الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 أبريل 2014

الطعن رقم 895 لسنة 80 ق جلسة 28 / 11 / 2011

باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائـــرة الجنائيـــة
دائرة الاثنين (ب)
                                           ----
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / مصطفـى كامـل           نائب رئيس المحكمــة
وعضوية السادة المستشارين / جاب اللـه محمـد           وعاصم الغايـــــش
                             ومحمد هلالــــى           وحـازم بـــــدوى
                                               نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد صفوت
وأمين الســر السيد / ياسر حمــدى
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة 0
فى يوم الاثنين 3 من محرم سنة 1433 هـ الموافق 28 من نوفمبر سنة 2011 م
أصدرت الحكم الآتى
نظر الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 895 لسنة 80 ق 0
المرفوع من 
محمد السيد إبراهيم محمد                                          محكوم عليـه
ضــد
النيابة العامــة
" الوقائــع "
        اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 18429 لسنة 2007 مركز الزقازيق( المقيدة بالجدول الكلى برقم 2420 لسنة 2007 )
ـ        بوصف أنه فى غضون عام 2007 بدائرة مركز الزقازيق ـ حافظة الشرقية0
أولاً:ـ وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً فى محرر رسمى هو محضر مخالفة مبانى بأن قام بإنشائه على غرار المحررات الرسمية الصحيحة وأثبت به خلافاً للحقيقة أن ...... المقيمة بالزنكلون قد قامت بالبناء بدون الحصول على ترخيص من الوحدة المحلية بالزنكلون ووقع على المحضر بتوقيعات عزاها زوراً إلى الموظفين المختصين
ثانياً:ـ اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول فى استعمال المحرر المزور سالف الذكر فيما زور من أجله بأن اتفق مع المجهول وساعده بأن أمده بالبيانات اللازمة لاستعماله حيث قدمه المجهول لمركز شرطة الزقازيق محتجاً بما ورد به وتم قيده بدفتر قيد القضايا بالشرطة على النحو المبين بالتحقيقات 0
        وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة0
        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 11 من نوفمبر سنة 2009 عملاً بالمـواد 40 / ثانياً وثالثا ، 41/1 ، 206 / 2 ، 3 ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/2 من ذات القانون  بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة 0
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 14 ، 29  من ديسمبر سنة 2009 وقدمت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن فى 30 من ديسمبر سنة 2009 ، 9 ، 10 من يناير سنة 2010 موقعاً عليها من الأساتذة / بهاء الدين أبو شقة ونجاتى سيد وعلى العزونى المحامين0
        وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة 0 
المحكمـــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة والمداولة قانوناً 0
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
        وحيث إن الطاعن بمذكرات أسبابه الثلاث ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى التزوير فى محررات رسمية والاشتراك فى استعمالها قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والبطلان فى الإجراءات والخطأ فى الإسناد والإخلال بحق الدفاع ، كما أخطأ فى تطبيق القانون ، ذلك أنه خلا من بيان أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، كما لم يستظهر بحقه ـ على الأخص ـ توافر القصد الجنائى فى جريمة الاشتراك فى استعمال المحرر المزور ، ولم يورد الأعمال التي ارتكبها الطاعن والتى تدل على اشتراكه مع المتهم الآخر المجهول فى ارتكاب تلك الجريمة ، ودانه عن الاشتراك فيها رغم أن فاعلها الأصلى مجهول 0 وعول الحكم فى الإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحة تصويرهم للواقعة ودون أن يورد مؤدى تلك الأقوال على نحو واف وملتفتاً عن أن أياً منهم لم يشهد بأن الطاعن هو من ارتكب التزوير أو استعمل المحرر المزور 0 وأثبتت المحكمة فض الحرز المحتوى على المحرر المزور واطلاعها واطلاع الدفاع عليه دون أن تثبت ما أسفر عنه الاطلاع على ذلك المحرر من ملاحظات ، كما لم تجر تحقيقاً لاستجلاء كيفية وصول ذلك المحرر إلى مركز الشرطة 0 ونسب الحكم إلى الطاعن أنه وضع التوقيعات المزورة على المحررات حال أن التقرير الفنى خلا من ذلك 0 ولم يبد المحامون المدافعون عن الطاعن دفاعاً جدياً بجلسة المحاكمة ، واقتصر دفاعهم على الإقرار بارتكاب الطاعن للجريمتين المسندتين إليه رغم إنكاره لهما فضلاً عن طلب استعمال الرأفة معه ، ولم تفطن المحكمة إلى ذلك القصور الذى شاب مرافعة الدفاع وقعدت عن منحه أجلاً لإعداد دفاع جاد أو انتداب محامين آخرين للدفاع عن الطاعن ـ وأخيراً ، فقد أوقع الحكم على الطاعن عقوبة مستقلة عن الواقعة محل الاتهام رغم ما تمسك به دفاعه من وجود قضايا أخرى منظورة بذات الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وترتبط بالقضية الراهنة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بعد أن انتظمتهم جميعاً خطة جنائية واحدة بما كان يوجب ضمنهم ونظرهم معاً وإعمال مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات بتوقيع عقوبة الجريمة الأشد دون سواها ، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ قانوناً إطراحه به . وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
        وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجنى عليها أسماء حسن محمد كانت قد أقامت بناء بدون ترخيص ، وقد علمت من جيرانها بقدوم بعض الأشخاص للاستعلام عن اسم صاحب ذلك البناء المخالف ، فتوجهت إلى الطاعن وأبلغته بذلك فأخبرها بأنه قد تحرر ضدها مخالفة بناء بدون ترخيص واتفق معها على أن يتقاضى ألفى جنيه مقابل الحصول لها على حكم بالبراءة فى تلك الجريمة ، ثم قام باصطناع محضر مخالفة بناء بدون ترخيص ضد المجنى عليها المذكورة على غرار نماذج المحاضر الصحيحة ناسباً صدور ذلك المحضر إلى الموظفين المختصين بالوحدة المحلية ووضع عليه توقيعات نسبها زوراً إليهم ثم قام ببصم ذلك المحرر ببصمتى خاتمين مقلدين أحدهما كودى والآخر لشعار الدولة ، كما اصطنع كتاباً نسبه زوراً إلى الوحدة المحلية موجهاً منها إلى مركز الشرطة وبصمة بذات الخاتمين المقلدين سالفى الذكر ، واستعان الطاعن بآخر مجهول اتفق معه وساعده على توصيل تلك المحررات المزورة إلى مركز الشرطة ، حيث قيدت الأوراق برقم قضائى وقدمت المجنى عليها إلى المحاكمة الجنائية ، حيث مثل الطاعن محامياً عنها وقضت المحكمة بندب خبير فى الدعوى ، حيث ـ ولدى مباشرة المأمورية أمام الخبيرة المنتدبة ـ أفاد موظفو الوحدة المحلية بأن محضر المخالفة لم يصدر عن الوحدة وأنه مزور صلباً وتوقيعاً كما أن الأختام الممهورة بها مقلدة وأقام الحكم على ثبوت الواقعة بحق الطاعن على المساق المتقدم أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وهم موظفوا الوحدة المحلية بقرية الزنكلون والمجنى عليها وضابط قسم مكافحة جرائم الأموال العامة ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى ، وهى أدلة سائغة أوردها الحكم فى بيان واف من شأنها أن تؤدى إلى رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً .
        لما كان ذلك ، وكان الأصل فى المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات جريمة التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة بحيث ينبئ كل دليل ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير فى محررات رسمية ، مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وأن القصد الجنائى فى التزوير يتحقق متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان الحكم ـ على ما تقدم ـ قد أثبت أن الطاعن قام باصطناع وتزوير محضر مخالفة بناء بدون ترخيص ضد المجنى عليها ونسبه إلى الوحدة المحلية المختصة والعاملين بها ومهره بتوقيعات مزورة منسوبة إليهم وبصمه بخاتمين مقلدين ، كما اصطنع وزور خطاباً آخر نسبه كذلك زوراً إلى ذات الوحدة المحلية ومهره بتوقيعات غير صحيحة وأختام مقلدة ، واتبع ذلك بالاتفاق مع مجهول بأن ساعده على توصيل تلك المحررات ـ بعد تزويرها ـ إلى مركز الشرطة0 لما كان ذلك ، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه فى الإدانة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم فى التدليل على توافر أركان هاتين الجريمتين فى حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن من النعى على الحكم بدعوى أنه جاء قاصر البيان فى شأن التدليل على توافر القصد الجنائى بحقه بالنسبة لجريمة الاشتراك فى استعمال محرر مزور ، أو فى شأن التدليل على عناصر اشتراكه فى تلك الجريمة ، أو عدم إمكان تصور قيام ذلك الاشتراك قانوناً مع مجهول بدعوى ابتنائه على افتراضات ، مادامت أسبابه وافية لا قصور فيها ـ على نحو ما تقدم ـ بالنسبة لجريمة التزوير فى محررات رسمية التي أثبتها الحكم فى حقه ، وأوقع عليه عقوبة واحدة عن الجريمتين اللتين دارت عليهما المحاكمة ، وذلك بالتطبيق للمادة 32 من قانون العقوبات ، وهى عقوبة مقررة للجريمة الأخيرة ، فيبقى الحكم محمولاً عليها ، بما لا يكون معه للطاعن مصلحة فيما ينعاه فى هذا الخصوص .
        لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت فى وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها فى بيان واف ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم فى صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات ، بما ينحل معه ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض 0 لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوى على المحرر المزور واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه وكان لا يلزم إثبات بيانات المحرر أو ثمة ملاحظات عليه فى صلب الحكم بعد أن ثبت أنه كان مطروحاً على بساط البحث والمناقشة فى حضور الخصوم ، وكان فى مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليه أن يبدى ما يعن له بشأنه فى مرافعته ، ومن ثم يكون النعى على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس .
        لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن كيفية وصول المحرر المزور إلى مركز الشرطة ، ولم يطلب إجراء تحقيق معين فى شأن ذلك ، فليس له أن يتمسك بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يصح له النعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هى حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له وجه 0لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ فى الإسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما أورده الحكم من أن الطاعن مهر المحرر المزور بتوقيعات منسوبة إلى موظفى الوحدة المحلية ـ بفرض أنه استخلاص من المحكمة ليس له مأخذ من الأوراق ـ فإنه لا أثر له فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة ، إذ يستوى فى ذلك أن يكون الطاعن قد مهر المحرر بالتوقيع المزور بنفسه أو بواسطة غيره مادام الحكم قد أثبت فى حقه بدليل سائغ مستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى أنه اصطنع المحرر المزور وأثبت فيه على خلاف الحقيقة بيانات صلب محضر مخالفة البناء بدون ترخيص ونسبها إلى المجنى عليها ، وهو ما لم ينازع فيه الطاعن ، ومن ثم يكون منعاه فى هذا الخصوص غير قويم .
        لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره وتقاليد مهنته وأن ما اقتضاه القانون من أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام موكلاً كان أو منتدباً بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من أوجه دفاع ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحامين الذين حضروا للدفاع عن الطاعن لم يبدوا ما يدل على أنهم لم يتمكنوا من الاستعداد فى الدعوى ، وترافع ثلاثتهم وأبدوا دفاعاً فحواه قيام ارتباط بين القضية الماثلة وقضايا أخرى بما يوجب نظرهم معاً كما قرروا بارتكاب الطاعن للواقعة المسندة إليه ودفعوا بحسن نيته وانتفاء قصده الجنائى وطلبوا براءته واستعمال الرأفة بعد أن عددوا مسوغاتها ، وكان من المقرر أن المحامى ليس مقيداً بطريقة معينة فى الدفاع وكان الطاعن لم يدع أن المحكمة قد منعت محامييه من الاستطراد فى دفاعهم فلا محل للنعى عليها إن هو أمسك عن ذلك ، لما هو مقرر من أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن ينبنى عليه طعن مادامت المحكمة قد وفرت له حقه فى الدفاع ولم تمنعه من مباشرته كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه من سوء تصرف محامييه فى الدفاع عنه وأنهم لم يوفوا ذلك الدفاع حقه وما يزعم من نتائج يقول أنها ترتبت على ذلك لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض 0 ولا يغير من ذلك أن الدفاع عن الطاعن قد أقر بجلسة المحاكمة بارتكابه الواقعة مادام أن الحكم لم يعول على دليل مستمد من ذلك الإقرار .
        لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به دفاع الطاعن من قيام ارتباط بين القضية الماثلة وقضايا أخرى كانت منظورة بذات الجلسة التي صدر فيها الحكم ، وأطرحه فى قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع الحاضر مع المتهم من وجود ارتباط بين الدعوى الماثلة وباقى الدعاوى السبع المقيدة ضد المتهم والمنظورة بجلسة اليوم والمبينة بأمر الإحالة ، فلما كان نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات قد جرى على أنه " وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم 0 ولما كان من المقرر قانوناً أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها ، وتقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذى حصله الحكم تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه ، ومفاد ذلك أن تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات يتطلب توافر شرطين أولهما وحدة الغرض الإجرامى والثانى عدم القابلية للتجزئة ، كما أنه من المقرر أنه لا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص بالأفعال المسندة إلى المتهم إلا إذا اتحد الحق المعتدى عليه ، فإذا اختلف فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض ـ وحيث إنه وترتيباً على ما تقدم ، فلما كان الثابت من مطالعة الأوراق والدعاوى المطلوب ضمها أن المتهم فى غضون عام 2007 قد ارتكب عدة جرائم مماثلة للجرائم المنسوبة إليه فى الدعوى الماثلة ضد أشخاص مختلفين ومتعددين وفى أوقات وظروف مختلفة ، وقد استقلت الجرائم المنسوبة للمتهم فى الدعوى الماثلة مجرد حلقة فى سلسلة خطة جنائية واحدة متعددة الأفعال ، ومن ثم فإنه لا يوجد ارتباط بين نشاط المتهم الإجرامى فى الدعوى الماثلة وبين نشاطه فى الدعاوى الأخرى المطلوب ضمها وإن تشابهت هذه الدعاوى فى الغرض الإجرامى وإسلوب تنفيذه ، إلا أن هذا التشابه ليس من قبيل الارتباط الذى لا يقبل التجزئة ، ومن ثم فقد خلت الأوراق من شروط تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات ويضحى طلب ضم القضايا قد ورد فى غير محله مفتقراً إلى سنده الصحيح من الواقع والقانون ومن ثم تلتفت عنه المحكمة" .
        لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه فى رده على دفاع الطاعن ، وعلى ما يسلم به الأخير فى طعنه ، تشير إلى أن الجرائم التي قارفها قد وقعت على أشخاص مختلفين وفى تواريخ وأمكنة وظروف مختلفة ، وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منه فى كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامى واحد ، فإن ذلك لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمة موضوع الدعوى الحالية وبين الجرائم الأخرى موضوع القضايا المشار إليها بأسباب الطعن والتى كانت منظورة معها فى الجلسة نفسها التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ، ويكون ما أورده الحكم رداً على هذا الدفاع سائغ ومقبول ويضحى منعى الطاعن عليه فى هذا الخصوص غير قويم .
        لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
        حكمت المحكمة :ـ بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

أمين الســـر                                                 نائب رئيس المحكمة 

الطعن رقم 2169 لسنة 81 ق جلسة 27 / 2 / 2012

باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائـــرة الجنائيـــة
دائرة الاثنين (ب)
----
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / مصطفى كامــــل            نائب رئيس المحكمــة
وعضوية السادة المستشارين / جاب اللــه محمــد            وهانى حنـــــــا
                               وأحمد عبد الـــودود           وعلى حســــــن
        نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد مفتاح
وأمين الســر السيد /  ياسر حمدى
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة 0
فى يوم الاثنين 5 من ربيع ثان  سنة 1433 هـ الموافق 27 من فبراير سنة 2012 م
أصدرت الحكم الآتى
في الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 2169 لسنة 81 ق 0
المرفوع من
محمود السيد صبرى مدنى                                           المحكوم عليـــه
ضــد
النيابة العامــة
" الوقائــع "
        اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 1796 لسنة 2010 قسم الأميرية
 و( المقيدة بالجدول الكلى برقم 604 لسنة 2010 )0
ـ بوصف أنه فى يوم 4 من مارس سنة 2010 بدائرة قسم الأميرية ـ محافظة القاهرة0
أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً " هيروين " فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً0
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة  لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة 0
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 24 من نوفمبر سنة 2010 عملاً بالمــواد 1 ، 2 ، 3/1 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمى 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه مع مصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة 0
        فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 2 من ديسمبر سنة 2010 وقدمت مذكرة بأسباب الطعن فى 23 من يناير سنة 2011 موقع عليها من الأستاذ / محمود حسانين فرغلى المحامى 0
        وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة 0
المحكمـــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار والمرافعة والمداولة قانوناً 0
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
        وحيث إن الطاعن ينعى مذكرتى أسبابه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر " هيروين " مجرداً من القصود قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه خلا من بيان أركان الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى الأدلة التى استند إليها فى قضائه على نحو كاف ودون إيراد لمضمون أقوال الشاهد الثانى مكتفياً فى ذلك بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول بشأن مجرى التحريات ـ هذا وقد تمسك الحاضر معه بجلسة المحاكمة ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية لخلوها من بيان أسماء من يتعامل معهم وخطئها فى بيان مهنته وأنها أجريت بمعرفة مصدر سرى لم يفصح عنه مجريها كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما بيد أن الحكم رد عليهما بما لا يصلح رداً وبما يخالف المستندات التى تساند إليها الطاعن للتدليل على صحة ما تمسك به هذا وقد أغفل الحكم دفعه ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلية ولم يعرض له ـ وعول على تحريات الشرطة وأقوال مجريها فى رفض دفوعه وحصلها بما يفيد قصد الاتجار إلا أنه عاد ونفى هذا القصد فى حق الطاعن واتخذ من ضبط المخدر معه سنداً لتسويغ هذه التحريات ـ هذا وقد نازع دفاع الطاعن فى صورة الواقعة واستحالة حدوثها بالصورة التى قال بها ضابطها " شاهد الإثبات " بيد أن الحكم اعتنق تصويره لها وعول على أقواله رغم عدم صدقها وحجبه أفراد القوة المرافقة له عن الشهادة لإخفاء حقيقة وكان الضبط فضلاً عن التلاحق الزمنى السريع فى إجراءات الضبط وعدم إثبات مأموريته بدفتر أحوال القسم ـ كما لم يعرض الحكم لدفاعه بانتفاء صلته بالمخدر المضبوط وعدم علمه به وشيوع الاتهام وتلفيقه والتفت عن دفاعه القائم على أن يد العبث قد امتدت إلى الأحراز بدلالة اختلاف وزن المخدر المثبت بتقرير المعمل الكيماوى عن الذى تم رصده بمحضرى الضبط وتحقيقات النيابة العامة وعدلت المحكمة وصف التهمة المسندة إليه من إحراز بقصد الاتجار إلى إحراز مجرد من القصود دون أن تلفت نظره إلى ذلك وأخطأت فى قدر العقوبة التى أوقعتها عليه بما يخالف القانون إذ أشارت فى مدونات حكمها إلى أخذه بالرافة إعمالاً لحكم المادة 17 من قانون العقوبات بيد أنها لم تعمل أثر هذه المادة وأخيراً خلت من ورقة الحكم من توقيع أعضاء الهيئة التى أصدرته 0 كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه 0
        وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهراً مخدراً " هيروين " بغير قصد من القصود التى دين الطاعن بها وساق على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوى ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها فى بيان واف خلافاً لقول الطاعن ـ وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم  ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التى دين الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن غير سديد ـ لما كان ذلك ـ وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لا يوجد فى واقعة الدعوى سوى شاهد واحد هو النقيب / معتز بالله محمد نجيب الجوهرى على خلاف ما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه فإن منعاه فى هذا الخصوص يكون ولا محل له 0 لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان محل إقامة المأذون بتفتيشه وسنه ومهنته وعملائه أو الخطأ فى ذلك كله ـ ولا يوجب القانون حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائى بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصحة ما تلقاه من معلومات ـ ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألاّ يفصح عنها رجل الضبط القضائى الذى اختاره لمعاونته فى مهنته ـ ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن فى ذلك يكون ولا محل له 0 لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التى أوردتها ـ وكانت المحكمة قد عرضت لهذا الدفع واطرحته بما اطمأنت إليه من أقوال شاهد الإثبات من أن الضبط والتفتيش كان بناء على إذن النيابة العامة وكان الطاعن لا ينازع فى أن ما حصله الحكم فى هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن فى شأن دلالة البرقية المرسلة فى هذا الصدد لأن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراقاً رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ـ فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض 0 لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن التحريات السرية التى قام بها الضابط / معتز بالله محمد نجيب الجوهرى معاون مباحث قسم الأميرية دلت على أن الطاعن يحوز ويحرز مواداً مخدرة وقد أذنت له النيابة العامة بناء على المحضر الذى تضمن هذه التحريات بضبط المتهم وتفتيشه وتفتيش مسكنه وبناء على هذا الإذن تم ضبط الطاعن حال وقوفه أمام العقار الذى يقطن به وبتفتيشه عثر بين طيات ملابسه على علبة سجائر بداخلها ستة عشر لفافة ورقية تحوى كل منها مسحوق بيج اللون يشبه مادة " الهيروين المخدر " مما يدل على أن الإذن إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن وليس عن جريمة مستقبلة أو محتملة ـ ومن ثم لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذى أبداه الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة لم تقع بعد مادام أنه دفع قانونى ظاهر البطلان 0 لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض بشأن تحريات ضابط الواقعة وأقواله مردوداً بأن استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة من حق محكمة الموضوع التى لها أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد فى هذا التصوير بدليل بعينه ـ وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى الإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخص ـ وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن المخدر فى حقه وانتهى فى منطق سائغ إلى استبعاد قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لديه فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل ذلك أن التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة وهو مالم يترد فيه الحكم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص فضلاً عن انعدام مصلحته فى إثارته لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض كما وأن الحكم لم يتخذ من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه ـ فإن منعاه فى هذا الشأن يكون ولا محل له 0 لما كان ذلك ـ وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها  وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وأن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش وسكوته عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة لا ينال من سلامة أقواله كدليل فى الدعوى  لما هو مقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقديره التقدير الذى تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش فى مكان معين هو من المسائل الموضوعية التى تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ومن ثم لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال شاهد الإثبات بدعوى عدم معقولية تصويره للواقعة والتلاحق السريع فى الإجراءات والفترة الزمنية الوجيزة التى اتخذت فيها كل هذا الذى يثيره ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل الذى تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها ومصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض 0 لما كان ذلك ،  وكان لا يصح الاعتداد بالتعليمات فى مقام تطبيق القانون فلا محل للتحدى بعدم إثبات الضابط المأمورية بدفتر الأحوال ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن غير مقبول 0 لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالمخدر وعدم علمه به وشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن اليها بما يفيد اطراحها وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما ثبت من انبساط سلطانه على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلى والمنطقى ـ وكان الطاعن لا ينازع فى صحة ما نقله الحكم من تلك الأدلة فإن منعاه فى هذا يكون غير سديد 0 لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من انتفاء صلته بالمخدر الذى تم تحليله لامتداد يد العبث إليه إن هو إلا جدل فى تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة ومن عملية التحليل التى اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها فى عقيدتها فى تقدير الدليل وهو من اطلاقاتها فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هى التفتت عن الرد على دفاعه فى هذا الشأن مادام أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب 0 لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم ـ وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة ـ وهى واقعة إحراز جوهر مخدر هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعن به ـ كان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط مجرداً من أى من قصود الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى إنما هو تطبيق سليم للقانون لا يقتضى تنبيه الدفاع ـ ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد غير سديد 0 هذا فضلاً عن أن المصلحة شرط لازم فى كل طعن ـ فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً وعلى ذلك ـ متى كان تعديل التهمة بجعل إحراز المخدر بغير قصد من القصود المسماة فى القانون والمؤثمة بالمادة 38/2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل أمراً يستفيد منه الطاعن فلا يصح أن يكون سبباً لطعنه فى الحكم الصادر عليه استناداً لقالة الإخلال بحق الدفاع مادام لم يحكم عليه بعقوبة أشد من المنصوص عليها فى القانون للجريمة الموجهة إليه . لما كان ذلك ، وكانت المادة 38/2 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 بعد تعديلها بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ـ السارى على واقعة الدعوى قد جعلت عقوبة إحراز الجواهر المخدرة الواردة بها ومنها الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى ـ والتى دين بها الطاعن هى السجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ـ فضلاً عن عقوبة المصادرة الواردة بالمادة 42 من ذات القانون ـ وكانت المادة 36 من ذات القانون توجب عند إعمال المادة 17 من قانون العقوبات فى تلك الحالة ألا تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه فإن الحكم يكون قد برئ من قالة مخالفة القانون 0 لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يستوجب توقيع جميع أعضاء الهيئة التى أصدرت الحكم على ورقته ويكفى توقيع رئيسها وكاتب الجلسة طبقاً لنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية ـ وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه موقع من رئيس الهيئة التى أصدرته فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه على نحو ما تقضى به المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بعد أن اعتبر أن إحرازه للجوهر المخدر كان مجرداً من القصود الخاصة جميعاً وإذ كانت العقوبة السالبة لحرية التى قضى بها الحكم المطعون فيه صحيحة إلا أنه خالف القانون بشأن عقوبة الغرامة لأن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التى دين الطاعن بها والمنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 38 هى العقوبة السالبة للحرية وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذى وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لما كان ما تقدم . فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً 0
فلهذه الأسباب
        حكمت المحكمة ـ: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه 0
أمين الســـر                                                      نائب رئيس المحكمة



الطعن رقم 1827 لسنة 81 ق جلسة 11 / 6 / 2012

باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائـــرة الجنائيـــة
دائرة الاثنين (ب)
----
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كامــــل        نائب رئيس المحكمــة
وعضوية السادة المستشارين / جاب الله محمــــد          وهانــى حنـــــا                          
                                ومحمد هلالــــى         وحازم بــــــدوى
         نواب رئيس المحكمــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / هانى صبحى .
وأمين السر السيد / حسام الدين أحمد
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأثنين 21 من رجب سنة 1433 هـ الموافق 11 من يونية سنة 2012م .
أصدرت الحكم الآتى
نظر الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 1827 لسنة 81 ق 0
المرفوع من
محمد عبد الرحمن مرسى حسن                                       محكوم عليـه
ضــد
1- النيابة العامــة
2- على محمود عبد الله
3ـ صفية أمين نور الدين                                        مدعيان بالحقوق المدنية
" الوقائــع "
        اتهمت النيابة العامــة كـل من 1ـ صابر عبد الرحمن مرسى حسن 2ـ محمد عبد الرحمن مرسى حسن  " طاعن " 3ـ صبرى عبد الرحمن مرسى حسن فى قضية الجناية رقم 13490 لسنة 2010 مركز سوهاج ( المقيدة بالجدول الكلى برقم 1325 لسنة 2010)0
ـ بوصف أنهم فى يوم 17 من أغسطس سنة 2010 بدائرة مركز سوهاج ـ محافظة سوهاج 0
المتهمين جميعاً :ـ قتلوا منتصر على محمود عبد الله وعماد خليفه  أحمد عبد الحليم عمداً مع سبق الإصــرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض سلاحين ناريين " بندقيتين آليتين " وعصا شوم وتوجهوا إليهما وما ظفروا بهما حتى أطلق عليهما المتهمان الأول والثانى أعيرة نارية بينما كان المتهم الثالث معهما على مسرح الجريمة للشد هى أزرهما قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التى أودت بحياتهما على النحو المبين بالتحقيقات 0
المتهمان الأول والثانى :ـ أ ـ أحرز كل منهما سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بهما .
ب ـ أحرز كل منهما ذخائر " عدة طلقات " مما تستعمل على السلاح النارى السالف حال كونه مما لا يجوز الترخيص بإحرازه .
المتهم الثالث :ـ أحرز أداة  " عصا " مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانونى أو مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية .    
 وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج  لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة0
وادعى كل من على محمود عبد الله وصفية أمين نور الدين مدنياً  قبل المتهمين بمبلغ 5000 جنيه لكل منهما على سبيل التعويض .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثانى وغيابياً للثالث فى 13 من ديسمبر سنة 2010 عملاً بالمادة 234/1 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكررا/1 . 26/ 3 ، 5 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين رقمى 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 والبند ب من القسم الثانى من الجدول رقم 3 الملحقين بالقانون الأول والمعدل بهما بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والمستبدل ثانيهما بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 بمعاقبة كل من الأول والثانى بالسجن المؤبد ومصادرة السلاح النارى المضبوط وفى الدعويين المدنيتين بإلزامه المدعى عليهما بأن يؤدياً مبلغ 5000 جنيه للمدعى الأول و5000 جنيه للمدعية الثانية بالزام وببراءة المتهم الثالث ورفض الدعويين المدنيتين قبله .
فطعن المحكوم عليه الثانى فى هذا الحكم بطريق النقض فى 18 من ديسمبر سنة 2010 وقدمت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن  فى 22 من يناير ، 6 ، 9 من فبراير سنة 2011 موقع عليهم من الأساتذة / بهاء الدين أبو شقة وأحمد محمد جاد الكريم وحسين أحمد شعيب المحامين 0
        وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة 0
المحكمـــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار والمرافعة والمداولة قانوناً 0
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
        وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى القتل العمد وإحراز سلاح نارى " بندقية آلية " وذخائر مما تستعمل عليه ومما لا يجوز الترخيص باحرازه قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه أورد صوراً متعددة لواقعة الدعوى بما ينبئ عن أن الواقعة لم تكن واضحة لدى المحكمة إلى الحد الذى يؤمن به الخطأ فى تقدير مسئولية المحكوم عليه ، ولم يدلل على توافر نية القتل فى حقه ، ودون أن يفطن لما حملته الأوراق بأقوال شاهد الإثبات الثالث ـ مجرى التحريات من أن ما قام به الطاعن إنما كان بقصد التهديد دون القتل أو ايذاء المجنى عليهما ـ وما ثبت من الأوراق من أن إصابة كل من المجنى عليهما ـ التى أحدثها المتهم المجهول ـ كانت بطلق نارى واحد على الرغم من أن السلاح المستخدم فى الحادث هو سلاح متعدد وسريع وأطرح دفاعه فى هذا الشأن بما لا يصلح . مما يعيبه ويستوجب نقضه 0
        وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد فى تحصيله لواقعة الدعوى ، ما مفاده أن مجهولاً هو الذى أطلق الأعيرة النارية صوب المجنى عليهما وأنه هو محدث إصاباتهما التى أودت بحياتهما وأن الطاعن كان معه حاملاً سلاحاً نارياً ثم عاد وأورد ـ نقلا عن شاهد الإثبات الأول أن الطاعن والمتهم الآخر المجهول هما اللذان كنا يطلقان النار صوب المجنى عليهما ، ثم عاد وأورد صورة ثالثة نقلاً عن شاهد الإثبات الثانى مؤداها أن الطاعن والمتهم الثالث كانا يحملان أسلحة نارية وأنهما كانا يطلقان النار صوب المجنى عليهما ، ثم خلص إلى إدانة المحكوم عليه الآخر بإحراز أداة " عصا ـ شوم " . ولما كان ما أورده الحكم من تلك الصور المتعارضة لوقائع الدعوى وأخذه بها جميعاً يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها فى عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة فضلاً  عما ينبئ به من أن الواقعة لم تكن واضحة لدى المحكمة إلى الحد الذى يؤمن به الخطأ فى تقدير مسئولية المحكوم عليه ـ الأمر الذى يجعل الحكم متخاذلاً متناقضاً بعضه مع بعض معيباً بالقصور هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل فى مقام رده على دفاع الطاعن بإنتفاء تلك النية وبعد أن أورد مبدأ قانونيا ـ فى قوله ( والمحكمة تطمئن لتوافر نية إزهاق  الروح والقصد الخاص فى جريمة قتل المجنى عليه عمداً من اتفاقهما مع المتهم المجهول على قتل المجنى عليهما وهى الفكرة التى برزت حال اعتدائهم على المجنى عليه وتواجدهم جميعاً على مسرح الجريمة واستعمال سلاح نارى قاتل بطبيعته وإصابة المجنى عليهما فى مواضع قاتلة بطبيعتها ويثبت بذلك توافر نية إزهاق الروح فى حق المتهمين الثانى والثالث ويكون ما تساند إليه الدفاع فى هذا الصدد غير سديد وبعيد عن محاجة الصواب وترفضه المحكمة ) . لما كان ذلك وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه ، وهذا العنصر ذا طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم ، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم فى هذا الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التى  تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها فى أوراق الدعوى ، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادى الذى قارفه الطاعن ، ذلك أن تواجد الطاعن والمحكوم عليه الآخر مع  المجهول ـ الذى أطلق النار صوب المجنى عليهما وأحدث إصاباتهما التى أودت بحياتهما ـ على مسرح الجريمة واستعمال المجهول لسلاح نارى قاتل بطبيعته وإصابة المجنى عليهما فى مواضع قاتلة ـ لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل فى حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه لأن تواجد الطاعن حاملاً لسلاح نارى على مسرح الجريمة واطلاق المجهول النار على المجنى عليهما فى مواضع قاتلة قد يتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد فى حقه ، كما أن ما قال به الحكم من إتفاق الطاعن والمحكوم عليه الآخر والمجهول على قتل المجنى عليهما والذى برزت فكرته حال إعتدائهم على المجنى عليهما واستدل بها الحكم على توافر نية القتل ـ على النحو المار بيانه ـ لا تفيد هى الأخرى لثبوت نية القتل مادام الحكم لم يدلل على كيفية تحول موضوع الاتفاق بين الطاعن والمتهمين الآخرين من ضرب المجنى عليهما ـ حسبما حصل الحكم لدى إيراده واقعة الدعوى حسبما استقرت فى عقيـدة المحكمة ـ إلى قتلهما وذلك من واقع أدلة الثبوت ـ على النحو الذى أورده ـ والتى  خلت من نسبة توافر ذلك القصد وتلك النية فى حق الطاعن . لما كان ذلك ، فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلاً على توفر نية القتل فى حق الطاعن ورداً على دفاع الطاعن فى هذا الشأن لا يبلغ حد الكفاية بما يشوبه يعيب القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه .  لما كان ذلك ، وكان لا محل ـ فى خصوصية هذه الدعوى ـ لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطاعن على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز السلاح النار وذخيرته مما لا يجوز الترخيص بإحرازه وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة ، لا محل لذلك لأن الطاعن ينازع فى طعنه فى الواقعة ـ التى اعتنقها الحكم ـ بأكملها ، نافيا وجوده أثناء الحادث حاملاً سلاحاً أو إطلاقه النار منه ، فضلاً عن أن هذا التبرير لا يرد حيث يوجد قضاء فى الدعوى المدنية مؤسس على ثبوت جريمة القتل العمد . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ، بغير حاجة إلى بحث باقى ما يثيره الطاعن فى طعنه .                                      
فلهذه الأسباب
        حكمت المحكمة ـ: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية الى محكمة جنايات سوهاج لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى 0

أمين الســـر                                                      نائب رئيس المحكمة 

الطعن رقم 275 لسنة 78 ق جلسة 13 / 6 / 2011

باسم الشعب

محكمة النقـض

الدائــرة الجنائيـــة

دائرة الاثنين " ب "

ـــــ

المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كامــل         نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين / جاب الله محمــد               وعاصـم الغايــش                                                

                              ويحيى محمـــود           وأحمد عبد الــودود         

                         نواب رئيس المحكمــة

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / طارق رضوان .

وأمين السر السيد / حسام الدين أحمد .

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .

فى يوم الاثنين 11 من رجب سنة 1432 هـ الموافق 13 من يونيه سنة 2011م .

                                       أصدرت الحكم الآتى :

فـى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 275 لسنة 78 القضائية .

                                       المرفوع مـن :

بدير متولى بدير أبو هيشه

حنان متولى بدير أبو هيشه                                            المحكوم عليهما

ضــد

النيابة العامـة

ومنها ضد
رضا متولى بدير أبو هيشه                                    ( مطعون ضده )
"  الوقائـع  "
        اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضى ببراءته فى قضية الجناية رقم 9798 لسنة 2006  "المقيدة بالجدول الكلى برقم 517 لسنة 2006"0
بوصف أنهم فى يوم 18 من مايو سنة 2006 بدائرة قسم أول المحلة ـ محافظة الغربية 0
أولاً:ـ قتلوا عمداً / تامر كامل عبد السلام مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء وتوجهوا لمنزله ونادت عليه المتهمة الأولى بدعوى إصلاحه على المتهم الثانى وما أن ظفرت به حتى عاجلته بضربه بسلاح أبيض " مطواة قرن غزال " فى صدره من الناحية اليمنى ثم ضربه الثانى بسلاح أبيض " خنجر " فى صدره من الناحية اليسرى حال كون المتهم الثالث مشهراً لسلاح أبيض " سيف " مؤازراً به المتهمين سالفى الذكر ومانعاً الناس من التدخل لحين إزهاق روح المجنى عليه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته حال كون المتهم الثانى عائداً على النحو الثابت بالتحقيقات 0
ثانياً:ـ أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء والمستخدمة فى الجريمة موضوع التهمة الأولى0
        وأحالتهما إلى محكمة جنايات المحلة الكبرى لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 6 مـن نوفمبر سنة 2007 عملاً بالمادة 234/1  من قانون العقوبات والمواد 1/1 و 25/1 مكرر/1 ، 30/1  من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند 1 ، 3 ، 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالسجن المؤبد وبمعاقبة الثانية بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ومصادرة السلاحين الأبيضين المضبوطين وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة 0
        فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض فى 18 ، 19 من نوفمبر سنة 2007 وقدمت مذكرة بأسباب الطعن من المتهمين الأول والثانية فى 25 من ديسمـبر سنة 2007 موقع عليها من الأستاذ / حسين الشافعى المحامى 0
        وطعنت النيابة العامة على الحكم ببراءة المتهم الثالث بطريق النقض فى 27 مــن ديسمبر 2007وقدمت النيابة العامة مذكرة بأسباب الطعن فى موقعاً عليها من السيد الأستاذ المستشار المحامى العام بذات التاريخ .
        وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
أولاً :طعن الطاعنان بدير متولى بدير أبو هيشه وحنان متولى بدير أو هيشه
---------------------------------------------
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون 0
        وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتى القتل العمد وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص ، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه عول فى إدانتهما على أقوال شهود الإثبات معتنقاً تصويرهم للواقعة رغم مخالفتها للعقل والمنطق ، واستحالة حصولها وفق ما صوره ، فضلاً عن أن الحكم لم يستظهر عناصر الاتفاق الجنائى فى حق الطاعنين والمظاهر الدالة عليه ، ورغم أنه أخذهما بالاتفاق على قتل المجنى عليه ومساءلتهما عن النتيجة إلا أنه لم يحدد من منهما أحدث الإصابات التى ساهمت فى وفاته ، كما أن الطاعنة الثانية لم تكن متواجدة على مسرح الجريمة ، هذا ولم يدلل الحكم بما يكفى على توافر نية القتل وسبق الإصرار فى حق الطاعنين ، وأن ما أورده فى استظهار تلك النية لا يعدو كونه حديثاً عن الأفعال المادية للجريمة ، فضلاً عن أن الطاعن الأول كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس ، هذا وإطرح الحكم دفاع الطاعنين القائم على التناقض بين الدليلين القولى والفنى بما لا يسوغ ، إذ أن الإصابة التى أحدثها الطاعن بالمجنى عليه لم يقطع تقرير الصفة التشريحية بأنها سبب الوفاة وأخيراً فقد تناقض الحكم ، إذ دان الطاعن الأول بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد فى حين اكتفى بإدانة الطاعنة الثانية بجريمة الضرب المفضى إلى الموت ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه0
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعـــة الدعــوى بما تتوافر به كافة العناصــر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما فى حقهما أدلة استمدها من شهادة كل من رجب كامل عبد السلام خطاب وأحمد أحمد محمد المنايلى والرائد / محمد طه أمين وعبد السلام كامل عبد السلام خطاب وممدوح عاطف أحمد سليمان عبد اللـه وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها 0
        لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اطمئنانها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ، ولها أصلها الثابت فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى تؤدى فيها شهاداتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن لأقوال شهود الإثبات وإلى تصويرهم لكيفية ارتكاب الطاعنين لجريمة قتل المجنى عليه ووثق بروايتهم المؤيدة بتقرير الصفة التشريحية ، فإن كافة ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال الشهود وما يسوقانه من قرائن فى هذا الشأن ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأدياً لمناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدانها بالدليل الصحيح ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض 0
        لما كان ذلك ، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين ، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى يوردها الحكم ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً 0 لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن اتفاق الطاعنيـن على مقارفة الجريمة فى قوله " 00 أن المحكمة تسهل قضاءها بالتنويه إلى أن فاعل الجريمـة فى حكم المادة 39 عقوبات مع غيره شريك بالضرورة يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة وبتحقق قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أى أن يكون كل متهم قصد قصد الآخر فى إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدوره فى تنفيذها بحسب الخطة التى وصفت أو تكونت فجأة لديهم وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع ويكون فاعلاً مع غيره وإذا صحت لديه نية  التدخل فى ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف " 0 لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجانى يسأل بصفته فاعلاً فى جريمة القتل العمد إذا كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التى أفضت إلى الوفاة أو ساهمت فى ذلك أو يكون هو اتفق مع غيره على ضرب المجنى عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامى الذى اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التى سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذى أحدثها ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضى أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التى تتوافر لديه 0 لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ـ فيما تقدم ـ كاف بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهم فى الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة من باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر فى إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين فى جناية القتل العمد ، ويترتب بينهم فى صحيح القانون تضامناً فى المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التى ساهمت فى الوفاة أو لم يعرف ، فإن منعى الطاعنين فى هذا الشأن لا يكون له محل 0 لما كان ذلك , وكان الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة الثانية فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً فى تقدير الدليل وفى سلطــة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض 0 لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وينم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد استظهر نية القتل فى حق الطاعنين ـ بعد أن تعرض للمبدأ القانونى فى قوله " 000 أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجانى إثر مشادة وقتية كما أن الباعث على الجريمة لا تأثير له على كيانها وأن قصد القتل أمر خفى 000 لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق وأقوال شهود الإثبات سالفة البيان وتقرير الصفة التشريحية بل وقول المتهم الثانى ذاته ( الطاعن الأول ) بتحقيقات النيابة العامة أن كلاً من المتهمين قام بطعن المجنى عليه باستخدام مدية لها سلاح ذو حد واحد مدبب الطرف والحد العلو له مشرشره به أربعة تجاويف والسلاح مفرغ من الوسط وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب مقتلاً وانهالا بهما طعناً بجسم المجنى عليه فى صدره وهو موضع قاتل فزاد ذلك من خطورتها فضلاً عما كشفت عنه الأوراق وأقوال هؤلاء الشهود وتحريات مباحث قسم أول المحلة من أن القتل كان جزاء لإعتقاد المتهمين بوجود علاقة غير مشروعة بين شقيق المجنى عليه وزوجه المتهم الثانى وثبت بتقرير الصفة التشريحية أن أياً من طعنتى المتهمين كافياً لإحداث وفاة المجنى عليه كما أن المتهم الثانى اعترف صراحة بتحقيقات النيابة العامة بقصده وانتوائه إزهاق روح المجنى عليه ومن ثم يكون هذا الدفع فى غير محله " وإذ كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف فى التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما فى هذا الشأن يكون على غير أساس 0
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى واطرحه بقولـه " وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع الحاضر مع المتهمين بتوافر عذر الدفاع الشرعى فى حق المتهمين فمردود عليه بأن من المقرر أن لا يشترط لقيام حق الدفاع الشرعى أن يكون المتهم قد اعتقد على الأقل وجود خطر على نفسه أو ماله أو على غيره أو هاله وأن يكون لهذا الاعتقاد سبب معقول ، ويشترط أيضاً لتبرير الدفاع الشرعى أن يكون الاعتداء حــالا أو على وشك الحصول ، فلا دفاع بعد زوال الاعتداء كما يشترط أخيراً أن يكون قد صدر من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى  وحيث أنه لما كان ما تقدم وكان الثابت بأقوال شهود الإثبات سالفة البيان والتى ركنت إليها المحكمة من إسناد الاتهام للمتهمين أن الآخرين توجها لمسكن شقيق المجنى عليه للانتقام منه بسبب علاقته بزوجة المتهم الثانى ( الطاعن الأول ) وكل منهما حاملاً لسلاح أبيض وعندما لم يجد الأول قامت المتهمة الأولى باستدراج المجنى عليه إلى خارج مسكنه بالنداء عليه وما أن ظفرت به قامت بطعنه بمطواة قرن غزال فى صدره ثم طلبت من المتهم الثانى الإجهاز عليه والذى أكد لها بنيته فى ذلك ، فقام بطعنه هو الآخر فى صدره محدثاً إصابته ، ولم يقم المجنى عليه بثمة فعل أو من غيره من أهليته حسبما هو ثابت بأقوال شهود الإثبات الثلاثة الأول حتى يكون لأى من المتهمين بإزهاق روحه على النحو سالف البيان عزر فى درء هذا الخطر بل لم يقل أحد من شهود الإثبات بأن ثمة اعتداء وقع على أياً من المتهمين وأهليته ومن ثم تكون الأوراق قد خلت مما يفيد توافر حالة الدفاع الشرعى لدى المتهمين الأولـــى ( الطاعنة الثانية ) والثانى ( الطاعن الأول ) ويكون هذا الدفاع فى غير محله " وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ، ذلك أن حالة الدفاع الشرعى لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذى اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق موضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع المؤدية إلى النتيجة التى رتبت عليها ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ فإن منعى الطاعن الأول على الحكم فى هذا الصدد يكون فى غير محله 0 لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى 0 كما أخذت به المحكمة ـ غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال الشهود من أن الطاعنين طعناً المجنى عليه ـ بالأسلحة البيضاء " سكين ، خنجر " لا يتعارض مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية من إصابة المجنى عليه بجروح طعنية نافذه وجروح قطعية سطحية ، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا ًمحددا ًواضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يبينا أوجه التناقض بين الدليلين القولى والفنى التى يدعيان أنهما أثاراها أمام محكمة الموضوع ، ولم يعرض لها الحكم المطعون فيه فإن منعى الطاعنين فى هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ، ومن ثم لا يسوغ لهما أن يثيرا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، ذلك لأنه دفاع موضوعى لا يقبل منهما النعى على المحكمة إغفالها الرد عليه مادام أنهما لم يتمسكا به أمامها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن يكون غير مقبول 0 لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما بشأن عدم تدليل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار وأنه دان الطاعنة بجريمة الضرب المفضى إلى موت والطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ، أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاهما فى هذا الخصوص يضحى ولا محل له 0
        لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً0
ثانياً:ـ طعن النيابة العامة
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون0
        وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده رضا متولى بدير أبو هيشه من تهمتى القتل العمد وإحراز سلاح أبيض بدون ترخيص ، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ، ذلك استند فى قضائه بالبراءة إلى ما جاء بأقوال شهود الواقعة من عدم اشتراك المطعون ضده فى واقعة التعدى على المجنى عليه رغم أن أقوالهم تضمنت تواجده على مسرح الجريمة ، وهو ما يكفى لاعتباره فاعلاً أصلياً فى ارتكابها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه 0
وحيث إنه لما كان من المقرر قانوناً أنه يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة للمتهم لكى تقضى له بالبراءة إذ المرجع فى ذلك إلى ما تطمئن إليه من تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ، ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات ، وكان تقدير أقوال الشهود متروكاً لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها بغير معقب ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة ـ بعد أن أوردت أقوال الشهود واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بعناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها بالبراءة على تشككها فى صحة الاتهام لما استظهرته من أقوال الشهود وتحريات الشرطة من أن المطعون ضده لم يكن له ثمة دور فى ارتكاب الواقعة ولم يقم بالتعدى على المجنى عليه ولم يكن متواجداً فى بداية المشاجرة وخلا تقرير الصفة التشريحية من إصابات يمكن نسبتها للمطعون ضده 0 لما كان ذلك ، وكانت المحكمة غير ملزمة فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، لأن فى إغفالها التحدث عنها ما يفيد أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم، فإن ما تثيره الطاعنة بشأن تشكك المحكمة فى صحة ما نسب إلى المطعون ضده ينحل فى حقيقته إلى جدل فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً 0 لما كان ما تقدم ، فإن طعنى الطاعنان والنيابة العامة يكونان على غير أساس متعيناً رفضهما موضوعاً 0
فلهذه الأسباب
        حكمت المحكمة :ـ بقبول طعن النيابة العامة والمحكوم عليهما شكلاً وفى الموضوع برفضهما 0

أمين الســـر                                                        نائب رئيس المحكمة