الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2016

دستورية التطليق للضرر

القضية 186 لسنة 34 قضائية  "دستورية".جلسة 2 /1/ 2016 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م, الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 186 لسنة 34 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها الأخيرة كانت قد أقامت الدعوى رقم 254 لسنة 2011 أمام محكمة الأسرة بإهناسيا؛ ضد المدعي, بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر وسوء العشرة, على سند من القول أنها زوجة له بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 4/1/2008 ولا تزال في عصمته وطاعته, بيد أنه دائم الإساءة إليها وغير أمين عليها نفسًا ومالاً, ولا يعاملها بالمعروف, فضلاً عن قيامه بتسليمها منقولاتها وعدم رغبته في استمرار حياتهما الزوجية؛ مما مؤداه استحالة العشرة بينهما وقيام الضرر الذي يبيح لها طلب تطليقها منه. وبجلسة 19/11/2012 دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (6) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية, وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية, فقد أقام الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة
وحيث إن المادة (6) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية تنص على أن: "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يُستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما, يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق, وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما, فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين وقضى على الوجه المبين بالمواد (7 و8 و9 و10 و11)". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية, وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك, وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعى عليها الأخيرة الحكم بتطليقها من المدعي طلقة بائنة للضرر وسوء العشرة, فمن ثم تتحقق مصلحة المدعي في الطعن على الشطر الأول من المادة (6) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه, الذي ينص على أنه: "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يُستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما, يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق, وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما" وفيه ينحصر نطاق الدعوى الماثلة, دون سائر الأحكام التي يتضمنها نص تلك المادة
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه, مخالفته لنصوص المواد (2 و3 و7 و21) من الإعلان الدستوري الصادر في مارس سنة 2011, على سند من أن هذا النص يخالف ما جاء بالقرآن الكريم والسنة المطهرة؛ ويناقض ما استقر عليه العمل من الرجوع في المسائل التي لا يحكمها نص إلى أرجح الأقوال في المذهب الحنفي, الذي لا يقر تفريق المرأة عن زوجها بمعرفة القاضي عند وقوع شقاق بينهما, كما يتيح للزوجات, دون الأزواج, اللجوء للقضاء بطلب الحكم بالطلاق, متذرعات بوقوع "الضرر" دون تحديد لصوره أو أنواعه, مما يترتب عليه تشريد أبنائهن وهدم أسرهن وفقًا لأهوائهن, وجعل الباطل والكذب هو السائد؛ لتُحرم الزوجة من زوجها والابن من أبيه, وبذلك يخالف النص المطعون فيه مبادئ الشريعة الإسلامية, ويهدر مبدأي سيادة الشعب والمساواة, فضلاً عن إخلاله بحق التقاضي
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين, من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور, إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره, إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صوت الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه, وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم, ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم, فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه في ضوء أحكام الدستور المعدل الصادر سنة 2014 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المادة (2) من دستور سنة 1971 بعد تعديلها بتاريخ 22 من مايو سنة 1980 تنص على أن: "الإسلام دين الدولة, واللغة العربية لغتها الرسمية, ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع", وكان ما تضمنه هذا النص - ويقابله نص المادة (2) من الدستور الحالي - يدل على أن الدستور اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا التعديل قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها, فيما تقره من نصوص تشريعية, بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية, بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن تُرد إليه هذه النصوص, أو تُستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه, ودونما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية, وقيدها بمراعاتها والنزول عليها في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية, وكان من المقرر كذلك أن كل مصدر تُرد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه, يتعين بالضرورة أن يكون سابقًا في وجوده على هذه النصوص ذاتها؛ ذلك أن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية, التي أقامها الدستور معيارًا للقياس في مجال الشرعية الدستورية, تفترض لزومًا أن تكون النصوص التشريعية, المُدعي إخلالها بتلك المبادئ, صادرة بعد نشوء قيد المادة (2) من الدستور الذي تُقاس على مقتضاه, بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفًا إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها؛ هي تلك الصادرة بعد نفاذ هذا التعديل, فإذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية, فإنه يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية. وإذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح؛ فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لحكمه. وحيث إنه لما كان ما تقدم, وكان المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه قد صدر قبل نفاذ تعديل المادة (2) من دستور سنة 1971 في 22 من مايو سنة 1980, ولم يُدخل المشرع تعديلاً على النص محل الطعن الوارد به بعد هذا التاريخ, فإن القول بمخالفته حكم المادة (2) من الدستور لتعارضه مع مبادئ الشريعة الإسلامية - أيًا كان وجه الرأي في ذلك - يكون في غير محله, حريًا بالالتفات عنه
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما نص عليه الدستور - وأحكامه متكاملة لا تنافر فيها - من أن الأسرة قوامها الدين والأخلاق والوطنية, وأن صون طابعها الأصيل وإرساء قيمها وتقاليدها ضرورة لا يجوز لأحد أن ينحيها, مؤداه أن الأسرة لا يصلحها شقاق استفحل مداه ومزق تماسكها ووحدتها, ودهمها بالتالي تباغض يُشقيها, بما يصد عنها تراحمها وتناصفها, فلا يرسيها على الدين والخُلق القويم, وكان النص المطعون فيه يجيز التفريق بين زوجين؛ إذا أساء الزوج لزوجته, وألحق بها ضررًا - ماديًا أو أدبيًا - على نحو لا تستطيع معه دوام العشرة بين أمثالهما, فأجاز للزوجة طلب التفريق, فإن هذا النص يكون قد هيأ للزوجة مخرجًا يرد عنها الضرر, بعد أن استنفدت كافة وسائل الإصلاح, وصار التفريق حتمًا مقضيًا, ومن ثم فلا يناقض النص المطعون فيه تماسك الأسرة واستقرارها وترسيخ قيمها وتبعًا لذلك؛ لا يخالف أحكام الدستور في هذا الصدد
وحيث إن الدستور قد حرص على تأكيد أن السيادة للشعب وحده, يمارسها ويحميها, باعتباره مصدر السلطات، مقرنًا ذلك بغاية سامية تتمثل في صيانة وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص, مما مؤداه ارتباط مبدأ سيادة الشعب, ارتباطًا لا تنفصم عراه, بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي, وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها, وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور, بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية, وعلى ضوء ما يرتأيه محققًا للصالح العام
إذ كان ذلك, وكان من المقرر أيضًا أن صور التمييز المجافية للدستور, وإن تعذر حصرها, إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون, وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها, بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه دستوريًا هو ما يكون تحكميًا, ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يُعتبر مقصودًا لذاته, بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها, وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها, إذ إن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيمًا تشريعيًا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها, فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها, أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا, كان التمييز انفلاتًا وعسفًا, فلا يكون مشروعًا دستوريًا
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في تنظيمه لحق التقاضي أنها سلطة تقديرية, جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه, وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها, وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا, وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغي التزامها, وفي إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع بإتباع أشكال جامدة لا يريم عنها, تفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها, بل يجوز له أن يغاير فيما بينها, وأن يقدر لكل حال ما يناسبها, على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يباشر الحق في التقاضي في نطاقها, وبما لا يصل إلى إهداره, ليظل هذا التنظيم مرنًا, فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها, ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها, بل بين هذين الأمرين قوامًا, التزامًا بمقاصدها, باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق في صورتها الأكثر اعتدالاً. وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل مواطن حق اللجوء إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعة الخصومة القضائية, وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها, مهيأ للفصل فيها, وهذا الحق مخول للناس جميعًا, فلا يتمايزون فيما بينهم في ذلك, وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية في مجال سعيهم لرد العدوان على حقوقهم, فلا يكون الانتفاع بهذا الحق مقصورًا على بعضهم, ولا منصرفًا إلى أحوال بذاتها ينحصر فيها, ولا محملاً بعوائق تخص نفرًا من المتقاضين دون غيرهم, بل يتعين أن يكون النفاذ إلى ذلك الحق, منضبطًا وفق أسس موضوعية لا تمييز فيها, وفي إطار من القيود التي يقتضيها تنظيمه, ولا تصل في مداها إلى حد مصادرته
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يُعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًا لقيام الدولة القانونية, وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وشخصيته المتكاملة, وهو ما حرص الدستور الحالي على تأكيده في شأن صيانة حقوق المرأة؛ فنص صراحة على أن تلتزم الدولة بحمايتها ضد كل أشكال العنف, وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا, وكفالة تمكينها من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل
وحيث إن المشرع قد تغيا من تقرير النص المطعون فيه - وفقًا لما تضمنته المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه - اتقاء الأضرار الكبيرة التي يجلبها الشقاق بين الزوجين, ولا يقتصر أثرها عليهما, بل يتعداهما إلى ما خلق الله بينهما من ذرية وإلى كل من له بهما علاقة قرابة أو مصاهرة, وليس في أحكام مذهب أبي حنيفة ما يمكن للزوجة التخلص, ولا ما يُرجع الزوج عن غيه؛ فيحتال كل منهما على إيذاء الآخر بقصد الانتقام, فتطالب الزوجة بالنفقة ولا غرض لها إلا إحراج الزوج بالطاعة, ولا غرض له إلا أن يتمكن من إسقاط نفقتها وأن تنالها يده فيوقع بها ما شاء من ضروب العسف والجور, فضلاً عما يتولد عن ذلك من إشكال في تنفيذ حكم الطاعة والتنفيذ بالحبس لحكم النفقة, وما يؤدي إليه استمرار الشقاق من ارتكاب الجرائم والآثام, ولتلافي هذه الآثار دعت المصلحة إلى الأخذ بمذهب الإمام مالك في أحكام الشقاق بين الزوجين, عدا الحالة التي يتبين للحكمين أن الإساءة من الزوجة دون الزوج؛ فلا يكون ذلك داعيًا لإغراء الزوجة الشاكية على فصم عُرى الزوجية بلا مبرر, وكان سند وجوب النص المطروح قوله (صلى الله عليه وسلم) "لا ضرر ولا ضرار", وإعمال القاعدة الشرعية "الضرر يُزال", وقاعدة "ارتكاب أخف الأضرار لاتقاء أشدها". 
وحيث إن النص المطعون فيه خول الزوجة التي تضررت من إيذاء زوجها لها بقول أو فعل بما لا يليق بأمثالهما, وبلغ الضرر الواقع عليها مبلغ استحالة دوام العشرة بينهما من جرائه, أن تلجأ إلى القضاء طالبةً التطليق, وألزم القاضي بمحاولة الإصلاح بينهما؛ رأبًا للصدع, وحفاظًا على الأسرة والأبناء, وعرض الصلح مرتين على الأقل وفقًا لأحكام القانون رقم (1) لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية؛ وذلك كله بعد عرض الأمر على مكتب تسوية المنازعات الأسرية, قبل رفع الأمر إلى القضاء, ثم إتاحة الفرصة لطرفي التداعي لإثبات وقوع الضرر المُدعى من جانب الزوجة, ونفيه من جانب الزوج وذلك بكافة طرق الإثبات, ليُتاح للقاضي أن يقف على أسباب النزاع, ويقدر قدر الإساءة ونسبتها, ثم يقرر على ضوء ما تقدم ما يراه؛ فإن المشرع يكون قد أعمل سلطته التقديرية في شأن تنظيم طلب الزوجة تطليقها من زوجها إذا ادعت إضراره بها بما لا يُستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما, بأن وضع للحماية القضائية للمتقاضين, عند نظر تلك المنازعة ذات الطابع الأسري, نظامًا للتداعي يقوم على أساس نوع المنازعة, وربط هذا التنظيم في مجمله بالغايات التي استهدفها من وراء ذلك النص, والتي تتمثل - على ما يتضح جليًا من المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه - في تحقيق المصلحة العامة, فضلاً عن مصلحة الأسرة, وفق أسس موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا منهيًا عنه بين المخاطبين به, وكان هذا التنظيم لا يناقض جوهر حق التقاضي, ولا ينتقص منه أو يقيده, بل هو تنظيم لخصومة قضائية متعلقة بالأسرة؛ وضعه المشرع - في إطار سلطته التقديرية في المفاضلة بين الأنماط المختلفة لإجراءات التداعي - ودون التقيد بقالب جامد يحكم إطار هذا التنظيم, في ضوء ما تغياه من إحداث التوازن بين حقوق طرفي عقد الزواج؛ بأن أتاح للزوجة, في مقابل حق الزوج في إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة, أن تطلب من القاضي التفريق, وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت إضرار الزوج بها بما لا يُستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما, وعجز عن الإصلاح بينهما, ومن ثم يكون ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه قائمًا على أسس مبررة ويرتبط بالأغراض المشروعة التي توخاها, وبالتالي تنتفي قالة إهدار مبدأي سيادة الشعب والمساواة, أو الإخلال بحق التقاضي
وحيث إنه متى كان ما تقدم, فإن النص المطعون فيه لا يخالف أحكام المواد (4 و10 و11 و53 و97) من الدستور, كما لا يخالف أي أحكام أخرى فيه, مما يتعين معه القضاء برفض هذه الدعوى
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى, وبمصادرة الكفالة, وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.



دستورية فرض الرسوم على خاسر الدعوى

القضية 57 لسنة 33 قضائية "دستورية"جلسة 2 /1/ 2016
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437 هـ.

برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتــور عادل عــمر شريف وبولـــس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 57 لسنة 33 قضائية " دستورية " .

المقامة من

البنك الوطنى للتنمية

ضــد
1- السيد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد المستشار وزير العدل
4- السيد رئيس وحدة المطالبة بمحكمة شمال الجيزة الابتدائية

الاجراءات
حيث إن الوقائع تتحصل, على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق, في أن البنك المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1144 لسنة 2009 مدني كلي, أمام محكمة شمال الجيزة الابتدائية, ضد شركة قناة السويس للتأمين, طلبًا للحكم بإلزامها بأداء قيمة وثيقة التأمين رقم 16047/100/11 ضد خطر الحريق بمبلغ (17.500.000) جنيهًا خلافًا لما يستجد من عوائد وعمولات ومصاريف حتى تمام السداد, وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 2009, قضت تلك المحكمة بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم, وألزمت البنك المدعي المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الصادر في التاسع من يونيو سنة 2010 من محكمة استئناف القاهرة, مأمورية شمال الجيزة, في الاستئناف رقم 3585 لسنة 127 قضائية, وبناءً على هذا الحكم, أصدر رئيس الدائرة الأمرين رقمي 508 لسنة 2009, 2010 بتقدير الرسوم المستحقة في هذه الدعوى بواقع 874500 جنيهًا رسومًا نسبية و437250 جنيهًا رسم صندوق الخدمات, وأعلن بهما البنك المدعي, فتظلم البنك المدعي منهما طالبًا الحكم بإلغائهما مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأثناء نظر التظلم دفع الحاضر عن البنك المدعي بعدم دستورية نصوص المواد (14, 16) من القانون رقم 90 لسنة 1944المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1995 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية و(15, 18) من القانون رقم 91 لسنة 1944, المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1995, بشأن الرسوم أمام المحاكم الشرعية و(13) من القانون رقم 1 لسنة 1948 بالرسوم أمام المحاكم الحسبية, وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية, فقد أقام الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة
وحيث إن المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944, بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية معدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1995, تنص على أن: "يلتزم المدعي بأداء الرسوم المستحقة عند تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب كما يلتزم بأداء ما يستحق عنها من رسوم أثناء نظرها وحتى تاريخ قفل باب المرافعة فيها
وتصبح الرسوم التزامًا على الطرف الذي ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى, وتتم تسويتها على هذا الأساس, ولا يحول الاستئناف دون تحصيل هذه الرسوم
وتسلم للمحكوم له صورة تنفيذية من الحكم دون توقف على تحصيل باقي الرسوم الملتزم بها الغير". 
كما تنص المادة (16) من القانون ذاته على أن: "تقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال بناء على طلب قلم الكتاب ويعلن هذا الأمر للمطلوب منه هذا الرسم". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية, وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية, لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة أمام محكمة الموضوع, إذ كان ذلك وكانت مصلحة البنك المدعي في الدعوى الموضوعية تتبلور في إلغاء أمري التقدير المتظلم منهما واللذين صدرا استنادًا لحكم الفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية, التي حملت الرسوم الطرف الذي ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى, وقضت بأن تتم تسوية هذه الرسوم على هذا الأساس, إذ يترتب على القضاء في شأن دستوريتها البت في السند القانوني لالتزام المدعي بأمري التقدير المشار إليهما, ومن ثم تتوافر للمدعي مصلحة في الطعن على هذه الفقرة فيما نصت عليه من تحميل الرسوم للطرف الذي ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى, وتسويتها على هذا الأساس, دون سائر الأحكام التي تضمنتها تلك المادة, كما لا تتوافر للمدعي مصلحة في الطعن على المادة (16) من القانون ذاته, والمواد (15, 18) من القانون رقم 91 لسنة 1944, المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1995, بشأن الرسوم أمام المحاكم الشرعية و(13) من القانون رقم 1 لسنة 1948, بالرسوم أمام المحاكم الحسبية, بحسبان أنه لا انعكاس للأحكام التي تضمنتها جميعًا, على الدعوى الموضوعية وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة فيما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية من أن "وتصبح الرسوم التزامًا على الطرف الذي ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى وتتم تسويتها على هذا الأساس". وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه إخلاله بحق التقاضي وإرهاقه بقيود لا يقتضيها تنظيمه, فضلاً على افتئاته على مبدأ سيادة القانون؛ تأسيسًا على أن النص المطعون فيه يفتح الباب لتقدير رسوم باهظة على خاسر الدعوى, تعد في حقيقتها جزاء على ممارسة حق التقاضي, بما يحول دون المواطنين وحقهم في اللجوء إلى قاضيهم, ويشكل عدوانًا على حق التقاضي المكفول للناس كافة, الأمر الذي يخالف نص المادتين (64 و68) من دستور سنة 1971, كما أنه يقيم تمييزًا بين المواطنين بحسب مقدرتهم المالية, إذ يُعجز غير القادرين على تحمل أعباء الرسوم الباهظة عن اللجوء إلى القضاء مخالفًا بذلك نص المادة (40) من الدستور عينه, فضلاً عن مخالفته للمادة الثانية من الدستور, إذ إن مبادئ الشريعة الإسلامية تمنع تقاضي رسوم من المتقاضين؛ وتجعل رزق القضاة على بيت مال المسلمين
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور, وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية, وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة, تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها, وأيًا كان تاريخ العمل بها, لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها, فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية
وحيث إن المناعي التي وجهها المدعي إلى النص المطعون عليه, تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي معين لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي, ومن ثم فإن هذه المحكمة سوف تباشر رقابتها القضائية على ذلك النص في ضوء أحكام الدستور المعدل الصادر سنة 2014, باعتباره الوثيقة 
الدستورية التي تحكم شئون البلاد الآن
وحيث إنه عما ينعاه المدعي من مخالفة النص المطعون عليه لحق التقاضي وإهداره لمبدأ سيادة القانون, فإن هذا النعي مردود: ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة, أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق, ومن بينها الحق في التقاضي, هو إطلاقها ما لم يكن الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة باعتبار أن جوهر هذه السلطة هو المفاضلة بين البدائل التي تتصل بالموضوع محل التنظيم, موازنًا بينها, مرجحًا ما يراه أنسبها لمصالح الجماعة, وأدناها إلى كفالة أثقل هذه المصالح وزنًا, وأن التنظيم التشريعي لحق التقاضي لا يتقيد بأشكال جامدة, بل يجوز أن يغاير المشرع فيما بينها, وأن يقرر لكل حال ما يناسبها, ليظل هذا التنظيم مرنًا يفي بمتطلبات الخصومة القضائية. وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط استحقاق الرسم قانونًا أن يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها كمقابل لتكلفتها, وإن لم يكن بمقدارها, ومن ثم فإن تدخل المشرع بفرض رسوم على الدعاوى القضائية, بوجه عام يكون دائرًا في حدود سلطته في فرض رسم على أداء خدمة معينة, ذلك أن أساس الحكم بالمصروفات - والرسوم جزء منها - هو حصول النزاع في الحق الذي حكم به, فإذا كان مسلمًا به ممن وجهت إليه الدعوى أو كان الغرض من التداعي الكيد للمدعى عليه أو الإضرار به فغرم التداعي يقع على من أقام الدعوى, وإذا كان الحق منكورًا ممن وجهت إليه الدعوى, فغرم التداعي يقع على عاتقه, باعتباره المتسبب دون وجه حق في إجراءات الخصومة القضائية, بحسبان مرفق العدالة أدى له الخدمة التي طلبها كمقابل لتكلفتها عوضًا عما تكبدته الدولة من نفقة في سبيل تسيير هذا المرفق, بما لا يتعارض ومساهمة المتقاضين في نفقات تسييره على نحو ما سلف, ولا يقدح فيما تقدم ما زعمه المدعي من أن الرسم المفروض على خاسر الدعوى قد يكون باهظًا بما يشكل عائقًا يحول دون لجوء المتقاضين لقاضيهم الطبيعي؛ ذلك أن النص المطعون فيه, في ضوء النطاق المحدد, لم يتناول في أحكامه إلا إلزام الطرف الذي ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى بأداء الرسوم، وأن تتم تسوية هذه الرسوم على هذا الأساس, وتلك الرسوم تحكمها القواعد المقررة في المواد (1, 3, 9, 21, 75, 76) من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944, ويتحملها خاسر الدعوى وفقًا لأحكام المادتين (184, 186) من قانون المرافعات, بما مؤداه أن المشرع وضع تنظيمًا متكاملاً لقواعد تقدير الرسوم القضائية وتحديد المتحمل بأدائها أو جزء منها ابتداءً, كما حدد الملتزم بقيمتها انتهاءً, وهو تنظيم يتأبى معه اجتزاء مادة وحيدة منه, هي المادة (14) من القانون رقم 90 لسنة 1944, في ضوء النطاق السابق تحديده, وعزلها عن باقي أحكام هذا التنظيم, وإعطائها دلالة تتناقض مع باقي هذه الأحكام, ومن ثم لا يعد فرض المشرع لرسوم بمناسبة طلب الخدمة القضائية, ثم إلزام خاسر الدعوى بها عند صدور الحكم النهائي في الدعوى, حائلاً دون الناس وحقهم في اللجوء إلى القضاء أو إهدارًا لمبدأ سيادة القانون, ويكون النعي بمخالفة أحكام المادتين (94 و97) من الدستور غير قائم على سبب صحيح
وحيث إنه عن النعي بمخالفة المادة (53) من الدستور, فلما كان النص المطعون فيه يخاطب كل من ألزمه الحكم بالمصروفات, ولا يقيم تمييزًا بين مراكز قانونية تتحد العناصر التي تكونها, أو يناقض ما بينها من اتساق, بل يظل المخاطبون به ملتزمين بقواعد موحدة في مضمونها وأثرها, فإن قالة مناقضة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة تكون لغوًا. وحيث إن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لحكم المادة الثانية من الدستور مردود: ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة الثانية من الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, إنما يتجلى عن دعوة المشرع كي يتخذ من الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًا فيما يسنه من تشريعات تصدر بعد العمل بالتعديل الدستوري, منذ الثاني والعشرين من مايو سنة 1980, فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها, باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي لا تحتمل اجتهادًا, ومن ثم لا يُقبل إقرار أية قاعدة قانونية تخالفها, وليست كذلك الأحكام الظنية في ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معًا, وهي التي تتسع لدائرة الاجتهاد يسطع فيها تنظيمًا لشئون العباد, ضمانًا لمصالحهم, وهو اجتهاد وإن كان حقًا لأهل الاجتهاد, فأولى أن يكون هذا الحق مقررًا لولي الأمر, يبذل جهده في استنباط الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي, ويعمل حكم العقل فيما لا نص فيه توصلاً لتقرير قواعد عملية يقتضيها عدل الله ورحمته بعباده, وتسعها الشريعة الإسلامية التي لا تضفي قدسية على آراء أحد من الفقهاء في شأن من شئونها, ولا تحول دون مراجعتها وتقييمها وإبدال غيرها بها بمراعاة المصلحة الحقيقية التي لا تناقض المقاصد العليا للشريعة, فالآراء الاجتهادية لا تجاوز حجيتها قدر اقتناع أصحابها بها, ولا يساغ بالتالي اعتبارها شرعًا مقررًا لا يجوز نقضه, وإلا كان ذلك نهيًا عن التأمل والتبصر في دين الله تعالى وإنكارًا لحقيقة أن الخطأ محتمل في كل اجتهاد, ومن ثم صح القول بأن اجتهاد أحد من الفقهاء ليس بالضرورة أحق بالإتباع من اجتهاد غيره, وربما كان أضعف الآراء أكثرها ملاءمة للأوضاع المتغيرة, ولو كان مخالفًا لأقوال كثيرة امتد العمل بها زمنًا
وحيث إنه ليس ثمة نص قطعي يقرر حكمًا فاصلاً في شأن تنظيم إجراءات التقاضي, ولا سيما ما يتعلق بها من رسوم ومصروفات, ومن ثم تنتفي قالة مخالفة النص المطعون فيه لمبادئ الشريعة الإسلامية. وحيث إن النص المطعون فيه, لا يخالف أي حكم آخر في الدستور, فإنه يتعين رفض هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
برفض الدعوى, وبمصادرة الكفالة, وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأحد، 22 مايو 2016

الطعن 53868 لسنة 74 ق جلسة 6 / 11 / 2012

باسم الشعب

محكمـــة النقــــــض
الدائــرة الجنائيـة
الثلاثاء ( ب)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد سامـى إبراهيـم  نائب رئيس المحكمـة           
وعضوية السادة المستشارين / عابـد إبراهيـم راشد       ,    هــادى عبد الرحمن     
                               أحمـد محمود شلتوت      ,     سامـــح مـروان        
                   نواب رئيس المحكمـــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد أيمن أحمد  .
وأمين السر السيد / حسين بدرخان .             
 فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الثلاثاء 21 من ذى الحجة سنة 1433 هـ الموافق 6 من نوفمبر سنة 2012 م.
                                       أصدرت الحكم الآتى :
فـى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 53868 لسنة 74 القضائية .
                                      المرفوع مــــن :
............                                                         محكوم عليه
ضــد
النيابـــة العامـــة
" الوقائــع "
        اتهمت النيابـة العامـة الطاعن فى قضية الجناية رقم ..... لسنة 2004 جنايات قسم ..... ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 426 لسنة 2003 كلى) .
بوصف أنه فى يوم 17 من يناير لسنة 2004 بدائرة قسم .... ـ محافظة القاهرة .
أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " أجزاء لنبات الحشيش المجفف " فى غير الأحوال المصـرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 29 من يونيه سنة 2004 عملاً بالمواد 1 /1, 2 , 7, 38/1 , 42/1 من القانون رقم 82 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمى 61 لسنة 1977, 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثانى من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الصحة رقم 269 لسنة 2002 بمعاقبة ...... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليه بشخصه من السجن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 14 من يوليو سنة 2004 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه فى 24 من أغسطس سنة 2004 موقعاً عليها من الأستاذ / ..... ( المحامى ) .
        وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة  والمداولة قانوناً .
  حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهراً مخدراً "أجزاء لنبات الحشيش المجفف" بغير قصد من القصود المسماة فى القانون وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال , ذلك بأنه انتهى إلى صحة استيقاف الطاعن والقبض عليه وتفتيشه استناداً إلى مجرد قول ضابط الواقعة بتواجد الطاعن جالساً بالسيارة الأجرة يتلفت يميناً ويساراً فى حالة ارتباك واضعاً على قدميه صندوق من الكرتون رغم أن ذلك ليس مبرراً لاستيقاف الطاعن والقبض عليه واصطحابه إلى مكتب الكمين وتفتيشه , مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله :ـ " تخلص فى أنه وفى مساء يوم 17/1/2004 وحال إشراف النقيب / ...... على أعمال كمين الأميرية توقفت سيارة أجرة للتفتيش على الرخص وشاهد المتهم ....... جالساً بالمقعد الخلفى للسيارة واضعاً كرتونة على قدميه وقد بدت عليه علامات الشك والريبة وتبين عدم حمله للبطاقة الشخصية فطلب مغادرة السيارة للكشف والتحرى عنه فى مكتب الكمين ولما استعلم منه عما تحويه الكرتونة التى يحملها ازداد ارتباك وقام بفتحها مقرراً له أن بداخلها نبات الحشيش المخدر وأبصر بداخلها لفافة كبيرة يظهر من أحد جوانبها نبات الحشيش المخدر فقام بضبطه والتحفظ على المضبوطات ". وقد سرد الحكم أقوال ضابط الواقعة وشاهدها الوحيد بما يتطابق مع هذا التصوير ، ثم عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأطرحه بقوله :" فإن الثابت فى أوراق الدعوى أنه كانت هناك شبهات ظاهرة عند مرور السيارة الأجرة أمام الكمين الذى يشرف عليه ضابط الواقعة لدى مشاهدة المتهم جالساً بالمقعد الخلفى يتلفت يميناً ويساراً فى حالة ارتباك شديد مساء يوم الحادث واضعاً على قدميه الكرتونة التى تحوى المخدر المضبوط فقد وضع المتهم نفسه موضوع الريبة والشك اختياراً وطواعية بذلك بحالة تلفت النظر وتثير الشبهة مما يوفر مبرر الاستيقاف لاستكناه أمره والتحقق من شخصيته ومن ثم فإن طلب رجل الضبط من المتهم بطاقته الشخصية فى هذه الظروف والذى تبين أنه لا يحمل بطاقة شخصية تكون جريمة عدم تقديم البطاقة الشخصية متلبساً بها  ومن ثم يحق لرجل الضبط اقتياده إلى مكتب الكمين لاستيضاحه والتحري عن حقيقة أمره ـ وإن كان قيام ضابط الواقعة بهذا الإجراء رغم أن هذه الجريمة ليس معاقباً عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ـ يعد مجرد تعرض مادى ـ فضلاً عن أن قيام مسوغ الاستيقاف فى ذاته يبيح لرجل الضبط ـ كما هو الحال فى الدعوى ـ أن يقتاد المستوقف إلى مكتب الكمين لتحرى الأمر ـ لما كان ذلك , وكان تفتيش المتهم وقائياً تمهيداً للتحري عن أمره لازماً لأنه من وسائل التوقي أو التحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن يعتدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه ـ وإذ استعلم ضابط الواقعة من المتهم عما تحويه الكرتونة التى يحملها لم يجبه وقام المتهم بفتحها فأبصر الضابط بداخلها لفافة ورقية يظهر بشق طولى منها أوراق لنبات الحشيش المخدر فأصبحت الجريمة متلبساً بها وحق القبض على المتهم بدون إذن من السلطة المختصة لضبط المتهم والجريمة متلبس بها ومن ثم أضحى الدفع على غير سند من الواقع أو القانون خليقاً برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت المادتان 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية ـ المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين ـ لا تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا فى أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه ، وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه ، وكان سند إباحة التفتيش الوقائى هو أنه إجراء تحفظى يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به درءاً لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشر القبض عليه ، فإنه بغير قيام مسوغ القبض القانونى لا يجوز لمأمور الضبط القضائى القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائى . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 50 من القانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية قد أوجبت على كل مواطن تقديم بطاقته الشخصية إلى مندوبي السلطات العامة متى طلب إليه ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 68 من القانون ذاته قد عاقبت كل مخالف لذلك النص بعقوبة الغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن مائتى جنيه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الضابط قبض على الطاعن واصطحبه إلى مكتب الكمين لما طلب إليه تقديم بطاقته الشخصية ولم يقدمها ، وكانت هذه الجريمة ليست من الجنايات ولا الجنح التى تبرر القبض والتفتيش ، مما كان لازمه عدم جواز قيام الضابط بالقبض علـى الطاعن وتفتيشه وقائياً ، فإن الحكم إذ خالف هذا النظر وجرى قضاؤه على صحة هذين الإجراءين يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ، أما ما نقله الحكم عن الضابط من أن الطاعن فتح الصندوق الكرتوني طواعية فإنه لا يتحقق به معنى الرضاء بالتفتيش ، ذلك بأن ما وصفه الضابط بالطواعية إنما هو فى حقيقته انصياع من الطاعن لأمره إياه بفتح الصندوق ولا يتحقق به معنى الرضا المعتبر فى القانون ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم تعويل الحكم بالإدانة على أى دليل مستمد منهما ، وبالتالى لا يعتد بشهادة من قام بهذين الإجراءين الباطلين  ، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سوى المستمد من أقوال الضابط الذى قام بالقبض على الطاعن وتفتيشه على نحو يخالف القانون ، فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وبمصادرة نبات الحشيش المخدر المضبوط عملاً بالفقرة الأولى من المادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .
فلهــذه الأسباب

        حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط .

الطعن 42187 لسنة 76 ق جلسة 26 / 11 / 2007

باسم الشعب

محكمـــة النقــــــض
الدائــرة الجنائيـة
الاثنين " ج "
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغريانى    نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن هيكل ورفعت حنا   نائبى رئيس المحكمــة
                               ومهاد خليفــة وعلى نور الدين الناطورى.
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / إيهاب البنا .
وأمين السر السيد / حنا جرجس .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الاثنين 16 من ذى القعدة سنة 1428 هـ الموافق 26 من نوفمبر سنة 2007م.
                                       أصدرت الحكم الآتى :
فـى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 42187 لسنة 76 القضائية .
                                 المرفوع مــن :
...............                                          محكوم عليه
                                  ضــد
النيابــة العامــة
     "  الوقائــــع  "
        اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم .... لسنة 2001 قسم .... (والمقيدة بالجدول الكلى برقم ..... لسنة 2001 بنها) بوصف أنه في يوم 13 من أغسطس سنة 2001 بدائرة قسم الخصوص ـ محافظة القليوبية : ـ أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 7 مـن نوفمبر سنة 2004 عملاً بالمواد 1/1، 2، 38، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم  122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود .
        فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 9 من ديسمبر سنة 2004 وقدمت مذكرة بأسباب الطعن فى 4 من يناير سنة 2005 موقعاً عليها من الأستاذ/ .... المحامى .
              وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
        من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
        ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد من القصود المسماة قانوناً قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه رد بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش الوقائى لعدم قيام مبرره ـ ولانتفاء حالة التلبس ـ مما يعيبه ويستوجب نقضه .
        ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله :" فى أنه بتاريخ 13/8/2001 ولدى تواجد النقيب ... معاون مباحث قسم .... بخدمة كمين زمنى بمدخل مدينة .... ولدى استيقافه إحدى سيارات الأجرة لفحص تراخيصها شاهد المتهم .... وكان جالساً بجوار قائدها فلما طلب منه تحقيق شخصيته ظهرت عليه علامات الارتباك والقلق وأجاب بعدم حمله لها فأنزله من السيارة وقبل التوجه إلى مقر القسم للتحقق من أمره وشخصيته أجرى تفتيشه وقائياً فعثر بجيب بنطلونه على علبة سجائر وجد بها سبع لفافات صغيرة بفضها وجد بكل منها كمية من مسحوق بيج اللون ثبت من تحليله أنه للهيروين المخدر .." ثم ساق الحكم دليل الإدانة المستمد من أقوال شاهد الإثبات على ذات المعنى الذى اعتنقه لصورة الواقعة على السياق المتقدم ثم عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس ورده بقوله ".. أنه عندما سأل ضابط الواقعة شاهد الإثبات ، المتهم عن تحقيق شخصيته ظهرت عليه علامات الارتباك والقلق وأجاب بعدم حمله لها ومن ثم فقد وضع نفسه طواعية واختياراً موضع الشبهة وكان على الشاهد أن يتحقق من أمره ويمضى فى تحقيق حالة الاشتباه باصطحابه إلى ديوان القسم ومن ثم صار من حقه أن يفتشه تفتيشاً وقائياً درء لما قد يكون معه من أدوات للاعتداء يؤذى بها نفسه أو القوة المرافقة وهو التفتيش الذى أسفر عن ضبط المخدر وتشير المحكمة إلى أنه لا يوجد ثمة تجاوز فى تنفيذ وإجراء التفتيش لما هو معروف للكافة أنه أصبح من الممكن استخدام أشياء وأدوات دقيقة مثل جزء من شفرة حلاقة فى الاعتداء على الأشخاص وبات من الجائز ومن المتصور الاحتفاظ بها فى لفافة ورقية الأمر الذى تخلص معه المحكمة إلى صحة التفتيش الذى أجراه شاهد الإثبات وأنه يوافق صحيح القانون مما يكون ذلك الدفع على غير أساس متعيناً رفضه ".
        لما كان ذلك ، وكانت المادتان 34 و 35 من قانون الإجراءات الجنائية ، المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين ، لا تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا فى أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه ، وكان سند إباحة التفتيش الوقائى هو أنه إجراء تحفظى يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به درءاً لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشرون القبض عليه ، فإنه بغير قيام مسوغ القبض القانونى لا يجوز لمأمور الضبط القضائى القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائى . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 50 من القانون رقم 360 لسنة 1960 فى شأن الأحوال المدنية المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1994 قد أوجبت على كل مواطن حمل بطاقة تحقيق شخصيته وتقديمها إلى مندوبى السلطة العامة كلما طلب إليه ذلك للاطلاع عليها، وكانت الفقرة الثانية مــن المادة 68 من هذا القانون قد عاقبت على مخالفة أحكام الفقرة الثانية من المادة 50 المذكورة بالغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على مائتى جنيه ، وإذ كان الحكــم المطعون فيه قد أثبت أن الضابط فتش الطاعن لما طلب إليه تقديم بطاقته الشخصية ولم يقدمها ـ وكانت هذه الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة وليست من الجنايات ولا الجنح التى يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر مما كان لازمه عدم جواز قيام الضابط بالقبض على الطاعـــن وتفتيشه وقائياً فإن الحكم إذ خالف هذا النظر وجرى فى قضائــه على صحة هــذا الإجراء يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم تعويل الحكم بالإدانة على أى دليل مستمد منه ، وبالتالى لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى المطروحة حسبما حصلها الحكم لا يوجد فيها من دليل سوى المستمد من أقوال الضابط الذى قام بالقبض على الطاعن وتفتيشه على نحو يخالف القانون ، فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1980 وتعديلاته .
فلهذه الأسبـــــاب

        حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط  .

الطعن 41247 لسنة 74 ق جلسة 8/4/2010

باسم الشعب

محكمـة النقــض

الدائرة الجنائية
الخميس (ج)
ـــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / حسام عبد الرحيم         نائب رئيس المحكمـة
وعضوية السادة المستشارين / علـى فرجانـــى    و  محمـــد رضـــا      
                                 وصبرى شمس الدين  و  عبـد الله فتحـــى
                                           " نواب رئيس المحكمة  "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / حسام جمعه .
وأمين السر السيد / هشام عبد الرجال .                        
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الخميس 23 من ربيع الآخر لسنة 1431 هـ الموافق 8 من ابريل سنة 2010 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 41247 لسنة 74 القضائية .
  المرفـــوع مــن : 
.................                                                " محكوم عليــه "
ضـــد

النيابــة العامــة

الـوقـائـــع

 اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم .... لسنة 2002 قسـم أول ... ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم ... لسنة 2002 ) أحرز بقصد الإتجار نبات الحشيش المخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً . 
  وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الوارديـن بأمر الإحالـة .
    والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 12 من فبراير سنة 2004 عمـلاً بالمـواد 29 , 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه  ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرداً من القصود المسماة .
    فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 2 من مارس سنــة 2004 .
   وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 31 من مارس لسنة 2004  موقعاً عليها مـن الأستاذ/ ........ المحامى .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها . 
المحكمـــة
            بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة   
وبعد المداولة قانوناً :
        حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون .
 حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحـراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلـك بأنـه دفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس وتجاوز الضابط حدود التفتيش الوقائى بيد أن المحكمة أطرحت دفعه برد قاصر وغير سائغ ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
   وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأطرحه في قوله " .. حيث إن الثابت من الأوراق ومما قرر به ضابط الواقعة والذى تطمئن إليه المحكمة أنه وإثر انتقاله إلى مكان ضبط المتهم إثر إبلاغه من أحد مصادره السرية الذى التقى به أثناء مروره بدائرة اختصاصه لتفقد حالة الأمن بوجود المتهم أمام سينما .... بشارع .... بدائرة اختصاصه فأبصره بإرشاد مصدره السرى واقفاً أمام السينما الأخيرة وبيده حقيبة من البلاستيك بطريقة أثارت شكوكه فى أمره لوقوفه فى وقت متأخر من الليل دون مقتضى لذلك حيث تغلق السينما أبوابها فى هذا الوقت المتأخر من الليل فتوجه إليه لاستكناه أمره وبسؤاله عن سبب وقوفه فى هذا المكان فى هذا الوقت المتأخر من الليل وهو الأمر الذى يبرر له استيقافه قانوناً وبسؤاله عن تحقيق شخصيته أجابه بعدم حملها وحاول الفرار فقام باللحاق به وتحفظ عليه تمهيداً للتحري عن شخصه وقبل اصطحابه إلى سيارة الشرطة تمهيداً لاقتياده إلى ديوان القسم للتحري عن شخصه وبتفتيشه وقائياً خشية أن يكون محرزاً ثمة أسلحة قد يعتدى بها عليه أو على أحد أفراد الشرطة وهو ما يجوز له قانوناً فى مثل هذه الأحوال ويتسنى له الهرب فعثر معه بداخل حقيبته والتى خشى أن يخفى بها سلاحاً لضخامتها على ثمانية عشر لفافة ورقية تحوى كل منها كمية كبيرة من أجزاء نباتية خضراء جافة تحقق بخبرته الشخصية أنها تشبه نبات الحشيش " البانجو" المخدر ، ومن ثم تتوافر والحال كذلك حالة التلبس بجناية إحرازه هذا المخدر فى حق المتهم ويجوز لضابط الواقعة القبض عليه وتفتيشه عملاً بالمادتين 34 ، 46 من قانون الإجراءات الجنائية وإذ قام ضابط الواقعة بالقبض على المتهم إثر استيقاف له مبرراته وجناية إحرازه المخدر المضبوط متلبس بها ، ومن ثم فإن إجراء القبض عليه قد وقع صحيحاً فى حكم القانون ، وهو الأمر الذى يتعين معه رفض الدفع المبدى ببطلانه ". لما كان ذلك ، وكانت المادتين 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1982 المتعلق بضمان الحريـات لا تجيز لمأمور الضبط القضائى أن يقبض على المتهم الحاضر إلا فى أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه ، وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه ، وكان سند إباحة التفتيش الوقائي هو أنه إجراء تحفظى يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به درءاً لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشر القبض عليه ، فإنه بغير قيام مسوغ القبض القانونى لا يجوز لمأمور الضبط القضائى القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائى . لما كان ذلك ، وكانت المادة 52 من القانون رقم 260 لسنة 1960 المعدل فى شأن الأحوال المدنية قد أوجبت على كل مواطن تقديم بطاقته الشخصية إلى مندوبى السلطة العامة كلما طلب إليـه ذلك ، وكانت المادة 60 من القانون ذاته قد عاقبت كل مخالف لذلك النص بعقوبة المخالفة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الضابط قد فتش الطاعن لما طلب منه تقديم بطاقته الشخصية فلم يقدمها ، وكانت هذه الجريمة مخالفة وليست من الجنايات أو الجنح التى تبرر القبض والتفتيش ، مما كان لازمه عدم جواز قيام الضابط بالقبض على الطاعن وتفتيشه وقائياً فإن الحكم إذ خالف هذا النظر يكون فوق قصوره قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه والإعادة .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ........... لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى .

الأحد، 15 مايو 2016

الطعن 5962 لسنة 52 ق جلسة 16 / 5 /1983 مكتب فني 34 ق 128 ص 636

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن عمار ,مسعد الساعي ,أحمد سعفان وعبد المنعم جابر.
---------------
- 1  إحالة . دعوى " دعوى مدنية . نظرها والحكم فيها".
رفع الدعوى المدنية تبعا للدعوى الجنائية إحالتها إلى المحكمة المدنية بمقولة أن الأمر يحتاج إلى إجراء تحقيقات يضيق عنها نطاق الدعوى غير جائز.
لما كانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه "لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام الجنائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح ولا يجوز الطعن من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية" وتنص المادة 39 من ذات القانون على أنه "على محكمة النقض إذا قضت بنقض الحكم أن تعيد الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين" - ولما كانت الدعوى المدنية قد رفعت في مبدأ الأمر بطريقة التبعية للدعوى الجنائية فإنه كان يتعين على محكمة جنايات دمنهور - بهيئة جديدة فيما يختص بالدعوى المدنية بعد إعادتها إليها من محكمة النقض - أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء المحكمة الأولى، ولا يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. وقد خالفت محكمة جنايات دمنهور - بهيئة جديدة هذا النظر بإحالتها الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة مستندة في ذلك إلى نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، وعلى الرغم من أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يحق لمحكمة الموضوع أن تفصل في الدعوى الجنائية التي هي أساس الدعوى المدنية من غير أن تستنفذ وسائل التحقيق الممكنة، ولا ينبغي لها أن تحيل الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بمقولة أن الأمر يحتاج إلى إجراءات وتحقيقات يضيق عنها نطاق الدعوى، ذلك بأن نطاق الدعوى الجنائية لا يمكن أن يضيق عن تحقيق موضوعها والفصل فيها على أساس التحقيق الذي يتم.
- 2  إثبات " قرائن . قوة الأمر المقضي". إحالة . دعوى "دعوى مدنية . نظرها والحكم فيها".
صدور حكم بالبراءة يمس أسس الدعوى المدنية ، بما يقيد حرية القاضي المدني عدم جواز إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة م 309 ا . ج.
حق لمحكمة الجنائية في الإحالة إلى المحكمة المدنية بمقتضى المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية، بمعنى أنه لا يجوز إصدار قرار بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة إذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساساً يقيد حرية القاضي المدني.
- 3  إثبات " قرائن . قوة الأمر المقضي". إحالة . دعوى "دعوى مدنية . نظرها والحكم فيها". نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
قرار إحالة الدعوي المدنية إلي المحكمة المدنية يعد منهيا للخصومة الطعن في ذلك القرار جائز.
لما كان قرار إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره لأن المحكمة المدنية سوف تتقيد ضمناً بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية - المحكمة الأولى - وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية التي يعمل بحكمها لدى المحاكم المدنية وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهي تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية مما لازمه القضاء برفض الدعوى المدنية دون إعادة بحث عناصر الجريمة.
------------
الوقائع 
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما في قضية الجناية بأنهما بدائرة مركز دمنهور محافظ البحيرة قتلا...... عمداً ومع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لهذا الغرض أدوات تحدث القتل (ساطور وعصا) وكمنا له في الطريق الذي أيقنا أنه سيسلكه إلى السوق حتى إذا ما ظفرا به انهالا عليه ضربا أولهما بالساطور والثاني بالعصا قاصدين إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي التي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر بذلك. وادعت...... عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم..... و...... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض
ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملا بالمادة 304 - 1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادتين 251 - 1، 320 - 1 من ذات القانون ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعهما المصاريف المدنية. فطعنت المدعيتان بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنهما وقضى بقبوله شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون بالنسبة للدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة جنايات دمنهور لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وألزمت المطعون ضدهما المصاريف
والمحكمة الأخيرة بهيئة أخرى قررت بجلسة...... وعملا بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية بإحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها
فطعنت المدعيتان بالحق المدني في هذا القرار بطريق النقض وأودعت مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من الأستاذ...... المحامي.

-------------

المحكمة 
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضدهما بأنهما بدائرة مركز دمنهور محافظة البحيرة: قتلا.... عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لهذا الغرض أدوات تحدث القتل (ساطور وعصا) وكمنا له في الطريق الذي أيقنا أنه سيسلكه إلى السوق حتى إذا ما ظفرا به انهالا عليه ضرباً أولهما بالساطور والثاني بالعصا قاصدين إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي التي أودت بحياته - وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام, فقرر بذلك, وادعت الطاعنتان مدنيا قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. وإذ قضت محكمة جنايات دمنهور حضوريا ببراءة المطعون ضدهما مما أسند إليهما وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعتيها المصاريف مؤسسة قضاءها هذا على ما ارتأته من عدم ثبوت التهمة قبل المطعون ضدهما, فطعنت الطاعنتان - المدعيتان بالحقوق المدنية - في ذلك الحكم بطريق النقض, ومحكمة النقض قضت بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى المدنية والإحالة. وإذ أعيدت الدعوى إلى محكمة جنايات دمنهور قررت إحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها, وأقامت قضاءها على أن الفصل في الدعوى المدنية يتطلب بطبيعته إجراءات خاصة وأن المحكمة المدنية أقدر على ذلك من محكمة الجنايات وأنه من ثم وإعمالا للمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تحيل المحكمة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة فطعنت الطاعنتان في هذا القرار بطريق النقض, وأقامتا طعنهما على أسباب حاصلها أن القرار المطعون فيه إذ أحال دعواهما المدنية إلى المحكمة المدنية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه استند إلى نص المادة 309 من قانون الإجراءات مع عدم توافر شرط انطباقها لأن الدعوى الجنائية لم تعد منظورة أمام المحكمة كيما يثور القول بأن الفصل في التعويضات قد يبنى عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية, ومن جهة أخرى فإن الطاعنتين سوف تحاجان لدى المحكمة المدنية بقوة الأمر المقضي للحكم الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية إعمالا لما نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية مما لازمه أن تقضي برفض الدعوى المدنية الأمر الذي يعيب القرار المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه "لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام الجنائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح ولا يجوز الطعن من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية" وتنص المادة 39 من ذات القانون على أنه "على محكمة النقض إذا قضت بنقض الحكم أن تعيد الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين - ولما كانت الدعوى المدنية قد رفعت في مبدأ الأمر بطريقة التبعية للدعوى الجنائية فإنه كان يتعين على محكمة جنايات دمنهور - بهيئة جديدة فيما يختص بالدعوى المدنية بعد إعادتها إليها من محكمة النقض - أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء المحكمة الأولى, ولا يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي, وقد خالفت محكمة جنايات دمنهور - بهيئة جديدة هذا النظر بإحالتها الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة مستندة في ذلك إلى نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى الرغم من أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يحق لمحكمة الموضوع أن تفصل في الدعوى الجنائية التي هي أساس الدعوى المدنية من غير أن تستنفذ وسائل التحقيق الممكنة, ولا ينبغي لها أن تحيل الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بمقولة أن الأمر يحتاج إلى إجراءات وتحقيقات يضيق عنها نطاق الدعوى, ذلك بأن نطاق الدعوى الجنائية لا يمكن أن يضيق عن تحقيق موضوعها والفصل فيها على أساس التحقيق الذي يتم, ولأن حق المحكمة الجنائية في الإحالة إلى المحكمة المدنية بمقتضى المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية. بمعنى أنه لا يجوز إصدار قرار بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة إذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساساً يقيد حرية القاضي المدني. لما كان ذلك, وكان قرار الإحالة للدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره لأن المحكمة المدنية سوف تتقيد ضمناً بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية - المحكمة الأولى - وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية التي يعمل بحكمها لدى المحاكم المدنية وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهي تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية مما لازمه القضاء برفض الدعوى المدنية دون إعادة بحث عناصر الجريمة, فإن الطعن في ذلك القرار يكون جائزاً. لما كان ذلك, وكان الطعن قد استوفى باقي شروطه الشكلية, وكان قضاء محكمة جنايات دمنهور بهيئة جديدة - قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه. ولئن كان الطعن للمرة الثانية, إلا أنه وقد حجبت محكمة الموضوع نفسها بذلك القرار عن نظر موضوع الدعوى المدنية المحالة إليها من هذه المحكمة لتحكم فيها من جديد فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.