جلسة 16 من يوليه سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد العوضي، ومحمود سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.
-------------------
(151)
الطعن رقم 155 لسنة 35 القضائية
دعوى - إجراءاتها - استقلال محضر الإيداع عن سداد الرسوم - أثر ذلك على الميعاد.
باستعراض قوانين مجلس الدولة المتعاقبة وآخرها القانون رقم 47 لسنة 1972 الحالي يبين أن الخصومة في المنازعات الإدارية تتعقد بإيداع صحيفة الدعوى أو التقرير بالطعن قلم كتاب المحكمة المختصة - الإيداع هو الإجراء الذي تفتح به الدعوى أو يقام الطعن وهو المعول عليه في قطع الميعاد إن كانت الدعوى دعوى إلغاء وفي قطع مدة التقادم في دعاوى القضاء الكامل وما إلى ذلك من آثار تترتب على المطالبة القضائية - يغير هذا الإجراء لا تقوم الخصومة قائمة - لا يغني عن الإيداع إجراء سابق أو لاحق كسداد الرسوم أو استصدار قرار الإعفاء منها أو إعلان الخصوم - سداد الرسوم المقررة قانوناً على الدعوى لا يعدو أن يكون مسألة مالية منبتة الصلة برفع الدعوى وانعقاد الخصومة فيها - أساس ذلك: أنه يستهدف اقتضاء حق الدولة في هذه الرسوم وليس له من دلالة تجاوز مجرد الشروع في ولوج باب التقاضي - سداد الرسوم لا ينهض بديلاً عن الإيداع ولا تترتب عليه آثاره - أثر ذلك: أنه إذا لم يعقب سداد الرسوم القيام بإجراء الإيداع وتحرير المحضر اللازم في هذا الشأن والذي يوقعه كل من المودع والموظف المختص بقلم كتاب المحكمة فلا يمكن القول بأن ثمة دعوى قد رفعت - أياً كان الحائل دون هذا الإيداع - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 11/ 12/ 1988 أودع الأستاذ/.......... المحامي نائباً عن الأستاذة/...... المحامية وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 155 لسنة 35 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات (ب) بجلسة 4/ 5/ 1988 في الدعوى رقم 6238 لسنة 38 ق المرفوعة من/ ...... و...... و...... ضد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب، والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المحدد بالمادة 11 مكرراً من القانون رقم 135 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 33 لسنة 1983 وإلزام المدعية المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بالتقرير بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً لرفعها في الميعاد المقرر قانوناً والقضاء بطلباتهم الواردة بختام صحيفة دعواهم بتسوية حالاتهم بأقرانهم المحددة أسماؤهم بها وذلك اعتباراً من 30/ 11/ 1976 وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعنين في تسوية حالاتهم طبقاً للفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون رقم 11 لسنة 1975 بنقلهم بفئتهم وأقدميتهم ومرتبهم وقت حصولهم على المؤهل العالي إلى مجموعة الوظائف العالية غير التخصصية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 9/ 5/ 1994 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 18/ 6/ 1994 وفيها نظرته على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية أخذاً في الاعتبار أن الطاعنين تقدموا في 2/ 7/ 1988 بطلب للإعفاء من الرسوم القضائية المقررة على الطعن قيد برقم 214 لسنة 34 ق وقررت لجنة المساعدة القضائية قبوله بجلسة 12/ 10/ 1988 فأقاموا طعنهم الماثل في الميعاد مستوفياً سائر الأوضاع الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 6238 لسنة 38 ق ضد وزير المالية - بصفته - بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 10/ 7/ 1984 طالبين في ختامها الحكم بأحقيتهم في تسوية حالاتهم أسوة بأقرانهم الموضحة أسماؤهم بالعريضة وذلك اعتباراً من 31/ 12/ 1976 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقالوا شرحاً لدعواهم ما يجعل في أنهم عينوا بمصلحة الضرائب اعتباراً من 8/ 11/ 1973 بمؤهل فوق المتوسط هو شهادة إعداد الفنيين التجاريين ثم حصلوا على بكالوريوس التجارة أثناء الخدمة، الأول في مايو 1977 والآخران في مايو 1976 وتقدموا بعدة طلبات إلى مدير عام شئون العاملين لتسوية حالاتهم طبقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 11 لسنة 1975 إلا أن الجهة الإدارية امتنعت عن إجابتهم إلى طلبهم رغم أنها وافقت على تسوية حالات بعض أقرانهم على الوجه المبين بالعريضة، وخلص المدعون إلى طلب الحكم بطلباتهم السالفة البيان.
وبجلسة 4/ 5/ 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المتقدم إيراد منطوقه مشيدة قضاءها على أن الثابت أن عريضة الدعوى أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10/ 7/ 1989 حسبما يبين من مطالعة محضر الإيداع الذي وقعه المدعي الأول/...... ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد المحدد بالمادة 11 مكرراً من القانون رقم 135 لسنة 1980 معدلاً بالقانون رقم 33 لسنة 1983 مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها شكلاً، ولا يجدي المدعين القول بأنهم سددوا رسوم الدعوى بتاريخ 27/ 6/ 1984 قبل فوات الميعاد إذ العبرة في انعقاد الخصومة وفقاً لصريح النص في قانون مجلس الدولة هي بإيداع صحيفة الدعوى سكرتارية المحكمة المختصة ولا يحل سداد الرسوم محل الإيداع كبديل و لا يعد دليلاً على إتمامه حيث يتم ثبوت إيداع العريضة بالمحضر المحرر بذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه شابه الخطأ في فهم الواقع مما أدى إلى الخطأ في فهم القانون، وبيان ذلك أن الثابت من الأوراق أن العديد من صحف الدعاوى تم قيده بتاريخ 10/ 7/ 1984 رغم سداد الرسوم عنها جميعاً بتاريخ 27/ 6/ 1984 وهو ما يقوم دليلاً على حدوث غش يفسد القيد في السجل العام ويفقده حجيته كما يفسد حجية محضر الإيداع المصطنع لسد هذا الغش الذي نجم عن الإهمال والقصور في تلقي صحف الدعاوى المتعلقة بالتسويات في العشرة أيام الأخيرة من شهر يونيه 1984 لكثرتها والزحام في تقديمها، وعليه فإن الدعوى تكون مقامة في الميعاد المقرر قانوناً والثابت بقسيمة السداد.
ومن حيث إن المادة 11 مكرر من القانون رقم 135 لسنة 1980 المضافة بالقانون رقم 112 لسنة 1981 قضت بأنه "مع عدم الإخلال بنص المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة يكون ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة سنة واحدة من تاريخ نشر هذا القانون وذلك فيما يتعلق بالمطالبة بالحقوق التي نشأت بمقتضى أحكام هذا القانون أو بمقتضى أحكام القوانين أرقام...... و11 لسنة 1975.. إلخ" وقد امتد هذا الميعاد لأجل غايته 30/ 6/ 1984 بموجب القانون رقم 33 لسنة 1983، وجلي من صريح هذا النص أن المشرع حدد ميعاداً للتقاضي في خصوص المطالبة بالحقوق الناشة عن التشريعات التي عينها يتعين رفع الدعوى خلاله وإلا كانت غير مقبولة.
ومن حيث إنه باستعراض قوانين مجلس الدولة المتعاقبة وآخرها القانون رقم 47 لسنة 1972 الحالي يبين أن الخصومة في المنازعات الإدارة إنما تنعقد بإيداع صحيفة الدعوى أو التقرير بالطعن قلم كتاب المحكمة المختصة، فهو الإجراء الذي تفتتح به الدعوى أو يقام الطعن وهو المعول عليه في قطع الميعاد إن كانت الدعوى دعوى إلغاء وفي قطع مدة التقادم في دعاوى القضاء الكامل وما إلى ذلك من آثار تترتب على المطالبة القضائية، وبغير هذا الإجراء لا تقوم للخصومة قائمة، وليس يجزئ عن الإيداع إجراء سابق أو لاحق كسداد الرسوم أو استصدار قرار الإعفاء منها أو إعلان الخصوم.
ومن حيث إن سداد الرسوم المقررة قانوناً على الدعوى لا يعدو في الواقع من الأمر أن يكون مسألة مالية بحتة منبتة الصلة برفع الدعوى وانعقاد الخصوم فيها إذ لا يستهدف سوى اقتضاء حق الدولة فيها وليس له من دلالة تجاوز مجرد الشروع في ولوج باب التقاضي، وهو في ذاته لا ينهض بديلاً عن الإيداع ولا تترتب عليه آثاره، وتبعاً لذلك فإنه إن لم يعقبه القيام بإجراء الإيداع وتحرير المحضر اللازم في هذا الشأن والذي يوقعه كل من المودع والموظف المختص بقلم كتاب المحكمة فلا يمكن القول بأن ثمة دعوى قد رفعت، أياً كان الحائل دون هذا الإيداع.
ومن حيث إن الثابت في واقعة الحال الماثلة أنه ولئن كانت الرسوم المقررة على الدعوى الصادر فيها الحكم مثار هذا الطعن قد تم سدادها بتاريخ 27/ 6/ 1984 إلا أن الثابت كذلك أن محضر الإيداع قد صدر بتاريخ 10/ 7/ 1984 ووقعه أحد المدعين -....... - والموظف المختص، وجاء هذا المحضر خلواً مما ينبئ عن أن يداً امتدت إليه بكشط أو محو أو غير ذلك مما لا مندوحة معه من اعتبار الدعوى - وهي من دعاوى التسويات المتعلقة بتطبيق المادة الرابعة من القانون رقم 11 لسنة 1975 - قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا النظر خلوصاً إلى القضاء بعدم قبولها شكلاً قد صادف وجه الحق في قضائه ووافق القانون في صحيحه، ويغدو الطعن عليه بهذه المثابة على غير سنده خليقاً بالرفض وهو ما يتعين القضاء به مع إلزام الطاعنين المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.