الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 9 مارس 2025

الطعن 3421 لسنة 32 ق جلسة 7 / 11 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 25 ص 178

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عماره المستشارين.

----------------

(25)

الطعن رقم 3421 لسنة 32 القضائية

(أ) إدارات قانونية - المحامون بها - شروط مزاولتهم للمحاماة.
المادة (8) من قانون المحاماة الصادرة بالقانون رقم 17 لسنة 1983 معدلاً بالقانون رقم 227 لسنة 1984.
حظر المشرع على محامي الإدارات القانونية مزاولة المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها فيما عدا القضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة - بشرط ألا تكون القضايا الأخيرة متعلقة بالجهة التي يعملون بها - رتب المشرع البطلان على مخالفة هذا الحظر - أثر هذا البطلان: الحكم ببطلان العمل المزاول على وجه المخالفة أو بعدم القبول بحسب الأحوال - أساس ذلك: نص المادة (76) من قانون المحاماة - وكالة محامي آخر جائزة بشرط أن يكون العمل الموكل فيه جائزاً بالنسبة للأصيل والوكيل - مؤدى ذلك: لا يجوز لمحامي بالإدارة القانونية توكيل زميل له في قضية خاصة تتعلق بالجهة التي يعملون بها - تطبيق.
(ب) تأمين - صناديق التأمين الخاصة - إنشاؤها - تمويلها - دور الدولة في تمويلها.
القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة معدلاً بالقانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر.
صناديق التأمين الخاصة لا تسري عليها أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة - حدد المشرع موارد الصندوق - من هذه الموارد ما تساهم به الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق - ليس ثمة إلزام على الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق بهذا الإسهام - أساس ذلك: أن المشرع أجاز هذه المساهمة فإذا لم تقرر فلا يجوز إجبار الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق على هذا الإسهام - مؤدى ذلك: سلامة قرار رفض طلب تسجيل صندوق لأن نظامه الأساسي نص على مساهمة إحدى شركات القطاع العام في تمويله - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 13 من أغسطس سنة 1986 أودع الأستاذان/ ...... و........ المحاميان بصفتهما وكيلين عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3421 لسنة 32 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 24 من يونيه سنة 1986 في الدعوى رقم 1666 لسنة 39 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعيين المصروفات، وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بعريضة الطعن، عدم قبول الطعن شكلاً، أولاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في موضوع الطعن واعتبار الصندوق قائماً ومستمراً منذ أول يناير سنة 1983 واستمرار قيام المطعون ضدها الثانية في تحصيل الاشتراكات من العاملين المؤسسين. وثانياً الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من المطعون ضدها الأولى رقم 4393 في صورة خطاب مبلغ إلى المطعون ضدها الثانية بتاريخ 14/ 11/ 1984 والمقيد بسجلاتها برقم 16183 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار الصندوق ولائحته مسجلين ومشهرين بقوة القانون والحكم القضائي مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات. وبعد إعلان الطعن قانوناًَ أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع إلزام الطاعنين بمصروفاته وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من رفض الدعوى والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 2 من مارس سنة 1987 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت بجلسة 15 من يونيه سنة 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 17 من أكتوبر سنة 1987. وبتلك الجلسة نظرته المحكمة على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1987 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع وخلال الأجل المصرح به أودعت الهيئة المصرية للرقابة على التأمين (المطعون ضدها الأولى) مذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً بانتهاء الخصومة في الطعن واحتياطياً برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات كما أودع الطاعنون مذكرة انتهت إلى التصميم على الطلبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الثابت من صحيفة الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أن الدعوى رفعت في 31/ 12/ 1984 من المدعيين من الأول إلى الحادي عشر بصفتهم أعضاء مجلس إدارة الصندوق كذلك بصفتهم ومعهم باقي المدعيين أعضاء مؤسسين بالصندوق وجميعهم من العاملين بالشركة المدعى عليها الثانية ويشغلون من الأول إلى الحادي عشر أعمالاً مختلفة بالشركة أما من الثاني عشر إلى الخامس عشر فهم محامون بالإدارة القانونية بالشركة. وقد وقع على صحيفة الدعوى السادة.... و..... و.... وهم في ذات الوقت المدعون من الثالث عشر إلى الخامس عشر باعتبارهم محامين عن أنفسهم وعن باقي المدعين ومنهم المدعي الثاني عشر الأستاذ..... وأربعة أعضاء في الإدارة القانونية بالشركة، ووكالتهم عن المدعين من الأول إلى الحادي عشر ثابتة بتوكيل رسمي رقم أ 7249 لسنة 1984 بتاريخ 19 نوفمبر 1984 صادر لثلاثة منهم والأستاذ.... مجتمعين ومنفردين. وقد اتخذ جميع المدعين الخمسة عشر في صحيفة الدعوى محلاً مختاراً لهم مقر الإدارة القانونية للشركة المدعى عليها الثانية، وحررت صحيفة الدعوى على الأوراق المطبوعة للشركة المدعى عليها الثانية. أما صحيفة الطعن فمودعة في 13/ 8/ 1986 باسم الأستاذين..... و...... عن جميع الطاعنين (وهم المدعون أمام القضاء الإداري) وهما من بينهم (رقم 12 و13) بتوكيل عام رقم 3139 لسنة 1984 مكتب توثيق محرم بك ورقم 419 أ لسنة 1985 مكتب توثيق محرم بك. ووقع صحيفة الطعن الأستاذ..... وحده الطاعن رقم 11 وسبق توقيعه على صحيفة الدعوى أمام القضاء الإداري وحررت صحيفة الطعن كذلك على الأوراق المطبوعة للإدارة العامة للشئون القانونية بالشركة المطعون عليها الثانية. وإذ تنص المادة 8 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1983 اليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 31/ 3/ 1983 طبقاً للمادة السادسة من قانون الإصدار، معدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 المعمول به 19/ 10/ 1984 اليوم التالي لتاريخ نشره طبقاً للمادة الخامسة من قانون الإصدار على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً. كما لا يجوز للمحامي في هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا في الادعاء بالحق المدني في الدعاوى التي تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها وكذلك الدعاوى التي ترفع على مديرها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم. ولا يسري هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة وذلك في غير القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها". وقد استحدث هذا التعديل الوارد في الفقرة الثالثة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 هذا الاستثناء والقيد عليه. وبذلك يكون محظوراً على محامي الإدارات القانونية مزاولة المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً، فيما عدا القضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة. باستثناء القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها، فلا يجوز لهم ذلك رجوعاً إلى أصل الحظر. فلا يجوز لهم في القضايا الخاصة بالجهات التي يعملون بها مزاولة المحاماة عن أنفسهم أو أقاربهم ولو حتى الدرجة الثالثة. وإذ قررت هذه المادة بطلان أعمال المحاماة التي تتم مزاولتها خلافاً لهذا الحظر، فقد أوضحت المادة 76 من قانون المحاماة أثر هذا البطلان فنصت على أنه "لا يجوز للمحامي التوقيع على صحف الدعاوى والطعون وسائر أوراق المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري والحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال وذلك مع عدم الإخلال بمسئولية المحامي طبقاً لأحكام هذا القانون ومسئوليته قبل من أضر به الإجراء المخالف" بذلك فإن البطلان المقرر في المادة 8 من القانون المذكور على مخالفة أحكامها بقيام محامي القطاع العام بمزاولة أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعمل بها ومزاولة الأعمال المذكورة في قضية ولو خاصة به أو بأحد أقاربه حتى الدرجة الثالثة تتعلق بالجهة التي يعمل بها، يستوجب الحكم ببطلان العمل المزاول على وجه المخالفة أو بعدم القبول بحسب الأحوال. وإذ كان الثابت من صحيفة الطعن أن الطعن مودع باسم الأستاذين/ ........ و........ وموقع عليه من أولهما وهو الذي قام بإيداع الصحيفة كما هو ثابت من محضر الإيداع.
وبذلك فإن مزاولة المحاماة بالتوقيع على صحيفة الطعن وإيداعها سكرتارية المحكمة تكون قد تمت بالمخالفة لأحكام المادة 8/ 1 من قانون المحاماة ويسري في شأنها حكم البطلان المقرر في هذه المادة ثم الأثر المقرر في المادة 76 من القانون المذكور. ويترتب على ذلك بطلان التوقيع على صحيفة الطعن وإيداعها بالنسبة لهؤلاء الطاعنين. ولا يقدح في ذلك بالنسبة إلى الطاعنين من الثالث عشر إلى الخامس عشر ما تنص عليه المادة 78 من قانون المرافعات من جواز وكالة المحامي عن غيره من المحامين إن لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل والمادة 56 من قانون المحاماة التي تقضي بأن للمحامي سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في الدعوى أن ينيب عنه في الحضور أو في المرافعات أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في التوكيل ما يمنع من ذلك. ذلك أن الوكالة تقتضي أن يكون العمل الموكل فيه جائز بالنسبة إلى كل من الأصيل والوكيل، فإذا كان توكيل المحامي غيره من المحامين ممنوعاً في سند التوكيل على ما أوضحه النص فيكون غير جائز. وإذا كان العمل الموكل فيه غير جائز بالنسبة لكل من الأصيل والوكيل باعتبار كل منهما محامياً بالقطاع العام يخضع لحكم المادة 8 من قانون المحاماة التي تحظر قيامه بأعمال المحاماة لغير الجهة التي يعمل بها وتحظر عليه القيام بها ولو في شأن نفسه أو أقاربه إلى الدرجة الثالثة في أمر يتعلق بالجهة التي يعمل بها فيكون الحظر سارياً في حق كل من الموكل والوكيل الخاضعين لحكم النص المذكور، وبذلك يكون توقيع الموقع على صحيفة الطعن عن الطاعنين الثالث عشر وما بعده باطلاً كذلك. وبذلك تكون صحيفة الطعن بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر ومن الثاني عشر إلى الخامس عشر غير موقعة من محام فتكون باطلة طبقاً للمادة 44/ 2 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 مما يستوجب الحكم ببطلانها بالنسبة إليهم. أما بالنسبة إلى الطاعن الثاني عشر والثالث عشر والطعن مودع باسمها وموقع عليه من أولهما وهو الذي قام بالإيداع وذلك في قضية لهم ضد الشركة التي يعملون بها وهي المطعون عليه الثاني فتكون صحيفة الطعن بالنسبة إليهما باطلة في مواجهة المطعون ضده الثاني ويتعين الحكم ببطلانها على هذا الوجه. أما طعنهما في قضية خاصة بهما في مواجهة المطعون ضده الأول فتكون مقبولة طبقاً للمادة 8/ 3 من قانون المحاماة معدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 المشار إليه. وبذلك يتعين الحكم ببطلان صحيفة الطعن بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر وبالنسبة إلى الطاعنين الثاني عشر والثالث عشر في مواجهة المطعون ضده الثاني ما يستتبع الحكم بعدم قبول الطعن في حقهم. وبذلك يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر وعدم قبوله من الطاعنين الثاني عشر والثالث عشر في مواجهة المطعون ضده الثاني وقبوله بالنسبة إليهما فقط في مواجهة المطعون ضد الأول.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن الطاعنين بصفتهم جميعاً أعضاء مؤسسين لصندوق التأمين الخاص للعاملين بشركة مساهمة البحيرة وبصفتهم من الأول إلى الحادي عشر أعضاء مجلس الإدارة المؤقت للصندوق، أقاموا بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1984 الدعوى رقم 1666 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالبين الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين رقم 4393 في صورة خطاب مبلغ إلى شركة مساهمة البحيرة (المدعى عليها الثانية) بتاريخ 14/ 11/ 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار الصندوق ولائحته التنفيذية مسجلين ومشهرين بقوة القانون والحكم القضائي وثانياً وفي الموضوع بإلغاء القرار المشار إليه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار الصندوق ولائحته التنفيذية مسجلين ومشهرين بقوة القانون والحكم القضائي مع إلزام الهيئة المصرية للرقابة على التأمين المصروفات. وقال المدعون شرحاً لدعواهم أن إرادة العاملين بشركة مساهمة البحيرة، وهم حوالي خمسة آلاف عامل، احتجت خلال سنة 1982 على إنشاء صندوق تأمين خاص بهم تحت مسمى صندوق التأمين الخاص للعاملين بشركة مساهمة البحيرة استناداً إلى أحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بشأن قواعد إنشاء صناديق التأمين الخاصة. وقاموا بوضع لائحة النظام الأساسي للصندوق وبإعداد دراسة للتوريد له تقدموا بها عن طريق مجلس إدارة اللجنة النقابية وممثليهم بمجلس إدارة شركة مساهمة البحيرة إلى مجلس إدارة الشركة حيث عرض عليه الأمر بجلسته المنعقدة بتاريخ 4/ 1/ 1983 ثم تم العرض على الجمعية العمومية للشركة بجلستها بتاريخ 6/ 1/ 1983 برئاسة نائب وزير التعمير واستصلاح الأراضي فأقرت الجمعية العمومية بإنشاء الصندوق وصدقت على لائحته ونظامه المالي الذي سبق أن أقره الخبير الاكتواري. وصدق السيد وزير التعمير واستصلاح الأراضي على قرار الجمعية العمومية الصادر في هذا الشأن. فتقدم المدعون، بصفتهم مؤسسين للصندوق وبعضهم أعضاء بمجلس إدارته المؤقت، بطلب تسجيل الصندوق ولائحته التنفيذية بعد استيفاء كافة المستندات اللازمة لذلك والمنصوص عليها بالمادتين 4 و5 من القانون رقم 54 لسنة 1975. وقاموا بمليء النموذج رقم (1) صناديق وسداد الرسوم المقررة ومصاريف النشر بالوقائع المصرية. وأرفقوا بذلك تقرير الخبير الاكتواري الذي ينتهي إلى سلامة المركز المالي للصندوق. ولكن الهيئة المصرية للرقابة على التأمين لم تقم بإجراء التسجيل والنشر وما طلت في ذلك. فلجأوا إلى السيد رئيس مجلس إدارة الشركة الذي قام بإرسال خطاب مؤرخ 9/ 10/ 1984 يطلب فيه سرعة تسجيل وشهر الصندوق ولائحته الأساسية ورغم ذلك لم تستجب الهيئة لهذا الطلب وأرسلت كتاباً برقم 4393 ورد إلى الشركة يوم 14/ 11/ 1984 وقيد بسجلاتها تحت رقم 16183 يفيد بأن الهيئة أرجأت تسجيل أي صناديق تأمين جديدة، بناء على ما أوصت به اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية ولحين الانتهاء من الدراسات التي تعد في هذا الشأن. وقال المدعون أن خطاب الهيئة المشار إليه هو قرار بالامتناع عن تسجيل وشهر الصندوق ولائحته الأساسية رغم أن القانون يوجب على الهيئة إجراء ذلك وليس لتوجيه اللجنة العليا للسياسات أن تعطل أو تلغي أحكام القانون. ولا يغير من الأمر ما قررته الهيئة من أنها أرجأت التسجيل لهذا التغيير إن هو إلا حيلة لتغطية تقصد من ورائها الإيهام بأن ما صدر عنها ليس امتناعاً أو مصادرة لحق إنشاء الصناديق الخاصة الذي نص عليه القانون. وفضلاً عن ذلك فإن الإرجاء أو التأجيل لحق مقرر قانوناً هو قرار إداري معيب ينحدر إلى الانعدام. وتأسيساً على ذلك انتهى المدعون إلى الطلبات المشار إليها. وبجلسة 24 من يونيه سنة 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعين المصروفات. وأقامت المحكمة قضائها على أنه يبين من استعراض أحكام المواد 2 و5 و6 و11 من صناديق التأمين الخاصة الصادر بالقانون رقم 54 لسنة 1975 وأحكام المادتين 6 و7 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر رقم 10 لسنة 1981 أن تسجيل صندوق التأمين الخاص يتطلب بحكم القانون استيفاء الشروط والأوضاع التي ينص عليها القانون. ولا تصدر الهيئة المصرية للرقابة على التأمين قرارها بقبول تسجيل الصندوق إلا إذا تأكدت أن موارد الصندوق تكفي للوفاء بالتزاماته. ولا يجوز بأية حال إجراء التسجيل أو الموافقة على تعديل نظام الصندوق إذا تبين أن الاشتراطات التي تتكون منها موارد الصندوق غير ملائمة أو أن الموارد لا تكفي للوفاء بالتزامات الصندوق، وذلك حماية لحقوق المستفيدين والغير ولضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للنشاط التأميني. والهيئة المصرية للرقابة على التأمين وهي تباشر اختصاصها المقرر قانوناً في الرقابة والإشراف على وحدات سوق التأمين ومنها صناديق التأمين الخاصة تتمتع بسلطة تقديرية متسعة بالتقدير اللازم لمباشرة وظيفتها وهي سلطة تتأبى على الرقابة القضائية طالما كانت متفقة مع حكم القانون، ولم يشبها تعسف أو انحراف فتقدير ما إذا كانت الموارد المالية للصندوق محل الدعوى للوفاء بالتزاماته فيكون جديراً بالموافقة على تسجيله أو غير كافية فلا يصح تسجيله أمر يخضع لمحض تقدير الهيئة في ضوء ما يستبين لها من دراسة أوضاع الصندوق وموارده المالية المحددة له والأسس الفنية التي يقوم عليها. ومتى كان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير الاكتواري أن من موارد الصندوق محل الدعوى مساهمة سنوية هي ما يعادل نصف في المائة من الحصيلة النقدية من مبيعات الشركة من مبيعات الورش الإنتاجية والخردة، ونصف في المائة من الحصيلة النقدية من مبيعات الأراضي وذلك بحد أدنى متوسط قدره خمسون ألف جنية، ومبالغ تأسيسية مختلفة يستطيع الصندوق الحصول عليها حتى تاريخ العمل بنظامه وتقدر بحوالي أربعمائة وأربعين جنيهاً، فمتى كان ذلك وكانت اللجنة العليا للسياسات المنبثة من مجلس الوزراء قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 27/ 4/ 1983 عدم تمويل صناديق التأمين الخاصة من المبالغ المخصصة لحوافز الإنتاج أو من الميزانية العامة للدولة فمقتضى هذا القرار ولازمه أن يمتنع على الشركة الإسهام في تمويل موارد الصندوق الخاص محل الدعوى، وبالتالي تنقص موارده التي يعتمد عليها في إنشائه، ويكون ما ارتأته الهيئة، بما لها من اختصاص وخبرة في مجال النشاط التأميني، من أن الأساس الفني الذي بني عليه الصندوق المزمع إنشاؤه من حيث تحديد موارده المالية لم يعد قائماً على أساس سليم، مسوغاً لإعمال سلطتها التقديرية في الامتناع عن تسجيل الصندوق. ولا يقدح في ذلك القول بأن اللجنة العليا للسياسات لا يجوز لها أن تعطل حكم القانون الذي يوجب تسجيل الصناديق الخاصة متى استوفت الشروط القانونية لأن اللجنة العليا للسياسات منبثقة من مجلس الوزراء المعتمد بحكم الدستور الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة الذي يتولى بحكم الدستور أيضاً الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها ومتابعة أعمال الوزارات والأجهزة التابعة لها. وعلى ذلك يكون قرار اللجنة العليا للسياسات قد صدر من السلطة الرئاسية لمختلف الجهات الإدارية ومنها الجهة التي يتبعها الصندوق فيتعين عليها أن تتقيد به بحيث يمتنع عليها الإسهام في موارد الصندوق. وينعكس أثر ذلك على سلطة الجهة التي تقوم بتسجيل الصندوق التي يتعين عليها إعمال حكم القرار عند النظر في تسجيل الصندوق باستبعاد مساهمة الجهة التي يتبعها الصندوق، فإذا كانت الهيئة قد قررت أن موارد الصندوق، بعد استبعاد إسهام الجهة التي يتبعها الصندوق، لم تعد تكفي للوفاء بالتزاماته فهذا التقدير مستخلصاً من أصول تنتجه مادياً وقانونياً، فيكون امتناعها عن تسجيل الصندوق صحيحاً لا محل للنعي عليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أولاً: فساد الاستدلال إذ قد جانب الحكم المطعون فيه الصواب في استخلاص الوقائع. فقد أورد أن الهيئة المطعون ضدها الأولى قد تبينت أن موارد الصندوق المالية لا تغطي التزاماته مما كان أساساً لرفضها تسجيله، في حين أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد ذلك. بل إن كتاب الهيئة موضوع الدعوى، يشير صراحة كما يوصي ضمناً بأن أوراق شهر الصندوق صحيحة ومطابقة للقانون. وأن تقدير الخبير الاكتواري تقدير جيد، وأنها انتهت إلى إرجاء تسجيل الصندوق بالرغم من صلاحيته للتسجيل تنفيذاً لتعليمات اللجنة العليا للسياسات. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند فيما استخلصه إلى ما ورد بمذكرة الهيئة المطعون ضدها فما ورد بهذه المذكرة هو قول مرسل لا يسنده واقع أو أصل بالأوراق. ومن ناحية أخرى فالحكم المطعون فيه أسبغ على قرارات اللجنة العليا للسياسات قوة القانون، وأقام قضاءه على خلط بين الأعمال المادية التنفيذية والأعمال التشريعية فجعل من المادة 56 من الدستور سنداً لإسباغ سلطة التشريع للجنة العليا للسياسات ولمجلس الوزراء المنبثقة عنه مما يبيح لها أن توقف أو تجب القوانين الصادرة من السلطة التشريعية الأصلية. وثانياً: القصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أسباب قاصرة لا تستند إلى صحيح الواقع أو القانون فجعل من السلطة المخولة للهيئة المصرية للرقابة على التأمين في حدود القانون، سلطة مطلقة لا معقب عليها في قبول أو رفض طلب تسجيل الصناديق الخاصة الأمر الذي يتنافى مع القواعد القانونية والمبادئ القضائية. وفضلاً عن ذلك فما أورده الحكم المطعون فيه من التزام الهيئة بقرارات اللجنة العليا للسياسات يهدر مبدأً قانونياً مستقراً يتمثل في ضرورة مراعاة مدراج التشريعات، إذ لا يمكن أن يكون مؤدى هذا الالتزام تعطيل حكم ورد بقانون. ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه تبنى كافة الأقوال المرسلة الواردة بمذكرة الهيئة دون أن يكون لهذه الأقوال سند من الواقع أو القانون. رابعاً: التفتت المحكمة عن صحيح التكييف القانوني للدعوى وعن صحيح الوقائع والمستندات إلى تكييف آخر ووقائع لم يشر إليها أي مستند. خامساً: أن الحكم المطعون فيه تضمن سرداً لوقائع غير ثابتة وأقام عليها أسباباً تسانده لقرارات الهيئة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس إدارة شركة مساهمة البحيرة وافق بجلسته بتاريخ 4/ 1/ 1983 على إنشاء صندوق تأمين للعاملين بالشركة وفق أحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 78 لسنة 1977 وعلى اعتماد النظام الأساسي للصندوق كما قرر المجلس بذات الجلسة تعديل فائض الميزانية العمومية للشركة في 30/ 6/ 1982 على ضوء قراره بإنشاء الصندوق. (مستند رقم 1 من حافظة مستندات الطاعنين المقدمة لمحكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 1/ 1985) وبجلسة 6/ 1/ 1983 قررت الجمعية العمومية للشركة الموافقة على مساهمة الشركة في صندوق التأمين الخاص بالعاملين حسب ما جاء بقرار مجلس الإدارة مع تجنيب مبلغ 200 ألف جنيه كل سنة ولمدة سنتين اعتباراً من ميزانية 81/ 82 من الفائض قبل حساب الضرائب كمساهمة من الشركة للصندوق الجاري تأسيسه طبقاً لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 (مستند رقم 2 من الحافظة المشار إليها). وبتاريخ 6/ 1/ 1983 أعد خبير اكتواري، بناء على طلب الشركة، تقريراً عن مشروع الصندوق المزمع إنشاؤه (مستند رقم 4 من الحافظة المشار إليها) وتضمن التقرير تحت عنوان المزايا التأمينية أنه بناء على ما اقترحته الشركة من مزايا ومساعدات مالية وفي ضوء ما استقر عليه الرأي بعد الدراسة فيمكن تلخيص هذه المزايا على النحو التالي..... بند 8 ب: المساهمات السنوية: ثانياً: ما يعادل 0.5% من الحصيلة النقدية من مبيعات الشركة من مبيعات ومصنعات الورش الإنتاجية ومبيعات الخردة و0.5٪ من الحصيلة النقدية من مبيعات الأراضي بحد أدنى متوسط قدره خمسون ألف جنيه سنوياً على أن يقدم الصندوق ما يفيد إمكانية حصوله على هذه الموارد سنوياً مع تحديد السلطة الشرعية التي لها سلطة إصدار القرار بهذا التمويل سنوياً. ج - مبالغ تأسيسية مختلفة سوف يستطيع الصندوق الحصول عليها حتى تاريخ العمل بالصندوق أو على الأقل في 1/ 7/ 1983 وتقدر بحوالي أربعمائة وأربعين ألف جنيه وتوزع على النحو الآتي 1 - مساهمة من الشركة تدفع على قسطين قيمة كل قسط 200 ألف جنيه مساهمة لمقابلة أعباء المدة السابقة. 2 - حصة الصندوق من مبيعات ومصنعات الورش الإنتاجية 15000 جنيه. 3 - حصة الصندوق من بيع الأراضي الزراعية وتقدر بحوالي 25000 جنيه. وانتهى التقرير إلى سلامة المركز المالي للصندوق وكفاية الاشتراكات والأموال لمواجهة الالتزامات، وإلى بعض التوصيات بشأن تحديد الحد الأقصى لمعدل المصاريف الإدارية والعمل على إعادة التأمين واستثمار الأموال بما يحقق عائداً لا يقل عن 11%. وبتاريخ 18/ 7/ 1983 تقدم ممثل المؤسسين للصندوق بطلب تسجيله لدى الهيئة المصرية للرقابة على التأمين (مستند رقم 1 من حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 4/ 5/ 1987) وبكتاب مؤرخ 30/ 8/ 1983 أفادت الهيئة الشركة بأنه بدراسة كل من التقرير الاكتواري والنظام الأساسي تبين أن موارد الصندوق مبلغ تساهم به الشركة. ولما كانت أحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 تقضي بضرورة تحقق الهيئة باعتبارها جهاز الإشراف والرقابة على صناديق التأمين الخاصة من كفاية الموارد لتغطية المزايا والتحقق من ضمان تحصيل هذه الموارد. وطلبت الهيئة موافاتها بالقرارات الخاصة باعتماد الوزارة المختصة ومحضر اجتماع الجمعية العمومية للشركة بالموافقة تفصيلاً عن المساهمات المشار إليها واستمرارها أو موافقة العاملين على خصم اشتراك الصندوق من مرتباتهم. (المستند رقم 5 من حافظة مستندات الهيئة المشار إليها). وبكتاب مؤرخ 10/ 10/ 1983 رد رئيس مجلس إدارة الشركة (مستند رقم 5 من حافظة مستندات الطاعن المشار إليها) بأنه سبقت موافاة الهيئة بما تطلب من بيانات بكتابها المؤرخ 30/ 8/ 1983، وقد سبق للشركة أن أفادت الهيئة بذلك بكتابها المؤرخ 13/ 9/ 1983، إلا أن الشركة فوجئت بتأشيرة الهيئة بتاريخ 24/ 9/ 1983 على صورة الكتاب المشار إليه بما يفيد أن الهيئة لا توافق حالياً إلا على التمويل الذاتي للصناديق الخاصة دون أية مساهمة من الميزانية. وتضمن كتاب الشركة المشار إليه أنها قد حصلت على صورة من توجيهات سبق إرسالها إلى جهة قامت بتسجيل الصندوق الخاص بها. وقد ورد بتلك التوجيهات أن السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء قد وجه في اجتماع اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية المنعقدة في 6/ 7/ 1983 عند نظر موضوع صناديق التأمين التكميلية إلى ما يلي: 1 - عدم المساس بصناديق التأمين التكميلية القائمة. 2 - عدم تمويل هذا النوع من الصناديق من المبالغ المخصصة لحوافز الإنتاج أو من موازنة الدولة. 3 - عدم إنشاء صناديق جديدة حتى تنتهي الدراسة التي تعدها وزارة التأمينات الاجتماعية حول إنشاء نظام تأميني تكميلي موحد. واستطرد كتاب الشركة بأن هذه التوجيهات لا تنطبق على صندوق التأمين الخاص بالعاملين بالشركة حيث إنه أنشئ في 1/ 1/ 1983 واعتمدت هذا الإنشاء الجمعية العمومية بتاريخ 6/ 1/ 1983 فضلاً عن أن الصندوق غير ممول من موازنة الدولة ولا من حوافز الإنتاج، وطلبت الشركة اتخاذ ما يلزم لتسجيل الصندوق. وتلقت الهيئة المطعون ضدها الأولى كتاب وزارة التأمينات المؤرخ 30/ 7/ 1983 الذي تضمن توجيهات رئيس مجلس الوزراء في شأن صناديق التأمين التكميلي بما يتفق مع ما أوردته الشركة في كتابها المشار إليه. وبكتاب مؤرخ 25/ 3/ 1984 موجه إلى السيد/ وزير الاقتصاد أفاد السيد/ وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية بأن موضوع صناديق التأمين التكميلية أثير باجتماع اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بتاريخ 7/ 3/ 1984 فأوصت بما يلي: بالنسبة للصناديق الجديدة عدم السماح للجهات بإنشاء صناديق تأمين تكميلية جديدة إلا بشرط أن تمول ذاتياً من موارد العاملين أنفسهم وحظر تمويلها ولو جزئياً من موارد الدولة بكل أنواعها وبشرط موافقة كل من وزارة المالية ووزارة التأمينات على إنشاء هذه الصناديق. وبالنسبة للصناديق القائمة تؤكد اللجنة توصيتها السابقة في هذا الشأن من أن تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة التأمينات بإعداد الدراسة المطلوبة لأوضاع هذه الصناديق (مستند رقم 2 من حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 19/ 3/ 1985). وبكتاب مؤرخ 14/ 4/ 1984 أفاد السيد وزير الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين بأن اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية أوصت بجلسة 11/ 4/ 1984 بعدم تسجيل أي صناديق تأمين تكميلية جديدة في ظل القوانين القائمة سواء كان تمويلها ذاتياً أو عاماً وينطبق هذا الحظر بالنسبة لطلبات التسجيل التي قدمت وبدئ في بحثها ولم يصدر قرار التسجيل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وذلك نظراً لأن قانون التأمين والمعاشات الجديد قد حل هذه الصناديق التكميلية. (مستند رقم 1 من حافظة مستندات الهيئة المشار إليها). ورداً على كتاب الشركة بتاريخ 9/ 10/ 1984 بطلب استكمال إجراءات تسجيل الصندوق أفادت الهيئة بتاريخ 21/ 10/ 1984 بأنها أرجأت تسجيل أية صناديق تأمين جديدة وذلك بناء على ما أوصت به اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية ولحين الانتهاء من الدراسة التي تعد في هذا الشأن. (مستند رقم 7 من حافظة مستندات الطاعنين المقدمة بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/ 1/ 1985). وبتاريخ 3/ 2/ 1985 طلبت الشركة إحالة المنازعة بينها وبين الهيئة المصرية للرقابة على التأمين إلى إحدى هيئات التحكيم وبكتاب مؤرخ 29/ 6/ 1986 أفاد السيد وكيل وزارة الاقتصاد الهيئة المصرية للرقابة على التأمين بالتوصيات التي وافقت عليها اللجنة العليا للسياسات بجلسة 24/ 5/ 1986 ومؤداها اعتماد صناديق التأمين التكميلية التي تعتمد على التمويل الذاتي من الأعضاء دون أية مساهمة من ميزانية الجهة التي تنشأ بها وعدم قيام تلك الجهة بسداد أي عجز قد يطرأ في أموال الصندوق (مستند رقم 3 بحافظة مستندات الجهة المقدمة بجلسة 4/ 5/ 1987). وبتاريخ 5/ 8/ 1986 تقدم ممثل المؤسسين بطلب آخر لتسجيل الصندوق، كما أعدت الدراسة الاكتوارية عن موارد الصندوق والتزاماته بتاريخ 10/ 8/ 1986 وانتهت الدراسة إلى سلامة المركز المالي للصندوق (المستندان رقما 1، 6 من حافظة مستندات الجهة المقدمة بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 4/ 5/ 1987)، كما أعد نظام أساسي جديد للصندوق على أساس أن يكون تمويل الصندوق ذاتياً (المستند رقم 3 من حافظة مستندات الطاعنين المشار إليها) وبتاريخ 25/ 12/ 1986 أصدرت الهيئة القرار رقم 184 لسنة 1986 بتسجيل الصندوق (مستند رقم 4 من حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة 4/ 5/ 1987).
ومن حيث إن القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي نص على أن تسري أحكامه على العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وغيرها من الوحدات الاقتصادية بالقطاع العام كما تسري أحكامه على فئات أخرى، كل ذلك على النحو المنصوص عليه في المادة (2) من قانون التأمين الاجتماعي. كما نص القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة في المادة (1) من مواد الإصدار على أن يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن الصناديق التي تبلغ قيمة اشتراكها ألف جنيه سنوياً وأكثر وعلى عدم سريان أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة على الصناديق الخاضعة لأحكام قانون صناديق التأمين الخاصة. وبذلك تخضع صناديق التأمين الخاصة لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 المشار إليه وحده دون القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة. وإذ نص هذا القانون معدلاً بالقانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر على تحديد أغراض هذه الصناديق وأناط بالجهة الإدارية، بعد أخذ رأي مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين، تحديد الشروط الواجب توافرها في النظم الأساسية للصناديق الخاصة (م 2 من القانون) كما نعى في المادة (3) على أنه "يجب أن تسجل صناديق التأمين الخاصة بمجرد إنشائها وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون. وتكتسب تلك الصناديق الشخصية القانونية بمجرد تسجيلها. ولا يجوز للصناديق أن تمارس نشاطها قبل التسجيل". كما تنص المادة (6) على أن "يصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين قراراً بقبول طلب تسجيل الصندوق". وترخص المادة (5) لرئيس مجلس إدارة الهيئة قبل البت في طلب التسجيل أو التعديل أن يطلب فحص الشروط العامة للعمليات التي يتولى الصندوق مباشرتها والأسس الفنية التي يقوم عليها بواسطة أحد الخبراء الاكتواريين، وفي هذه الحالة لا يجوز إجراء التسجيل أو الموافقة على التعديل إلا إذا قرر الخبير أن الاشتراكات والشروط الأخرى ملائمة وأن موارد الصندوق تكفي للوفاء بالتزاماته.
ومن حيث إنه في خصوصية المنازعة الماثلة، فالثابت أن الخبير الاكتواري قدم تقريراً مؤرخاً 10/ 1/ 1983 بشأن الطلب المقدم من الطاعنين لتسجيل صندوق التأمين الخاص المنشأ بشركة مساهمة البحيرة وهي إحدى شركات القطاع العام، وأورد بالتقرير تحت عنوان المزايا التأمينية أنه يمكن تلخيص هذه المزايا على النحو التالي "بند 8 ب: المساهمات السنوية...... ثانياً: ما يعادل 0.5% من الحصيلة النقدية من مبيعات الشركة من مبيعات ومصنعات الورش الإنتاجية ومبيعات الخردة و0.5% من الحصيلة النقدية من مبيعات الأراضي بحد أدنى متوسط قدره خمسون ألف جنية سنوياً على أن يقدم الصندوق ما يفيد إمكانية الصندوق الحصول على هذه الموارد سنوياً مع تحديد السلطة الشرعية التي لها سلطة القرار بهذا التمويل سنوياً. فضلاًَ عن المبالغ التأسيسية التي تتحمل الشركة منها 400 ألف جنيه تدفع على قسطين. ولا يبين من الأوراق أن المؤسسين قد قدموا عند طلبهم تسجيل الصندوق ما يفيد تدارك الملاحظة التي أوردها الخبير الاكتواري بتقريره والخاصة بمساهمة الشركة في موارد الصندوق وفي مصروفاته التأسيسية. فإذا كانت الهيئة قد طلبت بكتابها المؤرخ 30/ 8/ 1983 موافاتها بالقرارات الخاصة باعتماد الوزارة المختصة ومحضر اجتماع الجمعية العمومية للشركة بالموافقة تفصيلاً على المساهمات المشار إليها واستمرارها وكذلك موافقة العاملين على خصم اشتراك الصندوق من مرتباتهم، استناداً إلى اختصاصها في التحقق من كفاية الموارد لتغطية المزايا والتحقق من ضمان تحصيل هذه الموارد، وكان الثابت أن اللجنة العليا للسياسات، وهي إحدى لجان مجلس الوزراء المنوط بها إجراء الدراسات وإعداد التوصيات في المجال المحدد لها وتعرض توصياتها على مجلس الوزراء بالاجتماع التالي له لإقرارها، قد أوصت بجلستيها المنعقدتين بتاريخ 6/ 7/ 1983 و7/ 3/ 1984 بعدم تمويل صناديق التأمين الخاصة من موارد الدولة بكل أنواعها، فلا تثريب على الهيئة إن هي امتنعت عن تسجيل الصناديق التي تقوم على شيء من ذلك بحسبان أن مورد المساهمة من موارد الدولة أصبح من هذا التاريخ غير مسموح به مما يقتضي بالتالي لإمكان إصدار القرار بقبول طلب التسجيل ألا يكون النظام الأساسي للصندوق معتمداً في موارده على إسهام من موارد الدولة. وليس فيما أصدرت اللجنة العليا للسياسات في هذا الشأن ما يتعارض مع حكم في القانون. وأنه ولئن كانت المادة (11) من قانون صناديق التأمين الخاصة تنص على أن تتكون موارد الصندوق المالية من ".... 2 - ما تساهم به الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق... إلا أنه ليس ثمة إلزام على الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق بهذا الإسهام. فكل ما في الأمر أن هذه المساهمة جائزة قانوناً أن قررتها الجهة المختصة، وبحيث يعتبر ما تساهم به من موارد الصندوق. أما إذا لم تقرر المساهمة فلا إلزام قانوناً عليها بالمساهمة ولا يمكن إجبارها عليها. وهذا الإسهام إنما يكون وفقاً للسياسة العامة للدولة ولا يصح بذاته سنداً لأن تقرر شركة القطاع العام، ما أنشئ من مساهمة، هي في مردها الأخير، مساهمة من موارد الدولة دون النزاع بما يصدر من توجيهات في هذا الشأن إذ أن فائض الأموال بعد النفقات يرد إلى الدولة باعتبارها صاحبة رأس المال ولا تملك الشركة التصرف في هذا الفائض وتحميله التزامات لا يقضي بها القانون لما في ذلك من مساس بحق الجهات المختصة في الدولة في التصرف في ملك الدولة - وإذ كان رفض طلب التسجيل المقدم من الطاعنين كان متعيناً صدوره باعتبار أن النظام الأساسي للصندوق المطلوب تسجيله كان ينطوي على مساهمة إحدى شركات القطاع العام في موارده ولم يتدارك مؤسسو الصندوق ذلك حتى صدر قرار الهيئة المشار إليها فيكون هذا الرفض قائماً على أساس سليم من القانون. وإذ تقدموا بعد ذلك بطلبهم الآخر المؤرخ 8/ 8/ 1986 الذي أرفق به النظام الأساسي الجديد. وقد خلا من مساهمة في موارد الصندوق، فأصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين القرار رقم 184 لسنة 1986 بتاريخ 25/ 12/ 1986 بقبول التسجيل فكان هذا التسجيل مطابقاً للقانون وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى سلامة قرار رفض تسجيل الصندوق على الوجه الذي قدم به أولاً على أساس مساهمة الشركة فيكون حكمه برفض الدعوى قد أصاب وجه الحق والقانون في قضائه ويكون الطعن عليه متعين الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر وعدم قبوله بالنسبة للطاعنين الثاني عشر والثالث عشر في مواجهة المطعون ضده الثاني وقبوله بالنسبة إليهما في مواجهة المطعون ضده الأول وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات.

الطعن 1545 لسنة 32 ق جلسة 7 / 11 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 24 ص 171

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

----------------

(24)

الطعن رقم 1545 لسنة 32 القضائية

المحكمة الإدارية العليا - طعن - مواعيد الطعن في أحكام المحاكم التأديبية - تعدد الخصوم وأثره في مرحلة الطعن.
المادة (218) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا تطبق إجراءات قانون مرافعات المدنية والتجارية أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة وبالقدر الذي لا يتعارض مع الأصول العامة للمنازعات الإدارية - يجوز إذا كان الحكم التأديبي صادر في موضوع غير قابل للتجزئة لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته - أعمال هذه القاعدة في مجال التأديب لا يتعارض مع طبيعة النظام التأديبي الذي هو من روابط القانون العام حيث يستهدف بالجزاء التأديبي كفالة حسن سير المرافق العامة - لا يسوغ بالنسبة للاتهام الواحد أو المخالفة الواحدة غير القابلة للتجزئة المنسوبة لعدد من العاملين والثابتة في مواجهتهم قيام الجزاء في حق بعضهم ومحوه بالنسبة للبعض الآخر - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 4/ 1986 أودع الأستاذ....... المحامي الوكيل عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 24/ 2/ 1986 في الدعوى رقم 1498/ 13 قضائية والذي قضى بخفض وظيفته إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بطعنه الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي موضوعه بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغاء هذا الحكم والقضاء ببراءته مما نسب إليه.
وبتاريخ 23/ 4/ 1986 أودع الأستاذ........ المحامي نائب عن الأستاذ........ الوكيل عن السيد........ بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم سالف الذكر والذي قضى بتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه.
وبتاريخ 23/ 4/ 1986 أودع الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد........ بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم سالف الذكر والذي قضى بمعاقبة الطاعن بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض أجره إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع القضاء ببراءته مما أسند إليه.
وبتاريخ 28/ 4/ 1986 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد........ بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم السالف الذكر والذي قضى بمعاقبة الطاعن بخفض وظيفته إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في كل من هذه الطعون انتهت فيه بالنسبة للطعن الأول إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والحكم ببراءة الطاعن مما نسب إليه، وبالنسبة للطعن الثاني ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وببراءة الطاعن مما نسب إليه، وبالنسبة للطعن الثالث ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بعدم جواز إقامة الدعوى قبل الطاعن واحتياطياً ببراءته مما أسند إليه وبالنسبة للطعن الرابع ترى الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
ولقد نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة هذه الطعون بجلسة 28/ 5/ 1986 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر أمامها محامي الطاعن الأول ومحامي الطاعن الثالث ومحامي الطاعن الرابع ومحامى هيئة قضايا الدولة، وأصدرت المحكمة قراراً بضم هذه الطعون ليصدر فيها حكم واحد وبجلسة 25/ 3/ 1987 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظرها بجلسة 26/ 5/ 1987، حيث نظرت المحكمة المطعون بهذه الجلسة واستمعت لإيضاحات الخصوم وقدم محامي هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعون، وبجلسة 17/ 10/ 1987 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن الأول والثاني والثالث أقيموا في الميعاد المنصوص عليه في المادة 44 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن الطعن الرابع أقيم بعد هذا الميعاد وأثناء طرح هذا النزاع أمام المحكمة.
ومن حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 47/ 1972 المشار إليه تنص على أنه تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي.
ومن حيث إن المادة 218 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13/ 1968 تقضي بأنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته.
ومن حيث إنه على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن الأصل أن إجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية لا تطبق أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة وبالقدر الذي لا يتعارض مع الأصول العامة للمنازعات الإدارية وأوضاعها الخاصة بها.
ومن حيث إنه في خصوصية الخصومة التأديبية المعروضة فإن المخالفة التأديبية المنسوبة إلى الطاعن الرابع والتي أدين عنها بمقتضى الحكم التأديبي المطعون فيه - هي أنه مع الطاعن الأول والطاعن الثاني اعتمدوا جميعهم قرار لجنة المعاينة المؤرخ 24/ 2/ 1981 بوجوب تحصيل ضريبة الأطيان الزراعية بدلاً من ضريبة الأرض الفضاء ما أدى لتأخير تحصيل المبالغ المستحقة عن الأرض محل المعاينة بالمخالفة لأحكام القانون رقم 34 لسنة 1978 الذي يوجب فرض ضريبة الأرض الفضاء على الأرض.
ومن حيث إن المخالفة التأديبية المنسوبة إلى هؤلاء الطاعنين الأول والثاني والرابع هي في حقيقتها مخالفة واحدة اشتركوا فيها جميعاً باعتمادهم القرار المشار إليه بحيث أصبح الاتهام المنسوب إليهم في هذا الشأن غير قابل للتجزئة من ناحية أنه إذا اعتبر تصرفهم باعتماد القرار بعدم تحصيل ضريبة الأرض الفضاء المشار إليها تصرف مخالف للقانون ومشكل لذنب إداري فإن هذا يصدق بالنسبة لهم جميعاً وإذا ارتفع الخطأ أو الذنب الإداري عن تصرفهم هذا فإن هذا يصدق أيضاً بشأنهم جميعاً باعتبار أن محور المخالفة التأديبية المنسوبة إليهم هو مدى مشروعية قرارهم بعدم تحصيل تلك الضريبة ومن ثم أصبح الموضوع بالنسبة لهم غير قابل للتجزئة من هذه الناحية.
ومن حيث إنه يجوز إذا كان الحكم التأديبي صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، وذلك طبقاً للمادة 218 من قانون المرافعات، فإن هذه المحكمة ترى أن إعمال هذه القاعدة في مجال التأديب لا يتعارض مع طبيعة النظام التأديبي الذي هو من روابط القانون العام حيث يستهدف بالجزاء التأديبي كفالة حسن سير المرافق العامة بحيث لا يسوغ بالنسبة للاتهام الواحد أو المخالفة الواحدة غير القابلة للتجزئة المنسوبة لعدد من العاملين والثابتة في مواجهتهم قيام الجزاء في حق بعضهم ومحوه بالنسبة للبعض الآخر، ومن ثم فإن طعن بعض المحكوم عليهم في الحكم التأديبي في الميعاد المقرر قانوناً للطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا يتيح لزميلهم في الاتهام ذاته الذي صدر عنه الحكم التأديبي المطعون فيه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن المرفوعة في الميعاد منضماً إلى زملائه في طلباتهم كما أن المادة 42 من القانون رقم 57/ 1959 في شأن حالات إجراءات الطعن أمام محكمة النقض تقضي بأن لا ينقض الحكم إلا بالنسبة إلى من قدم الطعن ما لم تكن الأوجه التي بني عليها النقض تتصل بغيره من المتهمين معه وفي هذه الحالة يحكم بنقض الحكم بالنسبة إليهم ولو لم يقدموا طعناً. ومع ذلك يلحق الطعن الرابع المقام بعد الميعاد الطعون المقامة في الميعاد وينضم إليها ويصبح جميع الطعون وقد استوفت أوضاعها القانونية مقبولة شكلاً ويتعين الحكم باعتبارها كذلك.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الطعون المعروضة، فإن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 12/ 9/ 1985 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا تقرير اتهام ضد كل من: 1 - ........ (الطاعن الثالث) المهندس المساحي للإدارة العامة للضرائب العقارية بالمنوفية. 2 - ........ (الطاعن الرابع) رئيس مأمورية العوايد بالمنوفية. 3 - ........ (الطاعن الثاني) مدير إدارة الربط والتحصيل بإدارة الضرائب العقارية بالمنوفية سابقاً وحالياً بالمعاش. 4 - ........ (الطاعن الأول) مدير إدارة الضرائب العقارية بالمنوفية.
لأنهم خلال عام 1981 وحتى عام 1984 خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد والأحكام المالية وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
المتهم الأول: (الطاعن الثالث) أقر بمحضر معاينة الأرض محل التحقيق في 24/ 2/ 1981 بموجب خضوعها لضريبة الأطيان الزراعية بدلاً من ضريبة الأرض الفضاء ما أدى لتأخير تحصيل الضريبة المستحقة عليها والتي بلغت قيمتها 6606.950 جنيه.
المتهم الثاني والثالث والرابع: (الطاعنين الرابع والثاني والأول على التوالي) اعتمدوا قرار لجنة المعاينة سالف الذكر بوجوب تحصيل ضريبة الأطيان الزراعية بدلاً من ضريبة الأرض الفضاء مما أدى لتأخير تحصيل المبالغ المنوه عنها.
وبناء عليه يكون المتهمون ارتكبوا المخالفة المالية المنصوص عليها في المواد 76/ 1، 77/ 1 - 3 - 4، 78/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 المعدل بالقانون رقم 115/ 1983، وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بالمواد سالفة الذكر تطبيقاً للمادتين 80، 82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 المعدل بالقانون رقم 115/ 1983 والمادة 14 من القانون 117/ 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171/ 1981 والمادتين 15 أولاً و19/ 1 من القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 24/ 2/ 1986 قضت المحكمة التأديبية بطنطا بمعاقبة...... بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض أجره إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية، ومعاقبة........ و........ بخفض وظيفتهما إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة ومعاقبة........ بغرامة قدرها خمسمائة جنيه، وشيدت حكمها على أن الثابت من الأوراق والتحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية في القضية رقم 190 لسنة 1980 شبين الكوم أن المواطن........ يمتلك قطعة أرض فضاء مساحتها حوالي 13000 متر مربع أخضعتها مأمورية الضرائب العقارية لضريبة الأرض الفضاء اعتباراً من عام 1979 طبقاً لمحاضر لجان الفحص، وإذ تقدم المالك بشكوى طالباً رفع هذه الضريبة استناداً إلى أن الأرض محل التقدير أرض زراعية فانتقل........ مع........ رئيس مأمورية عوايد شبين الكوم وأثبتا في محضر المعاينة المؤرخ 24/ 2/ 1981 بأن الأرض تخضع لضريبة الأطيان الزراعية دون ضريبة الأرض الفضاء واعتمد المتهمون الثاني والثالث والرابع هذا القرار، إلا أن الجهاز المركزي للمحاسبات اعترض على ذلك فأحال التفتيش الفني المالي بمصلحة الضرائب العقارية الأوراق إلى السيد/ ........ المفتش المركزي بالمصلحة الذي أجرى معاينة في 31/ 1/ 1984 وحرر تقريراً مؤرخاً 14/ 2/ 1984 أشار فيه إلى أن الأرض ليست أرض زراعية وإنما أرض فضاء مقسمة إلى أجزاء وامتدت إليها المرافق وهناك حركة عمرانية في أجزاء منها، وأضافت المحكمة التأديبية بطنطا في هذا الحكم أن هذه الأرض تعد خاضعة للضريبة على الأراضي الفضاء المنصوص عليها في القانون رقم 34/ 1978 الأمر الذي يجعل المخالفة المنسوبة إلى المتهمين ثابتة في حقهم، ومن ثم عاقبتهم المحكمة التأديبية بالعقوبات سالفة الذكر.
ومن حيث إن جوهر الطعون المعروضة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالفه كما شابه الفساد في الاستدلال، ذلك أنه استند إلى محضر المعاينة المؤرخ 31/ 1/ 1984 أي بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من المعاينة الأولى التي وقعت في 24/ 2/ 1981 ولا يعقل أن يكون المعول عليه في وصف الأرض هو بالمعاينة التي تمت عام 1984 بينما البحث ينصب على وصف هذه الأرض وقت وقوع المخالفة المنسوبة للطاعنين عام 1981، والثابت من المستندات المرفقة أن الأرض غير متصلة بالمرافق العامة حسبما هو مبين بكتاب مجلس المدينة المؤرخ 14/ 12/ 1983، وعلى ذلك فإنه طبقاً للقانون رقم 34/ 1978 لا تخضع هذه الأرض لضريبة الأرض الفضاء لعدم اتصالها بالمرافق العامة الأساسية وهو ما اشترطه هذا القانون، والكتاب الدوري الصادر من مصلحة الضرائب العقارية رقم 2 لسنة 1980 المؤرخ 3/ 3/ 1980 والكتاب الدوري رقم 2/ 1985.
ومن ثم فإن ما ذهب إليه المتهمون من عدم خضوع هذه الأرض لضريبة الأرض الفضاء لا يعد مشكلاً لذنبي إداري الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببراءتهم من المخالفة المنسوبة إليهم.
ومن حيث إن المادة 3 مكرراً من القانون رقم 107/ 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي والمعدل بالقانون رقم 34/ 1978 تنص على أنه (تفرض على الأراضي الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن في المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه ومجار وكهرباء والتي لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية، ضريبة سنوية مقدارها (2%) من قيمة الأرض الفضاء......).
ومن حيث إن مفاد هذا النص التشريعي أن الشرط الأساسي لفرض ضريبة الأرض الفضاء المنصوص عليها في هذا القانون على الأراضي الواقعة داخل نطاق المدن، أن تكون هذه الأرض - غير الخاضعة للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية - في منطقة متصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه ومجار وكهرباء مجتمعة، فإذا ما توافر ذلك خضعت الأرض للضريبة المنصوص عليها في القانون والتي تقدر بنسبة (2%) من قيمة هذه الأرض.
ومن حيث إنه بالنسبة للواقعة المعروضة فإن الثابت من الأوراق أن الأرض محل الخلاف كانت مربوطة بالضريبة على الأطيان الزراعية وفقاً لما هو ثابت بملكيات الأطيان الزراعية بالمأمورية المختصة بشبين الكوم، إلا أنه بصدور القرار رقم 260/ 1979 باعتماد مشروع التقسيم فيها قامت مصلحة الضرائب العقارية بربطها بضريبة الأرض الفضاء المنصوص عليها في المادة 3 مكرراً من القانون رقم 107/ 1976 المعدل بالقانون رقم 34/ 1978، إلا أن الثابت من الأوراق والمستندات التي يحويها ملف تحقيق النيابة الإدارية في القضية المعروضة أن الوحدة المحلية لمدينة ومركز شبين الكوم أفادت في كتابها المؤرخ 14/ 2/ 1983 والموجه إلى مدير عام الإدارة العامة للضرائب العقارية أن الأرض محل هذا التقسيم المعتمد لم يتم توصيل المرافق العامة إليها من مياه وإنارة ومجار حتى تاريخ تحرير هذا الكتاب.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى المتهمين جميعاً أنهم قرروا بأن هذه الأرض لا تستحق عنها ضريبة الأرض الفضاء سالفة الذكر وذلك بمقتضى ما انتهى إليه محضر المعاينة المؤرخ 24/ 2/ 1981 والذي اعتمدت نتيجته بتاريخ 14/ 3/ 1981، وحيث لم يثبت من الأوراق أن هذه الأرض تقع في منطقة متصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه ونور ومجار مجتمعة في التاريخ الذي تمت فيه هذه المعاينة واعتمدت نتيجتها في بداية عام 1981 فإنه طبقاً للقانون رقم 107/ 1976 المعدل بالقانون رقم 34/ 1978 لا تستحق ضريبة الأرض الفضاء المشار إليها على هذه الأرض في سنة 1981، ولا يكفي لاستحقاق ضريبة الأرض الفضاء وقوع هذه الأرض داخل كردون المدينة أو اعتماد مشروع تقسيمها عام 1979 طالما أن الثابت في الأوراق أنها لا تقع في منطقة متصلة بالمرافق العامة الأساسية الذي هو الشرط الأساسي لخضوعها لهذه الضريبة ومن ثم لا تكون المخالفة الإدارية المنسوبة إلى الطاعنين ثابتة في حقهم ولا تغير من هذه النتيجة المعاينة التي أجراها المفتش المركزي بمصلحة الضرائب العقارية في عام 1984 لأنها لا تقطع بحال الأرض سنة 1981 من حيث إخضاعها أو اتصالها بالمرافق الأساسية، كما أن هذه المعاينة تخالف تماماً ما أقرت به الوحدة المحلية في كتابها المؤرخ 14/ 2/ 1983 من عدم اتصال هذا التقسيم بالمرافق العامة الأساسية حتى هذا التاريخ أي حتى شهر فبراير من سنة 1983 وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة المحالين (الطاعنين) جميعاً - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال واستخلاص النتائج بعدم ثبوت المخالفة في حق أي من الطاعنين الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه، وبراءة الطاعنين جميعاً مما أسند إليهم من اتهامات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعها بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبراءة الطاعنين من الاتهامات المسندة إليهم.

الطعن 170 لسنة 67 ق جلسة 23 / 1 / 2021 مكتب فني 72 ق 14 ص 89

جلسة 23 من يناير سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ مجدي جاد "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السيد القاضي/ أحمد فاروق "نائب رئيس المحكمة"، والسادة القضاة/ عمر الهادي معالي، محمد مجدي البسيوني ومحمد حمدي عبد الرحمن.
------------------
(14)
الطعن رقم 170 لسنة 67 القضائية
(1) وصية " شروط الوصية : شروط صحة الوصية بالنسبة للموصى به " .
الوصية . نفاذها من غير إجازة الورثة في حدود ثلث التركة . م 37 من ق 71 لسنة 1946 بشأن الوصية . مقتضاه . في حالة تعدد الوصايا . تحديد قيمتها جملةً لمعرفة إذا كان الثلث يتسع لها فتنفذ جميعًا دون إجازة وإلا قُسِّم الثلث بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة.
(2) بطلان " بطلان الأحكام : حالات بطلان الأحكام : إغفال بحث الدفاع الجوهري " .
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم . قصور في أسبابه الواقعية . مقتضاه . بطلانه .
(3) حكم " عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال : ما يعد كذلك " .
أسباب الحكم . اعتبارها مشوبة بالفساد في الاستدلال . مناطه . انطواؤها على عيب يمس سلامة الاستنباط . تحققه . باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة موضوعيًّا للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة الثابتة لديها .
(4) وصية " شروط الوصية : شروط صحة الوصية بالنسبة للموصى به " .
ثبوت صدور وصايا متعـددة من مورث طرفي التداعي تزيد على الثلث وعدم إجازة الورثة لها . لازمه . تحديد قيمة هذه الوصايا في ضوء كامل التركة وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة . اعتبار الحكم المطعون فيه العقد الصادر من مورث طرفي التداعي للمطعون ضده الأول وصيةً وإعمال أثره في حدود الثلث دون عقدي المطعون ضدها الثانية والطاعنة رغم تمسكها بذلك . فساد وقصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية على أنه "تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي..." مفاده أن المشرع جعل ثلث تركة المتوفى حدًا أقصى لنفاذ وصاياه دون حاجة إلى إجازة الورثة، بحيث إذا لم يُجيزوا الزيادة خلُص لهم الثلثان الباقيان، فلا تنفذ فيهما هذه الزيادة، مما يقتضي- في حالة تعدد الوصايا- تحديد قيمتها جملةً لمعرفة ما إذا كان هذا الثلث يتسع لها، فتنفذ جميعًا دون حاجة إلى إجازة، وإلا قُسِّمَ الثلث بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًّا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة؛ إذ يُعتبر ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها.
4- إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن العقد المؤرخ 10/8/1970 الصادر من مورث طرفي التداعي إلى المطعون ضده الأول هو بمثابة وصية وأعمل أثره في حدود ثلث التركة، دون أن يفطن إلى صدور وصايا أخرى سواءً إلى الطاعنة والتي تمسكت في دفاعها بإعمال أثر هذه الوصية أو المطعون ضدها الثانية، وكانت هذه الوصايا المتعددة لم يُجزها أيٌّ من الورثة -طرفي التداعي- بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يحدد قيمة هذه الوصايا المتعددة في ضوء كامل التركة -والتي تزيد على الثلث- وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة، ثم تثبيت ملكية الطاعنة للقدر الذي آل إليها من الوصية الصادرة لها وكذا ما آل إليها من نصيبها الشرعي عقب ذلك، وإذ تنكَّب الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يُعن ببحث دفاع الطاعنة في هذا الشأن، وهو دفاع جوهري من شأنه -إن صح- أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال، فإنه يكون قد ران عليه القصور في التسبيب الذي يبطله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حَيْثُ إِنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الشَّكْلِيَّةَ.
وَحَيْثُ إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني نجع حمادي الكلية على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية وآخر بصفته -غير مختصم في الطعن -هو رئيس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته- بطلب الحكم بإثبات صحة التعاقد بالعقد الابتدائي المؤرخ 10/8/1970 والمتضمن بيع مورثه والطاعنة والمطعون ضدها الثانية له -أي المطعون ضده الأول- الأرض المبينة بالصحيفة والبالغ مساحتها 21س، 7ط، 8 فدان لقاء ثمن مقداره 8750 جنيه والتسليم، طعنت الطاعنة بالجهالة على عقد البيع المؤرخ 10/8/1970، كما أقامت الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني نجع حمادي الكلية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها لمساحة 5 س، 14 ط، 2 فدان وكذلك مساحة 63 متر 2 الموضحين الحدود والمعالم بالصحيفة وكف منازعة المطعون ضده الأول لها والتسليم، ضمت المحكمة الدعويين للارتباط، وبتاريخ 26/3/1996 حكمت في الدعوى رقم ... لسنة 1985 بإثبات ترك الخصومة فيها بالنسبة للإصلاح الزراعي، ثانيًا: في الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني نجع حمادي بندب خبير في الدعوى، وبعد أن أودع الخبير تقريره تنازلت الطاعنة عن طعنها بالجهالة سالف البيان، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت للشهود أعادت ندب خبير فيها، وبعد أن أودع تقريره، دفعت الطاعنة بصورية عقد البيع سالف البيان صورية نسبية، وبتاريخ 26/12/1995 قضت المحكمة أولًا: في الدعوى الأولى المقامة من المطعون ضده الأول برفض الدفع بالصورية المبدى من الطاعنة على عقد التنازل المؤرخ 10/8/1970 وفي موضوع الدعوى برفضها، وفي الدعوى الثانية المقامة من الطاعنة بتثبيت ملكيتها لمساحة 1 فدانا والصادر به عقد التنازل المؤرخ 10/8/1970 وكذلك مساحة 63 مترا 2 شائعة في منازل مساحتها 504 متر2 والتسليم ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 15 ق لدى محكمة استئناف قنا، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم ... لسنة 15 ق لدى ذات المحكمة، وبتاريخ 5/11/1996 قضت المحكمة في الاستئناف الأول برفضه، وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف بتثبيت ملكية الطاعنة لمساحة 12,5س، 18ط، 1ف و 23412,5 مترًا شائعين في الأطيان الزراعية والمنازل. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة-حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب؛ إذ قدَّر قيمة كل وصية من الوصايا الصادرة عن مورثها على حدةٍ واستخرج الثلث من مجموع التركة للمطعون ضده الأول واعتبرها نافذة دون حاجة إلى إجازة من ورثته، وكان مفاد المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية أن الإيصاء بما يجاوز ثلث تركة المُوصي لا ينفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة، مما يقتضي النظر إلى ما يصدره المورث من وصايا في مجموعها لمعرفة ما إذا كانت جملة قيمتها معًا تدخل في حدود ثلث التركة أم لا، وكان الثابت بالأوراق أن مورثها كما أوصى للمطعون ضده المذكور قد أوصى كذلك لها ولشقيقتها المطعون ضدها الثانية بموجب العقد المؤرخ 10/8/1970، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن العقد الصادر للمطعون ضده الأول وصية وأعمل أثره في حدود ثلث التركة دون أن يفطن إلى صدور وصايا أخرى صادرة لها وللمطعون ضدها الثانية، بما كان يتعين على الحكم أن يحدد قيمة هذه الوصايا المتعددة في ضوء كامل التركة وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذ النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أنه لمَّا كان النص في المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية على أنه "تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي..." مفاده أن المشرع جعل ثلث تركة المتوفى حدًا أقصى لنفاذ وصاياه دون حاجة إلى إجازة الورثة، بحيث إذا لم يُجيزوا الزيادة خلص لهم الثلثان الباقيان، فلا تنفذ فيهما هذه الزيادة، مما يقتضي -في حالة تعدد الوصايا- تحديد قيمتها جملةً لمعرفة ما إذا كان هذا الثلث يتسع لها فتنفذ جميعًا دون حاجة إلى إجازة، وإلا قُسِّمَ الثلث بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة. وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًّا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يُعتبر ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيبٍ يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها. لمَّا كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن العقد المؤرخ 10/8/1970 الصادر من مورث طرفي التداعي إلى المطعون ضده الأول هو بمثابة وصية وأعمل أثره في حدود ثلث التركة، دون أن يفطن إلى صدور وصايا أخرى سواءً إلى الطاعنة، والتي تمسكت في دفاعها بإعمال أثر هذه الوصية، أو المطعون ضدها الثانية، وكانت هذه الوصايا المتعددة لم يُجزها أيٌّ من الورثة -طرفي التداعي- بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يُحدد قيمة هذه الوصايا المتعددة في ضوء كامل التركة -والتي تزيد على الثلث- وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة، ثم تثبيت ملكية الطاعنة للقدر الذي آل إليها من الوصية الصادرة لها وكذا ما آل إليها من نصيبها الشرعي عقب ذلك، وإذ تنكَّب الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يُعن ببحث دفاع الطاعنة في هذا الشأن، وهو دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال، فإنه يكون قد ران عليه القصور في التسبيب الذي يبطله، وهو ما يوجب نقضه جزئيًّا في خصوص عدم احتساب الحكم لمجموع الوصايا المتعددة موضوع العقود المؤرخة 1/8/1970 الصادرة للموصى لهم -طرفي التداعي- والتي تسري في حدود ثلث التركة، وقسمتهم بين هؤلاء بطريق المحاصَّة ثم احتساب نصيب كل منهم في حدود ثلثي التركة الباقيين وفقًا لأنصبتهم الشرعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 908 لسنة 32 ق جلسة 7 / 11 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 23 ص 166

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامه وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.

---------------

(23)

الطعن رقم 908 لسنة 32 القضائية

ضريبة - (الضريبة على الأراضي الفضاء - النص المقرر للزيادة السنوية للضريبة).
الفقرتين الأولى والثانية من المادة (3) مكرراً من القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي المضافتين بالقانون رقم 34 لسنة 1978.
تخضع الأراضي الفضاء داخل نطاق المدن المتصلة بالمرافق الأساسية لضريبة سنوية مقدارها 2% من قيمة الأرض الفضاء وتزاد قيمة الأرض بواقع 7% سنوياً - لا تستحق الضريبة على الأراضي الفضاء متى خضعت الأرض للضريبة على العقارات المبنية - النص المذكور يتسم بعدم الدستورية. أساس ذلك: أن الضريبة المذكورة مع الزيادة سوف تستغرق قيمة العقار عند فترة معينة وقريبة وهو ما يعني في حقيقة الأمر مصادرة للعقار تخالف نص المادة (36) من الدستور التي حظرت المصادرة العامة للأموال - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 15 من فبراير عام 1986، أودع الأستاذ/ ....... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ....... المحامي الوكيل عن........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 908 لسنة 32 ق - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة "منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 24 من ديسمبر عام 1985 في الدعوى رقم 4957 لسنة 36 ق المقامة من........ ضد وزير المالية بصفته، ووزير الإسكان بصفته ومحافظ الجيزة بصفته ورئيس المجلس المحلي بشمال الجيزة بصفته، وذلك فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وتم إعلان الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير قيمة متر الأرض الفضاء بأرض الطاعن بمبلغ 56.120 جنيه واعتبار ثمن المثل هو 15 جنيهاً مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 16/ 2/ 1987 وتداول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى قررت بجلسة 7 من يوليه عام 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 24 من أكتوبر عام 1987. وفيها تم نظر الطعن على الوجه الثابت بالمحضر وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4957 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد المطعون ضدهم طالباً فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة المراجعة عن شياخة الحوتيه بمأمورية الضرائب العقارية بالدقي محافظة الجيزة الصادر بتاريخ 17/ 6/ 1982 فيما تضمنه من تقرير الضريبة السنوية على قطعة الأرض الفضاء التي يمتلكها بناحية بولاق الدكرور ابتداء من عام 1980 بمبلغ قدره 363.265 جنيه، بالإضافة إلى مبلغ قدره 90.816 جنيه بصفة غرامة، وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي في بيان دعواه، إنه يمتلك قطعة من الأرض مساحتها 333.65 متراً مربعاً، بموجب عقد القسمة المشهر برقم 2147 في 5/ 7/ 1970. وهي أرض زراعية مشتراة أصلاً من تكليف وزارة الأوقاف (وقف سنان باشا). وكانت قبل القسمة شائعة مع شريك آخر بمسطح 7 س و3 ط أي ما يعادل 647.30 متراً مربعاً بالقطعة رقم 207 هـ بحوض صليب رقم 2 بناحية بولاق الدكرور مركز ومحافظة الجيزة.
وبتاريخ 17/ 6/ 1982 أصدرت لجنة المراجعة عن شياخة الحوتيه قرارها بشأن التظلم المقدم من المدعي عن قرار لجنة الحصر والتقدير للضريبة على قطعة الأرض المملوكة له، والذي انتهى إلى قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بتقدير الضريبة السنوية ابتداء من عام 1980 بمبلغ قدره 363.265 جنيه بالإضافة إلى مبلغ قدره 90.816 جنيه بصفة غرامة. ونعى المدعي على قرار لجنة المراجعة مخالفته للواقع والقانون: إذ قدرت رسوم إشهار عقد قسمة هذه الأرض عام 1973 بمبلغ قدره 106 جنيهاً، بعد أن قامت لجنة التحريات بمكتب الشهر العقاري بالجيزة وعاينت الأرض في 4 نوفمبر 1973 وقدرت ثمن المتر المربع بمبلغ قدره 13.500 جنيهاً. كما قدرت لجنة تقدير الإيجارات ثمن المتر للأرض المجاورة في 14 سبتمبر 1973 بمبلغ قدره 15 جنيهاً. ووفقاً لحكم المادة 3 مكرراً (2) من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 34 لسنة 1978. يتم تحديد قيمة الأرض الفضاء وفقاً لثمن المثل في عام 1974 مع مراعاة الزيادة السنوية المنصوص عليها في هذا القانون إلا أن مجلس المراجعة غالى في تقدير قيمة الأرض. وقد أودعت الجهة الإدارية صورة من القرار المطعون فيه وبينت أنه تم تقدير ثمن المتر المربع من أرض المدعي طبقاً للسعر الوارد بقرار مجلس محافظة الجيزة - رقم 41 لسنة 1979 والذي تم تحديده بمعرفة اللجان المختصة وذلك طبقاً لما تقضي به المادة 3 مكرراً 2 من القانون رقم 34 لسنة 1978، كما فرضت غرامة على المالك لعدم قيامه بتقديم الإقرار المنصوص عليه في المادة 6 من القانون رقم 56 لسنة 1954. وقضت محكمة القضاء الإداري بحكمها المطعون فيه بجلسة 24 من ديسمبر 1985 في الدعوى رقم 4957 لسنة 36 ق بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات. وشيدت قضاءها على ما هو ثابت من أن أرض المدعي تخضع لأحكام القانون رقم 34 لسنة 1978، الذي قضى بفرض ضريبة على الأراضي الفضاء داخل نطاق المدن المتصلة بالمرافق العامة الأساسية. وأنه وفقاً لما تقضي به المادة (3 مكرراً 2) من هذا القانون فإنه يتم تقدير قيمة أرض المدعي وفقاً لثمن المثل في عام 1974 مع زيادة سنوية مقدارها 7% (سبعة في المائة) منذ ذلك التاريخ حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة. ونظراً لمضي أكثر من خمس سنوات على تسجيل عقد القسمة الذي اختص المدعي بموجبه بالأرض المفروض عليها الضريبة محل النزاع، إذ أنه مسجل في 5/ 10/ 1970 بمكتب الشهر العقاري بالجيزة فيكون تقدير قيمة الأرض الفضاء وفقاً لثمن المثل في عام 1974 مع زيادة سنوية مقدارها 7% منذ ذلك التاريخ حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة. وقد طرحت محكمة القضاء الإداري التقدير الذي ذهب إليه المدعي وأخذت بالتقدير الذي حددته الجهة الإدارية على أساس أن السعر الوارد بقرار محافظة الجيزة رقم 41 لسنة 1979 تم تحديده بمعرفة اللجان المختصة وذلك لوحدة المعاملة بين المواطنين مالكي الأرض الفضاء حتى لا تختلف المعاملة من حالة إلى أخرى.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المدعي يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ طرح حالة المثل التي أرشد عنها، حيث إن لجنة تقدير الإيجارات، قدرت قيمة ثمن الأرض في الأرض المجاورة له، والتي كانت تشترك مع أرض الطاعن بالجيزة قبل القسمة بمبلغ قدره 15 جنيهاً. كما أن لجنة التحريات بمكتب الشهر العقاري بالجيزة قامت بمعاينة أرض الطاعن في 4/ 11/ 1973 وقدرت ثمن المتر بمبلغ قدره 13.500 جنيهاً. ولا يجوز الالتجاء إلى القرار الإداري رقم 41 لسنة 1979 الصادر عن محافظة الجيزة لوجود حالة المثل، ولم يصدر هذا القرار استناداً إلى أحكام القانون الخاص بفرض ضريبة على الأراضي الفضاء، وإنما لكي تستعين به لجان تقدير الإيجارات. كما وأن هذا القرار عديم الأثر قانوناً، لأن القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 34 لسنة 1978 لم يخول المحافظة إصدار مثل هذا القرار.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة 3 مكرراً من القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي المضافة بالقانون رقم 34 لسنة 1978 تنص على أن تفرض على الأراضي الفضاء الواقعة داخل نطاق المدن في المناطق المتصلة بالمرافق العامة الأساسية من مياه ومجار وكهرباء، والتي لا تخضع للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان الزراعية ضريبة سنوية مقدارها (2%) من قيمة الأرض الفضاء كما تنص المادة 3 مكرراً (2) من هذا القانون على أن يتم تحديد قيمة الأراضي الفضاء الخاضعة لأحكام هذا القانون على أساس القيمة الواردة بالعقود المسجلة، وإذا لم توجد عقود مسجلة فيتم تحديد هذه القيمة على أساس تقدير مصلحة الضرائب لعناصر التركة، إذا كان من بين عناصرها أرض فضاء، وذلك ما لم ينقض على التسجيل أو التقدير خمس سنوات على استحقاق الضريبة المنصوص عليها في هذا القانون، على أن تزاد قيمة الأرض بواقع 7% (سبعة في المائة) سنوياً من أول السنة التالية لتاريخ التسجيل أو التقدير حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة. وفي الحالات التي لا تسري عليها أحكام الفقرة السابقة، يكون تقدير الأرض الفضاء وفقاً لثمن المثل في عام 1974، مع زيادة سنوية مقدارها 7% (سبعة في المائة) منذ ذلك التاريخ حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة".
ومن حيث إنه وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 3 مكرراً، والمادة 3 مكرراً (2) من القانون رقم 107 لسنة 1976 المضافتين بالقانون رقم 34 لسنة 1978. فإن الضريبة على الأرض الفضاء داخل نطاق المدن المتصلة بالمرافق الأساسية المنصوص عليها في المادة 3 مكرراً تخضع لضريبة سنوية مقدارها 2% من قيمة الأرض الفضاء وتزاد قيمة هذه الأرض بواقع سبعة في المائة سنوياً حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة. ووعاء الضريبة هو قيمة الأرض الفضاء، بافتراض أنها لا تقل ريعاً، إذ تقضي المادة 3 مكرراً (2) من هذا القانون بعدم استحقاق الضريبة على الأراضي الفضاء متى خضعت للضريبة على العقارات المبنية أو الضريبة على الأطيان بحسب الأحوال....... ومن ثم فإن خضوع هذا العقار للضريبة السنوية المستمرة مع زيادة تقدير قيمتها سنوياً من أول السنة التالية لتاريخ التسجيل أو المقدرة حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة سيؤدي بالضرورة إلى أن تستغرق الضريبة قيمة العقار في وقت غير بعيد، وهو مما يعني في الحقيقة مصادرتها.
ومن حيث إن المادة 36 من الدستور قد حظرت المصادرة العامة للأموال، لذلك فإن فرض الضريبة على الأراضي الفضاء على الوجه المقرر بالفروض السابق ذكرها مع زيادة تقدير قيمة الأرض سنوياً من أول السنة التالية لتاريخ التسجيل أو التقدير حتى نهاية السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة، وهذا التصرف اللازم للفصل في موضوع السنة السابقة مباشرة على استحقاق الضريبة، وهذا التصرف اللازم للفصل في موضوع الطعن قد يصطدم بنص المادة 36 من الدستور وكذلك بنص المادة 38 من الدستور التي تنص على أن "يقوم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية" فإذا فرضت الضريبة على قيمة العين منها واستغرقت الضريبة هذه القيمة كاملة ولم يكن محلها ريع العين فمن شأن ذلك مصادرة العين مقابل الضريبة في مدة يمكن حسابها مقدماً وهو ما يتنافى في نفس الوقت مع العدالة الاجتماعية كأساس لفرض الضريبة.
ومن حيث إن المادة 29/ أ من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
( أ ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسائلة الدستورية.
ومن حيث إنه قد تراءى لهذه المحكمة عدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 3 مكرراً وكذلك المادة 3 مكرراً (2) من القانون رقم 107 لسنة 1976 المضافتين بالقانون رقم 34 لسنة 1978، فيتعين وقف هذا الطعن وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية النصين المذكورين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بوقف الطعن وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 3 مكرراً وكذلك نص المادة 3 مكرراً (2) من القانون رقم 107 لسنة 1976 المضافتين بالقانون رقم 34 لسنة 1978 في ضوء المادتين 36 و38 من الدستور المبينة نصوصها بالأسباب.

الطعن 2058 لسنة 30 ق جلسة 7 / 11 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 22 ص 159

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر المستشارين.

-----------------

(22)

الطعن رقم 2058 لسنة 30 قضائية

قوات مسلحة - (مجندون بها - إصابة أثناء الخدمة - مدى جواز الجمع بين التأمينات الناشئة عن الإصابة والتعويض على أساس المسئولية التقصيرية.
القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التأمين والمعاشات للقوات المسلحة - المادة (163) من القانون المدني.
إذا انتهت خدمة المجند بسبب إصابة ترتب عليها عجز جزئي فإنه يستحق معاشاً شهرياً قدره ثمانية جنيهات على ألا يقل عن تسعة جنيهات بعد إضافة إعانة الغلاء - يستحق المجند في هذه الحالة نصف مبلغ التأمين المقرر وفقاً للمادة (77) والجدول رقم 3 المرفق بالقانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه - واجب العرض على اللجنة المنصوص عليها بالمادة (85) يقع على عاتق جهة الإدارة - تقاعس هذه الجهة عن واجب العرض لمدة تزيد عن عشر سنوات ليس من شأنه تعطيل حق الطاعن في الحصول على حقوقه المقررة قانوناً - الحقوق التي رتبها القانون رقم 90 لسنة 1975 لا يشترط لاستحقاقها ثبوت الخطأ في جانب جهة الإدارة - بعكس التعويض المقرر طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 23 من مايو سنة 1984 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2058 لسنة 30 قضائية عليا ضد السيد/ وزير الدفاع بصفته عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة العقود الإدارية والتعويضات" بجلسة الأول من إبريل سنة 1984 في الدعوى رقم 5210 لسنة 36 قضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده بصفته والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واختصاصها وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المطعون عليه فيما قضى به من رفض الدعوى، والحكم بتعويض الطاعن التعويض المناسب لجبر الضرر وإلزام المطعون عليه بأدائه للطاعن مع التصريح بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان. وقد تم إعلان الطعن قانوناً إلى المطعون ضده بصفته. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية الطاعنين في المعاش والتأمين الإضافي المقرر في القانون رقم 90 لسنة 1975 الخاص بالتقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة لمن تنتهي خدمته بسبب عدم اللياقة الصحية لإصابته بعجز جزئي أثناء الخدمة وبسببها وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 16 من مارس سنة 1987 أمام دائرة فحص الطعون وتداول أمامها بالجلسات حتى قررت بجلسة 15 من يونيه سنة 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 17 من أكتوبر سنة 1987، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام دعواه بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 26 من فبراير سنة 1981 طالباً الحكم بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع له مائة ألف جنيه تعويضاً عن فقد بصره أثناء وبسب الخدمة العسكرية مع إلزامه بالمصاريف. وبجلسة 29 من إبريل سنة 1982 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محاكم مجلس الدولة. وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بعد تحضيرها بهيئة مفوضي الدولة وإعداد تقرير بالرأي القانوني في شأنها. وبجلسة الأول من إبريل سنة 1984 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها، وبرفض الدعوى وألزمت الطاعن بالمصروفات واستندت المحكمة في قضائها إلى أن الطاعن أوضح دعواه بأنه جند بالقوات المسلحة بدرجة لياقة طبية وفق قانون الخدمة العسكرية. وبتاريخ 6 من مارس سنة 1977 وأثناء الخدمة العسكرية وبسببها شعر بالتهاب شديد بالعين اليسرى فقام بإبلاغ عيادة المستشفى العام العسكري تقرر إعفاؤه بصفة مؤقتة من الخدمات والطوابير، وبعرضه مرة ثانية على المستشفى في 24 من إبريل سنة 1977 تقرر حجزه بها، وأجريت له عملية جراحية بالعين اليسرى نتج عنها عتامة بقرنية العين اليسرى غير قابلة للشفاء بدرجة عجز 35% وذلك بتاريخ 26 من إبريل سنة 1977. وتم اعتماد ذلك من المجلس الطبي العسكري المختص أثناء وبسبب الخدمة. وأضاف الطاعن أنه طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 يحق له الحصول على تعويض عن العجز الجزئي لفقد إبصاره أثناء وبسبب الخدمة العسكرية كما يستحق معاشاً استثنائياً. إلا أن القوات المسلحة لم تؤد إليه هذه الحقوق، وأنه يحق له الحصول على تعويض عن الضرر الذي أصابه. ودفعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم طبقاً للمادة 172 من القانون المدني وبرفضها لعدم قيامها على أساس من القانون. وقضت المحكمة بالنسبة إلى الدفع بعدم الاختصاص بأن المادة 130 من القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة تنص على أن "تختص اللجان القضائية العسكرية المشار إليها في المادة السابقة - دون غيرها - بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الصف والجنود ذوي الرواتب العالية بالقوات المسلحة المتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون، وذلك عدا الطعن في العقوبات الانضباطية. والمستفاد من هذا النص أن اختصاص تلك اللجان القضائية بالنسبة للجنود قاصر على ذوي الرواتب العالية منهم وهم المتطوعون، والثابت أن المدعي لم يكون متطوعاً بل كان مجنداً وبالتالي فإن الدفع بعدم الاختصاص لا يكون قائماً على أساس سليم، واستطردت المحكمة إلى أنه يبين من الأوراق أن إجراءات وقرار مجلس تحقيق الإصابة انتهى إلى أنها حدثت للطاعن بتاريخ 26 من إبريل سنة 1977 وهي عتامة بقرنية العين اليسرى. حدثت أثناء الخدمة وبسببها، وحدد التقرير الطبي نسبة العجز بـ 35% وأن الإصابة غير قابلة للشفاء، ولما كان القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التأمين والمعاشات للقوات المسلحة قد نظم وسائل تعويض من يصاب من أفراد القوات المسلحة أثناء الخدمة، فقد كان يتعين أن يلجأ الطاعن إلى اللجان المشكلة طبقاً للقانون المذكور للحصول على مستحقاته، ولا وجه لما يذهب إليه الطاعن من طلب تعويض على أساس المسئولية التقصيرية وخطأ جهة الإدارة الذي أدى إلى إصابته، إذ الثابت من الأوراق أنه ليس ثمة تصرف معين من القوات المسلحة أدى إلى حدوث الأضرار المذكورة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن جهة الإدارة مسئولة مسئولية تقصيرية كما يبين من قرار المجلس العسكري الطبي المختص بأن العجز - عقب العملية الجراحية الخاطئة - يقدر بنسبة 35% غير قابل للشفاء، وكانت الإصابة أثناء وبسبب الخدمة العسكرية، ما يفيد أن جهة الإدارة أفصحت عن مسئوليتها لأن إصابته كانت بسبب الخدمة العسكرية وأثنائها واكتملت الإصابة واستقرت بالعملية الجراحية، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد خالف الثابت من الأوراق - كما ذهب الطاعن إلى أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، فبعد أن رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي الذي أبدته جهة الإدارة استناداً إلى اختصاص اللجان العسكرية المشكلة وفقاً للقانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة عاد وأحال الطاعن إلى اللجان التي وردت بالقانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التأمين والمعاشات للقوات المسلحة للمطالبة بحقوقه، حال كون ذلك لا يحتوي على نصوص تتعلق بتعويض الضرر الناشئ من الإصابة أثناء وبسبب الخدمة سوى المادة 81 التي تقضي باختصاص اللجنة المنصوص عليها بالمادة 85 بتحديد درجة العجز الناشئة عن تلك الإصابة والحال أن اعتماد درجة العجز والإصابة قد تم سلفاً وفقاً للشهادة المرفقة بالأوراق، وهي شهادة صدرت من المجلس الطبي العسكري المختص وفقاً للمادة 85 من القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه، وإذ قرر الحكم خلاف ذلك فإن قضاءه يكون قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال.
ومن حيث إن الجهة الإدارية ردت على الطعن مبينة أن الطاعن أسس طعنه وطلب التعويض على أساس المسئولية التقصيرية طبقاً للمادة 163 من القانون المدني ولم تكشف الأوراق عن وجود خطأ منسوب إلى جهة الإدارة أدى إلى فقد الطاعن لإبصار عينه اليسرى، وبذلك ينتفي ركن المسئولية التقصيرية. وقد رسم المشرع وسائل التعويض للمصابين من المجندين عن إصابتهم أثناء الخدمة وبسببها في القانون رقم 90 لسنة 1975 ولا يجوز الجمع في الدعوى أو الطعن بين قواعد كل من التعويض على أساس المسئولية التقصيرية والتعويض بناء على أحكام القانون المذكور، لأنه يمتنع التعويض عن الضرر أكثر من مرة، ولا يجوز من ناحية أخرى - تعديل طلبات الطاعن من طلب تعويض أو معاش استثنائي بناء على أحكام المسئولية التقصيرية إلى طلب معاش وتأمين إضافي استناداً إلى القانون رقم 90 لسنة 1975. حيث يجب تناول الطعن في حدود طلبات الطاعن ومناقشتها من حيث الأساس القانوني الذي يستند إليه. ثم أوضحت الجهة الإدارية أن التعويض عن إصابة الطاعن إنما يكون وفقاً للقانون رقم 90 لسنة 1975 ووفقاً للإجراءات التي رسمها. وتقضي المادة 85 من هذا القانون بأن تقدر درجات العجز الكلي أو الجزئي التي يستحق عنها معاش أو تأمين لجنة مشكلة على الوجه الموضح بتلك المادة، وتعرض على هذه اللجنة الحالات التي استقر ت وتصدر قرارها بعد فحص تقرير المجلس الطبي العسكري المختص ونتيجة التحقيق العسكري إن وجد، ويتضمن هذا القرار سبب الإصابة ودرجات العجز ونوعه كلياً أو جزئياً، ولا يصبح قرار اللجنة نافذاً إلا بعد تصديق رئيس أركان حرب القوات المسلحة. وكان على الطاعن أن يلجأ إلى هذه اللجنة للحصول على مستحقات. وإذ لم يقدم دليلاً على ذلك فإن الحكم برفض دعواه يكون قائماً على أساس سليم من القانون. وانتهت إلى طلب رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث إن البين من صحيفة دعوى الطاعن أنه يشير إلى كل من أحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة ونصوص القانون المدني بحسبانها ترتب له التعويض اللازم عن الإصابة التي حدثت له إبان خدمته بالقوات المسلحة ونتج عنها فقد إبصار عينه اليسرى بسب وأثناء الخدمة. وأوضح الطاعن أنه بذل جهوده لمطالبة وزارة الدفاع بحقوقه في التعويض والمعاش عن هذه الإصابة دون جدوى، ولذلك يطالب بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية وفقاً لأحكام القانون المدني. وبذلك فإنه إنما يهدف بدعواه إلى المطالبة بحقوقه الناشئة عن الإصابة سواءً وفقاً للقانون رقم 90 لسنة 1975 أو القواعد العامة. وقد ناقش الحكم المطعون فيه على الأوجه التي أوردها الطاعن في صحيفة دعواه كأساس للتعويض - سواء أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة أو القانون المدني - وانتهى إلى رفض دعواه وقد انصب الطعن على ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن سواء على أساس من أحكام القانون المدني أو قانون التقاعد والتأمين والمعاشات المشار إليه. وعليه فإن نطاق المنازعة المعروضة إنما يتحدد بالمطالبة بالحقوق المترتبة للطاعن عن إصابته أثناء وبسبب الخدمة العسكرية بفقد إبصار عينه اليسرى مما يترتب عليه نسبة عجز تبلغ 35%. والتكييف الحقيقي لطلباته بإلزام وزارة الدفاع بتعويض مبلغ مائة ألف جنيه هو المطالبة بحقوقه القانونية وفقاً للقانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه، فضلاً عن أي تعويضات إضافية يمكن أن تتقرر له بناء على القواعد العامة في رد المبلغ المطالب به، إن سمحت القواعد القانونية بذلك.
ومن حيث إن المادة (1) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة رقم 90 لسنة 1975 تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على المنتفعين بيانهم: (ج) ضباط الصف والجنود المجندون بالقوات المسلحة أو بوحدات الأعمال الوطنية ومن في حكمهم..... ويكون سريان أحكام هذا القانون بالنسبة إلى الفئات الواردة في البنود (ج، د، هـ، و) في حدود الأحكام الخاصة بهذه الفئات المنصوص عليها في هذا القانون....." وتنص المادة 57 من هذا القانون على أن "يمنح من يصاب من المجندين بسبب الخدمة بجروح أو عاهات أو أمراض يتقرر بسببها إنهاء خدمته العسكرية معاشاً شهرياً قدره عشرة جنيهات إذا كان العجز كلياً، وثمانية جنيهات إذا كان العجز جزئياً.. وتنص المادة 62 على أن "يكون الحد الأدنى لمعاش المجند تسعة جنيهات شهرياً بما في ذلك غلاء المعيشة....." أي أن من تنتهي خدمته من المجندين بسبب إصابة ترتب عليها عجز جزئي يستحق معاشاً شهرياً قدره ثمانية جنيهات على ألا يقل هذا المعاش - مضافاً إليه إعانة الغلاء - عن تسعة جنيهات. وإذ تنص المادة 74 على أن يقتطع اشتراك التأمين بواقع 1% شهرياً من..... (ج) الراتب الأصلي للمجندين ومن في حكمهم ومن التعويضات...."، وتنص المادة 76 على أن " تستحق مبالغ التأمين في إحدى الحالتين الآتيتين: (ب) انتهاء خدمة المشترك بسبب عدم اللياقة الصحية للخدمة إذا نشأت عن عجز كلي، أما إذا كان العجز جزئياً استحق المشترك نصف مبلغ التأمين، ولا يسري ذلك على أن المجند الذي انتهت خدمته العسكرية لعدم اللياقة الصحية بسب مرض أو عاهة يثبت أنه كان مصاباً بها قبل تجنيده أو بسبب إصابة تعمد إحداثها وترتب عليها عدم صلاحيته للخدمة العسكرية" وتنص المادة 77 على أن "يكون مبلغ التأمين الذي يؤدى طبقاً للمادة 76 معادلاً لنسبة من الراتب السنوي تبعاً للسن وفقاً للجدول رقم (3) المرافق..." ومفاد ما تقدم أن المجند الذي انتهت خدمته بسبب عدم اللياقة الصحية نتيجة لعجز جزئي يستحق نصف مبلغ التأمين المحدد وفقاً للمادة 77 سالفة الذكر والجدول رقم (3) المرافق للقانون. كما تنص المادة 78 على أن "يصرف في حالتي الوفاة أو انتهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية إلى الورثة الشرعيين أو من انتهت خدمته بحسب الأحوال تأمين إضافي على الوجه الآتي: ( أ ) إذا كانت الوفاة أو العجز الكلي بسبب العمليات الحربية أو في إحدى الحالات المنصوص عليها بالمادة 31 أو نتيجة حادث طيران بسبب الخدمة، فيكون التأمين الإضافي بالفئات الآتية 00: 500 للمجندين ومن في حكمهم. (ب) إذا كانت الوفاة أو العجز الكلي ناشئين بسبب الخدمة عدا حادث الطيران تصرف نصف الفئات. (ج) إذا كان العجز جزئياً يصرف نصف الفئات المقررة في البندين أ، ب بحسب الأحوال.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق - أن التقرير الطبي عن إصابة الطاعن أثبت أنه دخل المستشفى بتاريخ 24 من إبريل سنة 1977، وتاريخ الإصابة هو يوم 26 التالي وأنه بالكشف عليه، وجد عنده عتامة بقرنية العين اليسرى مؤثرة بدرجة كبيرة بنسبة عجز 35% أثناء الخدمة - إصابة غير قابلة للشفاء" وقد أجرى مجلس تحقيق إصابة بتاريخ 11 من يناير سنة 1979 انتهى إلى أن إصابة الطاعن حدثت بتاريخ 26 من إبريل سنة 1977 أثناء الخدمة وبسببها، وتصدق على هذا القرار من الجهات المختصة، وإذ كان من شأن هذه الإصابة إنهاء خدمة الطاعن العسكرية فيترتب على ذلك استحقاقه لمعاش شهري لا يقل عن تسعة جنيهات بما في ذلك إعانة الغلاء، وكذلك مبلغ التأمين المنصوص عليه وفقاً للمادة 77 من القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه والجدول رقم (3) المرافق لذلك القانون. كما يستحق تأميناً إضافياً يبلغ 265 جنيهاً بواقع نصف التأمين الإضافي المستحق في حالة العجز الكلي في غير حالات العمليات الحربية أو إحدى الحالات المنصوص عليها بالمادة (31) أو في حادث طيران. ولا يحاج ما تقدم بأن المادة 85 من القانون رقم 90 لسنة 1975 تنص على أنه "تقدر درجات العجز الكلي أو الجزئي التي يستحق عنها معاش أو تأمين أو تأمين إضافي أو تعويض في حالات العجز المنصوص عليها بالمواد.. (57)... (76) و(77) و(78)... لجنة مشكلة على الوجه الآتي... وتعرض على هذه اللجنة الحالات التي استقرت وتصدر اللجنة قرارها بعد فحص تقرير المجلس الطبي العسكري المختص ونتيجة التحقيق العسكري إن وجد، ويتضمن هذا القرار سبب الإصابة ودرجات العجز ونوعه كلياً أو جزئياً. ولا يصبح قرار اللجنة نافذاً إلا بعد تصديق رئيس أركان حرب القوات المسلحة أو من يفوضه بالنسبة لحالات الضباط أو رئيس هيئة التنظيم والإدارة أو من يفوضه بالنسبة لحالات باقي العسكريين والعاملين المدنيين، ذلك أن واجب العرض على تلك اللجنة يقع على عاتق جهة الإدارة دون الطاعن الذي تكاملت في حقه شروط استحقاق المعاش والتأمين الإضافي على الوجه المشار إليه. وتقاعس جهة الإدارة عن العرض على اللجنة المشار إليها إلى ما يزيد على عشر سنوات من تاريخ وقوع الإصابة ليس من شأنه أن يعطل حق الطاعن في الحصول على حقوقه المقررة قانوناً. فجهة الإدارة لم تعارض ما أورده الطاعن من وقائع مؤيدة بالمستندات الرسمية الصادرة عنها تفيد وقوع الإصابة أثناء وبسبب الخدمة وتخلف نسبة عجز عنها بلغ 35%. كما لم تنكر ما أورده الطاعن من أنه لم يحصل على حقوقه وفقاً للقانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه. كما لم تقدم دفاعاً يفيد أنه لا يستحق مثل هذه الحقوق. ويعد لجوء الطاعن إلى جهة القضاء إنما كان لاقتضاء حقوقه الناشئة عن تلك الإصابة، ولا يسوغ تعطيل حقوقه في هذا الشأن بفعل أو امتناع من جهة الإدارة وإلا أصبحت تلك الحقوق منوطة بمحض إرادة المدين بها.
ومن حيث إن الحقوق التي يرتبها القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه للمصابين من الجنود أثناء وبسبب الخدمة لا يشترط لاستحقاقها ثبوت خطأ منسوب إلى جهة الإدارة. ولا يبين من وقائع الحال أن ثمة خطأ منسوباً إلى تلك الجهة يمكن أن يرتب للطاعن حقاً في التعويض طبقاً للقواعد العامة خارج ما هو منصوص عليه في القانون المذكور فليس في الأوراق ما يكشف عن أن الالتهاب الشديد الذي أصاب عين الطاعن كان بخطأ منسوب إلى الجهة المذكورة أو أن العملية الجراحية قد شابها من القصور ما ينبئ عن وجود خطأ ما تسأل عنه جهة الإدارة مدنياً - وعلى ذلك فلا وجه لما يطالب به الطاعن من تعويضات على أساس المسئولية التقصيرية حيث إن عنصر الخطأ غير ثابت في واقعة الحال.
ومن حيث إن من يخسر دعواه يلزم بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء باستحقاق الطاعن معاشاً شهرياً من تاريخ انتهاء خدمته العسكرية لا يقل عن تسعة جنيهات بما فيه غلاء المعيشة، وباستحقاقه مبلغ التأمين على الوجه المبين بالمادة 77 من القانون رقم 90 لسنة 1975 والجدول رقم (3) المرافق له، وكذلك مبلغ التأمين الإضافي البالغ 125 جنيهاً (مائة وخمسة وعشرون جنيهاً) وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 1336 لسنة 30 ق جلسة 7 / 11 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 21 ص 154

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

----------------

(21)

الطعن رقم 1336 لسنة 30 القضائية

أموال الدولة العامة والخاصة - وسائل حمايتها - إزالة التعدي عليها.
المادة (970) من القانون المدني معدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 و55 لسنة 1970.
بسط المشروع حمايته على الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة - من وسائل تلك الحماية: حظر تملك هذه الأموال أو كسب حق عيني عليها بالتقادم وتحريم التعدي عليها وإزالته إدارياً دون حاجة إلى استصراخ القضاء أو انتظار كلمته في دعاوى يرفعها الأفراد على الإدارة - لا يعوق سلطة الإدارة في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني طالما أن جهة الإدارة لديها مستنداتها وأدلتها الجدية المثبتة لحقها وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه ولا يفحص المستندات والأوراق ليتحقق من الملكية وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة القرار الصادر بإزالة التعدي وقيامه على سببه المبرر له قانوناً والمستمد من شواهد ودلائل جدية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 26 من مارس سنة 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة "هيئة قضايا الدولة" نيابة عن السيد محافظ دمياط بصفته والسيد رئيس مجلس مدينة رأس البر بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1336 لسنة 30 القضائية ضد السيد/ ....... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 26 من يناير سنة 1984 في الشق المستعجل من الدعوى رقم 660 لسنة 5 القضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعنان للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت في الأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات. وعين لنظر الطعن جلسة 2 من يونيه سنة 1986 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وتداول بجلساتها على الوجه المبين بالمحاضر حتى قرت بجلسة 4 من مايو سنة 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظره بجلسة 23 من مايو سنة 1987، ونظرت المحكمة الطعن وتداول بجلساته على النحو الثابت بالمحاضر واستمعت إلى ما رأت لزومه من إيضاحات ثم قررت بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1987 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 17 من إبريل سنة 1983 أقام السيد/ ....... الدعوى رقم 660 لسنة 5 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد السيد/ محافظ دمياط بصفته والسيد رئيس مجلس مدينة رأس البر بصفته طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 266 لسنة 1983 الصادر من الوحدة المحلية لمدينة رأس البر بإخلاء الشقة رقم 1 بالعمارة رقم 8 بشارع رقم 77 بمساكن مجلس مدينة رأس البر، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، استناداً إلى أنه يسكن هذه الشقة غير المخصصة لمرفق الإسعاف. وقضت محكمة القضاء الإداري في جلسة 26 من يناير سنة 1982 بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية مصروفات الشق المستعجل. وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر في 16 من مارس سنة 1983. ورفعت الدعوى في 17 من إبريل سنة 1983 مما يجعلها دعوى مقبولة شكلاً، كما أن الشقة محل النزاع وإن خصصت عام 1977 لتكون مقراً لمرفق الإسعاف، إلا أنه ظاهر الأوراق يكشف عن أنها لم تعد مخصصة لمرافق الإسعاف بل سكن فيها مدير الإسعاف وهو المدعي كسكن شخصي غير حكومي منذ عام 1978، ولم يتحرك مجلس المدينة لمنازعته إلا في 20 من مايو سنة 1981 أي بعد ما يقرب من ثلاث سنوات على إقامته فيها، رغم أن مرفق الإسعاف كان يزاول نشاطه من مكان آخر في غير غفلة منه، مما ينبئ عن أنه أنهى تخصيصها لمرفق الإسعاف، وسمح بها للمدعي كسكن شخصي غير حكومي خاصة وأنها تقع في عمارة أجر مجلس المدينة باقي وحداتها للسكنى، وبذلك لا يكون المدعي متعدياً على الشقة حتى يصبح إخلاؤه منها بالقرار المطعون فيه. وهو قرار يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها بسبب أزمة المساكن وعدم ثبوت وجود مسكن آخر للمدعي، وذلك بصرف النظر عن عدم وجود عقد إيجار مكتوب بينهما لأن هذا محل الدعوى المدنية التي أقامها المدعي. ومن ثم توافر كل من ركن الجدية وركن الاستعجال اللازمين للقضاء بوقف تنفيذ هذا القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، لأن الشقة خصصت عام 1977 لتكون مقراً لمرفق الإسعاف، ولم يصدر للمطعون ضده ترخيص أو يحرر له عقد إيجار بها، ولا يجوز له أن يصطنع لنفسه سندا بإقامته فيها مستغلاً وظيفته كمدير للإسعاف ما يعد غصبا مادياً لها، وبذا تجوز إزالة تعدية عليها سواء كانت من أملاك الدولة العامة أو الخاصة. وقد عقب المطعون ضده على الطعن بمذكرة قدمها بجلسة 16 من فبراير سنة 1987 أمام دائرة فحص الطعون، جاء فيها أنه كان يتعين عدم إصدار القرار المطعون فيه قبل الفصل في الدعوى رقم 1169 لسنة 1979 كلي دمياط المقامة منه بطلب إثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين مجلس مدينة رأس البر.
ومن حيث إنه وفقاً للمادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، يقوم طلب وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على ركنين، الأول ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني ركن المشروعية بأن يكون الطلب قائماً حسب الظاهر على أسباب جدية تحمل على ترجيح إلغاء القرار.
ومن حيث إنه باستقراء المادة 970 من القانون المدني، معدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، 39 لسنة 1959، 55 لسنة 1970، على هدي من المذكرات الإيضاحية، يبين أن المشرع بسط الحماية على الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، سواء بحظره تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم، أو بتجريمه التعدي عليها، أو بتخويله الجهة الإدارية المعنية سلطة إزالة هذا التعدي إدارياً، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. فلا يعوق سلطتها في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حتى يفحص المستندات ويفحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية.
ومن حيث إنه باستظهار الأوراق، يبين أن مجلس مدينة رأس البر يملك الشقة موضوع النزاع وخصصها سنة 1977 كمقر للإسعاف قريب من الطريق الرئيسي بالمدينة. وأرسل السيد رئيس مجلس المدينة الكتاب رقم 39 في 20 من مايو سنة 1981 إلى السيد مدير عام الشئون الصحية بدمياط بأنه لوحظ عدم وجود سيارات إسعاف في هذا المقر الكائن بمنطقة تحتاج لخدماته مما يقتضي العمل على توفير هذه السيارات بالمقر وتشغيله قبل بداية موسم الصيف. وأفاد السيد مدير عام الشئون الصحية بدمياط بالكتاب رقم 129 في 17 من يونيه سنة 1981 بأن الشقة غير مخصصة آنذاك لمرفق الإسعاف بل يسكنها المطعون ضده وهو مدير الإسعاف كسكن شخصي غير حكومي. ورد عليه السيد رئيس المدينة بالكتاب رقم 49 في 20 من يونيه سنة 1981 بأن المجلس لم يرخص للمطعون ضده في سكن شخصي، وطلب المجلس الشعبي المحلي لمركز دمياط من مجلس مدينة رأس البر في 16 من نوفمبر سنة 1982 بياناً بموقف الشقة، وهو ما أفاده به السيد رئيس مجلس مدينة رأس البر بالكتاب رقم 5837 في 29 من نوفمبر سنة 1982، وقرر المجلس الشعبي المحلي لمركز دمياط في 15 من يناير سنة 1983 بضرورة التمسك بهذا المقر للإسعاف وإخلائه بالطريق الإداري، وبناء على التفويض الصادر من السيد محافظ دمياط بالقرار رقم 445 لسنة 1978 أصدر السيد رئيس مجلس مدينة رأس البر القرار رقم 66 لسنة 1983 بإخلاء الشقة بالطريق الإداري.
ومن حيث إنه يؤخذ من الوقائع السابق استظهارها، أن الشقة أنهى تخصيصها كمقر لمرفق الإسعاف، سواء من جانب مديرية الشئون الصحية، أو من قبل المطعون ضده كمدير للإسعاف، وهذا الإنهاء القانوني أو الفعلي لتخصيصها للمنفعة العامة حسر عنها صفة الأموال العامة عملاً بالمادة 88 من القانون المدني، وأدرجها في الأموال الخاصة المملوكة لمجلس المدينة، إلا أنه لا يكفي في حد ذاته لتخويل المطعون ضده كمدير للإسعاف حق اتخاذها مسكناً خاصاً له. كما أن مجلس المدينة حسب ظاهر الأوراق لم يكون له دور في هذا الإنهاء ولم يحط خبراً به أو باقترانه بسكنى المطعون ضده في الشقة حتى يفسر سكوته بأنه إقرار ضمني لهذه السكنى، فضلاً عن أن مجلس المدينة لم يصدر ترخيصاً ولم يبرم عقداً ولم يتخذ إجراء على نحو يسند المطعون ضده في سكناه بل سارع فور علمه بها ضمن كتاب السيد مدير عام الشئون الصحية رقم 49 في 20 من يونيه سنة 1981 إلى إفادته بأنه لم يرخص فيها ثم تابع الموضوع مع المجلس الشعبي المحلي لمركز دمياط حتى توجه بإصدار قرار إخلاء الشقة بالطريق الإداري وكل هذه الأمور تشير إلى أن المطعون ضده تعدى على الشقة كملك خاص لمجلس المدينة، بأن اتخذها سكناً له سواء خفية من جانبه أو بناء على تصرف أو رضاء من مديرية الشئون الصحية دون سند من علم مجلس المدينة المالك لها والقائم عليها، وذلك بصرف النظر عن وقوعها ضمن عمارة سكنية له أو وجود مقر ثان لمرفق الإسعاف، لأن هذا أو ذاك لا يجيز للمطعون ضده الاستيلاء على الشقة جبراً عن مجلس المدينة بحجة أو بأخرى. ومن ثم يحق الإزالة المادية لهذا التعدي على نحو ما صدر به القرار المطعون فيه والذي لا وجه للنعي عليه بأنه صدر دون انتظار حكم القضاء في الدعوى المدنية التي أقامها المطعون ضده بطلب إلزام مجلس المدينة بتحرير عقد إيجار له. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ قضى بوقف تنفيذ هذا القرار، ما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 4766 لسنة 91 ق جلسة 16 / 12 / 2021 مكتب فني 72 ق 117 ص 746

جلسة 16 من ديسمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ شريف سلام "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ وائل قنديل، حمدي طاهر، حسام سيف وإيهاب حماد "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(117)
الطعن رقم 4766 لسنة 91 القضائية
(1) استئناف " اعتبار الاستئناف كأن لم يكن " .
الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها لقلم الكُتَّاب . شرطه . ثبوت عدم رجوع إعلانها إلى فِعل المستأنف . من حالاته . تضمين صحيفة الاستئناف بيانات غير صحيحة أو غير كافية . استقلال محكمة الموضوع بتقدير ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة . المادتان ٧٠ ، ٢٤٠ مرافعات .
(2) إعلان " آثار الإعلان : تسليم الإعلان إلى النيابة " .
إعلان أوراق المُحضرين . الأصل فيه . عِلم المُعلَن إليه عِلمًا يقينيًا بتسليمه صورة الإعلان لشخصه . اكتفاء المشرع بالعِلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبالعِلم الحُكمي في حالات أخرى بتسليم الصورة للنيابة كما في حالة إعلان المُقيم بالخارج في موطن معلوم . تمام الإعلان صحيحًا منتجًا لآثاره في الحالة الأخيرة بتسليم صورته للنيابة لا من تاريخ تسليمها للمُعلَن إليه.
(3) إعلان " الإعلان في الموطن المُختار " .
الحالات التي يجوز فيها الإعلان في الموطن المُختار . لطالب الإعلان الخيار بين الإعلان فيه أو في الموطن الأصلي .
(4) حكم " عيوب التدليل : مُخالفة الثابت بالأوراق " .
مُخالفة الثابت بالأوراق التي تُبطل الحكم . ماهيتها .
(5) إعلان " تسليم الإعلان إلى النيابة " .
ثبوت إعلان المطعون ضدها بصحيفة الاستئناف بتسليم صورته للنيابة في الميعاد لإعلانها بالطريق الدبلوماسي على عنوانها المقيمة فيه خارج البلاد والذي اتخذته موطنًا أصليًا لها في صحيفة دعواها . صحيح . قضاء الحكم المطعون فيه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها بصحيفة الاستئناف في الميعاد لتعمد الطاعن عدم إعلانها . خطأ ومخالفة للثابت بالأوراق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن شرط جواز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عند عدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها لقلم الكُتَّاب وعلى ما جرى به نص المادتين 70، 240 من قانون المرافعات أن يثبت أن ذلك راجع إلى فِعل المستأنف؛ كأن يُضمِّن صحيفة استئنافه بيانات غير صحيحة أو غير كافية، وهو ما تستقل محكمة الموضوع بتقديره شريطة أن يكون استخلاصها سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن الأصل في إعلان أوراق المُحضرين أن تصل إلى عِلم المُعلَن إليه عِلمًا يقينًا بتسليم الصورة لنفس الشخص المُعلَن إليه، إلا أن المُشرِع يكتفي بالعِلم الظني في بعض الحالات بإعلان الشخص في موطنه، وبمجرد العِلم الحُكمي في البعض الآخر؛ لحكمة تسوغ الخروج فيها على هذا الأصل، وقد قَدَّر المُشرِع أنه في حالة المُقيم في خارج البلاد في موطن معلوم، فإن الإجراءات التي يتم بها تسليم الصورة في الخارج لا تُجرى بواسطة المُحضر، ولا سبيل للمُعلِن عليها ولا مساءلة القائمين بها، فاكتفى بالعِلم الحُكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صُحُف الدعاوى أو الطعون استثناءً من الأصل، ومن ثم ينتج الإعلان آثاره بتسليم صورته للنيابة لا من تاريخ تسلم المُعلَن إليه لها.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض أن الحالات التي يجوز فيها الإعلان في الموطن المُختار يكون لطالب الإعلان أن يختار بين الإعلان في الموطن الأصلي أو في الموطن المُختار.
4- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن مُخالفة الثابت بالأوراق التي تُبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديًا في بعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حَصَّلته المحكمة مُخالفًا لِما هو ثابت بأوراق الدعوى.
5- إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد ضمَّنت صحيفة دعواها المستأنف حكمها موطنها الأصلي الذي تُقيم فيه خارج البلاد وهو دولة ...، كما اتخذت لها موطنًا مُختارًا هو مكتب الأستاذ ... ( المحامي ) الكائن ...، وإذ ضمَّن الطاعن صحيفة استئنافه التي أودعها بتاريخ 3/12/2018 الموطن الأصلي للمطعون ضدها، ووجه الإعلان إليها فيه بتسليم صورتها للنيابة العامة في 11/12/2018 لإعلانها بالطريق الدبلوماسي، وهو ما يُنبئ عن أن الطاعن حرص على إتمام إعلان صحيفة الاستئناف خلال الأجل والطريق اللذيْن رسمهما المُشرِع، وأن عدم تمامه - وفقًا للشهادة المقدمة من المطعون ضدها - ليس للطاعن دخل فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن؛ لعدم الإعلان بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكُتَّاب؛ لتعمد الطاعن عدم إعلانها، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما جره للخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2018 محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بعدم الاعتداد بشهادة تغيير مذهب الطاعن، وما يترتب عليها من آثار، وذلك على سندٍ من أنها زوجة الطاعن بموجب عقد زواج للطوائف متحدي الملة والمذهب، إلا أنه قام بتغيير مذهبه من طائفة الأقباط الأرثوذكس إلى طائفة الروم الأرثوذكس بموجب شهادة مشكوك في صحتها ليتمكن من تطليقها، لذا أقامت الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ... لسنة 22 ق القاهرة، وفيه قضت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة، فقررت رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وحددت جلسة لنظره -في غرفة مشورة - فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببٍ واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق؛ إذ قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر طبقًا للمادة 70 مرافعات، وأرجع ذلك لفِعله لتعمده ذِكر موطن المطعون ضدها بصحيفة الاستئناف مُغايرًا لموطنها الثابت بصحيفة الدعوى وبطاقة هويتها، في حين أنه قدم بأولى جلسات المرافعة أصل صحيفة الاستئناف مُعلنة للمطعون ضدها على ذات موطنها الثابت بصحيفة الدعوى وبطاقة هويتها، ومن ثم فلا محل لإعمال نص المادة 70 المُشار إليها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد؛ ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن شرط جواز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عند عدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها لقلم الكُتَّاب وعلى ما جرى به نص المادتين 70، 240 من قانون المرافعات أن يثبت أن ذلك راجع إلى فِعل المستأنف؛ كأن يُضمِّن صحيفة استئنافه بيانات غير صحيحة أو غير كافية، وهو ما تستقل محكمة الموضوع بتقديره شريطة أن يكون استخلاصها سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق. وكان الأصل في إعلان أوراق المُحضرين -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن تصل إلى عِلم المُعلَن إليه عِلمًا يقينًا بتسليم الصورة لنفس الشخص المُعلَن إليه، إلا أن المُشرِع يكتفي بالعِلم الظني في بعض الحالات بإعلان الشخص في موطنه، وبمجرد العِلم الحُكمي في البعض الآخر؛ لحكمة تسوغ الخروج فيها على هذا الأصل، وقد قَدَّر المُشرِع أنه في حالة المُقيم في خارج البلاد في موطن معلوم فإن الإجراءات التي يتم بها تسليم الصورة في الخارج لا تُجرى بواسطة المُحضر ولا سبيل للمُعلِن عليها ولا مساءلة القائمين بها، فاكتفى بالعِلم الحُكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صُحُف الدعاوى أو الطعون استثناءً من الأصل، ومن ثم ينتج الإعلان آثاره بتسليم صورته للنيابة لا من تاريخ تسلم المُعلَن إليه لها. ومن المقرر أن الحالات التي يجوز فيها الإعلان في الموطن المُختار يكون لطالب الإعلان أن يختار بين الإعلان في الموطن الأصلي أو في الموطن المُختار. كما أن مُخالفة الثابت بالأوراق التي تُبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديًا في بعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حَصَّلته المحكمة مُخالفًا لِما هو ثابت بأوراق الدعوى. لَمَّا كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد ضمَّنت صحيفة دعواها المستأنف حكمها موطنها الأصلي الذي تُقيم فيه خارج البلاد وهو دولة ...، كما اتخذت لها موطنًا مُختارًا هو مكتب الأستاذ ... ( المحامي ) الكائن ...، وإذ ضمَّن الطاعن صحيفة استئنافه التي أودعها بتاريخ 3/12/2018 الموطن الأصلي للمطعون ضدها، ووجه الإعلان إليها فيه بتسليم صورتها للنيابة العامة في 11/12/2018 لإعلانها بالطريق الدبلوماسي، وهو ما يُنبئ عن أن الطاعن حرص على إتمام إعلان صحيفة الاستئناف خلال الأجل والطريق اللذيْن رسمهما المُشرِع، وأن عدم تمامه -وفقًا للشهادة المقدمة من المطعون ضدها- ليس للطاعن دخل فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن؛ لعدم الإعلان بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكُتَّاب؛ لتعمد الطاعن عدم إعلانها، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما جره للخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه.
وحيث إن ما نُقض الحكم من أجله هو قضاء متعلق بإجراءات الخصومة لا تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر الموضوع، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ