الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023

الطعن 1250 لسنة 8 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 54 ص 528

جلسة 24 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت محمد حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-----------------

(54)

القضية رقم 1250 لسنة 8 القضائية

موظف 

- المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - فترة اختبار - وضع الموظف القانوني أثناءها وضع وظيفي معلق - الصلاحية تتخصص بالزمان ونوع العمل المسند إليه - هي ليست صفة لازمة بل قد تزايل صاحبها - هي شرط لازم للبقاء في الوظيفة - امتناع الترقية إلى الدرجة التالية قبل قضاء فترة الاختبار بنجاح - المادة 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - لا تغير القواعد المقررة لضم مدد الخدمة السابقة من ذلك - لهذه القواعد مجالها الخاص في التطبيق ولا يتعدى أثرها نطاق التسوية التي تتم على مقتضاها.
إن مثار النزاع هو ما إذا كان يسوغ ترقية الموظف أثناء فترة الاختبار وإذ كان للموظف فترة مضاها في خدمة الحكومة بمكافأة تساوي أو تجاوز مدة الاختبار المقررة فهل من شأنها أن تؤثر في لزوم قضاء هذه الفترة.

----------------
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نصت على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادر الفني العالي والإداري، ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجتين السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة أو التاسعة وذلك مع عدم الإخلال بما جاء بالفقرة الأخيرة من المادة 40 - ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإذا لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته" - كما نصت المادة 24 من القانون المذكور على أنه إذا كان للمعينين في الخدمة مدد عمل في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة المشار إليها حسبت لهم هذه المدد كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة وفقاً للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وذلك بمراعاة أحكام الفقرة الأخيرة من المادة السابقة "وقد صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 منظماً لشروط ضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، أنها وضعت لكي تسري على الموظفين المعينين على وظائف دائمة سواء أكانوا مثبتين أم غير مثبتين وهم الذين تسري عليهم أحكام الباب الأول من القانون 210 لسنة 1951، ومقتضى نص المادة 19 المذكورة بأن تعيين الموظف لأول مرة في أدنى وظائف الكادر العالي والإداري أو أدنى وظائف الكادر الفني المتوسط والكتابي ينبغي أن يلازمه بالضرورة وضعه تحت الاختبار وإذا كان مقتضى الحكمة التي تقوم عليها هذا الاختبار أن الشارع أراد أن يظل عمل الموظف خلالها تحت نظر الإدارة وفحصها ومحوراً لمراقبتها واختبارها فترة من الزمن حتى يتسنى لها بعد ذلك الحكم على مدى صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته هي على بصيرة من حقيقة كفايته. فإن هذه المدة يجب أن يقضيها الموظف بصفة فعلية في ذات الوظيفة الداخلة في الهيئة التي يعين أو يعاد تعيينه فيها فلا يغني عنها أية مدة خدمة سابقة كان قد قضاها على غير درجة أو بمكافأة شهرية.
ومن حيث إنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن اللياقة للنهوض بأعباء الوظيفة العامة هي شرط الصلاحية للبقاء فيها، وهو شرط مقرر للمصلحة العامة، يجري إعماله طوال فترة الاختبار، وأن مصير الموظف يكون رهيناً بتحقيق هذا الشرط، فإذا اتضح عدم لياقته قبل انقضاء هذه المدة ساغ فصله، ويقع الفصل في هذه الحالة نتيجة تخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير التعيين، ولما كانت صلاحية الموظف تتخصص بالزمان ونوع العمل المسند إليه، فإن المرجع في تقرير هذه الصلاحية هو إلى الوقت الذي يتم فيها وزنها والحكم عليها، دون اعتداد بما قد يكون من أمرها في الماضي، لأن الصلاحية ليست صفة لازمة بل قد تزايل صاحبها وقد تختلف باختلاف نوع العمل المنظور إلى الصلاحية فيه، وواضح مما تقدم أن موقف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفي معلق أثناء تلك الفترة، إذ لا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد قضاء فترة التعليق، وانحسام الموقف بإقرار من الجهة الإدارية من حيث صلاحية البقاء فيها أو عدمها، ومتى كان الأمر معلقاً على هذا الوضع، وكان قضاء فترة الاختبار على ما يرام شرطاً لازماً للبقاء في الوظيفة، فإن الترقية إلى الدرجة التالية قبل قضاء هذه الفترة واستقرار وضع الموظف بصفة نهائية باجتيازه إياها بنجاح تكون ممتنعة؛ إذ يترتب عليها إخراج الموظف من أدنى الدرجات وإعفاؤه من فترة الاختبار التي لا تكون في هذه الدرجة الدنيا، والإقرار له بالكفاية وبالصلاحية قبل الأوان ولما تكتمل له أسبابها بعد، وأخصها عنصر الخدمة الفعلية وعامل الزمن، وغل يد الإدارة عن ممارسة حقها المقرر لها بمقتضى المادة 19 من قانون نظام موظفي الدولة في تثبيته أو في فصله من وظيفته لعدم الصلاحية إذا ما ثبت لها أنه لم يمض فترة الاختبار على وجه مرض يسمح ببقائه في الخدمة ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 24 من القانون المذكور من حساب مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ذلك أن إعمال أثر هذا الضم في الترقية إلى الدرجة التالية بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار لا يكون إلا بعد ثبوت صلاحيته أولاً للبقاء في الوظيفة بعد قضائه فترة الاختبار على ما يرام، وليس من شأن التسوية التي تتم في هذه الحالة أن يتعدى أثرها هذا النطاق إلى تعطيل الحكمة التي قامت عليها المادة 19 من القانون، أو تغيير الشروط أو القواعد المقررة للترقية أو إنشاء قرينة قاطعة في صالح الموظف على اكتسابه في العمل السابق خبرة ومراناً في عمله الجديد ولو على خلاف الواقع، وجملة القول أن نظام الاختبار له مجاله الواجب إعماله فيه، ولضم مدد الخدمة السابقة مجاله الواجب إعماله فيه كذلك، كما أن التسويات التي تتم بناء على هذا الضم دون نظر إلى التقارير السنوية إن هي إلا تسويات فرضية، ولا تعارض بين المجالين، وغاية الأمر أن إعمال المجال الثاني بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار فيما يتعلق بالترقية إلى الدرجة التالية لا ينتج أثره إلا بعد انحسام الوضع في المجال الأول وثبوت صلاحيته للبقاء في الوظيفة، وعلى مقتضى ما تقدم فليس للموظف الذي ما زال في فترة الاختبار بأن يتحدى بأقدميته في الدرجة بضم مدد خدمة سابقة له لتوصل بذلك إلى وجوب ترقيته على أساس أقدميته بعد هذا الضم وذلك أنه خلال هذه الفترة يعتبر غير صالح للترشيح للترقية سواء بالأقدمية أو الاختبار قبل قضائه تلك الفترة على ما يرام وثبوت صلاحيته فيها، إذ أن بقاءه في الوظيفة موقوف على ثبوت هذه الصلاحية كما سلف القول، كما أن المفروض في المرشحين للترقية في الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري وهي التي تخصم ابتداء لنظام الاختبار إلى الدرجة التالية أن يكونوا جميعاً في مركز متساو من ناحية استقرار بقائهم فيها، وهذا لا يتأتى إلا بعد انحسام الموقف المعلق وثبوت صلاحيتهم جميعاً بعد قضاء فترة الاختبار حسبما سلف الإيضاح.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11 من يونيو سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الاقتصاد أوراق الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 835 لسنة 15 القضائية والقاضي برد أقدمية المدعي إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية إلى 30 من نوفمبر سنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات, وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بعريضة الطعن قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10 من مايو سنة 1964 وفي هذه الجلسة قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث نظر بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1964 وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل في أن المطعون ضده أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 1128 لسنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية، وباستحقاقه الترقية إلى الدرجة المذكورة اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية التجارة سنة 1957 وفي 16 من سبتمبر سنة 1957 صدر قرار من وزير التجارة بتعيينه بمكافأة شهرية قدرها 18 جنيه بالخصم على بند المكافآت والمصروفات الخاصة بمشروع التنمية الاقتصادية بميزانية الديوان العام اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل في 6 من أغسطس سنة 1957، ثم ألحق بوزارة الاقتصاد على بند المكافآت أيضاً، ثم تقدم لامتحان المسابقة رقم 65 الذي عقده ديوان الموظفين عام 1959 لخريجي التجارة، ونجح في هذا الامتحان فرشحه الديوان للتعيين في الدرجة السادسة العالية في هيئة صندوق توفير البريد، ثم أعيد ترشيحه لوزارة الاقتصاد، وبتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 صدر قرار وزارة الاقتصاد رقم 672 لسنة 1960 بتعيينه موظفاً بالدرجة السادسة الفنية العالية في وظيفة باحث فني ووضعه تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، وذلك اعتباراً من تاريخ صدور قرار التعيين، وقال المدعي إنه تقدم بطلب لضم مدة خدمته السابقة بالمكافأة إلى أقدميته في الدرجة السادسة، وبتاريخ 25 من يناير سنة 1961 صدر القرار الوزاري رقم 107 لسنة 1961 بضم مدة خدمته في أقدمية التعيين وتدرج الماهية وصرف الفروق المستحقة، وذلك عن المدة من 6 من أغسطس سنة 1957 إلى 9 من أغسطس سنة 1960 وذلك بعد الرجوع إلى الإدارة العامة للشئون الاقتصادية التي أفادت بأن المدعي اكتسب خبرة وأظهر كفاية أثناء مدة خدمته السابقة، ثم قال المدعي إنه بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1960 تقدم بمذكرة إلى مراقبة المستخدمين بالوزارة طلب فيها وضعه في الترتيب في كشف أقدمية الدرجة السادسة بما يتفق ومدة خدمته السابقة ومراعاة ذلك عند النظر في الترقية إلى الدرجة الخامسة حيث إن فترة الاختبار المحددة في المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة لا ينطبق على حالته وبالتالي لا يقوم أي مانع قانوني من ترقيته إلى الدرجة الخامسة، إلا أنه ترامى إلى علمه فيما بعد أن قراراً وزارياً برقم 1128 لسنة 1960 صدر بترقية بعض موظفي الديوان العام بالوزارة اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960، وأن الوزارة تخطته في هذه الترقية استناداً إلى عدم تقضيته فترة الاختبار، مما يحق للطالب معه الطعن في هذا القرار استناداً إلى ما صرحت به المحكمة العليا في حكمها الصادر في 27 من يونيه سنة 1959 في القضية رقم 82 لسنة 4 القضائية "التي قالت بصريح العبارة أنه إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة الزمنية المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه، فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة 19 من نظام موظفي الدولة يستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مدد أخرى، واستطرد المدعي قائلاً إن هذه الخبرة التي يفترض الشارع أن المرشح قد اكتسبها خلال فترة عمله السابق في الحكومة أو في خارجها تتنافى مع وضعه عند إعادة تعيينه في خدمة الحكومة تحت الاختبار، وانتهى المدعي في أقواله إلى أنه تظلم إلى السيد مفوض الدولة بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1961 طلب فيه إلغاء القرار المطعون فيه وانتهى المفوض إلى إجابته لطلباته، ولكن جهة الإدارة لم تذعن لهذا الرأي، الأثر الذي دفعه إلى رفع الدعوى الحالية وقررت الوزارة بأنها تخطت المدعي في حركة الترقيات التي تمت اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 مستندة في ذلك إلى أنه لم يمض على تعيينه المدة القانونية التي تجيز إنهاء فترة الاختبار الأمر الذي لا يجوز معه النظر في ترقيته إلى الدرجة الخامسة، فقضت محكمة القضاء الإداري برد أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الفنية العالية إلى 30 نوفمبر سنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار - وأقامت قضاءها بعد استعراضها للمادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951، أن تعيين الموظف لا يكون في مدة الاختبار المنصوص عليها في المادة 19 من القانون 210 لسنة 1951 نهائياً وباتاً، بل إن بقاءه في الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطاً بقضائه فترة الاختبار على ما يرام، ولا يكون هذا كله إلا في حالة تعيين الموظف لأول مرة، أما إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة تستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى وأيدت المحكمة المذكورة رأيها بنص المادة (24) من القانون المذكور التي تقضي بأنه إذا كان للمعينين في خدمة الحكومة مدد عمل في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات وحسبت لهم هذه المدة كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة إلخ... وأردف الحكم أنه في ضوء ما سبق فإنه إذا كان للمدعي مدة خدمة سابقة هي التي قضاها على بند المكافآت في ذات الوظيفة التي عين فيها بالدرجة السادسة وبذلك أرجعت أقدميته في هذه الدرجة إلى 9 من أغسطس سنة 1957 بمقتضى القرار رقم 107 لسنة 1960، فإن وضع المدعي يصبح مستقراً في الدرجة السادسة اعتباراً من التاريخ المذكور وينقضي بالنسبة له الوضع المعلق - وإذ تضمن القرار المطعون ترقية كل من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة الفنية العالية إلى 27 من نوفمبر سنة 1957 وكانت أقدمية المدعي في الدرجة السادسة راجعة إلى 9 من أغسطس سنة 1957 فإن القرار المطعون فيه إذ تخطى المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 13 من نوفمبر سنة 1960 يكون قد تنكب وجه الصواب ويتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية المذكورة - فطعنت الجهة الإدارية على هذا الحكم مؤسسة طعنها على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين قضى بأن المطعون ضده سبق أن أمضى فترة الاختبار قبل تعيينه بالدرجة السادسة بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 ذلك أنه لم يقض أية فترة اختبار سابقة، كما لا يمكن القول بأن تعيين المطعون ضده في الدرجة السادسة بعد أن قضى فترة بالمكافأة، فيه إقرار بصلاحيته للعمل الذي يعين فيه بالدرجة السادسة الفنية العالية يعفيه من تمضية هذه الفترة على ما يرام، كما قالت الطاعنة إن الحكم أخطأ كذلك فيما قرره من أن ضم مدد الخدمة السابقة يفترض فيها اكتساب الموظف خبرة في العمل الجديد تقطع بصلاحيته لهذا العمل مما يعفيه من قضاء فترة الاختبار لأنه ليس للموظف الذي ما زال في هذه الفترة أن يتحدى بأقدميته في الدرجة وضم مدة خدمة سابقة له، ذلك أنه خلال هذه الفترة المذكورة لا يعتبر صالحاً للترقية سواء بالأقدمية أو بالاختبار قبل قضائه هذه الفترة - فقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها خلصت فيه، إلى تأييد الحكم المطعون فيه للأسباب الواردة به، وأضافت إليها أن المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 27 من يونيه سنة 1959 في القضية رقم 82 لسنة 4 القضائية. حسمت هذا الموقف مقررة أنه إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة الزمنية المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه، فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة يستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى، وانتهت إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فقدم المدعي مذكرة ردد فيها أقواله ودفاعه السابق وأضاف إليها أن تعيينه بالمكافأة إنما تم استناداً إلى حكم المادة (26) من القانون (210) لسنة 1951 ونصها "يسري على الموظفين المؤقتين الشاغلين وظائف دائمة جميع الأحكام الواردة في هذا القانون، أما الموظفون المؤقتون المعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال وقتية فأحكام توظيفهم وتأديبهم وفصلهم يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين" وأضاف المدعي أنه تنفيذاً لهذه المادة أعدت صيغة العقد الواجب إبرامه مع الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة ووافق عليه مجلس الوزراء في 31 من ديسمبر سنة 1952. وأنه قد تضمن هذا العقد "القواعد الخاصة بنظام التعاقد وطريقة إنهائه ونظام التعيين سواء كان بالمكافأة أو الدرجة وشروط اللياقة الصحية للاستمرار في الخدمة والإجازات الجائز الترخيص بها والعقوبات التأديبية الجائز توقيعها على الموظف وجهة الاختصاص، ثم نصت المادة السادسة على أن يكون الموظف من جميع الوجوه خاضعاً للقوانين واللوائح الخاصة بالموظفين الجاري العمل بها أو التي سيعمل بها في الحكومة المصرية - ثم أردف المدعي يقول إن ذلك يعني أن الموظف الذي يعين في وظيفة مؤقتة كما هو الحال بالنسبة إلى مدة تعيينه بمكافأة تسري في شأنه القواعد الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951 - كما أنه لا محل للقول بأنه لم يطعن على قرار تعيينه في الدرجة السادسة تحت الاختبار وذلك في المواعيد المقررة، لا مجال لهذا القول، ذلك أن قرار وضع الموظف تحت الاختبار بطبيعته لا يطعن فيه استقلالاً وإنما تبعاً للطعن في قرار التخطي في الترقية الذي يركن فيه إلى أن تخطي الموظف كان سببه هو أنه ما زال في فترة الاختبار، ثم قال المدعي إنه غني عن البيان أن مواعيد الطعن في قرار التخطي وقرار وضع الموظف تحت الاختبار لا تبدأ إلا اعتباراً من تاريخ صدور قرار ضم مدة الخدمة السابقة، وأضاف المدعي أنه علاوة على ذلك فإنه لم يعلن بقرار تعيينه بالدرجة السادسة الصادر في 10 من أغسطس سنة 1960 محتوياً على وضعه تحت الاختبار، وإنما علم فيما بعد بمحتويات القرار المشار إليه، وأنه تقدم عقب ذلك مباشرة بالطلب المؤرخ 28 من نوفمبر سنة 1961 إلى مراقبة المستخدمين بالوزارة لوضعه في الترتيب بكشوف أقدمية الدرجة السادسة بما يتفق مع مدة خدمته كاملة ريثما يصدر قرار بضم هذه المدة، مع مراعاة هذه الأقدمية عند النظر في الترقية إلى الدرجة الخامسة نظراً إلى أن فترة الاختبار المحددة في المادة (19) سالفة الذكر لا تنطبق على حالته وبالتالي فلا يوجد ما يمنع من ترقيته إلى الدرجة الخامسة وأضاف أنه تظلم من قرار تخطيه في الترقية بمجرد علمه به في 20 من فبراير سنة 1960 وقبل صدور ستين يوماً على صدور قرار ضم مدة خدمته السابقة وهو القرار المنشئ لحقه في الطعن.
ومن حيث إنه بمطالعة ملف خدمة المدعي (المطعون ضده) يبين أنه قد صدر قرار وزاري برقم 324 لسنة 1957 في 16 من سبتمبر سنة 1957 نص في ديباجته على قانون نظام موظفي الدولة، وموافقة الوزير ونص في هذا القرار على أن يعين علي عبد العزيز علي السيد الحاصل على بكالوريوس التجارة عام 1957 بمكافأة شهرية قدرها 18 جنيه شاملة إعانة الغلاء وبعقد لمدة تنتهي في 30 من يونيه سنة 1958 بالخصم على بند المكافآت والمصروفات اللازمة للجان ودراسة وبحث تقارير لجنة التنظيم الخاص بمشروع التنمية الاقتصادية بميزانية الديوان اعتباراً من تاريخ استلامه العمل وقد حرر معه العقد بتعيين موظف مؤقت ولمدة سنة يتجدد العقد لمدة أخرى مساوية لتلك المدة ما لم يعلن أحد الطرفين الآخر قبل نهاية المدة بشهر برغبته في إنهاء هذا العقد - ثم صدر بعد ذلك قرار وزاري برقم 672 لسنة 1960 بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 بتعيين المدعي في وظيفة من الدرجة السادسة العالية الدائمة (بديوان) الوزارة المذكورة ومنحه ماهية شهرية قدرها 15 جنيه ووضعه تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر وذلك اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار وأشير في ديباجة هذا القرار إلى كتاب ديوان الموظفين رقم 111/ 1/ 4 المؤرخ 17 من يوليه سنة 1960 والخاص بتعديل ترشيح المدعي الناجح في مسابقة الإعلان رقم 65 لسنة 1959 لحملة بكالوريوس التجارة إلى وزارة الاقتصاد وعلى قرار القومسيون الطبي العام رقم 71 بجلسة 2 من أغسطس سنة 1960 ثم صدر قرار وزاري برقم 107 لسنة 1961 بتاريخ 25 من يناير سنة 1961 بضم مدة خدمة المدعي وغيره من موظفي الديوان العام في أقدمية درجة التعيين فسويت حالته بضم المدة من 6/ 8/ 1957 إلى 9/ 8/ 1960 التي قضاها بمكافأة شاملة بالإدارة العامة للشئون الاقتصادية كاملة، واعتبر مرتبه 15 جنيه من 6/ 8/ 1957، 17 جنيه من 1/ 5/ 1960 وبصرف الفروق المستحقة اعتباراً من 10/ 8/ 1960. ثم صدر قرار وزاري رقم 900 لسنة 1961 بترقيته إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31 من يوليه سنة 1961.
ومن حيث إن مثار النزاع هو ما إذا كان يسوغ ترقية الموظف أثناء فترة الاختبار وإذا كان للموظف فترة أمضاها في خدمة الحكومة بمكافأة تساوي أو تجاوز مدة الاختبار المقررة فهل من شأنها أن تؤثر في لزوم قضاء هذه الفترة.
ومن حيث إن المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نصت على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفني العالي والإداري، ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجتين السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة أو التاسعة وذلك مع عدم الإخلال بما جاء (بالفقرة) الأخيرة من المادة 40 - ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإذا لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته" - "كما نصت المادة (24) من القانون المذكور "إذا كان للمعينين في الخدمة مدد عمل في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة المشار إليها حسبت لهم هذه المدد كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة وفقاً للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وذلك بمراعاة أحكام الفقرة الأخيرة من المادة السابقة" وقد صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 منظماً لشروط ضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951. في شأن نظام موظفي الدولة، أنها وضعت لكي تسوي على الموظفين المعينين على وظائف دائمة سواء أكانوا مثبتين أم غير مثبتين وهم الذين تسري عليهم أحكام الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومقتضى نص المادة (19) المذكورة بأن تعيين الموظف لأول مرة في أدنى وظائف الكادر الفني العالي والإداري أو أدنى وظائف الكادر الفني المتوسط والكتابي ينبغي أن يلازمه بالضرورة ووضعه تحت الاختبار، وإذا كان مقتضى الحكمة التي يقوم عليها هذا الاختبار أن الشارع أراد أن يظل عمل الموظف خلالها تحت نظر الإدارة وفحصها ومحوراً لمراقبتها واختبارها فترة من الزمن حتى يتسنى لها بعد ذلك الحكم على مدى صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته وهي على بصيرة من حقيقة كفايته. فإن هذه المدة يجب أن يقضيها الموظف بصفة فعلية في ذات الوظيفة الداخلة في الهيئة التي يعين أو يعاد تعيينه فيها فلا يغني عنها أية مدة خدمة سابقة كان قد قضاها على غير درجة أو بمكافأة شهرية.
ومن حيث إنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن اللياقة للنهوض بأعباء الوظيفة العامة هي شرط الصلاحية للبقاء فيها، وهو شرط مقرر للمصلحة العامة، يجري إعماله طوال فترة الاختبار، وأن مصير الموظف يكون رهيناً بتحقيق هذا الشرط، فإذا اتضح عدم لياقته قبل انقضاء هذه المدة ساغ فصله ويقع الفصل في هذه الحالة نتيجة تخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير التعيين، ولما كانت صلاحية الموظف تتخصص بالزمان ونوع العمل المسند إليه، فإن المرجع في تقرير هذه الصلاحية هو إلى الوقت الذي يتم فيها وزنها والحكم عليها، دون اعتداد بما قد يكون من أمرها في الماضي، لأن الصلاحية ليست صفة لازمة بل قد تزايل صاحبها، وقد تختلف باختلاف نوع العمل المنظور إلى الصلاحية فيه، وواضح بما تقدم أن موقف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفي معلق أثناء تلك الفترة، إذ لا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد قضاء فترة التعليق وانحسام الموقف بإقرار من الجهة الإدارية من حيث صلاحية البقاء فيها أو عدمها، ومتى كان الأمر معلقاً على هذا الوضع، وكان قضاء فترة الاختبار على ما يرام شرطاً لازماً للبقاء في الوظيفة فإن الترقية إلى الدرجة التالية قبل قضاء هذه الفترة واستقرار وضع الموظف بصفة نهائية باجتيازه إياها بنجاح تكون ممتنعة، إذ يترتب عليها إخراج الموظف من أدنى الدرجات وإعفاؤه من فترة الاختبار التي لا تكون إلا في هذه الدرجة الدنيا، والإقرار له بالكفاية وبالصلاحية قبل الأوان ولما تكتمل له أسبابها بعد وأخصها عنصر الخدمة الفعلية وعامل الزمن، وغل يد الإدارة عن ممارسة حقها المقرر بمقتضى المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة في تثبيته أو في فصله من وظيفته لعدم الصلاحية إذا ما ثبت لها أنه لم يمض فترة الاختبار على وجه مرضي يسمح ببقائه في الخدمة، ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 24 من القانون المذكور من حساب مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ذلك أن إعمال أثر هذا الضم في الترقية إلى الدرجة التالية بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار لا يكون إلا بعد ثبوت صلاحيته أولاً للبقاء في الوظيفة بعد قضائه فترة الاختبار على ما يرام، وليس من شأن التسوية التي تتم في هذه الحالة أن يتعدى أثرها هذا النطاق إلى تعطيل الحكمة التي قامت عليها المادة 19 من القانون، أو تغيير الشروط أو القواعد المقررة للترقية أو إنشاء قرينة قاطعة في صالح الموظف على اكتسابه في العمل السابق خبرة ومراناً في عمله الجديد ولو على خلاف الواقع، وجملة القول أن نظام الاختبار له مجاله الواجب إعماله فيه، ولضم مدد الخدمة السابقة مجاله الواجب إعماله فيه كذلك، كما أن التسويات التي تتم بناء على هذا الضم دون نظر إلى التقارير السنوية إن هي إلا تسويات فرضية ولا تعارض بين المجالين، وغاية الأمر أن إعمال المجال الثاني بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار فيما يتعلق بالترقية إلى الدرجة التالية لا ينتج أثره إلا بعد انحسام الوضع في المجال الأول وثبوت صلاحيته للبقاء في الوظيفة، وعلى مقتضى ما تقدم فليس للموظف الذي ما زال في فترة الاختبار بأن يتحدى بأقدميته في الدرجة بضم مدد خدمة سابقة له ليتوصل بذلك إلى وجوب ترقيته على أساس أقدميته بعد هذا الضم وذلك أنه خلال هذه الفترة يعتبر غير صالح للترشيح للترقية سواء بالأقدمية أو الاختبار قبل قضائه تلك الفترة على ما يرام وثبوت صلاحيته فيها، إذ أن بقاؤه في الوظيفة موقوف على ثبوت هذه الصلاحية كما سلف القول، كما أن المفروض في المرشحين للترقية في الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري وهي التي تخضع ابتداء لنظام الاختبار إلى الدرجة التالية أن يكونوا جميعاً في مركز متساو من ناحية استقرار بقائهم فيها، وهذا لا يتأتى إلا بعد انحسام الموقف المعلق وثبوت صلاحيتهم جميعاً بعد قضاء فترة الاختبار حسبما سلف الإيضاح.
ومن حيث إنه بتطبيق المبادئ سالفة الذكر على واقع المنازعة حسبما يستظهر من ملف خدمة المدعي يبين أن المدعي (المطعون ضده) وقد عين بالقرار رقم 324 في 16 من سبتمبر سنة 1957 بمكافأة شاملة قدرها 18 جنيه ثم عين لأول مرة في الدرجة السادسة الفنية العالية الدائمة بالقرار الوزاري رقم 672 لسنة 1960 في 10 من أغسطس سنة 1960 وكان يتعين وفقاً للمادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1950 أن يكون هذا التعيين الثاني تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل أو سنتين على الأكثر، وهذا ما اتخذته جهة الإدارة في شأنه يشهد بذلك ما أفصحت عنه الإدارة في قرار التعيين من كونه قد تم بناء على نجاح المدعي في مسابقة ديوان الموظفين وترشيح هذا الديوان إياه استناداً إلى قرار القومسيون الطبي العام بصلاحيته للتعيين في الدرجة السادسة الدائمة ويترتب على ذلك لزوماً أنه إذا كانت جهة الإدارة أجرت ترقيات إلى الدرجة الخامسة بالقرار رقم 1128 لسنة 1960 اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 خلال فترة اختبار المدعي فلا وجه لطلب المدعي إلغاء تخطيه بهذا القرار لأن مركزه آنذاك كان ما يزال معلقاً لا يسمح بترقيته كما سلف الإيضاح ولا يغير من ذلك أن تكون جهة الإدارة قد استجابت بالقرار الوزاري رقم 107 لسنة 1961 لطلب ضم مدة خدمة المدعي السابقة التي قضاها بمكافأة شهرية ثم رقته على هذا الأساس إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1961 مكتفية بفترة اختبار عدتها سنة لأنها إنما رقت المدعي على كل حال بعد أن انقضت مدة الاختبار الواجبة قانوناً، وبعد أن ثبتت لها صلاحيته للبقاء في الوظيفة ومن ثم يكون طلب المدعي إلغاء القرار الوزاري رقم 1128 لسنة 1960 الصادر من وزير الاقتصاد فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية واستحقاقه لهذه الترقية اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 تاريخ صدور حركة الترقيات المطعون فيها على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم الحكم بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 15 لسنة 8 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 53 ص 521

جلسة 24 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت محمد حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(53)

القضية رقم 15 لسنة 8 القضائية

موظف - ترقية 

- وظيفة متميزة - يمتنع على غير من توافر فيه التأهيل الخاص استحقاق الترقية إليها - مثال - مصلحة الأرصاد الجوية - إذا خلت درجة في القسم الخاص بأعمال الرصد فإنه لا يجوز الترقية إليها إلا من بين الموظفين التابعين للقسم المذكور لأنهم وحدهم هم الذين تتوافر فيهم الصلاحية المطلوبة - وظيفة كبير المراجعين بمصلحة الأرصاد الجوية لا يتولاها إلا من تقلب في وظائف الرصد الجوي.

----------------- 
إن مصلحة الأرصاد الجوية قد راعت منذ العمل بالميزانية عن السنة المالية 1955/ 1956 ترتيب الوظائف في الميزانية يجرى على أساس طبيعة الأعمال بالوظائف الموجودة بالمصلحة المذكورة وطبقاً لما تقدم جعلت وظائف الكادر الفني المتوسط قسمين:
القسم الأول - فئة ( أ ) ويشمل الوظائف المخصصة للقائمين بأعمال الرصد الجوى المختلفة والقسم الثاني فئة (ب) ويتناول الوظائف الفنية الأخرى كوظائف الميكانيكيين والرسامين وغيرها وذلك لاختلاف طبيعة الوظائف في هذين القسمين على النحو السابق إيضاحه, وهذا التوزيع واضح في تخصيص وظائف عمليات الرصد تخصيصاً متميزاً بطبيعته, ويؤكده ما جرى عليه العمل في هذه المصلحة من اشتراط تأهيل خاص ومراناً معيناً فيمن يتولى وظائف الرصد الجوي, وهي صلاحية غير متحققة فيمن يشغل وظائف القسم الثاني والوظيفة - مثار المنازعة - مخصصة لكبير المراجعين فلا يتولاها إلا من تقلب في وظائف الرصد الجوي وتهيأت له الخبرة العملية المطلوبة لتقلدها, وما دامت هذه الوظيفة بحسب تخصيص الميزانية لها - مميزة تمييزاً خاصاً بجعل اقتضاء تأهيل معين فيمن يتولاها أمراً لا مندوحة منه, فإنه يمتنع على غير من يتوافر فيه هذا التأهيل الخاص باستحقاق الترقية إليها, ولو انتظمته مع المتنافسين عليها أقدمية مشتركة في وحدة إدارية واحدة, وعلى مقتضى ما تقدم إذا خلت درجة في القسم - أ - الخاص بأعمال الرصد, فإنه لا يجوز الترقية إليها إلا من بين الموظفين التابعين للقسم المذكور لأنهم وحدهم هم الذين تتوافر فيهم الصلاحية المطلوبة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الدرجات موضوع النزاع هي من درجات القسم الأول فئة أ - وظائف عمليات الرصد - ومخصصة من ثم لوظيفة كبير مراجعين فإنه لا يحق للمدعي وهو يشغل وظيفة رسام بالقسم الثاني فئة ب - الوظائف الفنية الأخرى - أن يطالب بالترقية إلى إحداها ويكون طلبه إلغاء القرار الصادر بترقية ثلاثة من المراجعين الذين يشغلون الدرجة السادسة في القسم الأول فئة أ بحسب ترتيب أقدميتهم غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون مستوجب الرفض.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 2 من نوفمبر سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد/ وزير الحربية تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 3 من سبتمبر سنة 1961 من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية رقم 313/ 8 القضائية المقامة من السيد/ إبراهيم عدلي أحمد حسن ضد وزارة الحربية والقاضي بإلغاء القرار رقم 183 الصادر في 31/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المطعون ضده في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبعد اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 313/ 8 القضائية ضد وزارة الحربية - مصلحة الأرصاد الجوية - بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 18/ 2/ 1961 بناء على قرار المعافاة الصادر لصالحه بجلسة 21/ 12/ 1960 في طلب الإعفاء رقم 726/ 7 القضائية طالباً الحكم "بإلغاء القرار الصادر تحت رقم 183 بتاريخ 31/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط) مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل الأتعاب....." وقال المدعي شرحاً لدعواه إن القرار المطعون فيه صدر متضمناً ترقية ثلاثة من موظفي مصلحة الأرصاد الجوية بالأقدمية المطلقة، لما كان المدعي سابقاً المطعون عليهم في ترتيب الأقدمية فيما كان يحق تخطيه في الترقية بحجة أن الدرجات الفنية بالمصلحة المذكورة مقسمة إلى قسمين يستقل كل منهما (بموظفيه) ودرجاته ما دام لم يصدر بهذا التقسيم قرار من رئيس الجمهورية وبناء على اقتراح وزارة الخزانة بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وذلك على مقتضى الأوضاع التي تطلبتها المادة 40 من قانون موظفي الدولة وقد (أودعت) الوزارة مذكرتين بدفاعها أوضحت فيهما أن مصلحة الأرصاد الجوية راعت عند إعداد مشروع ميزانيتها لعام 1955 - 1956 ترتيب الوظائف في الكادر الفني المتوسط على أساس تقسيمها قسمين بحسب طبيعة العمل في كل منهما: القسم الأول - فئة ( أ ) ويشمل الوظائف اللازمة للقيام بعمليات الرصد الجوي المختلفة والقسم الثاني - فئة (ب) ويشمل الوظائف الفنية الأخرى مثل وظائف الميكانيكيين والرسامين والخطاطين وغيرها، وذلك لأن طبيعة عمليات الرصد - الفئة أ. تختلف عن طبيعة الأعمال الفنية الأخرى كالأعمال الميكانيكية وأعمال الرسم والكتابة وغيرها في الكادر المذكور (ويتعذر) على من يقوم بالأعمال الفنية الفئة (ب) القيام بأعمال الرصد الجوي في أي مرحلة (رصد) ومراجعة - تفتيش) لأن عمليات الرصد تتطلب فيمن يقوم بها وحسبما توصي به الهيئات الدولية أن يكون على مستوى معين من الثقافة نظراً إلى ما تحتاجه تلك الأعمال من ضرورة الإلمام باللغات الأجنبية وعلوم الطبيعة والرياضة، وقد أنشأت المصلحة مركزاً لتدريب الراصدين الجويين تتلقى منه هذه الفئة لمدة ستة شهور محاضرات في علم الأرصاد الجوية وكيفية استعمال الأجهزة الالكترونية، ويلحق من يجتاز فترة التدريب بنجاح بالمحطات المختلفة التابعة للمصلحة ومتى اكتسب الراصد الجوي خبرة عملية تؤهله بجانب مؤهله العلمي للقيام بأعمال الرصد واطمأنت المصلحة إلى قدرته على القيام بها وفقاً لقرارات الهيئات الدولية المعنية بالأرصاد الجوية أسندت إليه القيام بهذه الأعمال وهي أعمال تتميز تميزاً خاصاً، الأمر الذي حدى بالمصلحة أن تجعلها فئة مستقلة عن باقي الوظائف الفينة الأخرى بها، ويتدرج تحت هذه الفئة مساعد راصد جوي وراصد جوي ومراجع وكبير مراجعين ومفتش بحسب ترتيب تسلسلها في سلم الدرجات، هذا وأن طبيعة أعمال الرصد التي يقوم بها موظفو هذه الفئة تتطلب الإقامة في محطات الأرصاد الجوية مثل محطات السلوم ومرسى مطروح والعريش وغزة وأسوان والمحطات الواقعة في الواحات، كما تتطلب هذه الأعمال درجة لياقة طبية خاصة، أما الوظائف الفنية الأخرى في الفئة - ب - وتشمل وظائف الرسامين والميكانيكيين والخطاطين والمطبعجية فإن طبيعة أعمالها تختلف اختلافاً كلياً مع طبيعة أعمال الرصد في الفئة ( أ ) ولا تستلزم من شاغليها الإقامة خارج القاهرة، ولما كان المدعي يحمل - دبلوم المدارس الصناعية ويعمل طوال مدة خدمته بالمصلحة رساماً ولم يسبق له القيام بأعمال الرصد الجوي ويشغل الدرجة السادسة الفنية بالكادر الفني المتوسط في الفئة (ب) المخصصة للوظائف الفنية الأخرى، وكانت الدرجات الخامسة التي صدر القرار المطعون فيه بالترقية إليها من درجات الرصد في الفئة ( أ ) المخصصة لكبير مراجعين فقد صدر القرار المذكور بترقية ثلاثة من المراجعين إليها بحسب ترتيب أقدميتهم وما كان يجوز ترقية المدعي وهو موظف في الفئة (ب) إلى درجة من درجات الفئة ( أ )، وبجلسة 3 سبتمبر 1961 حكمت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 183 الصادر في 31/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش - مقابل أتعاب المحاماة وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأصل طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة إجراء الترقية بين الموظفين الذين تجمعهم وحدة واحدة في الميزانية، ما لم يصدر قرار جمهوري بتحديد المصالح والوظائف التي لا يجري عليها هذا الحكم، ولما كان الثابت أن مصلحة الأرصاد الجوية لم تستصدر القرار الجمهوري الذي اشترطت صدور المادة 40 من قانون الموظفين فيتعين أن تبقى وظائف الكادر الفني المتوسط بالمصلحة المذكورة وحدة واحدة ينتظم موظفيه جميعاً كشف أقدمية واحد ويكون لهم جميعاً تبعاً لأقدميتهم الحق في الترقية إلى الدرجات التي تخلو به دون التقيد بالتقسيم الذي تتمسك به المصلحة، وأنه لا وجه للتحدي بأن وجود هذا التقسيم في الميزانية يعني موافقة وزارة المالية وديوان الموظفين عليه، ذلك أن العبرة ليست بموافقة هاتين الجهتين وإنما العبرة بصدور قرار رئيس الجمهورية وبغير هذا القرار يبقى التقسيم مجرد توزيع للعمل لا يترتب عليه إيجاد ذاتية خاصة لكل قسم من الأقسام، يؤيد هذا ما تبين للمحكمة من أن التقسيمات الواردة بالميزانية تشتمل على وظائف لا ينظمها كادر كامل مما يؤكد أن كلاً من القسمين اللذين تنقسم إليهما الوظائف الفنية العادية بميزانية المصلحة لا يكون وحدة مستقلة بذاتها في الترقية، ولما كان المدعي أسبق في أقدمية الدرجة السادسة الفنية المتوسطة من المطعون ضدهم فمن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ تخطى المدعي في الترقية مشوباً بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة المذكورة وتأسيساً على ذلك انتهت المحكمة بحكمها المطعون فيه إلى إلغاء القرار محل الطعن على الوجه سالف البيان.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن ميزانية مصلحة الأرصاد الجوية لسنة 1955/ 1956 قد صدرت بالتقسيم الموضح في رد الوزارة وقد اقتنعت وزارة الخزانة وديوان الموظفين بالمبررات التي بني عليها هذا التقسيم وأنه ضرورة يقتضيها الصالح العام وعلى هذا صدر القانون رقم 327 لسنة 1955 بربط ميزانية السنة المذكورة, وقد راعت مصلحة الأرصاد عند تقسيم درجات كل من الكادرين الفنيين العالي والمتوسط إلى فئتين أ, ب - ما تنص عليه المادة 22 من القانون 210 لسنة 1951 من أن كل من يعين أو يرقى إلى درجة مخصصة لوظيفة يجب أن يقوم بعملها فعلاً, ولما كانت طبيعة عمليات الرصد في الفئة ( أ ) مختلفة اختلافاً تاماً عن طبيعة أعمال الفئة الأخرى كأعمال الرسم والأعمال الميكانيكية وغيرها في الكادر الفني المتوسط ويتعذر على الموظفين المدرجين في الفئة (ب) بل لا يمكنهم القيام بأعمال الرصد الجوي في أي مرحلة من مراحلها (رصد - مراجعة - تفتيش) فإنه لا يجوز ترقية المدعي وهو رسام في الفئة (ب) إلى أحدى الدرجات الخامسة الشاغرة في الفئة ( أ ) والمخصصة لكبير مراجعين, إذ أن في هذا المسلك مخالفة للمادة 22 آنفة الذكر, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن النقطة القانونية مثار النزاع تنحصر فيما إذا كانت الترقية إلى الدرجة الخامسة في خصوصية الدعوى يجب أن تتم بالأقدمية على إطلاقها وفقاً لأحكام المادتين 39, 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أم أن طبيعة الوظيفة بحسب تخصيص الميزانية لها تقتضي أعمال الأقدمية بين المرشحين على نحو ينسق ولا يتعارض مع هذا التخصيص.
ومن حيث إن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلقة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة ومصلحة, إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة وفقاً لاحتياجات المرافق وبما يكفل سيرها على الوجه الأمثل, غير أنه يبين بالنظر للميزانية أن من الوظائف ما هو متميز بطبيعته بما يقتضي - بحسب تخصيص الميزانية له - تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة بحيث لا يقوم الأفراد المرشحين بحسب دورهم في الأقدمية بعضهم مقام البعض الآخر في هذا الشأن, ومنها ما ليس متميزاً بطبيعته بهذا التمييز الخاص - مما لا مندوحة معه من مراعاة هذا الفارق الطبيعي عند إجراء الترقية حتى بالنسبة لما يجب أن يتم منها بالأقدمية بالتطبيق للمواد 38, 39, 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, ذلك أن إعمال الأقدمية في الترقية على إطلاقه لا يكون بداهة إلا في النوع الثاني من الوظائف, أما بالنسبة إلى النوع الأول فلا يمكن إعمال الأقدمية على إطلاقها وإلا كان ذلك متعارضاً مع وجه المصلحة العامة الذي قصدت إليه الميزانية من هذا التخصيص, بل تجد الأقدمية حدها الطبيعي في إعمال أثرها بين المرشحين الذين يتوافر فيهم التأهيل الخاص والصلاحية المعينة اللذان يتطلبهما تخصيص الميزانية للوظيفة, فلا يرقى مثلاً المهندس حيث تتطلب الوظيفة قانونياً, أو يرقى كيميائي حيث تتطلب مهندساً, أو مجرد مهندس حيث تتطلب الوظيفة تخصيصاً في نوع معين في الهندسة وهكذا. ولو انتظمتهم جميعاً أقدمية مشتركة في وحدة إدارية قائمة بذاتها في خصوص الترقية كل ذلك مرده إلى طبائع الأشياء, لتحقيق الغرض الذي استهدفته الميزانية من تميز الوظيفة هذا التميز الخاص.
ومن حيث إنه يتضح مما سلف بيانه في مجال سرد وقائع الدعوى أن مصلحة الأرصاد الجوية قد راعت منذ العمل بالميزانية عن السنة المالية 1955/ 1956 ترتيب الوظائف في الميزانية يجري على أساس طبيعة الأعمال والوظائف الموجودة بالمصلحة المذكورة وطبقاً لما تقدم جعلت وظائف الكادر الفني المتوسط قسمين: القسم الأول - فئة ( أ ) ويشمل الوظائف المخصصة للقائمين بأعمال الرصد الجوي المختلفة والقسم الثاني فئة (ب) ويتناول الوظائف الفنية الأخرى كوظائف الميكانيكيين والرسامين وغيرها وذلك لاختلاف طبيعة الوظائف في هذين القسمين على النحو السابق إيضاحه, وهذا التوزيع واضح في تخصيص وظائف عمليات الرصد تخصيصاً متميزاً بطبيعته, ويؤكده ما جرى عليه العمل في هذه المصلحة من اشتراط تأهيل خاص ومرانة معينة فيمن يتولى وظائف الرصد الجوي, وهي صلاحية غير متحققة فيمن يشغل وظائف القسم الثاني. والوظيفة - مثار المنازعة - مخصصة لكبير المراجعين فلا يتولاها إلا من تقلب في وظائف الرصد الجوي وتهيأت له الخبرة العملية المطلوبة لتقلدها, وما دامت هذه الوظيفة بحسب تخصيص الميزانية لها - مميزة تمييزاً خاصاً يجعل اقتضاء تأهيل معين فيمن يتولاها أمراً لا مندوحة منه, فإنه يمتنع على غير من يتوافر فيه هذا التأهيل الخاص استحقاق الترقية إليها, ولو انتظمته مع المتنافسين عليها أقدمية مشتركة في وحدة إدارية واحدة, وعلى مقتضى ما تقدم إذا خلت في القسم - أ - الخاص بأعمال الرصد, فإنه لا يجوز الترقية إليها إلا من بين الموظفين التابعين للقسم المذكور لأنهم وحدهم هم الذين تتوافر فيهم الصلاحية المطلوبة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الدرجات موضوع النزاع هي من درجات القسم الأول فئة ( أ ) وظائف عمليات الرصد ومخصصة من ثم لوظيفة مراجعين فإنه لا يحق للمدعي وهو يشغل وظيفة رسام بالقسم الثاني فئة (ب) الوظائف الفنية أن يطالب بالترقية إلى إحداها ويكون طلبه إلغاء القرار الصادر بترقية ثلاثة من المراجعين الذين يشغلون الدرجة السادسة في القسم الأول فئة ( أ ) بحسب ترتيب أقدميتهم غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون مستوجب الرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 8234 لسنة 58 ق جلسة 8 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 58 ص 364

جلسة 8 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان ووفيق الدهشان.

---------------

(58)
الطعن رقم 8234 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تزوير.
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما لم يقيده القانون بدليل معين. جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(2) اشتراك. جريمة "أركانها". تزوير "أوراق الرسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها لأسباب سائغة.
مثال.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة. لا يعيبه. طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
(4) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في عقيدته. لا يعيبه.

----------------
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
2 - لما كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو بدل نموذج 51 مرور واستعماله اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وهي شهادة كل من..... و...... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ثم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه في قوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم..... وتلتفت عما تذرع به من دفاع ذلك أن مناط مسئولية الشريك في جريمة تزوير الورقة الرسمية توافر علمه بتغيير الحقيقة في المحرر مع انتوائه استعماله في الغرض الذي من أجله غير الحقيقة فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قام بتدوين بيانات المحرر المزور المضبوط ووقع عليه باسم المتهمة الثانية وعهد إلى مجهول بتقليد خط وتوقيع الشاهد الثاني لإعفاء المتهمة الثانية من تقديم المستندات اللازمة ثم قدم هذا المحرر للموظفين المختصين بإدارة مرور الإسكندرية رغم علمه بتزويره مما يدل على اشتراكه في تزوير المحرر المضبوط "فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله، وأطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يسوغ إطراحه، ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
4 - من المقر أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تعيب الحكم هي التي تقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أخطأ فيما أورده من أنه اشترك في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة بشأن رخصة تسيير سيارة، لا يعدو أن يكون - بفرض وقوعه - خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله اللتين دانه بهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو بدل "نموذج 51" مرور باسم المتهمة الثانية بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه بأن أمدت الثانية المتهم الأول بالبيانات الخاصة بها فدونها الأخير بالمحرر سالف الذكر ثم عهد به لذلك المجهول فدون عليه عبارة "بالإدارة وتعتمد البيانات" ومهرها بتوقيع نسبه زوراً لمدير إدارة مرور الإسكندرية فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهم الأول أيضاً استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه لموظفين بإدارة مرور الإسكندرية للاعتداد بما ورد به وإحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وذلك عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة عولت في إدانته على جملة فروض تفتقر إلى الدلائل القوية وقد خلت الأوراق من أي دليل على اشتراكه في تزوير المحرر أو استعماله سيما بعد أن اتضح من التقرير الطبي الشرعي أن التوقيع المنسوب لمدير المرور لم يحرر بخط الطاعن وأن ما حرر بخطه هو صلب المحرر وهو لا يشكل جريمة، كما أن الحكم لم يبين تحديداً تاريخ الواقعة واكتفى بقوله إنها وقعت في تاريخ سابق على 3/ 12/ 1985 هذا فضلاً عن أنه أورد أن الطاعن وأخرى اشتركا مع مجهول في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة خاصة برخصة تسيير سيارة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو بدل نموذج 51 مرور واستعماله اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وهي شهادة كل من..... و..... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ثم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه في قوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم..... وتلتفت عما تذرع به من دفاع ذلك أن مناط مسئولية الشريك في جريمة تزوير الورقة الرسمية توافر علمه بتغيير الحقيقة في المحرر مع انتوائه استعماله في الغرض الذي من أجله غير الحقيقة فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قام بتدوين بيانات المحرر المزور المضبوط ووقع عليه باسم المتهمة الثانية وعهد إلى مجهول بتقليد خط وتوقيع الشاهد الثاني لإعفاء المتهمة الثانية من تقديم المستندات اللازمة ثم قدم هذا المحرر للموظفين المختصين بإدارة مرور الإسكندرية رغم علمه بتزويره مما يدل على اشتراكه في تزوير المحرر المضبوط" فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله، وأطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يسوغ إطراحه، ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تعيب الحكم هي التي تقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أخطأ فيما أورده من أنه اشترك في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة بشأن رخصة تسيير سيارة، لا يعدو أن يكون - بفرض وقوعه - خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله اللتين دانه بهما، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.

الطعن 1364 لسنة 7 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 52 ص 516

جلسة 24 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(52)

القضية رقم 1364 لسنة 7 القضائية

موظف - عامل يومية 

- تعيين - اللياقة الطبية شرط جوهري للتعيين والاستمرار في الخدمة - حكمته - قرار مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922 والتعليمات المالية الصادرة عام 1922 رددت هذا الشرط - إنهاء الإدارة لخدمة العامل الدائم لعدم توافر اللياقة الطبية ثم إلحاقه بعمل مؤقت رأفة به في محله - الإعفاء من هذا الشرط يجب أن يصدر بقرار صريح في الشكل المقرر من السلطات المختصة - تطاول العهد على التعيين وتسوية الحالة لا يفيد بذاته الإعفاء.

----------------
إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية للتعيين والاستمرار في خدمة الحكومة معاً, وهذا الشرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة المعين فيها بكفاية واقتدار, وقد رددت هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين ومن قبل صدور كادر العمال تعليمات المالية الصادرة في عام 1922, والمتضمنة الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922 إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ما يلي: "لا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة طبية ينتدبها القومسيون لهذا الغرض. ومن ثم فإنه إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه قد كشف عليه طبياً وتبين عدم لياقته طبياً للخدمة, فإن الإدارة قررت إنهاء خدمته كعامل دائم ورأت رأفة بحاله إلحاقه بعمل مؤقت بذات الأجر الذي كان يتقاضاه وهو العمل الذي تنتهي بانتهائه خدمة العامل ولا يتطلب في شاغله الشروط الواجب توافرها في العامل الدائم, تكون في الحق قد تصرفت في شأن المدعي على مقتضى أحكام القانون ويكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد صدر سليماً لا مطعن عليه, وليس صحيحاً ما قام عليه الحكم المطعون فيه من أن تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على وصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه يعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي إذ الأصل أن يتجسم مثل هذا القصد في صورة قرار صريح يعبر عن إرادة مصدره في الشكل الذي رسمه القانون, ويصدر عن الجهة التي خولها القانون رخصة الإعفاء أما تطاول العهد على تعيين المدعي دون استيفاء شرط اللياقة الطبية فلا يفيد إعفاءه ضمنياً من هذا الشرط.
ومن حيث إن إنهاء الإدارة لخدمة المدعي بالقرار المطعون فيه مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة لا يعدو أن يكون إنفاذاً صائباً للحكم القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته. فالعجز قائم به بثبوت عدم لياقته الطبية وعدم إذعانه لطلب الإدارة إعادة الكشف عليه لتقرير هذه اللياقة وإسقاط قرينة العجز المبرر لانتهاء خدمته الدائمة, ولا شبهة في أن اللياقة الجسمية كشرط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً لتعليمات المالية هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 6/ 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد/ وزير الأشغال قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1364 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بتاريخ 24/ 4/ 1961 في الدعوى رقم 627 لسنة 7 القضائية والقاضي بإلغاء القرار الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويل المدعي من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن الطعن للمدعي بتاريخ 2/ 7/ 1961 وبعد استيفاء إجراءاته أحيل لهذه الدائرة لنظره بجلسة 29/ 11/ 1964. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 627 لسنة 7 القضائية. أمام المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر في 1/ 5/ 1959 بتحويله من اليومية المستديمة إلى اليومية المؤقتة ومنحه العلاوات المستحقة إليه بعد صدور القرار المذكور وكافة ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه إنه عين باليومية المستديمة بتفتيش قناطر الدلتا من عام 1941. وظل يتقاضى أجره وعلاواته إلى أن فوجئ في عام 1955 بامتناع الإدارة عن منحه العلاوات الدورية المستحقة إليه, وفي أول مايو سنة 1959 فصل من الخدمة وذلك بتحويله إلى عامل باليومية المؤقتة بمقولة إنه لم يكشف طبياً عند التعيين, ولما كان هذا القرار قد صدر مخالفاً للقانون فقد تظلم منه إلى الجهة الإدارية ولما لم يجد تظلمه نفعاً اضطر إلى إقامة هذه الدعوى طالباً إلغاءه, وقد طلبت الجهة الإدارية رفض الدعوى تأسيساً على أن المدعي بعد أن سوت لجنة تطبيق كادر العمال حالته على وصف أنه عامل دائم أصبح من الضروري استيفاء مسوغات تعيينه وضمنها ثبوت لياقته الطبية، وقد طولب وزملاؤه مراراً بقبول توقيع الكشف الطبي عليهم. وبعد المراوغة الطويلة تم توقيع الكشف الطبي على المدعي واتضح عدم لياقته طبياً للخدمة, وعلى هذا تقرر تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة بأجره الذي كان قد وصل إليه وذلك بالقرار محل الطعن. وبجلسة 24/ 4/ 1961 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويل المدعي من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة. وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه وإن كانت الوظائف العامة تتطلب قدراً من اللياقة الطبية إلا أن عدم توافر هذا الشرط لا يعتبر عيباً جسيماً في قرار تعيين الموظف ينحدر به إلى درجة الانعدام وعلى هذا لا يجوز للإدارة أن تسحب قرار تعيين هذا الموظف بعد فوات ستين يوماً على صدوره, وأنه وإن كانت الإدارة تملك فصل الموظف لعدم اللياقة الطبية بل إن ذلك سبب من أسباب انتهاء الخدمة بحكم القانون إلا أن مناط ذلك ألا يكون الموظف قد أعفى من شرط اللياقة الطبية سواء بقرار صريح أو ضمناً كما لو عين الموظف أو العامل باليومية المستديمة دون أن يتوفر فيه شرط اللياقة الطبية أو يطلب منه استيفاءه عند التعيين أو بعده بوقت قصير، وإن كان الثابت أن المدعي التحق باليومية المؤقتة قبل صدور كادر العمال, وبعد صدور الكادر قررت لجنة تطبيق الكادر اعتباره ضمن العمال الدائمين وطبقت عليه أحكام الكادر دون استيفاء شرط اللياقة الطبية مما يعتبر إعفاء ضمنياً من الكشف الطبي فلا يجوز فصله بعد ذلك إذا تبين عدم لياقته الطبية للخدمة ويكون القرار الصادر بتحويله من سلك اليومية الدائمة إلى سلك اليومية المؤقتة قد وقع والحالة هذه مخالفاً القانون متعين الإلغاء وعلى أساس ما تقدم انتهت المحكمة إلى إلغاء القرار المطعون فيه على الوجه آنف الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التكييف القانوني السليم للقرار المطعون فيه هو في حقيقته قرار بفصل المدعي من الخدمة ثم إعادة تعيينه في سلك اليومية المؤقتة, وسبب الفصل هو عدم استيفاء المدعي شرط اللياقة الطبية وهذا الشرط من الشروط الجوهرية اللازمة للاستمرار في الوظيفة وتخلفه سبب من أسباب انتهاء الخدمة بحكم القانون, ولا سند للقول بأن المدعي قد أعفي ضمناً من الكشف الطبي لأن الإعفاء من هذا الشرط يجب أن يكون صريحاً وبقرار من الجهة التي تملك ذلك, هذا وقد نص منشور وزارة المالية رقم 63/ 31/ 13 ( أ ) الصادر في سبتمبر سنة 1950 على فصل من لم ينجح في الكشف الطبي من عمال اليومية الذين كانوا يعينون فيما مضى بدون مسوغات, على أن الجهة الإدارية رأفة بالمدعي أعادت تعيينه باليومية المؤقتة وبأجره الذي كان يتقاضاه عند الفصل, وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به إحدى حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية للتعيين والاستمرار في خدمة الحكومة معاً, وهذا الشرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة المعين فيها بكفاية واقتدار, وقد رددت هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين تعليمات المالية الصادرة في عام 1922. والمتضمنة الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922 إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ما يأتي: "لا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة طبية ينتدبها القومسيون لهذا الغرض". ومن ثم فإنه إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه قد كشف عليه طبياً وتبين عدم لياقته طبياً للخدمة, فإن الإدارة إذ قررت إنهاء خدمته كعامل دائم ورأت رأفة بحاله إلحاقه بعمل مؤقت بذات الأجر الذي كان يتقاضاه وهو العمل الذي تنتهي بانتهائه خدمة العامل ولا يتطلب في شاغله الشروط الواجب توافرها في العامل الدائم, تكون في الحق قد تصرفت في شأن المدعي على مقتضى أحكام القانون ويكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد صدر سليماً لا مطعن عليه, وليس صحيحاً ما قام عليه الحكم المطعون فيه من أن تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على وصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه يعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي إذ الأصل أن يتجسم مثل هذا القصد في صورة قرار صريح يعبر عن إرادة مصدره في الشكل الذي رسمه القانون, ويصدر عن الجهة التي خولها القانون رخصة الإعفاء، أما تطاول العهد على تعيين المدعي دون استيفاء شرط اللياقة الطبية فلا يفيد إعفاءه ضمنياً من هذا الشرط.
ومن حيث إن إنهاء الإدارة لخدمة المدعي بالقرار المطعون فيه مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة لا يعدو أن يكون إنفاذاً صائباً للحكم القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته. فالعجز قائم به بثبوت عدم لياقته الطبية وعدم إذعانه لطلب الإدارة إعادة الكشف عليه لتقرير هذه اللياقة وإسقاط قرينة العجز المبرر لانتهاء خدمته الدائمة, ولا شبهة في أن اللياقة الجسمية كشرط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً لتعليمات المالية - هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 860 لسنة 7 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 51 ص 506

جلسة 24 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

----------------

(51)

القضية رقم 860 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - ترقية بالاختيار

- مقتضى تعديل الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - لا إلزام على لجنة شئون الموظفين بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار - لا إلزام على لجنة شئون الموظفين بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها - لا يجوز النعي على اللجنة بأنها لم تلتزم ترتيب الأقدمية - في ذلك إضافة قيد رخص القانون للجنة التحلل منه - الطعن في قراراتها لا يكون إلا لعيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل.
(ب) موظف - ترقية بالاختيار 

- المؤهلات الدراسية وحدها ليست مدار رجحان الكفاية.

---------------
1 - كان نص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 73 سنة 1957 يجري كالآتي "أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها وتكون ترقيتهم بالأقدمية فيما بينهم, ومن هذا النص يبين أنه إذا كانت الدرجات المخصصة للترقية بالاختيار تقل عن عدد المرشحين ذوي الكفاية فلا مناص عند الترقية من إتباع ترتيب الأقدمية فيما بينهم: ثم جاء المشرع بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وعدل نص تلك الفقرة على الوجه الآتي:
"أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز... إلخ".
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على النص الجديد أنه رؤى "جعل مرد التقدير في هذه الترقية إلى لجنة شئون الموظفين تجريه دون قيد عليها من الأقدمية فيما بين المرشحين" وغني عن البيان أن الاختيار في هذه المنطقة أيضاً لا يقيد بقيود الأقدمية بين المرشحين.
ومن حيث إن الذي تستخلصه المحكمة في ضوء النص الجديد أن لجنة شئون الموظفين لا إلزام عليها بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار فإن أخلت بهذا الترتيب فلا تكون بذلك قد خالفت القانون فلا يجوز النعي عليها بهذا الوجه من وجوه الطعن "والمشرع إذ وسع في سلطة لجنة شئون الموظفين في هذا الشأن إنما هدف إلى رعاية اعتبارات مشروعة تقع في حس تلك اللجنة وقد لا تنطق بها الأرقام, وإلا لو ثبت أنها جرت على غير هذا النهج لاتسمت قرارات اللجنة في هذا الصدد بعيب إساءة استعمال السلطة وخضعت لرقابة مجلس الدولة وينبني على ذلك القول بأن الأصل هو أن لجنة شئون الموظفين ليست ملزمة إطلاقاً بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها وعندئذ لا يجوز النعي عليها بأنها لم تلتزم في قراراتها ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين إذ في ذلك إضافة لقيد رخص لها القانون صراحة في التحلل منه ولا يجوز الطعن في قراراتها في هذه الحالة بعيب مخالفة القانون وإن كان يجوز الطعن عليها بعيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل على ذلك. فإذا ما جاءت اللجنة ووضعت قاعدة تنظيمية عامة تجري على سننها عند الترقية بالاختيار فلا جناح في ذلك ما دامت تلك القاعدة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وإلا وقعت في عيب الانحراف وخضعت القاعدة ذاتها لرقابة مجلس الدولة.
2 - إن المؤهلات ليست وحدها مدار رجحان الكفاية عند الترقية بالاختيار بل هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة وتستخلص منها استخلاصاً معقولاً هذه الأفضلية عند الاختيار وتقديرها في كل ذلك سليم سائغ ما دام قد تبين لهذه المحكمة أنه محمول على عناصر وقرائن تسمح به وأنه مستند إلى اعتبارات مقبولة تسانده, وما دام أن المدعي لم يستطيع إثبات أن تقدير لجنة شئون الموظفين كان صادراً عن الغرض والهوى.


إجراءات الطعن

بتاريخ 20 من فبراير سنة 1961 أودع الدكتور عبد الغني محمود داعس عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 1196 لسنة 13 القضائية المرفوعة من الدكتور عبد الغني محمود داعس ضد وزارة التربية والتعليم القاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الإداري المؤرخ 6/ 4/ 1959 الصادر به الأمر التنفيذي رقم 221 بتاريخ 15/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية بالاختيار للدرجة الثانية بالكادر العالي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى. وقد أعلن الطعن للوزارة في 26 من فبراير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من نوفمبر سنة 1963 وأخطرت الحكومة والمدعي في 21 من أكتوبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 3 من مايو سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء قرار الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار الصادر في 6/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقال في بيان المدعي إنه حاصل على بكالوريوس من كلية العلوم بالجامعة وعلى درجة الماجستير في الكيمياء الطبيعية ومسجل في 8/ 10/ 1956 رسالة للتحضير لدرجة الدكتوراه في الكيمياء الكهربائية وهو على وشك الانتهاء منها كما أنه حاصل على الدرجة الثالثة العالية اعتباراً من 29/ 4/ 1954 ويعمل أستاذاً مساعداً بكلية المعلمين من هذا التاريخ وقد نقل إليها منذ إنشائها عام 1952 وكان من الطبيعي أن يرقى إلى الدرجة الثانية بيد أن حركة الترقيات الصادرة في 2/ 4/ 1959 تخطته في الترقية إلى هذه الدرجة بالاختيار على الرغم من شمولها اثنين من زملائه في الكلية هما السيدان محمد أحمد التوبهى ومحيي الدين عبد الله أبو النجار وعلى الرغم من وجود أسباب عدة تجعله أحق منهما بالترقية ولهذا تظلم من القرار المطعون فيه في 7/ 4/ 1959 وانقضت المواعيد القانونية دون أن يصله رد ومن ثم أقام دعواه للطعن في القرار المذكور لمخالفة القانون, إذ يستفاد من نص المادة 38 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن أساس الترقية بالاختيار هو الكفاية سواء أخذ بالأقدمية أم بالاختيار فإنه كان من المتعين ترقيته لأن أقدميته في الدرجة الثالثة ترجع إلى 29/ 4/ 1954 في حين أن زميليه المذكورين أحدث منه في أقدمية هذه الدرجة ومن ثم يكون تخطيه في الترقية وترقيتهما مخالفاً لنص المادة 38 من القانون وهو ما جرى عليه القضاء الإداري إذ قضت المحكمة الإدارية العليا بأن الشارع قيد سلطة الإدارة في الترقية لغاية الدرجة الثانية بقيود هي التزام نسبة معينة للأقدمية والبدء بهذه النسبة وعدم تخطي صاحب الدور بالأقدمية إلا إذا قدم عنه تقريران بدرجة ضعيف وأن تكون الترقية على هذا الأساس - وأضاف المدعي أنه فيما يتعلق بالاختيار فإنه يمتاز على زميليه المذكورين فقد نقل إلى كلية المعلمين قبلهما بحوالي عامين ويشغل بها وظيفة أستاذ مساعد ويحمل فوق البكالوريوس درجة الماجستير في الكيمياء والطبيعة وزميلاه لا يحملان سوى البكالوريوس ولأن اسمه مسجلاً منذ 8/ 10/ 1956 للتحضير لدرجة الدكتوراه في الكيمياء الكهربائية وهذه من العلوم النادرة في مصر وقد أوشك على الانتهاء منها حسبما هو ثابت من خطاب مدير عام المركز القومي للبحوث إلى عميد كلية المعلمين في 14/ 10/ 1958 برقم 4873 كما طلب المركز منحه إجازة دراسية لإتمام بحوثه العلمية للحصول على الدكتوراه ووافق على ذلك مجلس الكلية في 22/ 10/ 1958 كما وافقت إدارة الأبحاث واستطرد المدعي يقول إنه نشرت به أبحاث في السجلات العلمية بأوروبا وأمريكا فضلاً عن بحوث أخرى نشرت له في المجلة العلمية المصرية وأنه اشترك مع بعض أساتذة الجامعة في تأليف أول مراجع باللغة العربية في الكيمياء يرجع إليها طلبة الجامعات والمعاهد العليا - ولما كانت الجامعات تضع دائماً مثل هذه البحوث الجديدة موضع الاعتبار عند ترقية أساتذتها إلى الوظائف الأعلى, لكن وزارة التربية لم تعن لذلك وإنما أغفلت كل هذه الاعتبارات ومما يوضح مدى مخالفتها للقانون أنه سبق أن تخطت الوزارة الطالب وزميليه في حركة الترقيات إلى الدرجة الثانية السابقة على الحركة المطعون فيها فرفع عميد الكلية مذكرة إلى وكيل الوزارة المساعد في 24/ 9/ 1958 بناء على تظلم مقدم من المدعي وزميليه ورفعها وكيل الوزارة إلى الوزير في 29/ 9/ 1958 مؤكداً أحقيتهم في الترقية بالاختيار ووافق عليها السيد الوزير وأشر عليها بترقيتهم في أقرب حركة قادمة ورغم ذلك تخطته لجنة شئون الموظفين بالوزارة دون زميليه بدون حق أو مسوغ قانوني مما يجعل قرارها مشوباً بعيب سوء استعمال السلطة وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقد أجابت الوزارة على الدعوى بأن المادة 40 من قانون التوظف نصت على أنه "أما النسبة المخصصة للاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من بين الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين..." ومفهوم هذا أن العبرة في الترقية بالاختيار هو حصول الموظف على مرتبة ممتاز في التقرير السري عن العامين السابقين على الترقية وأن يقع عليه اختيار لجنة شئون الموظفين ولا اعتداد بما يذكره المدعي من أقدمية في الدرجة أو في الوظيفة ولما كان المدعي والمطعون في ترقيتهما وهما من ذكرهما في عريضة الدعوى قد حصلوا على مرتبة ممتاز عن العامين السابقين على الترقية وللجنة شئون الموظفين مطلق التقدير في الترقية بالاختيار من الحائزين على هذه المرتبة فإذا ما وقع اختيارها على المطعون في ترقيتهما ولم يقع على المدعي فإن اختيارها يكون قد صادف وجه القانون ولذلك تطلب الوزارة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 19 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الترقية بالاختيار المطعون فيها قد قدمت في ظل القانون رقم 73 لسنة 1957 الذي عدل المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على الوجه الآتي:
أما النسبة المخصصة (للترقية) بالاختيار تكون خاضعة (لتقرير) لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد...." وأنه يستفاد من هذا النص أن رأي المشرع إعطاء لجنة شئون الموظفين سلطة الاختيار في ذات مرتبة الكفاية الواحدة دون التقيد بالأقدمية ولا يرد على سلطتها هذه من قيد سوى التزام البدء بترقية الحائزين على درجة ممتاز في العامين الأخيرين ثم إن بقيت بعد ذلك درجات يختار لها من بين الحائزين لمرتبة (جيد) ويلحق بهؤلاء الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين. ومتى كان الأمر كذلك فإن الرقابة القضائية تقتصر على مجرد التحقق من أن اللجنة وهي تباشر اختصاصها التقديري قد (استمدت) اختيارها من عناصر قائمة وأنها لم تنحرف بسلطاتها عن الهدف الذي رسمه القانون - ولما كانت التقارير السرية الموضوعة عن المدعي والمطعون في ترقيتهما عن عامي سنة 1957, سنة 1958 وهما العامان السابقان على إجراء الحركة المطعون فيها يبين أنها استوفت جميع مراحلها القانونية التي نصت عليها المادة 31 من قانون التوظف بعد تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والتي تقضي بأن "يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها..." ويبين من مطالعة التقارير المذكورة أنهم حصلوا جميعاً على مرتبة ممتاز. ولما كان الثابت من محضر لجنة شئون الموظفين الخاص بالقرار المطعون فيه أن اللجنة قد اطلعت على التقارير السرية المذكورة وانتهت في تقريرها إلى اختيار المطعون عليهما ولم يقدم المدعي دليلاً على أن الإدارة أساءت استعمال السلطة أو انحرفت بها ولا يجوز التحدي بأن اللجنة لم تراعي الأقدمية في الدرجة الثالثة إذ أنه وإن كان المدعي أسبق من المطعون في ترقيتهما في أقدمية الدرجة الثالثة إلا أنهما يسبقانه في جميع الدرجات السابقة وفي تاريخ التخرج والتعيين كما أنه لا يجوز التحدي بأنه يفوقهم في المؤهلات الدراسية إذ أنهما يسبقانه في الحصول على المؤهل الدراسي الأعلى وهو بكالوريوس العلوم إذ حصلا عليه في سنتي 1931, 1933 في حين أن المدعي حصل عليه سنة 1937 كما أن أحدهما حصل على دبلوم معهد التربية العالي سنة 1935 وعلى كل فالمؤهل ليس هو العنصر الوحيد للترقية بل هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة عند الاختيار ولها فيها مطلق التقدير ما دام يجئ هذا التقدير منسقاً مع الواقع وبعيداً عن الغرض والهوى ولذلك انتهت محكمة القضاء الإداري إلى القضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي يمتاز عن المرقيين في القرار المطعون فيه من جميع العناصر التي تراعى في الترقية بالاختيار ذلك أنه فضلاً عن حصوله على تقدير ممتاز في السنتين السابقتين على حركة الترقيات المطعون فيها فهو يفوق الباقين من ناحية مسئولية الوظيفة والمؤهلات الدراسية العالية وباقي العناصر الشخصية الأخرى وأن لجنة شئون الموظفين وقد انتهت من حيث المبدأ في ترقية الحائزين على 90 درجة فأكثر بالاختيار وتركت إلى مراقبة المستخدمين تحضير الكشوف بذلك فإنها تكون بذلك حددت سلطتها في هذا المبدأ ويجب عليها أن تلزم حدوده وكان يتعين تبعاً لذلك أن ترتب الأسماء حسب الأقدمية في الدرجة ومجموع درجات التقدير عن السنتين وهو ما لم يحصل, هذا فضلاً عن أن الوزير سبق أن قرر في سبتمبر سنة 1958 ضرورة ترقية الطاعن في أول حركة ترقيات تالية بالاختيار وذلك بعد فحص حالته، وهذا القرار يعتبر قراراً نهائياً موقوف تنفيذه على شرط خلو درجات تشغل بالاختيار, وقد خلت هذه الدرجات فعلاً في أول حركة كما نفذ قرار للسيد الوزير بالنسبة لزميلي الطاعن دونه هو وأضاف الطاعن في طعنه أن الحكم المطعون فيه خالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من وجوب قيام الترقية بالاختيار على أسس سليمة وأن تكون لجنة شئون الموظفين قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه. وأن الطاعن ينفرد دون سائر زملائه بأبحاثه الهامة ومواهبه كما يمتاز بكفايته وحسن دراسته والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته وأن لجنة شئون الموظفين لم تعمل أي مفاضلة بينه وبين زملائه بل اقتصرت على مبدأ ترقية الممتازين فحسب مع تكليف مراقب المستخدمين بوضع كشف بأسمائهم مرتباً حسب عناصر الاختيار وهو ما لم يحصل فيما ترتب عليه أن وقع الاختيار على غير أسس محددة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة انتهت فيه إلى أن لجنة شئون الموظفين لم تراع بقية العناصر التي يتميز بها الطاعن لاختياره للترقية ولم تبرر اختيارها لهم دونه بأي عنصر مرجح, هذا فضلاً عن أنه لو طبقت أحكام القرار الجمهوري الخاص باللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العليا التابعة لوزارة التربية والتعليم والذي لم تطبقه الإدارة للأسباب التي ذكرتها لكانت الشروط التي تتطلبها اللائحة متوافرة في حالة الطاعن دون المطعون فيهم ولذلك ترى هيئة المفوضين إلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر في 2/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية بالاختيار للدرجة الثانية بالكادر الفني العالي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن دفاع الحكومة يقوم على أن أحكام اللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العالية التابعة لوزارة التربية والتعليم لا تطبق على حركة الترقية المطعون فيها لأنها ليست خاصة بشغل وظائف هيئة التدريس بل هي خاصة بالتعيين في درجات مالية داخلة في حدود هذه الوظائف ولذلك فإنها تخضع للأحكام الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951. هذا فضلاً عن أنه لم يكن مخصصاً للمعاهد والكليات العالية في ميزانية 58/ 59 درجات مستقلة بها وإنما كانت درجاتها مندمجة مع درجات الديوان العام بالوزارة والمحافظات الأمر الذي يؤكد خضوع التعيين في هذه الدرجات المالية أو الترقية إليها إلى أحكام قانون التوظف دون سواه. أما عن سلامة تطبيق حكم المادة 40 من قانون التوظف فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحقيقة فيما انتهى إليه من رفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن لجنة شئون الموظفين لم تنحرف بسلطتها عند اختيارها للمطعون ضدهما دون الطاعن للترقية بالاختيار.
ومن حيث إن هذه المحكمة ترى سلامة دفاع الحكومة في الشق الخاص بعدم سريان أحكام اللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العالية التابعة لوزارة التربية والتعليم على النزاع المطروح أمامها للأسباب التي ساقتها في هذا الشأن دون حاجة إلى الإفاضة في تفصيلها.
كان نص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 73 سنة 1957 يجري كالآتي "أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها وتكون ترقيتهم بالأقدمية فيما بينهم" ومن هذا النص يبين أنه إذا كانت الدرجات المخصصة للترقية بالاختيار تقل عن عدد المرشحين ذوي الكفاية فلا مناص عند الترقية من اتباع ترتيب الأقدمية فيما بينهم "ثم جاء المشرع بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وعدل نص تلك الفقرة على الوجه الآتي "أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتازة..... إلخ.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على النص الجديد أنه رؤى "جعل مرد التقدير في هذه الترقيات إلى لجنة شئون الموظفين تجريه دون قيد عليها من الأقدمية فيما بين المرشحين" وغني عن البيان أن الاختيار في هذه المنطقة أيضاً لا يقيد بقيود الأقدمية بين المرشحين.
ومن حيث إن الذي تستصلحه المحكمة في ضوء النص الجديد أن لجنة شئون الموظفين لا إلزام عليها بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار فإن أخلت بهذا الترتيب فلا تكون بذلك قد خالفت القانون فلا يجوز النعي عليها بهذا الوجه من وجوه الطعن. والمشرع إذ وسع في سلطة لجنة شئون الموظفين في هذا الشأن إنما هدف إلى رعاية اعتبارات مشروعة تقع في حس تلك اللجنة وقد لا تنطق بها الأرقام, وإلا لو ثبت أنها جرت على غير هذا النهج لاتسمت قرارات اللجنة في هذا الصدد بعيب إساءة استعمال السلطة وخضعت لرقابة مجلس الدولة، ينبني على ذلك القول بأن الأصل هو أن لجنة شئون الموظفين ليست ملزمة إطلاقاً بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها وعندئذ لا يجوز النعي عليها بأنها لم تلتزم في قراراتها ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين إذ في ذلك إضافة لقيد رخص لها القانون صراحة في التحلل منه ولا يجوز الطعن في قراراتها في هذه الحالة بعيب مخالفة القانون وإن كان يجوز الطعن عليها بعيب إساءة استعمال السلطة إذ قام الدليل على ذلك. فإذا ما جاءت اللجنة ووضعت قاعدة تنظيمية عامة تجري على سننها عند الترقية بالاختيار فلا جناح في ذلك ما دامت تلك القاعدة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وإلا وقعت في عيب الانحراف وخضعت القاعدة ذاتها لرقابة مجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ردد في أسبابه أن لجنة شئون الموظفين قد اطلعت على التقارير السرية الخاصة بالطاعن والمطعون فيهما وانتهت في تقريرها إلى اختيار المطعون فيهما ولم يقدم المدعي دليلاً على أن الإدارة قد أساءت استعمال السلطة بهذا الاختيار, ولا يجوز التحدي بأن اللجنة لم تراع الأقدمية في الدرجة الثالثة إذ أنه ولئن كان المدعي سبق المطعون في ترقيتهما في أقدمية الدرجة الثالثة إلا أنهما يسبقانه في جميع الدرجات السابقة وفي تاريخ التخرج والتعيين كما أنه لا يجوز التذرع بأنه يفوقهما في المؤهلات الدراسية إذ أنهما يسبقانه في الحصول على المؤهل الجامعي الأصلي وهو بكالوريوس العلوم إذ حصلا عليه في سنة 1931 و1933 في حين أن المدعي حصل عليه في سنة 1937 كما أن أحدهما حصل على دبلوم المعهد العالي للتربية سنة 1935 فالمؤهلات ليست وحدها مدار رجحان الكفاية عند الترقية بالاختيار مع ذلك بل إن هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة وتستخلص منها استخلاصاً معقولاً هذه الأفضلية عند الاختيار وتقديرها في كل ذلك سليم سائغ ما دام قد تبين لهذه المحكمة أنه محمول على عناصر وقرائن تسمح به وأنه مستند إلى اعتبارات مقبولة تسانده وما دام أن المدعي لم يستطع إثبات أن تقدير لجنة شئون الموظفين كان صادراً عن الغرض والهوى.
ومن حيث إنه لم تثبت أية مخالفة للقانون في القرار محل الطعن كما لم يقم أي دليل على إساءة استعمال السلطة فيكون الحكم المطعون وقد ذهب هذا المذهب سديداً مستوفي الأسباب ويتعين تأييده ورفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات..

الطعن 3923 لسنة 57 ق جلسة 8 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 57 ص 361

جلسة 8 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان ووفيق الدهشان.

---------------

(57)
الطعن رقم 3923 لسنة 57 القضائية

نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام" "الحكم في الطعن". عمل.
ثبوت أن الحكم المطعون فيه صدر في مخالفة أثره: عدم جواز الطعن فيه بالنقض. ولو كانت الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة. أساس ذلك؟
مثال في مخالفة عمالية.

----------------
لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطاً بها، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين بوصف أنهما بتاريخ 15 من يوليو سنة 1982: 1 - عينا عاملاً دون حصوله على شهادة قيد من مكتب العمل. 2 - لم يخطرا عن الوظائف الشاغرة لديهما. 3 - لم يحررا عقد عمل للعاملين لديهما. 4 - لم يعلقا لائحة النظام الأساسي ونسخة من لائحة الجزاءات. 5 - لم ينشئا ملفاً لكل عامل. 6 - لم يعلقا لائحة تشغيل الأحداث. 7 - لم يقدما ما يفيد براءة ذمتهما من أجر العامل، وكلها من المخالفات طبقاً للقانون رقم 137 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1982 وقد صدر الحكم بإدانتهما عنها جميعاً على هذا الأساس عدا التهمتين الخامسة والسابعة التي قضى ببراءتهما بالنسبة لهما، فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون غير جائز. لما كان ما تقدم فإنه يتعين التقرير بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة عملاً بنص المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة لمرور أكثر من سنة على التقرير بالطعن وتقديم أسبابه حتى تاريخ الجلسة المحددة لنظره، إذ أن عدم جواز الطعن يحول دون بحث ذلك لما هو مقرر من أن مجال بحث انقضاء الدعوى الجنائية لا يتأتى إلا بعد أن يتصل الطعن بمحكمة النقض اتصالاً صحيحاً بما يتيح لها أن تتصدى لبحثه وإبداء حكمها فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما 1 - عينا العامل دون الحصول على شهادة قيد من مكتب العمل. 2 - لم يخطرا عن الوظائف الشاغرة لديهما. 3 - لم يحررا عقد عمل للعاملين. 4 - لم يعلقا لائحة النظام الأساسي ونسخة من لائحة الجزاءات. 5 - لم ينشئا ملف عمل لكل عامل. 6 - لم يعلقا لائحة تشغيل الأحداث. 7 - لم يقدما ما يفيد براءة ذمة صاحب العمل من أجر العامل وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 91 لسنة 1959 المعدل، ومحكمة جنح طلخا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات عن كل من الأولى والسادسة وخمس جنيهات عن كل من الثانية والثالثة والخامسة والسابعة وتتعدد بعدد العمال وعددهم عشرين عاملاً بالنسبة للتهم الأولى والثالثة والخامسة والسابعة، استأنف المحكوم عليهما ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين بالنسبة للتهمتين الخامسة والسابعة، وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطاً بها، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين بوصف أنهما بتاريخ 15 من يوليو سنة 1982: 1 - عينا عاملاً دون حصوله على شهادة قيد من مكتب العمل. 2 - لم يخطرا عن الوظائف الشاغرة لديهما. 3 - لم يحررا عقد عمل للعاملين لديهما. 4 - لم يعلقا لائحة النظام الأساسي ونسخة من لائحة الجزاءات. 5 - لم ينشئا ملفاً لكل عامل. 6 - لم يعلقا لائحة تشغيل الأحداث. 7 - لم يقدما ما يفيد براءة ذمتهما من أجر العامل، وكلها من المخالفات طبقاً للقانون رقم 137 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1982 وقد صدر الحكم بإدانتهما عنها جميعاً على هذا الأساس عدا التهمتين الخامسة والسابعة التي قضى ببراءتهما بالنسبة لهما، فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون غير جائز. لما كان ما تقدم فإنه يتعين التقرير بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة عملاً بنص المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة لمرور أكثر من سنة على التقرير بالطعن وتقديم أسبابه حتى تاريخ الجلسة المحددة لنظره، إذ أن عدم جواز الطعن يحول دون بحث ذلك لما هو مقرر من أن مجال بحث انقضاء الدعوى الجنائية لا يتأتى إلا بعد أن يتصل الطعن بمحكمة النقض اتصالاً صحيحاً بما يتيح لها أن تتصدى لبحثه وإبداء حكمها فيه.

الطعن 59 لسنة 10 ق جلسة 23 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 50 ص 496

جلسة 23 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

--------------

(50)

القضية رقم 59 لسنة 10 القضائية

(أ) عامل - إنهاء خدمة 

- اختبار - تحقيق - إنهاء عمل العامل في فترة الاختبار - حق لجهة التعيين إذا تجمعت لها الدلائل والقرائن على أنه لا يصلح له - سلطتها في الاقتناع تقديرية لا يحدها إلا التحيف وسوء الاستعمال - لا إلزام عليها بسماع أقوال العامل في تحقيق باشرته في هذا المجال ما دامت قد اطمأنت إلى أقوال الشهود والمسئولين الذين سمعوا فيه.
(ب) عامل مؤقت - اختبار 

- فصل - حظر القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 فصل العمال الموسميين أو المؤقتين بغير الطريق التأديبي - مجال إعمال هذا القرار لا يكون إلا بعد أن تثبت صلاحية العامل المؤقت أو الموسمي للعمل الذي يسند إليه - أساس ذلك أنه لا يكسب مركزاً ما إلا بعد أن يجتاز فترة الاختبار بنجاح إن تطلبت الجهة الإدارية صلاحية فيه وأعربت عنها في قرار التعيين.

-----------------
1 - إن لجهة التعيين أن تنهي عمل المطعون ضده في فترة الاختبار إذا تجمعت لها الدلائل والقرائن على أنه لا يصلح لهذا العمل وإذا ما اقتنعت بها ووجد لهذا الاقتناع أصله الثابت في الأوراق من التحقيقات التي أجرتها ومن تقرير المباحث الجنائية العامة وسلطتها في ذلك سلطة تقديرية لا يحدها إلا التحيف وسوء الاستعمال الأمر الذي لم يدلل عليه المطعون ضده بشيء ما وإذا كان الأمر كذلك فليس من إلزام عليها في أن تسأله في التحقيق الذي أجرته ما دامت اطمأنت إلى أقوال الشهود والمسئولين الذين سمعوا فيه.
2 - إن القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 وإذ حظرت مادته الأولى فصل العمال الموسميين أو المؤقتين بغير الطريق التأديبي فإن المحكمة لا ترى بها حاجة إلى الخوض في الجدل الذي أثير حول مدى الحصانة التي جاء بها هذا القرار بالنسبة للعمال الموسميين والمؤقتين إذ حاجة الدعوى الحالية لا تتطلبه إذ أنها ترى أن مجال إعمال هذا القرار لا يكون إلا بعد أن تثبت صلاحية العامل المؤقت أو الموسمي للعمل الذي يسند إليه, وأنه لا يكسب مركزه إلا بعد أن يجتاز فترة الاختبار بنجاح إن تطلبت الجهة الإدارية صلاحية فيه وأعربت عنها في قرار التعيين, وذلك لأن العمال ليسوا سواء في هذه الصلاحية ولا شك أن الجهة الإدارية بحكم هيمنتها على إدارة المرافق العامة لها أن تتطلب صلاحية خاصة ولها أن تتدرج في طلبها إلى أعلا مستوى فيها حتى تطمئن إلى أن العامل الذي تسند إليه عملاً خطيراً قادر على أدائه وخاصة في الأعمال الدقيقة التي تحتاج إلى خبرات وقدرات خاصة مثل الأعمال التي كلفت بها المطعون ضده.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 5 من ديسمبر سنة 1963 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال والسد العالي في الدعوى رقم 1 لسنة 8 قضائية بتاريخ 6/ 10/ 1963 القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من المهندس المقيم بتفتيش السد العالي بأسوان في 24/ 5/ 1961 بفصل المطعون ضده من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بمصروفاتها.
وفي 11 من يناير سنة 1964 أعلن الطعن للمطعون ضده وتعين له جلسة 11/ 1/ 1964 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 2/ 6/ 1964 فقررت بإحالته إلى هذه المحكمة فنظرته على النحو الوارد في محاضر الجلسات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل في أنه بتاريخ 1/ 10/ 1960 أقام المطعون ضده دعواه طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة وتبياناً لها ذكر أنه في 11/ 12/ 1959 التحق بالعمل بإدارة السد العالي في وظيفة ملاحظ ميكانيكي بتفتيش السد العالي بأسوان بمرتب قدره 30 جنيه ثلاثون جنيهاً شهرياً تحت الاختبار لمدة شهر واحد, ومرت فترة الاختبار ونجح في أداء عمله ولكنه فوجئ بكتاب تاريخه 10/ 3/ 1960 يتضمن تعيينه تعييناً جديداً براتب قدره 21 جنيه شهرياً ثم بكتاب آخر تاريخه 28/ 5/ 1960 وتضمن الأخير فصله من العمل اعتباراً من 24/ 5/ 1960 دون أن يجري معه تحقيق فتظلم مما جاء في الكتاب الأخير بكتاب أرسله بعلم الوصول في 9/ 6/ 1960 ولم يتلق رداً عنه وأضاف إلى ما تقدم أن الفصل جاء تعسفياً ودون مبرر وخلافاً لما جاء به القرار الجمهوري الصادر أخيراً بعدم فصل أي عامل سواء كان موسمياً أو دائماً إلا بعد إجراء تحقيق.
فأجابت الطاعنة على الدعوى أولاً بأن المطعون ضده التحق في عملها 10/ 12/ 1959 في وظيفة ملاحظ بأجر يومي شامل قدره جنيه واحد بصفة مؤقتة ولمدة ثلاثة أشهر وفي أثناء فترة الاختبار ظهر لها أنه لا يستحق هذا الأجر فكونت لجنة رأت تعديله إلى 70 قرش يومياً من 10/ 3/ 1960 كما رأت أن يتولى مهنة ميكانيكي صيانة تحت الاختبار فلم يتقبل هذا الذي رأته اللجنة بقبول حسن واستفاضت شكاوى من زملائه بأنه يتآمر على تعطيل وحدات البلدوزرات لكي يظهر بغير حق أن نقله إلى العمل الجديد لم يكن له سبب يبرره بل ومن شأنه تعطيل العمل وقد أجرت تحقيقاً ثبت منه ما رددته الشكاوى ومن ثم اتضحت لها خطورته فقررت فصله من العمل وإبعاده منه للمحافظة على الصالح العام.
ثم أضافت إلى ما تقدم أن السيد وكيل الوزارة ونائب رئيس الجهاز التنفيذي لبناء السد العالي أرسل الكتاب رقم 5/ 17/ 13 - 669 المؤرخ 22/ 3/ 1961 أبان فيه أن تفتيش السد أجرى تحقيقاً استجمع فيه أقوال المسئولين وشهادة الشهود ولم ير لزوماً لأخذ أقوال المطعون ضده إذ كان صالح العمل يستلزم فصله فوراً وإبعاده من محافظة أسوان في أقرب وقت طبقاً لتعليمات المباحث الجنائية العامة بأسوان.
ومن حيث إن تلك المحكمة أصدرت حكمها السابق ذكره وأقامته على أن تعيين المطعون ضده كان في مهنة ملاحظ اعتباراً من 10/ 12/ 1959 بصفة مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر وفي نهاية المدة تكرر تعيينه بأجر آخر أقل وفي مهنة ميكانيكي صيانة ثم فصل في 24/ 5/ 1960 لما ثبت في حقه من أنه كان يقوم بتحريض العمال على إتلاف الوحدات عمداً وأنه كان مؤقتاً فقد صدر القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 وعمل به من 7/ 3/ 1960 ويوجب هذا القرار عدم فصل أي عامل مؤقت أو موسمي بغير الطريق التأديبي ولما كانت من الضمانات الأساسية للموظفين والعمال ألا يقع الفصل من الخدمة وهو في قمة الجزاءات التأديبية إلا بناء على تحقيق مكتوب وبعد سماع أقوال الموظف والعامل وتحقيق وجوه دفاعه والإخلال بهذه الضمانة يجعل القرار مخالفاً للقانون, وإذ ثبت أن المطعون ضده لم يسمع له دفاع ولم يواجه بمن شهد ضده في التحقيق وقد جاءت شهادات من سمعوا سماعية نقلاً عن عامل يدعى محمد عبد المجيد الذي كذبهم فيما قالوه عنه من أنه قابل المطعون ضده أو جالسه - كما كذبهم فيما نسبوه إليه من أنه أخبرهم أنه طلب منهم تعطيل العمل وكذلك جاء التحقيق عارياً من وقائع مادية تدل على صحة ما نسب إليه. وفي نهاية الأسباب ذكرت أنه تبين لها أن القرار جاء مخالفاً للقانون من وجهين أولهما أنه قام على تحقيق أخل بضمانة أصلية إذ لم تسمع فيه أقوال المطعون ضده وأنه غير مستند على سبب صحيح يبرره فقد انتهى إلى نتيجة لا ينتجها أصول التحقيق ومن ثم كان متعين الإلغاء.
ومن حيث إن الطعن أسس على أن استلزام التحقيق لا يكون إلا إذا كان القرار صادراً إعمالاً للسلطة التأديبية أما إذا أصدرت السلطة الرئاسية قراراً تأديبياً بالفصل إعمالاً للأصول العامة التي نص عليها قانون موظفي الدولة (تراجع الفقرة الرابعة من المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة فلا إلزام عليها في اتباع إجراءات التحقيق والمحاكمة. واستشهد في هذا المقام بحكم هذه المحكمة في الطعن رقم 159 لسنة 1 قضائية المنشور في السنة الأولى ص 41).
وأضاف الطاعن إلى ما تقدم أن القرار الجمهوري الذي أشارت إليه المحكمة في حكمها المطعون فيه لا يعني أن جهة الإدارة لا تملك فصل العمال الموسميين أو المؤقتين الذين عناهم إلا عن طريق اتباع إجراءات التحقيق وإلا كانت للعامل المؤقت ضمانات تفوق تلك التي نص عليها قانون الموظفين بالنسبة للموظفين الدائمين وهو ما لا يجوز القول به لما فيه من مجافاة للروح العامة للتشريع التي أتاحت للإدارة سلوك أي الطريقين تمكيناً لها من الهيمنة على سير المرفق ثم استطرد ذاكراً أن الفصل لم يكن لما تجمع ضده في التحقيق فقط بل كان أيضاً لما جاء في تقرير المباحث الجنائية من ثم تكون الإدارة قد سلكت في شأنه الأصل العام الوارد في الفقرة الرابعة من المادة 107 من قانون موظفي الدولة وهذا الأصل العام يتعين إعماله لعدم وجود نص خاص ثم عقب على الحكم المطعون فيه ناعياً عليه بأنه جاء مخالفاً لما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة من عدم جواز تدخل القضاء الإداري في الموازنة والترجيح فيما يقوم لدى الإدارة من دلائل وبيانات وقرائن أحوال إثباتاً ونفياً في خصوص قيام الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب واستشهدت في هذا المقام بالحكم الصادر في الطعن رقم 23 لسنة المنشور في السنة الخامسة ص 874) وخلص إلى القول بأن تقرير المباحث يعتبر سبباً كافياً لحمل القرار خاصة في هذا المرفق الحيوي التي تتكاتف جميع القوى في سبيل إنجازه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني ذهبت فيه إلى القول بأن فصل المطعون ضده لم يكن جزاءاً تأديبياً بل كان إنهاءً لخدمته بالاستغناء عنه لعدم صلاحيته للبقاء في وظيفته العامة لأسباب قدرت الإدارة خطورتها وأفصحت عنها في قراراها موضوع الدعوى, وأن هذه الأسباب لها أصل ثابت في الأوراق وهي أوراق التحقيق الذي عمل مع زملائه وأدركت منه تآمره على العمل وأن العزل غير التأديبي لا يستلزم أن يكون المطعون ضده اقترف ذنباً تأديبياً وهذه السلطة لا تحد إلا بسوء الاستعمال وأن القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 ليس من شأنه أن يحظر فصل العامل المؤقت إذا اقتضت اعتبارات هامة تمس الصالح العام والقول بغير ذلك يؤدي إلى سلب سلطة الإدارة في فصل العامل المؤقت عن غير الطريق التأديبي مع وجود اعتبارات تقتضيه ويجعل العامل المؤقت بمنأى عن مجال الفصل غير التأديبي الذي يخضع له زميله الدائم وفي هذا إيثار وتمييز لا مبرر له, أما ما ذكرته الحكومة في دفاعها فإن القانون رقم 210 لسنة 1951 يسري على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء أكانوا مثبتين أو غير مثبتين إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من توقيع مختلف العقوبات التأديبية على العمال حتى 20/ 4/ 1960 حين كان كادرهم يخلو من حصر وتنظيم الجزاءات التأديبية, أما ابتداء من 21 إبريل سنة 1960 فقد نفذت أحكام القرار الجمهوري رقم 634 لسنة 1960 بشأن تأديب عمال اليومية وهي التي تطبق دون غيرها كما أن الفقرة الثانية من المادة 15 من التعليمات المالية رقم 6 الصادرة في أول إبريل سنة 1912 قد نصت على أنه يتحتم على الوزارات ومصالح الحكومة الإعلان بالرفت قبل حصوله بشهر كلما دعت الحال للرفت كمستخدم ظهورات أو عامل خارج عن هيئة العمال بسبب إلغاء وظيفته أو انتهاء الأعمال أو عدم كفاءته للعمل المعين لأجله) وأكد هذا المعنى منشور المالية رقم 9 لسنة 1942 ملف 234 - 6/ 2 وخاصة في الأحوال التي يكون فيها سبب الاستغناء عن الخدمة منطوياً على عدم الرضا في العمل ومن ثم يسوغ للجهة الإدارية أن تستهدي بتلك النصوص في فصل العامل عن غير الطريق التأديبي وإذا كان الأمر كذلك فلا يلزم سماع أقوال العامل قبل فصله إذا ما قام به السبب المبرر للفصل وانتهى التقرير إلى القول بأن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب حين قرر أن النتيجة التي انتهى إليها قرار الفصل لا تقوم على أصول ثابتة في الأوراق ومن ثم يتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إن وزارة السد العالي قدمت مذكرة أخيرة عالجت فيها المركز القانوني للعامل المؤقت وتكييف قرار الفصل محل الطعن وذكرت عن الأمر الأول أن العامل المؤقت لا يخضع لأحكام كادر العمال كما يستفاد من كتاب وزارة المالية رقم 78 - 31/ 29 وأحكام هذه المحكمة, أما عن الأمر الثاني فأشارت إلى القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 ثم قالت إن كل ما هدف إليه هذا القرار هو حماية طائفة العمال المؤقتين الذين كانوا يفصلون بمجرد انتهاء الاعتمادات المؤقتة التي عينوا عليها أو انتهاء الأعمال التي عينوا من أجلها كما كان شأنهم قبل صدوره ولم يهدف إلى غير هذه الحماية ولا يمتد عدم الفصل الوارد في المادة الأولى من هذا القرار إلى حالة عدم الصلاحية والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل العامل المؤقت غير قابل للعزل مع أن الفصل لعدم الصلاحية قاعدة أصولية تستمد وجودها من هيمنة الإدارة على حسن سير المرافق وهذه السلطة من الملائمات المتروك تقديرها لها بلا معقب عليها ما دام خلا من عيب إساءة استعمال السلطة (حكم العليا في الطعن 1519 لسنة 2 قضائية السنة الثانية ص 215) وقد رددت النصوص الدستورية هذه القاعدة من قبل (حكم عليا منشور بالنسبة الخامسة ص 1214), ويضاف إلى ما تقدم أن المادة 15 من تعليمات المالية رقم 9 الصادرة في أول يوليه سنة 1912 ومنشور المالية رقم 9 لسنة 42 ملف 234 - 6/ 2 قد أباحا فصل العامل لعدم الكفاءة في العمل وهذا يدل على أن كادر العمال يبيح الفصل بغير الطريق التأديبي وتساءلت كيف يتأتى لجهة الإدارة أن تفصل عاملاً مؤقتاً فقد بصره وهو لم يرتكب ذنباً محدداً ثم خلصت إلى القول بأن الحكم المطعون فيه وقد قصر الفصل الذي يقع بالتطبيق للمادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 على الفصل بسبب تأديبي ولم يبحث في إمكان فصل العامل المؤقت بغير هذا الطريق الذي لا يستلزم سابقة إجراء تحقيق (الطعن رقم 58 لسنة 4 السنة الثالثة ص 1729) يكون حكماً مخالفاً للقانون, كما أنه أسقط من اعتباره تقرير المباحث العامة مع أنه يقطع بعدم صلاحيته للاستمرار في العمل. فإذا ما قدرت جهة الإدارة أن الثقة تزعزعت في بقائه في العمل ولم تطمئن إليه فلها أن تبعده بالفصل من خدمتها وهذا ما جرت به أحكام هذه المحكمة (مجموعة مبادئ المحكمة العليا السنة الثانية ص 1309) وانتهت هذه المذكرة بالتصميم على الطلبات الواردة في الطعن.
ومن حيث إن المطعون ضده قدم مذكرة تعقيباً على ما جاء في الطعن وفي تقرير هيئة مفوضي الدولة ردد فيها دفاعه السابق وأضاف إليه أن الطعن لم يستحدث وقائع جديدة غير ما أثارته الحكومة أمام محكمة أول درجة وناقشت الحكم المطعون فيه مناقشة شديدة انتهى منها إلى عدم اعتباره سبباً مبرراً للفصل, أما القول بعدم صلاحيته للبقاء في الوظيفة فقد أساءت الجهة الإدارية الحق في استعمال سلطتها, إذ واقع الحقد والحسد هو الذي أملى إصدار هذا القرار وذلك لأن جريدة آخر ساعة نشرت في العدد رقم 1312 بتاريخ 16/ 12/ 1959 بعد فترة الاختبار المحددة للمطعون ضده ثناءً عليه مضمونة أنه لدى وصول الآلات والمهمات الضخمة للسد العالي عزم الخبراء السوفييت أن يخصصوا واحداً منهم لصيانة المعدات الضخمة ولكنهم عدلوا عن هذا العزم عندما قدم لهم العامل العربي (المطعون ضده) نفسه وبعد اختباره بمعرفتهم اختباراً دقيقاً ومن ثم أسندوا إليه هذا العمل كما أعلنت إذاعة القاهرة بتاريخ 10/ 1/ 1960 إشادتها به وبجدارته في نزول جميع المعدات السوفيتية وتشغيلها قبل وصول الفنيين من السوفييت وذلك في برنامج شخصيات تبحث عن مؤلف ثم أعادت إذاعة صوت العرب هذه التمثيلية بتاريخ 11/ 1/ 1960 فحقد عليه الحاقدون وعزموا على الخلاص منه بهذا القرار وأشار إلى حكم هذه المحكمة في (الطعن رقم 904 لسنة 3 قضائية). أما الفقرة الرابعة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فيجري نصها (4) العزل أو الإحالة إلى المعاش بقرار تأديبي وأما المادة 116 مكرر (2) من هذا القانون فقد عدلت بالقانون رقم 368 لسنة 1959 المنشور بالجريدة الرسمية في 26 ديسمبر سنة 1959 بالعدد 284 ونصت المادة 3 منه على ما يأتي: الفصل لأسباب خطيرة تتعلق بالصالح العام واستلزم أن يكون الفصل في هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض الوزير المختص ويكون القرار في هذه الحالة نهائياً ولا يجوز الطعن فيه بالإلغاء وإذ ذهب المفوض في تقريره إلى تشبيه قرار إدارة السد العالي بقرار رئيس الجمهورية بالإحالة إلى الاستيداع فإنه قد أعمل النصوص في غير مجالاتها إذ لو كانت إدارة السد العالي جادة في أسباب الخطورة التي قدرتها لرفعت الأمر إلى السيد الوزير واستصدر القرار الجمهوري بفصله وأن مثل هذا لم يحدث ويكون الطعن غير مقبول شكلاً والقضاء الإداري ممنوع من نظر مثل طلبات الإلغاء هذه, كما أن الحكم المطعون فيه سجل على جهة الإدارة عجزها عن تقديم تقرير المباحث العامة ومن ثم يكون القرار الصادر بفصله من غير سبب ويكون الطعن على الحكم الذي ألغاه في غير محله ومن ثم التمس الحكم بعدم قبول الطعن وتأييد الحكم الصادر لصالحه.
ومن حيث إن محور الخلاف في هذه المنازعة يدور حول كنه القرار الصادر في 24/ 5/ 1964 وهل هو قرار تأديبي أم غير تأديبي.
ومن حيث إن هذا القرار صدر في فترة الاختبار التي وضع فيها المطعون ضده بالأمر الإداري المؤرخ 2/ 3/ 1960 إذ أسند إليه هذا الأمر عملاً غير عمله الأول كما حدد له أجراً أقل من أجره ثم عهد إليه بمهنة غير مهنته الأولى بعد أن ثبت من تقرير اللجنة التي بحثت عمله أنه لا يصلح للعمل الذي أسند إليه أولاً, كما وضعته تحت الاختبار في العمل الجديد لمدة حددها بثلاثة أشهر وتبتدئ هذه المدة في تاريخ هذا القرار وتنتهي في 1/ 6/ 1960, ومن ثم يكون تعيينه الثاني تعييناً جديداً من كل الوجوه وهو بحسب قرار تعيينه هذا يكون خاضعاً لفترة الاختبار المحددة وقد يقضي هذا الاختبار بنجاح أو تقوم لدى الجهة التي عينته اعتبارات من شأنها أن تؤثر على هذا الاختبار وتعتبر نتيجته غير مرضية بالنسبة له, وهذا ما يثبت فعلاً إذ تجمعت لها أدلة عن سوء سلوكه في العمل ومحاولته إتلاف وحدات "البلدوزر" حتى يظهر لها بغير حق أن تعتبر عمله لم يكن له ما يبرره وهو له مصلحة في ذلك إذ قل أجره في العمل الجديد فحاول الرجوع إلى العمل القديم ليحصل على أجره المرتفع وإن كان في حقيقة الأمر لا يصلح له وهو لا تعنيه هذه الصلاحية في قليل أو كثير وإنما الذي يعنيه أن يرجع إليه أجره الأول ولو على حساب المصلحة العامة التي قدرتها اللجنة السابق ذكرها والتي رأت عدم صلاحيته لهذا العمل ولم يطعن على تقريرها بمطعن ما.
ومن حيث إن قرار إنهاء خدمته صدر في فترة الاختبار كما سبق القول ومن ثم يكون للجهة التي عينته أن تنهي عمله في فترة الاختبار إذا تجمعت لها الدلائل والقرائن على أنه لا يصلح لهذا العمل وإذا ما اقتنعت بها ووجد لهذا الاقتناع أصله الثابت في الأوراق من التحقيقات التي أجرتها ومن تقرير المباحث الجنائية العامة وسلطتها في ذلك سلطة تقديرية لا يحدها إلا التحيف وسوء الاستعمال الأمر الذي لم يدلل عليه المطعون ضده بشيء ما، وإذا كان الأمر كذلك فليس من إلزام عليها في أن تسأله في التحقيق الذي أجرته ما دامت اطمأنت إلى أقوال الشهود والمسئولين الذين سمعوا فيه.
ومن حيث إن القرار الصادر بإنهاء خدمته أسس على سبب صريح أعلنت عبارته وهي: (يفصل لسلوكه الذي يهدد سلامة العمل).
ومن حيث إن هذا السبب الذي أقيم عليه القرار يكفي لحمله إذ يمت هذا السبب بالصالح العام والنتيجة التي خلص إليها لها أصل ثابت في الأوراق ولم يكن سبباً وهمياً أو غير صحيح.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 وإذ حظرت مادته الأولى فصل العمال الموسميين أو المؤقتين بغير الطريق التأديبي فإن المحكمة لا ترى بها حاجة إلى الخوض في الجدل الذي أثير حول مدى الحصانة التي جاء بها هذا القرار بالنسبة للعمال الموسميين والمؤقتين إذ حاجة الدعوى الحالية لا تتطلبه إذ أنها ترى أن مجال إعمال هذا القرار لا يكون إلا بعد أن تثبت صلاحية العامل المؤقت أو الموسمي للعمل الذي يسند إليه وأنه لا يكسب مركز ما إلا بعد أن يجتاز فترة الاختبار بنجاح إن تطلبت الجهة الإدارية صلاحية فيه وأعربت عنها في قرار التعيين وذلك لأن العمال ليسوا سواء في هذه الصلاحية ولا شك أن الجهة الإدارية بحكم هيمنتها على إدارة المرافق العامة لها أن تتطلب صلاحية خاصة, ولها أن تتدرج في طلبها إلى أعلا مستوى فيها حتى تطمئن إلى أن العامل الذي تسند إليه عملاً خطيراً قادر على أدائه وخاصة في الأعمال الدقيقة التي تحتاج إلى خبرات وقدرات خاصة مثل الأعمال التي كلفت بها المطعون ضده.
ومن حيث إنه يبدو مما تقدم أن الحكم المطعون فيه وقد اعتبر القرار الصادر بإنهاء عمل المطعون ضده في أثناء فترة الاختبار قراراً تأديبياً من القرارات التي أحيطت بضمانات خاصة قد تنكب وجه الصواب وحق إلغاؤه.
ومن حيث إن دعوى المطعون ضده على غير أساس ومن ثم يتعين رفضها.
ومن حيث إن المدعي قد أصابه الخسر في الدعوى فيتحمل عبء مصروفاتها وذلك إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي وألزمته بالمصروفات.