برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ أحمد مكي، أحمد الزواوي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال وأنور العاصي.
-------------
- 1 تعويض "
التعويض عن الفعل الضار غير المشروع . استحقاق التعويض والمسئول عنه". تقادم " ما لا يسقط بالتقادم . دعوى التعويض عن التعذيب". دستور" عدم سقوط دعاوى التعويض الناشئة عن التعذيب ". مسئولية
" المسئولية التقصيرية . مسئولية الدولة ". معاهدات " اتفاقية مناهضة التعذيب". نيابة " نيابة قانونية . النيابة عن الدولة في التقاضي".
الدعاوى الناشئة عن التعذيب الذى ترتكبه السلطة ضد الأفراد . عدم
سقوطها بالتقادم . مسئولية الدولة عنها دون قصرها على مرتكبي التعذيب و الجهات التي
يتبعونها . علة ذلك . م 57 من الدستور و المادتان 2 ، 14 من اتفاقية مناهضة
التعذيب الموافق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 .
النص في المادة 57 من الدستور على أن " كل اعتداء على الحرية
الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي
يكفلها الدستور والقانون جريمة لا يسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها
بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء " وفى المادة
الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب - التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة
بتاريخ 1984/12/10ووافقت مصر عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 على أن
" تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو آية إجراءات
أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي . ولا يجوز التذرع
بأية ظروف استثنائه أيا كانت سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو
عدم استقرار سياسي داخلي أو آية حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب. ولا
يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب
" وفى المادة الرابعة على أن " تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال
التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار
طبيعتها الخطيرة " وفى المادة الرابعة عشر على أن " تضمن كل دولة طرف في
نظامها القانوني إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في
تعويض عادل ومناسب" يدل على أن المشرع قدر أن التعذيب الذى ترتكبه السلطة ضد
الأفراد هو عمل إجرامي ذو طبيعة خطيرة أيا كانت الظروف التي يقع فيها أو السلطة
الآمرة بارتكابه وأن الدعاوى الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت
الظروف السياسية التي وقع في ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من
القواعد العامة فمنع سقوطها بالتقادم ولم بقصر المسئولية فيها على مرتكبي التعذيب
والجهات التي يتبعونها بل جعل هذه المسئولية على عائق الدولة بأسرها.
- 2 تعويض " دعوى التعويض عن الخطأ التقصيري
. الصفة في الدعوى". دستور " تمثيل رئيس الجمهورية للدولة
في دعاوى التعويض عن التعذيب الذى ترتكبه السلطة". مسئولية " المسئولية
التقصيرية . مسئولية الدولة عن وقائع التعذيب والاعتداء على الحقوق ".
رئيس الجمهورية . صاحب الصفة في تمثيل الدولة في دعاوى التعويض عن
وقائع التعذيب والاعتداء على الحقوق والحريات العامة . تمثيل الوزير للدولة في الشئون
المتعلقة بوزارته لا يسلب صفة رئيس الجمهورية في تمثيل الدولة . علة ذلك . م 73 ،
137 ، 138 من الدستور .
لما كان مفاد المواد 73، 137، 138 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس
الجمهورية وهو الذى يتولى السلطة التنفيذية فيها، ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء
السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها، ومن ثم فهو ذو الصفة في تمثيل الدولة
ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولي
الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذى يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها فذلك ليس
من شأنه أن ينفى صفة رئيس الجمهورية في تمثيل الدولة ذاتها في دعاوى التعويض عن
وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحقوق والحريات العامة والتي تسال الدولة
عنها بنص الدستور.
- 3 تعويض " التعويض عن الفعل الضار غير
المشروع . عناصر الضرر". حكم " عيوب التدليل : القصور. ما يعد
كذلك". مسئولية " المسئولية التقصيرية .
الضرر". نقض " سلطة محكمة النقض".
التعويض . استقلال قاضي الموضوع بتقديره . تعيين عناصر الضرر التي
تدخل في حساب التعويض . من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض . قضاء
الحكم بالتعويض بصورة مجملة دون بيان عناصر الضرر . قصور .
لئن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضى
الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي
تخضع لرقابة محكمة النقض وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصرت على القول بأن مبلغ
.... مناسب لجميع الأضرار لجميع الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالطاعن دون
بيان لعناصر هذه الأضرار فإنه يكون مشوبا بالقصور
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 240 لسنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على
المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين أن يدفعا إليه مبلغ خمسين ألف جنيه،
وقال بيانا لذلك إنه عذب خلال فترة اعتقاله من أوائل أغسطس سنة 1959 حتى 4/4/1964
وأصابته من جراء التعذيب أضرار مادية وأدبية يقدر التعويض الجابر لها بذلك المبلغ
فأقام الدعوى طلبا له، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 28/2/1987 بإلزام المطعون
ضدهما متضامنين بأن يدفعا إلى الطاعن مبلغ عشرة آلاف جنيه، استأنف الخصوم هذا
الحكم بالاستئنافين 4957، 5172 لسنة 104ق القاهرة، وبتاريخ 30/11/1987 قضت المحكمة
بتعديله إلى إلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ ألف جنيه، طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم
المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول دعواه بالنسبة لرئيس الجمهورية – لرفعها على غير ذي
صفة – تأسيسا على أن رجال الشرطة مرتكبي التعذيب يتبعون وزير الداخلية في حين أن
التعويض عن التعذيب هو مسئولية الدولة ورئيس الجمهورية هو رئيسها الأمر الذي يعيب
الحكم بالخطأ في القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 57 من الدستور على
أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من
الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى
الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع
عليه الاعتداء" وفي المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب – التي أقرتها
الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/12/1984 ووافقت مصر عليها بقرار رئيس
الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 – على أن "تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية أو
إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع
لاختصاصها القضائي .. ولا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت سواء أكانت
هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من
حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب ... ولا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن
موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب" وفي المادة الرابعة على أن
"تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي
... مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة" وفي
المادة الرابعة عشرة على أن "تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من
يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب"
يدل على أن المشرع قدر أن التعذيب الذي ترتكبه السلطة ضد الأفراد هو عمل إجرامي ذو
طبيعة خطيرة أيا كانت الظروف التي يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه وأن الدعاوى
الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت الظروف السياسية التي وقع في
ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من القواعد العامة فمنع سقوطها
بالتقادم ولم يقصر المسئولية فيها على مرتكبي التعذيب والجهات التي يتبعونها بل
جعل هذه المسئولية على عاتق الدولة بأسرها. لما كان ذلك وكان مفاد المواد 73، 137،
138 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو الذي يتولى السلطة التنفيذية
فيها، ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها،
ومن ثم فهو ذو الصفة في تمثيل الدولة ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة في
الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذي
يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها. فذلك ليس من شأنه أن ينفي صفة رئيس الجمهورية في
تمثيل الدولة ذاتها في دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على
الحقوق والحريات العامة والتي تسأل الدولة عنها بنص الدستور وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في
التسبيب ذلك أنه خفض التعويض المقضي به بصورة جزافية دون أن يبين عناصر الضرر التي
أدخلها في حسابه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه ولئن كان تقدير التعويض عن الضرر
من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل
في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض. ولما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن مبلغ ألف جنيه مناسب لجميع الأضرار
المادية والأدبية التي لحقت بالطاعن دون بيان لعناصر هذه الأضرار فإنه يكون مشوبا
بالقصور بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق