الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 أبريل 2024

الطعن 823 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 153 ص 922

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

----------------

(153)
الطعن رقم 823 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". استدلالات. نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. خلو إذن التفتيش من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته أو الخطأ في اسم الشهرة. لا يعيبه. طالما كان هو الشخص المقصود بالإذن. أساس ذلك؟
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة. أو تأذن بإجرائه. شرط صحته؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. جلب. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال: لتسبيب سائغ لصدور إذن التفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها فعلاً لا لضبط جريمة مستقبلة في جريمة جلب مخدر.
(4) تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. رداً عليه.
(5) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز استجواب المتهم أو مواجهته. بغير دعوة محاميه. في حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة. تقدير ذلك للمحقق. تحت رقابة محكمة الموضوع.
مناط الاستفادة من حكم المادة 124 من قانون الإجراءات؟
(6) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". جمارك "إقليم جمركي" "خط جمركي".
جلب المخدر في مفهوم القانون رقم 182 لسنة 1960؟
الإقليم الجمركي. والخط الجمركي. ماهية كل منهما في مفهوم المواد الثلاثة الأول من القانون 66 لسنة 1963؟
تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي. بغير استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون 182 لسنة 1960. يعد جلباً محظوراً.
(7) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الحيازة المادية للمخدر ليست شرطاً لاعتبار الشخص حائزاً لمادة مخدرة. كفاية أن يكون سلطانه مبسوطاً على المخدر.
(8) مواد مخدرة. فاعل أصلي. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
متى يعد المتهم فاعلاً أصلياً للجريمة؟
مثال:
(9) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". تزوير "الطعن بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو بالحكم إلا عن طريق الطعن بالتزوير.
(10) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود. بل يقصد به إثارة الشبهة في الدليل الذي أطمأنت إليه المحكمة. موضوعي.
(11) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة. موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته. ما دام المقصود به إثارة الشبهة في الدليل.
(12) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من إثبات الدفاع كاملاً. لا يعيب الحكم. طالما لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(14) إثبات "اعتراف". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين. وإن عدل عنها. حد ذلك؟
(15) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم. إذا ارتد إلى أصل ثابت بالتحقيقات.
(16) خطأ مادي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ المادي لا يعيب الحكم. طالما لم يكن له أثر في قيام الجريمة.
انتفاء مصلحة الطاعن في التمسك بالخطأ المادي. ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
(17) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعي. ما دام سائغاً.
(18) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها". مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركي.
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. إذا بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله. أساس ذلك؟
مثال:

-------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو بصفته أو صناعته أو محل إقامته ولا الخطأ في اسم الشهرة طالما أنه الشخص المقصود بالإذن.
2 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة.
3 - لما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الثاني تمكن من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأنه اتفق مع الطاعن الثالث ومتهم آخر - محكوم عليه غيابياً - على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطهم حال نقلها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل فرجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهم.
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
5 - من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم - ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين - من بعد - مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً - عما ذهب إليه الحكم بحق - من أنهم لم يزعموا أن أسماء محاميهم كانت قد أعلنت بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها.
6 - من المقرر أن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل إنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو في نطاق ذلك المجال على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 - 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة تصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يقصد بالإقليم الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المحيطة به، أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً.
7 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره.
8 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن الطاعن الأول قد أسهم بدور في إتمام عملية الجلب طبقاً لخطة تنفيذها بأن كلف قائد السيارة الخاصة المملوكة له بتوصيل الطاعن والمتهم....... - المحكوم عليه غيابياً إلى منطقة إنزال المخدرات بشاطئ ميامي ليتمكنا من نقلها خارج الكابين وأن الطاعن الثاني قد اتفق مع المتهم...... والطاعن الثالث على نقل المخدرات وحدد لهما الشخص الذي سيقدم لهما مفتاح الكابين ورتب على ذلك إسهامهما في ارتكاب جريمة جلب المخدر باعتبارهما فاعلين أصليين فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت - سواء في محضر جلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير.
10 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر فاعلاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق.
11 - من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
12 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته.
13 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
14 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد أطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
15 - لما كان الحكم قد حصل من أقوال المتهم..... أن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل كمية من السجائر من شاطئ ميامي، وكان ما حصله الحكم من ذلك - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن - يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات وهو ما لا يمارى فيه الطاعن الثاني - ثم عاد الحكم في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني واستخلص أن هذا الاتفاق كان لنقل المخدرات استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها، فإن هذا حسبه، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في غير محله.
16 - لما كان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن خطأ الحكم فيما نسبه إلى الشاهد.... من أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم..... قد اشتهر باسم..... في حين أن الثابت بهذا المحضر وتلك الأقوال أن اسم الشهرة يخص متهم آخر فمردود بأنه من قبيل الخطأ المادي البحت وأنه - بفرض صحته لم يكن له أثر في قيام الجريمة التي دانه بها. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن المذكور في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
17 - لما كان العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء هذا العلم لديهما ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفاع من المتهمين...... (الطاعن الثالث) و...... (الطاعن الأول) بانتفاء العلم لديهما بأن المواد المزمع نقلها مخدرات وإنما كانا يعلمان فقط بأنها كمية من السجائر، ولما كانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ما جاء بمحضر التحريات وما قرره شهود الإثبات بأن المتهمين كانا يعلمان بأن المواد التي تم جلبها من الخارج إنما كانت شحنة من المخدرات وأن هذين المتهمين تداخلا بأفعالهما لتسهيل نقل تلك المخدرات لإتمام عملية الجلب فضلاً عن أن المتهمين أقرا لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة عند مواجهتها بها عقب وهو ما تطمئن معه المحكمة التي توافر القصد الجنائي لدى المتهمين" وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنين بحقيقة الجواهر المضبوطة كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقهما توافراً فعلياً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
18 - لما كانت الفقرة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت جريمتا جلب الجواهر المخدرة وتهريبها اللتان دين الطاعنون بهما قد نشأتا عن فعل واحد بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركي أصلية كانت أم تكميلية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الجلب العقوبة التكميلية المقررة لجريمة التهريب الجمركي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة التعويض الجمركي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: أولاً: جلبوا إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "حشيش" قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانياً: هربوا البضائع آنفة الذكر موضوع الاتهام الأول بالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة إلى أراضي جمهورية مصر العربية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ قدره 4200959.200 أربعة ملايين ومائتي ألف وتسعمائة وتسعة وخمسون جنيهاً ومائتي مليم. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ د، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 15، 121/ 1 - 2، 122/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وإلزامهم متضامين بدفع تعويض لمصلحة الجمارك قدره 4200959.200 أربعة ملايين ومائتي ألف وتسعمائة وتسعة وخمسين جنيهاً ومائتي مليماً وذلك عن التهمتين المسندتين إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب المقدمة من الطاعنين الثلاثة هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمتي جلب جوهر مخدر وتهريبه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية قصرت عن تحديد أسماء الطاعنين ومحل إقامتهم ومهنهم وخلطت بين أسماء الشهرة لبعضهم، ولأنه صدر لضبط جريمة مستقبلة بما لا يصح رداً، ولم يفطن إلى القرائن التي سبقت للتدليل على صدور هذا الإذن بعد الضبط كما أطرح الدفع المبدى من المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث ببطلان استجوابهما بمعرفة النيابة لتمامه دون دعوة محاميهما للحضور بما لا يسوغ إطراحه، واعتبر الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين جلباً في حين أنه - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون مجرد نقل بغير قصد إذ لم يثبت أن المواد المخدرة المضبوطة قد جلبت من خارج البلاد كما اعتبر الطاعنين الأول والثالث فاعلين أصليين في الجريمة دون أن يستظهر دورهما في ارتكابها أو يدلل على وجود اتفاق بينهما وبين الطاعن الأول وعلى الرغم من انتفاء صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة. هذا إلى أن المحكمة أثبتت على لسان المدافع عن الطاعن الثالث - على خلاف الواقع - أنه اكتفى بتلاوة أقوال باقي شهود الإثبات بعد أن استمعت إلى الشاهدين الحاضرين الأول والسادس عشر، والتفتت عن طلب ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق كما لم تستجب إلى طلبه إجراء معاينة لمكان الضبط وأطرحت دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ إطراحه، وخلا محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملاً، كما عول الحكم في قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها في تحديد أدوار المتهمين وبعدها عن الحقيقة والواقع وعلى أقوال الضابطين...... و....... في التحقيقات على الرغم من أنهما قررا بمحضر الجلسة أنهما لا يذكران شيئاً عن الواقعة، كما عول على أقوال الطاعن الثالث في التحقيقات رغم أنها كانت وليدة إكراه مادي ومعنوي تعرض له بقسم الشرطة وعلى الرغم من عدوله عنها بالجلسة، واستند الحكم في قضائه إلى أقوال المتهم...... وأسند له القول بأن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل المخدرات وهو ما لا أصل له في الأوراق. هذا فضلاً عن خطأ الحكم حين أسند إلى الضابط.... أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم.... قد اشتهر باسم...... في حين أنه بالرجوع إلى هذا المحضر وتلك الأقوال يتضح أن اسم الشهرة يخض متهم آخر. ثم إن الحكم أطرح دفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء علمهما بحقيقة الجواهر المضبوطة بما لا يصلح رداً، وأخيراً فإن الحكم ولئن أشار في مدوناته إلى طلب مصلحة الجمارك بإقامة الدعوى الجنائية إلا أنه أغفل صفة مصدر الطلب وهو بيان جوهري يتصل بسلامة تحريك الدعوى الجنائية، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية لجريمتي جلب مخدر وتهريبه اللتين دان الطاعنين بهما، وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال المتهم...... والطاعنين الأول والثالث بالتحقيقات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه قوله: "وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدافعين عن المتهمين (الطاعنين) ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، ولما كان الثابت أن محضر التحريات المحرر بتاريخ 18/ 3/ 1985 الساعة 2 م قد تضمن أسماء المتهمين والجهات التي تقع بها محال إقامتهم وأوضحت التحريات أدوار هؤلاء المتهمين في إتمام جريمة الجلب كما أشارت التحريات إلى تحديد المنطقة التي تم إنزال المخدرات بها على الشاطئ وإلى أرقام السيارات التي أعدت لنقل هذه الشحنة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن محضر التحريات قد تضمن وفق ما سلف تفصيله مقومات جديته التي تبعث على الاطمئنان بصحة ما جاء به، ومن ثم فإن إذن التفتيش يكون قد جاء محمولاً على أسباب كافية يقتضيها المقام "وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته ولا الخطأ في اسم الشهرة طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه - على نحو ما تقدم - يستقيم به إطراح هذا الدفع، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة "ولما كان من المستفاد من محضر التحريات المنوه عنه أنه تضمن ما يفيد أن بعض المتهمين ومنهم المتهم...... - الطاعن الثاني - قد تمكنوا بالفعل من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأن هؤلاء المتهمين اتفقوا مع آخرين ومنهم المتهمين...... و....... (الطاعن الثالث) و(الطاعن الأول) على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد، ولما كان هذا الذي تضمنه محضر التحريات يشكل وقوع جناية اتفاق جنائي على جلب المواد المخدرة ويكون إذن النيابة العامة عند صدوره الساعة 4.50 م يوم 18/ 3/ 1985 إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها فعلاً وليس عن جريمة مستقبلة". لما كان ذلك وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الثاني تمكن من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأنه اتفق مع الطاعن الثالث ومتهم آخر - محكوم عليه غيابياً - على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطهم حال نقلها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل فرجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهم ويكون ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة وإذ ثبت من أقوال شهود الإثبات بل ومما أجمع عليه المتهمون في استجوابهم الأول من أن القبض تم في فجر يوم 19/ 3/ 1985 ولما كان الإذن صدر يوم 18/ 3/ 1985 الساعة 4.50 م، ومن ثم يضحى هذا الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة" وكان ما ورد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن نعي الطاعنين الثاني والثالث على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعنون من بطلان استجوابهم أمام النيابة لحصوله في غيبة محاميهم وأطرحه بقوله "وحيث إن الدفع المبدى من المتهمين ببطلان التحقيقات التي أجريت بقسم المنتزه لعدم دعوة محامي المتهمين للحضور ولما كان الثابت أن المحقق قدم محضر الضبط وقد تضمن ما يفيد أن إقراراً صدر من المتهمين لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة وأنه عند مواجهة المحقق للمتهمين بالاتهام بعد إفصاحه لهم عن شخصيته فقد أدلى بعضهم بأقوال تفيد في كشف الحقيقة وفي تحديد أدوار المتهمين، ومن ثم فكان الأمر يحتم المسارعة باستجواب المتهمين لتلقي هذه الأقوال منهم وذلك خوفاً من ضياع الأدلة خاصة ما قد تسفر عنه هذه الأقوال من وجوب اتخاذ إجراءات عاجلة يقتضيها صالح التحقيق وهو ما يجوز للمحقق دون دعوة محامي المتهمين للحضور وفقاً لصريح نص المادة 124/ 1 إجراءات جنائية. هذا بالإضافة إلى أنه لم يثبت أن هؤلاء المتهمين قد حددوا أسماء المدافعين عنهم سواء للمحقق عند استجوابهم أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن وهو مناط الاستفادة بحكم المادة 124 سالفة الذكر أما عن قول بعض المدافعين بأنهم منعوا من حضور التحقيق بالقسم فإنه مجرد دفاع مرسل لا يكفي للتدليل عليه تلك البرقية المرسلة باسم المحامي العام وتخلص المحكمة إلى أن استجواب المتهمين في التحقيقات التي أجريت بالقسم إنما يكون قد جاء صحيحاً في القانون وترفض المحكمة هذا الدفع". فإن هذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ في الرد على دفع الطاعنين، ذلك بأن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم - ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين - من بعد - مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً - عما ذهب إليه الحكم بحق - من أنهم لم يزعموا أن أسماء محاميهم كانت قد أعلنت بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل أنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو في نطاق ذلك المجال على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 - 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الالتزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه بقصد بالإقليم الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المحيطة به، أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الثاني قد جلب الجواهر المخدرة من خارج البلاد وتم إنزالها بالكابين رقم...... بالدور الأرضي بشاطئ ميامي، ودلل على ذلك بما اطمأن إليه من أقوال للطاعن الأول مؤداها أنه شاهد الطاعن الثاني مساء يوم 17/ 3/ 1985 بشاطئ ميامي حال تواجد إحدى المراكب على مقربة من الشاطئ وكانت ملابسه مبتلة بالمياه وأن باب الكابين كان مفتوحاً فإن فعل الجلب يكون قد تم فعلاً وحق العقاب عليه، ولا وجه للتحدي بما خاض فيه الطاعنون من جدل حول المنطقة التي بها الكابين وكونها داخله في النطاق البري للإقليم، ما دام أن الحكم قد استخلص من عناصر الدعوى السائغة التي أوردها أن النقل تم باجتياز الخط الجمركي على خلاف الأحكام المنظمة لجلب المخدرات، ويكون بذلك قد طبق القانون تطبيقاً سليماً ويضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن الطاعن الأول قد أسهم بدور في إتمام عملية الجلب طبقاً لخطة تنفيذها بأن كلف قائد السيارة الخاصة المملوكة له بتوصيل الطاعن والمتهم....... المحكوم عليه غيابياً إلى منطقة إنزال المخدرات بشاطئ ميامي ليتمكنا من نقلها خارج الكابين وأن الطاعن الثاني قد اتفق مع المتهم...... والطاعن الثالث على نقل المخدرات وحد لهما الشخص الذي سيقدم لهما مفتاح الكابين ورتب على ذلك إسهامهما في ارتكاب جريمة جلب المخدر باعتبارهما فاعلين أصليين فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما ينعاه الطاعنان الأول والثالث في هذا المقام غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يحوز الادعاء بما يخالف ما أثبت - سواء في محضر جلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير. وإذ كان الثابت أن الطاعن الثالث لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحاضر جلسات المحاكمة من اكتفاء المدافع عنه بتلاوة أقوال باقي أقوال شهود الإثبات الذين لم يسمعوا فإن الزعم بأن ما أثبت من ذلك مغاير للواقع يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر فاعلاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق، ومن ثم يكون منعى الطاعن الثالث على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن والثالث في شأن طلب إجراء معاينة لمكان الضبط وأطرحه بقوله: "وحيث إنه طلب محامي المتهم..... (الطاعن الثالث) بإجراء معاينة لمكان الضبط فإن المحكمة تعرض عنه بعد أن وضحت الواقعة لديها بما ترى معه أن المعاينة المطلوبة غير منتجة في الدعوى". وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كان طلب الدفاع عن الطاعن الثالث إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك في أقوال شهود الإثبات، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التي رواها الشهود، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها، وإذ كان ما أورده الحكم في الرد على طلب إجراء المعاينة كافياً وسائغاً، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه فإنه لما كان الطاعن المذكور لا يدعي أن المحكمة قد منعت الدفاع عنه من مباشرة حقه، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أما محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على جلسات المحاكمة أن الضابطين...... و....... وإن كانا قد قررا حال إجابتهما، على بعض الأسئلة التي وجهتها إليهما المحكمة أنهما لا يذكران شيئاً لمرور ثلاث سنوات على حصول الواقعة، فكان أن سكت الطاعن الثالث والمدافع عنه عن أن يوجها لهما ما يعن لهما من وجوه الاستجواب ومضت المرافعة دون تلوى على شيء يتصل بقالة الشاهدين ينسيان ما دارت حوله بعض الأسئلة، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهدين المذكورين في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعن الثالث منعاه بأن الشاهدين المذكورين قررا بالجلسة بعدم تذكرهما بعض الوقائع ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث من بطلان أقوالهما في التحقيقات لصدورها تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي الواقع عليهما بقسم الشرطة ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفاع عن المتهم...... (الطاعن الثالث) و..... (الطاعن الثاني) بأنهما تعرضا لتعذيب وإكراه بقسم المنتزه وأن أقوالهما بالتحقيقات أمليت عليهما فإن هذا الدفاع ولا سند له يظاهره تلتفت عنه المحكمة خاصة وقد جاء التقرير الطبي الشرعي للمتهم...... يفيد أنه لم يبين بعموم جسمه أية آثار لإصابات". لما كان ذلك، كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل من أقوال المتهم..... أن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل كمية من السجائر من شاطئ ميامي، وكان ما حصله الحكم من ذلك - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن - يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات وهو ما لا يمارى فيه الطاعن الثاني - ثم عاد الحكم في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني واستخلص أن هذا الاتفاق كان لنقل المخدرات استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها، فإن هذا حسبه، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في غير محله. أما ما يثيره الطاعن الثالث بشأن خطأ الحكم فيما نسبه إلى الشاهد..... من أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم..... قد اشتهر باسم..... في حين أن الثابت بهذا المحضر وتلك الأقوال أن اسم الشهرة يخص متهم آخر فمردود بأنه من قبيل الخطأ المادي البحت وأنه - بفرض صحته - لم يكن له أثر في قيام الجريمة التي دانه بها. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن المذكور في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين ويكون ما ينعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء هذا العلم لديهما ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفاع من المتهمين...... (الطاعن الثالث) و..... (الطاعن الأول) بانتفاء العلم لديهما بأن المواد المزمع نقلها مخدرات وإنما كانا يعلمان فقط بأنهما كمية من السجائر، ولما كانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ما جاء بمحضر التحريات وما قرره شهود الإثبات بأن المتهمين كانا يعلمان بأن المواد التي تم جلبها من الخارج إنما كانت شحنة من المخدرات وأن هذين المتهمين تداخلا بأفعالهما لتسهيل نقل تلك المخدرات لإتمام عملية الجلب فضلاً عن أن المتهمين أقرا لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة عند مواجهتها بها عقب الضبط وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى توافر القصد الجنائي لدى المتهمين". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنين بحقيقة الجواهر المضبوطة كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقهما توافراً فعلياً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت أنه بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت جريمتا جلب الجواهر المخدرة وتهريبها اللتان دين الطاعنون بهما قد نشأتا عن فعل واحد كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركي أصلية أم تكميلية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الجلب العقوبة التكميلية المقررة لجريمة التهريب الجمركي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة التعويض الجمركي، وإذ انتهت المحكمة - محكمة النقض - إلى ما تقدم، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان بقالة أنه أغفل بيان صفة مصدر طلب مصلحة الجمارك بإقامة الدعوى الجنائية يكون لا محل له. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. فيما عدا ما تقدم من تصحيح الحكم المطعون فيه بشأن ما قضى من عقوبة التعويض الجمركي.

الطعن 4408 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 154 ص 950

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.

--------------

(154)
الطعن رقم 4408 لسنة 59 القضائية

(1) نقض. "التقرير بالطعن". إيداع الأسباب".
التقرير بالطعن. مناط اتصال المحكمة به. إيداع الأسباب في الميعاد. شرط لقبوله. التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". قضاة "صلاحيتهم للحكم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نظر القاضي المعارضة التي رفعت من المتهم في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً ورفضها. لا يمنعه من الحكم عليه في الدعوى ذاتها. أساس ذلك؟
(3) ضرب "أفضى إلى موت". مسئولية جنائية. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم أن وفاة المجني عليه حدثت من إصاباته التي أحدثها الطاعن وآخر. وأن كلاً منهما أسهم في إحداث الوفاة. يصح معه مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي إلى الموت. وفي إثبات علاقة السببية بين فعلته والنتيجة.
(4) ضرب "أفضى إلى موت". إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير أراء الخبراء والمفاضلة بينها. موضوعي.
عدم التزام محكمة الموضوع باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دام أن الواقعة وضحت لديها.
القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى. قرار تحضيري. لا تتولد عنه حقوق الخصوم.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى. ما دام له أصل فيها.

--------------
1 - لما كان الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن مجرد نظر القاضي المعارضة التي رفعت من المتهم في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً ورفضها ليس من شأنه أن يمنعه من الحكم عليه بعد ذلك في الدعوى ذاتها، إذ أن الفصل في المعارضة لا يلزم له بمقتضى القانون من القاضي والتحقيق في مرحلته الأولى الرأي المستقر الذي يتحرج معه إذا ما رأى العدول عنه بعد استكمال الدعوى، وهي في دور المحاكمة تقدير كل عناصرها إثباتاً ونفياً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وحصل مؤدى أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعن والمتهم الآخر ضربا المجني عليه بالعصي والأيدي، خلص إلى إدانته استناداً إلى ما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة الإصابات جميعها. وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما استخلصه الحكم من ذلك له أصله الثابت بتقرير الصفة التشريحية إذ تبين من مطالعته أنه بعد أن أشار إلى إصابات المجني عليه بالرأس والعنق والظهر والصدر والطرفين العلويين والسفليين انتهى إلى أن هذه الإصابات رضية تحدث من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة كعصا أو ما شابه وأنها لنوعيتها وتعددها ومواضعها تحدث من مثل التعدي عليه بالضرب وأن الوفاة إصابية ناشئة عن هذه الإصابات الرضية ومضاعفاتها من تقيحات وامتصاص توكسيمي عفن وإذ كان ذلك، وكان مفاد ما أوره الحكم - على نحو ما تقدم - أن وفاة المجني عليه نشأت من إصاباته الرضية مجتمعة التي أوقعها به الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأن كلاً منهما ضربه على الأقل ضربة ساهمت في إحداث الوفاة فإن ما انتهى إليه من مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي إلى الموت يكون قد أصاب محجة الصواب في تقدير مسئوليته، وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه إنما كانت بسبب الإصابات الرضية التي حدثت به نتيجة اعتداء الطاعن والمحكوم عليه الآخر عليه بالضرب بالعصي والأيدي، وكان ما أوردته في حكمها ما يبرر إطراحها - في حدود سلطتها التقديرية - للتقرير الطبي الاستشاري المقدم من الطاعن، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، ولا جناح عليها إذا أصدرت قراراً باستدعاء الطبيب الشرعي ثم عدلت عن قرارها لما هو مقرر من أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، كما أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم تحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا عمداً مع سبق الإصرار.... بالأيدي وعصي الخيزران فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلي موته. وأحالتهما إلي محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 39/ ثانياً فقرة (1)، 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وإيداع أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، قد ران عليه البطلان وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد فضلاً عما شابه من إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق له أن نظر معارضة الطاعن في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً وقرر استمرار حبسه مما يعد مانعاً له من نظر الدعوى بعد ذلك والحكم فيها. كما أن الحكم حين أورد الأدلة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن نفى قيام سبق الإصرار لديه ولدى المتهم الآخر كما نفى اتفاقهما على ضرب المجني عليه، وكان مقتضى ذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي قارفها الطاعن مستقلاً عن غيره وأن يدلل على قيام رابطة السببية بين فعل الطاعن وبين وفاة المجني عليه إلا أن الحكم دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مستنداً في ذلك إلى ما أورده تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة إصاباته جميعها وهو ما خلا منه التقرير المذكور. هذا إلى أن الحكم أطرح التقرير الطبي الاستشاري رغم أن تقرير وكيل وزارة العدل لشئون الطب الشرعي جاء مؤيداً له. كما أن المدافع عن الطاعن أصر في دفاعه على مناقشة كبير الأطباء الشرعيين في أمر الحالة المرضية التي أصابت المجني عليه بالرئتين والقلب والتي كانت سابقة على حصول الاعتداء واستجابت المحكمة بهيئة سابقة لطلب الدفاع وأجلت الدعوى لهذا السبب أكثر من مرة إلا أن الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ضربت صفحاً عن هذا الطلب ولم تعن بتحقيقه. ثم إن المحكمة سبق أن رأت ضرورة سماع شهادة الطبيبة الشرعية واضعة التقرير، وإذ تبين لها سفرها إلى الخارج قررت المحكمة سماع شهادة أحد الأطباء الشرعيين وأجلت نظر الدعوى لحضوره بيد أنها عدلت عن قرارها ومضت في نظر موضوع الدعوى دون بيان علة ذلك. وفوق ما تقدم فإن الحكم قد عول في قضائه على أقوال شهود الإثبات والمتهمين مع ما شابها من تناقض في شأن من وقع منه الاعتداء ومحاولة إسعاف المجني عليه وعلى الرغم من أن أقوال بعضهم تؤكد عدم وقوع اعتداء من الطاعن على المجني عليه، كما أنه لم يورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ولم يبين موضعها من الأوراق، وأخيراً فقد اعتمد الحكم في توافر ظرف سبق الإصرار على مجرد أفعال الاعتداء، وكل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال الطاعنين في التحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد نظر القاضي المعارضة التي رفعت من المتهم في الأمر الصادر بحبسه احتياطياً ورفضها ليس من شأنه أن يمنعه من الحكم عليه بعد ذلك في الدعوى ذاتها، إذ أن الفصل في المعارضة لا يلزم له بمقتضى القانون من القاضي والتحقيق في مرحلته الأولى الرأي المستقر الذي يتحرج معه إذا ما رأى العدول عنه بعد استكمال الدعوى، وهي في دور المحاكمة تقدير كل عناصرها إثباتاً ونفياً. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى البطلان لهذا السبب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وحصل مؤدى أقوال شهود الإثبات بما مفاده أن الطاعن والمتهم الآخر ضربا المجني عليه بالعصي والأيدي خلص إلى إدانته استناداً إلى ما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة الإصابات جميعها. وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما استخلصه الحكم من ذلك له أصله الثابت بتقرير الصفة التشريحية إذ تبين من مطالعته أنه بعد أن أشار إلى إصابات المجني عليه بالرأس والعنق والظهر والصدر والطرفين العلويين والسفليين انتهى إلى أن هذه الإصابات رضية تحدث من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة كعصا أو ما شابه وأنها لنوعيتها وتعددها ومواضعها تحدث من مثل التعدي عليه بالضرب وأن الوفاة إصابية ناشئة عن هذه الإصابات الرضية ومضاعفاتها من تقيحات وامتصاص توكسيمي عفن. وإذ كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم - على نحو ما تقدم - أن وفاة المجني عليه نشأت من إصاباته المرضية مجتمعة التي أوقعها به الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأن كلاً منهما ضربه على الأقل ضربة ساهمت في إحداث الوفاة فإن ما انتهى إليه من مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي إلى الموت يكون قد أصاب محجة الصواب في تقدير مسئوليته، وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه، ويضحى منعى الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد والفساد في الاستدلال على غير سند. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه إنما كانت بسبب الإصابات الرضية التي حدثت به نتيجة اعتداء الطاعن والمحكوم عليه الآخر عليه بالضرب بالعصي والأيدي، وكان ما أوردته في حكمها ما يبرر إطراحها - في حدود سلطتها التقديرية - للتقرير الطبي الاستشاري المقدم من الطاعن، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، ولا جناح عليها إذا أصدرت قراراً باستدعاء الطبيب الشرعي ثم عدلت عن قرراها لما هو مقرر من أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، كما أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. أما ما يثيره الطاعن من عدم بيان الحكم مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه وموضعها من الأوراق فمردود في شقه الأول بما أورده الحكم من بيان لما عول عليه من أقوال شهود الإثبات وما أورده تقرير الصفة التشريحية على نحو يستقيم به قضاؤه، وفي شقه الثاني بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم تحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الحكم قد نفى قيام سبق الإصرار لدى الطاعن - خلافاً لما يدعيه - فإن ما يثيره الطاعن بمقولة إن الحكم قد اعتمد في توافر ظرف سبق الإصرار لديه على مجرد أفعال الاعتداء لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3788 لسنة 59 ق جلسة 7 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 185 ص 1149

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل ومحمد حسين مصطفى.

-------------

(185)
الطعن رقم 3788 لسنة 59 القضائية

(1) جمارك. تهريب جمركي.
التهريب الحكمي في مفهوم المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 1963 المعدلة؟
(2) جمارك. تهريب جمركي.
متى يعد حائز البضائع الأجنبية. حسن النية. وفق حكم المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون 75 لسنة 1980؟
(3) قرارات وزارية. لوائح تنفيذية. قانون "التفويض التشريعي".
حق السلطة التنفيذية تولي أعمال تشريعية بإصدار اللوائح التنفيذية. أساس وحد ذلك؟
(4) قانون "التفويض التشريعي". دستور. قرارات وزارية. تهريب جمركي. جمارك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تغليب نص القانون عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحته. واجب.
تضمين نص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون 75 لسنة 80 شروطاً على بيانات الفواتير. يتعارض مع إطلاق نص المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 63 المعدل. مؤدى ذلك؟
المستندات المؤيدة لسداد الضرائب الجمركية. لم يشترط فيها الشارع إلا أن تكون دالة على السداد. تقدير ذلك لقاضي الموضوع دون التزام برأي لسواه. ولو كان وارداً في اللائحة التنفيذية للقانون.

----------------
1 - إن الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص على أنه "ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة".
2 - إن المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 105 لسنة 1980 تنص على أنه "يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير مستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وأقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات".
3 - من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية طبقاً للمبادئ الدستورية المقررة أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون.
4 - يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بينه وبين النص الوارد في القانون وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 سالفة الذكر على وضع شروط على الفواتير بأن يثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وإقرار من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات يتعارض مع إطلاق نص الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 من أية شروط في شأن المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية، إلا أن تكون دالة على ذلك السداد، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع - ما دام سائغاً كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وذلك دون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وارداً في القرار الوزاري المعني. لما كان ذلك، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط هذا الصدد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه. حاز بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون سداد الرسوم الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ 10642.020 جنيهاً على سبيل التعويض ومحكمة جنح جرجا قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ثانياً: برفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحقوق المدنية بالمصروفات. استأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة حيازة بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون سداد الضرائب الجمركية، ورفض الدعوى المدنية قبله قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في قضائه على ما قدمه المطعون ضده من مستندات رغم عدم توافر الشروط المنصوص عليها في المادة الثامنة من قرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1980 فيها، وأن القصور القائم بتلك المستندات في بعض بياناتها يدل على قيام قصد التهرب لدى المطعون ضده من سداد الضرائب كما أن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن على الطاعن بصفته الرجوع على المستورد بصدد ما شاب الفواتير من نقص رغم أن المطعون ضده هو المكلف بنفي الاتهام - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه حاز بضائع أجنبية مهربة بقصد الاتجار دون الاحتفاظ بفواتير تفيد سداد الضرائب، وطلبت معاقبته بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 وقرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1980، ومحكمة أول درجة قضت بحكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله، وبعد أن أورد الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى عرض إلى واقعة الضبط بقوله "وبسؤال المتهم عن مستنداتها قدم أربع عشرة فاتورة طويت كلها على أن البضائع خالصة الرسوم الجمركية، وبيد أن محرر المحضر رأى أنها غير قانونية، وبعرض الأوراق على لجنة الفحص رأت أن هناك عشر فواتير منها غير مستوفاة للشروط القانونية، وأن هناك ثلاث فواتير مستوفاة بمراجعة بيانات اثنتين منها مع جمارك الإسكندرية تبين وجود خطأ في تاريخ اليوم أما الفاتورة الأخرى تبين أنها لنوعية بضائع غير المثبتة بها، أما الفاتورة الأخيرة فهي فاتورة قانونية ومستوفاة لشروطها. ثم أسس الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله على قوله "وباستعراض وقائع الاتهام موضوع الدعوى نجد أن المتهم تقدم بمستندات عن البضائع المضبوطة ثابت بها أن هذه البضائع خالصة الرسوم الجمركية، ولم يثبت أن هذه المستندات مزورة أو مصطنعة ومن ثم فإن المتهم بذلك أنكر علمه المفترض بتهريب هذه البضائع وأثبت عكسه، أما القول بأن بعض هذه الفواتير غير مستوفاة لبعض البيانات دون تحديدها وأن بعضها الآخر به بعض الخطأ في البيانات بشأن التاريخ ونوعية البضائع بين بيانات القسيمة الجمركية وتلك المحفوظة بجمارك الإسكندرية فإن ذلك لا يقيم الجريمة في حق المتهم ما دام أن القصد الجنائي والعلم المفترض لا يقوم قبله إلا بعدم تقديم مستندات دالة على سداد الرسوم الجمركية أو تقديمه مستندات مزورة أو مصطنعة، أما وقد قدم هذه المستندات ولم ينسب له أحد أنها مزورة أو مصطنعة فإن وجود قصور في بيانات بعض المستندات أو خطأ بين بيانات القسيمة الجمركية وتلك المحفوظة بالجمارك فإن ذلك أمر لا يد للمتهم فيه ولا يتعين قانوناً وعدالة محاسبته عليه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص على أنه "ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة".
وكانت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 105 لسنة 1980 تنص على أنه "يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير مستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وأقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات" لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية طبقاً للمبادئ الدستورية المقررة أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون. كما أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بينه وبين النص الوارد في القانون وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 سالفة الذكر على وضع شروط على الفواتير بأن يثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وإقرار من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات يتعارض مع إطلاق نص الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 من أية شروط في شأن المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية، إلا أن تكون دالة على ذلك السداد، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع ما دام سائغاً - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وذلك دون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وارداً في القرار الوزاري المعني. لما كان ذلك، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط هذا الصدد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من رده على قصور بيانات بعض الفواتير المقدمة من المطعون ضده - من عدمه مسئولية الأخير عن ذلك وأن للطاعن بصفته الرجوع على المستورد الذي حررها فهو ليس إلا تزيداً لم يكن الحكم في حاجة إليه بعد أن أقام قضاءه على أسباب كافية بذاتها لحمله. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات المدنية.

الطعن 14486 لسنة 59 ق جلسة 7 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 186 ص 1158

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وصلاح البرجي نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد طلعت الرفاعي.

---------------

(186)
الطعن رقم 14486 لسنة 59 القضائية

(1) ضرب "ضرب أحدث عاهة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير وقوع الجريمة". جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام" "خبرة".
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 عقوبات. تعريفها؟
تقدير قيام العاهة من واقعات الدعوى. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". رابطة السببية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية. استقلال قاضي الموضوع بتقدير توافرها.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية في جريمة ضرب أحدث عاهة.
(3) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". ضرب "ضرب بسيط". "ضرب أحدث عاهة".
إدانة الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة. ومعاقبته بالعقوبة المقررة للضرب البسيط. انتفاء مصلحته في المجادلة في شأن توافر قيام العاهة.
(4) إثبات "بوجه عام". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين المجني عليه والمتهم. قول جديد. حق محكمة الموضوع في الأخذ به أو إطراحه. أساس ذلك؟
(5) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
بيان الحكم العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. عدم بيانه عناصر الضرر عند قضائه بالتعويض. لا خطأ.

--------------
1 - لما كان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب.
2 - لما كان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هو فتق بيسار البطن - ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذه الضربة بالمطواة لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
4 - إن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه، يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن - بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض، ولا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: ضرب عمداً.... بمطواة قرن غزال في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فتق بيسار البطن تقدر نسبتها بحوالي 15%. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم 6 الملحق به مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليه وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ أربعة آلاف جنيه مصري على سبيل التعويض المدني.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشة فيما إذا كان جرح طوله 2 سم يحتاج لشق جراحي طوله 22 سم أم لا، وهل يتخلف بالمجني عليه من جراء إصابته - التي لم تستقر - عاهة من عدمه، وردت عليه رداً غير كاف، ودانه الحكم بجريمة إحداث عاهة مستديمة رغم أن العاهة تخلفت عن تدخل الطبيب المعالج تدخلاً ينطوي على خطأ مهني جسيم يقطع رابطة السببية بين فعل الطاعن - الذي لم يكن يستدعي تدخلاً جراحياً والعاهة وإطراح الحكم محضر الصلح المحرر بين الطرفين - رغم إلزامه لهما - وقضى في الدعوى المدنية دون أن يناقش أركانها، كما لم يبين نوع التعويض وعناصره وأساسه وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه متى كان الثابت من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ..... أنه قد تم توقيع الكشف الطبي على المجني عليه بتاريخ....... وخلص في نتيجته إلى أنه قد تخلف لدى المجني عليه عاهة مستديمة، فتق بيسار البطن يتعذر تحديد نسبته الآن نظراً لما قد يطرأ من مضاعفات كالتصاقات أو انسداد معوي أو غرغرينا ولكن استقرت بوضعها الراهن، تقدر بنسبة 15% فإن مفاد ذلك أن تقدير النسبة وقت الكشف لا يحتمل معه أن تقل مستقبلاً بل على العكس من ذلك فإن الاحتمال زيادتها إذا ما طرأ على الحالة مضاعفات كالمنصوص عليها في نتيجته، ومن ثم فإن المحكمة لا ترى وجهاً والحال كذلك مناقشة الطبيب فيما جاء بتقريره على نحو ما أوضح وإعادة الكشف على المجني عليه لعدم احتمال نقض العاهة المقررة مستقبلاً" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب. ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن - من أن حالة المجني عليه لما تصبح نهائية ومن عدم تقدير مدى عاهته - بصفة نهائية - ما دام أن ما انتهى إليه الحكم من ذلك إنما يستند إلى الرأي الفني الذي قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أنه قد نشأت لدى المجني عليه من جراء اعتداء المتهم عليه عاهة مستديمة، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله - لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هو فتق بيسار البطن - ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذه الضربة بالمطواة لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. وفضلاً عن ذلك فإنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمحضر الصلح وأطرحه بقوله "وحيث إنه فضلاً عن عدم حجية صورة محضر الصلح المقدمة فهي مجحودة من المجني عليه ولم يرد اسمه في صلب المحضر ولا دلالة على مجرد توقيع منسوب إليه عليها لا يعتبر بذاته إقراراً أو شهادة ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذه الورقة وما أثبت فيها". وكان ما أورده الحكم سائغاً وكافياً لطرح دلالة صورة محضر الصلح المقدم لما هو مقرر من أن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه، يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن - بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض، ولا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 14490 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 187 ص 1166

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

---------------

(187)
الطعن رقم 14490 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "خبرة".
إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. غير لازم.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد اطمأنت إليها.
تناقض الشاهد. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(3) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
(4) دفوع "الدفع باستحالة الرؤية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام. موضوعي. الرد عليه صراحة غير لازم. استفادة الرد عليه ضمناً من القضاء بالإدانة.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن". أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". عقوبة "العقوبة المبررة".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد علي دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على المحكمة قعودها عن مناقشة الطبيب الشرعي بشأن الإصابة التي تخلف عنها عاهة. ما دامت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود عقوبة الضرب البسيط.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهد مدرج في قائمة الشهود. مفاده إطراحها لها.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها. إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
(8) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". صلح.
الصلح بين المتهم والمجني عليه. قول جديد. تقديره. موضوعي.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الطاعن أو المدافع عنه. لا يصح أن يبني عليه طعنه. ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.

---------------
1 - من المقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
2 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد - في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض بين أقوال الشاهد - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم تواجده بمكان الحادث وأنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
4 - من المقرر أن الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
5 - لما كان الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب مناقشة الطبيب الشرعي أو يوجه أي اعتراض على تقريره وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي للأسانيد الفنية التي بني عليها وأوردها الحكم في مدوناته فلا يجوز للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها إلى تقرير الخبير، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل في حدود عقوبة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، فإن في عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهد مدرج في قائمة الشهود ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها.
7 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليها والمتهم - بفرض حصوله - في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح
9 - من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعنه ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بأداة "عصا" على يدها اليمنى فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي الإعاقات الموصوفة بمفصل الرسغ الأيمن وتقدر العاهة بنحو 10% عشرة في المائة. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما هو منسوب إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة ولم يورد مضمون التقرير الطبي الشرعي واكتفى بإيراد نتيجته، وعول في قضائه على أقوال المجني عليها على الرغم من تعدد روايتها وتناقض أقوالها وأغفل الحكم دفاعه القائم على عدم تواجده بمكان الحادث وارتكابه من شخص آخر وبعدم إمكانية ارتكابه لسبق إصابته في ساعده وأعرض عما تمسك به الدفاع من استحالة الرؤية في مكان الحادث عند وقوعه فضلاًً عن أن التقرير الطبي الشرعي جاء قاصراً في البيان ولم يستند إلى أصول فنية علمية ثابتة وكان يتعين على المحكمة استدعاء أهل الخبرة للتعرف على حقيقة إصابة المجني عليها، كما لم يعرض الحكم لأقوال شاهد الإثبات مدرج بقائمة الشهود وكذا محضر التحريات وأغفل محضر الصلح المقدم وصادرت المحكمة حقه في الدفاع عند طلبه منها إتاحة الفرصة له لبيان موطن براءة موكله وذلك في ما له عدم الأخذ بمحضر الصلح المقدم منه وبراءة الطاعن مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليها والتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل التقرير الطبي الشرعي في قوله "وثبت من التقرير الطبي الشرعي إصابة المجني عليها بساعدها الأيمن تحدث من الضرب بجسم صلب راض أياً كان نوعه "كالعصا" وأنه قد تخلف لديها من جراء هذه الإصابة إعاقة في نهاية حركات الرسغ الأيمن من تقريب وتبعيد وثني ووضع مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوالي عشرة في المائة 10%" فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك وكان الطاعن لا ينازع في أن المجني عليها أسندت إليه بالتحقيقات - إحداث إصابتها التي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض بين أقوال الشاهد - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم تواجده بمكان الحادث وأنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن عدم إمكانية ارتكاب الحادث لسبق إصابته في ساعده، فإنه لا يسوغ أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك وكان الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعن من ذلك يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب مناقشة الطبيب الشرعي أو يوجه أي اعتراض على تقريره وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي للأسانيد الفنية التي بني عليها وأوردها الحكم في مدوناته فلا يجوز للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها إلى تقرير الخبير، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل في حدود عقوبة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها فإن في عدم تعرض المحكمة لأقوال شاهد مدرج في قائمة الشهود ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فلا يعيب الحكم إغفاله لتحريات الشرطة فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليها والمتهم - بفرض حصوله - في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو أن تكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها تؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع مع الطاعن ترافع في الدعوى واختتم مرافعته ملتمساً براءة المتهم ورفض الدعوى ولا يبين منه أنه قدم محضر صلح أو طلب ما أثاره في وجه الطعن من طلبه إتاحة الفرصة لبيان موطن براءة موكله وذلك في حالة عدم الأخذ بمحضر الصلح المقدم منه وبراءة الطاعن وكان من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبني عليه طعنه ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 16059 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 188 ص 1177

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

----------------

(188)
الطعن رقم 16059 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إجراءات التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراءات التفتيش لوقوعه على أنثى على مرأى من مأموري الضبط القضائي. دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
وجوب إبداء الدفع في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
(2) تقليد. ترويج عملة مقلدة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" عملة.
مثال لاستدلال سائغ على توافر قصد ترويج عملة والعلم بتقليدها.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟

---------------
1 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إجراء تفتيشها بدعوى أنها جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع والتي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنة قد ضمن مرافعته قوله إنه لا يجوز أن تفتش المرأة أمام ضابط الواقعة، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح الذي أوردته الطاعنة بأسباب طعنها، والذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا إلى أن مدونات الحكم لا تحمل مقوماته بل حملت ما يدحضه ويجعله دفعاً ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون لا محل له، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنة بتقليد العملة المضبوطة معها وقصدها ترويجها في قوله أنها "كانت تعلم بتقليد الأوراق المالية المضبوطة بدليل حرصها على إخفائها والإسراع بالتقاطها قبل أن تمتد إليها يد الضابط وعلمها هذا كاف لتوافر قصد الترويج في حقها يؤكد ذلك ما ورد على لسان شهود الواقعة من سبق ضبط زوجها المتهم الأول في عدة قضايا مماثلة وأنها بحكم المخالطة والمعاشرة لا بد وأن تعلم بما يمارسه زوجها من نشاطات" كما أثبت الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده مضمون أقوال الضباط شهود الإثبات أن الطاعنة كان تحوز الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها، وأنها تعلم بأن تلك الأوراق مقلدة. وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازتها العملة المضبوطة، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر "قضي ببراءته" بأنهما حازا بقصد الترويح الورقات المالية المقلدة من فئة العشرة جنيهات مصرية مع علمها بأمر تقليدها. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 202/ 1، 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمصادرة الأوراق المالية المقلدة المضبوطة.
فطعن الأستاذ...... نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان إجراءات تفتيشها إذ جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، كما دفعت بانتفاء قصد الترويج لديها، فأطرح الحكم كلا الدفعين بما لا يسوغ إطراحه واستظهر علم الطاعنة بتقليد العملة الورقية بما لا يسوغ توافر هذا العلم في حقها فضلاً عن تناقض ما أورده - في هذا الشأن - مع ما أقام عليه قضاءه ببراءة المتهم الثاني، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولم تجادل الطاعنة في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إجراء تفتيشها بدعوى أنها جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع والتي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنة قد ضمن مرافعته قوله أنه لا يجوز أن تفتش المرأة أمام ضابط الواقعة، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح الذي أوردته الطاعنة بأسباب طعنها، والذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا إلى أن مدونات الحكم لا تحمل مقوماته بل حملت ما يدحضه ويجعله دفعاً ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون لا محل له، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنة بتقليد العملة المضبوطة معها وقصدها ترويجها في قوله أنها "كانت تعلم بتقليد الأوراق المالية المضبوطة بدليل حرصها على إخفائها والإسراع بالتقاطها قبل أن تمتد إليها يد الضابط وعلمها هذا كاف لتوافر قصد الترويج في حقها يؤكد ذلك ما ورد على لسان شهود الواقعة من سبق ضبط زوجها المتهم الأول في عدة قضايا مماثلة وأنها بحكم المخالطة والمعاشرة لا بد وأن تعلم بما يمارسه زوجها من نشاطات". كما أثبت الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده مضمون أقوال الضباط شهود الإثبات أن الطاعنة كانت تحوز الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها، وأنها تعلم بأن تلك الأوراق مقلدة. وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازتها العملة المضبوطة، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة كما أنه لا يتناقض مع ما أقام الحكم عليه قضاءه ببراءة المتهم الأول ضمن ما أقام عليه هذا القضاء - من أن التحريات خلت من الإشارة إلى أن المتهم يقوم بتزوير الأوراق المالية وأن قصده ترويج تلك الأوراق وعلمه بتزويرها لم يقم عليه دليل، ذلك أنه من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما لم يتحقق في أسباب الحكم المطعون فيه، ومن ثم تنحسر عنه قالة التناقض في التسبيب، ويكون النعي عليه بدعوى الفساد في الاستدلال والتناقض في التسبيب في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 406 لسنة 41 ق جلسة 30 / 5 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 104 ص 424

جلسة 30 من مايو سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، وطه الصديق دنانة، وعبد الحميد الشربيني.

-------------

(104)
الطعن رقم 406 لسنة 41 القضائية

جريمة. "الجريمة المستمرة" محل عام. غلق. استئناف. "نظره والحكم فيه." نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ فى تطبيق القانون". حكم ." تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة.
جريمة إدارة محل عام سبق غلقه. جريمة مستمرة.
محاكمة الجاني عن الجريمة المستمرة. تشمل جميع الأفعال والحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. وجوب القضاء بعقوبة واحدة عنها.

----------------
من المقرر أن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هي من الجرائم المستمرة التي يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجاني تدخلاً متتابعاً متجدد، ولما كانت محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. وكان الثابت أن المحل العام الذى دين المطعون ضده - فى كل من القضايا المشار إليها - بإدارته على الرغم من سبق غلقه هو محل واحد، وأن الدعاوى المشار إليها لم يكن قد صدر فيها حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع عنها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى معا وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة. أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون(1).


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضايا الجنح أرقام 713 و859 و802 و863 سنة 1969 و35 و79 و75 و104 سنة 1970 جنح مصر الجديدة بأنه في أيام 25/ 8 و15/ 9 و27/ 9 و9/ 10 و13/ 11 و26/ 11 و8/ 12 و22/ 12/ 1969 بدائرة قسم مصر الجديدة: أدار محلا عاما مبينا بالمحضر على الرغم من سبق غلقه. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و20 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 359 لسنة 1956 والجدول المرافق. ومحكمة البلدية الجزئية قضت غيابى، عملا بمادتى الاتهام بتغريم المتهم فى كل قضية عشرة جنيهات وإعادة الغلق. فاستأنف المحكوم عليه هذه الأحكام. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 11/ 6/ 1970 بقبول الاستئنافات شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الأحكام المستأنفة. فطعنت النيابة العامة فى هذه الأحكام بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة أن الأحكام المطعون فيه، إذ قضت بتأييد الأحكام الصادرة بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق عن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه فى كل من الأحكام المطعون فيها قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن جريمة إدارة محل عام سبق غلقه جريمة مستمرة يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجانى تدخلا متتابعا متجدد، وإذ كانت محاكمة المطعون ضده عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وصدور حكم بات فيه، وما دام لم يكن قد صدر حكم بات فى أى من تلك القضايا بل نظر الاستئناف فيها جميعها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد فكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى لتصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على أوراق الطعن والمفردات المضمومة إليها أن الدعوى رفعت على المطعون ضده فى القضايا أرقام 3357 و3759 و3763 و3764 و3769 و3771 و3775 و3778 سنة 1970 جنح مستأنفة وسط القاهرة (التى كانت مقيدة حسب ترتيبها أرقام 32 سنة 1970 و712 و859 و802 و863 سنة 1969 و79 و75 و104 سنة 1970 جنح مصر الجديدة) لأنه فى أيام 25/ 8 و15/ 9 و27/ 9 و9/ 10 و13/ 11 و26/ 11 و8/ 12 و22/ 12/ 1969 بدائرة مصر الجديدة أدار محلا عاما مبينا بالمحضر على الرغم من سبق غلقه، وقضت محكمة أول درجة غيابيا فى كل منها بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق، فاستأنف وقضى كل منها غيابيا فى 11/ 6/ 1970 بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحل العام الذى دين المطعون ضده - فى كل من القضايا المشار إليها - بإدارته على الرغم من سبق غلقه هو محل واحد (محل شطف زجاج بشارع تحتمس كامل رقم 8)، وكانت جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هى من الجرائم المستمرة التى يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها تدخل إرادة الجانى تخلا متتابعا متجدد، وكانت محاكمة الجانى عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها. ولما كان الثابت أن الدعاوى المشار إليها لم يكن قد صدر فيها بعد حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع فيها أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد، فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى معا وأن تصدر فيها حكما واحدا بعقوبة واحدة، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الأحكام المطعون فيها موضوع هذا الطعن نقضا جزئيا وتصحيحها بضم قضاياها وجعل الغرامة المحكوم بها عشرة جنيهات عنها جميع، وذلك بالإضافة إلى عقوبة إعادة الغلق المقضى بها.


(1) راجع نقض جنائى السنة 17 صـ 207، صـ 1094 والطعنان رقما 394 لسنة 40 ق جلسة 6/ 6/ 1971 و163 لسنة 41 ق جلسة 3/ 10/ 1971.