الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أغسطس 2023

الطعن 574 لسنة 52 ق جلسة 28 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 192 ص 1065

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي ومحمد لطفي السيد.

------------------

(192)
الطعن رقم 574 لسنة 52 القضائية

(1، 2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض.
(1) علاقة التبعية. وجوب أن يكون للمتبوع سلطة فعلية، طالت مدتها أو قصرت في إصدار الأوامر للتابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع.
(2) تحديد المتبوع، العبرة فيه بوقت وقوع الخطأ من التابع. لا يغير في ذلك خضوع التابع لرقابة وتوجيه متبوع آخر قبل أو بعد ذلك.
(3) حكم "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً".
إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري. قصور (مثال).
(4) مسئولية "مسئولية تقصيرية". عمل.
رابطة العمل. عدم كفايتها بذاتها لقيام علاقة التبعية اللازمة لتوافر شروط المسئولية التقصيرية علة ذلك. انتقال سلطة الرقابة على العامل إلى المستعير أو المستأجر. أثره.

-------------------
1 - مؤدى نص المادة 1974 من القانون المدني أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت - في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع.
2 - العبرة في تحديد المتبوع المسئول عن خطأ التابع بوقت نشوء الحق في التعويض وهو وقت وقوع الخطأ الذي ترتب عليه الضرر الموجب لهذا التعويض ولا يغير من ذلك خضوع هذا التابع لرقابة وتوجيه متبوع آخر قبل أو بعد هذا الوقت.
3 - إذ كان الثابت في تحقيقات الجناية أن الحادث وقع أثناء قيام المطعون ضده الثاني بالعمل لحساب المجهود الحربي وفي منطقة العمل المخصصة لذلك وفي سريان عقد الإيجار المبرم بين الطاعنة والقوات المسلحة مما يشير إلى جدية دفاع الطاعنة حول عدم قيام علاقة التبعية بينهما والمطعون ضده الثاني وقت الحادث لو بحثته المحكمة على ضوء المستندات المقدمة من الطاعنة وحققته وانتهت فيه إلى ثبوت عدم توافر علاقة التبعية فتنتفي بالتالي مسئولية الطاعنة عنه كمتبوعة لتغير وجه رأيها في الدعوى ومن ثم فهو دفاع جوهري. وإذ أمسكت المحكمة عن ذلك ولم ترد على دفاع الطاعنة وما قدمته من مستندات في هذا الخصوص فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
4 - رابطة العمل وإن كان لازمها الرقابة والتوجيه والإشراف من صاحب العمل على العامل إلا أنها بمجردها لا تكفي لإثبات علاقة التبعية اللازمة لتوافر شروط المسئولية التقصيرية، ذلك لأنه لا يكفي لتوافر التبعية الموجبة للمسئولية أن يكون هناك مطلق رقابة أو توجيه فقد تنتقل سلطة الرقابة والتوجيه الفعلية من قيام رابطة العمل إلى شخص آخر غير صاحب العمل كالمستعير أو المستأجر إذا كانت الإعارة أو الإجارة يستفاد منها أنه في فترة الإعارة أو الإجارة يستقل المستعير أو المستأجر بالرقابة على العامل وتوجيهه في العمل الذي يقوم به العامل لحساب المستعير أو المستأجر خاصة لا لحساب صاحب العمل ولو أن ذلك يتم في نطاق علاقة العمل الأصلية بين العامل وصاحب العمل الذي أجر أو أعار فخرج العامل بمقتضى الإعارة أو الإجارة عن نطاق سلطته الفعلية في الرقابة عليه والتوجيه له في العمل الضار بذاته المسئول عنه وإن بقي في ذات الوقت عاملاً لديه وله مطلق الرقابة ومطلق التوجيه له في نطاق العمل لديه لا في العمل الضار بذاته الذي ارتكبه وسئل عنه. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى - وعن نفسها وبصفتها ادعت مدنياً في الجناية رقم 134 سنة 1971 القنطرة غرب على المطعون ضده الثاني - المتهم فيها - بمبلغ عشرة الآف جنيه تعويضاً عما لحق بهم من أضرار عن موت مورثهم: ومحكمة جنايات الإسماعيلية إذ قضت بمعاقبة المطعون ضده الثاني وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة واصلت الدعوى سيرها برقم 84 سنة 1972 مدني كلي الإسماعيلية حيث أدخلت المطعون ضدها الأولى الشركة الطاعنة كمسئولة عن أعمال تابعها طالبة إلزامها بالتضامن مع المطعون ضده الثاني بالتعويض المطلوب، كما قامت الشركة الطاعنة بإدخال المطعون ضدها الثالثة - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - ضامنة لها في الدعوى وبتاريخ 16/ 11/ 1977 قضت المحكمة بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا للمطعون ضدها الأولى مبلغ 9000 ج وبرفض دعوى الضمان الفرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 112 سنة 3 ق الإسماعيلية، وبجلسة 5/ 1/ 1982 قضت المحكمة ببطلان الحكم المستأنف وبإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا متضامنين للمطعون ضدها الأولى مبلغ 7000 ج وبرفض دعوى الضمان الفرعية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن قوام مسئولية المتبوع عن خطأ تابعه أن تكون للمتبوع على التابع سلطة الرقابة والتوجيه وأن يقع العمل غير المشروع من الأخير أثناء تأديته لعمله لحساب المتبوع وبسببه، وإذ كان الثابت من تحقيقات الجناية رقم 134 سنة 1971 القنطرة غرب (26 سنة 1971 ج الإسماعيلية) والحكم الصادر فيها أن تعدى المطعون ضده الثاني على مورث المطعون ضدها الأولى والذي أفضى إلى موته وقع في منطقة عمل خاصة بالقوات المسلحة وأثناء قيامه - كتابع للجهة الأخيرة بموجب قرارات تكليف - بالعمل بالسيارة المؤجرة من الطاعنة للقوات المسلحة بالعقد المؤرخ 30/ 3/ 1971 والمتضمنة شروطه تلك التبعية وانتقال السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه للجهة المستأجرة للسيارة بما تنقضي معه علاقة التبعية بين المطعون ضده الثاني والطاعنة أثناء ارتكابه حادث الاعتداء وكانت قد تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف، وقدمت إليها عقد الإيجار وقرارات التكليف فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها بالتعويض كمسئولية عن التابع يكون فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه قد شابه القصور في التسبيب بعدم الرد على دفاعها ذاك الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك لأن المادة 174 من القانون المدني إذ تنص على أنه "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة في رقابته وفي توجيهه" فإن مؤدى ذلك أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت - في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع، والعبرة في تحديد المتبوع المسئول عن خطأ التابع بوقت نشوء الحق في التعويض وهو وقت وقوع الخطأ الذي ترتب عليه الضرر الموجب لهذا التعويض ولا يغير من ذلك خضوع هذا التابع لرقابة وتوجيه متبوع آخر قبل أو بعد هذا الوقت، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد تمسكت بمذكرتيها المقدمتين لجلستي 14/ 10/ 1979 و5/ 11/ 1980 بانتفاء علاقة تبعية المطعون ضده الثاني لها بالمعني المقصود في المادة 174 من القانون المدني أثناء ارتكابه حادث الضرب الذي أودى بحياة مورث المطعون ضدها الأولى في 10/ 7/ 1971 واستندت في ذلك إلى تحقيقات الجناية 134 سنة 1971 القنطرة غرب والحكم الصادر فيها وما قدمته من مستندات عبارة عن عقدي استئجار القوات المسلحة منها لسيارات مؤرخين 30/ 3/ 1971 و1/ 7/ 1971 وأوامر التكليف للعاملين على تلك السيارات ومنهم المطعون ضده الثاني للعمل بالمجهود الحربي في عمليات نقل أتربة ورمال في منطقة القناة، وتضمنت بنود عقدي الإيجار (البند السابع) تعهد الطرف الأول - القوات المسلحة - استصدار قرار التكليف اللازم للسائقين والعاملين التابعين للطرف الثاني - الشركة الطاعنة - الذين يعملون بهذه العملية وأن يلتزم جميع السائقين والموظفين باتباع تعليمات الضبط والربط العسكري الصادر لهم من مندوبي الطرف الأول وكذلك تعليمات التشغيل والتوجيه وخطوط السير وجميع التعليمات (البند الثامن) وكان الثابت من التحقيقات الجنائية أن الحادث وقع أثناء قيام المطعون ضده الثاني بالعمل لحساب المجهود الحربي وفي منطقة العمل المخصصة لذلك وفي سريان عقد الإيجار المبرم بين الطاعنة والقوات المسلحة مما يشير إلى جدية دفاع الطاعنة حول عدم قيام علاقة التبعية بينها والمطعون ضده الثاني وقت الحادث الذي لو بحثته المحكمة على ضوء المستندات المقدمة من الطاعنة وحققته وانتهت فيه إلى ثبوت عدم توافر علاقة التبعية فتنتفي بالتالي مسئولية الطاعنة كمتبوعة لتغير وجه رأيها في الدعوى ومن ثم فهو دفاع جوهري وإذ أمسكت المحكمة عن ذلك ولم ترد على دفاع الطاعنة وما قدمته من مستندات في هذا الخصوص مكتفية بما أوردته من أنه لما كان مرتكب الخطأ المسبب للضرر هو أحد عمالها والتابعين لها وأن فعله المكون للخطأ قد وقع منه على المجني عليه مورث المستأنف عليها الأولى بسبب العمل ومن ثم تصبح مسئولة عن فعل تابعها وهي أسباب لا تدل على جدية بحثها لقوام علاقة التبعية بما يحقق مسئولية الشركة الطاعنة عن فعل المطعون ضده الثاني بعمله غير المشروع ولا تمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون خاصة وأن رابطة العمل وإن كان لازمها الرقابة والتوجيه والإشراف من صاحب العمل على العامل إلا أنها بمجردها لا تكفي لإثبات علاقة التبعية اللازمة لتوافر شروط المسئولية التقصيرية - ذلك لأنه لا يكفي لتوافر التبعية الموجبة للمسئولية أن يكون هناك مطلق رقابة أو توجيه فقد تنتقل سلطة الرقابة والتوجيه الفعلية - من قيام رابطة العمل - إلى شخص آخر غير صاحب العمل كالمستعير أو المستأجر إذا كانت الإعارة أو الإجارة يستفاد منها أنه في فترة الإعارة أو الإجارة يستقل المستعير أو المستأجر بالرقابة على العامل وتوجيهه في العمل الذي يقوم به العامل لحساب المستعير أو المستأجر خاصة لا لحساب صاحب العمل ولو أن ذلك يتم في نطاق علاقة العمل الأصلية بين العامل وصاحب العمل الذي أجر أو أعار فخرج العامل بمقتضى الإعارة أو الإجارة عن نطاق سلطته الفعلية في الرقابة عليه والتوجيه له في العمل الضار بذاته المسئول عنه وإن بقي في ذات الوقت عاملاً لديه وله مطلق الرقابة عليه ومطلق التوجيه له في مطلق العمل لديه لا في العمل الضار بذاته الذي ارتكبه وسئل عنه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 270 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 124 ص 820

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

---------------------

(124)
الطعن رقم 270 لسنة 25 القضائية

(أ) عمل "التزامات صاحب العمل" "تهيئة الغذاء". أوامر عسكرية. "الأمر العسكري رقم 469".
فرض الم 27/ 2 من المرسوم بقانون 317 سنة 1952 على من يستخدم عمالاً في المناطق البعيدة عن العمران التي تعين بقرار من وزير الشئون الاجتماعية أن يوفر لهم التغذية الملائمة بأسعار لا تزيد على 1/ 3 التكاليف بشرط ألا يجاوز ما يؤديه العامل 20 مليماً عن الوجبة الواحدة.
عدم ورود ما يفيد إلغاء الأمر العسكري رقم 469 الصادر في 28/ 2/ 1944 في القانون 317 لسنة 1952.
(ب) عمل "التزامات صاحب العمل" "تهيئة الغذاء". قانون "إلغاء التشريع".
الم 27/ 2 من المرسوم بقانون 317/ 1952، الأمر العسكري رقم 469 مجال تطبيقهما:
انطباق أحكام الأمر العسكري في الحدود المبينة به على جميع العمال في مديريتي قنا وأسوان دون التقيد بما إذا كانت مناطق العمل بعيدة أو غير بعيدة عن العمران.
عدم انطباق حكم الم 27/ 2 من المرسوم بقانون 317 سنة 1952 إلا حيث يكون العمال في المناطق البعيدة عن العمران التي يحددها وزير الشئون الاجتماعية.
عدم تنظيم المرسوم بقانون 317 سنة 1952 ما سبق أن نظمه الأمر العسكري 469 فلا محل معه للتحدي بنص الم 2 من القانون المدني.

----------------------
1 - صدر المرسوم بقانون رقم 317 سنة 52 في شأن عقد العمل الفردي ليحل محل القانون 41 سنة 44، ونص على إلغاء هذا القانون الأخير كما نصت المادة 27 منه في فقرتها الثانية على أن "من يستخدم عمالاً في المناطق البعيدة التي تعين بقرار من وزير الشئون الاجتماعية أن يوفر لهم التغذية الملائمة بأسعار لا تزيد على ثلث التكاليف بشرط ألا يجاوز ما يؤديه العامل عشرين مليماً عن الوجبة الواحدة" ولم يرد في القانون 317 سنة 52 ما يفيد إلغاء الأمر العسكري رقم 469 الصادر في 28 فبراير سنة 1944 "بإلزام أصحاب المحال الصناعية والتجارية التي تستخدم عادة خمسين مستخدماً أو عاملاً فأكثر في مصنع واحد والحائزين لأرض زراعية تزيد مساحتها على مائتي فدان أن يتخذوا الترتيبات اللازمة لتقديم وجبة الظهر في كل يوم من أيام العمل لمن يريد من هؤلاء المستخدمين والعمال على أن يتحمل المستخدم أو العامل نصف تكاليف الطعام الذي قدم له بما لا يتجاوز خمسة عشر مليماً".
2 - مجال تطبيق الأمر العسكري رقم 469 يختلف عن مجال تطبيق القانون رقم 317 سنة 1952، ذلك أن هذا الأمر تنطبق أحكامه في الحدود المبينة به على جميع العمال في مديريتي قنا وأسوان دون التقيد بما إذا كانت مناطق العمل بعيدة عن العمران أو غير بعيدة عنه، في حين أن الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون 317 سنة 1952 لا تنطبق إلا حيث يكون العمال في المناطق البعيدة عن العمران والتي حددها وزير الشئون الاجتماعية، ومن ثم فلا محل للقول بأن القانون 317 سنة 1952 قد نظم من جديد ما سبق أن نظمه الأمر العسكري 469 ولا يكون بالتالي ثمة محل للتحدي بنص المادة الثانية من القانون المدني فيما نصت عليه من أنه يلغي التشريع السابق إذا صدر تشريع لاحق ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.


المحكمة

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة العمال المطعون عليها تقدمت إلى مكتب العمل بأسوان بعدة طلبات ضد شركة سنتاب الطاعنة. ولما لم تجد محاولة الصلح بين الطرفين أحيل الأمر على لجنة التوفيق التي أخفقت بدورها في فض الخلاف - ثم أحيل إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف أسيوط. وكان من بين ما طلبه العمال في النزاع رقم 13 لسنة 1954 تحكيم إلزام الشركة الطاعنة بأن تقدم وجبة غذائية كاملة لكل عامل على ألا يزيد ما يدفعه العامل عن خمسة عشر مليماً، واستندوا في طلبهم إلى الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944 الذي لا يزال سارياً بموجب المرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1945 بشأن استمرار العمل ببعض التدابير المتعلقة بالشئون الاجتماعية وهو يوجب تقديم وجبة واحدة لعمال ومستخدمي بعض المحال الصناعية والتجارية في مديريتي قنا وأسوان. وقد دفعت الشركة الطاعنة هذا الطلب بأن قانون العمل الفردي 317 سنة 1952 قد ألغى الأمر العسكري 469 لسنة 1944 لأنه عالج هذه المسألة في المادة 27 منه وشرط أن يكون منطقة العمل بعيدة عن العمران وهو شرط غير متحقق. وقد أصدرت هيئة التحكيم قرارها في 4 من مايو سنة 1955 بإجابة طلب العمال وبإلزام الشركة بأن تقدم للعامل حسب اختياره إما الوجبة الغذائية التي ذكرت أصنافها في الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944 مقابل خمسة عشر مليماً أو الوجبة الغذائية التي يقدمها الكانتين حالياً والمكونة من أرز ولحم وخضر وخبر مقابل أربعة قروش على أن يوقع العامل إقراراً كتابياً باختياره لإحدى الوجبتين، وأقامت هيئة التحكيم قرارها على أن قانون العمل الفردي لم يلغ الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944 إذ يستوجب الإلغاء طبقاً للمادة الثانية من القانون المدني أن يكون كل من التشريعين منظماً لحالة واحدة. مع أن الأمر العسكري يهتم بتنظيم إيجاب تقديم وجبة واحدة في كل يوم من أيام العمل للعمال الذين يعملون بمديريتي قنا وأسوان ولو لم يكونوا في مناطق بعيدة عن العمران. أما القانون رقم 317 لسنة 1952 فإنه ينظم في المادة 27 منه إيجاب تقديم وجبة واحدة في كل يوم من أيام العمل بالنسبة للعمال الذين يعملون في مناطق بعيدة عن العمران. ومن ثم يلزم رب العمل في مديريتي قنا وأسوان بتقديم وجبة غذائية كاملة يومياً لعماله سواء أكانوا في مناطق بعيدة عن العمران أو قريبة منه، وبالنظر لأن الشركة الطاعنة قد أقامت في منطقة العمل جمعية تعاونية وكانتيناً لبيع الأطعمة للعمال وأن الوجبة المكونة من خضر وأرز ولحم وخبر تباع بستة قروش وتعهدت الشركة بأن تقبل بيعها بأربعة قروش. فلذلك رأت الهيئة أن يكون العمال بالخيار بين هذه الوجبة بسعر أربعة قروش أو الوجبة التي فرضها الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944، وقد طعنت شركة سنتاب في هذا القرار - بطريق النقض - وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 2 يونيه سنة 1955 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20 أكتوبر سنة 1959 وصمم فيها الحاضر عن الطاعنة على ما جاء بتقرير الطعن كما صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة رفض الطعن. وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959، وبتلك الجلسة طلب الحاضر عن الشركة الطاعنة نقض القرار. وصممت النيابة على طلباتها السابقة.
وحيث إن الطاعنة تنعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون، ذلك أن ما يحكم واقعة النزاع هو المرسوم بقانون 317 سنة 1952 بما نصت عليه المادة 27 منه وهي لا توجب على رب العمل تقديم وجبة غذاء للعمال إلا إذا كانوا يعملون في مناطق نائية. الأمر الذي لا يتوفر في العمال التابعين للنقابة المطعون عليها. وأنه طبقاً للمادة الثانية من القانون المدني لا محل لتطبيق الأمر العسكري 469 لسنة 1944 على واقعة الدعوى لأن هذا الأمر يعتبر ملغي بصدور القانون 317 سنة 1952 الذي نظم في المادة 27 منه أمر غذاء العمال والتزام رب العمل في خصوصه وهو ما كان ينظمه الأمر العسكري من قبل بطبيعته المؤقتة والقاصرة على فئة معينة من العمال هم الذين يعملون في مديريتي قنا وأسوان، في حين أن قانون العمل الفردي وقد صدر تالياً للأمر العسكري قد نظم أمر غذاء العمال في جميع أنحاء القطر ثم صدر القرار الوزاري الصادر في 27 مايو سنة 1953 تنفيذاً للمادة 27 من القانون محدداً المناطق التي تعتبر بعيدة عن العمران في حكم المرسوم بقانون سالف الذكر وإذ خرج القرار المطعون فيه على هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من مراجعة تشريعات العمل التي صدرت حتى تاريخ تقديم الطلب من النقابة أن الأمر العسكري رقم 469 قد صدر في 28 فبراير سنة 1944، وهو ينص على إلزام أصحاب المحال الصناعية والتجارية التي تستخدم عادة خمسين مستخدماً أو عاملاً فأكثر في مصنع واحد والحائزين لأرض زراعية تزيد مساحتها على مائتي فدان أن يتخذوا الترتيبات اللازمة لتقديم وجبة الظهر في كل يوم من أيام العمل لمن يريد من هؤلاء المستخدمين والعمال ويتحمل المستخدم أو العامل نصف تكاليف الطعام الذي يقدم له بما لا يتجاوز خمسة عشر مليماً وفي نفس العام أصدر المشرع أول قانون لعقد العمل الفردي وهو القانون رقم 41 سنة 1944 الصادر في 10 من مايو سنة 1944 وقد أوجبت المادة 34 منه في فقرتها الثانية على من يستخدم عمالاً في أماكن بعيدة عن العمران أن يسهل لهم وسائل السكن اللازم والتغذية، ثم صدر الأمر العسكري رقم 522 في 29 من أغسطس سنة 1944 بعد نفاذ قانون العمل متضمناً امتداد أحكام الأمر رقم 469 على محافظة البحر الأحمر - وفي 4 من أكتوبر سنة 1945 صدر المرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1945 بمناسبة إلغاء الأحكام العرفية وانتهاء العمل بالأحكام العسكرية. وقد استبقى هذا القانون الأمر 469 المعدل بالأمر 522 ونص على استمرار العمل بأحكامها. وفي سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي ليحل محل القانون رقم 41 سنة 1944 ونص على إلغاء هذا القانون الأخير كما نصت المادة 27 منه في فقرتها الثانية على أن من يستخدم عمالاً في المناطق البعيدة عن العمران التي تعين بقرار من وزير الشئون الاجتماعية أن يوفر لهم التغذية الملائمة بأسعار لا تزيد على ثلث التكاليف بشرط ألا يجاوز ما يؤديه العامل عشرين مليماً عن الوجبة الواحدة. ولم يرد في القانون رقم 317 سنة 1952 ما يفيد إلغاء الأمر رقم 469.
وحيث إنه يبين من ذلك أن مجال تطبيق الأمر العسكري رقم 469 يختلف عن مجال تطبيق القانون رقم 317 سنة 1952 - ذلك أن الأمر العسكري رقم 469 تنطبق أحكامه في الحدود المبينة به على جميع العمال في مديريتي قنا وأسوان دون التقيد بما إذا كانت مناطق العمل بعيدة عن العمران أو غير بعيدة عنه، في حين أن الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون رقم 317 سنة 1952 لا تنطبق إلا حيث يكون العمال في المناطق البعيدة عن العمران والتي حددها وزير الشئون الاجتماعية، وعلى هذا فلا محل لما يتمسك به الطاعن من أن القانون رقم 317 سنة 1952 قد نظم من جديد ما سبق أن نظمه الأمر العسكري رقم 469، ولا يكون ثمت محل للتحدي بنص المادة الثانية من القانون المدني فيما نصت عليه من أنه يلغي التشريع السابق إذا صدر تشريع لاحق ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 752 لسنة 14 ق جلسة 11 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 79 ص 550

جلسة 11 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر، المستشارين.

-----------------

(79)

القضية رقم 752 لسنة 14 القضائية

عاملون مدنيون "كادر العمال. ترقية".
إن كادر العمال لم يحدد الضوابط الواجب مراعاتها في ترقية العمال بالاختيار - لا تثريب على جهة الإدارة إن هي وضعت قواعد موضوعية تتضمن معايير ثابتة في هذا الخصوص - بيان ذلك ومثال.
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لا تسري على العمال المعينين على درجات كادر العمال.

--------------------
ومن حيث إن القرارات الصادرة في شأن كادر العمال والكتب الدورية المكملة لها لم تحدد الضوابط الواجب مراعاتها في ترقية العمال بالاختيار كما وأنه لم يرد بها إشارة تفيد الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فإنه لا تثريب على جهة الإدارة - وهي غير ملزمة بنص في التشريع بتطبيق أحكام القانون سالف الذكر - إن هي وضعت قواعد موضوعية تتضمن معايير ثابتة لإجراء الترقية بالاختيار بين عمالها الخاضعين لكادر العمال تلتزم تطبيقها في الحالات الفردية المتماثلة. وغنى عن البيان أنه ليس هناك ما يمنع جهة الإدارة وهي بصدد وضع تلك المعايير والضوابط من الاسترشاد بما يكون قد ورد في هذا الشأن من قواعد وأحكام في التشريعات الأخرى ومنها القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإنه إذا ما ارتأت الجهة الإدارية أن تقوم القاعدة التنظيمية التي استنتها لترقية عمالها بالاختيار على نظام التقارير السرية المماثل للنظام الوارد بالقانون رقم 210 لسنة 1951 كأحد ضوابط الاختيار من ناحية وعلى قاعدة خلو ملف خدمة العامل المرشح للترقية بالاختبار من أي جزاء يكون قد وقع عليه خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية كضابط أخر من ضوابط الاختيار من ناحية أخرى: فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون أو تعسفت في استعمال سلطتها، ولا ينال من ذلك أن يكون ضابط الاختيار الثاني متسماً بطابع الصرامة من حيث المدة التي يتعين فيها أن يخلو ملف العامل من الجزاءات ومن حيث نوع الجزاء الموقع عليه خلالها، ذلك أن تحديد ضابط الاختيار هو مما تترخص فيه الإدارة بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن وبما لا معقب عليها في ذلك ما دامت قد استهدت فيما وضعته من ضوابط اصطفاء الأصلح وألزمت تطبيقه على جميع عمالها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 428 لسنة 11 القضائية بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 3 من يونيه سنة 1964 طلب فيها الحكم بإلغاء قرار سحب ترقيته لدرجة أسطى وما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه أنه كان قد صرف مرتبه عن المدة الثانية من شهر أغسطس سنة 1962 مشتملاً على فرق علاوة ترقية لدرجة أسطى وأنه بتاريخ أول نوفمبر سنة 1962 ورد كشف المرتبات وبه مرتبه عن المدة الثانية من أكتوبر سنة 1962 منخفضاً من (760) مليم إلى (720) مليم، وأنه علم أن سبب ذلك هو سحب قرار ترقيته بحجة أنه وقع عليه جزاء بخصم ماهية يومين من مرتبه لما نسب إليه من امتناع عن العمل رغم أنه عمل في هذين اليومين، كما وأن التحقيق الذي أجري معه لم يقم به مكتب التحقيقات الموجود بالهيئة بالقاهرة، هذا فضلاً عن أن قرار ترقيته كان قد مضى عليه أكثر من ستين يوماً وأصبح بالتالي لا يجوز سحبه وأنه تظلم من ذلك القرار في 18 من نوفمبر سنة 1962 ولما لم يصله رد تقدم بطلب معافاته من رسوم الدعوى في 16 من مارس سنة 1963 وحصل على قرار بالإعفاء في 12 من مايو سنة 1964.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي التحق بخدمة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية وطبق عليه كادر العمال واعتبر في درجة الصانع الدقيق من أول مايو سنة 1936 وفي درجة الدقيق الممتاز من أول مايو سنة 1942 وفي درجة الصانع الممتاز من 9 من مارس سنة 1954 وأنه نظراً لأن الترقية إلى درجة الأسطى والملاحظ تتم بالاختيار فإن الهيئة اتبعت لإجراء الترقية لإحدى هاتين الدرجتين مبدأ الحصول على أعلا الدرجات في التقارير السرية مع تفضيل الأقدم في حالة التساوي وبشرط ألا يكون قد وقع على المرشح جزاء خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية. وأنه طبقاً لذلك قررت لجنة شئون العمال بالهيئة بجلسة 22 من يوليه سنة 1962 ترقية ثمانية وعشرين عاملاً من درجة صانع ممتاز إلى درجة أسطى بالاختيار للكفاية لأنهم حصلوا على أعلا الدرجات في التقارير السرية ولم توقع عليهم جزاءات خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية، وأن المدعي كان قد رقى في هذه الحركة من درجة صانع ممتاز إلى درجة أسطى ثم اتضح للجنة أنه وقع عليه جزاء الخصم يومين من أجره لما ثبت في حقه من التحقيق الذي أجري معه بمعرفة مدير الورش المساعد من امتناعه عن استلام العمل يومي 1، 2 من أغسطس سنة 1959، فقررت لجنة شئون العمال بالهيئة بجلسة 17 من سبتمبر سنة 1962 سحب قرار ترقية المدعي لوجود جزاء موقع عليه بتاريخ 17 من أغسطس سنة 1959.
وعقب المدعي على ذلك قائلاً أن اشتراط لجنة شئون العمال عدم توقيع جزاء على العامل المراد ترقيته خلال السنوات الخمس السابقة على تاريخ الترقية غير ملزم لأنه لا عبرة إلا بالنصوص القانونية وأنه لما كان القانون لا يحوي مثل هذا القيد فإن سحب الترقية يكون في غير محله.
وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1965 قررت المحكمة الإدارية بالإسكندرية إحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1743 لسنة 19 القضائية.
وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بسحب ترقية المدعي إلى درجة أسطى وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المصروفات. وأقامت قضاءها على أن القواعد الخاصة بالترقية الواردة في كادر العمال قضت بأن تكون الترقية بالاختيار للكفاية من درجة صانع ممتاز إلى أسطى ولم تحدد القرارات الصادرة في شأن كادر العمال ولا الكتب الدورية الضوابط الواجب مراعاتها في تحديد الكفاية ولذلك فإنه يجب الرجوع في شأنها إلى القواعد العامة، وهذه القواعد في شأن تحديد الكفاية تقضي طبقاً لقانون التوظف بالرجوع إلى التقريرين السابقين على إجراء الترقية، أما بالنسبة للموظفين الذين لا يخضعون لنظام التقارير السرية فتحديد كفايتهم إنما يكون بتقرير لجنة شئون الموظفين باعتبارها أقدر على تبيان حقيقة أقدارهم وتعرف كفاياتهم، وأنه ولئن كان للجنة شئون العمال سلطة تقديرية في تحديد مدى كفاية العامل المرشح للترقية بالاختيار إلا أن هذه السلطة يجب ألا تخرج عن الحدود المقررة قانوناً حتى لا تنحرف في استعمالها فإذا ما قررت اللجنة شرط الحصول على أعلا الدرجات في التقارير السرية وأضافت إلى ذلك شرط عدم توقيع جزاءات على العامل خلال الخمس سنوات السابقة على الترقية فإن هذا الشرط الأخير يعتبر انحرافاً بسلطتها وخروجاً على ما يقتضيه المنطق القانوني السليم، وآية ذلك أن اللجنة وقد رأت الاستهداء بالتقارير السرية لتقدير الكفاية يجب ألا تخرج عن مضمون القواعد العامة التي استنها القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتباره القانون العام بالنسبة للعاملين بالدولة والذي أبت أحكامه تمشياً مع مبدأ حسن التقدير إلا أن يكون الحد الأقصى للحرمان من الترقية سنة في حالة الخصم من المرتب مدة تزيد على خمس عشرة يوماً وتتناقص هذه المدة كلما قل الجزاء عن ذلك وأن هذا الحرمان وإن كان ينصب على الترقية بالأقدمية المطلقة إلا أنه يمكن الاستهداء به كمعيار يمكن القياس عليه عند الترقية بالاختيار وإلا أدى الأمر إلى نتيجة تأباها قواعد العدالة الإدارية. وخلصت المحكمة إلى القول بأنه طالما ثبت فساد الأساس الذي استندت إليه المدعى عليها في سحب قرار ترقية المدعي فإن القرار الساحب يكون قد صدر فاقداً أساسه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما انتهى إليه من تطبيق الأحكام العامة الواردة في قانون الموظفين بشأن قواعد الترقية بالاختيار للكفاية على عمال اليومية الحكوميين رغم أن القانون المذكور لا تسري أحكامه على العمال المعينين على درجات كادر العمال، ولا يغير من ذلك أن كادر العمال لم يتضمن قواعد الترقية بالاختيار ولا الضوابط الواجب مراعاتها في تحديد الكفاية فإذا ما وضعت جهة الإدارة ضابط التقارير السرية وضابط عدم توقيع الجزاء وطبقت هذه الضوابط على جميع العمال فلا يسوغ القول بوجود مخالفة قانونية ذلك أن جهة الإدارة إذا ما وضعت قاعدة تنظيمية تطبيقاً في جميع الحالات المتماثلة كأساس للمفاضلة والاختيار فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون لأن الصلاحية للترقية قد لا تتوافر بالرغم من توافر الكفاية التي تعتبر أحد عناصر الصلاحية وأنه ليس من المعقول أن يرقى من وقع عليه جزاء أو أن يتساوى مع غيره الذي حصل على درجة كفايته ولم يوقع عليه جزاء في المدة المشار إليها، هذا فضلاً عن أن الترقية بالاختيار تستقل بها جهة الإدارة وأنه لا وجه للتحدي في هذا المقام بالاقتصار عند الاختيار على ما تضمنته التقارير السرية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لا تسري على العمال المعينين على درجات كادر العمال.
ومن حيث إن القرارات الصادرة في شأن كادر العمال والكتب الدورية المكملة لها لم تحدد الضوابط الواجب مراعاتها في ترقية العمال بالاختيار كما وأنه لم يرد بها أية إشارة تفيد الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فإنه لا تثريب على جهة الإدارة - وهي غير ملزمة بنص في التشريع بتطبيق أحكام القانون سالف الذكر - إن هي وضعت قواعد موضوعية تتضمن معايير ثابتة لإجراء الترقية بالاختيار بين عمالها الخاضعين لكادر العمال تلتزم تطبيقها في الحالات الفردية المتماثلة. وغنى عن البيان أنه ليس هناك ما يمنع جهة الإدارة وهي بصدد وضع تلك المعايير والضوابط من الاسترشاد بما يكون قد ورد في هذا الشأن من قواعد وأحكام في التشريعات الأخرى ومنها القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإنه إذا ما ارتأت الجهة الإدارية أن تقوم القاعدة التنظيمية التي استنتها لترقية عمالها بالاختيار على نظام التقارير السرية المماثل للنظام الوارد بالقانون رقم 210 لسنة 1951 كأحد ضوابط الاختيار من ناحية وعلى قاعدة خلو ملف خدمة العامل المرشح للترقية بالاختيار من أي جزاء يكون قد وقع عليه خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية كضابط أخر من ضوابط الاختيار من ناحية أخرى، فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون أو تعسفت في استعمال سلطتها، ولا ينال من ذلك أن يكون ضابط الاختيار الثاني متسماً بطابع الصرامة من حيث المدة التي يتعين فيها أن يخلو ملف العامل من الجزاءات ومن حيث نوع الجزاء الموقع عليه خلالها، ذلك أن تحديد ضابط الاختيار هو مما تترخص فيه الإدارة بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن وبما لا معقب عليها في ذلك ما دامت قد استهدفت فيما وضعته من ضوابط اصطفاء الأصلح والتزمت تطبيقه على جميع عمالها.
ومن حيث إن جهة الإدارة إذ رقت المطعون ضده من درجة صانع ممتاز إلى درجة أسطى في 22 من يوليه سنة 1962 ثم اتضح لها أنه وقع عليه جزاء في 17 من أغسطس سنة 1959 أي خلال السنوات الخمس السابقة على الترقية فقررت سحب ترقيته في 17 من سبتمبر سنة 1962 أعمالاً للقاعدة التنظيمية التي استنتها في ترقية عمالها بالاختيار فإن قرارها الساحب لترقية المطعون ضده يكون قد صدر على أساس سليم من الواقع والقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - وقد ذهب غير هذا المذهب - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه: وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 269 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 123 ص 816

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(123)
الطعن رقم 269 لسنة 25 القضائية

عمل "التحكيم في منازعات العمل". نقض "حالات الطعن" "الطعن بمخالفة القانون".
استناد قرار هيئة التحكيم في قضائه بإلزام الشركة بعلاج أسر العمال إلى شرط في عقد مبرم بين الشركة والحكومة لا إلى أحكام قانون عقد العمل الفردي. عدم تضمن تقرير الطعن تعييب القرار فيما أقيم عليه. لا مخالفة للقانون.

-------------------
إذا كان يبين من قرار هيئة التحكيم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بإلزام الشركة الطاعنة بعلاج أسر العمال إلى الأحكام العامة لقانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952، وإنما أقام قضاءه على شرط في العقد المبرم بين الشركة والحكومة يلزم الشركة بعلاج عائلات العمال، وكان تقرير الطعن لم يتضمن تعييب القرار في هذا الذي أقام عليه قضاءه، وكانت المادة 50 من القانون رقم 317 لسنة 1952 تنص على أنه يقع باطلاً كل شرط في عقد العمل تخالف أحكامه هذا القانون ما لم يكن الشرط أكثر فائدة للعامل، فإن النعي على القرار بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة العمال المطعون عليها تقدمت إلى مكتب العمل بأسوان بعدة طلبات ضد شركة سنتاب الطاعنة، وقد حاول مكتب العمل التوفيق بين الطرفين فلم يستطع، ولذلك أحال الأمر على لجنة التوفيق التي أخفقت بدورها في فض الخلاف فأحالت الأمر إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف أسيوط - وكان من بين ما طلبه العمال في النزاع رقم 12 لسنة 1954 تحكيم إلزام الشركة الطاعنة بتوفير العلاج والدواء لأسر العمال التابعين للنقابة وقالوا في تبرير هذا الطلب إن الشركة الطاعنة قد واظبت منذ ابتداء عملها على تحويل عائلات العمال للأطباء الأخصائيين المحددين بمعرفة الشركة لمعاجلة الأمراض وكان العلاج والدواء على حساب الشركة، وأن الشركة قد قامت مؤخراً وفي نهاية سنة 1954 بعد بنائها لمستشفاها في مقر العمل وقصرت العلاج على العمال دون عائلاتهم - وقد دفعت الشركة الطاعنة هذا الطلب بأنها غير ملزمة بذلك بمقتضى عقدها كما لا يلزمها به قانون العمل الفردي رقم 317 سنة 1952، وأن في تكليفها بإجابة هذا الطلب ما يهبط كاهلها وأنه إذا كانت شركة التأمين القائمة على علاج العمال قد قدمت المساعدة لبعض أسر العمال فقد كان ذلك عملاً إنسانياً لا يحتج به على الشركة ولا يرتب للعمال حقاً - وقد أصدرت هيئة التحكيم قرارها في 4 من مايو سنة 1955 بإجابة طلب العمال وإلزام الشركة الطاعنة بعلاج عائلات العمال على نفقتها بالمستشفى الذي أقامته الشركة بمنطقة العمل وصرف ما يلزم لتلك العائلات من أدوية على حساب الشركة على أن تكون مصاريف الانتقال من أسوان ذهاباً وإياباً على حسابها أيضاً مع إلزام الشركة بمصاريف انتقال ممثلي العمال لمدينتي أسيوط وقنا ذهاباً وإياباً ومصاريف إقامتهم بها مدة حضورهم جلسات النزاع عملاً بالمادة 20 من القانون 318 لسنة 1952، وأقامت هيئة التحكيم قرارها على أن الطاعنة التزمت في البند 5/ 9/ 1 جزء رابع في دفتر الشروط المحررة بينها وبين الحكومة بعلاج جميع الأشخاص الذين يعيشون في كنف العمال ويقيمون معهم - وقد طعنت شركة سنتاب في هذا القرار بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 2 من يونيه سنة 1959 - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20 من أكتوبر سنة 1955 وصمم فيها الحاضر عن الطاعنة على ما جاء بتقرير الطعن كما صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن - وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959 وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون، ذلك أن المادة 28 من قانون العمل الفردي رقم 317 سنة 1952 قد أوجبت على صاحب العمل أن يوفر للعمال وسائل الإسعاف الطبية في المنشأة وإذا زاد عددهم على مائة وجب عليه أن يستخدم ممرضاً ملماً بوسائل الإسعاف الطبية يختص بالقيام بها وأن يعهد إلى طبيب لعيادتهم وعلاجهم في المكان الذي يختاره صاحب العمل لهذا الغرض وأن يصرف لهم الأدوية اللازمة للعلاج وذلك كله بغير مقابل - وأما إذا زاد عددهم على خمسمائة وجب عليه علاوة على ما تقدم أن يوفر لهم جميع وسائل العلاج ويشمل ذلك الأطباء الأخصائيين والعمليات الجراحية وغيرها بالمجان، ويتبع في جميع ما تقدم الطرق والأوضاع التي يحددها وزير الشئون الاجتماعية بقرار منه بالاتفاق مع وزير الصحة، كما أن المادة الثالثة من القرار الوزاري الصادر في 5 من أغسطس سنة 1953 أوجب على العامل أن ينتقل إلى مكان العيادة على نفقته الخاصة، ويتضح من هذه النصوص أن المشرع لم يقصد بالرعاية الطبية إلا العمال وحدهم ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أسر هؤلاء العمال، وإذ قضى قرار هيئة التحكيم بأن يمتد العلاج إلى أسر العمال فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من القرار المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه إلى الأحكام العامة لقانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 وإنما أقام قضاءه على شرط في العقد المبرم بين الشركة الطاعنة والحكومة يلزم الشركة بعلاج عائلات العمال - ولما كان تقرير الطعن لم يتضمن تعييب القرار في هذا الذي أقام عليه قضاءه وكانت المادة 50 من القانون رقم 317 لسنة 1952 تنص على أنه يقع باطلاً كل شرط في عقد العمل تخالف أحكامه هذا القانون ما لم يكن الشرط أكثر فائدة للعامل - لما كان ذلك فإن النعي على القرار بمخالفة القانون يكون على غير أساس ومن ثم يتعين رفض الطعن.

الطعن 508 لسنة 13 ق جلسة 10 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 78 ص 543

جلسة 10 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

-------------------

(78)

القضية رقم 508 لسنة 13 القضائية

عاملون مدنيون "أقدمية - أولوية التعيين".
نص الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية - عدل حكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولكنه لم يعدل عن حكم المادة 6 من هذا القانون الذي يوجب توفر شروط معينة فيمن يعين في إحدى الوظائف - مفاد ذلك أن التمتع بالأولوية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين بتوفر شروط التعيين في المجند - مثال.

----------------------
إن الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية الوطنية وإن كانت قد عدلت من حكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة: فهي لم تعدل من حكم المادة 6 من القانون الذي يوجب توفر شروط معينة فيمن يعين في إحدى الوظائف ومن بين هذه الشروط أن تثبت لياقته الصحية، ومفاد ذلك أن التمتع بالأولوية المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين بتوفر شروط التعيين في المجند، ولما كان الثابت من الأوراق أن زملاء المدعي الناجحين معه في امتحان المسابقة الذين عينوا بقرار في 13 من سبتمبر سنة 1958 كانوا قد استوفوا شروط التعيين المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951، أما المدعي فإنه لم يكن قد استوفى أحد تلك الشروط وهو شرط ثبوت لياقته الصحية لرسوبه في الكشف الطبي إذ التمس المطعون ضده من الهيئة ذات يوم صدور قرار تعيين زملائه، تحديد ميعاد جديد أخر يلي يوم 13 من سبتمبر سنة 1958 لإعادة توقيع الكشف الطبي عليه، ومن ثم فلا يسوغ له أن يتحدى بأن له الأولوية على المعينين في 13 من سبتمبر سنة 1958 بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية، لأن مناط التمتع بالأولوية المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين كما سلف البيان بتوفر شروط التعيين في المجند، وهو ما لم يكن متحققاً في حالة المطعون ضده في 13 من سبتمبر سنة 1958 تاريخ صدور القرار المطعون باستيفائه شرط اللياقة الصحية.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1089 لسنة 16 القضائية ضد وزير الخزانة ومدير عام الهيئة العامة للتأمين والمعاشات أمام محكمة القضاء الإداري (هيئة الترقيات والتعيينات) بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة في 18 من يوليه سنة 1962 طلب فيها الحكم بالآتي: "1 - تعديل تاريخ تعيينه إلى 13/ 9/ 1958 بدلاً من 27/ 10/ 1958 أسوة بزملائه. 2 - تعديل أقدميته في الدرجة السادسة على 13/ 9/ 1958، وعلى ذلك يكون مستحقاً الدرجة الخامسة اعتباراً من 5/ 10/ 1961 وهو تاريخ ترقية زملائه إليها مع الاحتفاظ بحقه فيما يترتب على ذلك من آثار مادية. 3 - تعديل تاريخ ترقيته بين زملائه بحيث يكون له الأولوية عليهم باعتبار أنه مجند وترتيبه في النجاح يعطي له الأولوية". ثم عدل المدعي طلباته تلك بمقتضى مذكرة قدمها بجلسة 14 من أكتوبر سنة 1965 طلب فيها الحكم له بتعويض مؤقت قدره مائة جنيه بدلاً من طلباته المبينة في العريضة وذلك لأنه لم يطعن في قرار التخطي في تعيينه في الميعاد. وقال شرحاً لطلبه الجديد أن ديوان الموظفين نشر الإعلان رقم 15 لسنة 1958 عن مسابقة للتعيين في الوزارات والمصالح الحكومية بالدرجة السادسة: وقد تقدم إلى هذه المسابقة ونجح في الامتحان ورشحه الديوان لمصلحة صناديق التأمين والمعاشات، وفي 15 من يوليه سنة 1958 أرسلت له المصلحة كتاباً تطلب فيه تقديم مسوغات تعيينه إلا أنها رفضت تسلمها بحجة أنه مجند، وحفظاً لحقه أرسل مسوغات التعيين إلى المصلحة بالبريد المسجل في 31 من يوليه سنة 1958. ثم تقدم بشكوى عن طريق إدارة الجيش أحيلت في 4 من أغسطس سنة 1958 إلى المصلحة التي سبق لها أن طلبت في 2 من أغسطس سنة 1958 ترشيح اثنين آخرين بدلاً من المدعي ورفعت أبادير لأنهما في التجنيد غير أن الديوان أفاد المصلحة بأن القانون يلزمها بتعيين المجندين ومنحهم الأفضلية على سواهم، وبتاريخ 7 من سبتمبر سنة 1958 أرسلت المصلحة لقائد مركز تدريب الإشارة للتنبيه على المدعي بالحضور لتحديد ميعاد لتوقيع الكشف الطبي عليه، وبعد أن تم إجراء الكشف الطبي صدر قرار تعيينه في الدرجة السادسة في 27 من أكتوبر سنة 1958 في حين أن زملائه المرشحين معه في نفس المسابقة عينوا في 13 من سبتمبر سنة 1958: وكان يتعين طبقاً للائحة التنفيذية للقانون رقم 210 لسنة 1951 أن يصدر قرار التعيين بالنسبة للناجحين في مسابقة واحدة في وقت واحد بعد استيفاء مسوغات التعيين بما في ذلك ثبوت لياقتهم الطبية على أن يكون تعيينهم حسب الأسبقية في ترتيب النجاح حتى لا يسبق المتأخر في الترتيب زميله المتقدم عليه، كما أن قانون التجنيد يعطي الأولوية في التعيين للمجندين على سواهم، وانتهى المدعي إلى طلب الحكم له بالتعويض المؤقت المذكور.
ردت جهة الإدارة بأن ديوان الموظفين رشح بكتابة المؤرخ 10/ 7/ 1958 ستة عشر شخصاً من حملة بكالوريوس التجارة لشغل وظائف الدرجة السادسة الإدارية التي كانت خالية بميزانية الهيئة للسنة المالية 58/ 1959 من بينهم المدعي وكان الخامس في قائمة الترشيح، فقامت الهيئة بإخطار جميع المرشحين بالقائمة بخطابات مسجلة بتاريخ 15/ 7/ 1958 للحضور لديوان عام الهيئة ومعهم مسوغات التعيين المنصوص عليها بالمادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ولما كانت قائمة الترشيح تضم بعض المجندين بالقوات المسلحة ومن بينهم المدعي: وكانت الهيئة حينئذ في حاجة شديدة إلى الأيدي العاملة لمواجهة ضغط العمل، فقد طلبت من ديوان الموظفين بالكتاب المؤرخ 2/ 8/ 1958 ترشيح آخرين بدلاً من بعض المجندين وذلك حتى تستطيع النهوض بالأعباء الملقاة على عاتقها. ومع ذلك فإن الهيئة كانت قائمة بالسير في إجراءات تعيين المرشحين جميعاً بما فيهم المجندين دون انتظار لرد الديوان، وقد قدم جميع المرشحين مسوغات التعيين المطلوبة منهم ومن بينهم عبد المنعم محمد سيد أحمد عبيان ورفعت أبادير بولس وهما الثاني والثالث في القائمة وكانا مجندين أيضاً في ذلك الوقت، الأمر الذي ينتفي معه صحة ما ذكره المدعي من أن الهيئة رفضت قبول مسوغات تعيينه نظراً لأنه مجند وكان ذلك سبباً في تأخير صدور قرار تعيينه مع زملائه، ومما يؤكد نفي هذا الزعم أنه بمجرد إرساله مسوغات تعيينه بالبريد عن طريق الوحدة التي كان مجنداً بها حددت له الهيئة يوم 13/ 9/ 1958 لتوقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة القومسيون الطبي العام بالقاهرة كما حددت لزميله رفعت أبادير بولس أبادير الثالث في قائمة الترشيح نفس اليوم المذكور لتوقيع الكشف الطبي عليه أيضاً. وبتاريخ 29/ 9/ 1958 أخطر القومسيون الهيئة بنتيجة الكشف الطبي الموقع على المدعي بجلسة 13/ 9/ 1958 وهي أنه لم يحز درجة اللياقة المقرر للنظر "بنظارة": وأنه لهذا أخطرت الهيئة المدعي بكتابها المؤرخ 30/ 9/ 1958 بالحضور لديوان عام المصلحة لاتخاذ اللازم لإعادة توقيع الكشف الطبي عليه ثم كررت الإخطار بتاريخ 1/ 10/ 1958 لاستعجال حضوره، فتمت إعادة الكشف بتاريخ 6/ 10/ 1958، وأشارت الهيئة إلى أن أحكام البند الثالث من النشرة الشهرية رقم 4 لسنة 1957 والبند الرابع من النشرة الشهرية رقم 5 لسنة 1958 لديوان الموظفين تقضي بضرورة صدور قرارات التعيين بالنسبة للناجحين في مسابقة واحدة في وقت واحد بعد استيفاء مسوغات تعيينهم بما في ذلك ثبوت لياقتهم الطبية على أن يكون تعيينهم حسب درجة الأسبقية في ترتيب النجاح وذلك حتى لا يسبق المتأخر في الترتيب زميله المتقدم عليه في الامتحان عند التعيين، أما من يتأخر عن التقدم للهيئة فإنه يتعين عليها أخطاره وتحديد موعد له فإذا فات هذا الميعاد حق للهيئة أن تعتبره متخلفاً وأن تطلب ترشيح غيره كما أن من يرسب في الكشف الطبي أو يتأخر في تقديم مسوغات تعيينه فللهيئة أن تعين من استوفى أوراقه دون انتظاره، وأضافت الهيئة بأنها اتبعت ما جاء بالنشرة المذكورة في شأن حالة المدعي عندما رسب في الكشف الطبي الموقع عليه في 13/ 9/ 1958: كما اتبعتها في حالة زميله رفعت أبادير بولس الذي لم تتم إجراءات الكشف الطبي الموقع عليه إلا بتاريخ 23/ 11/ 1958 فصدر قرار تعيينه في 6/ 12/ 1958 رغم أنه يسبق المدعي في قائمة الترشيح ويتمتع مثله بأحكام القانون رقم 505 لسنة 1955 الخاص بالخدمة الوطنية والعسكرية.
وبجلسة 19 من يناير سنة 1967 قضت المحكمة بأحقية المدعي في تعويض مؤقت قدره خمسين جنيهاً مع إلزام الحكومة مصروفات الدعوى، وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن السبب في تأخير صدور قرار تعيين المدعي راجع إلى تأخر استلام الأوراق الخاصة به، إذ بالرغم من أنه أخطر بترشيحه في 15/ 7/ 1958 ألا إن المصلحة لم تقم باستلام الأوراق منه مما اضطره إلى إرسالها بطريق البريد وبالرغم من وصول الأوراق إلى المصلحة في 2/ 8/ 1958 إلا إنه لم يحدد له ميعاد للكشف الطبي إلا بتاريخ 13/ 9/ 1958 وهو نفس اليوم الذي صدر فيه قرار تعيين زملائه ومما يدحض ادعاء المصلحة أنها كانت تسير في إجراءات التعيين سيراً عادياً أنها كتبت في نفس اليوم الذي وصلت فيه أوراق المدعي بطريق البريد إلى ديوان الموظفين طالبة ترشيح غير المدعي، ولو أن المصلحة اتخذت إجراءات إحالة المدعي إلى الكشف الطبي في الوقت المناسب ومع زملائه لكان من الممكن أن يعين معهم في قرار واحد. ولما كان حق المدعي في التعيين إنما يستمده من القانون إذ نصت المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية على أنه يجوز للمجند أن يتقدم للتوظف في وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات العامة والشركات ويكون وجوده في التجنيد بعد التعيين في الوظيفة في حكم الإعارة، ويكون للمجند ولمن أتم خدمته الإلزامية الأولوية في التعيين على زملائه المرشحين معه من نفس مرتبة النجاح: وإذا كان التعيين في الوظيفة بامتحان مسابقة فتكون له الأولوية في التعيين على زملائه الناجحين معه في ذلك الامتحان، وأنه متى كان ذلك، تكون المصلحة قد فوتت على المدعي حقه في التعيين مع زملائه بتراخيها في اتخاذ إجراءات تعيينه بل كان في إمكانها وقد صدر قرار تعيينه في 27/ 10/ 1958 أي قبل مضي ستين يوماً على تاريخ تعيين زملائه أن ترجع تاريخ تعيينه إلى تاريخ تعيين زملائه في 13/ 9/ 1958 ما دام ذلك هو حكم القانون، ومن ثم يكون قد توافر في جانب الإدارة ركن الخطأ الذي تسبب عنه تأخر أقدمية المدعي في الدرجة السادسة وأسبقية زملائه عليه في الترقية إلى الدرجة الخامسة وإذ كان المدعي قد فاتت الفرصة عليه في المطالبة بتصحيح ذلك الخطأ لاستغلاق ميعاد الطعن في القرار الصادر بتعيين زملائه واستقرار أقدميته في الدرجة السادسة في 27/ 10/ 1958 مما لا يجعل له حق الطعن على ترقية زملائه إلى الدرجة الخامسة إلا أن ذلك لا يمنع من إزالة هذا الضرر بالطريق غير المباشر عن طريق الحكم للمدعي بالتعويض عن الأضرار التي أصابته وقد توافرت علاقة السببية بين خطأ الإدارة وما أصاب المدعي من أضرار تقدر المحكمة تعويضه عنها مؤقتاً بمبلغ خمسين جنيهاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المطعون ضده لم يكن قد استوفى مسوغات تعيينه عند صدور قرار تعيين زملائه في 13/ 9/ 1958، كما أنه لا توجد قاعدة تنظيمية تلزم جهة الإدارة بتعيين المرشحين بكتاب واحد وبقرار واحد لأن المادة 16 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أنه يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب دور الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية وإن كانت قد عدلت من حكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة: فهي لم تعدل من حكم المادة 6 من القانون الذي يوجب توفر شروط معينة فيمن يعين في إحدى الوظائف ومن بين هذه الشروط أن تثبت لياقته الصحية، ومفاد ذلك أن التمتع بالأولوية المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين بتوفر شروط التعيين في المجند، ولما كان الثابت من الأوراق أن زملاء المدعي الناجحين معه في امتحان المسابقة الذين عينوا بقرار في 13 من سبتمبر سنة 1958 كانوا قد استوفوا شروط التعيين المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951، أما المدعي فإنه لم يكن قد استوفى أحد تلك الشروط وهو شرط ثبوت لياقته الصحية لرسوبه في الكشف الطبي إذ التمس المطعون ضده من الهيئة في ذات يوم صدور قرار تعيين زملائه، تحديد ميعاد جديد أخر يلي يوم 13 من سبتمبر سنة 1958 لإعادة توقيع الكشف الطبي عليه: ومن ثم فلا يسوغ له أن يتحدى بأن له الأولوية على المعينين في 13 من سبتمبر سنة 1958 بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية، لأن مناط التمتع بالأولوية المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين كما سلف البيان بتوفر شروط التعيين في المجند، وهو ما لم يكن متحققاً في حالة المطعون ضده في 13 من سبتمبر سنة 1958 تاريخ صدور القرار المطعون باستيفائه شرط اللياقة الصحية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب مذهباً مخالفاً، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1048 لسنة 47 ق جلسة 28 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 191 ص 1059

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فوده، وليم رزق بدوي ومحمد لبيب الخضري.

------------------

(191)
الطعن رقم 1048 لسنة 47 القضائية

(1، 2، 3، 4) دعوى "قبول الدعوى" حيازة "دعوى منع التعرض". محكمة الموضوع "تقدير الواقع".
(1) دعوى منع التعرض. وجوب رفعها خلال سنة من التعرض م 961 مدني. تخلف ذلك. للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي بعدم قبولها.
(2) التعرض الذي يبيح للحائز العقار رفع دعوى منع التعرض. ماهيته. لا وجه لاشتراط ضرورة إلحاق ضرر بالمدعي. كفاية علمه بالتعرض سواء كان ظاهراً أو خفياً لاحتساب بداية ميعاد السنة.
(3) استخلاص واقعة التعرض في وضع اليد وعلم المدعي بها من سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده من الأوراق.
(4) تتابع أعمال النصوص الصادرة من شخص واحد. أثره. احتساب ميعاد السنة من تاريخ العمل الأول الذي ينبئ بوضوح عن وقوع اعتداء على الحيازة.
(5) تقادم "التقادم المسقط " دفوع "الدفع بالتقادم".
الدفع بالتقادم أو انقطاعه أو سقوطه من الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى. أثره. وجوب التمسك به.

---------------------
1 - إن المادة 961 من القانون المدني تنص على أن "من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ثم وقع له تعرض في حيازته له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى منع هذا التعرض". ومؤدى ذلك أن دعوى منع التعرض يجب أن ترفع خلال سنة من وقت وقوع التعرض وإلا كانت غير مقبولة ومن ثم فإن المحكمة ملزمة بالتحقق من توافر هذا الشرط الذي يتوقف عليه قبول الدعوى فإذا لم يثبت لديها أن الدعوى رفعت خلال السنة التالية لوقوع التعرض تعين عليها أن تقضي بعدم قبولها دون طلب أو دفع من الخصوم بذلك وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضي أكثر من سنة من وقوع التعرض فإنه قد أصاب صحيح القانون.
2 - التعرض الذي يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعوى منع التعرض وهو كل عمل مادي أو كل تصرف قانوني يتضمن بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر ادعاء يتعارض مع حق واضع اليد فيكفي أن يعارض المدعى عليه حق المدعي في الحيازة ليكون هناك تعرض واقع من المدعى عليه فلا يشترط أن يكون التعرض قد ألحق ضرر بالمدعي أو أن يكون ظاهراً أو حصل علناً وإنما يكفي أن يعلم به المدعي حتى يبدأ ميعاد السنة التي يجوز له رفع الدعوى خلالها.
3 - إن استخلاص واقعة التعرض في وضع اليد على النحو السابق وعلم المدعي بها هو من المسائل الموضوعية المتروكة لتقدير قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده من الأوراق.
4 - إذا تتابعت أعمال التعرض وترابطت وكانت صادرة من شخص واحد فإنها تنشئ حالة اعتداء مستمرة يبدأ معها احتساب مدة السنة من تاريخ وقوع أول عمل في هذه الأعمال يظهر منه بوضوح أنه يتضمن اعتداء على الحيازة.
5 - من المقرر أن الدفع بالتقادم أو انقطاعه أو سقوطه من الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى، والثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ودفاع الطاعنين أمام محكمة الاستئناف أنهم لم يتمسكوا بهذا الدفع أو الدفاع ولم يقدموا الدليل على تمسكهم به أمام محكمة الموضوع أو الدليل على التاريخ الذي حصل فيه ذلك التمسك على فرض حصوله بما يعتبر النعي به سبباً جديداً يخالطه واقع لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 719 سنة 1974 مدني كلي الزقازيق على المطعون ضدهما بطلب الحكم بمنع تعرضهما لهم في حيازة 4 ف و4 ط و16 س الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وقالوا شرحاً لذلك إنهم يضعون اليد على الأرض وضعاً ظاهراً هادئاً مستمراً بنية التملك من شهر يناير سنة 1972 حتى الآن استمراراً لوضع اليد سلفهم.... الذي بدأت حيازته من سنة 1953 حيازة مستمرة على الأرض وقد تعرض لهم المطعون ضدهما في حيازة الأرض بأن تواطأ معاً على تحرير عقد بيع رسمي مشهر برقم 4374 سنة 1972 بمقتضاه باعت المطعون ضدها الأولى إلى المطعون ضدها الثانية مساحة 4 ف و17 ط و9 س شيوعاً في 8 ف و19 ط و5 س، ولما كان هذا العقد يشمل الأرض التي يضعون اليد عليها فقد نص في البند الخامس منه على التزام البائعة بتسليم المشترية الأرض المبيعة خلال أسبوع وإلا قامت المشترية بتنفيذ العقد واستلام الأرض المبيعة بالطريق الجبري واستناداً لذلك فقد أقاموا دعواهم بطلباتهم السابقة - قضت محكمة أول درجة في 28/ 11/ 1974 بندب خبير لبيان واضع اليد على الأرض محل النزاع ومدته وسببه وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 30/ 6/ 1976 بمنع تعرض المطعون ضدهما للطاعنين في الأطيان المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى - استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 341 لسنة 19 ق المنصورة مأمورية الزقازيق، قضت المحكمة في 21/ 4/ 1977 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى الطاعنين. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه قضى من تلقاء نفسه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضي أكثر من سنة من حصول التعرض بغير طلب أو دفع من المطعون ضدهما رغم أن هذا الشرط لا يتعلق بالنظام العام فلا يحق للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
وحيث إن هذا النعي مردود أن المادة 961 من القانون المدني تنص على أن "من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ثم وقع له تعرض في حيازته له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى منع هذا التعرض". ومؤدى ذلك أن دعوى منع التعرض يجب أن ترفع خلال سنة من وقت وقوع التعرض وإلا كانت غير مقبولة ومن ثم فإن المحكمة ملزمة بالتحقق من توافر هذا الشرط الذي يتوقف عليه قبول الدعوى فإذا لم يثبت لديها أن الدعوى رفعت خلال السنة التالية لوقوع التعرض تعين عليها أن تقضي بعدم قبولها دون طلب أو دفع من الخصوم بذلك، إذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضي أكثر من سنة من وقوع التعرض فإنه قد أصاب صحيح القانون والنعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقولون إنه لما كان التعرض لا يبدأ إلا حينما يظهر المعترضين بحق يتعارض مع حق الحائز في حيازته وكان الطاعنون لم يرفعوا الإشكال رقم 559 سنة 1972 درب نجم إلا دفاعاً عن الملكية والذي طلبوا فيه بوقف تنفيذ عقد البيع المشهر رقم 4274 سنة 1972 على أساس منازعتهم في الملكية ولم يعتبروا أن هذا العقد تعرضاً لهم في حيازتهم لعدم شموله بالصيغة التنفيذية، كما أن دعاوى منع التعرض تتعدد بتعدد أعمال التعرض المتعاقبة المستقلة التي تعتبر كل منها تعرضاً قائماً بذاته وكان قد وقع تعرض جديد بعد رفع الطاعنة للإشكال رقم 559 سنة 1972 درب نجم إذ لم تكتف المطعون ضدها الأولى بتسجيل عقد البيع بل حصلت على وضع الصيغة التنفيذية عليه ثم أقامت الإشكال رقم 431 سنة 1973 درب نجم والذي قضي فيه لصالحها بوقف تنفيذ الحكم الصادر لصالح الطاعنين وأن هذا الإشكال يعتبر تعرضاً جديداً ومستقل عن تحرير عقد البيع في ذاته ولم تمض عليه سنة قبل رفع الطاعنين لدعوى منع التعرض وإذ اعتد الحكم المطعون فيه أن مجرد تحرير عقد البيع يعتبر تعرضاً للطاعنين يجرى من تاريخه ميعاد السنة وقضي بعدم قبول دعوى منع التعرض دون اعتبار الإشكال رقم 431 سنة 1973 درب نجم تعرضاً جديداً ومستقلاً عن تحرير عقد البيع في ذاته والذي لم يمض عليه سنة قبل رفع الطاعنين دعوى منع التعرض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التعرض الذي يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعوى منع التعرض هو كل عمل مادي أو كل تصرف قانوني يتضمن بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر ادعاء يتعارض مع حق واضع اليد فيكفي أن يعارض المدعى عليه حق المدعي في الحيازة ليكون هناك تعرض واقع من المدعى عليه فلا يشترط أن يكون التعرض قد ألحق ضرر بالمدعي أو أن يكون ظاهراً أو حصل علناً، وإنما يكفي أن يعلم به المدعي حتى يبدأ ميعاد السنة التي يجوز له رفع الدعوى خلالها كما وأن استخلاص واقعة التعرض في وضع اليد على النحو السابق وعلم المدعى بها هو من المسائل الموضوعية المتروكة لتقدير قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده من الأوراق وإنه إذا تتابعت أعمال التعرض وترابطت وكانت صادرة من شخص واحد فإنها تنشئ حالة اعتداء مستمرة يبدأ معها احتساب مدة السنة من تاريخ وقوع أول عمل من هذه الأعمال يظهر منه بوضوح أنه يتضمن اعتداء على الحيازة، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه استخلاصه من أوراق الدعوى استخلاصاً سائغاً أنه قد صدرت من المطعون ضدهما أعمال تعرض لحيازة الطاعنين ترابطت وتتابعت وأن التعرض قد حصل للطاعنين في تاريخ سابق على تاريخ تقديمهم صحيفة الإشكال رقم 559 سنة 1979 درب نجم قلم كتاب المحكمة في 25/ 9/ 1972 والمرفوع منهم بطلب وقف تنفيذ عقد البيع المشهر رقم 4274 سنة 1972 الذي نما إلى علمهم أن المطعون ضدها الثانية باعت بمقتضاه إلى المطعون ضدها الأولى أرضاً غير مملوكة لها وإنما مملوكة لهم بما مفاده أن التعرض للطاعنين في حيازتهم لهذه الأرض حصل لهم بمقتضى هذا العقد السابق في تاريخه على تاريخ تقديم صحيفة الإشكال سالف الذكر وأن علمهم بهذا التعرض قد أصبح محققاً في هذا التاريخ وأنه وإن كانت واقعاته قد تعاقبت بعد ذلك فإن العبرة بالتاريخ الذي بدأ منه وبتاريخ علم الطاعنين به وأنهم لم يرفعوا الدعوى الحالية بتقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب في 14/ 4/ 1974 إلا بعد انقضاء سنة من تاريخ حصول التعرض وعلمهم به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون وأقام قضائه على أسباب سائغة وكافية لحمل قضائه والنعي عليه في هذا الخصوص في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن مدة السنة التي يتعين إقامة دعوى منع التعرض خلالها هي مدة تقادم تسري عليها قواعد الانقطاع وأنهم قد تمسكوا بوضع يدهم وملكيتهم للأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب في الإشكال رقم 43 سنة 1973 درب نجم المرفوع من المطعون ضدهما والذي أعلنت صحيفته لهم بتاريخ 10/ 7/ 1973 وكانت صحيفة دعوى منع التعرض قدمت لقلم الكتاب في 4/ 4/ 1974 فإنه ينقطع التقادم لصالحهم وتعتبر الدعوى قد أقيمت في الميعاد وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر أن الدفع بالتقادم أو انقطاعه أو سقوطه من الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى والثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ودفاع الطاعنين أمام محكمة الاستئناف أنهم لم يتمسكوا بهذا الدفع أو الدفاع ولم يقدموا الدليل على تمسكهم به أمام محكمة الموضوع أو الدليل على التاريخ الذي حصل فيه ذلك التمسك على فرض حصوله بما يعتبر النعي به سبباً جديداً يخالطه واقع لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي به غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 120 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 122 ص 810

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

--------------

(122)
الطعن رقم 120 سنة 25 القضائية

(أ) بيع "التزامات البائع" "ضمان التعرض"."التزامات المشتري" "الالتزام بدفع الثمن".
التزام البائع بالامتناع عن كل تعرض مادي أو قانوني من جانبه للمشتري في حيازته للمبيع يقابله التزام المشتري بأداء الثمن، وللمشتري حق حبس الثمن حتى يمتنع التعرض. م 439، 452/ 2 مدني.
(ب) حكم "عيوب التدليل" "القصور" "ما يعد كذلك".
إقامة الحكم قضاءه بإلزام المشتري بدفع باقي ثمن سيارة مبيعة على أساس الفصل بين واقعة تسليمها للمشتري عقب البيع وواقعة حجز البائعين لها عقب إعادتها إليهم لتشحيمها رغم ثبوت أن احتجازها كان لغير ما سبب قانوني - لا يصلح رداً على دفاع المشتري وتمسكه فيه بعدم دفع الثمن لاستمرار تعرض البائعين له رغم الحكم عليهم بتسليم السيارة. قصور.

-------------------------
1 - عقد البيع عقد تبادلي ينشئ بين طرفيه التزامات متقابلة، وقد أوجبت المادة 439 من القانون المدني على البائع أن يمتنع عن كل تعرض من جانبه للمشتري في حيازته للمبيع سواء كان التعرض مادياً أو قانونياً - وهذا الالتزام المستمر الملقى على عاتق البائع يقابله التزام المشتري بأداء الثمن، وقد خولت المادة 457 من القانون المدني في فقرتها الثانية المشترى حق حبس الثمن حتى يمتنع التعرض.
2 - إذا كان الثابت أمام المحكمة - من الأحكام التي كانت تحت نظرها والتي أشارت إليها في أسباب حكمها المطعون فيه - أن البائعين احتجزوا السيارة المبيعة لغير ما سبب أو مبرر قانوني ومن غير أن يقع من المشتري تقصير أو إهمال في تنفيذ التزاماته قبلهم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام المشتري بدفع باقي الثمن على أساس الفصل بين واقعة تسليم السيارة للمشتري عقب حصول البيع وبين واقعة حجز البائعين لها عقب إعادتها إليهم لتشحيمها وكان هذا الذي قرره الحكم لا يصلح رداً على دفاع المشتري الذي تمسك فيه بعدم دفع الثمن لاستمرار تعرض البائعين له رغم الحكم عليهم بتسليم السيارة، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بمقتضى عقد مؤرخ 15/ 4/ 1952 اشترى الطاعن من شركة مينا موتور سيارة كونسول ماركة فورد بثمن قدره 800 جنيه دفع منه عند التعاقد مبلغ 200 جنيه واتفق على سداد الباقي على أقساط شهرية قيمة كل منها 50 جنيه تبدأ في 31/ 5/ 1952 وتنتهي في 30/ 4/ 1953 على أن تسري فوائد بواقع 8% سنوياً عن كل مبلغ لا يسدد في ميعادها. وتسلم الطاعن السيارة فور التعاقد وانتفع بها إلى أن تبين له في أواخر شهر مايو سنة 1952 وقبل استحقاق القسط الأول حاجتها إلى التشحيم فأعادها إلى شركة المطعون عليهم لهذا الغرض، ولكنهم احتجزوها لديهم ورفضوا ردها إليه فأنذرهم رسمياً في 29/ 5/ 1952 بضرورة إعادتها إليه وإلا اتخذ ضدهم الإجراءات القانونية. ثم أقام عليهم الدعوى رقم 475 سنة 1952 كلي المنيا طالباً الحكم بإلزامهم بتسليم السيارة إليه وبدفع تعويض قدره 5 جنيهات عن كل يوم من أيام التأخير عن التسليم منذ تاريخ الإنذار. وبتاريخ 21/ 6/ 1953 قضت محكمة المنيا الابتدائية في هذه الدعوى بإلزام المدعى عليهم (المطعون عليهم) بأن يسلموا المدعي السيارة وبأن يدفعوا له مبلغ 100 جنيه كتعويض، وقد استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين 551 و638 سنة 70 ق القاهرة وقضت فيهما محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 26/ 1/ 1954 بقبولهما شكلاً وفي موضوعهما بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تسليم السيارة للدكتور سعيد مقار سعيد وتعديله بالنسبة للتعويض المحكوم به وإلزام المستأنف عليهم سليم جندي بشاي وأسعد عبد المتجلي أسعد وكمال سليم جندي بأن يدفعوا متضامنين للمستأنف الدكتور سعيد مقار سعيد مبلغ 200 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما مع تثبيت الحجز التحفظي المتوقع تحت يده بتاريخ 12/ 3/ 1953 وفاء لهذا المبلغ المحكوم به والمصاريف وجعله تنفيذياً وإلزام المستأنفين سليم جندي بشاي ومن معه بمصاريف استئنافهم - وكان المطعون عليهما الأول والثاني قد استصدرا في 28 من يونيه سنة 1953 أمراً بالحجز على السيارة تحت يد المطعون عليه الثالث وفاء لمبلغ 600 جنيه باقي الثمن كما استصدرا بتاريخ 1/ 7/ 1953 أمر أداء ضد الطاعن قضى بإلزامه بالمبلغ المذكور وفوائده اعتباراً من 1/ 6/ 1952. وعارض الطاعن في كلا الأمرين بالدعوى رقم 455 سنة 1953 كلي المنيا طالباً الحكم بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء أمري الحجز والأداء المذكورين مع إلزام المعارض ضدهم بالمصروفات والأتعاب. مؤسساً معارضته على أن المطعون عليهم لم يقوموا بتنفيذ التزامهم كبائعين بتسليم السيارة المبيعة رغم الحكم عليهم بالتسليم فيكون من حقه الامتناع عن تنفيذ التزامه المقابل وهو دفع باقي الثمن، ودفع المطعون عليهما الأولان هذه المعارضة بأنهما قاما بتنفيذ التزامهما بتسليم السيارة فور التوقيع على عقد البيع أما عدم ردهما السيارة بعد الإصلاح والتشحيم فتلك واقعة أخرى مستقلة عن الالتزام بالتسليم الناشئ عن عقد البيع وأنهما قد أوقعا الحجز على السيارة تحت يد المطعون عليه الثالث بصفته مدير الورشة حفظاً لحقوقهما - وفي 24 من سبتمبر سنة 1953 قضت محكمة المنيا الابتدائية في هذه المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتأييد أمر الحجز الصادر بتاريخ 28/ 6/ 1953 وتأييد أمر الأداء الصادر بتاريخ 1/ 7/ 1953 فيما قضى به من إلزام المعارض بدفع مبلغ 600 جنيه قيمة ثمن السيارة للمعارض ضدهما الأول والثاني وتعديله بالنسبة للفوائد بجعلها 7% من تاريخ استحقاق كل قسط حتى السداد وألزمت المعارض (الطاعن) بالمصاريف المناسبة لما قضى به ومبلغ 300 قرش أتعاب محاماة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 801 سنة 70 ق القاهرة طالباً إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض دعوى المستأنف ضدهم (المطعون عليهم) مع إلزامهم بالمصروفات. وبجلسة 9 من يناير سنة 1955 قضت محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف المذكور بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف (الطاعن) بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم (المطعون عليهم)، فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10 من يونيه سنة 1959 وأصر الحاضر عن الطاعن على ما جاء بتقرير الطعن وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الثاني، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 19 من نوفمبر سنة 1959 وفيها صمم الحاضر عن الطاعن على طلباته وصممت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ اعتبره ملزماً بدفع باقي ثمن السيارة وأنه غير محق في حبسه بالرغم من عدم قيام البائعين بتنفيذ التزامهم بالتسليم وتعرضهم للطاعن في حيازتها تأسيساً على أن واقعة احتجازهم للسيارة واقعة مستقلة عن عقد البيع قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن البائع ملزم قانوناً بنقل ملكية المبيع إلى المشتري وأن يسلمه إليه أو يضعه تحت تصرفه بحيث يتمكن من حيازته بغير عائق وأن يضمن عدم التعرض له في الانتفاع بالمبيع سواء كان التعرض من فعله أو من فعل أجنبي - وإذ كان الحكم الصادر في الدعوى رقم 475 سنة 1952 كلي المنيا واستئنافه قد قررا عدم أحقية المطعون عليهم في حبس السيارة عن الطاعن الذي لم يقع منه خطأ أو تقصير يسوغ هذا الحبس - وكان المطعون عليهم رغم صدور هذا الحكم قد استمروا في تعرضهم للطاعن ولم يقوموا بتسليمه السيارة - فإنه يكون محقاً في الامتناع عن تنفيذ التزامه بدفع باقي الثمن حتى يقوم المطعون عليهم بتنفيذ التزامهم بالتسليم.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في حبس الثمن استناداً إلى أن المطعون عليهم قد أخلوا بالتزامهم بعدم التعرض له في السيارة المبيعة وأن من حقه وفقاً لأحكام البيع والمادة 161 من القانون المدني الدفع بعدم التنفيذ وقد رفض الحكم هذا الدفاع بقوله: "وليس صحيحاً ما يقول به المستأنف (الطاعن) إن من حقه الامتناع عن دفع باقي الثمن تطبيقاً للمادة 161 من القانون المدني لعدم قيام البائعين بتنفيذ التزامهم بخصوص التسليم إذ لا خلاف بين طرفي النزاع على أن المستأنف استلم السيارة فعلاً على أثر توقيع عقد البيع ثم قام بعد ذلك بإيداعها لدى المستأنف عليه الأخير لتشحيمها وتلك واقعة منفصلة عن البيع ومستقلة عنه تمام الاستقلال كما قال الحكم المستأنف بحق. وليس في القضاء للمستأنف عليهم بباقي الثمن وتثبيت الحجز التحفظي على السيارة ما يخولهم الجمع بين الثمن وبين السيارة لأنه كما سبقت الإشارة لا تناقض بين هذا الحكم وبين الحكم القاضي بالتسليم".
ومن حيث إن عقد البيع عقد تبادلي ينشئ بين طرفيه التزامات متقابلة، ولما كانت المادة 439 من القانون المدني قد أوجبت على البائع أن يمتنع عن كل تعرض من جانبه للمشتري في حيازته للمبيع سواء كان التعرض مادياً أو قانونياً - وكان هذا الالتزام المستمر الملقى على عاتق البائع يقابله التزام المشتري بأداء الثمن، وكانت المادة 457 من القانون المدني في فقرتها الثانية خولت المشتري حق حبس الثمن حتى يمتنع التعرض. وكان الثابت من الحكم الصادر في القضية رقم 475 سنة 1952 كلي المنيا الذي قضى بإلزام المطعون عليهم بتسليم السيارة للطاعن وبالتعويض ومن الحكم الصادر في استئنافيه رقمي 551 و638 سنة 70 ق استئناف القاهرة المؤيد له واللذين كانا تحت نظر محكمة الاستئناف وأشارت إليهما في أسباب حكمها المطعون فيه أن المطعون عليهم احتجزوا السيارة المبيعة لغير ما سبب أو مبرر قانوني ومن غير أن يقع من الطاعن تقصير أو إهمال في تنفيذ التزاماته قبلهم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بدفع باقي الثمن على أساس الفصل بين واقعة تسليم السيارة للطاعن عقب حصول البيع وبين واقعة حجز المطعون عليهم لها عقب إعادتها إلى الشركة لتشحيمها - وكان هذا الذي قرره الحكم لا يصلح رداً على دفاع الطاعن الذي تمسك فيه بعدم دفع الثمن لاستمرار تعرض المطعون عليهما الأولين له رغم الحكم عليهما بتسليم السيارة. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 7 لسنة 17 ق جلسة 3 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 77 ص 527

جلسة 3 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

-------------------

(77)

القضية رقم 7 لسنة 17 القضائية

(أ) عاملون مدنيون "تأديب. اختصاص" - جامعات.
الاختصاص بتأديب العاملين بالجامعة المنتدبين للعمل باتخاذ الطلاب من المخالفات التي يرتكبونها في عملهم بالاتحاد - معقود لسلطات التأديب بالجامعة دون الاتحاد - أساس ذلك.
(ب) عاملون مدنيون "تأديب. تحقيق. حق الدفاع" - جامعات.
ليس على الجامعة التزام في أن تتولى النيابة الإدارية التحقيق مع العاملين بها - عدم السماح لمحامي العامل بحضور التحقيق الإداري - لا يؤدي إلى بطلان التحقيق بيان ذلك.

------------------------
1 - إن الطاعن من العاملين بالجامعة ويشغل إحدى الدرجات بميزانيتها، وهو بهذه المثابة يخضع في تأديبه لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية فيما لم يرد له نص خاص في القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات. ولما كانت المخالفات التي ارتكبها المذكور في اتحاد طلاب الجامعة بوصفه مندوب الصرف به تكشف عن عدم نزاهته وأمانته - على ما سيأتي بيانه - وكان من شأن هذا السلوك أن ينعكس على سلوكه العام في مجال عمله بالجامعة من حيث الإخلال بكرامتها ومقتضياتها على وجه يفقده الثقة والاعتبار، فإن هذا السلوك يشكل مخالفة تأديبية تبرر للجامعة النظر في أمره تأديبياً. ولا ينال من ذلك ما نصت عليه اللائحة الإدارية والمالية لاتحاد الطلاب سالفة الذكر في المادة 72 منها من أن "تعرض المخالفات المالية والإدارية على مجلس الاتحاد للبت فيها" وما نصت عليه المادة 75 من أن "يباشر المكتب التنفيذي للاتحاد العام أو اتحاد الجامعة والمعاهد العالية سلطة توقيع العقوبات. أو الجزاء على الجهاز الوظيفي للاتحاد بعد إجراء التحقيق اللازم بناء على طلب رئيس الاتحاد. "ذلك أن شرط سلب اختصاص الجامعة في تأديب العاملين بها وفقاً لأحكام القانون على ما سبق بيانه، وتخويل هذا الاختصاص إلى سلطات اتحاد الطلاب بالنسبة لما يرتكبه هؤلاء العاملين في عملهم بالاتحاد: أن يكون هذا الاختصاص قد خول لاتحاد الطلاب بقانون وأن تملك سلطات الاتحاد توقيع جزاءات من جنس الجزاءات التي تملك الجامعة توقيعها على العاملين بها وتتناسب مع ما يرتكبونه من ذنب. وإذ خول اتحاد الطلاب سلطة معاقبة الجهاز الوظيفي به بمجرد قرار وزاري ليس من شأنه أن يخالف القانون أو يعد له، وكان هذا القرار وقرار رئيس الجمهورية رقم 1533 لسنة 1968 سالف الذكر لم ينطويا على بيان الجزاءات الواجب تطبيقها ولا حدود هذه السلطات التأديبية، فإن سلطة الاتحاد في توقيع الجزاءات بالنسبة للعاملين به المنتدبين من الجامعة شأن الطاعن لا يمكن أن تمتد إلا إلى ما يمس العلاقة التي تربط الاتحاد بهؤلاء العاملين، دون التطرق إلى ما يمس الرابطة الوظيفية بينهم وبين الجامعة والحقوق المنبثقة عنها، والتي يظل الاختصاص بالنسبة لها من حق سلطات التأديب في الجامعة دون سواها. ومن ثم فلا مسوغ للقول بأن سلطة الاتحاد في هذا الشأن تجب سلطة الجامعة في تأديب العاملين بها وإلا كان مؤدى ذلك أن تحرم الجامعة من مساءلة العاملين بها تأديبياً مهما كانت درجة جسامة خروجهم على مقتضيات وظائفهم.
2 - إنه ليس ثمة إلزام على الجامعة طبقاً لحكم المادة 103 من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر في أن تتولى النيابة الإدارية التحقيق مع العاملين بالجامعة. وإذ ارتأت السلطة المختصة بالجامعة تكليف إدارة الشئون القانونية بإجراء هذا التحقيق فلا تثريب عليها في هذا الشأن.
وقد باشرت هذه الإدارة تحقيقها في المخالفات التي تكشفت للتفتيش الإداري وأتاحت للطاعن كافة الفرص لإبداء دفاعه إلا أنه بعد أن ووجه ببعض أدلة الاتهام ضده أبى وأصر على موقفه هذا دون مبرر بالرغم من توجيه النصح إليه أكثر من مرة للعدول عن هذا الامتناع. وقد تم التحقيق واستوفى مقوماته بما لا وجه معه للنعي عليه بعدم الحيدة.
وبالنسبة لعدم السماح لمحامي الطاعن بحضور التحقيق الإداري فإن هذا الحق وإن كان القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة قد نص في المادة 82 منه على عدم تعطيله إلا أنه لم يرتب على مخالفة مقتضاه بطلان التحقيق.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 13 من يوليه سنة 1970 قرر السيد/ مدير جامعة الإسكندرية بالنيابة إحالة السادة.... مدير المكتب الإداري ومندوب صرف اتحاد طلاب الجامعة من الدرجة السابعة وآخرين إلى مجلس تأديب العاملين بالجامعة لمحاكمتهم فيما أسند إليهم في التحقيق وقد نسب إلى السيد/ .... في هذا التحقيق خروجه على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته بأن:
أ - تجاوز المبالغ المخصصة للصرف منها على الأبواب المختلفة لمباراة كرة القدم التي أقيمت في 17 من إبريل سنة 1970 لصالح الطلبة المهجرين وفقاً للميزانية التي وافق عليها مجلس اتحاد طلاب الجامعة.
ب - قام بالصرف من إيرادات مباراة كرة القدم على خلاف ما تقضي به اللائحة المالية لاتحاد طلاب الجامعة والقواعد والنظم المعمول بها تمهيداً للاستيلاء على أموال الاتحاد بدون وجه حق وفقاً لما يلي.
جـ - اختلس الأموال الآتية والمملوكة لاتحاد طلاب الجامعة حال كونه أميناً عليها.
810 مليم قيمة الفرق بين القيمة الحقيقية للفاتورة الخاصة بمحل عادل البقال والقيمة المصطنعة.
87.750 مليمجـ قيمة الفاتورتين المقدمتين عن تصنيع أعلام ثبت وجود التزوير في أذني الإضافة الخاصين بها وعدم ورود الأصناف كلية واحتجازه لنفسه ذلك المبلغ بموجب الكشف المقدم منه عن مصاريف المباراة.
59.915 مليمجـ قيمة الفاتورتين الخاصتين بمطعم وحاتي الوادي حيث ثبت أن هاتين الفاتورتين لا تخصان مباراة كرة القدم وإنما تم دسها ضمن المستندات بهدف اختلاس قيمتها وقد تم احتجاز السيد.... لنفسه هذا المبلغ بموجب الكشف المقدم منه عن مصاريف المباراة.
د - سهل للغير الحصول على أموال الاتحاد دون وجه حق حال كونه أميناً على تلك الأموال وفقاً لما يلي:
54 جنيه قيمة لافتات لم ترد لاتحاد الجامعة وقد أضيفت بالزيادة إلى الفاتورة وصرفت للسيد/ مصطفى سليمان بمعرفة السيد/ .... ابتغاء منفعة شخصية.
106.620 مليمجـ قيمة ما صرف بالزيادة للسيد/ موسى حسن جمعه بالمخالفة لقرار السيد وكيل الجامعة ورائد الشباب.
هـ - مخالفته أحكام اللائحة المالية والإدارية لاتحاد طلاب الجامعة وتحميله مبالغ خاصة بحفل أضواء المدينة لميزانية المباراة.
وبجلسة 26 من سبتمبر سنة 1970 قرر مجلس التأديب مجازاة السيد/ .... بعقوبة الفصل من الخدمة لما ثبت في حقه من مخالفات مع حفظه الحق في المعاش أو المكافأة مع حرمانه مما أوقف من مرتبه عن مدة وقفه عن العمل كما قرر المجلس مجازاة السيد/ .... بعقوبة اللوم لأنه لم يقم بالمتابعة والرقابة اللازمة مما أتاح الفرصة للمتهم.... لارتكاب المخالفات الخطيرة التي ثبتت في حقه. وقد تناول مجلس التأديب الاتهام المنسوب إلى الطاعن قائلاً أن الدفاع عن هذا المتهم قدم مذكرة لم يتعرض فيها بالرد على موضوع المخالفات المنسوبة لموكله وإنما عاب فيها قرار الجامعة يوقف موكله عن العمل احتياطياً وطالب بإحالة التحقيق إلى جهة الاختصاص باتحاد طلاب الجامعة أو إلى النيابة الإدارية باعتبارها جهة محايدة حيث رفض المحقق حضور محامي مع المتهم أثناء التحقيق وقد رفض مجلس التأديب أوجه الدفاع هذه تأسيساً على أنه بالنسبة لقرار وقف المتهم المذكور عن العمل فلم يعد ثمة مجال للرد عليه بعد أن ثبت من التحقيقات جدية وخطورة الاتهامات المنسوبة إليه والتي أوقف بسببها وأنه عن طلب إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية فهو أمر جوازي لجهة الإدارة لا إلزام عليها في إجابته وقد رأت جهة الإدارة أن تتولاه إدارة الشئون القانونية بها وهو أمر لا يعيب التحقيق ما دام أن المتهم قد أعطى الفرصة لإبداء دفاعه وانتهى مجلس التأديب إلى أن عدم عرض المخالفات على مجلس اتحاد الطلاب لا يخل بحق مجلس التأديب في تأديب الموظفين التابعين للجامعة كما أن مجلس اتحاد الطلاب لا يختص إطلاقاً بتأديب الموظفين بالجامعة وانتقل مجلس التأديب إلى مناقشة المخالفات المنسوبة إلى المتهم/ .... وخلص إلى أنها تشكل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي وانتهاكاً خطيراً لمقتضى واجب الأمانة والدقة في العمل وصل إلى حد العبث بالأموال التي أؤتمن عليها والاستيلاء على جزء كبير منها وقد سبق ارتكابه مخالفات مماثلة جوزي عنها إدارياً ويكون بذلك قد فقد شروط الصلاحية للبقاء في الوظيفة بما يتعين إقصاؤه عنها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على وجهين أولهما بطلان التحقيقات والقرار المطعون فيه وثانيهما عدم صحة المخالفات المنسوبة إلى الطاعن. فعن بطلان التحقيق قال الطاعن أن الإدارة القانونية بالجامعة هي التي تولت هذا التحقيق وكانت غير محايدة إذ رفض المحقق حضور شقيقه المحامي معه مخالفاً حكم المادة 82 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 ورفضت الجامعة ما طالب به من إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية لمباشرته، كما استصدر المحقق قراراً من أمين الجامعة في 24 من يونيه سنة 1970 بوقفه عن العمل اعتباراً من 21 من يونيه سنة 1970 دون مبرر وأغفل كذلك تحقيق وقائع طبع وختم مباراة كرم القدم. واستند الطاعن في القول ببطلان القرار المطعون فيه إلى أنه دفع بعدم اختصاص مجلس التأديب بنظر المخالفات المنسوبة إليه تطبيقاً لما تقضي به المادتان 72، 75 من قرار وزير التعليم العالي رقم 349 الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1968 في شأن اللائحة الإدارية والمالية لاتحادات الطلاب من أن المكتب التنفيذي للاتحاد العام أو اتحاد الجامعة هو السلطة المختصة بمجازاته ولكن مجلس التأديب رفض هذا الدفع وتصدى لنظر الموضوع دون أن ينبهه (أي الطاعن) إلى قراره هذا. كما أن مجلس التأديب لم يحقق المخالفات بنفسه واكتفى بالأوراق ولم يتح له فرصة إبداء دفاعه وأن مجلس التأديب أخذ بالتقرير المبدئي للتفتيش الإداري ولم يتريث إلى أن يضع هذا التفتيش تقريره النهائي وبالنسبة للوجه الثاني من الطعن والذي يقوم على عدم صحة المخالفات المسندة إلى الطاعن فقد عرضه على النحو الآتي:
1 - قرر الطاعن أنه تسلم مبلغ 350 جنيهاً بصفة سلفه مؤقتة للصرف منها على الأعداد للمباراة وكان يأتمر بأوامر لجنة الإشراف على المباراة المكونة من السيد/ حسن خليل سيد أحمد رئيس الاتحاد والسيد/ محمد البدراوي عاشور أمين اللجنة الرياضية وفضلاً عن ذلك فإنه يعمل تحت إشراف المراقب المالي السيد/ نصيف سليمان موسى الذي كان يرفض أداء واجبه بمراجعة مستندات الصرف مما دعاه إلى التقدم بمذكرة في هذا الشأن إلى رئيس الاتحاد في 3 من مايو سنة 1970.
2 - أبدى الطاعن بالنسبة للاتهام الثاني الخاص بأنه كان يصرف من إيرادات مباراة كرة القدم على خلاف ما تقضي به التعليمات المالية بأن هذه المباراة كانت الأولى التي يقوم بها الاتحاد.
3 - بالنسبة للاتهام الخاص بأنه احتجز لنفسه 87 جنيهاً و750 مليماً قيمة الفاتورتين المقدمتين عن تصنيع الأعلام فقد ذكر الطاعن أن هذه الأعلام وردت إلى الاتحاد في 20 من فبراير سنة 1970 وأضيفت إلى العهدة فعلاً ووزعت على أعضاء وفد جامعتي بيروت وليبيا وصرفت القيمة بإيصالين في 28 من مارس و25 من إبريل سنة 1970 وقام أمين المخزن بتعديل التاريخ من 20 من فبراير إلى 20 إبريل سنة 1970 لكي توافق تاريخ المباراة حيث وزعت الأعلام بمناسبة المباراة وخلالها.
4 - أوضح الطاعن أن الفاتورتين الخاصتين بمطعم الوادي والبالغ قيمتيهما 59 جنيهاً و915 مليماً قد تم صرفهما بناء على اعتماد رئيس الاتحاد باعتبار أنها تمثل مصاريف تكريم أعضاء اتحادات جامعات القاهرة والمعاهد العليا الذين دعوا لحضور المباراة.
5 - أبدى الطاعن بالنسبة لاتهامه بالاستيلاء على مبلغ 810 مليماً قيمة الفرق بين القيمة الحقيقية لشراء النشا والقيمة الواردة بالفاتورة أنه صرف مبلغ 1جنيه و100 مليماً إلى العامل جلال تعلب لشراء نشاء وغراء للصق الإعلانات وقد أحضر العامل فاتورة بمبلغ 900 مليماً أشر عليها (أي الطاعن) بأنها فاتورة أصلية ولم يسبق الصرف ودفعت القيمة بمعرفته والصنف استهلك في الغرض المطلوب ووقع العامل على هذه التأشيرة واعتمدها رئيس الاتحاد، وطوى الطاعن حافظة مستنداته هذه الفاتورة وانتهى من ذلك إلى أن اتهامه بالاستيلاء على المبلغ المشار يصبح ولا سند له.
6 - بالنسبة لقيمة اللافتات التي لم ترد والبالغ قيمتها 54 جنيهاً: ذكر الطاعن أن اللافتات جميعها وردت وصرفت بواسطة رئيس الاتحاد على ما هو ثابت من الفاتورة المؤشر عليها بأن القيمة دفعت بمعرفته وأضاف أنه عقب المباراة أمكن تجميع ثلاث عشرة لافتة من لافتات الإعلان وست من لافتات الترحيب فقط. وتمت المحاسبة بمعرفة أمين اللجنة الرياضية ولم يكن له أي دور إلا قيد هذا المبلغ ضمن المصاريف.
7 - وأشار الطاعن بالنسبة لمبلغ 106جنيهاً و620 مليماً الذي صرف بالزيادة إلى السيد/ موسى حسن جمعه المتعهد، إلى أن وكيل الجامعة وافق في 18 من إبريل سنة 1970 على صرف 7% من حصيلة المباراة الإجمالية البالغ قدرها 1926 جنيهاً وبعد هذه الموافقة صرف 134جنيهاً و620 مليماً للمتعهد المذكور إلا أن المخالصة كانت معدة من قبل وتحمل تاريخ 17 من إبريل سنة 1970 وهو تاريخ المباراة وأضاف أن السيد/ نصيف سليمان موسى هو الذي قرر دفع مكافآت لمن ساهموا في إعداد هذه المباراة وتنفيذها وقام بتحديد أسماء المنتفعين بخطه.
8 - وقرر الطاعن بأن مباراة كرة القدم كانت في 17 من إبريل سنة 1970 وبعد مضي فترة وجيزة جاءت حفل أضواء المدينة في 14 من مايو سنة 1970 فاختلط عليه الأمر وأدرج مبالغ خاصة بحفل أضواء المدينة بين مصروفات مباراة كرة القدم وعاد الطاعن في مذكرته الختامية وقرر بأنه كان من الصعب الفصل بين مصاريف الحفل والمباراة لأنهما كانتا في وقت متقارب وعملت لهما لافتة واحدة.
وخلص الطاعن من ذلك إلى عدم صحة المخالفات المسندة إليه، وأنه مهما يكن من أمر هذه المخالفات فإن القرار المطعون فيه يتضمن غلواً صارخاً لا يتناسب مع ما يمكن أن يكون قد صح في حقه من مخالفات وانتهى من ذلك إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء ببراءته أو بإلغائه للغلو وتوقيع الجزاء الذي يتلاءم مع ما يمكن أن يثبت في حقه وعقب الدفاع عن الجامعة المطعون ضدها منوها بأن الطاعن قدم إلى المحاكمة باعتباره موظفاً بالجامعة وهي التي تحاسبه عن سلوكه الوظيفي سواء بالنسبة لعمله في الجامعة أو في الاتحاد طبقاً للقواعد العامة وطلب رفض الطعن تأسيساً على قيام القرار المطعون فيه على أسبابه المبررة له.
ومن حيث إن مبنى الدفع الذي أثاره الطاعن بعدم اختصاص مجلس تأديب العاملين بجامعة الإسكندرية بتأديب الطاعن أن جهة الاختصاص في هذا الشأن هي الاتحاد العام للطلاب وفقاً لحكم المادتين 72، 75 من قرار وزير التعليم العالي رقم 349 لسنة 1968 في شأن اللائحة الإدارية والمالية لاتحاد الطلاب الصادرة تطبيقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 1533 لسنة 1968 في شأن تنظيم الطلاب، دون مجلس تأديب العاملين بالجامعة.
ومن حيث إن الطاعن من العاملين بالجامعة ويشغل إحدى الدرجات بميزانيتها وهو بهذه المثابة يخضع في تأديبه لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية فيما لم يرد به نص خاص في القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات ولما كانت المخالفات التي ارتكبها المذكور في اتحاد طلاب الجامعة بوصفه مندوب الصرف به تكشف عن عدم نزاهته وأمانته - على ما سيأتي بيانه - وكان من شأن هذا السلوك أن ينعكس على سلوكه العام في مجال عمله بالجامعة من حيث الإخلال بكرامتها ومقتضياتها على وجه يفقده الثقة والاعتبار فإن هذا السلوك يشكل مخالفة تأديبية تبرر للجامعة النظر في أمره تأديبياً ولا ينال من ذلك ما نصت عليه اللائحة الإدارية والمالية لاتحاد الطلاب سالفة الذكر في المادة 72 منها من أن "تعرض المخالفات المالية والإدارية على مجلس الاتحاد للبت فيها" وما نصت عليه المادة 75 من أن "يباشر المكتب التنفيذي للاتحاد العام أو اتحاد الجامعة والمعاهد العالية سلطة توقيع العقوبات - أو الجزاء على الجهاز الوظيفي للاتحاد بعد إجراء التحقيق اللازم بناء على طلب رئيس الاتحاد". ذلك أن شرط سلب اختصاص الجامعة في تأديب العاملين بها وفقاً لأحكام القانون على ما سبق بيانه وتحويل هذا الاختصاص إلى سلطات اتحاد الطلاب بالنسبة لما يرتكبه هؤلاء العاملين في عملهم بالاتحاد أن يكون هذا لاختصاص قد خول لاتحاد الطلاب بقانون وأن تملك سلطات الاتحاد توقيع جزاءات من جنس الجزاءات التي تملك الجامعة توقيعها على العاملين بها وتتناسب مع ما يرتكبونه من ذنب. وإذ خول اتحاد الطلاب سلطة معاقبة الجهاز الوظيفي به بمجرد قرار وزاري ليس من شأنه أن يخالف القانون أو يعد له وكان هذا القرار وقرار رئيس الجمهورية رقم 1533 لسنة 1968 سالف الذكر لم ينطويا على بيان الجزاءات الواجب تطبيقها ولا حدود هذه السلطات التأديبية فإن سلطة الاتحاد في توقيع الجزاءات بالنسبة للعاملين به المنتدبين من الجامعة بشأن الطاعن لا يمكن أن تمتد إلا إلى ما يمس العلاقة التي تربط الاتحاد بهؤلاء العاملين دون التطرق إلى ما يمس الرابطة الوظيفية بينهم وبين الجامعة والحقوق المنبثقة عنها والتي يظل الاختصاص بالنسبة لها من حق سلطات التأديب في الجامعة دون سواها ومن ثم فلا مسوغ للقول بأن سلطة الاتحاد في هذا الشأن تجب سلطة الجامعة في تأديب العاملين بها وإلا كان مؤدى ذلك أن تحرم الجامعة من مساءلة العاملين بها تأديبياً مهما كانت درجة جسامة خروجهم على مقتضيات وظائفهم وبناء على ذلك فلا تثريب على قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما انتهى إليه من رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على مجلس التأديب تصدية لنظر موضوع الاتهام دون أن ينبهه إلى ذلك، ودون أن يجري تحقيقاً في شأنه اكتفاء بما ورد في الأوراق وأخذه بالتقرير المبدئي للتفتيش الإداري في إثبات المخالفات المسندة إليه ولم يتريث إلى أن يضع هذا التفتيش تقريره النهائي وهذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الأوراق أن الطاعن أخطر بقرار إحالته إلى مجلس تأديب العاملين بالجامعة للنظر فيما أسند إليه من مخالفات ومثل أمامه بجلسة 22 من أغسطس سنة 1970 وتقدم بمذكرة دفاعه قصر طلباته فيها على سحب قرار وقفه عن العمل وإحالة الأوراق إلى اتحاد طلاب الجامعة لاختصاصه بتأديبه وإحالة أوراق التحقيق إلى النيابة الإدارية لتجري تحقيقها في شأن ما نسب إليه، ولم يتطرق الطاعن إلى موضوع الاتهام الموجه إليه بالرغم من تصدي مجلس التأديب لنظر الاتهام بسؤال المخالفين الثاني والثالث فيما نسب إليهما وظل الطاعن على موقفه إلى أن أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه بجلسة 26 من سبتمبر سنة 1970 وإذ عمد الطاعن إلى عدم إبداء أقواله ودفاعه الموضوعي أمام مجلس التأديب شأن المخالفين الآخرين وركن إلى إثارة أوجه دفاعه الشكلي مسايراً في ذلك الخط الذي انتهجه منذ بداية التحقيق معه أثر مواجهته ببعض أدلة الاتهام بقصد تعطيل إجراءات التحقيق معه ومحاكمته فإن عاقبه تصرفاته هذه ونتائجها تقع عليه ويتحمل مسئوليتها بما لا يقبل منه الادعاء بأن مجلس التأديب أخل بحقه في الدفاع عن نفسه أما القول بأن مجلس التأديب لم يتريث إلى أن يضع التفتيش الإداري تقريره النهائي فهو زعم عار من الصحة ذلك أن إدارة الشئون القانونية بالجامعة بعد أن انتهت من فحص وتحقيق الاتهامات مثار هذا الطعن التي تناولها التفتيش الإداري في تقريره الماثل عهدت إلى هذا التفتيش فحص أعمال الطاعن الأخرى منذ 16 من يناير سنة 1970 تاريخ ندبه للعمل باتحاد طلاب الجامعة وتقديم تقرير بشأنها وهذا التقرير الذي يدعي الطاعن أنه هو التقرير النهائية لا علاقة له والأمر كذلك بالاتهامات موضوع المحاكمة.
ومن حيث إنه عن النعي ببطلان التحقيق بمقولة أن إدارة الشئون القانونية التي تولت التحقيق غير محايدة وكان يتعين إجابة طلبه بإحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية وبمقولة أنه حيل بين محاميه وبين الحضور معه أثناء التحقيق، واستصدر المحقق قراراً من أمين الجامعة في 24 من يونيه سنة 1970 بوقف الطاعن عن عمله بأثر يرجع إلى 21 من يونيه سنة 1970 كما أغفل تحقيق الوقائع الخاصة بطبع وختم تذاكر مباراة كرة القدم فإن هذا النعي بدوره غير سديد، ذلك أنه ليس ثمة إلزام على الجامعة طبقاً لحكم المادة 103 من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر في أن تتولى النيابة الإدارية التحقيق مع العاملين بالجامعة وإذ ارتأت السلطة المختصة بالجامعة تكليف إدارة الشئون القانونية بإجراء هذا التحقيق فلا تثريب عليها في هذا الشأن. وقد باشرت هذه الإدارة تحقيقها في المخالفات التي تكشفت للتفتيش الإداري وأتاحت للطاعن كافة الفرص لإبداء دفاعه إلا أنه أحجم بعد أن ووجه ببعض أدلة الاتهام ضده وأصر على موقفه هذا دون مبرر بالرغم من توجيه النصح إليه أكثر من مرة للعدول عن هذا الامتناع. وقد تم التحقيق واستوفى مقوماته بما لا وجه معه للنعي عليه بعدم الحيدة. هذا ولا صحة فيما ادعاه الطاعن من أن المحقق استصدر قراراً بوقفه عن العمل بتاريخ سابق في 21 من يونيه سنة 1970. ذلك أن الثابت أن السيد أمين الجامعة أشر بهذا الوقف في هذا التاريخ وأعد قرار الوقف في 24 من يونيه وحمل هذا التاريخ ومن ثم فلا مجال لتعيب القرار أو الطعن في شخص المحقق الذي استصدر هذا القرار خاصة وأن التحقيق والمحاكمة انتهيا إلى صحة الأسباب التي قام عليها قرار الوقف كما لا يجدي الطعن على التحقيق تأسيساً على أن المحقق أغفل تحقيق واقعة طبع وختم تذاكر المباراة ذلك أنه لا صلة لهذه الواقعة بالاتهام الماثل وبالنسبة لعدم السماح لمحامي الطاعن بحضور التحقيق الإداري فإن هذا الحق وإن كان القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة قد نص في المادة 82 منه على عدم تعطيله إلا أنه لم يرتب على مخالفة مقتضاه بطلان التحقيق ولما كان الأمر كذلك وكان المحقق قد أفسح للطاعن نفسه كل الفرض لإبداء أقواله وتحقيق دفاعه ولكنه أبى وأصر على الامتناع بالرغم من تكرار النصح له ومطالبته بالحضور لاستكمال التحقيق وكان في مكنة الطاعن أن يبدي، دفاعه الموضوعي بنفسه أو بواسطة محاميه أمام مجلس التأديب إلا أنه فوت هذه الفرصة أيضاً، ومن ثم فليس ثمة إخلال بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه يعيب التحقيق مما لا يستقيم معه الدفع ببطلان التحقيق في الواقع أو في القانون.
ومن حيث إن الدفاع الأساسي الذي يقيم عليه الطاعن دفاعه الموضوعي بالنسبة للمخالفات المسندة إليه ففحواه أنه مجرد مندوب صرف باتحاد الطلاب كل مهمته صرف المبالغ التي يتقرر صرفها بمعرفة لجنة الإشراف على المباراة المكونة من الطالبين حسن خليل السيد رئيس الاتحاد ومحمد البدراوي عاشور أمين اللجنة الرياضية ويأتمر في ذلك بأمرهما دون مناقشة أو اعتراض وهذا الدفاع منهار الأساس ذلك أن من اختصاصات المراقب المالي والإداري للاتحاد طبقاً لحكم المادة 47 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1533 لسنة 1968 سالف الذكر.
( أ ) مراجعة بنود الإيرادات والمصروفات والتحقق من مطابقتها لميزانية الاتحاد.
(ب) التأكد من أن الصرف في حدود الأغراض المقررة.
(جـ) الإشراف على استلام المستندات المالية وتسجيلها في سجلات بعد عمل التسويات اللازمة للسلف أو اعتمادها من رئيس الاتحاد... ويكون المراقب المالي والإداري فيما يتعلق بهذه الاختصاصات مسئولاً عن جميع التصرفات المالية للاتحاد.
ولا جدال في أن هذه الاختصاصات وتلك المسئوليات يشارك فيها ويلتزم بأعبائها أعوان المراقب المالي والإداري ومنهم الطاعن بوصفه مدير المكتب الإداري ومندوب الصرف بالاتحاد وأمام هذا الالتزام القانوني لا يجدي الطاعن أن يتنصل من مسئولية عدم الالتزام بالميزانية التي يقررها مجلس اتحاد الطلاب أو من مسئولية الخروج على الأغراض المقررة للصرف بدعوى اتباعه أوامر رئيس اتحاد الطلاب فيما لا يختص به قانوناً خاصة وأن الطالب رئيس الاتحاد قد قرر في التحقيق أن اعتماده مستندات الصرف كان لمجرد الاستيفاء الشكلي دون إخلال بسلطة المختصين الماليين والإداريين في هذا الشأن.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الأولى المسندة إلى الطاعن وهي تجاوزه المبالغ المخصصة للصرف منها على الأبواب المختلفة لمباراة كرة القدم فالثابت أن مجلس اتحاد الطلاب وافق في 11 من مارس سنة 1970 برئاسة السيد الدكتور أنور سلطان رائد الشباب على صرف سلفه قدرها 350 جنيهاً للصرف منها على الإعداد لهذه المباراة طبقاً للميزانية المعدة وقد سلم هذا المبلغ إلى الطاعن في 17 من مارس سنة 1970 وتبين من مراجعة مستندات الصرف خروج الطاعن على أبواب هذه الميزانية خروجاً كاملاً وعلى سبيل المثال فقد صرف مبلغ 130 جنيهاً مكافآت لموظفين ولبعض أعضاء مجلس الاتحاد من الطلاب وناله منها خمسة عشر جنيهاً، في حين لم تتضمن الميزانية أي اعتماد لهذا الغرض، ورغماً عما تقضي به المادة 76 من اللائحة الإدارية والمالية لاتحاد الطلاب من تحريم صرف مكافآت لأعضاء مجلس الاتحاد ولجانه ولما كان الأمر كذلك وكان دفاع الطاعن القائم على التزامه بتعليمات رئيس اتحاد الطلاب لا يبرر على ما سبق بيانه خروج الطاعن على الميزانية التي أعدها مجلس الاتحاد فإن هذه المخالفة تكون قائمة على أساس من الواقع والقانون هذا وقد ظهر من فحص مستندات الصرف أنها كانت خالية من توقيع الطاعن والسيد المراقب الإداري والمالي لاتحاد الطلاب ولم يؤشر الطاعن على معظم مستندات الصرف بما يفيد أنها أصل لم يسبق صرفه والغرض من الصرف ومناسبة السعر ومطابقة الصنف وذلك بالمخالفة للقواعد والنظم المعمول بها ومن ثم يتحقق قيام الاتهام الثاني في حق الطاعن حتى بغرض التسليم بأن المراقب الإداري والمالي للاتحاد كان ممتنعاً عن التوقيع على هذه المستندات على ما ذكره الطاعن ولا يقبل منه الادعاء بقلة خبرته في هذا الشأن لأن مثل هذه الأعمال من أوليات العمل الإداري والمالي الذي يمارسه.
ومن حيث إنه عن المبالغ التي أتهم الطاعن باختلاسها حال كونه أميناً عليها فالأدلة متوافرة على مسئوليته عنها فبالنسبة للواقعة الأولى الخاصة بفاتورة محل بقالة عادل فالثابت أنها كانت مكتوبة بالقلم الرصاص وعدلت بياناتها المتعلقة بقيمتها وبيان الصنف بالقلم الكوبيا وبخط مخالف لباقي البيانات وقد قرر البقال أن هذه الفاتورة كانت محررة بالقلم الرصاص بمبلغ 90 مليماً فقط ثمن 3/ 4 كيلو جرام من النشا أما عن تعديل هذه القيمة إلى 900 مليم ثمن نشا وغراء فلا حجة فيه، ذلك أنه لا يبيع الغراء وبالرغم من أن هذه التعديلات ظاهرة بوضوح فقد قرر الطاعن في التحقيق أنه لم يلحظ عند الصرف، وهو دفاع غير سائغ يدحضه ما قرره السيد/ إبراهيم بباوي أمين مخزن الاتحاد من أن الطاعن هو الذي طلب إليه تعديل هذه الفاتورة بخطه وعندما استدعى للتحقيق طلب منه الطاعن أن يذكر أن العامل جلال تعلب أحضر الفاتورة بالحالة التي هي عليها ومفاد ذلك مسئولية الطاعن عن هذا التعديل وسوء قصده ولا حجة فيما أثاره الطاعن في طعنه من أنه كان قد سلم جلال تعلب مبلغ 1جنيه و100 مليم بإيصال لشراء نشا وغراء إذ كان من الثابت من الاطلاع على هذا الإيصال الذي قدمه الطاعن ضمن مستنداته أن الطاعن أشر على هذا الإيصال بأنه قد تم صرف 900 مليم من هذا المبلغ للبقال عادل وهذه التأشيرة فضلاً عن أنها ليست حجة على جلال تعلب لعدم توقيعه عليها على خلاف ما يقرره الطاعن فإنها تعد دليلاً كافياً ضد الطاعن على صرفه هذا المبلغ كله وبالتالي استيلاءه على 810 مليم قيمة الفرق بين هذا المبلغ وبين قيمة الفاتورة الأصلية وقدرها 90 مليماً. وبالنسبة للواقعة الثانية الخاصة باتهام الطاعن باختلاس مبلغ 87 جنيه و750 مليماً قيمة الفاتورتين المقدمتين عن تصنيع الأعلام فقد ثبت من فحص المستندات وجود فاتورتين باسم روبرت كامل بعد الشهيد الأولى بمبلغ 41 جنيهاً و500 مليم والثانية بمبلغ 46 جنيهاً و250 مليماً وتبين من مراجعة أذني الإضافة الخاصين بهما وجود تغيير في تاريخ الفاتورة المدون على أذني الإضافة بصورة واضحة فأصبح بالنسبة للفاتورة الأولى 20/ 4/ 1970 بدلاً من 20/ 2/ 1970 وأصبح بالنسبة للفاتورة الثانية 16/ 4/ 1970 بدلاً من 19/ 2/ 1970 للإيهام بأنهما من مصروفات مباراة كرة القدم التي تمت في 17 من إبريل سنة 1970 وتمكن الطاعن بذلك من صرف قيمة هاتين الفاتورتين من حساب هذه المباراة كما ثبت من أذني الصرف المحررين في 19: 20 من فبراير سنة 1970 على الأعلام الخاصة بالفاتورتين المؤرختين في هذا التاريخ أن الطاعن تسلم في هذين التاريخيين الأعلام المشار إليها ووقع بإمضائه بما يفيد ذلك وبأنه وزعها على وفد جامعتي ليبيا والكويت بما مفاده أن هذه الأعلام لم تدخل إلى المخزن وقد تم ذلك كله قبل أن يتقرر أقامة مباراة كرة القدم في 11 من مارس سنة 1970 بما يدل على أن الطاعن دس هاتين الفاتورتين في حسابات مباراة كرة القدم بقصد اختلاس قيمتها بمراعاة أن روبرت عبد الشهيد قد قرر أنه لم يصنع أعلاماً للاتحاد بمناسبة مباراة كرة القدم ولا حجة فيما ادعاه الطاعن من اتهام أمين المخزن بتزوير هذه التواريخ ذلك أنه فضلاً عما سبق بيانه فالثابت من دفتر إذن الإضافة أن أمين المخزن لم يقم بإضافة تلك الأعلام إلى عهدة المخزن بما يدل على أنه لم يستلم هاتين الفاتورتين ولا الأعلام الخاصة بها بما لا يسوغ معه القول بأنه هو الذي زورها وبالنسبة للواقعة الثالثة من هذا الاتهام فالثابت من الأوراق أن الطاعن دس فاتورتين باسم مطعم وحاتي الوادي ضمن مستندات الصرف الخاصة بمباراة كرة القدم واستولى على قيمتهما البالغة 59 جنيهاً و915 مليماً وذلك بعد أن عدل تاريخ هاتين الفاتورتين من 7، 27 من مارس سنة 1970 إلى 16 من إبريل سنة 1970 للإيحاء بأنهما تخصان المباراة المذكورة التي تمت في 17 من إبريل سنة 1970 وقد قرر صاحب هذا المطعم بأنه لا شأن له بهذا التعديل كما أفاد الطالب محمد البدراوي عاشور أمين اللجنة الرياضية باتحاد الطلاب وهو الموقع على هاتين الفاتورتين بأنه لم يتعامل مع هذا المطعم في أي غرض من أغراض هذه المباراة وعلى ذلك تكون هذه الواقعة ثابتة في حق الطاعن على أساس سليم ولا يفيده ما تذرع به من أن رئيس اتحاد الطلاب اعتمد هاتين الفاتورتين على الإيضاح السابق.
ومن حيث إنه عن اتهام الطاعن بأنه سهل للغير الحصول على أموال اتحاد الطلاب دون وجه حق، فيقوم هذا الاتهام على شقين الأول منهما أن الطاعن صرف إلى السيد/ مصطفى سليمان 54 جنيهاً قيمة لافتات لم ترد إلى الاتحاد وهذه الواقعة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من الأوراق فقد تبين أن الطاعن صرف إلى السيد المذكور 109 جنيهاً قيمة 33 لافتة منها 25 لافتة للإعلان عن المباراة و8 لافتات للترحيب والشكر ولم تتضمن هاتان الفاتورتان ما يفيد أن صرفهما تم بمعرفة رئيس اتحاد الطلبة على ما يزعمه الطاعن، وإذ لم تضف هذه اللافتات إلى العهدة فقد فحص التفتيش الإداري الأمر وتكشف له أن عدد اللافتات التي استخدمت للإعلان عن المباراة هي 13 لافتة فقط وثبت ذلك من إذن الصرف الموقع عليه من السيد/ محمود عبد الرازق أمين توريدات الاتحاد وما قرره العامل الذي كلف بوضع اللافتات في الأماكن المحددة لها وبالنسبة للافتات الشكر فقد قرر السيد/ محمود عبد الرازق أنه تسلم منها أربع فقط وأشرف على وضعها في الأماكن المخصصة لها، وقد تأكد التفتيش الإداري من ذلك من المعاينة التي أجراها وبذلك يكون الطاعن قد صرف 54 جنيهاً عن لافتات لم تورد فعلاً منها 12 لافتة للإعلان قيمتها 42 جنيهاً وأربع لافتات للترحيب قيمتها اثني عشر جنيهاً وتكون هذه المخالفة والأمر كذلك ثابتة في حق الطاعن وقائمة على أساس سليم من الواقع أما عن الشق الثاني من هذا الاتهام فالثابت أن الطاعن صرف إلى السيد موسى حسن جمعه في 17 من إبريل سنة 1970 مبلغ 134 جنيهاً و620 مليماً مقابل توزيعه تذاكر المباراة بواقع 7% من الإيراد الكلي للمباراة بالرغم من أن حصيلة بيع التذاكر التي كانت مسلمة إلى هذا المتعهد طبقاً للإيصالين الموقع عليهما منه هي 400 جنيه فقط يستحق عنها عمولة قدرها 28 جنيهاً وبذلك يكون الطاعن قد صرف لهذا المتعهد مبلغ 106 جنيهاً و620 مليماً دون وجه حق وبالإضافة إلى ذلك فقد قام الطاعن بصرف هذا المبلغ إلى المتعهد قبل موافقة السيد الدكتور أنور سلطان رائد الشباب في 18 من إبريل سنة 1970 على صرف عمولة متعهدي التوزيع بنسبة 7% ودون أن يوقع أي من المسئولين على مستند الصرف المشار إليه وهذا التصرف من جانب الطاعن يدل على منتهى الاستهتار والعبث بأموال الاتحاد والاستهانة بالتعليمات المالية وقد انطوى دفاع الطاعن على التسليم بهذه المخالفة إذ اعترف بأنه صرف إلى المتعهد 134 جنيهاً و620 مليماً بواقع 7% من حصيلة المباراة الإجمالية وليس من حصته في التوزيع ولم ينكر أن المخالصة كانت بتاريخ 17 من إبريل سنة 1970 قبل موافقة الاتحاد على مبدأ الصرف وأن أحداً من المسئولين لم يوقع على هذه المخالصة.
ومن حيث إنه عن الاتهام الأخير وهو قيام الطاعن بتحميل ميزانية مباراة كرة القدم مبالغ خاصة بحفل أضواء المدينة فقد حصر التفتيش الإداري بعضاً منها سلم الطاعن بها بما يفيد إهماله وعدم دقته في أداء مهام وظيفته. ولا وجه لما أثاره الطاعن تبريراً لهذا الإهمال من أنه كان من الصعب فصل مصروفات الحفل عن المباراة خاصة وأنهما أقيما في وقت متقارب لا وجه لذلك لأن بعض فواتير المبالغ المشار إليها كانت صريحة في الدلالة على أنها خاصة بحفل أضواء المدينة ومنها على سبيل المثال فاتورة شراء 42 قطعة خشبية من محل أحمد حسن عبد العزيز التي أثبت بها أنها لازمة لحفل أضواء المدينة وبالرغم من ذلك فقد حملت بها ميزانية مباراة كرة القدم: كما وأن الحرص على حسن أداء العمل كان يقتضي من الطاعن مراعاة صحة قيد هذه المصروفات بغض النظر عن تقارب موعد إقامة الحفل والمباراة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على النحو السالف إيضاحه فإن الطاعن يكون قد سلك مسلكاً متنافياً مع ما يجب أن يتحلى به العاملون من نزاهة وأمانة في أداء أعمالهم، يخل إخلالاً بالغاً بمقتضيات وظيفته ليس بالنسبة لعمله المنتدب إليه باتحاد طلاب الجامعة فحسب ولكن بالنسبة أيضاً لعمله الأصلي في الجامعة، ذلك أن أثر سلوك العامل وخلقه الذي طبع عليه لا شك أن له انعكاساته في كل مجالات عمله الأصلي منها والتبعي. وإذ انتهى القرار المطعون فيه إلى مجازاة الطاعن بعقوبة الفصل من الخدمة مع حرمانه مما أوقف من مرتبه عن مدة وقفه عن العمل الذي يتمثل في حرمانه من النصف الباقي من مرتبه عن مدة وقفه عن العمل اعتباراً من 21 من يونيو سنة 1970 فإن القرار يكون قد قام على استخلاص سائغ من أصول ووقائع تؤدي في الواقع والقانون إلى هذه النتيجة وقد جاءت العقوبة الموقعة في حدود القواعد القانونية بما لا مطعن عليها ولا غلو يعيبها بمراعاة الانحراف المسلكي الشائن الذي تردى فيه الطاعن وماضيه في الاختلاس والتزوير إذ سبق أن قرر مجلس تأديب العاملين بالجامعة في 16 من سبتمبر سنة 1967 مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه لاستيلائه على مصاريف انتقال دون وجه حق ولم يردعه هذا الجزاء، كما استولى على مكافآت التفوق المستحقة لأحد الطلاب في شهري نوفمبر سنة 1966 وإبريل سنة 1967 بعد أن قام بتزوير توقيع هذا الطالب: ثم تمادى في غيه وارتكب المخالفات مثار هذا الطعن. وبناء على ذلك يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم بما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.