الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 4 يوليو 2025

الطعن 9231 لسنة 86 ق جلسة 22 / 2 / 2022 مكتب فنى 73 ق 46 ص 382

جلسة 22 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت، د. محمد رجاء، محمد علي سلامة " نواب رئيس المحكمة ".
-----------------
(46)
الطعن رقم 9231 لسنة 86 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن بالنقض: السبب المفتقر للدليل ".
ثبوت عدم تقديم الطاعن صورة لكل من صحيفتي الاستئنافين بوصفهما دليل نعيه مذيل كل منهما بعبارة " صورة لتقديمها إلى محكمة النقض " حتى تتحقق المحكمة من صحة ما ينعاه من أن التوقيعات الموجودة على الصحيفتين المشار إليهما غير مقروءة. مؤداه. نعيه في هذا الخصوص عارٍ عن الدليل. م 255 مرافعات.
(2، 3) إفلاس " آثار حكم شهر الإفلاس بالنسبة للمدين المفلس ".
(2) صدور حكم شهر الإفلاس. أثره. غل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها. شمول غل اليد جميع الأموال التي تكون ملكًا للمفلس في يوم صدور حكم شهر الإفلاس والأموال التي تؤول إليه ملكيتها وهو في حالة إفلاس. مؤداه. عدم الجواز له بالوفاء بما عليه من ديون أو استيفاء ما له من حقوق. عدم جواز رفع دعوى من المفلس أو عليه أو السير فيها عدا الاستثناءات الواردة بالمادة 594 من ق 17 لسنة 1999. المواد 589 /1 و590 و592 و594 /1 ق 17 لسنة 1999.
(3) إقامة دعوى من الطاعن على المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته المدين المفلس بعد صدور الحكم بشهر إفلاس الأخير. مؤداه. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. صحيح.
(4) إفلاس " آثار حكم شهر الإفلاس بالنسبة للدائنين ".
حكم شهر الإفلاس. أثره. عدم جواز رفع دعوى ممن صدر حكم بشهر إفلاسه أو عليه أو السير فيها. مؤداه. عدم جواز إقامة دعاوى فردية على التفليسة من الدائنين العاديين أو الدائنين أصحاب حقوق الامتياز العامة بعد صدور حكم شهر الإفلاس ووقف الدعاوى الفردية المقامة منهم. المادتان ٥٩٤ (1) و٦٠٥ (1 و2) ق 17 لسنة 1999.
(5) إفلاس " آثار حكم شهر الإفلاس بالنسبة للدائنين أصحاب الحقوق الخاصة ".
الدائنون المرتهنون وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة والحاصلون على اختصاص على أموال المدين. لهم إقامة الدعاوى الفردية أو الاستمرار فيها في مواجهة أمين التفليسة والتنفيذ أو الاستمرار فيه على الأموال التي تقع عليها تأميناتهم. م 605 /3 ق 17 لسنة 1999.
(6، 7) حق " حقوق الامتياز العامة والخاصة ".
(6) الامتياز. ماهيته. أولوية يقررها القانون لحق معيَّن مراعاةً منه لصفته. الحق هو الممتاز لا الدائن. علة ذلك. الامتياز يرجع إلى طبيعة الحق. شرطه. نص القانون عليه وتحديد مرتبته. المادتان 1130 و1131/ 1 مدني.
(7) حقوق الامتياز العامة. مناطها. ورودها على جميع أموال المدين من منقول وعقار. حقوق الامتياز الخاصة. مناطها. قصرها على منقول أو عقار معيَّن. أساس التفرقة. المال الذي يرد عليه الحق وليس مرتبة الامتياز. م 1132 مدني.
(8) حق " حقوق الامتياز العامة والخاصة ". محاماة " أتعاب المحاماة من حقوق الامتياز الخاصة ".
أتعاب المحامين وما يلحق بها من مصروفات. من حقوق الامتياز الخاصة على أموال المدين. عدم وروده على جميع أموال المدين من منقول وعقار. محل الامتياز. مرتبة الامتياز. م 88 ق 17 لسنة 1983.
(9) قانون " تطبيق القانون ".
تطبيق القانون على وجهه الصحيح. لا يحتاج إلى طلب من الخصوم. التزام القاضي بالبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعات المطروحة عليه وإنزاله عليها.
(10) إفلاس " آثار حكم شهر الإفلاس بالنسبة للدائنين أصحاب الحقوق الخاصة ". محاماة " أتعاب المحاماة من حقوق الامتياز الخاصة ".
إقامة الطاعن دعواه بصفته محاميًا على أمين التفليسة للمطالبة بأتعابه عن مباشرته لدعاوى قضائية وأعمال قانونية أمام المحاكم. مؤداه. وجوب تحقق الحكم المطعون فيه مما إذا كان قد آل مال إلى المدين المفلس نتيجة عمل وكيله المحامي أو نتيجة الحكم في الدعاوى موضوع الوكالة أم أنه لم يؤل إلى المدين المفلس أي مال من ذلك. أثره. عد الطاعن في الحالة الأولى من أصحاب حقوق الامتياز الخاصة التي ترد على تلك الأموال. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إذ كان الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة (محكمة النقض) صورة من كل صحيفة من صحيفتي الاستئنافين رقمي.... و.... لسنة 54 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" دليل نعيه مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" عملًا بالمادة 255 من قانون المرافعات حتى تتحقق المحكمة من صحة ما ينعاه من أن التوقيعات الموجودة على الصحيفتين المشار إليهما غير مقروءة، ومن ثم يضحى ما ينعاه في هذا الخصوص عاريًا عن الدليل.
2- مفاد نصوص المواد 589 /1 و590 و592 و594 /1 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 - المنطبق على واقعة الدعوى- أنه بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس تُغل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها، ويشمل غل اليد جميع الأموال التي تكون ملكًا للمفلس في يوم صدور حكم شهر الإفلاس والأموال التي تؤول إليه ملكيتها وهو في حالة إفلاس، ولا يجوز له الوفاء بما عليه من ديون أو استيفاء ما له من حقوق، كما لا يجوز بعد صدور حكم شهر الإفلاس رفع دعوى من المفلس أو عليه أو السير فيها عدا الاستثناءات الواردة بالمادة 594 المشار إليها آنفًا.
3- إذ كان الطاعن قد أقام دعواه على المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته المدين المفلس بعد صدور الحكم بشهر إفلاس الأخير بالحكم الصادر في الدعوى رقم.... لسنة 2003 إفلاس الزقازيق بتاريخ 27/3/2007 بطلب إلزامه وأمين التفليسة بالمبلغ محل المطالبة، وكان الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه – وأيًا كان وجه الرأي في أسباب هذا القضاء - يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون بالنسبة إلى المطعون ضده الأول، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
4- مفاد النص في المادة 605 من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة 1999 والمواد و1130 و1131 /1 و1132 من التقنين المدني والمادة 88 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة أنه ولئن اختلفت الاجتهادات في ظل قانون التجارة القديم في شأن مسألة قبول الدعاوى التي تُرفع من المفلس والدعاوى التي تُرفع عليه من دائنيه إلا أن قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 – المنطبق على واقعة الدعوى - حسم هذه المسألة بما أورده بنص الفِقرة الأولى من المادة 594 من هذا القانون من عدم جواز رفع دعوى ممن صدر حكم بشهر إفلاسه أو عليه أو السير فيها مع مراعاة الاستثناءات الواردة في تلك المادة، وكذا ما أورده بنص الفِقرتين الأولى والثانية من المادة 605 من ذات القانون من أنه لا يجوز للدائنين العاديين أو الدائنين أصحاب حقوق الامتياز العامة بعد صدور حكم شهر الإفلاس إقامة دعاوى فردية على التفليسة أو اتخاذ أي إجراءات قضائية أخرى ضدها، ورتب على صدور حكم شهر الإفلاس وقف الدعاوى الفردية المقامة من الدائنين المذكورين.
5- إذ أجاز (المشرع) في الفِقرة الثالثة من المادة الأخيرة (605 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999) للدائنين المرتهنين وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة والحاصلين على اختصاص على أموال المدين إقامة الدعاوى الفردية أو الاستمرار فيها في مواجهة أمين التفليسة، كما أجاز لهم التنفيذ أو الاستمرار فيه على الأموال التي تقع عليها تأميناتهم.
6- الامتياز هو أولوية يقررها القانون لحق معيَّن مراعاةً منه لصفته، فالحق هو الممتاز لا الدائن؛ ذلك لأن الامتياز يرجع إلى طبيعة الحق، ولا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون، فهو الذي يتولى تعيين الحقوق التي تقتضي طبيعتها أن تكون ممتازة، ويحدد القانون مرتبة ذلك الامتياز.
7- العبرة في التفرقة بين ما إذا كانت حقوق الامتياز عامة أم خاصة هي بالنظر إلى ما إذا كانت ترد على جميع أموال المدين من منقول وعقار وهي حقوق الامتياز العامة، أم تكون مقصورة على منقول أو عقار معيَّن وهي حقوق الامتياز الخاصة، فالعبرة بالمال الذي يرد عليه الحق، وليس بمرتبة الامتياز.
8- أتعاب المحامين وما يلحق بها من مصروفات تعد من الحقوق الممتازة المقررة بنص خاص هو نص المادة 88 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة، وهذا الامتياز لا يرد على جميع أموال المدين من منقول وعقار، بل إن محل هذا الامتياز هو: - 1- ما آل إلى موكله نتيجة عمل المحامي. 2- ما آل إلى موكله نتيجة الحكم في الدعوى موضوع الوكالة. 3- ضمانات الإفراج والكفالات أيًا كان نوعها، ومن ثم يكون هذا الامتياز من حقوق الامتياز الخاصة على الأموال المشار إليها، وهو امتياز يلي مباشرة حق الخزانة العامة.
9- من الأصول المقررة أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم، بل هو واجب القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الوقائع المطروحة عليه وأن يُنزل عليها هذا الحكم.
10- إذ كان الطاعن قد أقام دعواه بصفته محاميًا على أمين التفليسة - التي صار يمثلها أمينا التفليسة المطعون ضدهما بالبند ثانيًا - بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي له الأتعاب والمصروفات المستحقة له عن مباشرته لدعاوى قضائية وأعمال قانونية أمام المحاكم بموجب توكيل صادر له من المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته يبيح له ذلك، بما كان يوجب على الحكم المطعون فيه أن يتحقق مما إذا كان قد آل مال إلى المدين المفلس – المطعون ضده الأول – نتيجة عمل وكيله المحامي – الطاعن - أو نتيجة الحكم في الدعاوى موضوع الوكالة، أو ضمانات الإفراج والكفالات أيًا كان نوعها، فيكون الطاعن بذلك من أصحاب حقوق الامتياز الخاصة التي ترد على تلك الأموال، وتجيز له إقامة الدعاوى الفردية أو الاستمرار فيها في مواجهة أمين التفليسة، أم أنه لم يؤل إلى المدين المفلس أي مال من ذلك، ومن ثم لا يكون الطاعن من أصحاب حقوق الامتياز الخاصة لعدم وجود محل لذلك الامتياز، فلا يجوز له بعد صدور حكم شهر الإفلاس إقامة دعاوى فردية على التفليسة أو اتخاذ أي إجراءات قضائية أخرى ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتحقق من ذلك، وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون بالنسبة للمطعون ضدهما بالبند ثانيًا بصفتيهما، تأسيسًا على أنه يترتب على القضاء بشهر إفلاس المدين بتلك الأتعاب أن يمتنع إقامة دعاوى فردية أو اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد التفليسة فإنه يكون معيبًا بالقصور في التسبيب، بما يعيبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى التي صار قيدها برقم.... لسنة 2007 مدني كلي بلبيس الابتدائية على المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وعلى أمين التفليسة - التي صار يمثلها أمينا التفليسة المطعون ضدهما بالبند ثانيًا - بطلب الحكم بإلزامهما أن يؤديا له مبلغ خمسة ملايين جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ نشأة الالتزام وحتى تمام السداد مضافًا إليها الفوائد التكميلية وفقًا لأعلى سعر فائدة معلن من البنك المركزي، وبيانًا لذلك قال: إن المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته أصدر له بتاريخ 1/2/2005 توكيلًا عامًا في القضايا لمباشرة جميع الدعاوى القضائية والأعمال القانونية أمام المحاكم وقد باشر كافة الدعاوى الخاصة بالأخير أمام المحاكم إلا أنه لم يسدد له الأتعاب والمصروفات المستحقة عن مباشرته لتلك الدعاوى على الرغم من إنذاره بالسداد، بل ألغى التوكيل دون إخطاره رسميًا بذلك، ومن ثم كانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره الأخير حكمت بتاريخ 30/11/2010 بإلزام المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وأمين التفليسة أن يؤديا للطاعن مبلغ 81,500 جنيهًا قيمة أتعابه والفوائد القانونية المترتبة على هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد. استأنف أمين التفليسة هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة 54 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق"، كما استأنفه المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته بالاستئناف رقم.... لسنة 54 ق، واستأنفه الطاعن بالاستئناف الفرعي رقم.... لسنة 54 ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات أعادت ندب خبير فيها، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 19/4/2016 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق الطعن بالنقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعَى الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع ببطلان صحيفتي الاستئنافين رقمي.... و.... لسنة 54 ق لتذييلهما بتوقيع غير مقروء مما تكون معه الصحيفتان وكأنهما قد خلتا من توقيع محام مقبول أمام محكمة الاستئناف إلا أن الحكم لم يرد على ذلك الدفع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة صورة من كل صحيفة من صحيفتي الاستئنافين رقمي.... و.... لسنة 54 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" دليل نعيه مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" عملًا بالمادة 255 من قانون المرافعات حتى تتحقق المحكمة من صحة ما ينعاه من أن التوقيعات الموجودة على الصحيفتين المشار إليهما غير مقروءة، ومن ثم يضحى ما ينعاه في هذا الخصوص عاريًا عن الدليل.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الأول بوجهيه وبالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم جواز إقامة دعاوى فردية على المفلس والتفليسة، على الرغم من أنه يطالب بأتعاب المحامين وما يلحق بها من مصروفات وهي من حقوق الامتياز الخاصة وفقًا للمادة 88 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والتي يجوز للدائنين بها إقامة دعاوى فردية على التفليسة لطلبها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد بالنسبة إلى المطعون ضده الأول؛ ذلك أن مفاد نصوص المواد 589/1 و590 و592 و594/1 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 - المنطبق على واقعة الدعوى- أنه بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس تُغل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها، ويشمل غل اليد جميع الأموال التي تكون ملكًا للمفلس في يوم صدور حكم شهر الإفلاس والأموال التي تؤول إليه ملكيتها وهو في حالة إفلاس، ولا يجوز له الوفاء بما عليه من ديون أو استيفاء ما له من حقوق، كما لا يجوز بعد صدور حكم شهر الإفلاس رفع دعوى من المفلس أو عليه أو السير فيها عدا الاستثناءات الواردة بالمادة 594 المشار إليها آنفًا. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أقام دعواه على المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته –المدين المفلس - بعد صدور الحكم بشهر إفلاس الأخير بالحكم الصادر في الدعوى رقم.... لسنة 2003 إفلاس الزقازيق بتاريخ 27/3/2007 بطلب إلزامه وأمين التفليسة بالمبلغ محل المطالبة، وكان الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه – وأيًا كان وجه الرأي في أسباب هذا القضاء - يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون بالنسبة إلى المطعون ضده الأول، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
والنعي سديد بالنسبة إلى المطعون ضدهما بالبند ثانيًا؛ ذلك أن النص في المادة 605 من ذات القانون على أنه "1- لا يجوز للدائنين العاديين أو الدائنين أصحاب حقوق الامتياز العامة بعد صدور حكم شهر الإفلاس إقامة دعاوى فردية على التفليسة أو اتخاذ أية إجراءات قضائية أخرى ضدها. 2- وكذلك يترتب على صدور حكم شهر الإفلاس وقف الدعاوى الفردية المقامة من الدائنين المذكورين في الفقرة السابقة ووقف إجراءات التنفيذ التي بدأها هؤلاء الدائنون قبل صدور حكم شهر الإفلاس ومع ذلك إذا تحدد يوم لبيع عقار المفلس جاز الاستمرار في إجراءات التنفيذ بإذن من قاضي التفليسة. 3- أما الدائنون المرتهنون وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة والحاصلون على اختصاص على أموال المدين فيجوز لهم إقامة الدعاوى الفردية أو الاستمرار فيها في مواجهة أمين التفليسة، كما يجوز لهم التنفيذ أو الاستمرار فيه على الأموال التي تقع عليها تأميناتهم"، والنص في المادة 1130 من التقنين المدني على أن "1- الامتياز أولوية يقررها القانون لحق معيّن مراعاةً منه لصفته. 2- ولا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون"، والنص في الفقرة الأولى من المادة 1131 من ذات التقنين على أن "1- مرتبة الامتياز يحددها القانون..."، والنص في المادة 1132 من ذات التقنين على أن "ترد حقوق الامتياز العامة على جميع أموال المدين من منقول وعقار، أما حقوق الامتياز الخاصة فتكون مقصورة على منقول أو عقار معيّن"، والنص في المادة 88 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة على أن "لأتعاب المحامين وما يلحق بها من مصروفات امتياز يلي مباشرة حق الخزانة العامة على ما آل إلى موكله نتيجة عمل المحامي أو الحكم في الدعوى موضوع الوكالة وعلى ضمانات الإفراج والكفالات أيًا كان نوعها"، مفاده: أنه ولئن اختلفت الاجتهادات في ظل قانون التجارة القديم في شأن مسألة قبول الدعاوى التي تُرفع من المفلس والدعاوى التي تُرفع عليه من دائنيه إلا أن قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 – المنطبق على واقعة الدعوى - حسم هذه المسألة بما أورده بنص الفقرة الأولى من المادة 594 من هذا القانون من عدم جواز رفع دعوى ممن صدر حكم بشهر إفلاسه أو عليه أو السير فيها مع مراعاة الاستثناءات الواردة في تلك المادة، وكذا ما أورده بنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 605 من ذات القانون من أنه لا يجوز للدائنين العاديين أو الدائنين أصحاب حقوق الامتياز العامة بعد صدور حكم شهر الإفلاس إقامة دعاوى فردية على التفليسة أو اتخاذ أي إجراءات قضائية أخرى ضدها، ورتب على صدور حكم شهر الإفلاس وقف الدعاوى الفردية المقامة من الدائنين المذكورين، ثم أجاز في الفِقرة الثالثة من المادة الأخيرة للدائنين المرتهنين وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة والحاصلين على اختصاص على أموال المدين إقامة الدعاوى الفردية أو الاستمرار فيها في مواجهة أمين التفليسة، كما أجاز لهم التنفيذ أو الاستمرار فيه على الأموال التي تقع عليها تأميناتهم، وأن الامتياز هو أولوية يقررها القانون لحق معيّن مراعاةً منه لصفته، فالحق هو الممتاز لا الدائن؛ ذلك لأن الامتياز يرجع إلى طبيعة الحق، ولا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون، فهو الذي يتولى تعيين الحقوق التي تقتضي طبيعتها أن تكون ممتازة، ويحدد القانون مرتبة ذلك الامتياز، والعبرة في التفرقة بين ما إذا كانت حقوق الامتياز عامة أم خاصة هي بالنظر إلى ما إذا كانت ترد على جميع أموال المدين من منقول وعقار وهي حقوق الامتياز العامة، أم تكون مقصورة على منقول أو عقار معيّن وهي حقوق الامتياز الخاصة، فالعبرة بالمال الذي يرد عليه الحق، وليس بمرتبة الامتياز، ولما كانت أتعاب المحامين وما يلحق بها من مصروفات تعد من الحقوق الممتازة المقررة بنص خاص هو نص المادة 88 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة، وهذا الامتياز لا يرد على جميع أموال المدين من منقول وعقار، بل إن محل هذا الامتياز هو: - 1- ما آل إلى موكله نتيجة عمل المحامي. 2- ما آل إلى موكله نتيجة الحكم في الدعوى موضوع الوكالة. 3- ضمانات الإفراج والكفالات أيًا كان نوعها، ومن ثم يكون هذا الامتياز من حقوق الامتياز الخاصة على الأموال المشار إليها، وهو امتياز يلي مباشرة حق الخزانة العامة، وكان من الأصول المقررة أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم، بل هو واجب القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الوقائع المطروحة عليه وأن يُنزل عليهـــــا هــــذا الحكــــم. لمـــــا كان ذلـــــك، وكـــــان الطاعـــــــن قـــــد أقـــــــام دعـــــواه بصفتـــه محاميًا على أمين التفليسة - التي صار يمثلها أمينا التفليسة المطعون ضدهما بالبند ثانيًا - بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي له الأتعاب والمصروفات المستحقة له عن مباشرته لدعاوى قضائية وأعمال قانونية أمام المحاكم بموجب توكيل صادر له من المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته يبيح له ذلك، بما كان يوجب على الحكم المطعون فيه أن يتحقق مما إذا كان قد آل مال إلى المدين المفلس – المطعون ضده الأول – نتيجة عمل وكيله المحامي – الطاعن - أو نتيجة الحكم في الدعاوى موضوع الوكالة، أو ضمانات الإفراج والكفالات أيًا كان نوعها، فيكون الطاعن بذلك من أصحاب حقوق الامتياز الخاصة التي ترد على تلك الأموال، وتجيز له إقامة الدعاوى الفردية أو الاستمرار فيها في مواجهة أمين التفليسة، أم أنه لم يؤل إلى المدين المفلس أي مال من ذلك، ومن ثم لا يكون الطاعن من أصحاب حقوق الامتياز الخاصة لعدم وجود محل لذلك الامتياز، فلا يجوز له بعد صدور حكم شهر الإفلاس إقامة دعاوى فردية على التفليسة أو اتخاذ أي إجراءات قضائية أخرى ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتحقق من ذلك، وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون بالنسبة للمطعون ضدهما بالبند ثانيًا بصفتيهما، تأسيسًا على أنه يترتب على القضاء بشهر إفلاس المدين بتلك الأتعاب أن يمتنع إقامة دعاوى فردية أو اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد التفليسة فإنه يكون معيبًا بالقصور في التسبيب، بما يعيبه ويوجب نقضه نقضًا جزئيًا فيما قضى به بالنسبة للمطعون ضدهما بصفتيهما بالبند ثانيًا، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10031 لسنة 90 ق جلسة 22 / 2 / 2022 مكتب فنى 73 ق 48 ص 401

جلسة 22 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي / محمد خليفة البري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد جلال عبد العظيم، أحمد كمال حمدي، أحمد حسين عبد الحميد وتامر محمد سعودي نواب رئيس المحكمة.
----------------
(48)
الطعن رقم 10031 لسنة 90 القضائية
(1 – 4) اختصاص " المحكمة المختصة بنظر طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية".
(1) طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية. اختصاص المحكمة الابتدائية نوعياً بنظره. لا عبرة بنوع أو قيمة الحق محل ذلك الحكم. م 297 مرافعات.
(2) محاكم الأسرة المنشأة بق 10 لسنة 2004. اختصاصها دون غيرها بجميع مسائل الأحوال الشخصية للولاية على النفس والمال التي كانت تختص بها المحاكم الجزئية والابتدائية وفق ق 1 لسنة 2000.
(3) خلو ق 10 لسنة 2004 من النص على اختصاص محاكم الأسرة بنظر طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية. أثره. انحسار نظر تلك الدعاوى عنها وانعقاد الاختصاص به للمحاكم الابتدائية. م 297 مرافعات.
(4) تعلق النزاع في الدعوى بتذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية. مؤداه. انعقاد الاختصاص بنظرها للمحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها دون محاكم الأسرة. فصل الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى. اعتباره قضاء ضمني باختصاصه بنظرها. صحيح. النعي عليه بالبطلان على غير أساس.
( 5، 6 ) إثبات " عبء إثبات مخالفة الإجراءات ".
(5) الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك إثبات ما يدعيه.
(6) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى توافر شروط تذييل الحكم محل النزاع الصادر من المحكمة الكلية بالدوحة بدولة قطر بالصيغة التنفيذية وفقاً لاتفاقية الرياض المنضمة إليها مصر دون تقديم الطاعن ما يفيد عكس ذلك. النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. على غير أساس.
( 7 – 9 ) نقض " إجراءات الطعن بالنقض ".
(7) وجوب إيداع الطاعن بالنقض قلم الكتاب وقت تقديم الصحيفة المستندات المؤيدة لطعنه. التزام قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائي بتسليم من يرغب من الخصوم صور الأحكام والمستندات مذيلة بعبارة " صورة لتقديمها إلى محكمة النقض " خلال سبعة أيام. م 255 مرافعات المعدلة بق 76 لسنة 2007.
(8) من الإجراءات الجوهرية في الطعن بالنقض. تقديم الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد.
(9) تخلف الطاعن عن التدليل على نعيه. مؤداه. صيرورته عارياً عن الدليل. أثره. عدم قبوله.
( 10، 11 ) دعوى " انعقاد الخصومة في الطلب العارض بالإعلان أو الحضور ".
(10) الطلب العارض. تقديمه شفاهةً في الجلسة بحضور الخصم يغني عن إيداع صحيفته قلم الكتاب وتنعقد به الخصومة. غياب الخصم في تلك الجلسة. لا بطلان. شرطه. إعلانه بالدعوى الفرعية أو حضوره الجلسات التالية وإبداء دفاعه في موضوعها دون اعتراض منه. دلالته. علمه اليقيني بالادعاء الفرعي دون حاجة لإعلانه به. م 68/ 3، 123 مرافعات المعدل بالقانون 23 لسنة 1992.
(11) ثبوت إبداء الطاعن طلبه العارض شفاهةً أمام محكمة أول درجة بحضور الخصم وإثبات هذا الطلب بحضر الجلسة. مؤداه. انعقاد الطلب صحيحاً وفق م ١٢٣ مرافعات. كفايته لنظر الدعوى. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بعدم قبول الطلب العارض. مخالفة وخطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة ٢٩٧ من قانون المرافعات أن المحكمة الابتدائية هي المختصة نوعياً بنظر الدعوى المتعلقة بطلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية أياً كان نوع أو قيمة الحق الصادر به الحكم الأجنبي المراد تنفيذه في البلاد.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن محاكم الأسرة التي أُنشِئت بالقانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٤ تختص دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقاً لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة ٢٠٠٠، ذلك أن المشرع أراد بالقانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٤ إدخال نظام متكامل لمحكمة الأسرة في التنظيم القضائي المصري بتخصيص محكمة لنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية للولاية على النفس والولاية على المال.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن ( القانون 10 لسنة 2004 ) خلا من النص على اختصاص تلك المحاكم ( محاكم الأسرة ) بنظر طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية ومن ثم ينحسر الاختصاص بنظر تلك الدعاوى عن محاكم الأسرة وينعقد للمحاكم الابتدائية وفقاً لنص المادة ٢٩٧ مرافعات سالفة الذكر.
4- إذ كان النزاع في الدعوى يدور حول طلب تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية؛ فإن الاختصاص بنظرها ينعقد للمحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها دون محاكم الأسرة، وإذ مضى الحكم المطعون فيه إلى الفصل في موضوع الدعوى، بما يتضمن قضاءً ضمنياً باختصاصه فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي ( بالبطلان ) على غير أساس.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك إقامة الدليل على صحة ما يدعيه.
6- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص إلى توافر كافة الشروط الواجب توافرها في الحكم رقم.... لسنة ٢٠١٦ الصادر من المحكمة الكلية بالدوحة - دولة قطر - المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية وفقاً لاتفاقية الرياض والتي انضمت إليها مصر، ولم يقدم الطاعن ما يفيد عكس ما أثبته الحكم المطعون فيه مما يضحى معه النعي ( بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ) على غير أساس.
7- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه لما كانت المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة ٢٠٠٧ قد أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم صحيفة الطعن المستندات والأوراق التي تؤيد طعنه، وعلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائي بحسب الأحوال أن يسلم لمن يشاء من الخصوم - خلال سبعة أيام على الأكثر - ما يُطلب من صور الأحكام والمستندات أو الأوراق مذيلة بعبارة " صورة لتقديمها إلى محكمة النقض ".
8- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يُناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون.
9- إذ كان الطاعن لم يقدم دليل ما أشار إليه بوجه النعي فإن نعيه - أياً كان وجه الرأي فيه – يكون عارياً عن دليله غير مقبول.
10- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة ١٢٣ من قانون المرافعات يدل على أن المشرع قد اعتبر تقديم الطلب العارض شفاهةً في الجلسة في حضور الخصم كافياً لرفع الادعاء الفرعي ويتحقق به ما يتحقق برفعه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، فإثبات الطلب العارض بمحضر الجلسة يغني عن إيداع صحيفته قلم الكتاب وقيدها وحضور الخصم بالجلسة وتقديم الطلب في مواجهته يتحقق به انعقاد الخصومة في الطلب العارض ومن ثم فإن غيابه عن الجلسة التي وجهت له فيها الدعوى الفرعية لا يترتب عليه بطلان هذه الدعوى إذا كان خصمه قد أعلنه بها أو حضر هو من تلقاء نفسه الجلسات التالية وأبدى دفاعه - دون اعتراض منه - في موضوعها بما يدل على علمه اليقيني بها وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني ويكون ذلك كافياً لمضي المحكمة في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف المدعي أو قلم المحضرين بإعلان الدعوى الفرعية إذ تنعقد الخصومة فيها بالمواجهة وهو ما جرى عليه قضاء الهيئة العامة بمحكمة النقض وقد انتهجه المشرع بالنص في المادة 68 /3 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٢ على انعقاد الخصومة في الدعوى بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه أو بحضوره بالجلسة.
11- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أبدى طلبه العارض شفاهةً بجلسة 16/3/2019 أمام محكمة أول درجة في حضور وكيل المطعون ضدها، وتم إثبات هذا الطلب في محضر الجلسة؛ فإن هذا الطلب قد تم وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة ١٢٣ من قانون المرافعات، ويكون ذلك كافياً لمضي المحكمة في نظر الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الطلب العارض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى الفرعية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والأخير بصفتيهما الدعوى رقم.... لسنة ۲۰۱۹ مدني محكمة دمياط الابتدائية بطلب الحكم بتذييل الحكم الصادر من محكمة الأسرة الكلية بالدوحة - دولة قطر – رقم.... لسنة ٢٠١٦ بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة حكم واجب التنفيذ داخل جمهورية مصر العربية. وقالت بياناً لدعواها إنه بتاريخ 30/1/2017 صدر الحكم المذكور، وقد حاز قوة الأمر المقضي، وإذ رغبت في تنفيذه أقامت دعواها، وجه الطاعن طلباً عارضاً بتذييل ذات الحكم بالصيغة التنفيذية فيما قضى به لصالحه، حكمت المحكمة بعدم قبول الطلب العارض شكلاً وبرفض الدعوى الأصلية بحكمٍ استأنفته المطعون ضدها الأولى لدى محكمة استئناف المنصورة - مأمورية دمياط - بالاستئناف رقم.... لسنة 51 ق كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم.... لسنة 51 ق لدى ذات المحكمة، فقضت في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفة قواعد الاختصاص ذلك أنه قد دفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعياً بنظر الدعوى وانعقاده لمحكمة الأسرة المختصة لكون الدعوى مقامة بطلب تذييل حكم أجنبي صادر في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية بالصيغة التنفيذية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع وحجب نفسه عن بحث مدى صحته بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة ٢٩٧ من قانون المرافعات على أن " يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى"، مفاده أن المحكمة الابتدائية هي المختصة نوعياً بنظر الدعوى المتعلقة بطلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية أياً كان نوع أو قيمة الحق الصادر به الحكم الأجنبي المراد تنفيذه في البلاد، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محاكم الأسرة التي أُنشِئت بالقانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٤ تختص دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقاً لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة ٢٠٠٠، ذلك أن المشرع أراد بالقانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٤ إدخال نظام متكامل لمحكمة الأسرة في التنظيم القضائي المصري بتخصيص محكمة لنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية للولاية على النفس والولاية على المال، غير أنه خلا من النص على اختصاص تلك المحاكم بنظر طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية ومن ثم ينحسر الاختصاص بنظر تلك الدعاوى عن محاكم الأسرة وينعقد للمحاكم الابتدائية وفقاً لنص المادة ٢٩٧ مرافعات سالفة الذكر. لما كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول طلب تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية؛ فإن الاختصاص بنظرها ينعقد للمحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها دون محاكم الأسرة، وإذ مضى الحكم المطعون فيه إلى الفصل في موضوع الدعوى، بما يتضمن قضاءً ضمنياً باختصاصه فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الحكم المقدم من المطعون ضدها لتذييله بالصيغة التنفيذية خلا من تصديق قنصلية جمهورية مصر العربية بدولة قطر وكذلك من تصديق وزارة الخارجية المصرية عليه وهو ما يترتب عليه افتقاده لشروط الاعتراف به أو لطلب تنفيذه وفقاً لاتفاقية الرياض للتعاون القضائي المستند إليها في تنفيذه، وإذ قضى الحكم بطلباتها بالرغم من ذلك ودون الرد على دفاعه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك إقامة الدليل على صحة ما يدعيه، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص إلى توافر كافة الشروط الواجب توافرها في الحكم رقم..... لسنة ٢٠١٦ الصادر من المحكمة الكلية بالدوحة - دولة قطر - المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية وفقاً لاتفاقية الرياض والتي انضمت إليها مصر، ولم يقدم الطاعن ما يفيد عكس ما أثبته الحكم المطعون فيه مما يضحى معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وقال بياناً لذلك إنه تمسك بدفاعٍ مؤداه عدم جواز تنفيذ الحكم داخل جمهورية مصر العربية لصدوره من محكمة غير مختصة دولياً بنظر الدعوى لأن نطاق تطبيق اتفاقية الرياض التي تحكم النزاع يقتصر على المقيمين على أرض الدولة التي صدر فيها، وأنه لم يكن له محل إقامة رسمي يمكن إعلانه عليه بدولة قطر، فضلاً عن عدم إمكانية تنفيذه داخل جمهورية مصر العربية استناداً لمبدأ المعاملة بالمثل، وتمسكه باستحالة تنفيذ ذلك الحكم لعدم قدرته المادية، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يواجه دفاعه ولم يرد عليه رغم جديته، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لما كانت المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة ٢٠٠٧ قد أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم صحيفة الطعن المستندات والأوراق التي تؤيد طعنه، وعلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائي بحسب الأحوال أن يسلم لمن يشاء من الخصوم - خلال سبعة أيام على الأكثر - ما يُطلب من صور الأحكام والمستندات أو الأوراق مذيلة بعبارة " صورة لتقديمها إلى محكمة النقض " وأن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يُناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وكان الطاعن لم يقدم دليل ما أشار إليه بوجه النعي فإن نعيه - أياً كان وجه الرأي فيه – يكون عارياً عن دليله غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه وجه طلباً عارضاً بتذييل الحكم رقم.... ­لسنة ٢٠١٦ أسرة كلي الدوحة بالصيغة التنفيذية فيما قضى به لصالحه وأثبته في محضر الجلسة في مواجهة المطعون ضدها الأولى، وهو طلب مرتبط بالدعوى الأصلية، إلا أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم قبول الدعوى الفرعية لعدم إعلانها للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لكونهما خصمين حقيقِيَيْن في الدعوى بالرغم من أنهما لم يدفعاها بأية دفع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة ١٢٣ من قانون المرافعات على أن " تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو من المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهةً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها.... " يدل على أن المشرع قد اعتبر تقديم الطلب العارض شفاهةً في الجلسة في حضور الخصم كافياً لرفع الادعاء الفرعي ويتحقق به ما يتحقق برفعه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، فإثبات الطلب العارض بمحضر الجلسة يغني عن إيداع صحيفته قلم الكتاب وقيدها وحضور الخصم بالجلسة وتقديم الطلب في مواجهته يتحقق به انعقاد الخصومة في الطلب العارض ومن ثم فإن غيابه عن الجلسة التي وجهت له فيها الدعوى الفرعية لا يترتب عليه بطلان هذه الدعوى إذا كان خصمه قد أعلنه بها أو حضر هو من تلقاء نفسه الجلسات التالية وأبدى دفاعه - دون اعتراض منه - في موضوعها بما يدل على علمه اليقيني بها وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني ويكون ذلك كافياً لمضي المحكمة في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف المدعي أو قلم المحضرين بإعلان الدعوى الفرعية إذ تنعقد الخصومة فيها بالمواجهة وهو ما جرى عليه قضاء الهيئة العامة بمحكمة النقض وقد انتهجه المشرع بالنص في المادة 68/3 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٢ على انعقاد الخصومة في الدعوى بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه أو بحضوره بالجلسة.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أبدى طلبه العارض شفاهةً بجلسة 16/3/2019 أمام محكمة أول درجة في حضور وكيل المطعون ضدها، وتم إثبات هذا الطلب في محضر الجلسة؛ فإن هذا الطلب قد تم وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة ١٢٣ من قانون المرافعات، ويكون ذلك كافياً لمضي المحكمة في نظر الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الطلب العارض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى الفرعية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 29 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 11 ص 85

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

-------------

(11)
القضية رقم 29 لسنة 1 القضائية

(أ) طعن أمام المحكمة الإدارية العليا 

- حق هيئة المفوضين في تقديم طلبات وأسباب جديدة لم ترد في صحيفة الطعن - مناطه - حق المحكمة العليا في عدم التقيد بالطلبات أو الأسباب المقدمة من هيئة المفوضين - أساس ذلك.
(ب) كادر العمال 

- الاستثناء من قواعده - جواز ذلك لوزارة المالية - كتاب المالية الدوري في 16 من أكتوبر 1945 - اشتراطه لإمكان إفادة المستخدمين والموظفين الفنيين من قواعد كادر العمال وجود المثيل بنفس المصلحة من عمال اليومية - صحيح قانوناً.

-------------------
1 - إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون، وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في تلك المادة فتلغيه، ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال، وكان صائباً في قضائه، فتبقى عليه وترفض الطعن.
وتلك المادة إذ ناطت برئيس هيئة المفوضين وحده، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن إن رأى هو وجهاً لذلك، حق الطعن أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية، قد أقامت ذلك على حكمة تشريعية تتعلق بالمصلحة العامة، كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه باعتبار أن رأي هيئة المفوضين "تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا"، ويتفرع عن ذلك أن لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في عريضة الطعن ما دامت ترى في ذلك المصلحة العامة بإنزال حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية، وأن المحكمة العليا تنزل حكم القانون على هذا الوجه، غير مقيدة بطلبات الهيئة أو بالأسباب التي تبديها؛ ما دام المرد هو إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
2 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 بكادر العمال تحت (ثامناً) قواعد عامة - نص على: "( أ ) تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسب ما تقتضيه حالة العمل، وبعد الانتهاء من تسوية حالة العمال الموجودين الآن في الخدمة يجب أن يكون متوسط فئات أجورهم مضروباً في عدد الوظائف لا يتجاوز الاعتماد المقرر (ب) المستخدمون (الصناع) الذين يشغلون وظائف خارج الهيئة والموظفون الفنيون المؤقتون (سواء كانوا على وظيفة دائمة أو على وظيفة مؤقتة) ممن يشغلون وظائف مماثلة لوظائف العمال الذين تنطبق عليهم القواعد المبينة في البند (أولاً) - هؤلاء تسوى حالتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف. ويجوز لإجراء هذه التسوية مجاوزة نهاية الدرجة بشرط ألا تزيد ماهية المستخدم بحال ما عن نهاية مربوط الدرجة المحددة لنظيره من عمال اليومية بكادرهم.. (ج) لا يجوز الاستثناء من جميع القواعد المتقدمة إلا بموافقة وزارة المالية. والمستفاد من هذه القواعد أن تحديد فئات الصناع أو العمال الذين يفيدون من أحكام هذا الكادر في كل قسم منوط بمقتضيات حالة العمل، وأنه يجوز، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، الاستثناء من هذه القواعد، وأن وزارة المالية هي المرجع في هذا الشأن جميعه. فهذه الوزارة قد خولت بذلك سلطة القيام على حسن تطبيق هذا الكادر وضبط قواعده وتنسيقها بحسب مقتضيات المصلحة العامة وحالة العمل، وبهذه السلطة شرطت في كتابها الدوري المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 لإمكان انتفاع المستخدمين والموظفين الفنيين الذين هم على درجات من كادر العمال، أن يكون لهم مثيل من عمال اليومية في نفس المصلحة. أما إذا لم يكن لهم مثيل فيها فلا ينتفعون منه. وما دامت وزارة المالية قد تصرفت في حدود السلطة المخولة إياها، وكان المدعي من المستخدمين المعينين على درجة خارج الهيئة، وليس له مثيل من عمال اليومية في المصلحة التي يعمل بها، فلا يحق له الانتفاع من أحكام كادر العمال.


إجراءات الطعن

في 22 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 25 من إبريل سنة 1955 في الدعوى رقم 11726 لسنة 1 قضائية - القاضي "باستحقاق المدعي (خلف الله عبد المجيد) لتسوية حالته طبقاً لأحكام كادر عمال اليومية باعتباره في درجة صانع غير دقيق من تاريخ انقضاء ثماني سنوات عليه بالخدمة بأجر يومي قدره 200 م وتدرجه بالعلاوات مع ما يترتب على ذلك من آثار".
وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بتسوية حالة المتظلم على أساس اعتباره في درجة صانع دقيق بأجر يومي قدره ثلثمائة مليم من التاريخ التالي لمضي خمس سنوات عليه في الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لأحكام كادر العمال مع إلزام جامعة عين شمس بالمصروفات".
وأعلن هذا الطعن للمدعي في 25 من يونيه سنة 1955، كما أعلن للجامعة في 27 من يونيه سنة 1955. ولم يتقدم أحد من الطرفين بمذكرات أو ملاحظات حتى انقضى الموعد القانوني.
وعينت جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 لنظر الطعن، ثم حجزت الدعوى لإصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي تقدم في 8 من سبتمبر سنة 1953 إلى رئيس اللجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية بتظلم قال فيه إنه "عين طاهياً بكلية الهندسة وهي (فنون وصنائع) عام 1929 ووضع بالدرجة الثالثة صناع، ثم صدر كادر العمال سنة 1944، ولكن الكلية لم تطبقه عليه كما طبقته على زملائه، وطلب تسوية حالته على أساس أحكام هذا الكادر" - ونظراً لصدور القانون رقم 147 لسنة 1954 الخاص بإنشاء المحاكم الإدارية بعد ذلك، فقد أخطر المدعي للحضور أمام المحكمة المختصة في اليوم الذي حدد لنظر دعواه.
وقد دفعت وزارة المعارف الدعوى بأن معاملة المستخدمين بكادر العمال تستوجب توفر شروط أربعة:
1 - أن يكون المستخدم موجوداً بالخدمة قبل أول مايو سنة 1945 (تاريخ تنفيذ كادر العمال).
2 - أن يكون قائماً فعلاً بأعمال فنية أو صناعية.
3 - أن تكون وظيفته مدرجة في الميزانية بالكادر الفني أو بكادر الخدم الخارجين عن الهيئة - الصناع.
4 - أن يكون له مثيل من عمال اليومية بنفس المصلحة.
وقالت الوزارة إن هذه الشروط غير متوفرة في حالة المدعي ولذلك لم يعامل بأحكام كادر العمال.
وقضت المحكمة الإدارية في حكمها الصادر بجلسة 25 من إبريل سنة 1955 "باستحقاق المدعي لتسوية حالته طبقاً لأحكام كادر عمال اليومية باعتباره في درجة صانع غير دقيق من تاريخ انقضاء 8 سنوات عليه بالخدمة بأجر يومي 200 م، وتدرجه بالعلاوات مع ما يترتب على ذلك من آثار" - واستندت المحكمة في قضائها هذا إلى أنه تبين لها من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه لم يؤد امتحاناً عند دخوله الخدمة، كما أنه غير حاصل على مؤهلات دراسية - وأنه عين في وظيفة طباخ في الدرجة الثالثة خارج الهيئة بماهية 3.500 مجـ شهرياً اعتباراً من 9 من نوفمبر سنة 1929 بمدرسة الفنون والصنائع ببولاق - ثم تقرر نقله إلى كادر المستخدمين الخارجين عن الهيئة في الدرجة الثالثة صناع اعتباراً من أول مايو سنة 1931، ثم رقي بعد ذلك إلى الدرجة الثانية صناع اعتباراً من أول يونيه سنة 1937، وظل بها حتى تاريخ نفاد كادر العمال في أول مايو سنة 1945 - وأنه يتضح من الاطلاع على هذا الكادر أن الخدم الخارجين عن هيئة العمال - الصناع - تسوى حالتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف - وأن وزارة المالية أصدرت كتابها الدوري المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 متضمناً القواعد التي على الوزارات أن تتبعها في تطبيق أحكام هذا الكادر، وجاءت في البند الثالث عشر من تعليماتها فأوردت الشروط التي اشترطها قرار مجلس الوزراء لتطبيق أحكام الكادر على المستخدمين الصناع الذين يشغلون وظائف خارج الهيئة، ولكنها أضافت في الفقرة الرابعة من هذا البند شرطاً جديداً لكي ينتفع هؤلاء المستخدمون بأحكام الكادر، وهو أن يكون لهم مثيل من عمال اليومية في نفس المصلحة، وقالت: "أما إذا لم يكن لهم مثيل من عمال اليومية في نفس المصلحة فلا ينتفعون من كادر العمال". وأن المدعي كان - وقت نفاذ الكادر - يشغل وظيفة فنية (وردت في الكشوف الملحقة بالكادر) وأنه كان على درجة بالميزانية، وأن الشرط الرابع المشار إليه هو إضافة من وزارة المالية لم يرد لها ذكر في قرار مجلس الوزراء. وما دامت القاعدة أن السلطة الدنيا لا تملك أن تقيد نفاذ قرار مجلس الوزراء (وهو سلطة عليا) بقيود لم ترد به؛ فإنه لا محل لحرمان المدعي من الانتفاع بأحكام كادر العمال بحجة أن هذا الشرط - الإضافي - لم يتحقق في حالته. ثم استطرد الحكم المطعون فيه إلى القول بأن القاعدة الواردة بكتاب المالية الدوري - بشأن المدعي وأمثاله - تنص على أن الصانع الذي دخل الخدمة بغير امتحان ودون أن يكون حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها، تفترض له مدة خدمة كصبي ثماني سنوات، ويوضع من التاريخ التالي لانقضاء هذه السنوات الثماني في درجة صانع غير دقيق بأجرة يومية قدرها 200 م، ثم تدرج أجرته بالعلاوات في درجته. وخلص أخيراً إلى الحكم له طبقاً لهذه القاعدة. فطعنت هيئة المفوضين على هذا الحكم، واستندت في طعنها إلى أن الحكم المطعون فيه فاته أن وزارة المالية، بعد أن أصدرت كتابها الدوري المؤرخ 26 من أكتوبر سنة 1945، تبين لها عند وضع قواعده موضع التطبيق أنها أنتجت آثاراً يعوزها الانسجام وتقتضي التنسيق؛ إذ أنه في الوقت الذي افترض فيه "للصانع" الذي دخل الخدمة بغير امتحان وبدون مؤهل دراسي، مدة خدمته كصبي لمدة ثماني سنوات يوضع بعدها في درجة صانع غير دقيق بأجرة يومية قدرها 200 م - مثل حالة المدعي - عاد فقضى بأن تكون تسوية حالة "مساعد الصانع" بافتراض منحه 300 م في درجة صانع دقيق من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات من بدء خدمته - ويترتب على هذا الوضع أن "مساعد الصانع" يصبح في مركز يفوق مركز "الصانع" ويمتاز عليه - الأمر الذي دعا وزارة المالية إلى إجراء تعديل جديد، فأصدرت كتابها رقم 88 - 31/ 17 المؤرخ 13 من يناير سنة 1947 متضمناً ما يأتي:
"ترى وزارة المالية تسوية حالة "الصانع" الذي دخل الخدمة بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية - أسوة "بمساعد الصانع" - أي يفترض منحه 300 م في درجة صانع دقيق (240 - 400 م) من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات من بدء الخدمة تزاد بطريق العلاوات الدورية".
وأضافت عريضة الطعن أنه كان يحق للمدعي، على مقتضى ما تقدم، أن تسوى حالته على أساس استحقاقه لأجر يومي قدره 300 م في درجة صانع دقيق ابتداء من التاريخ التالي لمضي خمس سنوات عليه في الخدمة تزاد بالعلاوات الدورية المقررة، ثم يرقى إلى درجة الدقة الممتازة (360 - 700 م) بعد ست سنوات.
وقد تصدت عريضة الطعن لدفع شبهتين قد يثار الجدل حولهما وهما:
(أولاً) أن الكتاب رقم 88 المشار إليه إنما صدر من وزارة المالية إلى مراقب عام الحسابات بمصلحة السكة الحديد رداً على استفهام صدر منه في شأن تطبيق أحكام كادر العمال، وقد يقال إن ذلك يبعده عن أن يصل إلى مرتبة الكتاب الدوري العام الذي يقرر القواعد التنظيمية الملزمة لجميع الوزارات والمصالح.
(ثانياً) أنه حتى مع التسليم بأن هذا الكتاب يضع قاعدة تنظيمية عامة فإن هذه القاعدة تعتبر استثناء من القواعد التي صدر بها قرار مجلس الوزراء (وهو سلطة عليا بالقياس إلى وزارة المالية). فقالت إن الكتاب المذكور، وإن كان موجهاً إلى المراقب العام للحسابات بمصلحة السكك الحديدية، إلا أنه عام التطبيق يسري على جميع عمال الوزارات والمصالح؛ لأنه جاء بصيغة عامة، فضلاً عن أنه صدر لبيان كيفية تطبيق أحكام كادر العمال بصفة عامة.
كما أن مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 23 من نوفمبر سنة 1944 كان قد قرر أنه "لا يجوز الاستثناء من هذه القواعد (قواعد كادر العمال) إلا بموافقة وزارة المالية" - وبذلك يكون المجلس قد فوض وزارة المالية في الخروج على ما تراه من القواعد التي قررها هو.
ومن حيث إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون، وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في تلك المادة فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن.
ومن حيث إن تلك المادة إذ ناطت برئيس هيئة المفوضين وحده، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن إن رأى هو وجهاً لذلك، حق الطعن أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية، قد أقامت ذلك على حكمة تشريعية تتعلق بالمصلحة العامة، كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، باعتبار أن رأي هيئة المفوضين "تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا"، ويتفرع عن ذلك أن لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في عريضة الطعن ما دامت ترى في ذلك المصلحة العامة بإنزال حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية، وأن المحكمة العليا تنزل حكم القانون على هذا الوجه، غير مقيدة بطلبات الهيئة أو بالأسباب التي تبديها؛ ما دام المرد هو إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة الإدارية هو استحقاق أو عدم استحقاق المدعي للإفادة من كادر العمال ومدى هذه الإفادة إن كان ينطبق عليه هذا الكادر.
ومن حيث إن الطعن اقتصر على استظهار مدى إفادة المدعي من الكادر المذكور، فذهب إلى أنه يستحق أن يوضع في درجة صانع دقيق بأجر يومي مقداره 300 م من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنين من بدء خدمته، لا من التاريخ التالي لانقضاء ثماني سنين من بدء هذه الخدمة، كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه. ولم يتناول الطعن استظهار أصل استحقاق المدعي لأن يطبق عليه الكادر المذكور من عدمه. وقد أصرت الإدارة في دفاعها على عدم انطباقه عليه أصلاً؛ لأنه على درجة خارج الهيئة وشرط تطبيق كادر العمال عليه أن يكون له مثيل من عمال اليومية بنفس المصلحة، وهذا الشرط متخلف في حالته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن كادر العمال، كما صدر به قرار مجلس الوزراء، قضى بأن الخدمة الخارجين عن الهيئة، العمال أو الصناع، تسوى حالتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف. فيكفي أن يكون من عين خارج الهيئة، بحكم عمله أو حرفته، ممن ورد ذكرهم في الكشوف المرافقة لكادر العمال. والمدعي بحكم كونه "طباخاً" من هؤلاء، وأن ما جاء في كتاب وزارة المالية الدوري المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 من اشتراط أن يكون له مثيل من عمال اليومية في نفس المصلحة، هو إضافة في أحكام كادر العمال كما صدر بها قرار مجلس الوزراء، وهي لا تملكها باعتبارها سلطة أدنى من هذا المجلس.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 بكادر العمال تحت (ثامناً) قواعد عامة - نص على: "( أ ) تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسب ما تقتضيه حالة العمل، وبعد الانتهاء من تسوية حالة العمال الموجودين الآن في الخدمة يجب أن يكون متوسط فئات أجورهم مضروباً في عدد الوظائف لا يتجاوز الاعتماد المقرر (ب) المستخدمون (الصناع) الذين يشغلون وظائف خارج الهيئة والموظفون الفنيون المؤقتون (سواء كانوا على وظيفة دائمة أو على وظيفة مؤقتة) ممن يشغلون وظائف مماثلة لوظائف العمال الذين تنطبق عليهم القواعد المبينة في البند (أولاً) - هؤلاء تسوى حالتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف، ويجوز لإجراء هذه التسوية مجاوزة نهاية الدرجة بشرط ألا تزيد ماهية المستخدم بحال ما عن نهاية مربوط الدرجة المحددة لنظيره من عمال اليومية بكادرهم.......
(جـ) لا يجوز الاستثناء من جميع القواعد المتقدمة إلا بموافقة وزارة المالية.
ومن حيث إنه يظهر من ذلك أن تحديد فئات الصناع أو العمال الذين يفيدون من أحكام هذا الكادر في كل قسم منوط بمقتضيات حالة العمل. وأنه يجوز، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، الاستثناء من جميع القواعد المتقدمة، وأن وزارة المالية هي المرجع في هذا الشأن جميعه.
ومن حيث إن وزارة المالية قد خولت بذلك سلطة القيام على حسن تطبيق هذا الكادر وضبط قواعده وتنسيقها بحسب مقتضيات المصلحة العامة وحالة العمل، وبهذه السلطة شرطت في كتابها الدوري المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 لإمكان انتفاع المستخدمين والموظفين الفنيين الذين هم على درجات من كادر العمال أن يكون لهم مثيل من عمال اليومية في نفس المصلحة أما إذا لم يكن لهم مثيل فيها فلا ينتفعون منه.
ومن حيث إنه ما دامت وزارة المالية قد تصرفت في حدود السلطة المخولة إياها، وكان المدعي من المستخدمين المعينين على درجة خارج الهيئة، وليس له مثيل من عمال اليومية في المصلحة التي يعمل بها، فلا يحق له الانتفاع من أحكام كادر العمال، وتكون دعواه، والحالة هذه، على غير أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض التظلم، وألزمت المتظلم بالمصروفات.

مجلة الرسالة/العدد 608/القضايا الكبرى في الإسلام - عبد المتعال الصعيدي

بتاريخ: 26 - 02 - 1945

قضية التجسس لقريش

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

هذه قضية لها قيمتها في أحداثنا الحاضرة، ولو كنا نرجع في حاضرنا إلى ماضينا، لكان لنا منه أكبر العظات، وأعظم العبر، ولكنا قطعنا صلتنا بماضينا، وأخذنا نتخبط في حاضرنا، وننظر فيه إلى من لا صلة بيننا وبينهم، ولا يتفق أمرنا وأمرهم، فتقطعت بيننا الأسباب، واستفحل بيننا الخلاف، ونكب المسلمون في زعمائهم وقادتهم، وصاروا ينظرون إلى من يأخذ بيدهم فيرتد الطرف إليهم وهو حسير

في السنة الثامنة من الهجرة نقضت قريش عهدها مع النبي صلى الله وعليه وسلم في صلح الحديبية، فتجهز النبي للسفر، ولم يعلن أصحابه بما يريد من غزو قريش إلا أبا بكر رضى الله عنه، ثم استنفر الأعراب الذين حول المدينة، وقال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة. فقدم جمع من قبائل أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة، وقد طوى ما يريد عن الجيش، لئلا يشيع الأمر فتعلم قريش فتستعد للحرب، وهو لا يريد أن يقيم حربا بمكة، بل يريد أن يباغت أهلها فيضطرهم إلى التسليم من غير حرب، وقد دعا الله تعالى فقال: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها. وفي رواية أخرى: اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم، فلا يرونا إلا بغتة، ولا يسمعون بنا إلا فلتة. ثم أمر بالطرق فحبست، وأقام جماعة بالأنقاب يراقبون من يمر بها، وكان عمر رضى الله عنه يطوف على الأنقاب فيقول: لا تدعوا أحداً يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه. وكانت الأنقاب مسلمة إلا من سلك إلى مكة، فإنه يتحفظ منه ويسأل عنه

وقد أمكن حاطب بن أبي بلتعة مع ذلك التكتم الشديد أن يعرف قصد النبي صلى الله عليه ومسلم، وهو لخمي نزل مكة وحالف بني أسد بن عبد العزى، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا والحديبية، وكان له بمكة بنون واخوة، فخاف عليهم من قريش في ذلك الغزو، وأراد أن يتقرب إليهم بإخبارهم بقصد النبي ﷺ، فلا يتعرضوا إلى بنيه واخوته بسوء، فكتب إليهم كتابا يخبرهم بذلك، ثم استأجر امرأة بدينار وقيل بعشرة دنانير، وقال لها: أخفيه ما استطعت، ولا تمري على الطريق فان عليه حرساً والروايات مختلفة في نص هذا الكتاب، فقيل إنه كان فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل، إن رسول الله ﷺ أذن في الناس بالغزو، ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن تكون لي عندكم يد

وقيل إنه كان فيه: أما بعد يا معشر قريش، فان رسول الله ﷺ جاءكم بجيش عظيم يسير كالسيل، فو الله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم، والسلام

وقيل إنه كان فيه: إن محمداً قد نفر، فإما إليكم، وإما إلى غيركم، فعليكم الحذر

فأطلع الله تعالى النبي ﷺ على ما فعله حاطب، فقال لعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام والمقداد بن الأسود: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، فخذوه منها وخلوا سبيلها، فان لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها

فانطلق الثلاثة تعادي بهم خيلهم حتى أتوا روضة خاخ، فإذا هم بالظعينة تسير على بعير لها، فقالوا لها: أخرجي الكتاب. فقالت: ما معي كتاب. فأناخوها والتمسوا ذلك الكتاب فلم يجدوه، فقالوا: ما كذب رسول الله ﷺ، ثم قالوا لها: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. وفي رواية أن علياً قال لها: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله ﷺ ولا كذبنا، لتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك، فلما رأت الجد منه قالت: أعرض. فأعرض فحلت قرونها فأخرجته من عقاصها، وهو الخيط الذي تعتقص به أطراف الذوائب، أو الشعر المضفور، أولى الشعر بعضه على بعض على الرأس، وإدخال أطرافه في أصوله، أو السير الذي يجمع به الشعر على الرأس وفي رواية البخاري. فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته. والحجزة معقد الإزار، والظاهر أن الكتاب كان في ضفائرها، وأنها جعلت الضفائر في حجزتها.

فأخذوا الكتاب منها ورجعوا به إلى النبي ﷺ فدعا حاطبا فقال له: يا حاطب ما حملك على ما صنعت. فقال: يا رسول الله لا تعجل عليّ، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، ولم أفعله ارتداداً عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام.

فنظر النبي ﷺ إلى ماضي حاطب وجهاده في إعلاء شأن الإسلام، والى موقفه في غزوة بدر، وما كان لها من عظيم الشأن في إظهار الدين، وفي قصة الحديبية ومبايعته فيها على الموت تحت شجرة الرضوان، وقد قال الله تعالى في شأن من بايعه تحتها في الآية - 18 - من سورة الفتح (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا).

نظر النبي ﷺ إلى ذلك كله من حسنات حاطب، ثم نظر إلى تلك السيئة التي ارتكبها، وهي تعد في عرف الشرائع الوضعية الخيانة العظمى للدولة، والعقوبة التي تستحقها هذه الخيانة هي عقوبة القتل، ولكن النبي ﷺ لم يشأ أن تنتهي حياة ذلك المجاهد بذلك الشكل القبيح، ولم يشأ أن يضيع له جهاده الطويل في الإسلام بفلتة من فلتات النفس، وغواية من كيد الشيطان، فرأى أن يستعمل فيها حقه في العفو، لأنه الرئيس الأعظم على المسلمين، فله حق العفو عن مذنبهم إذا كان فيه مصلحة من المصالح، ولكنه نظر قبل ذلك إلى من كان بالمجلس من أصحابه فقال لهم: إنه قد صدقكم، ولا تقولوا له إلا خيراً. فقال عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه، فأن الرجل قد نافق. فقال له النبي ﷺ إنه قد شهد بدرا، وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.

وقد عفا النبي ﷺ بهذا عن حاطب رضى الله عنه، بعد أن بين به أن عقوبة الجاسوس القتل، لأنه أرشد إلى أن علة تركه أمر عمر بقتله هي شهوده بدرا، فدل على أن من فعل فعله ولم يكن بدريا يستحق القتل، ثم نزل بعد هذا فيما فعله حاطب قوله تعالى في الآيات الأولى من سورة الممتحنة (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل، إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون، لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم، يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون نصير، قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدأ بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) إلى أخر القصة.

وفي هذه الآيات معاتبات رقيقة لذلك المجاهد الكريم بعد ذلك الصفح الجميل، وعظات كريمة أطلقت إطلاقا، ولم توجه إليه بخصوصه، حتى لا يكون في ذلك ما يشم منه رائحة تشنيع، ولا يكون فيه تصريح بتلك الخيانة، ولا يشوب جهاده منها شائبة تشوبه، ويمضي العفو عن ذنبه خالصاً يمحو كل أثر للذنب، ولا يبقى أية حفيظة عليه في نفوس المجني عليهم.

ولم يكن كل هذا إلا لأن حاطبا كان من المجاهدين الأولين في الإسلام، وللمجاهدين الأولين في كل دعوة شأنهم في نفوس من يأتي بعدهم، فإذا روعي لهم جهادهم إلى آخر حياتهم، وأحيطوا بجانب من القداسة يعلى شأن جهادهم، وينسى معه بعض ما يحصل من زلاتهم بحسن قصد، ومن غير تنكر للدعوة التي جاهدوا في سبيلها - إذا روعي لهم كل هذا كان مدعاة لأخذ الخلف بسنة السلف في الجهاد، حتى ينالوا مثل قداستهم في نظر من يأتي بعدهم، ودعا أيضاً إلى تكوين القدوة الصالحة اللازمة في تاريخ كل أمة من الأمم، وهي الماضي المجيد الذي يقوم على أساسه بناء المستقبل، وهذه هي الحكمة الجليلة في ذلك القول الذي ورد عن أهل بدر - اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفي بعض الروايات فإني غافر لكم، وهذا يدل على أن المراد بقوله غفرت في الرواية الأولى أنه سيغفر لهم في المستقبل ما يقع منهم، وقد عبر عنه بالماضي مبالغة في تحققه، ولو كان المراد منه الماضي حقيقة لما صح أن يخاطب به النبي ﷺ عمر رضي الله عنه، لأنه ينكر به عليه ما قاله في أمر حاطب، ولا يكون فيه إنكار عليه إلا إذا كان الغفران لما يكون من ذنوبهم بعد بدر، على أنه لا يراد من هذا إباحة فعل الذنوب لهم، وإنما هو خطاب تكريم وتشريف، ولا يراد منه إلا أنهم حصلت لهم بتلك الغزوة حالة من القداسة، غفر معها ما سلف من ذنوبهم، وتأهلوا لأن يغفر لهم ما يحصل من الذنوب اللاحقة إن وقعت منهم وقد خصهم الله تعالى بذلك تكريما لجهادهم، وإعلانا عن عظيم حبه لهم، وما أحسن ما قيل في هذا الشأن:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع

وموضع العظة لنا من هذه القضية أنه كان لنا جهاد سابق جمع كلمة الأمة، وأيقظها من رقدتها، وسار بها في طريق الإصلاح والنهوض، فجنت من ثمار الجهاد ما جنت، وقطعت شوطا بعيداً في طريق الإصلاح ثم تنكرنا لذلك الجهاد، وأخذنا نجرح الذين قاموا به، ونرميهم بكل قبيح، ونكيل لهم التهم جزافا وتنكر أولئك المجاهدون بعضهم لبعض، فضعفت ثقة الأمة فيهم، وضاعت القدوة الصالحة التي تكون محل الثقة والقداسة، وعاد كل شخص إلى سيرته الأولى قبل ذلك الجهاد، لا يهمه إلا أمر نفسه، ولا يسعى إلا في سبيل مصلحته.

فهل لنا أن نعود إلى ماضينا فنتعظ بموضع العظة منه، وننظر إلى المجاهدين فينا كما كان ينظر سلفنا إلى المجاهدين فيهم، ولا نتنكر لجهادهم كما نتنكر الآن، فنحاسبهم على الهفوة بأشد ما يكون من القسوة، ونسلك في حسابهم سبيل التشنيع والتشهير، وهم لم يصلوا في هفوتهم إلى تلك الخيانة العظمى التي ارتكبت في تلك القضية.

وهل لأولئك المجاهدين أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى، فيمد بعضهم يده إلى الآخر، ويعرف له فضل جهاده الأول، ذلك الجهاد الذي كان فينا مثل جهاد أهل بدر؟

عبد المتعال الصعيدي

مجلة الرسالة/العدد 608



بتاريخ: 26 - 02 - 1945

الطعن 22 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 10 ص 79

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

---------------

(10)
القضية رقم 22 لسنة 1 القضائية

كادر العمال 

- سلطة وزارة المالية في الاستثناء من أحكامه - الاستثناء يشمل الزيادة كما يشمل النقصان - مثال بالنسبة لاستثناء عمال مصلحة الأملاك.

----------------
المستفاد من قواعد كادر العمال الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 23 من نوفمبر سنة 1944 هو أن تحديد فئات الصناع أو العمال الذين يفيدون من أحكام هذا الكادر منوط بمقتضيات حالة العمل، ومقيد بألا يكون متوسط هذه الفئات مكرراً بعدد الوظائف يجاوز الاعتماد المقرر، كما يجوز، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، الاستثناء من هذه القواعد، وأن وزارة المالية هي المرجع في هذا كله.
وتخصيص سلطة وزارة المالية، عند إعمال الاستثناء المفوضة فيه بقرار مجلس الوزراء الصادر بأحكام كادر العمال، بالزيادة دون النقصان، هو تخصيص بلا مخصص، بل يجب فهم الاستثناء بحسب مدلوله الطبعي، وهو كما يشمل الزيادة يشمل النقصان. والمرد في إعمال سلطة الاستثناء هذه هو إلى المصلحة العامة وحدها بحسب مقتضيات حالة العمل وأوضاع الميزانية. فإذا كان الثابت أن مصلحة الأملاك اقترحت وضع فئات خاصة لعمالها على هدي اعتبارات عامة ارتأتها، وأن وزارة المالية وافقت على ما اقترحته المصلحة، على أن تكون التسويات في حدود الأحكام الأخرى الواردة بكادر العمال، وبشرط ألا يوضع العامل في درجة أعلى من المستحق له حسب الكادر المذكور، أو أن يعطى أجرة تزيد على المستحق بهذا الكادر، وأبلغت وزارة المالية موافقتها هذه إلى مصلحة الأملاك بالكتاب رقم 60 - 31/ 20 المؤرخ في 16 من إبريل سنة 1947، فإن الوزارة تكون قد تصرفت في حدود السلطة المخولة إياها بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944، وذلك بمراعاة مقتضيات حالة العمل في مصلحة الأملاك.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة ثالثة) بجلسة 21 من إبريل سنة 1955 في الدعوى رقم 6627 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة المالية ضد السيد/ حسين محمد إبراهيم وآخرين، القاضي "بقبول الطعن (في قرار اللجنة القضائية) شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات".
وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار اللجنة القضائية ورفض التظلم مع إلزام المتظلمين بالمصروفات". وأعلن السيد/ حسين محمد إبراهيم وباقي المطعون عليهم بالطعن في 22 و23 و25 من يونيه سنة 1955، وأعلن به السيد وزير المالية في 22 منه. ثم عين لنظر الدعوى جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955، وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم تقدموا إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد بالتظلم رقم 3871 لسنة 1 القضائية أبانوا فيه أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بشأن تعديل بعض درجات كادر العمال لم يطبق في حقهم، مع أن جميع الوزارات والمصالح قد طبقته على العمال ما عدا مصلحة الأملاك التي يتبعونها، وأوضحوا أن تطبيق هذا القرار في حقهم يترتب عليه زيادة أجورهم 20 م في اليوم، وطلبوا الحكم بتسوية حالتهم بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر. وفي 16 من نوفمبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد قراراً "بأحقية المتظلمين في تطبيق كشوف حرف (ب) عليهم وتسوية حالتهم على أساس الأجور التي وافق عليها مجلس الوزراء في 12 من أغسطس سنة 1951 وصرف الفرق المستحق إليهم على هذا الأساس من التاريخ المذكور".
وأسست اللجنة قرارها على "أن مصلحة الأملاك الأميرية لم تطبق الكشوف حرف (ب) على عمالها بدعوى أن أجورهم سترتفع كثيراً مما لا يتناسب مع طبيعة عملهم، فرأت وضعهم في درجات تقل عن الدرجات المخصصة لحرفهم بهذه الكشوف. مع أن مجلس الوزراء قرر في 11 من يونيه سنة 1950 و12 من نوفمبر سنة 1950 تطبيق الكشوف حرف (ب) على عمال اليومية الذين عينوا بعد أول مايو سنة 1945، وصدر كتاب دوري من وزارة المالية في 26 من فبراير سنة 1951 بتنفيذ هذين القرارين، ومن ثم يكون العمال المتظلمون محقين في طلبهم".
وبعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 17 من إبريل سنة 1954 طعنت وزارة المالية في قرار اللجنة القضائية طالبة إلغاءه وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات والأتعاب. وبنت طعنها على أن مصلحة الأملاك التي يتبعها المطعون عليهم تبين لها، عند تطبيق كادر العمال حسب الكشوف حرف (ب) على عمالها، أن أجورهم سترتفع ارتفاعاً كبيراً لا يتناسب مع طبيعة عملهم، فرأت وضعهم في درجات تقل عن الدرجات المخصصة لحرفهم في هذه الكشوف، وأرسلت لوزارة المالية كشوفاً بكيفية هذا التطبيق على عمال وصناع المصلحة، فوافقت الوزارة بكتابها في 16 من إبريل سنة 1947 على تسوية حالة هؤلاء العمال، حسبما رأته المصلحة إعمالاً لنص الفقرة الخامسة من البند الثالث عشر بشأن كادر العمال، وطلب المطعون عليها تأييد قرار اللجنة القضائية.
وقد قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر في 21 من إبريل سنة 1955 "بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات".
وأسست قضاءها على "أن حق المطعون عليهم يستند إلى قواعد كادر العمال معدلة بأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951، وهي قواعد تسري على سائر عمال الحكومة بجميع المصالح والوزارات. ولا يغنى ما تدفع به الطاعنة من أن وزارة المالية وافقت على تسوية حالة المطعون عليهم التي تمت بالمخالفة لأحكام الكادر المذكور؛ إذ أن ما ورد بنص الفقرة الخامسة من البند الثالث عشر من القواعد العامة من الكتاب الدوري بشأن كادر العمال الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 من أنه لا يجوز الاستثناء من جميع قواعد الكادر إلا بموافقة وزارة المالية، إنما ينصرف إلى الاستثناء بالزيادة لا بالنقصان، إذ أن النقص في أجور العمال يمس حقوقهم المكتسبة من قواعد الكادر العامة والتي لا يجوز المساس بها".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المطعون عليهم وغيرهم من عمال مصلحة الأملاك الأميرية لا يحق لهم إلا اقتضاء الأجور والعلاوات التي وافق عليها كتاب المالية في 16 من إبريل سنة 1947، وقد أصدرت وزارة المالية كتابها المشار إليه بما لها من سلطة في الاستثناء من أحكام كادر العمال وفقاً لنص البند الثالث من القواعد العامة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 23 من نوفمبر سنة 1944، ويجرى هذا النص بالآتي (لا يجوز الاستثناء من هذه القواعد إلا بموافقة وزارة المالية)، واستطرد الطعن إلى أنه لا اعتداد بما جاء بالحكم المطعون فيه من أن الاستثناء إنما ينصرف إلى الاستثناء بالزيادة لا بالنقصان؛ ذلك لأن مجلس الوزراء الذي وضع الأحكام العامة لكادر العمال هو نفسه الذي خول وزارة المالية سلطة الاستثناء من تلك الأحكام مراعاة للصالح العام؛ على أساس أن هذه الوزارة وقد تقدمت بالمذكرة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 23 من نوفمبر سنة 1944 هي أقدر على تفهم أحكام الكادر وتطبيقه تطبيقاً سليماً، فضلاً عن أن عبارة الاستثناء الواردة في قرار مجلس الوزراء المشار إليه جاءت عامة ومطلقة من كل قيد، فلا محل للقول بأن الاستثناء لا ينصرف إلا إلى الزيادة. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بأحقية المطعون عليهم في تطبيق كشوف حرف (ب) عليهم وتسوية حالتهم على أساس الأجور التي وافق عليها مجلس الوزراء في 12 من أغسطس سنة 1951 وصرف الفرق المستحق لهم على هذا الأساس من التاريخ المذكور، إذ قضى بذلك - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن القواعد العامة بشأن أحكام كادر العمال الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 23 من نوفمبر سنة 1944 تنص على ما يأتي:
1 - تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسبما تقتضيه حالة العمل، وأن يكون متوسط هذه الفئات مضروباً في عدد الوظائف لا يجاوز الاعتماد المقرر.
2 - الخدمة الخارجون عن هيئة العمال الصناع والموظفون الفنيون الدائمون ممن يشغلون وظائف مماثلة لوظائف العمال الذين تنطبق عليهم القواعد المتقدمة - هؤلاء تسوى حالتهم على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف، ويجوز لإجراء هذه التسوية مجاوزة نهاية الدرجات.
3 - لا يجوز الاستثناء من هذه القواعد إلا بموافقة وزارة المالية.
ومن حيث إن مفاد تلك القواعد هو أن تحديد فئات الصناع أو العمال الذين يفيدون من أحكام هذا الكادر منوط بمقتضيات حالة العمل، ومقيد بألا يكون متوسط هذه الفئات مكرراً بعدد الوظائف يجاوز الاعتماد المقرر، كما يجوز، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، الاستثناء من هذه القواعد وأن وزارة المالية هي المرجع في هذا كله.
ومن حيث إن تخصيص سلطة وزارة المالية، عند إعمال الاستثناء المفوضة فيه بقرار مجلس الوزراء الصادر بأحكام كادر العمال، بالزيادة دون النقصان، هو تخصيص بلا مخصص، بل يجب فهم الاستثناء بحسب مدلوله الطبعي، وهو كما يشمل الزيادة يشمل النقصان. والمرد في إعمال سلطة الاستثناء هذه هو إلى المصلحة العامة وحدها بحسب مقتضيات حالة العمل وأوضاع الميزانية.
ومن حيث إنه قد بان للمحكمة من الأوراق أنه بمناسبة صدور كادر العمال، طلبت وزارة المالية إلى وزارات الحكومة ومصالحها موافاتها ببيان عما يتكلفه تنفيذه على مقتضى القواعد المقررة فيه، فأبدت مصلحة الأملاك بكتابها رقم 73 - 7/ 8 خـ 4 المؤرخ 22 من يوليه سنة 1945، وما تلاه من كتب أخرى، أن طبيعة عمل العمال بالمصلحة تشابه عمل أمثالهم بالدوائر والشركات الزراعية، وأن مقتضيات حالة العمل في هذه المصلحة تستوجب عدم تطبيق كادر العمال عليهم، وأنهم يتقاضون الأجور المناسبة لطبيعة عملهم ومقداره بحسب أجور نظرائهم، وأنها بعد بحث الأمر من جميع الوجوه، وبمراعاة أنهم يتمتعون بالسكن المجاني الذي لا يتمتع به غيرهم، اقترحت وضع فئات خاصة لهم على هدي الاعتبارات المشار إليها، وأرسلت كشوفاً بهذه الفئات، فوافقت وزارة المالية على ما اقترحته المصلحة، على أن تكون التسويات في حدود الأحكام الأخرى الواردة بكادر العمال، وبشرط ألا يوضع العامل في درجة أعلى من المستحق له حسب الكادر المذكور، أو أن يعطى أجرة تزيد على المستحق له بهذا الكادر - وأبلغت وزارة المالية موافقتها هذه إلى مصلحة الأملاك بالكتاب رقم 60 - 31/ 20 المؤرخ 16 من إبريل سنة 1947.
ومن حيث إنه يظهر مما تقدم أن وزارة المالية قد تصرفت في حدود السلطة المخولة إياها بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944، وذلك بمراعاة مقتضيات حالة العمل في مصلحة الأملاك؛ فيكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى باستحقاق المطعون عليهم لتسوية حالتهم على غير هذا الأساس، قد خالف القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض التظلم، وألزمت المتظلمين بالمصروفات.

مجلة الرسالة/العدد 607



بتاريخ: 19 - 02 - 1945

الطعن 1382 لسنة 56 ق جلسة 1 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 113 ص 527

جلسة أول إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع نائبي رئيس المحكمة، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

----------------

(113)
الطعن رقم 1382 لسنة 56 القضائية

(1) استئناف "أثر الاستئناف: الأثر الناقل".
الأثر الناقل للاستئناف. ماهيته. م 232 مرافعات. التزام محكمة الاستئناف بالتصدي لما لم تفصل فيه محكمة أول درجة من أسباب لطلبات أبديت أمامها طالما لم يتنازل مبديها عن التمسك بها. علة ذلك.
(2) دعوى "سبب الدعوى" "الطلب في الدعوى".
الطلب في الدعوى وسببها. ماهية كل منهما.
(3) عقد "فسخ العقد وانفساخه". إيجار "سبب الإخلاء". دعوى. استئناف "الأثر الناقل".
طلب الإخلاء للتأخير من الباطن ولاحتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتضى. سببان لطلب واحد. هو الإخلاء لانحلال العقد. القضاء ابتدائياً بالإخلاء لأحدهما. اعتبار الطلب الآخر مطروحاً على محكمة الاستئناف. أثر ذلك.
(4) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
النعي على أسباب الحكم الابتدائي دون الحكم النهائي. غير مقبول.
(5) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد". صورية.
دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض (مثال في صورية).
(6) حكم "ما لا يعد قصوراً". دفاع "الدفاع غير الجوهري".
محكمة الموضوع. إغفال الحكم الرد على دفاع غير جوهري. لا يعد قصوراً.
(7) نقض "أسباب الطعن: السبب المجهل".
أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعيب المنسوب للحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه. مخالفة ذلك. أثره. عدم القبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين ما الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 711 لسنة 1982 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الطاعن والمطعون ضده الثاني من العين المؤجرة لأولهما بالعقد المؤرخ 1/ 8/ 1978 لقيامه بتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الثاني بغير إذن كتابي منها، ولاحتجازه أكثر من سكن في بلد واحد بغير مقتضى. أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق، وبعد تنفيذه، قضت بالإخلاء للاحتجاز. استأنف الطاعن بالاستئناف 26 لسنة 102 القاهرة، وبتاريخ 19/ 3/ 1986 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف على سند من ثبوت واقعة التأجير من الباطن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل النعي بالرابع منها الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول الطاعن أنه لما كان الاستئناف وإعمالاً للمادة 232 من قانون المرافعات بنقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، وكان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما خلص إليه من احتجازه أكثر من مسكن في بلد واحد بغير مقتضى، وكان هو الذي طعن بالاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي استناداً إلى ثبوت تأجيره عين النزاع من الباطن - دون الاحتجاز - يكون قد تجاوز نطاق الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 232 من قانون المرافعات على أن "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط" يدل على أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود الطلبات التي فصلت فيها محكمة أول درجة وما أقيمت عليه تلك الطلبات من أسباب سواء ما تعرضت له وما لم تتعرض له منها، وذلك طالما أن مبديها لم يتنازل عن التمسك بها، ولا يحول دون ترتيب هذا الأثر أن محكمة الاستئناف في هذه الحالة تتصدى لما لم تفصل فيه محكمة أول درجة من تلك الأسباب، ذلك أن المشرع أجاز للخصوم وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 235 من قانون المرافعات أن يغيروا سبب الدعوى أمام محكمة الاستئناف وأن يضيفوا إليه أسباباً أخرى لم يسبق طرحها أمام محكمة أول درجة مع بقاء الطلب الأصلي على حاله، فمن باب أولى أن تلتزم محكمة الاستئناف بالتصدي للأسباب السابق التمسك بها في الدعوى والتي أعرض الحكم الابتدائي عن التعرض لها مكتفياً بإجابة الطلب على سند من إحداها. ولما كان الطلب هو القرار الذي يطلبه المدعي من القاضي حماية للحق أو المركز القانوني الذي يستهدفه بدعواه، وكان سبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في موضوع الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها قد أقامتها بطلب الإخلاء للتأجير من الباطن بغير إذن كتابي منها ولاحتجاز المستأجر أكثر من سكن في بلد واحد بغير مقتضى، وكان طلب الإخلاء للتأجير من الباطن هو في حقيقته طلب بفسخ العقد، كما أن طلب إخلاء للاحتجاز التالي لإبرام العقد هو طلب بانفساخه، وكان الفسخ والانفساخ يؤديان إلى انحلال العقد، ومن ثم فإنهما يمثلان سببين لطلب واحد هو الإخلاء لانحلال العقد، لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي قد قضى بالإخلاء على سند من أحد السببين وهو الاحتجاز ولم لم يعرض للسبب الآخر وهو التأجير من الباطن، فإن هذا السبب الأخير يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف في الاستئناف المرفوع من الطاعن طالما أن المطعون ضدها الأولى. بوصفها مستأنف ضدها - لم تتنازل عن التمسك به، ويكون لمحكمة الاستئناف أن تتصدى له وأن تقيم قضاءها عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأول من كل من السببين الأول والثالث وبالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإخلائه من عين النزاع على ما خلص إليه من احتجازه لأكثر من مسكن في ذات البلد، وأن قيامه بتأجير شقة النزاع مفروشة لا يعد مقتض لهذا الاحتجاز، حالة أن المسكن الآخر ملك زوجته وهي شخصية مستقلة بما لا تتوافر به حالة الاحتجاز، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن المستندات التي قدمها تدليلاً عليه فإنه يكون إلى جانب مخالفته للقانون قد شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما انتهى إليه من تحقق احتجاز الطاعن لأكثر من مسكن في بلد واحد بغير مقتض، إلا أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بتأييد منطوق الحكم الابتدائي إلى ثبوت قيام الطاعن بتأجير عين النزاع من الباطن بغير إذن كنابس من المالك، معرضاً عن أسباب الحكم الابتدائي غير محيل إليها، ومن ثم يكون النعي موجه إلى قضاء الحكم الابتدائي - ولما كان مرمى الطعن بالنقض هو مخاصمة الحكم النهائي الصادر من محاكم الاستئناف، ومن ثم يكون النعي قد انصرف إلى قضاء الحكم الابتدائي غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الثاني من كل من السببين الأول والثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه لم يتنازل عن شقة النزاع ولم يؤجرها من الباطن وإنما حرر لشقيقه عقد بتأجيرها مفروشة حفاظاً على حقوقه فيها بعد أن قرر الإقامة بمسكن زوجته، وأنه بافتراض قيامه بتأجيرها من الباطن فقد أقرت المطعون ضدها الأولى حقه في ذلك بقبض وكيلها الأجرة دون تحفظ في تاريخ تال لرفع الدعوى الراهنة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع فإنه يكون إلى جانب خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، وذلك أنه لما كانت الأوراق خلو مما يفيد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن قيامه بتأجيرها شقة النزاع مفروشة إلى شقيقه المطعون ضده الثاني كانا حفاظاً على حقوقه فيها، وكان هذا الدفع الذي ينطوي على ادعاء بصورية العقد يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الثاني في غير محله ذلك أن إغفال الحكم الرد على دفاع غير جوهري لا يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى لا يعيبه القصور، ولما كان ما أثاره الطاعن من دفاع أمام محكمة الموضوع بشأن إقرار المطعون ضدهما الأولى أحقيته في تأجير العين من الباطن بقبض وكيلها الأجرة دون تحفظ في تاريخ لاحق لإقامة الدعوى الماثلة، وتقديمه تدليلاً على ذلك إيصالاً مؤرخاً 1/ 7/ 1982 لم تجحد المطعون ضدها الأولى صدوره من وكيلها، إلا أنه لما كان هذا الإيصال قد تضمن تحفظاً إذا احتفظ فيه مصدره بكافة الحقوق القانونية قبل الطاعن ومن ثم فإنه لا يعد إقراراً بأحقية للطاعن في التأجير من الباطن، ولا يعيب الحكم عدم الرد على هذا الدفاع بأسباب مستقلة، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأخير من السبب الثالث بالسبب الخامس القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاعه الذي ضمنه صحيفة استئنافه ومذكرته المقدمة لجلسة 21/ 10/ 1982، وأن مؤدى أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى أن شقيقه المطعون ضده الثاني كان مقيماً معه بشقة النزاع عدة سنوات وحتى تركه إياها وإقامته بمسكن زوجته، ومن ثم يمتد العقد إلى شقيقه عملاً بحكم المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إعمالها فإنه يكون إلى جانب ما شابه من قصور قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يبين العيب المنسوب للحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه مكتفياً بالإحالة إلى ما تضمنته صحيفة استئنافه ومذكرته المقدمة أمام محكمة الاستئناف من دفاع، فجاء نعيه مجهلاً، والنعي في شقه الثاني بدوره غير مقبول إذ لم يسبق للطاعن التمسك أمام محكمة الموضوع بامتداد العقد بعد الترك، وهو دفاع قانوني يخالطه واقع لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 6 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 9 ص 72

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

---------------

(9)
القضية رقم 6 لسنة 1 القضائية

موظف 

- علاقته بالحكومة علاقة تنظيمية - خضوع نظامه القانوني للتعديل وفق مقتضيات المصلحة العامة - سريان التنظيم الجديد عليه بأثر حال من تاريخ العمل به - عدم سريانه بأثر رجعي يمس المراكز القانونية الذاتية إلا بنص خاص في قانون وليس في أداة أدنى - تضمن التنظيم الجديد لمزايا ترتب أعباء مالية على الخزانة العامة - عدم سريانه على الماضي - إلا إذا تبين قصده من ذلك بوضوح - عند الشك يكون التفسير لصالح الخزانة - أساس ذلك - مثال بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 10/ 1953.

------------------
إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظله. ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة، وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم، قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه كلائحة. وإذا تضمن النظام الجديد، قانوناً كان أو لائحة، مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة، فالأصل ألا يسري النظام الجديد، في هذا الخصوص، إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق. هذا وعند الغموض أو الشك يجب أن يكون التفسير لصالح الخزانة إعمالاً لمبدأ ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في الروابط التي تقوم بين الحكومة والأفراد في مجالات القانون العام.
وما دام قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1953 قد استحدث بالنسبة إلى العمال الذين كانوا قد بلغوا درجة صانع غير دقيق عند تنفيذ قرار 12 من أغسطس سنة 1951 وما كانوا يفيدون من مزاياه، قد استحدث لهم مركزاً قانونياً جديداً يرتب أعباء مالية على الخزانة العامة، وجاء ذلك القرار خلواً من أي نص يدل بوضوح على أنه قصد إلى أن تكون إفادتهم منه من تاريخ سابق في الماضي، فإنهم، والحالة هذه، لا يفيدون من هذا التنظيم الجديد إلا من التاريخ المعين لنفاذه. وعلى مقتضى ذلك، يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى للمطعون عليه بفروق عن المدة من 14 من أكتوبر سنة 1951 لغاية 20 من أكتوبر سنة 1953، قد خالف القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه والحكم برفض الدعوى.


إجراءات الطعن

في 9 من يونيه سنة 1955 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلستها المنعقدة في 10 من إبريل سنة 1955 في القضية رقم 509 لسنة 2 ق المرفوعة من أنور أحمد فؤاد ضد وزارة الزراعة. ويقضي هذا الحكم بأحقية المدعي في صرف الفروق الناتجة عن تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1953 بإعادة تسوية حالته وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951 إلى 20 من أكتوبر سنة 1953. وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المتظلم وإلزامه بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المتظلم في 13 من يونيه سنة 1955 وإلى وزارة الزراعة في 14 منه، وعينت لنظر الدعوى جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل في أن أنور أحمد فؤاد رفع القضية رقم 209 لسنة 5 ق إلى المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بصحيفة مؤرخة أول فبراير سنة 1954 طالباً الحكم بصرف الفروق التي يستحقها تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1953 من تاريخ تعيينه. وقال بياناً لدعواه إنه عين مساعد صانع بمصلحة البساتين في 5 من إبريل سنة 1939. ولما صدر قرار مجلس الوزراء في 21 من أكتوبر سنة 1953 بتسوية حالة مساعدي الصناع زيد أجره على أساس منحه 300 مليم بعد انقضاء خمس سنوات على تعيينه. ولكن الوزارة عند صرف أجره الذي يستحقه طبقاً لهذا القرار لم تؤد إليه فروق هذا الأجر إلا من تاريخ القرار فقط في حين أنه يستحقها منذ تعيينه. وقد دفعت وزارة الزراعة الدعوى قائلة إن المدعي عين في 5 من إبريل سنة 1939 مساعد صانع في الفئة 150 - 240 مليماً، وفي 2 من يونيه سنة 1947 رقي إلى درجة صانع غير دقيق في الفئة من 200 - 360 مليماً، ومنح علاوة الترقية، وفي 27 من مايو سنة 1952 وضع في درجة صانع دقيق في الفئة من 300 - 500 مليم وهي إحدى الدرجات التي خلت إثر تنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بتعديل النسب المئوية لعدد العمال في كل درجة من درجات الكادر، وذلك دون منحه علاوة ترقية لسبق منحه إياها عند ترقيته إلى درجة صانع غير دقيق. وإثر صدور قرار مجلس الوزراء في 21 من أكتوبر سنة 1953 سويت حالته وفقاً لأحكامه، وذلك بإقرار وضعه في درجة صانع دقيق التي سبق نقله إليها ومنحه أجراً مقداره 300 مليم على أن يتدرج هذا الأجر في الزيادة بالعلاوات المقررة لدرجته سالفة الذكر. وصرفت إليه الفروق التي ترتبت على هذه التسوية ابتداء من 21 من أكتوبر سنة 1953 تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء المشار إليه - وذلك طبقاً لما أشار به ديوان الموظفين - وانتهت إلى طلب رفض الدعوى.
وفي 10 من إبريل سنة 1955 قضت المحكمة بأحقية المدعي في صرف الفروق الناتجة عن تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1953 بإعادة تسوية حالته وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951 إلى 20 من أكتوبر سنة 1953، بانية قضاءها على أن الغاية التي يهدف إليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1953 إنما هي إعادة التسوية لتصحيح الأوضاع على أساس إقامة المساواة بين طائفة المدعي ومن هم أحدث منه. فإذا جعل تنفيذه وصرف الفروق من تاريخ صدوره فقط أصبح قاصراً عن تحقيق ما استهدفه من إعادة التسوية، وإقرار المساواة بين طائفة المدعي وزملائهم الأحدث منهم عهداً بالخدمة لا يحمل في طياته معنى الرجعية التي يحظرها القانون. أما تحديد تاريخ 14 من فبراير سنة 1951 لصرف الفروق ابتداء منه فقد استندت فيه المحكمة إلى كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1952 بالموافقة على صرف الفروق المستحقة للصبية والشراقات ومساعدي الصناع ابتداء من 14 من فبراير سنة 1951. وقد طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم للأسباب المبينة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بتعديل قواعد كادر العمال الخاصة بالصبية والشراقات ومساعدي الصناع لم يكن يسري على المدعي وأمثاله ممن رقوا قبل صدوره من درجة مساعد صانع إلى درجة صانع غير دقيق، فلم يفيدوا من مزاياه كما أفاد منها مساعدو الصناع وهم أحدث منهم عهداً بالخدمة، وتحقيقاً للمساواة بين الطائفتين استصدرت وزارة الزراعة من مجلس الوزراء قرار 21 من أكتوبر سنة 1953، وهو يقضي بتسوية حالة المدعي وأمثاله طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951، ثم نقلهم بعد انقضاء خمس سنوات عليهم في درجة مساعد صانع إلى درجة صانع دقيق، ومنحهم أجراً مقداره 300 مليم ابتداء من هذا التاريخ. ولما كان ذلك القرار "أي قرار 21 من أكتوبر سنة 1953" قد استحدث للمدعي وزملائه حقاً في التسوية على النحو السابق، كما أنه لم ينص على صرف فروق عن الماضي، فإنهم لا يستحقون هذه الفروق. ويكون الحكم المطعون عليه إذ قضى بصرفها عن الماضي على خلاف أحكام القرار قد أخطأ في تأويل القانون.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظله. ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة، وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع من ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف في ظل النظام القديم، قانوناً كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه كلائحة. وإذا تضمن النظام الجديد، قانوناً كان أو لائحة، مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة، فالأصل ألا يسري النظام الجديد، في هذا الخصوص، إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق. هذا وعند الغموض أو الشك يجب أن يكون التفسير لصالح الخزانة إعمالاً لمبدأ ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في الروابط التي تقوم بين الحكومة والأفراد في مجالات القانون العام.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على قراري مجلس الوزراء الصادرين في 12 من أغسطس سنة 1951 و21 من أكتوبر سنة 1953 أن أولهما صدر لعلاج ما أسفر عنه تطبيق كادر العمال من شذوذ في معاملة مساعدي الصناع بالقياس إلى طائفة التلاميذ "الشراقات" وهم أدنى منهم درجة؛ إذ رفع أجر التلميذ في بداية السنة الخامسة إلى 250 مليماً في حين أن أجر مساعد الصانع لم يبلغ في هذا التاريخ إلا 170 مليماً فقط، مما حمل وزارة المالية على رفع الأمر إلى مجلس الوزراء طالبة رفع درجة مساعد الصانع من الدرجة "150 - 240 م" إلى الدرجة "150 - 300 م"، فيتعين ابتداء بأجر مقداره 150 م يزاد إلى 200 م بعد سنتين، وإلى 250 م بعد سنتين أخريين، ثم يمنح بعد ذلك علاوة بواقع 20 م كل سنتين حتى يبلغ الأجر نهاية ربط درجته، وتستمر معاملته بالنسبة إلى الترقية بالقاعدة المعمول بها، وهي جواز ترقيته بعد خمس سنوات على الأقل. وقد وافق مجلس الوزراء على ذلك في 12 من أغسطس سنة 1951. ورأت اللجنة المالية في 12 من يونيه سنة 1952 أن يكون صرف الفروق المترتبة على تنفيذ هذا القرار ابتداء من 14 من فبراير سنة 1952. أما قرار 21 من أكتوبر سنة 1953 فقد صدر بناء على طلب وزارة الزراعة؛ لما أسفر تطبيق القرار السابق على عمالها عن شذوذ آخر في معاملة طائفة من العمال من درجة صانع غير دقيق "ومنهم المطعون عليه" بالقياس إلى مساعدي الصناع الذين يقلون عنهم درجة - ذلك أن هذا القرار لم يتناول سوى طائفة مساعدي الصناع الذين كانوا يشغلون هذه الدرجة عند تنفيذه فأفادوا من مزاياه، بينما حرم منها من كان قد رقي إلى درجة صانع غير دقيق قبل تنفيذه. فترتب على ذلك زيادة أجور مساعدي الصناع على أجور زملائهم هؤلاء رغم سبقهم في دخول الخدمة، مما حمل وزارة الزراعة على رفع الأمر إلى مجلس الوزراء طالبة إعادة تسوية حالات هؤلاء العمال على أساس تطبيق أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 عليهم، ثم نقلهم إلى درجات "صانع دقيق" التي كانت قد نقلتهم إليها. وقد وافق المجلس على ذلك، على أن يكون نقلهم إلى درجات صانع دقيق بعد مضي خمس سنوات عليهم في درجة مساعد صانع ومنحهم أجراً مقداره 300 م من ذلك التاريخ، وبذلك تحققت المساواة في معاملة الفريقين.
ومن حيث إنه ما دام قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1953 قد استحدث، بالنسبة إلى العمال الذين كانوا قد بلغوا درجة صانع غير دقيق عند تنفيذ قرار 12 من أغسطس سنة 1951 وما كانوا يفيدون من مزاياه، قد استحدث لهم مركزاً قانونياً جديداً يرتب أعباء مالية على الخزانة العامة، وجاء ذلك القرار خلواً من أي نص يدل بوضوح على أنه قصد إلى أن تكون إفادتهم منه من تاريخ سابق في الماضي، فإنهم، والحالة هذه، لا يفيدون من هذا التنظيم الجديد إلا من التاريخ المعين لنفاذه. وعلى مقتضى ذلك، يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى للمطعون عليه بفروق عن المدة من 14 من أكتوبر سنة 1951 لغاية 20 من أكتوبر سنة 1953، قد خالف القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه والحكم برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى فيها بالمصروفات.

مجلة الرسالة/العدد 606



بتاريخ: 12 - 02 - 1945