروط اللازمة لاختصاصه به، كما أن امتناعه عن ذلك لا يفيد تلك الشروط فيه، والعبرة في هذا الخصوص هي بحقيقة الواقع لا بصفة من قام بالإجراء أو مدى اختصاصه به.
4 - وإن كان توثيق الزواج بغير المسلمات يخرج عن اختصاص المأذونين الشرعيين طبقا للمادتين 18، 19 من لائحة المأذونين، إلا أن عقد التصادق على الزواج - الذي قام به المأذون بين زوج مسلم وزوجة كتابية - لم يقع باطلا بطلانا جوهريا إذا اتفق المتعاقدان فيه على الزواج، وإن كان من الجائز أن يطرأ عليه البطلان حين يتضح أن الزوجة لم تكن مسلمة وأنه لم تتبع الإجراءات الخاصة بالشكل الذي أوجب القانون اتباعها، ويجوز إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات اعتبار بأن ديانة الزوجة واعتبارها مسلمة ضمنا تبعا لتوثيق عقد الزواج بمعرفة المأذون لا يمكن اعتبارها من البيانات التي قام بها محرره في حدود مهمته.
5 - شهادة الوفاة ورقة رسمية معدة لإثبات حصول الوفاة، ومهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات تقتصر وفقا لنص المادة 29 وما بعدها من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 على التحقيق من شخصية المتوفى قبل القيد إذا كان التبليغ إليه غير مصحوب بالبطاقة الشخصية، أما البيانات الأخرى المتعلقة بسن المتوفى ومحل ولادته وصناعته وجنسيته وديانته ومحل إقامته واسم ولقب والده ووالته فعلى الموظف المختص تدوينها طبقا لما يدلى به ذوى الشأن، ومن ثم فإن حجية شهادات الوفاة بالنسبة لتلك البيانات تنحصر في مجرد صدورها على لسان هؤلاء دون صحتها في ذاتها وتجوز الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالفها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 322 لسنة 1969 أحوال شخصية أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن - وزير الخزانة بصفته ممثل بيت المال - بطلب الحكم ببطلان الإشهاد الصادر بتاريخ 21/ 1/ 1969 من محكمة رشيد للأحوال الشخصية في المادة رقم 3 لسنة 1969 وراثات والمتضمن توريث السيدة/ أنيسة خليل الحداد وبعدم تعرض الطاعن له به، وبصحة الإشهاد الصادر بتاريخ 9/ 8/ 1969 من محكمة باب شرقي للأحوال الشخصية في المادة 294 لسنة 1969 وراثات، وقال شرحا لدعواه أنه بتاريخ 13/ 1/ 1969 توفى المرحوم...... عن تركة تورث من بعده، فاستصدر بصفته شقيقة إشهادا شرعيا قيد برقم 3 لسنة 1969 وراثات رشيد بتحقيق وفاته وانحصار إرثه في زوجته أنيسه خليل الحداد وتستحق ربع التركة فرضا وفيه ويستحق الباقي تعصبا، ثم توفيت الزوجة في 17/ 6/ 1969، وعثر بين متاعها على مستند رسمي صادر من مديرية الأحوال الشخصية العامة بالجمهورية اللبنانية مؤرخ 28/ 2/ 1961 يفيد أنها مسيحية الديانة ولا يجوز بالتالي توريثها في زوجها تبعا لاختلافهما ديانة، فاستصدر الإشهاد رقم 294 لسنة 1969 وراثات باب شرقي بانحصار الإرث فيه، وإذ نازعه الطاعن بصفته في صحة هذا الإشهاد وذهب إلى أيلولة نصيب الزوجة إلى بيت المال فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 27/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن المرحومة أنيسه خليل الحداد كانت تدين بالمسيحية وقت وفاة زوجها منصور أحمد طبيخه، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 16/ 6/ 1970 (أولا) ببطلان إشهاد الوفاة والوراثة الصادر من محكمة رشيد للأحوال الشخصية في المادة 3 لسنة 1969 وراثات (ثانيا) بصحة إشهاد الوفاة والوراثة الصادر من محكمة باب شرقي للأحوال الشخصية في المادة 294 لسنة 1969 وراثات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 13 لسنه 70 ق أحوال شخصية الإسكندرية طالبا إلغاءه، وبتاريخ 9/ 5/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول وبالوجه الثاني من السبب الثاني منها على الحكم الطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأن وثيقة الزواج تقتصر حجيتها على حصول الزواج فقط دون التقرير بإسلام الزوجين، كما أن شهادة الوفاة حجة في إثبات واقعة الوفاة ولا علاقة لها بالدين الذى يعتنقه المتوفى عند حلول أجله، في حين أن المأذون أثبت في وثيقة الزواج خلو الزوجين من جميع الموانع الشرعية والقانونية مما مفاده تحققه من أن الزوجين مسلمان مصريان، إذ أن المادة 19 من لائحة المأذونين لا تجيز له توثيق عقود الزواج إذا كان أحد الطرفين غير مسلم، هذا إلى أن الثابت بشهادة وفاة الزوجة وفقا لتبليغ المطعون عليه أنها مسلمة، وكل من وثيقة الزواج وشهادة لوفاة تعتبر ورقة رسمية قام بتحريرها أحد المكلفين بخدمة عامة في حدود سلطته ولهما حجيتها الكاملة في الإثبات، ولا يجوز إهدار ما تضمنتاه من بيانات إلا عن طريق اتخاذ الادعاء بالتزوير ولا يسوغ إثبات عكس ما ورد بهما بطريق الإحالة إلى التحقيق. وإذا استدل الحكم بالبينة على أن زوجة المورث كانت تدين بالمسيحية وقت وفاته خلافا لما هو ثابت بوثيقة زواجها وشهادة وفاتها، فأنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى النص في المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدني على أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا"؛ أن الحجية المقررة للأوراق الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات تتعلق بما قام به محررها أو شاهد حصوله من ذوى الشأن أو تلقاه عنهم في حدود سلطته واختصاصه، تبعا لما في إنكارها من مساس بالأمانة والثقة المتوافرين فيه، ومن ثم لا تتناول هذه الحجية البيانات الخارجة عن هذه الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوى الشأن من بيانات لأن إثباتها في ورقة رسمية لا يعطيها قوة خاصة في ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها، فيرجع في أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات، لما كان ذلك وكان عدم إسلام الزوجة الكتابية لا يعد مانعا شرعيا أو قانونيا في معنى المادة 33 من لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل في 4/ 1/ 1955 يحول دون زواج المسلم بها بما لا يضفى على ما أورده المأذون في وثيقة زواج المورث بزوجته من بيان يفيد خلوهما من الموانع الشرعية والقانونية حجية على إسلام الزوجة، وكان لا يغير من ذلك خروج توثيق عقود الزواج بغير المسلمات عن اختصاص المأذونين الشرعيين طبقا للمادتين 18، 16 من اللائحة المشار إليها، لان مباشرة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة لإجراء معين لا تقطع بمجردها في توافر الشروط اللازمة لاختصاصه به كما أن امتناعه عن ذلك لا يفيد عدم توافر تلك الشروط فيه، وأن العبرة في الخصوص هي بحقيقة الواقع لا بصفه من قام بالإجراء أو مدى اختصاصه به، وبالتالي فإن عقد التصادق على الزواج في 25/ 12/ 1961 لم يقع باطلا بطلانا جوهريا إذ اتفق المتعاقدان فيه على الزواج، وإن كان من الجائز أن يطرأ عليه البطلان حين يتضح أن الزوجة لم تكن مسلمة وأنه لم تتبع الإجراءات الخاصة بالشكل التي أوجب القانون اتباعها، ويجوز إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات اعتبارا بأن ديانة الزوجة مسلمة ضمنا تبعا لتوثيق عقد الزواج بمعرفة المأذون لا يمكن اعتبارها من البيانات التي قام بها محرره في حدود مهمته، لما كان ما تقدم وكانت شهادة الوفاة ورقة رسمية معدة لإثبات حصول الوفاه، وكانت مهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات تقتصر وفقا لنص المادة 29 وما بعدها من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 على التحقيق من شخصية المتوفى قبل القيد إذا كان التبليغ إليه غير مصحوب بالبطاقة الشخصية، وأما البيانات الأخرى المتعلقة بسن المتوفى ومحل ولادته وصناعته وجنسيته وديانته ومحل إقامته واسم ولقب والده ووالدته فعلى الموظف المختص تدوينها طبقا لما يدلى به ذوو الشأن، ومن ثم فإن حجية شهادات الوفاة بالنسبة لتلك البيانات تنحصر في مجرد صدورها على لسان هؤلاء دون صحتها في ذاتها وتجوز الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالفها، وإذ أيد الحكم المطعون فه الحكم الابتدائي في إجازته للمطعون عليه إثبات أن زوجة المتوفى كانت مسيحية وقت وفاته فإنه لا يكون قد أهدر حجية الورقتين الرسميتين سالفتي الذكر، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم استدل على أن زوجة المورث كانت مسيحية وقت وفاته بالشهادة المؤرخة 28/ 8/ 1961، في حين أنها ورقة عرفية لا تقطع في صحة هذه الواقعة وأنه لا تلازم بين كون الزوجة مسيحية في ذلك التاريخ وبين كونها كذلك وقت الزواج الحاصل في 25/ 11/ 1961 وإلى حين وفاة زوجها في 13/ 1/ 1969 إذ لا مانع من أن تكون قد اعتنقت الإسلام في الأيام التالية لتحرير تلك الشهادة، وإذا كان الثابت من وثيقة زواجها ومن إبلاغ المطعون عليه عند وفاتها بأنها مسلمة، فإن الحكم إذا اعتمد في قضائه على الشهادة سالفة الإشارة يكون قد شابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يقتصر في استدلاله على أن زوجة المورث كانت تدين بالمسيحية وقت وفاته على مجرد ما تضمنته الشهادة الصادرة عن مديرية الأحوال الشخصية العامة بالجمهورية اللبنانية والمؤرخة 28/ 8/ 1961 من أنها كانت مسيحية وإنما استند أيضا وفى المقام الأول إلى ما أجمع عليه الشهود ومنهم شاهد الطاعن من أن زوجة المتوفى كانت تعتنق الديانة المسيحية وظلت كذلك حتى وفاته، لما كان ذلك وكانت هذه الأدلة مجتمعة لها مأخذها من الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم فانه لا مساغ لتعييب أحدها على استقلال طالما استقام التدليل به مع سائر الأدلة الأخرى، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 27 لسنة 45 ق جلسة 1 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 128 ص 651

جلسة أول مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.

----------------

(128)
الطعن رقم 27 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "الزواج". قانون "القانون الواجب التطبيق".
إبرام عقد الزواج. جوازه في الشكل الذي يقتضيه القانون الشخصي للزوجين أو قانون البلد الذي أبرم فيه. إثباته. خضوعه للقانون الذي يحكم الشكل.
 (2)إثبات "القانون الأجنبي". قانون.
القانون الأجنبي. واقعة مادية. وجوب إقامة الدليل عليه.
 (3)أحوال شخصية "الزواج. إثبات "الإقرار".
الإقرار. ماهيته. جواز اعتبار السكوت إقراراً ضمنياً بحصول الزواج. ليس للزوج نفي إقراره بعد ثبوته.
 (4)إثبات "الاستجواب".
طلب الخصم استجواب خصمه. عدم التزام المحكمة بإجابته متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(5) أحوال شخصية. إثبات.
الاعتقاد الديني. العبرة بظاهر اللسان. النطق بالشهادتين. كاف لاعتبار الشخصي مسلماً. شهر الإسلام على النموذج المخصص لذلك وثبوته. مجرد وسيلة تيسير الإثبات.

--------------
1 - للزوجين أن يبرما زواجهما في الشكل الذي يقتضيه قانونهما الشخصي، أو يبرما زواجهما في الشكل المقرر طبقاً لقانون البلد الذي عقد فيه، وإثبات الزواج يخضع للقانون الذي يحكم شكله.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه.
3 - الإقرار شرعاً هو إخبار الإنسان عند ثبوت حق لغيره على نفسه، وللسكوت في بعض المواقع يجعل الساكت مقراً بالحق بسكوته عنه كما يجعل المتكلم مقراً بالحق بكلامه وإن خالف القاعدة الفقهية القائلة لا ينسب لساكت قول، ومن بينها لو هنأ الناس الزوج بزواجه فسكت لزمه الزواج وليس له نفيه بعد أن أقر به لما كان ذلك فإن ما خلص إليه الحكم من إقرار ضمني صدر من المتوفى بحصول زواجه من المطعون عليها السادسة في سنة 1976 استقاه من مصاحبته لها إلى مجمع البحوث الإسلامية وتقريرها ذلك في مواجهته وقبوله له ليس فيه ما يعاب.
4 - وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابته إلى طلبه لأنه من الرخص المخول لها، فلا عليها إن هي التفتت عنه متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وفق المادة 108 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
5 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأقوال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وإن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً شرعياً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، وبالتالي فإنه لا مساغ لما يستوجبه الطاعن من شهر الإسلام على النموذج الذي قدمه وتوثيقه والتصديق عليه من الجهات الإدارية لأنها إنما يقصد بها مجرد تيسير الإثبات لمن يطلبه دون أن تخل بحرية العقيدة الدينية فتضفى عليها شكلية معينة أو تحول دون من يبتغى الإسلام ديناً ومن سلوك أية وسيلة أخرى يرى فيها غناء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 530 لسنة 1972 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهن الخمسة الأوليات وفي مواجهة المطعون عليهم من السابع إلى التاسع بصفاتهم - مؤسسة الطيران المصرية وبنك مصر ومكتب تأمينات مصر الجديدة - بطلب الحكم ببطلان الإشهار الشرعي المتضمن وفاة ووراثة المرحوم...... الصادر من محكمة الخليفة الجزئية بتاريخ 24/ 4/ 1971 في المادة رقم 145 لسنة 1971 وراثات وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 4/ 1971 توفى المرحوم..... في حادث انفجار بأحد الفنادق بمدينة بانكوك باليابان، وهو من ورثته بصفته ابن عمه الشقيق، وإذ تواطأت والدته - المطعون عليها الأولى - وأخوته الشقيقات - المطعون عليهن من الثانية إلى الخامسة - على حرمانه من الإرث واستصدرن إشهاراً شرعياً من محكمة الخليفة الجزئية بانحصار الإرث فيهن، واستطعن الحصول على كافة مستحقاته لدى المطعون عليهم من السابع إلى التاسع، فقد أقام الدعوى. تدخلت المطعون عليها السادسة استناداً إلى أنها زوجة للمتوفى منذ 23/ 2/ 1967 وأنها ترث فيه لاعتناقها دين الإسلام قبل وفاته وتستحق في تركته الريع فرضاً. أنكر المطعون عليهن الخمسة الأوليات على الطاعن صلة القرابة المدعاة، ووافقن على دعوى المطعون عليها السادسة من أنها زوجة للمتوفى وأنها تحجب الطاعن وتحرمه من الإرث كما يترتب على وجودها نقصان أنصبتهن، وطلبت المطعون عليها الأولى والثانية اعتبار الإشهار موضوع الدعوى باطلاً. وبتاريخ 18/ 3/ 1973 حكمت المحكمة (أولاً) بقبول تدخل المطعون عليها السادسة خصماً في الدعوى (ثانياً) بقبول الطلب العارض المقدم من المطعون عليها الأولى والثانية والحكم ببطلان الإشهار الشرعي الصادر من محكمة الخليفة الجزئية بتاريخ 24/ 4/ 1971 في المادة 145 لسنة 1971 وراثات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 58 لسنة 90 ق "أحوال شخصية" القاهرة، وبتاريخ 7/ 6/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان لا يكفي لقبول الطعن مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون خصماً حقيقياً وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو إليه طلبات، وكان المطعون عليهم من السابع إلى التاسع لم توجه إليهم طلبات ما، وكانت الخصومة في واقع الأمر معقودة بين الطاعن وبين من عداهم من المطعون عليهم، فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهم أمام محكمة النقض، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهن من الأولى إلى السادسة.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه على سند من القول بصحة زوجية المطعون عليها السادسة للمتوفى طبقاً للمستخرج الرسمي من وثيقة الزواج الحاصل في 23/ 2/ 1967 أمام قاضي محكمة بيروت الشرعية والمصدق عليه من الجهات المختصة في لبنان ومصر، والتي تأيدت بإقرار المتوفى الضمني لهذا الزواج من مصاحبته زوجته المطعون عليها السادسة إلى مجمع البحوث الإسلامية لاعتناقها الدين الإسلامي وتقريرها أنها مسلمة منذ زواجها به في 1967 طبقاً للشهادة الصادرة من المجمع في 17/ 10/ 1973، في حين أو وثيقة الزواج المقدمة ليست إلا صورة شمسية خالية من توقيع الزوج المتوفى مما حال بين الطاعن وبين إمكان الادعاء بتزويرها، والتصديق المنسوب لقاضي محكمة بيروت على هذه الوثيقة باطل، لأن المطعون عليها السادسة لم تعتنق الإسلام إلا في 17/ 10/ 1970 والقاضي الشرعي اللبناني لا يختص إلا بتوثيق عقود الزواج الصادرة بين المسلمين، كما أن هذا التصديق لم يحصل إلا في 29/ 7/ 1972 أي في تاريخ لاحق لوفاة المورث في 20/ 4/ 1971 بما يستحيل معه وجود الزوج أمام القاضي وقت التصديق، يؤيد ذلك أن الزوجة تحمل جواز سفر صدر من ليفربول بإنجلترا في 25/ 4/ 1967 الأمر الذي ينفي وجودها ببيروت في 23/ 2/ 1967 تاريخ زواج المدعي هذا إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجوب مناقشة المطعون عليها السادسة، مقرراً أنه لا يسلم بوجودها أو بأن المورث قد عقد عليها، أخذاً بمسلك والده - المتوفى وأخوته الشقيقات - المطعون عليهن الخمسة الأوليات - من استصدار إشهاد شرعي أغفلن فيه وجود الزوجة المدعاة مع أنه ليس معقولاً أن يخفي عليهن أمر زواجه؛ وتمكنهن بمقتضاه من الاستيلاء على كافة مستحقات المورث في مختلف الجهات الرسمية، وبأن كافة الأوراق الرسمية الخاصة بالطاعن تفيد أنه لم يكن متزوجاً، غير أن الحكم أغفل الاستجابة لهذا الطلب، رغم أن أوراق الدعوى خالية من أي اعتراف من المتوفى بهذا الزواج ولا يمكن القول بأن واقعة اصطحاب المورث للزوجة المزعومة إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بمثابة إقرار منه به. وبالإضافة إلى أن الشهادة المقدمة من المجمع المشار إليه باعتناق الزوجة الدين الإسلامي لا حجية لها، لأن الدولة وحدت الطريق الواجب الاتباع لمن يريد إشهار إسلامه وحتى يصبح اعتناقه إياه رسمياً وجعلته معقوداً بالتصديق عليه من مكاتب التوثيق ومديرية الأمن علاوة على أن الطاعن تقدم بشهادة من إدارة الجوازات والجنسية تفيد عدم حضور المطعون عليها السادسة إلى مصر للتدليل على عدم صدور التوكيل بالخصومة رقم 1280 لسنة 1972 جنوب القاهرة المنسوب إليها، مما يفيد أنه من صنع المطعون عليهن الخمسة الأوليات وأنهن أردن به حرمانه من حقه في الإرث وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الواقع في الدعوى أن المطعون عليها السادسة تدخلت أمام محكمة أول درجة تأسيساً على أنها زوجة المورث، والبين من تقريرات الحكم الابتدائي أنها بعد أن قدمت صورة شمسية لوثيقة زواجها منه قدمت أصلها بناء على طلب المحكمة وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بصحة الزوجية على ما استخلصه من أن الوثيقة المقدمة هي مستخرج رسمي من وثيقة الزواج المثبتة لزواج المتوفى منها أمام قاضي بيروت في 23/ 2/ 1967، فإن ما يزعمه الطاعن من أن الوثيقة المقدمة صورة شمسية وليست أصلاً وأنه لم يتمكن بالتالي من الادعاء بتزويرها لا تظاهره فيه الأوراق، خاصة وأن الحكم المطعون فيه أثبت أنه رغم تلويح الطاعن برغبته في الادعاء بالتزوير تردد بين الطعن على العقد المؤرخ 23/ 2/ 1967 وبين الطعن على الحكم المثبت للزواج، دون أن يسلك الطريق الذي رسمه القانون، فتكون محكمة الاستئناف في مطلق حقها بعد إذ لم تر فيما أبداه الطاعن ما يقنع باستعمال الرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات من القضاء برد الورقة وبطلانها - أن تنتهي إلى صحة وثيقة الزواج. لما كان ذلك وكان للزوجين أن يبرما زواجهما في الشكل الذي يقتضيه قانونهما الشخصي، أو يبرما زواجهما في الشكل المقرر طبقاً لقانون البلد الذي عقد فيه، وكان إثبات الزواج يخضع للقانون الذي يحكم شكلاً، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه، وكان الطاعن لم يبين النص في القانون اللبناني الذي يقصر اختصاص القاضي الشرعي على توثيق عقود زواج المسلمين دون غيرهم أو يدلل على سبق تمسكه أمام محكمة الموضوع بعدم إمكان وجود المطعون عليها السادسة في بيروت وقت عقد الزواج، بما لا يجوز له إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان الإقرار شرعاً هو إخبار الإنسان عند ثبوت حق لغيره على نفسه، وكان السكوت في بعض المواضع يجعل الساكت مقراً بالحق بسكوته عنه كما يجعل المتكلم مقراً بالحق بكلامه، وإن خالف القاعدة الفقهية القائلة ألا ينسب لساكت قول، ومن بينها لو هنأ الناس الزوج بزواجه فسكت لزمه الزواج وليس له نفيه بعد أن أقر به، فإن ما خلص إليه الحكم من إقرار ضمني صدر من المتوفى بحصول زواجه من المطعون عليها السادسة في سنة 1967 استقاه من مصاحبته لها إلى مجمع البحوث الإسلامية وتقريرها ذلك في مواجهته وقبوله له ليس فيه ما يعاب، ويكون ما يتذرع به الطاعن من مسلك والده المتوفى وأخوته وإغفالهن وجود الزوجة في البداية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقرير قاضي الدعوى للدليل لا يقبل أمام هذه المحكمة، كما أنه وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابته إلى طلبه، لأنه من الرخص المخولة لها، فلا عليها إن هي التفتت عنه متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وفق المادة 108 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968. لما كان ما سلف، وكان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأموال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وأن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً شرعاً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، فإنه لا مساغ لما يستوجبه الطاعن من شهر الإسلام على النموذج الذي قدمه وتوثيقه والتصديق عليه من الجهات الإدارية، لأنها إنما يقصد بها مجرد تيسير الإثبات لمن يطلبه دن أن تخل بحرية العقيدة الدينية فتضفى عليها شكلية معينة، أو تحول دون من يبتغي الإسلام ديناً وبين سلوك أية وسيلة أخرى يرى فيها غناء. وإذ كان الأصل أنه لا يسوغ التدخل بغير موجب في علاقة ذوي الشأن بوكلائهم إلا في صورة إنكار ذي الشأن لوكالة وكيله، وكانت الشهادة الصادرة من إدارة الجوازات والجنسية التي يستند إليها الطاعن للقول بعدم حضور المطعون عليها السادسة إلى جمهورية مصر في فترة صدور التوكيل بالخصومة عنها، تتناقض مع شهادة أخرى صادرة من ذات الإدارة تفيد قدومها إليها، فإنه لا يمكن نفي صدور التوكيل بالخصومة المشار إليه طالما أن المطعون عليها السادسة لم تنكره أو تجحده، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 11 لسنة 47 ق جلسة 25 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 أحوال شخصية ق 221 ص 196

جلسة 25 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، ومحمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(221)
الطعن رقم 11 لسنة 47 ق "أحوال شخصية"

 (3 - 1)أحوال شخصية. "الطلاق". إثبات. استئناف.
 (1)جواز طلب الإحالة للتحقيق لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. عدم استجابتها له بعد أن قعد الطالب عن إحضار شهوده أمام محكمة أول درجة. لا خطأ.
 (2)التطليق للضرر. حضور وكيل مفوض في الصلح عن كل زوج أمام محكمة أول درجة. رفض الصلح من أحدهما. كفاية ذلك لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين. لا محل لإعادة عرض الصلح أمام محكمة الاستئناف.
 (3)التطليق للضرر. لا تقبل فيه شهادة التسامع.

--------------
1 - لئن كان طلب التحقق بشهادة الشهود جائزاً تقديمه في أية حالة تكون عليها الدعوى باعتباره من وسائل الدفاع التي يجوز إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. إلا أنه متى كانت محكمة أول درجة قد أمرت بإجرائه وأحضر الخصم المكلف بالاستئناف وتقاعس خصمه عن إحضار شهود للنفي، فإنه لا على محكمة الاستئناف إذا لم تستجب إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد طالما أن محكمة أول درجة قد مكنته من نفي الوقائع المراد إثباتها بالبينة.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يشترط لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين وفقاً لنص المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 مثولهما بشخصيهما أمامها، وإنما يكفي حضور الوكيلين المفوضين بالصلح عنهما ورفض أحدهما للصلح وإذ كان البين من مدونات الحكم أن وكيل الطاعنة المفوض بالصلح حضر عنها أمام محكمة أول درجة وقرر برفضها الصلح فإن ذلك يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه.
3 - الراجح في فقه الحنفية الواجب الرجوع إليه في نطاق الدعوى عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شهادة التسامع لا تقبل إلا في بعض الأحوال وليس منها التطليق للضرر، ومن ثم تكون البينة فيه بشهادة أصلية من رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 148 لسنة 1974 أحوال شخصية أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة، وقالت شرحاً لها أنه تزوجها بعقد صحيح شرعاً موثق بتاريخ 2/ 5/ 1965 ودخل بها وأنها لا تزال في عصمته وطاعته، وإذ استبان لها أنه غير أمين عليها وعلى مالها ولم يقصد بها سوى الاستيلاء على أموالها فضلاً عن إضراره بها واعتدائه عليها بالسب والضرب مما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، فقد أقامت الدعوى وبتاريخ 27/ 4/ 1975 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها وقائع الإضرار المدعاة، وبعد سماع شاهديها عادت المحكمة فحكمت في 28/ 3/ 1976 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 45 لسنة 93 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بالطلبات، وبتاريخ 20/ 12/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتطليق المطعون عليها على زوجها الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف لم تستجب إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكينه من نفي ما أثبتته المطعون عليها بعد أن كانت محكمة أول درجة قد التفتت عنه لقضائها برفض الدعوى.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان طلب التحقق بشهادة الشهود جائزاً تقديمه في أية حالة تكون عليها الدعوى باعتباره من وسائل الدفاع التي يجوز إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، إلا أنه متى كانت محكمة أول درجة قد أمرت بإجرائه وأحضر الخصم المكلف بالإثبات شهوده وتقاعس خصمه عن إحضار شهود للنفي، فإنه لا على محكمة الاستئناف إذا لم تستجب إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد، طالما أن محكمة أول درجة قد مكنته من نفي الوقائع المراد إثباتها بالبينة. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة إذ أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها وقائع الإضرار المدعاة بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود، صرحت للطاعن بنفيها بذات الطرق، ولكنه تخلف عن حضور إجراءات التحقيق وبالتالي لم يستشهد أحداً، فإنه لا تثريب على محكمة الاستئناف إذا ما التفتت عن طلبه إجراء التحقيق من جديد، ويكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لعدم استجابة المحكمة لهذا الطلب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم اكتفى في مجال الإصلاح بين الزوجين بما صرح به وكيل المطعون عليها أمام محكمة أول درجة من عدم قبولها الصلح، في حين أنه يتعين أن يكون عرض الصلح جاداً وجازماً ولا يكفي فيه التعويل على ما يقرره الوكيل أمام محكمة أول درجة إذ قد يستجد ما يقرب من وجهات النظر، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يشترط لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين وفقاً لنص المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 مثولهما بشخصيهما أمامها، وإنما يكفي فيه حضور الوكيلين المفوضين بالصلح عنهما ورفض أحدهما للصلح، وكان البين من مدونات الحكم أن وكيل الطاعنة المفوض بالصلح حضر عنها أمام محكمة أول درجة وقرر برفضها الصلح فإن ذلك يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أقام قضاءه بثبوت أضراره بالمطعون عليها على سند مما شهد به شاهداها وإقامته دعوى طاعة ضدها ومخالفته في خروجها للعمل والإقامة بمفردها في دولة الكويت وفي سحبه جواز سفرها وطلبه إعادتها إلى القاهرة عن طريق السفارة المصرية واغتياله أموالها، في حين أن ما شهد به شاهدا المطعون عليها جاء بطريق التسامع فلا يقبل شهادتهما شرعاً لورودها على ما لا تجوز فيه شهادة التسامع، فضلاً عن أنها جاءت قاصرة إذ نفى أحدهما مشاهدته شيئاً من وقائع الإضرار المدعاة هذا إلى أن اعتبار الحكم أقامته دعوى الطاعنة ومما نعته في إقامة زوجته المطعون عليها بمفردها في الخارج واتخاذه الإجراءات اللازمة لعودتها ضروباً من الإضرار الموجبة للتطليق، ينطوي على فساد في الاستدلال إذ فيه إهدار لحقوقه الشرعية وولايته على زوجته، بالإضافة إلى أن تصرفه بمقتضى وكالته عنها في نصيبها في قطعة أرض المباني المملوكة لهما على الشيوع ثم لولدهما بناء على اتفاق بينهما، مما لا يشكل استغلالاً لها أو اغتيالاً لأموالها، ولا يجعل من دوام العشرة أمراً مستحيلاً وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان الراجح في فقه الحنفية الواجب الرجوع إليه في نطاق الدعوى عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شهادة التسامع لا تقبل إلا في بعض الأحوال وليس منها التطليق للضرر، ومن ثم تكون البينة فيه بشهادة أصلية من رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول، ولئن كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن أقوال الشاهد الثاني من شاهدي المطعون عليها جاءت سماعية فلا تكون مقبولة ولا يتوافر بها نصاب الشهادة المقررة فقهاً إلا أنه لما كانت الطاعنة قد ساقت بالإضافة إلى واقعة تشهير الطاعن بها وقائع أخرى يتوافر بها عنصر الإضرار الموجب للتطليق واستدلت عليها بما قدمته من مستندات، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بها وأخذ بدلالتها وأورد في خصوصها قوله "....... فإذا أضيف إلى ذلك اغتياله أموال المستأنفة - المطعون عليها - بشرائه لنفسه ولأولاده قطعة الأرض المعدة للبناء التي تملكها وذلك بغير علمها وبطريق ملتو مستغلاً التوكيل الصادر منها له بإدارة أعمالها بأن جعل شقيقه وكيلاً عنها وشقيقه الآخر وكيلاً عنه وباع وكيلها لوكيله عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ولديه نصيب المستأنفة في قطعة الأرض سالفة الذكر وقد قضي ببطلان هذا البيع فإذا أضيف إلى ذلك كذلك اتصاله بوزارة الداخلية للعمل على سحب جواز السفر منها فكان له ما أراد حالة أنها تعمل مديرة صيدلية بالكويت مما يعرضها لحظر الطرد من الكويت مما اضطرها لاستصدار أمر وقتي بأحقيتها في صرف جواز سفر مستقل لها ورغم ذلك يعترض على الأمر الوقتي كما أنه تركها بالكويت دون أن يدفع إيجار منزل الزوجية مما اضطر المالك لتوقيع الحجز على منقولات الزوجية واستصدار حكم بإلزامه بالإيجار المتأخر وقدره 160 ديناراً وإخلاء الشقة من الشواغل الأمر الذي يكن فيه الضرر كل الضرر للمستأنفة إذ تركها تواجه بمفردها المتاعب والمضايقات التي صنعها في طريقها وهي تشق طريقها في الحياة سعياً وراء رزقها ورزق أولادها منه ولم يقتصر أمره على ذلك بل عمد لإقامة دعوى طاعة في القاهرة لتقيم في مسكن مغلق ولا يقيم هو فيه لأنه يعمل مهندساً بالكويت قاصداً من ذلك إكراهها على ترك عملها بالكويت والإقامة وحدها في منزل بالقاهرة ولا يتحقق به المقصود من الطاعة فكان القضاء له بالمرصاد إذ رد عليه قصده السيئ بأن قضى برفض دعواه التي ابتغى منها مجرد الإضرار بالمستأنفة لما كان ما تقدم فإن الضرر الذي تستحيل معه العشرة بين أمثال طرفي النزاع يكون واقعاً على المستأنفة بفعل المستأنف عليه - الطاعن - ويكون طلب المستأنفة تطليقها من زوجها المستأنف عليه قد استوي على أساس سليم خليقاً بالقبول......" وكان هذا الذي أورده الحكم له أصله الثابت بالأوراق ويستقيم التدليل به على أن الطاعن لم يرم بما اتخذه من تصرفات وإجراءات ضد المطعون عليها إلى التمسك بحقوقه الشرعية قبلها وإنما انصرف قصده إلى الكيد والإضرار بها، وكانت هذه الوقائع تكفي لإثبات إضرار الطاعن بزوجته المطعون عليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، فإنه لا يكون منتجاً النعي على الحكم بصدد اعتذاره بالبينة التي أقيمت على واقعة التشهير بالمطعون عليها، ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 47 لسنة 48 ق جلسة 5 / 3 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 أحوال شخصية ق 148 ص 752

جلسة 5 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.

--------------

(148)
الطعن رقم 47 لسنة 48 القضائية "أحوال شخصية"

(1 و2) أحوال شخصية "التطليق للضرر". إثبات. صلح. وكالة.
(1)التطليق للضرر. التفويض في الصلح. مفاده أيضاً التفويض برفضه. رفض وكيل الزوجة للصلح المفوض فيه. كفاية ذلك لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
(2)اختلاف الشاهدين في اللفظ دون اختلافهما في المعنى، غير مانع من قبول شهادتهما.

-------------
1 - التفويض في الصلح يستتبع التفويض برفضه، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن وكيل المطعون عليها المفوض بالصلح قد رفضه، فإن ذلك يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
2 - المقرر في قضاء محكمة النقض (1) أن اختلاف الشاهدين في اللفظ الذي لا يوجب اختلاف المعنى ليس بضائر ولا يحول دون قبول شهادتهما كبينة على الإضرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 619 لسنة 1976 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة للحكم بتطليقها من الطاعن طلقة بائنة للضرر، وقالت شرحاً لها إنها زوجة له بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 26/ 1/ 1960، وقد دأب على الإساءة إليها وهجرها والاستيلاء على أموالها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وبتاريخ 6/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن هجرها لأكثر من سنة، وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 18/ 12/ 1977 بتطليق المطعون عليها من زوجها الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 لسنة 95 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 23/ 5/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع وهي بسبيل الإصلاح بين الزوجين اكتفت برفض وكيل المطعون عليها للصلح الذي قبله الطاعن، تأسيساً على أن التوكيل الصادر منها يبيح له إجراءه، معتبرة ذلك عجزاً منها عن الإصلاح بين الزوجين الذي أمرت به المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، في حين أن رفض الوكيل للصلح يقتضي كإبرامه توكيلاً خاصاً به، وهو ما خلا منه توكيل وكيل المطعون عليها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التفويض في الصلح يستتبع التفويض برفضه، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن وكيل المطعون عليها المفوض بالصلح قد رفضه، فإن ذلك يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الطاعن دفع الدعوى بأن المطعون عليها، قررت بأن أفعال الإساءة المدعى بها قبله حدثت بعد فترة وجيزة من زواجهما الحاصل في سنة 1960، وأن بعد الشقة بين هذا التاريخ وإقامتها للدعوى في سنة 1976 يفيد رضاءها بها وينفي استحالة دوام العشرة بينهما بسبب تلك الأفعال، وقد تكفل بنفقات علاجها من شلل أصابها سنة 1974 بما ينفي ما شهد به شاهداها من هجره لها. وإذ التفت الحكم عن تناول هذا الدفاع رغم ما له من أثر على وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، أنه أقام قضاءه بالتطليق على ما شهد به شاهدا الإثبات من دأب الطاعن على سب المطعون عليها وضربها وهجرها، وأن في ذلك إضراراً بها يستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما، وهو استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت بالأوراق، ويكفي لحمل الحكم، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بتعقب كل حجج ومناحي دفاع الخصوم وأن ترد على كل منها استقلالاً متى أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن كلاً من شاهدي الإثبات قد شهد بوقائع تخالف الوقائع التي شهد بها الآخر، فقد شهد الأول منهما بأن الطاعن ضرب المطعون عليها وسبها وهجر فراشها، بينما شهد الآخر برؤيته للزوج يضرب زوجته ويطردها من منزل الزوجية ولم يحدد كلاهما تاريخ واقعة الضرب أو يبين ألفاظ السب، مما يكون معه الحكم قد عول على بينة لم يتوافر نصابها وشروط قبولها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن اختلاف الشاهدين في اللفظ الذي لا يوجب اختلاف المعنى، ليس بضائر ولا يحول دون قبول شهادتهما كبينة على الإضرار خلوها من بيان تاريخ حصول واقعة الإضرار تحديداً طالما انصرفت الشهادة لبيان الإضرار والظرف الحاصل فيه، لما كان ذلك، وكان الثابت من شهادة الشاهد الأول بمحضر جلسة التحقيق، أنه شاهد الطاعن يضرب زوجته ضرباً مبرحاً وأنه هجرها منذ ست سنوات وأن الثاني شهد برؤيته له يضربها ويطردها من منزل الزوجية، وكان مفاد هاتين الشهادتين هو اعتداء الطاعن على المطعون عليها بالضرب وهجره لها مما يتوافر به الإضرار، فإنه لا يكون هناك خلاف بين الشهادتين ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1)نقض 19/ 11/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1435.

الطعن 30 لسنة 52 ق جلسة 24 / 5 / 1983 مكتب فني 34 ج 2 أحوال شخصية ق 256 ص 1285

جلسة 24 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد جلال الدين رافع، جلال الدين أنسي، هاشم قراعة ومرزوق فكري.

-------------

(256)
الطعن رقم 30 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. موطن. محكمة الموضوع.
الموطن في الشريعة الإسلامية. ماهيته. احتمال تعدده. عدم انتقاصه بموطن السكن. تقدير قيام عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
(2) أحوال شخصية. نظام عام. دعوى.
حق التقاضي حق عام مكفول للكافة. عدم جواز التنازل عنه لمخالفة ذلك النظام العام. وإن جاز تقييده.
(3 ، 4) أحوال شخصية. التطليق للضرر. إثبات.
(3) الزواج الجديد دون رضاء الزوجة الأولى. اعتباره ضرراً مفترضاً بحكم القانون. جواز طلبها التطليق دون حاجة لإثبات قصد الإضرار لدى الزوج. م 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 معدل بقانون 44 لسنة 1979.
(4) إلزام القاضي بالتوفيق بين الزوجين قبل القضاء بالتفريق غايته إزالة أسباب الشقاق. تحقق الضرر نتيجة اقتران الزوج بأخرى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق. أثره عدم جدوى التوفيق بينهما. علة ذلك.
(5) أحوال شخصية. دعوى.
النيابة العامة طرف أصلي في قضايا الأحوال الشخصية الكلية. حق الخصوم في التعقيب على رأيها. شرطه. أن تكون النيابة العامة قد أبدت دفوعاً أو أوجه دفاع لم يسبق إثارتها.

--------------
1 - الموطن الأصلي طبقاً للرأي السائد في الفقه الإسلامي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى أتخذها داراً توطن فيها مع أهله وليس في قصده الارتحال عنها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكنى، وهو ما استلهمه المشرع في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وتقدير قيام عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل الواقع الذي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
2 - حق التقاضي حق عام مكفول للكافة فلا يجوز التنازل عنه ولا يعتد بهذا التنازل لمخالفته للنظام العام وإن جاز تقييده بمقتضى القانون أو بإرادة الأفراد.
3 - مفاد النص في المادة 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن مجرد إتمام الزواج الجديد يعتبر ضرراً يجيز للزوجة الأولى أن تلجأ إلى القضاء طالبة التطليق من زوجها دون حاجة إلى إثبات قصد الإضرار لدى الزوج أو السماح له بإثبات أن ضرراً ما لم يلحق بالزوجة ذلك أن الضرر في هذه الحالة مفترض بحكم القانون ولا يقبل إثبات العكس.
4 - إذا كان الهدف من إلزام القاضي بالعمل على الإصلاح بين الزوجين قبل قضائه بالتفريق وفقاً لنص المادة السادسة من القانون 25 لسنة 1929 هو محاولة إزالة أسباب الشقاق بينهما وعودة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة، وكان مؤدى نص المادة السادسة مكرراً من هذا القانون أن اقتران الزوج بأخرى دون رضاء الزوجة الأولى يتحقق به الضرر بمجرد وقوعه فلا يزول أثره حتى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق، فإن محاولة الإصلاح التي تقتضي إزالة أسباب الضرر تكون غير مجدية في هذه الحالة التي أفرد لها الشارع باعتبار ما لها من طبيعة خاصة نصاً مستقلاً وخصها بقواعد مغايرة لتلك التي تحكم صور الضرر الأخرى والواردة بنص المادة السادسة السالفة البيان.
5 -  لئن أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية الكلية بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 مما يجيز للخصوم أن يعقبوا على رأيها، إلا أن ذلك مقيداً بأن تكون النيابة العامة قد أبدت دفوعاً أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق إثارتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 716 لسنة 1980 أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها عليه، وقالت بياناً لها إن الطاعن تزوجها بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وإذ أساء إليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما هذا فضلاً عن أنه تزوج بأخرى دون رضاها وموافقتها، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 26/ 6/ 1980 حكمت المحكمة غيابياً بتطليق المطعون عليها على الطاعن. عارض الطاعن في هذا الحكم ودفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان، وبتاريخ 17/ 5/ 1981 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 265 لسنة 98 قضائية "أحوال شخصية" القاهرة. وبتاريخ 23/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وببطلان إعلانه بصحيفة افتتاحها لأنها أقيمت ضده أمام محكمة شمال القاهرة في حين أنه لا يقيم في دائرة هذه المحكمة بل يقيم في دائرة محكمة أبو كبير محافظة الشرقية، وأن المطعون عليها أعلنته بصحيفة الدعوى في غير محل إقامته إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها رفضت هذين الدفعين على سند من اتخاذه مكتبه موطناً مختاراً بمقتضى الاتفاق المحرر بينه وبين المطعون عليها بتاريخ 5/ 2/ 1980 في حين أن تحرير هذا الاتفاق في ورقة مطبوع عليها عنوان المكتب لا يفيد اتخاذه له موطناً مختاراً فضلاً عن أنه لا ينطوي على اتفاق على جعل الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها هذا المكتب وهو ما يعيب قضاءها بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الموطن الأصلي طبقاً للرأي السائد في الفقه الإسلامي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيها مع أهله وولده وليس في قصده الارتحال عنها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيها عادة"، وإذ كان تقدير قيام عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل الواقع الذي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى بالعنوان الموضح بها باعتباره محل إقامته، وأن صورة إعلانها سلمت إلى تابعه المقيم معه وأنه إذ أنكر موطنه في هذا المحل استدل على ذلك بمجرد أوراق أعلنت إليه في مسكنه ببلدة أبو كبير بمحافظة الشرقية، وهو ما لا يستقيم به الدليل على عدم وجود موطن آخر له في المكان الذي تم فيه الإعلان بصحيفة الدعوى والمثبت بالمحرر المتضمن الاتفاق الذي تم بين الطرفين بشأن النزاع موضوع تلك الدعوى، وأنه لم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه في هذا الشأن، فإنه لا على محكمة الموضوع إذا ما أطرحت هذا الدفاع الذي لم يقم عليه الدليل المثبت لصحته، ويكون النعي على قضائها برفض الدفعين ببطلان الإعلان بصحيفة الدعوى وبعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظرها على غير أساس، ولا يغير من هذا النظر ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص من تقريرات قانونية خاطئة، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مثل هذه التقريرات لا تفسد الحكم ولا تبطله طالما أنه قد انتهى إلى نتيجة سليمة متفقة وصحيح القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع تأسيساً على أن الأوراق جاءت خلواً مما يفيد رضاء المطعون عليها بزواجه من أخرى فضلاً عن أن المشرع افترض الضرر، فلا على المطعون عليها إن رفعت دعواها رغم سبق رضائها بإمهاله حتى نهاية أبريل سنة 1980 هذا في حين أن الرخصة التي منحها المشرع للمرأة في طلب التطليق عند الزواج بأخرى ليست من النظام العام، فإن ارتضت الزوجة معاشرة زوجها لها في ظل زوجة أخرى فليس لها أن تعود فتنقض ما سبق أن ارتضته وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد جانب الصواب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن حق التقاضي حق عام مكفول للكافة فلا يجوز التنازل عنه ولا يعتد بهذا التنازل لمخالفته للنظام العام وإن جاز تقييده بمقتضى القانون أو بإرادة الأفراد، وإذ كان ما ورد في الاتفاق المؤرخ 15/ 2/ 1980 المحرر بين المتداعيين "أنه في حالة عدم تطليق الطاعن لزوجته الجديدة خلال ثلاثة أشهر تنتهي في آخر أبريل سنة 1980 فإنه يتم إنهاء الزوجية بين الطرفين" لا يعني أن المطعون عليها قد تنازلت عن حقها في الالتجاء إلى القضاء أو أجلته إلى زمن مستقبل وإنما يفيد مجرد تعهد الطاعن بطلاقه زوجته المطعون عليها إن لم يطلق زوجته الأخرى خلال المدة المحددة في الاتفاق وهو ما لا علاقة له بحقها في الالتجاء إلى القضاء، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بانعدام قصد الإضرار وطلب إثبات عكس الضرر المفترض، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع ولم يتح له فرصة إثبات ما طلبه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أن "...... يعتبر إضراراً بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها ولو لم تكن قد اشترطت عليه في عقد زواجها عدم الزواج عليها وكذلك إخفاء الزوج على زوجته الجديدة أنه متزوج بسواها. ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق بمضي سنة من تاريخ علمها بقيام السبب الموجب للضرر ما لم تكن قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً" يدل على أن مجرد إتمام الزواج الجديد دون رضاء الزوجة الأولى يعتبر ضرراً يجيز لها أن تلجأ إلى القضاء طالبة التطليق من زوجها دون حاجة إلى إثبات العكس. لما كان ذلك فإن ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص من دفاع يكون غير منتج، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى بالتطليق دون محاولة الصلح بين الطرفين مخالفاً بذلك ما تقضي به المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الهدف من إلزام القاضي بالعمل على الإصلاح بين الزوجين قبل قضائه بالتفريق وفقاً لنص المادة السادسة من القانون 25 لسنة 1929 هو محاولة إزالة أسباب الشقاق بينهما وعودة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة، وكان مؤدى نص المادة السادسة مكرراً من هذا القانون أن اقتران الزوج بأخرى دون رضاء الزوجة الأولى يتحقق به الضرر بمجرد وقوعه فلا يزول أثره حتى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق، فإن محاولة الإصلاح التي تقتضي إزالة أسباب الضرر تكون غير مجدية في هذه الحالة التي أفرد لها الشارع - باعتبار ما لها من طبيعة خاصة - نصاً مستقلاً وخصها بقواعد مغايرة لتلك التي تحكم صور الضرر الأخرى والواردة بنص المادة السادسة السالفة البيان، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بقضائه بالتفريق دون محاولة الإصلاح بين الزوجين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إنه طلب التعقيب على رأي النيابة العامة بعد أن قدمت مذكرتها، بيد أن المحكمة رفضت طلبه وحجزت الدعوى للحكم دون السماح له بذلك، الأمر الذي يصم الإجراء بالبطلان، لأن النيابة العامة أصبحت بعد صدور القانون 628 لسنة 1955 طرف أصلياً في قضاء الأحوال الشخصية الكلية ومن ثم يكون للخصوم أن يعقبوا عليها وإذ حالت محكمة الموضوع بينه وبين التعقيب على رأي النيابة، فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضاء الأحوال الشخصية الكلية بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 مما يجيز للخصوم أن يعقبوا على رأيها، إلا أن ذلك مقيد بأن تكون النيابة العامة قد أبدت دفوعاً أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق إثارتها، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وحكم محكمة الدرجة الأولى أن الطاعن أبدى دفوعاً وأوجه دفاع قضت محكمة الدرجة الأولى برفضها ثم تناولها الطاعن في صحيفة استئنافه، وكان الثابت من مذكرة النيابة العامة أنها طلبت الحكم برفض ما أثاره المستأنف "الطاعن" من دفوع وأوجه دفاع دون أن تبدي أية دفوع جديدة أو أوجه دفاع لم يسبق طرحها، وأن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مستنداً إلى أسباب حكم محكمة الدرجة الأولى، فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.