الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 يناير 2019

الطعن 1180 لسنة 41 ق جلسة 2 / 1 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 3 ص 13


برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، والدكتور محمد حسنين.
-----------
حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما يوفره".
التفات الحكم المطعون فيه عن مذكرة الطاعن المتضمنة لدفاعه بنقض الحكم الذي كان سندا للحكم الابتدائي ، والذي قضي الحكم المطعون فيه بتأييده دون أن يلقي بالا لهذا الدفاع الجوهري . قصور يعيب الحكم .
إذا كان الطاعن قد قدم مذكرة إلى المحكمة الاستئنافية تضمنت دفاعه بأن محكمة النقض قد نقضت الحكم الذي كان سنداً للحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وإذ كان هذا بلا شك دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي فيما قضى به الحكم المطعون فيه، مما كان يستأهل منه الالتفات إليه، أما وأنه لم يفعل فإنه يكون قد شابه القصور الذي يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة.
-----------
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة باب الشعرية الجزئية ضد المطعون ضدهم. متهما إياهم بأنهم خلال شهر فبراير سنة 1969 بدائرة قسم الموسكي: قلدوا موضوع اختراع منحت عنه براءة اختراع وباعوا وعرضوا للبيع وحازوا منتجات مقلدة (دماسة) وطلبت عقابهم بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 وإلزامهم أن يدفعوا متضامنين مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت (أولاً) بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة الفصل فيها بالحكم رقم 257 لسنة 1967 جنح مستأنف القاهرة (1637 سنة 64 جنح باب الشعرية) وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة من المدعي بالحق المدني وألزمت الأخير بالمصروفات المدنية ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم الأول وإلزامه بمصروفاتها ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المدعي بالحق المدني هذا الحكم, ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن (المدعي بالحق المدني) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه, القصور في التسبيب ذلك بأنه أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم رقم 257 لسنة 1967 استئناف القاهرة وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية, دون أن يلقي بالاً إلى ما أثاره الطاعن من أن محكمة النقض نقضت ذلك الحكم فلم يعد يصلح عماداً لقضاء يقام عليه
وحيث إنه يبين من مطالعة المفردات المضمومة أن الطاعن كان قد قدم مذكرة إلى المحكمة الاستئنافية تضمنت دفاعه الذي أثاره بوجه طعنه كما قدم صورة رسمية من حكم محكمة النقض المشار إليه والذي صدر بتاريخ 12 من أبريل سنة 1970 والقاضي بنقض الحكم رقم 257 لسنة 1967 استئناف القاهرة وهو ما كان سنداً للحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها, وهذا بلا شك دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي فيما قضى به الحكم المطعون فيه مما كان يستأهل منه الالتفات إليه. أما وأنه لم يفعل, فإنه يكون قد شابه القصور الذي يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن من أوجه أخرى.

الطعن 1178 لسنة 41 ق جلسة 2 / 1 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 2 ص 8


برياسة السيد المستشار / محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين / حسين سامح, ونصر الدين عزام, وسعد الدين عطية, وطه دنانة.
-----------
- 1 جريمة " الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة".
معيار التفرقة بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة.
من المقرر أن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون، سواء كان الفعل إيجابياً أو سلبياً ارتكابا أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل للتهيؤ لارتكابه والاسلاس لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه.
- 2  جريمة " الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة". عمل . منشآت صناعية
التزام كل صاحب منشأة صناعية يعمل بها من 50 الى 199 عاملا بأن يعهد الى أحدهم الاشراف على الأمن الصناعي ، والالتزام بتشكيل لجنة للأمن الصناعي . التخلف عن تنفيذ أيهما : جريمة مستمرة .
أوجبت المادة 108 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل على كل صاحب عمل أن يتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال أثناء العمل من الأضرار الصحية وإخطار العمل والآلات، وفوضت وزير الشئون الاجتماعية والعمل في إصدار القرارات اللازمة لتنظيم هذه الاحتياطات، وأصدر وزير العمل القرار رقم 49 لسنة 1967 في شأن تنظيم أجهزة الأمن الصناعي - المعدل لقرار وزير الشئون الاجتماعية والعمل رقم 152 لسنة 1959 وقراري وزير العمل رقمي 97، 159 لسنة 1964 - ونصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه على أن يلتزم كل صاحب منشأة صناعية أو فرع لها يعمل به من 50 إلى 199 عاملاً بأن يعهد إلى أحد العاملين بها بالإشراف على الأمن الصناعي، كما أوجبت المادة الخامسة منه تشكيل لجنة للأمن الصناعي، فإن مفاد هذين النصين أن الفعل المادي المؤثم في كل منهما يكون جريمة مستمرة استمرارا متتابعاً متجدداً يتوقف استمرار الأمر المعاقب عليه فيها على تدخل متتابع بناء على إرادة صاحب المنشأة الصناعية.
- 3  جريمة " الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص".
محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة . شمولها جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات . استمرار الحالة الجنائية عن ذلك بتدخل ارادة الجاني . اعتباره جريمة جديدة يجب محاكمته عنها . مثال .
تشمل محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها، فإذا استمرت الحالة الجنائية بعد ذلك بتدخل إرادته، فإن ذلك يكون جريمة جديدة يجب محاكمته عنها.
- 4  نقض " الحكم في الطعن".
حجب الخطأ القانوني المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وجوب أن يكون مع النقض الاحالة .
متى كان الخطأ في تطبيق القانون قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 25 ديسمبر سنة 1969 بدائرة قسم المحلة الكبرى محافظة الغربية (أولا) بصفته صاحب منشأة صناعية يعمل لدية أكثر من خمسين عاملا لم يعهد إلى أحد العاملين لديه بالإشراف على الأمن الصناعي بعد تدريبه على ذلك (ثانيا) بصفته صاحب المنشأة سالفة الذكر لم يقم بتشكيل لجنة للأمن الصناعي. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 91 لسنة 1959 وفي إثناء نظر الدعوى أمام محكمة بندر المحلة الكبرى الجزئية دفع الحاضر عن المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 9998 سنة 1965. وبعد أن نظرت المحكمة المذكورة الدعوى قضت حضوريا بقبول الدفع بانقضاء الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها بالجنحة 9998 سنة 1965 جنح بندر المحلة الكبرى وببراءة المتهم بلا مصروفات جنائية. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بانقضاء الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 9998 لسنة 1965 بندر المحلة وبراءة المطعون ضده مما أسند إليه, قد أخطأ في تطبيق القانون, ذلك لأن جريمتي عدم قيام المطعون ضده بأن يعهد إلى أحد العاملين لديه بالإشراف على الأمن الصناعي بعد تدريبه, وعدم قيامه بتشكيل لجنة الأمن الصناعي, هما جريمتان مستمرتان استمراراً متجدداً, والحكم في الجنحة المشار إليها لا يمنع من محاكمة المطعون ضده عن الحالة الجنائية المستمرة بعد صدوره والحاصلة بتدخل إرادته, مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه
وحيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه في 15/12/1969 بدائرة بندر المحلة (أولاً) بصفته صاحب منشأة صناعية يعمل لديه أكثر من خمسين عاملاً لم يعهد إلى أحد العاملين لديه بالإشراف على الأمن الصناعي بعد تدريبه على ذلك (ثانياً) بصفته صاحب المنشأة سالفة الذكر لم يقم بتشكيل لجنة للأمن الصناعي, ودفع الحاضر عنه أمام محكمة أول درجة بانقضاء الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 9998 لسنة 1965 بندر المحلة, وقضت المحكمة حضورياً بتاريخ 12/4/1970 بقبول الدفع وببراءة المطعون ضده مما أسند إليه فاستأنفت النيابة لخطأ في تطبيق القانون, وقضت محكمة الدرجة الثانية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف, ويبين من الاطلاع على الجنحة رقم 9998 لسنة 1965 بندر المحلة المضمومة للمفردات أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه في 4/10/1965 ارتكب نفس الجريمتين المسندتين إليه في الدعوى المطروحة, وقضت محكمة أول درجة حضورياً في 31/5/1966 بتغريم المطعون ضده 500 قرش عن التهمة الثانية وببراءته من التهمة الأولى, ولم يطعن على هذا الحكم وأصبح باتاً. لما كان ذلك, وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون, سواء كان الفعل ايجابياً أو سلبياً ارتكاباً أو تركاً, فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية, أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة, والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً, ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والإسلاس لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر آثاره الجنائية في أعقابه, ولما كانت المادة 108 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل قد أوجبت على كل صاحب عمل أن يتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال أثناء العمل من الأضرار الصحية وأخطار العمل والآلات, وفوضت وزير الشئون الاجتماعية والعمل في إصدار القرارات اللازمة لتنظيم هذه الاحتياطات, وأصدر وزير العمل القرار رقم 49 لسنة 1967 في شأن تنظيم أجهزة الأمن الصناعي - المعدل لقرار وزير الشئون الاجتماعية والعمل رقم 152 لسنة 1959 وقراري وزير العمل رقمي 57, 159 لسنة 1964 - ونصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه على أن يلتزم كل صاحب منشأة صناعية أو فرع لها يعمل به من 50 إلى 199 عاملا بأن يعهد إلى أحد العاملين بها بالإشراف على الأمن الصناعي, كما أوجبت المادة الخامسة منه تشكيل لجنة للأمن الصناعي, فإن مفاد هذين النصين أن الفعل المادي المؤثم في كل منهما يكون جريمة مستمرة استمراراً متتابعاً متجدداً يتوقف استمرار الأمر المعاقب عليه فيها على تدخل جديد متتابع بناء على إرادة صاحب المنشأة الصناعية. لما كان ذلك, وكانت محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها, فإذا استمرت الحالة الجنائية بعد ذلك بتدخل إرادته, فإن ذلك يكون جريمة جديدة يجب محاكمته عنها, ولما كان الحكم الصادر في الجنحة رقم 9998 لسنة 1965 بندر المحلة قد أصبح باتاً قبل 15/12/1969 وهو اليوم الذي وقعت فيه الجريمتان موضوع المحاكمة, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بقبول الدفع السالف البيان يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه بما يوجب نقضه, ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع تعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 555 لسنة 41 ق جلسة 2 / 1 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 1 ص 3


برياسة السيد المستشار / نصر الدين عزام, وعضوية السادة المستشارين / سعد الدين عطية, والدكتور محمد حسنين, ومحمد عبد المجيد سلامة, وطه الصديق دنانة.
-------------
- 1  نقض " نطاق الطعن".
قضاء الحكم المطعون فيه بالبراءة في تهمة وبالإدانة في أخرى . نقض الحكم للمرة الثانية . قصر نظر الموضوع على التهمة المحكوم فيها بالإدانة .
متى كانت محكمة الدرجة الثانية قضت ببراءة المتهم من التهمة الأولى وهي إنتاجه خبزاً للمدارس بغير ترخيص من مراقبة التموين وبحبسه ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة مخبزه لمدة ستة أشهر عن التهمة الثانية وهي توقفه عن إنتاج الخبز البلدي قبل الحصول على ترخيص من وزارة التموين، وطعن المتهم بطريق النقض في هذا الحكم، وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع - لكونه طعناً لثاني مرة - فإن لازمه قانوناً قصر نظر الموضوع على التهمة الثانية.
- 2  أسباب الاباحة وموانع العقاب .  تموين . جريمة " أركان الجريمة". خبز . قانون "تفسير القانون".
التوقف عن انتاج الخبز البلدي بدون ترخيص . إثبات التاجر قيام عذر جدي أو مبرر مشروع لتوقفه . لا جريمة . المادة 3 مكرر من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 . مثال .
أوجب المشرع بنص القانون رقم 250 لسنة 1952 - المعدل للمادة 3 مكرر من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المضافة إليه بالقانون رقم 139 لسنة 1951 - أن يثبت التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشروع لتوقفه عن الاتجار على الوجه المعتاد، وعبر عن إفساحه في مجال العذر بما يتسع لغير القوة القاهرة من الأعذار أو المبررات أو المواقف المشروعة. ومتى وجد إحداها بصورة جدية، كان الامتناع بعيداً عن دائرة التجريم، وإذا قدم العذر الجدي إلى وزارة التموين وانتهت إلى سلامته تعين عليها قبوله، وإذا دفع به أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه وتحقيقه حتى إذا ما صح لديها قيامه وجب عليها تبرئة الممتنع.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 من أكتوبر سنة 1966 بدائرة مركز نجع حمادي (أولا) أنتج خبزا للمدارس بغير ترخيص خاص من مراقبة التموين.(ثانيا) توقف عن إنتاج الخبز البلدي قبل الحصول على ترخيص وطلبت عقابه بالمواد 25 و38/3 من القرار الوزاري رقم 90 لسنة 1957 و3 مكرر و56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 ومحكمة نجع حمادي الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ وتغريمه مائة جنيه عن التهمة الأولى وحبسه ستة أشهر وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة مخبز المتهم لمدة سنة عن التهمة الثانية والمصادرة بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة ستة أشهر والمصادرة عن التهمتين. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض إلخ ... وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة قنا الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المذكورة سمعت الدعوى من جديد وقضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم (أولا) ببراءة المتهم من التهمة الأولى. (ثانيا) بحبسه ستة شهور وبتغريمه 100 جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة مخبزه ستة شهور عن التهمة الثانية.(ثالثا) بإعفاء المتهم من المصروفات الجنائية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن محكمة الدرجة الثانية قضت ببراءة المتهم من التهمة الأولى وهي إنتاجه خبزاً للمدارس بغير ترخيص من مراقبة التموين, وبحبسه ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة مخبزه لمدة ستة أشهر عن التهمة الثانية وهي توقفه عن إنتاج الخبز البلدي قبل الحصول على ترخيص من وزارة التموين, وطعن المتهم بطريق النقض في هذا الحكم, وقضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع - إذ أنه طعن لثاني مرة - مما لازمه قانوناً قصر نظر الموضوع على التهمة الثانية
وحيث إن النيابة العامة استندت في إسناد التهمة الثانية للمتهم على ما أثبته مفتش التموين في محضره المؤرخ 25/10/1966 من أنه - بناء على الشكوى المقدمة من أصحاب المطاعم ببلدة فرشوط ضد المتهم بأنه يقوم بإنتاج خبز للمدارس في مخبزه ولا يقوم بإنتاج الخبز البلدي- قام بالتفتيش على المخبز, فوجده قائماً بإنتاج خبز المدارس تحت إشراف لجنة من مديرية التربية والتعليم ولا يقوم بإنتاج الخبز البلدي
وحيث إن المتهم دفع التهمة بعدم كفاية طاقة مخبزه الإنتاجية لإنتاج خبز المدارس تنفيذاً لتعهده مع مديرية التربية والتعليم وإنتاج الخبز البلدي
وحيث إن المحكمة ترى أن هذا الدفاع في محله وذلك للأسباب الآتية: (أولاً) أن الثابت من محضر ضبط الواقعة أن مخبز المتهم كان يقوم بإنتاج الخبز للمدارس تحت إشراف لجنة من مديرية التربية والتعليم مكونة من السيدين/....,.... وأثبت المحقق في محضره إنهما قررا له شفوياً أن إنتاج المخبز مقتصر على خبز المدارس طوال اليوم (ثانياً) أن الثابت من الاطلاع على ترخيص مديرية التموين للمتهم بإنتاج خبز المدارس أن عليه أن ينتج حوالي عشرة آلاف رغيفاً للمدارس يومياً وفقاً للمواصفات المبينة بالترخيص (ثالثاً) أن الثابت من الاطلاع على الشهادة المقدمة من شركة مطاحن مصر العليا والمخابز أن مخبز المتهم يعمل بطاقة واحدة "عين واحدة" وإن مقرره من الدقيق هو خمسة أجولة يومياً وإن الجوال ينتج منه 948 رغيفاً, مما مفاده أن طاقة المخبز الإنتاجية هي حوالي خمسة آلاف رغيف يومياً. (رابعاً) أن الثابت من الاطلاع على رخصة المخبز المؤرخة 18/9/1963 أن عدد العمال الذين يعملون به هو عاملان فقط. (خامساً) أن الثابت من أقوال مفتش التموين بمحضر جلسة اليوم أنه عاين المخبز ووجد أنه يعمل بطاقة واحدة وأن عدد العمال الذين وجدهم به وقت الضبط لا يمكن معه تشغيل المخبز لمدة أربعة وعشرين ساعة حتى يمكنه إنتاج الخبز البلدي بجانب خبز المدارس الذي صرح له بإنتاجه إلا إذا زيد عدد العمال وهو أمر لا يوجبه القانون
وحيث إنه وقد صح لدى المحكمة قيام المبرر الجدي لتوقف المتهم عن إنتاج الخبز البلدي وكان المشرع قد أوجب بنص القانون رقم 250 لسنة 1952- المعدل للمادة 3 مكرر من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المضافة إليه بالقانون رقم 139 لسنة 1951 - أن يثبت التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشروع لتوقفه عن الاتجار على الوجه المعتاد, وعبر عن إفساحه في مجال العذر بما يتسع لغير القوة القاهرة من الأعذار أو المبررات أو المواقف المشروعة ومتى وجد إحداها بصورة جدية, كان الامتناع بعيداً عن دائرة التجريم, وإذا قدم العذر الجدي إلى وزارة التموين وانتهت إلى سلامته تعين عليها قبوله, وإذا دفع به أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه وتحقيقه حتى إذا ما صح لديها قيامه وجب عليها تبرئة الممتنع - وهو واقع الحال في الدعوى المطروحة على ما سلف بيانه - ومن ثم يتعين الحكم ببراءة المتهم من التهمة الثانية المسندة إليه عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 230 لسنة 42 ق جلسة 24 / 4 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 ق 135 ص 603


برياسة السيد/ المستشار جمال صادق المرصفاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوي، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، وحسن المغربي.
------------
- 1  استئناف " نظره والحكم فيه". حكم "تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما يوفره". ضرب "ضرب أفضى إلى عاهة". معارضة " نظر المعارضة والحكم فيها". نقض " حالات الطعن . مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله".
عدم جواز أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه . المادة 1/401 إجراءات . إدانة المتهم إبتدائيا بجنحة الضرب وتأييد الحكم غيابيا بناء علي استئناف المتهم القضاء في المعارضة الاستئنافية بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى علي أساس أن الواقعة المسندة إليه تكون جناية عاهة مستديمة خطأ .
تنص المادة 401/1 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز بأية حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه. ومن ثم فإنه لا يجوز لمحكمة المعارضة أن تشدد العقوبة ولا أن تحكم في الدعوى بعدم الاختصاص على أساس أن الواقعة جناية حتى لا تسوئ مركز رافع المعارضة وإلا فإنها تكون خالفت ما نص عليه القانون في المادة المذكورة. ولما كان الحكم المطعون فيه صدر في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من المتهم - المطعون ضده - قاضياً بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى على أساس أن الواقعة المسندة إلى المطعون ضده تكون جناية عاهة مستديمة وأحال القضية إلى النيابة العامة لتجري شئونها فيها، وكان الحكم المعارض فيه يقضي بإدانة المطعون ضده بجنحة ضرب المجني عليه ضرباً نشأت عنه إصابته المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، فإنه يتعين نقضه.
- 2  نقض " الحكم في الطعن".
قصر الحكم بحثه على الاختصاص دون التعرض لموضوع الواقعة. وجوب أن يكون النقض مقرونا بالإحالة.
متى كان الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه على الاختصاص ولم يتعرض للواقعة الجنائية ذاتها من ناحية ثبوتها أو عدم ثبوتها حتى تتمكن محكمة النقض من إنزال صحيح القانون عليها فإنه يتعين إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع لتفصل فيها من جديد.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخر بأنهما: أحدثا عمدا بـ...... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما. وطلبت عقابهما بالمادة 241/1 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنيا ضد المتهمين طالبا إلزامهما متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة المراغة الجزئية قضت في الدعوى حضوريا اعتباريا بتغريم كل من المتهمين خمسة جنيهات وإلزامهما متضامنين أن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنف المحكوم عليه الأول هذا الحكم، ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض وقضي في معارضته بندب السيد الطبيب الشرعي للكشف على المجني عليه لبيان ما إذا كان قد شفي من إصابته دون تخلف عاهة من عدمه. ثم قضت في موضوع المعارضة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص جنح المراغة بنظر الدعوى. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قضى استئنافياً بعدم الاختصاص لأن الواقعة جناية لما أثبته التقرير الطبي من نشوء عاهة مستديمة لدى المجني عليه مع أن الاستئناف مرفوع من المتهم وحده ولا يجوز أن يسيء لمركزه طبقاً لحكم المادة 417/3 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف وهو ما تنبه إليه الحكم المطعون فيه فاستلفت النظر إلى هذا الخطأ الذي يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من المتهم - المطعون ضده - قاضياً بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى على أساس أن الواقعة المسندة إلى المطعون ضده تكون جناية عاهة مستديمة وأحال القضية إلى النيابة العامة لتجري شئونها فيها. ولما كان الحكم المعارض فيه يقضي بإدانة المطعون ضده بجنحة ضرب المجني عليه ضرباً نشأت عنه إصابته المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. وكان الحكم المطعون فيه لم يتقيد بما تقضي به المادة 401/1 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه لا يجوز بأية حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه, ومتى كان ما تقدم فإنه لا يجوز لمحكمة المعارضة أن تشدد العقوبة ولا أن تحكم في الدعوى بعدم الاختصاص على أساس أن الواقعة جناية حتى لا تسوئ مركز رافع المعارضة وإلا فإنها تكون خالفت ما نص عليه القانون في المادة المذكورة مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه. ولما كان ذلك الحكم قد قصر بحثه على الاختصاص ولم يتعرض للواقعة الجنائية ذاتها من ناحية ثبوتها أو عدم ثبوتها حتى تتمكن محكمة النقض من إنزال صحيح القانون عليها فإنه يتعين إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاء آخرين.

الطعن 109 لسنة 43 ق جلسة 11 / 6 / 1973 مكتب فني 24 ج 2 ق 152 ص 732


برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومصطفى محمود الأسيوطي، وعبد الحميد محمد الشربيني، وحسن علي المغربي.
------------
إثبات " قرائن". حكم " حجية الحكم". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها". نقض "حالات الطعن . مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله". دعوى " دعوي جنائية . انقضاؤها بالحكم فيها".
الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية . شروطه الحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوي لسبق الفصل فيها لا يحوز حجية الشيء المحكوم فيه . علة ذلك . عدم فصله في موضوع التهمة بالبراءة . أو بالإدانة . مجانبة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون .
مفاد نص المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية - على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض - أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى (أولاً) أن يكون هناك حكم جنائي نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة، وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين (ثانياً) أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضي بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها - أما إذا صدر الحكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع، فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به، ومن بين ذلك الأحكام التي تخرج الدعوى من حوزة المحكمة بغير أن تفصل في النزاع كالحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. ولما كانت الدعويان الحالية والمضمومة وإن اتحدتا في السبب والموضوع والأشخاص إلا أنه نظراً لأن الدعوى الأخيرة صدر الحكم فيها بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الابتدائي الصادر في الدعوى المنظورة، مما لا يعتبر قضاء في موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يحوز حجية الشيء المحكوم فيه وتنقضي به الدعوى الجنائية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإحالة.
--------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 2 يوليه سنة 1970 بدائرة بندر المحلة محافظة الغربية (أولا) أقام البناء المبين بالمحضر بدون ترخيص. (ثانيا) أقام البناء المذكور في الأجزاء الخارجة عن خط التنظيم. وطلبت عقابه بمواد القانون 45 لسنة 1962. ومحكمة بندر المحلة الجزئية قضت حضوريا اعتباريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسة جنيهات وضعف رسوم الترخيص عن التهمتين وإصلاح الأعمال المخالفة وتقديم الرسوم الهندسية في خلال شهر من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - بعد أن دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - قضت حضوريا بقبول الدفع وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم .... سنة 1970 المحلة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 5459 لسنة 1970 بندر المحلة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن القضية الأخيرة لم يصدر في موضوعها حكم نهائي بالبراءة أو الإدانة بل اقتصر الحكم فيها على القضاء بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من المحكمة المطعون في حكمها مما لا يتوافر معه شروط صحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أسندت إليه النيابة العامة تهمتي إقامة بناء بدون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة وإقامته في الأجزاء الخارجية من خط التنظيم، وقد قضت محكمة أول درجة بتاريخ 4/10/1970 بتغريمه خمسة جنيهات وإلزامه بضعف الرسوم مع إصلاح الأعمال المخالفة وتقديم الرسوم الهندسية في خلال شهر من صيرورة الحكم نهائياً، فاستأنف المحكوم عليه وأمام المحكمة الاستئنافية طلب ضم الجنحة رقم 5459 سنة 1970 بندر المحلة ودفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة السابقة التي أمرت المحكمة بضمها ثم صدر الحكم المطعون فيه مؤسساً قضاؤه على أنه قد ثبت من الجنحة رقم 5459 سنة 1970 بندر المحلة أنها عن ذات التهم المنسوبة إلى المتهم، وقد قضى فيها ابتدائياً بجلسة 28/10/1970 بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى الحالية رقم 5892 سنة 43 بندر المحلة. لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة. وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون". وكان مفاد هذا النص - على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض - أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى: (أولاً) أن يكون هناك حكم جنائي نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة، وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين (ثانياً) أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها. أما إذا صدر الحكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع، فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به، ومن بين ذلك الأحكام التي تخرج الدعوى من حوزة المحكمة بغير أن تفصل في النزاع كالحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. لما كان ما تقدم، وكانت الدعويان الحالية والمضمومة وإن اتحدتا في السبب والموضوع والأشخاص، إلا أنه نظراً لأن الدعوى الأخيرة صدر الحكم فيها بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الابتدائي الصادر في الدعوى المنظورة - مما لا يعتبر قضاء في موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يحوز حجية الشيء المحكوم فيه وتنقضي به الدعوى الجنائية - فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 5459 بندر المحلة المشار إليها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.

بقاء ضريبة الدمغة قبل التحصيل في ذمة الممولين دون الجهات المكلفة بتحصيلها


الدعوى رقم 238 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 238 لسنة 24 قضائية " دستورية ".
المقامة من
شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء
ضــــد
1 - رئيس الجمهوريـــة
2 - رئيس مجلس الشعب (مجلس النـواب حاليًا)
3 - رئيس مجلس الــوزراء
4 - وزيـــر العــــدل
5 - وزير المالـية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
6- رئيس مأمورية ضرائب الدمغة بالإسكندرية
الإجراءات
      بتاريخ السابع والعشرين من يوليو سنة 2002، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
     حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية - شركة مساهمة مصرية، تابعة لقطاع الأعمال العام، وغرضها تسويق الطاقة الكهربائية والغاز والطاقة الشمسية - كانت قد اعترضت على تقديرات مأمورية ضرائب الدمغة بالإسكندرية عن المدة من 1/7/1989، حتى 30/6/1992، بموجب الطعـن رقم 113 لسنة 1995/دمغة، وعن المدة من 1/7/1992، حتى 30/6/1994، بموجب الطعن رقم 181 لسنة 1995/ دمغة. وأحيل الطعنان إلى لجنة طعن ضرائب الإسكندرية (الدائرة الثامنة)، والتى قامت بضم الطعنين، وأصدرت فيهما قرارها بتاريخ 18/3/1999، نص البند (ثانيًا) منه على "تأييد مأمورية الضرائب في مطالبتها للشركة بمقابل تأخير عن سداد ضريبة الدمغة النوعية عن استهلاك الكهرباء والغاز للأغراض الصناعية وغير الصناعية، عن الفترة الأولى بمبلغ 1952405,23 جنيه، وعلى توريد الكهرباء والغاز والطاقة الشمسية عن الفترة الثانية بمبلغ 25105,65 جنيه، ورفض طلب الشركة الطاعنة باحتسابه على أساس ما تم تحصيله من الضرائب المستحقة". وأسست اللجنة قرارها في هذا الشأن على أن الشركة مكلفة قانونًا بتحصيل الضريبة من المستهلكين، وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، ولها من الصلاحيات ما يمكنها من ذلك. ولم يصادف هذا القرار قبول الشركة المدعية، فأقامت الدعوى رقم 898 لسنة 1999 ضرائب كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، طلبًا للحكم، أصليًّا: بإلغاء قرار اللجنة المطعون عليه، فيما تضمنه البند ثانيًا منه بشأن احتساب مقابل تأخير على ما لم يتم توريده من الضريبة خلال المدد المشار إليها، لعدم استحقاقه، ورد المبالغ التى سددتها الشركة كمقابل تأخير، واحتياطيًّا: ندب خبير لتحقيق دفاعها. وأسست الشركة طلباتها على أنه يجب حساب مقابل التأخير من تاريخ تحصيل الضريبة من المستهلكين، دون تاريخ إصدار إيصال (فاتورة) استهلاك الكهرباء أو الغاز. وتدوول نظر الدعوى بالجلسات، وقضت المحكمة بندب خبير، باشر المأمورية التى حددتها المحكمة، وانتهى إلى تأييد قرار اللجنة المطعون عليه من احتساب مقابل التأخير من تاريخ إصدار إيصال استهلاك الكهرباء أو الغاز. وحال نظر الدعوى بجلسة 13/5/2002، دفع محامى الشركة المدعية بعدم دستورية المادتين (38و97) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، والمادة (38) من لائحته التنفيذية. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة بإقامة الدعوى الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة، طلبًا للحكم بعدم دستورية المادة (38) من ذلك القانون.
     وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن نطاق الدعوى الدستورية التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها - وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التى تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وعلى ضوء الطلبات التى تضمنتها صحيفة الدعوى الدستورية. متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد قصرت طلباتها الواردة بصحيفة الدعوى المعروضة على عدم دستورية نص المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، دون نص المادة (97) منه، والمادة (38) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 414 لسنة 1980، ومن ثم يتحدد نطاق هذه الدعوى في نص المادة (38) من ذلك القانون، دون سواه.
وحيث إن المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 - قبل استبدالها بالقانون رقم 10 لسنة 2000 - تنص على أن "تلتزم الجهات المكلفة قانونًا بتحصيل الضريبة من الممولين وتوريدها إلى مصلحة الضرائب بأداء مقابل تأخير مقداره ستة في المائة سنويًّا من قيمة الضريبة الملزمة بتوريدها.

  ويسري ذلك من اليوم التالى للمواعيد المحددة للتوريد في هذا القانون أو لائحته التنفيذية، مع اعتبار كسور الشهر شهرًا كاملاً.
   ولا يستحق المقابل إذا لم تجاوز مدة التأخير سبعة أيام"، هذا وقد اقتصرت أحكام نص الفقرة الأولى من تلك المادة بعد استبدالها بالقانون رقم 10 لسنة 2000 على تعديل مقابل التأخير، ليكون (1%) من قيمة الضريبة الملزمة تلك الجهات بتوريدها عن كل شهر تأخير حتى تاريخ التوريد، مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل.
     وتنص المادة (96) من هذا القانون، بعد استبدالها بالقانون رقم 2 لسنة 1993 على أن "تستحق ضريبة نوعية على النحو التالى:
(أ )    ثلاثة جنيهات سنويًّا على توريد كل من المياه أو الكهرباء أو الغاز ولو قلت مدة التوريد الفعلى عن سنة كاملة.
(ب)    ثلاثة قروش على كل كيلو وات / ساعة من الكهرباء المستعملة للإضاءة في أى مكان، أو للأغراض السكنية أو التجارية بما في ذلك إدارة المصاعد.
(ج)    0,6 من القرش على كل عشرة كيلو وات / ساعة من الكهرباء المستعملة في الأغراض الصناعية.
(د )    3,6 قروش عن كل متر مكعب من استهلاك الغاز في غير الأغراض الصناعية.
(هـ )    تسعة قروش عن كل كيلو جرام من استهلاك البيوتين (البوتاجاز) أو ما يماثله من المستحضرات في غير الأغراض الصناعية.
( و )    ثلاثة جنيهات للطن من استهلاك الغاز والبوتاجاز في الأغراض الصناعية".
 وتنص المادة (97) من القانون المشار إليه - بعد استبدال البند (أ) منها بالقانون رقم 95 لسنة 1986 - على أن "يتحمل الضريبة: (أ) المورد بالنسبة للتوريد، فيما عدا ضريبة دمغة توريد الكهرباء، فيتحملها المستهلك. (ب) المستهلك بالنسبة للاستهلاك".
     وتنص المادة (38) من اللائحة التنفيذية لقانون ضريبة الدمغة المشار إليه، الصادرة بقـرار نائب رئيس الوزراء للشئون الماليـة والاقتصادية رقم 414 لسنة 1980 - قبل استبدالها بموجب قرار وزير المالية رقم 525 لسنة 2006 - على أن "تؤدى الضريبة المنصوص عليها في المادة (96) من القانون على النحو التالى:
( أ )    بالنسبة للضريبة على عمليات توريد كل من المياه والكهرباء والغاز المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة: تؤدى بإخطار سنوى تقدمه إلى مأمورية الضرائب المختصة الجهات التى تورد المياه أو الكهرباء أو الغاز، وذلك في موعد غايته نهاية شهر فبراير من كل سنة، على أن يتضمن الإخطار عدد عمليات التوريد القائمة فعلاً وتلك التى استجدت خلال السنة، كل نوع على حدة، وقيمة الضريبة المستحقة.
(ب)    وبالنسبة للضريبة المنصوص عليها في البنود (ب، ج، د، هـ، و) من المادة: تؤدى بإخطار تقدمه إلى مأمورية الضرائب المختصة الجهات التى تورد أو تنتج الكهرباء أو الغاز أو البوتاجاز، وذلك خلال العشرة أيام الأخيرة من كل شهر، على أن يتضمن الإخطار الكمية الموردة من كل نوع على حدة خلال الشهر السابق، وقيمة الضريبة المستحقة".
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفهوم شرط المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، يتحدد على ضوء عنصرين أولين يقيمان معًا مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر، أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض، لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز أن تباشر المحكمة الدستورية العليا رقابتها على دستورية النصوص التشريعية، أولهما: أن يقيم المدعى - وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا - اقتصاديًّا أو غيره - قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية، بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.

            وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، ذلك أن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها. ومن المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في النصوص التشريعية ألا تحمل على غير مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهًا لها، سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، ذلك أن المعاني التى تدل عليها هذه النصوص، والتى ينبغى الوقوف عندها، هى التى تعتبر كاشفة عن حقيقة محتواها، مفصحة عما قصده المشرع منها، مبينة عن حقيقة وجهته وغايته في إيرادها، ملقية الضوء على ما عناه بها، ومرد ذلك أن النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ، ولا يجوز انتزاعها من واقعها محددًا بمراعاة المصلحة المقصودة منها.
     وحيث إن نصوص قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980، تعتبر كلاًّ واحدًا، يكمل بعضها البعض، ويتعين أن تفسر نصوصه بما يمنع التعارض بينها، إذ إن الأصل في النصوص القانونية التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها، لتكوّن نسيجًا متآلفًا.
    وحيث إن المشرع قد ضمَّن الباب الأول من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، الأحكام العامة لتلك الضريبة، وخصص الفصل الخامس منه للجزاءات، ومن بينها ما ورد في نص المادة (38) المطعون عليها - قبل استبدالها بالقانون رقم 10 لسنة 2000 - من جزاء مالى على التأخير في توريد الضريبة إلى مصلحة الضرائب، إذ نصت على أن "تلتزم الجهات المكلفة قانونًا بتحصيل الضريبة من الممولين وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، بأداء مقابل تأخير مقداره ستة في المائة سنويًّا من قيمة الضريبة الملزمة بتوريدها. ويسرى ذلك من اليوم التالى للمواعيد المحددة للتوريد في هذا القانون أو لائحته التنفيذية .. ولا يستحق المقابل إذا لم تجاوز مدة التأخير سبعة أيام". وأوضحت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون ضريبة الدمغة المشار إليه العلة من فرض هذا الجزاء، بأن "المشروع استحدث بالنسبة للجهات المكلفة بتحصيل الضريبة ممن يقع عبؤها عليهم، ثم توريدها للمصلحة، حكمًا يقضى بالتزام تلك الجهات بمقابل مالى في حالة حبس الضرائب المحصلة تحت يدها، والتأخير عن توريدها للمصلحة في المواعيد المحددة للتوريد، وذلك كتعويض للمصلحة عن عدم استغلال مبالغ الضريبة فترة التأخير، كنوع من إجراءات إحكام تحصيل الضريبة فور استحقاقها". وقد تناولت أحكام الباب الثانى من القانون المشار إليه، بيان أوعية تلك الضريبة، ومن بينها ما ورد في الفصل الثانى والعشرين منه، بشأن توريد المياه والكهرباء والغاز والبوتاجاز واستهلاكها، إذ حددت المادة (96) قيمة الضريبة المستحقة عن توريد واستهلاك كل نوع منها، وأفصحت المادة (97) - المعدلة بالقانون رقم 95 لسنة 1986 - عمن يتحمل عبء هذه الضريبة، بما نصت عليه من أن "يتحمل الضريبة: (أ) المورد بالنسبة للتوريد، عدا ضريبة دمغة توريد الكهرباء؛ فيتحملها المستهلك. (ب) المستهلك بالنسبة للاستهلاك". وحددت المادة (98) من ذلك القانون الجهات التى تعفى من تلك الضريبة. وقد تناولت المادة (38) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه - الصادرة بقرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 414 لسنة 1980 - قبل إحلال لائحة جديدة محلها بموجب قرار وزير المالية رقم 525 لسنة 2006 - تحديد طريقة وميعاد توريد الضريبة المنصوص عليها في المادة (96) من القانون لمصلحة الضرائب، بأن يكون أداء الضريبة على عملية التوريد في موعد غايته نهاية شهر فبراير من كل سنة، وفى شأن الاستعمال أو الاستهلاك، يكون أداء الضريبة خلال الأيام العشرة الأخيرة من كل شهر.
    وحيث إن مؤدى ما تقدم، أن الجهات المكلفة بتحصيل ضريبة الدمغة من الممولين، يتحدد ما تلتزم بتوريده لمصلحة الضرائب، بقدر الضريبة التى قامت بتحصيلها من الممولين تحصيلاً فعليًّا، ويستحق عنها مقابل التأخير المنصوص عليه في المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة السالف الذكر، اعتبارًا من تاريخ تحصيلها لتلك الضريبة، وانقضاء المواعيد المنصوص عليها في المادة (38) من اللائحة التنفيذية لذلك القانون دون توريد ما حصلته من هذه الضريبة، ليُعد تحصيلها للضريبة شرطًا مفترضًا لقيام التزامها بالتوريد في المواعيد المقررة، وهو ما يتفق وطبيعة الالتزام الملقى على عاتقها، باعتبـاره محض تحصيل للضريبة من الممولين، وتوريد قدر ما حصلته لمصلحة الضرائب. وهو - أيضًا - عين ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المشار إليه، بشأن العلة من استحداث هذا الجزاء المالى، مفصحة في الآن ذاته عن شروط تطبيقه، باحتباس الجهات المكلفة بتحصيل الضريبة قدر ما حصلته منها تحت يدها، والتأخير عن توريده لمصلحة الضرائب في المواعيد المحددة للتوريد، واستحقاق المصلحة لقيمته كتعويض عن عدم استغلال مبالغ الضريبة خلال فترة التأخير، لتجتمع بذلك في هذا المقابل صفة الجزاء والتعويض، وغايته إحكام تحصيل الضريبة فور استحقاقها. ومؤدى ذلك، أن شرط توقيع الجزاء المالي الوارد بالنص المطعون فيه، هو إخلال المكلف بالتزام قانونى قوامه تحصيل الضريبة من الممولين (المستهلكين)، وتوريدها لمصلحة الضرائب في المواعيد المقررة قانونًا، ويقع ذلك حال تأخره في توريد ما تم تحصيله منها للمصلحة خلال تلك المواعيد. وفى غير هذه الحالة، فإن الخطأ الموجب لتوقيع هذا الجـزاء المالى، واستحقاق مصلحة الضرائب لقيمته كتعويض عن الضرر الذى أصابها، يكون منتفيًا، بما لا تقوم به المسئولية عن ذلك، لاستحالة تنفيذ الالتزام بالتوريد في هذه الحالة، تبعًا لعدم تحصيل الضريبة.
  حيث كان ما تقدم، وكانت مناعي الشركة المدعية على نص المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه - في مجال إعمال أحكامه على نصى المادتين (96) و(97) من القانون ذاته - انصبت على ربط حساب مقابل التأخير، بواقعة إصدار إيصالات استهلاك الكهرباء والغاز، وليس بواقعة تحصيل قيمة تلك الإيصالات من الممولين، بما تشتمل عليه من قدر ضريبة الدمغة المستحقة عن كل منها، ومن ثم بقاء تلك الضريبة - قبل التحصيل - في ذمة الممولين، الملزمين قانونًا بدفع تلك الضريبة، فإن الأمر على هذا النحو يضحى متصلاً بتطبيق النص المطعون فيـه، ولا يمثل عوارًا دستوريًّا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا في الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح المقرر بنص المادة (192) من الدستور، والمادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. ولما كانت غاية الشركة المدعية من دعواها الموضوعية، القضاء ببراءة ذمتها من أداء مقابل التأخير عن سداد ضريبة الدمغة لمصلحة الضرائب، المستحقة عن توريد الكهرباء والغاز للأغراض الصناعية وغير الصناعية، والضريبة المستحقة عن استهلاك الكهرباء، والغاز والطاقة الشمسية، والتى لم يتم تحصيل قيمتها من المستهلكين (الممولين)، ورد ما سبق لها سداده منها، فإن التطبيق الصحيح لنص المادة (38) من القانون رقم 111 لسنة 1980 المشار إليه - المطعون عليها - وما يرتبط به من أحكام المادتين (96 و97) من ذلك القانون، يكون محققًا لمبتغاها من الدعوى الموضوعية، ولا يكون لها مصلحة في الفصل في دستوريته، بحسبان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون فيه، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتعين القضاء بعدم قبولها.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.