جلسة 8 من مايو سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/
محمد فتحي الجمهودي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم
الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم - نواب رئيس المحكمة، وحسين
نعمان.
-------------
(153)
الطعن رقم 555 لسنة 60
القضائية
(1، 2) حكم "حجية
الحكم" "حجية الحكم الجنائي في دعوى المسئولية". قوة الأمر المقضي.
مسئولية "المسئولية الشيئية".
(1) حجية الحكم الجنائي أمام
المحكمة المدنية. مناطها. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك
بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله.
أثره. عدم جواز إعادة بحث هذه الأمور أمام المحكمة المدنية. وجوب التزامها في بحث
الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456 إجراءات جنائية، 102 إثبات.
(2)التقرير بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاة التابع والقضاء ببراءة
المتبوع من تهمة القتل الخطأ لا يمنع المحكمة المدنية من إلزام المتبوع بالتعويض
بوصفه حارساً للشيء الذي وقع به الحادث.
(5 - 3) مسئولية "المسئولية التقصيرية"
"مسئولية حارس الشيء". التزام. قوة قاهرة.
(3) الحراسة الموجبة للمسئولية
عن الأشياء. م 178 مدني. تحققها بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحسابه.
(4) مسئولية حارس الشيء. قيامها على أساس خطأ مفترض.
عدم درئها إلا بإثبات وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد للحارس فيه. هذا السبب لا يكون
إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
(5)الأصل أن تكون الحراسة لمالك الشيء. مباشرة شخص آخر خلافة السيطرة
الفعلية على الشيء في الاستعمال والتوجيه لحساب نفسه. أثره. اعتباره حارساً له
سواء انتقلت له السيطرة الفعلية على الشيء بإرادة المالك أم بغير إرادته.
(6)محكمة الموضوع. مسئولية "مسئولية حارس الشيء". حكم
"تسبيبه".
محكمة الموضوع. استقلالها
بتقدير وإثبات قيام العناصر المكونة للحراسة. لا رقابة عليها من محكمة النقض متى
أقامت ذلك على أسباب سائغة.
(7)محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه: الرد الضمني المسقط".
محكمة الموضوع. عدم
التزامها بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالاً ما دام في قيام
الحقيقة التي اقتنعت بها الرد الضمني المسقط لكل ما يخالفها.
------------
1 - مفاد نص المادة 456
من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة
المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين
الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا
فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد
بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا
يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له.
2 - إذ كان الثابت من الحكم
الصادر في الجنحة رقم....... أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن وتابعه بوصف
أنهما تسبباً بإهمالهما في موت مورثة المطعون عليهما وأمرت النيابة العامة بعدم
جواز رفع الدعوى الجنائية قبل التابع لوفاته وطلبت معاقبة الطاعنة بالمادة 238/ 1
من قانون العقوبات وقد حكمت محكمة الجنح ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن
المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية
لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى الطاعن وتابعه قائد الجرار في
حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعن باعتباره الحارس على الجرار أداة
الحادث وتتحقق مسئوليته ولو لم يقع منه أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته
وليست ناشئة عن الجريمة.
3 - المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن النص في المادة 178 من القانون المدني يدل على أن الحارس الذي يفترض
الخطأ في جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له
السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً لأن العبرة في قيام الحراسة الموجبة
للمسئولية هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه.
4 - المسئولية المقررة في
المادة 178 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء
افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ولا يدرؤها عنه إثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وإنما
ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه
وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
5 - الأصل أن تكون
الحراسة لمالك الشيء إلا أنه إذا باشر شخص آخر خلافة السيطرة الفعلية على الشيء في
الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه فإن الحراسة تكون له دون مالكه وسواء
انتقلت له السيطرة الفعلية على الشيء بإرادة المالك أو دون إرادته.
6 - تقدير وإثبات قيام
العناصر المكونة للحراسة مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة
النقض متى أقامت ذلك على أسباب سائغة.
7 - محكمة الموضوع غير
ملزمة بتتبع الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي
اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل ما يخالفها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما
الدعوى رقم 5022 سنة 1985 مدني الزقازيق الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه
بأن يؤدي لهما مبلغ خمسين ألف جنيه وقالا بياناً لذلك إنه في يوم 16/ 12/ 1983
تسبب تابع الطاعن بخطئه في موت مورثتهما "........" حال قيادته جراراً
زراعياً سلمه له الطاعن، وضبط عن الواقعة قضية الجنحة رقم 2447 سنة 1983 ههيا التي
قضي فيها ببراءة الطاعن، وإذ لحقتهما من جراء ذلك أضرار يقدر التعويض عنها بالمبلغ
المطالب به فقد أقاما الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت
إلى شهود الطرفين حكمت في 30/ 12/ 1987 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليهما
مبلغ خمسة آلاف جنيه، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة
"مأمورية الزقازيق" بالاستئناف رقم 186 سنة 31 ق، وبتاريخ 4/ 12/ 1989
حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ
في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه وقد قضى في الدعوى
الجنائية ببراءته لانتفاء الخطأ في جانبه، فإن هذا الحكم تكون له قوة الشيء
المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعوى المطروحة وتنتفي بذلك مسئوليته، غير أن
الحكم المطعون فيه أهدر هذه الحجية وقضى بإلزامه بالتعويض تأسيساً على مسئوليته
المفترضة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من
قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له
حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في
وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف
القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور
فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها
في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي
السابق له. ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة رقم 2447 سنة 1983 ههيا أن
الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن وتابعه بوصف أنهما تسبباً بإهمالهما في موت مورثة
المطعون عليهما، وأمرت النيابة العامة بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية قبل التابع
لوفاته وطلبت معاقبة الطاعنة بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات وقد حكمت محكمة
الجنح ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس
المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب
الإثبات ومنسوب إلى الطاعن وتابعه قائد الجرار في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض
في حق الطاعن باعتباره الحارس على الجرار أداة الحادث، وتتحقق مسئوليته ولو لم يقع
منه أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن الجريمة، وإذ التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعتد بحجية الحكم الجنائي في هذا الخصوص وناقش
مسئولية الطاعن المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني وانتهى إلى قيامها،
فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي
بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في
التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من أنه مالك الجرار أداة
الحادث المتولي حراسته وهو ما يخالف الثابت بالشهادة الرسمية الصادرة من إدارة
مرور الشرقية أن مالكه هو "......." وأيضاً التوكيل الخاص المؤرخ 13/ 5/
1981 الصادر من هذا الأخير إلى "........" وفي دفع الرسوم المقررة
لمصلحة الجمارك فيكون هو المسئول عنه، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يبين في
مدوناته عناصر الحراسة الفعلية والأسس اللازمة لترتيب مسئوليته المفترضة من سيطرة
وإشراف على الجرار أداة الحادث، وما إذا كانت هذه السيطرة لحساب الطاعن أم لحساب
ابنه مالك الجرار هو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 178 من القانون المدني
على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات
ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر
كان بسبب أجنبي لا يد له فيه......." يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في
جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص - الطبيعي أو المعنوي - الذي تكون له
السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً لأن العبرة في قيام الحراسة الموجبة
للمسئولية هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه وتقوم المسئولية على
أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ولا يدرؤها عنه
إثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع
الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ
المضرور أو خطأ الغير، ولئن كان الأصل أن تكون الحراسة لمالك الشيء إلا أنه إذا
باشر شخص آخر خلافة السيطرة الفعلية على الشيء في الاستعمال والتوجيه والرقابة
لحساب نفسه فإن الحراسة تكون له دون مالكه وسواء انتقلت له السيطرة الفعلية على
الشيء بإرادة المالك أو دون إرادته. لما كان ذلك وكان تقدير وإثبات قيام العناصر
المكونة للحراسة مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى
أقامت ذلك على أسباب سائغة، كما وأنها غير ملزمة بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم
والرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد
الضمني المسقط لكل ما يخالفها، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام
قضاءه بمسئولية الطاعن على ما قرره "وحيث إنه عن الموضوع وما أثاره المستأنف
(الطاعن).. من أنه ليس مالكاً للجرار وأنه مملوك لابنه....... فمردود عليه بما هو
ثابت بالحكم المستأنف وما هو ثابت بالأوراق وأكده أمام السيد وكيل النيابة عند
مواجهته بالتهمة المنسوبة إليه من أنه هو متولي الرقابة والإشراف على هذا الجرار
الزراعي مرتكب الحادث إذ قرر بمحضر الشرطة وأمام السيد وكيل النيابة أنه ألقى
بتعليماته إلى زوجة ابنه لتسليم مفتاح الجرار إلى السائق للقيام بعملية التليين
حيث يعمل ميكانيكياً وقد قام السائق بتنفيذ ما طلبه منه المستأنف وقد وقع الحادث
الذي ترتب عليه وفاة شقيقته مورثة المستأنف عليهما، وكان الجرار من الآلات
الميكانيكية التي تحتاج إلى عناية خاصة، والخطأ مفترض في متولي حراستها والرقابة
عليها ومن ثم لا يؤثر في قيام المسئولية بالنسبة للمستأنف ما أثاره بالسبب الثاني
من أسباب استئنافه إذ أن البراءة من المسئولية الجنائية لا تؤثر في قيام المسئولية
المدنية في جميع الأحوال........ وكان الحكم المستأنف قد انتهى لنتيجة
سليمة........ فإنه يتعين من ثم القضاء بتأييده ورفض الاستئناف" وكان ما قرره
الحكم المطعون فيه على هذا النحو سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق تتفق وصحيح
القانون ويواجه دفاع الطاعن ويتضمن الرد الكافي على ما أثاره بسببي الطعن، فإن
النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق