الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 نوفمبر 2023

الطعن 1335 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 24 / 10 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 24-10-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 1335 و 1340 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد
محمد صفوان حسني الحاج زيدان
مطعون ضده:
دار الأدهم للأنشاءات  ش.ذ.م.م)
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1669 استئناف تجاري
بتاريخ 23-08-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر يحيى الطيب أبوشورة وبعد المداولة:
حيث استوفى الطعنين شروط قبولهما الشكلية.
وحيث تتحصل الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة في الطعن الاول رقم 1335 لسنة 2023م تجارى (دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م) أقامت لدى محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم69 لسنة 2020م تجارى كلى ضد المطعون ضدهم الأول والثانية والسادسة (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان وتريجونو للتطوير و ايم سكوير للاستشارات الهندسية) بطلب الحكم- وفقاً لطلباتها المعدلة- بإلزام المدعى عليهم بالتضامن بأداء مبلغ (11.611.242.24) درهماً والفائدة بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وإلزام المدعي عليهما الثانية والثالثة برد أصل الشيك رقم 100099 بمبلغ( 3.050.023 ) درهماً وأصل الشيك رقم 100100 بمبلغ( 3.050.023) درهماً والمسحوبين من حساب المدعية وبراءة ذمتها من قيمتهما والمصروفات ، على سند من أنه بتاريخ 21-3-2017م أبرم معها المدعى عليهما الأول والثانية (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان وتريجونو للتطوير) عقد مقاوله والذى عدل بتاريخ 16-1-2019م كلفاها بموجبه بتنفيذ تشيد وانجاز وصيانة مبنى سكنى مكون من طابقين سفلي + طابق أرضي + 10 طوابق مكرر على قطعه الارض رقم- 7946-645 -وادى الصفا (3) ?دبي?نظير مبلغ مقطوع مقداره ( 30,500,230.28)درهم ،وأن المدعى عليها الثالثة (ايم سكوير للاستشارات الهندسية) هي استشاري المشروع وأنها قد سلمتها الشيكين المذكورين المحررين لصالح المدعى عليها الثانية لضمان حسن التنفيذ، وأنها قد أنجزت نسبه كبيره من أعمال المقاولة فى المشروع بيد أن استكمال انجازه قد تعثر بسبب المدعي عليهم وأن المدعي عليها الثالثة- استشاري المشروع- قد أخطرتها بفسخ العقد بيد أن المدعى عليهم قد امتنعوا عن سداد مستحقاتها عما أنجزته من الاعمال ورد شيكين ضمان حسن التنفيذ مما حدا بها لإقامة الدعوي.
حيث طلبت الطاعنة ادخال المطعون ضدهم الثالث والرابع والخامسة ( أحمد محمد حسن شحادة و محمود محمد حسن شحادة و شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) بطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم والخصوم المدخلين بالتضامن بأداء مبلغ (11.611.242.24) درهماً والفائدة بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات، على سند من أن الخصوم المطلوب ادخالهم شركاء للمدعي عليه الأول (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان) في المشروع وكانوا يسددون مستحقاتها من أموالهم الخاصة، وأن الخصم المطلوب ادخاله الثالث( شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) مالك قطعة الأرض المقام عليها المشروع مما حدا بها الى طلب ادخالهم في الدعوى.
حيث قدم المطعون ضدهما الأول الخامسة في الطعن الاول رقم 1335 لسنة 2023م تجارى ( محمد صفوان حسنى الحاج زيدان و شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) دعوى متقابلة ضد المدعية بطلب الحكم إلزام المدعي عليها تقابلاً بأن تؤدي اليهما مبلغ (7.000.000) درهم على سبيل التعويض، على سند من أن المدعى عليها تقابلاً قد أخلت في تنفيذ التزاماتها العقدية مما أصابهما بأضرار ماديه تستوجب الجبر بالتعويض وحدا بهما لإقامة الدعوى المتقابلة.
ندبت المحكمة لجنة خبره ثلاثية في الدعوى وبعد أن أودعت تقريرها قضت بجلسة 26-5-2021م في الدعوى الأصلية:
أولا: بعدم قبول إدخال كل من (أحمد محمد حسن شحادة ومحمود محمد حسن شحادة) خصمين في الدعوي .
ثانيا: بقبول إدخال (شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) خصما في الدعوي شكلا.
ثالثا: بعدم قبول الدعوي بالنسبة للمدعي عليها الثالثة لرفعها علي غير ذي صفة .
رابعا : بإلزام الشركة المدعي عليها الثانية بأن ترد للمدعية أصل الشيك رقم 100099 بمبلغ( 3.050.023) درهماً و أصل الشيك رقم 100100 بمبلغ ( 3.050.023)درهماً المسحوبين من حساب المدعية وبراءة ذمتها من قيمتهما .
خامسا : بإلزام المدعي عليه الأول والخصم المدخل الثالث- شركة اسكالونيا هولدنج- ليمتد بأن يؤديا للمدعية مبلغ( 3,622,331.09) درهما والفائدة القانونية بنسبة 5% سنويا من تاريخ الاستحقاق في 24-12-2019م والمصروفات. .
سادسا : برفض الدعوي المتقابلة.
استأنفت المدعية أصلياً ( دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م ) هذا الحكم بالاستئناف رقم 1669 لسنة 2021م تجارى.
واستأنفه المدعى عليهما الاول والخامسة أصلياً (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان و شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) بالاستئناف رقم 1685 لسنة 2021م تجارى.
حيث ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط وندبت لجنة خبره ثلاثية في الدعوى خلاف السابق ندبها وبعد أن أودعت تقريرها الأصلي والتكميلي قضت بجلسة 23-8-2023م:
أولاً: في موضوع الاستئناف رقم 1669 لسنة 2021 م تجاري برفضه.
ثانياً: وفي موضوع الاستئناف رقم 1685 لسنة 2021م تجاري بتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المحكوم به على المستأنفين (3.315.678.60) درهماً وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.
ثالثاً: وبإلزام كل مستأنف بمصروفات استئنافه، ومصادرة مبلغ التأمين في فى الاستئنافين.
طعنت المدعية أصلياً ( دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م ) على هذا الحكم بالتمييز رقم 1335 لسنة 2023م تجارى بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 19- 9 -2023م بطلب نقضه.
وقدم المطعون ضدهم والخمسة الاوائل مذكره بدفاعهم بطلب رفض الطعن.
وقدمت المطعون ضدها السادسة مذكره بدفاعها بطلب رفض الطعن.
وطعن عليه المدعى عليهما الاول والخامسة (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان و شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) بالتمييز رقم 1340 لسنة 2023م تجارى بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 19- 9 -2023م بطلب نقضه.
قدمت المطعون ضدها مذكره بدفاعها بطلب رفض الطعن.
وحيث عرض الطعنين في غرفة مشوره ورأت المحكمة أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكماً واحداً.
وحيث أقيم الطعن الاول رقم 1335 لسنة 2023م تجارى على سببين تنعى الطاعنة بالأول منهما الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بتأييد قضاء الحكم المستأنف فى الدعوى الأصلية بعدم قبول ادخال المطعون ضدهما الثالث والرابع (أحمد محمد حسن شحادة ومحمود محمد حسن شحادة) خصوماً في الدعوي وإلزامهم بالتضامن مع باقي المطعون ضدهم بمطالبها في الدعوى أخذاً بتقريري لجنة الخبرة المنتدبة في الدعوى رغم أن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أنها قد نفذت أعمال المقاولة في المشروع بنسبة 97.19% وأنهما وباقي المطعون ضدهم قد امتنعوا عن اعتماد الدفعات المرحلية عن الأعمال المنفذة في المشروع وسداد مستحقاتها عنها بالرغم من ثبوت استمرار تقدم الأعمال بالمشروع وفسخ عقد المقاولة بالإرادة المنفرة والامتناع عن سداد مستحقاتها البالغة ( 11,611,242.24 )درهماً ورغم أن مذكره تعديل الطلبات المؤرخة 17-3-2021م قد شرحت علاقتهما بالمشروع على ضوء المستفاد من قضاء محكمة التمييز بأن المسئولية في المشروع العقاري تمتد إلى أي شخص سواء وجدت علاقة تعاقدية أو لا بما يثبت أن طلبها إدخالهما خصوماً في الدعوى الأصلية قد جاء على سند من الوقائع والقانون وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- وفقاً لنص المادة (96) من قانون الاجراءات المدنية لسنة 2022م أنه ولئن كان يجوز للمدعى أن يدخل في الدعوى من كان يجوز اختصامه فيها عند رفعها الأ أن ذلك مشروط بأن تتوافر في الطلب الشروط العامة لقبول الدعوى، وأن تكون هناك مصلحة بتوافر منفعة جدية ومشروعة تعود من اختصامه له في الدعوى، وأن من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه ولئن كان اختصام الغير بناءً على طلب الخصم إلا أنه يخضع لسلطة المحكمة التي يتعين عليها النظر في توافر شروط الإدخال فإن تبين عدم توافرها أو إحداها قضت بعدم قبول الإدخال.
لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه فى الدعوى الأصلية بعدم قبول ادخال المطعون ضدهما الثالث والرابع خصوماً فى الدعوى على ما أورده في أسبابه بقوله ( لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوي سيما عقد المقاولة سبب الدعوي أن الخصمين المدخلين سالفي الذكر ليسا طرفا فيه كما لم يثبت من تقرير لجنة الخبراء واقعيا أنهما طرفا في تلك العلاقة التعاقدية مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بعدم قبول إدخالهما في الدعوي.).
وكان الحكم المطعون فيه قد أيده وأضاف اليه رداً على أسباب الاستئناف ما أورده في أسبابه بقوله (عليه لا توجد أي علاقة تعاقدية بين المستأنفة أصليا والمستأنف ضدهما الرابع والخامس، وبالتالي فإنه لا توجد صفه تبرر اختصام المستأنف ضدهما الرابع والخامس في الدعوى.) وكان هذا الذي خلصت اليه محكمة الموضوع سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الاوراق وكافياً لحمل قضائها ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي على كل ما أثارته الطاعنة، فيكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى واستخلاص توافر شروط ادخال الغير خصماً في الدعوى فإن تبين عدم توافرها أو إحداها قضت بعدم قبول الإدخال وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة متعيناً رده.
وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى برفض استئنافها رقم1669 لسنة 2021م تجارى وفى موضوع استئناف المطعون ضدهما الأول والخامسه(محمد صفوان حسنى الحاج زيدان و شركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) رقم 1685 لسنة 2021م تجارى وفى موضوع الدعوى الأصلية بتعديل المبلغ المقضي به عليهما ليكون (3.315.678.60) درهماً أخذاً بتقريري لجنة الخبرة التي انتدبتها المحكمة المطعون فى حكمها في الدعوى رغم اعتراضاتها الجوهرية عليهما لعدم اطلاعها بالمهمة كما يجب ولما شاي أعمالها من أخطأ وقصور وعوار بتصديها لمسائل قانونيه تخرج عن اختصاصها الفني ولانتهائها بشأن موضوع الدعوى الأصلية لنتائج خاطئة ليس لها ما يسندها في أوراق الدعوى ومستنداتها وتنم عن عدم الاحاطة الكافية بأوراق الدعوى وبالمخالفة لتفسير صحيح العقد ولما تم الاتفاق عليه بين الطرفين، ولإصرارها فى التقرير التكميلي على رأيها دون بحث اعتراضاتها الجوهرية على التقرير الأصلي والرد عليها رداً فنياً صحيحاً مؤيداً بالدليل وبما يتفق مع وقائع وأوراق الدعوى ومستنداته ا ، ولتقريره ا الخاطئ دون سند بتضمن العقد المعدل موضوع الدعوى على أن نظام التكييف هو شيلرات وخصم قيمة العمل التغييري لنظام التكييف رغم خلو الاتفاقية من ذلك، ولإخفائها رسائل من الباطن الى للطاعنة بتاريخ 17-11-2018م بأن طلب المطعون ضدهم لتغيير نظام التكييف سيؤدي إلى تغير في أحمال الكهرباء، بما يثبت الاتفاق على تغير نظام التبريد والتكييف بالمشروع من نظام تبريد ( Chiller ) إلى نظام ( DX ) نظام وحدات منفصلة بحسب رغبة المطعون ضدهم، ولتغيرها في مستندات الدعوي التي يجب بموجبها زيادة المبلغ المستحق للطاعنة وبتغيير النتيجة لصالح المطعون ضدهما بتخفيض المبلغ المستحق لها من مبلغ (3,842,401.14) درهماً الي مبلغ (3,315,678.60) درهماً دون أي سند أو سبب مفهوم وبحسبة تفتقد لأي منطق محاسبي رغم اقرار المطعون ضدهم ومنهم استشاري المشروع بهذا التعديل فى أعمال التكييف بقيمة (2,553,202.65 )درهماً بما يؤكد علي موافقة الاستشاري والمالك علي أن سعر التكييف الوارد بالجدول هو مقابل نظام التكييف المنفصل المنتفق عليه وفق محضر الاجتماع الصادر عن الاستشاري والمالك بتاريخ 11-12-2018م بما يجعل خصم الخبرة لمبلغ( 510,640.50 ) درهم من مستحقاتها قد جاء دون حق أو أي سند قانوني، ولعدم احتسابها مبلغ( 1,501,484.42) درهماً عن الأعمال المنفذة ضمن الدفعات- 25، 26، و27- ولتعديلها قيمة التأخير في صرف الدفعات من مبلغ( 2,589.20) درهم الى مبلغ(5.073.03) درهماً ليصبح إجمالي قيمة التأخير في صرف الدفعات 25 ، 26، و27 مبلغ (755,555.03) درهماً دون إضافته لقيمة المبلغ النهائي لصالح الطاعنة في نهاية التقرير ، ولإهمالها تسبب المطعون ضدهم في انجاز المشروع وفق ما أثبتته لجنة الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجه و عدم احتسابها تكاليف الإطالة المستحقة للطاعنة وعدم بحثها استحقاقها للتعويض وتجاهل اعتمادها الإطالة وقيمتها من استشاري المشروع، ولخصمها دون سند مبلغ (94.245.69) درهماً من مقابل أتعاب استشاري المشروع ومبلغ ( 126,910.0) درهم مصاريف إيجارات ومبلغ (194,644.77 ) درهماً مقابل الاتفاق مع مقاول لتنفيذ المشروع ولانقاصها دون سند قيمة الأعمال الإضافية وتجاهل بعضها بزعم أن الطاعنة لم تضمنها طلباتها فى الدعوى رغم اعتمادها من استشاري المشروع ممثل المالك بما يجعل تقريري لجنه الخبرة المنتدبة فى الدعوى من المحكمة المطعون في حكمها غير جديرين بالركون اليهما للفصل فى موضوع الدعوى الأصلية مما أضر بدفاعها وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث أقيم الطعن الثاني رقم 1340 لسنة 2023م تجارى على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى وفى موضوع استئنافهما رقم 1685 لسنة 2021م تجارى فى موضوع الدعوى الأصلية بتعديل المبلغ المقضي به عليهما ليكون (3.315.678.60) درهماً أخذاً بتقريري لجنة الخبرة المنتدبة فى الدعوى من المحكمة المطعون في حكمها رغم اعتراضاتهما الجوهرية عليهما لتصديها لمسائل قانونيه متعلقة بتفسير شروط التعاقدية تخرج عن اختصاصها الفني ، ولعدم اطلاعها بالمهمة كما يجب ولما شاب أعمالها من أخطأ وقصور وعوار بعدم بحثها فى تقريرها التكميلي لغالبية اعتراضاتنا على التقرير الأصلي المبينة بالمذكرة المقدمة بجلسة 23-11-2022م بالتعقيب على تقريرها الأصلي والرد عليها تنفيذها للحكم التمهيدي الصادر بإعادة المهمة اليها خاصةً بشأن بيان آلية وكيفية تحديد نسبة انجاز المطعون ضدها لأعمال المقاولة في المشروع عند فسخ العقد وحساب مستحقاتها عما أنجزته من الاعمال وفق الاعمال المنفذة فعلاً عند الفسخ وليس أي نسبة اعتبارية أخرى، ولعدم اعتمادها تقييم المعاينة النهائية لنسبة الأعمال المنجزة فعلاً والتي تمت بحضور الجميع واعتمادها لصالح المقاول نسبة الإنجاز الأكبر في الأوراق الواردة بشهادة الدفع رقم ( 24) وذلك بحجة أن العرف الهندسي جرى على اعتماد نسبة الإنجاز التي يقررها الاستشاري رغم أن الاستشاري نفسه بعد ذلك أصدر كتاباً رسمياً إلى مؤسسة التنظيم العقاري يؤكد فيها على نسبة إنجاز أقل ، ولالتفاتها اتفاقهما بموجب العقد على أن الأولوية في تحديد نسبة الإنجاز عند الاختلاف لتقرير مهندس مؤسسة التنظيم العقاري ، ولإهمالها تقدير (شركة فرانكين جوزيف لاستشارات المشاريع) المفصل والمدعم بعدد كبير من الصور الرقمية والفيديوهات التي توثق حالة المبنى تفصيلاً دقيقاً وقت الفسخ بأن الاعمال المنفذة من المطعون ضدها فى المشروع تقدر بنسبة( 84.7%)تقريباً ،ولرفضها خصم مبلغ( 179,692.50)درهماً قيمة العمل التغييري المتعلق بعدم تنفيذ أسقف الألمونيوم المستعارة بالبلكونات والرد على اعترضاهما بشأنه رداً مجهلاً ومبتسراً يخالف الثابت بأن هذه الاعمال لم يتم تنفيذها ولا يقدح فى ذلك مجرد النص على هذا العمل بشهادة الدفع الذى لا يغير من حقيقة أنه لم يتم تنفيذها ويجب خصم قيمتها من مستحقات المطعون ضدها بما يجعل تقريري لجنة الخبرة الأصلي والتكميلي غير جديرين بالركون اليهما للفصل فى موضوع الدعوى الأصلية بما كان يستوجب على المحكمة اعادة المأمورية اليها لبحث اعتراضاتهما الجوهرية التي لم يوردها الحكم المطعون فيه هو الاخر ويبحثها ويرد عليها رغم أنها من الأهمية بحيث لو صحت لتغير بها حتماً وجه الرأي في الدعوى الأصلية مما أضر بدفاعهما ،ولقضائه بتأييد قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى المتقابلة رغم أن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن تقرير الخبرة المنتدبة أمام محكمة أول درجه تأخرها في تنفيذ الأعمال المسندة إليها فى المشروع لمدة (155) يوماً ومن تقريري الخبرة المنتدبة أمام المحكمة المطعون فى حكمها تأخرها في تنفيذ الأعمال المسندة إليها في المشروع لمدة (122) يوماً وثبوت اصابتهما بأضرار ماديه تستوجب الجبر بالتعويض الذى قدرت واحتسبت قيمته بموجب تقريري لجنتي الخبراء المنتدبتين أمام كلاً من محكمتي أول وثاني درجه على سند من استحقاقنا لغرامة التأخير التي لا يمكن تطبيقها لفسخ العقد ويكتفى بالتعويض الذى ما تقدره المحكمة في حال رأت صحة فسخ العقد سيما وأن أوراق الدعوى ومستنداتها قد خلت مما يثبت أن ما لحقهما من أضرار ماديه مرتبط بتأخيرهما في صرف بعض الدفعات لمدد مجموعها (34) يوماً لا غير بما كان يستوجب على الحكم المطعون فيه بيان حجم وقيمة خطأ كل طرف والتفرقة بين الخطأ الجسيم الجوهري وحجم ما نتج عنه من ضرر للطرف الآخر وبين الخطأ اليسير الغير مؤثر والذي قد لا ينتج عنه أي ضرر للطرف الآخر والموازنة بين كلا الإخلالين وبيان ما إن كان إخلال كل طرف هو ما ترتب عليه إخلال الطرف الآخر من عدمه حيث لا يوجد فى القانون ما يمنع إعطاء كل ذي حق حقه بأن يتم إلزام كل طرف بتعويض الطرف الآخر بقدر ما تسبب له من ضرر سواء كان جسيماً أم يسيراً طالما تم إثبات الخطأ وما نجم عنه من ضرر وعلاقة السببية بينهما ،وذلك إلا أن يثبت أحد الأطراف أن عدم تنفيذه لالتزامه كان راجعاً ومترتباً على إخلال الطرف الآخر دون أي سبب آخر وهو ما خلت منه من أوراق الدعوى بما يثبت تقديمها فى الدعوى المتقابلة من الأدلة والبينات ما يثبت استحقاقها الحكم بالزام المطعون ضدها بالتعويض المطالب به وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في الطعنين مردود اذ من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وفقاً لنصوص المواد (282-292- 872-877-878) من قانون المعاملات المدنية أن المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد طرفيه بأن يصنع شيئا أو يودي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الأخر وعلى المقاول انجاز العمل وفقاً لشروط العقد، وأنه كعقد منشئ لالتزامات متبادلة بين طرفيه يرد عليه الفسخ، وأن الاتفاق طرفيه على استحقاق أحدهما لتعويض اتفاقي قبل الطرف الآخر هو شرط جزائي يسقط تبعا لسقوط الالتزام الأصلي بفسخ العقد، وأن مناط الزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له بما مؤداه أنه لا مجال لإلزام المقاول إذا لم ينفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر ، وإذ فسخ عقد المقاولة فإن الشرط الجزائي الذي تضمنه أو الذي اتفق عليه لاحقاً يسقط تبعاً لسقوط الالتزام الأصلي بفسخ العقد وبالتالي فلا يعتد بالتعويض المتفق عليه ولا يكون لصاحب العمل عندئذ إلا مطالبة المقاول بالتعويض إن كان قد لحقته أضرار من عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي وفقا للقواعد العامة التي تجعل عبء إثبات الضرر وتحققه ومقداره على عاتقه على ألا يقضى بالتعويض ما لم تتوافر كل أركان المسئولية مجتمعه، وأن من المقرر أن المسئولية سواء كانت عقدية أو تقصيرية لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث إذا انتفى ركن منها انتفت المسئولية، وأن من المقرر أن لمحكمه الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقرير الخبير الذى باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى يخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى ، ومتى رأت الأخذ بالتقرير محمولاً على أسبابه وأحالت إليه أعتبر جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه وأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ، وهي غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وتورد دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. وأن من المقرر أن طلب الخصم من المحكمة إعادة الدعوى للخبير المنتدب أو ندب غيره أو إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات واقعه معينه ليس حقاً متعيناً على المحكمة إجابته إليه في كل حال بل لها أن ترفضه إذا ما وجدت أن الخبير المنتدب قد أنجز المهمة وحقق الغاية من ندبه ووجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها والفصل فيها.
لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه برفض الدعوى المتقابلة المقامة من الطاعنين فى الطعن الثاني رقم 1340 لسنة 2023م تجارى ( شركة أسكالونيا هولدنج ليمتد و محمد صفوان حسنى الحاج زيدان) ضد المطعون ضدها ( دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م ) على ما أورده في أسبابه بقوله (وحيث أنه عن موضوع الدعوي المتقابلة المقامة من المدعي عليه الأول والخصم المدخل الثالث فمن المقرر.. أن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له، بما مؤداه أنه لا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر ولا يكون لصاحب العمل عندئذ إن أراد مطالبة المقاول بالتعويض إلا إن يقيم الدليل على أنه قد لحقه أضرار من عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي، وقد أوجبت المادة (292) من قانون المعاملات المدنية أن يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوي ومن تقرير الخبير المنتدب فيها أن المدعي عليها تقابلا لم ترتكب أية أخطاء سببت ضررا للمدعيين تقابلا إذ أنها وفقا لما سلف بيانه بالدعوي الأصلية أنجزت 91.32%من المشروع ولم يكن التأخير في تنفيذ النسبة الباقية لسبب يرجع لها ومن ثم لا يستحق المدعيين تقابلا أية تعويضات قبلها مما يتعين معه والحال كذلك القضاء برفض الدعوي المتقابلة.).
وكان الحكم المطعون فيه وفى موضوع استئناف الطاعنان في الطعن الثاني رقم 1340 لسنة 2023م تجارى (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان و شركة أسكالونيا هولدنج ليمتد) قد أيد قضاء الحكم المستأنف برفض دعواهما المتقابلة وقضى فى موضوع الدعوى الأصلية المقامة من المطعون ضدها فى ذات الطعن -الطاعنة فى الطعن الاول رقم 1335 لسنة 2023م تجارى- ( دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م ) بتعديل المبلغ المقضي به عليهما فى الدعوى الأصلية ليكون مقداره (3.315.678.60) درهماً على ما أورده في أسبابه بقوله (لما كانت لجنة الخبراء المعينة من هذه المحكمة قد انتهت في تقريرها التكميلي إلى أنه :....بتاريخ 21-3-2017م تم ابرام اتفاقية بين المستأنف ضدهما الاول والسادس أصليا كطرف أول والمستأنفة أصليا (دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م) على اساسها تقوم المستأنفة أصليا بتنفيذ وانجاز وصيانة الاعمال وهى مبنى سكنى مكون من 2 طابق اساسي + طابق ارضي + 9 طوابق مكرر على قطعه الارض رقم 7946-645 وادى الصفا 3 ? دبي الامارات العربية المتحدة لصالح المستأنف ضدهما الاول والسادسة أصليا بمبلغ مقطوع قدره( 30,500,230.28)درهماً، وأن الاستشاري هو المستأنف ضدها الثالثة أصليا (ايم سكوير للاستشارات الهندسية) ،وباقي الشروط والاحكام كما بالاتفاقية ، وبتاريخ 16-1-2019م تم ابرام ملحق لاتفاقية العقد المؤرخ 21-03-2017 م بين المستأنف ضده الاول أصليا (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان) والمستأنف ضدها السادسة أصليا (اسكالونيا هولدنج ليمتد) كطرف أول والمستأنفة أصليا (دار الأدهم للإنشاءات- ش ذ م م) ، وبشهادة المستأنف ضدها الثالثة أصليا (ايم سكوير للاستشارات الهندسية) على أساسها تقوم المستأنفة أصليا بإنجاز الاعمال المتفق عليها للمبنى السكنى المقترح والمكون من 2 طابق اساسي + طابق أرضي + 10 طوابق مكرر على قطعه الارض رقم- 7946-645 - وادى الصفا 3 دبي الامارات العربية المتحدة لصالح المستأنف ضدهما الاول والسادسة أصليا نظير مبلغ اجمالي قدره 30,500,230.28 درهم ، على أن يكون تاريخ النهائي لإنجاز الاعمال المتفق عليها هو 31 مايو 2019م ، وباقي الشروط والاحكام كما بالاتفاقية،.....وأن المستأنفة أصليا قامت بتنفيذ الاعمال بقيمة (27,852,810.29) درهم لصالح المستأنف ضدهما الاول والسادسة أصليا،وأن كلا الطرفين لم يوفيا بالتزاماتهما التعاقدية فالمستأنف ضدهما الاول والسادسة أصليا لم يسددا مستحقات المستأنفة أصليا في المواعيد المتفق عليها ، والمستأنفة أصليا تسببت للمستأنف ضدهما في أضرار نتيجة تأخيرها في تنفيذ المشروع في الوقت المحدد ، وأنه يترصد لصالح المستأنفة أصليا (دار الأدهم للإنشاءات- ش ذ م م) بذمة المستأنف ضدهما أصليا (الأول والسادسة) (محمد صفوان حسني الحاج زيدان و شركة إسكالونيا هولدينج) مبلغ مقداره( 3,315,678.60) درهماً وهذا المبلغ أسس على عدم التطرق لموضوع فسخ العقد حيث أنه أمر قانوني ، بالإضافة إلى أحقية المستأنفة أصليا في استرداد شيكي الضمان ، الأول لقاء الدفعة المقدمة ورقمه 100099 والثاني رقمه 100100 لقاء حسن تنفيذ الأعمال وقيمة كل منهما مبلغ وقدره 3,050,023.00 درهم والمسلمة إلى الاستشاري (المستأنف ضدها أصليا الثالث) الذي ادعى أنه سلمه إلى المستأنف ضدها الثانية أصليا (تريجونو للتطوير) ،وكانت المحكمة تطمئن إلى هذا التقرير فيما انتهى إليه من قيمة المبلغ المستحق للمستأنف ضدها الأولى في الاستئناف المقابل (دار الأدهم للإنشاءات) ومن حقها في استرداد الشيكين دون مبالغ التعويض التي انتهت إليها اللجنة ، حيث هذه مسألة قانونية من اختصاص المحكمة وإذا أخل كل من طرفي العقد بالتزامه فإنه يجوز لأس منهما فسخ العقد وعدم رجوع أحدهما على الآخر بالتعويض ، ومتى كان ذلك ، ومن ثم تقضى المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 1685 لسنة 2021 تجاري بتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المحكوم به لصالح المستأنف ضدها الأولى على المستأنفين (محمد صفوان حسني الحاج زيدان وشركة اسكالونيا هولدنج ليمتد) ( 3,315,678.60) درهماً وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك ، ورفض الاستئناف الأصلي رقم 1669 لسنة 2021م ،ذلك أنه يلزم للقضاء بالتعويض توافر الأركان الثلاثة لعناصر المسئولية المدنية من الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما ، وقد انتهت لجنة الخبراء في تقريرها التكميلي إلى أن كلاً من الطرفين المتعاقدين قد أخل بالتزاماته العقدية ، ومن ثم ترى المحكمة رفض التعويض المطالب به من كلا الطرفين ، حيث إن خطأ كل منهما يجب خطأ الآخر.) وكانت لجنة الخبرة المنتدبة في الدعوى من المحكمة المطعون في حكمها قد انتهت الى أن إجمالي قيمة الأعمال الأصلية والإضافية التي نفذتها الطاعنة في الطعن الاول رقم 1335 لسنة 2023م تجارى - ( دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م ) فى المشروع لصالح المطعون ضدهما في ذات الطعن (محمد صفوان حسنى الحاج زيدان و شركة أسكالونيا هولدنج ليمتد) مبلغ مقداره (27,852,810.29) درهماً، وقامت بتصفية الحساب بين الطرفين بحساب المبالغ المالية التي قبضتها الطاعنة في الطعن الاول عن الاعمال الأصلية والإضافية المنفذة والمعتمدة من استشاري المشروع وفق الثابت في شهادات الدفع من (1) الى (24) وفق ما جرى به العمل فى العرف الهندسي، وكانت لجنة الخبرة المنتدبة لم تأخذ بادعاء الطاعنة في الطعن الاول سدادها للمبلغ الذي تدعى سداده لاستشاري المشروع لعدم بيان سبب سداد هذا المبلغ وهي لا تربطها به أي علاقة عقديه ترتب عليها أي التزامات ماديه لصالحه وهى محقه في ذلك، وكان الذي يترتب على فسخ العقد سند الدعوى قبل أن تنجز الطاعنة في الطعن الاول كافة أعمال المقاولة الأصلية والإضافية المعقود عليها في المشروع سقوط أي اتفاق بين الطرفين على استحقاقها غرامة التأخير بموجب العقد المفسوخ بسبب سقوط الالتزام الأصلي بفسخ العقد، وكانت أوراق الدعوى ومستنداتها قد خلت مما يثبت توافر أركان المسئولية العقدية أو التقصيرية في مواجهة المدعى عليهم فى الدعويين الأصلية والمتقابلة-المطعون ضدهما الأول والخامسة فى الطعن الاول والمطعون ضدها في الطعن الثاني- وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما ، فيكون ما خلصت اليه محكمة الموضوع برفض الدعوى المتقابلة المقامة من الطاعنان في الطعن الثاني رقم 1340 لسنة 2023م تجارى وي كون هذا الذي خلص اليه الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى الأصلية المقامة من الطاعنة في الطعن الاول رقم 1335 لسنة 2023م تجارى- ( دار الأدهم للإنشاءات ش ذ م م ) ضد المطعون ضدهما بتعديل المبلغ المقضي به عليهما ليكون مقداره (3.315.678.60) درهماً سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت فى الاوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي المسقط لكل ما أثير فى الطعنين ، ويكون النعي عليه فى الطعنين بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقريري لجنة الخبرة المنتدبة وتقدير ضرورة إعادة الدعوى اليها من عدمه واستخلاص ما أنجزته الطاعنة في الطعن الاول من أعمال المقاولة الأصلية والإضافية فى المشروع قبل فسخ العقد وتصفية الحساب بين الطرفين وحساب مستحقاتها والزام المطعون ضدهما في ذات الطعن الأول بسدادها واستخلاص توافر شروط وأركان الحكم بالتعويض فى الدعويين الأصلية المقامة من الطاعنة في الطعن الاول والمتقابلة المقامة من الطاعنان في الطعن الثاني وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة متعيناً رده.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة:
برفض الطعنين رقمي 1335 و1340 لسنة 2023م تجارى وبإلزام كل طاعن بمصروفات طعنه وبإلزام الطاعنة في الطعن الاول بمبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدهم وبالزام الطاعنين في الطعن الثاني بمبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها  ومصادرة التأمين في الطعنين.

الطعن 1345 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 24 / 10 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 24-10-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1345 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
لتس فيب لتجارة السجائر الالكترونيه ولوازمها ش ذ م م
مطعون ضده:
فيب رويال لتجارة التبغ ش ذم م
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/131 استئناف أمر أداء
بتاريخ 30-08-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر يحيى الطيب أبوشورة وبعد المداولة:
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية.
وحيث تتحصل الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدها (فيب رويال لتجارة التبغ ش ذم م) تقدمت لدى لدائرة أوامر الاداء وانفاذ العقود التجارية بمحكمة دبي الابتدائية بأمر الأداء رقم 496 لسنة 2023م ضد الطاعنة (لتس فيب لتجارة السجائر الإلكترونية ولوازمها ش ذ م م) بطلب استصدار أمر أداء بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي اليها مبلغ ( 1,021,275) درهماً والفائدة بنسبة 9% سنوياً من تاريخ استحقاق الفاتورة والمصروفات، على سند من أنها بموجب تعاملات تجارية قد وردت للمدعى عليها بموجب فواتير مستلمة وممهورة بختم المدعى عليها كميات من السجائر الإلكترونية بقيمة (1,021,275)درهماً لم تسدد ثمنها وأنها قد كلفت المدعى عليها بالوفاء ولم تفعل، وأنه لما كان حقها المطالب به ثابتاً بالكتابة مما حدا بها لتقديم الطلب لاستصدار أمر الأداء لإلزام المدعى عليها بطلباتها فيه.
بجلسة 2-3-2023م أمرت المحكمة بعدم قبول الطلب.
استأنفت المدعية هذا الامر بالاستئناف رقم 131 لسنة 2023م أمر أداء فندبت المحكمة خبير في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بجلسة 30-8-2023م:
1- بعدم قبول الدفع بعدم قبول الاستئناف لعدم توافر شروط استصدار أمر الأداء.
2- بإلغاء الامر المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدها بأن تؤدي للمستأنفة مبلغ (1,021,275) درهماً والفائدة القانونية بنسبة 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية بتاريخ 20-2-2023م وبالمصروفات عن درجتي التقاضي.
طعنت المدعي عليها (لتس فيب لتجارة السجائر الإلكترونية ولوازمها ش ذ م م) على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت ادارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 20- 9 -2023م بطلب نقضه.
وقدمت المطعون ضدها مذكره بدفاعها بطلب رفض الطعن.
وحيث عرض الطعن في غرفة مشوره ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بإلغاء قضاء الامر المستأنف بعدم قبول الطلب والقضاء مجددا بإلزامها بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ (1,021,275) درهماً والفائدة وبرفض دفاعها بعدم توافر شروط اصدار أمر الاداء رغم أن الثابت بالأوراق أن الدين المطالب به غير مستحق الأداء ومعلق علي شرط هو تسليم شهادات المقاييس والمواصفات وهو أمر متعارف عليه قانوناً دون النص عليه صراحة بأمر الشراء لأن البضائع موضوع الامر لا يجوز عرضها للبيع أو بيعها الا بعد الحصول علي شهادات المواصفات والمقاييس وفقاً لتعليمات بلدية دبي التي تنص في البند رقم (8) على أنه (يحظر عرض أو تـداول أو بيع أو الشـروع في بيع التبغ أو منتجاته الا إذا توافرت فيها الشروط الواردة في المواصـفات القياسية الإماراتية الإلزامية واللوائح الفنية)ووفقاً لنص المادة (2)من قرار مجلس الوزراء رقم (??) لسنة ???? م في شأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (??) لسنة ???? م في شأن مكافحة التبغ التي نصت علي أنه (مع عدم الاخلال بالأحكام المقررة بموجب قوانين أخري ، يحظر إدخال التبغ أو منتجاته إلي الدولة أو تداول أي منها داخلها ، إلا إذا توافرت فيها الشروط الواردة في المواصفات القياسية الإماراتية الإلزامية (اللوائح الفنية)، والمادة (20) من قانون اتحادي رقم (15) في شأن حماية المستهلك التي نصت علي أن (يلتزم المزود بضمان مطابقة السلعة او الخدمة للمواصفات القياسية والشروط والضوابط المتعلقة بالصحة والسلامة والتشريعات النافذة في الدولة ذات الصلة )، وأن خلو طلب الشراء من النص علي شرط تقديم المطعون ضدها لشهادات الجودة والمقاييس للسجائر الإلكترونية محل أمر الشراء واستلام الطاعنة للبضائع دون تحفظ كان بسبب وجود تعامل سابق بين الطرفين كانت تقوم بموجبه المطعون ضدها بتزويد الطاعنة بالبضائع مرفق معها شهادات المقاييس والمواصفات، وأنها قد طالبت المطعون ضدها بتوفير وارسال شهادات المقاييس والمواصفات الخاصة ببيع التبغ والسجائر الالكترونية موضوع أمر الاداء لتتمكن من عرض وبيع البضائع الا آنها لم تستجيب بما يثبت صحة دفاعها بعدم قبول اصار الامر لعدم توافر شروطه القانونية وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المدعي الذي يطالب بحق له قبل خصمه يتعين عليه -كأصل- الالتجاء إلى المحكمة بموجب صحيفة يودعها بقلم الكتاب واستثناءً من هذا الأصل يتعين عليه بعد أن يكلف المدين أولا بالوفاء في ميعاد خمسة أيام على الأقل الالتجاء إلى طريق استصدار أمر أداء من القاضي المختص بالمحكمة الابتدائية إذا كان كل ما يطالب به حقاً ثابتاً بالكتابة المستندية أو الإلكترونية على أن يكون الدين مال من النقود محدد المقدار أو منقول معين بنوعه ومقداره أو كان دائناً بموجب ورقة تجارية اذ أراد الرجوع على ساحبها أو محررها أو القابل لها أو الضامن الاحتياطي لأحدهم متى توافرت الشروط السالف بيانها وكان هذا الحق أو الدين حال الأداء وغير مضاف إلى أجل أو معلق على شرط أو لإنفاذ عقد تجارى. وأن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة-أن أمر الأداء كطريق استثنائي لرفع الدعوي يصدر من القاضي المختص بمقتضي سلطته القضائية وتتوافر فيه كل مقومات العمل القضائي ويرتب نفس أثار الأحكام ويكون لمحكمة الاستئناف عند نظر استئناف أمر الأداء ذات السلطات المقررة لها في حالة استئناف الحكم القضائي ومن ثم إذا هي رأت تأييد أمر القاضي برفض طلب الدائن إصدار الأمر أو إلغاء الأمر الصادر ضد المدين لعدم توافر الشروط الموضوعية لاستصداره كأن يكون الدين المطالب به غير ثابت بالكتابة أو متنازعا عليه أو غير حال الأداء أو غير معين المقدار تعين عليها أن ألا تقف عند حد القضاء بإلغاء أمر الأداء أو تأييد قرار القاضي برفض إصداره بل يجب عليها أن تمضي في نظر موضوع النزاع والفصل فيه بحكم جديد.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دفاع الطاعنة بعدم قبول استصدار أمر الاداء لعدم توافر شروط اصداره على ما أورده في أسبابه بقوله ( وعن عدم قبول الاستئناف لعدم توافر شروط استصدار أمر الأداء كون المبلغ المطالب به غير مستحق الأداء وأن الدين معلق:-فغير وارد ذلك ان الدين غير معلق على شرط وان تسليم المستأنف ضدها شهادات الجودة والمقاييس للمنتجات لم يتم الاشتراط عليه وأن المستأنف ضدها استلمت البضاعة ووقعت على سندات الاستلام دون أي تحفظ ، وأن التكليف بالوفاء لم يشتمل على فيكون الدفع على غير سند من الواقع أو القانون.) وكان يجب على المحكمة حتى فى حال ثبوت عدم توافر شروط اصدار أمر الاداء أن تمضي في نظر موضوع الدعوى وتفصل فيه بحكم جديد، فيكون هذا الذي خلص اليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت فى الاوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي المسقط لكل ما أثارته الطاعنة، ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس متعيناً رده.
وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق اذ قضى بإلغاء قضاء الامر المستأنف بعدم قبول أمر الاداء والقضاء مجددا بإلزامها بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ (1,021,275) درهماً ورفض طلبها توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدها بشأن مبلغ( 153,850)درهم كانت الأخيرة قد طلبت منها سداده نيابة عنها -لشركة ماستر لوجيستيكس لخدمات الشحن-بالصيغة الأتية :" أقسم بالله العظيم أنا مدير المستأنفة بأنني لم أطلب أنا أو أي من مستخدمي المستأنفة من المستأنف ضدها سداد مبلغ وقدره (153,850) درهم نيابة عن المستأنفة لصالح شركة ماستر لوجيستيكس لخدمات الشحن والله علي ما أقوال شهيد " بمقولة عدم تقديمها لما يثبت ما تدعيه رغم أن الثابت بالأوراق أنها قد سددت بناء على طلب المطعون ضدها -لشركة ماستر لوجيستيكس لخدمات الشحن-مبلغ( 153,850)درهم وأنها بناء على انكار المطعون ضدها قد وجهت اليها اليمين الحاسمة سنداً لنص المادة (57) من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية ورغم أنها ملك للخصم وليس للقاضي الذى يجب عليه الاستجابة لها متي توفرت شروطها ورغم أن توجيهها اليمين الحاسمة للمطعون ضدها بالصيغة المطلوبة لا تنطوي علي مخالفة للنظام العام أو الأداب العامة ومتعلقة بشخص المطعون ضدها ومنتجة في النزاع وليس فيها تعسف مما كان يقتضي قبول توجيهها للمطعون ضدها حسماً للنزاع بشأن المبلغ الذى تضمنته مما أضر بدفاعها في الدعوى وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي فى محله اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- و فقا لنص المادة (93) من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية لسنة 2022م أن اليميـــن الحاسمة إنما شرعت لتكون الملاذ لصاحبها عندما تعوزه وسائل الإثبات الأخرى التـي يصرح القانون بتقديمها للتدليل على صحة ما يدعيه وهي ملك للخصم وعلى القاضي أن يستجيب لطلب توجيهها متى توافرت شروطها، وأنه متى طلب الخصم توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه فإن ذلك يعد تنازلاً منه عن وسائل الإثبات الأخرى دون حاجه إلى إفصاحه عن هذا التنازل . وأن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- وأنه وإن كانت اليمين الحاسمة ملكاً للخصم إلا أن للمحكمة السلطة في تعديل صيغة هذه اليمين بناءً على اعتراض الخصم الموجهة إليه أو من تلقاء نفسها ، وفي هذه الحالة لا تلتزم بعرض الصيغة المعدلة على موجّه اليمين طالما إن التعديل قد اقتصر على إيضاح عباراتها والواقعة المطلوب الحلف عليها دون المساس بموضوعها وأنه لا يجوز لمن طلب توجيه اليمين الحاسمة المنازعة في صيغتها المعدلة بعد قبول من وجهت إليه وقيامه بحلفها ، وأن من المقرر أنه لا يجوز لمن وجه اليمين الحاسمة أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلفها، وأن الذى يترتب على حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة حسم النزاع فيما انصبت عليه ويقوم مضمونها حجة ملزمة للقاضي.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنة توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضدها بشأن استحقاقها خصم مبلغ ( 153,850)درهم من المبلغ المقضي به للمطعون ضدها على ما أورده في أسبابه بقوله ( ولا تجيب المستأنف ضدها الى طلبها بتوجيه اليمين الحاسمة بالصيغة التي طلبتها لعدم الإنتاجية ولعدم ثبوت أنها سددت عن ذمة المستأنفة بناء على طلبها المبلغ المطلوب الحلف عليه مبلغ( 153,850) درهم.) وكانت اليمين الحاسمة متعلقة بجزء من المبلغ المقضي به في الدعوى للمطعون ضدها، وكانت اليمين الحاسمة إنما شرعت لتكون الملاذ لصاحبها عندما تعوزه وسائل الإثبات الأخرى للتدليل على صحة ما يدعيه في الدعوى وكانت ملكاً للخصم وكان يجب على المحكمة أن يستجيب لطلب توجيهها متى توافرت شروطها مع حقها وسلطتها في تعديل صيغتها من تلقاء نفسها دون المساس بموضوعها بشأن مبلغ ( 153,850) درهم لحسم النزاع بشأنه، فيكون هذا الذي خلص اليه الحكم المطعون فيه لا يصلح سنداً لرفض طلب الطاعنة توجيهها للمطعون ضدها وهي قد طلبت توجيهيها لأنها لا تملك الدليل على صحة ما تدعيه بشأن هذا المبلغ بما يصمه بعيب القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه دون حاجة لمناقشة السبب الثالث من أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة:

بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف لتقضى فيها من جديد، وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 18 لسنة 22 ق جلسة 7 / 4 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 106 ص 888

جلسة 7 إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (106)
القضية رقم 18 لسنة 22 قضائية "دستورية"

1 - دستور "المادة 18: حق التعليم".
تكفل المادة 18 من الدستور حق التعليم واستقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي - هدفه: الربط بين التعليم وبين حاجات المجتمع والإنتاج - أساسه: التعليم من أهم وظائف الدولة ويمثل أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى الشباب.
2 - التعليم العالي "هدفه - دراسة الطب".
هدف التعليم العالي هو تزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء - تمثل العلوم الطبية الأساسية عماد المراحل الأولى من الدراسة بكلية الطلب - تقييد انتقال الطالب إلى المرحلة الثانية بأمر آخر غير النجاح في تلك العلوم؛ يعني إهدار عام جامعي في دراسة لا تربطها صلة عضوية بالدراسات الطبية.
3 - مبدأ المساواة "تنظيم الحق في التعليم العالي - تمييز".
سلطة المشرع في تنظيم الحق في التعليم مقيدة بأن يكون هذا التنظيم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا الحق - يجب رد طلبة الطب، وإن تباينت كلياتهم، إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم - اعتبار الرسوب في غير العلوم الأساسية الطبية قيداً على النجاح بكلية الطب بجامعة الإسكندرية، دون نظيراتها من كليات الطلب بالجامعات الأخرى، يُعد تحيفاً للحق في التعليم وانتهاكاً لمبدأ المساواة.

-----------------
1 - المادة 18 من الدستور تنص على أن "التعليم حق تكفله الدولة... وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". وكفالة الدستور لحق التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما جاء انطلاقاً من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، وأكثرها خطراً، بحسبانه أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى النشء والشبيبة، إعداداً لحياة أفضل يتوافق فيها الإنسان مع بيئته ومقتضيات انتمائه إلى وطنه، ويتمكن في كنفها من اقتحام الطريق إلى آفاق المعرفة وألوانها المختلفة.
2، 3 - التعليم العالي - بجميع كلياته ومعاهده - يشكل الركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، فإن ارتباطه - في أهدافه وأسس تنظيمه - بحاجات هذا المجتمع ومتطلبات تنمية إنتاجه يكون لازماً، وهو ما نصت عليه صراحة المادة 18 من الدستور المشار إليها، ورددته من بعد المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر عند تحديدها لرسالة الجامعات بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، والإسهام في النهوض بالفكر وتقدم العلوم، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، المطلع على أحدث طرائق البحث، والقيم الرفيعة لضمان ازدهار الوطن وتنمية ثروته البشرية، والعمل على بعث الحضارة العربية واستعادة التراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج؛ لما كان ذلك، وكانت الدولة مسئولة عن كفالة هذا الحق، وكانت العلوم الطبية الأساسية هي عماد التعليم في المرحلة الأولى من الدراسة بكلية الطب؛ فإن تقييد انتقال الطالب إلى المرحلة الثانية من هذه الدراسة بأمر آخر غير النجاح في تلك العلوم، يعني إهدار عام جامعي كامل في دراسة صنوف من العلوم أدنى إلى المواد الثقافية، ولا تربطها صلة عضوية بالدراسات الطبية، ونزفاً لموارد الجماعة التي توجهها إلى هذا النوع من التعليم، وتعطيلاً لثروتها البشرية، وهي أعز ما تملك، بما يناقض حقيقة أن سلطة المشرع في تنظيم الحق في التعليم مقيدة بأن يكون هذا التنظيم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا التعليم، ومتطلبات الدراسة فيه، وما يرنو إليه المجتمع من ورائه. يعزز ذلك أن الثابت من مطالعة اللوائح الداخلية لكليات الطب بجامعة القاهرة - والتي تطبق كذلك على فرعها ببني سويف اعتباراً من العام الجامعي 96/ 1997 - وجامعة عين شمس وجامعة طنطا وجامعة المنيا وجامعة الزقازيق "فرع بنها" أنها حرصت جميعها على تقييد النقل من الفرقة الثانية إلى الفرقة الثالثة بالنجاح في المواد الطبية فحسب، أما الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية أو العلوم السلوكية والإنسانية أو الحاسب الآلي فلا يمنع من النقل إلى هذه الفرقة؛ متى كان ما تقدم، وكان طلبة الطب - وإن تباينت الكليات التي تضمهم - يتكافأون من حيث نوع التعليم الذي يتلقونه، ومن حيث إنفاق المجتمع عليهم؛ وحاجته إلى جهودهم بعد تزودهم بالقدر اللازم من الدراسات المتخصصة في مجاله؛ فإنه يجب ردهم إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث نظم الامتحان التي تقضي إلى ارتقائهم في الدراسة من فرقة إلى فرقة؛ بلوغاً في خاتمتها إلى المؤهل الذي يدفع بهم إلى معترك الحياة، خدمة لوطنهم، وتوظيفاً لما حصلوه من العلوم الطبية في الوقاية والعلاج من الأمراض، وإسهاماً فاعلاً في حركة الإنتاج؛ وما ذلك إلا توكيداً لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه - وبذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء، وإذ لم يلتزم النص الطعين هذه القاعدة، واعتبر الرسوب في غير العلوم الأساسية الطبية قيداً على النجاح والنقل إلى الفرقة الثالثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية، دون نظيراتها من كليات الطب بالجامعات الأخرى، متحيفاً الحق في التعليم، ومتنكباً بالتالي الهدف الذي تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكاً مبدأ المساواة في هذا الحق، فإنه يكون من ثم مخالفاً لحكم المادتين 18 و40 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من يناير سنة 2000 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 8 لسنة 54 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 2/ 11/ 1999: أولاً: بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثانية بكلية الطب بجامعة الإسكندرية عن العام الدراسي 98 - 1999 فيما تضمنه من اعتبار نجل المدعي راسباً في هذه الفرقة وما يترتب على ذلك من آثار.... ثانياً: بوقف الدعوى وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية - مرحلة البكالوريوس - فيما تضمنه من النص على أن من يرسب في أي مادة يعيد السنة".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن نجل المدعي كان مقيداً بالفرقة الثانية بكلية الطب بجامعة الإسكندرية في العام الجامعي 98 - 1999، وتقدم لامتحانها في نهايته، وأعلنت النتيجة في 16/ 9/ 1999 متضمنة إعادته السنة بسبب رسوبه في مادة "العلوم السلوكية والإنسانية" مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 8 لسنة 54 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طلباً للحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار كلية الطب بجامعة الإسكندرية بإعلان نتيجة امتحانه بالفرقة الثانية بها على النحو المتقدم، وبتاريخ 2/ 11/ 1999 أجابت محكمة الموضوع المدعي إلى طلباته في الشق العاجل، وقضت بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية فيما تضمنته من أن من يرسب في أي مادة يعيد السنة، لما تراءى لها من شبهة مخالفة النص المحال لحكم المادتين (8) و(4) من الدستور، تأسيساً على أن لوائح كليات الطب بالجامعات الأخرى لم تقرر بقاء الطالب للإعادة في الفرقة الثانية بها إذا رسب في مادة العلوم السلوكية والإنسانية وغيرها من المواد غير الطبية كمادة الحاسب الآلي ومادة اللغة الإنجليزية، وإنما تفرد النص المحال بذلك الحكم، دون أن تظاهره مصلحة قام الدليل على اعتبارها؛ وأنشأ بالتالي تمييزاً غير مبرر بين الطلاب المخاطبين به، وبين نظرائهم بالجامعات الأخرى.
وحيث إن المادة "19" من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات عهدت إلى المجلس الأعلى للجامعات بوضع اللائحة التنفيذية للجامعات واللوائح الداخلية للكليات والمعاهد التابعة للجامعة، لتحدد هذه اللوائح - على ما تطلبته المادة 167 من هذا القانون - الهيكل الداخلي لتكوينها والأحكام التفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحان فيما يخصها، وذلك في حدود الإطار العام المقرر في القانون وفي لائحته التنفيذية.
وحيث إنه بتاريخ 24/ 9/ 1996 صدر قرار وزير التعليم رقم 1479 بشأن إصدار اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية "مرحلة البكالوريوس" متضمناً الإشارة في ديباجته إلى موافقة المجلس الأعلى للجامعات بجلسته بتاريخ 12/ 5/ 1996. ويبين من نصوص المواد (6) و(7) و(8) و(9) من هذه اللائحة أن مدة الدراسة لنيل درجة البكالوريوس في الطلب والجراحة ست سنوات، تنقسم إلى ثلاث مراحل هي المرحلة الأولى وتشمل الفرقتين الأولى والثانية والمرحلة الثانية وتشمل الفرقة الثالثة، والمرحلة الثالثة وتشمل الفرق الرابعة والخامسة والسادسة؛ وتعامل كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث معاملة السنة الواحدة؛ وتضم المواد التي تدرس في المرحلة الأولى أربعة علوم طبية أساسية تمتد دراستها خلال الفرقتين الأولى والثانية وهي "التشريح الآدمي" "الفسيولوجياً" و"الكيمياء الحيوية الطبية" و"الهستولوجيا" ويؤدي الطلبة تدريباً عملياً عليها داخل الأقسام المعملية، وإلى جانبها ثلاث مواد لا تندرج في عداد العلوم الطبية، هي "اللغة الإنجليزية" و"العلوم السلوكية والإنسانية" و"الحاسب الآلي"؛ وتدرس أولاها بالفرقة الأولى والأخريان بالفرقة الثانية،
ومقرراتها نظرية، وإن أضيفت إليها ساعتان عمليتان أسبوعياً بالنسبة لمادة "الحاسب الآلي". كما نصت المادة (11) من اللائحة على أن يؤدي الطلبة في العلوم الطبية الأساسية الأربعة سالفة الذكر ثلاثة اختبارات تحريرية وعملية وشفهية، أما ما عداها فالامتحان فيها تحريري مدته ساعة واحدة بالنسبة للغة الإنجليزية والمواد السلوكية والإنسانية، وعملي بالنسبة لمادة الحاسب الآلي، والدرجة العظمى لامتحان كل منها خمسون، وينقل الطلاب للسنة الثانية من جميع الأحوال باعتبار الفرقتين الأولى والثانية مرحلة واحدة. ونص البند (ب) من المادة (11) على ما يأتي:
ب - الفرقة الثانية: ........
يعقد الامتحان دور أول في شهر يونيو، ودور ثان في شهر سبتمبر سنوياً في جميع المواد، وفيما رسب فيه من مواد الفرقة الأولى للراسبين والمتخلفين، ومن يرسب في أي مادة يعيد السنة، ويؤدي الامتحان فيما رسب فيه أو تخلف فيه في دور يونيو وسبتمبر، ولا ينقل إلى السنة الثالثة إلا إذا نجح في جميع المواد. وتضاف درجات المواد 1، 2، 3، 4 من السنة الأولى إلى درجات المواد المناظرة من السنة الثانية للحصول على تقدير، ودرجة هذه المواد: تشريح 500 درجة - فسيولوجيا 500 درجة - الكيمياء الحيوية 300 درجة - الهتسولوجيا 300 درجة.
وحيث إن نطاق الدعوى - على ضوء ارتباط النص المحال بالطلبات المطروحة في النزاع الموضوعي - يتحدد بنص البند (ب) من المادة (11) من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية - مرحلة البكالوريوس - الصادرة في 24/ 9/ 1996 بقرار وزير التعليم رقم 1479 فيما تضمنه من عدم نقل الطالب إلى السنة الثالثة إذا رسب في أحد العلوم غير الأساسية (الطبية) المقرر في المرحلة الأولى، وبقائه للإعادة في الفرقة الثانية.
وحيث إن المادة (18) من الدستور تنص على أن "التعليم حق تكفله الدولة.... وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". وكفالة الدستور لحق التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما جاء انطلاقاً من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، وأكثرها خطراً، بحسبانه أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى النشء والشبيبة، إعداداً لحياة أفضل يتوافق فيها الإنسان مع بيئته ومقتضيات انتمائه إلى وطنه، ويتمكن في كنفها من اقتحام الطريق إلى آفاق المعرفة وألوانها المختلفة.
وحيث إن التعليم العالي - بجميع كلياته ومعاهده - يشكل الركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، فإن ارتباطه - في أهدافه وأسس تنظيمه - بحاجات هذا المجتمع ومتطلبات تنمية إنتاجه يكون لازماً، وهو ما نصت عليه صراحة المادة 18 من الدستور المشار إليها، ورددته من بعد المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر عند تحديدها لرسالة الجامعات بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، والإسهام في النهوض بالفكر وتقدم العلوم، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، المطلع على أحدث طرائق البحث، والقيم الرفيعة لضمان ازدهار الوطن وتنمية ثروته البشرية، والعمل على بعث الحضارة العربية واستعادة التراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج؛ لما كان ذلك، وكانت الدولة مسئولة عن كفالة هذا الحق، وكانت العلوم الطبية الأساسية هي عماد التعليم في المرحلة الأولى من الدراسة بكلية الطب؛ فإن تقييد انتقال الطالب إلى المرحلة الثانية من هذه الدراسة بأمر آخر غير النجاح في تلك العلوم، يعني إهدار عام جامعي كامل في دراسة صنوف من العلوم أدنى إلى المواد الثقافية، ولا تربطها صلة عضوية بالدراسات الطبية، ونزفاً لموارد الجماعة التي توجهها إلى هذا النوع من التعليم، وتعطيلاً لثروتها البشرية، وهي أعز ما تملك، بما يناقض حقيقة أن سلطة المشرع في تنظيم الحق في التعليم مقيدة بأن يكون هذا التنظيم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا التعليم، ومتطلبات الدراسة فيه، وما يرنو إليه المجتمع من ورائه. يعزز ذلك أن الثابت من مطالعة اللوائح الداخلية لكليات الطب بجامعة القاهرة - والتي تطبق كذلك على فرعها ببني سويف اعتباراً من العام الجامعي 96/ 1997 - وجامعة عين شمس وجامعة طنطا وجامعة المنيا وجامعة الزقازيق "فرع بنها" أنها حرصت جميعها على تقييد النقل من الفرقة الثانية إلى الفرقة الثالثة بالنجاح في المواد الطبية فحسب، أما الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية أو العلوم السلوكية والإنسانية أو الحاسب الآلي فلا يمنع من النقل إلى هذه الفرقة؛ متى كان ما تقدم، وكان طلبة الطب - وإن تباينت الكليات التي تضمهم - يتكافأون من حيث نوع التعليم الذي يتلقونه، ومن حيث إنفاق المجتمع عليهم؛ وحاجته إلى جهودهم بعد تزودهم بالقدر اللازم من الدراسات المتخصصة في مجاله؛ فإنه يجب ردهم إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث نظم الامتحان التي تقضي إلى ارتقائهم في الدراسة من فرقة إلى فرقة؛ بلوغاً في خاتمتها إلى المؤهل الذي يدفع بهم إلى معترك الحياة، خدمة لوطنهم، وتوظيفاً لما حصلوه من العلوم الطبية في الوقاية والعلاج من الأمراض، وإسهاماً فاعلاً في حركة الإنتاج؛ وما ذلك إلا توكيداً لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه - وبذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء، وإذ لم يلتزم النص الطعين هذه القاعدة، واعتبر الرسوب في غير العلوم الأساسية الطبية قيداً على النجاح والنقل إلى الفرقة الثالثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية، دون نظيراتها من كليات الطب بالجامعات الأخرى، متحيفاً الحق في التعليم، ومتنكباً بالتالي الهدف الذي تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكاً مبدأ المساواة في هذا الحق، فإنه يكون من ثم مخالفاً لحكم المادتين 18 و40 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية - مرحلة البكالوريوس - الصادرة بقرار وزير التعليم رقم 1479 في 24/ 9/ 1996، فيما تضمنه من بقاء الطالب للإعادة في الفرقة الثانية وعدم نقله إلى السنة الثالثة إذا رسب في غير العلوم الطبية المقررة في المرحلة الأولى.

الطعن 79 لسنة 20 ق جلسة 3 / 2 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 102 ص 852

جلسة 3 فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله, وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (102)
القضية رقم 79 لسنة 20 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "إجراءاتها وميعادها: من النظام العام".
الأوضاع الإجرائية أمام هذه المحكمة، سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها، تعتبر من النظام العام - ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع في غضون هذا الحد الأقصى يعتبر ميعاداً حتمياً.
2 - دعوى دستورية "ميعاد".
متى قررت محكمة الموضوع إعادة الدعوى للمرافعة لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فإن إقامة المدعي دعواه الدستورية مجاوزاً تاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى الموضوعية بعد إعادتها للمرافعة، يؤدي إلى عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد.
3 - دعوى دستورية "ميعاد: مهلة جديدة".
تأجيل محكمة الموضوع نظر الدعوى لمنح المدعي مهلة جديدة لإقامة دعواه الدستورية. يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن أُعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم الدستورية كأن لم يكن بفوات الميعاد المحدد ابتداءً للطعن بعدم الدستورية.

----------------
1 - رسم المشرع طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء رفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها القانون وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به لرفع الدعوى الدستورية قبل انقضائه، وإلا كانت غير مقبولة.
2 - متى كانت المادة 174 مكرراً من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به من أول أكتوبر سنة 1992، تقضي باعتبار قرار فتح باب المرافعة في الدعوى إعلاناً للخصوم الذين حضرواً إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم، أو تقديمهم لمذكراتهم، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي قد دفع بعدم دستورية النص الطعين، وبعد حجز الدعوى للحكم لجلسة 20/ 1/ 1998 قررت محكمة الموضوع إعادتها للمرافعة لجلسة 24/ 2/ 1998؛ لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، بيد أن الدعوى الماثلة لم ترفع إلا في 5/ 4/ 1998 وبذلك فإنها تكون قد أُقيمت بعد انقضاء الميعاد المقرر قانوناً لرفعها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
3 - لا ينال من النتيجة المتقدمة أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 24/ 2/ 1998 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 4/ 1998 لذات السبب، إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم الدستورية كأن لم يكن، بفوات الميعاد الذي حددته ابتداء لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، دون أن تكون الدعوى قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.


الإجراءات

بتاريخ الخامس من إبريل سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 1، 2، 5 من القانون رقم 6 لسنة 1997 في شأن بعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام وآخرين الدعوى رقم 837 لسنة 1997 مدني، أمام محكمة الزقازيق الابتدائية، ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، وابتغاء لحكم بفسخ عقد إيجار المحل التجاري الذي كان يستأجره مورثهما وذلك نظراً لوفاته وعدم احترافهما مهنة التجارة، وبجلسة 9/ 12/ 1997 قد وكيل المدعين مذكرة دفع فيها بعدم دستورية المادة 1 من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 20/ 1/ 1998، وفيها قررت إعادتها للمرافعة لجلسة 24/ 2/ 1998 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية فأقام المدعي الدعوى الماثلة.
وحيث إن البند (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
( أ ) ....
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد، اعتبر الدفع كأن لم يكن".
وحيث إن مؤدى ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء رفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عام حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها القانون وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به لرفع الدعوى الدستورية قبل انقضائه، وإلا كانت غير مقبولة.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المادة 174 مكرراً من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به من أول أكتوبر سنة 1992، تقضي باعتبار قرار فتح باب المرافعة في الدعوى إعلاناً للخصوم الذين حضرواً إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم، أو تقديمهم لمذكراتهم، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي قد دفع بعدم دستورية النص الطعين، وبعد حجز الدعوى للحكم لجلسة 20/ 1/ 1998 قررت محكمة الموضوع إعادتها للمرافعة لجلسة 24/ 2/ 1998؛ لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، بيد أن الدعوى الماثلة لم ترفع إلا في 5/ 4/ 1998 وبذلك فإنها تكون قد أُقيمت بعد انقضاء الميعاد المقرر قانوناً لرفعها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه لا ينال من النتيجة المتقدمة أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 24/ 2/ 1998 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 4/ 1998 لذات السبب، إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم الدستورية كأن لم يكن، بفوات الميعاد الذي حددته ابتداء لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، دون أن تكون الدعوى قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 229 لسنة 19 ق جلسة 12 / 3 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 105 ص 870

جلسة 12 مارس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (105)
القضية رقم 229 لسنة 19 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "تدخل".
شرط قبول طلب التدخل في الدعوى الدستورية أن يكون مقدماً ممن كان طرفاً في الدعوى الموضوعية التي يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الحكم فيها.
2 - دعوى دستورية "طلبات ختامية - وفاة المدعي".
إبداء المدعي طلباته الختامية في الدعوى الدستورية قبل وفاته - أثره: أن الدعوى تكون قد تهيأت للفصل فيها.
3 - دعوى دستورية "حكم فيها: حجية - عدم قبول الدعوى".
رفع دعوى لاحقة بعدم دستورية نص قانوني بعد نشر الحكم الصادر بعدم دستوريته؛ مؤداه: عدم قبول الدعوى بسبب انعدام المصلحة فيها نظراً للحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية.
4 - دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها - نطاقها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع؛ مؤدى ذلك: استبعاد أحكام النصوص الطعينة التي لا شأن لها بالنزاع الموضوعي أصلاً.
5 - دستور "المادة 13: حق العمل".
لا يُمنح حق العمل - وفقاً لنص المادة 13 من الدستور - تفضلاً، ولا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره، وبه تتكامل الشخصية الإنسانية - لحق العمل صلة وثيقة بالحرية الشخصية والحق في الإبداع.
6 - دستور "المادتان 32، 34: ملكية خاصة".
الملكية الخاصة التي كفل الدستور صونها بهاتين المادتين ترتد في الأعم من صورها إلى ضمان حق العمل - الملكية الخاصة عائدة إلى جهد صاحبها غالباً وحرصه بالعمل على إنمائها - اختصاصه دون غيره بثمارها - حماية الدستور والقانون للملكية من تعرض الأغيار لها.
7 - حق العمل "عضو هيئة قضائية: المبالغ الشهري الإضافي".
المبلغ الشهري الإضافي مكمل للمعاش الأصلي لأعضاء الهيئات القضائية - تضافرهما معاً في مجال ضمان الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة؛ مؤدى ذلك: عدم جواز أن يكون الحق في المبلغ الشهري الإضافي معلقاً على شرط الامتناع عن العمل؛ وهو حق كفله الدستور لكل مواطن.
8 - مبدأ المساواة.
هذا المبدأ ليس تلقيناً جامداً منافياً للضرورة العملية - من الجائز أن تغاير السلطة التشريعية، وفقاً لمقاييس منطقية بين مراكز لا تتحد معطياتها.
9 - تشريع "قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 المعدل بقراره رقم 440 لسنة 1986: الإخلال بالمساواة".
حرمان من يزاولون عملاً خارج البلاد - من أعضاء الهيئات القضائية - من المبلغ الشهري الإضافي، حال أن قرناءهم الذين قد يلتحقون بأعمال داخل البلاد أصبح من حقهم تقاضي هذا المبلغ بناءً على حكم من المحكمة الدستورية العليا؛ مؤدى ذلك: مخالفة النص الطعين لمبدأ المساواة.
10 - عضو هيئة قضائية "المبلغ الشهري الإضافي - خدمات صحية".
لا وجه للربط بين أحقية أعضاء الهيئات القضائية السابقين للمبلغ الشهري الإضافي وبين الانتفاع بنظام الخدمات الصحية - ارتباط هذه الخدمات بالموارد المالية للصندوق.

------------------
1 - اطرد قضاء هذه المحكمة على أن شرط قبول طلب التدخل أن يكون مقدماً ممن كان طرفاً في الدعوى الموضوعية التي يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الحكم فيها، وإذ كان طالبو التدخل غير ممثلين في الأنزعة التي أقامها المدعون أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول تدخلهم.
2 - لما كان المدعي الثاني قد أبدى طلباته الختامية في الدعوى الماثلة في جلسات المرافعة المحددة لنظرها على النحو الثابت بمحاضرها قبل أن يقدم وكيله إعلام الوراثة الذي يثبت وفاته، فإن دعواه تكون قد تهيأت للفصل فيها إعمالاً لحكم المادتين 130، 131 من قانون المرافعات.
3 - سبق أن قضت هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 3 مايو 1997 في القضية رقم 29 لسنة 15 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986، وذلك فيما نص عليه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا مارس العضو مهنة غير تجارية في الداخل. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 مايو سنة 1997، وكان مقتضى نص المادتين 48، 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة في شقها المتعلق بالطعن على النص.
4 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعي - بعد نشر حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليه - أضحى يدور حول طلب المدعيين الأول والثاني صرف المبلغ الشهري الإضافي خلال فترة عملهما بالخارج، وكذلك طلب المدعين جميعهم الإفادة من نظام الخدمات الصحية والاجتماعية، وصرف مقابل الدواء، فإن نطاق الطعن الماثل يتحدد بنص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 فيما قضى به من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد، ونص المادة 13 من ذات القرار قبل تعديلها بالقرار رقم 1094 لسنة 1989 فيما قضى به من وقف الانتفاع بنظام الخدمات الصحية بالنسبة للعضو السابق إذا التحق بوظيفة أو مارس إحدى المهن الحرة، وذات النص بعد تعديله بالقرار الأخير فيما قضى به من وقف سريان النظام بالنسبة للعضو السابق إذا التحق بأي عمل خارج البلاد أو امتهن مهنة حرة في داخل البلاد، وكذلك نص المادة الخامسة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 قبل تعديله بالقرار رقم 1040 لسنة 1989 فيما قضى به من أنه يشترط لمصرف مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية السابقين - الأحياء - أن يكون العضو مستوفياً لشروط استحقاق المبلغ الشهري الإضافي الصادر بقرار وزير العدل رقم 440 لسنة 1986، وذات النص بعد تعديله بالقرار 1040 لسنة 1989 فيما قضى به من أنه يشترط لصرف مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية السابقين الأحياء أو إعادة صرفه وقفه أن يكون العضو مستوفياً لشروط الانتفاع بنظام الخدمات الصحية الصادر بقرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981، ففي هذا الإطار وحده يتحدد نطاق الخصومة الدستورية الراهنة ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام حوتها النصوص الطعينة.
5 - حق العمل وفقاً لنص المادة (13) منه، لا يمنح تفضلاً، ولا يتقرر إيثاراً، ولا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره، بل يعتبر أداؤه واجباً لا ينفصل عن الحق فيه، ومدخلاً إلى حياة لائقة قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل، وبها تتكامل الشخصية الإنسانية من خلال إسهامها في تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها بما يصون للقيم الخلقية روافدها. فضلاً عن الصلة الوثيقة بين حق العمل وبين الحرية الشخصية والحق في الإبداع، وجميعها من الحقوق التي حرص الدستور على صونها، وإهدارها أو تقييدها لا يستند إلى مصلحة مشروعة بل يناقضها.
6 - الملكية الخاصة - التي كفل الدستور صونها بنص المادتين 32، 34 - ترتد في عديد من جوانبها ومصادرها؛ وكذلك في الأعم من صورها إلى ضمان حق العمل باعتباره أداة تكوينها ووسيلة تراكمها في الأغلب. وقد جرى قضاء هذه المحكمة، على أن الدستور - إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها باعتبارها عائدة - في الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها وأحاطها الدستور بما قدره ضرورياً لصونها، معبداً بها وكافلاً من خلالها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أهم أدواتها، مهيمناً عليها ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها فلا يرده عنها معتد، بل يقيها الدستور والقانون تعرض الأغيار لها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، بما يُعينها على أداء دورها.
7 - قضاء هذه المحكمة مُطرد على أن المبلغ الشهري الإضافي مكمل للمعاش الأصلي لأعضاء الهيئات القضائية، وأنهما يتضافران معاً في مجال ضمان الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية. ولا يجوز بالتالي أن يكون الحق في المبلغ الشهري الإضافي حائلاً دون امتهان عضو الهيئة القضائية - بعد تقاعده - أعمالاً يمارسها أو تقلده وظائف لا يكون بها طاقة عاطلة، ولا أن يكون لحق في الحصول على هذا المبلغ معلقاً على شرط الامتناع عن العمل، وهو أحد الحقوق التي كفلها الدستور لكل مواطن.
8 - مبدأ المساواة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي يقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. وإذا جاز للسلطة التشريعية أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير، لتنظيم موضوع محدد وأن تغاير من خلال هذا التنظيم - ووفقاً لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين في الأسس التي تقوم عليه، إلا أن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينقض محتواه، هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها. فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهياً، كان التمييز انفلاتاً وعسفاً، فلا يكون مشروعاً دستورياً.
9 - القرار المطعون فيه، وإن وَحَّد بين أعضاء الهيئات القضائية في شأن الأسس التي يتم على ضوئها حساب معاشهم التكميلي ممثلاً في المبلغ الشهري الإضافي، إلا أن النص الطعين حجبه عن بعضهم ممن يزاولون عملاً خارج البلاد، حال أن قرناءهم الذين قد يلتحقون بأعمال داخل البلاد، أصبح من حقهم تقاضي هذا المبلغ بعد قضاء هذه المحكمة الصادر في القضية رقم 72 لسنة 20 قضائية "دستورية" بعدم دستورية ذات النص الطعين فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً، ومن ثم فإنه غداً مخالفاً لمبدأ المساواة الذي يكفل المعاملة القانونية المتكافئة لأصحاب المراكز القانونية المتماثلة.
10 - لا وجه للربط بين أحقية أعضاء الهيئات القضائية السابقين للمبلغ الشهري الإضافي الذي تقرر بنص المادة 34 مكرراً (1) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 وبين الانتفاع بنظام الخدمات الصحية الذي يكفله صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين وأسرهم، فالمبلغ الشهري الإضافي يُصرف لكل من استحق أو يستحق من أعضاء الهيئات القضائية معاشاً، وهذا المبالغ يعد معاشاً مكملاً للمعاش الأصلي، أنهما معاً يتضافران في مجال الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية، في حين أن الانتفاع بنظام الخدمات الصحية يخضع لأحكام المادة 13 من قرار وزير العدل المشار إليه، والتي يتعين النظر إليها في ضوء ما تقضي به المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 3 لسنة 1977 من ربط الانتفاع بالخدمات الصحية بالموارد المالية للصندوق.


الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من ديسمبر سنة 1997، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين الحكم:
أولاً: بعدم دستورية نص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986 فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا مارس العضو مهنة تجارية أو غير تجارية أو التحق بالعمل خارج البلاد.
ثانياً: بعدم دستورية نص البندين ب، جـ من المادة 13 من القرار المشار إليه فيما تضمنه من وقف سريان نظام الخدمات الصحية والاجتماعية بالنسبة للعضو السابق أو أحد أفراد أسرته إذ التحق بعمل خارج البلاد، أو امتهن مهنة حرة أو تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها.
ثالثاً: بعدم دستورية نص المادة الخامسة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 فيما تضمنه من وقف صرف مقابل الدواء للعضو السابق أو أحد أفراد أسرته إذ التحق بعمل خارج البلاد أو امتهن مهنة حرة أو تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
وبجلسة 7/ 11/ 1998 طلب السادة المستشارون السابقون/ ...... قبول تدخلهم خصوماً منضمين إلى المدعيين في الدعوى.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا أمام محكمة النقض "دائرة طلبات رجال القضاء" الطلبات أرقام 10، 11، 9، 8 لسنة 61 قضائية "رجال القضاء" على التوالي، أبدوا فيها أن الأول عُين معاوناً للنيابة العامة سنة 1950 وتدرج في الوظائف القضائية حتى عُين مستشاراً بمحكمة النقض ثم استقال للعمل بالمحاماة سنة 1976، وعُين الثاني معاوناً للنيابة العامة في 30/ 10/ 1954 وتدرج في الوظائف القضائية حتى عُين مستشاراً بمحكمة الاستئناف ثم استقال للعمل بالمحاماة في أكتوبر سنة 1979، كما عُين الثالث معاوناً للنيابة العامة في مايو سنة 1954 وتدرج في الوظائف القضائية إلى أن عُين بوظيفة رئيس محكمة ثم استقال للعمل بالمحاماة في فبراير سنة 1977، وعُين الرابع معاوناً للنيابة العامة في 30/ 10/ 1954 وتدرج في الوظائف القضائية إلى أن عُين مستشاراً بمحكمة استئناف القاهرة ثم استقال في 12/ 5/ 1979 للترشيح لعضوية مجلس الشعب، ثم قُيد بجدول المحامين في 22/ 5/ 1979. وإذ أصدر السيد المستشار وزير العدل قراره رقم 440 لسنة 1986 بتقرير صرف مبلغ شهري إضافي لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية، وقراره رقم 1866 لسنة 1987 بصرف مبلغ سنوي مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين، فقد تقدم المدعون بطلبات إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لصرف ما يستحقونه من هذين المبلغين، إلا أن الصندوق امتنع عن ذلك بدعوى أن الأول والثاني كان يمارسان مهنة المحاماة ثم التحقا بعمل خارج البلاد، كما أن الثالث والرابع يمارسان مهنة المحاماة، وطلبوا الحكم بإلزام الصندوق بأن يؤدي إليهم المبلغين المشار إليهما، ثم عَّدل المدعون طلباتهم أمام تلك الدائرة بأن أضافوا طلب الحكم بأحقيتهم وأسرهم في الانتفاع بالخدمات الصحية التي يكفلها الصندوق. وأثناء نظر طلباتهم دفع كل منهم بعدم دستورية نص البندين ب، ج من المادة 13 من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية بالنسبة للعضو السابق أو أحد أفراد أسرته إذا التحق بعمل خارج البلاد، أو امتهن مهنة حرة أو تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها، ونص المادة 34 مكرراً (2) من ذات القرار المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986 فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إن مارس العضو مهنة تجارية أو غير تجارية أو التحق بالعمل خارج البلاد، وكذلك نص المادة الخامسة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 فيما تضمنه من وقف صرف مقابل الدواء للعضو السابق أو أحد أفراد أسرته إذا التحق بعمل خارج البلاد أو امتهن مهنة حرة أو تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها. وإذ قدرت تلك الدائرة جدية دفعهم وصرحت لهم بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إنه عن طلب التدخل، فقد اطرد قضاء هذه المحكمة على أن شرط قبول طلب التدخل أن يكون مقدماً ممن كان طرفاً في الدعوى الموضوعية التي يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الحكم فيها، وإذ كان طالبو التدخل غير ممثلين في الأنزعة التي أقامها المدعون أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول تدخلهم.
وحيث إن المدعي الثاني قد أبدى طلباته الختامية في الدعوى الماثلة في جلسات المرافعة المحددة لنظرها على النحو الثابت بمحاضرها قبل أن يقدم وكيله إعلام الوراثة الذي يثبت وفاته، فإن دعواه تكون قد تهيأت للفصل فيها إعمالاً لحكم المادتين 130، 131 من قانون المرافعات.
وحيث إن إعمالاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، فقد أصدر وزير العدل قراره رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية متضمناً النص في المادة 13 منه على أن (ينتفع بهذا النظام أعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين وأسرهم من زوج ومن أولاد ووالدين يعولهم.
ويقدم العضو إقراراً يوضح فيه أسماء أفراد أسرته الذين لهم حق الانتفاع بخدمات الصندوق الصحية.
ويقف سريانه بالنسبة إلى العضو السابق أو أحد أفراد أسرته إذا التحق بوظيفة أو مارس إحدى المهن الحرة.
...........).
ثم صدر قرار وزير العدل رقم 1094 لسنة 1989 مستبدلاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 13 سالفة الذكر النص الآتي:
"ويقف سريانه بالنسبة إلى العضو السابق أو أحد أفراد أسرته في الحالات الآتية:
( أ ) إذا التحق بعمل داخل البلاد يوفر له نظام خدمات صحية.
(ب) إذا التحق بأي عمل خارج البلاد.
(ج) إذ امتهن مهنة حرة أو تجارية أو غير تجارية في داخل البلاد أو خارجها. ويعود الحق في الانتفاع به اعتباراً من أول الشهر التالي لترك العمل أو المهنة".
وحيث إن المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 والمضافة بقراره رقم 440 لسنة 1986 أضحى نصها بعد حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادرين في القضية رقم 29 لسنة 15 قضائية "دستورية" والقضية رقم 72 لسنة 20 قضائية "دستورية" كالتالي:
"يوقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأن عمل خارج البلاد أو مارس مهنة تجارية في الداخل أو الخارج، ويعود الحق في صرفه في حالة ترك العمل أو المهنة.
ويمتنع صرف المبلغ الشهري الإضافي لمن أنهيت خدمته بحكم جنائي أو تأديبي....".
كما تنص المادة الخامسة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 بصرف مبلغ سنوي مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين على أن "يشترط لصرف مقابل الدواء - المشار إليه - لأعضاء الهيئات القضائية السابقين - الأحياء - أن يكون العضو مستوفياً لشروط استحقاق المبلغ الشهري الإضافي الصادر بقرار وزير العدل رقم 440 لسنة 1986".
ثم صدر قرار وزير العدل رقم 1040 لسنة 1989 مستبدلاً بنص المادة الخامسة من قراره رقم 1866 لسنة 1987 المشار إليه النص الآتي:
"يشترط لصرف مقابل الدواء - المشار إليه - لأعضاء الهيئات القضائية السابقين الأحياء أو إعادة صرفه بعد وقفه أن يكون العضو مستوفياً لشروط الانتفاع بنظام الخدمات الصحية الصادر بقرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 المعدل بالقرار الوزاري رقم 7360 لسنة 1987 والقرار الوزاري رقم 1094 لسنة 1989".
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 3 مايو 1997 في القضية رقم 29 لسنة 15 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986، وذلك فيما نص عليه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا مارس العضو مهنة غير تجارية في الداخل. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 مايو سنة 1997، وكان مقتضى نص المادتين 48، 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة في شقها المتعلق بالطعن على النص.
وحيث إن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعي - بعد نشر حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليه - أضحى يدور حول طلب المدعيين الأول والثاني صرف المبلغ الشهري الإضافي خلال فترة عملهما بالخارج، وكذلك طلب المدعين جميعهم الإفادة من نظام الخدمات الصحية والاجتماعية، وصرف مقابل الدواء، فإن نطاق الطعن الماثل يتحدد بنص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 فيما قضى به من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذ التحق العضو بأي عمل خارج البلاد، ونص المادة 13 من ذات القرار قبل تعديلها بالقرار رقم 1094 لسنة 1989 فيما قضى به من وقف الانتفاع بنظام الخدمات الصحية بالنسبة للعضو السابق إذا التحق بوظيفة أو مارس إحدى المهن الحرة، وذات النص بعد تعديله بالقرار الأخير فيما قضى به من وقف سريان النظام بالنسبة للعضو السابق إذا التحق بأي عمل خارج البلاد أو امتهن مهنة حرة في داخل البلاد، وكذلك نص المادة الخامسة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 قبل تعديله بالقرار رقم 1040 لسنة 1989 فيما قضى به من أنه يشترط لصرف مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية السابقين - الأحياء - أن يكون العضو مستوفياً لشروط استحقاق المبلغ الشهري الإضافي الصادر بقرار وزير العدل رقم 440 لسنة 1986، وذات النص بعد تعديله بالقرار 1040 لسنة 1989 فيما قضى به من أنه يشترط لصرف مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية السابقين الأحياء أو إعادة صرفه وقفه أن يكون العضو مستوفياً لشروط الانتفاع بنظام الخدمات الصحية الصادر بقرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981، ففي هذا الإطار وحده يتحدد نطاق الخصومة الدستورية الراهنة ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام حوتها النصوص الطعينة.
وحيث إن المدعيين الأول والثاني ينعيان على نص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1891 - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - إهداره لحق العمل بالمخالفة لحكم المادة (13) من الدستور وانطواءه على اعتداء على الملكية الخاصة التي كفل الدستور صونها بنص المادتين 32، 34، فضلاً عن مخالفته لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور إذ أنه يمنح المبلغ الشهري الإضافي لبعض أعضاء الهيئات القضائية السابقين الذين يزاولون أعمالاً داخل البلاد في حين حجب صرفه عن زملائهم الذي يلتحقون بأعمال خارج البلاد.
وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره، ذلك أن البين - من أحكام الدستور أن حق العمل وفقاً لنص المادة (13) منه، لا يمنح تفضلاً، ولا يتقرر إيثاراً، ولا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره، بل يعتبر أداؤه واجباً لا ينفصل عن الحق فيه، ومدخلاً إلى حياة لائقة قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل، وبها تتكامل الشخصية الإنسانية من خلال إسهامها في تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها بما يصون للقيم الخلقية روافدها. فضلاً عن الصلة الوثيقة بين حق العمل وبين الحرية الشخصية والحق في الإبداع، وجميعها من الحقوق التي حرص الدستور على صونها، وإهدارها أو تقييدها لا يستند إلى مصلحة مشروعة بل يناقضها.
وحيث إن الملكية الخاصة - التي كفل الدستور صونها بنص المادتين 32، 34 - ترتد في عديد من جوانبها ومصادرها؛ وكذلك في الأعم من صورها إلى ضمان حق العمل باعتباره أداة تكوينها ووسيلة تراكمها في الأغلب. وقد جرى قضاء هذه المحكمة، على أن الدستور - إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها باعتبارها عائدة - في الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها وأحاطها الدستور بما قدره ضرورياً لصونها، معبداً بها وكافلاً من خلالها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أهم أدواتها، مهيمناً عليها ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها فلا يرده عنها معتد، بل يقيها الدستور والقانون تعرض الأغيار لها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، بما يُعينها على أداء دورها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مُطرد على أن المبلغ الشهري الإضافي مكمل للمعاش الأصلي لأعضاء الهيئات القضائية، وأنهما يتضافران معاً في مجال ضمان الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية. ولا يجوز بالتالي أن يكون الحق في المبلغ الشهري الإضافي حائلاً دون امتهان عضو الهيئة القضائية - بعد تقاعده - أعمالاً يمارسها أو تقلده وظائف لا يكون بها طاقة عاطلة، ولا أن يكون الحق في الحصول على هذا المبلغ معلقاً على شرط الامتناع عن العمل، وهو أحد الحقوق التي كفلها الدستور لكل مواطن.
وحيث إن مبدأ المساواة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي يقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. وإذا جاز للسلطة التشريعية أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير، لتنظيم موضوع محدد وأن تغاير من خلال هذا التنظيم - ووفقاً لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين في الأسس التي تقوم عليه، إلا أن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينقض محتواه، هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها. فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهياً، كان التمييز انفلاتاً وعسفاً، فلا يكون مشروعاً دستورياً.
وحيث إن القرار المطعون فيه، وإن وَحَّد بين أعضاء الهيئات القضائية في شأن الأسس التي يتم على ضوئها حساب معاشهم التكميلي ممثلاً في المبلغ الشهري الإضافي، إلا أن النص الطعين حجبه عن بعضهم ممن يزاولون عملاً خارج البلاد، حال أن قرناءهم الذين قد يلتحقون بأعمال داخل البلاد، أصبح من حقهم تقاضي هذا المبلغ بعد قضاء هذه المحكمة الصادر في القضية رقم 72 لسنة 20 قضائية "دستورية" بعدم دستورية ذات النص الطعين فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً، ومن ثم فإنه غدا مخالفاً لمبدأ المساواة الذي يكفل المعاملة القانونية المتكافئة لأصحاب المراكز القانونية المتماثلة.
وحيث إنه لما تقدم فإن النص المطعون فيه - فيما قرره من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد - يكون قد جاء مخالفاً لأحكام المواد 13، 32، 40، 41 من الدستور.
وحيث إن المدعين ينعون كذلك على نصي البندين ب، ج من المادة 13 من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981، فيما تضمناه من وقف انتفاع العضو السابق بالخدمات الصحية إذا التحق بأي عمل خارج البلاد أو امتهن مهنة حرة داخلها، وما اشترطه نص المادة الخامسة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 لصرف مقابل الدواء لأعضاء الهيئات القضائية السابقين، من أن يكون العضو مستوفياً لشروط استحقاق المبلغ الشهري الإضافي تارة، أو مستوفياً لشروط الانتفاع بنظام الخدمات الصحية المحددة بنص المادة 13 من لائحة صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية تارة أخرى، أنهما قد خالفا أحكام المواد 13، 32، 34، 40 من الدستور، تأسيساً على أنهما قد حجبا عن بعض أعضاء الهيئات القضائية الحق في الانتفاع بالخدمات الصحية وصرف مقابل الدواء، في حين أن إنفاذها إليهم يعد أمراً لازماً، ذلك أنها لا تعتبر من أعمال التبرع التي يقدمها الصندوق لمستحقيها بل إن المشرع توخى من تقريرها أن تعينهم مع المعاش الأصلي على إشباع الحد الأدنى من احتياجاتهم بثاً للطمأنينة في نفوسهم، فلا يجوز - من زاوية دستورية - حجبها أو وقفها.
وحيث إن هذا النعي مردود بالأسباب التالية:
أولاً: أن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وجوهر هذه السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله بالتنظيم، وكان المشرع قد أنشأ صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لرعاية أعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين محدداً نوع هذه الخدمات ونطاق تطبيقها، والحالات التي يوقف سريان أحكامه بالنسبة لأحدهما أو كليهما، فإنه لا تثريب عليه إذا قدر أن النهوض بأعباء الصندوق كي يتواصل عطاؤه يقتضي دوماً إجراء مراجعة دقيقة لنوع تلك الخدمات وتحديد المستفيدين منها ما دام أن ما يسنه من قواعد هدفه كفالة تقديمها وفق أسس موضوعية لأعضاء الهيئات القضائية الحاليين منهم والسابقين.
ثانياً: إن القانون رقم 36 لسنة 1975، وإن أنشأ صندوقاً كافلاً الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية التي عينها، ونص على انصرافها إليهم وإلى أسرهم، إلا أنه خلا من تحديد نوع تلك الخدمات أو مداها، وعهد إلى وزير العدل بتفصيلها وتحديد ضوابطها، مصدراً في شأنها ما يناسبها من القرارات بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية، على أن يتم ذلك في حدود الموارد المالية للصندوق، بما يعني أن إنفاذ الخدمات الصحية والاجتماعية التي يقدمها، وما يترتب عليها من أعباء يتحملها الصندوق، يرتبط دوماً بموارده، فتزيد حيث تتوفر، وتقل إذا ما ضاقت تلك الموارد عن استيعابها، يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة الثانية من اللائحة الصحية والاجتماعية الصادرة بقرار وزير العدل رقم 3 لسنة 1977 من أن يحدد مجلس الإدارة في أول كل سنة مالية نطاق الخدمات الصحية التي يمكن تقديمها خلال السنة وفي حدود الموارد المالية للصندوق.
ثالثاً: أن الهدف من تقرير الرعاية الصحية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين وأسرهم هو إعانتهم على مواجهة انتقاص دخولهم بدرجة كبيرة بعد إحالتهم إلى التقاعد، والزيادة المستمرة في أجور العلاج لدى الأطباء والمستشفيات وأسعار الدواء، فإذا زادت موارد العضو المالية نتيجة ممارسته مهنة حرة في داخل البلاد أو التحاقه بأي عمل خارجها بما يعينه على مجابهة تكاليف علاجه حال مرضه، انتفت الحكمة من استمرار تمتعه بالرعاية الصحية التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين بحيث تصبح الفئة الأخرى وهي تلك التي لا تزاول أعمالاً داخل البلاد أو خارجها، أو تمارس مهنة حرة تدر عليهم دخلاً، هي الأولى بالرعاية.
رابعاً: لا وجه للربط بين أحقية أعضاء الهيئات القضائية السابقين للمبلغ الشهري الإضافي الذي تقرر بنص المادة 34 مكرراً (1) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 وبين الانتفاع بنظام الخدمات الصحية الذي يكفله صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين وأسرهم، فالمبلغ الشهري الإضافي يُصرف لكل من استحق أو يستحق من أعضاء الهيئات القضائية معاشاً، وهذا المبالغ يعد معاشاً مكملاً للمعاش الأصلي، وأنهما معاً يتضافران في مجال الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية، في حين أن الانتفاع بنظام الخدمات الصحية يخضع لأحكام المادة 13 من قرار وزير العدل المشار إليه، والتي يتعين النظر إليها في ضوء ما تقضي به المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 3 لسنة 1977 من ربط الانتفاع بالخدمات الصحية بالموارد المالية للصندوق.
خامساً: أن وقف الانتفاع بنظام الخدمات الصحية ليس قاصراً على أعضاء الهيئات القضائية السابقين ممن يلتحقون بأعمال خارج البلاد أو يمتهنون مهنة حرة داخلها، إنما يمتد ليشمل بعض فئات أعضاء الهيئات القضائية الحاليين، إذ تقضي المادة 31 من اللائحة الصحية والاجتماعية الصادرة بقرار وزير العدل رقم 3 لسنة 1977 بأن يقف سريان نظام الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية وأسرهم بالنسبة للعضو المعار أو المتعاقد لدى حكومة أجنبية أو هيئة دولية مدة الإعارة أو التعاقد، أو إذا التحق العضو أو أحد أفراد أسرته بوظيفة أو اشتغل بمهنة تجارية أو غير تجارية مدة قيامه بذلك، كما أن المادة الرابعة من قرار وزير العدل رقم 1866 لسنة 1987 حظرت صرف مقابل الدواء للمعارين والمنتدبين طول الوقت بمقابل والحاصلين على أجازات دراسية أو أجازات بدون مرتب أو لمرافقة الزوج وذلك طوال مدة الإعارة أو الندب أو الأجازة، ومن ثم يجد وقف الانتفاع بالخدمات الصحية وصرف مقابل الدواء سنده في الحالين في أن الأعضاء الحاليين والسابقين الذين تتهيأ لهم فرصة تحسين موادهم المالية، يصبحون في وضع يمكنهم من مجابهة أعباء الحياة وتكاليف العلاج، ومن ثم كان منطقياً قصر الانتفاع بالخدمات الصحية وصرف مقابل الدواء على من لا يمارسون أي عمل أو مهنة داخل البلاد أو خارجها، معتمدين في تصريف شئون حياتهم على ما يتقاضونه من مرتب أو معاش.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986، وذلك فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 190 لسنة 19 ق جلسة 12 / 3 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 104 ص 865

جلسة 12 مارس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (104)
القضية رقم 190 لسنة 19 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "إجراءاتها وميعادها: من النظام العام".
الأوضاع الإجرائية أمام هذه المحكمة، سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها، تعتبر من النظام العام - ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع في غضون هذا الحد الأقصى يعتبر ميعاداً حتمياً.
2 - دعوى دستورية "ميعاد: مهلة جديدة: اتصالها".
معيار الاعتداد بالمهلة الجديدة أو إطراحها هو اتصالها بالمدة الأصلية أو انفصالها عنها - تأجيل محكمة الموضوع نظر الدعوى لمنح المدعي مهلة جديدة لإقامة دعواه الدستورية، يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن أُعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم الدستورية كأن لم يكن بفوات الميعاد المحدد ابتداءً للطعن بعدم الدستورية.

------------------
1 - رسم المشرع طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام، باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به بإقامة الدعوى الدستورية قبل انقضائه، يؤيد حتمية هذا الميعاد أن فواته مؤداه اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، وامتناع قبول الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، بما يحول دون مضيها في نظرها.
2 - لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تمنح الخصوم الذي أثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداء لرفع الدعوى الدستورية، ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول، فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته، غدا ميعاداً جديداً منقطع الصلة به، ومجرداً قانوناً من كل أثر. ولا ينال مما تقدم أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 18/ 8/ 1997 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 27/ 10/ 1997 لذات السبب، إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم دستورية النصين المشار إليهما كأن لم يكن لفوات الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع ابتداء لإقامتها، دون أن تكون الدعوى قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.


الإجراءات

بتاريخ الخامس عشر من أكتوبر سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ابتغاء الحكم بعدم دستورية المادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1993 فيما نصت عليه من عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد أقامت ضد المدعي الجنحة رقم 10298 لسنة 1992 بلدية المنتزه متهمة إياه بأنه أقام بناءً بالمخالفة لشروط الترخيص الصادر إليه. وإذ قضى بتغريمه 4000 جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 9818 لسنة 1993 استئناف شرق إسكندرية، فقضى بتعديل عقوبة الغرامة وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. ونظراً لأن المدعي تقاعس عن تصحيح الأعمال المخالفة تنفيذاً للحكم الصادر في الجنحة رقم 10298 لسنة 1992 المشار إليه، فقد أقامت النيابة العامة ضده الجنحة رقم 48786 لسنة 1995 بلدية المنتزه وطلبت عقابه بالمادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976. وبجلسة 26/ 5/ 1997 دفع المدعي بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 24 المشار إليها فيما نصت عليه من عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، والمادة 24 مكرراً من هذا القانون، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام المدعي الدعوى الماثلة.
وحيث إن البند (29/ ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
( أ ) .......
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام محكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد، أُعتبر الدفع كأن لم يكن".
وحيث إن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام، باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به بإقامة الدعوى الدستورية قبل انقضائه، يؤيد حتمية هذا الميعاد أن فواته مؤداه اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، وامتناع قبول الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، بما يحول دون مضيها في نظرها، ولا يجوز لمحكمة الموضوع كذلك، أن تمنح الخصم الذي آثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداء لرفع الدعوى الدستورية، ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول، فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته، غدا ميعاداً جديداً منقطع الصلة به، مجرداً قانوناً من أثر.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع المبدى من المدعي، قد قررت بجلسة 26/ 5/ 1997 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 18/ 8/ 1997 لإقامة الدعوى الدستورية، بيد أن المدعي لم يرفع دعواه الماثلة إلا في 15/ 10/ 1997، فإن هذه الدعوى تكون قد أقيمت بعد انقضاء الميعاد، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 18/ 8/ 1997 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 27/ 10/ 1997 لذات السبب، إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم دستورية النصين المشار إليهما كأن لم يكن لفوات الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع ابتداء لإقامتها، دون أن تكون الدعوى قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.