الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 فبراير 2021

طلب تفسير حكم المحكمة الدستورية العليا لا يقدم إلا من ذي شأن (طرف في الدعوى الدستورية المطلوب تفسير حكمها)

الدعوى رقم 3 لسنة 42 ق "تفسير أحكام" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 42 قضائية "تفسير أحكام".


المقامة من

رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية


ضــــد

1- رئيس الجمهوريــــة

2- رئيس مجلــس الـوزراء

الإجـراءات

بتاريخ السادس والعشرين من فبراير سنة 2020، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة تفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية" وبيان ما إذا كان هذا الحكم يصلح بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء من عدمه.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية أقامت دعواها المعروضة على سند من القول أن المحكمة الدستورية العليا سبق أنْ أصدرت بجلسة 5/5/2018، حكمها في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، القاضي منطوقه، أولاً: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة " لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. ثانيًا : بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره. وأضافت الشركة المدعية أن حيثيات الحكم جاء بها مخالفة النص المطعون عليه لمبدأ المساواة، حيث اختص فئة المؤجرين لهذه الأماكن لأشخاص اعتبارية بمعاملة أدنى من أقرانهم المؤجرين لأشخاص طبيعيين، بأن حرم الفئة الأولى من استرداد العين المؤجرة ما بقى الشخص الاعتباري قائمًا عليها، سواء أكان المستأجر شخصًا اعتباريًّا عامًا أم خاصًا، فيصير عقد استئجارها مؤبدًا، حال أن الفئة الثانية من المؤجرين سترد إليهم العين بعد وفاة المستأجر الأصلي أو انتهاء امتداد العقد. وقد ارتأت المحكمة أن تعمل الرخصة المخولة لها، وحددت لإعمال أثر هذا الحكم اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره، وقد انقضى دور الانعقاد، ولم يصدر مجلس النواب تشريعًا لمعالجة هذا الأمر. ومن ثم لا يصح أن يكون الحكم المشار إليه بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء للأسباب الآتية: 1- أن تطبيقه سيخلق نوعًا من عدم تكافؤ الفرص بين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، لامتداد العقد لورثة الأولين وحدهم. 2- أن حكم المحكمة الدستورية العليا لا يستهدف الإخلاء الفوري للأشخاص الاعتبارية. 3- أن الحكم أشــــار إلى ضرورة تدخل تشريعي. 4- خلو التشريع من حكم ينظم مسألة إيجار الشخص المعنوي لنشاط تجارى. لذلك أقامت الشركة دعواها المعروضة، طالبة تفسير الحكم المشار إليه، استنادًا لنص المادة (192) من قانون المرافعات، ولبيان ما إذا كان هذا الحكم يصلح بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء من عدمه.

وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "........تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها ". كما تنص المادة (51) من ذلك القانون على أن "تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات". ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات – باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي – تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة، وتُعد تلك النصوص – بهذه المثابة – مندرجة في مضمونه؛ بالقدر الذى لا تتعارض فيه مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام الصادرة عنها، حين عنى بها قانون المرافعات المدنية والتجارية، فنص في المادة (192) على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام...."، ومن ثم غدا ذلك النص متممًا لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا في الحـدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون. وإعمالاً لذلك، اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيرًا قضائيًّا، متى كان الطلب مقدمًا من أحد الخصوم، وهم ذوو الشأن في المنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه، أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطًا لا يقبل التجزئة.

وحيث إنه ولئن كان صحيحًا أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبةً وإلى الناس كافةً، فإنه يبقى صحيحًا – في الوقت ذاته وبالدرجة عينها – أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني، وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا ادعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع – ولم يكن خصمًا في الدعوى الدستورية – غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو انبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا بحسبان أن غموض قضائها يثير خلافًا حول معناه، ويعوق بالتالي مهمة محكمة الموضوع في شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب التفسير المعروض لم تُحِلْهُ محكمة الموضوع، ولم يسبقه تصريح منها برفعه إلى هذه المحكمة، وإنما قُدّم مباشرة من الشركة المدعية، وهي من غير ذوى الشأن في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، متعينًا – والحالة هذه – القضاء بعدم قبوله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

طلب تفسير حكم المحكمة الدستورية العليا لا يقدم إلا من ذي شأن بمناسبة دعوى موضوعية

الدعوى رقم 1 لسنة 42 ق "تفسير أحكام" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 42 قضائية "تفسير أحكام".


المقامة من

كريم السيد عبدالفتاح الأبحر، بصفته الشريك المتضامن بشركة عبدالفتاح السيد الأبحر وشركاه (فندق كارلتون)

ضــــد

1- رئيس الجمهوريـة

2- رئيس مجلس النواب

3- رئيس مجلس الـــوزراء

4- وزيـــر العـــدل

5- شركة مصر لتأمينات الحياة



الإجـراءات
بتاريخ الثالث من فبراير سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا تفسير الغموض الذى شاب منطوق الحكم الصادر من هذه المحكمة في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بجلسة 5/5/2018، وتحديد المقصود من كلمة " لتشمل"، وما إذا كانت تعنى استثناء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيق المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أم تَعْنِي انطباق حكم تلك المادة عليها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى أقـام الدعـوى المعروضة، طالبًا تفسير منطوق الحكم الصادر مــــن المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بجلسة 5/5/2018، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجــــر، فيما تضمنه من إطــــلاق عبارة "لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. قولاً منه بأن كلمة " لتشمل" بمنطوق ذلك الحكم يشوبها الغموض والإبهام، ولا يتبين ما إذا كان المراد منها استثناء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيق المادة (18) من القانون السالف الذكـــــر، أم تعنى خضوعها لأحكام تلك المادة، فأقام هذه الدعوى على سند من نص المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، باعتبار أن مضمونها مندمجٌ في قانون المحكمة الدستورية العليا.

وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه " فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل، تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". كما تقضى المادة (51) من القانون المشار إليه، بأن " تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات".

وحيث إن مؤدى حكم هاتين المادتين أن شرط انطباق القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى والطلبات التى تدخل في اختصاص هذه المحكمة، وكذلك بالنسبة إلى الأحكام والقرارات الصادرة منها، هو أن يكون إعمال هذه الأحكام، وتلك القواعد غير متعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وكذا طبيعة الأحكام والقرارات الصادرة منها. متى كان ذلك، وكانت الدعاوى الدستورية هي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون فيها بعيب دستورى، والأحكام الصادرة في تلك الدعاوى – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تحوز حجية مطلقة، لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوى الدستورية التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة، وتلتزم بها جميع سلطات الدولة، سواء أكانت تلك الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.

وحيث إن المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، قصرت حق طلب تفسير الأحكام على خصوم الدعوى التي صدرت فيها، بنصها على أن " للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام....."، وهو ما يتعارض وطبيعة الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، إذ لا يستقيم هذا القصر إلا في إطار قاعدة نسبية الأحكام التي لا تقوم بها حجيتها إلا بين من كان طرفًا فيها، وهى قاعدة تناقضها الحجية المطلقة المتعدية إلى الكافة التي تحوزها الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية، التي تتطلب ترتيبًا عليها – ألا يكون الحق في طلب تفسيرها وقفًا على الخصوم في الدعاوى الدستورية، وإنما يتعين أن ينسحب هذا الحق كذلك إلى غيرهم ممن يكـــــون الحكم المطلـوب تفسيره – بتطبيقه عليهم – ذا أثر مباشر على مصالحهم الشخصية، ذلك أن طلب التفسير الذى يقدم إلى هذه المحكمة، لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقًا للأوضاع المقررة في قانونها، ولا يتصور أن تكون المصلحة فيها محض مصلحة نظرية غايتها إرساء حكم القانون مجردًا توكيدًا للشرعية الدستورية وإعمالاً لمضمونها، إنما يجب أن تعود على طالب التفسير منفعة يقرها القانون حتى تتحقق بها ومن خلالها مصلحته الشخصية. وترتبط المصلحة في طلب التفسير بالمصلحة في الدعوى الموضوعية التى أُثير طلب التفسير بمناسبتها، والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، لكون الحكم الصادر بالتفسير يعتبر متممًا من كل الوجوه للحكم الذى يفسره، وكلاهما لازم للفصل في الدعوى الموضوعية لا ينفكان عنها، لأنهما يتعلقان بالقاعدة القانونية التي يقوم عليها أو يستند إليها الفصل في النزاع الموضوعي.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا لا تتصل بالدعاوى والطلبات التى تدخل في اختصاصها، إلا وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن إعمال آثار الأحكام التي تصدرها في المسائل الدستورية هو من اختصاص محكمة الموضوع، وذلك ابتناء على أن محكمة الموضوع هي التي تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن المسألة الدستورية، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل في النزاع الموضوعي الدائر حولها، وبمراعاة ما قد يبديه الخصوم من دفوع أو أوجه دفاع في شأنها، فإذا ادعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجهًا، كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه، ذلك أن تقدير محكمة الموضوع غموض هذا القضاء يولد لديها صعوبة قانونية تحول في اعتقادها دون تطبيقه، بالحالة التي هو عليها، على وقائع النزاع، ومن ثم يظل أمر حسمها معلقًا إلى أن تدلى المحكمة الدستورية العليا بكلمتها النهائية في شأن حقيقة قضائها ومراميه. ومن جانب آخر، فلمحكمة الموضوع كذلك – وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها – أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير، باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافًا حول معناه ويعوق بالتالى مهمتها في شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها.

وحيث كان ما تقدم، وكان طلب التفسير – على ما سلف بيانه – لا يقدم إلا من ذي شأن بمناسبة دعوى موضوعية يتوقف الفصل فيها على الحكم الصادر في المسألة الدستورية، وتقدر محكمة الموضوع غموض الحكم الصادر فيها، سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم. وكان المدعى قد أقام دعواه المعروضة مباشرة أمام هذه المحكمة، طالبًا تفسير منطوق حكمها الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، دون سبق إقامته دعوى موضوعية، صرحت له محكمة الموضوع فيها بتقديم طلب تفسير إلى هذه المحكمة، لإنـزال ما يتقرر في طلب التفسير على الطلبـات في الدعـوى الموضوعية. ومن ثم، فإن الطلب المعروض لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقًا للأوضاع المقررة قانونًا، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 18572 لسنة 84 ق جلسة 27 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 21 ص 188

جلسة 27 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / مجدي عبد الحليم نائب رئيس المحكمة وعضويـــة الســادة القضـاة / إبراهيم عبد الله ، علي عبد البديع ونادر جويلي نواب رئيس المحكمة ود/ أيمن أبو علم .
----------

(21)

الطعن رقم 18572 لسنة 84 القضائية

(1) تظاهر . تجمهر . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

المواد 7 ، 11 ، 14/2 ، 19 من القرار بقانون 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية . مفادها ؟

حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق مسبق . كفايته لاستحقاق المتجمهرين للعقاب .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في موكب غير مشروع يزيد أفراده على عشرة وبدون إخطار الجهة المختصة ومنهم الطاعنون مع علمهم بالغرض الإجرامي منه وارتكابهم جرائم أثناء اشتراكهم فيه محاطين بحشد من أنصارهم بقصد تنفيذ غرضهم الإجرامي. كفايته لثبوت مسئوليتهم قانوناً عنها .

الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز

(2) اشتراك . ارتباط . عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تظاهر .

نعي الطاعنين بعدم توافر أركان جريمة التدبير للموكب . غير مجدٍ . ما دامت المحكمة طبقت المادة 32 عقوبات وأوقعت عليهم عقوبة الاشتراك في موكب غير مشروع .

(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.

أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

        عدم التزام الأحكام أن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .

        عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت . لها إيراد ما تطمئن إليه واطراح ما عداه .

        تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . شرط ذلك ؟

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

إيراد الحكم الأدلة والقرائن التي تثبت اقتراف الطاعن لجريمة الاشتراك في موكب غير مشروع . كفايته . الجدل الموضوعي في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها أمام محكمة النقض . غير جائز .

(4) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير الدليل . موكول لمحكمة الموضوع . سلطتها الأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها .

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

مضي وقت طويل في إجراء التحريات . غير لازم .

النعي بتعويل الحكم على التحريات رغم قصورها في التدليل على مقارفة الطاعنين
لما أدينوا به . جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى . خارج عن رقابة محكمة النقض .

(5) مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تظاهر . تجمهر . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " المصلحة في الطعن " .

النعي بمسئولية آخرين من المتجمهرين عن التظاهر . موضوعي . أثر ذلك ؟

        نعي الطاعنين بوجود متجمهرين آخرين . غير مجدٍ . طالما أن اتهامهم لا يحول دون مساءلتهم عن الجرائم التي دينوا بها .

(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

تحدث الحكم عن بعض الشهود بصيغة المثنى . خطأ مادي . لا تأثير له على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها .

(7) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

         أمثلة لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

الخلاف بين ما قرره الشهود وما استنتجته المحكمة . لا تناقض . علة ذلك ؟

منازعة الطاعنين في سلامة استنتاج الحكم من أقوال الشهود لكيفية دخولهم لسراي المحكمة وقت مقاومتهم قوات الأمن والاعتداء عليها . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير مقبول لدى محكمة النقض .

(9) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " . استعمال القوة والعنف مع موظف عام .

نعي الطاعنين بشأن جريمة التعدي على قوات الشرطة . غير مجدٍ . ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة استعراض القوة والعنف المؤثمة بالمادة 375/مكرراً 1، 2 عقوبات .

(10) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب ضم قضية قصد به تجريح أقوال أحد الشهود . علة ذلك ؟

(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها "

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

دفع الطاعنين ببطلان القيد والوصف في توجيه الاتهام . غير مقبول . ماداموا لم يفصحوا عن أساسه .

(12) أمر الإحالة . نيابة عامة . بطلان . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفوع " الدفع ببطلان أمر الإحالة " .

أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق . غير خاضع لقواعد البطلان في الأحكام . أثر ذلك؟

إعادة محكمة الموضوع الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزتها . غير جائزة . علة ذلك ؟

(13) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

كفاية إيراد الحكم فحوى الدليل الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة .

الجدل الموضوعي في مسائل واقعية . تقدره محكمة الموضوع بغير معقب .

(14) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . استدلالات .

        طلب الطاعن استبعاد التسجيلات المقدمة من النيابة في عبارة عامة مرسلة . دفاع موضوعي . الرد عليه . غير لازم . استفادة الرد عليه من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت .

للمحكمة الأخذ بالتسجيلات على فرض بطلانها كعنصر من عناصر الاستدلال . حد ذلك؟

(15) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

نعي الطاعنين بعدم إجابتهم لطلب نسخ مقاطع الفيديوهات . غير مقبول . ما دامت المحكمة فضت الأحراز المحتوية عليها وعرضت على بساط البحث والمناقشة في حضورهم وأبدوا ملاحظاتهم عليها .

(16) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

عدم توضيح الدفاع سبب طلبه بعرض الفيديوهات على المختصين . طلب مجهل . سكوت المحكمة عنه إيراداً له أو رداً عليه . لا عيب . حد ذلك ؟

(17) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير في الدعوى . ما دامت الواقعة وضحت لديها .

اطمئنان المحكمة للدليل المستمد من تقرير النيابة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة والتعويل عليه في الإدانة . مفاده : أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير لذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيًّن واقعة الدعوى بما مؤداه " أنه بتاريخ .... ورد للعقيد .... معلومات من الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية مصدرها شبكة التواصل الاجتماعي " .... " مفادها اعتزام المتهم الأول المطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة القضية رقم .... بالحضور لمقر محكمة .... رفقة أنصاره من جماعة .... للعرض على نيابة .... الأمر الذي دعاه لاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المبنى حتى حضر المتهم الأول رفقة الثاني والثالث محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... مرددين هتافات معادية للجيش والشرطة وانضموا لمجموعة أخرى كانت متواجدة أمام الباب الرئيسي للمحكمة وتسببوا في إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة وحاولوا اقتحام الباب الجانبي للمحكمة فتصدت لهم قوات الشرطة فقاموا برشقهم بالحجارة والزجاجات وأثاث المقهى المواجه للباب الجانبي للمحكمة الأمر الذى أدى لإصابة ثلاثة مجندين من أفراد الأمن وتمكن المتهم الأول من دخول مبنى المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان يبين من استقراء مواد القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن كل اجتماع عام يقام في مكان أو محل عام وكل موكب أو تظاهر يقام أو يسير في مكان أو طريق أو ميدان عام مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ولو حصل بآراء أو أغراض غير سياسية أو بمطالب أو احتجاجات سياسية محظور بمقتضى المادة السابعة منه ، متى كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطريق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر ، هذا وقد يكون الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر المخطر عنه – بريئاً في بدء تكوينه – إلَّا أنه قد يقع فيه ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أو يخرجه عن الطابع السلمي للتعبير عن الرأي ، لذا فقد أوجبت المادة الحادية عشرة من القانون ذاته أن يكون لقوات الأمن بالزي الرسمي وبناءً على أمر من القائد الميداني المختص فض الموكب أو التظاهر والقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة ، كما أجازت لمدير الأمن المختص مكانياً قبل الفض أو التفريق أو القبض أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة ندب من يراه لإثبات الحالة غير السلمية للاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر ويصدر القاضي أمره على وجه السرعة ، كما حظرت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة على المشاركين في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر تجاوز نطاق الحرم المعين أمام المواقع الحيوية والمحددة بفقرتها الأولى ، وحقَّت في جميع الصور سالفة الإشارة على كل من شارك الموكب أو التظاهر العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة من هذا القانون ، وكان من المقرر أنه يكفي في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في موكب غير مشروع وبدون إخطار الجهة المختصة والذي يزيد أفراده على عشرة أشخاص وأن الطاعنين كانوا ضمن هذا الموكب وعلى علم بالغرض الإجرامي – هو التأثير على سلطات التحقيق – وذلك بعد عزم الطاعن الأول المطلوب ضبطه وإحضاره لحضور مقر محكمة .... للعرض على نيابة .... وأن وقوع ما وقع من جرائم إنما حصل أثناء اشتراكهم في هذا الموكب محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... لما سببوه من إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة ومحاولة اقتحام الباب الجانبي للمحكمة بقصد تنفيذ غرضهم الإجرامي مما توجب مسئوليتهم قانوناً عنها ، وأورد الحكم على ثبوت ذلك في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض .

2- لما كانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجرائم التدبير لموكب مؤلف من أكثر من عشرة أشخاص والاشتراك فيه بدون إخطار الجهة المختصة وطبقت عليهم المادة 32 من قانون العقوبات لما بين هذه الجرائم من ارتباط وأوقعت عليهم عقوبة الاشتراك في موكب غير مشروع فلا جدوى لهم من النعي على الحكم من جهة عدم توافر أركان جريمة التدبير للموكب .

3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولما كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الطعن الماثل – وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت الأدلة والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الاشتراك في موكب غير مشروع التي دينوا بها ، فإن ما أثير بشأن أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .

4- لما كان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها وأن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، فإن النعي على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفة الطاعنين لما أدينوا به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .

5- لما كان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن التظاهر ، مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة بها مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له أو الرد عليه استقلالاً اكتفاءً بأدلة الثبوت القائمة في الدعوى التي خلصت منها في منطق سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وأنصارهم هم الذين تواجدوا بالموكب ، هذا فضلاً على أنه لا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من وجود متجمهرين آخرين أمام المحكمة طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص لم يكن ليحول دون مساءلتهم عن الجرائم التي دينوا بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

6- لما كان تحدث الحكم عن بعض الشهود بصيغة المثنى في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد .

7- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من أن شهود الإثبات .... ، .... و.... لم يتعرفوا على الطاعن الثاني وأن شاهد الإثبات .... لم يتعرف على الطاعن الأول خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه من إجماع هؤلاء الشهود على أن الطاعنين الأول والثاني كانا مشاركين بين حشد من أنصارهما فإنه – بفرض تردي الحكم في هذا الخطأ – فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها من اشتراك الطاعنين في الموكب محاطين بحشد من أنصارهما من جماعة .... وهو ما بان للمحكمة من مشاهدتها لمقاطع الفيديوهات المسجلة ، وكانت أقوال باقي شهود الإثبات والتي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على مشاركة الطاعنين مع باقي المتظاهرين حال احتشاد الموكب ، ومن ثم فلا يعيب الحكم – في خصوصية هذه الدعوى – ما شابه من خطأ في الإسناد في هذه الجزئية ، أما ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم في هذا الصدد أيضاً بالنسبة إلى كل من .... ، .... ، .... والعقيد .... بشأن خلو أقوالهم من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة فهو مردود أيضاً بأن هذا الخطأ على فرض حصوله ما دام متعلقاً بالأفعال التي وقعت من الطاعن الأول لا يعد مؤثراً في عقيدة المحكمة من اشتراكه مع باقي الطاعنين والمتجمهرين في الموكب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من المفردات أن ما حصله الحكم المطعون فيه – حال بيانه لصورة الواقعة – من أقوال العقيد .... من خلوها من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة له أصل صحيح في تحقيق النيابة ، فإنه بهذا ينتفي الخطأ في الإسناد .

8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يكون واقعاً بين أسبابه بحيث إن بعضها ينفي ما يثبته بعض ، أما الخلاف بين ما قرره الشهود وما استنتجته المحكمة من باقي أدلة الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا يعتبر تناقضاً لأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها ألَّا تعتمد إلَّا على ما يرتاح إليه ضميرها من أقوال الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في سلامة استنتاج الحكم من أقوال الشهود لكيفية دخولهم إلى سراي المحكمة ووقت مقاومتهم قوات الأمن والاعتداء عليها إنما تنحل إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض .

9- لما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وكانت هذا العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة استعراض القوة والعنف بواسطة الغير المؤثمة بالمادة 375 مكرراً/1-2 ، فإنه لا جدوى للطاعنين مما أثير في شأن جريمة التعدي على قوات الشرطة لأن مصلحتهم في هذه الحالة تكون منتفية .

10- لما كان طلب ضم قضية قد قصد به تجريح أقوال أحد الشهود ومثل هذا الطلب لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ما دام الدليل الذي يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة القائمة في الدعوى .

11- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أساس دفعهم ومقصدهم من القول ببطلان القيد والوصف في توجيه الاتهام وفقاً للقانون رقم 10/14 والمادة 375 مكرراً ، 375 مكرراً فقرة أولى ، والمواد 7-9-19-21 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107/2013 ، فإن ما أثير في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

12- لما كان أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة .

13- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد فحوى الدليل الناتج من تفريغ مقاطع
الفيديوهات المسجلة المقدمة من النيابة العامة – بما له أصله من محاضر تفريغها من الأوراق – والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة منها يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب عليها من محكمة النقض .

14- لما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أن المدافع عن الطاعن الثاني اقتصر على القول بعدم جواز الاستناد إلى ما قدمته النيابة العامة من تسجيلات وطلب استبعادها كدليل إدانة وذلك في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من التسجيلات توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، مما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها ، هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه التسجيلات – على فرض بطلانها – على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة .

15- لما كان الثابت من محضر جلسة .... أن المحكمة قامت بفض الأحراز المحتوية على مقاطع الفيديوهات المسجلة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم ، ومن ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وقد أبدوا فعلاً ما شاء لهم من ملاحظات عليها - حال عرضها – حسبما يبين من محاضر جلسة المحاكمة سالف البيان ، فإن ما أثير بشأن عدم إجابتهم إلى طلب نسخ تلك المقاطع على نفقتهم لا يكون له وجه .

16- لما كان الدفاع عن الطاعنين لم يوضح في مرافعته – وبأسباب طعنه – عندما طلب عرض الفيديوهات المسجلة على المختصين فيها سبب هذا الطلب ومرماه فإنه يعدو طلباً مجهلاً لا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له أو رداً عليه ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى .

17- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير النيابة العامة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة وعولت عليه في إدانة الطاعنين بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعنين في هذا الشأن ويضحى ما أثير في هذا الصدد غير قويم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه " أنه بتاريخ .... ورد للعقيد .... معلومات من الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية مصدرها شبكة التواصل الاجتماعي " .... " مفادها اعتزام المتهم الأول المطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة القضية رقم .... بالحضور لمقر محكمة .... رفقة أنصاره من جماعة .... للعرض على نيابة .... الأمر الذي دعاه لاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المبنى حتى حضر المتهم الأول رفقة الثاني والثالث محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... مرددين هتافات معادية للجيش والشرطة وانضموا لمجموعة أخرى كانت متواجدة أمام الباب الرئيسي للمحكمة وتسببوا في إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة وحاولوا اقتحام الباب الجانبي للمحكمة فتصدت لهم قوات الشرطة فقاموا برشقهم بالحجارة والزجاجات وأثاث المقهى المواجه للباب الجانبي للمحكمة الأمر الذى أدى لإصابة ثلاثة مجندين من أفراد الأمن وتمكن المتهم الأول من دخول مبنى المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان يبين من استقراء مواد القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن كل اجتماع عام يقام في مكان أو محل عام وكل موكب أو تظاهر يقام أو يسير في مكان أو طريق أو ميدان عام مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ولو حصل بآراء أو أغراض غير سياسية أو بمطالب أو احتجاجات سياسية محظور بمقتضى المادة السابعة منه ، متى كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطريق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر ، هذا وقد يكون الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر المخطر عنه – بريئاً في بدء تكوينه – إلَّا أنه قد يقع فيه ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أو يخرجه عن الطابع السلمي للتعبير عن الرأي ، لذا فقد أوجبت المادة الحادية عشرة من القانون ذاته أن يكون لقوات الأمن بالزي الرسمي وبناءً على أمر من القائد الميداني المختص فض الموكب أو التظاهر والقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة ، كما أجازت لمدير الأمن المختص مكانياً قبل الفض أو التفريق أو القبض أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة ندب من يراه لإثبات الحالة غير السلمية للاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر ويصدر القاضي أمره على وجه السرعة ، كما حظرت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة على المشاركين في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر تجاوز نطاق الحرم المعين أمام المواقع الحيوية والمحددة بفقرتها الأولى ، وحقَّت في جميع الصور سالفة الإشارة على كل من شارك الموكب أو التظاهر العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة من هذا القانون ، وكان من المقرر أنه يكفي في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في موكب غير مشروع وبدون إخطار الجهة المختصة والذي يزيد أفراده على عشرة أشخاص وأن الطاعنين كانوا ضمن هذا الموكب وعلى علم بالغرض الإجرامي – هو التأثير على سلطات التحقيق – وذلك بعد عزم الطاعن الأول المطلوب ضبطه وإحضاره لحضور مقر محكمة .... للعرض على نيابة .... وأن وقوع ما وقع من جرائم إنما حصل أثناء اشتراكهم في هذا الموكب محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... لما سببوه من إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة ومحاولة اقتحام الباب الجانبي للمحكمة بقصد تنفيذ غرضهم الإجرامي مما توجب مسئوليتهم قانوناً عنها ، وأورد الحكم على ثبوت ذلك في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجرائم التدبير لموكب مؤلف من أكثر من عشرة أشخاص والاشتراك فيه بدون إخطار الجهة المختصة وطبقت عليهم المادة 32 من قانون العقوبات لما بين هذه الجرائم من ارتباط وأوقعت عليهم عقوبة الاشتراك في موكب غير مشروع فلا جدوى لهم من النعي على الحكم من جهة عدم توافر أركان جريمة التدبير للموكب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولما كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الطعن الماثل – وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت الأدلة والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الاشتراك في موكب غير مشروع التي دينوا بها ، فإن ما أثير بشأن أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها وأن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، فإن النعي على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفة الطاعنين لما أدينوا به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن التظاهر ، مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة بها مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له أو الرد عليه استقلالاً اكتفاءً بأدلة الثبوت القائمة في الدعوى التي خلصت منها في منطق سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وأنصارهم هم الذين تواجدوا بالموكب ، هذا فضلاً على أنه لا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من وجود متجمهرين آخرين أمام المحكمة طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص لم يكن ليحول دون مساءلتهم عن الجرائم التي دينوا بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان تحدث الحكم عن بعض الشهود بصيغة المثنى في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من أن شهود الإثبات .... ، .... و.... لم يتعرفوا على الطاعن الثاني وأن شاهد الإثبات .... لم يتعرف على الطاعن الأول خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه من إجماع هؤلاء الشهود على أن الطاعنين الأول والثاني كانا مشاركين بين حشد من أنصارهما فإنه – بفرض تردي الحكم في هذا الخطأ – فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها من اشتراك الطاعنين في الموكب محاطين بحشد من أنصارهما من جماعة .... وهو ما بان للمحكمة من مشاهدتها لمقاطع الفيديوهات المسجلة ، وكانت أقوال باقي شهود الإثبات والتي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على مشاركة الطاعنين مع باقي المتظاهرين حال احتشاد الموكب ، ومن ثم فلا يعيب الحكم – في خصوصية هذه الدعوى – ما شابه من خطأ في الإسناد في هذه الجزئية ، أما ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم في هذا الصدد أيضاً بالنسبة إلى كل من .... ، .... ، .... والعقيد .... بشأن خلو أقوالهم من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة فهو مردود أيضاً بأن هذا الخطأ على فرض حصوله ما دام متعلقاً بالأفعال التي وقعت من الطاعن الأول لا يعد مؤثراً في عقيدة المحكمة من اشتراكه مع باقي الطاعنين والمتجمهرين في الموكب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من المفردات أن ما حصله الحكم المطعون فيه – حال بيانه لصورة الواقعة – من أقوال العقيد .... من خلوها من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة له أصل صحيح في تحقيق النيابة ، فإنه بهذا ينتفي الخطأ في الإسناد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يكون واقعاً بين أسبابه بحيث إن بعضها ينفي ما يثبته بعض ، أما الخلاف بين ما قرره الشهود وما استنتجته المحكمة من باقي أدلة الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا يعتبر تناقضاً لأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها ألَّا تعتمد إلَّا على ما يرتاح إليه ضميرها من أقوال الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في سلامة استنتاج الحكم من أقوال الشهود لكيفية دخولهم إلى سراي المحكمة ووقت مقاومتهم قوات الأمن والاعتداء عليها إنما تنحل إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض ، هذا فضلاً على أن الحكم المطعون فيه قد أوقع عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وكانت هذا العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة استعراض القوة والعنف بواسطة الغير المؤثمة بالمادة 375 مكرراً/1-2 ، فإنه لا جدوى للطاعنين مما أثير في شأن جريمة التعدي على قوات الشرطة لأن مصلحتهم في هذه الحالة تكون منتفية . لما كان ذلك ، ومتى كان طلب ضم قضية قد قصد به تجريح أقوال أحد الشهود ومثل هذا الطلب لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ما دام الدليل الذي يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة القائمة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أساس دفعهم ومقصدهم من القول ببطلان القيد والوصف في توجيه الاتهام وفقاً للقانون رقم 10/14 والمادة 375 مكرراً ، 375 مكرراً فقرة أولى ، والمواد 7-9-19-21 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107/2013 ، فإن ما أثير في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً على أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فحوى الدليل الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة المقدمة من النيابة العامة – بما له أصله من محاضر تفريغها من الأوراق – والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة منها يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب عليها من محكمة النقض ، وكان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أن المدافع عن الطاعن الثاني اقتصر على القول بعدم جواز الاستناد إلى ما قدمته النيابة العامة من تسجيلات وطلب استبعادها كدليل إدانة وذلك في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من التسجيلات توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، مما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها ، هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه التسجيلات – على فرض بطلانها – على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة .... أن المحكمة قامت بفض الأحراز المحتوية على مقاطع الفيديوهات المسجلة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم ، ومن ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وقد أبدوا فعلاً ما شاء لهم من ملاحظات عليها - حال عرضها – حسبما يبين من محاضر جلسة المحاكمة سالف البيان ، فإن ما أثير بشأن عدم إجابتهم إلى طلب نسخ تلك المقاطع على نفقتهم لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الدفاع عن الطاعنين لم يوضح في مرافعته – وبأسباب طعنه – عندما طلب عرض الفيديوهات المسجلة على المختصين فيها سبب هذا الطلب ومرماه فإنه يعدو طلباً مجهلاً لا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له أو رداً عليه ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى ، هذا فضلاً على أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير النيابة العامة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة وعولت عليه في إدانة الطاعنين بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعنين في هذا الشأن ويضحى ما أثير في هذا الصدد غير قويم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ