الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 يونيو 2022

الدعوى رقم 86 لسنة 22 ق "دستورية" جلسة 14 / 5 / 2022

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من مايو سنة 2022م، الموافق الثالث عشر من شوال سنة 1443 ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر   رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز   نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع         أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 86 لسنة 22 قضائية "دستورية".

المقامة من

إبراهيم إسماعيل محمد، بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة السويدية لأسلاك اللحام

ضد

1 - وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب

2 - وزير العدل

3 – رئيس مجلس الوزراء

---------------

الإجراءات

      بتاريخ التاسع والعشرين من أبريل سنة 2000، أودع المدعى بصفته صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص البند (10) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 فيما نص عليه من أنه " يُعد تهربًا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يأتى: انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها وسدادها "، وبسقوط العقوبة المقررة المقابلة للنص المطعون عليه.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------------

المحكمة

      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 5079 لسنة 1999 جنح الدخيلة، طالبة عقابه بالمادتين (43، 44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بوصف أنه في يوم 4/3/1999، بدائرة قسم العامرية: لم يقم بسداد الضرائب المستحقة عليه عن الفترة من مايو حتى يوليو سنة 1992، ويونيو سنة 1993، خلال المواعيد المقررة قانونًا على النحو المبين بالأوراق. تدوولت الدعوى بالجلسات، وادعى المدعى عليه الأول مدنيًّا بقيمة الضريبة المستحقة والضريبة الإضافية. وبجلسة 25/3/2000، دفع المدعى بعدم دستورية البند (10) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، أجلت نظر الدعوى لجلسة 6/5/2000، لإقامة الدعوى الدستورية، فأقام المدعى الدعوى المعروضة.

  وحيث إن نص المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 – مقروءًا في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/11/2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية" - تنص على أن " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد، يقضى بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية.

      وفى حالة العود يجوز مضاعفة العقوبة والتعويض.

      وتنظر قضايا التهرب عند إحالتها إلى المحاكم على وجه الاستعجال".

  وتنص المادة (44) من القانون ذاته على أن " يُعد تهربًا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يأتي: ............

10- انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها وسدادها ".

   وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعى - في حدود الصفة التي اختصم بها النص المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، سواء كان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً. ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أى فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.

لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعى تدور حول ما نسبته النيابة العامة إلى المدعى من أنه لم يقم بسداد الضريبة المستحقة عن الفترات من مايو حتى يوليو عام 1992، ويونيو عام 1993، وذلك لمدة جاوزت ستين يومًا تالية لانتهاء المواعيد المقررة قانونًا؛ بما يعتبر معه انقضاء تلك المدة إحدى صور التهرب من الضريبة التي أثمها صدر المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والبند (10) من المادة ذاتها بعد استبداله بالقانون 91 لسنة 1996. ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذا النص محددًا نطاقه على النحو المتقدم، يرتب انعكاسًا أكيدًا ومباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر للمدعى مصلحة شخصية مباشرة بالنسبة له. ولا ينال من ذلك، ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة، من أنه " يلغى قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 كما يلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون ........."، إذ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن إلغاء النص التشريعي الجنائي المطعون فيه، متى كان أصلح للمتهم، لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من ِقبَلِ من طُبّقَ عليهم ذلك النص خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وبالتالي توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن عليه. متى كان ما تقدم، وكان التهرب من الضريبة على المبيعات معاقبًا عليه بعقوبة الجنحة، في حين أن الفعل ذاته معاقب عليه في قانون الضريبة على القيمة المضافة بعقوبة الجناية، ومن ثم يُعد القانون الملغى قانونًا أصلح للمدعى من منظور العقوبة، وعلى ذلك يظل مخاطبًا بالنص المطعون فيه، وتتحقق مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن عليه بعدم الدستورية.

  وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إهدار أصل البراءة ومبادئ العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، والمساواة، إذ إنه افترض أن انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة المستحقة على مبيعاته دون الإقرار عنها وسدادها، يشكل جريمة التهرب المعاقب عليها بالمادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، كما أنه ساوى بين من تأخر في تقديم الإقرار وسداد الضريبة، وبين من لم يقدمه مطلقًا، ولم يسدد الضريبة بما يخالف أحكام المواد (8، 38، 40) من دستور 1971، وتقابلها المواد (4، 9، 38، 53) من الدستور الحالي.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع للدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها – أيًّا كان تاريخ العمل بها – لأحكام الدستور القائم، لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. إذ كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعى إلى النص المطعون فيه تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، وكان النص المطعون فيه قد عُمل به حتى تم إلغاؤه بنص المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة - على ما سبق بيانه - فإن هذه المحكمة تفصل في دستورية النص المطعون فيه على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.

 وحيث إن الدستور الحالي قد حرص في المادة (4) منه، على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه، تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا، واعتبر بموجب نص المادة (27) منه، ضمان هذا المبدأ التزامًا اجتماعيًّا للنظام الاقتصادي الذي تنتهجه الدولة. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتتدخل الدولة إيجابيًّا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال، وهو ما يعنى أن موضوعية شروط النفاذ إليها مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها، ولا يجوز بالتالي حجبها عمن يستحقونها، ولا إنكارها لاعتبار لا يتعلق بطبيعتها ومتطلباتها.

  كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مبدأ المساواة الذي كفله الدستور بمقتضى نصي المادتين (4، 53) منه، لا يعنى معاملة المواطنين جميعًا وفق قواعد موحدة، ذلك أن النظام التشريعي قد ينطوي على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سواء من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أم من خلال المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التي ينظم بها المشرع موضوعًا معينًا عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التي توخى تحقيقها بالوسائل التي لجأ إليها منطقيًّا، وليس واهيًّا أو واهنًا أو منتحلاً، بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.

  وحيث إن تجريم التهرب الضريبي في الصورة التي عينها النص المطعون فيه، مقتضاه تحصيل المسجل للضريبة المفروضة على المبيعات أو الخدمات، وامتناعه عن الإقرار عنها وسدادها، خلال المواعيد المحددة للإقرار والسداد، وما يعقب ذلك من احتباسه للضريبة المحصلة مدة تجاوز ستين يومًا تالية على انقضاء المواعيد المشار إليها، إنما يهدف إلى تأمين موارد الدولة من الضريبة وتنميتها، تمكينًا لها من أداء دورها في خدمة المجتمع، وتحقيق النفع العام، والمساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية، وهى الغايات والأغراض التي يمثل بلوغها هدفًا للنظام الضريبي بصريح نص المادة (38) من الدستور، وأحد أوجه الضرورة الاجتماعية المبررة للتجريم في هذه الأحوال، ومن ثم يكون النص المطعون فيه مستندًا إلى أسس موضوعية تبرره، ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّا، ولا يخالف مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، اللذين كفلهما الدستور في المواد (4، 9، 27، 53) منه.

 وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ العدل باعتباره إلى جانب مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك حرص الدستور في المادة (96) منه، على جعله ضابطًا للمحاكمة القانونية العادلة والمنصفة، التي يكفل للمتهم فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، فالعدالة الجنائية في جوهر ملامحها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي التي يتعين ضمانها من خلال قواعد محددة تحديدًا دقيقًا، ومنصفًا، يتقرر على ضوئها ما إذا كان المتهم مدانًا أو بريئًا، ويفترض ذلك توازنًا بين مصلحة الجماعة في استقرار أمنها، ومصلحة المتهم في ألا تفرض عليه عقوبة ليس لها من صلة بفعل أتاه، أو تفتقر هذه الصلة إلى الدليل عليها، ولا يجوز بالتالي أن تنفصل العدالة الجنائية عن مقوماتها التي تكفل لكل متهم حدًّا أدنى من الحقوق التي لا يجوز النزول عنها أو التفريط فيها، ولا أن تخل بضرورة أن يظل التجريم مرتبطًا بالأغراض النهائية للقوانين العقابية.

  وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب أن يقتصر العقاب الجنائي على أوجه السلوك التي تضر بمصلحة اجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامح مع من يعتدى عليها، ذلك أن القانون الجنائي، وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم وبعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، فإن هذا القانون يفارقها في اتخاذه الجزاء الجنائي أداة لحملهم على إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلي عن تلك التي ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد من منظور اجتماعي ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية.

    وحيث إن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إنما يتحدد على ضوء عدة ضمانات يأتي على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهي ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.

وحيث إن افتراض أصل البراءة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يُعد أصلاً ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية، وينسحب إلى الدعوى الجنائية في جميع مراحلها وعلى امتداد إجراءاتها، وقد غدا حتمًا عدم جواز نقض البراءة بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها المحكمة، وتتكون من مجموعها عقيدتها حتى تتمكن من دحض أصل البراءة المفروض في الإنسان، على ضوء الأدلة المطروحة أمامها، التي تثبت كل ركن من أركان الجريمة، وكل واقعة ضرورية لقيامها، بما في ذلك القصد الجنائي بنوعيه إذا كان متطلبًا فيها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة.

وحيث إنه عن النعي بخروج النص المطعون فيه على مبدأ أصل البراءة، فإنه مردود؛ بأن ذلك النص لم يتخذ من تحقق الركن المادي للجريمة التي انتظمها البند رقم (10) منه، قرينة قانونية غير قابلة لإثبات عكسها، تقوم بها – وحدها – مسئولية جنائية مفترضة لمن يخالف الالتزام الوارد فيه، أو يهدر أصل براءة المخالف، بحسبان ذلك النص لم يعف سلطة الاتهام من إثبات وقوع الجريمة بركنيها المادي والمعنوي، ولم يحل بين محكمة الموضوع – في ضوء التزامها المنصوص عليه في المادة (304) من قانون الإجراءات الجنائية – وبين التحقق بصورة يقينية من وقوع ركني جريمة التهرب الضريبي، ولم يصادر حق المتهم بالجرم المذكور في أن يدفع نسبته إليه بكافة أوجه الدفاع التي تواجه أدلة الاتهام التي ساقتها ضده النيابة العامة، سواء ما يتعلق منها بعناصر الركن المادي للجريمة، أو ما يتصل منها بالقصد الجنائي. فضلاً عن أن السلطة التشريعية – التي تختص وحدها بالتجريم – قد حددت نموذج الجريمة التي انتظمها ذلك النص، ملتزمة بالضوابط الدستورية للنص الجنائي من حيث صياغته بصورة جلية ومحددة، لا لبس فيها ولا غموض، وجاءت عبارة هذا النص متضمنة الركن المادى للجريمة، وقوامه انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة – التي أبانتها الفقرة الأولى من المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991. وقرار وزير المالية رقم 190 لسنة 1991 – دون الإقرار عنها وسدادها. كما أوجب النص توافر قصد عمدى يقارن الركن المادي، جوهره: العلم بعناصر هذا الركن، وإرادة تحقيق النتيجة المترتبة عليه، ممثلة في الإفلات من سداد الضريبة المستحقة على النشاط الخاضع لها. وفى المقابل، لم يتضمن النص المطعون فيه إلزامًا بالقضاء في الدعوى الجنائية المقامة على الفعل الذي انتظمه ذلك النص على وجه محدد، إذ يناط بقاضي الموضوع وحده التحقق من توافر ركني الجريمة، فيحكم بالبراءة إن تخلف أحدهما، وبالإدانة متى تحقق كلاهما، ويستقل بتحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى، دون أن يتسلط المشرع عليه – بحال – في تطبيقه لنموذج نص التجريم أو نص العقاب. الأمر الذي يكون معه النص المطعون فيه قد التزم حدود الشرعية الدستورية للنص الجنائي، وانضبط بقواعدها المقررة في شأن عدم افتراض المسئولية الجنائية بقرينة تحكمية تزحزح أصل البراءة، أو مساس بقيم العدل الضابطة لسن نصوص التجريم والعقاب، وقواعد المحاكمة القانونية العادلة، وبما لا مخالفة فيه لأى من نصوص المواد (4، 9، 27، 38، 53، 94، 95، 96، 97، 98) من الدستور القائم، أو أى من أحكامه الأخرى، مما يتعين معه القضاء، في شأن النص المار ذكره، برفض الدعوى.

وحيث إنه عن الطلب المبدى من المدعى بسقوط العقوبة المقابلة للنص المطعون فيه، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن طلب السقوط لا يعد طلبًا مستقلاً بعدم الدستورية، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا، بمناسبة قضائها في الطلبات الأصلية المطروحة عليها، ويتصل بالنصوص القانونية التي ترتبط بها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء برفض الدعوى، فإنه يتعين الالتفات عن هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى بصفته المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 11311 لسنة 77 ق جلسة 18 / 3 / 2015 مكتب فني 66 ق 67 ص 434

جلسة 18 من مارس سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، مصطفي ثابت عبد العال، عمر السعيد غانم نواب رئيس المحكمة وياسر محمود بطور.
---------------

(67)
الطعن رقم 11311 لسنة 77 القضائية

(1) عقد "تحديد موضوع العقد: تفسير العقد".
العقد شريعة المتعاقدين. مؤداه. عدم جواز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.
(2 - 5) شركات "أركان عقد الشركة: الأركان الموضوعية الخاصة: تعدد الشركاء" شركة التضامن: عقد شركة التضامن" "حل الشركة".
(2) الشركة في معنى القانون. ضرورة قيامها بشخصين على الأقل.(3) تعديل عقد شركات التضامن. الأصل صدوره بإجماع الآراء، علة ذلك. ابتناء ذلك النوع من الشركات على الاعتبار الشخصي ومسئولية الشركاء جميعا بالتضامن. خلو التشريع المصري من نص يمنع الاتفاق على اتخاذ القرارات وتعديل الشركة بأغلبية معينة سواء عددية أو مالكة لرأس المال.
(4) خلو عقد شركة التضامن من النص على أحقية أغلبية الشركاء في تعديل عقد الشركة. انفراد الطاعن والمطعون ضدها الثانية بتعديل العقد. لا حجية له قبل المطعون ضدها الأولى. التمسك بإعمال قواعد إدارة المال الشائع على عقد الشركة. لا أثر له. علة ذلك. اختلاف نطاق كل منهما. عدم اعتداد الحكم بتعديل عقد الشركة. صحيح.
(5) اللجوء إلى القضاء بطلب حل الشركة. حق للشريك المضرور من جراء فعل الشركاء الآخرين، تعلق هذا الحق بالنظام العام فلا يجوز اتفاق الشركاء على مخالفة ذلك. م 530 مدني.
(6 - 8) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع في وقف الدعوى" "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى" "سلطة محكمة الموضوع في القضاء بحل الشركة".
(6) تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة لها. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد استقلالا على دفاع الخصوم طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط له.
(7) قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد قضاء الحكم الابتدائي بحل الشركة استنادا لتقرير الخبير. استئثار الطاعن بالشركة وأرباحها وتراكم الديون ومنع المطعون ضدها من نصيبها من الأرباح رغم تحقيقها. صحيح. علة ذلك.
(8) الوقف التعليقي وضم الدعوى لأخرى. جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها. الطعن في حكمها لعدم استخدامها هذه الرخصة. غير جائز.
(9) نقض "أسباب الطعن بالنقض: بيان أسباب الطعن وتقديم الدليل عليها".
أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه. مثال.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.

2 - الشركة - على ما هي معروفة به قانونا - عقد يلتزم مقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة.

3 - القاعدة أن اتخاذ القرارات المتعلقة بشركات التضامن أو تعديل عقدها يجب أن تصدر بإجماع الاراء لابتناء ذلك النوع من الشركات على الاعتبار الشخصي ومسئولية الشركاء جميعا بالتضامن وفي جميع أموالهم، إلا أنه لا يوجد نص في التشريع المصري يمنع اتفاق الشركاء على جواز أتخاذ القرارات وتعديل الشركة بأغلبية معينة سواء عددية أو مالكة لرأس المال.

4 - إذ كان الثابت من عقد شركة التضامن محل النزاع المؤرخ في 1994/12/31 المبرم بين مورث الطاعن والمطعون ضدهن الثلاثة الأوليات أنه لم ينص على أحقية أغلبية الشركاء في تعديل عقد الشركة على غير رغبة باقي الشركاء، وبالتالي كان قيام الطاعن والمطعون ضدها الثانية بالانفراد بتعديل بنود هذا العقد في 2001/8/10 بعد تعديلا العقد بالإرادة المنفردة لا حجية له قبل المطعون ضدها الأولى، ولا ينال منه التمسك بإعمال قواعد إدارة المال الشائع على عقد الشركة لاختلاف نطاق كل منهما، فبينما وضع المشرع أحكاما عامة لإدارة الشركات المدنية في المواد من 516 إلى 520 من القانون المدني خص تنظيم إدارة المال الشائع بالمواد من 827 إلى 829 من ذات القانون ولكل منهما قواعده وأحكامه، ومن ثم فإن الحكم إذ لم يعتد بتعديل عقد الشركة يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.

5 - النص في المادة 530 من القانوني المدني على أنه "1- يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب أخر لا يرجع إلى الشركاء ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل. 2- ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك" يدل على أن لكل شريك الحق في اللجوء للقضاء بطلب حل الشركة إذا ما أرتأى أن أيا من باقي الشركاء أخل بتنفيذ التزامه تجاه الشركة، أو أنه قد صدر عنه ما قد يلحق بها أو بحقوقه قبلها ضرر لو استمرت رغم ذلك، ويكون طلب الحل قاصرا على الشريك المضرور من جراء فعل الشركاء الآخرين، وأن هذا الحق متعلق بالنظام العام بحيث لا يجوز للشركاء الاتفاق على مخالفة ذلك.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، ولها الأخذ بما انتهى إليه تقرير الخبير للأسباب التي أوردها في تقريره، وأنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالا على كل وجه أو قول ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.

7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى - سديدا – إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من حل الشركة وتعيين مصف قضائي لها، وأقام قضاءه على ما حصله من تقرير الخبير المقدم في الدعوى الذي انتهى إلى أن الطاعن يستأثر بالشركة وأرباحها وأنها تراكمت عليها الديون لأطراف عدة، وأنه ومنذ وفاة المورث لم يعط المطعون ضدها نصيبها من الأرباح رغم تحقيقها، ورتب على ذلك قضاءه بحل وتصفية الشركة، وكان ما خلص إليه الحكم سائغا وكافيا لحمل النتيجة التي انتهى إليها، ويندرج ضمن سلطة قاضي الموضوع في تقدير الأسباب التي توجب حل الشركة، ويتضمن الرد المسقط على ما أثاره الطاعن بأوجه النعي "بأن الحكم أقام قضاءه بحل الشركة وتصفيتها على عدم قيامه بتوزيع الأرباح على الشركاء وعلى وجود مديونية على الشركة في حين أن ذلك لا يعد مسوغا كافيا لحل الشركة هذا إلى أنه تمسك في دفاعه بأن مديونية الشركة تحققت حال حياة المورث وأن عقد الشركة حظر توزيع أية أرباح إلا بعد تغطية الخسائر" لا تعدو أن تكون جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الوقف التعليقي للدعوى طبقا لنص المادة 129 من قانون المرافعات وضم دعوى إلى أخرى ليصدر فيهما حكم واحد هو أمر جوازي لمحكمة الموضوع متروك لمطلق تقديرها، ولا يجوز النعي على حكمها بعدم استعمالها الرخصة التي خولها القانون بهذا الشأن، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إذ التفت عن طلب الطاعن بوقف الدعوى تعليقا وضع الاستئناف إلى اخر.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إعمالا لحكم المادة 253 من قانون المرافعات يجب أن تكون أسباب الطعن واضحة، وأن تعرف تعريفا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، وإلا كان النعي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين ماهية المستندات التي لم يعن الحكم ببحثها ولا الدفاع والدفوع الجوهرية التي أغفل الحكم الرد عليها وأثر ذلك في قضاء الحكم المطعون فيه، فإن النعي يكون مجهلا.

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالثة الدعوى رقم ... لسنة 2002 تجاري الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بتعيين مصف قضائي للشركة القائمة بينهم، وقالت بيانا لذلك إنه بموجب عقد تعديل شركة تضامن مؤرخ 1994/12/31 تكونت شركة بين مورثهم وشريكيه باسم/ ... وبتاريخ 1999/11/4 توفي المورث ومنذ هذا التاريخ وضع الطاعن يده على الشركة ولم يسدد لها حقوقها بادعاء خسارة الشركة، ومن ثم أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 2005/9/17 بحل وتصفية الشركة وتعيين مصف لها، استأنف الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالثة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 122 ق القاهرة، وبتاريخ 2007/3/28 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن الذي عرض على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب للأول والثالث منها ثلاثة وجوه وللسبب الثاني أربعة أوجه، حاصل النعي بالوجهين الأولين للسبب الأول والوجه الأول للسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قضى بحل وتصفية الشركة مثار النزاع بناء على طلب المطعون ضدها الأولى، في حين أن عقد التعديل المؤرخ 2001/8/10 استلزم لذلك إجماع الشركاء، وإذ لم يعتد الحكم بذلك التعديل لعدم توقيع المطعون ضدها الأولى عليه بالرغم من أنه صدر عنه والمطعون ضدها الثانية اللذين يمتلكان أغلبية الحصص في الشركة ويحق لهما وفقا لنصوص المواد 827 إلى 829 من التقنين المدني إدارة المال الشائع والقيام بأعمال الإدارة غير المعتادة ومنها تعديل عقد الشركة، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن الشركة - على ما هي معروفة به قانونا - عقد يلتزم مقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، والقاعدة أن اتخاذ القرارات المتعلقة بشركات التضامن أو تعديل عقدها يجب أن تصدر بإجماع الآراء لابتناء ذلك النوع من الشركات على الاعتبار الشخصي ومسئولية الشركاء جميعا بالتضامن وفي جميع أموالهم، إلا أنه لا يوجد نص في التشريع المصري يمنع اتفاق الشركاء على جواز اتخاذ القرارات وتعديل الشركة بأغلبية معينة سواء عددية أو مالكة لرأس المال، ولما كان الثابت من عقد شركة التضامن محل النزاع المؤرخ في 1994/12/31 المبرم بين مورث الطاعن والمطعون ضدهن الثلاثة الأوليات أنه لم ينص على أحقية أغلبية الشركاء في تعديل عقد الشركة على غير رغبة باقي الشركاء، وبالتالي كان قيام الطاعن والمطعون ضدها الثانية بالانفراد بتعديل بنود هذا العقد في 2001/8/10 يعد تعديلا للعقد بالإرادة المنفردة لا حجية له قبل المطعون ضدها الأولى، ولا ينال منه التمسك بأعمال قواعد إدارة المال الشائع على عقد الشركة لاختلاف نطاق كل منهما، فبينما وضع المشرع أحكاما عامة لإدارة الشركات المدنية في المواد من 516 إلى 520 من القانون المدني، خص تنظيم إدارة المال الشائع بالمواد من 827 إلى 829 من ذات القانون، ولكل منهما قواعده وأحكامه، ومن ثم فإن الحكم إذ لم يعتد بتعديل عقد الشركة يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى النعي - في هذا الخصوص - على غير أساس .
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثاني والثالث للسبب الثاني والوجه الأول السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه بحل الشركة وتصفيتها على عدم قيامه بتوزيع الأرباح على الشركاء وعلى وجود مديونية على الشركة، في حين أن ذلك لا يعد مسوغا كافيا لحل الشركة، هذا إلى أنه تمسك في دفاعه بأن مديونية الشركة تحققت حال حياة المورث، وأن عقد الشركة المؤرخ 1994/12/21 حظر توزيع أية أرباح إلا بعد تغطية الخسائر، وإذ لم يعرض الحكم لذلك الدفاع وما نص عليه عقد الشركة المشار إليه يكون معيبا بما يستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في المادة 530 من القانوني المدني على أنه " 1- يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب اخر لا يرجع إلى الشركاء ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل، 2- ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك" يدل على أن لكل شريك الحق في اللجوء للقضاء بطلب حل الشركة إذا ما ارتأى أن أيا من باقي الشركاء أخل بتنفيذ التزامه تجاه الشركة، أو أنه قد صدر عنه ما قد يلحق بها أو بحقوقه قبلها ضرر لو استمرت رغم ذلك، ويكون طلب الحل قاصرا على الشريك المضرور من جراء فعل الشركاء الآخرين، وأن هذا الحق متعلق بالنظام العام بحيث لا يجوز للشركاء الاتفاق على مخالفة ذلك، وأن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ولها الأخذ بما انتهى إليه تقرير الخبير للأسباب التي أوردها في تقريره، وأنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالا على كل وجه أو قول ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى - سديدا - إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من حل الشركة وتعيين مصف قضائي لها، وأقام قضاءه على ما حصله من تقرير الخبير المقدم في الدعوى الذي انتهى إلى أن الطاعن يستأثر بالشركة وأرباحها وأنها تراكمت عليها الديون لأطراف عدة، وأنه ومنذ وفاة المورث لم يعط المطعون ضدها نصيبها من الأرباح رغم تحقيقها، ورتب على ذلك قضاءه بحل وتصفية الشركة، وكان ما خلص إليه الحكم سائغا وكافيا لحمل النتيجة التي انتهى إليها، ويندرج ضمن سلطة قاضي الموضوع في تقدير الأسباب التي توجب حل الشركة، ويتضمن الرد المسقط على ما أثاره الطاعن بأوجه النعي التي لا تعدو أن تكون جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، وتضحي غير مقبولة.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى باعتماد نتيجة تصفية الشركة رغم عدم مطالبة المطعون ضدها الأولى بذلك، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه لا محل له من الحكم المطعون فيه الذي اقتصر على القضاء بحل وتصفية الشركة دون التطرق إلى اعتماد نتيجة التصفية، فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يصادف محلا من قضائه، ويضحي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، إذ لم تستجب محكمة الموضوع لطلبه بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في أخرى برقم ... لسنة 2000 تجارى الجيزة الابتدائية، كما التفت عن طلب إحالة الاستئناف في الطعن الماثل إلى دائرة أخرى لنظره مع أخر، الأمر الذي تكون معه المحكمة قد حجبت نفسها عن بحث مستندات ودفاع الطاعن رغم جوهريته في النزاع، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الوقف التعليقي للدعوى طبقا لنص المادة 129 من قانون المرافعات وضم دعوى إلى أخرى ليصدر فيهما حكم واحد هو أمر جوازي لمحكمة الموضوع متروك لمطلق تقديرها، ولا يجوز النعي على حكمها بعدم استعمالها الرخصة التي خولها القانون بهذا الشأن، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إذ التقت عن طلب الطاعن بوقف الدعوى تعليقا وضم الاستئناف إلى أخر، ويضحى النعي في - هذا الخصوص - غير مقبول.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بباقي أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه أنه شابه قصور مبطل لا ينم عن بحث سليم وتمحيص لعناصر الدعوى، إذ لم يعن ببحث المستندات المقدمة منه، ولم يرد على ما أثاره من دفوع وأوجه دفاع جوهري، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إعمالا لحكم المادة 253 من قانون المرافعات يجب أن تكون أسباب الطعن واضحة، وأن تعرف تعريفا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة، بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، وإلا كان النعي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين ماهية المستندات التي لم يعن الحكم ببحثها ولا الدفاع والدفوع الجوهرية التي أغفل الحكم الرد عليها وأثر ذلك في قضاء الحكم المطعون فيه، فإن النعي يكون مجهلا، ومن ثم غير مقبول. ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الاثنين، 6 يونيو 2022

الطعن 2790 لسنة 32 ق جلسة 24 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 211 ص 873

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد متولى عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.

------------------

(211)
الطعن رقم 2790 لسنة 32 القضائية

حكم "ما يبطله". نقض "سلطة محكمة النقض".
خلو الحكم يفيد صدوره باسم الأمة. يجعله باطلا بطلانا أصليا. علة ذلك: خلو الحكم من هذا البيان يمس ذاتيته ويفقده عنصرا جوهريا من مقومات وجوده قانونا. المادة 63 من الدستور المؤقت.
بطلان الحكم لهذا السبب. من النظام العام. لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها، ولو لم يثره الطاعن. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

----------------
إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما يفيد صدوره "باسم الأمة" تنفيذا للمادة 63 من الدستور المؤقت الصادر في 5/ 3/ 1958 والتي نصت على صدور الأحكام وتنفيذها باسم الأمة، ولما كانت المحاكم تؤدى وظيفتها وفق أحكام الدستور، فإن خلو الحكم من بيان صدوره باسم الأمة يمس ذاتيته ويفقده عنصرا جوهريا من مقومات وجوده قانونا ويجعله باطلا بطلانا أصليا. ولما كان هذا البطلان من النظام العام، فإن للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها عملا بالحق المخول لها بالمادة 35 من قانون حالا ت وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فتنقض الحكم لهذا السبب ولو لم يثيره الطاعن طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15 يونيو سنة 1961 بدائرة مركز بلقاس: بدد الأشياء المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إداريا لصالح الأملاك الأميرية والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضرارا بالدائنة الحاجزة - وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 22 فبراير سنة 1962 عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة 200 قرش بلا مصاريف جنائية. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 31 مايو سنة 1962 بسقوط الاستئناف. فعارض المتهم، وقضى في معارضته بتاريخ 6 سبتمبر سنة 1962 باعتبارها كأنها لم تكن بلا مصروفات جنائية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة أشارت في مذكرتها نعيا مؤداه أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان إذ خلا مما يدل على صدوره باسم الأمة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما يفيد صدوره "باسم الأمة" تنفيذا للمادة 63 من الدستور المؤقت الصادر في الخامس من مارس سنة 1958 والتي نصت على صدور الأحكام وتنفيذها "باسم الأمة". ولما كانت المحاكم إنما تؤدي وظيفتها وفق أحكام الدستور، وكانت أحكام الدستور توجب صدور الحكم باسم الأمة صاحب السيادة العليا، فإن صدوره خلوا من هذا البيان يمس ذاتية الحكم ويفقده عنصرا جوهريا من مقومات وجوده قانونا ويجعله باطلا بطلانا أصليا. لما كان ذلك، وكان هذا البطلان من النظام العام، فإن للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها عملا بالحق المخول لها بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فتنتقض الحكم لهذا السبب ولو لم يثره الطاعن في طعنه.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث أوجه الطعن.

الطعن 1094 لسنة 32 ق جلسة 25 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 212 ص 876

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى.

-------------

(212)
الطعن رقم 1094 لسنة 32 القضائية

مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. ما يعيبه". قتل عمد. نقض "أسبابه. ما يقبل منها".
التوافق على ارتكاب جرائم القتل عمدا. لا يترتب تضامنا بين المتهمين في المسئولية الجنائية. كل متهم مسئول عن نتيجة فعله الذى ارتكبه.
مساءلة المتهمين جميعا عن قتل المجنى عليهم. دون إثبات مساهمة كل متهم في إحداث الإصابات التي أدت إلى وفاة كل من المجنى عليهم. قصور يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.

----------------
إذا كانت النيابة العامة قد اتهمت الطاعنين الثالث والرابع والخامس بأنهم قتلوا عمدا أحد المجنى عليهما في الدعوى، كما اتهمت الطاعنين السادس والسابع والثامن بأنهم قتلوا عمدا المجنى عليه الآخر، وكان الحكم المطعون فيه قد دان هؤلاء الطاعنين جميعا عن قتلهم المجنى عليهما، وكان ما أورده الحكم في أسبابه وإن دل على التوافق بين المتهمين فهو لا يفيد اتفاقهم على ارتكاب هاتين الجريمتين، كما لم يثبت في حق كل من الطاعنين أنه ساهم في إحداث الإصابات التي أدت إلى وفاة المجنى عليهما فإنه يكون قاصرا مما يعيبه ويستوجب نقضه. ذلك أن مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامنا بين المتهمين في المسئولية الجنائية، بل يجعل كلا منهم مسئولا عن نتيجة فعله الذى ارتكبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 26/ 8/ 1959 بدائرة مركز المنشاة مديرية سوهاج: أولا - المتهمان الأول والثاني: قتلا السمان توغان سرحان عمدا مع سبق الإصرار والترصد، بأن بيتا النية على قتله وتربصا له في المكان الذى يعلمان بمروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة طلقات من أسلحة نارية أعداها معمرة لهذا الغرض قاصدين من ذلك قتله وأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانيا - المتهمون الثالث والرابع والخامس: فتلوا عمدا جاد الكريم محمد حسين، بأن أطلقوا عليه أعيرة نارية من أسلحة نارية يحملونها وضربه المتهم الخامس بالكوريك في رقبته قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثالثا - المتهمون السادس والسابع والثامن: قتلوا عمدا محمود إبراهيم أحمد، بأن أطلقوا عليه أعيرة نارية من أسلحة نارية يحملونها قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. رابعا: المتهم الثامن: قتل عمدا وبدون مقتض جاموسة محمود إبراهيم أحمد، بأن أطلق عليها عيارين ناريين من سلاح كان يحمله قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابتين الموصوفتين بالتقريرين الطبيين البيطريين الشرعيين واللتين أدتا إلى نفوقها. خامسا - المتهمون جميعا: 1 - أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة. 2 - أحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل في أسلحة نارية غير مرخص لهم في إحرازها أو حيازتها. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 و234/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و6 و56/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 المرفق وجنحة بالمادة 355/ 1 من قانون العقوبات. سمعت محكمة جنايات سوهاج هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا بتاريخ 18 يناير سنة 1961 عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات مع مواد قانون السلاح والمادة 355/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 1 من القانون المذكور أيضا للجميع بمعاقبة كل من المتهمين "الطاعنين" بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان الأول والثاني على الحكم المطعون فيه القصور والتخاذل في التسبيب، ذلك أنه دانهما استنادا إلى أقوال الشاهدين رضوان محمد رضوان وعرابي عربي لازم والتقرير الطبي الشرعي دون أن يرفع التناقض بين الدليلين القولي والفني فيما يتعلق باتجاه الأعيرة التي أصابت المجنى عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين أن المجنى عليه السمان توغان سرحان أصيب أول ما أصيب وهو على الجمل الذى كان يركبه ومعه الشاهد رضوان محمد رضوان من خلفه، ثم أورد على لسان هذا الشاهد أن المتهم عز الدين محمود أحمد فراج "الطاعن الأول" أطلق على المجنى عليه المذكور ثلاثة أعيرة نارية فنزل من فوق الجمل الذى كان يمتطيه والشاهد خلفه وجرى بضع خطوات ثم سقط على ظهره فسارع إليه المتهم يوسف أحمد غازي "الطاعن الثاني" وأطلق النار عليه في رأسه ووجهه وهو في هذا الوضع. وإذ كان الحكم قد أثبت أخذا من التقرير الطبي الشرعي أن بالمجنى عليه إصابات بعضها من الأمام وبعضها من الخلف ولم يبين كيف حصلت إصابته الخلفية فجاء قاصرا في رفع التناقض بين الدليلين القولي والفني مما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من هذين الطاعنين.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قد دانهم بجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد دون أن يقيم الدليل على قيام الاتفاق بين الطاعنين المتهمين بقتل جاد الكريم محمد حسين والطاعنين المتهمين بقتل محمود إبراهيم أحمد حتى يكون هذا الاتفاق أساسا لتضامنهم في المسئولية الجنائية عن فعل القتل، وقد كان يتعين على الحكم وقد أغفل التدليل على قيام هذا الاتفاق أن يحدد الفعل الذى ارتكبه كل من الطاعنين ومدى مساهمته في إحداث الوفاة. وهو إذ لم يفعل فانه يكون معيبا بالقصور فضلا عن الخطأ في القانون.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت النيابة العامة الطاعنين الثالث والرابع والخامس بأنهم قتلوا عمدا جاد الكريم محمد حسين كما اتهمت الطاعنين السادس والسابع والثامن بأنهم قتلوا عمدا محمود إبراهيم أحمد وبأن الثامن وحده قتل عمدا وبدون مقتض جاموسته، كما اتهمتهم جميعا بإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر مما تستعمل في تلك الأسلحة بغير ترخيص، وطلبت عقابهم بمقتضى المواد 234/ 1 و335/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و 26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه عقب قتل المجنى عليه السمان توغان سرحان ثار أهله وعشيرته وخرجوا مندفعين للانتقام ممن يصادفونه من غرمائهم أو أقاربهم أو ممن يلوذ بهم ولو برابطة الإقامة في ذات البلدة، وسارع الطاعنون الثالث والرابع والخامس إلى حقل جاد الكريم محمد حسين حيث كان يعمل وأطلقوا عليه أعيرة نارية من بنادق كانوا يحملونها كما اعتدى عليه الطاعن الخامس بأن ضربه بالكوريك في رقبته فسقط قتيلا، واقتحم الطاعنون السادس والسابع والثامن عشة محمود إبراهيم أحمد وهم مسلحون بالبنادق وأطلقوا النار عليه فأردوه قتيلا، كما أطلق الطاعن الثامن النار على جاموسته فأصابها بإصابات أدت إلى نفوقها، واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات وما أثبتته التقارير الطبية الشرعية. لما كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكم على الوجه السابق إيضاحه وان كان يدل على التوافق فهو لا يفيد الاتفاق، وكان مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامنا بين المتهمين في المسئولية الجنائية بل يجعل كل منهم مسئولا عن نتيجة فعله الذى ارتكبه، ولما كان الحكم لم يثبت في حق كل من الطاعنين في من الثالث إلى الثامن أنه ساهم في إحداث الإصابات التي أدت إلى وفاة المجنى عليهما جاد الكريم محمد حسين ومحمود إبراهيم أحمد فانه يكون قاصرا قصورا يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من هؤلاء الطاعنين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن من الطاعنين جميعهم ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

السبت، 4 يونيو 2022

الطعن 2088 لسنة 32 ق جلسة 31 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 213 ص 880

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى، وأحمد موافي.

----------------------

(213)
الطعن رقم 2088 لسنة 32 القضائية

عقوبة. مصادرة. وقف التنفيذ. سلاح. حكم "ما يعيبه". نقض "سلطة محكمة النقض".
عقوبة المصادرة لا يقضى بها إلا إذا كان الشيء قد سبق ضبطه. المادة 30 عقوبات. وقف تنفيذ هذه العقوبة. يقتضي حتما رد الشيء المضبوط.
الحكم بوقف تنفيذ عقوبة مصادرة السلاح. خطأ في تطبيق القانون. علة ذلك: مخالفة شروط وقف التنفيذ تستلزم طلب السلاح وإعادة ضبطه. هذا ما لا يمكن تصور إجازته.
سلطة محكمة النقض في تصحيح الحكم بإلغاء وقف تنفيذ عقوبة المصادرة.

----------------
المصادرة عقوبة لا يقضى بها بحسب القاعدة العامة الواردة بالمادة 30 عقوبات إلا إذا كان الشيء قد سبق ضبطه. ومتى كان ذلك مقررا، وكان القول بوقف تنفيذ المصادرة يقتضى حتما القول برد الشيء المضبوط بناء على الأمر بوقف التنفيذ ثم طلبه وإعادة ضبطه عند مخالفة شروط وقف التنفيذ في المدة المحددة بالقانون لتنفيذ المصادرة فيه، وهذا ما لا يمكن التسليم به أو تصور إجازته، ومن ثم يكون القضاء بوقف تنفيذ عقوبة المصادرة قد جانب التطبيق السليم للقانون مما يتعين معه نقض الحكم نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء وقف تنفيذ عقوبة المصادرة المقضي بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 30 من أكتوبر سنة 1960 بدائرة مركز سنورس: أولا - حمل سلاحا ناريا مرخصا (بندقية خرطوش) في فرح. ثانيا - أطلق أعيرة من السلاح الناري سالف الذكر داخل البلدة. وطلبت عقابه بالمادة 379/ 2 من قانون العقوبات، والمواد 11 مكررا، و29 و30 من المرسوم بقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 549 لسنة 1954، والقانون 75 لسنة 1958. ومحكمة جنح سنورس قضت حضوريا بتاريخ 24/ 1/ 1960 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم 300 قرش والمصادرة عن التهمتين بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 27/ 3/ 1961 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة المصادرة بلا مصروفات جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة حمل سلاح ناري مرخص وإطلاقه في فرح قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه قضى بوقف تنفيذ عقوبة المصادرة مع أن هذه العقوبة بحسب طبيعتها وشروطها لا يجوز أن يتناولها وقف التنفيذ.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده لأنه في يوم 30 من أكتوبر سنة 1960: أولا - حمل سلاحا ناريا مرخصا (بندقية خرطوش) في فرح: ثانيا - أطلق أعيرة من السلاح الناري سالف الذكر داخل البلدة. وطلبت عقابه بمقتضى المادة 379/ 2 من قانون العقوبات والمواد 11 مكررا و29 و30 من المرسوم بقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 وبالقانون رقم 75 لسنة 1958. ومحكمة أول درجة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم ثلاثمائة قرش والمصادرة عن التهمتين. فاستأنف المتهم. ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة المصادرة. فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض ناعية عليه مخالفة القانون في خصوص ما قضى به من وقف تنفيذ عقوبة المصادرة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأن المصادرة عقوبة لا يقضى بها بحسب القاعدة العامة الواردة بالمادة 30 من قانون العقوبات إلا إذا كان الشيء قد سبق ضبطه - ومتى كان ذلك مقررا، وكان القول بوقف تنفيذ المصادرة يقتضى حتما القول برد الشيء المضبوط بناء على الأمر بوقف التنفيذ ثم طلبه وإعادة ضبطه عند مخالفة شروط وقف التنفيذ في المدة المحددة بالقانون لتنفيذ المصادرة فيه، وهذا ما لا يمكن التسليم به أو تصور إجازته، ومن ثم يكون القضاء بوقف تنفيذ عقوبة المصادرة قد جانب التطبيق السليم للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء وقف تنفيذ عقوبة المصادرة المقضي بها.

الطعن 2011 لسنة 32 ق جلسة 17 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 204 ص 846

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد متولى عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى.

------------------

(204)
الطعن رقم 2011 لسنة 32 القضائية

(أ - هـ) شيك بدون رصيد. قانون "سريانه من حيث المكان". دفاع.
(أ) جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. متى تتم؟ بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد، مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. علة ذلك: الشيك أداء وفاء، وحين يطرح في التداول تنعطف عليه الحماية القانونية.
(ب) أين تقع جريمة إعطاء شيد بدون رصيد؟ في مكان إعطاء شيك إلى المستفيد، ولو كان البنك المسحوب عليه يقع في مكان آخر.
(ج) اختلاف التاريخ المثبت بالشيك عن التاريخ الحقيقي لإصداره. لا تؤثر في قيام الجريمة إذا كان الشيك لا يقابله رصيد، ما دام لا يحمل إلا تاريخا واحدا. علة ذلك: تأخير تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول، واستحقاقه الدفع بمجرد الاطلاع.
إصدار شيك على هذا الوضع. تتكون معه جريمة المادة 337 عقوبات: ما دام الساحب يعلم بعدم وجود رصيد قائم له في التاريخ المثبت بالشيك. اندماج ميعاد الإصدار في ميعاد الاستحقاق، وانتقال ملكية مقابل الوفاء إلى المستفيد بمجرد تسليمه الشيك.
تقديم الشيك إلى البنك هو إجراء مادى يتجه إلى استيفاء مقابله، ولا شأن له في توافر أركان الجريمة. إفادة بعدم وجود رصيد: إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي، سواء كان هذا الإجراء معاصرا لوقوع الجريمة أو متراخيا عنها.
(د) إعطاء شيك في بلد أجنبي. مسحوبا على بنك في مصر. ثبوت أن الشيك لا يقابله رصيد. سريان أحكام القانون المصري على الساحب المصري ومعاقبته عن هذه الجريمة إذا عاد إلى مصر. شرط ذلك: أن يكون هذا الفعل معاقبا عليه في قانون البلد الذى ارتكب فيه. المادة 3 عقوبات.
(هـ) التمسك بسريان تشريع أجنبي. هو مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها. سريان قانون العقوبات المصري على واقعة تمت بالخارج. ذلك يستوجب أن يتحقق قاضى الموضوع من أن هذا الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذى ارتكب فيه.

-------------------
1 - من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات.
2 - إذا كان مما أورده الحكم المطعون فيه أن إصدار الشيكين موضوع الجريمة وتسليمهما إلى المستفيد قد تم في جدة، وقد عاصر ذلك علم الطاعن بعدم وجود رصيد له يغطى قيمة الشيكين في تاريخ السحب، فإن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد تكون قد توافرت في حقه بكافة أركانها القانونية في مكان حصول الإعطاء للمستفيد وهو جدة، ولو كان البنك المسحوب عليه يقع في مصر.
3 - لا يغير من قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايرا لتاريخ إصداره الحقيقي، طالما أنه لا يحمل إلا تاريخا واحدا، إذ أن تأخير تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاقه الدفع في تاريخ السحب بمجرد الاطلاع. فإصدار الشيك على هذا الوضع يكون الجريمة المنصوص عنها في المادة 337 عقوبات ما دام الساحب يعلم بعدم وجود رصيد قائم له في التاريخ المثبت بالشيك، وبذلك يندمج ميعاد الإصدار في ميعاد الاستحقاق وننتقل ملكية مقابل الوفاء إلى المستفيد بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إليه. أما تقديم الشيك إلى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة، بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك، وما إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي، سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخى عنها.
4 - لما كان مؤدى نص المادة 3 من قانون العقوبات أن شرط عقاب الطاعن لدى عودته إلى مصر هو أن تكون جريمة إعطاء شيك بدون رصيد التي أقيمت عليه الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج "بجدة" معاقبا عليها طبقا لقانون المملكة العربية السعودية، وإذ ما كان الطاعن يجحد العقاب على هذا الفعل في تلك الدولة، فإنه من المتعين على قاضى الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذى ارتكب فيه.
5 - الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملا بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه يتعين على قاضي الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذى ارتكب فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 10 سبتمبر سنة 1957 بدائرة قسم الدرب الأحمر: أعطى بسوء نية شيكا ليوسف محمد الطويل لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. وقد ادعى يوسف محمد الطويل بحق مدنى قبل المتهم وطلب القضاء له بقرش واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الدرب الأحمر الجزئية قضت غيابيا بتاريخ أول ديسمبر سنة 1958 عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف. عارض المتهم. وفى أثناء نظر المعارضة دفع الحاضر مع المتهم بعدم قبول الدعوى الجنائية وعدم جواز محاكمته لأن الجريمة وقعت في جدة وهى غير معاقب عليها في المملكة العربية السعودية. وبتاريخ 9/ 5/ 1960 قضت المحكمة الجزئية بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ، وفى الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني قرشا واحدا على سبيل التعويض المؤقت والزام المتهم المصاريف و100 قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. وقد رفضت الدفع. استأنف المتهم الحكم الأخير. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 23/ 2/ 1961 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم الابتدائي لأسبابه ودانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه دفع في مرحلتي المحاكمة بعدم جواز محاكمته استنادا إلى نص المادة الثالثة من قانون العقوبات لثبوت إصدار الشيك موضوع الجريمة في جدة بالمملكة العربية السعودية، وهو فعل غير معاقب عليها بها، ومن ثم فلا تجوز محاكمة الطاعن عنه في الجمهورية العربية المتحدة، وقد أطرح الحكم الابتدائي هذا الدفع بقوله إن تاريخ استحقاق الشيك قد تراخى عن تاريخ إصداره وأن العبرة في وقوع الجريمة هو بالوقت الذى يقرر البنك المسحوب عليه الشيك أن الساحب ليس له رصيد، وقد تم هذا في مصر، وساير الحكم المطعون فيه هذا النظر الخاطئ في حين أن الصحيح هو أن الجريمة تقع وتتم بمجرد خروج الشيك من يد الساحب دون اعتبار ليوم الاستحقاق.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر في المعارضة بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن أعطى المجنى عليه - المدعى بالحق المدني - بجدة بالمملكة العربية السعودية شيكين أحدهما بمبلغ 2100 ج والآخر بمبلغ 130 ج على أن يصرف أولهما من بنك مصر بالقاهرة في 5/ 10/ 1957 والثاني في 9/ 9/ 1957 وذلك قبل تاريخ الاستحقاق، ولما تقدم المجنى عليه إلى البنك لصرف الشيكين تبين عدم وجود رصيد للساحب. وقدم المجنى عليه الشيكين لمحرر محضر جمع الاستدلالات عنه تبليغه عن الواقعة وأرفق بهما إفادة البنك بطلب إعادة التوقيع من الطاعن. وأضاف المجنى عليه أنه حين طلب إلى هذا الأخير التوقيع بإمضاء مطابق للأصل المحفوظ بالبنك رفض، وقدم المجنى عليه صورة شمسية من الشيك الأول. وبسؤال الطاعن قرر أن الشيكين صدرا منه في جدة لمناسبة معاملة جرت بينه وبين المجنى عليه حول اتفاقهما على أن يصنع له الطاعن "فيلا" من الخشب المسلح ثم شحنها من مصر إلى جدة لإقامتها بها لحساب المجنى عليه، ولما رفض هذا الأخير استلام الفيلا اتفقا على فسخ العقد واسترد الطاعن أجزاء الفيلا وحرر للمجنى عليه بقيمتها الشيك الذى بمبلغ 2100 ج واتفق معه بعد ذلك على تسديد المبلغ على أقساط شهرية فلم تكن ثمت ضرورة لإعادة التوقيع على الشيك، وأقر الطاعن بأنه لا يعرف ما إذا كان حسابه بالبنك يغطى قيمة الشيكات أو لا. وعرض الحكم إلى ما أثاره الطاعن من عدم جواز محاكمته على اعتبار أن الجريمة وقعت في جدة - بإصدار الشيك وتسليمه فيها - وهى غير معاقب عليها في المملكة العربية السعودية، فرد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع الأول - عدم جواز المحاكمة - فإنه وإن كانت قد اتفقت كلمة المدعى بالحق المدني والمتهم (الطاعن) على أن الشيكين قد حررا في جدة، وكان الأصل في جريمة إعطاء الشيك بدون رصيد أنها تقع بإصدار الشيك فكأن إعطاء الشيك للمستفيد هو - كقاعدة - مكان وقوع الجريمة، إلا أن مبنى هذه القاعدة أن يكون تاريخ إصدار الشيك هو تاريخ استحقاقه، فإذا اختلف تاريخ إصدار الشيك في الواقع عن تاريخ استحقاقه فإن العبرة في تمام الجريمة بعدم وجود الرصيد في تاريخ الاستحقاق المعين في الشيك ذاته وهو التاريخ الذى يحق فيه للحامل طلب الوفاء بالقيمة من الرصيد، فلا يسوغ - والحالة هذه - القول بأن الجريمة قد توافرت أركانها (ومنها ركن عدم وجود الرصيد) إلا إذا تحقق في يوم الاستحقاق عدم قيام الرصيد. وقد تبينت المحكمة من ظروف الدعوى ومن أقوال كل من المدعى المدني والمتهم ومن الإقرار المكتوب بتاريخ 7/ 1/ 1377 هـ في جدة والموقع من المتهم - وهو مرفق بالأوراق - تبينت أن الشيكين موضوع الدعوى قد أصدرهما المتهم في تاريخ سابق على التاريخ الثابت بهما - وهو 5/ 10/ 1957 - للشيك الذى قيمته 2100 ج المرفق صورته الشمسية. ومتى كان ذلك، فان ركن عدم وجود الرصيد الكافي القابل للسحب لم يتحقق إلا في يوم الاستحقاق ولم يتحقق إلا في القاهرة حيث يوجد البنك المسحوب عليه، وبذلك يكون تمام الجريمة في مصر بتحقق شرط عدم وجود الرصيد حيث توفر ذلك الشرط في القاهرة بالذات. والمادة 2 من قانون العقوبات تقضى بسريان القانون المصري على كل من ارتكب في خارج مصر فعلا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في الإقليم المصري - وبناء على ما تقدم، فان المحكمة ترفض الدفع وتقضى بجواز محاكمة المتهم". لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير سديد، ذلك بأنه من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، وإذ ما كان ما أورده الحكم من أن إصدار الشيكين موضوع الجريمة وتسليمهما إلى المستفيد قد تم في جدة وقد عاصر ذلك علم الطاعن بعدم وجود رصيد له يغطى قيمة الشيكين في تاريخ السحب، فان جريمة إصدار الشيك بدون رصيد تكون قد توافرت في حقه بكافة أركانها القانونية في مكان حصول الإعطاء للمستفيد وهو جدة. ولا يغير من ذلك أن يكون تاريخ استحقاق الشيكين مغايرا لتاريخ إصدارهما الحقيقي طالما أنهما لا يحملان إلا تاريخا واحدا، إذ أن تأخير تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاقه الدفع في تاريخ السحب بمجرد الاطلاع. فإصدار الشيكين على هذا الوضع يكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات ما دام الساحب يعلم بعدم وجود رصيد قائم له في التاريخ المثبت بالشيك، وبذلك يندمج ميعاد الإصدار في ميعاد الاستحقاق وتنقل ملكية مقابل الوفاء إلى المستفيد بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إليه. أما تقديم الشيك إلى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادى يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك، وما إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي، وسواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخى عنها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في صدد الاستناد إلى نص المادة الثانية من قانون العقوبات مردودا بأن الفقرة الأولى من هذه المادة تفترض أن الجاني قد ارتكب خارج الإقليم المصري فعلا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في هذا الإقليم، وواقع الحال في الدعوى المطروحة أن الجريمة المسندة إلى الطاعن وقعت واكتمل تنفيذها خارج الإقليم المصري واقتصر الأمر هنا على كشف وقوعها. لما كان ذلك، وكانت المادة 3 من قانون العقوبات تنص على أن "كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذى ارتكبه فيه"، فان مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعن لدى عودته هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليه الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقبا عليها طبقا لقانون المملكة العربية السعودية. إذا ما كان الطاعن يجحد العقاب على هذا الفعل في هذه الدولة، وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملا بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه من المتعين على قاضى الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذى ارتكب فيه. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.