الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 أكتوبر 2020

الطعن 1008 لسنة 52 ق جلسة 6/ 4/ 1982 مكتب فني 33 ق 92 ص 458

جلسة 6 من إبريل سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا وكمال المتينى.

--------------------

(92)
الطعن رقم 1008 لسنة 52 القضائية

تقليد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
العبرة في التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف.
كفاية أن يكون بين العلامتين المقلدة والصحيحة من التشابه ما يجعلها مقبولة في التعامل. أثر ذلك؟

----------------
لما كان من المقرر أن العبرة في التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف بحيث يكون من شأنه أن ينخدع فيه الجمهور في المعاملات دون أن يشترط أن يكون الانخداع قد حصل وتم فعلاً بل يكفي أن يكون بين العلامتين المقلدة والصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التعامل - وكان الثابت من التحقيقات المنضمة أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير قد جاء به أن - بصمات الختم المضبوط تشابه بصمات الختم الصحيح من حيث الشكل ومضمون الألفاظ بداخلها وأوصافها بالنسبة لبعضها البعض وأن القالب المضبوط يصلح للاستعمال كقالب ختم وأنه مزور بطريق التقليد من إحدى بصمات قالب الختم الصحيح المثلث الشكل والخاص بمجزر المنيا، كما تأيد كذلك وجه التشابه بين بصمتي الختمين بما قرره الطبيب البيطري الذي ضبط الواقعة من أن الجمهور ينخدع في بصمة ذلك الختم المزور - لما كان ذلك الحكم المطعون فيه لم يف يبحث أوجه التشابه بين الختمين واعتد فقط بأوجه الخلاف بينهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - وإذ حجبه ذلك عن تقدير أدلة الدعوى وساقه إلى فساد في الاستدلال فإنه يتعين نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: 1 - قلد خاتم سلخانة مجزر المنيا التابعة لمجلس مدينة المنيا على الوجه المبين بالمحضر 2 - حاز بقصد البيع لحوماً غير صالحة للاستهلاك الآدمي. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 136، 143 من القانون رقم 53 لسنة 1966 وقرار الزراعة رقم 38 لسنة 1967 والمادة 30/ 2 من قانون العقوبات بتغريم المتهم مبلغ ثلاثين جنيهاً عن تهمة ذبح لحوم خارج السلخانة وبراءته من التهمة الأولى ومصادرة الخاتم المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض بالنسبة للتهمة الأولى.


المحكمة

حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة تقليد علامة لإحدى جهات الحكومة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد الاستدلال ذلك أنه قد أسس قضاءه على أن بصمة الختم المضبوط تختلف عن بصمة الختم الصحيح لمجزر المنيا من حيث المظهر الخارجي لأن بيانات بصمة الختم المضبوط تظهر بطريقة معكوسة على خلاف بصمة الختم الصحيح في حين أن العبرة في التقليد المنصوص عليه في المادة 206 عقوبات هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف بحيث يكون من شأن العلامات المقلدة أن ينخدع فيها الجمهور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة كانت قد أسندت للمطعون ضده أنه قلد خاتم سلخانة مجزر المنيا على الوجه المبين بالمحضر وطلبت عقابه عن تلك التهمة بالمادة 206/ 1، 3 عقوبات - وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى تبرئة المطعون ضده من هذه التهمة وبرر قضاءه بقوله "وحيث إنه لما كان مناط تجريم السلوك المادي للواقعة هو استصناع خاتم على مثال صحيح لمجزر المنيا ينخدع به الجمهور لما يتوافر له من الصفة المميزة للأصل وكان الخاتم المضبوط إنما يعطي بصمة تتباين في مظهرها الخارجي مع بيانات بصمة خاتم مجزر المنيا بحيث تظهر بصمته معكوسة في كتابتها على خلاف بصمة المجزر الصحيحة. "وانتهى إلى قوله بأن الرجل العادي لا ينخدع في مظهر هذه البصمات المعكوسة لأنها تبدو غير طبيعية ومن ثم يتعين القضاء بالبراءة" - لما كان ذلك وكان من المقرر أن العبرة في التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف بحيث يكون من شأنه أن ينخدع فيه الجمهور في المعاملات دون أن يشترط أن يكون الانخداع قد حصل وتم فعلاً بل يكفي أن يكون بين العلامتين المقلدة والصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التعامل - وكان الثابت من التحقيقات المنضمة أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير قد جاء به أن - بصمات الختم المضبوط تشابه بصمات الختم الصحيح من حيث الشكل ومضمون الألفاظ بداخلها وأوصافها بالنسبة لبعضها البعض وأن القالب المضبوط يصلح للاستعمال كقالب ختم وأنه مزور بطريق التقليد من إحدى بصمات قالب الختم الصحيح المثلث الشكل والخاص بمجزر المنيا، كما تأيد كذلك وجه التشابه بين بصمتي الختمين بما قرره الطبيب البيطري الذي ضبط الواقعة من أن الجمهور ينخدع في بصمة ذلك الختم المزور - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يف ببحث أوجه التشابه بين الختمين واعتد فقط بأوجه الخلاف بينهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - وإذ حجبه ذلك عن تقدير أدلة الدعوى وساقه إلى فساد في الاستدلال فإنه يتعين نقضه والإحالة.

الطعن 1006 لسنة 52 ق جلسة 6/ 4/ 1982 مكتب فني 33 ق 91 ص 454

جلسة 6 من إبريل سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا وكمال المتينى.

--------------------

(91)
الطعن رقم 1006 لسنة 52 القضائية

دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". اختلاس أموال أميرية.
دفاع المتهم بجريمة الاختلاس بأن قيمة المال المختلس لا تجاوز 500 جنيه وجوب تمحيصه أو الرد عليه بما يبرر رفضه.
الرد عليه استناداً إلى تقدير الجهة المجني عليها والذي نازع فيه الطاعن. إخلال بحق الدفاع.

---------------------
لما كان الحكم المطعون فيه أثبت أن الطاعن نازع في قيمة الإطارات المختلسة مقرراً أنها 400 ج وليس المبلغ الذي ادعت به الجهة المجني عليها والذي ضمنته فوائد ومصاريف إضافتها على القيمة الفعلية وطلب الاحتكام إلى السعر المحدد من الجهة المختصة ورد الحكم على هذا الدفاع بقوله "إن الهيئة العامة لكهربة الريف "المجني عليها" أفادت بأن قيمة الإطارات المختلسة 735 ج وليس كما يزعم المتهم لذلك يتعين مؤاخذته على أساس هذا المبلغ" لما كان ذلك وكان دفاع الطاعن فيما سلف يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً ومؤثراً في تقدير العقوبة لما نص عليه المشرع في المادة 118 مكرراً من قانون العقوبات من جواز الحكم بعقوبات أخف في حالة عدم مجاوزة قيمة المال المختلس 500 ج - مما كان يقتضى من المحكمة تمحيصه لتقف على مبلغ صحته أو أن ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهي لم تفعل وردت عليه محتجة بالتقدير الذي حددته الجهة المجني عليها وهو التقدير الذي يقوم دفاع الطاعن على المنازعة فيه - فإنها تكون قد أطرحت دفاعه بما لا يسوغ مما يشوب حكمها بالإخلال بحق الدفاع والقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: بصفته موظفاً عمومياً "أمين مخزن الهيئة العامة لكهرباء الريف" ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرراً أميري هو طلب الصرف رقم 1012 بأن اصطنع بيانات هذا الطلب وذيله بتوقيع نسبه زوراً إلى..... ثانياً: اشترك مع مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير ورقة رسمية هي المحرر سالف الذكر وذلك بأن اتفق معه على ذلك وقدم له المحرر فوقع عليه الأخير بتوقيع نسبه زوراً إلى...... فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.. ثالثاً: اشترك مع مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو إذن الصرف رقم 668 حالة كونه مختصاً بتحريره وبذلك بأن اتفق معه على ذلك وقدم له المحرر فوقع عليه الأخير بتوقيع نسبه زوراً إلى...... فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.. رابعاً: استعمل المحررين سالفي الذكر بأن قدمهما إلى إدارة مخازن الهيئة العامة لكهرباء الريف مع علمه بتزويرهما. خامساً: بوصفه سالف الذكر اختلس إطارات الكاوتشوك المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للهيئة العامة لكهرباء الريف والمسلمة بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 112/ 1، 2 و211، 213، 214 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه سبعمائة وخمسة وثلاثين جنيهاً وإلزامه برد مبلغ مائة وسبعة وأربعين جنيهاً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاختلاس المسندة، إليه وما ارتبط بها من جرائم تزوير واشتراك فيه واستعمال، قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك بأن من بين ما قام عليه دفاع الطاعن أن القيمة الفعلية للمال موضوع الجريمة لا يتجاوز خمسمائة جنيه بعد استبعاد الفوائد والمصاريف وطلب تحقيقاً لدفاعه ضم دفتر التسعير الرسمي مردوداً لتاريخ الحادث إلا أن المحكمة أعرضت عن تحقيق هذا الدفاع رغم جوهريته وأثره في النزول بالعقوبة إلى عقوبة أخف ورفضته برد غير سائغ الأمر الذي يعيب حكمها بما يوجب نقضه،
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت أن الطاعن نازع في قيمة الإطارات المختلسة مقرراً أنها 400 ج وليس المبلغ الذي ادعت به الجهة المجني عليها والذي ضمنته فوائد ومصاريف أضافتها على القيمة الفعلية وطلب الاحتكام إلى السعر المحدد من الجهة المختصة ورد الحكم على هذا الدفاع بقوله "إن الهيئة العامة لكهربة الريف "المجني عليها" أفادت بأن قيمة الإطارات المختلسة 735 جـ وليس كما يزعم المتهم لذلك بتعين مؤاخذته على أساس هذا المبلغ. لما كان ذلك وكان دفاع الطاعن فيما سلف يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً ومؤثراً في تقدير العقوبة لما نص عليه المشرع في المادة 118 مكرراً من قانون العقوبات من جواز الحكم بعقوبات أخف في حالة عدم مجاوزة قيمة المال المختلس 500 ج - مما كان يقتضي من المحكمة تمحيصه لتقف على مبلغ صحته أو أن ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهي لم تفعل وردت عليه محتجة بالتقدير الذي حددته الجهة المجني عليها وهو التقدير الذي يقوم دفاع الطاعن على المنازعة فيه - فإنها تكون قد أطرحت دفاعه بما لا يسوغ مما يشوب حكمها بالإخلال بحق الدفاع والقصور بما يستوجب نقضه والإحالة دون حاجة لمناقشة وجوه الطعن الأخرى.

الطعن 882 لسنة 52 ق جلسة 6/ 4/ 1982 مكتب فني 33 ق 90 ص 441

جلسة 6 من إبريل سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد.

-----------------

(90)
الطعن رقم 882 لسنة 52 القضائية

1 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
2 - دفوع. "الدفع ببطلان القبض". "الدفع ببطلان الاعتراف". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم المكاني". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نيابة عامة. تحقيق.
- الدفع ببطلان التفتيش والاستجواب لحصوله خارج دائرة الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي وبطلان الاعتراف. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
- امتداد اختصاص مأمور الضبط القضائي إلى جميع من اشتركوا في الدعوى التي بدأ تحقيقها أينما كانوا.
- قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق لا يمنع مأموري الضبط من القيام بواجباتهم المنوط بهم القيام بها عملاً بالمادة 24 إجراءات.
3 - حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". مأمورو الضبط القضائي. استجواب.
حق مأمور الضبط القضائي في أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه. المادة 29 إجراءات.
4 - حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". مأمورو الضبط القضائي. استجواب.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
5 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "شهود".
- حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها.
- عدم التزامها بالأخذ بالإدانة المباشرة وحدها. حقها في استخلاص الصورة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
6 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات.
لا يلزم في الإدانة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. علة ذلك؟
7 - قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد. سبق إصرار.
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره. استخلاصه. موضوعي.
8 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. سبق إصرار.
سبق الإصرار. تقدير توفره موضوعي.
9 - سبق الإصرار. أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب".
ثبوت سبق التدبير للجريمة أو التحيل لارتكابها ينتفي به حتماً موجب الدفاع الشرعي. علة ذلك؟
10 - إعدام. قتل عمد. محكمة النقض. "سلطتها" حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نيابة عامة.
اتصال محكمة النقض بالقضية المقضي فيها حضورياً بالإعدام متى عرضتها النيابة عليها ولو تجاوزت في ذلك الميعاد المقرر بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام النقض.

--------------------
1 - وكان ما ينعاه الطاعن من سؤال الشاهد الأول بالتحقيقات في غيبته لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
2 - وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بخصوص ما يدعيه من بطلان القبض عليه واستجوابه وتكليفه بالإرشاد عن المسروقات لحصول هذه الإجراءات خارج دائرة الاختصاص المكاني للشاهد وبغير إذن من النيابة العامة التي كانت قد تولت التحقيق، كما لم يثر شيئاً بخصوص بطلان اعترافه في التحقيقات فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة. هذا فضلاً عما هو مقرر من أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانواً، كما أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وغاية ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها.
3 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه.
4 - الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة أخرى للدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
6 - يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه،
7 - قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية،
8 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج،
9 - من المقرر في صحيح القانون بأنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإعداد له وإعمال الخطة في إنفاذه.
10 - وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه - المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً قاتلاً "سكين" وانتهز فرصة وجود المجني عليه في السيارة قيادته وخلو الطريق من المارة فانهال عليه طعناً بالسكين قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وفي الطريق الموصل إلى برمبال القديمة سرق النقود والمنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر حالة كونه يحمل سلاحاً ظاهراً "سكين" وكان ذلك ليلاً وبإحدى وسائل النقل البرية الأمر المعاقب عليه بالمادة 315/ ثالثاً من قانون العقوبات، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قررت بتاريخ 20 مايو سنة 1981 إحالة أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية وحددت للنطق بالحكم جلسة 20 يونيه سنة 1981 وبالجلسة الأخيرة قضي حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية سرقة بإحدى وسائل النقل البرية في طريق عام ليلاً مع حمل سلاح قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم عول في قضائه بالإدانة على أقول المقدم.... مع أن أقواله في التحقيقات سمعت في غيبة الطاعن الذي كان محبوساً على ذمة القضية فضلاً عن أن الإجراءات التي اتخذها هذا الشاهد قبل الطاعن من قبض واستجواب وتكليف بالإرشاد عن المسروقات قد اعتورها البطلان لوقوعها خارج دائرة اختصاصه المكاني ودون إذن من النيابة العامة التي كانت قد تولت التحقيق في الدعوى قبل اتخاذ تلك الإجراءات، كما عول الحكم على اعتراف الطاعن في التحقيقات على حين أنه كان وليد تلك الإجراءات الباطلة، وأورد الحكم في بيانه للواقعة أن الطاعن لاحظ وجود أمتعه ونقود مع المجني عليه فبيت النية على قتله والاستيلاء على ما معه وعرج على منزله حيث أحضر السكين المستعمل في الحادث وباغت المجني عليه الذي كان قد حل به التعب وانهال عليه طعناً بالسكين وهو إلى جواره داخل السيارة، في حين أنه لم يثبت من الأوراق أن المجني عليه كان يحمل نقوداً وبفرض أنه كان يحملها فإن الطاعن لم يشاهدها، كما خلت الأوراق من دليل على أن السكين المستعمل في الحادث كان مع الطاعن قبل اعتدائه على المجني عليه وأن هذا الاعتداء كان مباغتاً، كما أن وقوع الحادث داخل السيارة ينفيه ما ثبت من عدم وجود دماء بداخلها بل في الطريق حيث وجدت الجثة، واستدل الحكم على وقوع الحادث وفقاً للتصوير الذي اعتنقه من كون الإصابات بالجانب الأيسر بجسم المجني عليه في حين أنه من الطبيعي أن تكون الإصابات كذلك إذا استعمل الجاني يده اليمني وهو في مواجهة المجني عليه، هذا إلى أن الحكم أتى بوصف للسكين المستعمل في الحادث مع أن المحكمة لم تفض الحرز المحتوي على هذا السكين كيما تستطيع وصفه، وأخيراً فإن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار، ورد بما لا يسوغ على ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما مجمله أن المجني عليه الذي كان يعمل بإحدى الدول العربية عاد إلى البلاد عن طريق ميناء السويس حيث استقل وزميل له السيارة الأجرة قيادة الطاعن لتوصيل كل منهما إلى بلدته، وإذ لاحظ الطاعن أن المجني عليه يحمل نقوداً وأمتعة فقد بيت النية على قتله والاستيلاء على ما معه، ولما وصلوا إلى القاهرة بادر الطاعن إلى التخلص من الراكب الآخر بأن استأجر له سيارة تنقله إلى بلدته بينما توجه هو إلى منزله وأحضر منه سكيناً ثم اتجه بالسيارة قيادته يصحبه المجني عليه إلى بلدته وفي الطريق باغت المجني عليه وانهال عليه طعناً بالسكين حتى أجهز عليه ثم ألقى بجثته في الطريق واستولى على ما معه من نقود وأمتعة وقفل راجعاً إلى القاهرة، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستندة من أقوال كل من المقدم...... و...... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية وحصل الحكم أقوال الشاهدين واعتراف الطاعن في قوله "شهد المقدم.... بإدارة البحث الجنائي بالمنصورة أن تحرياته السرية دلت على أنه بتاريخ 31/ 1/ 1981 استقل المجني عليه هو والشاهد الثاني السيارة رقم 32457 أجرة القاهرة في نحو الساعة الخامسة مساء كي تقلهما من مدينة السويس إلى بلدة كل منهما وفي الطريق لاحظ المتهم وجود أوراق نقدية وأمتعة مع المجني عليه فبيت النية على قتله والاستيلاء على ما معه من أمتعة ونقود، وتنفيذاً لهذا الغرض باعد بين المجني عليه وزميله بأن استأجر للأخير في القاهرة سيارة أجرة كي توصله إلى بلدته واصطحب هو المجني عليه إلى منزله حيث أخذ منه سكيناً..... واستقل السيارة مع المجني عليه وفي الطريق باغت المجني عليه بالاعتداء وانهال عليه طعناً بالسكين التي معه إلى أن أجهز عليه ثم ألقى بجثته في الطريق واستولى على متاعه ونقوده، وقفل راجعاً إلى القاهرة حيث أخفى الأمتعة بشقة شقيقته وما أن تم ضبطه ومواجهته بالتحريات حتى اعترف بارتكاب الحادث تفصيلاً وأرشد عن المسروقات وأما المبالغ النقدية قد تبين أنه قد تصرف فيها وهي تشمل بالإضافة إلى ما كان يخص المجني عليه، مبالغ أخرى تخص بعض أهالي المنطقة الذين كانوا قد أرسلوها مع المجني عليه لتوصيلها إلى ذويهم وذلك حسبما جاء ببعض الخطابات التي وردت من الخارج..، وشهد... أنه كان في ذات الرحلة على المركب التي كان يستقلها المجني عليه إلى أن حلت بهما في السويس وخرجا سوياً من الجمرك حيث كان مع المجني عليه حقيبة مغلقة وكرتونتين وحصيرة فوق أحدهما فضلاً عن مروحة وحقيبة بلاستيك وعلم منه أنه عمل بالسعودية لمدة خمسة أشهر.
وأضاف أنه استقل مع المجني عليه المتهم لتوصيل كل منهما إلى بلدته، ولدى وصولهما القاهرة أخبره المتهم أنه متعب ثم أجر له سيارة أجرة أخرى أوصلته إلى بلدته.... مقرراً أنه ألح على المتهم في الرجاء كي يقوم بتوصيله هو لكنه رفض ذلك قائلاً أنه كان يحمل صرة قديمة بها غياره وتليفزيون 14 بوصة فضلاً عن حقيبة في حين أن أمتعة المجني عليه كانت عبارة عن حقيبة حمراء ذات مظهر نظيف وكرتونتين وحقيبة بلاستيك ومروحة وأن الناظر إلى الحقيبة لا بد أن يدخل في اعتقاده أنها تحوي أشياء ذات قيمة عما بداخل صرته، وقد اعترف المتهم تفصيلاً في تحقيقات النيابة أن المجني عليه والشاهد الثاني استقلا السيارة.... قيادته من السويس لتوصيل كل منهما إلى بلدته ولدى وصولهم إلى القاهرة استأجر للشاهد الثاني سيارة أخرى لتوصيله وصحب هو المجني عليه إلى منزله حيث مكث به بعض الوقت ثم استقلا سوياً سيارته في الثامنة والنصف مساء.... متوجهين إلى بلدة المجني عليه وفي الطريق انهال عليه طعناً بالسكين المضبوطة.... ثم تركه ملقى في مكانه وقفل عائداً بسيارته وبها أمتعة المجني عليه حيث أخفاها في بيت شقيقته..... كما أقر.... أنه غسل سيارته في اليوم الرابع التالي لوقوع الحادث "لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من سؤال الشاهد الأول بالتحقيقات في غيبته لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بخصوص ما يدعيه من بطلان القبض عليه واستجوابه وتكليفه بالإرشاد عن المسروقات لحصول هذه الإجراءات خارج دائرة الاختصاص المكاني للشاهد وبغير إذن من النيابة العامة التي كانت قد تولت التحقيق، كما لم يثر شيئاً بخصوص بطلان اعترافه في التحقيقات فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة. هذا فضلاً عما هو مقرر من أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا، كما أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وغاية ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها، وكان البين من مطالعة الأوراق والمفردات المضمومة أن الحادث وقع في حدود الاختصاص المكاني المشاهد الأول الذي استمر في التحري عنه بعد أن تولت النيابة العامة التحقيق وإذ كشفت تحرياته عن أن مرتكب الحادث هو الطاعن الذي اعترف له بذلك وأرشده عن المسروقات فقد سجل ذلك في محضر عرضه على النيابة العامة فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة للدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بشأن النقود التي أورد الحكم أن المجني عليه كان يحملها وإمكان رؤيته هو لهذه النقود وكذلك ما يثيره بشأن مصدر السكين المستخدم في الحادث والوضع الذي كان عليه المجني عليه عند قتله والمكان الذي قتل فيه، وما إذا كان داخل السيارة أم خارجها لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة والمفردات المضمومة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة فض الحرز المحتوي على السكين المستعمل في الحادث وأن ما أورده الحكم من وصف لهذا السكين يتفق مع الوصف الوارد بمعاينة النيابة العامة وبتقرير الصفة التشريحية فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار ودلل على توافرهما في حق الطاعن في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي ثابتة بيقين في الأوراق من تعدد الإصابات وتوجيهها إلى مقاتل من الجسم واستعمال آلة حادة (سكين) تحدث القتل، وأن المتهم لم يترك فريسته إلا بعد أن صارت جثة هامدة"، وفي قوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر....... إزاء ما هو ثابت في الأوراق من توافر الباعث لدى المتهم على ارتكاب جريمة القتل وهو الاستيلاء على أمتعة المجني عليه وما معه من نقود، وهو ما دفعه إلى التصميم على جريمة القتل ورتب لذلك خطوات جريمته فسلك بالمجني عليه وزميله طريقه إلى القاهرة وهناك زعم للشاهد الثاني أنه متعب ومكدود ثم أصر على استئجار سيارة أجرة أخرى لتوصيله رغم توسلات الأخير إليه أن يوصله....... وبذلك تمكن المتهم من المباعدة بين المجني عليه وزميله بعد أن لاح له من مظهر أمتعة المجني عليه أنها تحوي أشياء ذات قيمة عن تلك التي كان يحملها زميله ثم صحب المتهم المجني عليه إلى منزله وهناك مكث المتهم بعض الوقت حيث أبدل ملابسه وتناول إفطاره في المطبخ على حد ما قرره في التحقيقات وهو ما هيأ له أخذ سكين معه هي تلك التي استعملها في الإجهاز على المجني عليه..... وقد انتظر المتهم حتى حل التعب بالمجني عليه فباغته بالاعتداء عليه إلى أن أجهز عليه ثم قفل عائداً بأمتعة المجني عليه بعد أن استولى على كل ما معه من مبالغ نقدية...... وهو ما يقطع بأن المتهم خطط لجريمته في روية وهدوء وأقدم على تنفيذها خطوة خطوة حتى أنفذ مقصده..... بما يؤكد توافر ظرف سبق الإصرار". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم من قيام الباعث على القتل لدى الطاعن متمثلاً في رغبته في الاستيلاء على ما كان يحمله المجني عليه من أمتعه ونقود وتخطيطه للجريمة في روية وهدوء ثم تنفيذه لهذه الخطة على مراحل بدأت بالعمل على الانفراد بالمجني عليه عن طريق المباعدة بينه وبين رفيقه في السفر الذي استأجر له الطاعن سيارة أخرى تنقله إلى بلدته ثم ذهاب الطاعن بعد ذلك إلى منزله ومكوثه به فترة قام خلالها بإعداد السكين الذي اختاره أداة للقتل، ثم مباغتته المجني عليه بالاعتداء عليه بالسكين عندما تهيأت الفرصة لذلك أثناء الطريق، وتوجيه الضربات إلى مقاتل من جسم المجني عليه وموالاة الاعتداء عليه إلى أن فارق الحياة، ما يكفي في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإعداد له وإعمال الخطة في إنفاذه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن فإنه لا يكون هناك محل لما يثيره بشأن الدفاع الشرعي. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس فيتعين رفضه موضوعاً..
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه - المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية سرقة بإحدى وسائل النقل البرية في طريق عام ليلاً مع حمل سلاح التي دين بها المحكوم عله بالإعدام، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه..

الطعن 879 لسنة 52 ق جلسة 6/ 4/ 1982 مكتب فني 33 ق 89 ص 438

جلسة 6 من إبريل سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد وكمال المتينى.

--------------------

(89)
الطعن رقم 879 لسنة 52 القضائية

ترخيص. بناء. عقوبة "العقوبة التكميلية" "تطبيقها". حكم "تسبيبه تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها".
الحكم بالإدانة في جريمة إقامة بناء بدون ترخيص. قضاؤه بإزالة البناء المخالف لأحكام القانون يمتنع معه الإلزام بسداد ضعف رسوم الترخيص. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون وجوب تصحيحه.

----------------------
لما كان القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - إذ نص في المادة 22 منه - على أن "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب كل من يخالف أحكام المواد 4، 5، 7، 8، 9، 11 و12، 13، 20 من هذا القانون، كما يعاقب كل من يخالف أحكام لائحته التنفيذية أو القرارات الصادرة تنفيذاً له بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويجب الحكم فضلاً عن ذلك بإزالة أو تصحيح أو استكمال الأعمال المخالفة بما يجعلها متفقة مع أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له وذلك فيما لم يصدر في شأنه قرار نهائي من اللجنة المختصة. فإذا كانت المخالفة متعلقة بالقيام بالأعمال بدون ترخيص ولم يتقرر إزالتها فيحكم على المخالف بضعف الرسوم المقررة...." - قد فرض عقوبات الحبس أو الغرامة وسداد رسوم الترخيص عن إقامة البناء دون ترخيص على أن لا يقضى بالعقوبة الأخيرة إذا ما قضي بعقوبة الإزالة لمخالفة البناء لأحكام القانون، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبة سداد ضعف رسوم الترخيص رغم قضائه بعقوبة الإزالة لمخالفة البناء لأحكام القانون يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضي به من عقوبة سداد ضعف رسوم الترخيص عملاً بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض..


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه قام بإنشاء مباني بالعقار الخاص به دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 156 لسنة 1976... ومحكمة جنح العرب قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات وهدم الأعمال المخالفة وأداء ضعف رسوم الترخيص.. عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه.. فاستأنف، ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف..
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إقامة بناء بدون ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قضى بعقوبة سداد ضعف رسوم الترخيص رغم قضائه بإزالة الأعمال موضوع المخالفة مما يعيبه بما يستوجب نقضه..
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المطعون ضده أقام في يوم 4 من فبراير سنة 1978 بناء حجرة في الفناء المخصص لإنارة وتهوية المبنى بالمخالفة لأحكام القانون وبدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، لما كان ذلك، وكان القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - إذ نص في المادة 22 منه - على أن "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب كل من يخالف أحكام المواد 4، 5، 7، 8، 9، 11 و12 و13، 20 من هذا القانون، كما يعاقب كل من يخالف أحكام لائحته التنفيذية أو القرارات الصادرة تنفيذاً له بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويجب الحكم فضلاً عن ذلك بإزالة أو تصحيح أو استكمال الأعمال المخالفة بما يجعلها متفقة مع أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له وذلك فيما لم يصدر في شأنه قرار نهائي من اللجنة المختصة. فإذا كانت المخالفة متعلقة بالقيام بالأعمال بدون ترخيص ولم يتقرر إزالتها فيحكم على المخالف بضعف الرسوم المقررة...." - قد فرض عقوبات الحبس أو الغرامة وسداد ضعف رسوم الترخيص عن إقامة البناء دون ترخيص على أن لا يقضى بالعقوبة الأخيرة إذا ما قضي بعقوبة الإزالة لمخالفة البناء لأحكام القانون، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبة سداد ضعف رسوم الترخيص رغم قضائه بعقوبة الإزالة لمخالفة البناء لأحكام القانون يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضي به من عقوبة سداد ضعف رسوم الترخيص عملاً بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض..

الطعن 867 لسنة 52 ق جلسة 31/ 3/ 1982 مكتب فني 33 ق 86 ص 423

جلسة 31 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان وحسين كامل حنفي ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي.

-------------------

(86)
الطعن رقم 867 لسنة 52 القضائية

1 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" إثبات "بوجه عام" "شهود" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة النقض في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما عداها.
2 - إثبات "بوجه عام" "قرائن" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط أن يكون الدليل صريحاً. دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها كتابة أن يكون ثبوتها فيه بطريق الاستنتاج من الظروف والقرائن.
3 - حق محكمة الموضوع في الجزم بما لم يجزم به الخبير.
4 - قتل عمد "قصد جنائي". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره.
5 - قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
استخلاص نية القتل. موضوعي.
6 - أعذار قضائية. عقوبة "تخفيفها".
حالات الإثارة أو الاستقرار الغضب أعذار قضائية مخففة لا تنفي نية القتل. أثر ذلك؟
7 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
البيان المعول عليه في الحكم. هو ما يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره. إفاضة الحكم في بيان استبعاده ظرف سبق الإصرار. وقوله في معرض وصف الفعل الذي فارقته الطاعنة أنها أعدت لذلك سكيناً دون أن يؤثر ذلك في منطقه ودون أن تكون أسبابه متناقضة. خطأ مادي لا يعيبه.

----------------
1 - لما كان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقع الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب الناتج على المقدمات.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لها.
4 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.
5 - استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكولاً إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً.
6 - لما كانت حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب لا تنفي نية القتل، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجاني وبين كونه قد ارتكب فعلته تحت تأثير أي من هذه الحالات وإن عدت أعذاراً قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض، فإن ما تثيره الطاعنة من أن ما ذكره الحكم من حدوث مشادة بينها وبين المجني عليه قبيل الحادث مباشرة ينفي توافر نية القتل يكون غير سديد.
7 - لما كان من المقرر أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجية عن سياق هذا الاقتناع، فإن ما استطرد إليه الحكم بعد أن استوفى دليله في إثبات فعل القتل العمد بغير سبق إصرار وبعد أن أفاض في أسباب استبعاد هذا الظرف - من قوله في معرض وصف الفعل الذي قارفته الطاعنة أنها بيتت النية على قتل المجني عليه وأعدت لذلك سكيناً يكون سهواً وخطأً مادياً غير مؤثراً لا يمس منطق الحكم ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: قتلت زوجها.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتت النية على قتله وأعدت لذلك جوهراً ساماً (مركب فسفوري كبريتي عضوي) وآلة حادة قاطعة (سكين) وما أن ظفرت به حتى دست له المادة السامة فتناولها وانهالت عليه طعناً بالسكين قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبتها بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة القتل العمد قد شابه فساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب، ذلك بأنه عول في قضائه بإدانتها على قرائن استنتاجية مؤداها أن الطاعنة والمجني عليه كانا بمفردهما في مسكنهما وكان مغلقاً عليهما من الداخل وإنما كانت مضطربة وقميصها ملطخ بالدماء عندما توجهت لجيرانها لتخبرهم بانتحار زوجها وأن تقرير الصفة التشريحية استبعد إمكان ضرب المجني عليه لنفسه لعدم ظهور اهتزازات في الجروح، وما تساند إليه الحكم لا يفيد ثبوت الواقعة ويدحضه أن الطاعنة هي التي استنجدت بجيرانها وصحبت زوجها المجني عليه إلى المستشفى لمحاولة إنقاذه وأنها لم تكن على خلاف معه وأنه كان في ضائقة مالية، كما أن تقرير الصفة التشريحية وإن استبعد إحداث المجني عليه إصاباته بنفسه إلا أنه لم يجزم بذلك، هذا إلى أن ما ساقه الحكم في بيان نية القتل لا تكفي لإثبات توافرها كما أن ما ذكره من حدوث مشادة بين الطاعنة وزوجها قبيل الحادث مباشرة ينفي توافر نية القتل، هذا فضلاً عن أنه بعد أن نفى ظرف سبق الإصرار خلص في أسبابه إلى أن الطاعنة بيتت النية على قتل المجني عليه وأعدت لذلك سكيناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في ليلة..... كانت..... (الطاعنة) بصحبة زوجها المجني عليه..... وتناولا عشاءهما في منزل والد هذا الأخير ثم عادا إلى غرفة مسكنهما المستقلة في منزل... وفي الهزيع الأخير من الدليل قامت بينهما مشادة استلت على أثرها سكيناً من تلك التي تستعملها في منزلها وطعنته بها بشدة بأيمن رقبته وإذ أمسك بتلابيبها مدافعاً عن حياته عاجلته بطعنة أخرى بأسفل مقدم رقبته. فخارت قواه بعد أن نزفت دماؤه وأصبح في غيبوبة فقامت بسكب بعض من مبيد حشري في فمه لتجهز عليه وليظهر الحادث وكأن المجني عليه قد انتحر بهذا السائل المميت ثم خرجت بعد ذلك وقد لطخت دماء المجني عليه قميص نومها من قبل ودبر مستنجدة بجارها.... وأبلغته بأن زوجها يتقيأ دماً وقد نقل هذا الأخير المجني عليه إلى المستشفى المركزي بإمبابة إلا أن روح المجني عليه فاضت إلى بارئها بعد ربع ساعة من وصوله المستشفى" وساق الحكم في التدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال الشهود ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وأقوال الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة ومما قررته الطاعنة بالتحقيقات وبمحضر الجلسة، وبعد أن أورد الحكم مؤدى هذه الأدلة عرض لإنكار الطاعنة وتصويرها الحادث بأنه انتحار وأطرحه لأسباب حاصلها أن الطاعنة قررت في التحقيقات وبالجلسة أنها كانت مع زوجها المجني عليه وحدهما في حجرتهما المغلقة عليهما من الداخل وعدم استطاعة أحد غيرهما الوصول إليها وأن وجود سحجات ظفرية بكل منهما يشير إلى حدوث تماسك بينهما وأنها ظهرت مضطربة بملابس النوم ملطخة بالدماء إثر الحادث وأن تقرير الصفة التشريحية والطبيب الشرعي بالجلسة قد استبعد حصول الإصابتين اللتين أودتا بحياة المجني عليه بفعل يده وأن المادة السامة التي وجدت بالمجني عليه أعطيت له أثناء احتضاره. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقع الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على أن الطاعنة هي التي قتلت زوجها عمداً، وكان هذا الذي استخلصه الحكم واستقر في عقيدته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا يتعارض مع ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية وما شهد به الطبيب الشرعي بالجلسة وهو ما لا تمارى الطاعنة في أن له مأخذه الصحيح في الأوراق إذ لم ينف التقرير المذكور وكذا شهادة الطبيب الشرعي بالجلسة هذا التصوير الذي اعتنقه الحكم، ولا ينال من ذلك أن الطبيب الشرعي سواء في تقريره المكتوب أو في شهادته بالجلسة لم يقطع بهذا التصوير إذ من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لها - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهمة من ظروف الدعوى وملابساتها من استعمالها آلة قاتلة بطبيعتها "سكين" ومن تعدد الطعنات التي كالتها للمجني عليه وكونها في مقتل فضلاً عن سكبها لمادة المبيد الحشري في فمه أثناء الاحتضار تأكيداً منها لتلك النية" وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكولاً إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً. وكان الحكم قد دلل - فيما سلف بيانه - على قيام هذه النية تدليلاً كافياً، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في بيان تلك النية. لما كان ذلك وكانت حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب لا تنفي نية القتل، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجاني وبين كونه قد ارتكب فعلته تحت تأثير أي من هذه الحالات وإن عدت أعذاراً قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض، فإن ما تثيره الطاعنة من أن ما ذكره الحكم من حدوث مشادة بينها وبين المجني عليه قبيل الحادث مباشرة ينفى توافر نية القتل يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجية عن سياق هذا الاقتناع، فإن ما استطرد إليه الحكم بعد أن استوفى دليله في إثبات فعل القتل العمد بغير سبق إصرار وبعد أن أفاض في أسباب استبعاد هذا الظرف - من قوله في معرض وصف الفعل الذي قارفته الطاعنة أنها بيتت النية على قتل المجني عليه وأعدت لذلك سكيناً يكون سهواً وخطأ مادياً غير مؤثر لا يمس منطق الحكم ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله، ويكون منعى الطاعنة في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1001 لسنة 52 ق جلسة 30/ 3/ 1982 مكتب فني 33 ق 85 ص 420

جلسة 30 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا وكمال المتينى.

------------------

(85)
الطعن رقم 1001 لسنة 52 القضائية

قانون "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". عقوبة "تطبيقها". مصادرة.
وجوب الحكم بمصادرة اللحوم المضبوطة في جريمة عرض لحوم مذبوحة خارج السلخانة. أساس ذلك؟

--------------------
وإن كانت المادة 143 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المنطبقة على واقعة الدعوى لم تنص على مصادرة اللحوم موضوع الجريمة إلا أن المادة 149 الواردة في نهاية الباب الثالث من الكتاب الثاني من ذات القانون وهو الباب الذي وردت به المادة 143 قد نصت على أنه "لا تخل أحكام هذا الباب بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو غيره من القوانين". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 في شأن التموين قد نصت على وجوب الحكم بمصادرة اللحوم موضوع المخالفة - وكان الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بجريمة عرض لحوم مذبوحة خارج السلخانة للبيع قد قضى بتغريمه دون أن يقضي بمصادرة اللحوم المضبوطة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالقضاء بمصادرة اللحوم المضبوطة عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض..


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: (1) قلد خاتم سلخانة مجزر المنيا التابعة لإحدى مصالح الحكومة على الوجه المبين بالمحضر.. (2) استعمل الخاتم المقلد سالف الذكر مع علمه بتقليده، بأن بصم به اللحوم المضبوطة.. (3) عرض للبيع لحوم مذبوحة خارج السلخانة، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 306/ 3 من قانون العقوبات، والمادتين 137/ 1 و143 من القانون رقم 53 لسنة 1966 والمادة 12 من قرار الزراعة رقم 45 لسنة 1967، فقرر بذلك... ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً بمعاقبة المتهم المطعون ضده بتغريمه ثلاثين جنيهاً عن التهمة الثالثة وبراءته من التهمتين الأولى والثانية عملاً بنص المواد 136 و143/ و من القانون رقم 53 لسنة 1966، 13 من قرار وزير الزراعة رقم 45 لسنة 1967..
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون..
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة عرض لحوم مذبوحة خارج السلخانة للبيع دون أن يقضي بمصادرة اللحوم المضبوطة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 149 من القانون رقم 53 لسنة 1966 الواردة في نهاية الباب الثالث من الكتاب الثاني من القانون وهو الباب الذي وردت به المادة 143 التي تنطبق على واقعة الدعوى قد نصت على أنه لا تخل أحكام هذا الباب بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو غيره من القوانين ومن ثم فإن عقوبة المصادرة المنصوص عليها في المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 تظل واجبة التطبيق..
وحيث إنه وإن كانت المادة 143 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المنطبقة على واقعة الدعوى لم تنص على مصادرة اللحوم موضوع الجريمة إلا أن المادة 149 الواردة في نهاية الباب الثالث من الكتاب الثاني من ذات القانون وهو الباب الذي وردت به المادة 143 قد نصت على أنه "لا تخل أحكام هذا الباب بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو غيره من القوانين". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 في شأن التموين قد نصت على وجوب الحكم بمصادرة اللحوم موضوع المخالفة - وكان الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بجريمة عرض لحوم مذبوحة خارج السلخانة للبيع قد قضى بتغريمه دون أن يقضي بمصادرة اللحوم المضبوطة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالقضاء بمصادرة اللحوم المضبوطة عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض..