الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يونيو 2013

الطعن 25156 لسنة 63 ق جلسة 3/ 2/ 2003 س 54 ق 24 ص 268



برئاسة المستشار / محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسام عبد الرحيم ، سمير أنيس ، حسن أبو المعالى ونبيه زهران نواب رئيس المحكمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تبديد .حجز. قانون "القانون الأصلح ".محكمة النقض " سلطتها " . محكمة دستورية .
القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون التعاون الزراعى رقم 122 لسنة 1980 فيما تضمنته من حق الجمعيات التعاونية الزراعية فى تحصيل المبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإدارى . أثره : عدم قيام جريمة تبديد المنقولات المحجوز عليها بالطريق الأول . أساس ذلك ؟
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها فى هذه الحالة والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 لما كان قد صدر بتاريخ ... فى القضية ... لسنة ..... قضائية دستورية حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 فيما تضمنته من حق الجمعيات التعاونية الزراعية فى تحصيل المبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإدارى على مدينيها ، وكانت المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 تنص على أن " أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ..... " ، والمقرر فى هذا الشأن أنه إذا كان يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ، إلا أن عدم تطبيق النص - وعلى ما جرت به المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية وأقرته محكمة النقض فى أحكامها - لا ينصرف أثره إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص . لما كان ذلك ، وكان الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 ـ المار بيانها ـ يجعل الحجز الذى يستند إليها ـ كما هو الشأن فى الدعوى الماثلة ـ كأن لم يكن من يوم إجرائه ، فلا تقوم جريمة تبديد المحجوزات التى دان بها الطاعن لتخلف أركانها الأمر الذى تقضى معه محكمة النقض من تلقاء نفسها بنقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى .... بدائرة مركز .... ـ محافظة .... بدد الأشياء المحجوز عليها إدارياً لصالح .... والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها فى اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة .
وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات .
ومحكمة جنح مركز .... قضت عملاً بمادتى الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ .
استأنف ، ومحكمة .... الابتدائية قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
 فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد الطاعن بوصف أنه بدد الأشياء المحجوز عليها إدارياً لصالح جمعية ... الزراعية والمسلمة إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة وطلبت عقابه بالمادتين 341 ، 342 من قانون العقوبات ، ومحكمة أول درجة قضت بحبس الطاعن ثلاثة أشهر مع الشغل ، فاستأنف ، ومحكمة ثانى درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف . لما كان ذلك ، وكان قد صدر بتاريخ 25 من أغسطس سنة 2002 فى القضية 314 لسنة 23 قضائية دستورية حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 فيما تضمنته من حق الجمعيات التعاونية الزراعية فى تحصيل المبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإدارى على مدينيها ، وكانت المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 تنص على أن " أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ..... " ، والمقرر فى هذا الشأن أنه إذا كان يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ، إلا أن عدم تطبيق النص - وعلى ما جرت به المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية وأقرته محكمة النقض فى أحكامها - لا ينصرف أثره إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص . لما كان ذلك ، وكان الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980 ـ المار بيانها ـ يجعل الحجز الذى يستند إليها ـ كما هو الشأن فى الدعوى الماثلة ـ كأن لم يكن من يوم إجرائه ، فلا تقوم جريمة تبديد المحجوزات التى دان بها الطاعن لتخلف أركانها الأمر الذى تقضى معه محكمة النقض من تلقاء نفسها بنقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 37282 لسنة 72 ق جلسة 2/ 2/ 2003 س 54 ق 23 ص 263

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف ، فريد عوض على عوض نواب رئيس المحكمة وسيد الدليل. 
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إعدام . نيابة عامة . نقض "الطعن بالنقض . ميعاده " . محكمة النقض " " سلطتها ".
قبول عرض النيابة العامة لقضايا الإعدام ولو تجاوزت الميعاد المقرر قانوناً .
     اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذى ضمنته النيابة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(2) مواد مخدرة. جريمة" أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
جريمة حيازة وإحراز المخدرات ذات قصود خاصة . وجوب استظهارها . علم الجاني بأن ما يحرزه مخدراً أياً كانت كميته لا يدل على انتفاء أو توافر أحدهما .
إغفال حكم الإدانة في هذه الجريمة استظهار ذلك القصد الخاص . قصور .
(3) مواد مخدرة . جلب . حكم " . تسبيبه . تسبيب معيب " .
قضاء الحكم المطعون فيه في منطوقه بالتعويض الجمركي رغم خلو الأوراق ووصف النيابة العامة مما يفيد قيام المتهم بجلب المخدر من الخارج . يعيبه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1- حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحددة في المادة 34 من ذلك القانون والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها – ودون أن تتقيد بالرأي الذى ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
 2- لما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والذى يحكم واقعة الدعوى قد جعل جريمة حيازة وإحراز المخدرات من الجرائم ذات القصود الخاصة حين اختط عند الكلام على العقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها ، ووازن بين ماهية كل منها من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة حيازة المخدرات و قدر لكل منها العقوبة التي تناسبها ، ولما كان لازم ذلك وجوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم بصورة كافية وعلم الجاني بأن ما يحرزه مخدراً – سيما أن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة – وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطبقت المادة 33/2،1 بند ج من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل سالف الذكر من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجار لدى الطاعن بصورة كافية تسوغه فيما أتاه من فعل ، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور .
 3- الحكم المطعون فيه قد قضى في منطوقه بالتعويض الجمركي رغم أن ماديات الدعوى ووقائعها كما حصلها الحكم وما ثبت من أوراقها وما جاء بوصف النيابة لها خلت مما يفيد قيام المتهم بجلب المخدر من الخارج أو توجيه تلك التهمة له ، فإن ذلك يكشف عن أن المحكمة لم تتفطن لواقعة الدعوى على وجهها الصحيح وينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الدعوى واضطرابها مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالأساس الذى كونت عليه محكمة الموضوع عقيدتها فيها أو بإنزال حكم القانون عليها ، مما يجعل من المتعذر على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده ويعجزها عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :- حاز بقصد الاتجار نباتاً ممنوعاً زراعته " نبات الحشيش المخدر " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لاستطلاع رأى فضيلته الشرعي في توقيع عقوبة الإعدام شنقاً على المتهم وحددت جلسة ... للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت ذات المحكمة عملاً بالمواد 29 ، 33/2،1 بند ج ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند الأول من الجدول الخامس الملحق بمعاقبة المتهم .... وبإجماع الآراء بالإعدام شنقاً وتغريمه مائتي ألف جنيه ومصادرة النبات المخدر المضبوط وبإلزامه بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض ....إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحددة في المادة 34 من ذلك القانون والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها – ودون أن تتقيد بالرأي الذى ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن وأثبت توافره في حقه رغم عدم ضبط أدوات وزن أو مبالغ نقدية وأوقع عليه عقوبة الإعدام وقضى في منطوقه بالتعويض الجمركي رغم أن وصف النيابة العامة للتهمة وماديات الدعوى ووقائعها كما حصلها الحكم وكما ثبت من أوراقها خلت من قيام المتهم بجلب المادة المخدرة من الخارج أو توافر ما يخول القضاء بتلك العقوبة وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وسرد أدلته عليها وحصل أوجه دفاع ودفوع الطاعن في التهمة المسندة إليه ورد عليه دلل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن في قوله : " ومن حيث إنه عن قصد المتهم من حيازة النبات المخدر المضبوط ، فإنه لما كان من المقرر أن حيازة المخدر أو إحرازه بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها ، وكانت التحريات التي أجراها المقدم ... – المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات - والتي أيدتها المراقبة المستمرة للمتهم قد أسفرت عن أن المتهم يقوم بالاتجار بنبات البانجو المخدر وأنه يحرز كمية كبيرة منها وفى سبيله للقيام بتسليم أحد عملائه قدر منها بموقف سيارات الميكروباص بالطريق البطيء الموازي لطريق الإسماعيلية القاهرة الصحراوي بجوار سوق العبور دائرة قسم السلام وإذ أذنت له النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص وسيارة المتهم فقد تم العثور بسيارة المتهم على كمية من المخدر بلغ وزنها ما يزيد على ستين كيلو جرام أقر المتهم للضابط بإحرازها بقصد الاتجار فيها ، ومن ثم فقد ثبت للمحكمة يقيناً أن قصد المتهم من حيازته المخدر المضبوط كان بقصد  الاتجار ، وهو القصد الذى يؤكده أيضاً الكمية الكبيرة للمخدر والتي تزيد على الستين كيلو جرام ، فضلاً عن ما قرره المتهم بالتحقيقات من أنه كان يتاجر في المواد المخدرة لفترة طويلة ، الأمر الذى يزيد في قناعة المحكمة من توافر قصد الاتجار لدى المتهم " . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والذى يحكم واقعة الدعوى قد جعل جريمة حيازة وإحراز المخدرات من الجرائم ذات القصود الخاصة حين اختط عند الكلام على العقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها ، ووازن بين ماهية كل من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة حيازة المخدرات و قدر لكل منها العقوبة التى تناسبها ، ولما كان لازم ذلك و جوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم بصورة كافية وعلم الجانى بأن ما يحرزه مخدراً – سيما أن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة – وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطبقت المادة 33/2،1 بند ج من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل سالف الذكر من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجار لدى الطاعن بصورة كافية تسوغه فيما أتاه من فعل ، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور بما يتعين نقضه والإعادة هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد قضى في منطوقه بالتعويض الجمركى رغم أن ماديات الدعوى ووقائعها كما حصلها الحكم وما ثبت من أوراقها وما جاء بوصف النيابة لها خلت مما يفيد قيام المتهم بجلب المخدر من الخارج أو توجيه تلك التهمة له ، فإن ذلك يكشف عن أن المحكمة لم تتفطن لواقعة الدعوى على وجهها الصحيح وينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الدعوى واضطرابها مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالأساس الذى كونت عليه محكمة الموضوع عقيدتها فيها أو بإنزال حكم القانون عليها ، مما يجعل من المتعذر على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده ويعجزها عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وهو ما يوفر سبباً آخر للنقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 32866 لسنة 72 ق جلسة 2/ 2/ 2003 س 54 ق 22 ص 251



برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد طلعت الرفاعى ، أنس عمارة ، فرغلى زناتى وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رشوة . عقوبة" العقوبة المبررة " " تطبيقها " . نقض " أثر الطعن " . وقف تنفيذ .
جمع الحكم المطعون فيه بين صورتين متعارضتين للعمل الذى دان الطاعن بارتكابه الأولى أن الجعل الذى تقاضاه كان مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته طبقاً للقانون والثانية أن هذا العمل مخالف للقانون . اضطراب وتخاذل . ولا يعترض بأن العقوبة المقضى بها هى السجن لمدة سبع سنوات وغرامة ألفى جنيه تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الرشوة بصورتيها . علة ذلك ؟
نقض الحكم بالنسبة للطاعن الأول يوجب نقضه بالنسبة للطاعن الثانى . لحسن سير العدالة .
الفصل فى الطعن يجعل طلب وقف التنفيذ غير ذى موضوع .
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
 كفاية الشك فى صحة إسناد التهمة . للقضاء بالبراءة . مادام الحكم قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " .
 النعى على المحكمة قضاءها بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها . لا يصح .
 الجدل الموضوعى أمام محكمة النقض . غير جائز .
 (4) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام محكمة الموضوع فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت . مادام قد داخلتها الريبة والشك فى عناصر الإثبات . إغفالها التحدث عنها . مفاده ؟
(5) ارتباط . مسئولية جنائية . عقوبة " الإعفاء منها " . رشوة . اختلاس .
 الارتباط فى حكم المادة 32 عقوبات . مناط توافره ؟
 إعفاء المطعون ضده من العقاب عن جريمة الرشوة لا يحول دون توقيع العقاب عن جريمة الاشتراك فى الاختلاس . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك : خطأ فى تطبيق القانون . يتعين النقض والإعادة . علة ذلك ؟
(6) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . اختلاس.
 القضاء بالبراءة للشك . حده ؟
 مثال لتسبيب معيب لحكم بالبراءة فى جريمة إخفاء أوراق أميرية متحصلة من جناية اختلاس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان يبين من الحكم أنه جمع بين صورتين متعارضتين للعمل الذى دان الطاعن بارتكابه، الأولى أن الجعل الذى تقاضاه الطاعن كان مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته طبقاً للقانون والثانية أن ذلك الجعل كان الغرض منه القيام بذات العمل ولكن على نحو مخالف للقانون ، الأمر الذى يصم الحكم بالاضطراب والتخاذل ويدل على اختلال فكرته عن الواقعة وعدم استقرارها فى عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع استخلاص مقوماته سواء ما يتعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها ، وهو ما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح ، ولا يعترض على ذلك بأن العقوبة المقضى بها وهى السجن لمدة سبع سنوات والغرامة 0000 جنيه تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الرشوة بصورتها المنصوص عليها فى المادتين 103 ، 104 من قانون العقوبات ، إذ الواضح من الحكم أن المحكمة التزمت الحد الأدنى لعقوبة الغرامة المقررة لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادة 104 سالفة الذكر وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذى وقفت عنده ، ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد ، الأمر الذى يحتمل معه نزولها بعقوبة الغرامة إلى أدنى مما نزلت لولا هذا القيد القانونى . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وكذلك بالنسبة للطاعن الثانى تحقيقاً لحسن سير العدالة ، وذلك بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن أو الطعن المقدم من الطاعن الثانى ، ويضحى طلب الطاعنين وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى الطعن غير ذى موضوع .
2- لما كان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى بالبراءة ، مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الاتهام ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها خلصت ـ للأسباب السائغة التى أوردتها ـ إلى ارتيابها فى أقوال شاهد الإثبات الأول والمتهم الثانى وعدم اطمئنانها إليها ورجحت دفاع المطعون ضده ـ على ما سلف بيانه ـ وهو ما يدخل فى سلطتها بغير معقب عليها .
3- لما كان لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناءً على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها ، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه منها ، مادام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله ـ كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ـ فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا المنحى ينحل إلى جدل موضوعى لا يثار لدى محكمة النقض .
4- لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت مادام قد داخلتها الريبة والشك فى عناصر الاتهام ، ولأن فى إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
5- لما كان من المقرر أن مناط الارتباط فى حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانونى إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يسلب المحكمة حقها فى التصدى لباقى الجرائم المرتبطة وأن تنزل العقوبة المقررة لها متى رأت توافر أركانها وثبوتها قبل المتهم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده الثانى بجريمتى الرشوة والاشتراك فى الاختلاس وأعفاه من العقاب عن الجريمة الأولى إعمالاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ولم يوقع عليه عقوبة الجريمة الثانية الأخف بدعوى ارتباطها بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد ارتباطاً لا يقبل التجزئة مع أن قضاءه بإعفاء المطعون ضده المذكور من العقاب عن جريمة الرشوة يمتنع معه عليه تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ويستتبع حتماً توقيع عقوبة جريمة الاشتراك فى الاختلاس التى أثبت وقوعها منه ودلل عليها، أما وقد خالف الحكم هذا النظر وأعمل فى حق المطعون ضده حكم الفقرة الثانية من المادة 32 المشار إليها ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان تطبيق العقوبة فى حدود النص المطبق من إطلاقات محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة .
6- من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى قيام الجريمة أو فى صحة إسنادها إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط أن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ، وأن تكون الأسباب التى تستند إليها فى قضائها لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الثانى من جريمة إخفاء أوراق أميرية متحصلة من جناية اختلاس مع علمه بذلك على أنه لا يتصور وقوع جريمتى الاشتراك فى اختلاس أوراق أميرية وإخفاء تلك الأوراق من شخص واحد دون أن يتفطن إلى أن المطعون ضده تحصل على الشكويين الأوليين اللتين قدمتا ضده إلى جهاز الكسب غير المشروع من المتهم السابع دون اتفاق سابق بينهما على اختلاسهما ـ وهو ما أثبته الحكم فى مدوناته ـ مما مفاده أن المطعون ضده لم يشترك فى اختلاس هاتين الشكويين ، ومن ثم لم يكن هناك ما يحول دون مساءلته عن جريمة إخفائهما متى رأت المحكمة توافر أركانها وثبوتها قبله ، ولما كان هذا الخطأ فى فهم الواقع قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها فى شأن أدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام فى هذا الشأن فإن ذلك ينبىء عن أنها أصدرت حكمها دون أن تمحص الدعوى وتحيط بعناصرها عن بصر وبصيرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من ..... بأنهم أولاً : ـ المتهم الأول : بصفته موظفاً عمومياً " محافظ .... " طلب وأخذ لنفسه عطايا لأداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها بأن طلب وأخذ من المتهمين من الثانى وحتى السادس وبوساطة المتهم الثامن مبالغ نقدية وهدايا مبينة بالتحقيقات بلغت قيمتها ... مقابل تخصيص وإنهاء إجراءات قطعة أرض مساحتها مائة وثلاثين فدان كائنة بطريق مصر إسكندرية الصحراوى بشركة ..... والتى يساهم فيها المتهمون من الثانى وحتى السادس وذلك بالمخالفة للقواعد المقررة قانوناً فى هذا الشأن . ثانياً : ـ المتهمون من الثانى وحتى السادس : قدموا رشوة لموظف عام لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها بأن قدموا للمتهم الأول بصفته موظفاً عمومياً " محافظ .... " بوساطة المتهم الثامن المبالغ النقدية والعطايا المبينة بالتهمة أولاً . ثالثاً : ـ المتهم الثامن : توسط فى جريمة الرشوة المبينة بالتهمتين أولاً وثانياً . رابعاً : ـ المتهم السابع : (أ) بصفته موظفاً عمومياً " مدير إدارة بجهاز الكسب غير مشروع بوزارة العدل " اختلس أوراقاً أميرية وجدت فى حيازته بسبب وظيفته بأن اختلس أوراق الشكاوى المقدمة ضد المتهم الثامن لجهاز الكسب غير المشروع وسلمها له . (ب) بصفته المبينة آنفاً قبل وبغير اتفاق سابق عطايا بقصد المكافأة على إخلاله بواجبات وظيفته بأن قبل من المتهم الثامن مبلغ ... جنيهاً وبعض الهدايا الأخرى المبينة قيمتها بالتحقيقات كمكافأة على تسليمه أوراق الشكاوى التى وردت لجهاز الكسب غير المشروع ضده موضوع التهمة المبينة بالبند " أ " (جـ) بصفته المبينة آنفاً طلب لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثامن التدخل لصالحه لدى المتهم الأول للسعى لدى جهة عمله لحصوله على درجة وظيفية ومالية أعلى وكان ذلك على سبيل الرشوة مقابل تسليمه المتهم الثامن أوراق الشكاوى التى تقدم ضده إلى جهة عمله بجهاز الكسب غير المشروع وتسليمها له فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق . (ب) أخفى أوراق أميرية متحصله من جريمة اختلاس مع علمه بذلك بأن أخفى أوراق الشكاوى التى اختلسها المتهم السابع على النحو المبين بالبند " أ " من التهمة " رابعاً " (جـ) قدم وبغير اتفاق سابق على ذلك عطايا لموظف عام لمكافأته على إخلاله بواجبات وظيفته بأن قدم للمتهم السابع المبلغ المالى والهدايا موضوع البند " ب " من التهمة " رابعاً " (د) قدم رشوة لموظف عام للإخلال بواجبات وظيفية بأن وعد المتهم السابع بالتدخل لصالحه لدى المتهم الأول للسعى لدى جهة عمله لحصوله على درجة وظيفية ومالية أعلى موضوع البند " ج " من التهمة " رابعاً " .
 وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .   والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً / 103 ، 104 ، 105 ، 107 مكرراً ، 112/1 ، 118 ، 119/أ ، 119 مكرراً/أ من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريمه .... جنيه ومعاقبة المتهم السابع بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ..... جنيه وعزله من وظيفته . ثانياً : ببراءة باقى المتهمين مما نسب إليهما .
 فطعن الأول والسابع فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
 كما طعنت النيابة العامة أيضاً فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما : ـ
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه التناقض فى التسبيب ، ذلك بأن المحكمة انتهت إلى أن المبالغ والهدايا التى قدمت إلى الطاعن كانت مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها فى وقت واحد ، فى حين أنه لا يتصور عقلاً أن يتقاضى الموظف الجعل لآداء العمل الوظيفى طبقاً للقوانين واللوائح وللقيام بالعمل ذاته فى نفس الوقت على نحو مخالف لهذه اللوائح وتلك القوانين مخلاً بذلك بواجبات الوظيفة ، الأمر الذى ينبىء عن اضطراب صورة الواقعة فى ذهن المحكمة ، مما يعيب حكمها المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بالنسبة للطاعن بما مؤداه أنه طلب وأخذ لنفسه من المتهمين من الثانى حتى السادس وبوساطة المتهم الثامن عطايا وهدايا لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها وذلك بقيامه بإنهاء إجراءات تخصيص وبيع قطعة أرض بطريق مصر الإسكندرية الصحراوى لشركة .... ـ التى يساهم فيها المتهمون من الثانى حتى السادس ـ على خلاف القواعد المقررة قانوناً فى هذا الشأن ، وأورد الأدلة التى استند إليها فى قضائه بالإدانة ، عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء علمه بإلغاء التفويض الصادر له من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بالتصرف فى الأراضى التى تقع على جانبى الطريق آنف البيان واطرحه استناداً إلى أن عدم علم الطاعن بإلغاء التفويض المار ذكره غير ذى أثر فى قيام جريمة الرشوة ، فضلاً عن أن الطاعن كان يعلم علماً يقينياً بهذا الإلغاء ، مما مفاده أنه وإن كان عدم علم الطاعن بإلغاء التفويض ليس من شأنه أن ينفى عنه إخلاله بواجبات وظيفته والمتمثل فى قيامه بإنهاء إجراءات تخصيص وبيع الأرض مثار الاتهام على خلاف أحكام القانون ، إلا أنه لا يحول دون قيام جريمة الرشوة فى حقه مادام الجعل الذى تقاضاه كان فى نفس الوقت مقابل أداء العمل ذاته ولكن على نحو مطابق للقانون ، ثم انتهى الحكم إلى إدانة الطاعن بالوصف المشار إليه فى مقام بيانه لواقعة الدعوى وذلك إعمالاً لنص المادتين 103 ، 104 من قانون العقوبات التى تعاقب أولاهما على الرشوة إذا كانت مقابل أداء الموظف لعمل من أعمال وظيفته بينما تعاقب الأخرى على الرشوة إذا كان الغرض منها إخلال الموظف بواجبات تلك الوظيفة .لما كان ذلك، وكان يبين من هذا الذى أورده الحكم ـ على السياق المتقدم ـ أنه جمع بين صورتين متعارضتين للعمل الذى دان الطاعن بارتكابه، الأولى أن الجعل الذى تقاضاه الطاعن كان مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته طبقاً للقانون والثانية أن ذلك الجعل كان الغرض منه القيام بذات العمل ولكن على نحو مخالف للقانون ، الأمر الذى يصم الحكم  بالاضطراب والتخاذل ويدل على اختلال فكرته عن الواقعة وعدم استقرارها فى عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها ، وهو ما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح ، ولا يعترض على ذلك بأن العقوبة المقضى بها وهى السجن لمدة سبع سنوات والغرامة 0000 جنيه تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الرشوة بصورتيها المنصوص عليهما فى المادتين 103 ، 104 من قانون العقوبات ، إذ الواضح من الحكم أن المحكمة التزمت الحد الأدنى لعقوبة الغرامة المقررة لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادة 104 سالفة الذكر وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذى وقفت عنده ، ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد ، الأمر الذى يحتمل معه نزولها بعقوبة الغرامة إلى أدنى مما نزلت لولا هذا القيد القانونى . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وكذلك بالنسبة للطاعن الثانى تحقيقاً لحسن سير العدالة ، وذلك بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن أو الطعن المقدم من الطاعن الثانى، ويضحى طلب الطاعنين وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى الطعن غير ذى موضوع.
ثانياً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة : ـ
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض ، ذلك بأنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول ـ .... ـ من جريمة الرشوة على أن اعتراف المتهم الثانى بشأن عرض تلك الجريمة على شركائه لم تستقر على صورة واحدة وإنما جاء فى ثلاث صور متعارضة ، مع أن ما نقله الحكم من اعتراف المتهم المار ذكره لا يؤدى إلى ما رتبه عليه ، فضلاً عن أن هذا التناقض ـ بفرض وجوده ـ لا يعدو مجرد تناقض ظاهرى مرجعه إلى تعبير المتهم الثانى عن شركائه تارة بلفظ المساهمين وتارة أخرى بلفظ الشركاء أو أعضاء مجلس الإدارة ، وفاته التصدى للدليل المستمد من التسجيلات الهاتفية التى أذنت بها النيابة العامة مع أن تلك التسجيلات تشير إلى علم المطعون ضده الأول بواقعة الرشوة وقبوله تقديمها إلى المتهم الأول ، ورتب الحكم على قضائه ببراءة المطعون ضده الثانى ـ ....... ـ من جريمة الرشوة لامتناع العقاب عنها عدم توقيع عقوبة جريمة الاشتراك فى الاختلاس الأخف المرتبطة بالجريمة الأولى مع أن مناط الارتباط فى حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض فى إحداها بالبراءة ، وأخيراً فإن الحكم بنى قضاءه ببراءة المطعون ضده الثانى من جريمة إخفاء أوراق أميرية متحصلة من جناية اختلاس مع علمه بذلك على دعامتين أولاهما أن جريمتى الاختلاس والإخفاء لا يتصور وقوعهما من شخص واحد والأخرى اطمئنان المحكمة إلى إنكار المطعون ضده ارتكابه لتلك الجريمة فى حين أن الثابت من الأوراق ـ وهو ما أورده الحكم فى مدوناته ـ أن المطعون ضده المذكور تحصل على الشكويين الأوليين اللتين قدمتا ضده إلى جهاز الكسب غير المشروع من المتهم السابع دون اتفاق سابق بينهما على اختلاسهما ، وأنه أقر بارتكابه للجريمة آنفة البيان وبصحة التسجيلات المأذون بها للمحادثات الهاتفية التى جرت بينه وبين المتهم السابع ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الأول بما مفاده أن النيابة العامة اتهمته بتقديم رشوة بوساطة المتهم الثامن لموظف عام لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها ، عرض لما ساقته النيابة العامة من أدلة قبله وخلص إلى تبرئته فى قوله: " وحيث إن المحكمة وقد أحاطت بالدعوى وملابساتها ، وألمت بأدلة الثبوت فيها عن بصر وبصيرة ، فإنها لا تطمئن ولا ترتاح إلى أقوال شاهد الإثبات الأول وما قرره المتهم الثانى ... ، فى هذا الشق من الاتهام آية ذلك ما قرره واعترف به المتهم الأول ... فى شأن عرض جريمة الرشوة على شركائه جاء فى ثلاث صور ، كل صورة تختلف وتتناقض مع الأخرى ، فتارة يقرر أن جميع الشركاء علموا ووافقوا على دفع الرشوة ، ثم يقرر مرة أخرى أن من علم بجريمة الرشوة ووافق على دفعها هم المتهمون ... و... ـ المقضى بإعفائهما من العقاب ـ والمتهم ... ، ثم عاد وقرر برواية ثالثة أن جميع أعضاء مجلس الإدارة وبعض المساهمين ومنهم .... و.... والمتهم .... هم الذين علموا بجريمة الرشوة ووافقوا على دفعها . ولما كانت أقوال المتهم سالف الذكر جاءت مضطربة ولم تستقر على صورة واحدة فى هذا الشق من الاتهام فإن المحكمة لا تطمئن إليها وتطرح ما جاء بها قبله ، وتلتفت عن الدليل المقام عليها ضد المتهم .... ، لا سيما أن المتهم .... المقضي بإعفائه من العقاب ـ قرر صراحة بالتحقيقات أن الذين عرض عليهم طلب الرشوة من الشركاء هم هو وشقيقه ... ، وأنهم كانوا على علم بالغرض من المبلغ المدفوع كرشوة ، وذلك لإنهاء الإجراءات،الأمر الذى تطمئن معه المحكمة إلى أن المتهم ... لم يتصل علمه بواقعة الرشوة ، ولم يتوافر لديه القصد الجنائى لارتكاب هذه الجريمة وأن ما قام بدفعه كان من قبيل نصيبه فى قيمة الأرض ومصروفات أخرى وإذ ما انتهت المحكمة لما تقدم،فإنه يتعين الالتفات عما جاءت به التحريات بهذا الشق من الدعوى ، إذ من المقرر أن التحريات لا تصلح بذاتها أن تكون دليل أو قرينة ، وإنما تعزز ما عداها من أدلة أخرى كائنة فى الدعوى . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكانت المحكمة تطمئن إلى إنكار المتهم وصحة دفاعه فى هذا الشق من الاتهام وقد خلت الأوراق من دليل قطعى قبله ، فمن ثم يتعين القضاء ببراءته مما نسب إليه عملاً بالمادة 304/1من قانون الإجراءات الجنائية " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى بالبراءة ، مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الاتهام ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها خلصت ـ للأسباب السائغة التى أوردتها ـ إلى ارتيابها فى أقوال شاهد الإثبات الأول والمتهم الثانى وعدم اطمئنانها إليها ورجحت دفاع المطعون ضده ـ على ما سلف بيانه ـ وهو ما يدخل فى سلطتها بغير معقب عليها ، وكان لا يصح النعى على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناءً على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه منها ، مادام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله ـ كما هو الحال فى الدعوى الراهنة ـ فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا المنحى ينحل إلى جدل موضوعى لا يثار لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم فى حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت مادام قد داخلتها الريبة والشك فى عناصر الاتهام ، ولأن فى إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن طعن النيابة العامة بالنسبة للمطعون ضده الأول يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ومن حيث إنه عن طعن النيابة العامة بالنسبة للمطعون ضده الثانى ، فإنه لما كان من المقرر أن مناط الارتباط فى حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب لإن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانونى إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يسلب المحكمة حقها فى التصدى لباقى الجرائم المرتبطة وأن تنزل العقوبة المقررة لها متى رأت توافر أركانها وثبوتها قبل المتهم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده الثانى بجريمتى الرشوة والاشتراك فى الاختلاس وأعفاه من العقاب عن الجريمة الأولى إعمالاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ولم يوقع عليه عقوبة الجريمة الثانية الأخف بدعوى ارتباطها بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد ارتباطاً لا يقبل التجزئة مع أن قضاءه بإعفاء المطعون ضده المذكور من العقاب عن جريمة الرشوة يمتنع معه عليه تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ويستتبع حتماً توقيع عقوبة جريمة الاشتراك فى الاختلاس التى أثبت وقوعها منه ودلل عليها ، أما وقد خالف الحكم هذا النظر وأعمل فى حق المطعون ضده حكم الفقرة الثانية من المادة 32 المشار إليها ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان تطبيق العقوبة فى حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة . ومن ناحية أخرى ، فإنه لما كان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى قيام الجريمة أو فى صحة إسنادها إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط أن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ، وأن تكون الأسباب التى تستند إليها فى قضائها لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الثانى من جريمة إخفاء أوراق أميرية متحصلة من جناية اختلاس مع علمه بذلك على أنه لا يتصور وقوع جريمتى الاشتراك فى اختلاس أوراق أميرية وإخفاء تلك الأوراق من شخص واحد دون أن يتفطن إلى أن المطعون ضده تحصل على الشكويين الأوليين اللتين قدمتا ضده إلى جهاز الكسب غير المشروع من المتهم السابع دون اتفاق سابق بينهما على اختلاسهما ـ وهو ما أثبته الحكم فى مدوناته ـ مما مفاده أن المطعون ضده لم يشترك فى اختلاس هاتين الشكويين ، ومن ثم لم يكن هناك ما يحول دون مساءلته عن جريمة إخفائهما متى رأت المحكمة توافر أركانها وثبوتها قبله ، ولما كان هذا الخطأ فى فهم الواقع قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها فى شأن أدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام فى هذا الشأن فإن ذلك ينبىء عن أنها أصدرت حكمها دون أن تمحص الدعوى وتحيط بعناصرها عن بصر وبصيرة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين قبول طعن النيابة العامة ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثانى ، بغير حاجة لبحث باقى ما تثيره النيابة العامة فى أسباب طعنها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ