الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 أبريل 2022

الطعن رقم 298 لسنة 30 ق دستورية عليا "دستورية"جلسة 2 / 4 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من أبريل سنة 2022م، الموافق الأول من رمضان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة .

وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 298 لسنة 30 قضائية "دستورية".

المقامة من
محمد على عبد العزيز محمد
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العدل
3- وزير القوى العاملة والهجرة
4- رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت بورتلاند طره المصرية
5- العضو المنتدب لشركة أسمنت بورتلاند طره المصرية
6- رئيس اللجنة النقابية للعاملين بشركة أسمنت بورتلاند طره المصرية
7- نائب رئيس اللجنة النقابية للعاملين بشركة بورتلاند طره المصرية
8- سيد طه حسن، بصفته رئيس النقابة العامة للعاملين في صناعات البناء والأخشاب
9- حسين مجاور، بصفته أمين عام صندوق الاتحاد العام لنقابات عمال مصر

----------------

" الإجراءات "
بتاريخ الحادي والعشرين من ديسمبر سنة 2008، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (168، 169، 170، 180) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى، وآخرين، يعملون لدى شركة أسمنت بورتلاند طره، وبتاريخ 8/ 2/ 2006، أبرمت الشركة مع كل من النقابة العامة للعاملين في صناعة البناء والأخشاب، والاتحاد العام لنقابات عمال مصر، واللجنة النقابية بالشركة، اتفاقية عمل جماعية تضمنت تحديد حصة العاملين في الأرباح، المقررة لهم في سنة 2005، بمبلغ 35000000 (فقط خمسة وثلاثون مليون جنيه)، دون الالتزام بأحكام المادة (41) من قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981. وعلى إثر ذلك أقاموا الدعوى رقم 3906 لسنة 2006 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليهم، بغية الحكم ببطلان اتفاقية العمل الجماعية، فيما تضمنته من انتقاص حصتهم في الأرباح عن 10 % للسنة المالية 2005، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها حساب حصة العاملين في الأرباح بمبلغ 107021620(فقط مائة وسبعة ملايين وواحد وعشرون ألفًا وستمائة وعشرون جنيهًا)، وكذا بطلان تفسير تلك الاتفاقية، الحاصل بتاريخ 19/ 2/ 2006. وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعى عليها الرابعة بعدم قبول الدعوى شكلاً، لرفعها بغير الطريق الذي رسمه قانون العمل، باللجوء ابتداء إلى وسائل فض منازعات العمل الجماعية، المنظمة في الكتاب الرابع من الباب الرابع من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، وبجلسة 4/ 11/ 2008، دفع المدعي بعدم دستورية المواد (168، 169، 170 ،180) من قانون العمل المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، قررت التأجيل لجلسة 30/ 12/ 2008، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (168) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ تنص على أنه "مع عدم الإخلال بحق التقاضي تسري أحكام هذا الباب على كل نزاع يتعلق بشروط العمل أو ظروفه أو أحكام الاستخدام ينشأ بين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال وبين جميع العمال أو فريق منهم".
وتنص المادة (169) على أنه "إذا ثار نزاع مما نص عليه في المادة السابقة وجب على طرفيه الدخول في مفاوضة جماعية لتسويته وديًا". وتنص المادة (170) على أنه "إذا لم تتم تسوية النزاع كليًا خلال ثلاثين يومًا من تاريخ بدء المفاوضة جاز للطرفين أو لأحدهما أو لمن يمثلهما التقدم بطلب إلى الجهة الإدارية المختصة لاتخاذ إجراءات الوساطة".
وتنص المادة (180) على أنه "يجب أن يكون طلب التحكيم المقدم من صاحب العمل موقعًا منه أو من وكيله المفوض. فإذا كان الطلب من العمال وجب تقديمه من رئيس اللجنة النقابية - إن وجدت - أو من النقابة العامة المختصة، وذلك كله بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة. وتتولى الجهة الإدارية المختصة إحالة ملف النزاع إلى هيئة التحكيم، وذلك خلال يومين من تاريخ تقديم الطلب".
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة، شرط لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذه المصلحة باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعى - في حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاً بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه. والمصلحة في الدعوى الدستورية كما تتوافر إذا كانت لصاحبها فيها مصلحة قائمة يقرها القانون، فإن مصلحته المحتملة بشأنها تكفى لقبولها. متى كان ذلك، وكان المدعي يهدف من دعواه الدستورية المعروضة، التحلل من شرط وجوب اللجوء ابتداء إلى وسائل فض منازعات العمل الجماعية، المنظمة في المواد (168، 169، 170، 180) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، وذلك حتى تقبل دعواه الموضوعية، التي أقامها مباشرة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية.
ومن ثم تتوافر للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على دستورية نصوص المواد المشار إليها، ويتحدد نطاقها، في ضوء الطلبات المطروحة في النزاع الموضوعي، فيما تضمنه نص المادة (168) من قانون العمل من سريان أحكام الباب الرابع من الكتاب الرابع، على منازعات العمل الجماعية، المتعلقة بشروط العمل أو ظروفه، ونصى المادتين (169، 170) منه، اللتين أوجبتا اللجوء ابتداء لفض تلك المنازعات عن طريق المفاوضة الجماعية، فإن لم تتم تسوية المنازعة كليًّا خلال ثلاثين يومًا من تاريخ بدء المفاوضة، جاز للطرفين أو لأحدهما أو لمن يمثلهما التقدم بطلب إلى الجهة الإدارية المختصة لاتخاذ إجراءات الوساطة، وما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (180) من هذا القانون من وجوب تقديم العمال طلب اتخاذ إجراءات التحكيم من رئيس اللجنة النقابية- إن وجدت- أو من النقابة العامة المختصة، وذلك كله بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة، مما يتعين معه القضاء بقبول الدعوى بالنسبة لنصوص المواد المشار إليها، في حدود نطاقها المتقدم، وبعدم قبولها فيما جاوز ذلك من الأحكام الأخرى التي تضمنتها هذه المواد.
وحيث إن المدعي ينعى على نصوص المواد (168، 169، 170) المطعون عليها - في النطاق السالف تحديده-، إخلالها بمبدأ المساواة وحق التقاضي اللذين كفلهما الدستور الصادر سنة 1971 في المادتين (40، 68) منه، وتقابلها المواد (4، 40، 97) من الدستور الحالي، بقالة إن إجبار هذه النصوص العمال على ولوج سبل فض منازعات العمل الجماعية، عن طريق المفاوضة والوساطة والتحكيم، وحجبهم عن طرح منازعاتهم ابتداء على القضاء، قبل المرور بتلك المراحل، مما يخل - وفق ما يراه المدعي - بمقتضيات حق التقاضي. ومن جانب آخر، فإن نص الفقرة الثانية من المادة (180) من قانون العمل المشار إليه، يهدر مبدأ المساواة وحق التقاضي، ذلك أن الفقرة الأولى من تلك المادة أجازت لصاحب العمل تقديم طلب إلى الجهة الإدارية المختصة لاتخاذ إجراءات التحكيم، حال منعت الفقرة الثانية من تلك المادة العمال من تقديم هذا الطلب، مشترطة أن يقدم من خلال التنظيم النقابي، معلقة بذلك حقهم في هذا الشأن على إرادة ذلك التنظيم.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، كون نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم فيها، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
لما كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعي إلى النصوص المطعون عليها - في النطاق السالف تحديده - تندرج تحت المناعي الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة النصوص التشريعية لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي. ومن ثم، تباشر هذه المحكمة رقابتها على دستورية النصوص المطعون عليها - التي مازالت سارية ومعمولاً بأحكامها - في ضوء أحكام الدستور القائم الصادر سنة 2014.
وحيث إن المادة الأولى من اتفاقية العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، تضمنت حق العمال وأصحاب الأعمال في تكوين منظماتهم، كما عرفت المادة العاشرة منها، مصطلح "منظمة" بأنها أية منظمة للعمال أو لأصحاب العمل تستهدف تعزيز مصالح العمال أو أصحاب العمل والدفاع عنها، وعرفت المادة الثانية من اتفاقية العمل الدولية رقم 154 لسنة 1981 بشأن تشجيع المفاوضة الجماعية، "المفاوضة الجماعية" بأنها جميع المفاوضات التي تجري بين صاحب عمل، أو مجموعة من أصحاب العمل أو واحدة أو أكثر من منظمات أصحاب العمل من جهة، ومنظمة عمال أو أكثر من جهة أخرى، من أجل تحديد شروط العمل وأحكام الاستخدام، وتنظيم العلاقات بين أصحاب العمل والعمال، وتنظيم العلاقات بين أصحاب العمل أو منظماتهم ومنظمة أو منظمات عمال. وناطت المادة الخامسة منها بالدول أن تتخذ كافة التدابير الوطنية من أجل تشجيع المفاوضة الجماعية. وهو ما أكد عليه الدستور الحالي، تمشيًا مع التزام الدولة بالاتفاقيات والعهود الدولية، والمواثيق الدولية، الذي عُد بمقتضى المادة (93) من الدستور، التزامًا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وإيمانًا بأن المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قننها الدستور في مجمل أحكامها بنص المادة (76) منه، التي تحتم إنشاء ذلك التنظيم وفق أسس ديموقراطية يكون القانون كافلاً لها، راعيًا لدوره في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية والاقتصادية التي استهدفها، مرتقيًا بكفايتها، فلا يتنصل أعضاؤها من واجباتهم أو يعملون على نقيضها، أو ينحرفون عنها، ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانونًا. وهو ما يعنى أن إفراد النقابات بنص المادة (76) المشار إليها، لا يعدو أن يكون اعترافًا من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانونًا لأعضائها، وما ينبغي أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها في مجموعها، وتمثيلًا لأعضائها.
وحيث إن ضمان الدستور لحق التقاضي، المنصوص عليه في المادة (97) منه، مؤداه: ألا يعزل الناس جميعهم أو فريق منهم أو أحدهم عن النفاذ إلى جهة قضائية تكفل بتشكيلها، وقواعد تنظيمها، ومضمون القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها أمامها، حدًّا أدنى من الحقوق التي لا يجوز إنكارها عمن يلجون أبوابها، ضمانًا لمحاكمتهم إنصافًا. كذلك فإن لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تُعَسِّر الحصول عليها أو تحول دونها، كان ذلك إخلالاً بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق، وإنكارًا لحقائق العدل في جوهر ملامحها. وحيث إن الباب الرابع من الكتاب الرابع من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، المعنون "منازعات العمل الجماعية"، رسم طريقًا لفض منازعات العمل الجماعية قبل اللجوء إلى القضاء، عن طريق المفاوضة الجماعية، كأحد الوسائل الودية لحل هذا النزاع، من خلال الحوار والمناقشات التي تجريها المنظمات النقابية مع أصحاب الأعمال، كمرحلة أولية لفض هذا النزاع، فإذا استنفد هذا الإجراء، ولم يتم تسوية النزاع كليًّا خلال ثلاثين يومًا من تاريخ بدء المفاوضة، جاز للطرفين أو لأحدهما أو لمن يمثلهما التقدم بطلب إلى الجهة الإدارية المختصة لاتخاذ إجراءات الوساطة، فإذا لم يقبل الطرفان أو أحدهما التوصيات التي قدمها الوسيط، كان لطرفي النزاع الحق في اللجوء إلى التحكيم طبقًا لنص المادة (179) وما بعدها من قانون العمل المنظمة لذلك، مقروءة في ضوء إنفاذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 8/ 5/ 2021، في الدعوى رقم 33 لسنة 36 قضائية "دستورية"، القاضي أولاً: بعدم دستورية نص المادة (179) من قانون العمل، الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، فيما تضمنه من اعتبار تقدم أحد طرفي منازعة العمل الجماعية إلى الجهة الإدارية المختصة بطلب اتخاذ إجراءات التحكيم، أمرًا ملزمًا لخصمه بالمضي في هذه الإجراءات، ولو لم يقبلها. ثانيًا: بعدم دستورية نصى البندين ٣ و٤ من المادة (182) من القانون ذاته فيما لم يتضمناه من اشتراط، ألا يكون المحكم المختار عن التنظيم النقابي، وكذلك المحكم المختار عن الوزارة المختصة، في عضوية هيئة التحكيم، المسند إليها الفصل في منازعة العمل الجماعية، قد سبق اشتراكهما، بأية صورة، في بحث المنازعة ذاتها أو محاولة تسويتها. ثالثًا: رفض ما عدا ذلك من طلبات. ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية العدد رقم 19 (تابع) بتاريخ 17/ 5/ 2021، ومن ثم فإنه بعد استنفاد مرحلتي المفاوضة والوساطة ينعقد لأى من طرفي النزاع - بالإضافة إلى سلوك سبيل التحكيم - ولوج طريقه إلى الخصومة القضائية، ليفصل قضاتها في الحقوق المدعى بها، سواء بإثباتها أو بنفيها. بما مؤداه أن يكون مسلك المشرع في المادة (168) من قانون العمل المشار إليه، قد جاء في إطار سلطته التقديرية في تنظيم حق التقاضي، دون مصادرته، أو النيل منه، أو من ولاية القضاء، وبما لا مخالفة فيه لنص المادة (97) من الدستور.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شروط قبول الدعوى وثيقة الصلة بالحق في رفعها، وغايتها ألا تقبل الخصومة القضائية قبل أوانها، أو بعد انتهاء النزاع في موضوعها، أو قبل استيفائها لعناصر تكفل نضجها وتماسكها. وكان المشرع كثيرًا ما ينظم طريقًا للتظلم من قرارات بذواتها قبل التداعى بشأنها، فلا يكون هذا الطريق إلا شرطًا لجواز اختصامها قضاء. وكان المشرع قد قدر في قانون العمل، أن العمال لا يعنيهم غير الحصول على حقوقهم بأيسر الوسائل وأقلها تكلفة، فنظم من أجل الحصول على حقوقهم طريقًا أوليًّا قد يُغنيهم عن الخصومة القضائية، وإن كان لا يحول دونها، جاعلاً منها، وسيلتهم إلى إنهاء النزاع وديًّا حول الحقوق التي يدعونها، ومتطلبًا طرق أبوابها، واستنفاد الميعاد المحدد لها لفحص هذه الحقوق، كشرط مبدئى لجواز طلبها قضاء. ولا مخالفة في ذلك للدستور، ومن ثم فإن اعتماد المشرع بمقتضى نص المادة (169) من قانون العمل المفاوضة الجماعية سبيلاً لتسوية المنازعات التي عددتها المادة (168) من هذا القانون، ومن بينها تلك المتعلقة بشروط العمل أو ظرفه، ثم اتخاذ إجراءات الوساطة طبقًا لنص المادة (170) من القانون، في حالة عدم تسوية النزاع خلال المهلة التي حددها القانون وذلك وفاءً من الدولة بالتزامها الدستورى المقرر بمقتضى نص المادة (13) من الدستور بكفالة سبل التفاوض الجماعى،لا ينال من حق التقاضى الذي كفله الدستور في المادة (97) منه، سواء في محتواه أو مقاصده. ذلك أنهما يمثلان مرحلة أولية لفض النزاع حول حقوق يتفاوض عليها الطرفان، فإذا استنفداها، ظل طريقهم إلى الخصومة القضائية متاحًا ليفصل قضاتها في الحقوق المدعى بها، سواء بإثباتها أو بنفيها. وحيث إن ضمانة سرعة الفصل في القضايا المنصوص عليها في المادة (97) من الدستور، غايتها أن يتم الفصل في الخصومة القضائية - بعد عرضها على قضاتها- خلال فترة زمنية لا تجاوز باستطالتها كل حد معقول، ولا يكون قصرها متناهيًا، ذلك أن امتداد زمن الفصل في هذه الخصومة دون ضرورة، يعطل مقاصدها، ويفقد النزاع جدواه. فإذا كان وقتها مبتسرًا، كان الفصل فيها متعجلاً منافيًا حقائق العدل. متى كان ذلك، وكان نص المادة (170) من قانون العمل قد حدد للمفاوضة المنصوص عليها فيها، أجلاً لا يجاوز ثلاثين يومًا، يبدأ سريانها من تاريخ بدء إجراءات المفاوضة؛ وحدد عجز نص المادة (172) من ذلك القانون، للوساطة المنصوص عليها فيه، مدة حدها الأقصى خمسة وأربعون يومًا يتعين خلالها على الوسيط إنهاء مهمته، وهو ما أكد عليه نص الفقرة الثانية من المادة (174) من ذلك القانون. وكان هذا الميعاد معقولاً لا يحمل أطراف منازعة العمل الجماعية ما لا يطيقون، بل يُدنيهم من الحقوق التي يسعون جاهدين للحصول عليها، فإن النعى بمخالفة المواد المطعون فيها لنص المادة (97) من الدستور، يكون فاقدًا لسنده.
وحيث إنه عما ينعاه المدعى على التنظيم الذي أورده المشرع بالفقرة الثانية من المادة (180) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، إخلاله بمبدأ المساواة، والحق في التقاضى، بالمخالفة لنصى المادتين (40، 68) من دستور سنة 1971، المقابلة لنصوص المواد (4، 53، 97) من دستور سنة 2014، بقالة إنه مايز بين صاحب العمل والعمال في تقديم طلب التحكيم، فمنح صاحب العمل الحق في تقديم الطلب مباشرة إلى الجهة الإدارية، بينما اشترط أن يقدم طلب العمال من خلال منظماتهم النقابية، ومن ثم تعليق إرادة العمال الخاضعين لأحكام هذا القانون، في مباشرة حقهم في التقاضى، على إرادة التنظيمات النقابية، على نحو يؤدى إلى إهدار إرادتهم وتقويض حقهم في التقاضى المصان دستوريًّا، فمردود أولاً: أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون- وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها- مؤداه: ألا تقر السلطة التشريعية أو تصدر السلطة التنفيذية - في حدود صلاحياتها التي ناطها الدستور بها - تشريعًا يخل بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور، أو التي كفلها المشرع. ومن ثم كان هذا المبدأ عاصمًا من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزًا غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتوافق عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها. ومردود ثانيًا: أن الدستور الحالى قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه، مبدأ المساواة باعتباره إلى جانب مبدأى العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه، على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون فيه - بما ينطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا، وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعنى معاملة المواطنين جميعًا وفق قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعى قد ينطوى على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سواء من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أو من خلال المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التي ينظم بها المشرع موضوعًا معينًا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التي توخى تحقيقها بالوسائل التي لجأ إليها منطقيًّا، وليس واهنًا، أو منتحلاً،، بما يخل بالأسس التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا. ومردود ثالثًا: بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة، من أن الخصومة القضائية، تؤكد بمضمونها، أن حقوقًا وقع الإخلال بها، وأن الفصل فيها إنصافًا مطلبها، وأن ردها لأصحابها غايتها. وأن هذه الحقوق، إما أن تبلور مصالح جماعية، كتلك التي تؤمنها النقابة وتحميها بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها ويحتضنها، وإما أن يتعلق بهذه الحقوق مركز قانونى خاص، يكفل مصالح ذاتية لأحد أعضائها، فلا يكون الدفاع عنها إلا متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة.
متى كان ذلك، وكان نص المادة (180) من قانون العمل المشار إليه وإن تعلق بتحديد صاحب الصفة في تقديم طلب التحكيم بالنسبة لصاحب العمل أو العمال، وما يعنيه ذلك من قبول اللجوء للتحكيم، واختياره سبيلاً لحل المنازعات، وكانت منازعات العمل الجماعية، تتعلق بمصالح مشتركة تخص جموع العاملين بالمنشأة، ولا تتعلق بمنازعات ترتبط بحقوق فردية، ذات صلة بمراكز قانونية ذاتية، فمن ثم كان سائغًا أن يوسد المشرع للتنظيمات النقابية بمقتضى نص المادة (180) المشار إليه، الدور الفاعل في المطالبة القضائية بالحقوق التي تبلور مصالح جماعية لجموع العاملين بالنقابة، ومن بينها منازعات العمل الجماعية التي تتصل بشروط العمل أو ظروفه، التي تطرحها الدعوى المعروضة، وذلك بجعلها، ممثلة في رئيس اللجنة النقابية، أو النقابة العامة المختصة، بعد موافقة مجلس النقابة العامة، صاحبة الصفة في تقديم طلب التحكيم، وذلك تمكينًا للنقابات من أداء دورها، والوفاء بالتزامها الدستورى المقرر بالمادتين (76، 77) من الدستور، في الدفاع عن حقوق العمال وحماية مصالحهم، ومراعاة من المشرع للطبيعة القانونية لمنازعات العمل الجماعية، والحقوق والمصالح محلها، والدور المنوط بالدولة بمقتضى نصى المادتين (13، 27) من الدستور، في الحفاظ على حقوق العمال، وتحقيق التوازن بين أطراف علاقة العمل سواء في ذلك العمال أو أصحاب الأعمال، بما يسهم في بناء علاقات عمل متوازنة بين أطراف العملية الإنتاجية، وكفالة تحقيق ذلك من خلال تفعيل دور المنظمات النقابية في الدفاع عن حقوق ومصالح العمال، ليضحى التنظيم الذي تضمنته الفقرة الثانية من المادة (180) من قانون العمل المطعون فيها، باعتباره الوسيلة التي اختارها المشرع، وقدر مناسبتها لبلوغ الأهداف والأغراض المتقدمة، وكفالة تحقيقها، والتى ترتبط بتلك الغايات بعلاقة منطقية وعقلية، مستندًا إلى أسس موضوعية تبرره، ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّا بين العمال وأصحاب الأعمال في مجال اللجوء إلى التحكيم، يخالف مبدأ المساواة، الذي حرص الدستور على كفالته بالمادتين (4، 53) منه، كما يدخل تقرير هذا النص في نطاق السلطة التقديرية المقررة للمشرع في مجال تنظيم حق التقاضى، الذي كفلته المادة (97) من الدستور، دون مساس بأصله وجوهره. وحيث إن النصوص المطعون عليها لا تتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

قانون 179 لسنة 2008 بتعديل القانون 16 لسنة 1970 بنظام البريد

الجريدة الرسمية - العدد 25 (مكرر) - السنة الحادية والخمسون
18 جمادى الآخرة سنة 1429 هـ، الموافق 22 يونية سنة 2008 م

قانون رقم 179 لسنة 2008
بتعديل بعض أحكام القانون
رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد

باسم الشعب
رئيس الجمهورية
قرر مجلس الشعب القانون الآتى نصه، وقد أصدرناه:

(المادة الأولى)

يستبدل بنص المادة (33) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، النص الآتى:
مادة (33):
"استثناء من حكم المادة (475) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، تسرى فى شأن الشيكات البريدية أحكام الفقرات 1، 3، 4 من المادة (534) من القانون المشار إليه".

(المادة الثانية)

يُنشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتبارًا من اليوم التالى لتاريخ نشره.
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.
صدر برئاسة الجمهورية فى 18 جمادى الآخرة سنة 1429 هـ
                (الموافق 22 يونيه سنة 2008 م)

حسنى مبارك               

الخميس، 28 أبريل 2022

الطعن 4006 لسنة 72 ق جلسة 11 / 5 / 2015 مكتب فني 66 ق 107 ص 707

جلسة 11 من مايو سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد فراج، طارق خشبة، صالح مصطفى ومحمد الأسيوطي نواب رئيس المحكمة.
-----------------

(107)
الطعن رقم 4006 لسنة 72 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو صحيفة الطعن. شرطه. توفر عناصر الفصل فيها وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم.

(2) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: تعلقه بالنظام العام". 

الاختصاص الولائي. اعتباره مطروحا دائما على المحكمة. الحكم الصادر في موضوع الدعوى. اشتماله على قضاء ضمني في الاختصاص. الطعن فيه. انسحابه بالضرورة على القضاء في الاختصاص ولو لم يثر من الخصوم أو النيابة. أثره. وجوب تصدي المحكمة له من تلقاء ذاتها.

(3) قرار إداري "اختصاص القضاء العادي بشأن القرارات الإدارية".
القرار الإداري. ماهيته. اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عنه. مناطه. المادتان 15 ق 46 لسنة 1972، 10 ق 47 لسنة 1972. المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية دون أن تكون تنفيذا مباشرا لقرارات إدارية. اختصاص محاكم القضاء العادي وحدها بنظرها.

(4 ، 5) اختصاص "ما يخرج من ولاية المحاكم العادية: المنازعة بشأن قيمة الاشتراك السنوي في اتحاد الصناعات والغرف الصناعية".
(4) اتحاد الصناعات والغرف الصناعية. من أشخاص القانون العام. تقدير قيمة الاشتراك السنوي في عضويته. تحديده بمقتضى قرار إداري صادر من أحد أشخاص القانون العام. أثره. اختصاص محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بنظره.

(5) ثبوت صدور قرار من جهة إدارية إعمالا للسلطة المخولة لها وفقا للقانونين واللوائح لإحداث مركز قانوني معين ممكن وجائز قانونا وفقا لمصلحة عامة. مؤداه. اعتباره عملا قانونيا توفرت له خصائص القرارات الإدارية ومقوماتها. أثره. انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى لجهة القضاء الإداري دون غيره. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وعقده لنفسه الاختصاص بنظر موضوع الدعوى بالمخالفة لقاعدة من قواعد الاختصاص الولائي وهي قاعدة متعلقة بالنظام العام. خطأ.

(6) نقض "أثر نقض الحكم: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. وجوب تعيين المحكمة المختصة الواجب التداعي أمامها بإجراءات جديدة عند الاقتضاء. م 269/ 1 مرافعات.

-----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، إذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتما على قضاء ضمني في الاختصاص والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.

3 - إن مؤدى النص في المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء وتأويلا ووقف تنفيذ وتعويض عن الأضرار معقود كأصل عام لجهة القضاء الإداري بمجلس الدولة سواء رفعت هذه الطلبات بصفة أصيلة أو تبعية، وكان القرار الإداري هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة وهو بذلك يختلف عن الأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية - دون أن يكون تنفيذا مباشرا لقرارات إدارية - والتي يكون الاختصاص بالفصل في المنازعة الناشئة عنها معقودا لمحاكم القضاء العادي.

4 - إذ كان مؤدى النص في المواد الأولى، 12 فقرة 1 و 13 من قرار رئيس الجمهورية الصادر رقم 453 لسنة 1958 بإنشاء غرف صناعية يدل على أن اتحاد الصناعات والغرف الصناعية هو من أشخاص القانون العام، وأن تقدير قيمة الاشتراك السنوي في عضويته يتحدد بمقتضى قرار إداري صادر من شخص من أشخاص القانون العام يملك إصداره وبقصد تحقيق أثر قانوني فيكون بذلك قرارا إداريا مما يختص بنظره محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة.

5 - إذ كان البين من الأوراق أنه قد صدر قرار من مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية بتاريخ 23/ 9/ 1987 باحتساب الاشتراك في عضويتها بنسبة 1.5 في الألف من رأس المال المستثمر، وكانت طلبات المطعون ضده أحتساب الاشتراك على أساس رأس مال المنشأة المدرج بسجل الشركات، ومن ثم فإن التكييف الصحيح للمنازعة المطروحة بحسب حقيقتها ومرماها أنها بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية الصادر بتاريخ 23/ 9/ 1987 فيما تضمنه من تقدير قيمة الاشتراك السنوي للمنشآت الصناعية المدرجة بعضويتها على أساس رأس المال المستثمر واحتسابه على أساس رأس المال المدرج بسجل الشركات، وكان هذا القرار قد صدر من جهة إدارية إعمالا للسلطة المخولة لها وفقا للقانونين واللوائح مستهدفة بأثره إحداث مركز قانوني معين ممكن وجائز قانونا مبتغية به مصلحة عامة، فإنه بذلك يعد عملا قانونيا توفرت له خصائص القرارات الإدارية ومقوماتها، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى لجهة القضاء الإداري دون غيره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعقد لنفسه الاختصاص بنظر موضوع الدعوى فإنه يكون قد قضى ضمنا باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى بالمخالفة لقاعدة من قواعد الاختصاص الولائي وهي قاعدة متعلقة بالنظام العام (فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون).

6 - إذ كان اختصاص المحكمة شرطا لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فيها، فإن من شأن نقض الحكم لسبب يتعلق بهذا الاختصاص نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في موضوع النزاع، وكانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1999 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم بتحديد قيمة اشتراك الشركة في عضوية غرفة الصناعات الهندسية على أساس رأس مالها المدرج لدى مصلحة الشركات وليس على أساس رأس مالها المستثمر، استنادا إلى أنه يجب احتساب هذا الاشتراك طبقا لما هو ثابت بصحيفتها لدى المصلحة المذكورة دون النظر إلى إجمالي تكاليف المشروع. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن بصفته الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 119 ق القاهرة، وبتاريخ 29/ 4/ 2004 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لتعرضه لقرار إداري بتحديد الاشتراك في اتحاد الصناعات والغرف الصناعية.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، وإذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتما على قضاء ضمني في الاختصاص والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء آثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة أو لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، وأن مؤدى النص في المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء وتأويلا ووقف تنفيذ وتعويضا عن الأضرار معقود كأصل عام لجهة القضاء الإداري بمجلس الدولة سواء رفعت هذه الطلبات بصفة أصيلة أو تبعية، وكان القرار الإداري هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة وهو بذلك يختلف عن الأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية - دون أن يكون تنفيذا مباشرا لقرارات إدارية - والتي يكون الاختصاص بالفصل في المنازعة الناشئة عنها معقودا لمحاكم القضاء العادي، وكان مؤدى النص في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية الصادر رقم 453 لسنة 1958 بإنشاء غرف صناعية تنص على أن "تنشأ غرف للصناعات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصناعة وتعتبر هذه الغرف من المؤسسات العامة، والنص في المادة 12 فقرة 1 من ذات القرار "تتكون أموال الغرفة من ... الاشتراكات التي تفرضها الغرفة على أعضائها بمقتضى قرارات تصدر عنها وفقا لأحكام اللائحة المشتركة بعد اعتمادها من وزير الصناعة"، وفي المادة 13 من ذات القرار "تقرر الاشتراكات التي تفرض على الأعضاء المشار إليها في المادة السابقة بواسطة مجلس إدارة الغرفة ويراعى فيها أساس رأس مال المنشأة وعدد من يعملون فيها"، يدل على أن اتحاد الصناعات والغرف الصناعية هو من أشخاص القانون العام وإن تقدير قيمة الاشتراك السنوي في عضويته يتحدد بمقتضى قرار إداري صادر من شخص من أشخاص القانون العام يملك إصداره وبقصد تحقيق أثر قانوني فيكون بذلك قرارا إداريا مما يختص بنظره محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة.

لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أنه قد صدر قرار من مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية بتاريخ 23/ 9/ 1987 باحتساب الاشتراك في عضويتها بنسبة 1.5 في الألف من رأس المال المستثمر، وكانت طلبات المطعون ضده احتساب الاشتراك على أساس رأس مال المنشأة المدرج بسجل الشركات، ومن ثم فإن التكييف الصحيح للمنازعة المطروحة بحسب حقيقتها ومرماها أنها بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية الصادر بتاريخ 23/ 9/ 1987 فيما تضمنه من تقدير قيمة الاشتراك السنوي للمنشآت الصناعية المدرجة بعضويتها على أساس رأس المال المستثمر واحتسابه على أساس رأس المال المدرج بسجل الشركات، وكان هذا القرار قد صدر من جهة إدارية إعمالا للسلطة المخولة لها وفقا للقانونين واللوائح مستهدفة بأثره إحداث مركز قانوني معين ممكن وجائز قانونا مبتغية به مصلحة عامة فإنه بذلك يعد عملا قانونيا توافرت له خصائص القرارات الإدارية ومقوماتها، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى لجهة القضاء الإداري دون غيره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعقد لنفسه الاختصاص بنظر موضوع الدعوى فإنه يكون قد قضى ضمنا باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى بالمخالفة لقاعدة من قواعد الاختصاص الولائي وهي قاعدة متعلقة بالنظام العام بما يوجب نقضه، وإذ كان اختصاص المحكمة شرطا لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فيها فإن من شأن نقض الحكم لسبب يتعلق بهذا الاختصاص نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في موضوع النزاع
.

وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.

الطعن 1299 لسنة 76 ق جلسة 14 / 5 / 2015 مكتب فني 66 ق 111 ص 740

جلسة 14 من مايو سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، محمد عاطف ثابت وعلاء الجزار نواب رئيس المحكمة.
-------------

(111)
الطعن رقم 1299 لسنة 76 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب الوارد على غير محل.
ورود النعي على الحكم الابتدائي دون أن يصادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه. أثره. عدم قبول النعي. إغفال محكمة أول درجة الفصل في بعض الطلبات. مؤداه. الرجوع إلى تلك المحكمة لاستدراك ذلك. م 193 مرافعات. نعي الحكم المطعون فيه بذلك. غير مقبول.

(2 ، 3) شركات "عقد الشركة: أركان عقد الشركة: الأركان الشكلية: إثبات شركات الواقع" "انقضاء الشركة".
(2) بطلان عقد الشركة إذا لم يكن مكتوبا. لا أثر للبطلان على الشركاء إلا من وقت طلبه م 507 من القانون المدني. قيام شركة واقع بين الشركاء. إثباتها وإثبات مزاولتها لنشاطها بكافة طرق الإثبات.

(3) انتهاء الشركة غير معينة المدة بانسحاب أحد الشركاء. شرطه. قبول الانسحاب من عدمه وتعويض الشريك المضرور عن الانسحاب غير الملائم. خضوعه لسلطة محكمة الموضوع. م 529 مدني.

(4) قوة الأمر المقضي "أثر اكتساب قوة الأمر المقضي".
القضاء بثبوت حق أو بانتفائه مترتب على ثبوت أو انتفاء مسألة أساسية. اكتسابه قوة الأمر المقضي في تلك المسألة. مانع لذات الخصوم من التنازع فيها بطريق الدعوى أو الدفع بشأن أي حق آخر مترتب على ثبوتها أو انتفائها.

(5) حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق".
مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها.

(6) شركات "عقد الشركة: أركان عقد الشركة: الأركان الشكلية للشركة: إثبات شركات الواقع".
خلو الأوراق من الدليل على وجود عقد الشركة. لا يمنع من سريان الشركة باعتبارها شركة واقع. شرطه. ثبوت مباشرتها فعلا لنشاطها. مثال.

-------------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان وجه النعي موجها إلى الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه فإنه يكون غير مقبول، وكان النعي على حكم أول درجة بإغفاله الفصل في طلبات الطاعنة المبينة بنعيها لا يصادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه الذي تضمنت أسبابه أن هذا النعي - الذي أثير أمام محكمة الاستئناف - كان ناشئا عن إغفال حكم أول درجة الفصل فيه بما يحق للطاعنة الرجوع إلى تلك المحكمة لاستدراكه عملا بنص المادة 193 من قانون المرافعات، فإن طرحها هذا النعي أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.

2 - لئن كان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 507 من القانون المدني بطلان عقد الشركة إذ لم يكن مكتوبا إلا أن فقرتها الثانية حجبت هذا البطلان عن النفاذ فيما بين الشركاء ريثما يطلبه أحدهم، بما مؤاده عدم جواز الحكم به من تاريخ سابق على طلبه كما تكون الشركة التي قامت بين أطراف التعاقد قبل هذا التاريخ من قبيل شركات الواقع التي يجوز إثباتها وإثبات مزاولتها لنشاطها بكافة طرق الإثبات.

3 - إن كان نص المادة 529 من القانون المدني يقضي بأن تنتهي الشركة إذا كانت مدتها غير معينة بانسحاب أحد الشركاء، إلا أن ذلك مشروط بأن يعلن الشريك المنسحب إرادته إلى سائر شركائه قبل حصوله وألا يكون انسحابه عن غش أو في أي وقت غير ملائم، ولمحكمة الموضوع مطلق تقدير الوقت المناسب وكذلك أسباب انسحاب الشريك لعدم المساس بمصلحة الشركة والشركاء ومدى سوء نيته من عدمه، وبالتالي فإن لها سلطة قبول انسحاب الشريك من عدمه ولها أن تحكم عليه بتعويض الشريك المضرور من جراء الانسحاب غير الملائم.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في المسألة الأساسية المشتركة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن أي حق أخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي أن يكون الحكم قد بني على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت ماديا ببعض هذه الأوراق.

6 - لئن كانت الأوراق جاءت خلوا من الدليل على وجود عقد شركة التداعي المبرم بين الطاعنة والمطعون ضده الأول لفقدانه أو لأي سبب آخر، إلا أن ذلك لا يمنع من سريان الشركة باعتبارها شركة واقع فيما بينهما إذا ثبت مباشرتها فعلا لنشاطها، وكان الثابت بمدونات الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1993 محكمة قليوب الابتدائية المرفق صورته الرسمية بالأوراق أنه قضى لصالح الطاعنة بأحقيتها في أرباح شركة التداعي عن الفترة من 1990/3/1 حتى 1993/11/8، بما يقطع بقيامها ومزاولتها لنشاطها وتحقيق أرباح حتى هذا التاريخ - اللاحق على تاريخ 1993/1/1 الذي حدده الحكم المطعون فيه باعتباره تاريخا لانتهاء الشركة - وكان ما تضمنه قضاء الحكم المشار إليه بشأن تلك المسألة المشتركة بين الدعوى التي فصل فيها والدعوى الماثلة قد حاز حجية الأمر المقضي المانعة من المنازعة بشأنها ويجب التزامها، هذا إلى أن الصورة الضوئية للكمبيالة المنسوبة لتلك الشركة ( ... ) والمؤرخة في 1993/12/18 والمحرر عنها بروتستو عدم الدفع، وكذا محضر تحريات المباحث في المحضر رقم ... لسنة 1994 إداري قسم أول شبرا الخيمة والمؤرخ في 1994/7/10 والثابت به أن التحريات أسفرت عن قيام المطعون ضده الأول بإخراج بضائع من محل الشركة دون علم شريكته الطاعنة، وكذا شهادة قيد السجل التجاري للشركة المؤرخة في 1994/9/7 الثابت بها تسجيل تلك الشركة برقم ... باسم كل من الطاعنة والمطعون ضده الأول بموجب عقد تعديلها المؤرخ 1990/3/1 التي حلت فيه الطاعنة محل شريك آخر تخارج منها، كما ثبت من الأوراق محاسبتها ضريبيا عن حصتها في هذه الشركة، كل هذه المستندات المقدمة في الدعوى تدل دلالة قاطعة على استمرار مزاولة الشركة لنشاطها في الواقع بعد تاريخ آخر فترة حساب أرباح الطاعنة منها بموجب الحكم سالف البيان ولم يثبت أن تغيرت الظروف الحالية عما كانت عليه إبان صدور ذلك الحكم، كما أن الدعامة الأخرى التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه وبطلان الشركة لانسحاب المطعون ضده الأول منها غير كافية لتقويم قضائه، ذلك أن مسلك المذكور على النحو الذي أبانت عنه الأوراق ينبئ عن سوء قصده لإهدار حق الطاعنة في تقاضي حقها من أرباح شركة التداعي، وقضاء الحكم له بهذا البطلان في دعواه الفرعية اعتبارا من 1993/3/1 فيه تعارض مع ثبوت قيام الشركة والقضاء لها بأرباحها عن فترة لاحقة على هذا التاريخ حتى 1993/11/8 بموجب الحكم المحاج به سالف البيان، بما لا يعتد بهذا الانسحاب وتظل الشركة قائمة في الواقع حتى تتقاضى الطاعنة حقها باعتبارها الشريكة الأخرى في شركة التداعي بإتمام تصفيتها رضاء أو قضاء، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على بطلان عقد الشركة وانتهائها من تاريخ 1993/3/1، وذلك أخذا بالإنذار الموجه من المطعون ضده الأول للطاعنة بانتهاء الشركة منذ ذلك التاريخ والذي لا يدل في ذاته على انتهاء الشركة، إذ خلت الأوراق من إقرار الطاعنة بما تضمنه، فضلا عن جحدها الصورة الضوئية لهذا الإنذار، كما رتب على ذلك قضاءه بحرمانها من تقاضي حصتها في أرباح شركة التداعي في الفترة التالية لتاريخ 1993/11/8 وحتى 1994/2/29 وفقا لطلباتها الختامية في الدعوى، فإنه يكون مشوبا بعيب القصور الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني بنها الابتدائية (مأمورية قليوب) بطلب الحكم بغل يد المطعون ضده الأول عن إدارة الشركة القائمة بينها وبينه وبطلان التأجير بالجدك الصادر منه للمطعون ضده الثاني عن المحل الذي تباشر فيه الشركة نشاطها، على سند من القول إنها شريكته في شركة تضامن لتجارة الحدايد والبويات بموجب العقد المؤرخ في 1990/3/1 والذي نص على أن يكون له حق الإدارة والتوقيع نيابة عن الشركة إلا أنه قام بتأجيرها بالجدك للمطعون ضده الثاني وأخطر الضرائب بالتوقف عن النشاط بما أصابها بالضرر وحدا بها لإقامة الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى أودع تقريره، وادعى المطعون ضده الأول فرعيا بطلب الحكم ببطلان عقد الشركة المؤرخ في 1990/3/1 وإنهائها منذ ذلك التاريخ، كما أضافت الطاعنة طلب تمكينها من محل الشركة والحكم لها بأرباحها من تاريخ 1993/11/8 حتى 2004/2/29، وبتاريخ 2005/6/26 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية برفضها وفي الدعوى الفرعية ببطلان عقد الشركة المؤرخ 1990/3/1 واعتبارها منتهية من تاريخ 1993/1/1 استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 3 ق لدى محكمة استئناف طنطا (مأمورية شبرا الخيمة) التي قضت بتاريخ 2005/12/27 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن - على هذه المحكمة - في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان الوجه الثاني من السبب الثالث تقول إنها طالبت في دعواها أمام محكمة أول درجة بالحكم ببطلان عقد الإيجار بالجدك الذي أبرمه المطعون ضده الأول لصالح المطعون ضده الثاني لصوريته، كما أضافت لطلباتها في الدعوى - بعد أن قدم الخبير تقريره - طلب الحكم بتمكينها من محل الشركة موضوع الدعوى، إلا أن حكم أول درجة تجاهل هذه الطلبات ولم يشر إليها في أسباب حكمه، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان وجه النعي موجها إلى الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه فإنه يكون غير مقبول، وكان النعي على حكم أول درجة بإغفاله الفصل في طلبات الطاعنة المبينة بنعيها لا يصادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه الذي تضمنت أسبابه أن هذا النعي - الذي أثير أمام محكمة الاستئناف - كان ناشئا عن إغفال حكم أول درجة الفصل فيه بما يحق للطاعنة الرجوع إلى تلك المحكمة لاستدراكه عملا بنص المادة 193 من قانون المرافعات، فإن طرحها هذا النعي أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل نعي الطاعنة بباقي أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه إلى إنهاء عقد شركة التداعي لبطلانه استنادا إلى صورة إنذار مجحودة موجه إليها من المطعون ضده الأول بانسحابه من الشركة، ولعدم إفراغها في عقد مكتوب ملتفتا عن دفاعها باعتبار هذه الشركة في أقل الأمور شركة واقع، مهدرا بذلك حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1993 مدني قليوب الابتدائية فيما قضى به لها على المطعون ضده الأول بأحقيتها في أرباح هذه الشركة في الفترة من 1990/3/1 حتى 1993/11/8، وما قدمته من مستندات مؤيدة لقيامها، وبما أسفرت عنه تحريات الشرطة، وما أورده تقرير الخبير من أحقيتها في الأرباح عن الفترة المطالب بها، وما ثبت بالبطاقة الضريبية والصورة الرسمية لقيد السجل التجاري المقدمة منها والثابت بها أنها شريكة في تلك الشركة مع المطعون ضده الأول بموجب عقد تعديلها المؤرخ 1990/3/1، إلا أن الحكم اطرح دلالة كل تلك المستندات، وإذ رتب على ذلك قضاءه برفض طلبها المضاف بمقابل حصتها في أرباح فترة التداعي المطالب بها، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن النعي في أساسه سديد، ذلك أنه ولئن كان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 507 من القانون المدني بطلان عقد الشركة إذ لم يكن مكتوبا إلا أن فقرتها الثانية حجبت هذا البطلان عن النفاذ فيما بين الشركاء ريثما يطلبه أحدهم، بما مؤاده عدم جواز الحكم به من تاريخ سابق على طلبه كما تكون الشركة التي قامت بين أطراف التعاقد قبل هذا التاريخ من قبيل شركات الواقع التي يجوز إثباتها وإثبات مزاولتها لنشاطها بكافة طرق الإثبات، كما أنه وإن كان نص المادة 529 من ذات القانون يقضي بأن تنتهي الشركة إذا كانت مدتها غير معينة بانسحاب أحد الشركاء، إلا أن ذلك مشروط بأن يعلن الشريك المنسحب إرادته إلى سائر شركائه قبل حصوله وألا يكون انسحابه عن غش أو في أي وقت غير ملائم، ولمحكمة الموضوع مطلق تقدير الوقت المناسب وكذلك أسباب انسحاب الشريك لعدم المساس بمصلحة الشركة والشركاء ومدى سوء نيته من عدمه، وبالتالي فإن لها سلطة قبول انسحاب الشريك من عدمه ولها أن تحكم عليه بتعويض الشريك المضرور من جراء الانسحاب غير الملائم، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في المسألة الأساسية المشتركة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي أن يكون الحكم قد بني على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف الثابت ماديا ببعض هذه الأوراق. لما كان ما تقدم، ولئن كانت الأوراق جاءت خلوا من الدليل على وجود عقد شركة التداعي المبرم بين الطاعنة والمطعون ضده الأول لفقدانه أو لأي سبب آخر إلا أن ذلك لا يمنع من سريان الشركة باعتبارها شركة وأقع فيما بينهما إذا ثبت مباشرتها فعلا لنشاطها، وكان الثابت بمدونات الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1993 محكمة قليوب الابتدائية المرفق صورته الرسمية بالأوراق أنه قضى لصالح الطاعنة بأحقيتها في أرباح شركة التداعي عن الفترة من 1990/3/1 حتى 1993/11/8 بما يقطع بقيامها ومزاولتها لنشاطها وتحقيق أرباح حتى هذا التاريخ - اللاحق على تاريخ 1993/1/1 الذي حدده الحكم المطعون فيه باعتباره تاريخا لانتهاء الشركة - وكان ما تضمنه قضاء الحكم المشار إليه بشأن تلك المسألة المشتركة بين الدعوى التي فصل فيها والدعوى الماثلة قد حاز حجية الأمر المقضي المانعة من المنازعة بشأنها ويجب التزامها، هذا إلى أن الصورة الضوئية للكمبيالة المنسوبة لتلك الشركة (...) والمؤرخة في 1993/12/18 والمحرر عنها بروتستو عدم الدفع، وكذا محضر تحريات المباحث في المحضر رقم ... لسنة 1994 إداري قسم أول شبرا الخيمة والمؤرخ في 1994/7/10 والثابت به أن التحريات أسفرت عن قيام المطعون ضده الأول بإخراج بضائع من محل الشركة دون علم شريكته الطاعنة، وكذا شهادة قيد السجل التجاري للشركة المؤرخة في 1994/9/7 الثابت بها تسجيل تلك الشركة برقم ... باسم كل من الطاعنة والمطعون ضده الأول بموجب عقد تعديلها المؤرخ 1990/3/1 التي حلت فيه الطاعنة محل شريك آخر تخارج منها، كما ثبت من الأوراق محاسبتها ضريبيا عن حصتها في هذه الشركة، كل هذه المستندات المقدمة في الدعوى تدل دلالة قاطعة على استمرار مزاولة الشركة لنشاطها في الواقع بعد تاريخ آخر فترة حساب أرباح الطاعنة منها بموجب الحكم سالف البيان ولم يثبت أن تغيرت الظروف الحالية عما كانت عليه إبان صدور ذلك الحكم، كما أن الدعامة الأخرى التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه وبطلان الشركة لانسحاب المطعون ضده الأول منها غير كافية لتقويم قضائه، ذلك أن مسلك المذكور على النحو الذي أبانت عنه الأوراق ينبئ عن سوء قصده لإهدار حق الطاعنة في تقاضي حقها من أرباح شركة التداعي، وقضاء الحكم له بهذا البطلان في دعواه الفرعية اعتبارا من 1993/3/1 فيه تعارض مع ثبوت قيام الشركة والقضاء لها بأرباحها عن فترة لاحقة على هذا التاريخ حتى 1993/11/8 بموجب الحكم المحاج به سالف البيان، بما لا يعتد بهذا الانسحاب وتظل الشركة قائمة في الواقع حتى تتقاضى الطاعنة حقها باعتبارها الشريكة الأخرى في شركة التداعي بإتمام تصفيتها رضاء أو قضاء، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على بطلان عقد الشركة وانتهائها من تاريخ 1993/3/1 وذلك أخذا بالإنذار الموجه من المطعون ضده الأول للطاعنة بانتهاء الشركة منذ ذلك التاريخ والذي لا يدل في ذاته على انتهاء الشركة، إذ خلت الأوراق من إقرار الطاعنة بما تضمنه فضلا عن جحدها الصورة الضوئية لهذا الإنذار، كما رتب على ذلك قضاءه بحرمانها من تقاضي حصتها في أرباح شركة التداعي في الفترة التالية لتاريخ 1993/11/8 وحتى 1994/2/29 وفقا لطلباتها الختامية في الدعوى فإنه يكون مشوبا بعيب القصور الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه.

وحيث إنه عن موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 6 ق طنطا (مأمورية شبرا الخيمة) - وفي نطاق ما تم نقضه من الحكم المطعون فيه - وبشأن طلب المستأنفة بحصتها في أرباح شركة التداعي عن الفترة من 1993/11/9 حتى 1994/2/29 فهو صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكانت المحكمة تطمئن إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير في هذا الخصوص من حساب الأرباح المستأنفة عن الفترة التي أوردها التقرير لقيامه على أسس سليمة، فإنها تقضي لها على أساس ما انتهى إليه، ولما كانت الفترة المطالب بها تبلغ 113 يوما وقدر الخبير الإيراد اليومي في سنتي 1993 و1994 بمبلغ 260 جنيها فيكون حساب أرباحها - وعلى وفق الأسس التي انتهجها الخبير كالتالي: 260 جنيها إيراد يومي × 95 يوم عمل × 15% نسبة ربح = 3705 جنيهات - 10% مصاريف إدارية = 3334,5 جنيها يخص الطاعنة نصفها وهو مبلغ 1667,00 جنيه مقربا، وهو ما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضده بأن يؤدي للمستأنفة المبلغ سالف البيان.