الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 أبريل 2023

الطعن 910 لسنة 44 ق جلسة 19 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 54 ص 260

جلسة 19 من يناير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمد فاروق راتب، إبراهيم فوده وعماد الدين بركات.

-----------------

(54)
الطعن رقم 910 لسنة 44 القضائية

محاماة. استئناف.
استئناف قرار مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعاب المحامي. وجوب أن يكون بصحيفة تعلن للخصم خلال الميعاد المحدد للاستئناف. المادة 113 ق 61 لسنة 1968. الاستئناف لا يعد مرفوعاً بمجرد إيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة. علة ذلك.

---------------
النص المادتين 63، 230 من قانون المرافعات - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - يدل على أن المادة 63 المذكورة تضمنت طريقة رفع الدعوى فنصت على أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك وبهذا أدخل المشرع تعديلاً جوهرياً فيه الكثير من التيسير على رافع الدعوى وغنى عن البيان أن الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة هي الآثار التي يرتبها قانون المرافعات على رفع الدعوى والتزم المشرع في الحالات التي رأى فيها الإحالة إلى أحكام الباب الثاني من الكتاب الأول الخاص برفع الدعوى وقيدها أن يعبر عن مراده بعبارة "وفقاً للأوضاع المعتادة لرفع الدعوى" وهو يقصد بذلك أن تترتب آثار الإجراء بمجرد إيداع الصحيفة قلم الكتاب وأن يتم إعلان الصحيفة بعد ذلك عن طريق قلم المحضرين أما في الحالات التي رأى فيها المشرع لاعتبارات قدرها الخروج عن القاعدة التي أخذ بها في رفع الدعوى فقد التزم بالتعبير عن مراده عبارة "بصحيفة تعلن للخصم أو عبارة "بتكليف بالحضور" وهو يقصد بذلك أن يتولى طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه وألا تترتب أثار الإجراء إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم، وإذ كانت المادة 113 من قانون المحاماة تنص على أنه "يجوز للمحامي وللموكل استئناف القرارات التي يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور أمام محكمة الاستئناف التي يقع بدائرتها مكتب المحامي إذ كانت قيمة الطلب تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً وأمام المحكمة الكلية إذا كانت قيمة الطلب لا تجاوز المبلغ المذكور خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان القرار" فإن مفاد ذلك أن المشرع رأى - بالنسبة لاستئناف قرارات مجالس نقابات المحامين الفرعية بتقدير أتعاب المحامين - الخروج على القواعد العامة لرفع الاستئناف التي تعتبر الاستئناف مرفوعاً بمجرد تقديم الصحيفة لقلم الكتاب إلى أن يكون استئناف هذه القرارات بتكليف المستأنف خصمه بالحضور أمام المحكمة المرفوع إليها الاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بالقرار المطعون فيه، ولما كان القرار المطعون فيه قد أعلن إلى الطاعن في 5/ 2/ 1974 ولم يتم تكليف المطعون عليه بالحضور في الاستئناف المرفوع عنه - على ما جاء بالحكم المطعون فيه - إلا في 26/ 2/ 1974 أي بعد مضي عشرة أيام المقررة للطعن عليه بالاستئناف كنص المادة 113 من قانون المحاماة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط حق الطاعن في الاستئناف يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه استصدر قراراً من مجلس نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة في طلب التقدير رقم...... بتقدير أتعابه في القضايا التي باشرها عن الطاعن بصفته بمبلغ....... وإذ أعلن الطاعن بهذا القرار في 5/ 2/ 1974 طعن عليه بالاستئناف لدى محكمة استئناف القاهرة بعريضة أعلنت للمطعون عليه في 26/ 2/ 1974 وقيد الاستئناف برقم.......، وبتاريخ 8/ 6/ 1974 قضت المحكمة بسقوط حق المستأنف "الطاعن" في الاستئناف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بصحيفة الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب النعي أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المشرع نص في المادة 230 من قانون المرافعات على طريقة رفع الاستئناف وذلك بأن يكون بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى طبقاً للمادة 63 منه وأن الغرض من التكليف بالحضور هو مجرد إخطار المستأنف عليه بالجلسة والمحكمة المرفوع إليها الاستئناف، وأن المشرع وإن كان قد خرج على الأصل العام لميعاد الاستئناف المقرر في قانون المرافعات بالنسبة لاستئناف القرارات الصادرة من مجالس نقابات المحامين الفرعية بتقدير أتعاب المحامين بأن جعله عشرة أيام بدلاً من أربعين يوماً على ما ورد بنص المادة 113 من القانون رقم 61 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة إلا أنه لم يقصد الخروج على القواعد العامة المقررة لرفع الاستئناف والتي تقضي بأن الاستئناف يعتبر مرفوعاً بمجرد إيداع صحيفته قلم الكتاب في الميعاد المقرر لذلك، ولما كان الطاعن قد أودع صحيفة الاستئناف قلم كتاب المحكمة خلال العشرة أيام المقررة للاستئناف فإن استئنافه يكون في الميعاد وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حق الطاعن في الاستئناف لعدم تمام إعلان المستأنف عليه "المطعون عليه" خلال تلك المدة مع عدم وجوب ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 230 من قانون المرافعات على أن الاستئناف يرفع بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى وفي المادة 63 من القانون المذكور على أن الدعوى ترفع إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك يدل - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - على أن المادة 63 من قانون المرافعات تضمنت طريقة رفع الدعوى فنصت على أن الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك وبهذا أدخل المشرع تعديلاً جوهرياً فيه الكثير من التيسير على رافع الدعوى وغنى عن البيان أن الآثار التي تترتب على إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة هي الآثار التي يرتبها قانون المرافعات على رفع الدعوى... والتزام المشرع في الحالات التي رأى فيها الإحالة إلى أحكام الباب الثاني من الكتاب الأول الخاص برفع الدعوى وقيدها أن يعبر عن مراده بعبارة "وفقاً للأوضاع المعتادة لرفع الدعوى" وهو يقصد بذلك أن تترتب أثار الإجراء بمجرد إيداع الصحيفة قلم الكتاب وأن يتم إعلان الصحيفة بعد ذلك عن طريق قلم المحضرين، أما في الحالات التي رأى فيها المشرع لاعتبارات قدرها الخروج عن القاعدة التي أخذ بها في رفع الدعوى، فقد التزام بالتعبير عن مراده عبارة "بصحيفة تعلن للخصم" أو عبارة "بتكليف بالحضور" وهو يقصد بذلك أن يتولى طالب الإجراء مباشرة إعلانه عن طريق قلم المحضرين إلى خصمه وألا تترتب أثار الإجراء إلا من تاريخ تمام إعلانه للخصم، لما كان ذلك وكانت المادة 113 من قانون المحاماة تنص على أنه "يجوز للمحامي وللموكل استئناف القرارات التي يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور أمام محكمة الاستئناف التي يقع بدائرتها مكتب المحامي إذ كانت قيمة الطلب تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً أو أمام المحكمة الكلية إذ كانت قيمة الطلب لا تجاوز المبلغ المذكور خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان القرار. فإن مفاد ذلك أن المشرع رأى - بالنسبة لاستئناف قرارات مجالس نقابات المحامين الفرعية بتقدير أتعاب المحامين - الخروج على القواعد العامة لرفع الاستئناف التي تعتبر الاستئناف مرفوعاً بمجرد تقديم الصحيفة لقلم الكتاب إلى أن يكون استئناف هذه القرارات بتكليف المستأنف خصمه بالحضور أمام المحكمة المرفوع إليها الاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بالقرار المطعون فيه، لما كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد أعلن إلى الطاعن في 5/ 2/ 1974 ولم يتم تكليف المطعون عليه بالحضور في الاستئناف المرفوع عنه على ما جاء بالحكم المطعون فيه - إلا في 26/ 2/ 1974 أي بعد مضي العشرة أيام المقرر للطعن عليه بالاستئناف كنص المادة 113 من قانون المحاماة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط حق الطاعن في الاستئناف يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 32 لسنة 11 ق جلسة 29 / 1 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 137 ص 409

جلسة 29 يناير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------------

(137)
القضية رقم 32 سنة 11 القضائية

سلطة المحكمة في تقدير الأدلة. 

استنادها إلى مكاتبات مقدّمة إليها ومبينة في مذكرات الخصوم. عدم إيراد نصوصها في الحكم. لا يعيبه.

----------------
إذا كانت محكمة الموضوع قد أثبتت أن البناء المتنازع على ملكيته هو للمورّث، وأن المدّعي لم يقم بمهمة الإشراف عليه إلا بصفته وكيلاً، مدللة على هذه الوكالة الفعلية تدليلاً سائغاً مستخلصاً من ظروف الدعوى والمكاتبات المرسلة من المدّعي إلى صاحب البناء ومن المستندات الأخرى، فإن الجدل في ذلك لا يقبل لتعلقه بما للمحكمة السلطة المطلقة في الفصل فيه. ولا يعيب الحكم أنه لم يذكر نصوص المكاتبات التي استند إليها ما دامت هذه المكاتبات كانت مقدّمة للمحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم مما يكفي معه مجرّد الإشارة إليها.

الطعن 108 لسنة 45 ق جلسة 26 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 61 ص 297

جلسة 26 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، ومحمود حسن رمضان، وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، وحسن عثمان عمار.

---------------

(61)
الطعن رقم 108 لسنة 45 القضائية

(1) إيجار. "الإخلاء للتغيير في العين".
الإضرار بالمؤجر الذي يتيح له إخلاء المستأجر لإجرائه تغييراً في العين المؤجرة. المقصود به. إضرار المستأجر بباقي المستأجرين في ذات العقار. اعتباره ضرراً يلحق بالمؤجر، علة ذلك. م 571 مدني.
(2) إيجار. نقض. "السبب الجديد".
النعي بأن سكوت المؤجر فترة من الزمن عن طلب إخلاء المستأجر لإجرائه تغييراً بالعين المؤجرة يعد إسقاطاً لحقه فيه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) دعوى "مسئولية".
إساءة استعمال الحق. مناطه. معيار الموازنة بين مصلحة صاحب الحق وبين الضرر الواقع على الغير. معيار مادي دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور.
(4) خبرة. محكمة الموضوع.
عدم التزام الخبير بأداء عمله على وجه محدد. خضوع عمله ومدى كفايته لتقدير محكمة الموضوع.

---------------
1 - الإضرار بالمؤجر - الذي يبيح له إخلاء المستأجر للتغيير في العين المؤجرة - كما يتحقق بالإخلال بإحدى مصالحه التي يحميها القانون. مادية كانت أو أدبية. حالاً كان هذا الإخلال أو مستقبلاً ما دام لا ريب واقعاً إذ كل في الحق في الاحتماء برعاية القانون سواء. يقوم كذلك بتهديد أي من هذه المصالح تهديداً جدياً إذ في هذا تعريض لها لخطر المساس بها مما يعتبر بذاته إخلالاً بحق صاحب المصلحة في الاطمئنان إلى فرصته في الانتفاع الكامل بها بغير انتقاص وهو ما يشكل إضراراً واقعاً به، وكان على المؤجر حسبما تقضى به المادة 571 من القانون المدني "أنه يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من أتباعه بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبنى على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر" وكان من المقرر أنه وإن كان لا مسئولية على المؤجر عن التعرض المادي الواقع على المستأجر منه إذا كان صادراً من الغير إلا أنه يكون مسئولاً عنه إذا كان هذا الغير مستأجراً منه أيضاً إذ يعتبر بذلك في حكم أتباعه المشار إليهم في المادة 571 من القانون المدني باعتبار أنه تلقى الحق في الإيجار عنه وأن صلته به هي التي مكنت له من التعرض للمستأجر الآخر، فيمتد ضمان المؤجر إلى هذا التعرض، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فيما ارتآه من تحقق الضرر بالمطعون عليه نتيجة فعل الطاعن إلى ما يصيب المستأجرين من المجاورين لهذا الأخير من ضرر يتمثل في سهولة التسلل إلى مسكنيهما مما يعتبر معه المطعون عليه مسئولاً عنه تجاههما، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - من المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع - لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع. وكان الطاعن لم يرفق بطعنه ما يثبت سبق إثارته أمام تلك المحكمة أمر اعتبار سكوت المطعون عليه عن استعمال حقه في طلب الإخلاء مدة من الزمن من قبيل التعبير الضمني عن الإرادة في إسقاط الحق في ذلك، فإن التمسك بهذا الوجه من الدفاع أمام هذه المحكمة لأول مرة يكون غير مقبول.
3 - الأصل حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني من أن "من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع خطأ وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق، وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل، وأوردت المادة 5 من ذلك القانون حالاته بقولها "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية ( أ ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. (ب) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. (جـ) إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة" وذلك درءاً لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية ستاراً غير أخلاقي لإلحاق الضرر بالغير، وكان يبين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السعي إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر فادح من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالاً هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي، وكان من المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً، إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب.
4 - لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمل على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه ما دام عمله خاضعاً لتقدير المحكمة التي يحق له الاكتفاء بما أجراه ما دامت ترى فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3850 لسنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعن للحكم بإخلاء الشقة المبينة بصحيفتها وإزالة ما أقامه فيها من منشآت، وقال بياناً لذلك أنه بعقد مؤرخ 30/ 5/ 1967 استأجر منه الطاعن تلك الشقة وقد حظر عليه العقد إحداث أي تغييرات فيها أو إقامة أبنية أو حواجز وإلا كان العقد مفسوخاً، بيد أن الطاعن خالف ذلك وأقام حجرات في واجهة الشقة وفي موضع لا يجوز البناء فيه قانوناً، مما أضر بالمطعون عليه ومن ثم أقام عليه دعواه، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 1980 لسنة 91 ق القاهرة، وبتاريخ 29/ 1/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الشقة وإزالة المنشآت. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين أولهما في القول بتحقق الضرر بالمؤجر بما أحدثه الطاعن في العين المؤجرة من منشآت، إلى مخالفته لأحكام قانون تنظيم المباني وتعريضه الشقتين المجاورتين لشقته لحظر التسلل إليهما فضلاً عن تشويهه لواجهة المبنى في حين أنه لا اتصال للأمرين الأولين بالمؤجر لتعلق أولهما بجهة الإدارة والآخر بجيران المطعون عليه، هذا إلى انتفاء التشويه مع وجود منشآت أخرى مماثلة في المبنى، والوجه الآخر إغفال الحكم بحث دلالة سكوت المطعون عليه عن منازعة الطاعن مدى أربع سنوات مما يعتبر رضاء ضمنياً بما أحدثه من إنشاءات وإسقاطاً لحقه في طلب الإخلاء.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه - بياناً لما لحق بالمطعون عليه من عذر - قوله "أن الثابت من الأوراق أن المستأنف ضده الطاعن - قد أقام غرفتين في منطقة الردود بجوانب زجاجية وخشبية وسقف من الخشب والصاج، وهذه المنطقة غير جائز إقامة أي مبان فيها..... وأن فيما أتاه مخالفاً لقوانين التنظيم إذ أن هذه الردود سماوية لا يجوز للمالك أو غيره أن يقيم بناء عليها كما أن ما أجرى مخالفاً لما اتفق عليه في عقد الإيجار بالبند الرابع منه وأن ما اتفق عليه ليس من الشروط التعسفية بل هو من الشروط المألوفة والمعقولة بين مؤجر ومستأجر وينطوي على الإضرار بالمؤجر مالك العقار وفق ما هو ثابت بتقرير الخبير المنتدب والذي تطمئن إليه المحكمة إذ ورد به أن الغرف التي أنشئت بوضعها الحالي تعرض كلاً من الشقة رقم 70 ورقم 72 المجاورتين لشقة النزاع لسهولة النزول إليها عن طريق القفز البسيط من الشرفة التي تعلوهما وأن هاتين الغرفتين مقامتان واجهة العمارة الرئيسية وهما ظاهرتان تماماً وفي ذلك تشويه لواجهة العمارة، والقول بغير ذلك يؤدي إلى إباحة إقامة غرفة في منطقة الردود المحظور البناء فيها وكان أولى بالمالك أن يقيمها لزيادة الأجرة "، ولما كان الإضرار بالمؤجرة كما يتحقق بالإخلال بإحدى مصالحه التي يحميها القانون - مادية كانت أو أدبية - حالاً كان هذا الإخلال أو مستقبلاً، ما دام لا ريب واقعاً - إذ كل في الحق في الاحتماء برعاية القانون سواء، يقوم كذلك بتهديد أي من هذه المصالح تهديداً جدياً، إذ في هذا تعرض لها الخطر المساس بها، مما يعتبر ذاته إخلالاً بحق صاحب المصلحة في الاطمئنان إلى فرصته في الانتفاع الكامل بها بغية انتقاصها وهو يشكل إضرار واقعاً به، وكان على المؤجر - حسبما تقضي به المادة 571 من القانون المدني - "أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من أتباعه، بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبنى على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر" وكان من المقرر أنه وإن كان لا مسئولية على المؤجر عن التعرض المادي الواقع على المستأجر منه إذا كان صادراً من الغير إلا أنه يكون مسئولاً عنه إذا كان هذا الغير مستأجراً منه أيضاً، إذ يعتبر بذلك في حكم أتباعه المشار إليهم في المادة 571 من القانون المدني، باعتبار أنه تلقى الحق في الإيجار عنه، وأن صلته به هي التي مكنت له من التعرض للمستأجر الآخر، فيمتد ضمان المؤجر إلى هذا التعرض، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد استند فيما ارتآه من تحقق الضرر بالمطعون عليه نتيجة فعل الطاعن، إلى ما يصيب المستأجرين المجاورين لهذا الأخير من ضرر يتمثل في سهولة التسلل إلى مسكنيهما، مما يعتبر معه المطعون عليه مسئولاً عنه تجاههما، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في ذلك وإذ كان في هذا الوجه من الضرر ما يعتبر بذاته دعامة كافية لحمل قضاء الحكم، فإن ما تطرحه إليه من استدلال على قيام أوجه ضرر أخرى: أياً ما كان وجه الرأي فيها - يكون غير ماس بسلامة قضائه، مما يجعل النعي عليه في شأنها غير منتج، والنعي في وجهه الآخر غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي - أو قانوني يخالطه واقع - لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع. وكان الطاعن لم يرفق بطعنه ما يثبت سبق إثارته أمام تلك المحكمة أمر اعتبار سكوت المطعون عليه من استعمال حقه في طلب الإخلاء مدة من الزمن من قبيل التعبير الضمني عن الإرادة في إسقاط الحق في ذلك فإن التمسك بهذا الوجه من الدفاع أمام هذه المحكمة لأول مرة يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب قولاً منه بأنه على الرغم من تمسكه أمام محكمة الاستئناف بأن طلب الإخلاء في واقعة الدعوى ينطوي على إساءة لاستعمال الحق لفداحة ما يصيبه نتيجة الإخلاء من أضرار لا تتناسب مع ما يجنيه المطعون عليه من نفع ضئيل، فقد التفتت المحكمة عن الإشارة إلى هذا الدفاع أو الرد عليه، علاوة على إغفاله تفنيد ما قام عليه الحكم الابتدائي - الذي ألغاه الحكم المطعون فيه - من حجج في شأن إساءة استعمال الحق في طلب الإخلاء، مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود ذلك أنه لما كان الأصل - حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني - أن "من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر"، باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع خطأ، وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق، وكان خروج هذا الاستعمال من دائرة المشروعية، إنما هو استثناء من ذلك الأصل أوردت المادة 5 من ذلك القانون حالاته بقولها "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية... ( أ ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير (ب) إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها (جـ) إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة"، وذلك درءاً لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية ستاراً غير أخلاقي لإلحاق الضرر بالغير، وكان يبين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينهما ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السعي إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك، أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر فادح من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالاً هو إلى الترف أقرب مما سواه، بما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي، وكان من المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع، هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو للمضرور يسراً أو عسراً، إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه، قد تناول بالبيان - على نحو ما سلفت الإشارة إليه في الرد على السبب السابق - أسباب المفاضلة بين النفع والضرر وخلص من ذلك إلى أن الضرر القائم في الدعوى إنما أوقعه الطاعن بالمطعون عليه، فإنه يكون قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الصدد ورد عليه رداً سائغاً يكفي لإطراحه، ويكون النعي على الحكم بهذا الشق على غير أساس، والنعي في شقه الآخر مردوداً أيضاً بأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا إلزام على محكمة الدرجة الثانية بتفنيد ما قام عليه الحكم الابتدائي من أسانيد لم تلق منها مقنعاً. ما دامت بحكم هيمنتها على الدعوى وسلطتها في تأييد قضاء محكمة الدرجة الأولى أو إلغائه - قد أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله إذ في هذا إطراح ضمني لكل ما خالف ذلك من أسباب، وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا المنهج في قضائه فإن النعي عليه بالقصور لهذا السبب يكون بدوره على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى على الرغم مما هو ثابت من عدم معاينة شقة الطاعن من الداخل مما يهدر قيمة عمله، وإذ كان الحكم لم يرد على ما أثاره الطاعن أمام محكمة الاستئناف في هذا الصدد فإنه يكون قاصر البيان علاوة على خطئه في القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية، في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، ما دام قائماً على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه، وأن في أخذها بالتقرير محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون ما إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن على استقلال، لما كان ذلك وكان لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه، ما دام عمله خاضعاً لتقدير المحكمة، التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت ترى فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى، ولما كان الطاعن لم ينع على ما استخلصه الحكم المطعون فيه من عمل الخبير، مخالفته لما يؤدى إليه، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 28 لسنة 11 ق جلسة 15 / 1 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 136 ص 408

جلسة 15 يناير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

----------------

(136)
القضية رقم 28 سنة 11 القضائية

مشارطة. 

سلطة محكمة الموضوع في تأويلها. مثال. عقد في صيغة تخارج من جدّة لأحفادها مقابل عوض قبضته من عمهم. اعتباره هبة لم يقبض عنها عوض. استظهار ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها. لا شأن لمحكمة النقض.

---------------
إذا كانت المحكمة قد استخلصت مما أوردته في حكمها من القرائن التي استنبطتها من الوقائع الثابتة في الدعوى أن عقد التخارج الصادر من الجدّة لأحفادها المذكور فيه أن التخارج كان مقابل عوض قبضته من عمهم لم يكن في حقيقته إلا هبة لم يقبض عنها أي عوض، مؤيدة ذلك بخلوّ العقد المذكور من التزام الأحفاد بوفاء ذلك العوض إلى عمهم الذي لم يكن له شأن في هذا العقد، فذلك مما يدخل في حدود سلطتها ولا معقب لمحكمة النقض عليها فيه ما دام تحصيلها إياه من الواقع سائغاً. إذ قاضي الدعوى من حقه أن يؤول المشارطات بما يكون متفقاً مع ما قصده المتعاقدون غير متقيد بألفاظها وعباراتها. وإذن فقد كان للمحكمة، وقد تبينت أن التصرف لم يكن إلا هبة، أن تستظهر المقصود من الإقرار بقبض مقابل التخارج مسترشدة بظروف الدعوى وملابساتها وبما فيها من قرائن ولو لم يكن هناك دليل كتابي.

الأربعاء، 12 أبريل 2023

الطعن 37 لسنة 11 ق جلسة 8 / 1 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 135 ص 407

جلسة 8 يناير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

------------------

(135)
القضية رقم 37 سنة 11 القضائية

تزوير. 

طلب الحكم برد وبطلان ورقة. الحكم بالرد أو بصحة الورقة من غير إجراء تحقيق. جوازه. وجوب إقامة الحكم على أسباب تؤدّي إليه. أسباب غير مؤدّية إليه. نقض. مثال. دائن. مدين. سند دين فيه تغيير وعليه توقيعان.
(المواد 103 و283 و292 مرافعات)

----------------
إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تحكم بردّ وبطلان الورقة التي طلب الحكم بردّها وبطلانها لما تراه من حالتها، أو أن تقضي بصحة الورقة التي طعن فيها بالتزوير، سواء أأجرت في ذلك تحقيقاً أم لم تجر، متى كانت قد تبينت صحة تلك الورقة إلا أنه يجب لصحة الحكم في الحالتين أن تكون الأسباب التي بنته المحكمة عليها مؤدّية إلى ما قضت به. وإذن فإذا كانت المحكمة قد استندت في قضائها بصحة السند المطعون فيه بالتزوير إلى ما قرّرته الدائنة من أن التغيير الذي شوهد فيه سببه أن المدين اقترض منها مائة جنيه بعد المائتين التي كان اقترضها منها فأجرى ذلك التغيير ليكون السند بمجموع الدينين، وإلى ما ذكرته تعزيزاً لذلك من وجود توقيعين للمدين على السند: أحدهما في مكان توقيع المدين والآخر في مكان توقيع الضامن، مما أدخل في فهمها أن التوقيع الثاني إنما حصل لمناسبة اقتراض المائة الجنيه، وأن الدائنة، لبساطتها ولثقتها بالمدين لعلاقة القرابة الوثيقة بينها وبينه إذ هو زوج أختها، اكتفت بذلك، ولم تطلب منه تحرير سند آخر، فإن هذا الذي اعتمدت عليه المحكمة لا يؤدي إلى النتيجة التي أقامتها عليه. إذ أن مجرّد وجود إمضاءين للمدين على السند دون بيان أية رابطة مادّية بين التوقيع بأحدهما والتغيير الذي وقع فيه لا يمكن أن يستخلص منه أن هذا التوقيع كان إقراراً لذلك التغيير. كما أن رابطة القرابة في حدّ ذاتها لا يمكن أن يستخلص منها أنه قد اكتفى عند الاستدانة الثانية بالتغيير في السند بعد تحريره ما دامت المعاملة بين الطرفين كانت بالكتابة. وإذن فهذا الحكم يعتبر قاصر الأسباب متعيناً نقضه.

الطعن 80 لسنة 44 ق جلسة 18 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 51 ص 240

جلسة 18 من يناير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار ومحمود رمضان.

-----------------

(51)
الطعن رقم 80 لسنة 44 القضائية

(1) إصلاح زراعي. اختصاص "اختصاص ولائي".
لجان فض المنازعات الزراعية. اختصاصها قاصر على المنازعات الناشئة عن عقود إيجار الأراضي التي تزرع بالمحاصيل العادية دون الحدائق والمشاتل. ق 148 لسنة 1962 وق 54 لسنة 1966.
(2) إصلاح زراعي. إيجار "إيجار الأرض الزراعية".
عقود إيجار أراضي الحدائق والمشاتل عدم خضوعها للامتداد القانوني. علة ذلك.
(3)، (4) حكم "حجية الحكم". اختصاص "اختصاص ولائي".
3 - الحكم الصادر من جهة قضائية خارج حدود ولايتها. معدوم الحجية. وجوب تحقق المحكمة من ذلك في الحكم الذي يطرح أمر حجيته عليها.
4 - لجان الفصل في المنازعات الزراعية. حدود ولايتها. قضاؤها في نزاع بشأن إيجار أرض مشتل معدوم الحجية.
(5) إيجار "إيجار الأرض الزراعية". إصلاح زراعي. حكم "تسبيب الحكم" نقض.
5 - إقامة الحكم قضاؤه على ما يكفي لحمله. لا يعيبه إعماله قانوناً غير منطبق على واقعة الدعوى. محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ دون أن تنقضه. مثال بشأن إيجار أرض زراعية.

-----------------
1 - حدد القانون رقم 148 لسنة 1962 الذي أنشأ لجان الفصل في المنازعات الزراعية في مادته الثالثة اختصاص هذه اللجان ومنها النظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المادة 39 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي، والمناط في هذا الاختصاص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون عقد الإيجار خاضعاً لأحكام الامتداد المنصوص عليه في تلك المادة، والذي ينصرف إلى عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية دون عقود إيجار الحدائق والمشاتل التي لا تختص تلك اللجان بنظر المنازعات المتعلقة بها، وقد نص القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي ألغى القانون رقم 148 لسنة 1962 في المادة الثانية منه على أن هذه اللجان تختص بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأرضي البور والصحراوية والقابلة للزراعة وعلى وجه الخصوص في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكرر (ز) من قانون الإصلاح الزراعي والنص في المواد 33 مكرر، 35، 36 مكرر من المرسوم بقانون رقم 178. لسنة 1952...... المعدلة بالقوانين 17 لسنة 1963، 52 لسنة 1966، 55 لسنة 1966 يدل على أن مناط اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية ظل بعد صدور القانون رقم 54 لسنة 1966 محصوراً في عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية والتي تمتد بحكم القانون بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيها وأن لا اختصاص لهذه اللجان بالمنازعات المتعلقة بعقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق ومشاتل وإنما ينعقد الاختصاص بها للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
2 - لم يستثن المشرع عقود إيجار أراضي الحدائق والمشاتل من أحكام الامتداد القانوني كما استثناها من تحديد حد أقصى للأجرة بسبعة أمثال الضريبة، إذ أنه وعلى ما هو ظاهر من المذكرات الإيضاحية لقانون الإصلاح الزراعي والقوانين المتعاقبة التي نصت على امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية إنما يهدف إلى حماية صغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره الأطيان المؤجرة من ريع وأن قوانين الامتداد ما صدرت إلا لتطبق على عقود إيجار الأراضي التي تزرع بمحاصيل حقلية عادية دون الحدائق والمشاتل التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لجهة القضاء العادي بما لها من ولاية عامة أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والذي أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر في حدود الولاية القضائية لتلك الجهة، وأن الحكم الصادر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها يعد معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع.
4 - لجان الفصل في المنازعات الزراعية هيئات إدارية أعطاها القانون ولاية القضاء للفصل في خصومة بين المؤجر والمستأجر في حالات محددة مما يوجب عليها ألا تخرج عن حدود ولايتها. لما كان ما سلف وكان الثابت أن أرض النزاع مزروعة مشاتل للزهور وهو ما يخرجها من عداد الأراضي الزراعية التي تختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات المتعلقة بها وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ قضى بعدم الاعتداد بالقرار الصادر من اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية وما يترتب عليه من إجراءات تحرير عقد إيجار عن هذه الأرض تأسيساً على أن ذلك القرار معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية لجان الفصل في المنازعات الزراعية فإن الحكم يكون متفقاً مع صحيح القانون.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن قرار اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية هذه اللجنة، وكانت هذه الدعامة تتفق مع صحيح حكم القانون وكافية لحمل ما قضى به في منطوقه فلا يبطله ما اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بأعماله أحكام القانون رقم 148 لسنة 1962 على واقعة الدعوى بعد انتهاء نطاقه الزمني والصحيح أن القانون المنطبق على الواقعة هو القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي قامت العلاقة الإيجارية المتنازع فيها وصدر قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بشأنها بعد نفاذه في 10 سبتمبر 1966 ذلك أن لمحكمة النقض وعلى ما جرى به قضاءها أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً في النتيجة التي انتهى إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم........ أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعنين وثالث طالبة الحكم على الطاعنة الأولى في مواجهة الآخرين أولاً: بعدم الاعتداد بالقرار رقم 55 لسنة 1969 إصلاح زراعي مستأنف مركز إمبابة وما يتبعه من إجراءات تحرير عقد إيجار من الجمعية التعاونية الزراعية بناحية....... ثانياً: بطرد الطاعنين من عين النزاع وتسليمها إليها. وقالت بياناً لدعواها أن مورثها اشترى في 12/ 12/ 1946 قطعة أرض مساحتها....... بناحية........ والموضحة بصحيفة الدعوى وشرع في إقامة فيلا عليها تحوطها حديقة غرس فيها أشجار فاكهة ومد إليها المياه وعين خفيراً لحراستها غير أن المنية عاجلته قبل إتمام البناء فاستغل الخفير كارثة الوفاة ومكن قريبه مورث الطاعنين من حيازة هذه الأرض وإقامة مشتل الزهور عليها في غفلة منها وإذ فوجئت بمورث الطاعنين يطلب من لجنة فض المنازعات الزراعية بقرية....... تحرير عقد إيجار له عن تلك الأرض بمقولة أنه يستأجرها منها بعقد شفوي باعتبارها أرضاً زراعية وأمرت اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة في 7/ 12/ 1972 بتحرير عقد إيجار بين الطرفين فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ.... حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم...... طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها، وبتاريخ 5/ 12/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم الاعتداد بالقرار الصادر من اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة رقم 55 لسنة 1969 وبما يترتب عليه من إجراءات تحرير عقد إيجار عن عين النزاع لمورث الطاعنين من الجمعية التعاونية الزراعية بناحية...... طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أسس قضاءه على أن أرض النزاع تخرج من عداد الأرض الزراعية التي تخضع لقانون الإصلاح الزراعي وتختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات المتعلقة بها باعتبارها من أراضي المشاتل مستنداً في ذلك إلى التفسير التشريعي رقم واحد لسنة 1953 ورتب على ذلك اعتبار قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية رقم 55 لسنة 1969 معدوماً لصدوره من جهة لا ولاية لها بنظر موضوع النزاع، في حين أن التفسير التشريعي سالف الذكر جاء استثناء مما نصت عليه المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي وقصد إلى إعفاء الأرض الزراعية المنزرعة حدائق ومشاتل زهور ونباتات طبية وبيطرية من تحديد الحد الأقصى للقيمة الإيجارية لسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها دون أن يخرجها من نطاق قانون الإصلاح الزراعي وولاية لجان الفصل في المنازعات الزراعية، وإذ كانت أرض النزاع تعتبر أرضاً زراعية فإنها تخضع لأحكام قانون الإصلاح الزراعي والقانون رقم 54 لسنة 1966 لا ينال من ذلك وقوعها بجواز مبنى ولا استغلالها في زراعة المشاتل والنباتات الطبية ولا عدم ارتباطها بالحد الأقصى للأجرة المنصوص عليه في القانون رقم 178 لسنة 1952 والقوانين المعدلة له، ومن ثم فإن قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية سالف البيان يكون قد صدر من جهة مختصة بإصداره، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجيته فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه لما كان القانون رقم 148 لسنة 1962 الذي أنشأ لجان الفصل في المنازعات الزراعية حدد في مادته الثالثة اختصاص هذه اللجان ومنها النظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المادة 39 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي، وكان المناط في هذا الاختصاص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون عقد الإيجار خاضعاً لأحكام الامتداد المنصوص عليه في تلك المادة والذي ينصرف إلى عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية دون عقود إيجار الحدائق والمشاتل التي لا تختص تلك اللجان بنظر المنازعات المتعلقة بها، وكان القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي ألغى القانون رقم 148 لسنة 1963 نص في المادة الثالثة منه على أن هذه اللجان تختص بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأرضي البور والصحراوية والقابلة للزراعة وعلى وجه الخصوص في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكرر (ز) من قانون الإصلاح الزراعي، وكان مفاد المواد 32 مكرر و35 و36 مكرر من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقوانين 17 لسنة 1963 و52 لسنة 1966 و55 لسنة 1966، يدل على أن مناط اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية ظل بعد صدور القانون رقم 54 لسنة 1966 محصوراً في عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية والتي تمتد بحكم القانون بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيها وأنه لا اختصاص لهذه اللجان بالمنازعات المتعلقة بعقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق ومشاتل وإنما ينعقد الاختصاص بها للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص، يؤيد ذلك مما نصت عليه المادة الأولى من القرار التفسيري رقم واحد لسنة 1953 المعدلة بالقرار رقم واحد لسنة 1964 من أنه لا يسري تحديد الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها على أراضي الحدائق والزهور ومشاتل الحدائق والزهور....... ولا يغير من هذا النظر أن المشرع لم يستثن العقود المذكورة من أحكام الامتداد القانوني كما استثناها من تحديد حد أقصى للأجرة بسبعة أمثال الضريبة، إذا إنه - وعلى ما هو ظاهر من المذكرات الإيضاحية لقانون الإصلاح الزراعي والقوانين المتعاقبة التي نصت على امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية - إنما يهدف إلى حماية صغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره الأطيان المؤجرة من ريع، وأن قوانين الامتداد ما صدرت إلا لتطبق على عقود إيجار الأراضي التي تزرع بمحاصيل حقلية عادية دون الحدائق والمشاتل التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي. لما كان ما تقدم - وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لجهة القضاء العادي بما لها من ولاية عامة أن تحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والذي أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر في حدود الولاية القضائية لتلك الجهة، وكان الحكم الصادر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها يعد معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع، وكانت لجان الفصل في المنازعات الزراعية هيئات إدارية أعطاها القانون ولاية القضاء للفصل في خصومة بين المؤجر والمستأجر في حالات محددة مما يوجب عليها ألا تخرج عن حدود ولايتها، لما كان ما سلف وكان الثابت أن أرض النزاع منزرعة مشاتل للزهور وهو ما يخرجها من عداد الأراضي الزراعية التي تختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات المتعلقة بها، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ قضى بعدم الاعتداد بالقرار الصادر من اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة رقم 55 لسنة 1969 وما ترتب عليه من إجراءات تحرير عقد إيجار عن هذه الأرض تأسيساً على أن ذلك القرار معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية لجان الفصل في المنازعات الزراعية فإن الحكم يكون متفقاً مع صحيح القانون، ويكون النعي بمخالفته له غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن العلاقة الإيجارية بين مورثهما ومورث المطعون عليها بدأت بعقد غير مكتوب في شهر أكتوبر سنة 1968، وتحرر عقد الإيجار في 16/ 3/ 1970 على أن يكون بدء الإجارة من أكتوبر سنة 1968 تنفيذاً لقرار اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية رقم 55 لسنة 1962 مركز إمبابة الصادر بتاريخ 25/ 2/ 1970 ومن ثم فإن العلاقة التأجيرية المتنازع عليها تكون قد حدثت في ظل القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي حدد اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية وحصن قراراتها ومنع المحاكم من النظر فيها بما يخرج قراراتها عن ولاية القضاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجرى على المنازعة أحكام القانون رقم 948 لسنة 1962 والتفت عما أبداه الطاعنان من دفاع وما ورد بأسباب الحكم الابتدائي من استبعاد تطبيق أحكام ذلك القانون، وأهدر الوقائع التي حدثت في ظل أحكام القانون رقم 54 لسنة 1966، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن قرار اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة رقم 55 لسنة 1969 معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية هذه اللجنة، وكانت هذه الدعامة وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق تتفق مع صحيح حكم القانون، وكافية لحمل ما قضى به في منطوقه، فلا يبطله ما اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بأعماله أحكام القانون رقم 148 لسنة 1962 على واقعة الدعوى بعد انتهاء نطاقه الزمني والصحيح أن القانون المنطبق على الواقعة هو القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي قامت العلاقة الإيجارية المتنازع فيها وصدر قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بشأنها بعد نفاذه في 10 سبتمبر سنة 1966 ذلك أن لمحكمة النقض وعلى ما جرى به قضاؤها أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً في النتيجة التي انتهى إليها، ولا يعيبه عدم رده على دفاع أبداه الطاعنان أمام محكمة أول درجة يقوم على مناقشة دعامة تغاير تلك الدعامة الصحيحة التي أقام عليها قضاءه ما دامت تكفي لحمله ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه الوارد بهذا السبب يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 18 لسنة 45 ق جلسة 26 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 60 ص 286

جلسة 26 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، حسن عثمان عمار؛ رابح لطفي جمعه.

---------------

(60)
الطعن رقم 18 لسنة 45 القضائية

(1 - 4) إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات". حكم "حجية الحكم".
(1) أحكام الإثبات. جواز العدول عنها أو عدم التقيد بنتيجتها. الاستثناء الأحكام المضمنة فصلاً في شق من الخصومة.
(2) أحكام الإثبات. عدم التزام المحكمة بوضع أسباب لها. التزامها بتسبيب المسائل الأولية التي لا يقوم حكم التحقيق قبل الفصل فيها.
(3) ثبوت الحجية لأسباب الحكم. شرطه. أن تكون وثيقة الصلة بمنطوقه بحيث لا يقوم بدونها.
(4) حجية الحكم. مناطها. فصل المحكمة في حق من الحقوق فصلاً جازماً غير معلق على احتمال ثبوت أمر آخر.
(5) إيجار "التغيير في استعمال العين المؤجرة".
إخلاء المستأجر لاستعمال العين المؤجرة بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة. شرطه. عدم موافقة المؤجر وأن يلحق به ضرر. منح الإدارة للمستأجر ترخيصاً لإقامة مصنع بالعين المؤجرة سكناه. لا أثر له.
(6) حكم "تسبيب الحكم". دعوى "الدفاع فيها".
إغفال الحكم. الرد على دفاع للطاعن التصريح باستخراج شهادة إدارية لإثبات دفاعه. لا خطأ طالما لم يقدم تعذر حصوله عليها دون إذن المحكمة. "مثال في إيجار".
(7) إيجار "التغيير في استعمال العين المؤجرة".
حق المؤجر في إخلاء المستأجر لاستعماله العين المؤجرة بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً. مجرد علم المؤجر بالمخالفة دون اعتراض منه فترة من الزمن. لا يعد تنازلاً ضمنياً.

----------------
1 - النص في المادة 9 من قانون الإثبات على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين ذلك في حكمها" يدل على أن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعتبر أحكاماً قطعية ولا تحوز حجية الأمر المقضي فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها وإذا هي نفذتها كان لها ألا تتقيد بالنتيجة التي أدت إليها وذلك ما لم تتضمن تلك الأحكام فصلاً في حق من الحقوق، إذ تكون بذلك حجة فيما فصلت. فيه منها ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية.
2 - المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 5 من قانون الإثبات أنه لا إلزام على المحكمة بتسبيب الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات على تقدير من المشرع بأنه ما دام الإجراء سابقاً على الفصل في الدعوى فلا وجه للتعرض لموضوعها ولو جزئياً والفصل فيه بحكم حاسم، وإن كان ذلك لا ينفي التزام المحكمة بتسبيب أحكامها التي تفصل بها في المسائل الأولية التي لا يقوم حكم التحقيق قبل الفصل فيها وهي تلك التي يدور معها قبول نظر الدعوى وجوداً وعدماً.
3 - من الجائز أن تتضمن أسباب الحكم قضاءاً قطعياً في أمر كان مثار نزاع في الدعوى خلافاً للأصل المقرر من أن القضاء إنما يرد في منطوق الحكم لا أسبابه - إلا أن شرط ذلك أن يكون ما ورد في الأسباب وثيق الصلة بالمنطوق بحيث لا تقوم للمنطوق قائمة بدونه أما ما دون ذلك فإنه لا يعتبر قضاءاً حائزاً لحجية ما.
4 - مناط الحجية التي تثبت للأحكام أن تكون قد فصلت في حق من الحقوق - كلياً أو جزئياً فصلاً جازماً غير معلق على احتمال ثبوت أمر آخر.
5 - النص في المادة 23/ جـ من القانون رقم 52 لسنة 1969 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يكفي لإخلاء المكان المؤجر أن يكون المستأجر قد استعمله أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة بغير موافقة المؤجر وأن ينشأ لهذا الأخير ضرر بسبب ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم - المطعون فيه - قد استخلص من أوراق الدعوى - وفي حدود سلطته الموضوعية، أن من شأن تغيير استعمال العين من مسكن خاص إلى مصنع يحتوي على مواد كيماوية تعريض المبنى وسكانه لخطر يترتب عليه ضرر للمالك ذلك أن الخشية على العقار وسكانه من إصابتهم بسوء نتيجة إساءة استعمال العين المؤجرة تكفي لقيام الضرر المبرر لطلب الإخلاء إذ من حق المالك الاطمئنان إلى سلامة عقاره وسكانه بل ومن واجبه حماية هؤلاء الأخيرين مما يعرضهم للخطر كما أن مجرد ترخيص جهة الإدارة للطاعنين في استغلال عين النزاع مصنعاً للمواد الكيماوية لا يعدو أن يكون تنظيماً لعلاقة لائحية بينها وبين المرخص له لا يمتد أثرها إلى العلاقة التعاقدية القائمة بين هذا الأخير وبين المؤجر له.
6 - إذ بين من الحكم المطعون فيه - أنه استخلص في حدود سلطته الموضوعية - أن تغيير الطاعنين استعمال العين المؤجرة من مسكن إلى مصنع للمواد الكيماوية لم يكن معاصراً لبدء الإيجار وكان استخلاصه في ذلك كافياً لحمل قضائه وكان الطاعنان وإن طلبا إلى محكمة الاستئناف التصريح لها باستخراج شهادة من مصلحة الضرائب لإثبات دفاعهما إلا أنهما لم يقدما ما يثبت تعذر حصولهما على تلك الشهادة بغير إذن من المحكمة مما يجرد طلبها من دليل عليه ويعفي المحكمة من ثم من مواجهته والرد عليه ومن ثم لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه.
7 - يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه في طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله المكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنازلاً ضمنياً عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4194 لسنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعنين للحكم بإخلاء العين الموضحة بالصحيفة. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1960 استأجر منه والد الطاعنين شقة بالعقار المملوك له وذلك بقصد استعمالها سكناً خاصاً له إلا أنه استعملها بطريقة تنافي شروط العقد وتضر بمصلحة المالك إذ اتخذ منها مصنعاً للكيماويات ووضع بها مواد ملتهبة، مما يجيز له طلب إخلاء الطاعنين - باعتبارهما الوارثين لوالدهما المتوفى - من العين المؤجرة عملاً بنص الفقرة "ج" من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قضت المحكمة بالإخلاء، فاستأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 207 لسنة 91 ق القاهرة، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أنهما ومورثهما كانوا يستغلون العين المؤجرة في صناعة الكيماويات منذ بداية الإيجار في سنة 1960، وبعد إجرائه قضت بتاريخ 12/ 12/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول وبالوجهين الأول والثاني من السبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن العين المؤجرة تستعمل مصنعاً للكيماويات منذ بدء الإجارة في يناير 1960 وأن المؤجرة الأصلية ارتضت ذلك مما يعتبر تعديلاً لشروط العقد، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الواقعة المادية، وأشارت في حكمها القاضي بذلك إلى أن الترخيص الصادر باستعمال العين المؤجرة مصنعا للكيماويات لا يدل بذاته على أن الطاعنين قد غيرا وجه الانتفاع بالعين من وقت صدوره خلافاً لما كان قد ذهب إليه الحكم الابتدائي في هذا الشأن، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح أقوال شهود الإثبات الذين أجمعوا على أن مورث الطاعنين استعمل العين المؤجرة منذ بدء الإجارة مصنعاً للكيماويات قولاً من الحكم بأن الترخيص بهذا المصنع لم يصدر إلا في مايو سنة 1971، في حين أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير أقوال الشهود إلا أنه لا يجوز أن يكون هذا التقدير مبنياً على مخالفة أمر كانت قد قررته في حكم سابق لها في ذات الدعوى وحسمته بقضاء قطعي بحيث لا يحق لها أن تعود للتحلل منه. كما أن إطراح الحكم لأقوال شهود الطاعنين استناداً إلى أن الترخيص بالمصنع لم يصدر إلا في سنة 1971، ينطوي على استدلال فاسد ذلك أن المشاهد عادة أن أصحاب كثير من المصانع خصوصاً تلك التي تزاول صناعات بسيطة لا يحرصون على الحصول على ترخيص بمجرد إدارتها بل يتراخون في طلبه زمناً قد يمتد إلى سنوات طويلة، هذا إلى أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه ليس ثمة تصريح كتابي صريح من المالك بتغيير الاستعمال مردود بما هو مقرر فقهاً وقضاء من أن سكوت المؤجر مدة طويلة على تغيير الاستعمال المتفق عليه في العقد يعتبر منه موافقة ضمنية على الاستعمال الجديد يمتنع معها القضاء بالإخلاء، وما قرره الحكم من عدم جواز تعديل استغلال العين المؤجرة بقبول ضمني من جانب المؤجر واشتراطه صدور تصريح كتابي بذلك، يتعارض مع ما سبق أن قرره الحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق من أنه لو صح ما تمسك به الطاعنان من أن عين النزاع استخدمت مصنعاً منذ بدء الإجارة فإن نية الطرفين تكون قد انصرفت بعد التعاقد وأثناء تنفيذ العقد إلى تخويل المستأجر تغيير وجه الانتفاع بالعين مما يعتبر قضاء قطعياً في هذا الخصوص، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 9 من قانون الإثبات على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها" - يدل على أن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعتبر أحكاماً قطعية ولا تحوز حجية الأمر المقضي، فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها. وإذا هي نفذتها كان لها أن لا تقييد بالنتيجة التي أدت إليها، وذلك ما لم تتضمن تلك الأحكام فصلاً في حق من الحقوق إذ تكون بذلك حجة فيما فصلت فيه منها ولا يجوز قبول دليل بنقض هذه الحجية. كما أنه من المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 5 من ذلك القانون أنه لا إلزام على المحكمة بتسبيب الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات، على تقدير من المشرع - بأنه ما دام الإجراء سابقاً على الفصل في الدعوى فلا وجه للتعرض لموضوعها ولو جزئياً والفصل فيه بحكم حاسم، وإن كان ذلك لا ينفى التزام المحكمة بتسبيب أحكامها التي تفصل بها في المسائل الأولية التي لا يقوم حكم التحقيق قبل الفصل فيها وهي تلك التي يدور معها قبول نظر الدعوى وجوداً وعدماً، وفي هذا الصدد فإنه وإن كان من الجائز أن تتضمن أسباب الحكم قضاء قطعياً في أمر كان مثار نزاع في الدعوى - خلافاً للأصل المقرر من أن القضاء إنما يرد في منطوق الحكم لا أسبابه - إلا أن شرط ذلك أن يكون ما ورد في الأسباب وثيق الصلة بالمنطوق بحيث لا تقوم للمنطوق قائمة بدونه، أما ما دون ذلك فإنه لا يعتبر قضاء حائز لحجية ما. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة حكم محكمة الاستئناف الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق أنه لم يجاوز في هذا الخصوص قوله "لما كان المستأنفان - الطاعنان - قد أسسا دفاعهما على أن العين المؤجرة استخدمت كمصنع من وقت أن استأجرها مورثهما في سنة 1960 من المالكة السابقة للعقار الذي به العين المذكورة وحتى الآن الأمر الذي لو صح فإن المستفاد منه أن نية الطرفين قد انصرفت بعد التعاقد وأثناء تنفيذ العقد إلى تخويل المستأجر تغيير وجه الانتفاع بالعين المؤجرة إلى مصنع وبالتالي لا يجوز إخلائه منها والادعاء بمخالفة شروط العقد... وكانت الرخصة لا تفيد بذاتها أن المستأنفين قد غيرا وجه الانتفاع بهذه العين من وقت صدورها كما ذهب الحكم المستأنف ومن ثم ترى المحكمة الاستجابة إلى طلب إحالة الدعوى على التحقيق" - مما مؤداه أن الحكم لم يحسم الأمر في الواقعة مثار النزاع وهي ما إذا كان الطاعنان قد قاما بتغيير استعمال العين المؤجرة بموافقة المالك صراحة أو ضمناً، بل ترك أمر ذلك إلى ما قد تسفر نتيجة التحقيق في هذا الشأن ولم يتضمن بالتالي قضاء ذا حجية في هذه المسألة، إذ مناط الحجية التي تثبت للأحكام أن تكون قد فصلت في حق من الحقوق. كلياً أو جزئياً - فصلاً جازماً غير معلق على احتمال ثبوت أمر آخر إذ لا يبنى القضاء على فروض، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع. بعد إجرائها التحقيق في الدعوى - قد أسست حكمها المطعون فيه على "أن القول بأن المصنع يدار لهذا الغرض في هذا المكان منذ سنة 1960 فهو قول لم يقم الدليل عليه ولا تطمئن المحكمة لأقوال شهود المستأنفين - الطاعنين - بصدده". فإنها تكون بذلك - قد خلصت في مقام وزن الدليل - إلى عدم اطمئنانها لأقوال شهود الطاعنين في خصوص الادعاء بأن تغيير الاستعمال كان معاصراً لبدء الإجارة، وينتفي بالتالي ما رتباه على ذلك من أن المالك قد ارتضى هذا التغيير منذ البداية، وإذ كان اطمئنان محكمة الموضوع إلى أقوال الشهود أو عدم اطمئنانها إليها هو مما تستقل بتقديره دون ما إلزام عليها ببيان سبب ذلك، وكان استدلال الحكم على أن تغيير الاستعمال وقع بعد بداية الإيجار سائغاً وفيه الرد الضمني على ما ساقه الطاعنان من جدل موضوعي حول تقدير المحكمة في هذا الصدد، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن من بين ما قام عليه دفاعهما أمام محكمة الاستئناف أن تغيير الاستعمال لم يترتب عليه ضرر بالعين المؤجرة أو بالمالك وأن عبارات البند الثاني من عقد الإيجار لم تتضمن حظراً صريحاً على تغيير الاستعمال، وأنه مما يدل على انتفاء الضرر أن العين المؤجرة تقع في منطقة صناعية تجارية وأن المطعون عليه نفسه يدير مصنعاً في العقار ذاته، هذا إلى ترخيص جهة الإدارة - للطاعنين بذلك الاستغلال، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعهما وذهب إلى أن التغيير من مسكن إلى مصنع للكيماويات ينطوي على خطر على العقار وسكانه وأنه لا يغير من ذلك حصول المستأجر على رخصة بإنشاء المصنع، مما مفاده أن الحكم افترض تحقق الخطر من مجرد استعمال العين مصنعاً للمواد الكيماوية دون أن يستظهر طبيعتها ومدى خطورتها الأمر الذي يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: - (ج) إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المؤجر" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يكفي لإخلاء المكان المؤجر أن يكون المستأجر قد استعمله أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة بغير موافقة المؤجر وأن ينشأ لهذا الأخير ضرر بسبب ذلك. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنين بشأن انتفاء الضرر بقوله "أن في تغيير الاستعمال من سكن خاص إلى مصنع للمواد الكيماوية فيه خطر على العقار وما به من سكان ولا يغير من هذا ولا ينفى هذا الخطر إمكان حصول المستأجر على رخصة بإنشاء هذا المصنع في هذه الوحدة السكنية". مما مفاده أن الحكم قد استخلص من أوراق الدعوى - وفي حدود سلطته الموضوعية - أن من شأن تغيير استعمال العين من مسكن خاص - إلى مصنع يحتوي على مواد كيماوية تعريض المبنى وسكانه لخطر يترتب عليه ضرر للمالك، ذلك أن الخشية على العقار وسكانه من إصابتهم بسوء نتيجة إساءة استعمال العين المؤجرة تكفي لقيام الضرر المبرر لطلب الإخلاء، إذ من حق المالك الاطمئنان إلى سلامة عقاره وسكانه بل ومن واجبه حماية هؤلاء الأخيرين مما يعرضهم للخطر، كما أن مجرد ترخيص جهة الإدارة للطاعنين في استغلال عين النزاع مصنعاً للمواد الكيماوية لا يعدو أن يكون تنظيماً لعلاقة لائحية بينها وبين المرخص له لا يمتد أثرها إلى العلاقة التعاقدية القائمة بين هذا الأخير وبين المؤجر له. لما كان ما تقدم وكان الثابت بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1960 - والمقدم رفق حافظة مستندات الطاعنين - أن مورث الطاعنين قد استأجر شقة النزاع لاستعمالها سكناً خاصاً، وحظر بالبند الثاني من ذلك العقد على المستأجر استعمال العين المؤجرة بطريقة تنافي شروط الإيجار أو إحداث أي تغيير فيها إلا بتصريح كتابي سابق وصريح من المالك وإلا اعتبر العقد مفسوخاً فوراً، وكان استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولاً قانوناً، وإذ كان ما أورده الحكم في ذلك تؤدى إليه المقدمات التي ساقها وسائغاً في الرد على دفاع الطاعنين، فإن مجادلتهما في عدم حصول ضرر من هذا التغيير لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم بما جاء في هذا السبب غير سديد.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني وبالوجهين الثالث والرابع من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أنهما طلبا من محكمة الاستئناف أن تصرح لهما باستخراج شهادة من مصلحة الضرائب للاستدلال بها على أن العين المؤجرة تستعمل منذ بدء الإجارة مصنعاً للكيماويات غير أنها التفتت عن هذا الطلب ولم تتناوله في أسباب حكمها بالرد عليه رغم أنه يتعلق بدفاع جوهري قد يتغير به الرأي في الدعوى. كما قدم الطاعنان للمحكمة صورة من عقد إيجار مؤرخ 15/ 10/ 1955 يفيد استئجار مورثهما لشقة بمصر الجديدة لاستعمالها سكناً خاصاً له وعائلته، وقدما لها أيضاً إيصالات سداد قيمة استهلاك التيار الكهربائي لهذه الشقة عن الفترة من سنة 1958 حتى سنة 1966، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح دلالة هذه المستندات رغم أن قوانين إيجار الأماكن - وهي من قوانين النظام العام - تحول دون حبس الشخص لأكثر من مسكن في المدينة الواحدة وترتب جزاء جنائياً على مخالف أحكامها. هذا إلى أن الطاعنين قد تمسكا في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 12/ 2/ 1974 بدفاع قوامه أن المطعون عليه قد سكت منذ صدور الترخيص بالمصنع في سنة 1971 إلى أن رفع دعواه في أواخر سنة 1973 إذ أن سكوته طوال هذه الفترة لا يمكن تفسيره إلا بأنه يعلم يقيناً بتخصيص العين المؤجرة مصنعاً منذ بداية عقد الإيجار أو بالقليل منذ شرائه للعقار في سنة 1964، إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع الجوهري الأمر الذي يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد - دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، وأن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بمواجهته وإبداء الرأي فيه هو الدفاع الجوهري الذي يترتب على الأخذ به تغيير وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه - على سلف بيانه في الرد على السبب السابق - أنه استخلص - في حدود سلطته الموضوعية - أن تغيير الطاعنين استعمال العين المؤجرة من مسكن إلى مصنع للمواد الكيماوية لم يكن معاصراً لبدء الإيجار وكان استخلاصه في ذلك كافياً لحمل قضائه، وكان الطاعنان وإن طلبا إلى محكمة الاستئناف - التصريح لهما باستخراج شهادة من مصلحة الضرائب لإثبات دفاعهما إلا أنهما لم يقدما ما يثبت تعذر حصولهما على تلك الشهادة بغير إذن من المحكمة، مما يجرد طلبهما من الدليل عليه ويعفى المحكمة من ثم من مواجهته والرد عليه، ومن ثم لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه. هذا إلى أنه لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين بشأن استئجار مورثهما مسكناً خاصاً بمصر الجديدة وسكوت المطعون عليه عن رفع دعواه قبلهما فترة من الوقت بقوله "الثابت أنه لم يصدر ترخيص بهذا المصنع إلا في مايو سنة 1971 وفي وقت سابق مباشرة على إقامة الدعوى الحالية أمام محكمة أول درجة في فبراير سنة 1973 وانقضاء هذه الفترة لا ينفي قيام الخطر من تغيير الاستعمال المتفق عليه، ولا يغير من هذا كله أن للمستأجر الأصلي سكن خاص في مكان آخر، وكان ما أورده الحكمان في ذلك سائغاً في الرد على دفاع الطاعنين، ذلك أنه ولئن كان يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه في طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله المكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة، وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل، إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنازلاً ضمنياً عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة إذ كان ذلك وكان استئجار الشخص لأكثر من مسكن لا يستتبع بذاته استعماله لأحدهما في غير السكنى، فمن ثم يكون النعي على الحكم بما ورد بهذا السبب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 20 لسنة 11 ق جلسة 8 / 1 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 133 ص 395

جلسة 8 يناير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

------------------

(133)
القضية رقم 20 سنة 11 القضائية

(أ) وكالة. 

حضور المحامي مع موكله ولو كان من أقربائه. لا يخوّله أكثر من المدافعة عنه. محام. طلبه عن موكلته وهي أمه صرف مبلغ أودع منها على ذمة رسوّ المزاد. استنتاج المحكمة من ذلك أن الوالدة تعتبر متنازلة عن حكم مرسى المزاد. غير سليم.
(المادة 512 مدني)
(ب) مزاد. 

رسوّ المزاد. زيادة العشر. أثرها. زوال جميع الآثار المترتبة على رسوّ المزاد. الراسي عليه المزاد الأوّل. ادّعاؤه ملكية العقار. لا يجوز.
(المواد 572 و574 و580 و581 و587 و588 مرافعات والمادة 578 مدني)

---------------
1 - إن حضور المحامي بالجلسة مع موكله ولو كان من أقربائه لا يخوّله أكثر من إبداء الدفاع عنه في الدعوى. وإذن فإذا استخلصت محكمة الموضوع من علاقة المحامي بموكلته، وهو ابنها، ومن كونه تقدّم بصفته وكيلاً عنها بطلب صرف المبالغ التي أودعت منها على ذمة رسوّ المزاد، أن هذا المحامي وكيل عن والدته في طلب الصرف، وأنها بذلك تعتبر متنازلة عن حكم رسوّ المزاد، فإنها تكون قد استخلصت ذلك من وقائع لا تنتجه.
2 - يترتب على مجرّد زيادة العشر بعد رسوّ المزاد زوال جميع الآثار المترتبة على رسوّ المزاد وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل ذلك، وبالتالي لا يكون لمن رسا عليه المزاد أن يدّعي ملكية العقار الذي كان قد رسا مزاده عليه. (1)


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - فيما يأتي: أقامت الطاعنة الدعوى رقم 1164 سنة 1938 على المطعون ضدّهم عدا الأخيرين أمام محكمة مصر الابتدائية، وقالت في صحيفتها المعلنة في 23 من يونيه سنة 1938 إن المطعون ضدّه الأوّل (مصطفى أحمد الجمل) كان مديناً بصفته الشخصية لوزارة الأوقاف بمبلغ 244 جنيهاً و294 مليماً فاتخذت هذه الوزارة إجراءات نزع الملكية على منزلين مملوكين له، وحكم في 20 من إبريل سنة 1937 (في دعوى البيع رقم 1179 سنة 1935 كلي مصر) بإيقاع بيع المنزلين عليها مقابل ثمن أساسي قدره 400 جنيه للمنزل الأوّل و112 جنيهاً للمنزل الثاني، وتسجل هذا الحكم في 24 من إبريل سنة 1937. وفي 29 من إبريل سنة 1937 قرّر من يدعى عبد الفتاح أحمد حسنين بزيادة العشر، وتحدّدت جلسة 21 من يونيه سنة 1937 لإعادة البيع. وفي هذه الجلسة قال وكيل المطعون ضدّهم من الثانية إلى السابع إنهم رفعوا دعوى استحقاق عن المنزلين فأجل البيع لجلسة 19 من يوليه سنة 1937. وفيها أبدى مندوب وزارة الأوقاف أن الوزارة استوفت كل دينها من المدين، ولذلك فهي تقرّر التنازل عن الإجراءات. وطلب وكيل المطعون ضدّه الأوّل شطب الدعوى للتخالص. وقضى بجلسة 30 من أغسطس سنة 1937 بشطب الدعوى. وأضافت الطاعنة إلى ذلك أنه بالرغم من أن ملكية المنزلين ثابتة لها فإن المطعون ضدّه الأوّل تصرف بالبيع في ستة قراريط على المشاع في المنزل الأوّل لمورّث المطعون ضدّهم من الثامن إلى الثانية عشرة بعقد عرفي تاريخه 14 من يونيه سنة 1937، ثم تصرف في الثمانية عشر قيراطاً الباقية منه إلى المطعون ضدّه الثالث عشر بعقد عرفي تاريخه 24 من مارس سنة 1938. كما أن بعض الخصوم استصدروا تأشيراً في دفتر التسجيلات بإلغاء شطب حكم رسوّ المزاد الصادر لها وحصلوا على شهادة من قلم الكتاب مؤرّخة في أوّل أغسطس سنة 1938 تفيد هذا الشطب. ولذلك فإنها تطلب الحكم بتثبيت ملكيتها للمنزلين ومنع تعرّض المطعون ضدّهم عدا الرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة لها وتسليمها المنزلين والقضاء ببطلان ما تم وما يتم مستقبلاً من تصرفات فيهما بالبيع أو غيره من الحقوق العينية وشطب ما يكون قد توقع عليهما من تسجيلات أو حقوق للغير من تاريخ حكم رسوّ المزاد. وبإعلان تاريخه 6 من إبريل سنة 1939 أدخلت الطاعنة وزارة العدل (المطعون ضدّها السابعة عشرة) ضامنة للمطعون ضدّهم الأصليين في الطلبات السابقة. وبإعلان تاريخه 4 من يناير سنة 1940 أدخلت أيضاً قلم كتاب محكمة مصر الابتدائية (المطعون ضدّه الأخير) للحكم عليه مع باقي الخصوم الأصليين بالطلبات السابقة مضافاً إليها إلزام باشكاتب المحكمة بأن يعيد تسجيل حكم رسوّ المزاد الصادر لمصلحتها في دفاتر تسجيلات قلم كتاب المحكمة في المرتبة التي كان مسجلاً بها عقب صدوره أي بتاريخ 24 من إبريل سنة 1937 تحت رقم 720 ومحو كل ما يخالف ذلك من تأشيرات إلخ. وفي 25 من يونيه سنة 1940 قضت المحكمة الابتدائية برفض دعوى المدّعية (الطاعنة) وإلزامها بالمصاريف، وقالت في ذلك - بعد أن قرّرت أن تأثير الحكم بزيادة العشر في الملكية التي انتقلت بحكم رسوّ المزاد إلى المشتري الأوّل من المسائل المختلف عليها ولكن موضوع الدعوى يغنى عن التطرّق إلى بحث ذلك - إن الطاعنة تنازلت عن حكم رسوّ المزاد، وإن هذا التنازل يدل عليه الطلب الذي تقدّم به الأستاذ حسن عبد الحميد (ابنها ومحاميها في إجراءات البيع) إلى كاتب أوّل محكمة مصر لصرف المائة جنيه المودعة من الطاعنة على ذمة رسوّ المزاد، كما يدل عليه تحرير ابن الطاعنة ووكيلها المذكور عقد البيع الصادر من المطعون ضدّه الأوّل إلى المطعون ضدّه الثالث عشر عن ثمانية عشر قيراطاً من أحد المنزلين. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبت إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها. وفي 26 من فبراير سنة 1941 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصاريف لتنازل المستأنفة عن حكم رسوّ المزاد كما رأت المحكمة الابتدائية قائلة: إنه ثابت من محاضر جلسات قضية البيع أن الأستاذ حسن عبد الحميد حضر مع المستأنفة بجلسة 20 من إبريل سنة 1937 يوم رسوّ المزاد عليها، وحضر عنها بجلسة 21 من يونيه سنة 1937 عند إعادة البيع بعد زيادة العشر، ثم حضر معها بجلسة 19 من يوليه سنة 1937 التي تنازلت فيها نازعة الملكية عن إجراءات البيع وطلب فيها المدين شطب دعوى البيع. وبعد أن عارض الأستاذ في الشطب وحكم به قاضي البيوع في 30 من أغسطس سنة 1937 عاد فطلب من قلم الكتاب أن يرد إليه ما أودعته الطاعنة على ذمة رسوّ المزاد عليها مكرراً طلبه هذا في 28 من سبتمبر سنة 1937. وإن الوقائع المذكورة مضافاً إليها أوثق صلات القرابة بين الأستاذ والطاعنة مع إمساكها عن رفع الدعوى زهاء تسعة شهور بعد تكرار طلب الصرف تفيد بلا شك وكالة ضمنية منها لابنها الأستاذ في طلب الصرف.
وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة في 5 من مارس سنة 1941، فقرّرت الطعن فيه بطريق النقض في 2 من إبريل سنة 1941 إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن أوجه الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه: (أوّلاً) خالف أحكام الوكالة وقواعد الإثبات إذ استمد من مجرّد حضور المحامي مع الطاعنة بجلسات البيع، ومن كونه ابنها، ومن إمساكها عن رفع دعواها مدة من الزمن، وكالة عنها في صرف المبلغ المودع منها على ذمة رسوّ المزاد. واستنتج من الطلب المقدّم من هذا المحامي لصرفه تنازلها عن حكم رسو المزاد. (ثانياً) شابه قصور في التسبيب لأنه لم يتحدّث عما أشارت إليه الطاعنة في صحيفة الاستئناف من الأخطاء القانونية التي وقع فيها الحكم الابتدائي والتي من بينها سكوته عما كان المقام يقتضي الكلام فيه وهو التحدّث عن أثر زيادة العشر في حكم رسوّ المزاد.
وحيث إنه عن الشطر الأوّل من الطعن فإن محكمة الموضوع استخلصت تنازل الطاعنة عن حكم رسوّ المزاد الصادر لها من وقائع لا تنتجه؛ إذ مجرّد كون المحامي ابنها، وكونه حضر معها بجلسات المزايدة، لا يمكن أن تستمد منه وكالته عنها في صرف مبلغ الأمانة المودع منها بخزانة المحكمة على ذمة رسوّ المزاد عليها. لأن حضور المحامي مع موكله بالجلسة، ولو كان قريباً له، لا يخوّله أكثر من إبداء الدفاع عنه فيها. ومتى تبين ذلك كان لا محل للاحتجاج على الطاعنة بطلب الصرف آنف الذكر، وسقط تبعاً لهذا ما رتبه عليه الحكم من التنازل عن حكم رسوّ المزاد.
ومن حيث إنه عن الشطر الثاني من الطعن فإنه لما كان بيع العقار جبراّ عن مالكه بطريق المزاد قد يكون من شأنه ألا يصل الثمن فيه إلى ما يوازي قيمته الحقيقية فقد أجاز الشارع، مراعاة لمصلحة المدين والدائنين على السواء، إعادة الإجراءات بعد البيع الأوّل بناء على زيادة العشر. فأباح بالمادة 578 من قانون المرافعات لكل إنسان في مدّة عشرة أيام من يوم رسوّ المزاد أن يقرّر في قلم الكتاب أنه يقبل الشراء بزيادة العشر على أصل الثمن الذي رسا به المزاد الأوّل. ورتب على ذلك أن تعاد إجراءات المزايدة مرة أخرى على أساس أن الثمن لا يقل عن الثمن الأوّل زائداً العشر. ولقد اختلفت وجهات النظر في الأثر الذي يترتب على زيادة العشر: هل آثار البيع الأوّل تبقى حتى تتم إجراءات البيع الثاني ويرسو المزاد من جديد على غير المشتري الأوّل، باعتبار أن هناك مزادين منفصلين كلاً منهما عن الآخر، وأن مجرّد التقرير بالزيادة لا يمكن أن يكون له وحده أثر في رسوّ المزاد الأوّل، وأن هذا الأثر لا يكون إلا بصدور حكم آخر برسوّ المزاد؟ أم أن مجرّد التقرير بزيادة العشر كاف لإزالة أثر المزاد الأوّل على اعتبار أن المزايد إنما هو طالب شراء شأنه في ذلك شأن صاحب عطاء جديد يخلي بعطائه سبيل الذي تقدّمه على النحو المقرّر في المادة 572 من قانون المرافعات، وأن جميع الإجراءات المقرّرة للبيع تكون في مجموعها وحدة غير قابلة للتجزئة يتساوى فيها زيادة العشر بعد رسوّ المزاد الأوّل والزيادة التي تحصل قبل ذلك؟
ومن حيث إن هذا النظر الثاني هو الواجب العمل به. فإن المادتين 580 و581 من قانون المرافعات تفيد نصوصهما أن مقرّر الزيادة مرتبط بعطائه من وقت تقريره بها. إذ أوجبت عليه إعلان أصحاب الشأن في البيع في مدّة معينة وإلا قام قلم الكتاب بهذا الإعلان. كما أوجبت في كلتا الحالتين اشتمال الإعلان على بيان اليوم الذي عينه القاضي للمزايدة على هذه الزيادة. ومؤدّى ذلك أن البيع يتقرّر عندئذ لمن قرّر زيادة العشر إن لم يتقدّم غيره للمزايدة عليه. وقد سار القضاء الفرنسي على هذا الرأي اعتماداً على نفس العلة المتقدّم ذكرها المستفادة من المادتين 709 و710 من قانون المرافعات (الفرنسي). ولا يعترض على ما تقدّم بما نصت عليه المادة 587 من قانون المرافعات من أن حكم البيع يكون حجة للمشتري بملكية المبيع فإن المستفاد من نص هذه المادة والمادة 588 التالية لها أن حكم المزاد الذي يسلم للمشتري بعد قيامه بشروط البيع كاملة ويكون حجة له بملكية المبيع وسنداً للمدين ومن يستحق حقوقه للحصول على الثمن إنما هو حكم البيع النهائي، أي الحكم الأوّل بعد انقضاء عشرة أيام دون حصول مزايدة جديدة، أو حكم رسوّ المزاد الثاني عند حصول تلك الزيادة. إذ حكم رسوّ المزاد بهذا الوصف هو وحده الذي يستلزم الوفاء بكل شروط البيع، وأهمها وفاء الثمن كاملاً. أما قبل ذلك، أي في فترة العشرة الأيام، فالقانون لم يحتم إلا دفع جزء من الثمن عند رسوّ المزاد (المادة 574 مرافعات). وبهذا يكون مصير حكم المزاد الأوّل معلقاً على حصول أو عدم حصول المزايدة.
ومن حيث إنه متى تقرّر هذا فإنه يترتب على مجرّد زيادة العشر زوال جميع الآثار المترتبة على رسوّ المزاد الأوّل، وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل ذلك. وبالتالي لا يكون لمن رسا عليه المزاد الأوّل أن يدّعي أي حق في ملكية العقار الذي رسا مزاده عليه.
ومن حيث إنه لذلك لا يكون للطاعنة، وقد حصلت زيادة العشر، أن تستند إلى حكم رسوّ المزاد الصادر لها قبل ذلك في ملكيتها للمنزلين موضوع النزاع، ويكون الحكم المطعون فيه إذن قد أصاب في النتيجة التي انتهى إليها، وإن كان قد أخطأ في الأسباب التي أوردها تدعيماً لهذه النتيجة. وما دام الحكم سليماً متفقاً مع القانون في منطوقه فلا يؤثر في سلامته وقوع خطأ في أسبابه. ولذا يتعين رفض الطعن موضوعاً.


[(1)] سبق أن قرّرت محكمة النقض في حكم صدر في القضية رقم 15 سنة 2 القضائية بجلسة 2 يونيه سنة 1932 (التي كانت منعقدة برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمي بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا) أن حكم رسوّ المزاد ينقل الملكية إلى من رسا عليه المزاد ولكنه ينقلها معلقة على شرط فاسخ. وشرط الفسخ لا يتحقق بمجرّد التقرير بزيادة العشر وإنما يتحقق بصدور حكم مرسى المزاد الثاني. فمجرّد التقرير بزيادة العشر لا يترتب عليه رجوع العقار إلى ملك المدين، بل يعتبر من رسا عليه المزاد الأوّل مالكاً إلى أن يصدر حكم بمرسى المزاد على غيره، وكل تصرف يحصل من المدين في ذلك العقار يعتبر صادراً من غير مالك لخروج العقار من ملكه بحكم مرسى المزاد الأوّل. وهذه القاعدة منشورة في الجزء الأوّل من هذه المجموعة بصفحة 119، ولمخالفتها للقاعدة التي قرّرتها المحكمة في هذا الحكم رأينا إتماماً للفائدة أن ننشر هنا أسباب الحكم الذي قرّرها وها هي: "من حيث إن الحكم المطعون فيه قد قرّر أن حكم مرسى المزاد ينقل الملكية على من رسا عليه المزاد ولكنها ملكية معلقة على شرط فاسخ، وأن التاريخ الذي يتحقق فيه الشرط الفاسخ مختلف فيه هل يكون عند مجرّد التقرير بزيادة العشر أو عند صدور حكم مرسى المزاد الثاني. وقد أخذت المحكمة بالرأي القائل بأن شرط الفسخ لا يتحقق إلا بحكم مرسى المزاد الثاني. وبناء على هذا حكمت بتثبيت ملكية المطعون ضدّه للأرض موضوع النزاع تحت شرط فاسخ يتحقق برسوّ مزاد الأطيان المذكورة على غيره عند إعادة إجراءات البيع بناء على التقرير الحاصل بزيادة العشر على الثمن الذي رسا به المزاد الأوّل عليه بتاريخ 8 مايو سنة 1911.
ومن حيث إن هذه المحكمة تقرّ محكمة الاستئناف على ما رأته في هذا الموضوع من الجهة القانونية. وإذا كانت محكمة النقض الفرنسية قد سارت في بعض أحكامها على أن مجرّد التقرير بزيادة العشر يفسخ البيع الأوّل مستندة في ذلك إلى المادتين 709 و710 من قانون المرافعات الفرنسي، وتنص أولاهما على عدم جواز العدول عن تقرير الزيادة بينما تقضي الثانية بأن مقرّر الزيادة هو الذي يرسو عليه المزاد إذا لم يتقدّم غيره للزيادة عليه في يوم البيع فإن هناك شبه إجماع من الشراح في فرنسا على غير هذا الرأي (انظر ملحق موسوعة دالوز جزء 17 تحت كلمة (Suronchére فقرة 283) إذ يذهبون إلى أن تقرير الزيادة وحده لا يكفي للفسخ بل يجب لذلك أن يرسو المزاد فعلاً ويصدر به حكم جديد. وحجتهم في ذلك أنه وإن كان التقرير بالعشر مقيداً لمن صدر منه إلا أنه لا يعتبر بيعاً نهائياً ملزماً للمدين ومقرّر الزيادة ومبطلاً للبيع الأوّل، كما أنه لا يؤدّي حتماً إلى إعادة البيع وفقدان من رسا عليه المزاد الأوّل لملكية العقار. فقد تبقى له هذه الملكية إذا كانت زيادة العشر باطلة مثلاً، أو كان هو أعلى مزايد في المزايدة الجديدة، أو كان مقرّر الزيادة قد تنازل عن حقه فيها برضاء طالب البيع والدائنين. ولذلك قالوا إن تقرير الزيادة ما هو إلا مجرّد تهديد بالفسخ، وليس من شأنه أن يعيد ملكية العقار إلى المدين بل يجب أن ينتج حكم مرسى المزاد الأوّل جميع نتائجه القانونية فيعتبر من رسا عليه هذا المزاد مالكاً إلى أن يصدر حكم آخر بمرسى المزاد على غيره.
ومن حيث إن محكمة الاستئناف المختلطة قد سارت على هذا المبدأ في أحكامها منذ سنة 1913 على الأقل (انظر على الأخص الأحكام الصادرة منها في 27 مايو سنة 1912 و14 إبريل سنة 1914 و26 إبريل سنة 1916).
ومن حيث إن الطاعن يستند إلى المادتين 580 و583 من قانون المرافعات الأهلي قائلاً إنه يستفاد منهما أن زيادة العشر ملزمة حتماً لمن قرّرها، ولا يمكنه أن يعدل عنها بحال لأنه إن لم يقم بالإجراءات التي فرضها القانون فإن قلم الكتاب يقوم بها من تلقاء نفسه.
ومن حيث إن الاستناد إلى هاتين المادتين في الموضوع الذي نحن بصدده غير مجد، لأن المراد منهما استيفاء الإجراءات المتعلقة بزيادة العشر ليس إلا، وسواء كانت هذه الزيادة ملزمة لمن قرّرها أم غير ملزمة فإنه بناء على ما تقدّم ذكره من الاعتبارات وعلى أن المادة 587 مرافعات تقضي بأن حكم البيع يكون حجة للمشتري بملكية المبيع يجب القول بأن لا تأثير لتقرير الزيادة في البيع الذي تم بصدور حكم مرسى المزاد الأوّل والذي يبقى قائماً إلى أن يسقط بصدور حكم جديد.
ومن حيث إنه مع عدم وجود نص صريح في القانون يقضي بأن مجرّد تقرير الزيادة بالعشر يفسخ حكم مرسى المزاد الأوّل فلا محل للقول بأن محكمة الاستئناف بترجيحها رأياً على رأي في هذا الموضوع قد أخطأت في تطبيق القانون. وعلى ذلك يتعين رفض الوجه الأوّل من أوجه الطعن".

الطعن 243 لسنة 44 ق جلسة 26 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 59 ص 282

جلسة 26 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار د. مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، وحسن البكري، وأحمد ضياء عبد الرازق عيد، ويحيى الرفاعي.

------------------

(59)
الطعن رقم 243 لسنة 44 القضائية

(1، 2) عمل "تسكين العمال". دعوى. "الطلبات فيها".
(1) عدم جواز تسوية حالة العامل على فئة وظيفة لم يستوف شروط شغلها المحددة بقواعد التوصيف والتقييم المعتمدة. التجاوز عن ثلث مدة الخبرة. أمر جوازي للشركة.
(2) العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى. لا عبرة بالطلبات التي تتضمنها صحيفتها طالما لم يحل المدعي في مذكرته الختامية إليها.

--------------
1 - مؤدى نص المادتين 62، 64 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز تسوية حالة عامل على فئة وظيفة لم يستوف شروط شغلها المحددة بقواعد التوصيف والتقييم المعتمدة وفقاً لأحكام هذا النظام، وأن التجاوز عن ثلث مدة الخبرة في هذه التسوية أمر جوازي للشركة تقرره طبقاً لظروف العمل واحتياجاته وصلاحية كل من العاملين بها.
2 - العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات السابقة عليها التي تتضمنها صحيفتها، وكان الثابت أن الطاعن حدد طلباته في مذكرته الختامية المقدمة لجلسة 6 من مارس سنة 1973 تحديداً جامعاً بأن طالب بأحقيته في التسكين على الفئة السادسة اعتباراً من أول يوليو سنة 1964 وإلزام الشركة المطعون ضدها أن تدفع له مبلغ 564 جنيه ولم يذكر من بينها طلب الترقية إلى الفئة الخامسة ولم يقدم ما يفيد إحالته إلى الطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى أو الإشارة إليها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الطلب لم يعد مطروحاً على محكمة الدرجة الأولى بعد أن تنازل عنه الطاعن بعدم تمسكه به في مذكرته الختامية، فإنه لا يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال أو القصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 181 لسنة 1971 مدني كلي بنها ضد الشركة المطعون ضدها بطلب تعديل قرار تسكينه من الفئة السابعة إلى الفئة السادسة منذ 1/ 7/ 1964 وبأحقيته للترقية إلى الفئة الخامسة من 29/ 12/ 1970 مع إلزام الشركة أن تؤدي له الفروق المالية نتيجة هذا التعديل وتلك الترقية عن المدة من 1/ 2/ 1966 حتى 1/ 3/ 1971 بما في ذلك أول مربوط الفئة وفرق العلاوات الدورية خلاف ما يستجد. وقال بياناً للدعوى أن الشركة سكنته على الفئة السابعة بغير حساب مدة خبرته السابقة بأكملها التي تجعل من حقه التسكين على الفئة السادسة والترقية بالتالي إلى الفئة الخامسة ولذلك فقد رفع دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 8 من فبراير سنة 1972 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها في منطوق حكمها. وبعد أن قدم الخبير تقريره حجزت المحكمة الدعوى للحكم فقدم الطاعن مذكرة اقتصر فيها على طلب التسكين بالفئة السادسة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وإلزام الشركة المطعون ضدها أن تدفع له مبلغ 564 ج وفي 6 من مارس سنة 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 105 سنة 6 ق عمال أمام محكمة استئناف طنطا (مأمورية بنها)، فقضت في 17 من يناير سنة 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 5 من يناير سنة 1980، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أن الحكم لم يعتد بقاعدة التسكين بثلثي مدة الخبرة الواردة في تعليمات الجهاز المركزي والمكملة لنصوص القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962، في حين أن هذه القاعدة توفر له حق التسكين على الفئة السادسة (وثانيهما) أنه أغفل الرد على دفاعه الجوهري بشأن تلك القاعدة.
وحيث إن النعي بوجهيه مردود، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين 63، 64 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز تسوية حالة عامل على فئة وظيفة لم يستوف شروط شغلها المحددة بقواعد التوصيف والتقييم المعتمدة وفقاً لأحكام هذا النظام، وأن التجاوز عن ثلث مدة الخبرة في هذه التسوية أمر جوازي للشركة تقدره طبقاً لظروف العمل واحتياجاته وصلاحية كل من العاملين بها، وكان البين من الأوراق أن مدة الخبرة اللازمة للتسكين على الفئة السادسة لمن لا مؤهل له مقدارها 17 سنة وأن الطاعن - الذي لا يحمل مؤهلاً - لم يستوف هذا الشرط لأن مدة خبرته 15 سنة و10 شهور فقط، فإنه لا يحق له التسكين على تلك الفئة، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم أحقية الطاعن للفئة السادسة على عدم استيفائه مدة الخبرة اللازمة لشغلها وأن التجاوز عن ثلث مدة الخبرة في التسكين رخصة للشركة خاضعة لتقديرها وفقاً لظروف الحال والمصلحة التي تقررت من أجلها فلا يجوز إجبارها على استعمالها، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مشوباً بمخالفة القانون أو القصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب. ويقول بياناً لذلك إن الحكم لم يتعرض لطلب ترقيته إلى الفئة الخامسة تأسيساً على عدم تضمينه مذكرته الختامية المقدمة لمحكمة الدرجة الأولى بجلسة 6/ 3/ 1973، في حين أن قواعد الترقية ينظمها القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 كما أن صحيفة افتتاح الدعوى وباقي إجراءاتها أوراق قضائية يكمل بعضها البعض الآخر.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كانت العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات السابقة عليها التي تضمنتها صحيفتها، وكان الثابت أن الطاعن حدد طلباته في مذكرته الختامية المقدمة لجلسة 6 من مارس سنة 1973 تحديداً جامعاً بأن طالب بأحقيته في التسكين على الفئة السادسة اعتباراً من أول يوليو سنة 1964 وإلزام الشركة المطعون ضدها أن تدفع له مبلغ 564 جنيه ولم يذكر من بينها طلب الترقية إلى الفئة الخامسة ولم يقدم ما يفيد إحالته إلى الطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى أو الإشارة إليها، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الطلب لم يعد مطروحاً على محكمة الدرجة الأولى بعد أن تنازل عنه الطاعن بعدم تمسكه به في مذكرته الختامية، فإنه لا يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال أو القصور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 31 لسنة 11 ق جلسة 18 / 12 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 132 ص 394

جلسة 18 ديسمبر سنة 1941

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-------------------

(132)
القضية رقم 31 سنة 11 القضائية

(أ) نقض وإبرام. 

الاستناد في الطعن إلى ورقة رسمية. وجوب تقديم صورة رسمية منها إلى محكمة النقض. إعطاء الطاعن مهلة لتقديم الصورة الرسمية. لا يجوز.
(ب) مزاد. 

عقار غير مملوك للمدين. لا تنتقل ملكيته للمشتري بالمزاد لا بحكم مرسى المزاد ولا بتسجيل الحكم. صدور حكم مرسى المزاد لا يحرم الغير من اكتساب هذا العقار بمضي المدّة القانونية.

--------------
1 - إذا كان الطاعن يستند في طعنه إلى ورقة رسمية فيجب أن تكون الصورة التي يقدّمها منها إلى محكمة النقض رسمية وإلا فلا يعتد بها. وإذا طلب الطاعن من محكمة النقض إعطاءه مهلة لتقديم صورة رسمية فلا تصح إجابته إلى طلبه، لأن القانون قد حدّد لتقديم الأوراق المتعلقة بالطعن مواعيد معينة يجب تقديمها فيها.
2 - إذا لم يكن العقار المطلوب نزع ملكيته مملوكاً للمدين فلا تنتقل الملكية فيه إلى المشتري لا بحكم مرسى المزاد ولا بتسجيل هذا الحكم. فإذا كان من رسا عليه المزاد لم يضع يده على العقار المنزوعة ملكيته فإن صدور حكم مرسى المزاد لا يحرم غيره من اكتساب ملكية هذا العقار بمضي المدّة القانونية متى توافرت له الشرائط القانونية.

الطعن 29 لسنة 11 ق جلسة 18 / 12 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 131 ص 393

جلسة 18 ديسمبر سنة 1941

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(131)
القضية رقم 29 سنة 11 القضائية

إثبات. 

متى يعتبر الوارث في حكم الغير فيما يختص بالتصرف الصادر من المورث؟ بيع تاريخه غير ثابت رسمياً وسابق على مرض الموت. للوارث أن يثبت بجميع الطرق أن هذا التاريخ غير صحيح، وأن التصرف كان في مرض الموت. تصرف من أب لابنه. عدم اعتباره لمجرّد أن تاريخه عرفي وأن الأب توفى على أثر مرض. خطأ. وجوب التحقيق من أن التصرف حصل فعلاً في مرض الموت.
(المواد 228 و254 مدني وما بعدها)

-------------------
الوارث لا يعتبر من الغير فيما يختص بالتصرفات الصادرة من المورّث إلا إذا كان التصرف قد صدر في مرض الموت إضراراً بحقه في الميراث. فإذا كان التاريخ المدوّن في ورقة التصرف سابقاً على بدء مرض الموت وغير ثابت رسمياً فإن كل ما يكون للوارث هو أن يثبت بجميع الطرق أن هذا التاريخ غير صحيح، وأن العقد إنما أبرم في مرض الموت. وإذن فإذا كان الحكم لم يقم وزناً للتصرف الصادر من أب لابنه لمجرّد أن تاريخه عرفي، وأن الأب المتصرف توفى على إثر مرض أصابه، دون البحث في صحة هذا التاريخ والتحقق من أن التصرف حصل بالفعل في مرض الموت، فإنه يكون مخطئاً.

الطعن 914 لسنة 43 ق جلسة 18 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 50 ص 234

جلسة 18 من يناير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أحمد محمود نائب رئيس المحكمة رئيساً وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، وصلاح نصار ومحمود رمضان.

----------------

(50)
الطعن رقم 914 لسنة 43 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن"
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2، 3، 4) التزام "أوصاف الالتزام. إيجار "إيجار الأماكن". دعوى.
(2) الشرط والأجل في الالتزام، التفرقة بينهما. النص في عقد إيجار المحل على بدء تنفيذه من تاريخ صدور الترخيص بإدارته مفاده تعليق العقد على شرط واقف. لا يغير من ذلك السماح للمستأجر بإجراء التحسينات اللازمة بالمحل.
(3) تعلق نفاذ عقد إيجار المحل على شرط واقف. مؤداه ليس للمستأجر المطالبة بصحة ونفاذ العقد قبل تحقق الشرط.
(4) إرجاء تنفيذ عقد إيجار المحل لحين حصول المستأجر على ترخيص بالإدارة. قيام مستأجر لاحق باستخراج الترخيص باسم المؤجر لا يؤدي إلى نفاذ عقد المستأجر الأول.

----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه؛ بل يجب أن يكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد اختصمت المطعون عليه الثالث أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهته وإنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبد أي دفاع كما لم يحكم بشيء ضده لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تعلق لها بالمطعون عليه الثالث فلا يقبل منها اختصامه في الطعن.
2 - مفاد نص المادتين 265، 271/ 1 من القانون المدني، أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق الالتزام، فإنهما يختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف، فبينما لا يكون الالتزام المعلق على شرط محققاً في قيامه أو زواله، إلا بالالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده ولكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الانقضاء. ولما كان مفاد البند الخامس من عقدي الإيجار والذي يقضي بأن مدة العقد سنة واحدة تبدأ من تاريخ صدور الترخيص ويجوز تجديدها لمدة أخرى ويصرح الطرف الأول المؤجر للطرف الثاني المستأجرين إلى حين أن يصدر الترخيص بإجراء التحسينات التي قد يرى الطرف الثاني في إدخالها. على أنه لا يجوز للطرف الثاني أن يبدأ في افتتاح المكان المؤجر وتشغيله قبل الحصول على الترخيص، أن عقدي الإيجار معلق نفاذهما على شرط مؤقت غير محقق الوقوع هو الحصول على الترخيص الإداري اللازم لمباشرة المهنة أو الصناعة، باعتباره ليس مرتهناً بإرادة أحد طرفي الالتزام وإنما متصل أيضاً بعامل خارجي هو إرادة الجهة الإدارية المختصة بإصدار الترخيص.
3 - إذ كان الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة، فيكون الالتزام في فترة التعلق موجوداً، غير أن وجوده ليس مؤكداً مما يترتب عليه أنه لا يجوز للمستأجر خلالها أن يتخذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو اختياراً طالما لم يتحقق الشرط، وكانت دعوى صحة التعاقد لا يقتصر موضوعها على محل العقد بل يتناول تنفيذه أيضاً، اعتباراً بأن الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى يقوم مقام تنفيذ العقد إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام وفقاً للمادة 210 من القانون المدني، فإن ما خلص إليه الحكم من أن تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد مرتبطة باستصدار الترخيص ورتب على ذلك أن الدعوى مرفوعة قبل أوانها فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - إذ كان الحكم قد ذهب إلى أن الطرفين قد اتفقا على إرجاء تنفيذ عقدي الإيجار إلى وقت قيام الطاعنة باستخراج الترخيص باسم المالكين، وأن الطاعنة هي المكلفة باتخاذ هذا الإجراء دون المطعون عليهما الأولين ليتحقق به الشرط الواقف لنفاذ الإيجار، وكانت الطاعنة لا تجادل في عدم قيامها هي باستخراج الترخيص تنفيذاً لالتزاماتها الواردة بالعقد وكانت الأوراق قد خلت مما يشير إلى أن استخراج الترخيص تم بناء على عقدي الإيجار موضوع الدعوى، وكان هذا المعنى يظاهره البند الرابع من العقدين، فإن القول بأن استخراج المستأجر الجديد - المطعون عليه الثالث - ترخيصاً باسم المؤجرين يؤدي إلى نفاذ عقد الطاعنة لا يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم....... جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم على المطعون عليهما الأول والثاني وفي واجهة المطعون عليهما الثالث والرابع بصحة ونفاذ عقدي الإيجار الموضحين بصحيفة الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار وقالت بياناً لدعواها أنها استأجرت والمطعون عليه الرابع من المطعون عليهما الأولين بموجب عقدي إيجار مؤرخين....... كلاً من صالة الشاي والبار الكائنين بدار سينما....... بأجرة شهرية قدرها...... لصالة الشاي و...... للبار وتسلمت المكانين المؤجرين وبدأت إجراء التحسينات اللازمة لاستغلالهما وفوجئت في فبراير سنة 1969 بتعرض المطعون عليه الثالث لها استناداً إلى تواطؤ المؤجرين مع شريكها المطعون عليه الرابع الذي تنازل في 30 يناير سنة 1969 عن عقدي الإيجار، وإذ لا يسري هذا التنازل في حقها لعدم صدوره ممن ينوب عنها قانوناً فقد أقامت دعواها. وبتاريخ..... حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم....... طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها وبتاريخ........ قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثالث وفي الموضوع برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة هو عدم جواز اختصام المطعون عليه الثالث لأن الطاعنة لم توجه إليه أية طلبات أمام محكمة الموضوع ولم تؤسس طعنها على أسباب تتعلق به.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد اختصمت المطعون عليه الثالث أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهته وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبد أي دفاع فيها كما لم يحكم بشيء ضده، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تتعلق بالمطعون عليه الثالث فلا يقبل منها اختصامه في الطعن ويكون الدفع في محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم بنى قضاءه على سند من القول بأنها تقصد بمدعاها تنفيذ عقد الإيجار جبراً على المطعون عليهما الأولين، وأنه طالما اتفق بالعقد على أن الإيجار لا يبدأ إلا من تاريخ صدور الترخيص وأن تنفيذ الالتزامات المتبادلة في العقد مرتبط بهذا الترخيص الذي لم يصدر بعد فإن الدعوى تكون سابقة لأوانها؛ في حين أنه غم على الحكم التفرقة بين الشرط ولأجل وتعليق العقد على استخراج الترخيص أمر مستقل ومحقق الوقوع متى استوفيت الشروط التي تتطلبها الجهة الإدارية المختصة وهو بهذه المثابة يكون مقترناً بأجل وليس معلقاً على شرط إذ كان الثابت أن الطاعنة تسلمت المكانين المؤجرين وأخذت في إعدادهما تمهيداً لاستغلالهما، فإنها إنما تقصد بمدعاها إعادة وضع يدها عليهما وقد رفعت بطريق غير مشروع أما افتتاح المحل وبدء استغلاله فهو وحده المتوقف على استخراج الترخيص، وهو أمر لم تستهدفه وينبغي التحرز من الخلط بين شروط صحة وانعقاد العقد وبين ما يترتب عليه من أثار هذا إلى أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المطعون عليه الثالث المستأجر الجديد هو الذي قام باستخراج الترخيص، مع أن الشهادة المقدمة تفيد أن الترخيص صادر باسم المطعون عليهما الأولين - المؤجرين - وإن المطعون عليه الثالث ليس إلا المستغل للمكان فحسب بما يفيد تحقق استصدار الترخيص الذي يبدأ معه نفاذ العقد، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 265 من القانون المدني على أنه "يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقل غير محقق الوقوع "وفي المادة 271/ 1 من ذات القانون على أن "يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو اقتضاؤه مترتباً على أمر مستقل محقق الوقوع" يدل على أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق الالتزام فإنهما يختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف فبينما لا يكون الالتزام المعلق على شرط محققاً في قيامه أو زواله إلا بالالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده ولكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الانقضاء ولما كان مفاد البند الخامس من عقدي الإيجار والذي يقضي بأن مدة العقد سنة واحدة تبدأ من تاريخ صدور الترخيص ويجوز تجديدها لمدة أخرى، ويصرح الطرف الأول المؤجر للطرف الثاني المستأجرين - إلى حين أن يصدر الترخيص - بإجراء التحسينات التي قد يرى الطرف الثالث في إدخالها على أنه لا يجوز للطرف الثاني أن يبدأ في افتتاح المكان المؤجر وتشغيله قبل الحصول على الترخيص، أن عقدي الإيجار معلق نفاذهما على شرط مؤقت غير محقق الوقوع هو الحصول على الترخيص الإداري اللازم لمباشرة المهنة أو الصناعة، باعتباره ليس مرتهناً بإرادة أحد طرفي الالتزام وإنما متصل أيضاً بعامل خارجي هو إرادة الجهة الإدارية المختصة بإصدار الترخيص. لما كان ذلك وكان الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة، فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً غير أن وجوده ليس مؤكداً مما يترتب عليه أنه لا يجوز للمستأجر خلالها أن يتخذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو اختياراً طالما لم يتحقق الشرط؛ وكانت دعوى صحة التعاقد لا يقتصر موضوعها على محل العقد بل يتناول تنفيذه أيضاً، اعتباراً بأن الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى يقوم مقام تنفيذ العقد إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام وفقاً للمادة 210 من القانون المدني، فإن ما خلص إليه الحكم من أن تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد مرتبطة باستصدار الترخيص، ورتب على ذلك أن الدعوى مرفوعة قبل أوانها فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم وكان الحكم قد ذهب إلى أن الطرفين قد اتفقا على إرجاء تنفيذ عقدي الإيجار إلى وقت قيام الطاعنة باستخراج الترخيص باسم المالكين، وأن الطاعنة هي المكلفة باتخاذ هذا الإجراء دون المطعون عليهما الأولين ليتحقق به الشرط الواقف لنفاذ الإيجار، وكانت الطاعنة لا تجادل في عدم قيامها هي باستخراج الترخيص تنفيذاً لالتزاماتها الواردة بالعقد، وكانت الأوراق قد خلت مما يشير إلى أن استخراج الترخيص تم بناء على عقدي الإيجار موضوع الدعوى وكان هذا المعنى يظاهره البند الرابع من العقدين. فإن القول بأن استخراج المستأجر الجديد - المطعون عليه الثالث - ترخيصاً باسم المؤجرين يؤدي إلى نفاذ عقد الطاعنة لا يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون، ويكون النعي على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 200 لسنة 43 ق جلسة 26 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 58 ص 277

جلسة 26 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، أحمد ضياء عبد الرازق عيد، والدكتور جمال الدين محمود ويحيى الرفاعي.

---------------

(58)
الطعن رقم 200 لسنة 43 القضائية

عمل "تسكين العاملين".
تسوية حالة العاملين بالقطاع العام. أساسها. المرتبات التي كانوا يتقاضونها في 30/ 6/ 1964. وجوب إضافة العلاوات التي يحصلون عليها بعد هذا التاريخ إلى مرتباتهم. لا يغير من ذلك إرجاء صرف الفروق المالية المترتبة على التسوية.

---------------
نص الشارع في المادة 64 من لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 والذي بدأ العمل به في 29/ 12/ 1962 على أن "تعادل وظائف الشركة بالوظائف الواردة في الجدول المشار إليه في المادة السابقة خلال مدة لا تجاوز ستة شهور من تاريخ العمل بهذا القرار... ويصدر بهذا التعادل قرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة بناء على اقتراح مجلس إدارة الشركة. ولا يسري هذا القرار إلا بعد التصديق عليه من المجلس التنفيذي ويمنح العاملون المرتبات التي يحددها القرار الصادر بتسوية حالتهم طبقاً للتعادل المنصوص عليه اعتباراً من أول السنة التالية". ثم أصدر لحسم ما أثير من خلاف حول أقدمية العاملين الذين تسوى حالتهم. طبقاً للتعادل المنصوص عليه في هذه المادة بسبب تراخي بعض الشركات في سلوك مراحل هذه التسوية القرار الجمهورية رقم 2709 سنة 1966 ونص في مادته الأولى على أنه "استثناء من حكم المادة 64 من لائحة نظام العاملين في الشركات تحدد أقدمية العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها في الفئات التي سويت حالتهم عليها بعد التعادل اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 على ألا تصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك إلا اعتباراً من أول السنة المالية التالية لتاريخ تصديق مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة المؤسسة المختصة بهذا التعادل". فقد أراد رد حصول العاملين على الفئات التي وضعوا فيها نتيجة لتسوية حالتهم إلى أول يوليه سنة 1964، ومن ثم تكون المرتبات التي تتخذ أساساً لتسوية حالة هؤلاء العمال هي المرتبات التي كانوا يتقاضونها في 30/ 6/ 1964 ومقتضى هذا أن العلاوات التي يحصلون عليها بعد هذا التاريخ ترد على المرتبات المقررة للفئات التي سويت حالتهم عليها وتضاف إليها ولا يؤثر في ذلك ما نص عليه القرار الجمهوري الأخير من إرجاء صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالة العاملين إلى أول السنة المالية التالية لتاريخ تصديق مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة المؤسسة بالتعادل لأن هذا النص إنما ينصرف إلى تحديد الوقت الذي تصرف فيه تلك الفروق المالية المترتبة على التسوية ولا يغير من القواعد التي يجب أن تجرى عليها التسوية ذاتها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الشركة المطعون ضدها منحت الطاعن الذي سويت حالته على الفئة المالية السابعة أول مربوط هذه الفئة اعتباراً من 21/ 7/ 1969 تاريخ اعتماد التعادل كما منحت العلاوة الخاصة بهذه الفئة اعتباراً من 1/ 1/ 1970 فإن الحكم المطعون فيه إذ أقر الشركة على عدم استحقاق الطاعن لأول مربوط الفئة التي سكن عليها والعلاوة المقررة لها إلا اعتباراً من أول السنة المالية التالية لاعتماد مجلس الوزراء لجداول التعادل الخاصة بها، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 993 سنة 1970 عمال كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامهما بأن تدفع له مبلغ 555 ج و40 م، وقال بياناً لذلك أنه يعمل بالشركة بأجر تدرج حتى أصبح في 1/ 7/ 1964 مبلغ 11 ج و960 م شهرياً وأن الشركة قامت بتسوية حالته على الفئة السابعة اعتباراً من هذا التاريخ إلا أنها لم تمنحه أول مربوط هذه الفئة وقدره 20 ج اعتباراً من التاريخ آنف الذكر كما لم تمنحه العلاوة المقررة لتلك الفئة، وأنه إذا رتب له ذلك فرقاً في المرتب قدره 555 ج و40 م حتى تاريخ رفع الدعوى فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. وبتاريخ 7/ 10/ 1970 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بالمنطوق. وبتاريخ 19/ 4/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 707/ 28 ق وفي 25/ 12/ 1972 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 12/ 1/ 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وقال بياناً لذلك إن الحكم جرى في قضائه على أن الطاعن لا يستحق أول مربوط الفئة المالية التي سويت حالته عليها أو العلاوة الدورية المقررة لها إلا اعتباراً من أول السنة المالية التالية لاعتماد مجلس الوزراء لجداول التعادل الخاصة بالشركة المطعون ضدها، في حين أن التاريخ المقرر لبدء التسكين في شركات القطاع العام هو 1/ 7/ 1964 وهو التاريخ الذي يستحق فيه العامل أول - مربوط الفئة التي سكن عليها طبقاً لجداول التعادل كما تحتسب العلاوة المستحقة بعد هذا التاريخ على أساس العلاوة المقررة للفئة التي سكن عليها، على ألا تصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك إلا اعتباراً من أول السنة المالية التالية لتصديق مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة المؤسسة بالتعادل.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الشارع إذ نص في المادة 64 من لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 سنة 1962 والذي بدأ العمل به في 29/ 12/ 1962 على أن "تعادل وظائف الشركة بالوظائف الواردة في الجدول المشار إليه في المادة السابقة خلال مدة لا تجاوز ستة شهور من تاريخ العمل بهذا القرار... ويصدر بهذا التعادل قرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة بناء على اقتراح مجلس إدارة الشركة. ولا يسري هذا القرار إلا بعد التصديق عليه من المجلس التنفيذي ويمنح العاملون المرتبات التي يحددها القرار الصادر بتسوية حالتهم طبقاً للتعادل المنصوص عليه اعتباراً من أول السنة المالية التالية". ثم أصدر لحسم ما أثير من خلاف حول أقدمية العاملين الذي تسوى حالتهم طبقاً للتعادل المنصوص عليه في هذه المادة بسبب تراخي بعض الشركات في سلوك مراحل هذه التسوية القرار الجمهوري رقم 2709 سنة 1966 ونص في مادته الأولى على أنه "استثناء من حكم المادة 64 من لائحة نظام العاملين في الشركات تحدد أقدمية العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها في الفئات التي سويت حالتهم عليها بعد التعادل اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 على ألا تصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك إلا اعتباراً من أول السنة المالية التالية لتاريخ تصديق مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة المؤسسة المختصة بهذا التعادل". فقد أراد رد حصول العاملين على الفئات التي وضعوا فيها نتيجة لتسوية حالتهم إلى أول يوليه سنة 1964، ومن ثم تكون المرتبات التي تتخذ أساساً لتسوية حالة هؤلاء العمال هي المرتبات التي كانوا يتقاضونها في 30/ 6/ 1964 ومقتضى هذا أن العلاوات التي يحصلون عليها بعد هذا التاريخ ترد على المرتبات المقررة للفئات التي سويت حالتهم عليها وتضاف إليها ولا يؤثر في ذلك ما نص عليه القرار الجمهوري الأخير من إرجاء صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالة العاملين إلى أول السنة المالية التالية لتاريخ تصديق مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة المؤسسة بالتعادل لأن هذا النص إنما ينصرف إلى تحديد الوقت الذي تصرف فيه تلك الفروق المالية المترتبة على التسوية ولا يغير من القواعد التي يجب أن تجرى عليها التسوية ذاتها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الشركة المطعون ضدها منحت الطاعن الذي سويت حالته على الفئة السابعة أول مربوط هذه الفئة اعتباراً من 21/ 7/ 1969 تاريخ اعتماد التعادل كما منحته العلاوة الخاصة بهذه الفئة اعتباراً من 1/ 1/ 1970، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقر الشركة على عدم استحقاق الطاعن لأول مربوط الفئة التي سكن عليها والعلاوة المقررة لها إلا اعتباراً من أول السنة المالية التالية لاعتماد مجلس الوزراء لجداول التعادل الخاصة بها، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث السبب الثاني.


(1) نقض 20/ 3/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 ص 704.