الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 مارس 2023

الطعن 399 لسنة 29 ق جلسة 7 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 103 ص 647

جلسة 7 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي.

---------------

(103)
الطعن رقم 399 لسنة 29 القضائية

حراسة. "التزامات الحارس".
التزام الحارس مأجوراً كان أم غير مأجور ببذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على أموال الحراسة وفي إدارتها. المادة 734/ 1 مدني. حكم مستحدث لم يكن له مقابل في القانون المدني القديم. عدم مساءلة الحارس غير المأجور في ظل القانون المدني القديم إلا عن تقصيره الجسيم.

---------------
استحدثت المادة 734/ 1 من القانون المدني القائم بما أوجبته على الحارس - مأجوراً كان أم غير مأجور - من أن يبذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على أموال الحراسة وفي إدارتها حكماً جديداً لم يكن له مقابل في القانون المدني القديم، إذ لم يتضمن هذا القانون نصوصاً تنظم سلطة الحارس والتزاماته تنظيماً كاملاً ولم يورد في شأن الحراسة غير مادتين مقتضبتين تخللتا النصوص المتعلقة بالوديعة. وإذ كان الحارس منوطاً به حفظ الشيء كالوديع وإدارته كالوكيل فإنه لذلك يسري على الحراسة في ظل القانون المدني القديم أحكام الوديعة وأحكام الوكالة في ذلك القانون وبالقدر الذي يتفق مع طبيعة الحراسة، ومن هذه الأحكام ما كانت تقرره المادتان 485 و521 من أن كلاً من الوديع والوكيل لا يسأل إلا عن تقصيره الجسيم إذا كان بغير أجر، أما إذا كان مأجوراً فيسأل عن تقصيره اليسير، ومن ثم فإن الحارس غير المأجور لا يكون مسئولاً في حكم القانون المدني القديم إلا عن تقصيره الجسيم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مورثة المطعون عليهم أقامت الدعوى رقم 23 سنة 1944 كلي الجيزة ضد الطاعن بوصفه حارساً قضائياً على تركة والدها المرحوم بسيوني الخطيب طالبة إلزامه بأن يقدم كشفاً بالحساب عن مدة إدارته لأعيان التركة من تاريخ تعيينه حارساً عليها بموجب الحكم الصادر من محكمة السنطة في 15 مايو سنة 1938 حتى نهاية سنة 1944 وندب خبير لفحص الحساب بعد تقديمه وإلزام الطاعن بأن يدفع ما يظهر أنه مستحق لها عن تلك المدة. قدم الطاعن كشوفاً بحسابه عن المدة المطلوبة أوضح فيها أن صافي غلة أعيان التركة طوال هذه المدة يبلغ 12012 ج و111 م وأن مورثة الطاعنين تستحق فيه 667 ج و339 م إلا أنها حصلت من الحراسة على مبلغ 1132 ج و503 م أي زيادة على ما تستحقه بمقدار 465 ج و163 م وبجلسة 29 سبتمبر سنة 1945 قضت المحكمة بندب خبير لفحص الحساب. وبعد أن قدم الخبير تقريره طلبت مورثة المطعون عليهم إلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 902 ج و868 م واحتياطياً بإلزامه بدفع المبلغ الذي تستحقه طبقاً لتقرير الخبير وقدره 183 ج و137 م وبجلسة 10 نوفمبر سنة 1957 قضت المحكمة للمدعية بطلبها الاحتياطي. استأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 113 سنة 75 ق طالباً إلغاءه ورفض الدعوى استناداً إلى كشوف الحساب المقدمة منه. وكان مما نعاه على تقرير الخبير أنه لم يخصم مما تستحقه مورثة المطعون عليهم مبلغ 5 ج و730 م هو مقدار نصيبها فيما لم يتم تحصيله من إيجار أطيان الحراسة عن السنوات 1939 و1940 و1942 وبجلسة 21 مايو سنة 1959 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهم مبلغ 177 ج و397 م - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ولدى عرض الطعن على دائرة فحص الطعون تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب نقض الحكم، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأنه أقيم حارساً على التركة بدون أجر فيكون شأنه شأن الوكيل غير المأجور الذي لا يحاسب إلا عن خطئه الجسيم غير أن الحكم المطعون فيه اعتبره مسئولاً عن تأجير أعيان الحراسة بأقل من أجرة المثل التي قدرها الخبير مستنداً في ذلك إلى ما تقضى به المادة 734 من القانون المدني الجديد من التزام على الحارس في جميع الأحوال بأن يبذل في إدارة الأموال المعهودة إليه حراستها عناية الرجل المعتاد، وذلك في حين أن الحساب محل النزاع تسري عليه أحكام القانون المدني القديم التي لم تكن تجعل الحارس بلا أجر مسئولاً إلا عن تقصيره الجسيم. وإذ طبق الحكم نص المادة 734 ممن القانون المدني الجديد على واقعة الدعوى واستغنى بذلك عن البحث فيما إذا كان التقصير الذي أسنده الخبير إلى الطاعن يعد تقصيراً جسيماً فيعتبر مسئولاً عنه أم يعد تقصيراً يسيراً فيغتفر له، فإن ذلك الحكم يكون مشوباً بالقصور والخطأ في القانون الواجب التطبيق.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من مطالعة الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف المقدمة بملف الطعن، أن الطاعن تمسك في استئنافه بأنه عين حارساً قضائياً بدون أجر، وأنه على هذا الأساس لا يكون مسئولاً إلا عن تقصيره الجسيم في شئون الحراسة وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله: "إن المستأنف - الطاعن - وهو حارس قضائي مسئول عن إدارة أموال الحراسة في حدود المادة 734/ 1 من القانون المدني التي توجب عليه أن يبذل في هذه الإدارة عناية الرجل المعتاد فإذا تبين أنه لم يبذل في تأجير أطيان الحراسة أو بعضها عناية الرجل المعتاد كان مسئولاً عن قيمة العجز في هذه الفئات طبقاً للقانون. وحيث إنه تبين من مطالعة تقرير الخبير أنه اعتمد فئات التأجير في أطيان.... وعدل فئات التأجير في أطيان... وذكر أسباب تعديله فئات الإيجار في تقريره ومقدار الفرق بين الفئات التي قدرها والفئات التي تقدم بها المستأنف ويتراوح هذا الفرق بين جنيه وخمسة جنيهات وهي فروق كبيرة لا يقبلها الرجل العادي في إدارته. ومن ثم يكون المستأنف مسئولاً عنها" ولما كانت المادة 734/ 1 من القانون المدني الجديد التي اتخذها الحكم سنداً لقضائه والتي توجب على الحارس - مأجوراً كان أم غير مأجور أن يبذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على أموال الحراسة وفي إدارتها قد استحدثت حكماً جديداً لم يكن له مقابل في القانون المدني القديم إذ لم يتضمن هذا القانون نصوصاً تنظم سلطة الحارس والتزاماته تنظيماً كاملاً ولم يورد في شأن الحراسة غير مادتين مقتضبتين تخللتا النصوص المتعلقة بالوديعة، وإذ كان الحارس منوطاً به حفظ الشيء كالوديع وإدارته كالوكيل فإنه لذلك يسري على الحراسة في ظل القانون المدني القديم أحكام الوديعة وأحكام الوكالة في ذلك القانون وبالقدر الذي يتفق مع طبيعة الحراسة، ومن هذه الأحكام وتلك ما كانت تقرره المادتان 485 و521 من أن كلاً من الوديع والوكيل لا يسأل إلا عن تقصيره الجسيم إذا كان بغير أجر أما إذا كان مأجوراً فيسأل حتى عن تقصيره اليسير ومن ثم فإن الحارس غير المأجور لا يكون مسئولاً في حكم القانون المدني القديم - إلا عن التقصير الجسيم، لما كان ذلك، وكانت الدعوى قد رفعت بطلب الحساب عن المدة من سنة 1938 حتى سنة 1944 فيحكمها القانون المدني القديم، وكان الحكم المطعون فيه إذ طبق على الدعوى الحكم الذي استحدثه المشرع في المادة 734/ 1 مدني جديد قد حجب نفسه عن البحث فيما إذا كان الطاعن قد عين حارساً بدون أجر أم أنه كان حارساً مأجوراً، ولم يبحث درجة التقصير الذي أسنده إلى الطاعن في إدارة أموال الحراسة وهل يعتبر من قبيل التقصير اليسير أو الجسيم، فإن ذلك الحكم يكون معيباً بقصور يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى ويتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 390 لسنة 29 ق جلسة 7 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 102 ص 643

جلسة 7 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

--------------

(102)
الطعن رقم 390 لسنة 29 القضائية

( أ ) حكم. "إصداره". "النطق به". بياناته". بطلان.
تخلف القاضي الذي أصدر الحكم عن جلسة النطق به وتوقيعه على مسودته. حلول غيره محله وقت النطق به. وجوب إثبات ذلك في الحكم. بيان جوهري يترتب على إغفاله البطلان.
(ب) حكم. "إصداره". "بياناته".
تقديم شهادة من قلم الكتاب بأن الهيئة التي أصدرت الحكم هي بذاتها التي سمعت المرافعة. عدم صلاحيتها كدليل لنفي ما ورد في محضر الجلسة على خلاف ذلك.

---------------
1 - مفاد المواد 339 و342 و349 من قانون المرافعات على ما جرى به قضاء محكمة النقض أنه إذا تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به فوقع على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه وحل غيره محله وقت النطق به وجب إثبات ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان (1).
2 - الشهادة الصادرة من قلم الكتاب للتدليل على أن الهيئة التي أصدرت الحكم هي بذاتها التي سمعت المرافعة لا تصلح دليلاً لنفي ما ورد في محضر الجلسة على خلاف ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه بصفته رفع الدعوى رقم 68 سنة 1956 مدني كلي المنصورة ضد الشركة الطاعنة طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 12000 ج - وبتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1956 حكمت المحكمة الابتدائية للمطعون عليه بطلباته - استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه وقيد استئنافها برقم 3 سنة 9 ق وبتاريخ 9 من مايو سنة 1959 حكمت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 16 من إبريل سنة 1946 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن إعلانه به وقع باطلاً ذلك أن المحضر سلم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة دون أن يبين في ورقة الإعلان الخطوات السابقة على ذلك، كما لم يقم بالإخطار المنصوص عليه في المادة 12 مرافعات.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر قد أثبت أنه انتقل إلى محل إقامة المطعون عليه في 19/ 1/ 1963 فوجده مغلقاً ولم يجد من يتسلم الإعلان قانوناً، كما أثبت أنه انتقل في نفس اليوم إلى قسم عابدين وسلم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة وأثبت أيضاً أنه أخطر المطعون عليه بخطاب موصى عليه في 20/ 1/ 1963 وبذلك يكون المحضر قد قام بما يوجبه القانون لإجراء الإعلان إذ أثبت في محضره تفصيلاً لجميع الخطوات التي سبقت تسليم صورته إلى جهة الإدارة وأخطر المطعون عليه بذلك في ظرف أربع وعشرين ساعة بخطاب موصى عليه ومن ثم يكون ما يستند إليه المطعون عليه في هذا الدفع لا أساس له من الواقع، مما يتعين معه رفضه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بطلانه لمخالفته نص المادة 339 من قانون المرافعات، وفي بيان ذلك تقول إن الثابت من محضر جلسة 9 من مايو سنة 1959 أن المرافعة تمت في هذه الجلسة وأن الهيئة التي سمعت المرافعة هي نفس الهيئة التي سبق لها أن نظرت القضية بجلسة 5 من مايو سنة 1959 وأجلتها لجلسة 9 من مايو سنة 1959 عدا كاتب الجلسة. والثابت من محضر جلسة 5 من مايو سنة 1959 أن الهيئة كانت مكونة من السادة المستشارين حسن عبد الوهاب العفيفي ومحمد مصطفى موسى وكمال العبد بينما الثابت من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي أصدرته كانت مكونة من السادة المستشارين محمد مصطفى موسى وكمال العبد وسركيس داود ولم يثبت في الحكم أن السيد المستشار حسن عبد الوهاب العفيفي الذي سمع المرافعة قد اشترك في المداولة وأنه تعذر عليه حضور تلاوة الحكم فحل محله السيد المستشار سركيس داود وبذلك جاء الحكم باطلاً لعدم اشتراك أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة في المداولة وفي إصداره.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 339 من قانون المرافعات تنص على أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً، وتنص المادة 342 مرافعات على أنه يجب أن يكون القضاة الذين اشتركوا في المداولة حاضرين تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع على مسودة الحكم، وتنص المادة 349 مرافعات على أنه يجب أن يبين في الحكم المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصداره ومكانة وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته وأن عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلانه، ولما كان مفاد هذه النصوص على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه إذ تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به فوقع على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه وحل غيره محله وقت النطق به وجب إثبات ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان - وكان الثابت من محضر جلسة 9 من مايو سنة 1959 أن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم هي نفس الهيئة التي نظرت القضية في جلسة 5 من مايو سنة 1959 عدا كاتب الجلسة، وكانت هذه الهيئة مكونة من السادة المستشارين حسن عبد الوهاب العفيفي ومحمد مصطفى موسى وكمال العبد - وكان الثابت من بيانات الحكم أن الهيئة التي أصدرته كانت مكونة من السادة المستشارين محمد مصطفى موسى وكمال العبد وسركيس داود دون أن يبين أن السيد المستشار حسن عبد الوهاب العفيفي الثابت من محضر الجلسة أنه سمع المرافعة قد اشترك في المداولة ووقع على مسودة الحكم ولم يحضر تلاوته لتعذر ذلك عليه - لما كان ذلك، وكان هذا البيان جوهرياً على ما سبق بيان فإن الحكم يكون مشوباً بالبطلان. ولا يغير من هذا ما قدمه المطعون عليه من شهادة صادرة من قلم الكتاب للتدليل على أن الهيئة التي أصدرت الحكم هي بذاتها التي سمعت المرافعة ذلك أن مثل هذه الشهادة لا تصلح دليلاً لنفي ما ورد في المحضر الجلسة، وإذ كان التعارض قائماً بين محضر الجلسة وبين الحكم في هذا الخصوص فإن من شأن هذا التعارض أن يحول بين محكمة النقض وبين مباشرة سلطتها في التثبت مما إذا كانت الإجراءات السالف ذكرها قد روعيت أم لا مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 19/ 12/ 1962 الطعن 42 س. 3 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 1150.

الطعن 326 لسنة 29 ق جلسة 6 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 101 ص 639

جلسة 6 من مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد أحمد الشامي، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

--------------

(101)
الطعن رقم 326 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "رسم الدمغة". "رسم الدمغة على الأوراق والقراطيس المالية" "تقدير الرسم".
رسم الدمغة على الأسهم والسندات غير المقيدة بالتسعيرة الرسمية بالبورصة. تقديره على القيمة الاسمية المدونة عليها.

--------------
النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من الفصل الثالث من الجدول 2 الملحق بالقانون 224 لسنة 1951 على أن "جميع الأسهم على اختلاف أنواعها والسندات الصادرة من الشركات المصرية أو من مجالس المديريات أو من المجالس البلدية والقروية خاضعة لرسم دمغة سنوي مقداره واحد في الألف من قيمة هذه الأوراق إذا كانت مقيدة في البورصة، فإذا كانت الأوراق المذكورة غير مقيدة بالتسعيرة الرسمية بالبورصة فيحسب الرسم النسبي على هذه الأوراق على أساس اثنين في الألف من قيمتها الرسمية" وما دار في شأنها من مناقشات في البرلمان انتهت إلى تعديل عبارة "من قيمتها الاسمية المدفوعة فعلاً" الواردة بمشروع الحكومة إلى عبارة "من قيمتها الاسمية" يدل على أن المشرع أراد التعويل على القيمة الاسمية المدفوعة على الأسهم والسندات غير المقيدة بالتسعيرة الرسمية بالبورصة في إخضاعها لرسم الدمغة (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1203 سنة 1956 القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة طالبة إلزامها بأن ترد إليها مبلغ 1500 ج وقالت شرحاً لدعواها إنها تأسست برأس مال مكتتب به يبلغ خمسمائة ألف جنيه دفع منه الربع فقط ومقداره 125000 ج بواقع 500 م و62 ج للسهم الواحد وأن أسهمها غير مقيدة بالتسعيرة الرسمية للبورصة وتخضع لرسم الدمغة النسبي المقرر طبقاً للفصل الثالث من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 ومقداره اثنان في الألف ويحسب على أساس القيمة المدفوعة فعلاً من رأس المال غير أن مصلحة الضرائب رأت احتسابه على أسهم الشركة على أساس قيمتها الاسمية المكتتب بها وطالبتها بسداد مبلغ 1500 ج باعتباره فرق رسم عن سنتي 1955 و1956 قامت الشركة بدفعه واحتفظت بحقها في استرداده وبتاريخ 28 يناير سنة 1958 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للشركة المدعية مبلغ ألف وخمسمائة جنيه والمصاريف وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 478 سنة 75 قضائية وبتاريخ 7 مارس سنة 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بالمصاريف وخمسمائة قرش أتعاب المحاماة. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية ثم عرض على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الرسم النسبي المقرر على الأوراق المالية غير المقيدة بالتسعيرة الرسمية للبورصة يحسب على أساس قيمتها المدفوعة فعلاً يكون قد خالف نص الفقرتين الأولى والثانية من الفصل الثالث من الجدول 2 من القانون رقم 224 لسنة 1951 وأخطأ في تطبيقهما وتأويلهما، إذ يبين منهما أن المشرع في خصوص فرض رسم الدمغة على الأوراق المالية المصرية وما في حكمها قد فرق بين الأوراق المقيدة بالبورصة وغير المقيدة بها فجعل فرض الرسم في الحالة الأولى على قيمة الأوراق الحقيقية بينما جعله في الحالة الثانية مفروضاً على قيمتها الاسمية، وإذ كانت أسهم الشركة المطعون عليها غير مقيدة بالبورصة فإن مقتضى النص المتقدم أن تفرض الرسوم على أساس القيمة الاسمية لهذه الأسهم، وعلى الرغم من وضوح النص في هذا المعنى فإن الحكم المطعون فيه أوله تأويلاً خرج به عن مدلول عبارته الصريحة، في حين أن من المبادئ المقررة قانوناً أن لا اجتهاد مع صراحة النص ومما يؤكد هذا النظر أن المشرع في القانون رقم 224 لسنة 1951 قد عدل القاعدة التي كانت مقررة بالقانون رقم 44 لسنة 1939 وهو تعديل قصد به تلافي ما كانت تواجهه مصلحة الضرائب من صعوبات عملية في تقدير قيمة الأوراق المالية غير المقيدة بالبورصة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المشرع عندما فرض رسم الدمغة بالقانون رقم 44 لسنة 1939 نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من الفصل الثالث من الجدول رقم 2 الملحق به والمعدلة بالقانونين رقم 11 سنة 1940، 97 سنة 1947 على أن "يفرض رسم دمغة على الأوراق المالية المصرية وما في حكمها.... وجميع الأسهم على اختلاف أنواعها وحصص التأسيس والسندات الصادرة من الشركات المصرية أو من مجالس المديريات أو المجالس البلدية والمحلية المصرية سواء كانت مقبولة بالتسعيرة الرسمية بالبورصة أم لم تكن مقبولة بها تكون خاضعة لرسم دمغة سنوي مقداره نصف في الألف" وعندما ألغى هذا القانون بالقانون رقم 224 سنة 1951 نصت الفقرة ( أ ) من المادة الأولى من الفصل الثالث من الجدول رقم 2 الملحق به على أن "جميع الأسهم على اختلاف أنواعها والسندات الصادرة من الشركات المصرية أو من مجالس المديريات أو من المجالس البلدية والقروية خاضعة لرسم دمغة سنوي مقداره واحد في الألف من قيمة هذه الأوراق إذا كانت مقيدة في البورصة، فإذا كانت الأوراق المذكورة غير مقيدة بالتسعيرة الرسمية بالبورصة فيحسب الرسم النسبي على هذه الأوراق على أساس اثنين في الألف من قيمتها الاسمية" ويبين من هذا النص الأخير وما دار في شأنه من مناقشات في مجلس البرلمان انتهت إلى تعديل عبارة "القيمة الاسمية المدفوعة فعلاً" الواردة بمشروع الحكومة إلى عبارة ومن "قيمتها الاسمية" الواردة في الصياغة النهائية للنص أن المشرع أراد التعويل على القيمة الاسمية المدونة على الأسهم والسندات غير المقيدة بالتسعيرة الرسمية بالبورصة في إخضاعها للرسم المقرر، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضاءه على أن رسم الدمغة على الأوراق المالية غير المقيدة بالبورصة يحسب على أساس قيمتها المدفوعة فعلاً يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه، ولما سبق بيانه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 478 سنة 75 قضائية استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.


(1) راجع نقض 17/ 1/ 1962 الطعن 179 س 27 ق، 9/ 5/ 1962 الطعن 406 س 27 ق السنة 13 ص 63 و602، 27/ 11/ 1963 الطعن 309 س 28 ق لم ينشر.

الطعن 319 لسنة 29 ق جلسة 6 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 100 ص 635

جلسة 6 من مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد أحمد الشامي، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

---------------

(100)
الطعن رقم 319 لسنة 29 القضائية

(أ) ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". "وعاء الضريبة". "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية".
وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. دخوله في وعاء الضريبة العامة على الإيراد. تحديده، الرجوع إلى الأحكام المقررة في القانون 14 لسنة 1939.
(ب) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "الواقعة المنشئة للضريبة".
احتساب الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية على مقدار الأرباح في السنة السابقة أو في فترة الإثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية. تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها. يكفي أن تكون نتيجة النشاط التجاري أو الصناعي في نهاية السنة الضريبية ربحاً حتى تفرض الضريبة على صافي الربح.

--------------
1 - مفاد الفقرة السادسة من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1951 أنه يتعين لتحديد وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية الذي يدخل في وعاء الضريبة على الإيراد العام، الرجوع إلى الأحكام المقررة في القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن تحديد وعاء تلك الضريبة.
2 - تحديد الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية طبقاً لما نص عليه في المادتين 38 و39 من القانون 99 لسنة 1949 على تقديرات الأرباح في السنة السابقة أو في فترة الإثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية، ويكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها المنشأة ومن ثم فإنه يكفي أن يكفي أن تكون نتيجة النشاط التجاري أو الصناعي في نهاية السنة الضريبية ربحاً لكي تفرض الضريبة على الربح الصافي (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 24 مارس سنة 1952 قدم المطعون عليه إلى مأمورية ضرائب شبين الكوم إقراراً عن إيراده الخاضع للضريبة على الإيراد العام عن المدة من أول يناير سنة 1951 حتى آخر ديسمبر سنة 1951 أورد فيه أن تجارة الأقطان وحلجها هي المورد الوحيد لإيراداته وأن هذه التجارة لم تحقق ربحاً خلال هذا العام وإنما انتهت إلى خسارة بلغت جملتها 55747 ج و527 م ولم تعول مأمورية الضرائب على إقراره وقدرت وعاء الضريبة العامة على إيرادات المطعون عليه في سنة 1951 بمبلغ 100052 ج و145 م، طعن الممول في هذا التقدير أمام لجنة طعن ضرائب طنطا التي أصدرت بتاريخ 4 يونيه سنة 1955 قرارها باعتبار صافي إيراده عن سنة 1951 مبلغ 98081 ج و552 م، اعترض المطعون عليه على قرار اللجنة في الدعوى رقم 16 لسنة 1955 تجاري كلي شبين الكوم طالباً إلغاءه واعتماد إقراره، وبتاريخ 9 يناير سنة 1957 قضت المحكمة الابتدائية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل قرار اللجنة وباعتبارها وعاء الضريبة العامة على الإيراد للمطعون عليه في سنة 1951 هو مبلغ 20389 ج و8 م وإلغاء القرار المطعون فيه فيما زاد عن هذا المبلغ. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 19 سنة 8 ق تجاري طنطا طالبة إلغاءه والحكم باعتبار إيراد المطعون عليه الخاضع للضريبة العامة على الإيراد في سنة 1951 مبلغ 72272 ج و764 م. وبتاريخ 26 فبراير سنة 1959 قضت محكمة استئناف طنطا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف واعتبار وعاء الضريبة العامة على الإيراد للمطعون عليه في سنة 1951 الميلادية مبلغ 20429 ج و93 م. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت بتاريخ 14/ 10/ 1962 إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت مصلحة الضرائب على طلب نقض الحكم المطعون فيه ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وطلبت النيابة الحكم بما ضمنته مذكرتها الثانية التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصلة أن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى تقرير تجزئة الربح التجاري في شأن السنة المالية المتداخلة لمنشأة المطعون عليه وإجراء محاسبته عن ضريبة الإيراد العام في سنة 1951 الميلادية على فترتين من أول يناير سنة 1951 إلى 31 يوليو سنة 1951 ومن أول أغسطس سنة 1951 إلى 31 ديسمبر سنة 1951 يكون قد خالف مبدأ سنوية الضريبة كما يكون أيضاً قد خالف الفقرة السادسة من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1951 التي أوجبت تحديد باقي إيرادات الممول طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضريبة النوعية الخاصة بها مما يتعين معه اتباع الأحكام المنصوص عليها في ضريبة الأرباح التجارية والصناعية لتحديد وعاء الضريبة على الأرباح المذكورة عند المحاسبة في شأن ضريبة الإيراد العام، ومن بين ما تضمنته هذه الأحكام ما نص عليه في المادة 38 من القانون رقم 14 لسنة 1939 التي حددت وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية بصافي أرباح الممول خلال سنة ميلادية أو متداخلة باعتبارها الواقعة المنشئة للضريبة النوعية على الأرباح التجارية والصناعية وهي تتم بقفل المنشأة لميزانيتها عند انتهاء سنتها المالية بما مفاده أن ربح المطعون عليه الذي يتبع في منشأته نظام السنة المالية المتداخلة يعتبر أنه تحقق برمته في السنة المالية 50/ 1951 في تاريخ إقفال ميزانيتها في 31/ 7/ 1951.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن الفقرة السادسة من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1951 نصت على طريقة تحديد وعاء الضرائب النوعية التي تدخل في وعاء ضريبة الإيراد العام بقولها "أما باقي الإيرادات فتحدد طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضريبة النوعية الخاصة بها"، ومفاد هذا النص أنه يتعين لتحديد وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية الذي يدخل في وعاء الضريبة على الإيراد العام - الرجوع إلى الأحكام المقررة في القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن تحديد وعاء تلك الضريبة، وطبقاً لما نص عليه في المادتين 38 و39/ 1 من القانون المذكور تحدد الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية على أساس مقدار الأرباح في السنة السابقة أو فترة الإثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية ويكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها المنشأة، فالواقعة المنشئة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية هي - وفق حكم المادتين السالفتين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي تباشرها المنشأة ومن ثم يكفي أن تكون نتيجة النشاط التجاري أو الصناعي في نهاية السنة الضريبية ربحاً حتى تفرض الضريبة على الربح الصافي - لما كان ذلك، وكان المطعون عليه في خلال سنة 1951 الميلادية التي جرت فيها محاسبته على ضريبة الإيراد العام قد حقق ربحاً في أعماله التجارية عند قفل حساباته في 31 يوليو سنة 1951 فكان يتعين معه إدخال هذه الأرباح جميعها في ضريبة الإيراد العام عن سنة 1951 الميلادية - فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر على ما سلف بيانه فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 13/ 6/ 1962 الطعن 3 س 28 ق السنة 13 ص 788.

الطعن 483 لسنة 35 ق جلسة 15 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 21 ص 119

جلسة 15 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(21)
الطعن رقم 483 لسنة 35 القضائية

( أ ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". خبرة. بطلان.
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير لقصور أسبابه وفساد استلاله. التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض سبب جديد غير مقبول.
(ب) إثبات. "القرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص القرائن". نقض. "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص القرائن. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان الاستخلاص سائغاً.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". إثبات.
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأنه غير تاجر وبعدم جواز الاحتجاج عليه بدفاتر المطعون عليه التجارية. لا يجوز النعي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) عقد. "تكييف العقد". محكمة الموضوع. "تفسير العقد وتكييفه". وكالة. "الوكالة بالعمولة".
استخلاص محكمة الموضوع استخلاصاً سائغاً من شهادة الشهود والقرائن في الدعوى بأن العلاقة بين الطرفين وكالة بالعمولة. لا خطأ.

--------------
1 - متى كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير لقصور أسبابه وفساد استدلاله بل انتهى في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة إلى أن الخبير قد أصاب الحقيقة فيما قرره، فإن النعي يكون سبباً جديداً، لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لمحكمة الموضوع سلطانها المطلق في أن تستخلص من الوقائع ما تراه من القرائن مؤدياً عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه متى كان استخلاصها سائغاً.
3 - إذا كان الثابت أن الطاعن لم يسبق له التحدي أمام محكمة الموضوع بأنه غير تاجر وبعدم جواز الاحتجاج عليه بدفاتر المطعون عليه التجارية، فإنه لا يجوز له إثارة هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - متى كانت محكمة الاستئناف قد كيفت العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة بالعمولة، وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما استخلصته من شهادة أحد الشهود ومن القرائن الماثلة في الدعوى استخلاصاً سائغاً، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة قانوناً بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه وكانت هي صاحبة الحق في تقدير قيمة ما يقدم لها من الأدلة، وأنه لا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد يوسف غراب أقام الدعوى رقم 1479 سنة 1956 تجاري كلي القاهرة ضد رضوان عبد الراضي الشريف، طالباً إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1694 ج و200 م، وقال في بيانها إن المدعى عليه اشترى منه 364986 أقة من الموز بثمن قدره 17378 ج و860 م وتبقى في ذمته المبلغ المطالب به، وإذ رفض سداده محتجاً بأن له عمولة تبلغ 10% من الثمن أي ما جملته 1737 ج و886 م مع أنه كان مشترياً لا وسيطاً على ما تدل عليه فواتير الاستلام فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. ورد المدعى عليه بأنه كان يبيع الموز بمحله لحساب المدعي نظير عمولة قدرها 10% من قيمة ما يبيعه وإن شقيق المدعي قد أقر بحقه فيها واستحق له مبلغ 1738 ج و886 م وبخصمه يصبح دائناً للمدعي بمبلغ 244 ج و176 م على النحو المبين بكشف الحساب المقدم منه. وبتاريخ 21/ 12/ 1958 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة، أن كميات الموز كانت تسلم للمدعى عليه بصفته مشترياً لا وكيلاً بالعمولة لبيعها لحسابه وأن شقيقه عبده يوسف غراب ليس له صلة بهذه الكميات ولينفي المدعى عليه ذلك بالطرق عينها ويثبت أن كميات الموز كانت تسلم إليه لبيعها لحساب المدعي وشقيقه نظير عمولة قدرها 10%. وبعد أن سمعت المحكمة شهادة وكيل المدعي حكمت في 6/ 12/ 1956 بندب الخبير الحسابي صاحب الدور لتصفية الحساب بين الطرفين بالنسبة لمحصول الموز الناتج من زراعة المدعي عن 1955/ 1956 والمسلم إلى المدعى عليه وذلك على أساس أن جملة هذا المحصول 364986 أقة وقيمته 17378 ج و860 م وإن كميات الموز التي تسلمها المدعى عليه حتى 25/ 1/ 1956 يستحق عنها عمولة بالنسبة التي جرى عليها عرف التعامل التجاري في مثل هذا النشاط، وقدم الخبير المنتدب تقريراً انتهى فيه إلى أن كمية الموز المبيعة هي 364986 أقة ثمنها 17378 ج و860 م، وأن المسدد طبقاً لما جاء في دفاتر المدعى عليه هو مبلغ 8675 ج و835 م والعمولة المستحقة له بواقع 8% من قيمة المبالغ 1390 ج و310 م، وأن المدعى عليه لم يقدم ما يفيد سداد مبلغ 7208 ج و315 م، فإذا قدم دليل سداده يكون الباقي طرفه 104 ج و400 م، أما إذا لم يقدم هذا الدليل فيكون المطلوب منه 7311 ج و715 م، وأوضح الخبير أن هناك فرقاً في مقدار الكمية المبيعة تبلغ 80596 أقة إذا اعتبرها الحكم الصادر بندبه 364986 أقة، بينما ذكر المدعي أنها 284390 أقة ثمنها 10400 ج و929 م تسدد منه 8706 ج و684 م وبقى 1694 ج و245 م، وبتاريخ 9/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 1694 ج و200 م. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 614 سنة 80 ق وقرر بالطعن بالتزوير في الإيصالين المقدمين من المستأنف عليه لمحكمة أول درجة المؤرخين 26/ 2/ 1956، 1/ 3/ 1956 على أساس أنه لم يوقع عليهما وطلب بمذكرة الشواهد المعلنة في 17/ 12/ 1964 الحكم برد وبطلان هذين الإيصالين. وبتاريخ 31/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير وبتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بأن يدفع للمستأنف عليه مبلغ 104 ج و400 م، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه خطأه في اعتماد تقرير الخبير رغم بطلان هذا التقرير لقصور أسبابه وفساد استدلاله، إذ استند الخبير في إجراء الحساب بين طرفي الخصومة إلى كشف قدمه المطعون عليه به كشط ومسح وتقديم وتأخير، ودون أن يراجعه على دفتر الأستاذ الذي استخرج منه أو أن يتحقق من مطابقة قيد العمليات في ذلك الدفتر للقيود الواردة في الدفاتر التي يتحتم القيد فيها أولاً، مخالفاً بذلك ما اشترطته المادة 14 من قانون التجارة للاحتجاج بتلك الدفاتر أمام المحاكم كما تخبط الخبير في تقريره وانتهى إلى نتيجة غريبة مؤداها أن قيمة الموز طبقاً للحكم التمهيدي هي 17378 ج و860 م يخصم منها ما سدده المطعون عليه وقدره 8675 ج و835 م، وقيمة العمولة بواقع 8% وقدرها 1390 ج و310 م، ومبلغ 7202 ج و315 م إذا قدم المطعون عليه ما يثبت سداده، وأن الباقي له 104 ج و400 م، وعول الحكم على هذه النتيجة المشوبة، كما عول على تقرير آخر مؤداه أن سداد مبلغ 7208 ج و315 م ثابت مما أقر به الطاعن من أنه لا يداين المطعون عليه إلا في مبلغ 1694 ج و200 م وفات الحكم أن المطعون عليه قد أدخل هذا المبلغ وصحته 7007 ج و820 م في كشف حسابه باعتباره ثمن موز توسط في بيعه لثلاثة من التجار، وأضاف إليه مبلغ 200 ج و495 م أجرة نقل ثم احتسب عليه عمولة مع أنه قد تمسك بأن بيع الموز للتجار الثلاثة المذكورين قد تم لهم مباشرة دون وساطة المطعون عليه، ودعم قوله بشهادات من هؤلاء التجار قدمها للخبير وبفرض أن العلاقة بينهما علاقة وكالة، فكان يتعين خصم مبلغ 7208 ج و315 م من مبلغ 17378 ج و860 م واحتساب العمولة على الباقي فقط وقدره 10170 ج و540 م.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في الوجهين الأول والثالث منه، ذلك أنه لما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير لقصور أسبابه وفساد استدلاله، بل انتهى في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة إلى أن الخبير قد أصاب الحقيقة فيما قرره، وأنه يوافق على ما انتهى إليه كما لم يتمسك بوجوب خصم مبلغ 7208 ج و315 م واحتساب العمولة على الباقي، فإن النعي يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. والنعي مردود في الوجه الثاني بأن لمحكمة الموضوع سلطانها المطلق في أن تستخلص من الوقائع ما تراه من القرائن مؤدياً عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه متى كان استخلاصها سائغاً. وإذ استخلصت سداد المطعون عليه لمبلغ الـ 7208 ج و315 م من عدم مطالبة الطاعن له إلا بمبلغ 1694 ج وكسور وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله سنده في الأوراق، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم باعتماده تقرير الخبير الذي استند إلى كشف الحساب المستخرج من دفاتر المطعون عليه التجارية قد اعتبر هذه الدفاتر حجة على الطاعن، مع أنه غير تاجر ولا يحتج عليه بدفاتر التجار، كما وأن بيعه الموز الناتج من زراعته لا يعتبر عملاً تجارياً.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يسبق له التحدي أمام محكمة الموضوع بأنه غير تاجر وبعدم جواز الاحتجاج عليه بدفاتر المطعون عليه فإنه لا يجوز له إثارة هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أن تكييفه للعلاقة بينه وبين المطعون عليه بأنها علاقة وكالة بالعمولة غير سائغ ولا سند له من أوراق الدعوى، ذلك أن استمرار الطاعن بعد انفصاله عن أخيه في توريد الموز والنص في الإيصالين المؤرخين 28، 29/ 1/ 1956 على أن البضاعة مسلمة بصفة أمانة لبيعها لحساب أولاد غراب، وتعهد المطعون عليه في الإيصالات المحررة بعد الانفصال بدفع الثمن فوراً دون بيان لهذا الثمن واشتمال تلك الإيصالات على أنها خاصة ببيان الزراعة المسلمة لمحل المطعون عليه وخلوها من النص على أن الزراعة مبيعة وإقرار الأخ بعد انفصاله بحق المطعون عليه في خصم العمولة وما شهد به أحمد أبو السعود، كل ذلك لا يؤدي إلى النتيجة التي استخلصها الحكم وقد ناقش الطاعن بمذكرته المقدمة لمحكمة الموضوع كل هذه القرائن وأبان أن الإيصالات لم تشر إلى أن البيع بالعمولة أو تحدد مقدار هذه العمولة، بل تضمنت تعهداً صريحاً بدفع الثمن الذي يجرى على أساس سعر اليوم فوراً عند طلبه لا دفع صافيه بعد خصم العمولة ما يقطع بأن العلاقة بينهما كانت علاقة بائع ومشتر، إلا أن الحكم لم يشر إلى هذا الدفع وخلط بين فترة اشتراكه مع أخيه وفترة انفصاله عنه مع وجوب التفرقة بينهما، لاختلاف مدلول صيغ الإيصالات في كل منهما ولأن الإيصالين المؤرخين 28، 29/ 1/ 1956 سابقان على انفصاله عن أخيه، وأنه لا يجوز أن يحاج بإقرار أخيه بعد انفصاله عنه بالنسبة للفترة التالية لهذا الانفصال، ولأن الشاهد أحمد أبو السعود نفى علمه بحقيقة العلاقة بينهما خلافاً لما قرره الحكم وأنه وإن اشتملت الإيصالات على عبارة بيان الزراعة المسلمة، فقد اشتمل الكشف المقدم من المطعون عليه للخبير على عبارة بيان الموز المباع ولم يسدد ثمنه. وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وانحرف في تفسيره للعقد عن المعنى الظاهر لعباراته وشابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، إذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه بالنسبة لموضوع النزاع فإن المستفاد من المستندات المقدمة والقرائن ودلالتها ما يؤكد أن العلاقة في حقيقتها هي كما كانت قبلاً علاقة تصريف في مقابل عمولة وهذا الذي تراه المحكمة تستخلصه من الآتي: (أولاً) إن العلاقة منذ بدأت بين أولاد غراب وبين المستأنف كانت دائماً علاقة تصريف مقابل عمولة، ولم يجد على تلك العلاقة سوى انفصال الشقيقين أولاد غراب عبده ومحمد وقد استمر محمد غراب في توريد الموز للمستأنف حتى بعد الانفصال، ولم يحصل أي اتفاق يؤدي للقول بتغير نوع العلاقة. (ثانياً) إن محكمة أول درجة اعتبرت أن العلاقة تغيرت من 25/ 1/ 1956 وكلفت الخبير بعمل الحساب على هذا الأساس، في حين أن من بين الإيصالات المقدمة في الدعوى ومن نفس المستأنف عليه ما يدل على استمرار الحال بين الطرفين على ما كانت عليه إلى ما بعد ذلك التاريخ، فهناك إيصالين مؤرخين 28، 29/ 1/ 1956 مقدمين بحافظة المستأنف عليه يدلان على تسليم البضاعة أمانة لبيعها لحساب أولاد غراب. (ثالثاً) إن مجرد عدم الإشارة إلى أن البضاعة مسلمة أمانة بعد الانفصال بين الأخوين لا يدل على تغير نوع العلاقة، وكل ما حدث هو أنه عندما انفصل الأخوان وتغيرت الإيصالات ليذكر فيها اسم المستأنف عليه وحده دون شقيقه تغيرت صيغتها، وكذلك عندما اقتضى الأمر إعطاء ورقة بيضاء دون الإيصالات المطبوعة قبلها إلا أن تغير هذه الصيغة لا يقطع في تغير العلاقة. (رابعاً) إن ذكر عبارة ودفع الثمن فوراً عند طلبه لا تفيد بالضرورة أن العلاقة تغيرت، كما ذهب إلى ذلك حكم محكمة أول درجة، لأن نفس العبارة كانت موجودة في الإيصالات القديمة، إذ ورد بها ودفع الثمن بمجرد بيعها فوراً ولا شك أن هذا هو المقصود من الإيصالات الجديدة. (خامساً) إن الوارد بالإيصالات جميعها هو ذكر عبارة بيان الزراعة المسلمة إلى محل المستأنف (سواء الجديد منها أو القديم) ولم يذكر عبارة بيان البضاعة المباعة. (سادساً) أنه لم يذكر بالإيصالات ما يدل على ثمن البيع الذي لا بد وأن يتغير من يوم لآخر أو في القليل يذكر أنه بسعر السوق حتى يتحدد ركن من أركان البيع الهامة، وهذا يدل قطعاً على أن التسليم كان بقصد بيعها لحساب أولاد غراب أو للمستأنف عليه بعد ذلك بحسب تصريفها. (سابعاً) أنه لا محل كما ذهبت محكمة أول درجة إلى إطراح الإقرار الصادر من الشقيق عبده غراب بدعوى أنه صادر بعد القسمة لأنه، وإن كان قد صدر بعد القسمة حقيقة، فإنه إنما صدر عن المعاملة السابقة على القسمة والشاملة لجميع موسم 1955/ 1956 الذي يبدأ من يوليو سنة 1955 وينتهي في إبريل أو مايو سنة 1956، وقد كان عبده غراب شريكاً مع أخيه إذ أن القسمة حصلت ثم تنفذت كما يقرر المستأنف في 18/ 2/ 1956. (ثامناً) أن أحمد أبو السعود لم يذكر - كما جاء بالحكم المستأنف - أن المستأنف كان يتعامل شراء وبيعاً بل أنه قرر أنه لا يعرف العلاقة بينهما، ولكنه يتعامل على أساس التوزيع بالعمولة فإذا كان المستأنف عليه يتعامل مع الغير على هذا الأساس فليس ما يمنع أن علاقته استمرت مع المستأنف أيضاً على نفس الأساس. وأنه بناء على ما تقدم جميعه فإن المحكمة ترى أن العلاقة هي في حقيقتها كما كانت دائماً علاقة تسليم وتصريف مقابل عمولة لحساب أولاد غراب، ثم المستأنف عليه بعد القسمة". ولما كانت محكمة الاستئناف قد كيفت العلاقة بين المطعون عليه والطاعن بأنها علاقة وكالة بالعمولة وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما استخلصته من شهادة أحد الشهود، ومن القرائن الماثلة في الدعوى استخلاصاً سائغاً، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة قانوناً بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه، وكانت هي صاحبة الحق في تقدير قيمة ما يقدم لها من الأدلة وأنه لا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، فإن النعي في هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 450 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 99 ص 631

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

---------------

(99)
الطعن رقم 450 لسنة 29 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "عناصر المسئولية". "ركن الضرر". تعويض.
الأصل في المساءلة المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر، يستوي في ذلك الضرر المادي والأدبي. حق أقارب القتيل في التعويض عن الضرر الأدبي لا يحرمهم مما لهم من حق أصيل في التعويض عن الضرر المادي إن توافرت شروطه.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". تعويض. "تقديره". محكمة الموضوع. "سلطتها في ذلك".
مراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه.

---------------
1 - الأصل في المساءلة المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر، يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي، على أنه إذا كان الضرر أدبياً وناشئاً عن موت المصاب فإن أقرباءه لا يعوضون جميعهم عن الضرر الذي يصيبهم شخصياً إذ قصر المشرع في المادة 222/ 2 التعويض على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية، ولازم ذلك أن المشرع إن كان قد خص هؤلاء الأقارب بالحق في التعويض عن الضرر الأدبي فلم يكن ذلك ليحرمهم مما لهم من حق أصيل في التعويض عن الضرر المادي إن توافرت شروطه.
2 - مراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض أمر يدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه في ذلك (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنين رفعوا على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 450 سنة 1955 كلي أمام محكمة المنصورة الابتدائية طالبين الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ ألف جنيه والمصاريف قائلين في تبيان دعواهم إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على عمر الحاج محمد أحمد وآخر (أحمد أحمد محمد) وهما جنديان من جنود الهجانة لأنهما في ليلة 27/ 8/ 1950 بناحية منية محلة دمنة مركز المنصورة قتلا صابر معوض البحيري عمداً بأن أطلق عليه كل منهما عياراً نارياً قاصداً قتلة فأصابه بالإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ومحكمة جنايات المنصورة قضت بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة تأسيساً على أنه هو الذي أطلق العيار الذي أصاب المجني عليه بلا مبرر وأنه قد توافرت لديه نية القتل وبراءة المتهم الثاني واستطرد الطاعنون قائلين إن الجريمة وقعت من المتهم أثناء تأدية وظيفته وبسببها إذ كان معيناً وزميله للمحافظة على الأمن إثر حوادث وقعت في بلدة منية محله دمنة وأنه لذلك تكون وزارة الداخلية مسئولة عن فعله عملاً بنص المادة 174 من القانون المدني وإذ نالهم ضرر جسيم من قتل المجني عليه وهو ضرر مادي وأدبي بالنسبة لوالدته "هانم محمد حلمي البغدادي" حيث كان يعولها - وضرر أدبي بالنسبة لأخوته الثلاثة بما سببه الحادث لهم من ألم فقد رفعوا هذه الدعوى طالبين الحكم بالطلبات المشار إليها - ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت في 17 من يونيه سنة 1958 بإلزام المدعى عليه بصفته "المطعون ضده" بأن يدفع للمدعين "الطاعنين" مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المناسبة - استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 157 مدني سنة 10 قضائية ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 7 من يونيو سنة 1959 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الوزارة المستأنفة بأن تدفع للمستأنف عليها الأولى هانم محمد علي والدة القتيل مبلغ مائة جنيه وبأن تدفع لباقي المستأنف عليهم مبلغ ستين جنيهاً بالسوية بين أخوة القتيل الثلاث وهم معوض وبهية معوض البحيري ودسنة الشربيني معوض البحيري باقي المستأنف عليهم وألزمت الوزارة المستأنفة بجميع المصروفات عن الدرجتين - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالنسبة للطاعنة الأولى على أنها لا تستحق إلا تعويضاً عما أصابها من ألم من جراء موت مورثها إعمالاً لنص المادة 222 من القانون المدني في حين أن هذه المادة إن خولت لها حقاً في التعويض عن الضرر الأدبي فإن ذلك لا يحرمها مما لها من حق في التعويض عن الضرر المادي - كذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى لباقي الطاعنين بتعويض عن الضرر الأدبي لم يراع في تقديره جسامة الخطأ باعتبارها من الظروف الملابسة المنصوص عليها في المادة 170 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي صحيح في شقه الأول ذلك أن المادة 170 من القانون المدني تنص على أنه "يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221، 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة..." وتنص المادة 221 منه على أنه "إذا لم يكن التعويض مقداراً في العقد أو بنص القانون فالقاضي يقدره ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب..." كما تنص المادة 222 منه على أنه "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً... ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب" ويبين من هذه النصوص أن الأصل في المساءلة المدنية وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي لكن إذا كان الضرر أدبياً وناشئاً عن موت المصاب فإن أقرباءه لا يعوضون جميعهم عن الضرر الذي يصيبهم شخصياً إذ قصر المشرع في المادة 222/ 2 التعويض على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية ولازم ذلك أن المشرع إن كان قد خص هؤلاء الأقارب بالحق في التعويض عن الضرر عن الضرر الأدبي فلم يكن ذلك ليحرمهم مما لهم من حق أصيل في التعويض عن الضرر المادي إن توافرت شروطه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قرر أن الطاعنة الأولى - وهي والدة المصاب - لا تستحق إلا تعويضاً عن الضرر الأدبي دون الضرر المادي يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص - أما عن النعي في شقه الثاني فإنه غير سديد لأن مراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض أمر يدخل في سلطة قاضي الموضوع بما لا معقب عليه في ذلك ومن ثم يكون هذا الشق من النعي على غير أساس ويتعين رفضه.


(1) راجع نقض 25/ 6/ 1959 الطعن 62 س 25 ق، 3/ 12/ 1959 الطعن 299 س 25 ق السنة العاشرة ص 505، 750.

الطعن 459 لسنة 35 ق جلسة 15 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 20 ص 112

جلسة 15 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

-------------

(20)
الطعن رقم 459 لسنة 35 القضائية

(أ) عقد. "تفسير العقد". محكمة الموضوع. حكم. "عيوب التدليل". "ما لا يعد قصوراً". ارتفاق. "الارتفاق بالمطل".
تحصيل محكمة الموضوع من أوراق الدعوى أن إرادة الطرفين اتجهت إلى التنازل عن حق الارتفاق بالمطل المقرر للعقار المبيع. تبريرها ذلك بما لا يخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر لعبارة العقد وإعمالها لأثر هذا التنازل الذي يتم بالإرادة المنفردة. لا قصور ولا خطأ في القانون.
(ب) بيع. "آثار عقد البيع". ارتفاق.
انتقال العقار المبيع إلى المشتري بالحالة التي حددها الطرفان في عقد البيع. مثال في حق الارتفاق.

----------------
1 - متى كان يبين مما قرره الحكم أن المحكمة حصلت من عقد البيع المسجل المبرم بين الطاعنة والبائعتين لها ومن باقي الأوراق، أن إرادة الطرفين قد اتجهت إلى التنازل عن حق الارتفاق بالمطل المقرر للعقار المبيع للطاعنة على عقارات المطعون عليهم، ولم تخرج في تفسيرها هذا عن المعنى الظاهر لعبارة العقد، وأوضحت الاعتبارات المبررة لذلك ثم أعملت إثر هذا التنازل في النزاع المطروح لا على أساس قواعد الاشتراط لمصلحة الغير واستفادة المطعون عليهم من عقد لم يكونوا طرفاً فيه، وإنما على أساس تفسيرها لعقد البيع الذي تستند إليه الطاعنة في إثبات ملكيتها، وعلى أن التنازل الذي انطوى عليه ينتج أثره بالإرادة المنفردة للمتنازل ولا يحتاج إلى قبول فلا يلزم أن يكون المتنازل له طرفاً في المحرر المثبت له، إذا كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة للقانون يكون على غير أساس.
2 - إن المبيع ينتقل إلى المشتري بالحالة التي حددها الطرفان في عقد البيع، وإذ كان الثابت أن البائعتين للطاعنة قد صرحتا في عقد البيع بنفي وجود أي حق ارتفاق للعقار المبيع، فإن القول بانتقال هذا الحق إلى المشتري رغم وجود النص المانع يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم إسماعيل علي نصار (مورث المطعون عليهم الخمسة الأول) ومحمود ومحمد علي نصار (المطعون عليهما الآخرين) أقاموا الدعوى رقم 231 سنة 1961 كلي المنيا ضد السيدة فهيمة أبسخرون (الطاعنة)، طلبوا فيها الحكم بنفي حق الارتفاق بالمطل الذي تدعيه على عقاراتهم المبينة بصحيفة الدعوى وتمكينهم من ممارسة حقوق ملكيتهم الخاصة بهذه العقارات دون قيد أو تكليف، وقالوا في بيانها إن المدعى عليها اشترت بعقد مسجل في 14/ 4/ 1948 المنزل المبين بالصحيفة والمجاور لعقاراتهم، ونص في عقد الشراء على أن حدها الشرقي هو العقار المملوك للمدعين وأنه ليس للعقار المبيع حقوق ارتفاق على عقارات الغير، وليس للغير حق ارتفاق عليه، وإنه، إذا كان بالحائط الشرقي للمنزل المبيع فتحات على أرضهم الفضاء الملاصقة له فقد تركوها تسامحاً، غير إنه عند قيامهم في أواخر سنة 1957 بإحداث بعض المنشآت على أرضهم الملاصقة لمنزل المدعى عليها تعرضت لهم برفع دعوى بوقف أعمال البناء زاعمة وجود حق ارتفاق بالمطل لعقارها على أرضهم، وإذ قضى لها بذلك فقد أقاموا هذه الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. وفي 23/ 1/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أن للمدعى عليها الحق في كسب حق الارتفاق باعتبارها خلفاً خاصاً للبائع لها الذي اكتسب هذا الحق بمقتضى الاتفاق المؤرخ 1/ 4/ 1924. واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم، وقيد هذا الاستئناف برقم 421/ 1 قضائية. وفي 6/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم وجود حق ارتفاق بالمطل لعقار المستأنف ضدها على عقارات المستأنفين المبينة جميعها تفصيلاً بصحيفة افتتاح الدعوى، وبأحقية المستأنفين في ممارسة حقوق ملكيتهم الخاصة بعقاراتهم دون قيد أو تكليف متعلق بالنزاع، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم الابتدائي قضى برفض دعوى المطعون عليهم تأسيساً على أن النص في سند ملكية الطاعنة على نفي أي حق ارتفاق للعقار المبيع على عقارات الغير المجاورة له أو للعقارات المذكورة على عقارها لم يكن القصد منه النزول عن أي حق ارتفاق مقرر للعقار المبيع، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء ذلك الحكم استناداً إلى أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، في حين أن هذه القاعدة لا انطباق لها إلا بالنسبة للمتعاقدين، أما بالنسبة للغير فإن وسيلة استفادته من عقد لم يكن طرفاً فيه لا يكون إلا عن طريق الاشتراط لمصلحة الغير إذا توافرت أركانه القانونية وأهمها أن يكون للمشترط مصلحة شخصية مادية كانت أو أدبية، والثابت في الدعوى هو عدم وجود أية مصلحة للطاعنة أو البائعتين لها في الاشتراط لمصلحة الخصوم بنفي حق الارتفاق عن عقارهم أو النزول عنه لانعدام العلاقة، وطالما كانت العلاقة بين طرفي عقد البيع الصادر للطاعنة في سنة 1948 والمطعون عليهم معدومة، فلا يكون هناك اشتراط لمصلحة الغير وليس لهم الإفادة من هذا العقد وبالتالي يكون الالتجاء إلى قاعدة تفسير العقد المقررة في المادة 150 من القانون المدني بالتزام عبارته الواضحة غير ذي موضوع ومخالفاً للقانون، هذا إلى أن الحكم قد أخطأ كذلك بتصوره أن المادة 150 مدني المشار إليها تمنعه من تفسير عبارة عقد سنة 1948 للتعرف على إرادة المتعاقدين إذ أن وضوح العبارة هو غير وضوح الإرادة فقد يجد القاضي نفسه مضطراً لتفسير العبارات الواضحة بحثاً عن الإرادة المشتركة التي تدل الظروف على أن الطرفين أساءا استعمال لفظهما الواضح في التعبير عنها وقد تحجب الحكم بهذا الخطأ عن تفسير عبارة البند الثاني بأكملها التي تنص على أن البائعتين يضمنان "أنه ليس للعقار المبيع حقوق ارتفاق ضد الغير" والتي لا ضرر منها على المشترية (الطاعنة) ولا ضرورة لضمان البائعتين لها معتقداً أنه لا يملك تفسير هذه العبارة الواضحة، وترتب على ذلك سكوته عن الرد على دفاع الطاعنة الذي أخذت به محكمة أول درجة مما يعيبه بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أنه "لما كان من المقرر أنه إذا كانت عبارة العقد صريحة واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، وكان الثابت من الاطلاع على عقد البيع المسجل في 21/ 4/ 1948 المبرم بين المستأنف عليها والبائعتين لها أنه جاء في البند الثالث منه "تضمن البائعتان خلو العقار المبيع من جميع الرهون والحقوق العينية أياً كانت وأن العقار المذكور ليس له حق ارتفاق ضد الغير وليس عليه حق ارتفاق للغير" فإنه يتعين التزام ما نص عليه صراحة في العقد وإعمال مقتضاه وهذا الذي أورده المتعاقدون في العقد المذكور قاطع في الدلالة على أن نية البائعتين للمستأنف عليها - التي قبلت ذلك صراحة - قد انصرفت إلى نفي وجود أي حق ارتفاق للعقار المبيع على العقارات المجاورة ولا يغير من هذا النظر ما تذهب إليه المستأنف عليها من أنه لو كانت النية قد انصرفت إلى ذلك صراحة لما فاتهم النص على النزول عن حق المطل الذي تحرر من أجله المحرر المؤرخ 1/ 4/ 1924، ذلك أن عبارات العقد المسجل الصادر للمستأنف عليها من البائعتين لها - وقد كانتا طرفاً في المحرر المذكور - جاءت أعم وأشمل على نفي أي حق ارتفاق لعقارهما المبيع على عقارات الغير، كما أنه يدل بذاته أيضاً على أن نيتهما قد انصرفت عند إبرام عقد البيع الصادر للمستأنف عليها على التنازل عن التمسك بحق المطل الذي كسبتاه لا بالمحرر العرفي سالف الذكر وإنما بالتقادم الطويل المكسب، وليس ثمت ما يمنع في القانون من النزول عن حق ارتفاق بالمطل اكتسب بالتقادم بعد اكتماله ما دام المتنازل أهلاً للتنازل عنه، وهذا التنازل ينتج أثره لصدوره ممن يملكه، وليس بلازم أن يكون المتنازل له طرفاً في المحرر المثبت للتنازل، لأن التنازل ينتج أثره بإرادة المتنازل المنفردة دون توقف على رضاء المتنازل له، وما دامت البائعتان للمستأنف عليها قد ذكرتا صراحة في عقد البيع المسجل الصادر منهما لها على أنه ليس لعقارهما المبيع حقوق ارتفاق على عقارات الغير، فإن ذلك يفيد تنازلهما أيضاً عن التمسك بالمحرر المؤرخ 1/ 4/ 1924 الذي لم يشهر". ويبين من هذا الذي قرره الحكم أن المحكمة حصلت من عقد البيع المبرم بين الطاعنة والبائعتين لها ومن باقي الأوراق والمستندات المقدمة في الدعوى، أن إرادة الطرفين قد اتجهت إلى التنازل عن حق الارتفاق بالمطل المقرر للعقار المبيع للطاعنة على عقارات المطعون عليهم المجاورة، ولم تخرج في تفسيرها هذا عن المعنى الظاهر لعبارة العقد وأوضحت الاعتبارات المبررة لذلك، ثم أعملت أثر هذا التنازل في النزاع المطروح لا على أساس قواعد الاشتراط لمصلحة الغير واستفادة المطعون عليهم من عقد لم يكونوا طرفاً فيه، وإنما على أساس تفسيرها لعقد البيع الذي تستند إليه الطاعنة في إثبات ملكيتها، وعلى أن التنازل الذي انطوى عليه ينتج أثره بالإرادة المنفردة للمتنازل ولا يحتاج إلى قبول، فلا يلزم أن يكون المتنازل له طرفاً في المحرر المثبت له، إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد تناقضت أسبابه، إذ بعد أن ذكر أن البند الثاني من عقد البيع يدل دلالة قاطعة على أن نية طرفيه قد انصرفت إلى نفي وجود أي حق، ارتفاق عاد وقرر أن نية الطرفين انصرفت إلى التنازل عن التمسك بحق المطل الذي كسبته البائعتان بالتقادم الطويل، وأنهما تنازلتا عن التمسك بهذا التقادم وعن المحرر المؤرخ 1/ 4/ 1924 سندهما في تحديد نطاق حق الارتفاق بالمطل الذي كسبتاه وقبلت الطاعنة تنازلهما عنه في حين أن نفي وجود الحق والتنازل عنه معنيان لا يجتمعان، فضلاً على أن القول بنزول البائعتين عن حق الارتفاق الذي كسبتاه بالتقادم لا يتفق مع حرصهما على تسليم الطاعنة المحرر المؤرخ 1/ 4/ 1964، الذي تم على أساسه اكتساب ذلك الحق وحرص الطاعنة على حفظه والتمسك بما جاء به.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن التزم عبارة العقد الواضحة وانتهى إلى أنها صريحة في نفي وجود أي حق ارتفاق للعقار المبيع على العقارات المجاورة، رد على ما أثارته الطاعنة في خصوص تمسكها بالمحرر العرفي المؤرخ 1/ 4/ 1924 بأن نفى البائعتين وجود أي حق ارتفاق للعقار المبيع في عقد البيع الصادر لها يدل بذاته على نزولهما عن حق الارتفاق الذي كسبتاه بالتقادم الطويل في تاريخ سابق على تحرير عقد البيع. وليس ثمت تناقض بين نفي وجود الحق بعد التقرير بالتنازل عنه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص نزول البائعتين عن حقهما الذي كسبتاه بالتقادم بعد ثبوت الحق فيه استخلاصاً سائغاً فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، ذلك أن الحكم المطعون فيه استخلص نزول البائعتين للطاعنة عن حق الارتفاق المقرر لمصلحة العقار المبيع من عدم النص عليه صراحة في العقد في حين أن حق الارتفاق يعتبر من مكملات المبيع التي تنتقل إلى المشتري بموجب عقد البيع ويمكنه التحدي به، ولو لم ينص عليه بالذات فيه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المبيع ينتقل إلى المشتري بالحالة التي حددها الطرفان في عقد البيع، وإذ كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن البائعتين للطاعنة قد صرحتا في عقد البيع بنفي وجود أي حق ارتفاق للعقار المبيع، فإن القول بانتقال هذا الحق إلى المشتري رغم وجود النص المانع يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ فهم الواقع في الدعوى، وأقام قضاءه على أمر مستحيل مادياً، ذلك أنه سلم بأن البائعتين للطاعنة كسبتا حق الارتفاق بالنسبة للطابقين الأولين وأنكر هذا الحق بالنسبة للطوابق العليا المستحدثة بعد الشراء الحاصل في سنة 1948، في حين أن هذه الطوابق تتمتع بنفس الحصانة لا استناداً إلى التقادم أو إلى محرر سنة 1924 وإنما إلى الطبيعة المادية للأشياء التي تستلزم قيام حق الارتفاق بالنسبة لجميع الطوابق دون تفرقة بينها.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا الخصوص أنه "فضلاً عن هذا أو ذاك، فإن نطاق حق المطل المدعى به من جانب المستأنف عليها (الطاعنة) والذي كان مؤسساً على التقادم الطويل لعدم شهر المحرر المنشئ له يتحدد بما كان محلاً للحيازة المؤدية إلى كسبه بمضي المدة الطويلة، وهي لا تعدو أن تكون المطلات المفتوحة في الطابقين الأولين دون غيرها المفتوحة في الطوابق العلوية التي استحدثتها المستأنف عليها بعد شرائها المنزل في سنة 1948 ولا يفيد المستأنف عليها التحدي بأنها ظلت من هذا التاريخ تحوز هذه المطلات، ما كان منها قديماً ومستحدثاً، إذ أنه حتى سنة 1961 وهو تاريخ رفع الدعوى لما تمضي المدة الطويلة المكسبة لها، ولا يحق لها - بالنسبة للمطلات المفتوحة في الطابقين الأولين للعقار المبيع - التحدي بأنه يحق لها ضم مدة حيازة البائعتين لها إلى مدة وضع يدها من بعدهما ذلك أن الثابت من عقد البيع الصادر لها أن البائعتين لها تنازلتا عن التمسك بأي حق ارتفاق لعقارهما المبيع على عقارات الغير مهما كان مصدره، وما كان يفوت المستأنف عليها والبائعتين لها أن ينصا صراحة في عقد البيع المبرم بينهما والمشهر في 21/ 4/ 1948 على أن للعقار المبيع حق ارتفاق بالمطل على عقارات الغير، خاصة وأنه من الظهور والوضوح بحيث لا يخفى أمرها على المستأنف عليها المشترية، ولا يغير من هذا النظر ترك المطلات مفتوحة على الرغم من النص في عقد البيع المسجل على انعدام حقوق الارتفاق بشأنها، إذ وجودها في هذه الحالة يعتبر من قبيل التسامح الذي لا يكسب حقاً مهما طالت مدته" وهذا الذي قرره الحكم يتضمن الرد على دفاع الطاعنة ولا ينطوي على خطأ أو قصور. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 404 لسنة 35 ق جلسة 15 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 19 ص 106

جلسة 15 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

--------------

(19)
الطعن رقم 404 لسنة 35 القضائية

استيلاء. "الاستيلاء على مخازن الأدوية". تأميم. التزام. فوائد. أدوية. بنوك.
نصوص القانون 212 لسنة 1960 بشأن تجارة الأدوية. ليس فيها ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير. بقاء حقوق الدائنين قائمة بعد صدوره. نصوص القانونين 269 و271 لسنة 1960 بشأن تأجيل ديون المستولى لديهم لم تعدل مما تم الاتفاق عليه في عقود فتح اعتمادهم إلا ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون. استيلاء وزارة التموين على الأدوية مقابل التعويض لا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً. نفاذ عقود فتح الاعتماد.

-----------------
ليس في نصوص القانون 212 لسنة 1960 - بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير، فتظل حقوق هؤلاء الدائنين قائمة بعد صدوره (1)، كما أن القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960، بشأن تأجيل ديون المستولى لديهم المستحقة لأشخاص لا يباشرون نشاطاً يتعلق بتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، لم يتناول أي منهما بالتعديل شيئاً مما تم الاتفاق عليه في عقود فتح الاعتماد سوى ميعاد استحقاق ما نشأ عنهما من ديون. ولما كان استيلاء وزارة التموين على الأدوية وما عداها مقابل منحهم تعويضاً لا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، ومن ثم فلا أثر للقانون 212 لسنة 1960 على ما تم الاتفاق عليه في عقود فتح الاعتماد التي تظل قائمة، وتحكم العلاقة بين الطرفين فيما عدا ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون الذي عدله المشرع. وإذ لم يرد بالقانونين 269 و272 لسنة 1960، ما يحرم الدائن من اقتضاء الفوائد المتفق عليها قبل حلول ميعاد الاستحقاق - وهي من قبيل الفوائد التعويضية - وما استحق له من عمولة ومصاريف وكذا ما يستحق له من فوائد تأخيرية، بعد انقضاء المهلة المحددة بالقانونين المذكورين، فإن التزام المطعون عليه - المدين - بأدائها يظل قائماً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن برد ما اقتضاه من فوائد وعمولة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد محمد سعيد - المطعون عليه - أقام الدعوى رقم 1044 سنة 1962 كلي تجاري القاهرة ضد بنك مصر - الطاعن - طالباً الحكم بعدم مسئوليته عن الفوائد التأخيرية المقررة على حسابه الجاري المدين والبالغ قيمتها 1592 ج و196 م وانقضاء هذا الالتزام، وبراءة ذمته منه مع ما قد يضيفه البنك مستقبلاً من فوائد تأخيرية حتى صدور الحكم في الدعوى، وقال شرحاً لدعواه إنه كان من مستوردي الأدوية من الخارج ولحاجته إلى المال لجأ إلى بنك مصر الذي فتح له اعتماداً بحساب جار مدين، ظل مفتوحاً إلى أن صدر القانون رقم 212 سنة 1960 بالاستيلاء على جميع ما كان لدى مستوردي الأدوية من كيماويات وأدوية ومكاتب وأثاث وإذ استولت المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية تنفيذاً لهذا القانون على جميع ما كان لديه من أدوية وكيماويات مستوردة من الخارج، كما باشرت الأعمال التي كان يباشرها بنفسه، فقد تقدم بطلب إلى لجنة تقدير التعويض طالباً إلزام المؤسسة بالفوائد التأخيرية التي تحتسبها البنوك على الاعتمادات إلا أن اللجنة رأت أنها غير مختصة بنظر هذا الطلب، وأشارت في أسباب قرارها إلى وجوب إيقاف سريان تلك الفوائد وعدم تحميل المستوردين بها، فأعلن البنك بصورة من هذا القرار في 18/ 2/ 1962 لتنفيذ ما ورد به خاصاً برفع الفوائد التأخيرية التي تضاف إلى حسابه الجاري، وإذ لم يستجب البنك لطلبه فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته وأثناء نظرها عدل طلباته إلى إلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 2000 ج قيمة الفوائد التي اقتضاها منه بغير حق مع فوائده القانونية حتى تمام السداد ودفع المدعى عليه الدعوى بأن المدعي ارتبط معه بأربعة عقود اعتماد مستندي في 6/ 9/ 1959، 3/ 9/ 1959، 9/ 12/ 1959، 22/ 5/ 1960 ليست جميعها خاصة بالأدوية المستولى عليها وقد بلغت الفوائد الاتفاقية المستحقة عنها 1040 ج و650 م وإذ لم يعفه منها قانون وأوفاها اختياراً فليس له أن يطلب استردادها وبتاريخ 30/ 5/ 1963 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليندب خبيراً حسابياً للاطلاع على أوراق الدعوى ومستندات الطرفين فيها وما تقدم له منها لبيان قيمة الفوائد التأخيرية التي احتسبها البنك المدعى عليه في اعتمادات الحساب الدائن له والمتعلقة بنشاطه في تجارة الأدوية في المدة من 17/ 7/ 1960 تاريخ نشر القانون رقم 212 سنة 1960 وتاريخ صدور قرار لجنة التعويضات بتقدير التعويض للمدعي واستلامه ذلك التعويض، وباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن مجموع الفوائد التأخيرية التي احتسبها البنك في اعتمادات الحساب الدائن للمدعي والمتعلقة بنشاطه في تجارة الأدوية في الفترة بين 17/ 7/ 1960 وتاريخ صدور قرار اللجنة بتقدير التعويض واستلام المدعي له هو مبلغ 1073 ج و927 م. أما العمولة التي احتسبها البنك على حساب المدعي فبلغت 139 ج و12 م فعدل المدعي طلباته إلى إلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 1212 ج و939 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، وبتاريخ 10/ 12/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 1221 ج و939 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ 18/ 4/ 1963 حتى تمام السداد، واستأنف البنك هذا الحكم، والحكم الصادر في 30/ 5/ 1963 لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءهما ورفض الدعوى وقيد استئناف حكم 30/ 5/ 1963 برقم 556 سنة 80 قضائية، واستأنف الحكم الآخر رقم 85 سنة 82 ق، وبتاريخ 27/ 4/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وتأييد الحكمين المستأنفين، طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة عدلت فيها عن رأيها الأول وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن الفوائد التي تستحق عن التأخير في الوفاء ليست إلا صورة من صور التعويض، تفترض حلول أجل الوفاء بالدين وترصد على تعويض الضرر الناشئ عن التأخير في هذا الوفاء وأنه لما كان الوفاء بالدين أصبح موقوفاً لحين الانتهاء من استيفاء إجراءات الاستيلاء وصرف التعويض المستحق عملاً بأحكام القانون رقم 212 سنة 1960 وقانوني تأجيل الديون رقمي 269، 272 لسنة 1960 فلا محل لاحتساب فوائد تأخير طوال هذه المدة، بل يتعين وقت احتسابها هي الأخرى، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه من وجهين (أولهما) أن تأجيل الديون الذي عناه الشارع في القانونين 269، 272 سنة 1960 قاصر على الديون التي تستحق خلال ستة أشهر تبدأ من 17/ 7/ 1960 وينصب على ميعاد الوفاء ولا يمس أصل الالتزام، كما لا يؤثر على سريان الفوائد، وبفرض أنه يوقف سريان فوائد التأخير، فإنه لا يجوز أن يمتد هذا الإيقاف لأكثر من الستة أشهر التي حددها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى القول بأن تأجيل استحقاق الديون طبقاً للقانونين 269، 272 سنة 1960 يؤدي بذاته إلى حرمان الدائن من الفوائد إلى أن تنتهي إجراءات الاستيلاء وصرف التعويض رغم خلو عبارة القانونين مما يحمل هذا المعنى، ورغم تحمل الطاعن بفوائد المبالغ التي يقترضها من البنك المركزي، ومنح لجنة التقدير للمطعون عليه تعويضاً قدره 24957 ج و918 م مضاف إليه نسبة من الربح قدرها 2% علاوة على مبلغ 4159 ج و132 م ثمن ما بيع من أدوية راكدة عملاً بحقها المقرر في القانون 212 سنة 1960، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه (وثانيهما) أنه وقد اتفق في عقود الاعتماد الأربعة المحررة بينه وبين المطعون عليه على احتساب فوائد على الأرصدة المدينة أثناء سريان العقود بواقع 6.5% فضلاً عن العمولة والمصاريف وفوائد تأخير بواقع 7% يجرى احتسابها بعد استحقاق الدين وحلول أجل الوفاء به، فإنه مع التسليم جدلاً بما ذهب إليه الحكم من أنه لا محل لاحتساب فوائد التأخير لحين الانتهاء من إجراءات الاستيلاء وصرف التعويض، فقد كان يتعين إلزام المطعون عليه بالفوائد المتفق على سريانها في فترة نفاذ العقود وقبل حلول أجل الوفاء والبالغة 6.5% فضلاً عن العمولة والمصاريف، إلا أن الحكم أقحم نفسه على العقود وعطل تنفيذ بعض شروطها فخالف بذلك أحكام المادة 147 من القانون المدني التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون رقم 212 سنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية الذي عمل به من تاريخ نشره في 17/ 7/ 1960، وأنه بين كيفية استيلاء وزارة التموين على الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ومن عداهم ممن أشار إليهم وكيفية تعويضهم عما يتم الاستيلاء عليه، إلا أنه ليس في نصوصه ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير فتظل حقوق هؤلاء الدائنين قائمة بعد صدوره. وإذ نص القانون رقم 269 لسنة 1960 - والمعمول به من تاريخ نشره في 19/ 7/ 1960 - على أن تؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 212 سنة 1960 ديون المستولى لديهم طبقاً لأحكام هذا القانون والمستحقة لأشخاص لا يباشرون نشاطاً يتعلق بتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية التي يحل ميعاد استحقاقها خلال هذه المدة، كما نص القانون رقم 272 سنة 1960 الصادر في 20/ 10/ 1960 على أن يؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر تبدأ من يوم 17/ 10/ 1960 الوفاء بالديون - السالف الإشارة إليها - والمستحقة في ذلك اليوم والتي تستحق خلال ثلاثة أشهر تبدأ من يوم 18/ 10/ 1960، ونص كل من هذين القانونين على "أنه لا يجوز اتحاد أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب تلك الديون قبل انقضاء المهلة الممنوحة للأداء، وكان المشرع قد أفصح في المذكرة التفسيرية للقانون الأخير عن أن العلة في التأجيل ترجع إلى أن سداد ما على المستولى لديهم من ديون مستحقة للبنوك وغيرها يتوقف على تحديد مراكزهم المالية الذي يتطلب بعض الوقت من اللجان المنوط بها والتي لم تستطع إنجاز مهمتها لتشعب أعمالها وكثرة عدد المخازن والمستودعات التي يشملها الاستيلاء ولم يتناول أي من القانونين بالتعديل شيئاً مما تم الاتفاق عليه في عقود فتح الاعتماد سوى ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون، وكان استيلاء وزير التموين على الأدوية وما عداها مما سلف الإشارة إليه مقابل منحهم تعويضاً لا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، ومن ثم فلا أثر لهذا القانون على ما تم الاتفاق عليه في عقود فتح الاعتماد التي تظل قائمة وتحكم العلاقة بين الطرفين فيما عدا ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون الذي عدله المشرع على النحو السابق بيانه، وإذ كان ذلك وكان المطعون عليه قد التزم في تلك العقود بسحب المستندات المنوه عنها بها مقابل سداد جميع ما استحق عليها من مبالغ وعمولة ومصاريف وفوائد بواقع 6.5% سنوياً من تاريخ دفعها، وكانت العمولة تؤدى نظير خدمة حقيقية يؤديها البنك ولا تعتبر فائدة، كما وأن التزامه بالفوائد قبل حلول ميعاد الاستحقاق يقابل انتفاعه بالمبلغ المدفوع لحسابه وكان لا نزاع بين الطرفين في حلول ميعاد الاستحقاق في الفترة المنوه عنها في القانونين 269، 272 سنة 1960، فإن الفوائد التي تستحق حتى تاريخ انقضاء المهلة المحددة في هذين القانونين تكون من قبل الفوائد التعويضية التي التزم المطعون عليه بأدائها، وإذ لم يرد بالقانونين المذكورين ما يحرم الدائن من اقتضاء تلك الفوائد وما استحق له من عمولة ومصاريف وكذا ما يستحق له من فوائد تأخيرية بعد انقضاء المهلة، فإن التزام المطعون عليه بأدائها يظل قائماً. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن برد ما اقتضاه من فوائد وعمولة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


(1) نقض 22/ 6/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1339.

الطعن 401 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 97 ص 619

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

--------------

(97)
الطعن رقم 401 لسنة 29 القضائية

(أ) عقد. "عقد إداري". "التزامات المتعاقد مع الإدارة". "طبيعتها".
التزامات المتعاقد مع الإدارة شخصية. وجوب تنفيذها شخصياً وبنفسه. مسئوليته وحده أمام الإدارة ولها دائماً حق الرجوع عليه في حالة وقوع تقصير في التزامه أياً كان شخص المقصر. ليس له التحلل من المسئولية متذرعاً بأن الفعل الموجب للمسئولية وقع من مندوبه دون علمه أو رضاه.
(ب) عقد. "عقد إداري". "إخلال المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته". "الجزاءات التي توقعها الإدارة على المتعاقد".
الجزاءات التي توقعها الإدارة على المتعاقد جزاء إخلاله بالتزاماته. المقصود بها تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها. لا يتوقف توقيعها على ثبوت وقوع ضرر للإدارة. من هذا الجزاءات مصادرة التأمين. مصادرته لا تمنع من المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حلت بها بسبب تقصير المتعاقد معها في تنفيذ التزامه. لا يعد ذلك جمعاً بين تعويضين عن فعل واحد.

-------------
ا - من المقرر في فقه القانون العام أن العقود الإدارية تحكمها قواعد خاصة بها تطبق عليها جميعها حتى ولو لم ينص عليها في العقد، ومن هذه القواعد أن التزامات المتعاقد مع الإدارة التزامات شخصية أي أن المتعاقد يجب أن ينفذها شخصياً وبنفسه، ولذلك يعتبر المتعاقد الأصلي هو المسئول الوحيد أمام الإدارة ولها دائماً حق الرجوع عليه في حالة وقوع التقصير في التزامه أياً كان شخص المقصر. ومن ثم فليس للمتعاقد أن يتحلل من المسئولية التي يرتبها عقد التوريد في ذمته متذرعاً بأن الفعل الموجب للمسئولية قد وقع من مندوبه دون علمه أو رضاه.
2 - في حالة النص في شروط العطاء على حق الإدارة في مصادرة التأمين لإخلال المتعاقد بالالتزامات التي يرتبها عليه العقد، فإن التأمين في هذه الصورة يعتبر من الجزاءات التي تملك جهة الإدارة توقيعها على المتعاقد إذا قصر في تنفيذ التزاماته، وهي بهذه المثابة لا تستهدف تقويم اعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى من تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها، ولذلك يثبت للإدارة الحق في توقيعها بقيام موجبها وبغير حاجة إلى التزام الإدارة بإثبات أن ضرراً ما قد لحقها من جراء إخلال المتعاقد معها بالتزاماته حتى ولو لم يلحق بها أي ضرر من هذا الإخلال، ومن ثم فإن مصادرة التأمين على هذا الأساس لا يمنع الإدارة من المطالبة بالتعويض عن الأضرار الحقيقية التي حلت بها بسبب تقصير المتعاقد معها في تنفيذ التزامه ولا يعتبر ذلك جمعاً لتعويضين عن فعل واحد لاختلاف الأساس القانوني لحق الإدارة في الحاليين (1).


 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 249 سنة 1953 كلي القاهرة ضد المطعون عليه طالباً إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1814 ج و851 م وقال في بيان دعواه إنه رسا عليه عطاء توريد الخبز اللازم يومياً لبلوكات النظام التابعة لحكمدارية بوليس القاهرة عن سنة 1947/ 1948 بسعر الأقة 23 مليماً وقد دفع مبلغ 1023 ج و025 م المقرر تأميناً للعطاء وأخذ بعد ذلك في تنفيذ التزامه بالتوريد واقتضاء الثمن المقابل من الإدارة وبعد انتهاء مدة العقد تبين أن الباقي له من الثمن يبلغ 719 ج و826 م وقد امتنع المطعون عليه عن الوفاء بهذا المبلغ، كما رفض رد مبلغ التأمين إليه متذرعاً في ذلك بأن مندوبه - مندوب الطاعن - ارتكب تزويراً في بعض إيصالات تسليم الخبز إلى فروع الإدارة بأن أثبت زيادة في الكميات الموردة واختلس قيمة تلك الزيادة مع أن هذا الأمر لا دخل للطاعن فيه ولا يرتب أية مسئولية عليه ولذلك فقد رفع دعواه بطلب إلزام المطعون عليه بأن يؤدى إليه مجموع مبلغي التأمين والباقي من ثمن الخبز الذي تم توريده فعلاً - دفع المطعون عليه بأن الطاعن مسئول عن المبالغ التي اختلسها مندوبه وقد أثبتت اللجان الحكومية أن المبلغ المختلس يزيد على الباقي من ثمن الخبز المورد، كما دفع بعدم أحقية الطاعن في استرداد المبلغ الذي دفعه تأميناً للعطاء لعدم قيامه بتنفيذ التزامه على مقتضى الشروط المنصوص عليها في قائمة العطاء. وبجلسة 24 يونيو سنة 1958 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1130 سنة 75 ق وبجلسة 26 مايو سنة 1959 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليه أسباباً أخرى - قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ولدى عرض الطعن على دائرة فحص الطعون تمسكت النيابة بالرأي الذي تضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب رد مبلغ التأمين على أساس أن الطاعن لم يقم بتنفيذ التزامه في العقد بطريقة تتفق مع ما تقتضيه حسن النية والثقة في المعاملات لأنه يعتبر مسئولاً عما وقع من تابعه من تزوير في إيصالات توريد الخبز واختلاس قيمتها ولذلك يحق للحكومة مصادرة التأمين عملاً بما تنص عليه المادة 13 من شروط قائمة العطاء والمادة 148 من القانون المدني - وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك أن المتعاقد مع الحكومة بعقد إداري يسأل شخصياً عن تنفيذ هذا العقد فلا يجوز أن يتنصل من المسئولية عما يرتكبه مندوبه من تقصير وذلك في حين أن محل التزام الطاعن في ذلك العقد الإداري هو توريد خبز بمواصفات معينة وأسعار محددة وبكميات تقدر بحاجة الإدارة يومياً وقد أوفى الطاعن بهذا التزام على أكمل وجهه فيحق له استرداد المبلغ الذي دفعه تأميناً لعطائه. أما جرائم التزوير والاختلاس التي ارتكبها مندوبه فإنها منبتة الصلة بالتزامات الطاعن في عقد التوريد إذ وقعت لاحقة لوفائه بهذه الالتزامات ولا يمكن مساءلته عنها إلا إذا كان فاعلاً أصلياً فيها أو شريكاً لفاعلها وقد ثبت لدى محكمة الموضوع أن المندوب قد ارتكب تلك الجرائم دون علم الطاعن أو رضاه ولا وجه للقول بأن تنفيذ العقود الإدارية من غير التعاقد لا يعفي الأصلي من المسئولية لأن الطاعن قام بنفسه بتنفيذ جميع الالتزامات التي يرتبها عليه عقه التوريد وأضاف الطاعن إلى ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تصادر مبلغ التأمين وأن تحصل في الوقت نفسه على تعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جراء السبب الذي تذرعت به في توقيع المصادرة فتجمع بذلك بين تعويضين عن فعل واحد ولم يتناول الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بأي بحث ولو أنه قد فعل لتغير حتماً وجه الرأي في الدعوى لأن مصادرة التأمين جزاء مالي إداري شرع لتعويض الأضرار الناشئة عن مخالفة شرط من شروط العقد الإداري ولذلك لا يجوز الحكم بأحقية الإدارة في مصادرة التأمين مع الحكم بأحقيتها في الحصول على التعويض عما أصابها من ضرر. كذلك أضاف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن مندوبه قد ارتكب أفعال التزوير والاختلاس لحساب نفسه بما لا تتحقق معه شروط مسئولية الطاعن باعتباره متبوعاً مسئولاً عن أعمال تابعة ولم يلتفت الحكم إلى هذا الدفاع ويرد عليه مع أنه لو عرض له بالبحث لا تنتهي إلى استبعاد مسئولية الطاعن عما وقع من مندوبه وقضى له برد مبلغ التأمين والباقي من ثمن ما ورده من الخبز.
وحيث إن هذا النعي مردود في جمع وجوهه ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وقرر أن مندوب الطاعن قد ارتكب تزويراً في إيصالات توريد الخبز إلى فروع الإدارة بطريق الزيادة في الكميات المدونة بتلك الإيصالات واختلاس الثمن المقابل للزيادة انتهى للزيادة انتهى الحكم إلى القول "بأن تنفيذ العملية قد شابه التلاعب والاختلاس "كما أن الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه قد أورد في خصوص المبلغ المدفوع تأميناً لعطاء الطاعن ما يلي: أن التأمين الذي يقوم المتعهد بالتوريد بدفعه إنما تشترط الحكومة دفعه لضمان تنفيذ عقد التوريد بحالة ملائمة سليمة ومن ثم فإن طبيعة عقد التوريد أنه إذا لم يقم المتعهد بالتوريد بتنفيذ تعهده على الوجه السليم الصحيح المتفق مع ما يوجبه حسن النية والذي تتوافر فيه الأمانة والثقة كان من حق الحكومة عدم رد التأمين إليه طبقاً للأوضاع التي استقرت عليها الحكومة وضمنتها شروط عقود التوريد كافة التي تحررها في مثل هذه الحالات" كما أورد الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله "ومن حيث إنه فيما يتعلق بما يذهب إليه المستأنف - الطاعن - من أن التلاعب المنسوب لمندوبه لا يمكن أن يؤدى إلى القضاء بمصادرة التأمين لأنه لا يسأل عن تصرفات هذا المندوب إلا في حدود التعويض عن الضرر الفعلي الذي يقع على الحكومة - هذا القول مردود بأن المادة 13 من شروط العطاء تنص على أن التأمين يحجز لدى الوزارة لحين الانتهاء من العملية ولا يرد للمستأنف إلا بمقتضى إقرار كتابي من المحافظة بأنه صار تنفيذ العقد بما يرضي الحكومة - والمستأنف يعتبر مسئولاً عن تصرف مندوبه ويتحمل نتيجة عمله وذلك طبقاً لما هو مسلم به في القانون الإداري من أن المتعاقد مع الحكومة بعقد إداري يسأل شخصياً عن تنفيذ هذا العقد لأن شخصية هذا المتعاقد ملحوظة في إبرام العقد فلا يجوز له التنازل عنه أو تحويل العقد لغيره ومن باب أولى لا يجوز له أن يتنصل من المسئولية بحجة أنه غير ملزم بتصرفات مندوبه، ويجب تطبيق نص المادة 13 من شروط العطاء وهي تعطي للمستأنف ضدها الحق في عدم رد التأمين للمستأنف، كما جاء بالحكم أيضاً في خصوص حق الحكومة في عدم رد ثمن الخبز الذي يطالب به الطاعن إلى جانب حقه في مصادرة التأمين قوله "ولا يعترض على ذلك بأن الحكومة قد استوفت حقها في التعويض بمصادرة التأمين لأن الأمرين مختلفان فالمصادرة جزاء إداري مالي عن عدم سلامة عملية التوريد ويجوز للإدارة توقيعه بصرف النظر عن وقوع ضرر وعن البحث في مدى التعويض" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه صحيح في القانون ذلك أنه من المقرر في فقه القانون العام أن العقود الإدارية تحكمها قواعد خاصة بها تطبق عليها جميعها حتى ولو لم ينص عليها في العقد ومن هذه القواعد أن التزامات المتعاقد مع الإدارة التزامات شخصية أي أن المتعاقد يجب أن ينفذها شخصياً وبنفسه ولذلك يعتبر المتعاقد الأصلي هو المسئول الوحيد أمام الإدارة ولها دائماً حق الرجوع عليه في حالة وقوع التقصير في التزامه أيا كان شخص المقصر ومن ثم فليس للطاعن أن يتحلل من المسئولية التي يرتبها عقد التوريد في ذمته متذرعاً بأن أفعال التزوير والاختلاس قد وقعت من مندوبه دون علمه أو رضاه ولا يغير من ذلك أن يكون المندوب قد ارتكب تلك الأفعال بعد توريد الخبز وفقاً للمواصفات والشروط المتفق عليها ما دام أنها وقعت منه وهو بسبيل الحصول على الثمن نفاذاً لعقد التوريد، وأما عن حق الإدارة في الجمع بين مصادرة التأمين والحصول على التعويض عن اختلاس أموالها فإن الحكم المطعون فيه - على ما تقدم - لم يقصر في الرد على الدفاع الذي أبداه الطاعن في هذا الخصوص كما أن الرد الذي أوراده جاء سديداً وموافقاً للقانون ذلك أنه في حالة النص في شروط العطاء على حق الإدارة في مصادرة التأمين لإخلال المتعاقد بالالتزامات التي يرتبها عليه العقد، فإن التأمين في هذه الصورة يعتبر جزاء من الجزاءات التي تملك جهة الإدارة توقيعها على المتعاقد إذا ما قصر في تنفيذ التزاماته، وهي بهذه المثابة لا تستهدف تقويم اعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى من تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها، ولذلك يثبت للإدارة الحق في توقيعها بقيام موجبها وبغير حاجة إلى إلزام الإدارة بإثبات أن ضرراً ما قد لحقها من جراء إخلال المتعاقد معها بالتزاماته وحتى لو لم يلحق بها أي ضرر من هذا الإخلال ومن ثم فإن مصادرة التأمين على هذا الأساس لا تمنع الإدارة من المطالبة بالتعويض عن الأضرار الحقيقية التي حلت بها بسبب تقصير المتعاقد معها في تنفيذ التزامه ولا يعتبر ذلك جمعاً لتعويضين عن فعل واحد لاختلاف الأساس القانوني لحق الإدارة في الحالين، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر موافقاً للقانون ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يتضمن الرد على مزاعم الطاعن بأنه غير مسئول عن أفعال مندوبه لعدم توافر علاقة التبعية بينهما لأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وأن ترد استقلالاً عليها ما دامت قد أقامت حكمها على أسباب صحيحة منتجة له ويتعين لذلك رفض النعي بهذا السبب.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه تمسك لدى محكمة الموضع بأنه إذا ثبتت مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بالإدارة من جراء الأفعال التي ارتكبها مندوبه فإن هذه المسئولية تتحدد بمقدار ما اختلسه المندوب فعلاً ويجب لذلك حصر المبالغ المختلسة حصراً دقيقاً وخصمها بعد ذلك مما يستحقه الطاعن في ذمة المطعون عليه وهو مبلغ التأمين مضافاً إليه المبلغ الباقي من ثمن الخبز المورد المرفوعة بهما الدعوى ولكن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع وسكت عن مناقشة وأجرى خصم ثمن الخبز الذي يستحقه الطاعن من المبلغ الذي قالت الإدارة إنه اختلس من أموالها وقدرته بـ 899 ج ولم يذكر الحكم سبباً لأخذه بهذا الرقم في تقدير المبلغ المختلس مع ما ثبت من التحقيق من خلاف بين اللجان في تحديد المبلغ المختلس مما يعيب الحكم بالقصور ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه قد ضمن تقريراته أن اللجنة الحكومية التي ندبت لفحص الموضوع قد اكتشفت اختلاس 888 ج و461 م من أموال الحكومة ولم تستطع أن تحقق اختلاس ما يزيد على هذا المبلغ لأن الطاعن ومندوبه امتنعا عن تقديم ما تحت يدهم من الإيصالات والفواتير كما أورد الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما يلي "ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب ثمن الخبز المورد فقد ثبت مما تقدم أن للمستأنف ضده - المطعون عليه - مبلغاً يجاوز المبلغ المطلوب حيث إن اللجنة أثبتت قيمة المبالغ المختلسة بمبلغ 888 ج و682 م والمستأنف - الطاعن - يطالب بثمن خبز مورد لم يقبض ثمنه وهو 791 ج و826 م ومن حق الحكومة أن تجري المقاصة بين المبلغين" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه خلافاً لما يقوله الطاعن قد أفصح عن المصدر الذي اعتمد عليه في تحديد المبلغ المختلس وهو تقرير اللجنة الحكومية التي شكلت لحصر المبالغ المختلسة والتزم الحكم في هذا التحديد المقدار الذي تحققت اللجنة من اختلاسه دون ما عداه مما لم تستطع كشفه أما ما ينعاه الطاعن من أنه قد ثبت في التحقيق خلاف بين اللجان في تحديد مقدار الاختلاس فهو نعي عار عن الدليل ويتعين لذلك رفض هذا السبب أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 21/ 11/ 1963 الطعن 262 س 29 القضائية السنة 14 ص 1081.

الطعن 356 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 96 ص 614

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وبطرس زغلول.

----------------

(96)
الطعن رقم 356 لسنة 29 القضائية

ملكية. "أسباب كسب الملكية". "الحيازة". "التقادم الخمسي". تقادم. حيازة. بيع. حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي. مناطه، ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بعدم ملكية المتصرف لما يتصرف فيه. عدم ذكر سند ملكية البائع وتعهده بتقديم سند الملكية للمشتري ليس من شأن أيهما أن يؤدي عقلاً إلى ثبوت علم المشتري بأن البائع له غير مالك. تأسيس الحكم ثبوت النية على ذلك. قصور.

--------------
حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس، ومناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف فيه، وإذ كان عدم ذكر سند ملكية البائع للطاعنين وتعهده بتقديم سند الملكية للمشترين ليس من شأنه أيهما أن يؤدى عقلاً إلى ثبوت علم الطاعنين بأن البائع لهما غير مالك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أسس ثبوت سوء النية على ذلك يكون معيباً بالقصور (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 237 سنة 1954 مدني كلي أسيوط ضد المطعون عليه الثاني ثم أدخلا فيها المطعون عليهن الثلاث الأخيرات وقالا في بيان الدعوى إن محجور المطعون عليه الثاني باعهما قبل توقيع الحجر عليه 387 ذراعاً شائعاً في عقار مساحته 563 ذراعاً مبينة بالعقد المؤرخ 29 نوفمبر سنة 1948 مقابل ثمن قدره 387 ج قبض منه 337 ج والباقي يستحق عند التوقيع على العقد النهائي وقد اتضح للطاعنين أن البائع لا يملك في العقار المبيع سوى 155 ذراعاً وأن باقي المبيع ملك لأخواته المطعون عليهن الثلاث الأخيرات ومن أجل ذلك أقاما الدعوى بصحة عقد البيع فيما تضمنه من بيع المطعون عليه الثاني مقدار 155 ذراعاً شائعة في العقار جميعه وبإلزامه أن يرد لهما مبلغ 182ج ما دفعاه من الثمن عند القدر غير المملوك له. كما أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 217 سنة 1954 مدني كلي أسيوط ضد المطعون عليه الثاني وطلب القضاء بصحة عقد البيع المؤرخ أكتوبر سنة 1953 المتضمن بيع 565 ذراعاً مقابل ثمن قدره 563 ج. تدخل المطعون عليه الأول في دعوى الطاعنين وطلب رفضها تأسيساً على أنه اشترى ذات القدر المبيع لهما من نفس البائع وقام بتسجيل صحيفة دعواه فيفضلهما في استحقاق القدر المبيع كما تدخل الطاعنان في دعوى المطعون عليه الأول وطلبا رفضها استناداً إلى أنهما اشتريا من المطعون عليه الثاني نفس العقار المبيع للمطعون عليه الأول وأن تسجيل صحيفة دعواه لا يؤثر في حقوقهما إذ انتقلت إليهما الملكية لحيازتهما العقار المبيع مدة خمس سنوات سابقة على رفع دعواهما بحسن نية وبسبب صحيح هو عقد البيع الصادر لهما في 29/ 11/ 1948 وقد قبلت المحكمة التدخل في كل من الدعويين وأمرت بضمهما للفصل فيهما بحكم واحد ثم قضت بتاريخ 27 إبريل سنة 1957: أولاً - وفي الدعوى رقم 217 سنة 1954 مدني كلي أسيوط بإثبات صحة التعاقد الحاصل للمدعي (المطعون عليه الأول) عبد المنعم حسن حسين الرمالي من السيد محمد الشهير بتهامي إبراهيم عثمان الهلالي المشمول بقوامه المدعى عليه الأول السيد محمد عبد المنعم جاد الرب بعقد البيع المؤرخ أكتوبر سنة 1953 والمتضمن بيعه له العقار المبين الحدود والمعالم بعريضة الدعوى بثمن قدره 563 ج والتسليم. ثانياً - وفي الدعوى رقم 237 سنة 1954 كلي أسيوط برفضهما. استأنف الطاعنان هذا الحكم الصادر في الدعويين أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد الاستئناف برقم 334 سنة 32 وطلبا إلغاء الحكم المستأنف بشقيه والقضاء لهما بطلباتهما المبينة بصحيفة افتتاح دعواهما وبتاريخ 15 إبريل سنة 1959 قضت محكمة الاستئناف: أولاً - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 217 سنة 1954 مدني كلي أسيوط وكذلك في الشطر الأول من الدعوى رقم 237 سنة 1954 مدني كلي أسيوط. ثانياً - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الشطر الثاني من الدعوى رقم 237 سنة 1954 مدني كلي أسيوط وبإلزام المستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) أن يدفع للمستأنفين (الطاعنين) مبلغ 182 ج. قرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وأبدت النيابة رأيها برفضه وقد عرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة له التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن العقار المبيع للمطعون عليه الأول من المطعون عليه الثاني والبالغ مساحته 563 ذراعاً لم يكن مملوكاً له وقت البيع بل كان مملوكاً أصلاً للمرحوم أحمد الهلالي وكان من ورثته أخوه الشقيق المرحوم إبراهيم محمد الهلالي والد المطعون عليه الثاني الذي لم يكن يستحق في العقار سوى 387 ذراعاً فقط يختص منها المطعون عليه الثاني بمقدار 155 ذراعاً وقد اشترى الطاعنان القدر الزائد على أل 155 ذراعاً من باقي ورثة المالك الأصلي المرحوم أحمد الهلالي وهما المرحومان الأستاذ أحمد نجيب الهلالي ووالدته السيدة نبيهة جاد الرب وكذلك من باقي ورثة المرحوم إبراهيم محمد الهلالي أخوات المطعون عليه الثاني وهن المطعون عليهن الثلاث الأخيرات وذلك بمقتضى عقود بيع قضى بصحتها بمقتضى الأحكام الصادرة في الدعاوى رقم 317، 138 سنة 1954 مدني بندر أسيوط، 53 سنة 1956 مدني بندر أسيوط وقد قدم الطاعنان ما يدل على ملكية المرحوم أحمد الهلالي المورث الأصلي للعقار والإشهادات الشرعية عن ورثته وكذلك الأحكام الصادرة لمصلحتهما بصحة العقود الصادرة لهما وتمسكا بعدم جواز انتقال ملكية العين جميعها للمطعون عليه الأول بمقتضى عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الثاني لكن الحكم المطعون فيه أغفل إثبات هذا الدفاع الجوهري والرد عليه كما أنه كان مما تمسك به الطاعنان في خصوص المائة خمسة وخمسين ذراعاً التي اشترياها من المطعون عليه الثاني تملكهما لها بوضع اليد بحسن نية مدة خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى وبسبب صحيح هو عقد البيع المؤرخ 29 نوفمبر سنة 1948 الذي صدر لهما من غير مالك لأن الملكية كانت وقت صدور هذا العقد للمرحوم إبراهيم محمد الهلالي مورث المطعون عليه الثاني والذي توفى في 3/ 10/ 1953 بعد صدور البيع لهما من المطعون عليه الثاني ويقول الطاعنان إن حسن النية مفترض دائماً في واضع اليد ما لم يقم الدليل على العكس وأن سكوت عقد البيع عن ذكر سبب ملكية البائع ليس بدليل على علم الطاعنين بعدم ملكيته للقدر المبيع كما أن تعهده بتقديم مستندات التمليك للمشتريين أمر درج ذكره في عقود البيع ولكن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على دفاعهما بأنهما لم يكونا حسني النية وقت البيع إذ لم يثبت في عقد شرائهما سند ملكية البائع لهما وأن نصوص العقد قاطعة في أن البائع لم تكمل له عناصر الملكية لتعهده بتقديم ما يثبت ملكيته للمشتريين مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة إلى محكمة الاستئناف والمودعة بملف الطعن أنه كان مما تمسكا به أنه لا يحق للمطعون عليه الأول طلب الحكم بصحة البيع الصادر له من المطعون عليه الثاني عن 563 ذراعاً لأن البائع له لم يكن يملك سوى 155 ذراعاً إذ العقار المبيع كان مملوكاً أصلاً للمرحوم أحمد الهلالي بدليل الكشف الرسمي المقدم منهما وقد توفى المالك الأصلي عن ورثته ومنهم أخوه الشقيق المرحوم إبراهيم محمد الهلالي مورث المطعون عليه الثاني وأن كلا من المرحومين الأستاذ أحمد نجيب الهلالي ووالدته السيدة نبيهة أحمد جاد الرب وهما من ورثة المرحوم أحمد الهلالي قد باعا نصيبهما في العقار للطاعنين وقضى بصحة البيع في الدعوى رقم 317 سنة 1954 مدني بندر أسيوط كما باع أخوات المطعون عليه الثاني نصيبهن للطاعنين وقضى بصحة البيع في الدعويين رقمي 318 سنة 1954 و53 سنة 1956 مدني بندر أسيوط كما أنه يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن أن المستندات المشار إليها كانت مقدمة إلى محكمة الاستئناف لما كان ذلك، وكان الطاعنان - وقد قبلت المحكمة تدخلهما - في دعوى صحة التعاقد المرفوعة من المطعون عليه الأول ضد الثاني - أنكراً على البائع للمطعون عليه الأول ملكيته لبعض العقار المبيع مستندين إلى ما قدماه من مستندات للتدليل على دفاعهما وكان يبين أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إنه يبين من جهة أخرى أن الحكم المطعون فيه إذ عرض لدفاع الطاعنين المتضمن تملكهما المائة خمسة وخمسين ذراعاً بالتقادم القصير رد عليه في قوله "ومن حيث إن الثابت من دفاع المستأنفين (الطاعنين) حسبما جاء بمذكراتهما أن البائع لم يكون مالكاً لما باعه وقت البيع الحاصل لهما في سنة 1948 لأن المبيع كان مملوكاً لوالد البائع الذي كان على قيد الحياة ولم يكن للبائع أي مال في تكليفه وكل ما آل إليه قد آل إليه بعد وفاة والده ولا جدال في أن علم المستأنفين (الطاعنين) بذلك وقت الشراء كان قائماً كما أفصحت عنه قرائن الأحوال في الدعوى إذ لم يثبت في عقد شراء المستأنفين (الطاعنين) سند ملكية البائع لهما بل على العكس من ذلك فإن نصوص عقد البيع ذاته قاطعة الدلالة على أن البائع لم تكمل له عناصر ملكيته ولا أدل على ذلك من أن البائع تعهد في العقد بتقديم ما يثبت ملكيته ولم يقدم شيئاً للمستأنفين (الطاعنين)" - ولما كان حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس وكان مناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المتصرف إليه غير مالك لما يتصرف فيه وكان عدم ذكر سند ملكية البائع للطاعنين وتعهده بتقديم سند الملكية للمشتريين ليس من شأن أيهما أن يؤدى عقلاً إلى ثبوت علم الطاعنين بأن البائع لهما غير مالك وإذ أسس الحكم ثبوت سوء النية على ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور كذلك.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 5/ 11/ 1936 الطعن 33 س 6 ق مجموعة 25 سنة جزء 1 ص 454.

الطعن 384 لسنة 35 ق جلسة 15 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 18 ص 101

جلسة 15 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

----------------

(18)
الطعن رقم 384 لسنة 35 القضائية

حراسة. "حراسة إدارية". رفع الحراسة. حق. "حق التقاضي". دعوى. "الصفة في الدعوى". خلف.
رفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين عملاً بالقانون 150 لسنة 1964. أثره. عودة حق التقاضي إليهم. لا يؤثر في ذلك أيلولة ملكية هذه الأموال والممتلكات إلى الدولة مقابل تعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن أقل قيمة ولا استنزال جميع الديون من صافي قيمتها. المدينة هي صاحبة الصفة وحدها في الدفاع عن حقها في الدعوى المقامة ضدها لطلب دين عليها. مدير إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة لا يمثلها وإنما يمثل الدولة.

------------------
مقتضى رفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين المفروضة عليهم عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 150 لسنة 1964 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - أن يعود إليهم حق التقاضي من يوم العمل به في 24/ 3/ 1964، ولا يؤثر في ذلك ما تنص عليه مادته الثانية من أيلولة ملكية هذه الأموال والممتلكات إلى الدولة مقابل التعويض الإجمالي المقرر فيها، ولا ما تقرره المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 من استنزال جميع الديون من صافي قيمتها، ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 إذ تحدد لمن كان خاضعاً للحراسة التعويض عن أمواله وممتلكاته وقت فرضها بمبلغ إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه، ما لم تكن أقل قيمة فإن لازم ذلك قيام صفة المدينة (المطعون ضدها الثانية) في الدفاع عن حقها في الدعوى المقامة ضدها بطلب دين عليها، وإذ عاد حق التقاضي لها وأصبحت هي وحدها صاحبة الصفة في الدعوى، وكان مدير الأموال والممتلكات التي آلت إلى الدولة لا يمثلها بل يمثل الدولة، ولا شأن له بهذا النزاع، فلا يجوز اختصامه في الدعوى المرفوعة عليها وإنما يكون للدائن أن يتقدم بدينه لذلك المدير ليصدر قراراً بشأن قبول أدائه أو رفضه على ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل، في أن الأستاذ أحمد صفوت المحامي حصل على أمر من مجلس نقابة المحامين ضد الحارس الخاص على أموال السيدة/ ونيز موصيري الخاضعة للأمر العسكري رقم 138 سنة 1961 بتقدير أتعابه عن الطعن بالنقض رقم 48 سنة 30 ق المرفوع منها بمبلغ 500 ج ينفذ بها على أموال المدينة حراسة المدعى عليه، ورفع جمال الدين خليل بوصفه حارساً خاصاً على أموال المدينة تظلماً من هذا الأمر أمام محكمة القاهرة الابتدائية قيد برقم 4360 سنة 1963. وبتاريخ 2/ 11/ 1963 حكمت المحكمة برفض التظلم وتأييد الأمر. واستأنف الحارس الخاص هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه وإلغاء أمر التقدير والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 2057 سنة 80 ق، وأثناء نظره أدخل المستأنف عليه (المطعون عليه الأول)، كلاً من ونيز موصيري والمدير العام لإدارة أموال وممتلكات الحراسات التي آلت إلى الدولة بالقانون رقم 150 سنة 1964 خصمين في الدعوى، ليسمعا الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، ودفع المدير العام بعدم اختصاص القضاء ولائياً بنظر النزاع بالنسبة له وبعدم سماع الطلبات الموجهة له وبعدم قبول اختصامه لانتفاء صفته، لأنه لا يمثل من رفعت عنها الحراسة ولأنه ليس خلفاً للمدينة بعد أيلولة أموالها للدولة. وبتاريخ 7/ 4/ 1965 حكمت المحكمة برفض جميع الدفوع المقدمة من إدارة الأموال وباختصاص القضاء ولائياً وعادياً بنظر الدعوى وبقبولها وجواز سماعها ورفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن المدير العام في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة، حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن في سببي الطعن. أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول اختصامه في الدعوى، مستنداً في ذلك إلى أن اختصامه إنما تم بعد أيلولة أموال السيدة/ ونيز موصيري إلى الدولة وبعد أن عهد إليه بإدارتها وتصفيتها وأداء ما عليها من ديون لدائنيها، مما يديره من أموالها وهو ما يجعل الدعوى مقامة عليه بوصفه صاحب الصفة، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) أن القانون رقم 150 سنة 1964 قد نص على رفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ ومن بينهم السيدة/ ونيز موصيري، وعلى أيلولة تلك الأموال والممتلكات للدولة مقابل تعويض محدد، ومؤدى ذلك أن الجهاز الذي عهد إليه بإدارة تلك الأموال والممتلكات وتحديد التعويضات التي يمكن صرفها لمن رفعت عنهم الحراسة يكون نائباً عن الدولة ولا يمثل أو ينوب عن أحد من هؤلاء بعد صدور ذلك القانون وعودة أهلية التقاضي إليهم، وبالتالي فلا يعتبر الطاعن ممثلاً للمدينة ولا خلفاً لها ولا للحارس عليها، ومن ثم فلا يجوز إدخاله في دعوى أو طعن سبق رفعه من الحارس عليها خاصة، ولقد آلت أموالها وممتلكاتها للدولة مطهرة من كافة الحقوق العينية والقيود خالصة من جميع الالتزامات وإذ لم ينص القانون رقم 150 سنة 1964 المشار إليه على نقل التزامات الخاضعين إلى الدولة، فلا يجوز إلزام الدولة بها دون نص صريح بذلك، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل إدخاله بصفته خصماً في الاستئناف باعتباره قد حل محل الحارس الخاص، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. (وثانيهما) أنه استند إلى المادة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 1876 سنة 1964 فيما ذهب إليه من أن الطاعن قد عين لتصفية أموال وممتلكات من رفعت عنهم الحراسة مع أنه ليس مصفياً لأموال وممتلكات هؤلاء الأشخاص، بل مديراً للأموال التي آلت إلى الدولة، والمستفاد من القرار المشار إليه أنه استثناء من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 القصد منه حماية أصحاب الحقوق الذين تقرر جهة الإدارة جدية ديونهم، وإذ اعتبره ذلك القرار ممثلاً لتلك الجهة فكان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقتصر على قبول اختصام السيدة/ ونيز موصيري (المدينة) وحدها في الدعوى بعد رفع الحراسة عن أموالها، حتى إذا قضي عليها نهائياً بالدين كان للمطعون عليه أن يتقدم بدينه إلى مدير إدارة الأموال التي آلت ملكيتها للدولة ليقول كلمته فيه إما بالقبول، فيسدده له من التعويض المقرر لها وإما بالرفض، وحينئذ يكون له حق التنفيذ المباشر على أموال المدينة الخاصة التي لم تنتقل إلى الدولة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن مقتضى رفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين المفروضة عليهم عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 150 سنة 1964 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعود إليهم حق التقاضي من يوم العمل به في 24/ 3/ 1964، ولا يؤثر في ذلك ما تنص عليه مادته الثانية من أيلولة ملكية هذه الأموال والممتلكات إلى الدولة مقابل التعويض الإجمالي المقرر فيها، ولا ما تقرره المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 سنة 1964 من استنزال جميع الديون من صافي قيمتها، ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 150 سنة 1964, إذ تحدد لمن كان خاضعاً للحراسة التعويض عن أمواله وممتلكاته وقت فرضها بمبلغ إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن أقل قيمة، فإن لازم ذلك قيام صفة المدينة في الدفاع عن حقها في الدعوى المقامة ضدها لطلب دين عليها، وإذ عاد حق التقاضي لها وأصبحت هي وحدها صاحبة الصفة في الدعوى وكان مدير الأموال والممتلكات التي آلت إلى الدولة لا يمثلها بل يمثل الدولة ولا شأن له بهذا النزاع، فلا يجوز اختصامه في الدعوى المرفوعة عليها، وإنما يكون للدائن أن يتقدم بدينه لذلك المدير ليصدر بشأنه قراراً بقبول أدائه أو رفضه على ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 سنة 1964، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل اختصام الطاعن في النزاع المطروح فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) الطعن رقم 275 لسنة 31 ق - جلسة 1/ 2/ 1966 - مجموعة المكتب الفني س 17 ص 214.