الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 يناير 2024

الطلبان 127 لسنة 26 ق ، 26 لسنة 27 ق جلسة 29 / 11 / 1958 مكتب فني 9 ج 3 رجال قضاء ق 21 ص 643

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

--------------

(21)
الطلبان رقما 127 سنة 26، 26 سنة 27 ق (رجال القضاء)

(أ) قضاة. ترقية. 

سبق الاعتراض على تقرير تفتيش. رفضه. لا تجوز المجادلة فيه بعد ذلك.
(ب) قضاة. ترقية. 

عدم استقرار حالة الطالب على درجة "فوق المتوسط" بحصوله على تقريرين متواليين يشهدان له ببلوغها. تخطيه في الترقية. عدم انطواء القرارين المطعون فيهما على مخالفة للقانون أو إساءة لاستعمال السلطة.

---------------
1 - متى كان الطالب قد سبق له الاعتراض على تقرير تفتيش على أعماله تخطته الوزارة بسببه في الترقية وحكمت هذه المحكمة برفضه فلا يجوز له معاودة الجدل أو البحث بعد ذلك في هذا التقرير.
2 - متى تبين أن الطالب - وهو وكيل محكمة - إلى تاريخ صدور القرارين الجمهوريين المطعون عليهما - اللذين أغفلا ترقيته - لم يتوافر له ما استلزمه مجلس القضاء الأعلى من استقرار حالته على درجة "فوق المتوسط" بحصوله على تقريرين متواليين يشهدان له ببلوغه هذه الدرجة، وكان يبين من مقارنة حالته بحالة زملائه ممن تخطوه في الترقية أنه لا مخالفة في القرارين المذكورين للقوانين أو اللوائح ولا إساءة فيها لاستعمال السلطة، فإنه يكون على غير أساس طلبه إلغاءهما متعين رفضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن وقائع هذين الطلبين على ما يبين من تقريري الطعنين وسائر الأوراق تتلخص في أنه بتاريخ 31 من يوليو سنة 1956 صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية بالمحاكم رقي بمقتضاه اثنان وعشرون من وكلاء المحاكم ومن في درجتهم من رؤساء النيابة من زملاء الطالب اللاحقين له في ترتيب الأقدمية إلى درجة رئيس محكمة أو رئيس نيابة من الفئة الممتازة دونه، فطعن بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1956 في هذا القرار بالنقض طالباً إلغاءه فيما تضمنه من إغفال ترقيته من وظيفة وكيل محكمة إلى رئيس محكمة أو رئيس نيابة من الفئة الممتازة وإلغاء جميع ما يترتب على ذلك القرار من الآثار والحكم بأحقيته إلى إحدى هاتين الوظيفتين أو ما يماثلها على أن تكون أقدميته قبل الأستاذ ........ وإلغاء ما عسى أن يصدر مستقبلاً قبل الفصل في هذا الطعن من قرارات يكون من نتيجتها عدم ترقيته إلى الدرجة التي يستحقها مما يعلو وظيفة رئيس محكمة أو ما يماثلها أو المساس بأقدميته فيها مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقيد هذا الطلب تحت رقم 127 سنة 26 ق رجال القضاء وأسس طلبه هذا على مخالفة القرار المذكور للقوانين واللوائح وإساءة استعمال السلطة المبينة بالمادة 23 من القانون رقم 240 سنة 1955 بتعديل بعض نصوص القانون رقم 147 سنة 1949 إذ أنه لا يقل كفاءة عمن تخطوه في الترقية، وله تقريران بدرجة "فوق المتوسط" أولهما في شهر أغسطس سنة 1952 والثاني في 22/ 3/ 1954 وأنه وإن كان قد فتش على عمله بعد ذلك عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 وقدر في هذا التفتيش بدرجة "متوسط" فإن تقرير التفتيش المذكور باطل شكلاً وموضوعاً وقد طعن على القرارين الجمهوريين اللذين تخطياه في الترقية بسبب هذا التقرير في 10 من أغسطس سنة 1955، 30 من نوفمبر سنة 1955 بالطلبين رقمي 110 و175 سنة 25 ق رجال القضاء وأمر مجلس القضاء الأعلى نتيجة لاعتراضه على هذا التفتيش بإعادة التفتيش عليه فقام السيد/ الأستاذ ....... ........ بتفتيش عمله عن المدة من أكتوبر إلى ديسمبر سنة 1955 بمقتضى تقرير قدرت كفايته فيه بدرجة "متوسط" مما ترتب عليه أن تخطته الوزارة في الترقية في قرار 31 من يوليه سنة 1956 المطعون فيه ونعى على هذا التفتيش الأخير بأنه حصل بمعرفة الأستاذ ..... الذي سبق أن تخطى الطالب في الترقية في الحركة القضائية الصادرة بتاريخ 3 من يوليه سنة 1953 وأن اللجنة التي قدرت كفايته في تقرير التفتيش كانت تضم خمسة من أعضاء اللجنة التي قدرت كفايته في التقرير السابق الحاصل عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 كما نعى على التقرير بأنه تضمن بعض ملاحظات قضائية بعضها عن قضايا مستأنفة لا يجوز توجيه ملاحظات فيها لهذا السبب وبعضها خاص بالعضو الأيمن في الدائرة التي يرأسها لا يسأل هو عنها بعضها حكمت محكمة الاستئناف العليا بتأييد الأحكام الصادرة فيها وقدم شهادة رسمية تؤيد ذلك وقال عن باقي الملاحظات القضائية إنها في غير محلها وناقش في تقرير الطعن تلك الملاحظات ورد عليها - وفي أثناء تداول هذا الطعن أمام التحضير صدر قرار جمهوري آخر بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1957 بتعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية تضمن ترقية بعض من تخطى الطالب في الترقية بموجب قرار 31 من يوليه سنة 1956 إلى درجة مستشار كما تضمن ترقية تسعة وعشرين ممن يلونه في كادر وكلاء المحاكم أو من يعادلهم إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، فطعن في هذا القرار بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1957 بالنقض طالباً - أصلياً - إلغاءه فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى درجة مستشار أو ما يعادلها ومن باب الاحتياط إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات وقيد هذا الطعن برقم 26 سنة 27 ق رجال القضاء وتقرر ضمه إلى الطعن رقم 127 سنة 26 ق وبني الطالب طعنه في هذا القرار على ما بني عليه طعنه في قرار 31 من يوليه سنة 1956 واستند إلى ما قدمه من مستندات في هذين الطلبين ثم أصر في مذكرته المقدمة فيهما على طلباته وأضاف بالنسبة للطلب رقم 26 سنة 27 ق أنه حصل في غضون سنة 1957 على تقريرين أحدهما بتاريخ 26/ 6/ 1957 من السيد/ الأستاذ ...... أشاد فيه بكفايته والثاني بتاريخ 21/ 7/ 1957 من السيد مدير التفتيش القضائي للنيابات عن عمله بنيابة شبين الكوم في شهر يونيه سنة 1957 وعمله بنيابة السويس قدرت كفايته فيه بدرجة "فوق المتوسط" وقارن نفسه ببعض زملائه الذين تخطوه في الترقية بموجب القرارين المطعون فيهما قائلاً بأنه لا يقل عنهم كفاية كما تمسك بنتيجة تقرير أغسطس سنة 1952 وتقرير 22/ 3/ 1954 اللذين قدر فيهما بدرجة "فوق المتوسط" بحجة أنها تناقض نتيجة تقرير التفتيش الحاصل عليه أخيراً عن المدة من أكتوبر إلى ديسمبر سنة 1955 - وقدمت وزارة العدل بيانات رسمية من واقع السجل السري لزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية في الطعنين وطلبت رفضهما لأن الاختيار للترقية إلى درجة رئيس محكمة ابتدائية أو ما يعادلها يكون طبقاً لقانون استقلال القضاء رقم 188 سنة 1955 على أساس درجة الأهلية وقالت إن الطالب لم يبلغ درجة زملائه الذين تخطوه في الترقية إلى هذه الدرجة بالقرارين المطعون فيهما لأنه لم يتوافر له ما استلزمه مجلس القضاء من استقرار حالة المرشح في درجة "فوق المتوسط" وذلك بأن يكون التقريران الأخيران المتواليان يشهدان له بالوصول إلى هذه الدرجة كما قالت إن اعتراضات الطالب على تقرير الأستاذ ...... المؤرخ 7/ 4/ 1956 عرضت على لجنة التفتيش ورفضتها وأصرت على رأيها في تقدير كفايته في ذلك التقرير. وقدمت النيابة العامة مذكرة أشارت فيها إلى أن الطلبين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية وأن طلب الطاعن القضاء بأحقيته في الترقية خارج عن ولاية هذه المحكمة إذ ولايتها قاصرة على قضاء الإلغاء كما قالت إن طالب إلغاء ما عسى أن يصدر مستقبلاً قبل الفصل في هذا الطعن من قرارات يكون من نتيجتها عدم ترقية الطالب إلى الدرجة التي يستحقها غير مقبول لأنه سابق لأوانه. وعرجت على دفاع الطالب فيما يختص بالطلب رقم 127 سنة 26 ق بأنه لا يجوز أن يسمع منه أي اعتراض على تقرير التفتيش الحاصل عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 لأن هذا التقرير كان محلاً لاعتراضه في طعن سابق هو الطعن رقم 175 سنة 25 ق رجال القضاء استعرضت المحكمة فيه هذا التقرير ومطاعن الطالب عليه كما استعرضت غيره من أسباب تخطيه في الترقية وقررت رفض هذا الطلب فلا يجوز العودة للمجادلة في دلالة هذا التقرير. أما فيما يختص بتقرير تفتيش المدة من أكتوبر لغاية ديسمبر سنة 1955 فلم تقر النيابة ما اعترض به الطالب على هذا التقرير من بطلانه أو مجافاته للواقع وقالت إن ملف الطالب السري خال من أية إشارة إلى وجود تقرير تفتيش للأستاذ ........ وأن الكشف المقدم من الطالب بالقضايا التي تأيد الحكم الصادر فيها استئنافياً والقضايا التي لم تستأنف لا يحوي أية قضية مما أشير إليه في تقرير التفتيش.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على ملف الطلبين رقمي 110 و175 سنة 25 ق رجال القضاء المرفقين بملف هذا الطلب أن الطالب كان قد اعترض فيهما على تقرير التفتيش الحاصل عن عمله في شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 والذي تخطته الوزارة بسببه في الترقية بموجب القرارين الجمهوريين الصادرين بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1955، و30 من نوفمبر سنة 1955 فحكمت هذه المحكمة بتاريخ 30 من مارس سنة 1957 برفضهما، فلا يجوز معاودة الجدل أو البحث بعد ذلك في هذا التقرير - كما يبين من الاطلاع على ملف الطالب السري المرفق أن مجلس القضاء الأعلى لم يقرر إلغاء التقرير المذكور كما يقول الطالب وفقط تضمن الملف مذكرة مؤرخة 28/ 11/ 1955 من السيد رئيس المجلس تتضمن أن المجلس رأى إعادة التفتيش على عمل الطالب فقام الأستاذ ....... في مارس سنة 1956 بالتفتيش على عمله في المدة من أكتوبر لغاية ديسمبر سنة 1955 وقدم تقريراً تضمن بعض ملاحظات عن أخطاء قضائية. وعرض التقرير بتاريخ 7/ 4/ 1956 على لجنة التفتيش برئاسة السيد مدير التفتيش القضائي وعضوية الأساتذة ........ و........ و........ و....... قدرت كفايته بدرجة "وسط". فقدم الطالب إلى السيد مدير التفتيش مذكرة باعتراضاته على هذا التقرير هي نفس ما أورده في تقريري هذين الطعنين من اعتراضات عليه تولى الأستاذ ...... وكيل التفتيش بحث هذه الاعتراضات والرد عليها وأعد مذكرة بذلك عرضت بتاريخ 9/ 7/ 1956 على لجنة التفتيش برئاسة السيد مدير التفتيش وعضوية الأساتذة ...... و...... و...... و..... فقررت اللجنة بعد الاطلاع على تلك المذكرة وما رافقها من أوراق وعلى تقرير التفتيش محل الطعن تأييد النتيجة السابقة التي انتهت إليها بشأن التقرير المذكور. كما يبين من الاطلاع على تقرير التفتيش السابق الخاص بشهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 أن التفتيش على عمل الطالب أجرى بمعرفة الأستاذ .... لا بمعرفة الأستاذين ...... و.... كما يقول الطالب وأن لجنة التفتيش التي عرض عليها هذا التقرير كانت مكونة من السيد مدير التفتيش والأساتذة...... و..... و..... و.... ولم يشترك من هؤلاء في لجنة تقدير الطالب في التفتيش التالي الحاصل عن المدة من أكتوبر لغاية ديسمبر سنة 1955 خمسة كما يقول الطالب وإنما الذي اشترك منهم في تلك اللجنة هو فقط الأستاذ ....... ولا غضاضة في ذلك ولا في أن يتولى الأستاذ .... التفتيش على الطالب بعد أن قضى ضده برفض طعنه من هذه المحكمة بتاريخ 1/ 5/ 1954 ومن ثم تكون اعتراضات الطالب على هذا التقرير سواء من ناحية مجافاته للواقع أو من ناحية بطلانه مردودة - ولما كان الطالب إلى تاريخ صدور القرار الجمهوري المؤرخ 31/ 7/ 1956 لم يتوافر له ما استلزمه مجلس القضاء الأعلى من استقرار حالته على درجة "فوق المتوسط" بحصوله على تقريرين متواليين يشهدان له ببلوغه هذه الدرجة. وكان يبين من مقارنة حالة الطالب بحالة زملائه ممن تخطوه في الترقية طبقاً للبيانات الرسمية المستخرجة من واقع سجلاتهم السرية أنه لا مخالفة في القرار المذكور للقوانين أو اللوائح ولا إساءة فيه لاستعمال السلطة. وإذ كان الثابت من ملف الطالب السري أنه عقب صدور القرار سالف الذكر لم يحصل الطالب إلا على تقدير واحد بدرجة فوق المتوسط" وذلك بتاريخ 21/ 7/ 1957 وكان هذا التقدير بمعرفة اللجنة المشكلة برئاسة السيد النائب العام بناءً على تقرير التفتيش الذي أجراه السيد مدير التفتيش القضائي بالنيابة العمومية على عمله بنيابة شبين الكوم الكلية في يونيه سنة 1957 وعمله بنيابة السويس الكلية في المدة من 12 إلى 24 من فبراير سنة 1957 - وعلى تقرير من السيد المحامي العام الأستاذ ..... مؤرخ في 26/ 6/ 1957 عن عمله معه في نيابة استئناف القاهرة في الثلاثة شهور السابقة لصدور القرار الجمهوري بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1957. ويكون القرار الجمهوري المذكور هو الآخر بمنأى عن مخالفة القوانين أو اللوائح أو سوء استعمال السلطة ويتعين لذلك رفض هذين الطلبين.

الطلب 76 لسنة 26 ق جلسة 26 / 4 / 1958 مكتب فني 9 ج 2 رجال قضاء ق 9 ص 273

جلسة 26 من أبريل سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وفهيم يسى جندي، والسيد عفيفي، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.

--------------

(9)
الطلب رقم 76 سنة 26 ق "رجال القضاء"

إجراءات الطلب. مرتبات. نيابة. 

الطعن بعد الميعاد في قرار وزير العدل فيما لم يتضمنه من منح الطالب المربوط المخصص لدرجة مساعد النيابة رغم علمه بالقرار. عدم قبول الطلب شكلاً.

--------------
متى كان الطالب لم يقرر بالطعن في قرار وزير العدل فيما لم يتضمنه من منحه المربوط المخصص لدرجة مساعد النيابة إلا بعد مضي الثلاثين يوماً المحددة للطعن بالنقض طبقاً للمادة 428 مرافعات على الرغم من علمه بالقرار منذ أن صرف مرتبه على الأساس الذي لا يرتضيه عقب صدور القرار المطعون فيه فإن الطلب يكون غير مقبول شكلاً.(1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الطالب قرر في 28/ 4/ 1956 بالطعن في قرار وزير العدل الصادر في 18/ 4/ 1953 الخاص بترقيته إلى درجة مساعد نيابة فيما لم يتضمنه من منحه مربوط تلك الدرجة طبقاً لما ورد بجدول مرتبات رجال القضاء الملحق بقانون استقلال القضاء. وقد دفعت النيابة بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد.
وحيث إن المادة 23 من القانون رقم 147 سنة 1949 بإصدار قانون نظام القضاء نصت على أن "يتبع في تقديم الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة للنقض في المواد المدنية". لما كان ذلك وكان القرار المطعون فيه صدر في 18/ 4/ 1953 وأبلغ للنيابة التي يعمل بها الطالب في 22/ 4/ 1953 وقد علم به على وجه التحقيق منذ أن صرف مرتبه الشهري - على الأساس الذي لا يرتضيه - عقب صدور القرار بترقيته ومع ذلك فهو لم يطعن في هذا القرار إلا في 28/ 4/ 1956 أي بعد مضي الثلاثين يوماً المحددة للطعن بالنقض طبقاً لنص المادة 428 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومن ثم فإنه يتعين قبول الدفع والقضاء بعدم قبول الطلب شكلاً وإلزام الطالب بالمصروفات.


(1) قررت المحكمة هذا المبدأ أيضا في الحكم الصادر في ذات الجلسة في الطلب رقم 77 سنة 26 ق.

الطعن 3 لسنة 26 ق جلسة 14 / 6 / 1958 مكتب فني 9 ج 2 تنازع اختصاص ق 8 ص 265

جلسة 14 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود مجاهد، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

----------------

(8)
الطلب رقم 3 سنة 26 ق "تنازع الاختصاص"

(أ) تنازع الاختصاص. اختصاص. نقض. وقف. 

صدور حكمين نهائيين متناقضين أحدهما من المحاكم الأهلية والآخر من المحاكم الشرعية. اختصاص محكمة النقض بالفصل في النزاع الناجم عن هذا التناقض. مثال.
(ب) تنازع الاختصاص. اختصاص. محاكم شرعية. وقف. 

اختصاص المحاكم المدنية دون المحاكم الشرعية بالفصل في الدعوى التي تقوم على المطالبة بحق من الحقوق المدنية ضد ناظر الوقف سواء بصفته الشخصية أو بصفته ناظراً. مثال.
(ج) تنازع الاختصاص. 

التمسك في طلب تنازع الاختصاص بأن أحد الحكمين المتناقضين صدر بطريق التواطؤ أو سقط بمضي المدة لعدم تنفيذه. لا محل له.

---------------
1 - متى تبين أنه صدر بين طرفي الخصومة حكمان نهائيان متناقضان أحدهما من المحاكم الأهلية بإلزام جهة الوقف بدين ما والآخر صادر من المحاكم الشرعية بعدم التعرض للوقف في هذا الدين فإن الجمعية العمومية لمحكمة النقض تكون هي المختصة بالفصل في النزاع الناجم عن هذا التناقض وذلك وفقاً لنص المادة 19 من قانون نظام القضاء المعدل بالقانون رقم 400 لسنة 1953.
2 - كانت المحاكم الأهلية هي المحاكم ذات الولاية العامة في المسائل المدنية ولم يخرج من ولايتها إلا ما سمح المشرع أن يعهد به من هذه المسائل لجهات قضائية أخرى. فالدعوى التي تقوم على المطالبة بحق من الحقوق المدنية ضد ناظر الوقف سواء بصفته الشخصية أو بصفته ناظراً على الوقف هي مطالبة بحق مالي بحت تختص المحاكم المدنية دون غيرها بنظرها. وعلى ذلك فإذا رفعت دعوى على ناظر وقف بصفته الشخصية وبصفته ناظراً على الوقف أمام المحكمة الأهلية ممن قضى له بحصته في الوقف بأن يدفع له مبلغاً معيناً مقابل ريع أطيان حكم له بها فإن هذه الدعوى تكون قد رفعت إلى محكمة مختصة لها ولاية الحكم فيها. ولا اختصاص للمحاكم الشرعية في البحث في إلزام أو عدم إلزام الوقف بهذا الدين.
3 - إن البحث في طلب تنازع الاختصاص يكون مقصوراً حول موضوع الأولوية في التنفيذ من الناحية القانونية مجرداً من أي اعتبار آخر أي الحكمين صدر من جهة لها ولاية الحكم في النزاع. ومن ثم فلا محل في هذا الطلب لبحث ما يتمسك به أحد الطرفين من أن أحد الحكمين صدر بطريق التواطؤ أو أنه سقط بمضي المدة لعدم تنفيذه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة محامي الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن حاصل الطلب - كما يبين من أوراقه والمستندات المقدمة فيه - أنه في 14 من أغسطس سنة 1898 وقفت منجدة بنت إبراهيم وهبه 672 ف و21 ط و13 س على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على شقيقتها اسطفانه وهيلانه أختها لأبيها وعلى غيرهما ممن عينته بكتاب الوقف وجعلت النظر على الوقف لبطرس إبراهيم ووالده إبراهيم خليل. وتوفيت في أول أكتوبر سنة 1898 وانحصر إرثها في شقيقتها اسطفانه وفي أختيها لأبيها فايقة وهيلانة - وبموت الواقفة وضع الناظران يدهما على جميع ما وقفته الواقفة فرفعت السيدتان اسطفانه وهيلانة ضد الناظرين (بطرس إبراهيم - وإبراهيم خليل) الدعوى الشرعية رقم 166 سنة 1901 كلي محكمة المنصورة الشرعية بثبوت وفاة منجدة وانحصار الموروث عنها في شقيقتها اسطفانة وأختيها لأبيها هيلانه وفايقه وبصحة وقف منجده لثلث ما وقفته ونفاذه فيه فقط وبعدم نفاذه في الثلثين الباقيين فقضى لهما بذلك بتاريخ 15/ 10/ 1901 مع أمر الناظرين برفع أيديهما عن نصيب كل منهما وتسليمه لهما فعارض بطرس إبراهيم في الحكم وقضى في المعارضة بتاريخ 25/ 10/ 1904 بمنع المعارض مع معارضته ولم تتمكن اسطفانه وهيلانه من تنفيذ الحكم لصدوره في مواجهة الناظرين دون المستحقين فعادتا إلى رفع الدعوى ثانية أمام محكمة الزقازيق الأهلية وصدر فيها حكم من محكمة الاستئناف الأهلية في 23/ 2/ 1908 بعدم صحة الدعوى في وجه الناظر وحده دون المستحقين وبأن المحاكم الشرعية ليست مختصة بنظر النزاع المتعلق بالبطلان لصدور عقد الإيقاف في مرض الموت فلجأت المدعيتان إلى القضاء المدني ورفعتا الدعوى رقم 219 سنة 32 استئناف القاهرة في مواجهة بطرس إبراهيم بصفته ناظراً على الوقف وبصفته مستحقاً فيه وبانوب إبراهيم خليل بصفته مشرفاً على الوقف ومستحقاً فيه وعلى باقي المستحقين بإبطال الوقف فيما زاد عن الثلث وتثبيت ملكيتهما إلى نصيبهما الشرعي فيه وبإلزام المدعى عليهم بتسليمه إليهم ودفع الريع لهما من سنة 1898 حتى التسليم بواقع الفدان ثلاثة جنيهات مصرية صافية بعد الأموال الأميرية مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف فقضى لهما بتاريخ 12/ 5/ 1915 من محكمة استئناف القاهرة (حضورياً بإبطال الوقف فيما زاد عن الثلث وبتثبيت ملكية السيدتين اسطفانة وهيلانه بنتي إبراهيم يوسف وهبه في 448 ف و12 ط و8 س شائعة في 672 ف و21 ط و13 س الموضحة بالعريضة وألزمت باقي الخصوم بالتسليم وبالمصاريف عن الدرجتين مع حفظ حقهما في الريع بدعوى على حدة) وقد صار تسليم الأطيان إليهما فعلاً بموجب محضر تسليم تاريخه 17/ 7/ 1915 أرادت السيدتان المطالبة بالريع فرفعتا الدعوى رقم 67 سنة 1918 كلي المنصورة الابتدائية الأهلية على بطرس إبراهيم وبانوب إبراهيم بصفتهما الشخصية وبصفتهما ناظرين على الوقف وطلبتا الحكم بإلزامهما بمبلغ 21960 قرشاً قيمة الريع والفوائد والمصاريف وفي أثناء سير الدعوى توفيت السيدتان وحل محلهما ورثتهما كما تدخل يوسف خياط المتنازل إليه عن نصف الريع كما تدخلت السيدة فايقة إبراهيم (الأخت الثالثة) خصوماً ثلثاً فدفع الناظران بعدم قبول الدعوى بالنسبة للوقف فقضى في الحكم التمهيدي الرقيم 27 مايو سنة 1920 برفض الدفع وبندب الخبراء لعمل الحساب بين الخصوم ابتداء من أكتوبر سنة 1898 إلى 17 يوليه سنة 1915 - فباشر الخبراء المأمورية وأثبتوا في تقريرهم أن بطرس إبراهيم وضع يده وحده على الأطيان جميعها من سنة 1898 إلى سنة 1913 وأن بانوب إبراهيم انضم إليه من سنة 1914 إلى سنة 1915، وحكم على المدعى عليهما في 26/ 4/ 1921 حضورياً أولاً - (بإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمدعيتين والخصمين الثالثين مبلغ 10927 جنيهاً و73 مليماً والمصاريف المناسبة، وإلزام المدعى عليه الثاني بأني دفع لهم أيضاً مبلغ 1416 جنيهاً و24 مليماً والمصاريف المناسبة. ثانياً - أن يكون نصيب يوسف خياط في المبلغين المدعى عليهما كذلك بمبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة). وقد أعلن هذا الحكم ولم يستأنف. ونظراً لأن هذا الحكم لم يحدد في منطوقه صفات المدعى عليهما فقد اضطر المحكوم لصالحهم إلى رفع دعوى التفسير رقم 145 سنة 27 محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية في مواجهة ناظر الوقف وقتئذ - وقضى في 3/ 1/ 1928 باعتبار الحكم المطلوب تفسيره الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 26/ 4/ 1921 في القضية المدنية رقم 67 سنة 1918 كلي ملزماً لبطرس أفندي إبراهيم وبانوب أفندي إبراهيم بصفتهما ناظرين لوقف الست منجده وبصفتهما الشخصية وإلزام المدعى عليه (ناظر الوقف) بالمصاريف. فاستأنف الناظر هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 396 سنة 45 ق. وقضى فيه بتاريخ 15/ 5/ 1928 بعدم جواز الاستئناف وألزمته بالمصاريف. وفي خلال هذه الفترة توفيت السيدة جليلة أنطون من ورثة المرحومة اسطفانة فرفع زوجها المسيو ديمتري بانديكيس دعوى أمام المحكمة المختلطة. بوضع أموال وقف السيدة منجده تحت الحراسة فصدر الحكم بالحراسة ابتدائياً في القضية رقم 410 سنة 65 ق بتاريخ 12/ 12/ 1939 فاستأنفه الناظر وقتئذ (وهبه إبراهيم) وفي خلال نظر الاستئناف لجأ الناظر إلى المحكمة الشرعية ورفع ضد بعض من صدر الحكم لصالحهم ومن بينهم ديمتري بانديكيس الدعوى رقم 13 كلي سنة 40 - 41 محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية تأسيساً على أن إلزام جهة الوقف بدين ما لا يكون صحيحاً إلا إذا كان هذا الدين متعلقاً بأعمال الوقف قبل الوقف أو متعلقاً به حق للغير قبل الوقف وأن هذه الأطيان لم تكن مدينة بدين ما قبل الوقف فقضى بتاريخ 15/ 2/ 1944 حضورياً لجورج يوسف خياط وغيابياً للباقين بمنع تعرض المدعى عليهم للمدعي بصفته ناظراً على وقف السيدة منجده بمبلغ 12343 جنيهاً الصادر بها الحكم رقم 67 سنة 1918 كلي المنصورة والمعين من أجلها الحارس القضائي مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف ومبلغ 10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف جورج يوسف خياط الحكم وقيد الاستئناف برقم 128 سنة 1944 وقضى فيه بتاريخ 23/ 5/ 1944 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ولم يستأنفه المحكوم عليهم الآخرون رغم إعلانهم به وقد عرض هذا الحكم على محكمة الاستئناف المختلطة عند نظر الاستئناف المرفوع من الناظر في دعوى الحراسة السابق الإشارة إليها فاطرحته المحكمة وقضت بتاريخ 13/ 6/ 1944 (بعدم صحة الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف القاضي بالحراسة مع إلزام المستأنف بالمصاريف) وبتاريخ 26/ 4/ 1955 قضت محكمة الأمور المستعجلة لبندر المنصورة في الدعوى رقم 99 سنة 1955 بإقالة الحارس القضائي وتعيين نيافة مطران الدقهلية حارساً قضائياً على الأطيان موضوع النزاع لإدارتها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة على ذمة المستحقين في الوقف الأهلي وفي الوقف الخيري إلى أن تفصل المحاكم الموضوعية المختصة في دعوى حقوق كل من المودع على ذمتهم وقد أصبح هذا الحكم أيضاً نهائياً بفوات ميعاد استئنافه فرفع وهبه إبراهيم ناظر الوقف ضد الصادر لصالحهم حكم الريع رفع الإشكال رقم 1631 سنة 1954 مركز المنصورة بطلب وقف تنفيذ الحكم رقم 67 سنة 1918 كلي المنصورة والحكم رقم 145 سنة 27 كلي المفسر له حتى يفصل في أمر قيامهما من عدمه من المحكمة الموضوعية المختصة فقضى بتاريخ 21/ 6/ 1954 حضورياً وبصفة مستعجلة بوقف التنفيذ الحاصل من المستشكل ضدهم بتاريخ 15/ 6/ 1952 بناءً على الحكم رقم 67 سنة 1918 كلي المنصورة والحكم رقم 145 سنة 27 المفسر له ووقف تنفيذ تلك الأحكام بالنسبة للأعيان الموقوفة والمبينة بحجة الوقف المؤرخة في 14/ 8/ 1898 حتى يفصل في أمر قيامها من المحكمة الموضوعية المختصة وألزمت المستشكل ضدهم بالمصاريف فاستأنف المستشكل ضدهم الحكم وتقيد الاستئناف برقم 483 سنة 1954 مدني استئناف المنصورة وقضى فيه بتاريخ 14/ 4/ 1954 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وفي أول مايو سنة 1956 قدم الطالبون الطلب الحالي لرئيس محكمة النقض ضد الناظر والحارس طلبوا فيه عرض النزاع على الجمعية العمومية لتقضي المحكمة باعتبار الحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية في القضية رقم 13 كلي سنة 1940 - 1941 كأن لم يكن وزوال كافة آثاره وبتنفيذ الحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية في القضية المدنية رقم 67 سنة 1918 والحكم المفسر له الصادر في القضية رقم 145 سنة 1927 مدني كلي المنصورة مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف.
وحيث إن أساس طلب الطالبين يتحصل في أن الحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية بالريع هو حكم صدر منها في حدود ولايتها لأن دعوى الريع هي دعوى تعويض عن الغصب فهي بطبيعتها دعوى متعلقة بحق مدني يخضع لأحكام القانون المدني ويكون الاختصاص بنظرها للمحكمة المدنية التي هي محكمة القانون العام - دون غيرها - وأن المحكمة الشرعية فيما قضت به من عدم التعرض لجهة الوقف بمبلغ الريع المحكوم به من المحكمة المدنية قد تجاوزت ولاياتها وانتهوا في طلباتهم الختامية إلى القول بأن الحكم الصادر من المحكمة الشرعية لا يصح الاعتداد به لصدوره منها في غير حدود ولايتها إذ لا ولاية لها في المسائل المدنية.
وحيث إن المدعى عليه الأول (الناظر) ومن معه طلبوا رفض طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الشرعية لصدوره منها في حدود ولايتها ذلك أن حكم الدين لم يمثل فيه المستحقون ولم يؤخذ فيه موافقة المحكمة الشرعية بمديونية الوقف بالنسبة للحصة الخيرية وأن هذا الدين - وقد صدر بالتواطؤ لضياع حق المستحقين - من شأنه أن يؤدي إلى بيع الوقف ذاته هذا بالإضافة أن حكم الدين والحكم المفسر له قد سقطا بمضي المدة لعدم تنفيذهما.
وحيث إن النيابة العامة - انتهت في طلباتها الختامية إلى طلب وقف تنفيذ الحكم الشرعي تأسيساً على أن دعوى الريع هي دعوى تعويض عن الغصب - وهي بطبيعتها دعوى متعلقة بحق مدني يخضع لأحكام القانون المدني الذي تستقل بتطبيقه المحاكم المدنية وقد وجدت المحكمة المرفوعة إليها الدعوى عناصر الفصل فيها متوافرة كما استبانت عدم قيام أي نزاع حول ملكية ما كان مغتصباً من الأطيان ففصلت في موضوعها. ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد استند فيما استند إليه إلى الحكم الصادر في القضية رقم 219 سنة 32 ق استئناف القاهرة لأن الاستناد إلى دليل معيب ليس من شأنه أن يهدر حجيته أو ينال من قوة الأمر المقضي.
وحيث إنه يبين مما تقدم أنه قد صدر بين طرفي الخصومة حكمان نهائيان متناقضان أولهما الحكم رقم 67 سنة 1918 كلي المنصورة الابتدائية الأهلية الصادر في 26/ 4/ 1921 والحكم المفسر له رقم 145 سنة 27 كلي المنصورة في 3/ 1/ 1928 الذي قضى بإلزام جهة الوقف بأن تدفع 12343 جنيهاً والحكم الآخر هو الحكم الرقيم 13 سنة 40 - 1941 المنصورة الابتدائية الشرعية الذي قضى بعدم التعرض للوقف في هذا المبلغ وقد أصبحت هذه الأحكام جميعها نهائية وبذلك تكون الجمعية العمومية لمحكمة النقض هي المختصة بالفصل في النزاع الناجم عن هذا التناقض وبذلك وفقاً لنص المادة (19) من قانون نظام القضاء المعدل بالقانون رقم 400 سنة 1953.
وحيث إن المحاكم الأهلية - كانت وقت صدور هذه الأحكام هي المحاكم ذات الولاية العامة في المسائل المدنية - ولم يخرج من ولايتها إلا ما سمح المشرع أن يعهد به من هذه المسائل لجهات قضائية أخرى - فالدعوى التي تقوم على مطالبة بحق من الحقوق المدنية ضد ناظر الوقف سواء بصفته الشخصية أو بصفته ناظراً على الوقف - هي مطالبة بحق مالي بحت تختص المحاكم المدنية دون غيرها بنظرها - ومتى تقرر ذلك تكون الدعوى التي رفعت على ناظري الوقف بصفتهما الشخصية وبصفتهما ناظرين على الوقف أمام محكمة المنصورة الأهلية ممن قضى لهم بملكية حصته في وقف بأن يدفعا لهم مبلغ 12343 جنيهاً مقابل ريع الأطيان التي حكم لهم بها والذي صدر فيها الحكم رقم 67 سنة 1918 المنصورة الابتدائية الأهلية والحكم المفسر له 145 سنة 27 كلي المنصورة - هذه الدعوى تكون قد رفعت إلى محكمة مختصة لها ولاية الحكم فيها ويكون الحكم الصادر منها قد رفعت إلى محكمة مختصة لها ولاية الحكم فيها ويكون الحكم الصادر منها قد صدر وهي تملك هذا الاختصاص. ولا اختصاص للمحاكم الشرعية في البحث في إلزام أو عدم إلزام الوقف بهذا الدين وعلى ذلك يكون الحكم رقم 13 سنة 40 - 1941 الصادر من محكمة المنصورة الشرعية ضد بعض من صدر الحكم الأهلي لصالحهم بمنع تعرضهم لناظر الوقف بصفته ناظر لوقف السيدة منجده في مبلغ 12343 جنيهاً المحكوم لهم بها - قد صدر من جهة لا ولاية لها في إصداره. ومن ثم يكون طلب المدعين الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الشرعية لانعدام ولايتها على أساس صحيح وتبين للأسباب المتقدمة إجابته. أما ما يثيره المدعى عليهم بشأن صدور حكم الريع بطريق التواطؤ أو سقوط هذا الحكم والحكم المفسر له بمضي المدة لعدم تنفيذهما فإن مثل هذه المدفوع ليس محلها طلب تنازع الاختصاص الحالي الذي يقتصر الأمر فيه حول موضوع الأولوية في التنفيذ من الناحية القانونية مجرداً من أي اعتبار آخر أي الحكمين صدر من جهة لها ولاية الحكم في النزاع.

الطلب 56 لسنة 56 ق (صحتها 26) جلسة 25 / 1 / 1958 مكتب فني 9 ج 1 رجال قضاء ق 3 ص 13

جلسة 25 من يناير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

---------------

(3)
الطلب رقم 56 سنة 56 ق "رجال القضاء" (صحتها 26)

استقالة. 

قبول استقالة الطالب بشرائطها التي لم يكن من بينها استمساكه بالسير في الطلب. اعتبار الطلب غير قائم.

----------------
متى كان قد صدر قرار جمهوري بقبول استقالة الطالب بشرائطها المبينة في كتاب الاستقالة ولم يكن من بينها استمساك الطالب باستمرار السير في الطلب وما يترتب عليه من حقوق - فإنه يترتب على هذا القبول إنهاء رابطة التوظف ويصبح الطلب غير قائم طبقاً لما جرى عليه قضاء محكمة النقض.


المحكمة

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطالب قرر بتاريخ 14 من مايو سنة 1954 في قلم كتاب هذه المحكمة بأنه يطعن في المرسوم الصادر في 3 من أبريل سنة 1954 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 29 بتاريخ 12 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى درجة وكيل محكمة استئناف أسيوط أو ما يماثلها للأسباب التي أوردها في التقرير.
ومن حيث إن الطالب قدم بتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1956 طلباً إلى وزارة العدل أبدى فيه رغبته في اعتزال الخدمة على أن يصرف له مرتب السنتين التاليتين لقبول استقالته مشاهرة دون احتساب السنتين في المعاش ولم يشر في كتاب الاستقالة إلى الدعوى الحالية، وقد صدر قرار جمهوري رقم 29 لسنة 1957 في 7 من يناير سنة 1957 بقبول الاستقالة على أن يصرف إليه الفرق بين مرتبه حينئذ مضافاً إليه إعانة الغلاء وبين المعاش المستحق له مضافاً إليه إعانة الغلاء مشاهرة لمدة سنتين على أن لا تحتسب المدة المضافة في المعاش.
وقد طلبت وزارة العدل ورأت معها النيابة رفض الطلب.
وحيث إنه لما كان إيجاب الطالب قد صادف قبولاً من وزارة العدل وصدر قرار جمهوري بقبول شرائط الطالب كاملة كما بينها فإنه يترتب على هذا القبول إنهاء رابطة التوظف وتبعاً لذلك يكون الطالب قد ارتضى نهائياً تسوية حالته على الأساس الذي بينه في كتاب الاستقالة مع ما قرنه به من شرائط ليس بينها استمساكه بالسير في هذا الطلب وما يترتب عليه من حقوق. ومن ثم يصبح هذا الطلب بعد إذ قبل الطالب مختاراً قطع هذه الرابطة بصفة نهائية غير قائم طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة (الطعن رقم 8 سنة 21 ق و98 سنة 23 ق و12 سنة 24 ق).
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطلب.

الطعن 1 لسنة 27 ق جلسة 25 / 1 / 1958 مكتب فني 9 ج 1 تنازع اختصاص ق 2 ص 8

جلسة 25 من يناير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود محمد مجاهد، وعثمان رمزي، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، والسيد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

--------------

(2)
الطلب رقم 1 سنة 27 ق "تنازع الاختصاص"

(أ) تنازع الاختصاص. 

طلب تعيين المحكمة المختصة. محل تطبيق الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون نظام القضاء.
(ب) تنازع الاختصاص. 

طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين النهائيين المتناقضين. محل تطبيق الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء. مثال.

--------------
1 - محل تطبيق الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون نظام القضاء في حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص أن تكون دعوى الموضوع الواحد منظورة أمام جهتي التقاضي المختلفتين وأن تكون كلتاهما قضت باختصاصها بنظرها، وفي حالة التنازع السلبي أن تكون كل منهما قضت بعدم اختصاصها بنظرها وعندئذ يقوم سبب لطلب تعيين المحكمة التي تنظره وتفصل فيه. أما إذا كان التنازع على الاختصاص قد انتهى بالحكم فيه نهائياً فقضت إحدى الجهتين دون الأخرى باختصاصها فإنه لا يكون ثمت موجب للطلب لانعدام سببه بانقضاء محله.
2 - محل تطبيق الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء أن يكون الحكمان المطلوب وقف تنفيذ أحدهما قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا تناقضاً من شأنه أن يجعل تنفيذهما معاً معتذراً. فإذا كان قد صدر حكم من القضاء المستعجل بعدم اختصاصه بنظر دعوى طرد مستأجر من قطعة أرض للحكومة لعدم قيام ظرف الاستعجال كما صدر حكم آخر من محكمة القضاء الإداري على هذا المستأجر بالطرد فإنه لا يكون ثمت تناقض بين الحكمين بالمعنى الذي تقصد إليه الفقرة الثانية من المادة 19 سابقة الذكر لأن الحكم الصادر من القضاء المستعجل لم يقض في موضوع دعوى الطرد أما الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري فإنه يكون وحده الذي حسم النزاع الموضوعي وهو وحده القابل للتنفيذ دون الحكم الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة محامي الطرفين والنيابة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطالب استأجر من وزارة الشئون البلدية والقروية - المدعى عليها الأولى - قطعة الأرض رقم 22 الكائنة بالشارع رقم 47 بمصيف رأس البر ليقيم عشه عليها، فأقام فيلا مبنية صرحت له إدارة المصيف في سنة 1952 بتأجيرها للمصطافين ثم تعاقد مع إدارة المصيف على استئجار قطعة الأرض عن موسم سنة 1955 رفضت إدارة المصيف تأجيرها له ثم قطعت توصيل المياه إلى الفيلا فاضطر إلى رفع دعوى أمام محكمة دمياط طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بإعادة توصيل المياه فقضى بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وعندئذ رفعت عليه وزارة الشئون البلدية والقروية دعوى أمام محكمة دمياط أيضاً طالبة الحكم بصفة مستعجلة بطرده من قطعة الأرض لمخالفته لشروط الترخيص باستغلالها فقضى بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى لعدم توفر صفة الاستعجال فيها - القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستأنف دمياط - لجأ بعد ذلك المدعى عليهما إلى محكمة القضاء الإداري ورفعا على الطالب الدعوى رقم 1894 سنة 10 ق محكمة القضاء الإداري وطلبا فيها الحكم بطرده من قطعة الأرض سالفة الذكر وإلزامه بإزالة ما عليها من مبان، فدفع الطالب بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من القضاء المدني بالحكم الصادر في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستأنف دمياط، وفي 10 من مارس سنة 1957 قضى برفض الدفعين وفي موضوع الدعوى بطرد الطالب من قطعة الأرض، فقدم الطلب الحالي طالباً الحكم بوقف تنفيذ هذا الحكم لتناقضه مع الحكم الصادر من القضاء المستعجل في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستأنف دمياط، ويقول بياناً لذلك إن محكمة القضاء الإداري لا اختصاص لها بنظر النزاع إذ العقد المبرم بينه وبين المدعى عليها الأولى هو عقد مدني مما يختص القضاء المدني بالنظر فيما يقوم بين طرفيه من نزاع بشأنه، وقد نظر القضاء المدني في هذا النزاع فعلاً في الدعوى التي رفعها على المدعى عليها الأولى أمام القضاء المستعجل بمحكمة دمياط بإعادة توصيل المياه، ثم نظره مرة أخرى في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستعجل دمياط التي رفعتها هي عليه طالبة طرده من قطعة الأرض، وقضى برفض دعواها وما كان للمدعى عليهما أن يتنكرا للقضاء المدني بعد إذ احتكما إليه من قبل باعتباره القضاء المختص بالفصل في النزاع فيرفع دعواهما من جديد أمام محكمة القضاء الإداري، ومن ثم كان الحكم الصادر من هذه المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها مخالفاً للقانون وقد ترتب على نظر المحكمة موضوع النزاع أن حكمت بطرده من قطعة الأرض وهو ما يتناقض مع ما سبق أن قضت به محكمة دمياط في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستعجل دمياط من عدم اختصاصها بنظر النزاع لعدم توفر صفة الاستعجال فيه إذ مؤدى ذلك هو رفض الحكم بالطرد، هذا وقد طلب الطالب إلى رئيس هذه المحكمة أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يقضي في موضوع الطلب فأصدر رئيس المحكمة قراراً بالرفض.
وحيث إن المدعى عليهما دفعا بعدم قبول الطلب استناداً إلى أنه لا تناقض بين الحكمين إذ التناقض في فقه المادة 19 من قانون نظام القضاء هو التناقض الذي يستحيل معه تنفيذ الحكمين معاً استحالة مادية وقانونية والحال ليس كذلك في خصوصية هذه الدعوى إذ الحكم الصادر من القضاء المستعجل هو حكم وقتي غير حاسم للنزاع في موضوعه، أما الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري قاضياً بطرد الطالب من قطعة الأرض فهو وحده القابل للتنفيذ، وقد أبدت النيابة العامة رأيها مؤيدة المدعى عليهما في هذا النظر.
وحيث إن المادة 19 من قانون نظام القضاء تنص في الفقرة الأولى منها على أنه: "إذا رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى المحاكم وأمام محكمة القضاء الإداري... ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها يرفع طلب تعيين المحكمة التي تفصل فيها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية..." كما تنص الفقرة الثانية من هذه المادة على "اختصاص هذه المحكمة كذلك بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري...." ويبين من هذه النصوص أن محل تطبيق الفقرة الأولى في حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص أن تكون دعوى الموضوع الواحد منظورة أمام جهتي التقاضي وأن تكون كلتاهما قضت باختصاصها بنظرها، وفي حالة التنازع السلبي أن تكون كل منهما قضت بعدم اختصاصها بنظرها وعندئذ يقوم سبب لطلب تعيين المحكمة التي تنظره وتفصل فيه إما إذا كان التنازع على الاختصاص قد انتهى بالحكم فيه نهائياً فقضت إحدى الجهتين دون الأخرى باختصاصها كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى فإنه لا يكون ثمة موجب للطلب لانعدام سببه بانقضاء محله، ولا يقبل من الطالب في هذا المقام قوله إن محكمة القضاء الإداري قد أخطأت إذ قضت باختصاصها لأن هذه الهيئة ليست جهة طعن ولا تمتد ولايتها لتقويم المعوج من الأحكام، كذلك لا يفيد الطالب تمسكه بالفقرة الثانية من المادة 19 سالفة الذكر إذ محل تطبيقها أن يكون الحكمان قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا تناقضاً من شأنه أن يجعل تنفيذهما معاً متعذراً وهو ما لا وجود له في هذه الدعوى فالحكم الصادر من القضاء المستعجل بمحكمة دمياط في القضية رقم 29 سنة 1956 والذي قضى بعدم اختصاصه بنظر النزاع لعدم قيام ظرف الاستعجال لم يقض في موضوع دعوى الطرد، أما الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري فقد نظر في موضوع النزاع وقضى فيه بطرد الطالب وهو وحده الذي حسم النزاع الموضوعي وهو وحده القابل للتنفيذ دون الحكم الآخر ومن ثم فلا تناقض بين الحكمين بالمعنى الذي تقصد إليه الفقرة الثانية من المادة 19.
وحيث إنه يبين من ذلك أن الطلب لا يستند في موضوعه إلى أساس من القانون فيتعين رفضه.

الطعن 1 لسنة 26 ق جلسة 25 / 1 / 1958 مكتب فني 9 ج 1 تنازع اختصاص ق 1 ص 1

جلسة 25 من يناير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود محمد مجاهد، وعثمان رمزي، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، والسيد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

-----------------

(1)
الطلب رقم 1 سنة 26 ق "تنازع الاختصاص"

(أ) تنازع الاختصاص. أحوال شخصية. استئناف. دعوى (شطبها). قوة الأمر المقضي. 

أثر شطب الاستئناف المرفوع عن حكم شرعي.
(ب) تنازع الاختصاص. 

طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين. شرطه أن يكونا نهائيين. المادة 19 فقرة ثانية من قانون نظام القضاء.
(ج) تنازع الاختصاص. اختصاص. استئناف. خصومة "انقضاؤها". أحوال شخصية. 

انقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات طبقاً للمادة 307 مرافعات. سقوط الحق في الاستئناف بفوات ميعاده طبقاً للمادتين 308 و309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وجوب التمسك بهذه المسائل أمام القضاء المختص قبل نظرها أمام محكمة تنازع الاختصاص.

---------------
1 - مفاد نص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 أن قرار شطب الاستئناف لا يلغي إجراءات الاستئناف ولا تزول معه الآثار المترتبة على رفعه وقيامه بل كل ما يؤدي إليه هذا الشطب هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها. وعلى ذلك فإن الحكم الشرعي المستأنف لا يكون قد أصبح نهائياً.
2 - متى كان الثابت أن الحكم الشرعي لم يستوف شرط النهائية فإن الطلب الذي يرفع إلى محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية عن النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ هذا الحكم، وحكم آخر صادر من المحاكم المدنية يكون غير مقبول طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء التي تشترط لقبول الطلب أن يكون هناك حكمان نهائيان متناقضان صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية.
3 - لا تفصل محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية فيما يثار بشأن انقضاء الخصومة في الاستئناف لمضي أكثر من خمس سنوات على شطب الاستئناف طبقاً لنص المادة 307 من قانون المرافعات أو سقوط الحق في الاستئناف لفوات ميعاده وفقاً لأحكام المادتين 308 و309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وإنما يجب أن يتمسك صاحب الشأن بهذه المسائل أمام القضاء المختص حتى يستقر هذا القضاء في أمرها على رأي قبل نظرها أمام محكمة تنازع الاختصاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة محامي الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المرحومة فاطمة أحمد عبد الكريم كانت تملك حصة شائعة مقدارها 11 قيراطاً و12 سهماً من أصل 24 قيراطاً في ثلاث منازل بمدينة الإسكندرية تكون في مجموعها عقاراً واحداً تصرفت فيه بالبيع بعقد عرفي مؤرخ في 28 من أبريل سنة 1942 إلى ولدها سيد علي حسن أبو زيد المدعى عليه لقاء ثمن قدره 900 جنيه. وفي 24 من نوفمبر سنة 1942 أصدرت عقداً رسمياً بهبة هذه الحصة إلى أولاد المدعى عليه القصر المشمولين بولايته. وفي 26 من نوفمبر سنة 1942 توفيت المرحومة فاطمة أحمد عبد الكريم عن أولادها حسن المدعى الأول وأحمد مورث باقي المدعين وسيد المدعى عليه وابنة تدعى زينب، وتنازع هؤلاء الورثة على تركة المتوفاة ولكن سيد علي حسن أبو زيد استمسك بأنها لم تخلف تركة إذ قد تصرفت في كل أموالها بمقتضى عقد الهبة لأولاده القصر. وإزاء هذا الخلاف أقام حسن والمرحوم أحمد علي أبو زيد الدعوى رقم 14 سنة 43 - 1944 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية ضد المدعى عليه سيد علي حسن أبو زيد بصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر بطلب بطلان عقد الهبة الصادر في 24/11/1942 استناداً إلى أن الموهوب مشاع مما يحتمل القسمة ولم يفرز إلى أن توفيت الواهبة فبطلت الهبة وأصبح الموهوب ملكاً لورثة الواهبة مما يوجب أمر المدعى عليه حائز التركة بتسليمه ما يخصمها فيها - ودفع المدعى عليه هذه الدعوى بدفعين الأول - عدم الاختصاص لأن النزاع في الملكية يخرج عن ولاية المحاكم الشرعية. الثاني - أن الموهوب لا يحتمل القسمة. وأن الأعيان الموهوبة ملك له بمقتضى عقد بيع صادر له من والدته أردفته بعقد هبة لأولاده بموافقته. وتعتبر هذه الموافقة منه على الهبة بمثابة هبة من جانبه. وأنه قصد بعقد الهبة الاقتصاد في رسوم التسجيل. وفي 26 من ديسمبر سنة 1946 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية في الدعوى المذكورة حضورياً: أولاً - برفض ما دفع به المدعى عليه. ثانياً - ببطلان عقد الهبة الصادر بها العقد المؤرخ في 24 من نوفمبر سنة 1942 وأمره بأن يؤدي للمدعين نصيبهما المذكور بالدعوى وإلزامه بالمصاريف، و200 قرش أتعاب محاماة. ثالثاً - عدم سماع الدعوى على المدعى عليه بصفته حارساً قضائياً.
استأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام المحكمة العليا الشرعية وقيد استئنافه برقم 20 سنة 46 - 1947 - وأقام أيضاً الدعوى رقم 1623 سنة 1947 مدني كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الوطنية ضد ورثة المرحومة فاطمة أحمد عبد الكريم ومن بينهم زينب علي حسن أبو زيد. وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي الصادر من مورثتهم له بتاريخ 28 من أبريل سنة 1942 عن حصة مقدارها 11 ط و12 س من تركة المورثة الموضحة الحدود والمعالم بعقد البيع وبعريضة الدعوى ... وطعن المرحوم أحمد علي أبو زيد من المدعى عليهم بالتزوير في عقد البيع موضوع الدعوى وفي إنذار مرسل من المدعى للمورثة وموقع عليه بختمها بالاستلام وفي إقرار عرفي مؤرخ 15 من نوفمبر سنة 1942 موقع عليه منها أيضاً. وأوقفت الدعوى الأصلية حتى يفصل في دعوى التزوير. وفي هذه الأثناء كان الاستئناف المرفوع إلى المحكمة الشرعية يتداول بالجلسات إلى أن تقرر شطبه بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1949 بناء على طلب المستأنف سيد علي أبو زيد وموافقة أحمد علي أبو زيد الذي كان حاضراً من المستأنف عليهما. إلى أن تنتهي القضية الوطنية. وأمام القضاء الوطني قضى برفض دعوى التزوير ابتدائياً وتأيد الحكم استئنافياً، وعجلت دعوى الموضوع وحكمت فيها محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 10 من فبراير سنة 1952 حضورياً بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 28 من أبريل سنة 1942 الصادر من المرحومة فاطمة أحمد سيد عبد الكريم للمدعى سيد علي حسن أبو زيد والمتضمن بيعها له حصة عقارية مقدارها 11 قيراطاً و12 سهماً في كامل أرض ومباني العقار المبين الحدود والمعالم بالعقد المذكور وبصحيفة افتتاح الدعوى نظير ثمن مقبوض قدره 900 جنيه وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات ومبلغ 500 قرش أتعاباً للمحاماة والنفاذ. وقد بني هذا الحكم على أساس أن الإقرار الصادر من المورثة بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1942 قاطع الدلالة في أن عقد الهبة لم يكن إلا ستاراً لتخفيض رسوم التسجيل وأنه لم يقصد به فسخ عقد البيع وإحلال عقد الهبة محله فإذا أخفق المدعى في الوصول إلى غايته عن طريق عقد الهبة فإن ذلك لا يحرمه من العودة إلى المطالبة بحقه الأصلي الثابت بعقد البيع وعلى ذلك فإن عقد الهبة صح أو بطل لا أثر له على عقد البيع ويظل عقد البيع قائماً منتجاً آثاره رغم صدور عقد الهبة.
استأنف الورثة المحكوم عليهم وهم أحمد وحسن زينب علي حسن أبو زيد هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافهم برقم 154 سنة 8 ق وقضى فيه بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1954 برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بالمصروفات و3 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وفي 10 من مارس سنة 1956 قدم المدعون طلباً للسيد رئيس محكمة النقض مبناه أن هناك تناقضاً بين حكمين نهائيين صادرين من قضاءين مختلفين وأن أولاهما بالاعتبار هو الحكم الشرعي لصدوره من هيئة تملكه ولأنه حاز قوة الشيء المحكوم فيه لصدوره سابقاً على الحكم المدني ولأن التناقض قائم بين الحكمين الشرعي والمدني إذ قضى الأول ببطلان الهبة لينقل المال إلى الورثة بينما قضى الحكم الثاني بإبطال الهبة ليصحح عقد البيع ويبطل الميراث.
ومن حيث إن المدعى عليه دفع في مذكرته بعدم قبول الطلب استناداً إلى أن الحكم الشرعي لم يصبح نهائياً إذ تنص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن قرار الشطب لا يسقط حقاً يكتسبه المدعى كما أن الحكم الشرعي الابتدائي لم يعلن - هذا فضلاً عن أن الحكمين الشرعي والمدني يختلفان في أشخاصهما وفي موضوعهما فقد رفعت الدعوى الشرعية على المدعى عليه بصفته ولياً على أولاده القصر في حين أنه أقام الدعوى المدنية بصفته الشخصية. وموضوع الحكم الشرعي هو بطلان الهبة لورودها على عين شائعة أما موضوع الحكم المدني فهو بطلان الهبة لصوريتها وبصحة ونفاذ عقد البيع وهو الأمر الذي لم يطرح على القضاء الشرعي.
ومن حيث إن المدعين ردوا على دفاع المدعى عليه بأن الاختلاف في الأشخاص اختلاف شكلي لا يؤثر على الجوهر إذ المدعى عليه له صفة شخصية وصفة الوارث والمهم في الخصومة أن يكون واضع اليد على تركة المتوفاة بأية صفة فإذا قضى من المحكمة الشرعية بنقل ملكية المتوفاة لورثتها ضد واضع اليد ثم قضى بعد ذلك بأن ملكيتها انتقلت إلى ولدها واضع اليد وقع التناقض لا يرفعه إلا قضاء الجمعية العمومية لمحكمة النقض وفقاً لنص المادة 19/2 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 - وأن الحكم الشرعي أصبح نهائياً طبقاً لنص المادة 307 من قانون المرافعات لمضي أكثر من خمس سنوات على شطبه ولمضي أكثر من ثلاثين يوماً على صدوره حضورياً وفقاً لنص المادتين 308، 309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها في مذكرتها بعدم قبول الطلب لأن مبناه هو الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء وليست الفقرة الأولى منها كما ظن المدعى عليه إذ المقصود هو إعطاء أولوية التنفيذ للحكم الشرعي دون الاعتداد بالحكم المدني - وأن الفقرة الثانية من المادة 19 تتطلب لقبول الطلب نهائية كلا الحكمين وتناقضهما والمقصود بالنهائية حيازة الحكم لقوة الأمر المقضي فيه - وتتوافر له هذه الصفة إذا كان غير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية وهي المعارضة والاستئناف. والواضح في خصوص هذا النزاع أن الحكم الشرعي لم يصبح نهائياً لأن المدعى عليه استأنفه ولما يفصل في هذا الاستئناف وشطبه لا يمنع من تجديده لتقول محكمة الاستئناف كلمتها فيه وفقاً لنص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - هذا بالإضافة إلى أن المحكمة الشرعية قد تجاوزت ولايتها باعتبارها عقد الهبة باطلاً لأن العيب الموجه لهذا العقد لا يتعلق بانعقاده أو صحته أو نفاذه وإنما هو عيب يرد على انتقال الملكية فحسب مما تختص به المحاكم المدنية، الأمر الذي يترتب عليه ألا تكون للحكم الشرعي حجية يناهض بها حكم المحكمة المدنية الصادر بعد ذلك لصالح المدعى عليه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الشهادة الرسمية المقدمة من المدعين أن الاستئناف رقم 20 سنة 1946 و1947 المرفوع من المدعى عليه من حكم محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية تقرر شطبه بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1949 كما يبين من الصورة طبق الأصل لمحضر الجلسة المذكورة المقدمة من المدعى عليه أن هذا الشطب تم بناء على طلب المستأنف (المدعى عليه) وموافقة أحمد علي أبو زيد أحد المستأنف عليهما.
ومن حيث إن المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 نصت في فقرتها الأولى على أن "قرار شطب الدعوى لا يسقط حقاً يكتسبه المدعى بإعلانها لخصمه كقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى أو حفظ الحق في مدة الاستئناف أو المعارضة"، ومفاد هذا النص أن قرار الشطب لا يلغي إجراءات الاستئناف ولا تزول معه الآثار المترتبة على رفعه وقيامه بل كل ما يؤدي إليه هذا الشطب هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها. وعلى ذلك لا يكون الحكم الشرعي - المقول بتعارضه مع الحكم المدني النهائي - قد أصبح نهائياً. ولا يغير من هذا النظر ما أثاره المدعون من القول بانقضاء الخصومة في الاستئناف لمضي أكثر من خمس سنوات على الشطب طبقاً لنص المادة 307 من قانون المرافعات أو سقوط الحق في الاستئناف لفوات ميعاده وفقاً لأحكام المادتين 308، 309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لأن هذه المسائل سواء تعلقت بالقانون أو الواقع لا تفصل فيها محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية وإنما يلزم أن يستقر القضاء المختص في أمرها على رأي قبل نظرها أمام محكمة تنازع الاختصاص. أي يجب أن يتمسك بها صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع فتفصل فيها وفقاً لما يقضي به القانون. ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 400 لسنة 1953 تشترط لقبول الطلب الذي يرفع إلى هذه المحكمة عن النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ الأحكام المتعارضة أن يكون هناك حكمان نهائيان متناقضان صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية. وإذ كان الثابت أن الاستئناف الذي رفعه المدعى عليه عن الحكم الشرعي لم ينته إلى قضاء يجعل أمره مستقراً على وجه نهائي فإنه لا سبيل للقول باستيفاء الحكم الشرعي شرط النهائية اللازم توافره لقبول الطلب الحالي. ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطلب دون حاجة لبحث ما أثاره المدعى عليه وما أثارته النيابة في غير هذا النطاق.

الطعن 29 لسنة 26 ق جلسة 19 / 6 / 1958 مكتب فني 9 ج 2 أحوال شخصية ق 76 ص 603

جلسة 19 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، وعثمان رمزي، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

---------------

(76)
طعن رقم 29 سنة 26 ق "أحوال شخصية"

(أ) مواريث. أحوال شخصية. 

إعلام شرعي. مدى حجيته. لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(ب) مواريث. ثبوت الوراثة. إثبات "الإقرار". 

عدم ممانعة المدعى عليه في اعتبار المدعى من الورثة إذا ثبت ذلك للمحكمة. عدم اعتبار هذه العبارة إقراراً بالحق المدعى به.
(ج) نقض. 

تقرير الطعن. البيانات الواجب اشتماله عليها.

----------------
1 - إن حجية الإعلام الشرعي تدفع وفقاً لنص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم من المحكمة المختصة، وهذا الحكم كما يكون في دعوى أصلية يصح أن يكون في دفع أبدي في الدعوى التي يراد الاحتجاج فيها بالإعلام الشرعي. فإذا كانت الهيئة التي فصلت في هذا الدفع مختصة أصلاً بالحكم فيه فإن قضاءها فيه لا يعتبر إهداراً لحجية الإعلام لا تملكه المحكمة قانوناً بل هو قضاء من محكمة مختصة يخالف ما ورد في الإعلام بتحقيق الوفاة والوراثة، وهذا القضاء أجازه المشرع وحدّ به من حجية الإعلام وذلك إفصاحاً عن مراده من أن حجية الإعلام الشرعي بتحقيق الوفاة والوراثة الذي يصدر بناءً على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة.
2 - إذا كان المدعى عليه لم يمانع في اعتبار المدعى من الورثة إذا ثبت للمحكمة ذلك فإن البادي من هذه العبارة هو تعليق عدم الممانعة في الحق على ثبوت هذا الحق قضائياً فهي عبارة جدلية لا تتضمن التسليم بطلبات الخصم ولا الإقرار له بالحق المدعى به.
3 - إن كل ما يتطلبه القانون في تقرير الطعن هو أن يشتمل علاوة على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم - على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن. فمتى تبين من مطالعة تقرير الطعن أنه جاء شاملاً لجميع تلك البيانات فإنه لا يكون ثمت أساس للدفع ببطلانه لعدم استيفائه ما يتطلبه القانون بمقولة إنه جاء قاصراً مقتضباً ومختصراً اختصاراً مخلاً لخلوه من شرح النزاع وأسبابه بالتفصيل الواجب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذا الطعن - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطعن رفع الدعوى 233 لسنة 1954 أمام محكمة القاهرة الشرعية يطلب الحكم باستحقاقه لخمس ريع وقف الأمير علي كاشف القاوقجي الشهير بالصابونجي الذي كان قد أوقف بتاريخ 12 جماد أول سنة 1260 هجرية الأعيان المبينة بكتاب الوقف على نفسه مدة حياته ثم من بعده على أولاده ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم مع مشاركة زوجاته اللاتي يموت عنهن ثم من بعد كل منهم على أولاده ثم على أولاد أولاده إلى آخر ما ذكر بكتاب الوقف وشرط النظر على الوقف لنفسه مدة حياته ثم من بعده للأرشد فالأرشد من أولاده مع مشاركة زوجاته اللاتي يموت عنهن. وقال الطاعن في دعواه إن الواقف توفي عن ابنته آمنة خاتون فقط فآل استحقاق الوقف جميعه إليها ثم توفيت آمنة خاتون عن ابنتها زبيدة فقط فآل استحقاق الوقف جميعه أيضاً إليها ثم توفيت زبيدة عن أولادها الخمسة وهم الطاعن أحمد رفعت وإخوته إبراهيم ومحمد وزينب وأمينة المرزوقين لها من زوجها إبراهيم الحريري فيستحق كل منهم الخمس من الوقف حسب شرط الواقف إلا أنه لما كان المطعون عليه أحمد عبد الرحمن قد تنظر على الوقف أخيراً بقرار من محكمة مصر الشرعية في 27 من أبريل سنة 1949 فقد وضع يده على أعيان الوقف واستغلها ثم أصبح حارساً عليها بعد صدور قانون حل الوقف دون أن يؤدي إلى الطاعن نصيبه مما اضطره إلى رفع الدعوى يطلب الحكم له به فقضت محكمة مصر الابتدائية الشرعية للطاعن بطلباته وألزمت المطعون ضده المصروفات والأتعاب وأمرته بعدم التعرض له في ذلك وقالت في حكمها الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1954 إن المطعون عليه لم يمانع في الحكم للطاعن بما طلب إذا ثبت له ذلك وقد أثبت الطاعن دعواه بحجة الوقف وبالبينة الشرعية التي لم يطعن فيها بطعن شرعي وأن الطاعن وإخوته الأربعة يستحقون ربع الوقف فيخص الطاعن منه 4.8 من أربعة وعشرين قيراطاً وحكمت له بهذا النصيب. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم في 21 من نوفمبر سنة 1954 وقيد الاستئناف برقم 65 سنة 73 ق استئناف القاهرة أحوال شخصية - وفي 27 من مايو سنة 1956 قضت محكمة الاستئناف بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن "المستأنف عليه" وألزمته المصروفات عن الدرجتين مع مقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 من يونيه سنة 1956 قرر محامي المحكوم ضده بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 22 من يناير سنة 1958 فصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة رفض الطعن وقررت الدائرة إحالته إلى هذه المحكمة.
وحيث إن المطعون عليه يدفع ببطلان تقرير الطعن لعدم استيفائه ما يتطلبه القانون. إذ جاء قاصراً مقتضباً ومختصراً اختصاراً مخلاً لخلوه من شرح النزاع وأسبابه بالتفصيل الواجب لطرحه أمام المحكمة طرحاً وافياً يمكن الخصم من الرد عليه والمحكمة من الفصل فيه.
وحيث إن كل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد هو أن يشتمل تقرير الطعن علاوة على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم - على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن - لما كان ذلك وكان البين من مطالعة التقرير أنه قد جاء شاملاً لجميع تلك البيانات فإن الدفع يكون على غير أساس ويتعين رفضه ويكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أهدر ما للإعلام الشرعي الذي استند إليه من حجية إذ لم يأخذ به مع أنه لا اعتراض ولا مطعن عليه من الخصم فهو بذلك حجة يعمل بها ويكون الحكم المطعون فيه إذ أهدره قد خالف القانون مخالفة توجب نقضه. وأضاف الطاعن أن الخصم لم يمانع في أن يقضي له بطلباته إذا أثبت أنه من الورثة وقد تم له ذلك على الوجه المبين بالحكم الابتدائي وهو لذلك يطلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث عن القول بعدم ممانعة المطعون ضده في اعتبار الطاعن من الورثة إذا ثبت للمحكمة ذلك، فإنه فضلاً عن أن هذا الوجه لا ينطوي على الطعن بمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو غير ذلك من الأسباب التي تجيز النقض فإن البادي في هذه العبارة الصادرة من المطعون ضده هو تعليق عدم المماثلة في الحق على ثبوت هذا الحق قضائياً فهي عبارة جدلية لا تتضمن التسليم بطلبات الخصم ولا الإقرار له بالحق المدعى به.
وحيث عما ذهب إليه الطاعن في الوجه الآخر من طعنه من النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون لإهدار حجية الإعلام الشرعي الذي قدمه سنداً لدعواه إذ لم يأخذ به مع أنه لا مطعن عليه فإنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه الطاعن استند في إثبات دعواه إلى إعلام شرعي يثبت وفاة الواقف عن ابنته آمنة خاتون التي آل إليها استحقاق الوقف جميعه ثم وفاة آمنة المذكورة وأيلولة الاستحقاق جميعه إلى ابنتها زبيدة التي توفيت بعد ذلك عن أولادها الخمسة ومنهم الطاعن أحمد رفعت. وقد أنكر المطعون عليه على الطاعن دعواه وقرر أن ما ورد في الإعلام الشرعي لا يطابق الحقيقة وأن الواقف الأمير علي كاشف الصابونجى مات عقيماً فانتقل الاستحقاق في الوقف حسب شرط الواقف إلى زوجته فطومة علي العطار وتوفيت فطومة المذكورة عن ولديها من غير الواقف وهما محمد عبد الهادي الحبيبي وعثمان رمضان اللذين آل إليهما الاستحقاق لكل منهما بحق النصف. وقد عين محمد عبد الهادي ناظراً على الوقف بتاريخ 8 من رجب سنة 1305 هجرية واستمر في النظر إلى أن توفى في 24 من سبتمبر سنة 1945 وآل نصيبه في الاستحقاق إلى كل من ولديه أحمد عبد الرحمن - المطعون عليه - ومحمد عبد الباقي، ثم عين أولهما ناظراً على الوقف بقرار مؤرخ 27 من أبريل سنة 1949 كما توفي عثمان رمضان وآل نصيبه في الوقف إلى ولديه - مصطفى ونفسية - وانتهت المحكمة في حكمها المطعون فيه إلى أن الإعلام الشرعي الذي قدمه الطاعن لا حجية له في الإثبات ولا يدل على صحة ما جاء فيه إذ لم يصدر في خصومة وإنما هو إشهاد أثبته القاضي الشرعي على لسان مقدم الطلب بشهادة شاهدين أحضرهما ولهذا أراد أن يقوي الإثبات بشهادة الشاهدين اللذين سمعتهما المحكمة لإثبات النسب إلا أن شهادتهما لا يعول عليها أيضاً إذ أنهما شهدا عن وقائع مضى عليها حوالي القرن فيه سماعية لم يثبت صدق المصدر الذي نقلت عنه، فضلاً عن دلالة صيغتها على تلفيقها فقد شهدا بتاريخ وفاة الواقف مع أن هذه الوفاة مضى عليها وقت طويل وهما ليسا من أهل الواقف ولا صلة لهما به، ثم فند الحكم بعد ذلك ادعاء الطاعن وراثته فقرر "أنه فضلاً عما تقدم فإن كتاب الوقف وقرارات النظر التالية له لا تشير إلى المستأنف ضده "الطاعن" ولا إلى من يدعي أنه تلقى الاستحقاق عنهم من قريب ولا من بعيد الأمر الذي يدل على أن هذا الادعاء لا أساس له وأن المستندات السابق الإشارة إليها قاطعة في عدم أحقية المستأنف ضده (الطاعن) في دعواه وبذلك انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلغاء الحكم الأول ورفض دعوى الطاعن".
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه أقيم فيما أقيم عليه على القطع بأن ما ورد في الإعلام الشرعي من تحقق وراثة الطاعن للواقف لا يطابق الواقع بل هو مدفوع بما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة ليست محل نعي الطاعن.
وحيث إن حجية الإعلام الشرعي - بغض النظر عما قرره الحكم المطعون فيه بشأنها - تدفع وفقاً لنص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم من المحكمة المختصة، وهذا الحكم كما يكون في دعوى أصلية يصح أن يكون في دفع أبدى في الدعوى التي يراد الاحتجاج فيها بالإعلام الشرعي - وهو ما سلكه المطعون عليه أمام محكمة الاستئناف - لما كان ذلك وكانت الهيئة التي فصلت في هذا الدفع مختصة أصلاً بالحكم فيه فإن قضاءها فيه لا يعتبر إهداراً لحجية الإعلام لا تملكه قانوناً المحكمة المطعون في حكمها بل هو قضاء من محكمة مختصة يخالف ما ورد في الإعلام بتحقيق الوفاة والوراثة، وهذا القضاء أجازه المشرع وحدبه من حجية الإعلام بقوله: "ما لم يصدر حكم شرعي على خلاف هذا التحقيق". وذلك إفصاحاً عن مراده من أن حجية الإعلام الشرعي بتحقيق الوفاة والوراثة الذي يصدر بناءً على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية، يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.

الطعن 2573 لسنة 55 ق جلسة 10 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ج 1 ق 32 ص 147

جلسة 10 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران ومحمد إسماعيل غزالي.

----------------

(32)
الطعن رقم 2573 لسنة 55 القضائية

(1) حيازة "دعاوى الحيازة".
سقوط الحق في الحيازة مناطه. رفع المدعي دعوى الحق. جواز تقديمه أوجه الدفاع والأدلة لإثبات حيازته ولو كانت تتعلق بأصل الحق طالما يطلب الفصل في موضوع الحق ذاته.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "دعاوى الإيجار والحيازة". حيازة "دعاوى الحيازة".
إقامة المستأجر دعوى الحيازة والإشارة فيها إلى صفته هذه للتدليل على حقه في رفع الدعوى. عدم اعتباره من قبيل الاستناد إلى أصل الحق الذي يسقط ادعاؤه بالحيازة.

----------------
1 - النص في المادة 44/ 1 من قانون المرافعات يدل على أن المناط في سقوط الحق في دعوى الحيازة، هو قيام المدعي برفع دعوى الحق، إذ يعتبر المدعي برفعه لهذه الدعوى متنازلاً عن دعوى الحيازة، ولا يعني ذلك أنه يمتنع عليه تقديم أوجه الدفاع والأدلة المثبتة لتوافر صفته أو توافر أوصاف الحيازة التي يحميها القانون، ولو كانت هذه الأدلة تتعلق بأصل الحق، طالما أن الهدف منها هو إثبات توافر شروط الحيازة في جانبه، ولم يطلب الفصل في موضوع الحق ذاته.
2 - من المقرر وفقاً لنص المادة 575/ 1 من القانون المدني أنه يجوز للمستأجر رغم أن حيازته حيازة مادية فحسب، أن يرفع جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مبيناً على سبب قانوني، ومن ثم فإن إقامة دعوى الحيازة من المستأجر، والإشارة فيها إلى صفته هذه للتدليل بها على حقه في رفع الدعوى لا يعد من قبيل الاستناد إلى أصل الحق الذي يسقط ادعاؤه بالحيازة وفقاً لنص المادة 44/ 1 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 8697 سنة 1979 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بعدم الاعتداد بقرار النائب العام بتمكين المطعون ضده من "الفيلا" محل النزاع، ويرد حيازته لها، وقال بياناً لدعواه أنه في غضون عام 1939 استأجرت جدته........ "هذه الفيلا" من شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وأقامت فيها مع أولادها وأحفادها وهو إحداهم، واستمر مقيماً فيها بمفرده بعد وفاة جدته ووالديه إلى أن نازعه المطعون ضده في حيازتها رغم أن عقد الإيجار قد امتد لصالحه بالتطبيق لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذ يحق له طلب استرداد حيازة العين المؤجرة وفقاً لنص المادة 958 من القانون المدني، ومن ثم فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 17/ 6/ 1982 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أنه كان مقيماً بالعين المؤجرة مع المستأجرة الأصلية حتى وفاتها، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين قضت في 28/ 6/ 1984 بأحقية الطاعن في الإقامة "بالفيلا" محل النزاع ويمنع التعرض له فيها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 6056 لسنة 101 ق القاهرة، وبتاريخ 13/ 11/ 1985 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان يقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من أن الطاعن قد استند فيها إلى أصل الحق بتمسكه بامتداد عقد الإيجار لصالحه بعد وفاة المستأجر الأصلية، هذا في حين أن دفاعه المذكور كان الهدف منه بيان صفته كمستأجر لعين النزاع التي تتيح له رفع دعاوى وضع اليد وفقاً لنص المادة 575 من القانون المدني ولا يعد ذلك من قبيل الاستناد إلى أصل الحق، فقد أسس دعواه على توافر شروط الحيازة في جانبه وفقاً لنص المادة 958 من القانون المذكور، كما أنه لم يختصم فيها المؤجر للقضاء بامتداد عقد الإيجار إليه، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 44/ 1 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة....." يدل على أن المناط في سقوط الحق في دعوى الحيازة، هو قيام المدعي برفع دعوى الحق، إذ يعتبر المدعي برفعه لهذه الدعوى متنازلاً عن دعوى الحيازة ولا يعني ذلك أنه يمتنع عليه تقديم أوجه الدفاع والأدلة المثبتة لتوافر صفته أو توافر أوصاف الحيازة التي يحميها القانون، ولو كانت هذه الأدلة تتعلق بأصل الحق، طالما أن الهدف منها هو إثبات توافر شروط الحيازة في جانبه، ولم يطلب الفصل في موضوع الحق ذاته ومن المقرر وفقاً لنص المادة 575/ 1 من القانون المدني أنه يجوز للمستأجر رغم أن حيازته حيازة مادية فحسب، أن يرفع جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبيناً على سبب قانوني، ومن ثم فإن إقامة دعوى الحيازة من المستأجر، والإشارة فيها إلى صفته هذه للتدليل بها على حقه في رفع الدعوى لا يعد من قبيل الاستناد إلى أصل الحق الذي يسقط ادعاؤه بالحيازة وفقاً لنص المادة 44/ 1 المشار إليها، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أقام داعوه على المطعون ضده طالباً استرداد حيازة "الفيلا" محل النزاع تأسيساً على ما تقضي به المادة 958 من القانون المدني باعتباره حائزاً للعقار، وكان استدلاله بامتداد عقد الإيجار لصالحه بعد وفاة المستأجرة الأصلية وفقاً لنص المادة 29 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 إنما كان تأييداً لدفاعه من أنه الحائز الفعلي للعين المؤجرة وبياناً لصفته كمستأجر لها، إذ لم يطلب الحكم له بأحقيته في استمرار العلاقة الإيجارية مع المؤجر للعين المذكورة، ولم يختصمه في داعوه، ومن ثم فإنه لا يكون قد جمع في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث واقعة الحيازة المدعي بها فإنه، يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الخميس، 25 يناير 2024

الطعن 2 لسنة 43 ق جلسة 10/ 3 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 118 ص 592

جلسة 10 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي وحسن مهران حسن والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري.

----------------

(118)
الطعن رقم 2 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

(1) دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة". محكمة الموضوع. حكم.
إجابة طلب فتح باب المرافعة والتصريح بتقديم مستندات. من إطلاقات محكمة الموضوع. إغفال الحكم الإشارة إلى هذا الطلب. رفض ضمني له.
(2 - 7) إثبات "الإقرار". أحوال شخصية "نسب".
(2) الإقرار بالأبوة. شرط صحته. أن يكون الولد المقر له مجهول النسب. الشخص مجهول النسب في الفقه الحنفي. بيانه.
(3) قيد اللقيط بدفاتر الملجأ باسم ولقب معين. لا يقيد أنه معلوم النسب. علة ذلك.
(4) التبني. ماهيته. حكمه في الشريعة الإسلامية. حرام وباطل. لا يترتب عليه أثر أو حكم شرعي.
(5) الدعوى. هي الإقرار المجرد بالنسب. أثرها. ثبوت النسب بها ولو كذبتها الظواهر. جواز ورودها لاحقة على التبني ما لم يبين المقر وقت إقراره سبب البنوة.
(6) إقرار الزوجة بالأمومة من زوجها. فيه تحميل نسب الولد على الزوج. مصادقة الزوج لإقرارها. شرط لثبوت هذا النسب منهما.
(7) النسب. يثبت بالبينة والإقرار كما يثبت بالقرائن.
(8)، (9) إثبات "الإحالة إلى التحقيق". بطلان. حكم. نقض "السبب الجديد".
(8) سماع شهود الطرفين بعد انتهاء ميعاد التحقيق. لا بطلان. الاعتداد بهذا التحقيق. لا خطأ.
(9) عدم جواز التمسك بالبطلان إلا لمن شرع لمصلحته. عدم تمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة بعدم إعلانه بحكم التحقيق. التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول. لا يغير من ذلك سبق إثارته بجلسة التحقيق من غير هذا الطاعن.

---------------
1 - لا تثريب على محكمة الموضوع - بحسب الأصل - إن هي لم تجب على الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة والتصريح بتقديم مستندات، لأن إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته من الإطلاقات، فلا يعيب الحكم الالتفات عنه، ولما كان إغفال الحكم الإشارة إلى الطلب يعتبر بمثابة رفض ضمني له، فإن النعي يكون على غير أساس.
2 - إنه وإن كان يشترط لصحة الإقرار بالأبوة أن يكون الولد المقر له مجهول النسب، فإن كان معروفاً نسبه من غير المقر لا يثبت نسبه منه، إذ لا يتصور الثبوت من اثنين في وقت واحد، ولا يصح القول بانتفاء النسب من الأول وثبوته من الثاني لأن النسب متى ثبت لا يقبل النقض والانتقال، ولئن اختلفت الأقوال في مذهب الحنفية حول متى يعتبر الشخص مجهول النسب، فذهب البعض إلى أنه من لا يعلم له أب في البلد الذي ولد فيه وقرر البعض الآخر أنه الذي لا يعلم له أب في البلد الذي يوجد به إلا أن القول على أنه يراعى في الحكم بجهالة النسب عدم معرفة الأب في البلدين معاً دفعاً للحرج وتحوطاً في إثبات الأنساب.
3 - قيد طفلة، وردت إلى ملجأ الرضع باسم..... لا يفيد إنها ابنة لشخص حقيقي يحمل هذا الاسم وأنها معلومة النسب، لما هو مقرر من إطلاق اسم على اللقطاء تمييزاً لهم وتعريفاً بشخصيتهم عملاً بالمادة 10 من القانون رقم 23 لسنة 1912 بشأن المواليد والوفيات والتي أوجبت إطلاق اسم ولقب على حديث الولادة.
4 - التبني وهو استلحاق شخص معلوم النسب أو استلحاق مجهول النسب مع التصريح بأنه يتخذه ولداً وليس بولد حقيقي حرام وباطل في الشريعة الإسلامية ولا يترتب عليه أثر أو حكم من الأحكام الشرعية، اكتفاء بأن الإسلام قد أورد تنظيماً كاملاً محكماً لأحوال اللقطاء بما يكفل الحياة الشريفة لهم.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن النسب يثبت بالدعوة وهي الإقرار المجرد بالنسب بما ينطوي على اعتراف ببنوة الولد بنوة حقيقية وأنه تخلق من مائه، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال. والراجح في مذهب الأحناف ثبوت النسب بهذا الطريق دون أن يقرن به ما يبين وجهه حتى لو كانت الظواهر تكذبه، ولا يحول دون ذلك ورود الإقرار لاحقاً على التبني لما ينم عنه من رغبة المقر في تصحيح الأوضاع، طالما لم يبين وقت إقراراه سبب هذه البنوة.
6 - إقرار المرأة المتزوجة بالأمومة من زوجها لا يثبت به النسب إلا إذ صدقها الزوج لأن إقرارها بالولد في هذه الحالة فيه تحميل نسبه على الزوج، فلا يلزم بقولها إلا عند مصادقته، فيثبت حينذاك. نسب الولد منهما.
7 - النسب كما يثبت بالفراش يثبت بالبينة والإقرار.
8 - إذ كانت المادة 20 من قانون المرافعات القائم لا ترتب البطلان بغير نص صريح إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه، وكان النص في المادة 75 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه لا يجوز بعد انقضاء ميعاد التحقيق سماع شهود بناء على طلب الخصوم هو نص تنظيمي لا يترتب البطلان على مخالفته، فيعتد بالتحقيق الذي يتم بعد انتهاء الميعاد طالما سمع شهود الطرفين وتحققت الغاية من الإجراء.
9 - لا تجيز الفقرة الأولى من المادة 21 من قانون المرافعات التمسك بالبطلان إلا لمن شرع لمصلحته، وإذ كان الثابت من محضر جلسة التحقيق أمام محكمة أول درجة أن الطاعن الثاني لم يتمسك بعدم إعلانه بحكم الإحالة للتحقيق. وإنما أبداه غيره، فإن تحديه بذلك يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 774 سنة 1964 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية على الطاعنين وآخرين طالبة الحكم بإثبات وفاة..... وبأنها من ورثتها باعتبارها ابنة لها رزقت بها على فراش الزوجية الصحيحة من زوجها..... الطاعن الأول - وتستحق في تركتها النصف فرضاً وأمرهم بعدم التعرض لها، وقالت بياناً لها إنه بتاريخ 11/ 3/ 1960 توفيت والدتها سالفة الذكر وانحصر إرثها الشرعي فيها وسائر ورثتها الشرعيين وهم والدتها..... وأخوتها الأشقاء ومنهم الطاعنون من الثاني إلى الرابعة وزوجها الطاعن الأول، وإذ خلفت تركة رفض الطاعنون تسليمها نصيبها منها فقد أقامت دعواها. أجاب الطاعن الأول بأن المطعون عليها ليست ابنته وأنها متبناة وكانت تسمى..... وبتاريخ 19/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بالانتقال إلى مركز رعاية الطفل بالسيدة للاطلاع على دفتر التبني من سنة 1945 وإلى سنة 1950 وعلى ملف الطفلة المشار إليها، ثم حكمت بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أن..... توفيت في 11/ 3/ 1960 وأنها ابنتها رزقت بها على فراش الزوجية من الطاعن الأول - وتستحق في تركتها النصف فرضاً، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 30/ 6/ 1970 بإعادة الدعوى للتحقيق ثم حكمت في 26/ 6/ 1971 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 70 سنة 88 ق أحوال شخصية القاهرة طالبة إلغاءه. وبتاريخ 9/ 2/ 1973 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وثبوت وفاة..... وبأن المطعون عليها من ورثتها باعتبارها ابنة لها رزقت بها على الفراش الصحيح من زوجها الطاعن الأول واستحقاقها نصف تركتها فرضاً. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، ينعى الطاعنون بالرابع منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور، وفي بيان ذلك يقولون إنهم قدموا طلباً لفتح باب المرافعة لتقديم مستندات قاطعة في الدعوى هي الدليل على إجراء العملية الجراحية التي تستحيل معها الولادة على المتوفاة وأيضاً على كذب شهود المطعون عليها، إلا أن المحكمة لم تشر إلى هذا الطلب، وهي وإن كان لها تقدير هذا الطلب إلا أنه يتعين ثبوت اطلاعها عليه لتعمل فيه سلطتها التقديرية، وهو ما يعيب الحكم.
حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان لا تثريب على محكمة الموضوع - بحسب الأصل - إن هي لم تجب على الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة والتصريح بتقديم مستندات لأن إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته من الإطلاقات فلا يعيب الحكم الالتفات عنه، وكان إغفال الحكم الإشارة إلى الطلب تعتبر بمثابة رفض ضمني له، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الأول والثالث والخامس الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم أقام قضاءه على سند من الإقرارات الصادرة من الطاعن الأول، والموقع عليها منه والتي تفيد ثبوت نسب المطعون عليها من زوجته المتوفاة ومنه باعتبارهما والديها، وأنه لا صحة لزعم ذلك الأخير بأنها متبناة لأنه لم يتقدم بالعقد المثبت للتبني، كما أنه بان من انتقال المحكمة لمركز رعاية الطفل أن من تبناها الطاعن الأول بتاريخ 8/ 6/ 1946 طفلة تدعى..... ومن مواليد دمياط في 12/ 8/ 1941، ولم يقدم دليل قاطع على أنها هي المطعون عليها المولودة بالقاهرة في 13/ 10/ 1943، والثابت أن الطاعن الأول هو الذي قيدها في دفتر المواليد باعتبارها ساقطة القيد مما يقطع باختلاف كل منهما عن الأخرى، خاصة وأن الخلاف لم يقع إلا بعد وفاة الأم لرغبة الطاعن الأول في الاستئثار بالنصيب الأكبر من التركة وبعد زواجه من أخرى، في حين أن شرط صحة الإقرار أن يكون المقر له مجهول النسب، وإذ كان الواضح من محضر الانتقال آنف الذكر أن الطفلة المتبناة معلومة النسب وأن والدها الذي ألحقت به معين بالاسم وأنها هي بذاتها المطعون عليها بدليل أنها ظلت تحت إشراف المركز عقب انتقالها إلى كتف الطاعن الأول، وأنه شكا من تصرفاتها في سنة 1963، وأنها هي التي لجأت إلى المركز في سنة 1964 وأودعت لدى أسرة بديلة في سنة 1965، فإن هذا كله من شأنه أن يتناقض وأساس الدعوى ويتعارض مع أقوال الشهود الواردة على خلاف الثابت بالأوراق الرسمية، ويقع الإقرار بالبنوة سواء من الطاعن الأول أو من زوجته باطلاً، لما هو معلوم من أن إقرار المرأة المتزوجة لا يقبل إلا بتصديق الزوج أو إقامة الدليل عليه والزوج هنا لم يصدق، هذا ولا اعتداد بالاختلاف بين تاريخي الميلاد لأن الطاعن الأول اضطر لافتعال الشهادة الثانية ليتسنى إلحاق المطعون عليها بدور العلم مقدراً لها سناً افتراضية باعتبارها من سواقط القيد، والقول بغير ذلك معناه أن التي أعيدت للملجأ هي بنت الطاعن الأول وأن فتاة الملجأ أبقيت لديه وهو أمر غير مقبول بداهة وبالإضافة إلى أن الطاعن الأول ميسور الحال ولم يتزوج بأخرى إلا في سنة 1965 بعد قيام النزاع فعلاً، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه فضلاً عن قصوره في التسبيب يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان يشترط لصحة الإقرار بالأبوة أن يكون الولد المقر له مجهول النسب، فإن كان معروفاً نسبه من غير المقر لا يثبت نسبه منه، إذ لا يتصور الثبوت من اثنين في وقت واحد، ولا يصح القول بانتفاء النسب من الأول وثبوته من الثاني لأن النسب متى ثبت لا يقبل النقض والانتقال، ولئن اختلفت الأقوال في مذهب الحنفية حول متى يعتبر الشخص مجهول النسب، فذهب البعض إلى أنه من لا يعلم له أب في البلد الذي ولد فيه، وقرر البعض الآخر أنه الذي لا يعلم له أب في البلد الذي يوجد به، إلا أن القول على أنه يراعى في الحكم بجهالة النسب عدم معرفة الأب في البلدين معاً دفعاً للحرج وتحوطاً في إثبات الأنساب، ولما كان ما أثبت بمحضر الاطلاع على دفاتر ملجأ الرضع بالسيدة زينب من قيد طفلة وردت من دمياط يوم 13/ 8/ 1941 ومولودة في اليوم السابق باسم.... لا يفيد أنها ابنة لشخص حقيقي يحمل هذا الاسم وأنها معلومة النسب، لما هو مقرر من إطلاق اسم على اللقطاء تمييزاً لهم وتعريفاً بشخصيتهم عملاً بالمادة 10 من القانون رقم 23 لسنة 1912 بشأن المواليد والوفيات والتي أوجبت إطلاق اسم ولقب على حديث الولادة، لما كان ذلك ولئن كان التبني وهو استلحاق شخص معلوم النسب أو استلحاق مجهول النسب مع التصريح بأنه يتخذه ولداً وليس بولد حقيقي حرام وباطل في الشريعة الإسلامية ولا يترتب عليه أثر أو حكم من الأحكام الشرعية، اكتفاء بأن الإسلام قد أورد تنظيماً كاملاً محكماً لأحوال اللقطاء بما يكفل الحياة الشريفة لهم، إلا أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النسب يثبت بالدعوة وهي الإقرار المجرد بالنسب، بما ينطوي على اعتراف ببنوة الولد بنوة حقيقية وأنه تخلق من مائه، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، وكان الراجح في مذهب الأحناف ثبوت النسب بهذا الطريق دون أن يقرن به ما يبين وجهه حتى لو كانت الظواهر تكذبه، وكان لا يحول دون ذلك ورود الإقرار لاحقاً على التبني لما ينم عنه من رغبة المقر في تصحيح الأوضاع، طالما لم يبين وقت إقراراه سبب هذه البنوة، وكان إقرار المرأة المتزوجة بالأمومة من زوجها لا يثبت به النسب إلا إذا صدقها الزوج لأن إقرارها بالولد في هذه الحالة فيه تحميل نسبه على الزوج فلا يلزم بقولها إلا عند مصادقته، فيثبت حينذاك. نسب الولد منهما، وكان الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته "وقدمت المستأنفة أمام محكمة أول درجة لإثبات دعواها جملة حوافظ بها مستنداتها منها شهادة من مدرسة التمريض مستخرجة من واقع شهادة ميلادها تدل على أنها من مواليد 13/ 10/ 1943 وأن والدها هو المستأنف ضده الأول ووالدتها المتوفاة السيدة..... وصورة فوتوغرافية من شهادة الإعدادية ثابت منها أنها ابنة المستأنف ضده الأول وإقرار بالحالة الاجتماعية مؤرخ 10/ 12/ 1959 مقدم من المرحومة..... والدة المدعية، وفيها تقرر ببنوة المستأنفة، واستمارة بتاريخ 4/ 9/ 1957 مقدمة من والد المستأنفة.... إلى مدرسة سراي القبة الثانوية للبنات بطلب إلحاق بالمدرسة وموقع عليها بإمضائه تحت عبارة والد التلميذة، ومستخرج رسمي من صحة السيدة يدل على أن المستأنفة مولودة في 13/ 10/ 1943 ووالدها.... ووالدتها..... وتحرر في 25/ 1/ 1959 بناء على طلب والدها، وصورة طبق الأصل فوتوغرافية من الوقائع المصرية في 19/ 3/ 1953 وبها أن المستأنف ضده الأول يرغب قيد اسم ابنته..... بدفاتر مواليد صحة السيدة لأنها ساقطة القيد."، واستخلص الحكم من ذلك إقرار الطاعن الأول ببنوة المطعون عليها، فإن ما خلص إليه ينطوي على استظهاره مصادقة الطاعن الأول لزوجته فيما أقرت به من أمومتها للمطعون عليها بالإضافة إلى إقراره مجرداً، ولا مخالفة في ذلك للقانون، لما كان ما تقدم وكان الحكم قد أضاف في سياق آخر "..... وحيث إنه ثبت للمحكمة من اطلاعها على محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة في 27/ 12/ 1969 بعد نهاية الأجل وتقيد به قانوناً كما سبق ذكره يستبين أن الشاهد الأول من شهود المستأنفة (المدعية) هم الرائد... والذي قرر أن المستأنف ضده الأول ابن عم والده فهو ذو صلة قرابة وثيقة بالطرفين ويشهد أن المستأنفة هي ابنة المستأنف ضده الأول وأن المتوفاة والدتها وترثها ابنتها مع ورثة آخرين وأنها تستحق النصف شرعاً، ومن ضمن تركتها منزل بالمنصورة قيمته 500 جنيه، كما أن تاريخ ميلاد المستأنفة في أكتوبر سنة 1943، وقرر الشاهد الثاني من شهودها السيد.... شقيق المستأنف ضده الأول أنه عم المستأنفة وأنها ابنة شقيقة من والدتها المتوفاة المرحومة.... وأنجبتها على فراش الزوجية وأنها ترث النصف من التركة شرعاً وأنها مولودة في 13/ 10/ 1943 بمنزل المستأنف ضده الأول وتزوج المتوفاة بحارة السلطان الحنفي قسم السيدة وأنه لم يسمع بموضوع التبني إلا بعد أن دب الخلاف بينهما، ويشهد الشاهد الثالث من شهودها.... أنه على صلة بالطرفين ويعلم أنها ابنة المستأنف ضده الأول وولدت في 13/ 10/ 1943 وأنه بعد وفاة زوجته في 11/ 3/ 1960 تزوج بأخرى وأنجب منها وأن موضوع التبني لم يثر إلا بعد نشوء الخلاف بين الطرفين، أما شهود المستأنف ضدهم فالشاهد الأول وهو.... وقرر أنه جار له وأن المتوفاة مرضت بمرض تناسلي بعد زواجها بحوالي 18 أو عشرين سنة وعملت لها عملية ولم تنجب أولاداً وأن المستأنفة متبناة، كما قرر أن معلوماته التي أدلى بها سماعية من المتوفاة، وقرر الشاهد الثاني من شهود المستأنف ضدهم وهو السيد.... أن له صلة جوار بأطراف النزاع وأن المتوفاة لم تنجب أولاداً وشاهد معها مرة طفلة حينما أخبرته أنها متبناة. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى شهود المستأنفة وجميعهم تربطهم بالمستأنف ضده الأول أوثق صلات القرابة من إخوة وعمومه، أما شهود المستأنف ضده الأول ففضلاً عن أن شهادتهم سماعية فإنهم زعموا أنهم تربطهم به صلة الجوار، فضلاً عن أن الشاهد..... قرر أن المتوفاة مرضت بعد زواجها بحوالي 18 عاماً، بينما يقرر زوجها أنه تزوجها سنة 1939 وأنها عملت عملية إزالة المبيضين في سنة 1942، أي بعد ثلاث سنوات فقط من الزواج، كما أن ذات المستأنف ضده الأول لم يتقدم بما يفيد إجراء هذه العملية لزوجته وما ترتب عليها من إزالة المبيضين...، وحيث إنه واضح من أقوال شهود المستأنفة الذين اطمأنت إليهم المحكمة ومن المستندات المقدمة منها بإقرار وتوقيع المستأنف ضده الأول والدها ما يفيد ثبوت نسبها إلى والدها ووالدتها المتوفاة وتكون بالتالي أحد ورثتها الشرعيين تستحق نصيبها في تركتها."، وكان النسب كما يثبت بالفراش يثبت بالبينة والإقرار، وكان الحكم قد استند إلى هاتين الوسيلتين، وهما دعامتان تكفيان لحمل قضائه، فإنه لا يعيبه بعد ذلك استطراده تزيداً إلى ما قرره من اختلاف المطعون عليها عن طفلة الملجأ المتبناة أو عن الاختلاف في تاريخ الميلاد أو عن الأسباب الدافعة لموقف الطاعن الأول، ويكون النعي - بكافة وجوهه - على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم أخذ بأقوال شهود المطعون عليها في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة بجلسة 27/ 12/ 1969 رغم تمامه بعد نهاية الأجل المحدد للتحقيق ورغم عدم إعلان منطوق حكم الإحالة للطاعن الثاني، هذا إلى أن محكمة الاستئناف تناقضت في شأن الشهود الذين سمعوا بجلسة 25/ 2/ 1971، إذ بينما تلقى بينهم وبينها حجاباً وتقرر أنها لا تعرض لأقوالهم إذ بها تعود لمناقشتهم مناقشة الكارة الذي كون رأياً ثابتاً، ولو كان الحكم نظر إلى الشهود جملة واحدة لاقتنع بوجوب استبعاد شهادة من أخذ بشهادتهم، بالإضافة إلى أنه لا يجوز قبول شهادة الشهود على ما يخالف الأوراق الرسمية.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة 20 من قانون المرافعات القائم لا ترتب البطلان بغير نص صريح إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه، وكان النص في المادة 75 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه لا يجوز بعد انقضاء ميعاد التحقيق سماع شهود بناء على طلب الخصوم هو نص تنظيمي لا يترتب البطلان على مخالفته، فيعتد بالتحقيق الذي يتم بعد انتهاء الميعاد طالما سمع شهود الطرفين وتحققت الغاية من الإجراء وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن مسلكه يتفق وصحيح القانون، لما كان ذلك وكانت الفقرة الأولى من المادة 21 من قانون المرافعات لا تجيز التمسك بالبطلان إلا لمن شرع لمصلحته، وكان الثابت من محضر جلسة 27/ 12/ 1969 أمام محكمة أول درجة أن الطاعن الثاني لم يتمسك بعدم إعلانه بحكم الإحالة للتحقيق وإنما أبداه غيره، فإن تحديه بذلك يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم وكان المقرر أن لقاضي الدعوى السلطة المطلقة في الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وما يثيره الطاعنون في هذا الشق لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل، لما كان ما سلف وكان لا مجال للتذرع بمجيء أقوال الشهود على خلاف الثابت بالأوراق الرسمية على التفصيل السابق إيراده في الرد على السبب السابق، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 8 لسنة 44 ق جلسة 21 /1 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 62 ص 271

21 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، سعد أحمد الشاذلي، الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد الباجوري.

---------------

(62)
الطعن رقم 8 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

(1) إثبات "الإحالة إلى التحقيق". استئناف.
إحالة محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق. عدم اعتباره إطراحاً لأقوال الشهود أمام محكمة أول درجة. لمحكمة الاستئناف الاستناد إلى هذا التحقيق.
(2 و3 و4 و5 و6 و7) إثبات "شهادة الشهود". أحوال شخصية. "البينة". إرث.
(2) الشهادة. شرطها. مرافقتها للدعوى. تكذيب المدعي لشهوده في شيء زائد عن موضوع الدعوى. لا أثر له مثال. في دعوى إرث.
(3) الإعلام الشرعي. قيام إجراءاته على تحقيقات إدارية. جواز إهدارها بما تجريه المحكمة المختصة من بحث. جواز ترجيحها البينة على التحريات.
(4) القضاء بإسلام المتوفى استناداً إلى البينة. قول الشهود بدقته طبقاً للمراسم المسيحية. لا خطأ.
(5) النسب. ثبوته بالإقرار وبالفراش وبالبينة.
(6) دعوى الإرث بسبب البنوة. تميزها عن دعوى إثبات الزوجية. جواز إثبات البنوة فيها بالبينة. لا محل لاشتراط وجود وثيقة زواج رسمية. علة ذلك.
(7) النطق بالشهادتين. كفايته لصحة الإسلام. لا يشترط لذلك التبري من كل دين يخالفه.

---------------
1 - لا تثريب على محكمة الاستئناف إذ هي اعتمدت على أقوال شاهدي المطعون عليهما في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، اعتباراً بأن محضر هذا التحقيق يعد من أوراق الدعوى المطروحة عليها بسبب نقل الدعوى بحالتها إليها، طالما أن هذا المحضر لم يشبه بطلان في ذاته ولا تفيد إحالة محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق من جديد إطراحاً لأقوال الشهود أمام محكمة أول درجة بحيث لا يمتنع عليها الاستناد إلى التحقيق.
2 - لئن كان المتفق عليه عند فقهاء الحنفية أنه يشترط في الشهادة موافقتها للدعوى، إلا أن هذا الشرط وعند الحنفية كذلك لا يجد محلاً يرد عليه إذا كان تكذيب المدعي لشهوده في شي زائد عن موضوع الدعوى.
3 - إذ كان الإعلام الشرعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يصدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة.... وكانت المحكمة قد رجحت البينة فإن مفاد ذلك إنها لم تجد في تحريات الإشهاد ما يستأهل الرد عليها.
4 - لا تعارض بين أخذ المحكمة البينة في خصوص إسلام المتوفى وزواجه وبين ما ورد بأقوال الشهود من أنه تم دفنه طبقاً للمراسم المسيحية.
5 - النسب كما يثبت بالإقرار يثبت بالفراش وبالبينة.
6 - إذا كانت دعوى المطعون عليها دعوى إرث بسبب البنوة وهي متميزة عن دعوى إثبات الزوجية، وكان موضوع النسب مطروحاً فيها باعتباره سبب استحقاق الإرث وكان المشرع لم يشترط لإثبات النسب وجود وثيقة زواج رسمية لأن المنع الخاص بعدم سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها في الحوادث الواقعة من أول أغسطس 1931 لا تأثير له شرعاً على دعاوى النسب بل هي باقية على حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية رغم التعديل الخاص بدعوى الزوجية في المادة 99 من لائحته ترتيب المحاكم الشرعية، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو أطرح ما قدمه الطاعنون من أوراق بعد قيام الدليل - البنية - على ثبوت النسب المتنازع عليه لأن قيام الحقيقة التي اقتنع بها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه.
7 - المفتى به في الراجح من مذهب الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) هو صحة الإسلام بمجرد النطق بالشهادتين دون أن يشترط التبري من كل دين يخالفه، لأن التلفظ بالشهادتين أصبح علامة على الإسلام وعنواناً له. وإذا كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن المتوفى مات على دين الإسلام استناداً إلى ما ثبت لديه بالبينة الشرعية من أنه نطق بالشهادتين وكان يؤدي شعائر الدين الإسلامي من صلاة وصوم، ولم يجعل من النطق بالتبري من أي دين آخر شرطاً لاعتباره مسلماً، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو تنكب نهج الشرع الإسلامي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 165 سنة 1968 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإثبات وفاة المرحوم.... بتاريخ 3/ 8/ 1968 وانحصار إرثه في ولديه القاصرين.... و... دون سواهما وتسليمها جميع تركته بصفتها وصية عليهما، وقالت شرحاً لدعواها أن المرحوم..... اعتنق الدين الإسلامي منذ أكثر من ثماني سنوات، وتوفى بتاريخ 1/ 8/ 1968 وترك ما يورث عنه وانحصر إرثه الشرعي في ولديه..... القاصرين المشمولين بوصايتها بوصفها والدتهما، وإذ نازعها الطاعنون - والدته وأخواه رغم أنهم لا حق لهم في إرثه لاختلاف الدين، واستصدروا الإعلام الشرعي رقم 278 لسنة 1968 أحوال بندر طنطا بانحصار الإرث فيهم وامتنعوا عن تسليمها أعيان التركة فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 6/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن المتوفى.... قد أسلم قبل وفاته وقبل زواجه منها وأنه أنجب منها الولدين..... و... أثناء معاشرته لها بمنزل الزوجية وأنها بقيت على عصمته حتى تاريخ الوفاة، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 19 من يناير 1971 بالطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 7 سنة 21 ق أحوال شخصية "نفس" طنطا طالبين إلغاء ورفض الدعوى، وفي 4/ 6/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن المتوفى.... قد أسلم واستمر مسلماً حتى وفاته وأنه أنجب منها....، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 8/ 1/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وقالوا في بيان ذلك أن الحكم استند إلى بينة المطعون عليها في مرحلتي التقاضي مع أن إحالة محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق من جديد يفيد أنها أطرحت أقوال شاهدي المطعون عليها أمام محكمة أول درجة فلا يجوز من ثم الاعتماد عليها هذا إلى أن أقوال شهود هذه الأخير غير مؤدية إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم من ثبوت إسلام المتوفى أو وجود عقد صحيح يثبت به النسب كما لا تنصب على أمر متواتر اشتهر واستفاض بين الناس فقد سلم شاهداها أمام محكمة أول درجة بأن المتوفى دفن في مقابر المسيحيين، وأقر أحدهما على نفسه بأنه لا يصوم ولا يصلي ولا يرتاد المساجد مما ينطوي على اعتراف منه بفسقه فلا تقبل من ثم شهادته، وورد على لسان أحد شاهديها أمام محكمة الاستئناف أن المتوفى تزوج بالمطعون عليها منذ ثمانية عشر عاماً وهي رواية مخالفة لما ورد بصحيفة الدعوى، بالإضافة إلى أن الحكم أقفل القرينة المستفادة من التحريات التي تمت عند ضبط الإشهاد رقم 278 سنة 1968 بندر طنطا الصادر بانحصار إرث المتوفى في الطاعنين وحدهم والتي تؤيد مع المستندات المقدمة عجز المطعون عليها إثبات إسلام المتوفى وأنه عاش ومات مسيحياً دون زواج، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان لا تثريب على محكمة الاستئناف إذ هي اعتمدت على أقوال شاهدي المطعون عليهما في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، اعتباراً بأن محضر هذا التحقيق يعد من أوراق الدعوى المطروحة عليها بسبب نقل الدعوى بحالتها إليها، طالما أن هذا المحضر لم يشبه بطلان في ذاته، ولا تفيد إحالة محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق من جديد إطراحاً لأقوال الشهود أمام محكمة أول درجة بحيث لا يمتنع عليها الاستناد إلى التحقيق. لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من محاضر التحقيق في مرحلتي التقاضي حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما ينعونه على الحكم في مخالفته للثابت من أقوالهم أو ما لحقهم من أوصاف توجب عدم الاعتداد بشهادتهم وكان البين من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد به أن محكمتي الموضوع بعد أن استعرضتا أقوال الشهود ثبوتاً ونفياً، انتهت وفي حدود سلطتها الموضوعية إلى الموازنة بين البينات وخلصت إلى ترجيح أقوال شهود الإثبات على أقوال شهود النفي، واستندت في ذلك إلى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي استظهرتها، وكان الطاعنون لم يدللوا على أن المحكمة خالفت الثابت من أقول الشهود أو حرفتها عن مواضعها، فإن النعي في هذا الشق لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذ بها الحكم مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان لا يغير من ذلك ما تذرع به الطاعنون من أن الحكم المطعون فيه أورد أن أحد شاهدي المطعون عليها قرار أن زواج المتوفى بها - كان منذ ثمانية عشر عاماً، لأن قضاء الحكم انصب على ثبوت إسلام المتوفى وأنه تزوج بالمطعون عليها وأنجب منها الولدين على فراش الزوجية - وفقاً لما سيجئ في الرد على السبب الثالث - خلافاً لما جاء بصحيفة الدعوى من أنه اعتنق الإسلام قبل وفاته بثماني سنوات... لأنه وإن كان المتفق عليه عند فقهاء الحنفية أن يشترط في الشهادة موافقتها للدعوى، إلا أن هذا الشرط وعند الحنفية كذلك لا يجد محلاً يرد عليه إذا كان تكذيب المدعي لشهوده في شيء زائد عن موضوع الدعوى وتحديد وقت حصول الزواج بهذه المثابة يعد زائداً، لما كان ما تقدم وكان الإعلام الشرعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يصدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة؛ وكانت المحكمة رجحت بينة المطعون عليها فإن مفاد ذلك أنها لم تجد في تحريات الإشهاد ما يستأهل الرد عليها؛ و لا تعارض بين الأخذ بهذه البينة في خصوص إسلام المتوفى وزواجه بالمطعون عليها وبين ما ورد بأقوال الشهود من أنه تم دفنه طبقاً للمراسم المسيحية ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك أنه أقام قضاء على سند من أن الزوجية تثبت بالشهادة عليها بناء على العشرة وأنه يجوز إثبات النسب بالشهادة ولو كان من نتاج زوجية منع القانون سماعها؛ وإذ كان إثبات هذه الزوجية بشهادة الشهود - وفقاً للمادة 99 من اللائحة الشرعية ممتنعاً قانوناً فإنه ما كان للحكم أن يركن في إثبات النسب المتفرع عن هذه الزوجية إلى شهادة الشهود، هذا إلى أن العشرة وحدها لا تعتبر دليلاً على قيام الزوجية والفراش المثبت للنسب، ويضيف الطاعنون أن الحكم أغفل دلالة القرائن التي تضمنتها المستندات المقدمة منهم والتي تقطع بعدم تغيير المتوفى لديانته المسيحية، ويكون زواجه بالمطعون عليها - لو صح حصوله - باطلاً لا ينتج فراشاً ولا يثبت نسباً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه أورد "وفيها أشهدت المستأنف عليها - المطعون عليها - كلاً من.... و.... وقد شهد أولهما أنه جار المرحوم... وأنه يعلم أن هذا الأخير قد أسلم وأنه قد نطق أمامه بشهادة الإسلام وأنه تزوج بالمستأنف عليها من حوالي ثمانية عشر سنة وأنه كان يعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها ابنها.... وابنتها....، وشهد ثانيهما بأن.... كان يقوم بشعائر الإسلام من صلاة وصوم وأنه يعلم من زيارته العائلية المتبادلة بين العائلتين أنه زوج للمستأنف عليها التي رزقت بالوالدين المذكورين" وكان مفاد ما قرره الحكم أن شاهدي المطعون عليها قد اجتمعت كلمتهما على أن المتوفى قد أسلم ونطق بالشهادتين أمامهما وتزوج بالمطعون عليها ورزق منها بولديه، وكان النسب كما يثبت بالإقرار يثبت بالفراش وبالبينة وكان الحكم قد أقام قضاءه على أن نسب الصغيرين من المتوفى ثبت بالفراش مستنداً في ذلك إلى أقوال الشهود وهو كاف بذاته لحمل قضائه، لما كان ذلك وكانت دعوى المطعون عليها دعوى إرث بسبب البنوة، وهي متميزة عن دعوى إثبات الزوجية وكان موضوع النسب مطروحاً فيها باعتباره سبب استحقاق الإرث، وكان المشرع لم يشترط لإثبات النسب وجود وثيقة زواج رسمية لأن المنع الخاص بعدم سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها في الحوادث الواقعة من أول أغسطس 1931 لا تأثير له شرعاً على دعاوى النسب بل هي باقية على حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية رغم التعديل الخاص بدعوى الزوجية في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، لما كان ما تقدم فإنه لا تثريب على الحكم إن هو أطرح ما قدمه الطاعنون من أوراق بعد قيام الدليل على ثبوت النسب المتنازع عليه لأن قيام الحقيقة التي اقتنع بها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن المستفاد من كتب الحنفية أن أرجح الأقوال في إسلام أهل الكتاب ألا يعتبروا مسلمين مجرد النطق بالشهادتين بل يجب أن يقرن ذلك بالتبري من كل دين يخالف دين الإسلام، باعتباره شرطاً لإجراء أحكام الإسلام عليه، غير أن الحكم اكتفى بالقول بدخول المتوفى في دين الإسلام بالنطق بالشهادتين دون الجهر بلفظ البراءة من كل دين سواه، وهو ما يخالف أرجح الأقوال في مذهب الحنفية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك لأن المفتى به في الراجح من مذهب الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صحة الإسلام بمجرد النطق بالشهادتين دون أن يشترط التبري من كل دين يخالفه، لأن التلفظ بالشهادتين أصبح علامة الإسلام وعنواناً له. وإذ كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن المتوفى مات على دين الإسلام استناداً إلى ما ثبت لديه بالبينة الشرعية من أنه نطق بالشهادتين وكان يؤدي شعائر الدين الإسلامي من صلاة وصوم، ولم يجعل من النطق بالتبري من أي دين آخر شرطاً لاعتباره مسلماً فإنه لا يكون قد خالف القانون أو تنكب نهج الشرع الإسلامي.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.


(1) نقض 11/ 12/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 1417.