باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائـرة الجنائيــة
الأحـد (ب)
ــــ
المؤلفة برئاسة السيد القاضـى / أحمد على عبد
الرحمن رئيـس الدائــرة
وعضوية السـادة القضـــاة / السعيــد برغــوث و
محمــد عيد محجوب
محمــد عبد العـال و توفيـــق سليـــم
نواب رئيس المحكمــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد
/ أحمد مدحت نبيه .
وأمين السر السيد / رجب على .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار
القضاء العالى بمدينة القاهرة
فى يوم الأحد غرة ربيع الأول سنة 1434 هـ الموافق
13 من يناير سنة 2013 م
أصدرت الحكم الآتــى :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 13 لسنة 82
القضائية .
المرفوع مــن :
تامر
سامى رفعت زيادة الطاعن
"
المحكوم عليه "
ضـــد
1 ـ النيابة العامة
2 ـ السيد حسين دسوقى
3 ـ محمود السيد حسين
4 ـ فاطمة الزهراء السيد حسين المطعون ضدهم
" المدعين بالحقوق المدنية "
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية
رقم 10871 لسنة 2011 قسم أول مدينة نصر و( المقيدة برقم 192 لسنة 2011 كلى شرق
القاهرة )
بأنه فى
يوم 29 من يناير سنة 2011 بدائرة قسم أول مدينة نصر ـ محافظة القاهرة
أولاً:ـ قتل عمداً المجنى عليها / سامية محمود
حسن وذلك بأن قام بإطلاق عياراً نارياً صوبها من سلاحه النارى " بندقية خرطوش
" قاصداً من ذلك قتلها فاستقر ذلك
العيار النارى فى وجهه ورقبة وصدر وذراعى المجنى عليها مما تسبب فى إحداث وفاتها على
النحو المبيـن بالتقرير الطبى المرفق بالتحقيقات .
ثانياً:ـ شرع فى قتل المجنى عليهما / محمود السيد
حسين , وفاطمة الزهراء السيد حسين عمداً وذلك بأن قام بإطلاق عياراً نارياً صوبها
من سلاحه النارى " بندقية خرطوش "
قاصداً من ذلك قتلهما فاستقر ذلك العيار فى وجهه وصدر وأيدى المجنى عليهما
مما تسبب فى إحداث إصابتهما الموصوفة بتقريرهما الطبى المرفق بالتحقيقات وقد أوقف
أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجنى عليهما بالعلاج على النحو
المبيـن بالتحقيقات .
وأحالتـه إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته
طبقـاً للقيد والوصـف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى زوج المجنى عليها ونجلاهما المجنى عليهما
مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 25 من سبتمبر سنة 2011 عملاً بالمادتين
236/1 , 241 /1 ،2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 /2 من ذات القانون
بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنين عما اسند إليه , وبإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق
المدنية مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت . باعتبار أن
الجريمتين أولهما " ضرب أفضى إلى موت
المجنى عليها الأولى " و الثانية " إصابة عليهما الثاني والثالثة مدة
تزيد على عشرين يوماً .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بوكيل عنه بطريــق النقض فى 19 من نوفمبر
سنـة 2011 .
وأودعت مـذكرة بأسباب الطعن فى ذات التاريخ موقـع عليها من الاستاذ / علاء
الدين سعيد محمد المحامى .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر وبعد
المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى
القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الضرب المفضى إلى الموت والضرب بأداة الذى أعجز
المجنى عليهما عن أشغالهما الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً , قد شابه القصور فى
التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى
تطبيق القانون , ذلك أنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر القصد الجنائى فى حقه ,
ولم يبين رابطة السببية بين الفعل المادى المنسوب للطاعن وبين وفاة المجنى عليها
الأولى وما لحق بالمجنى عليهما الثانى والثالثة من إصابات , وعول الحكم فى الإدانة
على أقوال شهود الإثبات رغم تعدد رواياتهم وتناقضها وعدم معقوليتها , ولا سيما أن
شهادتهم جاءت سماعية إذ لم يذكر أي منهم أنه شاهد الطاعن يطلق الأعيرة النارية على
المجنى عليهم , كما عول على تقرير الطب الشرعى وأقوال الطبيب الشرعى بجلسة
المحاكمة الذى اعتنق رواية المجنى عليهما الثانى والثالثة الواردة بمذكرة النيابة
العامة ولم يحقق رواية الطاعن وبنى رأيه على الجواز والترجيح مخالفاً الأسس الفنية
التى تتطلب فحص موقع الحادث وانضمام خبير متخصص فى فحص الأسلحة النارية وصولاً إلى
معرفة نوع السلاح المستعمل فى الجريمة ، فضلاً عن تعارض ما انتهى إليه من نتيجة مع
ما جاء بتقرير الطبيب الاستشارى ولم تعن المحكمة بتحقيق دفاع الطاعن فى هذا الشأن
واطرحته بما لا يسوغ , وأورد الحكم أن إصابات المجنى عليها الأولى حدثت من عيار
نارى واحد وهو ما لم يجزم به الطبيب الشرعى لدى سؤاله من المحكمة , والتفت عن أقواله
بأن إصابات المجنى عليها المذكورة تم تحريفها نظراً لتلقيها العلاج بالمستشفى قبل
وفاتها وقوله إنه اعتمد على المسح الإشعاعى فى تحديد إصاباتها ودون أن يعرض عليه
السلاح المستعمل فى الحادث لفحصه , كما عول الحكم أيضا على ما جاء بالأسطوانة
المدمجة المقدمة من المجنى عليه الثانى رغم أن ما حوته هو صور لأشخاص تحت شجرة
بعضهم يرتدى ملابس عسكرية وممسك بسلاح نارى وأصوات لا يفهم منها شئ ولا يبين منها
استيقاف الطاعن لأحد قائدي الدراجات البخارية والتعدى عليه بالضرب خلافاً لما قرره
المجنى عليه الثانى بالتحقيقات , وفضلا عن ذلك فقد قرر المجنى عليه أن ما تحويه
الأسطوانة المدمجة من صور قام هو بتصويرها بهاتفه الشخصى أثناء وقوفه بشرفة مسكنه
دون أن يقدم أصل بطاقة الذاكرة للهاتف لإفراغها بالوسائل الفنية ومطابقتها على ما
جاء بالأسطوانة المدمجة وذلك لمعرفة مصدرها والتيقن من عدم العبث بها , ولاسيما أن
الأسطوانة تحمل تاريخين لتلك الصور وجاء تبرير المجنى عليه فى هذا الشأن غير سائغ
, ورد الحكم بما لا يسوغ على دفع الطاعن ببطلان معاينة النيابة العامة لمكان
الحادث وقصورها لأسباب عددها ولمخالفتها نص المادتين 895 , 298 من تعليمات النيابة
العامة , ولم يرد على دفعه بشيوع الاتهام , لوجود آخرين كانوا يطلقون الأعيرة
النارية بمكان الحادث , كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجـب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن
بهما , وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم
عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليها
الأولى وتقرير الطب الشرعى للمجنى عليهما الثانى والثالثة ومما ثبت من
استماع النيابة العامة والمحكمة ومشاهدتهما للأسطوانة المدمجة المقدمة من المجنى
عليه الثانى وما ثبت من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث ومما جاء بتحريات
الشرطة , لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن القصد الجنائى فى جرائم الضرب
عامه ـ بما فيها الضرب المفضى إلى الموت ـ يتحقق متى ارتكب الجانى الفعل عن إرادة
وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته , ولا
يلزم أن يتحدث الحكـم صراحة عنه , بل يكفى أن يكون مفهوماً من وقائع الدعوى كما
أوردها الحكم ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ فإن ما يثيره الطاعن فى هذا
الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن رابطة السببية بين الإصابات والوفاة فى جريمة الضرب المفضى إلى
الموت من الأمور الموضوعية البحتة التى تخضع لتقدير
قاضى الموضوع ومتى فصل
فى شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه فى
ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على
الأدلة السائغة التى أوردها قد خلص إلى أن الطاعن اطلق عياراً نارياً صوب المجنى
عليهم فأصاب المجنى عليها الأولى فى الوجه والرقبة والصدر , ودلل على توافر رابطة
السببية بين هذا الفعل وبين وفاة المجنى عليها المذكوره وذلك من واقع تقرير الصفة
التشريحية لجثتها الذى انتهى إلى أن إصاباتها هى السبب فى وفاتها لما أحدثته من
تهتك بالمخ وما صاحب ذلك من نزيف أدى إلى توقف الوظائف الحيوية بالمخ وهبوط حاد
بالدوره الدموية والتنفسية , فإن الحكم يكون قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التى
تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التى حدثت ومن ثم فإن منعى الطاعن
على الحكم فى هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم أنه
اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبة بالعقوبة المقررة لأشدها
وهى جريمة الضرب المفضى إلى الموت وأوقع عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من
قانون العقوبات بوصفها الجريمـة الأشد , فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه من
قصور الحكم فى بيان رابطة السببية بين الفعل المادى المنسوب إليه وبين ما لحق
بالمجنى عليهما الثانى والثالثه من إصابات ـ بفرض صحة ذلك . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة
أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن
تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى
العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون
فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات
كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى
تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى
ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة
بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد
منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، وإذ كان تناقض الشهود وتضاربهم فى أقوالهم أو
مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً
سائغاً لا تناقض فيه ـ كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ـ وكان من المقرر أن
القانون لا يشترط لثبوت جريمة الضرب المفضى إلى الموت وجود شهود رؤيا أو قيام أدلة
معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة فى تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه
من ظروف الدعوى وقرائنها ، وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص
عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع فى الدعوى ,
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه
بوقوع الحادث على الصورة التى وردت بأقوالهم والتى أيدها باقى أدلة الثبوت الأخرى
, وكان ما أورده فى هذا الخصوص سائغا فى الفعل والمنطق ومقبولا فى بيان كيفية وقوع
الحادث ولا يجادل الطاعن أن له معينه الصحيح فى الأوراق , فإن ما يثيره فى هذا
الشأن لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة
القائمة فى الدعوى وهو من إطلاقاتها التى لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم
والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى
تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها فى ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق
الحرية فى الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه لتعلق الأمر بسلطتها فى
تقدير الدليل , وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما
دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق
التفاتها إليه , لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الصفة
التشريحية لجثة المجنى عليها الأولى وإلى رأى الطبيب الشرعى الذى أبداه بجلسة
المرافعة , واطرحت ـ للأسباب السائغة التى أوردتها ـ ما جاء بتقرير الطبيب الاستشارى
المقدم من الطاعن , فلا يجوز مجادلتها فى ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيما انتهت إليه
فى هذا الشأن , ولا يقدح فى استدلال الحكم أن يكون الطبيب الشرعى قد تعذر عليه
تحديد ما إذا كانت إصابات المجنى عليها المذكورة قد حدثت من عيار نارى واحد أو
أكثر ـ بفرض صحته ـ لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب
الشرعى فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها
وهو ما لم يخطئ الحكـم فى تقديره , هذا فضلا عن أن أخذ الحكم بدليل احتمالى غير
قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين , وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من
تقرير الصفة التشريحية وأقوال الطبيب الشرعى الذى سئل أمامها ومن وقائع الدعوى
وظروفها أن إصابات المجنى عليها الأولى حدثت من عيار نارى واحد فإن الحكم يكون قد
انتهى إلى بناء الإدانة على يقين ثبت لديها لا على افتراض لم يصح , ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل إلى جدل
موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو
مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة
المحاكمة أن المدافع الحاضر مع الطاعن وإن كان قد دفع بتناقض ما جاء بتقرير الصفة التشريحية
للمجنى عليها الأولى مع ما جاء بتقرير الطبيب الاستشارى إلا أنه لم يطلب من المحكمة
اتخاذ إجراء معين فى هذا الخصوص , فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن
إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة
كما رواها شهود الإثبات . لما كان ذلك ، وكان من المقرر فى أصول الاستدلال أن
المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها وفى
إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبته من
الوقائع والأدلة التى اعتمدت عليها فى حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن
على الحكم لإغفاله بعض أقوال الطبيب الشرعى والتى يريد الطاعن لها معنى لم تسايره
فيه المحكمة فاطرحتها . لما كان ذلك ، وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان
الجوهرية للجريمة , وكان البين من الحكم المطعون فيه لدى تحصيله واقعة الدعوى
وإيراده مؤدى أدلة الثبوت فيها أنها خلت مما يفيد ضبط السلاح المستخدم فى الحادث
فإن النعى على الحكم بعدم عرض السلاح المستخدم في الحادث على الطبيب الشرعى لفحصه
يكون قد ورد على غير محل . لما كان ذلك
، وكان من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن
تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع
المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً
دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج
بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان الحكم
المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التى ثبتت لديه والقرائن
التى استخلصها أن الطاعن هو مرتكب الواقعة , وكان البين من مدونات الحكم أن
المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تفريغ الاسطوانة المدمجة
المقدمة من المجنى عليه الثانى ومن معاينة النيابة العامة لمكان الحادث وإنما
استندت إليهما كقرينتين تعزز بهما أدلة الثبوت التى أوردتها , فإنه لا جناح على
الحكم إن هو عول على هاتين القرينتين تعزيزاً للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها فى
قضائه ما دام أنه لم يتخذ منهما دليلاً أساسياً فى ثبوت الاتهام قبل الطاعن , فإنه
ما يثيره بوجه طعنه بشأن الاسطوانة المدمجة ومعاينة النيابة لمكان الحادث ينحل إلى
جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو
المدافع عنه لم يثر شيئاً بخصوص ما ينعاه فى شأن قصور معاينة النيابة العامة لمكان
الحادث , ومن ثم لا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض
, إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن
يكون سبباً للطعن على الحكـم . لما كان ذلك ، وكان لا يصح الاعتداد بالتعليمات فى
مقام تطبيق القانون , فإن ما يثيره الطاعن بشأن مخالفة المعاينة التى أجرتها
النيابة العامة للتعليمات يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع
بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التـى لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً
بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون
فيه قد أقام قضاءه على ما استقر فى عقيدة ووجدان المحكمة من اقتراف الطاعن للجريمتين
المسندتين إليه تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق ويتفق والاقتضاء العقلى
والمنطقى , فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير قويم , لما كان ما
تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على
غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية .
فلهــذه الأسبــاب
حكمت
المحكمة :ـ بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه
والزام الطاعن المصاريف المدنيه
أمين
الســـر
رئيس الدائـــرة