جلسة 14 من إبريل سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.
-----------------
(106)
القضية رقم 444 لسنة 9 القضائية
(أ) موظف "إعانة غلاء معيشة". عامل مؤقت. قرار مجلس الوزراء في 29/ 10/ 1952
- تحديد الأجر القانوني الذي يمنح للعامل المؤقت المعين في وظيفة غير واردة في كشوف كادر العمال على أساسه - إعانة غلاء معيشة، طبقاً لهذا القرار - هو الأجر الذي يمنح له في اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه في وظيفته.
(ب) موظف "إعانة غلاء معيشة". عامل مؤقت "إعانة غلاء معيشة". قرار مجلس الوزراء في 29/ 10/ 1952
- وضع المشرع فيه معياراً ثابتاً للأساس الذي تمنح على مقتضاه إعانة غلاء المعيشة بالنسبة للعمال المؤقتين، بما لا يسمح بتعديل هذا الأساس بعد ذلك عند النقل أو الترقية من مهنة أو درجة إلى أخرى - هو الأجر القانوني الذي يمنح للعامل في اليوم التالي لمضي سنة.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1021 لسنة 49 القضائية، ضد وزارة الأشغال العمومية بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية، في 14 من يونيه سنة 1962، بناء على قرار صادر لصالحه في جلسة 2 من مايو سنة 1962، من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة، في طلب الإعفاء رقم 378 لسنة 9 القضائية، المقدم منه ضد وزارة الأشغال العمومية، وطلب في عريضة الدعوى "الحكم بأحقيته في إعانة غلاء المعيشة، طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 على أساس أجر يومي قدره 200 مليم، بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام الوزارة بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه، إنه عين بالوزارة المدعى عليها بتفتيش أبحاث الصرف والمياه الجوفية في وظيفة "ملاحظ تجارب" في 13 من ديسمبر سنة 1954، بأجر يومي قدره 200 مليم، خفض بعد مضي سنة من تعيينه إلى 120 مليماً في اليوم، ومنح إعانة غلاء المعيشة على أساس هذا الأجر، ولما كان أجر الوظيفة التي عين فيها مقدراً في كادر العمال بمبلغ 200 مليم في اليوم، فإنه يستحق إعانة غلاء المعيشة على أساس هذه القيمة، ولذا أقام دعواه مطالباً بهذه الإعانة. وقد أجاب تفتيش أبحاث الصرف والمياه الجوفية عن الدعوى، بأن المدعي عين بالتفتيش في وظيفة "عامل رصد" على اعتماد مؤقت، لعملية تنتهي خدمته بانتهائها، بأجر يومي شامل إعانة غلاء المعيشة قدره 200 مليم، وبعد مضي سنة عليه في الخدمة، حدد أجره اليومي بمبلغ 120 مليماً، ومنح إعانة الغلاء على أساس هذا الأجر بحسب حالته الاجتماعية، وقد رفع أجره في أول ديسمبر سنة 1959 إلى 160 مليماً في اليوم، ثم عدلت وظيفته إلى وظيفة "راصد مناسيب" في 10 من نوفمبر سنة 1961 ومنح أجراً يومياً قدره 200 مليم بخلاف إعانة الغلاء التي منحت له على أساس 160 مليماً، وانتهى التفتيش المذكور إلى أن المدعي حصل على جميع حقوقه كاملة وطلب الحكم برفض الدعوى، كما قدم صورة من كتابه الذي أرسله إلى ديوان الموظفين في 21 من أكتوبر سنة 1961، مستطلعاً رأيه، فيما اقترحه من تحديد لأجور العاملين في كل من مهنة "عامل رصد" و"راصد مناسب" و"ملاحظ رصد" وكذا صورة من رد ديوان الموظفين على هذه الاقتراحات. وبجلسة 12 من يناير سنة 1963، أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة على أجره القانوني، وقدره 140 مليماً، اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1955 إلى 10 من نوفمبر سنة 1961، بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وألزمت الحكومة المصروفات، وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها، على أن التفتيش الذي يعمل به المدعي، قد أرسل في 21 من أكتوبر سنة 1961 كتاباً إلى ديوان الموظفين، جاء فيه أن التفتيش جرى على إلحاق عمال باليومية المؤقتة به، لرصد مناسيب الآبار ومنح هؤلاء العمال أجوراً تتفاوت على حسب طبيعة العمل ومدى أهميته، ولما كانت مهنة "راصد مناسيب" لم يرد لها ذكر بكادر العمال، فإن التفتيش يواجه صعوبة عند منح هؤلاء العمال إعانة غلاء المعيشة المقررة قانوناً للعمال المؤقتين، واقترح التفتيش تقسيم هذه المهنة إلى ثلاث فئات:
( أ ) "عامل رصد" وهي لا تحتاج إلى الإلمام بالقراءة والكتابة، والأجر المقترح لها هو 140 مليماً في اليوم، في درجة عامل عادي.
(ب) "راصد مناسيب" وهي تحتاج إلى الإلمام بالقراءة والكتابة، وبعض الخبرة، والأجر المقترح لها هو 160 مليماً في اليوم في درجة رئيس عمال.
(جـ) "ملاحظ رصد" وتحتاج إلى الإلمام بالقراءة والكتابة، وإلى خبرة متوسطة، والأجر المقترح لها هو 200 مليم في اليوم، في درجة صانع غير دقيق. وأضافت المحكمة أن ديوان الموظفين لم ير مانعاً من منح العاملين هذه الأجور وذلك في كتابه الذي أرسله إلى التفتيش في أول نوفمبر سنة 1961، ومن ثم فإن أجر المدعي في وظيفة "عامل رصد" يكون 140 مليماً في اليوم، ويستحق إعانة غلاء المعيشة طوال مدة عمله في هذه الوظيفة، على أساس هذا الأجر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن منح العامل المؤقت 140 مليماً في اليوم لا يكون إلا بعد أن يمضي في العمل أربع سنوات على الأقل، على أن يسمح الاعتماد المعين عليه بذلك، ولا إلزام على التفتيش بأن يمنح مثل هذا العامل أجراً يزيد على بداية الدرجة المحددة للعامل الدائم في كادر العمال وقدرها 120 مليماً في اليوم.
ومن حيث إن النزاع يثور في هذا الطعن حول تحديد أجر المدعي الذي تحسب على أساسه إعانة غلاء المعيشة له، اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1955.
ومن حيث إن المدعي عين في 13 من ديسمبر سنة 1954 "عامل رصد" ومنح عند تعيينه أجراً يومياً شاملاً إعانة غلاء المعيشة مقداره 200 مليم، وبعد مضي سنة عليه في الخدمة حدد أجره بمبلغ 120 مليماً في اليوم، ومنح إعانة الغلاء المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، الذي نظم منح هذه الإعانة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة بالميزانية، على أساس هذا الأجر.
ومن حيث إن وظيفة "عامل رصد" التي عين فيها المدعي، لم ترد ضمن المهن التي حددت أجورها بالجداول الملحقة بكادر العمال، ومن ثم فإن جهة الإدارة تترخص في تقدير أجر العاملين لديها في هذه الوظيفة، وذلك على حسب طبيعة العمل فيها، ومستوى الأجور السائدة بالنسبة لها، بمراعاة كفاية الاعتماد المالي المخصص لصرف هذه الأجور والتزام حدوده، ومن مقتضى ذلك أن تخضع الأجور التي تمنح لشاغلي تلك الوظيفة لهذه الاعتبارات، إلا إذا رأت جهة الإدارة، تحديد قيمة معينة للعاملين فيها - حسبما فعلت في سنة 1961 - ومن ثم يكون الأجر الممنوح للعامل المؤقت الذي يشغل إحدى هذه الوظائف، في اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه في وظيفته، هو الأجر القانوني الذي تحسب على أساسه إعانة غلاء المعيشة المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 المشار إليه، وهو ما فعلته الوزارة المدعى عليها في حق المدعي منذ استحقاقه إعانة الغلاء في 13 من ديسمبر سنة 1955 حتى 9 من نوفمبر سنة 1961.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم، فقد منح المدعي إعانة غلاء المعيشة، منذ أن عين في 13 من ديسمبر سنة 1954، إذ أنه منح أجراً شاملاً لإعانة الغلاء هذه مقداره 200 مليم في اليوم طوال السنة الأولى التي عين فيها، على خلاف أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، الذي قضى بصرف هذه الإعانة لمستحقيها اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة عليهم في الخدمة وبالمزيد على ما تقضي به هذه الأحكام، كما منح إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من 10 من نوفمبر سنة 1961 - تاريخ شغله وظيفة "راصد مناسيب" - على أساس 160 مليماً، على خلاف ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من أن المشرع قد وضع معياراً ثابتاً للأساس الذي تمنح على مقتضاه هذه الإعانة بالنسبة إلى العمال المؤقتين (وهو الأجر القانوني الذي يمنح للعامل اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة) بما لا يسمح بتعديل هذا الأساس بعد ذلك عند النقل أو الترقية من مهنة أو درجة إلى أخرى، ومن ثم فما كان بسائغ منح المدعي إعانة الغلاء على أساس أجر قدره 160 مليماً، ويكون المذكور قد حصل على أكثر مما يستحق من هذه الإعانة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، تكون مطالبة المدعي بالحكم باستحقاقه إعانة غلاء المعيشة على أساس أجر قدره 200 مليم في اليوم على غير أساس سليم من القانون، كما يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باستحقاق المذكور هذه الإعانة من 13 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من نوفمبر سنة 1961 على أساس أجر يومي قدره 140 مليماً قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق