جلسة 7 من يونيه سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عبد العال السيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، الدكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فوده، وعبد العزيز هيبة.
-----------------
(297)
الطعن رقم 963 لسنة 46 القضائية
حراسة. أموال.
فرض الحراسة الإدارية على الأموال. اقتطاع نسبة 10% منها لحساب الحراسة. شرطه. سبق تحصيل الحراسة للأموال المودعة لديها. لا يرد الاقتطاع على ما لم يتم تحصيله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4529 لسنة 73 مدني كلي جنوب القاهرة للحكم ببراءة ذمته من مبالغ 6624 ج و680 م، وقال في بيان ذلك أنه بلجيكي فرضت الحراسة على أمواله بمصر بموجب الأمر رقم 99 سنة 1961 فلما رفعت الحراسة من أموال الرعايا البلجيكيين بموجب الأمر رقم 322 سنة 1964 أفرج عن أمواله في 31/ 10/ 1967 وسلمت إلى وكيله في 4/ 3/ 1969، لكن مراقبة تصفية الحراسات طالبته بكتابها المؤرخ 23/ 5/ 1973 بمبلغ 6624 ج و680 م باعتباره مصاريف مستحقة عن إدارة بعض أمواله المفرج عنها بواقع 10% طبقاً لقرار وزير المالية رقم 113 لسنة 1957، وأنه لما كانت تلك الأموال عبارة عن ديون مستحقة له لدى الغير قبل فرض الحراسة ولم يتم تحصيلها حتى سلمت إليه أمواله. منها 10949 ج و650 م لدى تفتيش مساحة القاهرة و3536 ج و330 م لدى شركة...... و2000 باقي ثمن أرض مبيعة بمعرفته و16562 ج و500 م لدى الاتحاد الاشتراكي العربي و3340 ج و70 م لدى مجلس مدينة شبرا الخيمة باقي ثمن أرض باعتها الحراسة و400 ج لدى شركة......، وكان عدم قيام الحراسة بتحصيل هذه الديون لا يجعل لها حقاً في المطالبة بمصاريف إدارة عنها ولذلك أقام الدعوى للحكم بطلباته، وبتاريخ 21/ 3/ 1974 حكمت المحكمة باستجواب الطرفين ثم قضت في 30/ 6/ 1974 ببراءة ذمة المطعون عليه من المبالغ المطالب بها من مراقبة تصفية الحراسة البلجيكية في خطابها المؤرخ 23/ 5/ 1973 عدا 334 ج و700 م من مبلغ 3340 ج و70 م المستحق له لدى مجلس مدينة شبرا الخيمة محافظة القليوبية باقي ثمن الأرض التي باعتها الحراسة في 1/ 3/ 1962. استأنف الطاعنين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 4258 سنة 91 ق واستأنفه المطعون عليه بالاستئناف الفرعي رقم 4337 سنة 91 ق القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من إلزامه بمبلغ 334 ج و7 م وبتاريخ 30/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بثانيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره. وتأويله وفي بيان ذلك يقولون أن محكمة الموضوع بدرجتيها إذ اعتبرت أن ما يحصل عنه الاقتطاع من مبالغ مستحقة للخاضع للحراسة مقصور على ما يتم تحصيله بمعرفة الحراسة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القرار رقم 113 سنة 1957 وفي تفسيره من وجهين (الأول) تعارض ذلك مع صريح نص البند ( أ ) من الفقرة رابعاً من هذا القرار التي نصت على حصول الاقتطاع من الأموال النقدية الخاصة بالأشخاص الخاضعين لأحكام أي من الأوامر رقم 4، 5، 5 ب لسنة 1956 سواء كانت في البنوك أو في منازلهم أو لدى الغير كودائع أو ديون لا تغل فوائد وبشرط ألا تكون مدرجة بحسابات منشآت صناعية أو تجارية تديرها الإدارة العامة أو الحراسة العامة، وهو نص لم يكن لمحكمة الموضوع أن تشترط مع وضوحه وجوب تحصيل المال لكي يجرى الاقتطاع منه، والثاني: أن النص في البند "د" من الفقرة رابعاً من القرار المذكور على أن يكون الاقتطاع بالنسبة لأصل وفوائد الديون والودائع ذات الإيراد من صافي ما يحصل منها بالفعل، يدل على عدم اشتراط التحصيل فيما نصت عليه البنود السابقة، فيجرى منه الاقتطاع مطلقاً من قيد التحصيل، وإلا كان اشتراط التحصيل المنصوص عليه في البند "د" لغواً ينزه منه المشرع، وإذ أطلق الحكم اشتراط تحصيل المال لكي يرد عليه الانتفاع فإنه يكون قد خالف قواعد التفسير التي تستوجب التقريب بين النصوص التي تعالج الموضوع الواحد.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود، ذلك أن قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 113 لسنة 1957 إذ ينص في الفقرة "رابعاً" من مادته الأولى على "الاقتطاع من الإيداع" بقوله "يقتطع 10% من المبالغ المودعة لدى الإدارة العامة أو الحراسة العامة في الأحوال الآتية: - ( أ ) الأموال النقدية الخاصة بالأشخاص الخاضعين لأحكام أي من الأوامر رقم 4، 5، 5 ب لسنة 1956 سواء كانت في البنوك أو في منازلهم أو لدى الغير كودائع أو كديون لا تغل فوائد وبشرط أن لا تكون مدرجة بحسابات منشآت صناعية أو تجارية تديرها الإدارة العامة أو الحراسة العامة (ب) قيمة بوالص التأمين التي صفيت أو استحقت أو كانت موضوع استرداد ودفعت للإدارة العامة أو الحراسة العامة (ج) ثمن العقارات التي ليس لها إيراد والأثاث والمنقولات والمجوهرات والمتعلقات غير النقدية المباعة بمعرفة الإدارة العامة أو الحراسة العامة وغير الداخلة في حسابات المنشآت الصناعية أو التجارية التي تتولى الإدارة العامة أو الحراسة العامة إدارتها أو تصفيتها. ويجرى الاقتطاع المنصوص عليه في أ، ب، ج على كامل المبالغ المودعة فعلاً دون استبعاد لما تدفعه الإدارة العامة أو الحراسة العامة بعد ذلك من مصاريف أو ديون في خصائص صلب المال"، فقد دل على أن الاقتطاع لا يتم إلا من مال أودع بالفعل عند الإدارة العامة أو الحراسة العامة وإذ كان الإيداع الفعلي يعني دخول المحال في حيازة المودع لديه الأمر الذي لا يتأتى إلا بسبق تحصيله، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حين أورد قوله "أن الانقطاع في هذه الحالة يكون من المبالغ المودعة لدى الإدارة العامة أو الحراسة العامة ولا جدال أن استعمال المشرع لفظ المودعة" لا يتأتى إلا إذا كانت الحراسة العامة قد حصلت هذه المبالغ لأنه لا يتصور أن يكون هناك إيداع لم يسبقه تحصيل..... ولما كانت الحراسة العامة لم تدع أن المبالغ التي تطالب باستقطاع 10% منها موضوع هذه الدعوى قامت بتحصيلها فعلاً وعليه فلا يستحق نسبة الـ 10% والتي تستقطع على أنها مصاريف...... فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لا ينال من ذلك ما جرى به نص البند (ب) من ذات الفقرة من حصول الاقتطاع من صافي ما يحصل فعلاً من أصل وفوائد الديون والودائع ذات الإيراد بعد حلول الأجل والوفاء بها أو ثبوت إعسار المدين واستحالة استيفاء أصل الدين والفوائد بالكامل "إذ لا مغايرة بين حكم هذا البند والبنود السابقة عليه إلا بالنسبة للوفاء الذي يجرى الاقتطاع منه، فبينما يحصر البند (د) هذا الوفاء في صافي ما يتم إيداعه نتيجة التحصيل، تطلقه البنود السابقة ليشمل كامل المبالغ التي يتم إيداعها، وذلك تأييداً لمعنى أن ما لم يتم تحصيله فعلاً لا يندرج ضمن المبالغ المودعة التي يرد عليها الاقتطاع وفقاً لصريح عبارة النص بجميع بنوده، كما لا ينال منه ما ورد في البند ( أ ) المشار إليه من ذكر "البنوك أو منازل الخاضعين أو الغير" لأن ذلك يحمل على أنه بيان لمكان الدين قبل الإيداع وليس مكانه عند الاقتطاع إذ أن هذا الاقتطاع لا يكون وفقاً لصريح النص إلا من المبالغ المودعة بالفعل لدى الإدارة العامة أو الحراسة العامة، لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أنه متى كان النص على المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة الاستئناف بأن الأجر الذي يطالبون به لا يرتبط بالتحصيل بل يتوقف على ما بذل من عمل وأن الحراسة دأبت على المطالبة بالمبالغ التي لم يتم تحصيلها وحسبها ما بذلته في ذلك من جهد، لكن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع لا إيراداً له ولا رداً عليه فجاء معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد تناول بقوله "من جهة أخرى فإن المشرع عندما نص على اقتطاع نسبة 10% من الديون لصالح الحراسة العامة إنما قصد بذلك أن هذا المبلغ هو أجر مقابل ما تقوم به الحراسة من عمل هو التحصيل ولا يعقل أن المشرع قصد أن تتقاضى الحراسة العامة مقابل عمل لم تقم به" وهو رد سائغ يتسق وما جاء في الرد على السبب الثاني.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.