الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 مايو 2018

الطعن 355 لسنة 29 ق جلسة 9 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 84 ص 525

جلسة 9 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

--------------

(84)
الطعن رقم 355 لسنة 29 القضائية

( أ ) وارث. "التحيل على أحكام الإرث". "تصرفات المورث". نظام عام.
أحكام الإرث من النظام العام، وكل تحايل عليها لا يقره القانون. التحايل الممنوع على أحكام الإرث هو ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً. مثال ذلك: اعتبار شخص وارثاً حالة أنه غير وارث أو العكس، التعامل في التركات المستقبلة، الزيادة أو النقص في الحصص الشرعية للورثة. خروج التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته عن دائرة التحيل ولو قصد بها المورث حرمان بعض ورثته.
(ب) وارث. "التحيل على أحكام الإرث". "تصرفات المورث". "الطعن فيها". غير. إثبات. صورية.
حق الوارث في الطعن على تصرف المورث بأنه وصية لا بيع وأنه قصد به التحايل على أحكام الإرث. حق خاص مصدره القانون وليس حقاً يتلقاه عن مورثه - اعتبار الوارث في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر - شرطه، أن يكون طعنه على التصرف أنه يخفي وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث. طعن الوارث على تصرف المورث بالصورية المطلقة، مصدره خلافته عن المورث لا القانون، تقيده في إثباته بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات.

---------------
1 - التحايل الممنوع على أحكام الإرث - لتعلق الإرث بالنظام العام - هو ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً كاعتبار شخص وارثاً وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس، وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً، أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية، ويترتب على هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته تكون صحيحة ولو كان المورث قد قصد بها إلى حرمان بعض ورثته، لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه (1).
2 - الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزاً إلا أنه في حقيقته وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية، لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث في حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها التحايل على قواعد الإرث، أما إذا كان مبنى الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمده من مورثه وليس من القانون، ومن ثم فلا يجوز له إثبات طعنه إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليها الأولى أقامت ضد الطاعنين والمطعون عليهما الثانية والثالثة الدعوى رقم 73 سنة 1955 مدني كلي أسيوط طالبة القضاء بتثبيت ملكيتها إلى 11.53 متراً شيوعاً في 250.16 متراً عبارة عن أربعة منازل كائنة ببندر أبو تيج محافظة أسيوط موضحة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى وبشطب التسجيلات الموقعة على هذا القدر وقالت بياناً لدعواها إنها تملك العقار المذكور ميراثاً عن والدها المرحوم ميخائيل بباوى وأنها إذ طالبت المدعى عليهم به ادعوا أن المرحوم ميخائيل بباوى - مورثها ومورثهم - قد باعهم أملاكه جميعاً بعقدين أحدهما مؤرخ في 18/ 4/ 1984 ومسجل في 5/ 5/ 1948 وثانيهما مؤرخ 12/ 8/ 1948 ومسجل في 25/ 8/ 1948 وأنها من ثم تطلب القضاء عليهم بطلباتهم السابقة - دفع المدعى عليهم الدعوى بأن مورثهم قد باعهم كل ما يملك بيعاً منجزاً بالعقدين المشار إليهما وطلبوا القضاء برفض الدعوى، ردت المدعية هذا الدفاع بأن عقدي المدعى عليهم صوريان وأنهم يخفيان وصية باطلة لصدورها من مورث إلى وارث بغير إجازة باقي الورثة، وبجلسة 16 من نوفمبر سنة 1955 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية (المطعون عليها الأولى) بكافة طرق الإثبات أن العقدين المسجلين المؤرخين 18/ 4/ 1948 و12/ 8/ 1948 عقدان صوريان لأنهما وصية وليسا بيعاً - وصرحت المحكمة للمدعى عليهم (الطاعنين والمطعون عليهما الثانية والثالثة) بالنفي - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بجلسة 15 من إبريل سنة 1956: أولاً - بثبوت ملكية المدعية إلى 11.53 متراً شيوعاً في 250.16 متراً في الأربعة منازل الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى. ثانياً - بمحو وشطب التسجيلات الواردة على هذا القدر بموجب العقدين المؤرخ أولهما 2/ 8/ 1948 والمسجل في 25/ 8/ 1948 برقم 4004 والمؤرخ ثانيهما 18/ 4/ 1948 والمسجل في 5/ 5/ 1948 برقم 2501 - وبنت المحكمة قضاءها هذا على أن العقدين المذكورين باطلان - استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 264 سنة 31 ق أسيوط فحكمت المحكمة بجلسة 14 من إبريل سنة 1959 برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بالنقض وأبدت النيابة الرأي بطلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تأويله وانعدام أساسه القانوني - وفي ذلك يقولون إنهم كانوا قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه إلا إذا كان طعنه على التصرف - منصباً على - أنه يخفي وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر من المورث وهو في مرض الموت، وأن الوارث لا يجوز له إثبات صورية سند صادر من مورثه إلى الغير إلا بالكتابة وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بالإحالة إلى التحقيق وكلفت المطعون عليها الأولى إثبات أن عقدي الطاعنين صوريان لأنهما وصية وليسا بيعاً، ولكن المحكمة عادت بعد ذلك في حكمها القطعي - الصادر من محكمة الدرجة الأولى ونحت نفسها عن الفصل في مسألة تنجيز التصرف موضوع العقدين وعدم تنجيزه واعتبرتها بعيدة عن مقطع النزاع مع أنها جوهرة وأقامت قضاءها على أن العقدين المطعون فيهما لا هما بيع ولا هما وصية وأنهما ما قصد بهما إلا التحايل على قواعد الإرث وأيده الحكم المطعون فيه أخذاً بأسبابه وأضاف إليها رداً على ما تمسك به الطاعنون من عدم جواز إثبات الصورية المطلقة بغير الكتابة أنه "لا جدال في أن الوارث يعتبر من الغير فيما يضره من تصرفات المورث لباقي الورثة وأنه لا يعتبر خلفاً عاماً للمورث إلا في مواجهة غير الورثة، وهذه الأسباب من الحكم المطعون فيه من الإطلاق والتعميم بحيث تفتح باب الطعن للوارث في كل تصرفات مورثه طعناً مبنياً على التحايل على قواعد الإرث دون تحفظ في بيان حدود هذا الطعن وحصرها في الادعاء بإخفاء تصرف المورث لوصية أو صدوره منه في مرض الموت وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تأويله.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الوارث يتقيد في الإثبات بما كان يتقيد به مورثه وأنه لا يجوز للوارث أن يثبت بغير الكتابة صورية سند صادر من مورثه إلا إذا كان طعن الوارث في هذا السند أنه يخفي وصية أو أنه صدر في مرض الموت ورتب الطاعنون على ذلك أنه إذا كان التصرف موضوع العقدين محل النزاع بيعاً منجزاً ولم يصدر في مرض موت المورث فإنه لا يجوز للمطعون عليها الأولى إثبات صورية هذين العقدين بغير الكتابة - وقد قضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى بكافة طرق الإثبات أن العقدين المذكورين عقدان صوريان لأنهما وصية وليس بيعاً "هكذا ينص حكمها" وبعد أن سمعت شهود الطرفين إثباتاً ونفياً أقامت قضاءها ببطلان العقدين على ما قررته في حكمها القطعي الصادر في 15 إبريل سنة 1956 من أنه "ثبت للمحكمة أن هذين العقدين المؤرخ أولهما في 2/ 8/ 1948 والمسجل برقم 4004 وثانيهما المؤرخ 18/ 4/ 1948 والمسجل برقم 2501 إنما هما لم يقصد بهما شيء سوى التحايل على قواعد الإرث لا أكثر من ذلك فلم تنصرف نية المتعاقدين فيهما إلى أي معنى من المعاني التي ساقها المدعى عليهم الأول والثاني والخامسة - الطاعنون - بمذكرتيهم سالفتي الذكر وأن أي مكتوب يقصد به الخروج على قواعد الميراث يكون باطلاً إذ أن قواعد التوريث من النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها" وقالت المحكمة في موضوع آخر من حكمها هذا "وحيث إن الرد على ما أثاره المدعى عليهم المذكورين بمذكرتهم يخلص في أن هذه الحالة المعروضة على المحكمة تغاير تماماً ما ذهبوا إليه فإننا لسنا بصدد عقود من النوع الذي أشاروا إليها وإنما نحن بصدد عقدين طعن عليهما بالصورية المطلقة باعتبار أنهما ما قصد بهما إلا التحايل على قواعد التوريث التي هي من النظام العام فليسا بوصية وليسا بيعاً كما وصفا بذلك" ولما طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق الاستئناف وتمسكوا بعدم جواز إثبات الصورية - ولو كانت مطلقة - بغير الكتابة ما دام التصرف منجزاً أبدت محكما الاستئناف الحكم الابتدائي وأخذت بأسبابه وأضافت إليها رداً على دفاع الطاعنين سالف الذكر ما يأتي "بما أن هذا الزعم في غير محله إذ أنه لا جدال في أن الوارث يعتبر من الغير فيما يضره من تصرفات المورث لباقي الورثة وأنه لا يعتبر خلفاً عاماً للمورث إلا في مواجهة غير الورثة". ولما كان التحايل الممنوع على أحكام الإرث لتعلق الإرث بالنظام العام وهو ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً كاعتبار شخص وارثاً وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية ويترتب على هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته تكون صحيحة ولو كان المورث قد قصد بها حرمان بعض ورثته لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه، وكان الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزاً إلا أنه في حقيقته وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذلك في حكم الوصية لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها التحايل على قواعد الإرث، أما إذا كان مبنى الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمده من مورثه وليس من القانون ومن ثم فلا يجوز له إثبات طعنه إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه وإن قرر أن العقدين المطعون فيهما قد قصد بهما التحايل على قواعد التوريث إلا أنه نفى في نفس الوقت أنه قصد بهما الإيصاء وقال إن نية المتعاقدين فيهما لم تنصرف إلى أي معنى من معاني الوصية أو البيع أو غيرهما وأنهما صوريان صورية مطلقة، وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى هذا الذي قرره الحكم الابتدائي أن الوارث يعتبر من الغير فيما يضره من تصرفات المورث لباقي الورثة دون أن يفرق في ذلك بين المنجز من هذه التصرفات والمضاف فيه التمليك إلى ما بعد الموت مع اختلاف حكم القانون في كل من النوعين كما أضاف الحكم أن الوارث لا يعتبر خلفاً عاماً للمورث إلا في مواجهة غير الورثة وهو تقرير غير صحيح على إطلاقه كما يتضح من القواعد القانونية المتقدم ذكرها لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بتقريره هذا وذاك وبما أخذ به من أسباب الحكم الابتدائي يكون قد أخطأ فهم القواعد القانونية الواجب إعمالها وشاب الاضطراب والتجهيل أسبابه القانونية بما تعجز معه محكمة النقض عن ممارسة حقها في مراقبة تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 24/ 10/ 1963 الطعن 355 س 28 ق السنة 14 س 981، 21/ 6/ 1962 الطعن 414 س 26 ق السنة 13 ص 824.
(2) راجع نقض 24/ 10/ 1963 الطعن 355 س 28 ق، 25/ 4/ 1963 الطعنين 459، 471 س 26 ق السنة 14 ص 981، 579، 21/ 6/ 1962 الطعن 414 س 26 ق السنة 13 ص 824.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق