الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 مارس 2018

عدم دستورية تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية


الطعن  11لسنة 13 ق جلسة 8 / 7 / 2000 مكتب فني 9 ج 1 ق 79 ص667
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /حمدي محمد على وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله 
وعبد الوهاب عبد الرازق حسن رئيس هيئة المفوضين 
وناصر إمام محمد حسن أمين السر.
-----------------
- 1  دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
مناط هذه المصلحة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي - وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي وذلك بان يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطالبات المرتبطة بها و المطروحة على محكمة الموضوع .
- 2  المحكمة الدستورية العليا "رقابة".
رقابة هذه المحكمة للنصوص التشريعية المطعون عليها تتغيا ردها إلى أحكام الدستور تغليبا لها على ما دونها. 
رقابة هذه المحكمة للنصوص التشريعية المطعون عليها إنما تتغيا ردها إلى أحكام الدستور تغليبا لها على ما دونها و توكيدا لسموها على ما عداها لتظل الكلمة العليا للدستور باعتباره القانون الأساسي الأعلى الذى يرسى القواعد و الأصول التي يقوم عليها نظام الحكم فيحدد للسلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية صلاحيتها واضعا الحدود التي تقيد أنشطتها و تحول دون تدخل كل منها فى أعمال الأخرى مقررا الحقوق والحريات العامة مرتبا ضماناتها . 
3- دستور "قواعد ملزمة". 
النصوص الدستورية ليست مجرد نصوص تصدر لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها - نصوص الدستور قواعد ملزمة غير جائز تهميشها أو تجريدها من آثارها أو تحرير مقاصدها أو الإعراض عن متطلباتها.

وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ان نصوص الدستور تتوخى أن تحدد لأشكال من العلائق السياسية والاجتماعية والاقتصادية مقوماتها ولحقوق المواطنين و حرياتهم تلك الدائرة التى لا يجوز اقتحامها فلا يمكن ان تكون النصوص الدستورية ـ وتلك غاياتها ـ مجرد نصوص تصدر لقيم مثالية ترنو الأجيال اليها وإنما قواعد ملزمة لا يجوز تهميشها او تجريدها من آثارها أو ايهانها من خلال تحوير مقاصدها أو الإخلال بمقتضياتها او الإعراض عن متطلباتها فيجب دوما أن يعلو الدستور ولا يعلى عليه و ان يسمو ولا يُسمى عليه .

- 4  المحكمة الدستورية العليا "رقابة".
الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية لا تستقيم موطئا لإبطال نصوص قانونية تحتمل تأويلاً يجنبها الوقوع في هاوية المخالفة الدستورية.
ولئن كان صحيحا أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية لا تستقيم موطئا لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في هاوية المخالفة الدستورية ، الا انه من المسلم أيضا انه اذا ما استعصى تفسير النصوص المطعون عليها بما يوائم بين مضمونها و أحكام الدستور فان وصمها بعدم الدستورية يغدو محتما إذ لا يسوغ أن تفسر النصوص القانونية قسراً على وجه لا تحتمله عباراتها ولا يستقيم مع فحواها بقصد تجنب الحكم بعدم دستوريتها و إلا انحلت الرقابة الدستورية عبثا .
- 5  دستور "وحدة عضوية - تفسير".
الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً - من غير الجائز تفسير النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها.
الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في اطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا متماسكاً بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية و الاقتصادية والاجتماعية ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي .
- 6  دستور "حقا الترشيح والانتخاب".
حقا الترشيح والانتخاب - وفقاً للدستور - حقان مترابطان - من غير الجائز أن تفرض على مباشرة أيهما قيود من شأنها المساس بمضمونها مما يعوق ممارستهما بصورة جدية وفعالة - هذان الحقان لازمان حتما لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستورياً ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية.
الدستور نص في المادة 62 منه التي وردت في الباب الخاص بالحريات والحقوق و الواجبات العامة على أن (( للمواطن حق الانتخاب والترشيح و إبداء الرأي في الاستفتاء وفقا لأحكام القانون و مساهمته في الحياة العامة واجب وطني )) ومفاد ذلك ان حق الترشيح و حق الانتخاب حقان مترابطان يتبادلان التأثير فيما بينهما فلا يجوز ان تفرض على مباشرة ايهما قيود يكون من شأنها المساس بمضمونها مما يعوق ممارستها بصورة جيدة وفعالة وذلك ضمانا لحق المواطنين في اختيار ممثليهم في المجاس النيابية باعتبار أن السلطة الشرعية لا يفرضها إلا المقرر دستوريا و لضمان ان تكون المجاس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية و معبرة تعبيرا صادقا عنها لذلك لم يقف الدستور عند مجرد النص على حق كل مواطن في مباشرته تلك الحقوق السياسية وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته في الحياة العامة واجبا وطنيا يتعين القيام به في اكثر المجالات اهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التي تعتبر قواما لكل تنظيم يرتكز على ارادة الناخبين
ولئن كانت المادة 62 من الدستور قد أجازت للمشرع العادي تنظيم تلك الحقوق السياسية الا انه يتعين دوما الا يتعارض التنظيم التشريعي لها مع نصوص الدستور الأخرى و إنما يلزم توافقه مع الدستور في عموم قواعده و أحكامه .

- 7  دستور "اقتراع - إشراف - لجان فرعية".
احتفاء من المشرع الدستوري بعملية الاقتراع أخضعها لإشراف أعضاء من هيئة قضائية ضماناً لمصداقيتها - من المتعين أن يكون هذا الإشراف فعلياً لا صورياً أو منتحلاً - من اللازم أن تحاط عملية الاقتراع في اللجان الفرعية بكل الضمانات التي تكفل سلامتها.
ان الدستور القائم أورد في مادته الثامنة و الثمانين نصا غير مسبوق لم تعرفه الدساتير المصرية من قبل اذ نص على ان (( يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب و يبين احكام الانتخاب و الاستفتاء على ان يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية مما يقطع ان المشرع الدستوري احتفاء منه بعملية الاقتراع بحسبانها جوهر حق الانتخاب أراد أن يخضعها لإشراف أعضاء من هيئة قضائية ضمانا لمصداقيتها و بلوغا لغاية الامر منها باعتبار ان هؤلاء هم الأقدر على ممارسة هذا الإشراف بما جبلوا عليه من الحيدة وعدم الخضوع لغير ضمائرهم وهو ما تمرسوا عليه خلال قيامهم بأعباء أمانتهم الرفيعة حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم في مناخ تسوده الطمأنينة على انه لكى يؤتى هذا الإشراف اثره فإنه يتعين ان يكون إشرافا فعليا لا صوريا او منتحلاً واذ كانت عملية الاقتراع تجرى ـ وفقا لأحكام القانون ـ في اللجان الفرعية فقد غدا لزاما ان تحاط هذه العملية بكل الضمانات التى تكفل سلامتها وتجنبها احتمالات التلاعب بنتائجها تدعيما للديمقراطية التى يحتل منها حق الاقتراع مكانا علياً بحسبانها كافلاً لحرية الناخبين في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية لتكون السيادة للشعب باعتباره وحده وصدر السلطات وفقاً للمادة الثالثة من الدستور .
- 8  دستور "اقتراع: إشراف".
قصد المشرع الدستوري عند إقراره نص المادة 88 من الدستور إلى إمساك أعضاء الهيئات القضائية بزمام عملية الاقتراع يهيمنون عليها برمتها - من المتعين أن ينزل المشرع عند تنظيمه حق الانتخاب على الضوابط المحددة في هذه المادة - ضرورة كفالة هذا التنظيم لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل الكافية لبسطهم إشرافاً حقيقياً على الاقتراع - عدم جواز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكم المادة 88 من الدستور.
مفاد نص المادة 88 من الدستور أمران أولهما أن المشرع الدستوري فوض المشرع العادي في تحديد الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الشعب كما فوضه أيضا في بيان أحكام الانتخاب و الاستفتاء و كل منهما يتضمن مراحل متعددة و ثانيهما انه يشترط بنص قاطع الدلالة لا يحتمل لبسا في تفسيره ان يتم الاقتراع وهو مرحلة من مراحل الانتخاب والاستفتاء تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية فليس ثمة تفويض من الانتخاب و الاستفتاء تحت إشراف أعضاء من هيئة فليس ثمة تفويض من الدستور للمشرع العادى في هذا الشأن و انما يتعين عليه ان يلتزم بهذا القيد الدستوري.  
ومن المقرر أن عبارة النص تؤخذ على معناها اللغوي ما لم يكن لها مدلول اصطلاحي يصرفها الى معنى آخر واذا كان لاخلاف على ان الاقتراع هو تلك العملية التي تبدأ بإدلاء الناخب بصوته لاختيار من يمثله بدءاً من تقديمه بطاقته الانتخابية وما يثبت شخصيته الى رئيس لجنة الانتخابات ، مرورا بتسلمه بطاقة الانتخاب ، وانتهاء بإدلائه بصوته في سرية لاختيار احد المرشحين ، او العدد المطلوب منهم و ايداع هذه البطاقة صندوق الانتخاب ثم فرز الأصوات لإعلان النتيجة بما يطابق ارادة الناخبين فإنه لا يتم و لا يبلغ غايته الا اذا اشرف عليه أعضاء من هيئة قضائية . لما كان ذلك و كان معنى الإشراف على الشيء أو الأمر ـ لغة ـ على ما يبين من الجزء الأول من المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية الطبعة الثالثة صفحة 498 كالآتي (( أشرف عليه : تولاه و تعهده و قاربه . وأشرف الشيء له : امكنه )) واذا لم يكن للفظ الإشراف دلالة اصطلاحية تخالف دلالتها للغوية . فقد بات متعينا ان المشرع الدستوري عند إقراره نص المادة 88 من الدستور منظورا في ذلك لا إلى إرادته المتوهمة او المفترضة بل الى إرادته الحقيقية التي كشفت عنها الأعمال التحضيرية على ما تقدم قد قصد الى إمساك أعضاء الهيئة القضائية تقديرا لحيدتهم و نأيهم عن العمل السياسي بكافة صوره بزمام عملية الاقتراع فلا تفلت من بين ايديهم بل يهيمنون عليها برمتها بحيث تتم خطواتها متقدمة الذكر كلها تحت سمعهم و بصرهم
على ضوء ما تقدم ، فإن الأهداف التى رمى الي بلوغها بما تطلبه في المادة 88 من أن يتم الاقتراع تحت اشراف أعضاء من هيئة قضائية تتحصل بجلاء ـ وفق صريح عباراتها و طبيعة الموضوع الذى تنظمه و الأغراض التى يتوخى تحقيقها من هذا الإشراف وما تكشف عنه الأعمال التحضيرية السالف الإشارة إليها ـ في إرساء ضمانة أساسية لنزاهة الانتخابات عن طريق ضمان سلامة الاقتراع و تجنب احتمالات الانحراف به عن حقيقته وهى أهداف تدعم الديمقراطية وتكفل مباشرة حق الانتخاب سليما غير منقوص أو مشوه ، موفيا بحكمة تقريره التي تتمثل ـ على ما تقدم في ان تكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدر السلطات ، و هى بالتالي ضمان لحق الترشيح الذى يتكامل مع حق الانتخاب و بهما معا تتحقق ديمقراطية النظام . واذ يقوم النص الدستوري سالف الذكر على ضوابط محددة لا تنفلت بها متطلبات انفاذه و مقتضيات إعماله ، فقد تعين على المشرع عند تنظيمه حق الانتخاب ان ينزل عليها و الا يخرج عنها مؤداه ضرورة ان يكفل هذا التنظيم لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل اللازمة و الكافية لبسطهم اشرافا حقيقيا و فعالاً على الاقتراع ، ولا محاجة في القول بتعذر رئاسة اعضاء الهيئات القضائية للجان الفرعية لعدم كفاية عددهم ذلك انه اذا ما تطلب الدستور امرا فلا يجوز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكمه بزعم استحالة تطبيقه سيما و انه لم يستلزم اجراء الانتخابات في يوم واحد ، والا غدا الدستور بتقريره هذه الضمانة عابثا ، ولا نحلت القيود التى يضعها سرابا .

- 9  تشريع "نص الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسة قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000: ضمانة"
 قصور هذا النص عن الوفاء بما تطلبه الدستور من إشراف أعضاء من هيئات قضائية على الاقتراع - إهداره بذلك ضمانة رئيسية تتعلق بحقي الترشيح والانتخاب.
استوجب النص الطعين عقد رئاسة اللجان العامة في جميع الأحوال لأعضاء من هيئة قضائية ، إلا انه يسمح برئاسة اللجان الفرعية التي يجرى الاقتراع أمامها لغيرهم فأصبح الاقتراع يتم بمنأى عن اللجنة العامة ، دون أن يكفل المشرع لهذه اللجنة ـ التى يرأسها عضو الهيئة القضائية ـ الوسيلة الأزمة والكافية لتحقيق الإشراف الحقيقي على الاقتراع ، ومن ثم ، يضحى النص المطعون عليه ، قاصرا عن الوفاء بما تطلبه الدستور من إشراف أعضاء من هيئات قضائية على القتراع مهدرا بذلك ضمانة رئيسية تتعلق بحقى الترشيح و الانتخاب .
- 10  مجلس الشعب "بطلان".
إجراء انتخابات المجلس بناء على نص تشريعي قضي بعدم دستوريته يؤدي إلى بطلان تكوينه منذ انتخابه - بقاء ما قرره هذا المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات نافذة قائمة على أصلها من الصحة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة أو يقضي بعدم دستوريتها إن كان لذلك وجه آخر غير ما بني عليه الحكم بعدم دستورية النص المشار إليه.
أن إجراء انتخابات مجلس الشعب بناء على نص تشريعي قضى بعدم دستوريته ، يؤدى إلى بطلان تكوينه منذ انتخابه ، إلا أن هذا البطلان لا يترتب عليه البتة إسقاط ما أقره ذلك المجلس من قوانين و قرارات وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، بل تظل تلك القوانين والقرارات و الإجراءات قائمة على أصلها من المصلحة ، ومن ثم تبقى نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها او تعديلها من الجهة المختصة دستورياً او يقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم يصدر من هذه المحكمة ان كان لذلك وجه آخر غير ما بنى عليه هذا الحكم .
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد تقدم في 23/10/1990 للترشيح لعضوية مجلس الشعب ثم أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 667 لسنة 45 قضائية طالباً الحكم بوقف تنفيذ قراري وزير الداخلية رقمي 6031 و 6054 لسنة 1990وكذا قراراته الصادرة تنفيذاً لكل من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية ، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 206 لسنة 1990 في شأن تحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشعب ، وفى الموضوع بإلغاء هذه القرارات ؛ كما تضمنت صحيفة تلك الدعوى الدفع بعدم دستورية المواد 24و 29و 34 و 35/3 من القانون رقم 73 لسنة 1956 معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 1990 ، والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 206 لسنة 1990 والجدول المرافق له . وبجلسة 27 /11/ 1990صرحت تلك المحكمة للمدعى بإقامة دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرات الثانية والرابعة والخامسة من المادة 24 ، والمادة 34 ، والفقرة الثالثة من المادة 35 من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه ؛ فأقام الدعوى الماثلة .
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة

وحيث إن المواد المطعون فيها من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية - قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 - كانت تنص على أن : مادة 24 : فقرة أولى :" يحدد وزير الداخلية عدد اللجان العامة والفرعية التي يجرى فيها الاستفتاء والانتخاب ويعين مقارها ، وتشكل كل من هذه اللجان من رئيس وعدد من الأعضاء لا يقل عن اثنين ويعين أمين لكل لجنة ". فقرة ثانية : "ويعين رؤساء اللجان العامة من بين أعضاء الهيئات القضائية في جميع الأحوال، ويعين رؤساء اللجان الفرعية من بين العاملين في الدولة أو القطاع العام ، ويختارون بقدر الإمكان من بين أعضاء الهيئات القضائية أو الإدارات القانونية بأجهزة الدولة أو القطاع العام ، ويختار أمناء اللجان من بين العاملين في الدولة أو القطاع العام ". فقرة ثالثة : "وتتولى كل هيئة قضائية تحديد أعضائها الذين توافق على اختيارهم للإشراف على عملية الاقتراع ، وترسل بيانا بأسمائهم إلى وزير العدل لينسق بينهم في رئاسة اللجان ، أما من عداهم فيكون اختيارهم بعد موافقة الجهات التي يتبعونها ". فقرة رابعة : "ويصدر بتشكيل اللجان العامة والفرعية وأمنائها قرار من وزير الداخلية . وفى جميع الأحوال يحدد القرار الصادر بتشكيل هذه اللجان من يحل محل الرئيس عند غيابه أو وجود عذر يمنعه من العمل ، وفى حالة الاستفتاء يختار رئيس اللجنة أعضاء اللجان من بين الناخبين الذين يعرفون القراءة والكتابة والمقيدة أسماؤهم في جدول الانتخاب الخاص بالجهة التي يوجد بها مقر اللجنة ". فقرة خامسة : "وتشرف اللجان العامة على عملية الاقتراع لضمان سيرها وفقا للقانون ، أما عملية الاقتراع فتباشرها اللجان الفرعية ". ....... مادة 34 : " يعلن رئيس اللجنة الفرعية ختام عملية الاقتراع متى حان الوقت المعلن لذلك ، وتختم صناديق أوراق الانتخاب أو الاستفتاء ، ويقوم رئيس اللجنة بتسليمها إلى رئيس اللجنة العامة لفرزها بواسطة لجنة الفرز التي تتكون برئاسة رئيس اللجنة العامة وعضوية رؤساء اللجان الفرعية ، ويتولى أمانتها أمين اللجنة العامة ، ويجوز لكل مرشح أن يوكل عنه من يحضر لجنة الفرز وذلك في الدائرة التي رشح فيها ، ويجب على لجنة الفرز أن تتم عملها في اليوم التالى على الأكثر " . مادة 35 : " فقرة أولى " : " تفصل لجنة الفرز في جميع المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب أو الاستفتاء وفى صحة أو بطلان إبداء كل ناخب لرأيه " . فقرة ثانية : "وتكون المداولات سرية ولا يحضرها سوى رئيس اللجنة وأعضاؤها . فقرة ثالثة : "وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة ، وفى حالة تساوى الأصوات يرجح رأى الجانب الذى منه الرئيس " . فقرة رابعة : "وتدون القرارات في محضر اللجنة وتكون مسببة ويوقع عليها من رئيس اللجنة وأعضائها ويتلوها الرئيس علناً " . وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة رافعها ، تأسيساً على أن طعنه الموضوعي يستهدف أساساً قرارى وزير الداخلية بإجراءات ترشيح وانتخاب أعضاء مجلس الشعب وتحديد ميعاد قبول طلبات الترشيح ، وكلاهما سابق على عملية الاقتراع، ومن جهة أخرى ، فإن تحقق الإشراف القضائي الكامل على الاقتراع لا يكفل للمدعى طريقاً ممهداً للفوز المؤكد بعضوية مجلس الشعب ، إذ قد يتحقق هذا الإشراف ، ولا يحالفه الفوز بها ، سيما وقد انقضت مدة المجلس الذى تقدم بطلب الترشيح لعضويته . وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع ، متى كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعى كان مرشحا في انتخابات مجلس الشعب التي جرت في نوفمبر لسنة 1990 ، وقد أقام دعواه الموضوعية مستهدفاً الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 6054 لسنة 1990بتعديل بعض أحكام القرار الوزاري رقم 293 لسنة 1984 بإجراءات ترشيح وانتخابات أعضاء مجلس الشعب - والذى يستند في صدوره إلى المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه - مرددا في المادة 13 منه أحكام الفقرة الثانية من تلك المادة ، وكان هذا القرار هو الذى طبق على الانتخابات المشار إليها وأنتج أثره قانوناً ؛ وكان فصل محكمة الموضوع في مشروعية هذا القرار يقتضى أن تقول المحكمة الدستورية العليا كلمتها في شأن دستورية نص القانون الذى يستند إليه ، فإن مصلحة المدعى في الطعن على الفقرة الثانية من المادة 24 سالفة الذكر - فيما تضمنته من جواز تعيين رؤساء لجان الانتخابات الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية - تكون متحققة . ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بنص الفقرة المشار إليها ، ولا يمتد إلى غير ذلك من النصوص الأخرى المطعون فيها . وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين ، أن المشرع وإن عقد رئاسة اللجان العامة لأعضاء الهيئات القضائية إلا أنه سمح برئاسة اللجان الفرعية - وهى التى يجرى فيها الاقتراع وفقا للفقرة الخامسة من ذات المادة - لغيرهم ، ومن ثم ينحل الإشراف القضائي على الاقتراع والذى تطلبه الدستور إلى مجرد إشراف صوري غير حقيقي ، الأمر الذى يفرغ حق الانتخاب من مضمونه ويؤثر بالتالى في حق الترشيح ، بما مؤداه حرمان المواطنين من ضمانة أساسية في اختيار ممثليهم ، والمساس بالسيادة التى قررها الدستور للشعب بجعله مصدراً للسلطات ، ويخل كذلك بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الناخبين ، مما يوقع النص الطعين في حمأة المخالفة الدستورية لخروجه على أحكام المواد 8 و 40 و 62 و 88 من الدستور . وحيث إن دفاع هيئة قضايا الدولة ، ارتكز على أن الدستور قد عهد إلى المشرع بتحديد شروط عضوية المجلس النيابى وبيان أحكام الانتخاب والاستفتاء ، ولم يقيده إلا بأن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية ، وأن تمام الاقتراع لايكون إلا باكتماله ويتحقق ذلك بإبداء الناخبين آراءهم في عملية الانتخاب ، ثم إغلاق صناديق الانتخاب وإرسالها إلى اللجنة العامة لتباشر مهمتها في إجراء الفرز ثم إعلان النتيجة . وأن الإشراف يؤخذ بمعنى الاطلاع على الاقتراع من علٍ ، وليس بمعنى توليه وتعهده فالذى يملك أمر الاقتراع والقيام به هو الناخب ذاته وليس المشرف القضائى . كما لايصح حمل الإشراف على معنى الرقابة والسيطرة، لصعوبة ذلك عملياً إذ أن عدد اللجان الفرعية يفوق بكثير عدد أعضاء الهيئات القضائية؛ بالإضافة إلى أن الأعمال التحضيرية للدستور أوضحت أن الإشراف القضائي على اللجان الفرعية إنما يكون بقدر الإمكان . بما يعنى أن مد هذا الإشراف إلى تلك اللجان من الملاءمات التي تندرج في نطاق السلطة التقديرية للمشرع بلا معقب عليه ، وخلص دفاع الحكومة إلى القول بأن قرينة الدستورية المقررة لمصلحة القوانين، تقتضى حملها على المعنى الذى يعصمها من الإبطال متى كانت نصوصها تحتمل ذلك . وحيث إن رقابة هذه المحكمة للنصوص التشريعية المطعون عليها إنما تتغيا ردها إلى أحكام الدستور تغليبا لها على مادونها وتوكيداً لسموها على ما عداها لتظل الكلمة العليا للدستور باعتباره القانون الأساسى الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم فيحدد للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية صلاحياتها واضعاً الحدود التى تقيد أنشطتها وتحول دون تدخل كل منها في أعمال الأخرى ، مقرراً الحقوق والحريات العامة مرتباً ضماناتها . وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن نصوص الدستور تتوخى أن تحدد لأشكال من العلائق السياسة والاجتماعية والاقتصادية مقوماتها ، ولحقوق المواطنين وحرياتهم تلك الدائرة التي لا يجوز اقتحامها ، فلا يمكن أن تكون النصوص الدستورية - وتلك غاياتها - مجرد نصوص تصدر لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها ، وإنما قواعد ملزمة لا يجوز تهميشها أو تجريدها من آثارها أو إيهانها من خلال تحوير مقاصدها أو الإخلال بمقتضياتها أو الإعراض عن متطلباتها، فيجب دوماً أن يعلو الدستور ولا يعُلى عليه وأن يسمو ولا يُسمى عليه . وحيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية لا تستقيم موطئا لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في هاوية المخالفة الدستورية ، إلا أنه من المسلم أيضاً أنه إذا ما استعصى تفسير النصوص المطعون عليها بمايوائم بين مضمونها وأحكام الدستور، فإن وصمها بعدم الدستورية يغدو محتماً ؛ إذ لايسوغ أن تفسر النصوص القانونية قسراً على وجه لا تحتمله عباراتها ولا يستقيم مع فحواها بقصد تجنب الحكم بعدم دستوريتها ؛ وإلا انحلت الرقابة الدستورية عبثاً . وحيث إن الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً متماسكاً ، بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لايعزلها عن بعضها البعض ، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ، ولاأن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ ، أو باعتبارها قيماً مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي . وحيث إن الدستور نص في المادة (62 ) منه - التى وردت في الباب الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة - على أن " للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطنى " ومفاد ذلك أن حق الترشيح وحق الانتخاب حقان مترابطان يتبادلان التأثير فيما بينهما ، فلا يجوز أن تُفرض على مباشرة أيهما قيود يكون من شأنها المساس بمضمونهما مما يعوق ممارستهما بصورة جدية وفعالة وذلك ضماناً لحق المواطنين في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية باعتبار أن السلطة الشرعية لا يفرضها إلا الناخبون ، وكان هذان الحقان لازمين لزوماً حتمياً لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستورياً ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية ومعبرة تعبيراً صادقاً عنها ؛ لذلك لم يقف الدستور عند مجرد النص على حق كل مواطن في مباشرته تلك الحقوق السياسية ، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته في الحياة العامة واجباً وطنياً يتعين القيام به في أكثر المجالات أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواما لكل تنظيم يرتكز على إرادة الناخبين . ولئن كانت المادة 62 من الدستور قد أجازت للمشرع العادى تنظيم تلك الحقوق السياسية إلا أنه يتعين دوما ألا يتعارض التنظيم التشريعى لها مع نصوص الدستور الأخرى ، وإنما يلزم توافقه مع الدستور في عموم قواعده وأحكامه . وحيث إن الدستور القائم أورد في مادته الثامنة والثمانين نصاً غير مسبوق لم تعرفه الدساتير المصرية من قبل ، إذ نص على أن " يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ، ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء ، على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية "مما يقطع أن المشرع الدستورى - احتفاءً منه بعملية الاقتراع بحسبانها جوهر حق الانتخاب - أراد أن يُخضعها لإشراف أعضاء من هيئة قضائية ضماناً لمصداقيتها وبلوغاً لغاية الأمر منها ، باعتبار أن هؤلاء هم الأقدر على ممارسة هذا الإشراف بما جُبلوا عليه من الحيدة وعدم الخضوع لغير ضمائرهم - وهو ما تمرسوا عليه خلال قيامهم بأعباء أمانتهم الرفيعة - حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم في مناخ تسوده الطمأنينة ؛ على أنه لكى يؤتي هذا الإشراف أثره فإنه يتعين أن يكون إشرافاً فعلياً لا صورياً أو منتحلاً ، وإذ كانت عملية الاقتراع ، تجرى - وفقاً لأحكام القانون - في اللجان الفرعية ، فقد غدا لزاماً أن تحاط هذه العملية بكل الضمانات التى تكفل سلامتها وتُجنبها احتمالات التلاعب بنتائجها ، تدعيماً للديمقراطية التى يحتل منها حق الاقتراع مكاناً عليّاً بحسبانه كافلاً لحرية الناخبين في إختيار ممثليهم في المجالس النيابية لتكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدر السلطات وفقاً للمادة الثالثة من الدستور . وحيث إن البين من الاطلاع على محاضر أعمال اللجنة التحضيرية لمشروع الدستور ، أن لجنة الإدارة المحلية والقوانين الأساسية ناقشت في اجتماعها المعقود في 26/6/1971 بعض المبادئ بشأن عملية الانتخاب ، وأوضح رئيس اللجنة أنها تبدأ اجتماعها هذا " بنظر المبدأ الرابع الخاص بالتصويت والضمانات القانونية والفعلية التى تكفل عدم تزوير الانتخابات"، وأشار رئيس اللجنة إلى أن المطلوب الوصول إلى أفضل الضمانات التى تكفل عدم تزوير الانتخابات ، بحيث تجئ معبرة تماماً عن رغبات الجماهير ، وبلور المقترحات التى نوقشت في مبادئ عرضها على أعضاء اللجنة لإبداء الرأى فيها ، ومن بين المبادئ التى وافقت عليها اللجنة : " عدم إجراء الانتخابات في القطر كله دفعة واحدة ، بل من المستحسن تقسيم القطر إلى مناطق تتم فيها الانتخابات في فترات متتالية لإحكام السيطرة عليها ومنع التدخل فيها، والارتفاع بمستوى رؤساء اللجان الفرعية واختيارهم من بين أعضاء الهيئات القضائية ماأمكن ، وتخويل القضاء سلطة النظر في الطعون الانتخابية بسرعة وبلارسوم وبدون محام" . ثم جاء تقرير اللجنة التحضيرية لإعداد مشروع الدستور الدائم - والذى عرض على مجلس الشعب - عن المبادئ الأساسية لمشروع الدستور، متضمنا صياغة المبدأ الذى تقرر في هذا الشأن بالنص التالى : " ينظم القانون الانتخاب والاستفتاء بما يضمن أن يتم تحت إشراف جهة قضائية ". وقد أفرغ هذا المبدأ في نص المادة 88 المشار إليها . ومفاد هذا النص الدستورى ، أمران : أولهما : أن المشرع الدستورى فوض المشرع العادى في تحديد الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الشعب ، كما فوضه أيضا في بيان أحكام الانتخاب والاستفتاء وكل منهما يتضمن مراحل متعددة ؛ وثانيهما : أنه يَشترط بنص قاطع الدلالة لايحتمل لبساً في تفسيره أن يتم الاقتراع - وهو مرحلة من مراحل الانتخاب والاستفتاء - تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية ، فليس ثمة تفويض من الدستور للمشرع العادى في هذا الشأن ، وإنما يتعين عليه أن يلتزم بهذا القيد الدستورى . وحيث إن من المقرر، أن عبارة النص تؤخذ على معناها اللغوى ، مالم يكن لها مدلول اصطلاحى يصرفها إلى معنى آخر . وإذ كان لاخلاف؛ على أن الاقتراع ، هو تلك العملية التى تبدأ بإدلاء الناخب بصوته لاختيار من يمثله بدءاً من تقديمه بطاقته الانتخابية ومايثبت شخصيته إلى رئيس لجنة الانتخابات ؛ مروراً بتسلمه بطاقة الاختيار ؛ وانتهاءً بإدلائه بصوته في سرية لاختيار أحد المرشحين ، أو العدد المطلوب منهم ، وإيداع هذه البطاقة صندوق الانتخاب ثم فرز الأصوات لإعلان النتيجة بما يطابق إرادة الناخبين ؛ فإنه لايتم ولايبلغ غايته إلا إذا أشرف عليه أعضاء من هيئة قضائية . لما كان ذلك ، وكان معنى الإشراف على الشئ أو الأمر - لغة - على مايبين من الجزء الأول من المعجم الوسيط الصادرعن مجمع اللغة العربية - الطبعة الثالثة - صفحة 498 الآتى : " أشرف عليه : تولاه وتعهده وقاربه . وأشرف الشئ له : أَمْكَنَهُ " . وإذ لم يكن للفظ الإشراف دلالة اصطلاحية تخالف دلالته اللغوية، فقد بات متعيناً أن المشرع الدستورى عند إقراره نص المادة 88 من الدستور - منظوراً في ذلك لا إلى إرادته المتوهمة أو المفترضة بل إلى إرادته الحقيقية التى كشفت عنها الأعمال التحضيرية على ماتقدم - قد قصد إلى إمساك أعضاء الهيئات القضائية - تقديراً لحيدتهم ونأيهم عن العمل السياسى بكافة صوره - بزمام عملية الاقتراع فلاتفلت من بين أيديهم بل يهيمنون عليها برمتها بحيث تتم خطواتها متقدمة الذكر كلها تحت سمعهم وبصرهم . وحيث إنه على ضوء ماتقدم ، فإن الأهداف التى رمى الدستور إلى بلوغها بماتطلبه في المادة 88 من أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية تتحصل بجلاء -وفق صريح عباراتها وطبيعة الموضوع الذى تنظمه والأغراض التى يُتَوَخّى تحقيقها من هذا الإشراف، وماتكشف عنه الأعمال التحضيرية السالف الإشارة إليها - في إرساء ضمانة أساسية لنزاهة الانتخابات عن طريق ضمان سلامة الاقتراع وتجنب احتمالات الانحراف به عن حقيقته ،وهى أهداف تدعم الديمقراطية وتكفل مباشرة حق الانتخاب سليماً غير منقوص أو مشوه، موفيا بحكمة تقريره التى تتمثل -على ماتقدم - في أن تكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدرالسلطات ،وهى بالتالى ضمان لحق الترشيح الذى يتكامل مع حق الانتخاب وبهما معاً تتحقق ديمقراطية النظام . وإذ يقوم النص الدستورى سالف الذكر على ضوابط محددة لاتنفلت بها متطلبات إنفاذه ومقتضيات إعماله ، فقد تعين على المشرع عند تنظيمه حق الانتخاب أن ينزل عليها وألا يخرج عنها بما مؤداه ضرورة أن يكفل هذا التنظيم لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل اللازمة والكافية لبسطهم إشرافاً حقيقياً وفعالاً على الاقتراع ؛ ولامحاجة في القول بتعذر رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الفرعية لعدم كفاية عددهم ، ذلك أنه إذا ماتطلب الدستور أمراً فلايجوز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكمه بزعم استحالة تطبيقه ، سيما وأنه لم يستلزم إجراء الانتخاب في يوم واحد ؛ وإلا غدا الدستور بتقريره هذه الضمانة عابثاً ، ولانحلت القيود التى يضعها سراباً . وحيث إنه وإن استوجب النص الطعين عقد رئاسة اللجان العامة في جميع الأحوال لأعضاء من هيئة قضائية ، إلا أنه يسمح برئاسة اللجان الفرعية التى يجرى الاقتراع أمامها لغيرهم، فأصبح الاقتراع يتم بمنآى عن اللجنة العامة ، دون أن يكفل المشرع لهذه اللجنه - التى يرأسها عضو الهيئة القضائية - الوسيلة اللازمة والكافية لتحقيق الإشراف الحقيقى على الاقتراع ، ومن ثم ، يضحى النص المطعون عليه ، قاصراً عن الوفاء بماتطلبه الدستور من إشراف أعضاء من هيئات قضائية على الاقتراع ، مهدراً بذلك ضمانة رئيسية تتعلق بحقى الترشيح والانتخاب، وبالتالى يكون مخالفاً لأحكام المواد 3و62 و 64 و88 من الدستور . وحيث إنه عن طلب المدعى القضاء ببطلان انتخابات مجلس الشعب وبطلان تشكيله ؛ فإن الأصل - على ماجرى به قضاء هذه المحكمة - أن إجراء انتخابات مجلس الشعب بناء على نص تشريعى قُضي بعدم دستوريته ، يؤدى إلى بطلان تكوينه منذ انتخابه ، إلا أن هذا البطلان لايترتب عليه البتة إسقاط ماأقره ذلك المجلس من قوانين وقرارات ومااتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة ، ومن ثم تبقى نافذة مالم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يُقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم يصدر من هذه المحكمة إن كان لذلك وجه آخر غير مابنُى عليه هذا الحكم .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية - قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 - فيما تضمنه من جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

الطعن 62887 لسنة 59 ق جلسة 22 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 166 ص 1123

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس وفتحي الصباغ والبشري الشوربجي نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور.

--------------

(166)
الطعن رقم 62887 لسنة 59 القضائية

دعوى مدنية "تركها". استئناف "ما لا يجوز استئنافه من الأحكام". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
عدم جواز استئناف الحكم الصادر بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه. ما دام أنه يقر بصحة الترك.
عدم جواز الاستئناف. اقتضاؤه. عدم جواز الطعن بالنقض. علة ذلك؟

-----------------
لما كان من المقرر أنه لا يجوز استئناف الحكم الصادر بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المدنية ما دام أنه مقر بصحة رواية الحكم عن حدوث هذا الترك، وأنه حيث يُغلق بطريق الاستئناف وهو طريق عادي من طرق الطعن يُغلق من باب أولى الطعن بطريق النقض وهو طريق غير عادي. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عن تركه دعواه المدنية، فإن طعنه بطريق النقض على الحكم المطعون فيه يكون غير جائز.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضده بوصف أنه اعتدى عليه بالضرب والسب أثناء وبسبب تأدية وظيفته بقنصلية جمهورية مصر العربية بجدة وطلب عقابه بالمواد 242، 303، 306 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات ببراءة المتهم وإثبات ترك المدعي المدني لدعواه المدنية. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة.
فطعن الأستاذ/ .... عن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن محامي الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - مثل بجلسة.... أمام محكمة أول درجة - بتوكيل خاص - وقرر بأنه مع تمسكه بحقوق موكله المدنية قبل المتهم - المطعون ضده - فإنه يقرر بترك الدعوى المدنية وبتلك الجلسة قضت محكمة أول درجة حضورياً ببراءة المتهم، وإثبات ترك المدعي المدني لدعواه المدنية وإلزامه مصروفاتها وإذ استأنف المدعي بالحقوق المدنية هذا الحكم قضت محكمة ثاني درجة - حضورياً - بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة - وهو في حقيقته وطبقاً لصحيح القانون حكماً بعدم جواز الاستئناف. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يجوز استئناف الحكم الصادر بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المدنية ما دام أنه مقر بصحة رواية الحكم عن حدوث هذا الترك، وأنه حيث يُغلق بطريق الاستئناف وهو طريق عادي من طرق الطعن يُغلق من باب أولى الطعن بطريق النقض وهو طريق غير عادي. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عن تركه دعواه المدنية، فإن طعنه بطريق النقض على الحكم المطعون فيه يكون غير جائز لما كان ما تقدم، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله مع مصادرة الكفالة.

الطعن 43420 لسنة 59 ق جلسة 22 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 165 ص 1121

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس وفتحي الصباغ وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور.

----------------

(165)
الطعن رقم 43420 لسنة 59 القضائية

نقض "التقرير بالطعن. الصفة فيه". محاماة. وكالة.
وجوب التقرير بالطعن في الأحكام الجنائية من المحكوم عليه شخصياً أو من وكيله الخاص.
جواز التقرير بالطعن من الولي الطبيعي في الأحكام الصادرة على قاصره. خلو الأوراق من دليل على أن المحكوم عليه قاصر. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
التوكيل الصادر من والد المحكوم عليه. عدم اعتباره دليلاً على كون المحكوم عليه قاصراً.

-----------------
لما كان المحامي.... قد قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه باعتباره ولياً طبيعياً عليه. لما كان ذلك وكان الطعن في الأحكام الجنائية يجب أن يرفع من المحكوم عليه شخصياً أو ممن يوكله توكيلاً خاصاً لهذا الغرض ولئن كان الولي الطبيعي نائباً جبرياً عن ولده القاصر بحكم القانون، ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال فله أن يرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تصدر على قاصره، إلا إنه لما كانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصر، وكان التوكيل الصادر من والد المحكوم عليه لمحاميه لا يعد دليلاً حاسماً في هذا الخصوص، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق الدراجات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قسم أسيوط قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل والنفاذ. استأنف ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن الولي الطبيعي على ابنه المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

لما كان المحامي.... قد قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه باعتباره ولياً طبيعياً عليه. لما كان ذلك، وكان الطعن في الأحكام الجنائية يجب أن يرفع من المحكوم عليه شخصياً أو ممن يوكله توكيلاً خاصاً لهذا الغرض ولئن كان الولي الطبيعي نائباً جبرياً عن ولده القاصر بحكم القانون، ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال فله أن يرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تصدر على قاصره، إلا أنه لما كانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصر، وكان التوكيل الصادر من والد المحكوم عليه لمحاميه لا يعد دليلاً حاسماً في هذا الخصوص، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة.

الطعن 42186 لسنة 59 ق جلسة 22 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 164 ص 1118

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

----------------

(164)
الطعن رقم 42186 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى مباشرة. محاماة. بطلان.
عدم جواز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الأداء إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين متى بلغت أو تجاوزت قيمة الدعوى أو الأمر خمسين جنيهاً. مخالفة ذلك. بطلان الإجراء. المادة 58 من القانون 17 لسنة 1983 بشأن المحاماة.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". تزوير "الادعاء بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بتزوير توقيع المحامي على صحيفة الدعوى المباشرة. جوهري. وجوب تحقيقه بلوغاً لغاية الأمر فيه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.

------------------
1 - لما كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن قد طعن بتزوير توقيع المحامي على صحيفة الدعوى، لما كان ذلك، وكان البين منه مطالعة الأوراق أن الدعوى أقيمت بطريق الادعاء المباشر وكانت المادة 58 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة قد نصت في فقرتها الرابعة على أنه ".... لا يجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الأداء للمحاكم الجزئية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين وذلك متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى أو أمر الأداء خمسين جنيهاً ونصت المادة ذاتها في فقرتها الأخيرة على أنه يقع باطلاً كل إجراء يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة.
2 - لما كان المدعي بالحقوق المدنية قد طالب بتعويض مؤقت قدره مائة وواحد جنيه فإن الطعن بتزوير توقيع المحامي على صحيفة الدعوى المباشرة - باعتبارها ورقة من أوراق الدعوى يعد دفاعاً جوهرياً لاتصاله بسلامة إجراءات تحريك الدعوى مما كان يتعين على المحكمة أن تعرض له وتعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الدقي ضد الطاعن بوصف أنه اعتدى عليه بالسب والقذف وعلى موكله المعلن إليه الأول من جانب السيدة/ .... وطلب عقابه بالمادتين 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف والسب قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أغفل الرد على ما تمسك به الدفاع من تزوير توقيع المحامي على صحيفة الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن قد طعن بتزوير توقيع المحامي على صحيفة الدعوى، لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الأوراق أن الدعوى أقيمت بطريق الادعاء المباشر وكانت المادة 58 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة قد نصت في فقرتها الرابعة على أنه ".... لا يجوز تقديم صحف الدعاوى أو طلبات أوامر الأداء للمحاكم الجزئية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المشتغلين وذلك متى بلغت أو جاوزت قيمة الدعوى أو أمر الأداء خمسين جنيهاً ونصت المادة ذاتها في فقرتها الأخيرة على أنه يقع باطلاً كل إجراء يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة" وإذ كان المدعي بالحقوق المدنية قد طالب بتعويض مؤقت قدره مائة وواحد جنيه فإن الطعن بتزوير توقيع المحامي على صحيفة الدعوى المباشرة - باعتبارها ورقة من أوراق الدعوى يعد دفاعاً جوهرياً لاتصاله بسلامة إجراءات تحريك الدعوى مما كان يتعين على المحكمة أن تعرض له وتعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 26477 لسنة 63 ق جلسة 17 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 163 ص 1115

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة ورشاد قذافي.

-----------------

(163)
الطعن رقم 26477 لسنة 63 القضائية

مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة زراعة النباتات المخدرة. ذات قصد خاص. وجوب استظهاره. مجرد القول بتوافر الزراعة وعلم الجاني بأن ما زرعه من النباتات المخدرة. غير كاف.
إغفال حكم الإدانة في جريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار استظهار توافر ذلك القصد الخاص. قصور.

---------------
لما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والذي يحكم واقعة الدعوى قد جعل جريمة زراعة النباتات المخدرة الواردة في الجدول رقم 5 المرافق للقانون المذكور - من الجرائم ذات القصود الخاصة حين اختط عند الكلام على العقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها ووازن بين ماهية كل من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة زراعة هذه النباتات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، ولما كان لازم ذلك وجوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الزراعة وعلم الجاني بأن ما زرعه من النباتات المخدرة، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطبقت عليه المادة 33/ ج من القانون المشار إليه من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجار لدى الطاعن فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه زرع بقصد الاتجار نباتاً ممنوع زراعته (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الفيوم لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 28، 33/ 5، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند الأول من الجدول رقم 5 المرفق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة مساحة أربعة قراريط المملوكة له بالأرض محل الضبط وأشجار المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات مخدر "حشيش" بقصد الاتجار قد شابه قصور ذلك بأنه لم يستظهر قصد الاتجار لدى الطاعن وما أورده الحكم في هذا الصدد لا يوفره، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة عليها وحصل أوجه دفاع ودفوع الطاعن في التهمة المسندة إليه ورد عليه، خلص إلى إدانته بجريمة زراعة النبات المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والذي يحكم واقعة الدعوى قد جعل جريمة زراعة النباتات المخدرة الواردة في الجدول رقم 5 المرافق للقانون المذكور - من الجرائم ذات القصود الخاصة حين اختط عند الكلام على العقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها ووازن بين ماهية كل من القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة زراعة هذه النباتات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، ولما كان لازم ذلك وجوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الزراعة وعلم الجاني بأن ما زرعه من النباتات المخدرة، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطبقت عليه المادة 33/ ج من القانون المشار إليه من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجار لدى الطاعن فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور ويتعين نقضه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 26105 لسنة 63 ق جلسة 17 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 162 ص 1113

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(162)
الطعن رقم 26105 لسنة 63 القضائية

حكم "إصداره والتوقيع عليه" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إغفال القاضي التوقيع على صحيفة الحكم الأخيرة المتضمنة منطوقه. أثره: بطلان الحكم.

---------------
لما كان من المقرر أن توقيع القاضي على ورقة الحكم الذي أصدره يعد شرطاً لقيامه إذ ورقة الحكم هي الدليل الوحيد على وجوده على الوجه الذي صدر به وبنائه على الأسباب التي أقيم عليها، ولما كانت ورقة الحكم المطعون فيه المتضمنة لمنطوقه قد خلت من توقيع رئيس المحكمة فإنها تكون مشوبة ببطلان يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخر بأنهما: المتهم (الطاعن) وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو "عقد الزواج رقم.... الصادر من مأذون الإمامين" وذلك بأن قام بمحو البيان الثابت أصلاً "اسم...." وأضاف بدلاً منه بيان آخر هو "اسم...." منتحلاً بذلك شخصيته على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمان: - استعملا المحرر المزور سالف الذكر مع علمهما بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة المحرر المزور المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو البطلان لخلوه من توقيع رئيس المحكمة التي أصدرته بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن رئيس المحكمة وقع صفحاته عدا الصفحة الأخيرة المتضمنة نهاية أسبابه ومنطوقه لما كان ذلك وكان من المقرر أن توقيع القاضي على ورقة الحكم الذي أصدره يعد شرطاً لقيامه إذ ورقة الحكم هي الدليل الوحيد على وجوده على الوجه الذي صدر به وبنائه على الأسباب التي أقيم عليها، ولما كانت ورقة الحكم المطعون فيه المتضمنة لمنطوقه قد خلت من توقيع رئيس المحكمة فإنها تكون مشوبة ببطلان يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه النعي.

الطعن 25784 لسنة 63 ق جلسة 15 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 161 ص 1106

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة ورضا القاضي.

------------------

(161)
الطعن رقم 25784 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى. شرطه؟
(2) تزوير. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعيين خبير في دعاوى التزوير. شرطه: ثبوت الأمر لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للقاضي الجنائي أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه ما دام لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأي دليل يطرح عليها ولو تضمنته تحقيقات إدارية ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى. متى اطمأنت إلى صدقها.
(4) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد وجود المال تحت يد الموظف العمومي أو من في حكمه. كفايته لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 عقوبات. سواء أكان المال قد سلم إليه تسليماً مادياً أو وجد بين يديه بسبب وظيفته. اعتبار التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه.
تمام الاختلاس بمجرد تصرف الموظف في المال المعهود إليه تصرف المالك له بنية إضاعته عليه.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الشهادة. ورودها على الحقيقة المراد إثباتها بكافة عناصرها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(7) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة التكميلية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
عدم قضاء الحكم المطعون فيه بعقوبة العزل خلافاً لما تقضي به المادة 118 عقوبات. خطأ في القانون. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة ذلك؟

--------------------
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها.
2 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة قانوناً بأن تعين خبيراً في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى.
3 - من المقرر أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق وأن لمحكمة الموضوع أن تستنبط معتقدها من أي دليل يطرح عليها ولو تضمنته تحقيقات إدارية متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى.
4 - من المقرر أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد أي موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 من القانون المشار إليه، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أنه يوجد بين يديه بسبب وظيفته ويعتبر التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه، ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته وكان الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف في المال المعهود إليه تصرف المالك له بنية إضاعته عليه وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن بغير معقب. فإن المجادلة فيه لا تصح.
5 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل قول يبديه أو حجة يثيرها إذ الرد يستفاد دلالة من الحكم بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.
6 - لما كان لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ.... جنيهاً وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها مبلغاً مساوياً لهذه الغرامة دون أن يقضي بعقوبة العزل وفقاً لما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً ومن الصيارفة (كاتب بقسم التراخيص بـ....) اختلس مبلغ.... جنيهاً والمملوك للجمعية سالفة الذكر وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محررات رسمية للجمعية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان زور في محررات رسمية هي صورة قسائم توريد المبالغ المبينة بالتحقيقات وأخرى لـ.... وهي كشوف تفريغ المبالغ الواردة كضرائب ومصاريف تراخيص المرفقة بالتحقيقات وذلك بزيادة كلمات وجعله وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمه بتزويرها بأن عدل في المبالغ الثابتة بصورة قسائم التوريد الصادرة من إدارة.... المختصة وأثبت بها مبالغ تزيد على تلك الموردة فعلاً خلافاً للحقيقة وضمن كشوف تفريغ المبالغ المدونة ذات بيانات صورة قسائم التوريد المخالفة للواقع واستعمل المحررات المزورة المذكورة فيما زورت من أجله بأن قدمها إلى المختصين بجهة عمله لتغطية اختلاسه للمبلغ سالف البيان. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2، 118، 118 مكرراً، 119/ و، 119 مكرراً/ هـ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ.... جنيهاً وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها مبلغاً مساوياً لهذه الغرامة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم اختلاس أموال أميرية وتزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. ذلك بأن الطاعن صمم على طلب ندب خبير حسابي لبيان المبالغ التي أودعت بخزينة الشركة وصرفت منها أو ندب خبير من قسم أبحاث التزييف والتزوير غير أن المحكمة ردت على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً وعولت المحكمة على أقوال الطاعن بالتحقيق الإداري مع أنه عدل عنها، كما تمسك الطاعن بأنه ليس مختصاً بإجراء التراخيص وأن الأدلة التي عول عليها لا تصلح لإدانته غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه، واستند إلى أقوال شهود الإثبات مع أنها لا تتفق مع الوقائع التي شهدوا عليها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس وتزوير محررات رسمية واستعمالها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التحقيقات الإدارية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى في تدليل سائغ وسليم إلى أن الطاعن اختلس مبلغ.... جنيهاً قيمة إيصالات تراخيص السيارات التي استلمها فإن المحكمة إذ رفضت للأسباب السائغة التي أوردها الحكم وبعد أن وضحت لديها الواقعة المسندة إلى الطاعن طلبه ندب خبير حسابي لمراجعة الخزينة، يكون حكمها بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة قانوناً بأن تعين خبيراً في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى، كما هو الشأن في الدعوى المطروحة. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على أقواله التي حصلها في قوله: "وحيث إنه بالاطلاع على أوراق التحقيق الإداري الذي تم إجراؤه مع المتهم أقر فيه المتهم بتزويره في صورة قسائم توريد المبالغ موضوع التحقيقات بقصد ستر اختلاسه لمبلغ.... جنيهاً". فإن استخلاص محكمة الموضوع من هذا الإقرار ارتكاب الطاعن للجرائم المسندة إليه يكون استخلاصاً سائغاً، ذلك بأنه من المقرر أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق وأن لمحكمة الموضوع أن تستنبط معتقدها من أي دليل يطرح عليها ولو تضمنته تحقيقات إدارية متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد أي موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 من القانون المشار إليه، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أنه يوجد بين يديه بسبب وظيفته ويعتبر التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه، ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته وكان الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف في المال المعهود إليه تصرف المالك له بنية إضاعته عليه وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن بغير معقب، فإن المجادلة فيه لا تصح. كما أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل قول يبديه أو حجة يثيرها إذ الرد يستفاد دلالة من الحكم بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان ذلك، وكان يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ.... جنيهاً وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها - مبلغاً مساوياً لهذه الغرامة دون أن يقضي بعقوبة العزل وفقاً لما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 29032 لسنة 59 ق جلسة 12 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 160 ص 1101

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي نائبي رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي وعبد الفتاح حبيب.

-----------------

(160)
الطعن رقم 29032 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. تزوير. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي. شرطه: صدورها عنه طواعية واختياراً. عدم اعتبارها كذلك. متى صدرت أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره.
مثال.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفوع "الدفع ببطلان أقوال الشاهد للإكراه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. إغفال الحكم ذلك. قصور. لا يعصمه من ذلك. قيامه على أدلة أخرى.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

-----------------
1 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين دفع بأن شهود الإثبات "موظفي مصلحة الجمارك" إنما أدلوا بأقوالهم تحت تأثير الإكراه الواقع عليهم من رجال الرقابة الإدارية وقال في تفصيل ذلك ما مؤداه أنه حينما سئل شهود الإثبات بادئ الأمر نفوا علمهم بشيء عن الواقعة لمضي أكثر من سنة على وقوعها بيد أن رجل الرقابة الإدارية راح يضغط عليهم فجاءت أقوالهم الجديد متناقضة في كثير من المواضع نتيجة لذلك الإكراه مما لا يصح معه التعويل على تلك الأقوال كما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون عليه أنه اعتمد في إدانة الطاعنين إلى أقوال موظفي الجمارك - من بين ما استند إليه من أدلة دون أن يعرض لذلك الدفاع أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه.
2 - لما كان من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد لتبين مدى صحته، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في قضائه على أقوال موظفي مصلحة الجمارك المذكورين بغير أن يرد على ذلك الدفاع الجوهري الذي أثير في شأنها ودون أن يقول كلمته فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: (1) اشتركا وآخر سبق الحكم عليه بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية ومحررات لمؤسسة مصر للطيران والمملوكة للدولة هي نماذج وأوراق الإفراج عن البضائع الجمركية المبينة بالتحقيقات بأن اتفقوا معه على تزوير هذه الأوراق وأمدوه بالبيانات اللازمة لذلك فأثبت بها على خلاف الحقيقة ورود تلك البضائع لحساب مؤسسة الطيران ومهرها بأختام المؤسسة وبتوقيعات نسبت زوراً للمختصين بها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) هربا (ومتهم سبق الحكم عليه) البضائع الجمركية المبينة بالتحقيقات دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها والبالغة قيمتها 14278.150 (أربعة عشر ألفاً ومائتي وثمانية وسبعون جنيهاً ومائة وخمسين مليماً). ثانياً: اشتركا مع المتهم السابق الحكم عليه بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة الحصول بغير حق على أختام مؤسسة مصر للطيران واستعملوها استعمالاً ضاراً بمصلحة عامة وكذلك الإضرار بأموال مصلحة الجمارك بأن اتفقا معه على تهريب البضائع المبينة بالأوراق وعدم أداء الرسوم الجمركية المستحقة عنها وأمداه بالبيانات اللازمة لذلك فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة - وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهمين متضامنين بأن يدفعوا مبلغ 14278.150 جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 116/ أ - 1 مكرر، 118، 207، 214، 214/ 1 - 2 مكرر من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 121، 124/ 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهما وبإلزامهما متضامنين مع المتهم السابق الحكم عليه بدفع مبلغ 14278.150 أربعة عشر ألفاً ومائتي وثمانية وسبعين جنيهاً ومائة وخمسين مليماً على سبيل التعويض لمصلحة الجمارك.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الاشتراك في تزوير محررات لإحدى المؤسسات العامة، والاستحصال بغير حق على أختام تلك المؤسسة واستعمالها والإضرار العمدي بأموال جهة حكومية والتهريب الجمركي قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنهما تمسكا بلسان المدافع عنهما ببطلان أقوال شهود الإثبات لأنهم لم يدلوا بها إلا تحت تأثير الإكراه الواقع عليهم من رجال الرقابة الإدارية إلا أن الحكم قد أخذ بأقوال هؤلاء الشهود واستند إليها في الإدانة ضمن ما عول عليه من أدلة دون أن يعرض لهذا الدفاع الجوهري إيراداً له ورداً عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين دفع بأن شهود الإثبات "موظفي مصلحة الجمارك" إنما أدلوا بأقوالهم تحت تأثير الإكراه الواقع عليهم من رجال الرقابة الإدارية وقال في تفصيل ذلك ما مؤداه أنه حينما سئل شهود الإثبات بادئ الأمر نفوا علمهم بشيء عن الواقعة لمضي أكثر من سنة على وقوعها بيد أن رجل الرقابة الإدارية راح يضغط عليهم فجاءت أقوالهم الجديدة متناقضة في كثير من المواضع نتيجة لذلك الإكراه مما لا يصح معه التعويل على تلك الأقوال، كما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون عليه أنه اعتمد في إدانة الطاعنين إلى أقوال موظفي الجمارك - من بين ما استند إليه من أدلة دون أن يعرض لذلك الدفاع أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد لتبين مدى صحته، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في قضائه على أقوال موظفي مصلحة الجمارك المذكورين بغير أن يرد على ذلك الدفاع الجوهري الذي أثير في شأنها ودون أن يقول كلمته فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 27320 لسنة 64 ق جلسة 10 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 159 ص 1095

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وطه سيد قاسم نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

-----------------

(159)
الطعن رقم 27320 لسنة 64 القضائية

(1) إعدام. قتل عمد. محكمة النقض "سلطتها".
وجوب عرض الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً برأي النيابة. المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
رقابة محكمة النقض لأحكام الإعدام: شمولها عناصر الحكم موضوعية كانت أو شكلية. وجوب نقضها الحكم للخطأ في تطبيق القانون أو البطلان غير مقيدة بحدود أوجه الطعن أو رأي النيابة. المادتان 35/ 2، 39/ 2، 3 من القانون سالف الذكر.
(2) إثبات "خبرة". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية. أثره: انعدام مسئولية المتهم الجنائية. المادة 62 عقوبات.
طلب المدافع عن الطاعنة أمام قاضي المعارضات عرضها على الطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواها العقلية. دفاع جوهري مطروح على المحكمة عند نظرها الموضوع.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. وجوب تعيين المحكمة خبيراً للبت فيها. وإلا بيان أسس رفض طلبه. مخالفة ذلك: قصور وإخلال بحق الدفاع.
(4) محكمة النقض "سلطتها". نقض "أثر الطعن".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا وقع بطلان في الحكم يندرج تحت الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959. أساس ذلك؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. أثرهما: نقض الحكم للطاعن الآخر.

--------------------
1 - المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية، وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه.
2 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المعروض والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنة الأولى طلب بجلسة 12/ 12/ 1993 أمام قاضي المعارضات عند النظر في أمر تجديد حبسها - إحالتها إلى الطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواها العقلية. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات أن فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية يترتب عليه من الناحية الجنائية انعدام مسئولية المتهم أياً كان نوع الجريمة المسندة إليه، وسواء كانت عمدية أو غير عمدية، فإن هذا الدفاع من الطاعنة الأولى وإن أبدى أمام قاضي المعارضات لدى النظر في تجديد حبسها، إلا أنه كان مطروحاً على المحكمة عند نظر موضوع الدعوى، وهو من بعد دفاع جوهري، إذ أن مؤداه - لو ثبتت إصابة الطاعنة الأولى بعاهة في العقل وقت ارتكابها الأفعال المسندة إليها - انتفاء مسئوليتها عنها عملاً بنص المادة 62 من قانون العقوبات.
3 - من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليماً أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً أو عدماً لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أو قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه. ولما كانت المحكمة لم تفعل شيئاً من ذلك. فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يبطله.
4 - لما كان البطلان الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة الأولى المحكوم عليها بالإعدام، وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة، وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث ما يثيره الطاعنان في أوجه طعنهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعد لذلك جسم صلب راض "عصا" واستدرجاه إلى مكان الحادث وما أن تحينت لهما الفرصة للخلاص منه حتى انهال عليه المتهم الثاني ضرباً بالأداة سالفة الذكر على رأسه بينما كانت المتهمة الأولى تشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحالتهما إلى محكمة جنايات.... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من.... و.... عن نفسه وبصفته وصياً على أولاد شقيقه المجني عليه القصر مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال ملف القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ رأيه فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المذكورة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً ومصادرة العصا المضبوطة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليهما.
ومن حيث إن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار ذكره تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية، وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المعروض والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنة الأولى طلب بجلسة 12/ 12/ 1993 أمام قاضي المعارضات عند النظر في أمر تجديد حبسها - إحالتها إلى الطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواها العقلية. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات أن فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية يترتب عليه من الناحية الجنائية انعدام مسئولية المتهم أياً كان نوع الجريمة المسندة إليه، وسواء كانت عمدية أو غير عمدية، فإن هذا الدفاع من الطاعنة الأولى وإن أبدى أمام قاضي المعارضات لدى النظر في تجديد حبسها، إلا أنه كان مطروحاً على المحكمة عند نظر موضوع الدعوى، وهو من بعد دفاع جوهري، إذ أن مؤداه - لو ثبتت إصابة الطاعنة الأولى بعاهة في العقل وقت ارتكابها الأفعال المسندة إليها - انتفاء مسئوليتها عنها عملاً بنص المادة 62 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليماً أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً أو عدماً لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه. ولما كانت المحكمة لم تفعل شيئاً من ذلك. فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يبطله. لما كان ذلك، وكان البطلان الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة الأولى المحكوم عليها بالإعدام، وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة، وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث ما يثيره الطاعنان في أوجه طعنهما.