جلسة 27 من أبريل سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين مصطفى حسن وحسن داود وأنيس غالي ومصطفى كامل أعضاء.
-------------
(276)
القضية رقم 17 سنة 23 القضائية
خيانة أمانة.
تبديد. تحرير سند باسم المتهم وإيداعه لديه على وجه الأمانة لتحويله لصاحب الحق فيه عند تحقق الشرط المتفق عليه. تسليمه السند للمدين إضرارا بصاحب الحق فيه. إدانة المتهم. صحيحة.
متى كان الحكم قد استظهر من عناصر الدعوى أن السند موضوع جريمة التبديد وإن تحرر باسم المتهم إلا أنه لم يكن لمصلحته وأنه تحرر باسمه وأودع أمانة لديه تأمينا لتنفيذ اتفاق ثم بين المدعي المدني من جهة وبين أخويه من جهة أخرى يتأدى في أن المدعي بالحق المدني يصادق لأخويه على صحة عقد صادر لهما من والدهما ببيع منزل وحرر بذلك إقرارا سلمه للمتهم على أن يقوم الأخوان الآخران بدفع عشرين جنيها للمدعي المدني عن طريق المتهم عند تسلمهما الإقرار منه وأن يحررا له عقدا ببيع ربع المنزل عند التصديق على صحة العقد أو أن يدفعا له مبلغ مائة جنيه زيادة عن العشرين الأولى وهى التي كتب بها السند باسم المتهم واتفق على أن يقوم المتهم بتحويلها للمدعي المدني إذا نفذ الأخير ما التزم به وحكم بصحة التعاقد وامتنع أخواه عن تحرير عقد ببيع ربع المنزل له, وكان الحكم قد استظهر أيضا أن المدعي المدني قد وفى بالتزاماته, وأنه قد حكم لأخويه بصحة التعاقد الصادر لهما من والدهما ببيع المنزل وأنهما امتنعا بعد ذلك عن تحرير عقد ببيع ربع المنزل للمدعي بالحق المدني وأن المتهم تواطأ معهما وسلم لهما السند المودع عنده على سبيل الأمانة إضرارا بالمدعي المدني, كما استظهر أن تسليم السند للمدينين وإن تم في الظاهر بناء على شكوى منهما للبوليس في حق المتهم بشأن السند المذكور إلا أنه حصل في واقع الأمر باتفاق بينهما وبين المتهم بقصد التحايل على الإفلات من الالتزامات التي رتبها عقد الوديعة في ذمة المتهم للإضرار بالدائن الحقيقي بمقتضى هذا العقد - متى كان ذلك فإن إدانة الطاعن بجريمة التبديد تكون صحيحة, ولا يقدح في ذلك أن يكون السند قد حرر باسم الطاعن ما دام أن تحرير السند على المدين وإيداعه لدى الطاعن كان على وجه الأمانة بقصد تحويله لصاحب الحق فيه.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه في يوم 2 يناير سنة 1951 بدائرة مركز ميت غمر بدد الأوراق الموضحة بالمحضر لمحمود محمد سليمان الجعيري والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحفظها فاختلسها لنفسه إضرارا به وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى محمد محمود سليمان الجعيري بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة ميت غمر الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام المذكورة بحبس المتهم أربعة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لوقف التنفيذ وألزمته بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية قرشا واحدا على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية و300 قرش أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ثاني يوم صدوره كما استأنفته النيابة. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت حضوريا بقبولهما شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرين مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك مع إلزام المتهم بالمصروفات المدنية الاستئنافية وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن يقول إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين دانه في جريمة التبديد المسندة إليه. ذلك لأن من أركان الجريمة المذكورة فعلا ماديا من أفعال الاختلاس أو الاستعمال وركنا معنويا وهو نية الغش ولم يقارف الطاعن الفعل المادي المكون للجريمة إذ أنه لم يتصرف تصرف المالك في الشئ المسلم إليه ولم تتوافر عنده نية الغش لأنه سلم السند بمحضر رسمي ثم إنه شكا إلى محكمة الموضوع أن المجني عليه زور في محضر جلسة المحاكمة الابتدائية المؤرخ في 13 أكتوبر سنة 1951 بأن غير كلمة "فيه" في عبارة وردت على لسان الطاعن نصها "إن فيه كمبيالة بمبلغ 100ج لصالح محمد" إلى كلمة "معه" واستغل هذا التزوير في جلسة 3 مارس سنة 1952 وطلب إلى المحكمة تحقيق هذا التزوير لما ينطوي عليه من إيجاد شبهة التواطؤ بين الطاعن وبين عبد الخالق محمود سليمان وبالتالي شبهة توافر القصد الجنائي لديه على الإضرار بالمجني عليه ومع ذلك فإن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من عناصر الدعوى أن السند موضوع جريمة التبديد وإن تحرر باسم الطاعن ولكنه لم يكن لمصلحته وأنه تحرر باسمه وأودع أمانة لديه تأمينا لتنفيذ اتفاق تم بين المدعي المدني من جهة وبين أخيه عبد الخالق محمود الجعيري وأخته نجيه من جهة أخرى يتأدى في أن المدعي بالحق المدني يصادق لأخيه عبد الخالق محمود الجعيري وأخته نجيه على صحة عقد صادر لهما من والدهما ببيع منزل وحرر بذلك إقرارا سلمه للطاعن على أن يقوم الأخوان الآخران بدفع عشرين جنيها للمدعي المدني عن طريق الطاعن عند تسلمهما الإقرار منه وأن يحررا له عقدا ببيع ربع المنزل عند التصديق على صحة العقد أو أن يدفعا له مبلغ مائة جنيه زيادة عن العشرين الأولى وهى التي كتب بها السند باسم الطاعن واتفق على أن يقوم الطاعن بتحويلها للمدعي المدني إذا نفذ هذا الأخير ما ألزم به وحكم بصحة التعاقد وامتنع أخواه عن تحرير عقد ببيع ربع المنزل له ولما كان الحكم قد استظهر أيضا أن المدعي المدني قد وفى بالتزاماته وأنه قد حكم لأخويه عبد الخالق ونجيه في جلسة 31 مارس سنة 1951 في الدعوى 308 سنة 1951 مدني ميت غمر بصحة التعاقد الصادر لهما من والدهما ببيع المنزل وأنهما امتنعا بعد ذلك عن تحرير عقد بيع ربع المنزل للمدعي بالحق المدني وأن الطاعن تواطأ مع عبد الخالق محمود وسلم له السند المودع عنده على سبيل الأمانة إضرارا بالمدعي المدني ولما كان الطاعن لا ينكر واقعة التسليم ويدفع بأنه سلم السند عن طريق ضابط البوليس بناء على شكوى مقدمة من المدين وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر من عناصر الدعوى أن تسليم السند للمدين وإن تم في الظاهر بناء على شكوى مقدمة من المدين للبوليس في حق الطاعن بشأن السند المذكور ولكنه في واقع الأمر حصل باتفاق بين المدين والطاعن بقصد التحايل على الافلات من الالتزامات التي رتبها عقد الوديعة في ذمة الطاعن للإضرار بالدائن الحقيقي بمقتضى هذا العقد, ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على صحة ذلك بأدلة استخلصها من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ولما كان تحرير السند باسم الطاعن لا يقدح في سلامة تلك النتيجة طالما أن تحرير السند على المدين وإيداعه لديه كان على وجه الأمانة بقصد تحويله لصاحب الحق فيه لما كان ذلك, فإن هذا الوجه يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الوجه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على العبارة الواردة في محضر جلسة المحاكمة الابتدائية والمقول بأحداث التغيير فيها ولم يتخذها دليلا ضده.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.