الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 فبراير 2019

لا تثريب على محكمة الموضوع إذ قضت بحكم شكلي في الدعوى ولم تتربص قضاء المحكمة الدستورية في الدعوى الدستورية


الدعوى رقم 4 لسنة 32 ق " دستورية " جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمـى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 32 قضائية " دستورية ".
المقامة من
شركة العز الدخيلة للصلب - الإسكندرية
ضــــد
1 - رئيس مجلس الــوزراء
2 - رئيس مجلس النــــواب
3 - وزير الماليــة
4 - وزير الاقتصاد
5 - الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة

الإجراءات
      بتاريخ السادس من يناير سنة 2010، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبة الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (16، 23) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، فيما لم يتضمناه من الإعفاء الضريبي للتوسعات التي تقوم بها الشركات الاستثمارية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، ومن باب الاحتياط الكلى: برفض الدعوى.
كما قدَّمت الهيئة العامة للاستثمار مذكرة بدفاعها، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، طلبًا للحكم بأحقية نشاط شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب - سابقًا - وحاليًا، شركة العز الدخيلة للصلب الإسكندرية - بالتمتع بالإعفاء الضريبى وفقًا لقانون نظام استثمار المال العربي والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974، وقانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، وذلك على سند من القول بأن الشركة المدعية باشرت نشاطها في مجال تصنيع الحديد بقطاعاته المختلفة، اهتداءً بدراسة فنية أعدتها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا) على مراحل عدة، يتم توسيع نشاطها تباعًا وفقًا لاحتياجات السوق، وقامت الشركة بتنفيذ المرحلة الأولى للمشروع، واستنفاد الإعفاءات الضريبية المقررة طبقًا لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبي والمناطق الحرة المشار إليه المعدل، اعتبارًا من تاريخ البدء في تشغيل المرحلة الأولى من المشروع، وقد كاتبت الشركة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عند الشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من هذا المشروع، بطلب تمتع رأس المال المخصص للتوسع الاستثماري في المرحلة الثانية بالإعفاءات الضريبية الواردة بالقانون المذكور، فامتنعت الهيئة المذكورة عن إصدار توصيتها بذلك؛ لعدم سريان الإعفاءات الضريبية على التوسعات للمشروعات القائمة طبقًا لنص المادة (16) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، فأقامت أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدعوى رقم 123 لسنة 53 قضائية، طعنًا على هذا القرار؛ طلبًا للحكم بوقف تنفيذ، ثم إلغاء قرار الهيئة السلبى بالامتناع عن إصدار توصية بتمتع التوسعات الاستثمارية للشركة بالإعفاءات القانونية المقررة للمشروعات المرخص بها طبقًا للقوانين المار ذكرها، مستندة في ذلك إلى تفسير النصين المطعون عليهما بما مقتضاه سريان هذه الإعفاءات على جميع مراحل الإنتاج، بغض النظر عـن تاريخ بــدء الإنتاج في كـل مرحلة، وبجلسة 26/11/2001، قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية، بوقف الدعوى رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى الإسكندرية، تعليقًا لحين الفصل في الدعوى رقم 123 لسنة 53 قضائية المشار إليها. هذا وقد قررت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، إحالة الدعوى المنظورة أمامها السالف ذكرها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهـــرة للاختصاص، ونفاذًا لذلك، تم إحالة الدعوى إلى المحكمة الأخيرة، وقيدت أمامها برقم 30771 لسنة 57 قضائية، وبجلسة 16/7/2005، قضت فيها المحكمة بإلغاء القرار المطعون عليه. وإذ لم ترتض الهيئة هذا الحكم فطعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 24360 لسنة 51 قضائية عليا، التى قضت فيه بجلسة 27/12/2008، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وبتاريخ 25/7/2009، قامت الشركة المدعية بتعجيل الدعوى رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى الإسكندرية من الوقف، وبجلسة 15/11/2009، دفعت الشركـة بعدم دستورية نصى المادتين (16، 23) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، فصرحت لها المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة، ناعيةً على النصين المطعون عليهما الإخلال بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، والحق في الملكية الخاصة. وبجلسة 28/2/2010، قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الاقتصادية، وقيدت أمام المحكمة الأخيرة برقم 44 لسنة 3 قضائية، وإذ تدوولت الدعوى أمام المحكمة الاقتصادية، فقضت بجلسة 25/3/2012 - بناء على دفع المدعى عليها الخامسة- بسقوط الخصومة؛ لعدم تعجيلها من الوقف في الميعاد القانونى المنصوص عليه في المادة (134) من قانون المرافعات.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى استنادًا إلى أن حقيقة مناعى المدعى تنصرف إلى مخالفة القانون المطعون فيه قانونًا آخر، فإنه مردود: بأن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص القانونية مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا بذاته على مخالفة دستورية. متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد أسست دعواها الدستورية المطروحة على هذه المحكمة على ما ارتأته من مخالفة النصين المطعون عليهما لنصوص المواد (8 و32 و34 و40) من دستور سنة 1971، لإخلالهما بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، والحق في الملكية، لتمييز المشروعات الجديدة في مجال الإعفاءات الضريبية عن التوسعات الاستثمارية للمشروعات القائمة، ومن ثم، فإن المحاججة بأن مراد الشركة المدعية تعارض النصين التشريعيين المطعون عليهما مع نصوص تشريعية أخرى تكون قد سيقت على غير أساس من الواقع والقانون، ويضحى هذا الدفع جديرًا بالرفض.
      وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فلما كان مؤدى نص الفقرة (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن المشرع قد رسم طريقًا لرفع الدعوى الدستورية التى أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد الذي حدده لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذى ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - تتعلق بالنظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التى تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها، وفى الموعد الذى حدده، وبالتالى فإن ميعاد الثلاثة أشهر الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية التى تقام وفقًا للنص سالف الذكر، أو الميعاد الذى تحدده محكمة الموضـــوع - في غضون هذا الأجل - يعتبر ميعادا حتميا يتعين على الخصوم رفع دعواهم الدستورية قبل انقضائه وإلا كانت غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان الثابت أن الشركة المدعية دفعت بعدم دستورية النصين المطعون عليهما، بجلسة 15/11/2009، بعد تعجيل الدعوى من الوقف بتاريخ 25/7/2009، بموجب مذكرة تقدمت بها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية إبان نظرها الدعوى رقم 2049 لسنة 1998 ضرائب كلى، وكانت تلك المحكمة قد قدرت جدية هذا الدفع، وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية في أجل غايته 10/1/2010، فأقامت الدعوى المعروضة بإيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 6/1/2010، في غضون الميعاد الذى ضربته لها محكمة الموضوع، وبما لا يجاوز مهلة الثلاثة أشهر التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، ومن ثم، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، على سند من أن تصريح محكمة الموضوع قد صدر بتاريخ 15/11/2008، استنادًا إلى خطأ مادى ورد في محضــــــر جلسة تلك المحكمة، لا يصح الارتكان إليه، مما يتعين معه رفض الدفع المشار إليه.
      وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ حكمها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون له أثر رجعى ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التى اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره بالجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم بات صادرًا قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا أو بانقضاء مدة التقادم.
      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان مناط الدعوى الموضوعية المنظورة أمام محكمة الموضوع هو سريان الإعفاءات الضريبية المنصوص عليها بموجب النصين المطعون عليهما على التوسعات التي استجدت بعد بدء نشاط الشركة، وكانت هذه المسألة القانونية قد سبق طرحها على المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 24360 لسنة 51 قضائية عليا، والتى قضت فيها بجلسة 27/12/2008، برفض الدعوى، حاسمة موضوع هذا النزاع، قبل إقامة هذه الدعوى الدستورية، وهو حكم بات حائزًا لقوة الأمر المقضى، وما يستتبعه ذلك من استقرار الحقوق والمراكز القانونية لأطراف النزاع الصادر في شأنه هذا الحكم، ومن ثم فقد صار الفصل في دستورية النصين المطعون فيهما، غير ذى أثر على النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، والطلبات المطروحة فيه، لتنتفي بذلك المصلحة في الطعن عليها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه ولئن كان الأصل أنه متى أقيمت الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، دخلت في حوزتها، لتهيمن عليها وحدها، ولا يجوز بالتالى لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى أن تنقض قرارها الصادر بإحالة مسألة دستورية إليها، أو أن تنحى الدفع الفرعى المثار أمامها بعد تقديرها لجديته، بل يجب عليها أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية باعتباره فاصلاً في موضوعها، كاشفًا عن صحة النصوص المطعون فيها أو بطلانها، إلا أنه ولما كانت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعد أن صرحت بإقامة الدعوى الدستورية المعروضة، قضت بعدم اختصاصها نوعيًّا وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية بالإسكندرية للاختصاص، وقيدت أمام المحكمة الأخيرة برقم 44 لسنة 3 قضائية، التي مضت في نظرها والفصل فيها، فقضت بجلسة 25/3/2012، بسقوط الخصومة؛ لعدم تعجيلها من الوقف في الميعاد القانونى المنصوص عليه في المادة (134) من قانون المرافعات، وإذ انتهت هذه المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة، فلا تثريب على محكمة الموضوع إذ هى استمرت في نظر الدعوى الموضوعية والفصل فيها، ولم تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية المعروضة.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القانون الحاكم لشرط المنع من التصرف في الأراضي الصحراوية والمستصلحة


الدعوى رقم 264 لسنة 31 ق  "دستورية" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع  أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 264 لسنة 31 قضائية    "دستورية".
المقامة من
عصام محمد فرج عيد الشهابى
ضد
1-رئيس الجمهورية
2-رئيس مجلس الوزراء
3-رئيس مجلس النواب
4-رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
5- جاد الكريم يوسف أبو العلا


الإجراءات
بتاريخ الثانى عشر من ديسمبر سنة 2009 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبًا الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدنى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الخامس كان قد اشترى من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، قطعة أرض صحراوية مستصلحة مساحتها خمسة أفدنة بمشروع مبارك القومي بالسويس (قطعة رقم 81 ب)، بموجب عقد مؤرخ 18/4/2007، ثم باعها إلى المدعى بموجب العقد المؤرخ 22/10/2007، فأقام الأخير الدعوى رقم 1003 لسنة 2008 مدنى كلى السويس، ضد المدعى عليهما الرابع والخامس بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المشار إليهما، وبجلسة 26/1/2008، قضت محكمة السويس الابتدائية في تلك الدعوى برفضها، واستندت في قضائها إلى نصى المادتين (147 ، 823) من القانون المدني، وإلى نصوص المواد (2 ، 13، 16، 17) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، فطعن المدعى – في هذه الدعوى – على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 310 لسنة 32 قضائية أمام محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية استئناف السويس)، ودفع بجلسة 18/10/2009، بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.

      وحيث إن المادة (823) من القانون المدني تنص على أنه " 1- إذا تضمن العقـد أو الوصية شرطًا يقضى بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيًا على باعث مشروع، ومقصورًا على مدة معقولة.
2- ويكون الباعث مشروعًا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
3- والمدة المعقولــة يجوز أن تستغرق مدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير."

     وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستـور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.

 وحيث إنه متى كان ذلك، وكان العقد المبرم بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والمدعى عليه الخامس، محل الدعوى الموضوعية، الذى يدور النزاع فيها حول طلب الحكم بصحته ونفاذه، قد أُبرم طبقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 198 لسنة 1982، وكانت المادة (2) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه تنص على أن "تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقًا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلى:
( أ ) ............
(ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قرارًا بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأى وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة.
ويحظر استخدام هذه الأراضى في غير الغرض المخصصة من أجلـــه إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها، وبعد أخذ رأى وزارة الدفاع.
(ج) ........".
      وقد نصت المادة (3) من القانون ذاته على أن: "يكون استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقًا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له.
      وتجب المحافظة على ما قد يوجد بالأرض من مناجم ومحاجر وثروات معدنية أو بترولية وما تحويه من آثار أو تراث تاريخي، وذلك وفقًا للقوانين والنظم المعمول بها.
      وتكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع دون غيرها من الأغراض ويعبر عنها في هذا القانون (بالهيئة)."

      ونصت المادة (13) على أن "يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقًا للقواعد والشروط والأوضاع التى يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن.
      وتشمل هذه القواعد ما يكفل منح الحماية في هذه الأراضي وحصول الهيئة على مستحقاتها والمشاركة في فروق الأسعار في حالة التصرف في الأراضي بما يغطى نصيبها في المرافق الأساسية التي أقامتها الدولة........".
"
كما نصت المادة (16) من القانون ذاته على أن "يلتزم المتصرف إليه باستصلاح الأرض المبيعة باستزراعها خلال المواعيد وطبقًا للبرامج والشروط والأوضاع التى يحددها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن.
ويُحظر استخدام الأراضى المبيعة في غير الغرض المُخصصة من أجله، كما يُحظر التصرف في هذه الأراضى أو جزء منها أو تقرير أى حق عينى أصلى أو تبعى عليها أو تمكين الغير منها، إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف قبل الاستصلاح والاستزراع للأسباب التي يقدرها بعد ضمان حصول الهيئة على كامل حقوقها.
ويقع باطلاً كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره ولكل ذى شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به، وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
وفى حالة مخالفة أحكام هذه المادة يكون لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر إزالة أسباب المخالفة إداريًا على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالتها خلال المدة التى تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول."

وقد أكدت المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، على أن تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية وفقًا للأوضاع والإجراءات التى تضمنتها، ونصت الفقرة الثالثة منها على أنه "وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضى التى تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع".



ونصت المادة السادسة من هذا القانون على أن " تكون قرارات مجالس إدارة الهيئات العامة المشار إليها في المادة الثانية من هذا القانون نافذة وفقًا للقواعد المقررة في القوانين والقرارات الخاصة بإنشائها وتنظيمها وذلك عدا:
1.    القرارات التي تتعلق باختصاصات أكثر من وزارة أو هيئة عامة أو أية جهة إدارية أخرى فيتعين إبلاغها إلى رئيس مجلس الوزراء في موعد غايته عشرة أيام من تاريخ صدورها لاعتمادها، وتصبح نافذة بانقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ إبلاغه بها دون الاعتراض عليها.
2.    القرارات الصادرة بالقواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي والعقارات المخصصة للهيئات المذكورة، فلا تكون نافذة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها."



وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 في شأن القواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضى المخصصة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ونُشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 30/11/1995، وعُمل به من اليوم التالى لهذا التاريخ، ونصت المادة (58) منه على أن "يتضمن نموذج عقد البيع التزامات المتصرف إليه وعلى الأخص ما يلى:
.............
(و) عدم التصرف في الأرض قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ تسجيل عقد البيع وسداد كامل ثمن الأرض والعائد إلا بموافقة الهيئة كتابة على ذلك، وبشرط أن يكون التصرف لمن تتوافر فيه شروط الانتفاع التي وُزعت الأرض على المنتفع وفقًا لها، وأن يقبل المتصرف إليه الحلول محل المنتفع في كل التزاماته طبقًا للقانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه ولائحته التنفيذية وعقد البيع، وأن يقبل التصرف فيها إلى من ترشحه الهيئة لذلك.
ويترتب على مخالفة أى من هذه الالتزامات فسخ العقد واسترداد الأرض دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء قضائي، وتُصبح المبالغ التي سُددت من المنتفع حقًا خالصًا للهيئة التى يكون لها أيضًا أن تستوفى باقي قيمة التيسيرات النقدية التى استفاد منها المنتفع".
ومفاد جماع هذه النصوص أن التصرف في الأراضي الصحراوية لا يكون إلا وفقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 والقانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليهما، والقرارات المنفذة لهما، وأن المشرع ناط بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التصرف فيما يُخصص من هذه الأراضي لأغراض الاستصلاح والاستزراع بالتنسيق مع وزارة الدفاع، وذلك كله وفقًا للقواعد والشروط التى يقررها مجلس إدارة الهيئة، ويوافق عليها مجلس الوزراء، وتُدرج في العقود التى تبرمها الهيئة على نحو يكفل حماية هذه الأراضى وحصول الهيئة على مستحقاتها. وقد أكدت المادة (16) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، على حظر تصرف المشترين في الأراضي المباعة أو أى جزء منهـا أو تقرير أى حق عيني أصلى أو تبعى عليها إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف فيها قبل ذلك، ورتبت البطلان كجزاء على كل إجراء يخالف ذلك، ولا يجوز شهره، وقد ألزمت المادة (58) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 المشار إليه المتصرف إليه بعدم التصرف في الأرض المبيعة له قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ تسجيل عقد البيع وسداد كامل الثمن والعائد إلا بموافقة الهيئة كتابة، ورتبت على الإخلال بأى من هذه الالتزامات فسخ العقد واسترداد الأرض دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء قضائى.



لما كان ذلك، وكانت النصوص سالفة البيان من القانون رقم 143 لسنة 1981، والقانون رقم 7 لسنة 1991، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995 السالف ذكرها، تمثل نصوصًا قانونية خاصة تطبق على العقد مثار النزاع في الدعوى الموضوعية المشار إليها سلفًا، دون النصوص العامة الواردة بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هاتين الفقرتين لا يكون لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، التى أُقيمت هذه الدعوى الدستورية بمناسبتها، ذلك أن الإخلال بالحقوق التي يدعيها المدعى فيها لا يعود إلى نصيهما، وإنما يعود إلى النصوص القانونية الخاصة المشار إليها، والتى تمثل قانون العقد مثار النزاع الموضوعي، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الطعن على نصى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (823) من القانون المدني، وتكون هذه الدعوى –تبعًا لذلك- غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الحكم بصحة توقيع لا يمنع إقامة دعوى مبتدأة برد وبطلان موضوع المحرر لأى سبب شكلي أو موضوعي


الدعوى رقم 328 لسنة 23 ق "دستورية" جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 328 لسنة 23 قضائية "دستورية"
المقامة من
عبدالله محمود سيد أحمد سراج
ضــد
1 – رئيس مجلس الوزراء
2 - وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والسجل العيني
3 - سيد أحمد محمود سيد أحمد
الإجـراءات
      بتاريخ الثامن عشر من نوفمبر سنة 2001، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (14)، والبندين (ب، هـ) من المادة (15)، والمادة (45) من قانون الإثبات في المـواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت في كلتيهما الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
            حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 291 لسنة 2001 مدنى كلى، أمام محكمة الزقازيق الابتدائية - مأمورية منيا القمح الكلية، ضد المدعى، بطلب الحكم بصحة توقيعه على عقد البيع العرفي المؤرخ 5/5/1999، وذلك على سند من القول بأنه بموجب هذا العقد باع له المدعى قطعة الأرض الزراعية المبينة المساحة والحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، لقاء ثمن قدره عشرون ألف جنيه، تم سداده، إلا أنه نكل عـن تسليمه سند ملكيته للأرض المبيعة، مما حدا به لإقامة دعواه بطلباته سالفة الذكر، وحال نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
     وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانـون رقم 48 لسنة 1979، يتحدد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وتصرح بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه، وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة في صحيفة الدعوى الدستورية، أو يتعدى نطاقها. إذ كان ذلك، وكان المدعى قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، وقد قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية عن ذلك النص وحده، فأقام المدعى دعواه المعروضة؛ طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (14)، والبندين (ب، هـ) من المادة (15)، والمادة (45) من القانون المشار إليه، فإن نطاق الدعوى المعروضة ينحصر في نص الفقرة الثالثة من المادة (14) منه، دون سواه من باقي أحكام نص تلك المادة، والتي تنحل الدعوى المعروضة بالنسبة لها، وكذا نص المادتين (15) و(45) من القانون المشار إليه إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها؛ لاتصالها بهذه المحكمة بالمخالفة للأوضاع التي رسمها قانونها.

            وحيث إن المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المشار إليه تنص على أن "يعتبر المحرر العرفي صادرًا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة.
            أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار، ويكفي أن يحلف اليمين بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق.
            ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع".



            وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعــوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، ذلك أن شرط المصلحة الشخصية هو الذى يحدد فكرة الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ويؤكد ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعي المطعون عليه مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، اعتبارًا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعـوى الدستوريـة، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها.
            وحيث إن دعوى صحة التوقيع - التي انتظمتها المواد من (45) إلى (48) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - ليست سوى دعوى تحفظية، شرعت ليطمئن من بيده محرر عرفي على آخر، إلى أن الموقع على ذلك السند، لن يستطيع بعد الحكم بصحة توقيعه عليه أن ينازع في صحة ذلك التوقيع. وإقرار المدعى عليه - الصريح أو الضمني - في تلك الدعوى، لا يرد إلا على الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة، دون سواها، ومؤدى ذلك أن سائر أوجه الدفاع الشكلية أو الموضوعية تظل بمنأى عن هذا الإقرار، ولذوي الشأن حق التمسك بها في دعوى تالية، بطلب رد وبطلان المحرر لتزوير صلبه أو لبطلان التصرف الوارد في المحرر، أو عدم نفاذه. ويمتنع على القاضي في دعوى صحة التوقيع أن يتعرض لموضوع التصرف المدون في المحرر، من جهة صحته أو بطلانه، ووجوده أو انعدامه وزواله، ونفاذه أو توقفه، أو تقرير الحقوق المترتبة عليه، وتقتصر حجية الحكم الصادر في تلك الدعوى على صحة التوقيع، ولا يستطيل أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن ذلك السند. ومن أجل ذلك نصت الفقرة الثالثة (الأخيرة) من المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المشار إليه - المطعون عليها - على أن "ومن اُحتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع"، ذلك أن مناقشة موضوع المحـرر ممن احتج عليه به - المعنية بهذا النص - تفيد - بداهةً وابتداءً - التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يُحتج عليه بذلك المحرر.
       حيث كان ما تقدم، وكان النزاع في الدعوى الموضوعية المُردد بين المدعى والمدعى عليه الثالث، يدور حول طلب الحكم بصحة توقيع المدعى - في الدعوى المعروضة - على محرر عرفي، ولم يثبت سبق مناقشته موضوع ذلك المحرر، فضلاً عن أن الحكم بإثبات صحة توقيعه عليه - في حالة عدم إنكاره ما نسب إليه من توقيع - لا يحول بينه وبين إقامة دعوى مبتدأة برد وبطلان موضوع ذلك المحرر لأى سبب شكلي أو موضوعي، باعتبار أن الحكم الصادر بصحة توقيعه عليه لا يحوز أية حجية في هذا الشأن، لاختلاف موضوع الدعويين، ومن ثم، فإن إعمال حكم نص الفقرة الثالثة من المادة (14) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - المطعون عليه - يكون مُنبت الصلة بالطلب المعروض في الدعوى الموضوعية، ولا يرتب الفصل في دستوريته انعكاسًا على موضوع تلك الدعوى، وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الطعن على دستوريته، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

انهدام الجزاء الجنائي لقوانين الايجار الاستثنائية منذ العمل بالقانون 4 لسنة 1996

الدعوى رقم 22 لسنة 40 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 5 / 1 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يناير سنة 2019م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 22 لسنة 40 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من
سامى محمد أحمد القرينى
ضد
1 - وزير العـــدل
2 - النائب العـــام

الإجراءات
      بتاريخ الثالث والعشرين من مايو سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية) في الطعن رقم 23372 لسنة 85 قضائية بجلسة 14/6/2017. وفى الموضوع: بالمضي في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 22/2/1997، في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
  ونُظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في أسبوع، ولم تودع مذكرات في الأجل المشار إليه.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى في الجنحة رقم 7977 لسنة 2014 جنح مصر الجديدة، بامتناعه دون مقتض عن تسليم الوحدات السكنية محل العقود، وقدَّمته إلى المحكمة الجنائية، فقضت محكمة جنح مصر الجديدة، بجلسة 28/9/2014، بحبسه ستة أشهر مع النفاذ. استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1539 لسنة 2015 جنح مستأنف شرق القاهرة، فقضت المحكمة بجلسة 29/3/2015، بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء، مجددًا، ببراءة المتهم (المدعى) مما أسند إليه من اتهام. وإذ لم ترتض النيابة العامة هذا الحكم، طعنت عليه بطريق النقض، أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية)، بالطعن رقم 23372 لسنة 85 قضائية، ناعية عليه عدم إعمال المحكمة لسلطتها التقديرية في تعديل الاتهام، وقضائها بالبراءة، وذلك على الرغم من أن الوقائع المنسوب صدورها للمطعون ضده (المدعى)، تقع تحت وصف إجرامي آخر، ومواد اتهام أخرى، وقد امتنع المطعون ضده، بغير مقتض، عن تسليم الوحدات السكنية محل العقود، وهو الفعل المؤثم بالمادتين (336/1) من قانون العقوبات، و(23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبجلسة 14/6/2017، قضت محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية) بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة، لتحكم فيها من جديد، بهيئة استئنافية أخرى، مشيدة قضاءها على أنه من المقرر قانونًا أن تغيير المحكمة للوصف القانوني للواقعة، ليس محض رخصة لها بل هو واجب عليها، فيتعين أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع أوصافها، وأن تطبق نصوص القانون عليها تطبيقًا صحيحًا، وليس للمحكمة أن تقضى بالبراءة في دعوى قدمت لها بوصف معين، إلا بعد تقليب وقائعها على جميع الوجوه القانونية، والتحقق من أنها لا تقع تحت أى وصف قانوني من الأوصاف المستوجبة قانونًا للعقاب. أما وهى لم تفعل، وقضت ببراءة المطعون ضده، فإن حكمها يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يجب نقضه. وقد ارتأى المدعى أن حكم محكمة استئناف القاهرة المشار إليه، وقد أخضع الفعل محل الاتهام للعقاب بموجب أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، فإنه يُعد عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 22/2/1997، في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، ومن ثم فقد أقام منازعته المعروضة بالطلبات السالف بيانها.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

      وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية – وعلى ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة، فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.

      وحيث إنه يبين من الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 22/2/1997، في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" أنه قد تناول تحديد نطاق الدعوى الدستورية، فحصره في نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، بعد ربطها بالعقوبة على مخالفتها، المقررة بنص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ ثم عمد إلى تحقيق شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى؛ استمساكًا بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن عينية الدعوى الدستورية لا تعنى اعتبار هذا الشرط منفكًّا عنها؛ بل هو مناط قبولها، فلا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائمًا إلى حين الفصل فيها، توكيدًا لمبدأ حاصله، أن المصلحة الشخصية المباشرة هى شرط ابتداء، واستمرار لقبول الدعوى الدستورية. واستظهارًا لهذا الشرط في إطاره ذاك؛ وبمراعاة أن الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" – الصادر فيها الحكم المطلوب الاستمرار في تنفيذه – قد صادفها، أثناء نظرها، صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها، والأماكن التى انتهت عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، فقد أقامت المحكمة منطوق قضائها بعدم قبول الدعوى على دعامات رئيسية؛ لا قوام لهذا المنطوق دونها، وتكوّن معه كلاًّ واحدًا لا يقبل التجزئة؛ مدادها الدستور؛ نصًّا وروحًا؛ لحمتها مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وسداها "صون الحرية الشخصية؛ وبنيتها تقدير "الضرورة الاجتماعية" التى أملتها سياسة تشريعية، يتعين على المحكمة استنباط مقاصدها؛ ورصد غاياتها، متلائمة معها، ملتزمة بها؛ غير قاصرة على مفاهيم حرفية عفا عليها الزمن، بمنهجية تأخذ في اعتبارها دومًا، أن الدستور وثيقة تقدمية نابضة بالحياة؛ فلا تصد عن التطور آفاقه الرحبة.

      متى كان ذلك؛ وكانت المحكمة الدستورية العليا؛ قد شيدت حكمها بانتفاء مصلحة المدعى في الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (6) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، وما يرتبط به من نص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، على انهدام الجزاء الجنائي، الذى فرضه النص الأخير – من منظور دستورى – منذ العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 – المشار إليه؛ فإن حكمها هذا، يكون مرتبطًا بهذين النصين، في الإطار الذى حددته لهما؛ بما مؤداه: وجوب القضاء - في أية منازعة متعلقة بتنفيذ ذلك الحكم - بإهدار جميع أشكال العوائق التى يكون من شأنها إعادة إحياء العقوبة، المقررة بنص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وهى تلك العقوبة التى انتهى الحكم سالف الذكر إلى سقوطها في مجال تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981.

      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم الجنائي الصادر في الطعن رقم 23372 لسنة 85 قضائية، الذى يطلب المدعى عدم الاعتداد به، باعتباره عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، قد صدر بنقض الحكم المطعون فيه، والذى كان قد قضى ببراءة المتهم (المدعى) من التهمة المنسوبة إليه، وقوامها الامتناع، بغير مقتض، عن تسليم الوحدات السكنية محل العقود المؤثم بالمادتين (336/1) من قانون العقوبات و (23) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المار ذكره، وكان هذا القضاء لم يتعرض للنصوص التشريعية محل الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، واقتصر الحكم على إعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة لتتولى تحديد التكييف القانوني للواقعة المطروحة عليها، وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقًا صحيحًا، مما تنتفى معه صلته بالحكم الصادر من هذه المحكمة، ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الجنائية) في هذا الشأن، لا يُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، لتنحل الدعوى المعروضة في حقيقتها إلى طعن في هذا الحكم، مما يخرج عن ولاية هذه المحكمة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب العاجل في الدعوى بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة سالف البيان، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم، إلى القضاء بعدم قبولها مما يصير معه طلب وقف التنفيذ قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.