الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 11 مارس 2019

الطعن 12754 لسنة 82 ق جلسة 2 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 20 ص 185

جلسة 2 / 4 / 2014
برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سمير سامي ، رضا بسيوني ومجدي عبد الرازق نواب رئيس المحكمة وحسام مطر .
----------
(20)
الطعن 12754 لسنة 82 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . سلاح.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة وإيراده الأدلة على ثبوتها في حق الطاعنين . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ في حكم صادر بالإدانة في جريمتي الضرب المفضي إلى الموت وإحراز سلاح أبيض .
(2) فاعل أصلي . مسئولية جنائية . مساهمة جنائية . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إثبات الحكم وجود الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدورها عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه . أثره : اعتبارهم فاعلين أصليين . تحديد الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة . غير لازم .
(3) قصد جنائي . جريمة " أركانها " . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " .
القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً . عام . توافره : بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
تقدير توافر علاقة السببية . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال .
(4) قصد جنائي . قتل عمد . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم عدم استظهاره نية القتل . غير مقبول . ما دام قد دان الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون القتل العمد.
(5) سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
سبق الإصرار . استنتاجه . موضوعي . حد ذلك ؟
الدليل في المواد الجنائية . لا يشترط أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة . كفاية استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج .
تدليل الحكم سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار . النعي بشأنه . غير مقبول .
(6) سبق إصرار . فاعل أصلي . اتفاق . مسئولية جنائية . مساهمة جنائية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . إثبات " بوجه عام " .
إثبات الحكم سبق إصرار الطاعنين على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى الموت . أثره ؟
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . مناط تحققه ؟
كفاية مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
مثال لتدليل كافٍ على توافر اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة.
(7) باعث . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الباعث على ارتكاب الجريمة . عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن . لا يقدح في سلامة الحكم . علة ذلك ؟
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .‏
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
مثال .
(9) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلاصه للحقيقة من أقوالهم سائغاً لا تناقض فيه . النعي بشأنه . غير مقبول .
(10) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية . أساس ذلك ؟
تجريح أدلة الدعوى لمناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح . غير مقبول أمام محكمة النقض .
مثال .
(11) استدلالات . إثبات " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة متى اقتنعت بسلامة التحريات أن تعول عليها في تكوين عقيدتها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
ترديد التحريات لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
(12) جريمة " أركانها " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
آلة القتل أو الضرب . ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة .
خلو السكين من آثار دماء أو ضبطها في غير مكان وزمان الجريمة . لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء بها .
(13) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تزيد الحكم . لا يعيبه . ما دام أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه ونتيجته . النعي بشأنه . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(14) عقوبة " العقوبة المبررة " " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . سلاح . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " .
النعي على الحكم خطئه في وصف تهمة حيازة السـلاح بالواسطة . غير مجد . ما دام قد طبق المادة 32 عقوبات وأوقع عقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار .
(15) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . شريعة إسلامية . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي . موضوعي . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . ما لم تكن الوقائع بالحكم دالة بذاتها على تحققها أو ترشح لقيامها .
سكوت الحكم إيراداً ورداً عن طلب الطاعن تطبيق المادتين 7 ، 60 عقوبات . لا يعيبه . ما دام لم يُوضح سببه ومرماه .
مثال .
(16) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . قتل عمد . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم . استبعادها أحد عناصر الجريمة التي رُفعت بها الدعوى . لا يستلزم تنبيه المتهمين . علة ذلك ؟
مثال .
(17) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . إرهاب " إدارة جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للمتهم كي يقضي ببراءته . ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة . الرد فيه على كل دليل من أدلة الاتهام والتصدي لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشيـر لثبوت الاتهام . غير لازم . علة ذلك ؟
 لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة . ما دام قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله .
مثال لتدليل سائغ في حكم صادر بالبراءة من تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون .
(18) إرهاب " إدارة جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون " . سبق إصرار . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
نفي المحكمة تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون عن المطعون ضدهم . لا يتناقض مع توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى موت التي دانتهم بها . علة ذلك ؟
(19) إثبات " شهود " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والتحريات . لها الأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . إغفالها إيراد بعض الوقائع من أقوال الشاهد . مفاده ؟
(20) قتل عمد . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص توافر نية القتل . موضوعي . ما دام سائغاً .
حق المحكمة الاستناد إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتدليل سائغ على استبعاد نية القتل .
(21) دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها " . نيابة عامة . بلطجة . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إغفال الحكم الفصل في تهمة البلطجة . لا يعد سبباً لطعن النيابة العامة عليه . لها الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصـل فيها . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مضمونه أن الطاعنين اتفقوا فيما بينهم على أن يكون لهم شأن في المجتمع وبعد تدبر وتفكيـر استقروا إلى أن ذلك يتحقق باستعراض قوتهم أمام الناس تحت شعار الشرطة الدينية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ونفاذاً لذلك تسلح الأول بسلاح أبيض " سكين " واستعملوا دراجة نارية قاصدين التعدي على أي شخص تسوقه لهم الظروف يرونه مرتكباً إثماً ، وإذ شاهدوا المجني عليه رفقة الشاهدة الأولى جالسين على إحدى الأرائك بحديقة .... فاعتبروا جلستهما إثماً ينبغي مقاومته ، فتوجهوا إليهما وأمسكوا بالشاهدة الأولى لإبعادها فنشبت بينهم والمجني عليه مشادة كلامية مهددين إياه بالأذى ، وإذ حاول الأخير الذود عن الشاهدة الأولى قام الثاني والثالث بالإمساك به وشـل مقاومته بينما عاجله الأول بطعنة قوية بالسكين في فخذه الأيسـر نفذت حتى العظام وأدت إلى قطع الوريد والشريان الفخذي وأودت بحياته لما أحدثته من نزيف دموي إصابـي غزير وصدمة نزيفية حادة غير مرتجعة أدت إلى تثبيط المراكز الحيوية بالمخ حسبما أورى التقرير الطبي الشرعي ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضربة أفضت إلى موته ، لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما أوراه تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام والاضطراب يكون لا محل له .
2- لما كان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعنون بما تتوافـر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دينوا بها إذ أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائـي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائـع الدعوى كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما آتاه عمداً ، وهذه العلاقـة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصـل فيها إثباتاً أو نفيـاً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أن أولهم طعن المجني عليه بفخذه حال تقييد الثاني والثالث لحركته  وأنه توفي بالمستشفى إثر فشل محاولات علاجه ، ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعنين ووفاة المجني عليه بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابة بفخذه الأيسر وما أحدثته من قطع الوريد والشريان الفخذي أدت لحدوث نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية حادة غير مرتجعة أدت لحدوث تأثيـر مباشر على المراكز الحيوية بالمخ وعدم قدرتها على أداء وظائفها رغم كل المحاولات الطبية ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبـل الأطباء المعالجين ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليتهم في صحيح القانون عن وفاة المجني عليه التي كان من واجبهم توقع حصولها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم .
4- لما كانت محكمة الموضوع قد دانت الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون جريمة القتل العمد التي نسبتها النيابة العامة لهم ، فإن النعي بعدم استظهار الحكم نية القتل العمد يكون غير مقبول .
5- من المقرر أن سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافـر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان لا يشترط في الدليـل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشـرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توافـر ظروف سبق الإصرار في حق الطاعنين كافيـاً وسائغاً في تحقق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين ، فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً أو معيناً من بينهم أو غير معلوم ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثـر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشـرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخـر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافـر سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وكان ما انتهى إليه الحكم في كل ذلك سديداً في القانون ، ومن ثم فإن منعاهم في هذا الصدد يكون غير سديد .
7- لما كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد .
8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها مـن صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولـة فـي العقل والمنطق ولها أصلهـا في الأوراق ، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم وأيدها تقرير الصفة التشريحية ، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
9- لما كان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ، فإن تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها – بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومن ثم فإنه لا يكون هناك محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول .
10- من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادته وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده وكانت الأدلة التي استند إليها سائغة ومقبولة فـي العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنون في أن لها معينها الصحيح في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم يرَ واقعات الحادث لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديـاً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبـل إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم .
12- من المقرر أن آلة القتل أو الضرب ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة وأن خلو السكين من أي أثر للدماء أو ضبطها في غير مكان وزمان الجريمة – بفرض صحته – لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المقام لا يكون قويماً .
13- لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين على الأدلة المستقاة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأنه " باستجواب المتهمين بتحقيقات النيابة العامة أنكروا الاتهام المسند إليهم وقرر الأول ... فيما قرر الثاني أنه شاهد المتهم الأول حال نزولهم من الدراجة والسلاح بيده اليمنى " ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه الأقوال واستناده إليها ، طالما أنه لم يستطرد إلى تلك الأقوال إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثـر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة .
14- لما كان النعي على الحكم الخطأ في وصف التهمة بشأن حيازة السـلاح بالواسطة للثاني والثالث ، لا جدوى منه ، ما دام الحكم قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبهما بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وفقاً للمادة 236/2،1 من قانون العقوبات .
15- لما كان الأصـل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائـع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها إذ لم يرد في مدونات الحكم ما يفيد أن المجني عليه هو الذي بدأ بالعدوان حتى يكون للطاعنين الحق في استعمال القوة اللازمة لرد العدوان ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه لا يكون مقبولاً ، ولا ينال من ذلك أن المدافع عن الطاعن الثالث طلب تطبيق المادتين 7 ، 60 من قانون العقوبات إذ لم يوضح في مرافعته سبب هذا الطلب ومرماه ، فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه .
16- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيـاً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة - القتل العمد والتي كانت مطروحة بالجلسة - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به وكان مرد التعديـل هو عدم توافـر الدليل على ثبوت نية القتل لدى المحكوم عليهم واستبعاد ظرفي القتل لغرض إرهابي والجريمة المرتبطة برمتها واستبقاء ظرف سبق الإصرار دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء ، ولا محل لما يثيره الطاعنون من دعوى بالإخلال بحق الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهمين أو دفاعهم إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً .
17– لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون على سند من أن هذا الاتهام تحيط به ظلالٌ كثيفة من الشكوك والريب وخلو الأوراق من دليل يقيني على أن المطعون ضدهم نظموا أو كونوا جماعة دينية بأغراض غير مشروعة ، فضلاً عن عدم ضبط أي مستندات أو محررات تشير إلى وجود جماعة باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تخص المتهمين وأن الاتهام جاء مرسلاً يعوزه الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة وانتهت إلى تبرئتهم من تلك التهمة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقديـر الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المطعون ضدهم للأسباب السائغة التي أوردها الحكم والتي تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها ، وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب ، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، ولا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشيـر إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهمين ، لأن في إغفال التحدث عنها أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانتهم فأطرحتها ، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أيضاً أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير قويم .
18- لما كان نفي المحكمة لتهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون عن المطعون ضدهم لا يتعارض أو يتناقض مع توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى موت التي دانهم بها ، لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا يصلح أن يكون قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما برئ منه الحكم .
19- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد والتحريات فتأخذ منها بما تطمئن إليها وتطرح ما عداه ، لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وفي إغفالها إيراد بعض الوقائـع من أقوال الشاهد ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إليها ، ومن ثم فإن منعى النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير سديد .
 20- من المقرر أن البحث في توافر نية القتل لدى الجاني أو عدم توافرها هو ما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائـع لا يتنافـر عقلاً مع ما انتهى إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه فيما انتهى إليه من عدم توافـر قصد القتل في حق المطعون ضدهم ومن تعديـل التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن المطعون ضدهم لم ينتوا إزهاق روح المجني عليه بل قصدوا إلى مجرد الاعتداء عليه لما آتاه من سلوك عدوه من وجهة نظرهم إثماً كبيراً يتعين مقاومته فإنها تكون قد فصلت في مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ، ولا محل لما ساقته النيابة العامة (الطاعنة) من شواهد على توافر قصد القتل ما دامت المحكمة لم تقتنع من ظروف الدعوى بتوافـره ، إذ إن لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال في شأن عدم توافـر نية القتل إنما يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
21- من المقرر أن إغفال الفصل في تهمة البلطجة لا يعد سبباً للطعن على الحكم ، وأن الطريق السوي أمام النيابة العامة في هذه الحالة إنما هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصـل فيما أغفلته ، وذلك إعمالاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة الإعمال في هذا الخصوص لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية ينظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها ، ولأن ما جاء بنص هذه المادة المشار إليها يقرر قاعدة عامة لا تتأبى على التطبيق في المواد الجنائية ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين (المطعون ضدهم) بأنهم : المتهمين جميعاً : أولاً : أداروا علـى خلاف أحكام القانون جماعة الغرض منها الاعتداء على الحريات والحقوق الشخصية للمواطنين التي كفلها الدستور والقانون وكان الإرهاب من الوسائـل التي تستخدم لتنفيذ أغراضها بأن شكلوا جماعة تدعو لفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجهة آرائهم الدينية المتطرفة وتولى المتهمون قيادة تلك الجماعة وإدارتها وانطلقوا في الطرق والأماكن العامة وقاموا بالاعتداء على المواطنين وحقوقهم وحرياتهم باستخدام القوة والعنف تنفيذاً لغرضهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً : قتلوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على ذلك بالاعتداء على كل من لا ينصاع لفكرهم الديني المتطرف مُنَصبين أنفسهم دعاة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنفيذاً لأغراض الجماعة المبينة بالوصف أولاً وأعدوا لذلك الغرض سلاحاً أبيـض وانطلقوا يتلصصون على الناس في الطرقات والأماكن العامة وما إن شاهدوا المجني عليه يجلس بصحبة فتاة في إحدى الحدائق العامة فتوجهوا صوبهما مسرعين وأشهر المتهم الأول سلاحه الأبيض في مواجهـة المجني عليه وشل الثاني والثالث حركته وعاجله الأول بطعنة قاتلة بسلاحه الأبيض فأحدثت قطعاً للوريد والشريان الرئيسي في فخذه الأيسر قاصدين من ذلك قتله فأودت بحياته على النحو الموصوف بتقرير الصفة التشريحية وقد ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . وقد ارتبطت بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار جريمة البلطجة حيث كان قصد المتهمين من ارتكابهم لجناية القتل العمد على النحو السالف بيانه استخدام القوة ضد المجني عليه ومرافقته حال كونها طفلة لترويعهما والتأثير في إرادتهما لفرض فكر الجماعة الديني المتطرف عليهما والمساس بحريتهما الشخصية وتعريض حياتهما للخطر على النحو السالف بيانه . المتهم الأول : أحرز سلاحاً أبيـض " سكيناً " بغير ترخيص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . المتهمين الثاني والثالث : حازا بواسطة المتهم الأول سلاحاً أبيض " سكيناً " بغيـر ترخيص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى / .... - والد المجني عليه - قِبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريـاً عملاً بالمادة 236/2،1 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرر من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 المستبدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بعد أن عدلت وصف الاتهام الثاني المسند للمتهمين إلى جناية الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار ، وعملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ، أولاً : بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ، ثانياً : ببراءة المتهمين الثلاثة مما نسب إليهم بالنسبة للتهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليهم جميعاً والنيابة العامة فـي هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : الطعن المقدم من المحكوم عليهم :
من حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الأربعة المقدمة من الطاعنين على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت وحيازة سلاح أبيض بغيـر مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه أورد واقعة الدعوى في صورة مبهمة مضطربة دون تمحيصها التمحيص الكافي ودون بيان أدلة الإدانة ومؤداها ودور كل متهم في ارتكابها ولاسيما الثاني الذي لم يشارك في ارتكابها ورغم أن التعدي صدر من الأول فقط كما لم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعنين ورابطة السببية بين فعلهم والنتيجة رغم المنازعة في توافرها ، فضلاً عن عدم التدليل على نية القتل العمد وسبق الإصرار رغم نفيه تشكيـل تنظيم من الطاعنين ولم يدلل على اتفاقهم على ارتكابهم الجريمة والباعث عليها وارتسم الحكم صورة غير صحيحة للواقعة إذ إنها مجرد مشاجرة بين الطاعنين والمجني عليه ، كما عول في الإدانة على أقوال الشهود حال تناقضها وتعددها ، فضلاً عن كونها سماعية ولم يشاهد أيٌّ منهم الواقعة ، وعلى التحريات رغم التمسك بعدم جديتها وكونها ترديداً لأقوال الشهود ، فضلاً عن أن السكين المضبوط خالٍ من آثار الدماء وضبطت في مكان وزمان مخالف للحادث هذا إلى أن الحكم أسند للمتهم الثاني أقوالاً لم تصدر منه بشأن حيازة الأول للسلاح المضبوط وأشار إلى وصف حيازة الثاني والثالث للسلاح بالواسطة رغم مجافاة ذلك للواقع والقانون ، والتفت الحكم إيراداً ورداً عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي في جانب الطاعنين لكون المجني عليه هو الحائز للسكين والبادئ بالاعتداء وأخيراً فقد انتهت المحكمة إلى تعديل الوصف من القتل العمد إلى الضرب المفضي إلى الموت دون تنبيه الدفاع لهذا التعديـل ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضـه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مضمونه أن الطاعنين اتفقوا فيما بينهم على أن يكون لهم شأن في المجتمع وبعد تدبر وتفكيـر استقروا إلى أن ذلك يتحقق باستعراض قوتهم أمام الناس تحت شعار الشرطة الدينية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ونفاذاً لذلك تسلح الأول بسلاح أبيض " سكين " واستعملوا دراجة نارية قاصديـن التعدي على أي شخص تسوقه لهم الظروف يرونه مرتكباً إثماً ، وإذ شاهدوا المجني عليه رفقة الشاهدة الأولى جالسين على إحدى الأرائك بحديقة .... فاعتبروا جلستهما إثماً ينبغي مقاومته ، فتوجهوا إليهما وأمسكوا بالشاهدة الأولى لإبعادها فنشبت بينهم والمجني عليه مشادة كلامية مهددين إياه بالأذى ، وإذ حاول الأخير الذود عن الشاهدة الأولى قام الثاني والثالث بالإمساك به وشـل مقاومته بينما عاجله الأول بطعنة قوية بالسكين في فخذه الأيسـر نفذت حتى العظام وأدت إلى قطع الوريد والشريان الفخذي وأودت بحياته لما أحدثته من نزيف دموي إصابـي غزير وصدمة نزيفية حادة غير مرتجعة أدت إلى تثبيط المراكز الحيوية بالمخ حسبما أورى التقرير الطبي الشرعي ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضربة أفضت إلى موته ، لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما أوراه تقرير الصفة التشريحية للطب الشرعي ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه الغموض والإبهام والاضطراب يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعنون بما تتوافـر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دينوا بها إذ أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائـع الدعوى كما أوردهـا الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما آتاه عمداً ، وهذه العلاقـة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصـل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أن أولهم طعن المجني عليه بفخذه حال تقييد الثاني والثالث لحركته وأنه توفي بالمستشفـى إثر فشل محاولات علاجه ، ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعنين ووفاة المجني عليه بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابة بفخذه الأيسـر وما أحدثته من قطع الوريد والشريان الفخذي أدت لحدوث نزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية حادة غير مرتجعة أدت لحدوث تأثيـر مباشر على المراكز الحيوية بالمخ وعدم قدرتها على أداء وظائفها رغم كل المحاولات الطبية ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبـل الأطباء المعالجين ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليتهم في صحيح القانون عن وفاة المجني عليه التي كان من واجبهم توقع حصولها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد دانت الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون جريمة القتل العمد التي نسبتها النيابة العامة لهم ، فإن النعي بعـدم استظهار الحكم نية القتل العمد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافـر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان لا يشترط في الدليـل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشـرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توافـر ظروف سبق الإصرار في حق الطاعنين كافيـاً وسائغاً في تحقق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين ، فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً أو معيناً من بينهم أو غير معلوم ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثـر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشـرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخـر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافـر سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وكان ما انتهى إليه الحكم في كل ذلك سديداً في القانون ، ومن ثم فإن منعاهم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسـاط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم وأيدها تقرير الصفة التشريحية ، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ، فإن تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومن ثم فإنه لا يكون هناك محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادته وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده وكانت الأدلة التي استند إليها سائغة ومقبولة فـي العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنون في أن لها معينها الصحيح في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن أن أيـاً من شهود الإثبات لم يرَ واقعات الحادث لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديـاً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبـل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكـل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن آلة القتل أو الضرب ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة وأن خلو السكين من أي أثـر للدماء أو ضبطها في غير مكان وزمان الجريمة – بفرض صحته - لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المقام لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين على الأدلة المستقاة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة وكافيـة في حمل قضائـه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأنه " باستجواب المتهمين بتحقيقات النيابة العامة أنكروا الاتهام المسند إليهم وقرر الأول ... فيما قرر الثاني أنه شاهد المتهم الأول حال نزولهم من الدراجة والسلاح بيده اليمنى " ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه الأقوال واستناده إليها ، طالما أنه لم يستطرد إلى تلك الأقوال إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثـر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة . لما كان ذلك ، وكان النعي على الحكم الخطأ في وصف التهمة بشأن حيازة السـلاح بالواسطة للثاني والثالث ، لا جدوى منه ، ما دام الحكم قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبهما بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وفقاً للمادة 236/2،1 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الأصـل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقـض إلا إذا كانت الوقائـع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائـع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها إذ لم يرد في مدونات الحكم ما يفيد أن المجني عليه هو الذي بدأ بالعدوان حتى يكون للطاعنين الحق في استعمال القوة اللازمة لرد العدوان ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه لا يكون مقبولاً ، ولا ينال من ذلك أن المدافع عن الطاعن الثالث طلب تطبيق المادتين 7 ، 60 من قانون العقوبات إذ لم يوضح في مرافعته سبب هذا الطلب ومرماه ، فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيـاً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة - القتل العمد والتي كانت مطروحة بالجلسة - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به وكان مرد التعديـل هو عدم توافـر الدليل على ثبوت نية القتل لدى المحكوم عليهم واستبعاد ظرفي القتل لغرض إرهابي والجريمة المرتبطة برمتها واستبقاء ظرف سبق الإصرار دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار لا يجـافي التطبيق القانوني السليم في شيء ، ولا محل لما يثيره الطاعنون من دعوى بالإخلال بحق الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهمين أو دفاعهم إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ثانياً : الطعن المقدم من النيابة العامة :
وحيث تنعي النيابـة العامة - الطاعنة - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة إدارة جماعة على خلاف القانون وقصر الاتهام على تهمة الضرب المفضي إلى موت قد شابه القصور والتناقـض في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه استبعد التهمة الأولى رغم انتهائـه إلى اتفاقهم على استعراض القوة لرفع شأنهم والقيام بدور الشرطة الدينية وانتهاء تحريات الشرطة إلى توافرها ، كما استبعد نية القتل العمد رغم انتهائه إلى توافر سبق الإصرار في حقهم وقوة الضربة التي أصابت المجني عليه ، وأخيراً فإن المحكمة أغفلت الفصل في جنحة البلطجة المرتبطة بجناية القتل العمد ، كل ذلك مما يعيب حكمها بما يستوجب نقضـه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من تهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون على سند من أن هذا الاتهام تحيط به ظلالٌ كثيفة من الشكوك والريب وخلو الأوراق من دليل يقيني على أن المطعون ضدهم نظموا أو كونوا جماعة دينية بأغراض غير مشروعة ، فضلاً عن عدم ضبط أي مستندات أو محررات تشير إلى وجود جماعة باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تخص المتهمين وأن الاتهام جاء مرسلاً يعوزه الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة وانتهت إلى تبرئتهم من تلك التهمة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقديـر الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المطعون ضدهم للأسباب السائغة التي أوردها الحكم والتي تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها ، وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب ، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، ولا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشيـر إلى ثبوت الاتهام ما دامت قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهمين ، لأن في إغفال التحدث عنها أنها لم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانتهم فاطرحتها ، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم بالبراءة أيضاً أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي لحمله ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان نفي المحكمة لتهمة إدارة جماعة على خلاف أحكام القانون عن المطعون ضدهم لا يتعارض أو يتناقض مع توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى موت التي دانهم بها ، لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا يصلح أن يكون قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما برئ منه الحكم ، هذا إلى أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد والتحريات فتأخذ منها بما تطمئن إليها وتطرح ما عداه ، لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وفي إغفالها إيراد بعض الوقائـع من أقوال الشاهد ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إليها ، ومن ثم فإن منعى النيابة العامة في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث في توافر نية القتل لدى الجاني أو عدم توافرها هو ما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائـع لا يتنافـر عقلاً مع ما انتهى إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً في العقل والمنطق ويكفي لحمل قضـائـه فيما انتهى إليه من عدم توافـر قصد القتل في حق المطعون ضدهم ومن تعديـل التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن المطعون ضدهم لم ينتووا إزهـاق روح المجني عليه بل قصدوا إلى مجرد الاعتداء عليه لما آتاه من سلوك عدوه من وجهة نظرهم إثماً كبيراً يتعين مقاومته فإنها تكون قد فصلت في مسائـل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ، ولا محل لما ساقته النيابة العامة (الطاعنة) من شواهد على توافـر قصد القتل ما دامت المحكمة لم تقتنع من ظروف الدعوى بتوافـره ، إذ إن لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال في شأن عدم توافـر نية القتل إنما يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقـــض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إغفال الفصل في تهمة البلطجة لا يعد سبباً للطعن على الحكم ، وأن الطريق السوي أمام النيابة العامة في هذه الحالة إنما هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصـل فيما أغفلته ، وذلك إعمالاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة الإعمال في هذا الخصوص لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية ينظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها ، ولأن ما جاء بنص هذه المادة المشار إليها يقرر قاعدة عامة لا تتأبى على التطبيق في المواد الجنائية ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن طعن النيابة العامة بدوره يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق