الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 نوفمبر 2024

الطعن 1189 لسنة 29 ق جلسة 16 / 2/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 33 ص 168

جلسة 16 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

----------------

(33)
الطعن 1189 لسنة 29 القضائية

(1 ، 2) تزوير.
الصور العامة للتزوير في المحررات. المحرر الرسمي.
تعريفه: الرجوع في ذلك إلى نص المادتين 211، 213 ع دون المادة 390 من القانون المدني.
مناط رسميته: تحريره من موظف عمومي مختص بمقتضى وظيفته بتحريره. الموظف العمومي في باب التزوير: تعريفه. هو من تعهد إليه إحدى السلطات الثلاث بنصيب من السلطة في أداء العمل الذي نيط به أداؤه. عدم تسوية الشارع بين القائم بخدمة عامة وبين الموظف العمومي في باب التزوير.
(3) مسئولية جنائية.
الأركان الخاصة بكل جريمة. وجوب الرجوع في استخلاص نطاق الجريمة والمسئولية الجنائية عنها إلى النص الذي يعرف الجريمة.
(4) قانون عقوبات اقتصادي.
نقد. مباشرة عمليات النقد الأجنبي من البنوك المرخص لها بذلك. تكييفها: عمليات تؤديها البنوك عن طريق موظفيها - كمستخدمين في مؤسسة خاصة - سواء قبل صدور الترخيص أو بعده - وذلك لحساب عملاء البنك وتحت مسئوليته.
أثر ذلك: تحرير ترخيص الاستيراد على نموذج خاص بالبنك وخلوه مما يفيد رسميته أو تداخل موظف عمومي في تحريره أو اعتماده يجعل التزوير المدعى به واقعاً في محرر عرفي.
(5) قانون.
تفسيره: لا محل له عند وضوح معنى النص.

--------------------
1 - دل الشارع بما نص عليه في المادتين 211، 213 من قانون العقوبات أن مناط العقاب على تغيير الحقيقة في الورقة الرسمية هو أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بمقتضى وظيفته بتحريرها - وعبارة الشارع واضحة المعنى لا غموض فيها ومراد الشارع لا يحتمل التأويل.
2 - لم يذكر قانون العقوبات تعريفاً للورقة الرسمية ولا للموظف العمومي إلا أنه يشترط صراحة لرسمية المحرر في المادتين 211، 213 أن يكون محرر الورقة الرسمية موظفاً عمومياً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها أو بالتداخل في هذا التحرير - فإذا كان يبين من الاطلاع على ترخيص الاستيراد المدعى بتزويره أنه محرر على نموذج خاص ببنك الجمهورية عن ترخيص باستيراد بضائع من الخارج وموقع عليه تحت عنوان "بنك الجمهورية - المركز الرئيسي" بإمضاءين وعليه ثلاثة أختام بختم بنك القاهرة وليس فيه ما يفيد رسميته أو تداخل موظف عمومي في تحريره أو اعتماده، فيكون الترخيص موضوع الاتهام ورقة عرفية يجرى على تغيير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات.
3 - الموظف العمومي المشار إليه في المادتين 211، 213 من قانون العقوبات هو كل من يعهد إليه بنصيب من السلطة يزاوله في أداء العمل الذي نيط به أداؤه سواء كان هذا النصيب قد أسبغ عليه من السلطة التشريعية في الدولة أو السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية - يستوي في ذلك أن يكون تابعاً مباشرة إلى هذه السلطات أو أن يكون موظفاً بمصلحة تابعة لإحداها، ولم ينص الشارع في باب التزوير على الشخص المكلف بخدمة عامة - وهو الذي يكلف ممن يملك التكليف بالقيام بعمل عارض من الأعمال العامة - ولو أراد الشارع التسوية بين القائم بخدمة عامة وبين الموظف العمومي في باب التزوير لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادتين 111، 119 من قانون العقوبات المعدلتين بالقانون رقم 69 لسنة 1953.
4 - مؤدى نص المادتين السادسة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد - والثانية من قرار وزير المالية رقم 51 لسنة 1947 أن البنوك التي تريد القيام بعمليات النقد الأجنبي لا تستطيع القيام بهذه العمليات إلا بعد تقديم طلب للحصول على ترخيص بذلك وأن تتعهد بتنفيذ جميع الاشتراطات المقررة والتي تقرر في هذا الشأن وعليها كذلك أن تقدم لوزارة المالية بياناً بما اشترته أو باعته من العملات الأجنبية أو التحويلات التي تجريها - ومفهوم ذلك أن البنوك المرخص لها عندما تقوم بهذه العمليات إنما تقوم بها لحسابها وتحت مسئوليتها، وأن الترخيص أو التعهد المشار إليهما ليس من شأنهما نقل هذه البنوك عن أصل وضعها كمؤسسات خاصة وتحويلها إلى مؤسسات عامة تابعة للدولة - بل إنها تظل كما كانت تقوم بعمليات النقد الأجنبي المصرح لها بالقيام بها بين ما تقوم به من العمليات المصرفية لحساب عملائها، وينبني على ذلك أن لا تتغير صفة موظفيها - بل ما يزالون قبل صدور الترخيص وبعده يباشرون نشاطهم كمستخدمين في مؤسسات خاصة - وعلى ذلك يكون المتهمان قد حررا ترخيص الاستيراد وهما يباشران العمل في مؤسسة خاصة هي بنك الجمهورية ولحساب هذا البنك الذي تملك إدارته وحدها سلطة تعيين الموظفين ومحاسبتهم، كما تملك دون غيرها تحديد العمل الذي يباشره كل منهم - وذلك بغض النظر عما يثيره المتهمون من عدم اختصاص من أصدر التعليمات إلى البنوك المرخص لها بعمليات النقد الأجنبي.
5 - لا محل في تعريف الورقة الرسمية للاستناد إلى المادة 390 من القانون المدني لأنها وردت في الفصل الخاص بإثبات الالتزام بالكتابة، ولأن موظفي بنك الجمهورية هم مستخدمون في مؤسسة خاصة يقومون بخدمات خاصة لعملاء البنك ولحسابه، وفضلاً عن ذلك فإن هذا الاستناد فيه توسعة نطاق الجريمة الذي حدده الشارع في المادتين 211، 213 من قانون العقوبات ومخالفة لصريح نصهما وما أوجبه الشارع في الورقة الرسمية من أن يكون محررها موظفاً عمومياً وهي صفة لابد أن تلازم مرتكب التزوير بحكم القانون - وإدخال غير الموظف العمومي في حيز هذين النصين فيه مخالفة للقواعد الأولية في المسئولية الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم الأول والثاني: ارتكبا تزويراً في ورقة أميرية - ترخيص استيراد بضائع من الخارج صادر لصالح المتهم الثالث بأن غيرا بقصد التزوير موضوع هذا الترخيص وبياناته في حال تحريره المختص بوظيفتهما التي فوضهما القانون في تأديتها، وذلك بجعلهما وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أثبتا على خلاف ما يقضي به التصريح الصادر من المراقبة العامة للاستيراد أنه رخص للمتهم الثالث باستيراد سيارات ركوب بصفة عامة دون تحديد لحجمها وكذا شاسيهات وقطع غيار أمريكية وفرنسية وإنجليزية مقابل تصدير منتجات مصرية بصفة عامة دون أي استثناء فيما عدا القطن الخام وغزل القطن والأرز إلى جميع البلاد ما عدا المنطقة الدولارية وإسرائيل، بينما يقضي التصريح المشار إليه باستيراد بضائع أمريكية وفرنسية دون غيرها وأن تكون السيارات المستوردة من النوع الصغير الذي لا يتجاوز سعر الواحدة منه 350 جنيه وأن يكون استيراد هذه السيارات مقابل تصدير منتجات مصرية معينة هي الفول السوداني والخضروات والفواكه والأزهار والبطاطس ومنتجات خان الخليلي دون غيرها وقد وقع المتهمان هذا الترخيص المزور بإمضاءيهما - والمتهم الثالث: أولاً - اشترك مع المتهمين الأول والثاني بطريق الاتفاق على ارتكاب جريمة التزوير سالفة الذكر بأن اتفق معهما على تحرير الترخيص المشار إليه على الوجه المتقدم بيانه خلافاً لما يقضي به التصريح الصادر من المراقبة العامة للاستيراد، وقد وقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق. ثانياً - استعمل الورقة الأميرية المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها، وذلك بأن قدمها لبنك القاهرة وفتح بمقتضاها اعتمادين مستنديين أولهما بمبلغ 240750 جنيه وثانيهما بمبلغ 357380 جنيه، وتعاقد استناداً إليهما مع آخرين على استيراد سيارات كبيرة لهم. ثالثاً - اختلس مستنداً متعلقاً بالحكومة هو صورة رسمية من الطلب المقدم منه للإدارة العامة للنقد، وذلك بأن استلم هذا المستند من المراقبة العامة للنقد لتوصيله مع كتابها إلى المراقبة العامة للاستيراد فاختلسه ولم يقدمه للمراقبة المذكورة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين لمحاكمة الأول والثاني بالمادة 213 من قانون العقوبات والمواد 1 و7 و16 من القانون رقم 80 لسنة 1947 وقراري وزير المالية رقمي 51 لسنة 1947 و482 لسنة 1957 وقرار لجنة الاستيراد، والمتهم الثالث بالمواد 151 و152 و213 و40/ 2 و41 و214 من قانون العقوبات. وأصدرت غرفة الاتهام قرارها أولاً باعتبار ما أسند إلى المتهمين جنحة. ثانياً - بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنح المختصة لمحاكمة المتهمين الأول والثاني طبقاً للمادتين 213 و215 من قانون العقوبات والمواد 213 و215 و40/ 2 و41 و341 من القانون المذكور بالنسبة إلى المتهم الثالث، وذلك على اعتبار أن التهمة الثالثة المسندة إلى هذا المتهم هي تبديد، فقررت النيابة العامة الطعن في قرار غرفة الاتهام بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تعيب على القرار المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون وتأويله على الواقعة كما صار إثباتها فيه - وفي بيان ذلك تقول إنه لا يشترط لتطبيق المادتين 211 و213 من قانون العقوبات في شأن التزوير في الأوراق الرسمية - أن يكون محررها موظفاً عمومياً - بل يكفي أن يكون مكلفاً بخدمة عامة - وقد جاءت المادة (390) من القانون المدني - صريحة في هذا المعنى، وإذ كان قانون العقوبات قد خلا من بيان المقصود بالورقة الرسمية في باب التزوير - فلا مناص من الرجوع في هذا الشأن إلى التعريف الوارد في المادة المذكورة وواقع الحال في الدعوى أن المشرع المصري قد نظم الرقابة على عمليات النقد وتصدير واستيراد البضائع من الخارج بالقانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و331 لسنة 1952 و111 لسنة 1953، فحظر التعامل أو إجراء أي من هذه العمليات إلا بالشروط والأوضاع التي تحدد بقرار من وزير المالية - وعن طريق المصارف المرخص لها بذلك - وقد أصدر وزير المالية تنفيذاً لذلك القرار 51 لسنة 1947 وأتبعه بالقرار 482 لسنة 1957 المعمول به من أول يوليو سنة 1957، ونص في المادة الأولى منه على أن الطلبات الخاصة بشراء عملات أجنبية بقصد استعمالها في استيراد بضائع من الخارج تقدم إلى المصارف المرخص لها بمزاولة عمليات النقد الأجنبي على الاستمارة رقم ط/ 10 المرافقة لهذا القرار مصحوبة بجميع المستندات المتعلقة بها وعلى المصارف أن ترسل هذه الطلبات طبقاً للقواعد التي تضعها لجنة الاستيراد. وقد أصدرت اللجنة المذكورة تنفيذاً لهذا القرار - تعليمات للبنوك نشرت في الوقائع المصرية ونصت المادة السابعة منها على أن تقوم البنوك بإصدار تراخيص الاستيراد وفقاً لما تقرره المراقبة العامة للاستيراد على أن يرفق بالترخيص صورة من أمر الشراء مثبتاً به ما يكون قد أدخل عليه من تعديلات بمعرفة المراقبة المذكورة. فأصبحت البنوك بمقتضى هذه التعليمات - مفوضة من قبل المشرع بإصدار تراخيص استيراد البضائع من الخارج، وأصبح موظف البنك المختص بتحريرها مكلفاً من قبل الشارع بتحريرها على النموذج المعد لذلك بما يطابق القرار الصادر في شأنها من مراقبة الاستيراد - وينبني على ذلك اعتبار موظف البنك - وهو يحرر هذه التراخيص - مكلفاً بخدمة عامة، فإذا وقع منه تزوير في موضوع هذه التراخيص حال تحريرها فإنما يعاقب بالمادة 213 من قانون العقوبات - وغير صحيح ما جاء بالقرار من أن الموظف حين يحرر تلك التراخيص إنما يقوم بخدمة خاصة لأفراد الناس - إذ هو في الواقع يقوم بهذا العمل بالنيابة عن لجنة الاستيراد المختصة أصلاً بهذا العمل، فهو يقوم بخدمة عامة بالنيابة عنها - فإذا ارتكب تزويراً في موضوع تلك التراخيص كما هو الحال في الدعوى وجبت معاقبته بالمادة 213 من قانون العقوبات بوصف الواقعة جناية تزوير في أوراق رسمية.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضدهم - بأنهم الأول "مسعود حليم مسعود" والثاني "عبد الله توفيق قدسي" ارتكبا تزويراً في ورقة أميرية - هي ترخيص استيراد بضائع من الخارج رقم 2252 - 5455 مؤرخ 9 من يناير سنة 1958 صادر لصالح المتهم الثالث "حسانين مبارك الجابري" بأن غيرا بقصد التزوير موضوع هذا الترخيص وبياناته في حال تحريره المختص بوظيفتهما التي فوضهما القانون في تأديتها، وذلك بجعلهما وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمهما بتزويرها، بأن أثبتا فيه على خلاف ما يقضي به التصريح الصادر من المراقبة العامة للاستيراد أنه رخص للمتهم الثالث باستيراد سيارات ركوب دون تحديد لحجمها وكذا شاسيهات وقطع غيار أمريكية وفرنسية وإنجليزية مقابل تصدير منتجات مصرية بصفة عامة دون أي استثناء فيما عدا القطن الخام وغزل القطن والأرز إلى جميع البلاد ما عدا المنطقة الدولارية وإسرائيل بينما يقضي التصريح المشار إليه باستيراد بضائع أمريكية وفرنسية دون غيرها وأن تكون السيارات المستوردة من النوع الصغير الذي لا يتجاوز سعر الواحدة منها 350 جنيهاً وأن يكون استيراد هذه السيارات مقابل تصدير منتجات مصرية معينة هي الفول السوداني والخضراوات والفواكه والأزهار والبطاطس ومنتجات خان الخليلي دون غيرها، وقد وقع المتهمان على هذا الترخيص المزور بإمضاءيهما. والمتهم الثالث: أولاً - اشترك مع المتهمين الأول والثاني بطريق الاتفاق على ارتكاب جريمة التزوير سالفة الذكر بأن اتفق معهما على تحرير الترخيص المشار إليه على الوجه المتقدم بيانه خلافاً لما يقضي به التصريح الصادر من المراقبة العامة للاستيراد، وقد وقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق. ثانياً - استعمل الورقة المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها وذلك بأن قدمها لأحد البنوك وفتح بمقتضاها اعتمادين أولهما بمبلغ 240750 جنيهاً مصرياً والثاني بمبلغ 357380 جنيهاً وتعاقد استناداً إليهما مع آخرين على استيراد سيارات كبيرة. ثالثاً - اختلس مستنداً متعلقاً بالحكومة هو صورة رسمية من الطلب المقدم من الإدارة العامة للنقد في 30/ 12/ 1957، وذلك بأن استلم هذا المستند من المراقبة العامة للنقد لتوصيله مع كتابها المؤرخ 4 من يناير سنة 1958 إلى المراقبة العامة للاستيراد فاختلسه ولم يقدمه للمراقبة المذكورة، وطلبت النيابة من غرفة الاتهام إحالة المطعون ضدهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبة الأول والثاني بالمادة 213 من قانون العقوبات والمواد 1 و7 و16 من القانون رقم 80 لسنة 1947 والقوانين المعدلة وقراري وزير المالية رقمي 51 لسنة 1947 و482 سنة 1957 ومعاقبة الثالث بالمواد 40/ 2 و213 و214 و151 و152/ 2 من قانون العقوبات، فأصدرت غرفة الاتهام بمحكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 13/ 3/ 1958 - القرار المطعون فيه - باعتبار تهمة التزوير جنحة منطبقة على المادتين 213 و215 من قانون العقوبات بالنسبة للأول والثاني واعتبارها كذلك بالنسبة للمتهم الثالث بالمواد 40/ 2 و41 و215 من قانون العقوبات، وقد حصل القرار المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1957 تقدم حسانين مبارك الجابري المتهم الثالث - عن طريق بنك الجمهورية - بطلب إلى مدير عام النقد يلتمس فيه الموافقة على استيراد سيارات ركوب صغيرة وشاسيهات وقطع غيار في حدود مبلغ 600 ألف جنيه بدون تحويل عملة مع إعفائه من دفع حصة عنها بالعملة الصعبة، وإذ عرض هذا الطلب على مدير عام النقد أصدر بشأنه قراراً اقتضى تنفيذه تحرير خطاب تاريخه 4/ 1/ 1958 إلى مراقب عام الاستيراد يتضمن موافقة الإدارة العامة للنقد من الناحية النقدية على إصدار ترخيص استيراد له في حدود مبلغ 600 ألف جنيه تقيد قيمتها في حساب غير مقيم يستخدم في تصدير منتجات مصرية من المرخص بتصديرها باستثناء القطن وغزل القطن والأرز في جميع البلاد فيما عدا المنطقة الدولارية وإسرائيل وبشرط موافقة المراقبة العامة للاستيراد على أنواع السلع المطلوب استيرادها، وعندئذ استلم المتهم الثالث ذلك الخطاب مرفقاً به صورة من الطلب المقدم منه لتوصيلها إلى المراقبة العامة للاستيراد بدلاً من إرسالها بطريق البريد، ولكنه احتفظ بصورة الطلب وقدم الخطاب إلى المراقبة العامة للاستيراد، وبعد فحصه أصدرت تلك المراقبة قراراً بالموافقة على استيراد الشاسيهات وقطع الغيار بالعملة المصرية على أن تقيد قيمتها في حساب خاص غير مقيم يستعمل في تصدير منتجات مصرية من المرخص بتصديرها باستثناء القطن وغزل القطن والأرز إلى جميع البلاد عدا المنطقة الدولارية وإسرائيل - أما السيارات فقد صدرت الموافقة على استيرادها أيضاً بدون تحويل عملة ولكن مقابل تصدير فول سوداني وخضروات وفواكه وأزهار وبطاطس ومنتجات خان الخليلي وعلى ألا يصدر الترخيص إلا بعد تقديم موافقة السيد وزير المالية والاقتصاد على إعفاء العملية من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وأثبتت تلك الموافقة على الكشوف المعدة لذلك - وعند عرضها على وكيل مساعد المراقبة للاستيراد - محمد أحمد الجرواني للتوقيع عليها رأى زيادة منه في الإيضاح أن يضاف إلى قرار المراقبة العامة للاستيراد عبارتين هما - من السيارات الصغيرة سعر السيارة 350 جنيهاً كما هو موضح بالفاتورة المرفقة - فكتب محمد عبده مصطفى الموظف بالمراقبة العامة العبارة الأولى وكتب هو العبارة الثانية - وعقب ذلك تقدم المتهم الثالث عن طريق أحد موظفيه بطلب إلى وزارة المالية لاستثناء العملية من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956، فوافقت وزارة المالية على هذا الاستثناء، ثم أرسلت الأوراق إلى بنك الجمهورية لإصدار إذن الاستيراد سالف الذكر، فقام مسعود حليم الموظف بقسم الاستيراد في بنك الجمهورية بتحرير الإذن رقم 2252 وضمنه التصريح باستيراد ألف سيارة وشاسيهات وقطع غيار أمريكية وفرنسية وإنجليزية بمبلغ 600 ألف جنيه على أن تقيد قيمتها في حساب غير مقيم يخصص لتصدير منتجات مصرية باستثناء القطن وغزل القطن والأرز إلى جميع البلاد فيما عدا المنطقة الدولارية وإسرائيل ووقع هو وعبد الله توفيق قدسي رئيس قلم تراخيص الاستيراد ببنك الجمهورية على هذا الإذن، ثم استلمه المتهم الثالث بعد استيفاء باقي الإجراءات اللازمة لذلك، وبعد عدة أيام توجه محمد صقر عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة النقل والهندسة إلى القائم بأعمال مدير عام التبادل التجاري - أحمد جمال الدين البرلسي وسأله إن كان المتهم الثالث قد حصل على إذن باستيراد سيارات كبيرة معللاًً ذلك بأنه عرض عليه أن يبيعه سيارات ركوب أمريكية كبيرة فنفى له أحمد جمال الدين البرلسي حصول المتهم الثالث على مثل هذا الإذن وطلب من مدير عام بنك الجمهورية صورة إذن الاستيراد الذي أصدره البنك للمتهم الثالث فبعث إليه بصورة الإذن رقم 2252، ولما اطلع عليه تبين أن الشروط المدونة بالإذن تختلف عن الشروط التي صدرت بها موافقة المراقبة العامة للاستيراد، إذ أصبح في مكنة المتهم الثالث بناءً على الترخيص المسلم إليه من البنك أن يستورد سيارات ركوب كبيرة أمريكية وفرنسية وإنجليزية مقابل تصدير كافة المنتجات المصرية عدا القطن وغزل القطن والأرز، في حين أن المراقبة العامة للاستيراد وافقت على استيراد سيارات صغيرة أمريكية وفرنسية فقط مقابل تصدير منتجات مصرية معينة هي الفول السوداني والخضروات والفواكه والأزهار والبطاطس ومنتجات خان الخليلي". ثم أورد القرار مؤدى أقوال الشهود ثم أثبت القرار في تكييف الواقعة - "إنه يجب لتطبيق المادة 213 من قانون العقوبات توافر شروط ثلاث هي "أولاً - أن يقع التزوير من موظف عمومي. ثانياً - أن يقع التزوير في محرر رسمي. ثالثاً - أن يقع التزوير حال تحرير هذا المحرر، وأن للموظف العام في باب التزوير مدلول خاص - إذ هو كل شخص مكلف من قبل السلطة العامة بصفة دائمة أو مؤقتة بتحرير الأوراق الموكول إليه تحريرها وبالتوقيع عليها وإعطاؤها الصبغة الرسمية، سواء كان ذلك على وجه الاستمرار أم لفترة مؤقتة بمرتب أو مكافأة أم بدون مقابل......، وأن المحرر الرسمي هو المحرر الذي تصدره سلطة مختصة أو يحرره موظف عام مختص عهد إليه كتابته أو يتدخل في تحريره أو التأشير عليه بمقتضى أعمال وظيفته طبقاً للقوانين واللوائح...... ومقياس التفرقة بين الورقة الرسمية وغير الرسمية هو طبيعة الورقة ونوع بياناتها ولزوم تدخل الموظف لإثبات ما فيها" وقال القرار المطعون فيه "إن الشرطين الأول والثاني غير متوافرين وأن المتهمين الأول والثاني ليسا من الموظفين العموميين وأنهما من موظفي بنك الجمهورية وهو مؤسسة خاصة وأن ما يباشره البنك على يد موظفيه في شأن تراخيص الاستيراد هو خدمة خاصة لعملائه" ثم قال القرار: "ولو قيل جدلاً بأن موظفي بنك الجمهورية أصبحوا من المكلفين بخدمة عامة فإن هذا لا يؤدي - في نطاق جريمة التزوير - إلى مساواتهم بالموظفين العموميين وبالتالي لا تكون الأوراق التي يحررونها من الأوراق الرسمية التي يعاقب على تزويرها بالمادة 213 من قانون العقوبات". وانتهى القرار المطعون فيه إلى اعتبار الواقعة جنحة معاقب عليها بالمواد 213 و215 و40 و41 من قانون العقوبات.
وحيث إن المادة 211 من قانون العقوبات تنص على أن "كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية - سواءً كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أشخاص آخرين مزورة يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن" كما نصت المادة 213 على أن "يعاقب أيضاً بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة غير بقصد التزوير موضوع السندات أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته سواءً كان ذلك بتغيير إقرار أولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها" وقد دل الشارع بهذين النصين على أن مناط العقاب على تغيير الحقيقة في الورقة الرسمية هو أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بمقتضى وظيفته بتحريرها، وعبارة الشارع واضحة المعنى لا غموض فيها ومراد الشارع لا يحتمل التأويل، وإنه وإن كان قانون العقوبات لم يذكر تعريفاً للورقة الرسمية ولا للموظف العمومي إلا أنه اشترط صراحة لرسمية المحرر في المادتين 211 و213 سالفتي الذكر أن يكون محرر الورقة الرسمية موظفاً عمومياً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها أو بالتداخل في هذا التحرير، ولما كان الموظف العمومي المشار إليه في المادتين 211 و213 من قانون العقوبات هو كل من يعهد إليه بنصيب من السلطة يزاوله في أداء العمل الذي نيط به أداؤه سواء كان هذا النصيب قد أسبغ عليه من السلطة التشريعية في الدولة أو السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية، يستوي في ذلك أن يكون تابعاً مباشرة إلى هذه السلطات أو أن يكون موظفاً بمصلحة تابعة لإحداها، ولم ينص الشارع في باب التزوير على الشخص المكلف بخدمة عامة، وهو الذي يكلف ممن يملك التكليف بالقيام بعمل عارض من الأعمال العامة، ولو أراد الشارع التسوية بين القائم بخدمة عامة وبين الموظف العمومي في باب التزوير لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادتين 111 و119 من قانون العقوبات المعدلتين بالقانون رقم 69 لسنة 1953 - وذلك كما قال القرار المطعون فيه بحق، لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على ترخيص الاستيراد المدعى بتزويره والوارد بين المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها أنه محرر على نموذج خاص ببنك الجمهورية رقمه "2252 مسلسل" عن ترخيص باستيراد بضائع من الخارج ومؤرخ 9/ 1/ 1958 وموقع عليه تحت عنوان "بنك الجمهورية المركز الرئيسي" بإمضاءين وعليه ثلاثة أختام بختم بنك القاهرة وليس فيه ما يفيد رسميته أو تداخل موظف عمومي في تحريره أو اعتماده. لما كان ذلك، وكانت المادة 6 من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد تنص على أنه "على المصارف المرخص لها في مزاولة عمليات النقد الأجنبي أن تقدم لوزارة المالية بياناً بما اشترته أو باعته من العملات الأجنبية وبالتحويلات التي تجريها وفقاً لأحكام المادة الأولى وذلك بالشروط والأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار من وزير المالية...." كما تنص المادة الثانية من قرار وزير المالية رقم 51 لسنة 1947 على أن "طلبات الترخيص للمصارف بمزاولة عمليات النقد الأجنبي يجب أن تقدم إلى اللجنة العليا للرقابة على تنفيذ أحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 عن طريق مراقب عمليات النقد مع التعهد اللازم بتنفيذ جميع الاشتراطات المقررة والتي تقرر لذلك وتقدم للجنة المذكورة كل ما تطلبه من البيانات والمستندات التي تمكنها من إبداء الرأي" ومؤدى هذين النصين أن البنوك التي تريد القيام بعمليات النقد الأجنبي لا تستطيع القيام بهذه العمليات إلا بعد تقديم طلب للحصول على ترخيص بذلك وأن تتعهد بتنفيذ جميع الاشتراطات المقررة والتي تقرر في هذا الشأن وعليها كذلك أن تقدم لوزارة المالية بياناً بما اشترته أو باعته من العملات الأجنبية أو التحويلات التي تجريها، ومفهوم ذلك أن البنوك المرخص لها عندما تقوم بهذه العمليات إنما تقوم بها لحسابها وتحت مسئوليتها وأن الترخيص أو التعهد المشار إليهما ليس من شأنهما نقل هذه البنوك عن أصل وضعها كمؤسسات خاصة وتحويلها إلى مؤسسات عامة تابعة للدولة بل أنها تظل كما كانت وتقوم بعمليات النقد الأجنبي المصرح لها بالقيام بها بين ما تقوم به من العمليات المصرفية لحساب عملائها، وينبني على ذلك أن لا تتغير صفة موظفيها بل ما يزالون قبل صدور الترخيص وبعده يباشرون نشاطهم كمستخدمين في مؤسسات خاصة، وعلى ذلك يكون المتهمان الأول والثاني قد حررا ترخيص الاستيراد وهما يباشران العمل في مؤسسة خاصة هي بنك الجمهورية، ولحساب هذا البنك الذي تملك إدارته وحدها سلطة تعيين الموظفين ومحاسبتهم، كما تملك دون غيرها تحديد العمل الذي يباشره كل منهم، وذلك بغض النظر عما يثيره المطعون ضدهم من عدم اختصاص من أصدر التعليمات إلى البنوك المرخص لها بعمليات النقد الأجنبي، ومتى تقرر ما سبق فإن الترخيص موضوع الاتهام المدعى بتزويره هو ورقة عرفية يجرى على تغيير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات، ولا محل بعد ذلك لاستناد الطاعنة إلى المادة 390 من القانون المدني والتي عرفت الورقة الرسمية لأنها وردت في الفصل الخاص بإثبات الالتزام بالكتابة ولأن موظفي بنك الجمهورية هم مستخدمون في مؤسسة خاصة يقومون بخدمات خاصة لعملاء البنك ولحسابه كما سلف القول، وفضلاً عن ذلك فإن هذا الاستناد فيه توسعة نطاق الجريمة الذي حدده الشارع في المادتين 211 و213 من قانون العقوبات ومخالفة لصريح نصهما وما أوجبه الشارع في الورقة الرسمية من أن يكون محررها موظفاً عمومياً وهي صفة لابد أن تلازم مرتكب التزوير بحكم القانون وإدخال غير الموظف العمومي في حيز هذين النصين فيه مخالفة للقواعد الأولية في المسئولية الجنائية. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

السبت، 2 نوفمبر 2024

الطعن 2255 لسنة 54 ق جلسة 26 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 59 ص 287

جلسة 26 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

-------------------

(59)
الطعن رقم 2255 لسنة 54 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم: ميعاد الطعن".
بدء ميعاد الطعن. كأصل من تاريخ صدور الحكم. الاستثناء. م 213 مرافعات.
(2) إعلان " بطلان الإعلان". حكم "ميعاد الطعن". بطلان "بطلان الإعلان". استئناف "ميعاد الاستئناف".
بطلان إعلان الحكم الابتدائي إلى المحكوم عليه، أثره. عدم انفتاح ميعاد الطعن عليه بالاستئناف.
(3) دعوى "نظر الدعوى". محكمة الموضوع. "مسائل الواقع".
محكمة الموضوع سلطتها في التحقق من حضور الخصوم الجلسات وغيابهم وحصول إعلانهم ونفي ذلك. شرطه.
(4) نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام". نقض "أسباب الطعن: السبب المتعلق بالنظام العام". محكمة الموضوع.
السبب المتعلق بالنظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه. ألا يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
(5) إثبات. تزوير "التزوير في الأوراق العرفية".
رد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى. لا يعني بطلان التصرف ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له. جواز إثبات التصرف بدليل آخر مقبول.
(6) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري. قصور. "مثال".

-------------------
1 - النص في المادة 213 من قانون المرافعات يدل على أن القانون جعل مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ النطق بها كأصل عام، إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام التي لا تعتبر حضورية والأحكام التي افترض المشرع فيها عدم علم المحكوم عليه بالخصومة وما اتخذ فيها من إجراءات فجعل مواعيد الطعن فيها من تاريخ إعلان الحكم.
2 - يشترط في إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن أن يكون إعلاناً صحيحاً مطابقاً للقواعد الخاصة بإعلان أوراق المحضرين وتسليمها. ولهذا فإذا وقع إعلان الحكم الابتدائي باطلاً فلا ينفتح به ميعاد الطعن عليه بطريق الاستئناف.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وبقبوله شكلاً على أن المطعون ضدها الأولى لم تحضر الجلسات أمام محكمة أول درجة وأنها لم تكن المقصودة بالحضور في جلسة 27/ 10/ 1976 التي ورد اسمها في محضرها على سبيل الخطأ المادي. إذ المقصودة بحضور الجلسة هي سميتها المطعون ضدها الرابعة واستدل الحكم على ذلك بإقرار الطاعن بعدم حضور المطعون ضدها الأولى في ورقة إعلانها لجلسة 15/ 12/ 1976، كما أطرح الحكم ورقة إعلانها بالحكم المؤرخة 18/ 1/ 1977 التي استند إليها الطاعن بتقريره أن المحضر إذ أثبت فيها إعلان جميع المحكوم عليهم في موطن مورثهم في مواجهة شقيقهم المطعون ضده الثاني فيكون المقصود بهذا الإعلان أشقاء الطاعن وحدهم دون زوجة أبيهم المطعون ضدها الأولى، وخلص الحكم من ذلك إلى عدم حصول إعلان الأخيرة بالحكم الابتدائي. متى كان ذلك وكان التحقق من حضور الخصوم الجلسات وغيابهم وحصول إعلانهم ونفي ذلك من الأمور الواقعية التي تدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع متى استندت في قولها إلى اعتبارات سائغة، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه لما قرره من عدم حضور المطعون ضدها الأولى الجلسات أمام محكمة أول درجة وعدم إعلانها بالحكم الابتدائي سائغاً ويرتد إلى أصل ثابت بالأوراق فمن ثم فإن النفي عليه بهذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لإثارة المسألة المتعلقة بالنظام العام لأول مرة في الطعن توافر جميع العناصر التي تتيح الإلمام بها لدى محكمة الموضوع.
5 - مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً فإذا ما ثبت للمحكمة صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح.
6 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بصدور إقرار كتابي من المطعون ضدها الأولى يحمل توقيعها ببصمة ختمها يفيد صحة التصرف الصادر له بالبيع محل النزاع من مورثها وقدم إلى المحكمة هذا القرار تأييداً لدفاعه وكان قضاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 5 من يناير سنة 1984 برد وبطلان عقد البيع محل النزاع لا يتعدى الورقة المثبتة للتصرف دون التصرف ذاته ولا يمنع الطاعن من إثباته ارتكاناً إلى الإقرار الكتابي الآنف الذكر المنسوب إلى المطعون ضدها الأولى لما له من حجية قبلها ما لم تنكره صراحة طبقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات، فمن ثم يعتبر دفاعه في هذا الخصوص جوهرياً، وإذ أمسك الحكم المطعون فيه عن الرد عليه وأعرض عما قدمه الطاعن من مستند تأييداً له فإنه يكون قد عاره القصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على...... والدة المرحوم الدعوى رقم 2252 لسنة 1976 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 2/ 1965 المتضمن بيعه له العقارات والأطيان الزراعية والحديقة المبينة بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقبوض مقداره سبعمائة وخمسون جنيهاً مع التسليم استناداً إلى أن البائع امتنع عن تقديم مستندات الملكية لإتمام شهر العقد - وأثناء سير الدعوى توفى البائع إلى رحمة الله فاختصم الطاعن ورثته - وهم زوجة أبيه المطعون ضدها الأولى وأخوته باقي المطعون ضدهم - وقررت المحكمة تأجيل الدعوى لجلسة 15/ 12/ 1976 لإعلان هؤلاء الورثة بطلبات الطاعن ثم حكمت بتاريخ 12 من يناير سنة 1977 للأخير بصحة ونفاذ عقد البيع محل النزاع وتسليم الأعيان المبيعة إليه - استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 855 لسنة 95 قضائية بصحيفة مودعة بتاريخ 8 من فبراير سنة 1978 وطلبت إلغاءه ورفض الدعوى واستندت في الاستئناف إلى أنها لم تُعلن بالدعوى ولا بالحكم الابتدائي الصادر ضدها ودفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1979 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً وبقبوله، ثم طعنت المطعون ضدها الأولى بالتزوير على عقد البيع محل النزاع فندبت المحكمة خبيراً. قسم أبحاث التزييف والتزوير في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 5 من يناير سنة 1984 - برد وبطلان عقد البيع سالف الذكر ثم عادت وحكمت بتاريخ 7 من يونيو سنة 1984 - بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 8 من يناير سنة 1979 مخلفة القانون والخطأ في تطبيقه لقضائه بقبول الاستئناف شكلاً وفى بيان ذلك يقول أن الثابت من محضر جلسة محكمة أول درجة المؤرخ 27/ 10/ 1976 أن المطعون ضدها الأولى حضرت تلك الجلسة. فيكون الحكم الابتدائي حضورياً في حقها ويسري ميعاد الطعن فيه بالاستئناف من يوم صدوره، كما أنه قد أعلنها بالصورة التنفيذية لهذا الحكم بتاريخ 28/ 8/ 1977 ثم بتاريخ 24/ 11/ 1977 وإذ لم تطعن بالاستئناف إلا بتاريخ 8/ 2/ 1978 فيكون طعنها غير مقبول لرفعه بعد الميعاد خلافاً لما قضى به الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن النص في المادة 213 من قانون المرافعات على أن (يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه.....) يدل على أن - القانون جعل مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ النطق بها كأصل عام, إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام التي لا تعتبر حضورية والأحكام التي افترض المشروع فيها عدم علم المحكوم عليه بالخصومة وما اتخذ فيها من إجراءات فجعل مواعيد الطعن فيها من تاريخ إعلان الحكم، ومن ثم فإذا ما ثبت أن المحكوم عليه لم يحضر في أية جلسة ولم يقدم مذكرة بدفاعه فإن ميعاد الطعن لا ينفتح له إلا من تاريخ إعلانه بالحكم. ويشترط في إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن أن يكون إعلاناً صحيحاً مطابقاً للقواعد الخاصة بإعلان أوراق المضرين وتسليمها ولهذا فإذا وقع إعلان الحكم الابتدائي باطلاً فلا ينفتح به ميعاد الطعن عليه بطريق الاستئناف - ولما كان الحكم المطعون فيه - الصادر بتاريخ 8 من يناير سنة 1979 أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وبقبوله شكلاً على أن المطعون ضدها الأولى لم تحضر الجلسات أمام محكمة أول درجة وأنها لم تكن المقصودة بالحضور في جلسة 27/ 10/ 1976 التي ورد اسمها في محضرها على سبيل الخطأ المادي إذ المقصودة بحضور الجلسة هي سميتها المطعون ضدها الرابعة - ....... - واستدل الحكم على ذلك بإقرار الطاعن بعدم حضور المطعون ضدها الأولى في ورقة إعلانها لجلسة 15/ 12/ 1976 كما أطرح الحكم ورقة إعلانها بالحكم المؤرخة 18/ 1/ 1977 التي استند إليها الطاعن بتقريره أن المحضر إذ أثبت فيها إعلان جميع المحكوم عليهم في موطن مورثهم في مواجهة شقيقهم المطعون ضده الثاني......... - فيكون المقصود بهذا الإعلان أشقاء الطاعن وحدهم دون زوجة أبيهم المطعون ضدها الأولى، وخلص الحكم من ذلك إلى عدم حصول إعلان الأخيرة بالحكم الابتدائي متى كان ذلك وكان التحقق من حضور الخصوم الجلسات وغيابهم وحصول إعلانهم على نحو ما سلف ونفي ذلك من الأمور الواقعية التي تدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع متى استندت في قولها إلى اعتبارات سائغة، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه لما قرره من عدم حضور المطعون ضدها الأولى الجلسات أمام محكمة أول درجة وعدم إعلانها بالحكم الابتدائي سائغاً ويرتد إلى أصل ثابت بالأوراق فمن ثم فإن النعي عليه بهذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الاستئناف بجلسة 7/ 5/ 1984 بأن المحامي الموقع على صحيفة الاستئناف غير مقبول أمام محكمة الاستئناف ولم يرد الحكم على هذا الدفع رغم تعلقه بالنظام العام، وهذا مما يعيبه.
وحيث إن ذلك النعي غير مقبول ذلك بأنه لما كان البين من الرجوع إلى محضر الجلسة آنف الذكر أن الطاعن اقتصر في دفعه على قوله بأن صحيفة الاستئناف غير موقعة أصلاً من محامٍ وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفع لما ثبت من توقيع محامٍ - المستأنفة - المطعون ضدها الأولى عليها، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن ذلك المحامي الموقع على تلك الصحيفة غير مقبول أمامها فلا يجوز له إبداء هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما تضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع، ولا يغير من ذلك القول بأن المسألة المثارة بالدفاع تتعلق بالنظام العام لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه يشترط لإثارة المسألة المتعلقة بالنظام العام الأول مرة في الطعن توافر جميع العناصر التي تتيح الإلمام بها لدى محكمة الموضوع.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضدها أقرت بصحة البيع الصادر له من مورث الطرفين بتاريخ 1/ 2/ 1965 ووقعت على الإقرار بختمها فيعتبر حجة عليها وقدم هذا الإقرار إلى المحكمة تأييداً لدفاعه، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل تحقيق هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً، فإذا ما ثبت للمحكمة صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بصدور إقرار كتابي من المطعون ضدها الأولى يحمل توقيعها ببصمة ختمها يفيد صحة التصرف الصادر له بالبيع محل النزاع من مورثها وقدم إلى المحكمة هذا الإقرار تأييداً لدفاعه وكان قضاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 5 من يناير سنة 1984 برد وبطلان عقد البيع محل النزاع لا يتعدى الورقة المثبتة للتصرف دون التصرف ذاته ولا يمنع الطاعن من إثباته ارتكاناً إلى الإقرار الكتابي الآنف الذكر المنسوب إلى المطعون ضدها الأولى لما له من حجية قبلها ما لم تنكره صراحة طبقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات، فمن ثم يعتبر دفاعه في هذا الخصوص جوهرياً، وإذ أمسك الحكم المطعون فيه عن الرد عليه وأعرض عما قدمه الطاعن من مستند تأييداً له فإنه يكون قد عاره القصور الموجب لنقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث بقية أسباب الطعن.

الطعن 1301 لسنة 29 ق جلسة 9 / 2/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 32 ص 158

جلسة 9 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-----------------

(32)
الطعن رقم 1301 سنة 29 القضائية

(أ - ج) استدلال.
حالات التحقيق استثناء.
القبض عند توافر الدلائل الكافية. مثال في إحراز مخدر.
تفتيش أشخاص المتهمين. مجال العمل بنص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية. شموله الشخص الموجود بمنزل تم الدخول إليه بوجه قانوني وتوافرت الدلائل الكافية على اتهامه.
دخول المنازل لغير التفتيش. مثال في الدخول إليها تنفيذاً لأمر من وكيل النيابة اقتضاء التحقيق.
تنفيذ التفتيش بمعرفة مأموري الضبط القضائي. متى يجب حضور الشاهدين؟ المادة 51 أ. ج. عند حصول التفتيش في غيبة المتهم.
حكم.
ضوابط التدليل. تولد الدليل عن إجراء صحيح. مثال.
(د - و) تحقيق.
التحقيق التكميلي. مكانه. متى تجوز مباشرته من المحقق في غير مقر العمل الذي يباشر اختصاصه فيه؟
استجواب المتهم. ضماناته. مجال العمل بنص المادتين 124، 125 أ. ج. بطلان التحقيق. الدفع به. عدم تأثيره في قرار إحالة القضية إلى محكمة الجنايات. آثاره. اقتصاره على الإجراء الذي تقرر بطلانه وما ترتب عليه من آثار مباشرة دون مساس بالإجراءات الصحيحة السابقة عليه.

-------------------
1 - دخول الضابط منزل المتهم لغير التفتيش أصلاً تنفيذاً لتكليف وكيل النيابة له بدخول المنزل لإحضار زوجة المتهم لإجراء المعاينة بحضورها أمر اقتضاه التحقيق ولا شائبة فيه - فإذا ما شاهد الضابط المتهم يخرج مسرعاً من غرفة بداخل المنزل ويتجه إلى حظيرة به وفي يده منديل ملفوف ألقى به فوق سقف الحظيرة وهو يعلم أنه ممن يتجرون بالمواد المخدرة، فإن هذه المظاهر هي دلائل كافية عن وقوع جريمة إحراز مخدر تجيز لهذا الضابط القبض على المتهم والاستعانة بزميله في ضبط هذا المنديل، ويكون دخول المنزل وضبط المخدر قد تما صحيحين ويصح للمحكمة الاستناد إلى الدليل المستمد من هذا الضبط.
2 - نص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية هو نص عام لا يقتضي الخصوص يجيز لمأمور الضبط القضائي التفتيش في كل الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم، وقد ورد هذا النص في الفصل الرابع الذي عنوانه "في دخول المنازل وتفتيشها وتفتيش الأشخاص"، ولا يستقيم أن يكون تفتيش الشخص وضبط ما معه جائزاً وهو بعيد عن منزله وغير جائز عند وجوده فيه ما دام الدخول إلى المنزل لم يكن مخالفاً للقانون وكان التفتيش لازماً بناءً على دلائل صريحة وكافية لاتهام شخص بجريمة إحراز المخدر، يؤيد ذلك ما جاء بالمادة 49 من إجازة التفتيش لمأمور الضبط القضائي عند وجود قرائن قوية ضد المتهم أو شخص موجود في منزله على أنه يخفي معه أشياء تفيد في كشف الحقيقة.
3 - حصول التفتيش بحضور شاهدين إعمالاً لنص المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون إلا في حالة غياب المتهم.
4 - وكيل النيابة الذي وقع الحادث في دائرة اختصاصه متى كان قد أجرى التحقيق فيه من بادئ الأمر في مقر عمله الذي يباشر اختصاصه فيه ثم أوجب عليه استكماله أن ينتقل إلى مكان آخر في بلد آخر، فإن هذا الانتقال من حقه بصفته مباشراً لسلطة التحقيق مهيمناً على مصلحته.
5 - إذا كان المتهم لا يزعم أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محاميه تقدم للمحقق مقرراً الحضور معه وقت هذا الاستجواب، فإن ما انتهت إليه المحكمة من رفض الدفع ببطلان التحقيق يكون سديداً في القانون.
6 - البطلان المشار إليه في المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا الإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة دون ما يسبقه من إجراءات تمت صحيحة، وليس من شأنه أن يؤثر في قرار إحالة القضية على محكمة الجنايات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز وأحرز أفيوناً وحشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (1) المرافق. فقررت الغرفة ذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التحقيق، والمحكمة المذكورة قضت حضورياًً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة وقالت في أسباب حكمها إن الدفع في غير محله.
فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن محصل الوجهين الأول والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع وشابه القصور، ذلك أن الطاعن طلب ضم الجناية 2283 سنة 1957 بلبيس للإطلاع على كتاب رئيس النيابة الذي أمر بالمعاينة ومعرفة أي منزل طلب معاينته، كما طلب ضم الجناية رقم 2964 لسنة 1957 بلبيس لمعرفة كمية المخدرات التي ضبطت بصحراء بلبيس ونوعها وكيفية التصرف فيها تحقيقاً لما دفع به من أن التهمة ملفقة من رجال مكتب المخدرات، وطلب أيضاً إجراء المعاينة لإثبات أن سطح منزل الطاعن وجدران المنازل المجاورة مشتركة مما يسهل معه إلقاء المنديل الذي وجد به المخدر من الخارج - كما أثار في دفاعه أن المنديل والموسى المضبوطين ثبت من التحليل خلوهما من آثار المخدر وأن عبارة "وأسطح المنازل غير متلاصقة" الواردة بمحضر المعاينة أضيفت بمداد يخالف المداد الذي كتب به المحضر المذكور، ولكن المحكمة لم تجبه إلى ما طلب ولم ترد على دفاعه بما يفنده. ولما كان الطاعن قد أشار في دفاعه إلى أن زوجته كانت غضبى منه عقب اتهامها بإحراز المخدرات ولم تكن تقيم معه بالمنزل الذي أجرى تفتيشه، فإنه كان يتعين استئذان القاضي الجزئي في تفتيش منزله.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضري جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب ضم قضية الجناية رقم 2283 لسنة 1957 بلبيس وإنما طلب بجلسة 9 من يونيه سنة 1958 ضم أوراق المعاينة التي قيل بأن المأمورية كانت من أجلها ولم يتمسك بهذا الطلب في جلسة 10 من يونيه سنة 1958 مما يعد تنازلاً منه عنه، كما أنه لم يطلب ضم الجناية رقم 2964 سنة 1957 بلبيس بل اكتفى بقوله إنه لابد أن تكون في القضية الحالية بيانات خاصة بالمخدر المضبوط في الصحراء، ومن ثم فلا محل للنعي على المحكمة أنها لم تضم هاتين القضيتين وهو لم يصر على طلب إحداهما ولم يطلب إلى المحكمة ضم الأخرى. أما ما يثيره الطاعن من أنه كان على خلاف مع زوجته ولهذا السبب لم تكن تقيم معه بالمنزل وأنه لم يلق بالمنديل الذي وجد به المخدر وأن الضابط كان يحمل المخدر وأراد الانتقام منه لعدم اهتدائه إلى زوجته، فذلك كله إنما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها رداً صريحاً بل يكفي أن يكون ردها مستفاداً ضمناً من قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على طلب إجراء المعاينة فقال: "إنه عن طلب المعاينة لبيان ملاصقة سطح منزل المتهم لأسطح المنازل المجاورة من ثلاث جهات فإن المحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب بعد أن أطمأنت إلى ما أثبته وكيل النيابة المحقق في محضر المعاينة الذي تم بمعرفته من أن أسطح المنازل المجاورة لمنزل المتهم (الطاعن) غير ملاصقة لسطح منزل المتهم" ولما كانت المحكمة فيما ساقته من أسباب لرفض المعاينة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى المعاينة التي أجرتها النيابة، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن عبارة "وأسطح المنازل غير متلاصقة" الواردة بمحضر المعاينة لم تكتب بمداد يخالف المداد الذي كتب به المحضر كما يدعي الطاعن، فإن ما جاء بهذين الوجهين من الطعن يكون في غير محله.
وحيث إن محصل ما جاء بالوجه الثاني هو أن الحكم شابه فساد الاستدلال فقد دفع الطاعن ببطلان التحقيق الذي أجراه وكيل نيابة بلبيس في بندر الزقازيق وقد رفضت المحكمة هذا الدفع استناداً إلى أن وكيل النيابة إنما أجرى التحقيق بالزقازيق بناءً على تفويض من رئيس النيابة مع أن هذا القول لا أصل له في الأوراق. كما دفع الطاعن ببطلان التفتيش الذي أجراه الصاغ يعقوب ملطي بمنزل الطاعن إذ لم يكن معه شاهدان طبقاً لنص المادة 51 أ. ج، وقد رفضت المحكمة هذا الدفع أيضاً استناداً إلى أن التفتيش تم بحضور الطاعن مع أنه كان داخل المنزل مع اليوزباشي إبراهيم عبد الدايم وقت ضبط المنديل وبه المخدر. ودفع الطاعن كذلك ببطلان التحقيق لأن وكيل النيابة المحقق رفض أن يطلع محاميه على التحقيق قبل استجوابه وبعده، وقد رفضت المحكمة هذا الدفع بقوله إن وكيل النيابة سمح لمحامي الطاعن بالاطلاع على الأوراق بمجرد تقدمه بإقرار يفيد الحضور معه - وهذا الذي قاله الحكم يخالف الثابت بالأوراق من أن وكيل الطاعن تقدم بطلب لتمكينه من الاطلاع على أوراق الجناية قبيل نظر المعارضة في أمر الحبس وقد أشر عليه وكيل النيابة بالرفض استناداً إلى أن التحقيق لم يتم.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن وكيل نيابة بلبيس الذي وقع الحادث في دائرة اختصاصه، هو الذي أجرى التحقيق فيه بادئ الأمر وفي مركز بلبيس الذي يباشر اختصاصه فيه، وأنه إذ وجب عليه استكماله فقد انتقل إلى بندر الزقازيق، وهذا الانتقال من حقه بصفته مباشراً لسلطة التحقيق مهيمناً على مصلحته، ومن ثم فإنه لا يعيب تحقيقه التكميلي كونه أتمه في مكان آخر. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية - تنص على أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات - في غير حالتي التلبس والسرعة مخافة ضياع الأدلة - أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود، إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وألزمت المتهم أن يعلن اسم محاميه، كما أجازت لمحاميه أن يتولى ذلك، ولما كان الطاعن لا يزعم أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محاميه تقدم للمحقق مقرراً الحضور معه وقت هذا الاستجواب، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. ولما كانت المحكمة قد ردت على دفع الطاعن ببطلان التحقيق الذي باشرته النيابة رداً مفصلاً قالت فيه إن وكيل النيابة المحقق بدأ التحقيق بمعاينة المنزل الذي يقيم فيه المتهم (الطاعن) مع زوجته، وهو داخل في اختصاصه بمركز بلبيس، فيكون قد باشر التحقيق أول ما باشره وهو مختص بإجرائه قانوناً، وكان انتقاله لبندر الزقازيق هو لإنجاز مرحلة منه هناك، وقال الحكم أيضاً إنه لا مخالفة لحكم المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية في تصرف وكيل النيابة المحقق، لأن القانون لم يوجب تعيين محام للمتهم إلا أمام المحكمة التي تنظر الدعوى، ونص هذه المادة يجري على أنه في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين والشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وأوجبت هذه المادة على المتهم أن يقرر باسم محاميه، وللمحامي أن يقدم هذا التقرير بنفسه، وقالت المحكمة أيضاً وهي ترد على دفاع الطاعن بشأن بطلان التحقيق إن المتهم لم يعين عنه محامياً وقت استجوابه ولم يتقدم عنه محام يقرر الحضور معه وقت استجوابه، فكان من حق وكيل النيابة أن يستجوب المتهم بغير حضور محام إذ هو غير مكلف قانوناً بندب من يدافع عن المتهم، وهذا الرد سديد في القانون مؤد لما انتهت إليه المحكمة من رفض الدفع ببطلان التحقيق. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن الطلب الذي يشير إليه الطاعن في وجه الطعن هو الطلب المؤرخ 19/ 12/ 1957 المقدم من الأستاذ سامي الجوهري الموكل عن المتهم (الطاعن) وقد ذكر فيه أنه محدد لنظر المعارضة في أمر حبس موكله جلسة 21/ 12/ 1957 وأنه يطلب الاطلاع على أوراق التحقيق، فأشر وكيل النيابة بأن التحقيق لم يتم ورفض التصريح بالاطلاع وإلى جانب ذلك ثبت من الاطلاع على محاضر المعارضة في أمر الحبس أن السيد المحامي استأجل نظر المعارضة عدة مرات ريثما يتم له الاطلاع حتى حدد لها أخيراً جلسة 26/ 12/ 1957 وفيها ترافع المحامي عن المتهم (الطاعن) في الموضوع، وفي خلال فترة التأجيل وقبل نظر المعارضة في الجلسة الأخيرة المذكورة كان السيد المحامي قد تقدم بطلب آخر للاطلاع تاريخه 22/ 12/ 1957 فصرح له السيد وكيل النيابة بالاطلاع. لما كان ذلك ثابتاً بمفردات القضية، وكانت إشارة وكيل النيابة رفض طلب الاطلاع استعمالاً لحقه المقرر بالمادتين 125 و199 من قانون الإجراءات الجنائية وقد أفصح عن العلة لهذا الرفض وهي عدم إتمام التحقيق، ثم ما لبث بعد أيام معدودات أن صرح للمحامي بالاطلاع، وكل ذلك تم بعد أن انتهى استجواب المتهم في 16 من ديسمبر سنة 1957 دون حضور محام معه ودون أن يصرح هو للمحقق بأن له محامياً أو يطلب إرجاء التحقيق حتى يحضر وكيله. لما كان ذلك، فلا وجه لما يشكو منه الطاعن من أن النيابة قد عطلت حقه في الدفاع. ولما كان البطلان المشار إليه في المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا الإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة دون ما يسبقه من إجراءات تمت صحيحة وليس من شأنه أن يؤثر في قرار إحالة القضية على محكمة الجنايات، ولما كانت المحكمة قد حققت الدعوى بنفسها في حضور المتهم ومحاميه واستجابت - على ما هو ثابت بمحضر جلسة المحاكمة - إلى طلب الدفاع مناقشة أحد شهود الإثبات وهو الصاغ يعقوب ملطي ولم ينسب الطاعن إلى المحكمة أنها قصرت في استيفاء هذا التحقيق النهائي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا محل للقول بأنه كان يتعين على رئيس مكتب المخدرات أن يستصحب شاهدين وقت ضبط المنديل الذي به المخدر، ذلك أنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن معاون مكتب المخدرات دخل منزل الطاعن بقصد إحضار زوجته وبتكليف من وكيل النيابة، وذلك لإجراء المعاينة بحضورها ولم يكن بقصد تفتيش المنزل، ومن ثم فإن دخوله المنزل لهذا الغرض الذي اقتضاه التحقيق لا شائبة فيه - فإذا ما شاهد الطاعن يخرج من غرفة بداخل المنزل مسرعاً وهو يتجه إلى حظيرة به ويحدث فتحة بالسقف ويلقي بمنديل ملفوف من يده فوق سطح المنزل وهو يعلم أنه ممن يتجرون بالمواد المخدرة كما قرر ذلك، فإن هذه المظاهر هي دلائل كافية عن وقوع جريمة إحراز مخدر تجيز لهذا الضابط القبض على المتهم وأن يستعين بزميله رئيس مكتب المخدرات - الذي أثبت وكيل النيابة في محضره أنه كان يرافقه عند انتقاله لعمل المعاينة - في ضبط هذا المنديل، ولا محل لإعمال نص المادة 51 أ. ج ما دام الثابت أن الطاعن كان حاضراً بالمنزل وقت ضبط المنديل مما لا محل معه لحضور شاهدين - إذ أن حضورهما لا يكون إلا في حالة غياب المتهم، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجهين الرابع والخامس من الطعن، هو أن الطاعن دفع ببطلان التفتيش الواقع على منزله لأنه تم في غير الحدود التي رسمها القانون فاليوزباشي إبراهيم عبد الدايم لا يجوز له دخول المنازل إلا في الأحوال التي بينتها المادتان 45 و91 أ. ج ووكيل النيابة لم يأذن له بدخول منزل الطاعن بل طلب منه البحث عن زوجته. كما أن الصاغ يعقوب ملطي لم يكن مطلوباً لمرافقة وكيل النيابة عند المعاينة، ومن ثم فما كان يجوز له أن يصعد إلى سطح المنزل لإجراء التفتيش دون إذن من وكيل النيابة والحكم استند في رفضه هذا الدفع إلى أن التفتيش تم صحيحاً طبقاً لنص المادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية. وهذا الرد ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المادة 34 تنص على أن لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في جناية، مع أن الطاعن - كما هو ثابت من ملفه - قد ترك الاتجار في المخدرات - وبذلك يكون مجرد حمله منديلاً ملفوفاً لا يدل على أن ما بالمنديل مواد مخدرة، ومن ثم لا تكون هناك دلائل على ارتكاب الجريمة - هذا فضلاً عن أن مجال تطبيق المادة 34 عندما يكون المتهم في غير منزله - أما إذا كان بداخله فلابد من استئذان الجهة المختصة طبقاً لنص المادة 45 كما أن المادة 46 تنص على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه، أي أن يفتش شخص المتهم لا منزله لما للمنازل من حرمة خاصة والثابت في خصوصية هذه الدعوى أن التفتيش وقع على منزل الطاعن لا على شخصه.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن لا محل لتطبيق المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية ما دام قد ثبت من الأوراق أن رئيس مكتب المخدرات بالزقازيق ومعاون المكتب قد انتقلا بصحبة وكيل النيابة وبناءً على طلبه - كما أثبت ذلك في محضره المؤرخ 16/ 12/ 1957 - إلى المنزل الذي يقيم فيه الطاعن وزوجته لإجراء المعاينة تنفيذاً للأمر الصادر بذلك من رئيس النيابة وما ثبت أيضاً من أن وكيل النيابة كلف معاون المكتب بدخول المنزل المذكور للبحث عن زوجة الطاعن لإجراء المعاينة في حضورها، ومن ثم يكون المعاون قد دخل المنزل بوجه قانوني للقيام بما كلف به ولم يكن دخول المنزل أصلاً لإجراء التفتيش وإنما كان تنفيذاً لتكليف وكيل النيابة له بدخول المنزل لإحضار زوجة الطاعن، فإذا ما رآه بعد دخوله يتجه وفي يده منديل ملفوف ألقى به فوق السطح وهو يعلم أنه ممن يتجرون في المواد المخدرة فبادر إلى القبض عليه وتكليف زميله بضبط ما ألقاه فوق سقف الحظيرة، فإن ما قام به هو وزميله مما يخوله له القانون ويكون دخول المنزل وضبط المخدر قد تما صحيحين على ما سبق بيانه ويصح للمحكمة الاستناد إلى الدليل المستمد من هذا الضبط. لما كان ذلك، وكان نص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية هو نص عام لا يقتضي الخصوص يجيز لمأمور الضبط القضائي التفتيش في كل الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم، وقد ورد هذا النص في الفصل الرابع الذي عنوانه "في دخول المنازل وتفتيشها وتفتيش الأشخاص"، ولا يستقيم أن يكون تفتيش الشخص وضبط ما معه جائزاً وهو بعيد عن منزله وغير جائز عند وجوده فيه ما دام الدخول إلى المنزل لم يكن مخالفاً للقانون وكان التفتيش لازماً بناءً على دلائل صريحة وكافية لاتهام الطاعن بجريمة إحراز المخدرات، يؤيد ذلك ما جاء بالمادة 49 من إجازة التفتيش لمأمور الضبط القضائي عند وجود قرائن قوية ضد المتهم أو شخص موجود في منزله على أنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة. لما كان ذلك، فإن الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان التفتيش لا يكون مخطئاً.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس.

الطعن 1486 لسنة 29 ق جلسة 8 / 2/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 31 ص 153

جلسة 8 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

---------------

(31)
الطعن رقم 1486 لسنة 29 القضائية

سرقة. الظروف المشددة للعقوبة. السرقة مع حمل السلاح.
تحقق الظرف المشدد لمجرد حمل المتهم سلاحاً بطبيعته ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال. علة ذلك.

------------------
العلة التي من أجلها غلظ الشارع العقاب على السرقة إذا كان مرتكبها يحمل سلاحاً بطبيعته إنما هي مجرد حمل مثل هذا السلاح - ولو كان الجاني لم يقصد من حمله الاستعانة به واستخدامه في الجريمة وذلك لما يلقيه مجرد حمله من رعب في نفس المجني عليه - وهذه العلة تتوافر ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما بالطريق العمومي الموصل بين بندر بلقاس وبلدة العشرة بدائرة مركز بلقاس مديرية الدقهلية: سرقا عشرة جنيهات ونصف الموضحة بالمحضر والمملوكة لغازي أبو شعيشع طه حالة كون الطاعن يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً - والطاعن أيضاً أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 315/ 1 من قانون العقوبات و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 والبند الأول من الجدول رقم 3 المرفق فأجابتها إلى ذلك، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعن والمتهم الآخر بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الأولى وببراءة الطاعن من التهمة الثانية المسندة إليه. فطعن المتهم الثاني في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبطلان الإجراءات والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى ببراءته من تهمة إحراز السلاح الناري لعدم ثبوتها ومع هذا قضي بإدانته عن جناية السرقة مع حمل سلاح ناري مع أنه كان يلزم مع القضاء بالبراءة عن التهمة الأولى اعتبار واقعة السرقة جنحة، وأن ضابط مباحث بلقاس الملازم أول السيد عبد الرؤوف أثبت في محضره أنه استدعى الشاهد مرزوق مرغني حسان وعرض عليه الطاعن فتعرف عليه - ولم يثبت الضابط أن العرض كان قانونياً، ومن ثم يكون مخالفاً للإجراءات الواجب إتباعها في التحقيق ويكون استناد الحكم إلى عملية العرض هذه وأقوال هذا الشاهد باطلاً، وأن الحكم لم يبين طريقة عرض الطاعن على عامل المقهى واعتمد على أقوال ضابط البوليس وعامل المقهى في تأييد أقوال المجني عليه عن واقعة السرقة وحمل السلاح وبالرجوع إلى أقوالهما يبين أنه لم يرد بها شيء عن واقعتي السرقة وحمل السلاح. وأن الطاعن قرر بمحضر تحقيق النيابة أنه يجرح أقوال الشاهد عامل المقهى بأنه كان يسكن بمنزله وتأخر في سداد الإيجار فاضطر إلى إخلائه وهذا الدفاع لم يحقق تحقيقاً كاملاً. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن المجني عليه قام ببيع حمار ملك والده بسوق بندر بلقاس في يوم 6/ 1/ 1958 بمبلغ عشرة جنيهات ونصف وبعد أن تناول طعام الغذاء قابله مصادفة المتهم الأول الذي كان يعرفه من قبل ومعه شخص آخر عرفه به على أنه يدعى عبد الغني وأنه زوج أخته ودعاه لشرب الشاي معهما بمقهى بالبلدة فلبى الدعوة، وبعد خروجهم من السينما حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً أشار عليه المتهم الأول بالمبيت معه في منزل صهره لتعذر سفره ليلاً إلى بلدته فوافقه المجني عليه على ذلك واستمروا الثلاثة في سيرهم حتى وصلوا إلى الطريق العام الموصل بين بلدة بلقاس وناحية العشرة وبعد أن ساروا نحو كيلو ونصف فاجأه المتهم الأول بأن أوقعه على الأرض وطلب منه أن يعطيه ما معه من نقود ولما امتنع المجني عليه أخرج المتهم الثاني - الطاعن - مسدساً من جيبه ووضع فوهته في صدره وأمره بإخراج النقود من ملابسه ثم وضع المتهم الأول يده في جيب المجني عليه وأخرج منه النقود فتملكه الرعب وأخذ يجري في الطريق خوفاً منهما وفي أثناء جريه سقطت منه كوفية كان يرتديها...." وساق الحكم على صحة الواقعة أقوال المجني عليه وعامل المقهى مرزوق حسان والضابط أنور ملك قزمان، وبعد أن دلل الحكم تدليلاً سائغاً على صحة الواقعة قال: "وحيث إنه لذلك يكون قد ثبت للمحكمة أن المتهمين في ليلة 6/ 1/ 1958 بالطريق العام الموصل بين بندر بلقاس وبلدة العشرة سرقا عشرة جنيهات ونصف لأبي شعيشع طه من ولده غازي أبي شعيشع حالة كون ثانيهما (الطاعن) يحمل سلاحاً ظاهراً (مسدساً) وبطريق الإكراه الواقع عليه وبتهديده باستعمال السلاح بأن وضع المتهم الثاني فوهة المسدس على صدره معطلاً بذلك قوة مقاومته وتوصلاً بذلك إلى إتمام جريمتهما الأمر المنطبق على المادة 315 من قانون العقوبات وحيث إنه بالنسبة للتهمة الثانية المسندة للمتهم الثاني من إحرازه مسدساً بدون ترخيص فإن السلاح المذكور لم يضبط مع المتهم، ولما كان من الجائز أن يكون هذا السلاح غير صالح للاستعمال فلا تكون هناك جريمة في إحرازه فإن هذه التهمة تكون محل شك ويتعين لذلك براءته منها" لما كان ذلك، وكان الحكم فضلاً عن تدليله على ارتكاب السرقة في الطريق العام من شخصين بطريق الإكراه وهو ما يكفي للعقاب بمقتضى المادة 315 فقرة ثانية من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة فإنه دلل أيضاً على أن أحد الجناة كان يحمل سلاحاً ظاهراً (مسدساً) وهو ما يتوافر به ظرف حمل السلاح المقرر في المادة 315 فقرة أولى، سواء ضبط هذا السلاح أو لم يضبط، وسواء كان صالحاً للاستعمال أو فاسداً إذ أن العلة التي من أجلها غلظ الشارع العقاب على السرقة إذا كان مرتكبها يحمل سلاحاً بطبيعته إنما هي مجرد حمل مثل هذا السلاح ولو كان الجاني لم يقصد من حمله الاستعانة به واستخدامه في الجريمة، وذلك لما يلقيه مجرد حمله من رعب في نفس المجني عليه، وهذه العلة تتوافر ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال، وبهذا يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب القانون إذ دان الطاعن عن هذه الجناية ولا يعيبه ما يقوله الطاعن من تبرئته عن تهمة إحراز السلاح المعاقب عليها بالقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل - فإنه يشترط للعقاب بمقتضى هذا القانون أن يثبت أن السلاح المنسوب للجاني إحرازه صالحاً للاستعمال حتى يمكن اعتباره سلاحاً ممنوعاً إحرازه إلا بترخيص وهو ما شكت فيه المحكمة. ولما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن والمدافع عنه لم يثيرا شيئاً عن عملية العرض التي أجريت بمعرفة ضابط المباحث، ومن ثم لا يعيب الحكم عدم إشارته إليها، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى لما يثيره الطاعن عن بطلان هذه العملية لعدم وجود مصلحة له في ذلك إذ أن الحكم لم يعتمد عليها في إدانته. ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه إذ أورد أقوال الشاهدين الضابط أنور قزمان وعامل المقهى مرزوق حسان لم يقل إنهما شهدا واقعة السرقة أو حمل السلاح بل قال إن الأول شهد بتكليفه بالتوجه مع المجني عليه للبحث عن كوفيته التي سقطت منه في الطريق وبعد العثور عليها عاد بها إلى المركز، كما قال إن الثاني شهد برؤيته للمجني عليه والمتهمين يجلسون في المقهى، وبعد أن شربوا الشاي الذي قدمه لهم توجهوا إلى السينما - وهذا الذي قاله الحكم لا ينكر الطاعن أنهما شهدا به، فإن الطعن بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس. ولما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو التحقيق الذي تجريه المحكمة أمامها فليس للطاعن إذن أن يعيب على الحكم المطعون فيه عدم استيفاء ما يقوله من نقص في التحقيق الابتدائي ما دام الثابت من مطالعة محضر الجلسة أنه لم يثر ذلك أمام محكمة الموضوع ويطلب استيفاء هذا النقص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون غير سديد متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 573 لسنة 20 ق جلسة 28 / 2 / 1976 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 28 ص 70

جلسة 28 من فبراير سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريدة، محمد نور الدين العقاد - المستشارين.

-------------------

(28)

القضية رقم 573 لسنة 20 القضائية

(أ) الاتحاد الاشتراكي العربي - مؤسسات صحفية - فصل بغير الطريق التأديبي.
القرار الصادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بإسناد الوظيفة التي كان يشغلها المدعي في إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد إلى شخص آخر وسكوت ذلك القرار عن إسناد وظيفة أخرى إلى المدعي - هذا القرار لا يعدو أن يكون قرار بفصل المدعي من وظيفته بغير الطريق التأديبي - دليل ذلك - لا وجه للقول أن هذا القرار هو في ذات الوقت قرار جمهوري بمقولة أن رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي هو نفسه رئيس الجمهورية وأن هناك تلازماً بين الصفتين - أساس ذلك أنه ليس في الدساتير التي تعاقبت على الدولة منذ قيام الاتحاد الاشتراكي العربي ولا في القانون الأساسي لهذا الاتحاد ثمة نص يقضي بأن يكون رئيس الجمهورية رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي بحكم وظيفته - إضفاء هاتين الصفتين على شخص واحد ليس من شأنه أن تندمج كل منهما في الأخرى اندماجاً يفقدها استقلالها - الصحيح في القانون أن تمارس كل منهما في الإطار الذي رسم لها.
(ب) مؤسسات صحفية - مؤسسات عامة - الاتحاد القومي - الاتحاد الاشتراكي العربي - موظف عام 

- نصوص القانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة وقرار رئيس الاتحاد القومي الصادر في 24/ 5/ 1960 بإنشاء مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد القومي وتلك التي كانت مملوكة له أصلاً والقانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية - المستفاد من النصوص المتقدمة أن المؤسسات التي أنشئت لإدارة الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد الاشتراكي العربي لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة تباشر نشاطها كأصل عام في نطاق أحكام القانون الخاص واستثناء من هذا الأصل اعتبرها المشرع في حكم المؤسسات العامة في مسائل على سبيل الحصر - عدم اعتبار المؤسسات الصحفية مؤسسات عامة إلا فيما استثني بنص صريح - يترتب على ذلك أن صفة الموظف العام لا تتوافر لتخلف شرائطها، فيمن يرأس إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي وفقاً للقانون رقم 156 لسنة 1960 المشار إليه.
(جـ) الاتحاد الاشتراكي العربي - قرار إداري - اختصاص.
الاتحاد الاشتراكي العربي وفقاً لنصوص الدستور ليس سلطة من سلطات الدولة أو فرعاً منها وإنما هو سلطة سياسية شعبية مستقلة عن سلطات الدولة الثلاث - يترتب على ذلك أن الاتحاد الاشتراكي العربي لا يعتبر في طبيعته من الجهة الإدارية ومن ثم فإن قراراته ليست في طبيعتها قرارات إدارية - يترتب على ذلك أن القرار الصادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بفصل رئيس إحدى المؤسسة الصحفية لا يدخل في عداد القرارات الإدارية ومن ثم فإن المنازعة بشأنه لا تعتبر منازعة إدارية - الاختصاص بنظرها لا ينعقد لمحاكم مجلس الدولة وفقاً للقانون.
(د) الاتحاد الاشتراكي العربي - قرار سياسي - رقابة القضاء - اختصاص.
الاتحاد الاشتراكي العربي وإن كان في طبيعته تنظيماً سياسياً فإن ذلك لا يعني أن كل قرار يصدره يعتبر بالضرورة قرار سياسياً ينأى بطبيعته عن رقابة القضاء - أساس ذلك أن هذا الوصف لا يصدق إلا على ما يصدره الاتحاد من قرارات في نطاق مباشرته لوظيفته الدستورية - ما يصدره الاتحاد من قرارات وما يجريه من تصرفات قانونية في غير النطاق المتقدم يخضع لسلطات القضاء ورقابته - أساس ذلك ما قررته المادة 68 من الدستور من أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة - المنازعة في القرار الصادر بفصل عامل في إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي يختص بنظرها القضاء العادي - أساس ذلك أن القضاء العادي هو الجهة القضائية صاحبة الولاية العامة في غير المنازعات الإدارية.
(هـ) عاملون مدنيون بالدولة - فصل بغير الطريق التأديبي - مؤسسات عامة - مؤسسات خاصة - مؤسسات صحفية.
القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم لا يجد مجالاً للتطبيق في حالة المفصول من وظيفة رئيس مجلس إدارة إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي - أساس ذلك أن هذه المؤسسات هي مؤسسات خاصة اعتبرها المشرع في حكم المؤسسات العامة في مسائل بعينها على سبيل الحصر وليس من بينها ما يتصل بشئون العاملين.

------------------
1 - إن البادي من مطالعة الأوراق وبوجه خاص ملف خدمة المدعي أنه في 14 من يناير سنة 1963 أصدر السيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال قرار بتعيين المدعي في وظيفة رئيس تحرير بالمؤسسة بذات المرتب الذي كان يتقاضاه كرئيس لتحرير مجلة الإذاعة وذلك ابتداء من أول يناير سنة 1963 ثم صدر القرار رقم 6 لسنة 1964 من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي قاضياً في مادته الأولى بأن يحل مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر وفى مادته الثانية بأن يتولى السيد/ حلمي سلام "المدعي" جميع سلطات واختصاصات مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمؤسسة المذكورة وما لبث المدعي يباشر الاختصاصات التي أسندت إليه حتى صدر في 19 من مايو سنة 1965 القرار رقم "1" لسنة 1965 من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي قاضياً في مادته الأولى بأن يتولى السيد/ مصطفى بهجت بدوي جميع سلطات واختصاصات مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر والعضو المنتدب بالمؤسسة المذكورة وفى مادته الثانية بإلغاء ما يخالف ذلك من قرارات حيث أشار في ديباجته إلى قرار رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي رقم 6 لسنة 1964 سالف الذكر.
ومن حيث إنه متى كان البادي من استعراض الواقعات على الوجه المتقدم أن القرار رقم "1" لسنة 1965 الصادر من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي في 19 من مايو سنة 1965 المشار إليه قد أسند إلى السيد/ مصطفى بهجت بدوي الوظيفة ذاتها التي كان يشغلها المدعي بالقرار رقم 6 لسنة 1964 وحرص في الوقت ذاته على إلغاء ما يخالفه من قرارات سبقت مستهدفاً بذلك هذا القرار الأخير، وإذ سكت ذاك القرار عن إسناد وظيفة أخرى إلى المدعي فمن ثم فلا مراء في أنه والحال ما سلف لا يعدو في التكييف القانوني السليم أن يكون قراراً بفصل المدعي من وظيفته تلك بغير الطريق التأديبي، وليس أبلغ في الدلالة على صدق هذا النظر وما أفحصت عنه بجلاء مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر التي كان يعمل فيها المدعي في الشهادة الصادرة منها بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1968 والمودعة ملف خدمة المدعي حيث أبانت أن خدمة السيد/ علي محمد سلام وشهرته حلمي سلام رئيس مجلس إدارة المؤسسة السابقة (المدعي) قد انتهت بصدور قرار السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي رقم "1" بتاريخ 19 من مايو سنة 1965 بتعيين السيد الأستاذ مصطفى بهجت بدوي خلفاً له.
ومن حيث إن الثابت مما سلف بيانه أن القرار رقم "1" لسنة 1965 المطعون فيه إنما هو في حقيقة أمره قرار صادر من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بفصل المدعي من وظيفته كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر بوصفها إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي وذلك بغير الطريق التأديبي ومن ثم فلا حجة فيما ذهب إليه الحكم الطعين من أن القرار المشار إليه هو في ذات الوقت قرار جمهوري بمقولة إن رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي هو نفسه رئيس الجمهورية وأن هناك اتحاداً وتلازماً بين الصفتين ذلك أنه ليس في الدساتير التي تعاقبت على الدولة منذ قيام الاتحاد الاشتراكي العربي ولا في القانون الأساسي لهذا الاتحاد سواء القائم والسابق ثمة نص بأن يكون رئيس الجمهورية رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي بحكم وظيفته ومن ثم فإن القول بقيام الوحدة والتلازم بين هاتين الصفتين أمر لا سند له في القانون فضلاً على ذلك - فإن إضفاء هاتين الصفتين على شخص واحد بفرض قيامه سواء بحكم القانون أو في الواقع ليس من شأنه أن تذوب كل منهما في الأخرى أو تندمج فيها اندماجاً يفقدها وجودها واستقلالها وإنما الصحيح في القانون أن تمارس كل منهما في الإطار الذي رسم لها ومن ثم يكون المناط في الحكم على ما يصدره ذلك الشخص من قرارات استظهاراً لطبيعتها ووقوفاً على كنهها هو العنصر الذي استند إليها في إصدار القرار دون غيرها طالما أن كلاً من هاتين الصفتين تتميز عن الأخرى وتستقل عنها سواء من حيث مجال ممارستها أو من حيث النظام القانوني الذي يحكم التصرفات التي تباشر استناداً إليها الأمر الذي لا يسوغ معه الخلط بينهما لمجرد أنهما قد خلعتا على شخص واحد، والقول بغير ذلك يجافي مقتضيات التنظيم السليم وينبو عن الأصول الواجبة في الإدارة فضلاً على مخالفته للقانون.
2 - في 24 من مايو سنة 1960 صدر القانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة الذي جرى العمل به في ذات التاريخ ناصاً في مادته الأولى على أن "لا يجوز إصدار الصحف إلا بترخيص من الاتحاد القومي، ويقصد بالصحف في تطبيق أحكام هذا القانون الجرائد والمجلات وسائر المطبوعات التي تصدر باسم واحد بصفة دورية ويستثنى من ذلك المجلات والنشرات التي تصدرها الهيئات العامة والجمعيات والهيئات العلمية والنقابات وعلى أصحاب الصحف التي تصدر وقت العمل بهذا القانون أن يحصلوا على ترخيص من الاتحاد القومي خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون" ونص في مادته الثالثة على أن تؤول إلى الاتحاد القومي ملكية الصحف الآتية وجميع ملحقاتها وينقل إليه ما لأصحابها من حقوق وما عليهم من التزامات وذلك مقابل تعويضهم بقيمتها مقدرة وفقاً لأحكام هذا القانون: صحف دار الأهرام، صحف دار أخبار اليوم، صحف دار روزا ليوسف، صحف دار الهلال. ويعتبر من ملحقات الصحف بوجه خاص دور الصحف والآلات والأجهزة المعدة لطبعها أو توزيعها ومؤسسات الطباعة والإعلان والتوزيع المتصلة بها كما نص في مادته السادسة على أن "يشكل الاتحاد القومي مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي يملكها ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة" وفى مادته السابعة على أن يعين لكل مجلس إدارة رئيس وعضو منتدب أو أكثر ويتولى المجلس نيابة عن الاتحاد القومي مباشرة جميع التصرفات القانونية" ونفاذاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 المتقدم أصدر السيد رئيس الاتحاد القومي في 24 من مايو سنة 1960 قراراً بإنشاء مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد القومي وتلك التي كانت مملوكة له أصلاً وهى دار التحرير وبتعيين مجلس إدارة لكل منها، وفى 24 من مارس سنة 1964 صدر القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية الذي جرى العمل به في ذات التاريخ ناصاً في مادته الأولى على أن "تتولى كل مؤسسة صحفية على مسئوليتها مباشرة كافة التصرفات القانونية فلها أن تتعاقد وأن تؤدي جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق غرضها" ونص في مادته الثانية على أن للمؤسسات الصحفية المشار إليها تأسيس شركات مساهمة بمفردها دون أن يشترك معها مؤسسون آخرون وذلك لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ويكون تأسيس هذه الشركات وتنظيم علاقة المؤسسات الصحفية بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي....." ونص في مادته الثالثة على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها في هذا القانون في حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديرها ومستخدميها المنصوص عليها في قانون العقوبات وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد" كما نص في مادته الرابعة على أن "يستمر العمل بأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون وتحل اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي محل الاتحاد القومي في كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة له طبقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960" والمستفاد بجلاء من النصوص المتقدمة أن المؤسسات التي أنشئت لإدارة الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد الاشتراكي العربي على الوجه سالف البيان لا تعدو في التكييف القانوني السليم أن تكون مؤسسات خاصة تباشر نشاطها كأصل عام في نطاق أحكام القانون الخاص واستثناء من هذا الأصل فقد اعتبرها الشارع في حكم المؤسسات العامة في مسائل عينها على سبيل الحصر وتتمثل في كيفية تأسيسها للشركات المساهمة التي تلزم لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلام أو الطباعة أو التوزيع وعلاقتها بهذه الشركات وفيما يتصل بأحوال مسئولية مديرها ومستخدميها المنصوص عليها في قانون العقوبات وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد، ويترتب على عدم اعتبار المؤسسات الصحفية مؤسسات عامة إلا فيما استثنى بنص صريح على الوجه المتقدم أن سائر الأحكام المقررة في شأن المؤسسات العامة لا تسري على المؤسسات الصحفية ومن ذلك أنها لا تخضع في إنشائها أو إدارتها أو نظامها المالي للأحكام المقررة في شأن المؤسسات العامة كما أن العاملين فيها لا يخضعون لنظام العاملين بالقطاع العام سواء فيما يتعلق بتعيينهم أو ترقيتهم أو انتهاء خدمتهم بل يخضعون لأحكام قانون العمل شأنهم في ذلك شأن العاملين في القطاع الخاص، وترتيباً على ما سلف فإن العاملين في المؤسسات الصحفية لا يدخلون في عداد الموظفين العموميين ذلك أنه لكي يعتبر الشخص موظفاً عاماً خاضعاً لأحكام الوظيفة العامة التي مردها إلى القوانين واللوائح يجب أن يكون قائم بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بالطريق المباشر وإذ كان الثابت في الأوراق أن المدعي كان يعمل قبل فصله بالقرار المطعون فيه رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر وهي من المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي وفقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 المشار إليه فمن ثم فإن صفة الموظف العام لا تتوافر لتخلف شرائطها سالفة البيان في شأنه.
3 - المبين من سياق نص المادة الثالثة من دستور 25 مارس سنة 1964 والمادة الخامسة من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 11 من سبتمبر سنه 1971 "القائم" أن الاتحاد الاشتراكي العربي هو في طبيعته تنظيم سياسي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة ويعبر عن إرادتها ومن ثم فإنه ليس سلطة من سلطات الدولة أو فرعاً منها وإنما هو سلطة سياسية شعبية مستقلة عن سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية يباشر نشاطاته على الوجه المبين في الدستور وفى نظامه الأساسي، وإذ كان الاتحاد الاشتراكي العربي لا يعتبر في طبيعته حسبما سلف البيان من الجهات الإدارية فإن قراراته ليست في طبيعتها قرارات إدارية بمعناها المفهوم في القانون من حيث كونها إفصاحاً للإرادة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحه عامة.
ومن حيث إنه متى كان البادي مما سلف أن المدعي (المطعون ضده) لا يعتبر موظفاً عاماً كما أن القرار المطعون فيه لا يدخل في عداد القرارات الإدارية فمن ثم فإن المنازعة الماثلة لا تعتبر منازعة إدارية إذ تفتقد والحال كذلك خصائص هذه المنازعة ومقوماتها ما دامت لا تنصب على قرار أو تصرف قانوني صدر من جهة الإدارة وبالبناء على ما تقدم فإن الاختصاص بنظرها لا ينعقد لمحاكم مجلس الدولة وفقاً للقانون.

4 - إنه لئن كان الاتحاد الاشتراكي العربي في طبيعته تنظيماً سياسياً فإن ذلك لا يعني أن كل قرار يصدره يعتبر بالضرورة وبحكم اللزوم قراراً سياسياً ينأى بطبيعته عن رقابة القضاء ويخرج عن دائرة هذه الرقابة ذلك أن هذا الوصف لا يصدق إلا على ما يصدره من قرارات في نطاق مباشرته لوظيفته الدستورية وفقاً لما رسمه الدستور وبينه النظام الأساسي له، أما ما يصدره من قرارات وما يجريه من تصرفات قانونية في غير النطاق المتقدم سواء في إدارة أمواله أو في إبرام العقود أو في شئون العاملين فأنها لا شك تخضع لسلطان القضاء ورقابته إعمالاً لما قررته المادة 68 من الدستور من أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتأسيساً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه وقد صدر في شأن المدعي (المطعون ضده) بوصفه عاملاً في إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي حيث قضى بفصله من الخدمة بغير الطريق التأديبي، إن هذا القرار - وقد صدر على الوجه المتقدم بعيداً عن مجال الوظيفة الدستورية للاتحاد الاشتراكي العربي فإنه بهذه المثابة لا يعد قراراً سياسياً مما ينأى عن رقابة القضاء، وإذ كان هذا القرار لا يدخل حسبما سلف البيان في عداد القرارات الإدارية وكانت المنازعة الماثلة لا تعتبر منازعه إدارية فمن ثم فإن الاختصاص بنظرها إنما ينعقد للقضاء العادي باعتباره الجهة القضائية صاحبة الولاية العامة في غير المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية وفقاً لحكم المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
5 - لا شبهة في أن القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم لا يجد مجالاً للتطبيق في الخصوصية المطروحة ذلك أن المخاطبين بأحكامه حسبما نصت عليه المادة الأولى منه وهم العاملون المدنيون الذين لا تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة وأنهيت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي بالإحالة إلى الاستيداع أو إلى المعاش أثناء الاستيداع أو بالفصل من الوظائف بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 والثابت أن المدعي (المطعون ضده) وفقاً لما سلف بيانه ليس من هؤلاء المخاطبين بأحكام ذلك القانون إذ أنه فصل من وظيفته كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر وهى مؤسسة خاصة في طبيعتها اعتبرها الشارع في حكم المؤسسات العامة في مسائل معينة بينها على سبيل الحصر وليس من بينها ما يتصل بشئون العاملين على الوجه المشار إليه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سلف يكون الحكم الطعين وقد ذهب غير المذهب المتقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية وذلك إعمالاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإلزام المدعي (المطعون ضده) مصروفات هذا الطعن. وأبقت الفصل في مصروفات الدعوى لمحكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة من حيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما تنبئ به الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 18 من يناير سنة 1972 أقام السيد/ حلمي سلام الدعوى رقم 928 لسنة 26 ق ضد السيد رئيس الجهورية - رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي طالباً فيها الحكم أولاً: بإلغاء القرار رقم 1 لسنة 1965 الصادر من السيد الرئيس جمال عبد الناصر باعتباره مفصولاً بغير الطريق التأديبي من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير. ثانياً: بدفع تعويض مؤقت له قدره قرش واحد جبراً للضرر الذي أصابه. ثالثاً: بإلزام الحكومة المصروفات.
وساق المدعي بياناً لدعواه أنه في يوليو سنة 1964 تولى مسئولية إدارة مؤسسة التحرير بمقتضى القرار رقم 6 لسنة 1964 الصادر من السيد الرئيس جمال عبد الناصر وكان حجم ديون تلك المؤسسة قد ارتفع إلى ثلاثمائة وستين ألفاً من الجنيهات استطاع المدعي أن يسدد منها مائة ألف جنيه كما استطاع أن يحقق وفراً في بند المصروفات قدره ثمانون ألف جنيه سنوياً، ووفق في الوقت ذاته في إعفاء المؤسسة من فوائد ديونها لدى البنوك بما يقدر بمبلغ 5145 جنيهاً، وظل ينهض بأعباء عمله أشد ما يكون إخلاصاً للواجب وتفانياً في أدائه إلى أن فوجئ في 19 من مايو سنة 1965 بالقرار رقم 1 لسنة 1965 الصادر من السيد الرئيس جمال عبد الناصر بتعيين السيد الأستاذ مصطفى بهجت بدوي وبإلغاء القرار الذي كان "المدعي" قد عين بمقتضاه. مما ترتب عليه اعتباره مفصولاً بغير الطريق التأديبي، وأضاف المدعي أنه قد فرض عليه الصمت إلى أن صدر في 6 من نوفمبر 1971 حكم المحكمة العليا الذي رفع ما كان يحجب القضاء عن ممارسة سلطته ويمنع وصول الطعون إليه تحصيناً لبعض القرارات من المساءلة بإقحامها على أعمال السيادة التي تأبى بطبيعتها أن ترتفع مثل تلك القرارات إلى مستواها وبناء على هذا الحكم بادر إلى التظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 13 من يناير سنة 1972. ونعى المدعي على القرار المطعون فيه أنه قد صدر مفتقراً إلى الشرعية كما أنه قد حرمه من أداء رسالته في الصحافة التي من حقها أن تفخر بمثله ممن حملوا القلم قبل 23 من يوليو سنة 1952 وبعد ذلك بشرف ونزاهة وأمانة ونهضوا بالواجب بكفاية وعزة وكرامة، وفي الوقت ذاته فقد أصبح "المدعي" يتقاضى معاشاً دون مرتبه بكثير وأضحى مكرهاً على أن يتجمد على هذا الوضع مما ألحق به ضرراً مادياً وأدبياً يكتفي في تقدير التعويض المؤقت عنه بقرش واحد.
وقد قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها استهلتها ببيان أن القرار المطعون فيه ليس قراراً صادراً من رئيس الجمهورية بفصل أحد الموظفين العموميين وإنما هو قرار صادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بمقتضى السلطات المخولة له في قانون تنظيم الصحافة رقم 156 لسنة 1960 ومن ثم فليس صحيحاً اعتبار هذا القرار قراراً جمهورياً يحكمه القانون رقم 31 لسنة 1963 الأمر الذي يتعين معه إبعاد هذا القرار عن الآثار التي يمكن أن تترتب على حكم المحكمة العليا بعدم دستورية القانون المشار إليه، وفى ضوء ما تقدم دفعت الإدارة المشار إليها بعدم قبول الدعوى بالنسبة لرئاسة الجمهورية لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أنه لا يجوز قبول طلب يوجه إلى رئاسة الجمهورية عن قرار لم يصدر من السيد رئيس الجمهورية وإنما صدر من سلطة أخرى لا تتبع رئاسة الجمهورية وهى الاتحاد الاشتراكي العربي التي ينظم الدستور اختصاصاتها باعتبارها سلطة جديدة إلى جانب السلطات الأساسية الثلاثة الأخرى تقوم بوظيفة دستورية حددها الدستور، ثم دفعت تلك الإدارة بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر التي كان يعمل فيها المدعي مملوكة للاتحاد الاشتراكي العربي الذي يمارس حقوقه وسلطاته عليها وفقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 الخاص بتنظيم الصحافة والقانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية والثابت أن الاتحاد الاشتراكي العربي عندما يمارس سلطاته في مجال المؤسسات الصحفية بالتطبيق لأحكام القانونين المتقدمين إنما يمارس هذه السلطات باسم التنظيم السياسي وباعتباره سلطة رابعة أناط بها الدستور اختصاصات سياسية الأمر الذي يضفي على قراراته في هذا الصدد الصيغة السياسية ويخرجها بالتالي من عداد القرارات الإدارية ومن ثم يخرجها عن اختصاص القضاء الإداري. ودفعت الإدارة المنوه عنها كذلك بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد ابتناء على أنه لما كان الثابت أن القرار المطعون فيه ليس قراراً صادراً من رئيس الجمهورية بفصل أحد الموظفين العموميين وإنما هو قرار من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بمقتضى السلطات المخولة له في القانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة فمن ثم لم تكن تسري عليه الحصانة التي أسبغها القانون رقم 31 لسنة 1963 على قرارات رئيس الجمهورية بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي وبذا كان يتعين الطعن على هذا القرار في الميعاد الذي رسمته المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة وهو ستون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به أو علمه به علماً يقينياً، وإذا كانت الدعوى الماثلة قد رفعت بعد مضي أكثر من سبع سنوات فمن ثم تكون قد رفعت بعد الميعاد بما يجعلها غير مقبولة شكلاً في هذا الشأن وفى الموضوع أبانت الإدارة المنوه عنها أنه من المستقر أن الإحالة إلى المعاش بغير الطريق التأديبي مردها إلى وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه الصالح العام ولما كان الموظفون العموميون هم عمال هذه المرافق لزم أن يكون للإدارة الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لهذا الغرض وفصل من ترى أنه قد أصبح غير صالح ومن ثم فإن بقاء الموظف في وظيفته منوط بصلاحيته للنهوض بأعباء هذه الوظيفة وهو أمر من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها ما دام أن قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة وغني عن البيان أنه لا يلزم في مجال الفصل بغير الطريق التأديبي أن يواجه الموظف بما نسب إليه وأن يحقق معه أو يسمع دفاعه فيه والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي إذ ليس هناك نص يلزمها تسبيب هذه القرارات وأن القرار غير المسبب يفترض فيه أنه قد قام على سببه الصحيح المبرر لصدوره وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على ذلك وأضافت الإدارة المتقدمة إجابة على طلب التعويض أنه من المستقر عليه أن مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية رهينة بأن يكون القرار الإداري مشوباً بعيب راجع إلى خطأ الإدارة وأن يترتب على هذا الخطأ ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر أما إذا كان القرار الإداري سليماً فلا تسأل الإدارة عن نتيجته مهما بلغت جسامة الضرر الذي يلحق الفرد من تنفيذه ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر سليماً متفقاً مع القانون فمن ثم لا يكون هناك محل للتعويض وحتى مع التسليم جدلاً بعدم مشروعية القرار المشار إليه وأن ذلك مرجعه خطأ الإدارة في إصداره فإن دعوى التعويض الناشئة عنه تكون قد سقطت بمضي ثلاث سنوات طبقاً لنص المادة 172 من القانون المدني التي تقضي بأن تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وخلصت الإدارة مما تقدم إلى طلب الحكم أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للسيد رئيس الجمهورية لرفعها على غير ذي صفة. ثانياً: بالنسبة لطلب الإلغاء أصلياً: بعدم قبول الطلب لرفعه بعد الميعاد واحتياطياً برفضه. ثالثاً: بالنسبة لطلب التعويض أصلياً: بسقوط طلب التعويض بالتقادم واحتياطياً: برفضه. وفى جميع الأحوال إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتعقيباً على دفاع الحكومة قدم المدعي مذكرة أبان فيها أنه قد أقام دعواه مختصاً شخصاً واحداً هو رئيس الجمهورية الذي هو في ذات الوقت رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي، وليس من شك في أن الاتحاد الاشتراكي العربي حسبما قيل عنه هو التجسيد الحي لسلطة الشعب التي تعلو جميع السلطات وتوجهها في كافة المجالات وعلى جميع المستويات وعلى هذا المقتضى وعلى ما صدر عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع لمجلس الدولة من أن الاتحاد الاشتراكي العربي وهو سلطة تعلو جميع السلطات وتوجهها في كافة المجالات وعلى جميع المستويات وأن إدارة قضايا الحكومة تنوب عنه بوصفه من الحكومة. يصبح القرار المطعون فيه قراراً إدارياً بمعناه الدقيق مما يستقل القضاء الإداري بالفصل في الطعن فيه إلغاء وتعويضاً، وأضاف المدعي أن التعويض المطالب به ليس مرتباً حتى تتقادم الدعوى في شأنه بالمدة القصيرة وإنما التعويض في مثل الدعوى القائمة مما لا تتقادم الدعوى في شأنه إلا بالمدة الطويلة وفى الموضوع ساق المدعي أنه من أشرف رجال القلم في مصر وأرفعهم قدراً وأعزهم كرامة ومن ثم فإن تنحيته على خلاف ما تشهد له صحيفته النقية أمر يستلزم إفصاحاً عن سببها وإعراباً عن مبررها وإذ اعتصمت جهة الإدارة بالصمت ولاذت بالسكوت لتنأى بنفسها عن واجب إثبات ما يخالف الظاهر ويجافي الواقع فإن قرارها في هذا الشأن يكون غير قائم على سببه حرياً بالإلغاء وفى ختام المذكرة صمم المدعي على طلباته المبداة في صحيفة الدعوى.
وبجلسة 21 من فبراير سنة 1974 قضت محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبل السيد رئيس الجمهورية لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها. ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وبقبولها. ثالثاً: برفض الدفع بسقوط الحق في طلب التعويض بالتقادم. رابعاً: وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 1 لسنة 1965 الصادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي باعتبار المدعي مفصولاً بغير الطريق التأديبي مع ما يترتب على ذلك من آثار. خامساً: بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت. سادساً: إلزام المدعى عليه بالمصاريف. وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبل السيد رئيس الجمهورية لرفعها على غير ذي صفة على أنه لا يمكن التفرقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكي العربي لسببين أولهما أن المدعي قد اختصم السيد رئيس الجمهورية بصفته رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي والثاني أن رئيس الجمهورية هو نفسه رئيس الإتحاد الاشتراكي العربي أي أن هناك اتحاداً وتلازماً بين الصفتين ومن ثم فإن القول بأن رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي هو شخص آخر غير رئيس الجمهورية هو قول لا أساس له من الواقع أو القانون وأضافت المحكمة أنه لا وجه لمحاولة إضفاء الصبغة السياسية على القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي والقول بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظره لهذا السبب ذلك لأنه فضلاً عن أنه ليس في الأوراق ما يدل على أن فصل المدعي قد اتخذ لأسباب فإنه ليس في قانون مجلس الدولة ما يمنع القضاء الإداري من نظر مثل هذه القرارات وارتكزت المحكمة في قضائها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أنه لما كان الثابت أن هناك تلازماً بين وظيفتي رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكي العربي أي أن القرار الصادر من هذا الأخير هو في نفس الوقت قرار جمهوري فلا جناح على المدعي إن هو اعتبر أن القرار الصادر بإنهاء خدمته قد صدر عن رئيس الجمهورية وأنه بهذه المثابة حصين من رقابة القضاء باعتباره من قبيل أعمال السيادة طبقاً لنص القانون رقم 31 لسنة 1963، وإذ أقام دعواه في الميعاد بعد أن قضت المحكمة العليا بعدم دستورية هذا القانون الأخير فإن هذه الدعوى تكون مقبولة شكلاً، وفى الموضوع شيدت المحكمة قضاءها على أن الفصل التأديبي إنما يقوم على ما يتجمع لدى الجهة الإدارية من أسباب مستقاة من ملف الخدمة أو من الأوراق الأخرى أو من معلومات رؤساء الموظف عنه ويعتبر صحيحاً وقائماً على سببه المبرر له قانوناً متى استند إلى وقائع صحيحة وكانت الجهة الإدارية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها في شأنه استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها وإذ كان يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه ليس به شائبة تشوب حياته الوظيفية بل إن في اختياره - وكان عضواً بمجلس إدارة مؤسسة الهلال - لتولي جميع سلطات واختصاصات مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر بمرتب قدره 350 جنيهاً شهرياً ما يقطع بكفاءته وصلاحيته اللتين تؤهلانه لشغل مثل هذا المنصب ومن ثم يكون القرار المتضمن فصله من وظيفته غير قائم على سبب يبرره وتكون الجهة التي أصدرته قد انحرفت عن الجادة وتنكبت وجه المصلحة العامة الأمر الذي يتعين معه إلغاء القرار الجمهوري المطعون عليه وأضافت المحكمة عن طلب التعويض أنه من المقرر قانوناً أن كل فعل نشأ عنه ضرر للغير يوجب ملزومية فاعله بتعويض ضرر ولا مراء في أن القرار المطعون فيه فيما قضى به عن فصل المدعي من عمله بغير ما سبب قد أصابه بأضرار مادية وأدبية وإذ طلب المدعي الحكم بتعويض مؤقت قدره قرش واحد جبراً لهذا الضرر الذي أصابه فإنه يتعين إجابته إلى طلبه ولا وجه لما أثاره المدعى عليه من أن حق المدعي في طلب التعويض قد سقط بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه ذلك أن دعوى التعويض التي تسقط بالتقادم المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هي الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع ومما لا شك فيه أن صدور قرار رئيس الجمهورية مشوباً بعيب من العيوب التي تلحق القرارات الإدارية لا يعتبر عملاً غير مشروع وحتى لو اعتبر كذلك فإن القانون رقم 31 لسنة 1963 وقد منع القضاء الإداري من النظر في الطلبات المتعلقة بالقرارات الجمهورية الصادرة بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي إلغاءاً وتعويضاً يترتب عليه حتماً وقف سريان المدة المسقطة للحق في الفترة من وقت صدور القرار حتى صدور حكم المحكمة العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 31 لسنة 1963 المشار إليه وإذ بادر المدعي بطلب التعويض على أثر صدور حكم المحكمة العليا المتقدم وقبل مضي ثلاث سنوات فمن ثم يكون الدفع بسقوط التعويض بالتقادم في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الطعن يقوم في مبناه على أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: إن ما استند إليه الحكم في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى السيد رئيس الجمهورية لرفعها على غير ذي صفة مردود بأن الثابت من القرار المطعون فيه أنه صادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي ومن ثم كان يتعين اختصام الاتحاد الاشتراكي العربي فقط ذلك أن تولي الشخص أكثر من منصب يعطيه الصفة في تمثيل أكثر من جهة أو سلطة لا تحول من صدور قرار ضده أن يختصم جميع الجهات أو السلطات التي يمثلها مصدر القرار وإنما يتعين أن يقتصر اختصامه على الجهة التي صدر القرار باسمها دون غيرها من الجهات التي قد يمثلها ذات الشخص والثابت أن الاتحاد الاشتراكي العربي سلطة مستقلة عن سائر السلطات الأساسية الأخرى منوط بها القيام بوظيفة دستورية حددها الدستور ولا يصلح سنداً لاختصام رئاسة الجمهورية كون رئيس الجمهورية قد عين في ذات الوقت رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي لأن هذا التعيين لا يعني تداخل السلطتين أو اندماجهما.
ثانياً - إن ما بني عليه الحكم في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد مردود بأنه ليس هناك تلازم بين وظيفتي رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكي العربي إذ ليس هناك مانع في القانون يحول بين تولي شخص آخر خلاف رئيس الجمهورية منصب رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي كما أنه ليس هناك قانون يلزم أن يتمتع رئيس الجمهورية بقوة القانون بصفته رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي وحتى مع التسليم الجدلي بقيام التلازم بين وظيفتي رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكي العربي فإن ذلك لا يؤدي إلى اعتبار القرارات الصادرة في شأن من شئون الاتحاد الاشتراكي العربي قرارات صادرة من رئيس الجمهورية في شأن من شئون الموظفين العموميين الخاضعين للقانون رقم 46 لسنة 1964 الذي يحكم العاملين في الدولة والذي لا يسري في شأن العاملين بالصحافة والمؤسسات الصحفية الذين يخضعون للقانونين رقم 156 لسنة 1960، 151 لسنة 1964 ومن ثم لا تتمتع قرارات رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بالحصانة التي أضفاها القانون رقم 31 لسنة 1963 على قرارات رئيس الجمهورية بفصل الموظفين العموميين بغير الطريق التأديبي باعتبارها من أعمال السيادة ذلك أن قرارات رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي لا تكتسب صفة القرارات الجمهورية طالما لا يوجد نص قانوني يضفي عليها هذه الصفة فضلاً على أن العاملين بالمؤسسات الصحفية لا يعتبرون موظفين عموميين وفقاً للقانون رقم 156 لسنة 1960 وغني عن البيان أن العبرة بالتكييف القانوني السليم للقرار محل الدعوى لا بما يعتبره المطعون ضده، وحتى مع التسليم جدلاً بخضوع القرار محل الدعوى للقانون رقم 31 لسنة 1963 فإن قضاء المحكمة العليا بعدم دستورية هذا القانون لا يفتح ميعاداً جديداً للطعن في قرارات الفصل أو الإحالة إلى المعاش أو الاستيداع التي كانت تعتبر من أعمال السيادة بالتطبيق له لأن هذا القانون لم يكن يمثل عقبة مادية أو قانونية تحول بين المطعون ضده وبين إقامة دعواه بطلب إلغاء القرار محل الدعوى في الميعاد المقرر قانوناً.
ثالثاً: إن ما ساقه الحكم، دليلاً على أن القرار المطعون قد قام على غير سبب يبرره والتزام المدعى عليه بالتعويض الذي طلبه المدعي لا يقوم على سند من القانون ذلك أن ملف خدمة الموظف ليس هو المصدر الوحيد الذي يجب الاقتصار عليه في كل ما يتعلق بالموظف من بيانات ومعلومات يكون لها أثرها في تقرير صلاحيته وبوجه خاص إذا كان ممن لا يخضعون لنظام التقارير السنوية كما هو الشأن بالنسبة إلى المطعون ضده ومن ثم فإن خلو ملف الخدمة من بيان الأسباب التي قام عليها القرار مع وجود ما يزكيه لا يعني أن القرار الصادر بفصله غير قائم على سببه الذي يبرره ذلك أنه يكفي في الفصل بغير الطريق التأديبي أن تقوم أسباب تطمئن إليها الإدارة - أفصحت عنها أو لم تفصح – ما دام لم يثبت أنها قد انحرفت إلى غير الصالح العام وإذ كان ما استندت إليه المحكمة في إلغاء القرار المطعون فيه لا يصلح سنداً له فمن ثم فإنه لا ينال من هذا القرار من جهة ولا يسوغ الحكم للمدعي بتعويض مؤقت بمقولة أنه قد أصابه بضرر إذ يشترط للتعويض أن ترتكب جهة الإدارة خطأ بإصدار القرار وهو ما لم يتوافر في القرار المطعون فيه كما سلف البيان.
رابعاً: إن ما ذهب إليه الحكم في رفض الدفع بسقوط الحق في التعويض بالتقادم مردود بأن التزام الإدارة بتعويض الأضرار الناجمة عن قراراتها الإدارية شأنه في ذلك شأن الالتزامات الأخرى لا بد أن يستند إلى مصدر من مصادر الالتزامات الخمسة المنصوص عليها على سبيل الحصر في القانون المدني والثابت أن أساس الحكم بالتعويض عن القرارات الإدارية هو الخطأ الذي يتعين نسبته إلى الإدارة بحيث إذا انتفى هذا الخطأ تعين رفض التعويض ومن ثم فإن خطأ الإدارة أي عملها غير المشروع هو التزامها بالتعويض عن القرارات الإدارية التي تصدرها ودعوى التعويض الناشئة عن هذا المصدر تحكمها المادة 172 من القانون المدني وإذ لم يكن القانون رقم 31 لسنة 1963 يمثل عائقاً مادياً أو قانونياً يحول بين المطعون ضده وبين إقامة دعواه سواء طلباً لإلغاء القرار المطعون فيه أو تعويضاً عنه فمن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم من إيقاف سريان المدة المسقطة للحق في التعويض خلال الفترة من وقت صدور القانون المشار إليه حتى القضاء بعدم دستوريته قد جاء على غير سند من القانون بما يجعله جديراً بالالتفات عنه.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قد قدمت مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المستفاد من أحكام القانونين رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة ورقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية أنها لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة اعتبرها المشرع في حكم المؤسسات العامة في مسائل وردت على سبيل الحصر وبالتالي لا يعتبر العاملون في هذه المؤسسات الصحفية موظفين عموميين حيث إن واقع العلاقة التي تربط أولئك العاملين بتلك المؤسسات علاقة عقدية مبناها لكل منهم عقد عمل يتدرج في مجالات القانون الخاص وهو الحكم الذي يصدق في شأن المدعي بمؤسسة دار التحرير للطبع والنشر لكونها مؤسسة خاصة من المؤسسات الصحفية المشار إليها ومتى كان الأمر كذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه طالباً إلغاء قرار فصله بمقولة إنه فصل تعسفي فإنه يتعين الرجوع في شأن هذا الطلب إلى أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 بوصفه القانون الواجب التطبيق في شأن هذه المنازعة، والمستفاد من حكم المادة 75 من هذا القانون الأخير أن العامل الذي يفصل تعسفياً وبغير مبرر له أن يطلب إيقاف قرار فصله ولقاضي الأمور المستعجلة أن يقضي بإيقاف قرار الفصل ويحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة التي تقضي في الموضوع بالتعويض إن كان له محل ويجوز لهذه المحكمة في حالة واحدة فقط أن يقضي بإعادة العامل المفصول إلى عمله وهي حالة ما إذا كان هذا العامل قد فصل بسبب النشاط النقابي وإذا كانت الدعوى الماثلة لا تدخل في الاستثناء المشار إليه (الفصل للنشاط النقابي) فإن التكييف الصحيح لها هدياً لما سلف هي أنها دعوى بطلب إيقاف قرار فصل عامل مما ينطبق في شأنها حكم المادة 75 من قانون العمل المتقدمة وتختص بنظرها المحاكم العادية على الوجه المنصوص عليه في تلك المادة ولما كانت هذه الدعوى قد رفعت أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري فإنها تكون ترتيباً على ما تقدم قد رفعت أمام محكمة غير مختصة بنظرها وذلك بمراعاة أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتقاء ولايتها من الدفوع التي تحكم بها المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، وأضافت إدارة قضايا الحكومة في مذكرتها المتقدمة أنه لما كان الثابت أن المطعون ضده من العاملين بمؤسسة دار التحرير للطبع والنشر وأن هذه المؤسسة مؤسسة خاصة فمن ثم فإن المدعي ليس ممن فصلوا من إحدى وظائف الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها بالتالي فإنه لا يكون من المخاطبين بأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي وخلصت الإدارة المنوه عنها في ختام مذكرتها إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لما يترتب على تنفيذه من نتائج يعتذر تداركها ثانياً: بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بصفة أصلية بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وبصفة احتياطية الحكم بالطلبات المبينة في صحيفة الطعن.
1 - إن البادي من مطالعة الأوراق وبوجه خاص ملف خدمة المدعي أنه في 14 يناير سنة 1963 أصدر السيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال قرار بتعيين المدعي في وظيفة رئيس تحرير بالمؤسسة بذات المرتب الذي كان يتقاضاه كرئيس لتحرير مجلة الإذاعة وذلك ابتداء من أول يناير سنة 1963 ثم صدر القرار رقم 6 لسنة 1964 من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي قاضياً في مادته لأولى بأن يحل مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر في مادته الثانية بأن يتولى السيد/ حلمي سلام "المدعي" جميع سلطات واختصاصات مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمؤسسة المذكورة وما لبث المدعي يباشر الاختصاصات التي أسندت إليه حتى صدر في 19 من مايو سنة 1965 القرار رقم "1" لسنة 1965 من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي قاضياً في مادته الأولى بأن يتولى السيد/ مصطفى بهجت بدوي جميع سلطات واختصاصات مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر والعضو المنتدب بالمؤسسة المذكورة وفى مادته الثانية بإلغاء ما يخالف ذلك من قرارات حيث أشار في ديباجته إلى قرار رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي رقم 6 لسنة 1964 سالف الذكر.
ومن حيث إنه متى كان البادي من استعراض الواقعات على الوجه المتقدم أن القرار رقم "1" لسنة 1965 الصادر من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي في 19 من مايو سنة 1965 المشار إليه قد أسند إلى السيد/ مصطفى بهجت بدوي الوظيفة ذاتها التي كان يشغلها المدعي بالقرار رقم 6 لسنة 1964 وحرص في الوقت ذاته على إلغاء ما يخالفه من قرارات سبقت مستهدفاً بذلك هذا القرار الأخير، وإذ سكت ذاك القرار عن إسناد وظيفة أخرى إلى المدعي فمن ثم لا مراء في أنه والحال ما سلف لا يعدو في التكييف القانوني السليم أن يكون قراراً بفصل المدعي من وظيفته تلك بغير الطريق التأديبي، وليس أبلغ في الدلالة على صدق هذا النظر وما أفصحت عنه بجلاء مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر التي كان يعمل فيها المدعي في الشهادة الصادرة منها بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1968 والمودعة ملف خدمة المدعي حيث أبانت أن خدمة السيد/ علي محمد سلام وشهرته حلمي سلام رئيس مجلس إدارة المؤسسة السابقة (المدعي) قد انتهت بصدور قرار السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي رقم 1 بتاريخ 19 من مايو سنة 1965 لتعيين السيد الأستاذ مصطفى بهجت بدوي خلفاً له ومن حيث إن الثابت مما سلف بيانه أن القرار رقم "1" لسنة 1965 المطعون فيه إنما هو في حقيقة أمره قرار صادر من السيد رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بفصل المدعي من وظيفته كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر بوصفها إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي وذلك بغير الطريق التأديبي ومن ثم فلا حاجة فيما ذهب إليه الحكم الطعين من أن القرار المشار إليه هو في ذات الوقت قرار جمهوري بمقولة أن رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي هو نفسه رئيس الجمهورية وأن هناك اتحاداً وتلازماً بين الصفتين ذلك أنه ليس في الدساتير التي تعاقبت على الدولة منذ قيام الاتحاد الاشتراكي العربي ولا في القانون الأساسي لهذا الاتحاد سواء القائم أو السابق ثمة نص يقضي بأن يكون رئيس الجمهورية رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي بحكم وظيفته ومن ثم فإن القول بقيام الوحدة والتلازم بين هاتين الصفتين أمر لا سند له في القانون فضلاً عن ذلك - فإن إضفاء هاتين الصفتين على شخص واحد بفرض قيامه سواء بحكم القانون أو في الواقع ليس من شأنه أن تذوب كل منهما في الأخرى أو تندمج فيها اندماجاً يفقدها وجودها واستقلالها وإنما الصحيح في القانون أن تمارس كل منهما في الإطار الذي رسم لها ومن ثم يكون المناط في الحكم على ما يصدره ذلك الشخص من قرارات استظهار لطبيعتها ووقوفاً على كنهها هو العنصر التي استند إليها في إصدار القرار دون غيرها طالما أن كلاً من هاتين الصفتين تتميز عن الأخرى وتستقل عنها سواء من حيث مجال ممارستها أو من حيث النظام القانوني الذي يحكم التصرفات التي تباشر استناداً إليها الأمر الذي لا يسوغ معه الخلط بينهما لمجرد أنهما قد خلعتا على شخص واحد، والقول بغير ذلك يجافي مقتضيات التنظيم السليم وينبو عن الأصول الواجبة في الإدارة فضلاً على مخالفته للقانون.
2 - في 24 من مايو سنة 1960 صدر القانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة الذي جرى العمل به في ذات التاريخ ناصاً في مادته الأولى على أن "لا يجوز إصدار الصحف إلا بترخيص من الاتحاد القومي، ويقصد بالصحف في تطبيق أحكام هذا القانون الجرائد والمجلات وسائر المطبوعات التي تصدر باسم واحد وبصفة دورية ويستثنى من ذلك المجلات والنشرات التي تصدرها الهيئات العامة والجمعيات والهيئات العلمية والنقابات وعلى أصحاب الصحف التي تصدر وقت العمل بهذا القانون أن يحصلوا على ترخيص من الاتحاد القومي خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون "ونص في مادته الثالثة على أن "تؤول إلى الاتحاد القومي ملكية الصحف الآتية وجميع ملحقاتها وينقل إليه ما لأصحابها من حقوق وما عليهم من التزامات وذلك مقابل تعويضهم بقيمتها مقدرة وفقاً لأحكام هذا القانون: صحف دار الأهرام، صحف دار أخبار اليوم، صحف دار روزا ليوسف، صحف دار الهلال. ويعتبر من ملحقات الصحف بوجه خاص دور الصحف والآلات والأجهزة المعدة لطبعها أو توزيعها مؤسسات الطباعة والإعلان والتوزيع المتصلة بها كما نص في مادته السادسة على أن يشكل الاتحاد القومي مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي يملكها ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة" وفى مادته السابعة على أن "يعين لكل مجلس إدارة رئيس وعضو منتدب أو أكثر ويتولى المجلس نيابة عن الاتحاد القومي مباشرة جميع التصرفات القانونية" ونفاذاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 صدر قرار بإنشاء مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد القومي وتلك التي كانت مملوكة له أصلاً وهي دار التحرير وبتعيين مجلس إدارة لكل منها، وفى 24 من مارس سنة 1964 صدر القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية التي جرى العمل به في ذات التاريخ ناصاً في مادته الأولى على أن "تتولى كل مؤسسة صحفية على مسئوليتها مباشرة كافة التصرفات القانونية فلها أن تتعاقد وأن تؤدي جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق غرضها "ونص في مادته الثانية على أن "للمؤسسات الصحفية المشار إليها تأسيس شركات مساهمة بمفردها دون أن يشترك معها مؤسسون آخرون وذلك لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ويكون تأسيس هذه الشركات وتنظيم علاقة المؤسسات الصحفية بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي" ونص في مادتها لثالثة على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها في هذا القانون في حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديرها ومستخدميها المنصوص عليها في قانون العقوبات وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد" كما نص في مادته الرابعة على أن "يستمر العمل بأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون وتحل اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي محل الاتحاد القومي في كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة له طبقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 "والمستفاد بجلاء من النصوص المتقدمة أن المؤسسات التي أنشئت لإدارة الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد الاشتراكي العربي على الوجه سالف البيان لا تعدو في التكييف القانوني السليم أن تكون مؤسسات خاصة تباشر نشاطها كأصل عام في نطاق أحكام القانون الخاص واستثناء من هذا الأصل فقد اعتبرها الشارع في حكم المؤسسات العامة في مسائل عينها على سبيل الحصر وتتمثل في كيفية تأسيسها للشركات المساهمة التي تلزم لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع وعلاقتها بهذه الشركات وفيما يتصل بأحوال مسئولية مديريها ومستخدميها المنصوص عليها في قانون العقوبات وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد، ويترتب على عدم اعتبار المؤسسات الصحفية مؤسسات عامة إلا فيما استثنى بنص صريح على الوجه المتقدم أن سائر الأحكام المقررة في شأن المؤسسات العامة لا تسري على المؤسسات الصحفية ومن ذلك أنها لا تخضع في إنشائها أو إدارتها أو نظامها المالي للأحكام المقررة في شأن المؤسسات العامة كما أن العاملين فيها لا يخضعون لنظام العاملين بالقطاع العام سواء فيما يتعلق بتعيينهم أو ترقيتهم أو انتهاء خدمتهم بل يخضعون لأحكام قانون العمل شأنهم في ذلك شأن العاملين في القطاع الخاص، وترتيباً على ما سلف فإن العاملين في المؤسسات الصحفية لا يدخلون في عداد الموظفين العموميين ذلك أنه لكي يعتبر الشخص موظفاً عاماً خاضعاً لأحكام الوظيفة العامة التي مردها إلى القوانين واللوائح يجب أن يكون قائماً بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بالطريق المباشر وإذا كان الثابت في الأوراق أن المدعي كان يعمل قبل فصله بالقرار المطعون فيه رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر وهي من المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي وفقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 المشار إليه فمن ثم فإن صفة الموظف العام لا تتوافر له لتخلف شرائطها سالفة البيان في شأنه.
3 - المبين من سياق نص المادة الثالثة من دستور 25 مارس سنة 1964 والمادة الخامسة من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 11 من سبتمبر سنة 1971 "القائم" أن الاتحاد الاشتراكي العربي هو في طبيعته تنظيم سياسي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة ويعبر عن إرادتها ومن ثم فإنه ليس سلطة من سلطات الدولة أو فرعاً منها وإنما هو سلطة سياسية شعبية مستقلة عن سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية يباشر نشاطاته على الوجه المبين في الدستور وفى نطاقه الأساسي، وإذ كان الاتحاد الاشتراكي العربي لا يعتبر في طبيعته حسبما سلف البيان من الجهات الإدارية فإن قراراته ليست في طبيعتها قرارات إدارية بمعناها المفهوم في القانون من حيث كونها إفصاحاً للإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة.
ومن حيث إنه متى كان البادي مما سلف أن المدعي (المطعون ضده) لا يعتبر موظفاً عاماً أن القرار المطعون فيه لا يدخل في عداد القرارات الإدارية فمن ثم فإن المنازعة الماثلة لا تعتبر منازعة إدارية إذ تفتقد والحال كذلك خصائص هذه المنازعة ومقوماتها ما دامت لا تنصب على قرار أو تصرف قانوني من جهة الإدارة وبالبناء على ما تقدم فإن الاختصاص بنظرها لا ينعقد لمحاكم مجلس الدولة وفقاً للقانون.
1 - إنه لئن كان الاتحاد الاشتراكي العربي في طبيعته تنظيماً سياسياً فإن ذلك لا يعني أن كل قرار يصدره يعتبر بالضرورة وبحكم اللزوم قراراً سياسياً ينأى بطبيعته عن رقابة القضاء ويخرج عن دائرة هذه الرقابة ذلك أن هذا الوصف لا يصدق إلا على ما يصدره من قرارات في نطاق مباشرته لوظيفته الدستورية وفقاً لما رسمه الدستور وبينه النظام الأساسي له، أما ما يصدره في قرارات وما يجريه من تصرفات قانونية في غير النطاق المتقدم سواء في إدارة أمواله أو في إبرام العقود أو في شئون العاملين فإنها لا شك تخضع لسلطات القضاء ورقابته إعمالاً لما قررته المادة 68 من الدستور من أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتأسيساً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه وقد صدر في شأن المدعي (المطعون ضده)، بوصفه عاملاً في إحدى المؤسسات الصحفية التي يملكها الاتحاد الاشتراكي العربي حيث قضي بفصله من الخدمة بغير الطريق التأديبي، أن هذا القرار وقد صدر على الوجه المتقدم بعيداً عن مجال الوظيفة الدستورية للاتحاد الاشتراكي العربي فإنه بهذه المثابة لا يعد قراراً سياسياً مما ينأى عن رقابة القضاء، وإذ كان هذا القرار لا يدخل حسبما سلف البيان في عداد القرارات الإدارية وكانت المنازعة الماثلة لا تعتبر منازعة إدارية فمن ثم فإن الاختصاص بنظرها إنما ينعقد للقضاء العادي باعتباره الجهة القضائية صاحبة الولاية العامة في غير المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية وفقاً لحكم المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
5 - لا شبة في أن القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم لا يجد مجالاً للتطبيق في الخصوصية المطروحة ذلك أن المخاطبين بأحكامه حسبما نصت عليه المادة الأولى منه وهم العاملون المدنيون الذين لا تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة وأنهيت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي بالإحالة إلى الاستيداع أو إلى المعاش أثناء الاستيداع أو بالفصل من الوظائف بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 والثابت أن المدعي (المطعون ضده) وفقاً لما سلف بيانه ليس من هؤلاء المخاطبين بأحكام ذلك القانون إذ أنه فصل من وظيفته كرئيس لمجلس مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر وهى مؤسسة خاصة في طبيعتها اعتبرها الشارع في حكم المؤسسات العامة في مسائل معينة بينها على سبيل الحصر وليس من بينها ما يتصل بشئون العاملين على الوجه المشار إليه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سلف يكون الحكم الطعين وقد ذهب غير المذهب المتقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية وذلك إعمالاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإلزام المدعي (المطعون ضده) مصروفات هذا الطعن. وأبقت الفصل في مصروفات الدعوى لمحكمة الموضوع.

الطعن 2398 لسنة 55 ق جلسة 26 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 58 ص 281

جلسة 26 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل نصار نائب رئيس المحكمة، لطفي عبد العزيز، إبراهيم بركات وعبد الناصر السباعي.

----------------

(58)
الطعن رقم 2398 لسنة 55 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". حكم "الطعن فيه".
الاختصام في الطعن. شرطه.
(2) حراسة "حراسة إدارية". اختصاص "محكمة الحراسة" "محكمة القيم" "المحكمة العليا". قرار "قرارات التفسير".
فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين من اختصاص محكمة الحراسة دون غيرها. ق 34 لسنة 1971. اختصاص المحكمة العليا بتفسير النصوص التشريعية. قرارات التفسير التي تصدرها لها ذات القوة الملزمة للنص الذي انصب عليه التفسير. م 4/ 2 ق 81 لسنة 1966. اختصاص محكمة الحراسة دون غيرها بنظر المنازعات في الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي بالإجراءات التحفظية على الأموال. القرار التفسيري في الطلب 16/ 8 ق محكمة عليا. حلول محكمة القيم محل محكمة الحراسة في اختصاصها. م 34 ق 95 لسنة 1980. مؤداه.
(3) نقض "أثر نقض الحكم والإحالة". اختصاص.
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص، اقتصار محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص وتعيين المحكمة المختصة عند الاقتضاء الواجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.

------------------
1 - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو.
2 - نظم المشرع فرض الحراسة بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بشأن تنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب فمنع فرضها على أموال الأشخاص الطبيعيين إلا بحكم قضائي يصدر من المحكمة المنصوص عليها بالمادة العاشرة منه ويدل النص بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 81 لسنة 1966 بإصدار قانون المحكمة العليا على أن المشرع اختص المحكمة العليا بتفسير النصوص التشريعية وجعل لقرارات التفسير التي تصدرها قوة ملزمة لجميع جهات القضاء وهي في ذلك لا تنشئ حكماً جديداً بل تكشف عن حكم القانون بتفسير نصوصه وتبين قصد المشرع منه وبذلك يكون لقرارها ذات قوة النص الذي انصب عليه التفسير، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة العليا قد أصدرت بتاريخ 4/ 3/ 1978 قراراً بتفسير نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 المشار إليه في طلب التفسير المقيد برقم 16/ 8 ق محكمة عليا يقضي بأن المحكمة المنصوص عليها في هذه المادة تختص دون غيرها بنظر المنازعات في الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقاً للمادة 7 من القانون المشار إليه، ولما كانت محكمة القيم قد أحلها المشرع محل محكمة الحراسة في اختصاصها بمقتضى المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب، مما مفاده أن هذه المحكمة الأخيرة بما لها من ولاية مقررة قانوناً هي صاحبة الولاية في القضاء بشأن كافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروض عليه الحراسة استناداً لمواد القانون رقم 34 لسنة 1971.
3 - النص في المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقاما الدعويين رقمي 10479 و10480 لسنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية ضد الطاعن ومدير إدارة الأموال بجهاز المدعي العام الاشتراكي والمطعون ضده الثالث بطلب الحكم بعدم الاعتداد بقرار الطاعن رقم 44 لسنة 1984 والصادر بتاريخ 9/ 4/ 1984 بمنع المطعون ضده الثالث وزوجته وأولاده من التصرف في أموالهم العقارية والمنقولة المبينة بصحيفتي دعوييهما مع إلزام الأولين - وفي مواجهة المطعون ضده الثالث - بتسليم تلك الأموال إليهما وبطلان أية إجراءات تحفظية اتخذت في شأنها تأسيساً على ملكيتهما لها وإدراجها خطأ ضمن الذمة المالية للمطعون ضده الثالث. دفع الطاعن بعدم الاختصاص الولائي. وبتاريخ 31/ 5/ 1985 حكمت المحكمة - بعد ضم الدعويين - برفض هذا الدفع - وفي مواجهة المطعون ضده الثالث - للمطعون ضدهما الأولين بطلباتهما الموضوعية. استأنف المطعون ضدهما الأول والثانية هذا الحكم - في شأن عدم شموله بالنفاذ المعجل - كما استأنفه الطاعن وذلك لدى محكمة استئناف القاهرة حيث قيد أولهما برقم 1602/ 102 ق مدني وقيد ثانيهما برقم 2677/ 102 ق مدني. وبعد ضمهما حكمت المحكمة بتاريخ 6/ 6/ 1985 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث وفي الموضوع بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن المطعون ضده الثالث لم توجه إليه طلبات ولم ينازع خصمه في طلباته فلا يعد بذلك خصماً حقيقياً وبالتالي لا يقبل توجيه الطعن إليه.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الثالث وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يوجه للطاعن طلبات ولم يكن للأخير أية طلبات قبله فمن ثم يكون اختصامه في هذا الطعن في غير محله مما يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن القانون رقم 34 لسنة 1971 بشأن تنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب قد خص في مادته العاشرة محكمة الحراسة بكافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروض عليه الحراسة، وجاء القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب وأحل بالمادة 34 منه محكمة القيم محل محكمة الحراسة في اختصاصها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وجرى في مدوناته على اختصاص القضاء العادي بنظر منازعة المطعون ضدهما الأول والثانية رغم تعلقها بمال مفروض عليه الحراسة وفقاً لنصوص القانون رقم 34 لسنة 1971 فإنه يكون قد خالف التفسير رقم 16/ 8 ق الصادر من المحكمة الدستورية العليا في مقام تفسير المادة العاشرة من القانون الأخير وأخطأ في تطبيق القانون بشأن قواعد الاختصاص الولائي بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المشرع نظم فرض الحراسة بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بشأن تنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب. فمنع فرضها على أموال الأشخاص الطبيعيين إلا بحكم قضائي يصدر من المحكمة المنصوص عليها بالمادة العاشرة منه، وكان النص بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا على اختصاصها بـ "تفسير النصوص القانونية التي تستدعي ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها ضماناً لوحدة التطبيق القضائي وذلك بناء على طلب وزارة العدل ويكون قرارها بالتفسير ملزماً" يدل على أن المشرع اختص المحكمة العليا بتفسير النصوص التشريعية وجعل لقرارات التفسير التي تصدرها قوة ملزمة لجميع جهات القضاء وهي في ذلك لا تنشئ حكماً جديداً بل تكشف عن حكم القانون بتفسير نصوصه وتبين قصد المشرع منه، وبذلك يكون لقرارها ذات قوة النص الذي انصب عليه التفسير، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة العليا قد أصدرت بتاريخ 4/ 3/ 1978 قراراً بتفسير نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 المشار إليه في طلب للتفسير المقيد برقم 16/ 8 ق محكمة عليا يقضي بأن المحكمة المنصوص عليها في هذه المادة تختص دون غيرها بنظر المنازعات في الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقاً للمادة 7 من القانون المشار إليه، ولما كانت محكمة القيم قد أحلها المشرع محل محكمة الحراسة في اختصاصها وذلك بمقتضى المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب، مما مفاده أن هذه المحكمة الأخيرة بما لها من ولاية مقررة قانوناً هي صاحبة الولاية في القضاء بشأن كافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروض عليه الحراسة استناداً لمواد القانون رقم 34 لسنة 1971. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
لما كان ما تقدم وكان النص في المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص محكمة القيم بنظرها.

الطعن 258 لسنة 18 ق جلسة 22 / 2 / 1976 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 27 ص 68

جلسة 22 من فبراير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال إبراهيم - رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر، ومحيي الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحه، محمد بدير الألفي - المستشارين.

------------------

(27)

القضية رقم 258 لسنة 18 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - معاش - سن التقاعد - إعادة إلى الخدمة.
مفاد نص المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 بشأن التأمين والمعاشات لموظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين التفرقة بين حالة الموظف الذي يعاد إلى الخدمة بعد إحالته إلى المعاش ببلوغه سن التقاعد وبين حالة الموظف الذي يستبقى في الخدمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد بلوغه سن التقاعد - الموظف الذي يعاد إلى الخدمة بعد إحالته إلى المعاش فبلوغه سن التقاعد لا تدخل مدة خدمته اللاحقة في حساب معاشه - لا يغير من هذا النظر ما ورد من أحكام بشأن العودة إلى الخدمة في الفصل الخامس من الباب الرابع من القانون رقم 50 لسنة 1963 المشار إليه - أساس ذلك أن الأحكام الواردة في الفصل المذكور إنما يعمل بها حيث تتوافر الشروط والأوضاع الخاصة بكل حكم منها دون المساس بالحكم الوارد في المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 المشار إليه الذي يقضي بعدم جواز إبقاء أي منتفع في الخدمة بعد بلوغه سن التقاعد إلا بقرار من رئيس الجمهورية.

--------------------
إن المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 والمعامل به المدعي قد نصت على أن تنتهي خدمة المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين.. ولا يجوز في جميع الأحوال بغير قرار من رئيس الجمهورية إبقاء أي منتفع في الخدمة بعد بلوغ سن التقاعد ومفاد هذا النص أنه ما لم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بإبقاء الموظف بالخدمة بعد بلوغ سن التقاعد فإنه لا ينتفع بأحكام القانون المشار إليه في شأن حساب مدد الخدمة التي تدخل في تقدير المعاش وإنما تنتهي مدة خدمته بحكم القانون ببلوغه سن التقاعد ويسوى معاشه على هذا الأساس، فثمة اختلاف بين حالة الموظف الذي يعاد إلى الخدمة بعد إحالته إلى المعاش ببلوغه سن التقاعد وبين حالة الموظف الذي يستبقى في الخدمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد بلوغه سن التقاعد، إذ بينما أن الموظف الذي أبقى بالخدمة يستمر في تقاضي مرتبه مخصوماً منه قسط المعاش وذلك على أساس أن خدمته قد امتدت ولم تنته ببلوغه سن التقاعد، فإن الموظف الذي يعاد تعيينه بعد انتهاء خدمته ببلوغه سن التقاعد يربط معاشه على أساس المدة التي قضاها بالخدمة قبل بلوغه سن التقاعد ولهذا فإنه يتقاضى مقابل عمله في صورة راتب أو مكافأة شاملة دون أن يستقطع منها قسط المعاش وذلك اعتباراً بأن خدمته قد انتهت بحكم القانون ببلوغه سن التقاعد ولهذا فإن مدة خدمته اللاحقة لا تدخل في حساب معاشه، أما العودة إلى الخدمة الواردة أحكامها في الفصل الخامس من الباب الرابع من القانون رقم 50 لسنة 1963 السالف الذكر فهي العودة إلى الخدمة بمعناها العام وبعد انتهاء خدمة الموظف وربط معاشه سواء كانت العودة إلى الخدمة قبل بلوغ الموظف المعاد (سن التقاعد) أو بعد بلوغها وقد انتظمت المواد الواردة تحت الفصل المشار إليه الأحكام الخاصة بالجمع بين المعاش وبين الراتب أو المكافأة التي يتقاضاها الموظف المعاد عن عمله الجديد وكذلك الأحكام الخاصة بحساب مدة الخدمة الجديدة في المعاش، وليس ثمة شك في أن الأحكام الواردة في الفصل المذكور إنما يعمل بها حيث تتوافر الشروط والأوضاع الخاصة بكل حكم من هذه الأحكام ودون المساس بالحكم الوارد في المادة 13 من القانون والذي يقضي بعدم جواز إبقاء أي منتفع في الخدمة بعد بلوغه سن التقاعد إلا بقرار من رئيس الجمهورية وذلك على نحو ما سلف بيانه في معنى الإبقاء في الخدمة.