الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 يونيو 2020

الطعن 1169 لسنة 35 ق جلسة 15/ 11/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 163 ص 852


جلسة 15 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمود عباس العمراوي.
---------------
(163)
الطعن رقم 1169 لسنة 35 القضائية

(1) دفوع. تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". بطلان. محكمة الموضوع. مواد مخدرة.
الدفع ببطلان إجراءات التفتيش. دفع موضوعي يختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. الدفع به في محضر سماع أقوال المتهم وأمام مستشار الإحالة لا يكفي.
)ب) تفتيش. "إذن التفتيش". " إصداره". دفوع. محكمة الموضوع. 
عدم إرفاق أصل محضر التحريات وإذن التفتيش ملف الدعوى. لا يفيد حتماً عدم وجود المحضر أو سبق صدور الإذن.
عدم منازعة الطاعن أمام محكمة الموضوع في صدور الإذن. ليس له المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.

-------------
1 - إذا كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان إجراءات التفتيش لعدم صدور إذن به من الجهة المختصة أو لأن الضابط الذي أجراه قد تجاوز حدود الإذن الصادر بتفتيش الطاعن ومسكنه بحثاً عن أسلحة وذخيرة غير مرخص بها ففض ورقة صغيرة ليس في مظهرها ما ينبئ عن اشتمالها على شيء من ذلك أو عن قيام حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر ولم يكن تخلي الطاعن عنها طواعية واختياراً بل كان تلبية لأمر الضابط له لبسط قبضة يده، ولم يتخذ من هذه الأسس التي يتحدث عنها في وجه الطعن ولا من أي أساس آخر دونها سبيلاً لإبطال ما تم من إجراءات التفتيش فإنه لا يقبل منه إثارة الدفع ببطلانها لأول مرة أمام محكمة النقض باعتبار أن هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي تختلط بالواقع ويقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به، ولا يغير من ذلك افتراض صحة ما يثيره الطاعن من أنه قد تمسك بهذا الدفع في محضر سماع أقواله وأمام مستشار الإحالة ما دام الثابت أنه لم يثره على أي وجه من الوجوه خلافاً لما يدعيه في طعنه أمام محكمة الموضوع.
2 - من المقرر أن عدم إرفاق أصل كل من محضر التحريات وإذن التفتيش بملف الدعوى لا يفيد حتماً عدم وجود المحضر أو سبق صدور الإذن. ولما كان الثابت من الرجوع إلى محضر المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في صدور الإذن أمام محكمة الموضوع ولم يطلب إليها ضم أصل محضر التحريات أو الأمر الصادر بالتفتيش ولم يتعرض البتة لصورتيهما المرفقتين بالأوراق أو يدعى عدم مطابقتهما للأصل المأخوذتين عنه - فإنه لا يسوغ له من بعد المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26/ 8/ 1963 بدائرة بندر ههيا محافظة الشرقية: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول المرفق. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً في 5 أبريل سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي قد بنى على إجراءات باطلة وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي تحصيل الواقعة وشابه قصور في التسبيب إذ أنه وقد خلت أوراق الدعوى من أصل إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة وأصل محضر التحريات الذي بنى عليه فإنه يبطل كل ما تم من إجراءات التفتيش لعدم صدور إذن به من الجهة المختصة ولا يغير من ذلك ما اشتملت عليه تلك الأوراق من صورة لكل من المحضر والإذن مذيلة بتوقيع غير مقروء دون بيان لصفة صاحبه ما دام أن الثابت من مراجعة تحقيقات النيابة أنه ورد بصدرها ما يفيد توقيع وكيل النيابة المحقق على أوراق أصلية وليست صوراً، هذا بالإضافة إلى أنه مع التسليم بصدور أمر من النيابة بالتفتيش لضبط أسلحة وذخيرة فإن مأمور الضبط القضائي يكون قد تجاوز حدود الإذن لا يستلزم تنفيذه فض ورقة صغيرة ليس في مظهرها ما ينبئ عن اشتمالها على سلاح أو ذخيرة ولا تبدو من ثناياها قطعة المخدر بما تنشأ به حالة التلبس التي تبرر اتخاذ مثل ذلك الإجراء الذي دفع الطاعن بمحضر سماع الأقوال المؤرخ 28 من سبتمبر سنة 1963 وأمام مستشار الإحالة وفي ثنايا مرافعته بالجلسة ببطلانه ولم تعرض المحكمة في حكمها لهذا الدفع ولم تناقشه بما يثبته أو ينفيه، وفضلاً عن كل ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه صور الواقعة بما يفيد أن ضبط المخدر كان نتيجة لتخلي الطاعن طواعية عن الورقة التي تضمه في حين أن المستفاد من أقوال شاهدي الإثبات بالتحقيق وبجلسة المحاكمة أن تلك الورقة لم تهو من يد الطاعن إلا بعد أن أمره الضابط ببسطها، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويبطله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنها تتحصل في أن الملازم أول عصام أحمد عويس ضابط مباحث مركز ههيا قد علم من التحريات السرية أن المتهم محمود سرحان السيد من بندر ههيا يحرز أسلحة وذخائر بدون ترخيص فاستصدر بتاريخ 26/ 8/ 1963 إذناً من النيابة بتفتيشه وتفتيش مسكنه لضبط ما يحوزه من أسلحة نارية أو ذخائر غير مرخص بها وفي مساء نفس اليوم توجه بصحبة المخبر محمد عطية البوصى إلى منزل المتم المذكور فوجدا بابه مفتوحاً فدلفا إلى داخله حيث وجد المتهم بمفرده بحجرة بالطابق الأرضي على يمين الداخل وكان جالساً على الأرض ومن خلف أريكة خشبية متكئاً عليها وأمامه موقد من الحجر كانت نيرانه مطفأة وعليه قطعة من الحجر (بلاطة) وباكو معسل مفتوحاً وماشة وحجر جوزة وكانت الجوزة موضوعة على الأرض يسار المتهم وبعد أن أفهمه شخصيته والمهمة التي قدم من أجلها شرع في إجراءات التفتيش مبتدئاً بالأريكة التي كان المتهم يجلس أمامها، وعندما بادر والشاهد الثاني رفع حشية تلك الأريكة التي كان المتهم يجلس أمامها أبصر بالمتهم يضع يده بسرعة أسفلها - أي أسفل الحشية - ويلتقط شيئاً في يده وظهر عليه الاضطراب ولما سأله عما في يده ألقى بها على الأرض فالتقطه الضابط فوجده لفافة من ورق السلوفان بداخلها قطعة من مادة الحشيش فواجه المتهم بها فأنكر حيازتها فضبطها الضابط كما ضبط الأدوات سالفة الذكر، ثم قام الضابط بتفتيش المتهم وباقي المنزل بحثاً عن أسلحة وذخائر غير مرخصة حسبما تدون بالمحضر وذكر الضابط أن المتهم يتعاطى الحشيش وأنه أخبر أن الحجرتين اللتين فتشهما خاصتان به، واعترف المتهم أمام النيابة أن الجوزة والحجر والموقد والماشة والمعسل خاصة به وأنه يستعملهما كما اعترف أن الحجرتين بالطابق الأرضي اللتين فتشتا خاصتان به، وأن ولده متزوج ويختص بحجرة في الطابق العلوي". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة بالصورة المتقدمة في حق الطاعن أدلة مستقاة من شهادة كل من الملازم أول عصام أحمد عويس والشرطي محمد عطية البوصى وتقرير المعمل الكيماوي. وبعد أن أورد مؤدى كل دليل من هذه الأدلة عرض لما أبداه المدافع عن الطاعن بجلسة المحاكمة من أوجه الدفاع ورد عليه بما ينفيه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه صدر بالفعل إذن من النيابة المختصة بناء على التحريات التي أجراها ضابط المباحث بتفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه لضبط ما يحوزه من أسلحة نارية غير مرخص بها وذخيرة مما يستعمل فيها، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان إجراءات التفتيش لعدم صدور إذن به من الجهة المختصة أو لأن الضابط الذي أجراه قد تجاوز حدود الإذن الصادر بتفتيش الطاعن ومسكنه بحثاً عن أسلحة وذخيرة غير مرخص بها ففض ورقة صغيرة ليس في مظهرها ما ينبئ عن اشتمالها على شيء من ذلك أو عن قيام حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر ولم يكن تخلي الطاعن عنها طواعية واختياراً بل كان تلبية لأمر الضابط له لبسط قبضة يده، ولم يتخذ من هذه الأسس التي يتحدث عنها في وجه الطعن ولا من أي أساس آخر دونها سبيلاً لإبطال ما تم من إجراءات التفتيش، فإنه لا يقبل منه إثارة الدفع ببطلانها لأول مرة أمام محكمة النقض باعتبار أن هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي تختلط بالواقع ويقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لهذه المحكمة به، ولا يغير من ذلك افتراض صحة ما يثيره الطاعن من أنه قد تمسك بهذا الدفع في محضر سماع أقواله المؤرخ 28 من سبتمبر سنة 1963 وأمام مستشار الإحالة ما دام الثابت أنه لم يثره على أي وجه من الوجوه خلافاً لما يدعيه في طعنه أمام محكمة الموضوع. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن عدم إرفاق أصل كل من محضر التحريات وإذن التفتيش بملف الدعوى لا يفيد حتماً عدم وجود المحضر أو سبق صدور الإذن، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في صدور الإذن أمام محكمة الموضوع ولم يطلب إليها ضم أصل محضر التحريات أو الأمر الصادر بالتفتيش ولم يتعرض البتة لصورتهما المرفقتين بالأوراق أو يدعى عدم مطابقتهما للأصل المأخوذتين عنه - فإنه لا يسوغ له من بعد المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه استخلاصاً من أقوال ضابط المباحث والشرطي محمد عطية بالتحقيقات وبالجلسة هي أن الضابط وجد الطاعن المأذون بتفتيشه وتفتيش مسكنه بحثاً عن أسلحة وذخيرة جالساً على الأرض ومن خلفه أريكة خشبية يتكئ عليها وأمامه أدوات التدخين وما أن شرع الضابط في إجراء التفتيش وبدأ بمعاونة مرافقه في رفع حشية تلك الأريكة حتى أبصر الطاعن يدس يده وهو مضطرب في سرعة خاطفة أسفل الحشية ويلتقط شيئاً فسأله الضابط عما في يده فألقى به أرضاً فالتقطه وألقاه لفافة من ورق السلوفان بداخلها قطعة من مادة الحشيش فضبطها كما ضبط أدوات التدخين التي ثبت من التحليل أن بعضاً منها يحتوى على آثار لتلك المادة. ولما كانت الواقعة بهذه الصورة تفيد حصول تخلي الطاعن عن اللفافة المحتوية على المخدر طواعية واختياراً وأن هذا التخلي لم يكن نتيجة إجراء غير مشروع من جانب الضابط إذ أن من حقه في مثل صورة هذه الدعوى إزاء ما بدا من الطاعن المأذون بتفتيشه واستناداً إلى الأفعال التي أتاها والمظاهر التي أحاطت به أن يستفسر منه عن ماهية الشيء الذي التقطه خلسة وأخفاه في يده دون أن يعتبر ذلك منه تعرضاً لشخصه أو أن يتخذ منه ذريعة لإزالة الأثر القانوني المترتب على تخليه الصحيح عن المخدر الذي إنما ألقاه طواعية لما أن أيقن أن الضابط شهد محاولته التقاطه واكتشف سعيه وراء اخفائه، ومن ثم فإنه لا موجب - وقد عثر الضابط على المخدر بغير طريق التفتيش وبعد أن ألقاه المتهم باختياره - للبحث في أمر التفتيش وما إذا كان الضابط قد تجاوز حدوده وخرج على مقتضيات تنفيذه، ولا يقبل من بعد من الطاعن التنصل من تبعة إحراز المخدر سواء في ذلك أظهر من الورقة التي ألقاها أم أنه لم يظهر.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون ما يثيره الطاعن في وجه طعنه لا سند له من القانون ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعاً.

الطعن 367 لسنة 35 ق جلسة 2/ 11/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 151 ص 795


جلسة 2 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وجمال المرصفاوي، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.
-----------------
(151)
الطعن رقم 367 لسنة 35 القضائية

(أ، ب، ج) دفوع. دعوى مدنية . "قبولها". دعوى جنائية. "تحريكها". "سقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي". نظام عام. نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها". دعوى إشهار الإفلاس. شيك بدون رصيد.
(أ) الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. من الدفوع الجوهرية. على المحكمة التصدي له عند إبدائه. عدم تعلقه بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(ب) الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي. عدم تعلقه بالنظام العام. سقوطه بعدم إبدائه قبل الخوض في الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي لا يسقط إلا إذا كانت دعواه المدنية متحدة مع تلك التي يريد إثارتها أمام المحكمة الجنائية. مثال.
(د) شيك بدون رصيد. جريمة.
الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه، لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد. ما دام الساحب لم يسترده من المجني عليه. الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة.
(هـ) ارتباط. نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها".
الارتباط بين الجرائم. مسألة موضوعية. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

-------------
1 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها، إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي ليس من النظام العام لتعلقه بالدعوى المدنية التي تحمى صوالح خاصة فهو يسقط بعدم إبدائه قبل الخوض في موضوع الدعوى ولا يجوز من باب أولى أن يدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - الأصل أن حق المدعي بالحقوق المدنية في الخيار لا يسقط إلا إذا كانت دعواه المدنية متحدة مع تلك التي يريد إثارتها أمام المحكمة الجنائية. ولما كانت دعوى إشهار الإفلاس تختلف موضوعاً وسبباً عن دعوى التعويض عن جنحة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم - موضوع الدعوى المطروحة - إذ تستند الأولى إلى حالة التوقف عن دفع الديون وتستند الثانية إلى الضرر الناشئ عن الجريمة لا عن المطالبة بقيمة الدين محل الشيك. وكان الطاعن (المتهم) لا يدعي بأن المدعية بالحقوق المدنية قد أقامت دعواها المدنية ابتداء أمام المحاكم المدنية تأسيساً على المطالبة بتعويض الضرر عن الجريمة المذكورة. فإن الدفع بسقوط حق المدعية بالحقوق المدنية في اللجوء إلى الطريق الجنائي لسلوكها الطريق المدني يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أن الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن ساحب الشيك لم يسترده من المجني عليه. كما أن الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة.
5 - الأصل أن الارتباط بين الجرائم من المسائل الموضوعية التي تدخل في تقدير وقائع الدعوى فلا تسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع
أقامت المدعية بالحق المدني (الشركة المتحدة للغزل والنسيج) هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة بندر المحلة الكبرى ضد الطاعن متهمة إياه بأنه في يوم 13/ 10/ 1962 بدائرة بندر المحلة الكبرى أعطى لممثلها القانوني شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادة 337 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع لها قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بتاريخ 4/ 9/ 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات المدنية وجنيهين مقابل أتعاب المحاماة. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 29/ 1/ 1964 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 14/ 9/ 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 21/ 12/ 1964 بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الثاني والشق الثاني من الوجه الرابع هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن كان قد دفع بوفاء الدين الذي أعطى عنه الشيك ورمى من هذا الدفاع إلى الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية التي أقامتها الشركة المدعية بالحقوق المدنية لعدم توافر ركن الضرر فيها الأمر الذي يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية التي حركتها الدعوى المدنية غير المقبولة. كما دفع الطاعن بأن الشركة المدعية بالحقوق المدنية سبق أن أقامت ضده دعوى إشهار إفلاس قضى فيها بإشهار إفلاسه وبين حكم الإفلاس الوقت الذي وقف فيه عن دفع ديونه في تاريخ سابق على استحقاق الشيك وقد قصد الطاعن من هذا الدفاع إلى المدعية بالحقوق المدنية قد سلكت الطريق المدني فلا تملك أن تلجأ إلى الطريق الجنائي، ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع أو يرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من أوراق الطعن أن شركة النصر للغزل الرفيع بدمياط التي أعطى لها الشيك كلفت الطاعن الحضور أمام المحكمة الجنائية بالطريق المباشر وطلبت إلزامه قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت وذلك عن جريمة إعطائها شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب الأمر المعاقب عليه بالمادة 337 من قانون العقوبات. ويبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة ومدونات الحكم المطعون فيه والمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن الطاعن لم يتمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أو بسقوط حق الشركة المدعية بالحقوق المدنية في اختيار الطريق الجنائي لاختيارها الالتجاء إلى المحكمة المدنية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها، إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. كما أن الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي هو بدوره ليس من النظام العام لتعلقه بالدعوى المدنية التي تحمى صوالح خاصة فهو يسقط بعدم إبدائه قبل الخوض في موضوع الدعوى ولا يجوز من باب أولى أن يدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن دعوى إشهار الإفلاس تختلف موضوعاً وسبباً - عن دعوى التعويض عن جنحة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم. موضوع الدعوى المطروحة. إذ تستند الأولى إلى حالة التوقف عن دفع الديون وتستند الثانية إلى الضرر الناشئ عن الجريمة لا عن المطالبة بقيمة الدين محل الشيك، والطاعن لا يدعي بأن المدعية بالحقوق المدنية قد أقامت دعواها المدنية ابتداء وأمام المحاكم المدنية تأسيساً على المطالبة بتعويض الضرر عن الجريمة المذكورة. والأصل أن حق المدعي بالحقوق المدنية في الخيار لا يسقط إلا إذا كانت دعواه المدنية متحدة مع تلك التي يريد إثارتها أمام المحكمة الجنائية، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث والشق الأول من الوجه الرابع هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن كان قد دفع بوفاء قيمة الشيك للشركة المدعية بالحقوق المدنية التي أعطاه لها واستدل على ذلك بتقديم كشف حساب صادر منها في تاريخ لاحق على تاريخ استحقاق الشيك يفيد مديونيتها له كما استند أيضاً إلى قبول الشركة التعامل معه بعد تاريخ استحقاق الشيك وطلب الحكم بندب خبير لفحص حسابه بدفاتر الشركة، ولكن الحكم رد على هذا الدفاع بأن الطاعن لم يسترد الشيك من الشركة وهو قول لا يصلح رداً على دفاعه المستند إلى الوفاء.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ورد على دفاع الطاعن في قوله "لو صح أن قيمة الشيك المذكور قد حصلت لكان المتهم (الطاعن) قد بادر بسحب الشيك دون تركه بيد الشركة الدائنة الأمر الذي لا ترى معه المحكمة محلاً لإجابة المتهم إلى طلب ندب خبير حسابي بمكتب الخبراء ليطلع على حسابات تلك الشركة ومعرفة ما إذا كان الشيك قد سدد من عدمه". وهذا الذي ذهب إليه الحكم صحيح في القانون ذلك، بأنه من المقرر أن الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه بفرض صحته لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن ساحب الشيك لم يسترده من المجني عليه. كما أن الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين أن العلة في عدم إجابة طلب الطاعن بندب خبير لفحص حسابه لدى الشركة هي عدم استرداده للشيك بما يفيد عدم تحصيله فلا على المحكمة إذا هى أعرضت عن إجابة الطاعن إلى ما طلب بالنظر إلى أن الواقعة قد وضحت أمامها وظهر لها أن هذا الطلب غير منتج للعلة السائغة التي أوردتها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن دفع بارتباط الجنحة محل الطعن الحالي بجرائم أخرى مماثلة كانت معروضة على المحكمة في الجلسة ذاتها التي جرت فيها محاكمته عنها وذلك لصدور الشيكات موضوع هذه الدعاوى عن عملية شراء غزل واحدة ولكن الحكم قضى عليه بعقوبة مستقلة عن كل دعوى وأغفل الرد على دفاعه بارتباط هذه الجرائم مما يعيبه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على مفردات هذا الطعن وعلى مفردات الطعون أرقام 364 و365 و366/ 35 قضائية المطروحة على هذه المحكمة - موضوع الدعاوى التي كانت معروضة على محكمة الموضوع الخاصة باتهام الطاعن بإعطاء شيكات بدون رصيد إلى الشركة المتحدة للغزل والنسيج وهي خلاف الشركة المدعية بالحقوق المدنية في هذا الطعن أن الطاعن لم يبد هذا الدفاع ولا يبين من الحكم المطعون فيه وجود صلة بين الشركتين المدعيتين بالحقوق المدنية في كل من تلك الدعاوى أو ما يظاهر الطاعن فيما أثاره في طعنه من تولد الشيكات موضوع هذه القضايا من معاملة واحدة ونشاط إجرامي واحد. وكان الأصل أن الارتباط بين الجرائم من المسائل الموضوعية التي تدخل في تقدير وقائع الدعوى فلا تسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه غير سديد. لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1356 لسنة 35 ق جلسة 27/ 12/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 183 ص 957

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفنى.
------------
(183)
الطعن رقم 1356 لسنة 35 القضائية
(أ، ب، جـ، د، هـ، و، ز، ح، ط) كسب غير مشروع. "صورة". موظفون عموميون. قانون. "تفسيره". "سريانه من حيث الزمان". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب" إثبات. "قرائن. قرائن قانونية".
)أ) الكسب غير المشروع. ماهيته: كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصرا من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة.
(ب) صوره. له صورتان: الأولى: - التي يثبت فيها على الموظف ومن في حكمه أيا كان نوع وظيفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. والثانية: - هي التى لا يثبت فيها الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها.
)جـ) على قاضي الموضوع لأخذ المتهم بجريمة الكسب غير المشروع أن يثبت في حكمه توافر أمرين - هما الزيادة غير المبررة في مال الموظف - وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرصة ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسبا غير مشروع.
)د) المراد بمصدر الايراد بالنسبة لقانون الكسب غير المشروع؟ عموم المورد المالي دون بيان تفاصيل أسبابه.
)هـ) مجرد حيازة المال. قرينة على تحقق الملك في القانون.
)و) عجز الموظف عن إثبات ما يملكه. قرينة على أن الزيادة في ماله إنما حصلت من استغلاله لوظيفته.
(ز) متى تنتفى القرينة التي افترضها الشارع في قانون الكسب غير المشروع؟ عند ثبوت مصدر سليم للزيادة في ثروة الموظف وكان هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله.
(ح) رجوع الزيادة في ثروة الموظف إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعا أو غير مشروع. إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة. غير جائز.
(ط) إدانة الطاعن بجريمة كسب غير مشروع على اعتبار أن مجرد قيام الوظيفة به وتقديم شكوى ضده وزيادة ثروته طبقا. لما قدره الخبير على أن ما كسبه غير مشروع. خطأ في القانون وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب.
-----------------
1 - يبين من نصوص القانون رقم 193 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 35 لسنة 1952 بشأن الكسب غير المشروع والقانون رقم 191 لسنة 1952 - أن المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصرا من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الإجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة. وهذا هو المعنى الذى عناه الشارع وبينه سواء فيما أورده من نصه أو فيما أفصح عنه من استمداده لقانون الكسب غير المشروع من نظيره القانون الفرنسي الصادر في 6 من يناير سنة 1945 أو في الأعمال التحضيرية استهدافا للقضاء على الشره إلى المال وقلة الأمانة والابقاء على سلامة أداة الحكم وسمعته وذلك بأحكام الرقابة على الموظفين ومن في حكمهم من ذوى الصفة النيابية العامة.
2 - الكسب غير المشروع أخذا من نص قانونه لا يعدو صورتين. الأولى: وهي التي يثبت فيها على الموظف ومن في حكمه أيا كان نوع وظيفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. وهذه الصورة تواجهها الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 131 لسنة 1952 في صريح مدلولها. والثانية: وهي التي لا يثبت فيها الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن بثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها. وهذا هو موضوع الفقرة الثانية من المادة وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة المتهم مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير.
3 - يتعين على قاضى الموضوع لأخذ المتهم بجريمة الكسب غير المشروع أن يثبت في حكمه توافر أمرين هما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرصة ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسبا غير مشروع ولا يسار إلى حكم القرينة المنصوص عليها في الفقرة الثانية حتى يثبت ذلك في شأن الموظف أو من في حكمه لأن الفقرة الثانية تالية للفقرة الأولى من نص المادة الخامسة من القانون 131 لسنة 1952 - منعطفة عليها في الحكم، مرتبطة في المعنى. والقول بغير ذلك يؤدى إلى اعتبار القرينة العامة المنصوص عليها في الفقرة الثانية دليلا مطلقا لا يندفع إذا اقتطع حكمها غير مرتبط بحكم الفقرة الأولى لمحض كون المتهم الذى نسب إليه الكسب موظفا أو من في حكمه - وهو بعيد عن أن يتعلق به مراد الشارع الذى أراد إيجاد مجرد قرينة عامة في حق المتهم حتى لا تكلف سلطة الاتهام مؤونة تقديم الدليل على مصدر الزيادة في ثروته الأمر الذى قد يعجزها إثباته خصوصا وأن لقانون الكسب غير المشروع أثرا رجعيا ينعطف إلى أول سبتمبر سنة 1939 حين لم يكن يتوقع أحد من الموظفين أو من في حكهم أن سيجيئ وقت يسأل فيه عن مصادر إيراده.
4 - المراد بمصدر الإيراد بالنسبة لقانون الكسب غير المشروع هو عموم المورد المالي دون تفاصيل أسبابه ودقائق أسانيده لأنه ليس في مقدور أحد - والقانون ذو أثر رجعى - أن يقدم الدليل المعتبر - عند التنازع - على ملكيته لكل ما لديه بالتعيين والتحديد ما لا مالا.
5 - أقام القانون - حيازة المال - قرينة على تحقق الملك حتى يرفع عن حائزه العنت إذا طولب بتقديم سند ملكيته لكل ما في يده.
6 - يصح اتخاذ عجز الموظف عن إثبات ما يملكه قرينة مقبولة على أن الزيادة في ماله إنما حصلت من استغلاله لوظيفة هي بذاتها من نوع الوظائف التي تتيح هذا الاستغلال.
7 - متى ثبت مصدر سليم للزيادة في ثروة المتهم، وكان هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزا عن إثبات مصدره.
8 - متى كانت الزيادة في ثروة الموظف المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعا كان أو غير مشروع فلا يصح اسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة.
9 - إذا كان الحكم حين دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع اعتبر مجرد قيام الوظيفة به وتقديم شكوى ضده - لم يفصح عن مضمونها - وزيادة ثروته طبقا لما قدره الخبير دليلا على أن ما كسبه غير مشروع. فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فوق فساد استدلاله وقصور تسبيبه مما يعيبه بما يوجب نقضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال الفترة من أول سبتمبر سنة 1963 حتى أول مايو سنة 1960 بدائرة محافظة الشرقية: بصفته موظفا عاما "صرافا بمركز الحسينية" حصل على كسب غير مشروع قدره 1476 ج و752 م عجز عن إثبات مصدره. وبتاريخ 26 ديسمبر سنة 1963 أحالته نيابة الشئون المالية والتجارية إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و5/ 1 - 2 و9/ 1 و10 و11 و14 و19 من المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 المعدل بالقانون 171 لسنة 1957. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا في 2 يونيه سنة 1964 عملا بالمواد 1 و16 و19 من المرسوم بقانون 131 لسنة 1952 و8 و6 و10 و11 من القانون رقم 171 لسنة 1957 الخاص بالكسب غير المشروع مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه مبلغ خمسين جنيها وإلزامه أن يرد لخزانة الدولة الكسب غير المشروع الذى حصل عليه وقدره 1476 ج و752 م وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع على أساس أنه حقق على فترات أربع كسبا يتمثل في زيادة ماله زيادة لا يغطيها مورد مشروع وكان من بين ما اعتمد عليه في ذلك أنه تملك عشرة أفدنة بعد أول سبتمبر سنة 1939 وهو التاريخ المعتبر بدءا لسريان القانون معولا على ما ذكره الطاعن في اقرار الذمة المالية المقدم منه عن سنة 1952 تحت عنوان "المال المملوك لزوجته وقت كتابة الاقرار" مع أنه قدم إلى المحكمة شهادة إدارية صادرة من عمدة ومشايخ الجهة تثبت أن زوجته تملك هذا القدر قبل سنة 1939 فلا تسرى عليه أحكام المادة 11 من القانون رقم 131 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 171 لسنة 1957 ولكن المحكمة أطرحتها بما لا يسوغ في أصول الاستدلال إذ ذكرت في حكمها أن الطاعن أثبت هذا القدر في إقرارات الذمة المالية باعتباره ملكا لزوجته وقت كتابة الاقرار الأول سنة 1952 وفاتها أن هذا القول ينقضه ما سجله الحكم نفسه من أن هذا القدر آل لزوجته بعقدين مسجلين في سنة 1944 وسنة 1945 أي قبل تحرير الاقرار المذكور كما استند الحكم إلى تقريري الخبيرين الحسابي والهندسي إثباتا لزيادة ماله في الفترة الأولى موضوع البحث مقدارها 575 ج الأمر الذى ينقضه ما سجله الحكم نفسه أيضا من أن الطاعن سطر في اقراره أنه يملك منقولات ومصوغات ومالا نقديا تزيد في مجموع قيمتها على الفرق الذى احتسبه الخبيران في هذه الفترة كما اعتمد الحكم على تقريري الخبرة في حساب الفترتين الثانية والثالثة مع أن تقدير الخبيرين لم يبن على الواقع في احتساب القيمة الإيجارية للعقارات التي يملكها الطاعن وفي احتساب التكاليف الفعلية للمباني فإذا زيد إيراد الأطيان وانقصت تكاليف البناء واحتسب نتاج الماشية وأضيف ربح زوجته من حياكة الملابس غطى هذا كله الفرق الذى احتسبه الخبيران كسبا وأخذ به الحكم دون مراجعة ولا تمحيص مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى موجزة على قوله بأنه بناء على شكوى تبين من تحقيقها أن الطاعن حقق كسبا غير مشروع مقداره 1476 ج و752 م ساق للتدليل على هذه الواقعة ما ورد في إقرارات الذمة المالية المقدمة من الطاعن والمؤرخة 25/ 6/ 1952 و10/ 12/ 1958 و3/ 8/ 1959 وما جاء في تقرير مكتب خبراء وزارة العدل الحسابي وتقرير مكتبها الهندسي وقد قسم أول التقريرين المدة موضوع البحث إلى فترات أربع الأولى تبدأ من 1/ 9/ 1939 وتنتهى بشراء زوجة المتهم 10 أفدنة و8 قراريط و4 أسهم في 6/ 3/ 1945 حسب فيها الدخل والمنصرف فتبين أن المتهم حقق فرقا في ماله لم يبين مصدره مقداره 575 جنيها و130 مليما والثانية من نهاية الفترة السابقة إلى 31/ 12/ 1948 وقد تحقق للمتهم فيها فائض مقداره 689 جنيها و257 مليما والثالثة من 1/ 10/ 1949 وتنتهى في 31/ 8/ 1951 تحققت فيها زيادة قدرها 17 جنيها و451 مليما والرابعة من نهاية الفترة السابقة في 1/ 9/ 1951 إلى 1/ 5/ 1957 تحقق فيها فائض غير ثابت المصدر مقداره 124 جنيها و752 مليما مما يجعل مجموع الزيادة التي عجز المتهم عن إثبات مصدرها 1476 جنيها و752 مليما دانه الحكم بتحقيقه كسبا غير مشروع اعتبارا بأن عجزه عن إثبات مصدر المال قرينة قانونية على عدم مشروعية هذا المصدر طبقا للفقرة الثانية من المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 بشأن الكسب غير المشروع المضافة بقانون رقم 191 لسنة 1952 ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن المنوه عنه في وجه الطعن ورد عليه بما نصه "وأما ما دفع به المتهم من أن زوجته تملك الـ 10 أفدنة و 8 قراريط و14 سهما قبل عام 1939 فمردود بأنه لم يذكر ذلك في إقرار الذمة المالية الموقع عليه منه المؤرخ 25/ 8/ 1952 وعلى العكس من ذلك فقد ذكر أنه في أول سبتمبر عام 1939 لم يكن يمتلك سوى فدانين وأن نظرة واحدة إلى شكل إقرار الذمة ليبين منها أن المتهم يتخبط في دفاعه ويحاول التنصل من تهمة ثبتت عليه - فان الاقرار المحرر بتاريخ 25/ 8/ 1952 يحمل بيانين البيان الأول مثبت فيه بيان ما يملكه الممول قبل عام 1939 والقسم الثاني بيان ما يمتلكه وقت تحرير الاقرار ولم يدون في القسم الأول إلا الفدانين دون العشرة أفدنة وثمانية قراريط بينما أن تلك المساحة أدرجت فيما تملكه زوجته في القسم الثاني وقت تحرير الاقرار وكذلك الحال تماما بالنسبة لإقرار الذمة الذى حرره المتهم في 3/ 8/ 1959 والذى يشمل بدوره بيانين منفصلين عن بعضهما أولهما عن الملكية قبل عام 1939 والثاني عن الملكية وقت تحرير الاقرار - وواضح أن العشرة أفدنة وثمانية قراريط وأربعة عشر سهما لم تدرج في القسم الأول وأدرجت في القسم الثاني - والمتهم عندما يقرر أنه سهى عليه إثبات تلك الملكية في إقرار عام 1952 يتضح زيفه في أن البيان نفسه قد تكرر في اقرار عام 1959 وفضلا عن ذلك فانه قرر بتحقيقات النيابة أنه باع أطيانا زراعية مساحتها ستة قراريط عام 1946 واستخدم ثمنها في شراء الـ 10 أفدنة و8 قراريط و4 أسهم لزوجته ومن غير المعقول أن يستخدم المتهم ثمن البيع المدفوع عام 1946 في شراء أطيان يدعى أنها كانت مملوكة له قبل عام 1939 ولا يقدح في ذلك الشهادة الإدارية المنوه عنها المقدمة من المتهم فلا تطمئن لها المحكمة إذ يستطيع المتهم بطرقه وبصفته صرافا أن يستحوذ على بعض المشايخ فوقعوا له على أوراق ثبت من إقراره الكتابي الحاسم الموقع عليه منه ما يدحضها.
وحيث إنه من كل ذلك يكون المتهم قد عجز عجزا كليا عن إثبات مصدر الزيادة في الثروة التي طرأت على ثروته وثروة زوجته وأما ما زعمه من أنه يكتسب من المشاركة في تجارة المواشي ومما يتقاضاه من مكافآت فقد أدخل الخبير كل ذلك في حسبانه وقدم تقريره على ضوء ذلك ومن ثم فتنطبق في حقه المادة 4 من القانون رقم 131 لسنة 1952 والتي تنص على أن عجز المتهم عن بيان مصدر زيادة ثروته يعتبر كسبا غير مشروع". وهذا الذى ذكره الحكم المطعون فيه ينطوي على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأنه يبين من مدونات الحكم نفسه في أكثر من موضع نقلا عن تقرير الخبير الحسابي أن الطاعن اشترى عشرة الأفدنة المملوكة لزوجته بعقد سجله في 6/ 3/ 1945 مما يجعل استناد الحكم إلى إقرار الذمة المالية المقدم من الطاعن في 25/ 8/ 1952 في قوله إن ملكية هذا القدر لم تؤل إلى الزوجة إلا وقت كتابة الاقرار ينقضه حتما ثبوت ملكيتها له بعقد مسجل قبل ذلك بسبع سنين مما يرشح لإمكان وضع يد الطاعن عليه قبل ذلك بمقتضى عقد عرفي كما هو المألوف الجاري الذى أراد أن يثبته بالشهادة الإدارية التي قدمها للمحكمة ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه هذا الدليل في وجدان المحكمة لو تنبهت إلى حقيقته والأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فاذا تطرق الفساد إلى أحدها عاب سائرها كما أن الحكم أطرح دفاع الطاعن المبين في الطعن والمردد في جلسة المحاكمة جملة بمقولة إن ما زعمه من أنه يربح من تجارة الماشية وأن بعض الزيادة في ماله نجمت مما يتقاضاه من مكافأة كل ذلك قد أدخله الخبير الحسابي في تقديره وقدم تقريره على ضوئه دون أن يعرض للمصادر الأخرى للزيادة في ماله والتي أوردها في دفاعه ودون أن يورد ما جاء في تقرير الخبير أو يحيل إلى أسبابه مما يصلح ردا على هذا الدفاع بل اعتنق رأى الخبير رأيا له وأخذ به دون بحث ولا تدقيق مع أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح بمجال أن تبنى على رأى لغير من يصدر الحكم وذلك سواء أكان ما يبنى عليه القاضي رأيه دليلا صريحا على المتهم في الادانة أو ردا على دفاع جوهري له إذ أن رد الدفاع على المتهم ينتج في وجدان القاضي الذى يبسط لديه، ما ينتجه سوق أدلة الاتهام عليه. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 193 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 35 لسنة 1952 بشأن الكسب غير المشروع قد عرفه في مادته الثالثة بنصه على أنه "يعد كسبا غير مشروع كل مال حصل عليه أى شخص من المذكورين بالمادة الأولى - والموظفون منهم - بسبب استغلال أعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه" وقد ألغى هذا القانون وحل محله المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 ونص في مادته الخامسة المعدلة بالقانون رقم 191 لسنة 1952 على تعريف الكسب غير المشروع بقوله "يعد كسبا غير مشروع كل مال حصل عليه أى شخص من المذكورين بالمادة الأولى بسبب أعمال أو نفوذ وظيفته أو مركزه أو بسبب استغلال شيء من ذلك وكل زيادة يعجز مقدم الاقرار عن إثبات مصدرها يعتبر كسبا غير مشروع". ومن هذين النصين يبين أن المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصرا من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة وهذا هو المعنى الذى عناه الشارع وبينه سواء فيما أورده من نصه أو فيما أفصح عنه من استمداده لقانون الكسب غير المشروع من نظيره القانون الفرنسي الصادر في 6 من يناير سنة 1945 أو في الأعمال التحضيرية استهدافا للقضاء على الشره إلى المال وقلة الأمانة والابقاء على سلامة أداة الحكم وسمعته وذلك بأحكام الرقابة على الموظفين ومن في حكمهم من ذوى الصفة النيابية العامة. والكسب غير المشروع أخذا من نص قانونه لا يعدو صورتين. الأولى: وهي التي يثبت فيها على الموظف ومن في حكمه أيا كان نوع وظيفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. وهذه الصورة تواجهها الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 131 لسنة 1952 في صريح مدلولها. والثانية: وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وهذا هو موضوع الفقرة الثانية من المادة - وفي هذه الحالة - يتعين أن يكون نوع وظيفة المتهم مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير ويتعين على قاضى الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرصة ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسبا غير مشروع ولا يسار إلى حكم القرينة المنصوص عليها في الفقرة الثانية حتى يثبت ذلك في شأن الموظف أو من في حكمه لأن الفقرة الثانية تالية للفقرة الأولى من النص منعطفة عليها في الحكم مرتبطة بها في المعنى والقول بغير ذلك يؤدى إلى اعتبار القرينة العامة المنصوص عليها في الفقرة الثانية دليلا مطلقا لا يندفع إذا اقتطع حكمها غير مرتبط بحكم الفقرة الأولى لمحض كون المتهم الذى نسب إليه الكسب موظفا أو من في حكمه وهو بعيد أن يتعلق به مراد الشارع الذى أراد إيجاد مجرد قرينة عامة في حق المتهم حتى لا تكلف سلطة الاتهام مؤونة تقديم الدليل على مصدر الزيادة في ثروته الأمر الذى قد يعجزها إثباته خصوصا وأن لقانون الكسب غير المشروع أثرا رجعيا ينعطف إلى أول سبتمبر سنة 1939 حين لم يكن يتوقع أحد من الموظفين أو من في حكمهم أن سيجئ وقت يسأل فيه عن مصادر إيراده والمراد بالمصدر عموم المورد المالي دون تفاصيل أسبابه ودقائق أسانيده لأنه ليس في مقدور أحد - والقانون ذو أثر رجعى كما تقدم بيانه أن يقدم الدليل المعتبر - عند التنازع - على ملكيته لكل ما لديه بالتعيين والتحديد ما لا مالا.
وقد أقام القانون نفسه حيازة المال قرينة على تحقق الملك حتى يرفع عن حائزه العنت إذا طولب بتقديم سند ملكيته لكل ما في يده وبهذا الفهم لمعنى وعاء الزيادة يصح اتخاذ عجز الموظف عن إثباته قرينة مقبولة على أن الزيادة في ماله إنما حصلت من استغلاله لوظيفة هي بذاتها من نوع الوظائف التي تتيح هذا الاستغلال على أنه متى ثبت مصدر سليم للزيادة في ثروة المتهم وكان هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزا عن إثبات مصدره ومن جهة أخرى فإنه متى كانت الزيادة في ثروة الموظف المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعا كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة. ولما كان ما تقدم، وكان الحكم حين دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع لم يتفطن ابتداء إلى المعاني القانونية المتقدمة وإنما اعتبر مجرد قيام الوظيفة به وتقديم شكوى ضده لم يفصح عن مضمونها وزيادة ثروته طبقا لما قدره الخبير دليلا على أن ما كسبه غير مشروع وكانت أوجه الطعن كلها تتسع لهذا المأخذ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فوق فساد استدلاله وقصور تسبيبه مما يعيبه بما يوجب نقضه.

الطعن 1850 لسنة 35 ق جلسة 27/ 12/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 184 ص 968

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمود العمراوي، ومحمد أبو الفضل حفني.
---------------
(184)
الطعن رقم 1850 لسنة 35 القضائية
(أ) دعوى. "دعوى جنائية. دعوى مدنية". اختصاص.
دعاوى الحقوق المدنية. الأصل أن ترفع إلى المحاكم المدنية. إباحة للقانون رفعها استثناء إلى المحاكم الجنائية متى كان طلب التعويض ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية. الأثر المترتب على تخلف هذا الشرط: عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية. توزيع الاختصاص على هذا النحو من النظام العام. مثال.
(ب) قانون. إتلاف. جريمة.
القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال.
(ج) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل في محضر الجلسة. على المتهم أن يطلب صراحة تدوين ما يعنيه إثباته في المحضر.
---------------
1 - من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية، وكان الحق المدعى به ناشئا عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية أي أن يكون طلب التعويض ناشئا مباشرة عن الفعل الضار المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية المنظورة - فإذا لم يكن كذلك سقطت هذه الإباحة - وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية ومتى تقرر أن هذه الإباحة مبناها الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون ويكون توزيع الاختصاص على هذا النحو من النظام العام لتعلقه بالولاية وإذ قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت بالسيارة فإنها تكون قد أصابت صحيح القانون وليس فيما قضت به المحكمة تناقض بين ما حكمت به من رفض دعوى التعويض عن إصابات الطاعن لعدم ثبوت تهمة الإصابة الخطأ في حق المطعون ضده وهو حد اختصاصها في الدعاوى المدنية التي ترفع لها عن التعويض الناشئ عن الجريمة وبين ما حكمت به من عدم اختصاصها بالتعويض عن تلفيات السيارة لأن الضرر فيها ليس ناشئا مباشرة عن الجريمة.
2 - القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال.
3 - لا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل في محضر الجلسة. وإذا كان يهمه بصفة خاصة تدوين أمر فيه فهو الذى عليه أن يطلب صراحة إثباته به.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 11 ديسمبر سنة 1962 بدائرة قسم الرمل: (أولا) تسببا من غير قصد ولا تعمد في إصابة محمد أبو الحسن أحمد ومحمد علي يوسف مطاوع والسيد عبد الوهاب ومحمد سعيد علي سراج وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احتياطهما بأن قادا سيارتين بكيفية ينجم عنها الخطر فاصطدمتا وأحدثتا إصابات المصابين سالفي الذكر. (ثانيا) قادا سيارتين بكيفية تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابهما بالمادة 244 من قانون العقوبات. وادعى (الطاعن) مدنيا قبل المتهم الأول والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين وطلب القضاء له بمبلغ أربعة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف. ومحكمة جنح الرمل الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 27 مايو سنة 1963 عملا بمواد الاتهام (أولا) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم الأول شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 200 قرش لإيقاف التنفيذ وبراءة المتهم الثاني مما أسند إليه بلا مصاريف جنائية. (ثانيا) في الدعوى المدنية بالزام المتهم الأول والمسئول بالحقوق المدنية أن يدفعا للمتهم الثاني مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف المدنية المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المتهم الأول والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في 20 يونيه سنة 1964 حضوريا وبإجماع الآراء بقبول استئنافات المتهم الأول والمسئول عن الحقوق المدنية والنيابة شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف (أولا) ببراءة المتهم الأول مما نسب إليه وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة عن تعويض الإصابات التي لحقت المدعى المدني وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت السيارة وألزمت المدعى المدني المصاريف المدنية عن الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانيا) بتغريم المتهم الثاني "الطاعن" عشرة جنيهات عن التهمتين بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإصابة الخطأ ورفض دعوى التعويض المرفوعة منه ضد المتهم الأول عن الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته وبعدم اختصاص محكمة الجنح بدعوى التعويض عن الأضرار التي لحقت به بسبب إتلاف سيارته قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أسس قضاءه على أقوال الشاهد متى حبيب متى من أنه انحرف بسيارته إلى اليسار انحرافا أدى إلى تصادمه بالسيارة الأتوبيس القادمة في عكس اتجاهه والتي كان يقودها المتهم الأول وتجاهل الأدلة المادية القاعدة في الدعوى ولم يلتفت إلى دلالتها أو يعنى بالرد عليها إذ أن مؤدى وقوع المصادمة من الجهة اليمنى بسيارته وسيارة المتهم الأول يقطع بأن الأخير كان يخترق الطريق بالعرض ومع كبر حجم سيارة الأتوبيس وثقلها بالركاب فإنه لا يمكن أن ننحرف من جراء مصادمة سيارة الطاعن الملاكي إلى يسار اتجاهها فضلا عن أن ما جاء بشهادة شاهد الإثبات بجلسة 28/ 3/ 1964 من وجود طريق متفرع على يسار اتجاه السيارة الأتوبيس يقطع في صدق تصوير الطاعن للحادث من أن المتهم الأول أراد أن ينحرف بها يسارا إلى الطريق المتفرعة مما أدى إلى وقوع الحادث. كذلك أغفل الحكم اعتراف المتهم الأول من أنه انحرف يساره لتفادى المصادمة مع أن هذا الانحراف يعجل باللقاء بين السيارتين ولو سار في طريقه أو انحرف يمينا لما وقع الحادث كما اطرح شهادة الشهود الذين ظاهروا الطاعن استنادا إلى أنه لم يشهد أحدا وأن شهادتهم موعز بها ولم يتقدموا للشهادة لشرطة النجدة فور وقوع الحادث وتناقضها مع شاهد الإثبات في حين أن الثابت أن الطاعن كان في غيبوبة على أثر الحادث لم تمكنه من الاستشهاد بأحد أو اتصاله بالشهود للإيحاء إليهم بأقوال معينة وأن شرطة النجدة على ما هو ثابت بالأوراق تأخرت في الوصول لمكان الحادث فضلا عن أن الحكم قد عول على أقوال متى حبيب متى شاهد الإثبات رغم المطاعن العديدة التي تنال منها والتي أظهرها المدافع عن الطاعن في مذكرته المقدمة للمحكمة وبمرافعته الشفوية التي لم يثبت بمحضر الجلسة شيئا عنها كذلك وما انتهى إليه الحكم من عدم اختصاص محكمة الجنح بشق دعوى التعويض التي رفعها الطاعن ضد المتهم الأول والمسئول عن الحقوق المدنية عن الأضرار التي لحقته من إتلاف سيارته استنادا إلى أن هذه الأضرار غير ناشئة عن الجريمة ينطوي على تناقض ومخالفة للقانون لأن نفى خطأ المتهم الأول لا يجعل محكمة أخرى مختصة بنظر دعوى التعويض ولأن المحكمة قد فاتها أن النيابة العامة أسندت له وللمتهم الأول تهمة ثانية بوصف قيادة كل لسيارته بكيفية تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وهي تهم من شأنها أن تعرض على محكمة الجنح أمر التعويض عن التلفيات التي حدثت بالسيارة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الإصابة الخطأ وقيادة السيارة بكيفية تعرض حياة الأشخاص للخطر التي دين الطاعن بهما أورد على ثبوتهما في حقه وانتفائهما عن المتهم الأول محمد السيد أحمد أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات متى حبيب متى والمجنى عليهم المصابين الذين أيدوه وكانوا يرافقون المتهم الأول في سيارته ومن جسامة تلفيات سيارة الطاعن التي تشير إلى سرعته وفصلها بقوله "وحيث إن الثابت من أقوال الشاهد متى حبيب متى وهو شاهد الرؤية المحايد الذى تقدم للشهادة والإدلاء بأقواله عقب الحادث مباشرة أن السبب المباشر الذى أدى إلى حصول الحادث هو انحراف سيارة المتهم الثاني (الطاعن) إلى يسارها ناحية سيارة الأتوبيس قيادة المتهم الأول عند اقترابهما وقيادة المتهم الثاني لسيارته بسرعة كبيرة تزيد عن الحد المسموح به قانونا مما أدى إلى اصطدام السيارتين بالتصوير الذى أوراه الشاهد الأمر الذى نشأ عنه حصول إصابة المجنى عليهم نتيجة خطأ المتهم المذكور ورعونته أثناء قيادته للسيارة ومما يؤيد سلامة هذا التصوير ما قرره المجنى عليهم الذين كانوا يرافقون المتهم الأول في سيارته إذ شهدوا بمثل رواية الشاهد الأمر الذى تطمئن معه المحكمة إلى سلامة تلك الرواية خاصة وأن شدة التلفيات بالسيارة الملاكي إنما تشير إلى السرعة المؤيدة للسيارة المذكورة وقت حصول الحادث" وما أورده الحكم في هذا الشأن سائغ وسديد ولا يتنافى مع دلالة التلفيات التي تخلفت في الجانب الأيمن لكلا السيارتين لأن مقتضى تصوير شاهد الإثبات للحادث - والذى اطمأنت إليه المحكمة - من انحراف الطاعن إلى اليسار دون سبب ومحاولة المتهم الأول مفاداته بالانحراف هو الآخر ليساره يقتضى حصول التلفيات في هذه المواضع من السيارتين. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ما هو إلا جدل موضوعي في تقدير المحكمة الأدلة ومصادرة لها في عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع حسب الأصل أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولما لها من سلطة وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات وتنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. ولها أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وإطراح ما عداها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل دليل على حدة صراحة ما دام أن ردها مستفاد ضمنا من قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت الأخرى. أما نعيه بخصوص خلو محضر الجلسة من إثبات المطاعن التي وجهها لشاهد الإثبات فمردود بأنه لا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل في محضر الجلسة وإذا كان يهمه بصفة خاصة تدوين أمر فيه فهو الذي عليه أن يطلب صراحة إثباته به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية، وكان الحق المدعى به ناشئا عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية أي أن يكون طلب التعويض ناشئا مباشرة عن الفعل الضار المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية المنظورة فإذا لم يكن كذلك سقطت هذه الإباحة وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية، ومتى تقرر أن هذه الإباحة مبناها الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون ويكون توزيع الاختصاص على هذا الشق من النظام العام لتعلقه بالولاية وإذن فمتى كانت الدعوى العمومية قد رفعت على المتهم الأول بتهمتي الإصابة الخطأ وقيادة سيارته بكيفية تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر فتدخل الطاعن مدعياً بحق مدني للمطالبة ضمن ما طلب بقيمة التلف الذي أصاب سيارته وكان الضرر الذي أسس عليه دعواه في هذا الشق من الدعوى المدنية لم ينشأ مباشرة عن أي من الجريمتين موضوع الدعوى الجنائية وإنما نشأ عن إتلاف السيارة وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى الجنائية وما كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال إذ قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت السيارة فإنها تكون قد أصابت صحيح القانون وليس فيها قضت به المحكمة تناقض بين ما حكمت به برفض دعوى التعويض عن إصابات الطاعن لعدم ثبوت تهمة الإصابة الخطأ في حق المطعون ضده وهو حد اختصاصها في الدعاوى المدنية التي ترفع لها عن التعويض الناشئ عن الجريمة وبين ما حكمت به من عدم اختصاصها بالتعويض عن تلفيات السيارة لأن الضرر فيها ليس ناشئا مباشرة عن الجريمة. ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الصدد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 1239 لسنة 35 ق جلسة 28/ 12/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 185 ص 974


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركى، وجمال المرصفاوى، وعبد المنعم حمزاوى، وبطرس زغلول.
------------
(185)
الطعن رقم 1239 لسنة 35 القضائية

(أ) تفتيش. محال عامة. مأمورو الضبط القضائي. تلبس.
لمأمور الضبط القضائي ولرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. طبيعة هذا الحق: إجراء إداري. ليس لهم تجاوزه إلى التعرض لحرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة. ما لم يدرك الضابط بحسه قبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو احرازها جريمة تبيح التفتيش. قيام التفتيش في هذه الحالة على حالة التلبس.
(ب) دفوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بالرد عليه صراحة. كفاية الرد الضمني.
(ج، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. قصد جنائي.
(ج) تحدث الحكم استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. كفاية الرد الضمني.
(د) الاتجار في الجوهر المخدر. واقعة مادية. استقلال محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها. طالما أنها تقيمها على ما ينتجها.

-----------
1 - الأصل هو أن لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. وأكدت المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة هذا الحق لمأموري الضبط القضائي. وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك الضابط بحسه قبل التعرض لها كنه ما فيها مما جعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش، فيكون هذا التفتيش في هذه الحالة قائما على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والاشراف على تنفيذ القوانين واللوائح. ولما كان تخلى الطاعن عن الجواهر المخدرة وإلقاؤها على الأرض دون اتخاذ أي إجراء من ضابط المباحث - الذى كان دخوله المقهى مشروعا على ما سلف بيانه - يعتبر أنه حصل طواعية واختيارا مما يرتب قيام حالة التلبس بالجريمة التي تبيح التفتيش والقبض.
2 - الدفع بشيوع التهمة من وجوه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالتصدي لها إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف دلالة على قيامه. ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي وجه تراه متى كان ما حصلته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
4 - الاتجار في الجوهر المخدر إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 4/ 4/ 1963 بدائرة مركز منيا القمح محافظة الشرقية: أحرز بقصد الإتجار جواهر مخدرة "أفيونا وحشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 سنة 196 بشأن مكافحة المخدرات والبندين 1 و12 من الجدول "أ" المرفق. فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 12/ 4/ 1964 عملا بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أو 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم (أ) المرافق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. وقد ردت على الدفع بأنه في غير محله. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الإتجار، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بان التفتيش والقبض اللذين حصلا في الدعوى قد قاما على إجراءات باطلة إذ كان دخول ضابط المباحث إلى مقهى الطاعن بقصد البحث عن مخدر، الأمر الذى رتب ادخال الخوف على نفوس رواد المقهى فظنوا أنه سيقوم بتفتيشهم وألقى أحدهم المخدر إلقاء اضطراريا فاكتشف الضابط أمره. إلا أن الحكم اعتبر التفتيش والقبض صحيحين مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على الدفع ببطلان التفتيش والقبض بما محصله أن المحل العام مفتوح للناس كافة يدخلونه بلا تفرقة بينهم وليست له الحصانة المقررة للمنازل وأن الضابط قرر بدخول المقهى للبحث في أمر تنفيذ القوانين واللوائح وفحص الرخص وما بالجوزة التي كان يدخن فيها بعض رواد المقهى فشاهد الطاعن يتخلى طواعية واختيارا عن جورب ألقاه على الأرض فالتقطه الضابط ووجد الجواهر المخدرة فأصبح أمام جريمة متلبس بها فقبض على الطاعن وهذا الذى انتهى إليه الحكم سديد في القانون، وذلك بأن الأصل هو أن لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال للعامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. وقد أكدت المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 - في شأن المحال العامة - هذا الحق لمأموري الضبط القضائي. وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك الضابط بحسه وقبل التعرض لها كنه ما فيها مما جعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش، فيكون هذا التفتيش في هذه الحالة قائما على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح. ولما كان تخلى الطاعن عن الجواهر المخدرة وإلقاؤها على الأرض دون اتخاذ أي إجراء من ضابط المباحث - الذى كان دخوله المقهى مشروعا على ما سلف بيانه - يعتبر أنه حصل طواعية واختيارا مما يشكل قيام حالة جريمة متلبس بها تبيح التفتيش والقبض. ومن ثم يكون النعي على الحكم بمخالفة القانون في غير محله.
وحيث إن مبنى الطعن في الوجوه الأربعة الأخرى هو أن الحكم المطعون فيه معيب بفساد الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك بأنه عول على أقوال الضابط فيما قرره من مشاهدته الطاعن يلقى بالجورب الذى وجدت به الجواهر المخدرة، وعزف عما دفع به الطاعن من شيوع التهمة لعدم التحقق من أن الجورب خاص به أو أنه هو الذى ألقاه على الأرض. كما أعرض عن شهادة شهود النفي الذين أشهدهم فشهدوا أنه فتش قبل العثور على المخدر فلم يعثر معه على شيء منه. كما دفع الطاعن بحصول تضارب بين وصف المخدر في إشارة الحادث وبين وصفه في محضر ضبط الواقعة، وبوجود خلاف في وزنه الثابت في الشهادة الصادرة من الصيدلية التي قامت بالوزن وما جاء عن وزنه في تقرير التحليل. ورد الحكم على هذا الدفاع بأنه من الجائز أن قطعتي الأفيون كانتا ملتصقتين عند الضبط وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعن. هذا إلى أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعن يعلم بأن المواد المضبوطة مخدرة. واعتبر الواقعة في حقه إحرازا لجواهر مخدرة بقصد الاتجار. مع أنه ليس في الأوراق من دليل على اتجار الطاعن فيها. ولا توجد تحريات سابقة عنه في خصوص ذلك مما يعيب الحكم ويقتضى نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال ضابط مباحث منيا القمح ورجلي الشرطة اللذين كانا يرافقانه عند دخوله مقهى الطاعن ومن نتيجة تحليل الجوهرين المخدرين المضبوطين وهي أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وكان وزن أقوال الشهود متروكا لتقدير محكمة الموضوع ولا يقبل مصادرتها في عقيدتها في هذا الخصوص، وكان الدفع بشيوع التهمة من وجوه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالتصدي لها إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الحكم قد رد على الدفع بالتضارب في وصف المخدر في قوله: "وأما القول بأن هناك تضاربا في وصف المخدر فان المحكمة لا ترى تضاربا إلا بالنسبة للفافة الثانية التي قال الضابط إنه كان بها قطعة كبيرة من الأفيون وأن النيابة وصفتها بأنها قطعة كبيرة معها قطعة صغيرة فيحتمل كما قال الضابط أن القطعتين كانتا ملتصقتين بحيث ظنهما قطعة واحدة. وأما ما جاء بالإشارة عما ضبط فان الاشارات عادة تبلغ موجزة وغير مفصل فيها وصف كل ما ضبط" وهو الذي ذهب إليه الحكم سائغ ويستقيم به الرد على الدفاع سالف البيان. لما كان ذلك، وكان الطاعن على ما هو ثابت في محضر جلسة المحاكم لم يثر أي طعن حول الخلاف بين وزن المخدر الذى تم بمعرفة الصيدلية وبين الوزن الوارد في تقرير التحليل، فان النعي على الحكم بفساد الاستدلال يكون غير سديد. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من التفاته عن إقامة الدليل على علمه بكنه الجواهر المخدرة المضبوطة وقصوره في التدليل على توافر قصد الاتجار لديه فمردود بأنه من المقرر أنه لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف دلالة على قيامه. ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أى وجه تراه متى كان ما حصلته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - كما أن الأصل أن الاتجار في الجوهر المخدر إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها. وإذ ما كان الحكم قد استخلص ذلك القصد من ضخامة كمية الجواهر المخدرة وتنوعها ومن أقوال الشهود وهو تدليل سائغ يحمل قضاء الحكم، فان النعي عليه بالقصور يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.