الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023

الطعن 84 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 13 / 9 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 13-09-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 84 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
صالح حميد عبيد الرحومي
مطعون ضده:
شركة رولا الإمارات للتجارة (ذ.م.م)
أحمد خليل أحمد  الشيخ
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2037 استئناف تجاري
بتاريخ 15-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ محمود عبد الحميد طنطاوي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
و حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الثاني ( أحمد خليل أحمد الشيخ ) أقام الدعوى رقم (203) لسنة 2022 تجاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بتاريخ 11 مايو 2022 على كل من: 1- الشـركة المطعون ضدها الأولى (شركة رولا الإمارات للتجارة ذ.م.م.) 2- الطاعن (صالح حميد عبيد الرحومي)، بطلب الحكم بصحة ونفاذ الإقرار الموقع من المدعى عليه الثاني إلى المدعى وإلزام الأول بالانسحاب من الشركة المدعى عليها الأولى، ومن ثم تعديل عقد تأسيسها ورخصتها التجارية لدى دائرة التنمية الاقتصادية بدبي بإضافة اسم المدعي كمالك الشركة وما يترتب على ذلك من آثار، على سند من أن المدعى والمدعى عليه الثاني قاما بتأسيس الشركة المدعى عليها الأولى بتاريخ 9 مايو 1999 وهي شركة ذات مسئولية محدودة قائمة ومسجلة في دائرة التنمية الاقتصادية بإمارة دبي (رخصة رقم 216698)، وقد اتفق الطرفان على أنه ووفق الأنظمة المعمول بها في دولة الإمارات العربية المتحدة في ذات تاريخ توقيع عقد التأسيس والتي تتطلب شريك إماراتي لا تقل حصته عن 51% من رأس مال الشركة بأن يتم إدراج اسم المدعى عليه الثاني في الشركة المذكورة في البند الأول كشريك وذلك حتى تستوفى الشركة الإجراءات المنصوص عليها في قانون الشركات التجارية، وقد أقر المدعى عليه الثاني للمدعى إقراراً واضحاً لا لبس فيه أو غموض بكامل إرادته بأنه لم يدفع أي مبالغ وليس شريكاً بالشركة المذكورة وإنما إدخاله شريكاً كان بغرض استيفاء الشروط وأن الشركة مملوكة بالكامل للمدعي، ووفق هذا الإقرار فإن المدعى عليه الثاني تنازل صراحةً عن حصته في الشركة إلى المدعى وأنه في حال سماح الأنظمة والقوانين بالتغيير في شكل الشركة لتصبح مملوكة بالكامل من قبل المدعي فسوف يقوم بإجراءات التنازل عن حصته دون أي معارضة من قبله في ذلك الإجراء، وبالترتيب على ذلك تم تحرير وكالة عامة من قبل المدعى عليه الثاني إلى المدعي للتصرف في كامل الحصص المسجلة باسمه وفى بيعها لنفسه أو الغير وتفويض من يشاء بما وكل به أو جزء منه، وقد تحصل المدعى عليه الثاني نظير كفالته للشركة المدعى عليها الأولى على مقابل مالي منتظم من المدعي طوال المدة السابقة التي بدأت من تاريخ تحرير عقد التأسيس وحتى شهر مايو سنة 2021، وهذا موضح وظاهر من سندات الاستلام الموقعة من قبله، إلا ان المدعي فوجئ بقيام المدعى عليه الثاني بإلغاء الوكالة المحررة منه للمدعي سابقاً وأرسل إنذاراً بإلغاء الوكالة عن طريق كاتب العدل بدبى، كما أرسل المدعي عليه الثاني للمدعي إنذاراً آخر عن طريق كاتب العدل بدبى بالتنبيه عليه بعدم التصرف في المحل الخاص بالشركة، وهو ما يكون معه المدعى عليه الثاني قد خالف بشكل صارخ غير مقبول الإقرار الموقع منه والذي أقر فيه سابقاً بأنه لم يساهم بأية أموال مطلقاً في رأسمال الشركة المدعى عليها الأولى بل حاول التعدي والاستيلاء على حقوق المدعى بشكل غير صحيح على الرغم من عدم أحقيته في ما ذكره في إنذاره، وقد سعى المدعي للحفاظ على العلاقة الودية التي ربطت بينه وبين المدعى عليه الثاني منذ ثلاثة وعشرون عاماً وطلب منه الانسحاب من الشركة والتنازل عن الحصة لدى كاتب العدل بدبي ولكن دون جدوى، مما حدا بالمدعي إلى توجيه إنذار قانوني إلى المدعى عليه الثاني عن طريق كاتب العدل بدبى مفاده تنفيذ التنازل عن حصته في الشركة المدعى عليها الأولى إلى المدعى والتصديق بذلك أمام كاتب العدل وتعديل عقد تأسيس الشركة بإضافة الأخير مالك الشركة بنسبة 100% والقيام بالتعديل وفق الإجراءات المعمول بها لدى دائرة التنمية الاقتصادية بدبى إلا ان المدعى عليه الثاني لم يحرك ساكناً، ولذا فالمدعي يقيم الدعوى.
ومحكمة أول درجة فضت بتاريخ 10 أغسطس 2022 بإخراج المدعى عليه الثاني من الشركة المدعى عليها الأولى وتسجيل حصته باسم المدعي وإخطار السلطات المعنية بذلك.
استأنف المدعى عليه الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم ( 2037) لسنة 2022 استئناف تجاري ، وطلب أصلياً إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى، واحتياطياً إحالة الدعوى للتحقيق.
ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 15 ديسمبر 2022 في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المدعى عليه الثاني في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعن الماثل بطلب نقضه وذلك بصحيفة مقدمة الكترونياً بتاريخ 11 يناير 2023، وأودع المطعون ضده الثاني مذكرة بالرد طلب في ختامها رفض الطعن.
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، إذ أيد الحكم المستأنف في قضائه بإخراجه من الشركة المطعون ضدها الأولى وتسجيل حصته باسم المطعون ضده الثاني تأسيساً على أن الطاعن مجرد كفيل رخصة أي شريك صوري وذلك استناداً إلى صورة ورقة عرفية لإقرار منسوب توقيعها إليه تم تقديمها من المطعون ضده الثاني ، هذا في حين أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه هو من وفر مقر للشركة المتنازع على رخصتها، وأن المحل الذي هو مقر تلك الشركة في الأساس ملك لبلدية دبي ويقع في سوق ورسان وقد تم توفير تلك المحلات لمواطني الدولة وفقاً لما نصت عليه المادة (7) من قرار المجلس التنفيذي رقم (50) لسنة 2016 (بتنظيم الأسواق التابعة لبلدية دبي) من أنه يتم الانتفاع بالعين المؤجرة بمقتضى عقد إيجار يتم ابرامه مع البلدية وفقاً للإجراءات المنصوص عليها بالقانون رقم (6) لسنة 1997 أو اي تشريع آخر يحل محله، و بالرجوع إلى القانون رقم (6) لسنة 1997 بشأن عقود الدوائر الحكومية في إمارة دبي المشار إليه وما نصت عليه المادة (12) منه يتبين أنه يشترط فيمن تتعاقد معه الدائرة أن يكون من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة فرداً أو شركة مملوكة ملكية كاملة لمواطنين أو بالشراكة مع أجانب بنسبة لا تقل عن 51% للمواطن على أن يثبت ذلك بعقد رسمي موثق، ولما كان الطاعن لم ينازع في شأن الرخصة التجارية أو توفيق أوضاعها أو اخراج اسمه منها، وإنما دفع بأنه هو من قام بتوفير المحل بناءً على القانون السابق ذكره ليكون مقراً للمطعون ضدها الأولى، وبالتالي لا يجوز اخراجه منه، لأنه لو لم يتم توفير مقر للمطعون ضدها الأولى لم تكن الدائرة الاقتصادية لتوافق على استخراج رخصة تجارية من الأساس، فضلاً عن أنه وفقاً للثابت بعقد تأسيس الشركة المطعون ضدها الأولى الموثق لدى كاتب العدل بدبي بتاريخ 15 إبريل 2019 والرخصة التجارية لها فإن الطاعن بصفته والمطعون ضده الثاني شركاء بها بموجب الترخيص التجاري رقم (216698) وتدار بإدارة المطعون ضده الثاني، وهو ما لا ينال منه وجود إقرار منسوب صدوره للطاعن، ذلك أن هذا الإجراء مخالف للقانون ولما تم إثباته في عقد التأسيس، ومن ثم فإن عقد الشركة يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته قاعدة متعلقة بالنظام العام، مع كون الصورية بين المتعاقدين لا يجوز اثباتها قانوناً إلا بالكتابة الموثقة لدى الجهات القانونية، وأما فيما يتعلق بالتوكيل فكان الطاعن قد سبق وأن منح توكيلاً للمطعون ضده الثاني بصفته القائم على إدارة الشركة المطعون ضدها الأولى للإدارة والإشراف والقيام بأعمال الشركة وليس للإضرار به أو بمركزه القانوني الثابت في عقد تأسيس الشركة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن دفاع الطاعن سالف الذكر فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته غير مقبول، ذلك أنه من المقرر وفقاً لنص المادتين (10) و(71/2) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (32) لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية والمعمول به اعتباراً من 2 يناير 2022 والذي يسري على واقعة الدعوى إنه يجوز لشخص واحد طبيعي أو اعتباري تأسيس وتملك شركة ذات مسؤولية محدودة وتسري عليه أحكام الشركة ذات المسؤولية المحدودة الواردة في هذا المرسوم بقانون فيما لا يتعارض مع طبيعتها. ومن المقرر أيضاً وفقاً لنص المادة (11) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالقانون الاتحادي رقم (10) لسنة 1992 والمستبدلة بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (27) لسنة 2020 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر 2020 والذي يسري على واقعة الدعوى أن المحرر العرفي يعتبر صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحةً ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، ومع ذلك فليس لمن ناقش موضوع المحرر أو سكت عن إبداء دفاعه بشأنه أن ينكر ما نسب إليه من خط أو إمضاء أو ختم او بصمة، بما مفاده وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع قد جعل الورقة العرفية حجة بما دون فيها قبل من نسب إليه توقيعه عليها إلا إذا أنكر ذات الإمضاء أو الختم الموقع به إنكاراً صريحاً، فإن هو اقتصر على إنكار مضمون الورقة كله أو بعضه فإنه لا يكون قد أنكر التوقيع على الورقة العرفية بالمعنى المقصود في هذه المادة وتبقى للورقة قوتها الكاملة في الإثبات قبل من وقع عليها ما لم يتخذ إجراءات الادعاء بتزويرها. كما أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المقصود بالصورية هو اتفاق الطرفين على إجراء تصرف ظاهر غير حقيقي يخفي العلاقة بينهما ويترتب على ذلك أن التصرف الصوري غير موجود في نيتهما وأن العقد النافذ بين المتعاقدين هو العقد الحقيقي المخفي، وأن الصورية كما ترد على العقد العرفي ترد على العقد الرسمي أو المصدق على التوقيعات فيه وذلك دون الحاجة إلى الطعن عليه بالتزوير، واستخلاص الصورية أو نفيها من سلطة محكمة الموضوع، التي لها في سبيل ذلك تقدير الأدلة التي يقدمها الخصوم في هذا الشأن ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها . ومن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة قيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وهي لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله. لما كان ما تقدم، وكان حكم محكمة اول درجة والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيساً على ما أورده بأسبابه من أن ((المدعي أقام دعواه على سند بأن المدعى عليه الثاني خالف الإقرار الموقع منه والذي يفيد أن شراكته بالمدعى عليها الأولى هي شراكة صورية وأنه كفيل فقط ولم يساهم برأس مال الشركة المدعى عليها الأولى و أنه كان يستلم مبلغ مالي مقابل تلك الكفالة، و لما كان البين للمحكمة أنه تم تأسيس الشركة المدعى عليها الأولى بتاريخ 9-5-1999 بين المدعي بنسبة 49% من رأٍس المال ، والمدعى عليه الثاني بنسبة 51% من رأس المال، إلا أن المدعي قدم ما يفيد صورية عقد التأسيس وذلك بتقديمه إقراراً، وسندات استلام مذيلة بتوقيع منسوب للمدعى عليه الثاني والتي تفيد أن الأخير هو كفيل ويستلم نظير كفالته للشركة، مما يثبت معه للمحكمة أن المدعى عليه الثاني عبارة عن شريك صوري في الشركة، ولما كان ذلك وكان قانون الشركات قد عدل وذلك بصدور القانون رقم (32) لسنة 2021 والذي أباح امتلاك الأجانب للشركات ذات المسؤولية المحدودة بنسبة 100%، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإخراج المدعى عليه الثاني من الشركة المدعى عليها الأولى وتسجيل حصته باسم المدعي وإخطار السلطات المعنية بذلك ((. ، كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى هذه الأسباب ما أورده بمدوناته من أن (( الثابت أن المستأنف لم يأت أمام هذه المحكمة بجديد عما سبق أن كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة التي ألمّت بوقائع الدعوى وواجهت عناصرها بشكلٍ سائغٍ وقانوني وجاء حكمها محمولاً على أسبابه فيما طعن بشأنه، وتضيف هذه المحكمة أنه لا ينال تمسكه بأنه هو من قام باستخراج الرخصة واستشهاده بما ورد في عقد التأسيس المصدق بالكاتب العدل ذلك أنه قد أثبت المستأنف ضده الثاني هذه الصورية بموجب الإقرار الكتابي الصريح الصادر من المستأنف والذي تضمن تعهده بتصحيح الوضع متى سنحت القوانين بذلك، وأن مجرد قيامه بالتعاقد على مقر الشركة لا يغير من هذا الواقع ولا يعني أنه شريك فيها برأس مال حقيقي بدليل عدم إثباته الوفاء بأية حصة من رأس مالها وقد أقر بنفسه في مذكرته الشارحة أن السبب في قيامه بذلك أنه تطلب عقد الإيجار أن يصدر من شخص من مواطني الدولة، كما لن يغير من ذلك تمسكه ببطلان هذا التصرف، ذلك أن القانون عدل أحكام الشركة ذات المسؤولية المحدودة حيث نسخ الأحكام التي كان يستلزمها قانون الشركات من ضرورة أن تكون حصة الشريك المواطن في الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا تقل عن 51% من رأس مال الشركة ومخالفة ذلك ترتب بطلان الشركة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام، وأدرك القانون الحالي الساري على واقعة النزاع هذه الأحكام وكانت الشركة المستأنف ضدها هي شركة قائمة في الواقع وقت سريانه هذا التشريع الأخير فإن بإمكان المستأنف ضده الثاني توفيق أوضاعها... ولن يغير من ذلك أن المستأنف ضده الثاني سيكون هو المالك الوحيد لهذه الشركة ذات المسؤولية المحدودة لتقرير جواز ذلك بموجب المادة 71/2 من المرسوم المذكور، كما تضيف هذه المحكمة أنه لا ينال من هذه النتيجة أن الاتفاق الصوري كان باطلاً بطلاناً مطلقاً قبل صدور المرسوم بقانون لمخالفة نسبة الشراكة الحقيقية للمواطن بالنزول عن 51% آنذاك، ذلك أنه مردود بمفهوم الفقرة الثالثة من المادة (14) من قانون الشركات التجارية حيث نصت صراحة على أن أثر هذا البطلان لا يترتب إلا من وقت صيرورة الحكم بالبطلان باتاً بما مؤداه وجوب صدور حكم قضائي يكشف هذا البطلان كي يتم إعمال أثره ولم يثبت صدور أي حكم قضائي بذلك أثناء سريان المادة (10) من القانون الأخير الذي تم إلغاؤه، وبالنتيجة فإن الطلب الاحتياطي يكون غير منتج في الدعوى مما تقضي معه المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي أضافتها هذه المحكمة وما لا يتعارض معها من أسباب الحكم المستأنف.))، ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه، على نحو ما سلف بيانه، سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، وله أصله الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها، ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمله وفيه الرد المسقط لما يخالفه، وهو ما لا ينال منه ما ينعي به الطاعن من أن المحل الكائن به مقر الشركة المطعون ضدها الأولى قد استأجره الطاعن بصفته من مواطني الدولة ليكون مقراً لها، ذلك أن الجهات المختصة هي وشأنها في أن تؤجره للمطعون ضده الثاني بعد أن أصبح مالكاً بمفرده لتلك الشركة أو أن تفسخ التعاقد معه وفقاً للقوانين المنظمة لهذا الأمر، إذ لا يؤثر ذللك على صحة ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من تأييد الحكم المستأنف في قضائه بإخراج الطاعن من الشركة المطعون ضدها الأولى وتسجيل حصته باسم المطعون ضده الثاني وإخطار السلطات المعنية بذلك، ومن ثم فإن النعي عليه بما ورد بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز، وبالتالي غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبإلزام الطاعن المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضده الثاني مع مصادرة مبلغ التأمين.

الطعن 83 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 11 / 9 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-09-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 83 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
بايونير روود كونستراكشن اند انفراستركتشر  ش .ذ.م.م
مطعون ضده:
سيف مكس للخرسانة الجاهزة ذ م م
شاينا ستيت كونستراكشن انجنيرينغ كوربوريشن ميدل ايست ذ.م.م
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1971 استئناف تجاري
بتاريخ 16-11-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على ملف الطعن الرقمي وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر/ سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة: -
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر المرفقات ? تتحصل في أن في المطعون ضدها الأولى ( سيف مكس للخرسانة الجاهزة ذ م م ) ? المدعية ? أقامت الدعوى رقم 4347 لسنة 2022 تجاري جزئي ضد الطاعنة والمطعون ضدها الثانية - المدعى عليهما ( 1- بايونير روود كونستراكشن اند انفراستركتشر - ش .ذ.م.م ،2- شاينا ستيت كونستراكشن انجنيرينغ كوربوريشن ميدل ايست ذ.م.م) على التوالي ، طلبت فيها الحكم بإلزام الأخيرتين تضامنا بأن يؤديا لها مبلغ (8,887,251.86 ) درهم والفائدة التأخيرية بواقع 12% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد ، على سند من القول أنه بموجب تعامل تجاري وعقد تسهيلات بين المدعية والمدعى عليها الأولى يتمثل في توريد خرسانة جاهزة والتي يباشر اعمالها المدعى عليها الثانية كمقاول رئيسي للمشروع ترصد في ذمه المدعى عليها الأولى لصالح المدعية مبلغ المطالبة وتأخرت عن سداد المبلغ المستحق عليها مما اضطرت المدعية لوقف التوريد لحين تمام السداد وعلية قامت المدعى عليها الثانية بتوجيه رسالة للمدعية بتاريخ 17/12/2020 تفيد بأنها ستقوم بسداد المبالغ المستحقة على المدعى عليها الأولى ، وحيث أن المدعية قامت بتوريد الخرسانة الجاهزة وفق المهمة المسندة إليها وانتهى تكليفها بذلك وكان يتوجب على المدعى عليهما سداد المبلغ المترصد بذمتهما وفق ما هو ثابت بكشف الحساب والفواتير المصادق عليها بالختم والتوقيع بالإستلام من المطلوب ضدها الأولى ، الأمر الذي حدا بها إلى إقامة هذه الدعوى بغية الحكم لها بطلباتها انفة البيان ، حكمت المحكمة - بعد أن ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وأودع الخبير تقريره - بإلزام المدعى عليهما بالتضامن بأن يؤديا إلى المدعية مبلغ وقدره (8,887,251.86) درهم ، والفائدة.
استأنفت المدعى عليها الثانية ( المحكوم عليها بالتضامن مع الأولى ) هذا الحكم بالإستئناف رقم 1962 لسنة 2022 تجاري ، كما استأنفت المدعى عليها الأولى ( المحكوم عليها بالتضامن مع الثانية) على الحكم أيضا بالإستئناف رقم 1971 لسنة 2022 تجاري ، فقضت المحكمة بجلسة 16-11-2022 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف.
طعنت المدعى عليها الأولى في هذا الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 13-1-2023 بطلب نقضه ، وقدم محامي المطعون ضدها الأولى مذكرة بجوابه على الطعن طلب فيها رفضه ، ولم تقدم المطعون ضدها الثانية أية مذكرة بدفاعها ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ، تنعي الطاعنة بالسبب الثامن منهم على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ وشابه عوار الإخلال بحق الدفاع من الناحية أن الطاعنة طلبت من محكمتي الموضوع إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم المحررات والمعلومات التي تحت يدها ، إعمالا لنص المادة (18) من المرسوم بقانون رقم 27 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإثبات ، إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها قد التفتت عن طلب الإستجابة له ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر وفق ما تقضي به المادة (18) من قانون الإثبات الإتحادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط إلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده أن تتوافر إحـدى الحالات المنصوص عليها في تلك المادة وذلك بأن يكون القانون قد أجاز تسليمه أو أن يكون المحرر مشتركاً بين الخصمين أو إذ استند إليه الخصم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ويجـب أن يبـدي الخصم طلـبه بصراحة ووضوح وأن يبين في هذا الطلب أوصاف المحرر وفحواه والواقعة التي يستدل بهـا عليه والدلائل والظروف التي تفيد وجوده تحت يـد خصمه ووجه الالتزام بتقديمه كي تتحقق المحكمة من توافر الشروط اللازمة لإجابة مثل هذا الطلب ، لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تبين في طلبها تحدد المحررات المطلوب إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديمها والدلائل والظروف المؤيدة لوجود تلك المحررات تحت يد الأخيرة لكي تتحقق محكمة الموضوع من توافر الشروط اللازمة لإجابة مثل هذا الطلب فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي التفتت عن هـذا الطلب.
وحيث أن حاصل ما تنعي به الطاعنة في باقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور بالتسبيب والفساد في الإستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، حين أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة استنادا على ما جاء بتقرير الخبير المنتدب من قبلها على رغم من الإعتراضات المقدمة من الطاعنة والتفاته عن حقيقة العلاقة التعاقدية بين أطراف الدعوى ، ودون تحقيق دفاعها امام محكمتي الموضوع والذي تمثل في الدفع بإخلال المطعون ضدها الأولى بتنفيذها لالتزاماتها التعاقدية ، وأنها لم تثبت توريدها للكميات المطلوبة ولم تلتزم بها ، كما أنها لم تقم بإثبات التزامها بالشروط الواردة بأوامر الشراء ، وأن عبء إثبات توريد الخرسانة بالمواصفات المطلوبة يقع على عاتقها وحدها بصفتها صاحبة الدعوى ، وليس كما أوردت الخبرة في التقرير، كما أن الحكم الطعين لم يمحص لحقيقة أن المطعون ضدها الثانية هي من قامت باستلام ما قد يكون قد تم توريده من المطعون ضدها الأولى للموقع ، وأعترضت الطاعنة عن التفات الخبرة عن هذه الحقيقة وعن دفعها بالجهالة بصدد قيام المطعون ضدها الأولى بالتسليم من عدمه ، حيث أن هذا الدفع هو من مهام الخبرة وليس دفعاً قانونياً ، كما أخطأ الحكم الطعين لأخذه باستناد الخبرة إلى مكاتبات المطعون ضدها الأولى لإثبات أن الأخيرة قد توقفت عن التوريد بسبب إخلال الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بالتزاماتهما ، حيث لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلاً لنفسه ، بينما الثابت بالمستندات أن المطعون ضدها الأولى قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية بالتوقف عن التوريد فجأة بدون مبرر، وقد أخطأ الحكم لالتفاته عن الدفع بإنكار التوقيعات وبالجهالة بشأن التوقيعات المنسوبة للطاعنة على الفواتير المقدمة بالمخالفة لنص المادة (11/1) من المرسوم بقانون رقم (27) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإثبات ، كما أن الفواتير قد خلت من أى إشارة إلى رقم الشراء الذي صدرت بناءً عليه ، ولعدم رده على الدفع بعدم حجية الأختام الممهورة بها الفواتير المقدمة من المطعون ضدها الأولى ، لعدم دلالالتها على قبول والتزام الطاعنة بسداد المبلغ موضوع المطالبة ، ولأخذه بالشيكات المقدمة على الرغم من أن المطعون ضدها الأولى لم تقم بإثبات اسم وصفة الموقع على الشيكات المقدمة ، وعلاقتها بموضوع الدعوى ، كما أن المطعون ضدها الأولى لم تثبت انشغال ذمة الطاعنة بمبلغ المطالبة بأي دليل يقيني ، وإذ ساير الحكم المطعون فيه تقرير الخبرة واعتمد عليه في قضاءه وإلتفت عن دفاع الطاعنة واعتراضاتها عليه ، فهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي برمته مردود ، ذلك أن من المقرر ـــ على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن اليه منها واطراح ما عداها ، وتفسير العقود والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها وتقدير الوفاء بالالتزامات في العقود الملزمة للجانبين واستخلاص الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه ، وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى ولها الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها لسلامة الأسس التي بنى عليها ويتفق مع الواقع الثابت في الأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي استندت إليها ، وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبير أو أن تتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره مما لا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير ، كما أنها لا تلتزم بإعادة المأمورية للخبير السابق ندبه أو تعيين غيره بناء على طلب الخصم بعد أن استجابت لهذا الطلب وقدم الخبير تقريريه الأصلي ورأت المحكمة أنه فصل الأمر تفصيلا اقنع محكمة الموضوع بما رأت معه وضوح الحقيقة التي أقامت عليها قضاءها ، كما أن الخبير غير ملزم بأداء مأموريته على نحو معين دون سواه وحسبه أن يؤديها على الوجه الذي يراه محققا للغاية من ندبه طالما أنه تقيد بحدود المأمورية المرسومة له وكان رأيه في النهاية خاضعا لتقدير محكمة الموضوع ، وكان من المقرر إن النص في المادة (11/1) من قانون الإثبات الإتحادي على أن يعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعة ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة مفاده أن المشرع قد جعل الورقة العرفية حجة بما دون فيها قبل من نسب إليه توقيعه عليها ألا إذا أنكر ذات الإمضاء أو الختم الموقع به إنكاراً صريحاً ، فإن هو اقتصر على إنكار مضمون الورقة كله أو بعضه فإنه لا يكون قد أنكر التوقيع على الورقة العرفية بالمعنى المقصود في هذه المادة وتبقى للورقة قوتها الكاملة في الإثبات قبل من وقع عليها ما لم يتخذ إجراءات الادعاء بتزويرها ، وكان مفاد المادة (20) من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية الإتحادي بأنه لا يعتد بإنكار المستندات المقدمة من الخصم لمجرد أنها صور و أنما يجب على من أنكرها التمسك بعدم صحتها أو عدم صدورها عمن نسبت له ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضت به من إلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به بالتضامن مع المطعون ضدها الثانية على ما أورده الحكم المستأنف بمدوناته ((...، وكان البين للمحكمة من مطالعة الأوراق وتقرير الخبرة المودع ملف الدعوى والذي تأخذ به المحكمة محمولا على أسبابه والثابت به أن المدعى عليها الأولى تقدمت بطلب تسهيلات ائتمانيه إلى المدعية بموجب عدد تسعة أوامر شراء خلال الفترة منذ 24/10/2018 حتى 22/12/2020 تطلب فيها من المدعية توريد كميات من الخرسانة الجاهزة ، إلا انها تأخرت في سداد المبالغ المترصدة في ذمتها لصالح المدعية ، وبتاريخ 24/12/2020 أصدرت المدعى عليها الثانية كتابا للمدعية جاء فيه أن المدعى عليها الثانية بصفتها المقاول الرئيسي للمشروع تؤكد على أنها ستدفع إلى المدعية مباشرةً المبلغ المتبقي الذى يتعين دفعه بموجب أوامر الشراء على أن تستمر المدعية في توريد الخرسانة الجاهزة إلى المشروع وعلى المدعية تقديم المستندات الداعمة لإثبات استحقاقها لهذا الدفع ، وبناء على كتاب المدعى عليها الثانية والتزامها وضمانها بسداد المبالغ المستحقة على المدعى عليها الأولى وبصفتها المقاول الرئيسي للمشروع استمرت المدعية في توريد الخرسانة للمدعى عليهما بإجمالي كميه مقدارها 38625 متر مكعب وبإجمالي مبلغ 8887251.68 درهم بموجب عدد" 27 " فاتورة وتم استلام هذه الفواتير ، إلا أن المدعى عليهما قد اخلا بالتزاماتهما بعدم سداد الفواتير المستحقة عليهما ، وانه بتصفية الحساب تبين أن المبالغ المترصدة لصالح المدعية في ذمة المدعى عليهما قيمتها (8,887,251.68) درهم ، وكانت أوراق الدعوى قد خلت من سداد تلك المبالغ المترصدة في ذمة المدعى عليهما وكان يحق للمدعية المطالبة بها ، وبالتالي تلتزم المدعى عليها الثانية بالتضامن مع المدعى عليها الأولى في سداد كامل المديونية...)) ، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضائه سائغاً وصحيحاً وله أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ، ولا يغير من ذلك انكار الطاعنة المستندات المقدمة من المطعون ضدها الأولى وهي ( الفواتير والشيكات والمكاتبات) لكون الطاعنة قد ناقشت هذه المستندات وأبدت فيها دفاعها على النحو الثابت بمذكرات دفاعها ومن ثم يكون أنكارها دون أن تطعن بالتزوير على تلك المستندات غير مقبول ، فضلا عن هذه المستندات كانت محل للفحص والدراسة من جانب الخبير ، وإذ يدور النعي بأسباب الطعن حول تعييب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز ، فيكون النعي برمته على غير أساس .
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ إلفي درهم مقابل اتعاب المحاماة للمطعون ضدها الأولى ، وأمرت بمصادره مبلغ التامين.

الطعن 82 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 28 / 8 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-08-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 82 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
شركة محمد عبد المحسن واولاده (ذ م م )  فرع دبي
مطعون ضده:
هـولشر ميدل إيست للمقاولات ـ المياه والبنية التحتية ذ م م
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/603 استئناف أمر أداء
بتاريخ 15-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع علي الأوراق و سماع تقرير التلخيص الذي اعده القاضي المقرر / محمد المرسى و بعد المداوله
وحيث ان الوقائع علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في ان المدعية الطالبة/هولشر ميدل إيست للمقاولات ـالمياه والبنية التحتية ذ م م-تقدمت بطلب لاستصدار أمر الأداء قيد برقم 1583لسنة2022 أمر أداء بتاريح 18/7/2022 (تاريخ تقديم الطلب الالكترونى) ضد المدعي عليها/شركة محمد عبد المحسن واولاده (ذ م م ) فرع دبي-- طالبةً الأمر بإلزام المدعي عليها بأن تؤدي للمدعية طالبة الأمر -مبلغ وقدره (625.567.59 درهم) فقط ستمائة وخمس وعشرون ألفاً وخمسمائة وسبع وستون درهماً وتسع وخمسون فلساً مع الفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالية وحتى السداد التام. استنادا إلى أنه بتاريخ 5/6/2021 ـ وبمُوجَب عـَرض لأعمَال نـزح المِياة رقم ( A191951 ) الصَادِر عَن المدعية والمُوجَّه للمدعى ضدها ـ وردا على بريد اليكتروني بتاريخ 31/5/2021 ـ قدَّمَت المُدعية عَرض أسعَار لوحدات أعمَال نزح المياة لمشروع DS197/1 نظام الصرف الصحي لربط المجتمعات التي تم تطويرها بمنطقة جبل علي ـ بشبكات بلدية دبي،(( توريد وتركيب نظام نزح المياه ـ مع تركيب المضخات والملحقات والتجهيزات وخزان الترسيب وما الى ذلك بدون ديزل وتأجير نظام نزح المياة، وأخرى )) بإجمالي مبلغ وقدره (595.778.66) درهم بشروط دفع (15 يوم) من تاريخ الفاتورة بشيك بتاريخه. وبتاريخ 31/1/2021 خاطبت المدعى ضدها المدعية بإجابتها على عرض الاسعار المنوه عنه بالفقرة (3)بموجب طلب شراء محلى تحت الرقم (19616 ) صادر من المدعى ضدها وموقعاً ومبصوما بخاتم المدعى ضدها يفيد قبولها لعرض الاسعار وذلك لتنفيذ الاعمال المتفق عليها ليصبح اجمالى المبلغ( 625,567,59 درهماً). وبتاريخ 2/8/2021 أخطرت المدعية المدعى ضدها بانتهاء الاعمال وقامت فى ذات التاريخ بتحرير فاتورة ضريبيةبالرقم 1001 / A191951 ـ بمبلغ وقدرة(625,567,59 درهماً) وقد قامت المدعى ضدها باستلام الفاتورة بتاريخ 16/8 /2021 وأكدت عليها وقامت بالتوقيع وبصمت عليها بالخاتم الخاص بها وأضافت المدعية طريقة السداد بالايداع على الحساب ولكن لم تبادر المدعى ضدها بالايداع حتى تاريخه. وقد نفذَّت المُدعية الأعمال حسب عرض الاسعار وامر الشراء المذكورين اعلاه وقامت باستلام الاعمال بموقع عملها فى امارة دبي منطقة جبل على تمديدات بلدية دبي للصرف الصحى وقامت بالتوقيع والختم على مذكرة تسليم الاعمال بتاريخ 23/8/ 2021 . كما قامت المدعية بتوجية انذار عدلى بتكليف المدعى ضدها بسداد المبلغ بتاريخ 7/7/ 2022 بالنذار العدلى بالرقم 2022/1/12454865 وقدم الاعلان بواسطة ارامكس على مقر المستدعى ضدها بامارة دبى . وظلت الجهة المستدعى ضدها مدينة للمدعية بموجب ما تم ذكرة ويظهر ذلك ايضاً من خلال النظام المحاسبى للمدعية من خلال كشف الحساب الخاص بالمدعى ضدها لدى المدعية والذى يوكد صحة ما سبق ويؤكد على ان الدين ثابت ومكتوب ومستحق السداد ورغم اصرار المدعية على الزام المدعى ضدها بالسداد ولكنها فشلت تماماً فى السداد. وحيث أنه قد توافرت كافة الشروط المقررة لإصدار أمر الأداء، ومن ثم فقد تقدمت المدعية الطالبة بطلبها سالف البيان. وحيث عرض أمر الأداء على القاضي المختص الذي أصدر بتاريخ 25/ 7 /202 2 قراراً قضى: بعد الاطلاع علي الملف الرقمي المذكور اعلاه وبحث المطالبة الواردة فيه حيث تبين توافر شروط امر الاداء فيها والتكليف بالاداء وفق مقتضيات اللائحة التنظيمية لقانون الاجراءات المدنية أمرت المحكمة في مادة تجارية : بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ وقدره (625.567.59 درهم) ستمائة وخمس وعشرون ألفاً وخمسمائة وسبع وستون درهماً وتسع وخمسون فلساً، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبه وحتى السداد التام. استأنفت المحكوم ضدها ذلك الامر بالاستئناف رقم 603 لسنة 2022 امر أداء. ندبت المحكمة خبيراً محاسبياً في الدعوي وبعد ان اودع تقريره قضت بتاريخ 15/12/2022 بتأييد الامر المستأنف. طعنت المحكوم ضدها في هذا الحكم بالتمييز بصحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 13/1/2023 بطلب نقضة وقدمت المطعون ضدها مذكرة شارحة بالرد التمست في ختامها الحكم اصلياً بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة واحتياطياً رفض الطعن الذي عرض علي هذه المحكمة في غرفة مشوره فحددت جلسة لنظره.
وحيث انه عن الدفع المبدي من المطعون ضدها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة باعتبار ان الطعن أقيم من الشركة الام في حين ان الحق المطالب به مسئولية فرع الشركة الطاعنة وليس الام فانه غير مقبول ذلك انه من الأصول المقررة بالنسبة للدعاوي الخاصة بالمسائل المتعلقة بفرع من فروع الشركة فانه لكي تتوافر الصفة في اختصام هذا الفرع لابد ان يكون موضوع الخصومة متعلقاً بالفرع او ناشئاً عن اعماله. لما كان ذلك وكان امر الأداء محل التداعي مقدم من المطعون ضدها ضد الشركة الطاعنة فرع دبي وقامت الأخيرة بإقامة استئنافها علي امر الأداء الصادر بالزامها بالمبلغ المقضي به بذات الصفة فضلاً عن انها اقامت طعنها بالتمييز الماثل بالصفة ذاتها التي اقامت بها استئنافها (شركة محمد عبد المحسن وأولاده فرع دبي) بما يكون معه الطعن الماثل مقاماً من ذي صفة ويتعين قبوله شكلاً ويضحي ما ورد بالدفع سالف البيان غير صحيح وبالتالي غير مقبول.
وحيث ان الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث ان حاصل ما تنعي به الطاعنة علي الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع اذ قضي بتأييد الامر المستأنف الصادر بالزامها بالمبلغ المقضي به معولاً في قضاؤه علي تقرير الخبير المنتدب في الدعوي رغم ان الطاعنة اعترضت عليه وقدمت المستندات التي تفيد براءة ذمتها من مبلغ وقدره 200,000 درهم من اجمالي الفاتورة المطالب بها بموجب سند القبض الصادر من المطعون ضدها باسم صاحب الحساب البنكي وليس باسم المشروع كما انتهت اليه الخبرة كما تمسكت الطاعنة امام المحكمة الاستئنافية بعدم وجود تعاملات بينها وبين المطعون ضدها تتعلق بمشروع العين ? دبي ولا يوجد بينهما تعاقد عن هذا المشروع ولم تقدم الأخيرة ما يثبت تلك العلاقة عن المشروع سالف البيان وقد طلبت الطاعنة الزامها بتقديم المستندات التي تثبت ذلك الا ان الحكم المطعون فيه التفت عن طلبها سالف البيان وهو ما يعيبه ويستوجب نقضة.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين فإذا ما تم العقد صحيحا غير مشوب بعيب من عيوب الرضا ودون أن يتضمن مخالفة لقواعد النظام العام أو الآداب العامة ، وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات ، ومتى أثبت المدعي قيام الالتزام في جانب المدعى عليه ، فإن هذا الأخير هو الذي يقع عليه عبء إثبات الوفاء بالتزامه. ومن المقرر كذلك أن استخلاص الوفاء بالالتزامات أو الإخلال بها من سلطة محكمة الموضوع دون معقب ما دامت قد اعتمدت في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. ومن المقرر ايضاً ان لمحكمة الموضوع السلطه التامه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمه في الدعوى والموازنه بينها وترجيح ما تطمئن نفسها الى ترجيحه وتقدير عمل أهل الخبره والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير في تقريره محمولا على اسبابه وهي غير ملزمه من بعد ان ترد بأسباب خاصة على كل ما ابداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولا على اسبابه ما يفيد انها لم تر في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل اليها في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا بأن تتبعهم في مختلف اقوالهم وحججهم وترد استقلالا على كل منها مادام ان الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردته دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال وحجج الخصوم وكان حكمها يقوم على اسباب تكفي لحمله وتسوغ النتيجة التي انتهى اليها كما أنه المقرر أن تقرير الخبير يعتبر عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويحق لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على تقرير الخبير الذى ندبته متى اقتنعت به ورأت انه بحث كافة نقاط النزاع فى الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقام قضاؤه بالزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به علي ما أورده بمدوناته (وكان الثابت من أوراق الدعوي وبما قدم فيها من مستنداته ومن تقرير الخبير الذى ندبته هذه المحكمة والذي تطمئن اليه لابتنائه على اسانيد فنية صحيحة وعلى دراسة جميع المستندات المقدمة من طرفى الدعوى، وبعد إطلاع أطراف الدعوى على التقرير المبدئي والتعقيب عليه وإبداء الرأي ورد الخبرة على هذه التعقيبات،- ومن ثم تأخذ به محمولا على اسبابه وتجعل منه قواما لقضائها -والذي انتهى الخبير المنتدب فى تقريره إلى نتيجة نهائية حاصلها: - إن طبيعة العلاقة بين الطرفين فيما يخص موضوع الدعوى عبارة عن أنه في 2/8/2021 أصدرت المستأنفة طلب شراء محلي إلي المستأنف ضدها لطلب مواد وبضائع خاصة بمشروع ((نظام الصرف الصحي بجبل علي)) وأنه في 16/8/2021 وقعت المستأنفة على الفاتورة رقم (19951) بإستلام البضائع بقيمة (625,567.59) درهم وفي 23/8/2021 وقعت المستأنفة على إشعار تسليم المواد دون تحفظ أو إعتراض . وتبين أن سند القبض الصادر عن المستأنف ضدها تحت الرقم (454) سنداً لاستلام الشيك رقم (211716) تم تدوين سبب إستلام الشيك هو (مشروع طريق دبي العين) في حين أن المطالبة محل الدعوى عن مشروع نظام الصرف الصحي بجبل علي وبذلك فإن دفع المستأنفة في هذا الجانب غير صحيح . ولم تقدم المستأنفة ما يفيد تسديد قيمة الفاتورة رقم (19951) بقيمة إجمالية قدرها (625,567.59) درهم أو جزء منها وعليه فإنه يتضح أنه لا جدوى من دفع المستأنفة في هذا الجانب . وعليه فإنه في ظل عدم تقديم المستأنفة ما يفيد تسديد قيمة الفاتورة رقم (19951) بقيمة إجمالية قدرها (625,567.59) درهم أو جزء منها فإن المستأنفة مدينة بكامل قيمة الفاتورة (( أي لم تقدم المستأنفة ما يفيد تسديد قيمة الفاتورة رقم(19951) بقيمة إجمالية قدرها (625,567.59) درهم أو جزء منها )). وعليه وبتصفية الحساب بين الطرفين فإنه يستحق للمستأنف ضدها بذمة المستأنفة إجمالي قيمة الفاتورة رقم (19951) مبلغ وقدره (625,567.59) درهم (ستمائة وخمس وعشرون ألفاً وخمسمائة وسبع وستون درهماً وتسع وخمسون فلساً،) . ومن ثم يبين للمحكمة بجلاء ويستقر في عقيدتها- استخلاصاً مما تقدم- وجود علاقة تجارية جمعت المستأنفة (المدعي عليها) بالمستأنف ضدها (المدعية الطالبة)، وأن المستأنف ضدها قامت بتنفيذ التزاماتها- وأن الخبير المنتدب الذى ندبته هذه المحكمة قد توصل إلى المديونية الصحيحة بعد ب تصفية الحساب بين الطرفين من أنه يستحق للمستأنف ضدها بذمة المستأنفة إجمالي قيمة الفاتورة رقم(19951) مبلغ وقدره (625,567.59) درهم (ستمائة وخمس وعشرون ألفاً وخمسمائة وسبع وستون درهماً وتسع وخمسون فلساً،) . وإذ لم تقدم المستأنفة ما يفيد سداد المديونية المترصدة في ذمتها أو جزء منها، فيتعين إلزام المستأنفة بأداء مبلغ وقدره (625,567.59 درهم) (ستمائة وخمس وعشرون ألفاً وخمسمائة وسبع وستون درهماً وتسع وخمسون فلساً،) ، بما لازمه تأييد الأمر المستأنف في شأن المبلغ المقضي به على النحو الذي سيرد بمنطوق الحكم، ولا محل لما تثيره المستأنفة في دفاعها بعدم أحقية المستأنف ضدها لتلك الفاتورة رقم (19951) بقيمة (625,567.59 درهم ) والمشار اليها بتقرير الخبرة أيضاً ، والتي لم تطعن عليها المستأنفة بأي مطعن- وكانت المستأنفة قد أقرت-بأنها قامت باستلام الفاتورة والتوقيع عليها- حيث أنها قد تسلمت هذه الفاتورة بصورة نهائية ويجب سداد المبلغ الثابت بها..?مما يعد إقرار من المستأنفة بما دون فيها ، ومن ثم قد ظل قولها في هذا الشأن مجردا لم يقم عليه دليل بالأوراق تلتفت عنه المحكمة ، وحيث أن حق المستأنف ضدها قبل المستأنفة ثابت بموجب ما تقدم من مستندات مقدمة أمام قاضى أمر الاداء ثابته بالكتابة ولما كان الدين المترصد في ذمة المستأنفة محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء ومن ثم كان يتعين على المستأنفة? التزاماً بأحكام التعاقد المبرم مع المستأنف ضدها-أن تتولى سداد قيمة الفاتورة الصادرة عنها- إلا أنها لم تفعل. وحيث طلبت المستأنف ضدها من المستأنفة المبادرة بالوفاء بقيمتها إلا أن المستأنفة المطلوب ضدها لم تحرك ساكناً. وبناء عليه، فقد قامت المستأنف ضدها ( المدعية ) بتوجية انذار عدلى بتكليف بتكليف المستأنفة ( المدعى ضدها) بسداد المبلغ بتاريخ 7/7/ 2022 بالانذار العدلى بالرقم 2022/1/12454865 وقدم الاعلان بواسطة ارامكس على مقر المستدعى ضدها بامارة دبى إلا أن المستأنفة المدعى عليها ممتنعة عن رد المبلغ دون أي وجه حق قانوني أو شرعي رغم تكليفها بالوفاء، وكذلك فإن سكوت المستأنفة عن الرد على ذلك الإنذار وإن كان لا يعد إقرارا منها بالدين ، إلا أن سكوتها وهو في معرض الحاجة بيان ويعد قبولا منها بما تضمنه ذلك الإنذار،، ولما كان ما تقدم، وكان الثابت أن المستأنفة لم تقدم أي مستند يفيد مزاعمها التي أشارت اليها بالمذكرة الشارحة، ومن ثم فإن ما ادعت به المستأنفة -- ، قد ظل قولا مجردا لم يقم عليه دليل بالأوراق ، ولما كانت المستأنفة لم تقدم الدليل على وفائها بهذا الدين وبراءة ذمتها منه أو انقضائها بأي سبب من اسباب الانقضاء المقررة قانونا على أى وجه كان ويكون بالتالي قد توافرت في الدين شروط استصدار أمر الأداء من كونه ثابتا بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء ،بما مؤداه توافر شروط أمر الأداء التي تطلبتها المادة 62 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية، الأمر الذي يتعين معه إلزام المستأنفة أن تؤدي للمستأنف ضدها المبلغ المطالب به موضوع أمر الأداء والبالغ مبلغ وقدره (625,567.59 درهم) (ستمائة وخمس وعشرون ألفاً وخمسمائة وسبع وستون درهماً وتسع وخمسون فلساً)، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبه وحتى السداد التام، .. وإذ التزم الأمر المستأنف هذا النظر وقضي بإجابة المستأنف ضدها إلى طلباتها، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو الثابت بالأوراق جديرا بالتأييد لما تقدم من أسباب. ويضحى معه هذا النعي مجرد قولاً مرسلاً لم يقم عليه دليل بالأوراق، وقائم على غير أساس، واجباً الرفض) وإذ كان ذلك من الحكم المطعون فيه سائغاً وله اصله الثابت بالاوراق وكافياً لحمل قضاؤه ولا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنة بما يكون ما ورد باسباب النعي لا يعدو ان يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوي وتقدير ادلتها وهو ما لا يجوز اثارته امام محكمة التمييز.

وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن والزام الطاعنة المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين.

الطعن 258 لسنة 58 ق جلسة 9 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 60 ص 373

جلسة 9 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة وزكريا الشريف.

--------------

(60)
الطعن رقم 258 لسنة 58 القضائية

بناء على أرض زراعية "قمينة طوب". جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
مناط التأثيم في جريمة إقامة قمينة طوب أن تكون على أرض زراعية. المادة 153 من القانون 116 لسنة 1983 انحسار هذا الوصف عنها. لا تأثيم. أساس ذلك؟
دفاع الطاعن بأن الأرض المقام عليها القمينة ليست زراعية وتقديمه مستندات تأييداً لدفاعه. جوهري يوجب على المحكمة أن تعرض له. الالتفات عنه. قصور.

-------------
لما كان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه النعي أن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه انتفاء الجريمة المسندة إليه لأن الأرض التي أقيمت عليها قمينة الطوب ليست أرضاً زراعية بل هي أرض بناء وكان مقاماً عليها من قبل مسكناً له ودلل على ذلك بصورة طبق الأصل من قرار صادر من الوحدة المحلية لمدينة سرس الليان في ...... بإزالة منزله إلى سطح الأرض في أسبوع. لما كان ذلك، وكانت المادة 153 من القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزارعة. تنص على أن يحظر إقامة..... وقمائن طوب في الأرض الزراعية، كما نصت المادة 157 من ذات القانون على أن يعاقب على مخالفة المادة 153..... بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه مع الحكم بإزالة القمينة على نفقة المخالف. وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة.... وكان مؤدى النصين المتقدمين في صريح ألفاظهما أن مناط المسئولية الجنائية في إقامة قمينة طوب أن تكون الأرض المقامة عليها من الأراضي الزراعية، فإن انحسر عنها هذا الوصف كان الفعل غير مؤثم. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن على ما سبق بيانه - يعد في خصوص هذه الدعوى هاماً وجوهرياً - لما يترتب على ثبوت صحته من انحسار التأثيم عن فعلته، فإنه كان يتعين على المحكمة وقد أبدى أمامها هذا الدفاع والمستندات السالف بيانها - أن تعرض له على استقلال وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه، أما وهي لم تفعل، فقد أضحى حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام قمينة طوب على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمادتين 107 مكرراً أ ، 107 مكرر ب من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1978. محكمة جنح سرس الليان قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه والإزالة على نفقته. استأنف. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس المقضى بها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة قمينة طوب على أرض زراعية قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه أغفل دفاعه القائم على أن الأرض المقامة القمينة عليها - ليست أرضاً زراعية رغم تقديمه الدليل الذي يظاهر هذا الدفاع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه النعي أن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه انتفاء الجريمة المسندة إليه لأن الأرض التي أقيمت عليها قمينة الطوب ليست أرضاً زراعية بل هي أرض بناء وكان مقاماً عليها من قبل مسكناً له ودلل على ذلك بصورة طبق الأصل من قرار صادر من الوحدة المحلية لمدينة سرس الليان في....... بإزالة منزله إلى سطح الأرض في أسبوع. لما كان ذلك، وكانت المادة 153 من القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزارعة. تنص على أن يحظر إقامة....... وقمائن طوب في الأرض الزراعية، كما نصت المادة 157 من ذات القانون على أن يعاقب على مخالفة المادة 153.... بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه مع الحكم بإزالة القمينة على نفقة المخالف. وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة.... وكان مؤدى النصين المتقدمين في صريح ألفاظهما أن مناط المسئولية الجنائية في إقامة قمينة طوب أن تكون الأرض المقامة عليها من الأراضي الزراعية، فإن انحسر عنها هذا الوصف كان الفعل غير مؤثم. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن على ما سبق بيانه - يعد في خصوص هذه الدعوى هاماً وجوهرياً - لما يترتب على ثبوت صحته من انحسار التأثيم عن فعلته، فإنه كان يتعين على المحكمة وقد أبدى أمامها هذا الدفاع والمستندات السالف بيانها - أن تعرض له على استقلال وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه، أما وهي لم تفعل، فقد أضحى حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث وجهي الطعن الآخرين.

الطعن 390 لسنة 10 ق جلسة 30 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 56 ص 558

جلسة 30 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(56)

القضية رقم 390 لسنة 10 القضائية

امتحان - غش - تأديب - 

تفسير - إلغاء الامتحان نتيجة غش الطالب أو محاولته الغش فيه - حرمانه من الامتحان التالي طبقاً لنص القانون رقم 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 492 لسنة 1954 - صدور القانون رقم 399 لسنة 1956 بإلغاء الدور الثاني في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعليم العام - أثره في شأن الحرمان من الامتحان التالي بالنسبة إلى من ألغى امتحانهم سلفاً نتيجة الغش - لا يسوغ حرمانهم من امتحان السنة التالية ما لم يصدر في ذلك قرار من جهة الاختصاص "وكيل الوزارة" - أساس ذلك أن الحرمان جزاء تأديبي يتأبى التوسع في تفسير نصوصه - بيان ذلك.

-------------------
تنص المادة 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 على أنه: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانوناً يلغى امتحان التلميذ في الأحوال الآتية:
(1) إذا غش أو حاول الغش في الامتحان...." ويكون إلغاء الامتحان بقرار مسبب ونهائي من الرئيس العام للامتحان ويترتب على هذا الإلغاء حرمان التلميذ من دخول الامتحان التالي.
ويجوز لوكيل الوزارة أن يزيد عدد مرات حرمان التلميذ من دخول الامتحانات التالية ويكون قراره في ذلك مسبباً ونهائياً.
وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 399 لسنة 1956 بشأن امتحانات النقل والامتحانات العامة في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعليم العام وأشير في ديباجته إلى القانون 211 لسنة 1953 دون غيره من القوانين ونصت مادته الثالثة على ما يأتي: يلغى امتحان الدور الثاني في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعليم العام, كما يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون.
ومن حيث إن الواقعة المسندة إلى الطالب ثابتة من التحقيقات التي أجريت ومن مطابقة إجابته في كراسة الإجابة للمعلومات الواردة في الوريقة الصغيرة التي ضبطت معه ومن ثم يكون قرار إلغاء امتحانه في عام 1963 الذي غش فيه قام على سبب صحيح واستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه, أما فيما يختص بحرمانه من دخول امتحان السنة التالية فإن المحكمة تلاحظ أن هذا التلميذ هو من تلاميذ المرحلة الثانوية وقد ألغى القانون 399 لسنة 1956 امتحان الدور الثاني بالنسبة لمن هم في هذه المرحلة ومع هذا الإلغاء بقى نص المادة 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 كما هو دون تعديل والقول بإلغاء امتحان السنة التي غش فيها التلميذ يترتب عليه إلغاء امتحان السنة التي بعدها كأثر للقرار الأول فيه تعدد لمرات الحرمان بدون الأداة التي نص عليها القانون لهذا التعدد وهو قرار وكيل الوزارة ذلك أن الحرمان الكامل من دخول امتحان عام لم يكن موجوداً قبل إلغاء الدور الثاني, إذ كانت دائماً أمام التلميذ فرصة دخول امتحان أحد الدورين في العام الدراسي, كما أن القول من جهة أخرى بأن إلغاء امتحان السنة التي غش فيها التلميذ أو حاول أن يغش لا يترتب عليه إلغاء امتحان السنة التالية فيه تعطيل لنص الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدلة بجعلها قاصرة الأثر على الامتحان الأول الذي وقعت فيه الجريمة فقط.
ومن حيث إن المادة 47 من القانون 211 لسنة 1953 تضمنت جزاء تأديبياً وإذ أن القوانين التأديبية من فصيلة القوانين الجنائية التي تتأبى بطبيعتها التوسع في التفسير بل تحتم أن يكون في أضيق الحدود.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإن القانون 399 لسنة 1956 جاء بنص صريح بإلغاء كل ما يتعارض معه وإذ يترتب على القول الأول ضياع عام دراسي كامل على التلميذ زيادة على العام الذي غش فيه أو يحاول أن يغش ومن ثم يعتبر هذا من قبيل التعارض الذي يجب أن يلغى فإن قدرت الجهة الإدارية أن الجريمة التي اقترفها التلميذ تستأهل مزيداً من الجزاء فعليها أن تلجأ إلى من عقد له القانون السلطة في تعدد مرات الحرمان وهو وكيل الوزارة أما وأنها لم تفعل واكتفت بقرار السيد مدير التربية والتعليم. "رئيس لجنة الامتحان" فإن قراره يكون قاصر الأثر على السنة التي ضبط فيها التلميذ مقترفاً لجريمة الغش أو الشروع فيه ولا يتعداها إلى امتحان السنة التالية.


إجراءات الطعن

في 5 من فبراير سنة 1964 أودع الأستاذ رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2583 لسنة 17 القضائية بجلسة 10/ 12/ 1963 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيما تضمنه من حرمان التلميذ فكتور نصير من دخول امتحان العام الدراسي التالي على الوجه الموضح بأسباب ذلك الحكم ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب السيد الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وفي 14 من مايو سنة 1964 أعلن الطعن للمطعون ضده وتعين له أولاً جلسة 10/ 12/ 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 1/ 3/ 1964 فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة فعينت له جلسة 12/ 12/ 1964 وأخطروا بها في 26/ 10/ 1964 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه على النحو الوارد في محاضر الجلسات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم مع التصريح لهم بتقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 16/ 6/ 1963 أقام المطعون ضده بصفته دعواه ذاكراً فيها أن نجله القاصر فؤاد نصير الطالب بالسنة الأولى الثانوية بمدرسة الأقباط الثانوية ببور سعيد بدء امتحان النقل إلى السنة الثانية اعتباراً من يوم 18/ 5/ 1963 وفي يوم 20 من مايو سنة 1963 الذي كان محدداً لأداء امتحان الكيمياء انصرف من تلك المدرسة بعد أداء الامتحان ولكنه في عصر ذلك اليوم أرسل السيد ناظر المدرسة باستدعائه من منزله فلما مثل بين يديه فاجأه باتهامه بالغش في امتحان تلك المادة بضبط وريقة صغيرة تحمل إجابات في تلك المادة في كراسة امتحانه، وفي 18 من مايو سنة 1963 فوجئ بكتاب من مديرية التربية والتعليم يحمل إليه قرارها بإلغاء امتحان ابنه وبأن منطقة التربية والتعليم اعتمدت هذا القرار مع حرمانه من دخول الامتحان التالي وقال المطعون ضده إن هذا القرار جاء معيباً لصدوره ممن لا يملك إصداره كما جاء موصوماً بعيب الانحراف كما صدر غير مسبب وبالمخالفات لأحكام القانون، إذ تضمن حرمان نجله من دخول الامتحان في العام الدراسي التالي ولهذه العيوب التي تردى فيها القرار، طلب الحكم بوقف تنفيذه بصفة مستعجلة وفي الموضوع طلب الحكم بإلغائه ثم عدل طلباته إلى طلبه احتياطياً وقف تنفيذه ثم إلغاءه فيما تضمنه من حرمان التلميذ من دخول امتحان السنة التالية.
ومن حيث إن تلك المحكمة أصدرت حكمها السابق ذكره وشيدته على أنه ثبت لها من مطالعة الأوراق أن التلميذ فكتور نصير ضبط في يوم 20/ 2/ 1963 متلبساً بالغش في مادة الكيمياء في أثناء امتحان الفترة الثانية إذ ضبط ملاحظ الامتحان وريقة داخل كراسة الإجابة تحتوي على معلومات في مادة الكيمياء التي كان يؤدي فيها الامتحان وهذه المعلومات مطابقة لما كتبه في كراسة الإجابة وأنه صورة طبق الأصل منها وإذ أجرت المدرسة تحقيقاً وتبين منه أن التلميذ المذكور اقترف غشاً في هذا الامتحان فرفع ناظر المدرسة مذكرة مسببة إلى مدير التربية والتعليم طلب فيها إلغاء امتحان التلميذ وحرمانه من دخول الامتحان في العام التالي فوافق مدير التربية على ذلك للأسباب الواردة بالمذكرة ومن ثم يكون القرار قد صدر ممن يملك إصداره، أما بالنسبة لإلغاء الامتحان في العام التالي فإن قرار المنطقة وإن لم يتضمن ذلك صراحة إلا أن وروده بالموافقة على المذكرة يعتبر متضمناً ذلك ومن ثم يكون هذا القرار قد تضمن تعدداً لمرات الحرمان من دخول الامتحان ويقضي القانون رقم 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 بان المختص بهذا النوع من القرارات هو وكيل الوزارة وليس مدير التربية والتعليم ومن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن أسس على القول بأن القرار المطعون فيه صدر ممن يملك إصداره وأنه يترتب على صدوره حرمان التلميذ من دخول الامتحان التالي بقوة القانون وذلك إعمالاً لنص المادة - 47 من القانون رقم 211 لسنة 1953 وهذا الرأي يتفق وما جاء بفتوى اللجنة الثانية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة (مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنها فتاوى القسم الاستشاري للفتوى والتشريع - المكتب الفني - السنة 11 قاعدة 137 - ص 244 - 245) ولا يعتبر هذا القرار متضمناً تعدداً لمرات الحرمان كما ذهب الحكم المطعون فيه، وإذ صدر ممن يملكه وقام على سببه المبرر له قانوناً بعد استيفاء الإجراءات المقررة فيكون قراراً صحيحاً وبالتالي يكون الحكم الصادر بإيقاف تنفيذه قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله وتعين بالتالي إلغاؤه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة جاء فيه أن الجدل أثير حول تفسير المقصود بعبارة (الامتحان التالي) "بعد صدور القانون رقم 339 لسنة 1956 الذي ألغى نظام الدور الثاني وجعل مرات الاختبار مرة واحدة في العام الدراسي ثم أشار إلى رأي اللجنة الثانية سالفة الذكر ولكنه نظر إلى تفسير النص نظرة أخرى غير التي اعتنقتها تلك اللجنة فقرر أنه لا جدال في أن الإلغاء ينصب على أحد الدورين وقت أن كان نظام الدورين معمولاً به وكان دائماً في ظل ذلك النظام الفرض قائماً للتلميذ في أداء امتحان العام التالي سواء بدورية أن وقعت الجريمة في امتحان الدور الأول من السنة السابقة أو على الأقل في الدور الثاني منه إذا وقعت الجريمة في الدور الثاني من العام السابق وإذا قيل بحرمان الطالب من امتحان السنة التالية بعد إلغاء نظام الدورين فإن هذا القول يترتب عليه تشديد العقاب بغير نص ولما كانت القواعد التأديبية شبيهة بالقواعد الجنائية فلا يتوسع في تفسيرها بل تطبق في أضيق الحدود وإذ جاء القانون 339 لسنة 1956 بإلغاء نظام الدورين وإلغاء كل نص يخالف أحكامه فإن ذلك يؤدي حتماً إلى إلغاء الأحكام الواردة في القانون 211 لسنة 1953 التي تتعارض مع أحكامه إذ هو لصيق بامتحان الدورين وإذا ألغي هذا النظام فوجب أن يسقط هذا الحكم وجوباً وإذا كان القرار المطعون فيه قد صدر من السيد مدير التربية والتعليم ولم يصدر من السيد وكيل الوزارة وإذ تضمن تعدداً في الجزاءات فيكون قراراً صادراً من غير مختص وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد أنزل حكم القانون على وجه سليم ويكون الطعن الموجه إليه على غير أساس من القانون ثم انتهى التقرير بعد ذلك إلى طلب رفضه.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة أخيرة تعقيباً على ما جاء في تقرير هيئة مفوضي الدولة فيها أن مفاد عبارة الامتحان التالي "يقصد بها دون شك امتحان العام التالي وهو ما يفيده إطلاق نص عبارة المادة - 47 آنفة الذكر إذ جاءت عامة دون تخصيص وأن هذه المادة تتضمن فقرتين لكل منها مجال إعمال فالأولى تتحدث عن إلغاء الامتحان الذي وقعت فيه المخالفة وعقدت الاختصاص فيه لرئيس لجنة الامتحان وولدت عنه أثراً هو الحرمان بقوة القانون من دخول الامتحان التالي، أما إذا كانت المخالفة جسيمة فيتحقق مجال إعمال الفقرة الأخيرة لهذه المادة بزيادة عدد مرات حرمان التلميذ الأمر الذي يدخل في اختصاص وكيل الوزارة ويظاهر هذا القول ويدعمه أن المشرع عبر عن الدور والامتحان بتعبير ينم على أن لكل منهما مدلوله الخاص به وهذا واضح من نصوص القانون 211 لسنة 1953 المعدل ولا وجه للقول بقيام تعارض بين المادة الثالثة من القانون 399 لسنة 1956 والمادة - 47 من القانون 311 لسنة 1953 معدلاً بالقانون رقم 492 لسنة 1954 فإن لكل منهما مجال إعمال كذلك.
وليس صحيحاً ما يقال من أن نظام الدور الواحد لم يكن معروفاً إلا بعد القانون 399 لسنة 1956 إذ هذا القانون ألغى نظام الدور الثاني في السنوات الدراسية التي كان معمولاً بها وكان نظام الامتحان من دور واحد معروفاً قبل صدوره بالنسبة لامتحان سنوات الانتقال منذ صدور القانون 211 لسنة 1953 وكانت هذه الصورة موجودة عندما وضع المشرع نص المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 وكذلك كان قائماً عند تعديلها بالقانون 492 لسنة 1954 وإذا كان الأمر كذلك فيكون ما ذهب إليه تقرير هيئة المفوضين محل نظر إذ القرار المطعون فيه صدر سليماً ممن يملك إصداره وفي حدود الأحكام القانونية والقواعد المقررة وقام على سببه الصحيح وبذا فهو في منأى عن الطعن والتجريح وانتهت في خاتمتها إلى التصميم على طلب رفض وقف هذا القرار.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مناط الخلف في هذه المنازعة هو ما إذا كان القرار الصادر من مدير عام التربية والتعليم بمحافظة بور سعيد بإلغاء امتحان التلميذ فكتور نصير في عام 1963 حيث اقترف الغش، صدر ممن يملك إصداره وقام على سبب يبرره قانوناً ومبرأ من كل عيب، وعما إذا كان لهذا القرار أثره في حرمان هذا التلميذ من دخول امتحان العام التالي أم لا.
ومن حيث إنه لتجلية وجه الحق تورد المحكمة نص المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 وهو يجرى على النحو الأتي: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانوناً يلغى امتحان التلميذ في الأحوال الآتية":
1 - إذا غش أو حاول الغش في الامتحان......
ويكون إلغاء الامتحان بقرار مسبب ونهائي من الرئيس العام للامتحان, ويترتب على هذا الإلغاء حرمان التلميذ من دخول الامتحان التالي:
ويجوز لوكيل الوزارة أن يزيد عدد مرات حرمان التلميذ من دخول الامتحانات التالية ويكون قراره في ذلك مسبباً ونهائياً.
وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 399 لسنة 1956 بشأن امتحانات النقل والامتحانات العامة في المرحلتين الإعدادية والثانوية في التعليم العام وأشير في ديباجته إلى القانون 211 لسنة 1953 دون غيره من القوانين ونصت مادته الثالثة على ما يأتي: "يلغى امتحان الدور الثاني في المرحلتين الإعدادية والثانوية بالتعليم العام, كما يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون".
ومن حيث إن الواقعة المسندة إلى الطالب ثابتة من التحقيقات التي أجريت ومن مطابقة إجابته في كراسة الإجابة للمعلومات الواردة في الوريقة الصغيرة التي ضبطت معه ومن ثم يكون قرار إلغاء امتحانه في عام 1963 الذي غش فيه قام على سبب صحيح واستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه, أما فيما يختص بحرمانه من دخول امتحان السنة التالية فإن المحكمة تلاحظ أن هذا التلميذ هو من تلاميذ المرحلة الثانوية وقد ألغى القانون 399 لسنة 1956 امتحان الدور الثاني بالنسبة لمن هم في هذه المرحلة ومع هذا الإلغاء بقى نص المادة 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدل بالقانون 492 لسنة 1954 كما هو دون تعديل والقول بإلغاء امتحان السنة التي غش فيها التلميذ يترتب عليه إلغاء امتحان السنة التي بعدها كأثر للقرار الأول فيه تعدد لمرات الحرمان بدون الأداة التي نص عليها القانون لهذا التعدد وهو قرار وكيل الوزارة، ذلك أن الحرمان الكامل من دخول امتحان عام لم يكن موجوداً قبل إلغاء الدور الثاني إذ كانت دائماً أمام التلميذ فرصة دخول امتحان أحد الدورين في العام الدراسي, كما أن القول من جهة أخرى بأن إلغاء امتحان السنة التي غش فيها التلميذ أو حاول أن يغش لا يترتب عليه إلغاء امتحان السنة التالية فيه تعطيل لنص الفقرة الأولى من المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 المعدلة بجعلها قاصرة الأثر على الامتحان الأول الذي وقعت فيه الجريمة فقط.
ومن حيث إن المادة - 47 من القانون 211 لسنة 1953 تضمنت جزاء تأديبياً وإذ أن القوانين التأديبية من فصيلة القوانين الجنائية التي تتأبى بطبيعتها التوسع في التفسير بل تحتم أن يكون في أضيق الحدود.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإن القانون 399 لسنة 1956 جاء بنص صريح بإلغاء كل ما يتعارض معه وإذ يترتب على القول الأول ضياع عام دراسي كامل على التلميذ زيادة على العام الذي غش فيه أو حاول أن يغش ومن ثم يعتبر هذا من قبيل التعارض الذي يجب أن يلغى فإن قدرت الجهة الإدارية أن الجريمة التي اقترفها التلميذ تستأهل مزيداً من الجزاء فعليها أن تلجأ إلى من عقد له القانون السلطة في تعدد مرات الحرمان وهو وكيل الوزارة, أما وأنها لم تفعل واكتفت بقرار السيد مدير التربية والتعليم "رئيس لجنة الامتحان" فإن قراره يكون قاصر الأثر على السنة التي ضبط فيها التلميذ مقترفاً لجريمة الغش أو الشروع فيه ولا يتعداها إلى امتحان السنة التالية.
ومن حيث إنه لهذه الأسباب وللأسباب التي أوردها الحكم المطعون يكون الأخير على حق في قوله أن القرار الذي صدر ضد التلميذ آنف الذكر فيما تضمنه من إلغاء امتحان السنة التالية للسنة التي اقترف فيها الغش قد صدر من غير مختص ومن ثم يؤثمه عيب عدم الاختصاص ويكون بالتالي قضاؤه بإيقاف هذا القرار المعيب قد أصاب وجه الحق, ويكون الطعن في هذا القضاء على غير سند من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إن الطاعنة أصابها الخسر في الطعن فتحمل عبء مصروفاته وذلك إعمالاً لنص المادة - 357 من قانون المرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.

الطعن 950 لسنة 7 ق جلسة 30 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 55 ص 541

جلسة 30 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(55)

القضيتان رقما 950 و954 لسنة 7 القضائية

(أ) براءة اختراع - شرط الجدة فيها 

- أن يكون الاختراع أو الابتكار جديداً لم يسبق إليه أحد - حكمته أن الحق الاستشاري المخول لمالك البراءة هو مقابل لما أهداه للهيئة الاجتماعية من أسرار صناعية - أخذ المشرع الفرنسي بمبدأ الجدة المطلقة في الزمان والمكان - نطاق الجدة وضوابطها في القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية.
(ب) براءة اختراع 

- علنية - الصفة العلنية في الاستعمال السابق للاختراع والتي تنال من شرط الجدة - هي عدم بقائه سراً محجوباً عن الأنظار - بحيث لا يكون ثمة حائل دون تسربه للجمهور وكشفه عنه - عدم علم المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول بنشاط المطعون ضده الصناعي - لا يمس من العلانية المستخلصة من المستندات والتي قوامها أن الأمر كان محل صناعة مفتوح باب التعامل فيها في وجه الجميع.

-------------------
1 - تنص المادة الأولى من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية على يأتي "تمنح براءة الاختراع وفقاً لأحكام هذا القانون عند كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطرق أو وسائل صناعية مستحدثة أم بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية معروفة" وواضح من هذا النص أنه يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون الاختراع أو الابتكار جديداً لم يسبق إليه أحد, وهو ما اصطلح على تسميته بشرط الجدة, والحكمة في هذا الشرط أن ما خوله القانون لمالك البراءة من حق استئثاري مقصور عليه في استغلال الاختراع إن هو إلا مقابل لما أهداه للهيئة الاجتماعية من أسرار صناعية فإذا لم يظفر منه بالجديد منها انقضى المقتضى لتخويله الاستئثار بالاستغلال وحرمان غيره منه, على أن الشارع المصري لم يشأ أن تكون هذه الجدة المتطلبة مطلقة, على غرار ما انتهجه الشارع الفرنسي الذي أخذ بمبدأ الجدة المطلقة في الزمان وفي المكان, بل قيد نطاقها ورسم ضوابطها بما نص عليه في المادة الثالثة من القانون التي جرى نصها بما يلي "لا يعتبر الاختراع جديداً, كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا كان في الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال الاختراع بصفة علنية في مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه في نشرات أذيعت في مصر وكان الوصف أو الرسم الذي نشر من الوضوح بحيث يكون في إمكان ذوي الخبرة استغلاله.
2 - إذا كان في خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عن الاختراع أو جزء منه لغير المخترع أو لغير من آلت إليه حقوقه أو كان قد سبق للغير أن طلب براءة عن الاختراع ذاته أو عن جزء منه في المدة المذكورة".
3 - إن الطاعن إذ يذهب إلى القول بأنه إذا كانت صناعة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها قد ابتدأ استعمالها في مصر قبل تقديم طلب براءة اختراعه فإن ذلك كان كما قال الخبير في تقريره دون علم المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر مما يقطع بأن ذلك الاستعمال لم يكن لصفة علنية وبالتالي لا يفقد الاختراع شرط الجدة وفقاً لصريح نص المادة الثانية فقرة أولى من القانون, وقوله هذا مردود بأن المقصود من الصفة "العلنية" في الاستعمال السابق للاختراع هو عدم بقائه سراً مكتوماً محجوباً عن الأنظار بحيث لا يكون ثمة حائل دون تسربه للجمهور وكشفه عنه, وترى المحكمة في ضوء وقائع الدعوى وما قدمه المطعون ضده من مستندات أن القول بأن استعماله في مصنعه لطريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها لم يكن بصفة علنية هو قول في غير محله, إذ لم يكن الأمر سراً مكتوماً أو محجوباً عن الأنظار إنما كان أمر صناعة مفتوح باب التعامل فيها في وجه الجميع ويعمل من أجل رواجها وجلب المزيد من العملاء لها وهؤلاء قد يرون المعاينة والدرس قبل التعاقد فلا يصدون عن ذلك كما حدث مع سلاح الطيران البريطاني على ما تقدمت الإشارة إليه, ولا يقدح في هذا أن المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر لم تكن تعلم بنشاط المطعون ضده الصناعي, إذ أن عدم العلم هذا لا يعني أكثر من أن هذه المصالح والهيئات بعيدة عن هذا النوع من النشاط الصناعي والتجاري أو لا تعيره شيئاً من اهتمامها دون أن يمس هذا علانيته المستخلصة من المستندات وفق ما تقدم.


إجراءات الطعن

في 9 من مارس سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الاقتصاد بوصفه الرئيسي الأعلى لمصلحة التسجيل التجاري تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 10 من يناير سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 326 لسنة 13 قضائية المقامة من السيد/ ميركو بوتشيانتي ضد السيد/ عبد الحليم محمود علي ووزير التجارة, وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وأصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام ميركو بوتشيانتي بالمصاريف واحتياطياً إخراج الطاعن بصفته من الدعوى دون مصروفات، وقيد الطعن بسجل المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 905 لسنة 7 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما في 14/ 3/ 1961.
وفي 11 من مارس سنة 1961 أودع الأستاذ راغب حنا المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ عبد الحليم محمود علي تقرير طعن في ذات الحكم السابق بيانه, وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى السيد ميركو بوتشيانتي وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقيد الطعن بسجل المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 954 لسنة 7 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى وزير التجارة في 15/ 3/ 1961 وإلى ميركو بوتشيانتي في 21/ 3/ 1961.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة أول فبراير سنة 1964 وفيها قررت الدائرة ضم الطعنين معاً, وتداولا في الجلسات حتى جلسة 9/ 5/ 1964 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا وعين لنظره أمامها جلسة 31/ 10/ 1964 وتداولت بالجلسات إلى جلسة 30/ 1/ 1965.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين - اللذين سبق تقرير ضمهما - قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 326 لسنة 13 ضد السيدين عبد الحليم محمود علي وزير التجارة بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1958 وقال بياناً للدعوى إنه في 23 من فبراير سنة 1952 قدم المدعى عليه الأول إلى إدارة براءات الاختراع بوزارة التجارة طلباً للحصول على براءة اختراع أصلية عن طريقة لتكرير الزيوت المعدنية المستعملة أو بعبارة أخرى لإعادة هذه الزيوت إلى أصلها وبرر المدعى عليه الأول الطلب المذكور بقوله إن هذا الاختراع عبارة عن طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها وكانت الفكرة السائدة أنه لا يمكن إعادة الزيوت المعدنية إلا مرة واحدة إذ تكون قد استنفدت الغرض منها، غير أن الأبحاث أثبتت أنه يمكن إعادتها إلى أصلها بعد الاستعمال وهذه العملية تتكرر إلى ما لا نهاية وأصبح من الممكن إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها بواسطة طريقته المبتكرة التي شرحها في طلبه، وقد ظل الطلب في إدارة براءات الاختراع أربع سنوات وأخيراً صدرت عنه لمصلحة المدعى عليه الأول في أول يوليه سنة 1956 براءة اختراع قيدت برقم 794 فئة رقم 3 وقد جاء في هذه البراءة تحت عنوان "العناصر الجديدة موضوع الحماية" ما يأتي "طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها باستعمال المواد الكيماوية والمعدنية الموضحة فيما بعد بالنسبة الآتية:
(1) حامض السلفريك بنسبة بين 3% و7% بدرجة حرارة من 45 إلى 50 سنتيجريد.
(2) ومادة التونسيل بنسبة بين 5% و7% بدرجة حرارة من 90 إلى 110 سنتيجريد.
(3) ومادة الجير بنسبة بين 1% و2% بدرجة حرارة من 90 إلى 110 سنتيجريد.
(4) وباستعمال الأجهزة والطريقة المشروحة في الوصف.
وقد سهل للمدعى عليه الأول فرصة الحصول على براءة الاختراع المشار إليها أن القانون المصري الخاص ببراءات الاختراع وهو القانون رقم 132 لسنة 1949 لم يتبع طريقة الفحص السابق، وهي الطريقة التي توجب على إدارة براءات الاختراع التحقق من كون الاختراع مبتكراً قبل أن تصدر عنه براءة الاختراع, وذلك كما قررت وزارة التجارة في المذكرة الإيضاحية التي قدمتها لتعديل القانون رقم 132 لسنة 1949 المذكور بالقانون رقم 650 لسنة 1955, واستطرد المدعي قائلاً إنه تأسيساً على هذه الحقيقة وتقديراً لاحتمال صدور براءة اختراع مخالفة لأحكام القانون وأجازت المادة 35 من القانون 132 لسنة 1949 لإدارة براءات الاختراع ولجميع ذوي الشأن طلب الحكم ببطلان مثل هذه البراءة وأنه تطبيقاً لهذه المادة يرفع دعواه هذه لإبطال براءة الاختراع الممنوحة للمدعى عليه الأول عن طريقة مألوفة وشائعة لإعادة الزيوت المعدنية إلى أصلها, فصناعة تكرير الزيوت المستعملة أو إعادتها إلى أصلها هي صناعة قديمة معروفة منذ خمسين سنة على الأقل وادعاء المدعى عليه الأول بابتكارها هو ادعاء باطل يدل على ذلك (أولاً) أن طريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها بالكيفية التي أوضحها المدعى عليه الأول في طلبه هي طريقة معروفة منذ خمسين سنة على الأقل وادعاء المدعى عليه الأول بابتكارها المؤلفات الفنية المعروضة للبيع في كل المكتبات المصرية وفي كثير من المكتبات الفنية للشركات أو الجمعيات المعنية بهذه الصناعة, من ذلك كتاب Inbreficants de graissaga et ďusinge المطبوع في باريس سنة 1947 والنشرة الفرنسية المعنونة Actisil (وقد أورد المدعي في صحيفة دعواه فقرات من هذين الكتابين مع ترجمتها إلى العربية) ومحاضرة عن زيوت التزييت المعدنية أو البترولية ألقاها في ديسمبر سنة 1955 الأستاذ الكيماوي إبراهيم يوسف مصطفى الخبير الاستشاري لشئون البترول الذي كان يعمل وقتها عند المدعى عليه الأول كمستشار فني. (ثانياً) أن طريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها طريقة معروفة في مصر منذ مدة طويلة سابقة على تاريخ الطلب الذي قدمه المدعى عليه الأول للحصول على البراءة موضوع النزاع فقد بدأ هذه الصناعة في مصر في سنة 1936 شخص يدعى Harus وكون شركة لهذا الغرض وأنشأ مصنعاً في السبتية ثم في الإسكندرية واستمر في عملية تكرير الزيوت المستعملة حتى مايو سنة 1946 إذ باع صناعته ومؤسسته إلى شركات شل بالقاهرة مقابل مبلغ أربعين ألف جنيه مع تعهده بعدم منافسة الشركة في استغلال هذه الصناعة في مصر, وفي سنة 1948 أسس المدعي في شارع الخليج المصري رقم 53 بالقبة مصنعاً لإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها وبدأ هذا المصنع نشاطه في سنة 1949 أي قبل تقديم طلب براءة الاختراع بثلاث سنوات ولعلم المدعي بأن الطريقة التي يستعملها طريقة شائعة لا فضل له فيها ولا يجوز أن تكون محلاً لبراءة اختراع وفق حكم المادة الثالثة من القانون رقم 132 لسنة 1949 فقد أمسك عن طلب براءة اختراع عنها, وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإبطال براءة الاختراع رقم 794 فئة 3 الممنوحة خطأ للمدعى عليه الأول عن طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها مع إلزام المدعى عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقد قدم ضمن حافظة الكتاب والنشرة والمحاضرة المشار إليها في عريضته.
وردت وزارة الاقتصاد على الدعوى بمذكرة أعدتها إدارة البراءات بمصلحة التسجيل التجاري وتضمنت أن المدعى عليه الأول قدم طلب البراءة في 23 من فبراير سنة 1952 وقيد برقم 73 لسنة 1952 وبتاريخ أول يوليه سنة 1952 تم قبول الطلب بعد فحصه من الناحيتين الفنية والقانونية ونشر عن قبوله بجريدة براءات الاختراع في العدد 62 السنة الخامسة شهر أكتوبر سنة 1956 وانقضت مدة المعارضة وقدرها شهران وفي 12 من يناير سنة 1958 صدرت البراءة رقم 794 ونشر عن ذلك بالجريدة سالفة الذكر في عدد إبريل سنة 1958، وأن ما أورده المدعي من أن القانون رقم 132 لسنة 1949 لم يتبع طريقة الفحص السابق مردود بأن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون قد أوضحت أسباب الأخذ بنظام وسط بين نظام الإيداع المطلق المتبع في فرنسا ونظام الفحص السابق المتبع في بريطانيا وأن المشرع أخذ بالنظام الذي يلاءم درجة النهضة الصناعية وهو النظام الوسط حتى يمكن التدرج به نحو نظام الفحص الكامل وأن القانون نظم في المواد 18 وما بعدها واجبات إدارة براءات الاختراع فيما يتعلق بالرقابة على توافر الشروط المنصوص عنها في شأن الاختراعات التي تمنح عنها البراءات والشهر عنها وفتح باب المعارضة لذوي الشأن أمام لجنة تشكل بقرار من وزير الاقتصاد وأن المصلحة راعت من جانبها المواعيد القانونية عند القيام بالإجراءات حتى صدرت البراءة موضوع النزاع دون أن يتقدم عنها أية معارضة، وفيما يتعلق بالنشرات التي أشار إليها المدعي في صحيفة دعواه ونقل منها بعض المقتطفات للتدليل على أن الاختراع موضوع البراءة معروف في بلاد أوروبا وأمريكا وبذلك لا يكون جديداً، أوردت مذكرة الحكومة فقرة من المذكرة الإيضاحية تقول "يعتبر عنصر الجدة متوافراً إذا لم يكن قد نشر عن الاختراع في مصر وفي هذه الخطة تشجيع لطلب براءات في مصر عن اختراعات جرى النشر عنها في الخارج حتى تستفيد البلاد في نهضتها الصناعة من الاختراعات" ثم عرضت مذكرة الحكومة للمحاضرة التي ألقيت في ديسمبر سنة 1955 فقالت إن نصوص القانون تحمي الاختراع من تاريخ تقديم الطلب فلا يؤثر عليه أن يستغل أو يعرف أو ينشر عنه بعد تاريخ تقديم الطلب ولما كانت المحاضرة المذكورة قد ألقيت في تاريخ لاحق لتقديم الطلب فإنها لا تؤثر على جدة الاختراع، وقد قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة أخرى لا يخرج ما جاء بها عما تضمنته مذكرة إدارة البراءات وقد طلبت الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ورد المدعى عليه الأول على الدعوى بأن الفكرة التي كانت سائدة هي أنه لا يمكن استعمال الزيوت المعدنية إلا مرة واحدة إذ تكون قد استنفدت الغرض منها وأصبحت غير صالحة للاستعمال، ولازدياد الحاجة إلى الزيوت المعدنية فكر في ابتكار طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها ومن ثم سافر إلى ألمانيا واستعان بالعالم الألماني الدكتور فردريك ارهد في ابتكار طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها بحيث تتكرر هذه العملية إلى ما لا نهاية، وفي سنة 1951 اشترى من ألمانيا الآلات اللازمة لإخراج اختراعه إلى حيز الوجود واستقدم بعض الخبراء الألمان لإنشاء مصنع وقد تكلف في هذا السبيل نحو ثلثمائة ألف جنيه، وفي 23 من فبراير سنة 1952 تقدم بطلب براءة الاختراع وقبل طلبه، وقد علم بأن المدعي وآخر يدعى إمام محمد عوض (وكان عاملاً بمصنعه) وثالثاً يدعى الخواجة فلورانس بالإسكندرية يقلدون اختراعه فأبلغ النيابة للتحقيق معهم كما استصدر أمراً من رئيس محكمة القضاء الإداري بتوقيع الحجز التحفظي على ما يستخدم في جريمة التقليد بمصانعهم ووقع الحجز فعلاً على مصنعين بالقاهرة ومصنع بالإسكندرية ورفضت تظلماتهم من هذا الحجز، وقد رفع في 8، 9، 10 من نوفمبر سنة 1958 - ثلاث جنح مباشرة ضدهم ما زالت منظورة بالجلسات، ثم استعرض المدعى عليه الأول أوجه دفاعه فذكر أنه يبين من نص المادتين الأولى والثالثة من القانون رقم 132 لسنة 1949 أنه يشترط لمنح براءة اختراع توافر شرطين أولهما: أن يوجد ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي ويكون الابتكار جديداً ولو كان بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية مستعملة بحيث تمنح البراءة والحماية حتى ولو كان الهدف موجوداً من قبل ووسائله معروفة واقتصر الابتكار الجديد على مجرد تطبيق جديد لطرق ووسائل صناعية مستعملة. وثانيهما: ألا تكون الطريقة أو الابتكار سبق أن استعمل في مصر في الخمسين سنة السابقة بصفة علنية أو أذيعت عنه نشرات وكان النشر من الوضوح بحيث يكون في إمكان ذوي الخبرة استغلاله. وهذان الشرطان متوافران في حالته إذ أنه قد ابتكر طريقة جديدة لإعادة الزيوت المعدنية إلى أصلها باستعمال مواد كيماوية بنسب معينة وفي درجة حرارة معينة وبأجهزة خاصة - وهذه الطريقة الجديدة لم يسبق لأحد استعمالها في مصر مطلقاً ولم تذع عنها نشرات من الوضوح بحيث يمكن استعمالها، ولا حجة فيما أورده المدعي عما جاء في المؤلف المطبوع في باريس سنة 1947 لأن هذا المؤلف طبع ونشر في باريس ولم يطبع أو ينشر بأي طريقة من طرق النشر في مصر. ولأن ما ورد فيه يعتبر كلاماً نظرياً بحتاً لا يضع طريقة عملية محددة. وحتى الطريقة التي تكلم عنها المؤلف انتقدها هو نفسه وأبرز عيوبها. كما أنها ليست الطريقة محل الحماية في براءة الاختراع المطعون عليها فهي تشير إلى استعمال ماء النار والاليوم والقطران وهي غير المواد التي ابتكر المدعى عليه لأول استعمالها، هذا إلى أن المؤلف لم يبين الآلات والأجهزة التي تستعمل، وفيما يتعلق بالنشرة الفرنسية Actisil فإنها وإن تكلمت عن إمكان إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها كمبدأ عام أو كنظرية إلا أنها لم تضع قاعدة ثابتة يمكن اتباعها عملياً كما لم تضع نسباً ثابتة لمواد كيمائية معينة ولم تبين درجات الحرارة والأجهزة الخاصة، وفيما يتعلق بمحاضر الأستاذ إبراهيم يوسف مصطفى فإن المحاضر أشاد بالطريق التي يستعملها المدعى عليه الأول في مصانعه "ووصفها بأنها أحدث الطرق وأفضلها وقال إنها تشبه طريقة إنتاج الزيوت الأصلية من زيوت البترول وليس معنى هذا أنها نفس الطريقة فهناك أوجه خلاف بين الطريقتين كما قال إن عملية تكرير الزيوت ليست مستحدثة وتقوم بها حالياً أمريكا وأوروبا غير أنه لم يقل إنهما تستعملان لهذا الغرض نفس طريقة المدعى عليه الأول هذا إلى أن ما يتبع في هاتين القارتين لا يعتبر معروفاً بالطريقة التي تمنع منح براءة الاختراع، واستطرد المدعى عليه الأول قائلاً إن تكرير الزيوت المعدنية أو إعادتها إلى أصلها وإن كانت نظرية قديمة تناولها كثير من المؤلفين وبذلوا في سبيل تحقيقها المحاولات إلا أن أحداً لم يصل إلى ابتكار طريقة محددة تطابق طريقته التي تعتمد على مواد كيماوية معينة ودرجات حرارة محددة وأجهزة وآلات خاصة والتي هي محل الحماية في براءة اختراعه والتي لم يثبت مطلقاً أن أحداً سبق أن استعملها كما أنها تختلف عن الطرق التي أشارت إليها المراجع التي ذكرها المدعي، هذا إلى أن المدعي لم يرفع دعواه الحالية إلا بعد اتهامه بتقليد الطريقة محل الحماية في براءة اختراع وبعد توقيع الحجز ضده ولو كان جاداً فيما يدعيه لقدم معارضة في الميعاد الذي حددته اللائحة التنفيذية للقانون 132 لسنة 1949 كما أنه لو كان يقوم بإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها قبل تقديم طلب البراءة لتقدم بطلب براءة اختراع خلال سنتين من وقت العمل بالقانون المذكور وفقاً لحكم المادة 55 منه، وانتهى المدعى عليه الأول إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة المفوضين تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى رفضها وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بناء على أن المدعي لم يقم الدليل على أن الطريقة التي يستعملها، المدعى عليه الأول كانت مستعملة في مصر منذ مدة طويلة.
وعقب المدعي على تقرير هيئة المفوضين متمسكاً بأن براءة الاختراع الممنوحة للمدعى عليه الأول تمثل فكرة شائعة سبق المدعي الأول في استعمالها في مصر كثيرون كان من بينهم المدعي، وقدم لتأييد قوله عدة أوراق من بينها صورة من حكم محكمة جنح الوايلي في الدعوى المباشرة رقم 9330 سنة 1958 وصورة من تقرير الخبير المنتدب في هذه الدعوى، وقد قضى هذا الحكم ببراءة المدعي من تهمة التقليد وتضمن أنه قد أنشأ مصنعاً لاستخراج الزيوت المعدنية في سنة 1949 وكان يستغل صناعياً الاختراع موضوع البراءة الممنوحة للمدعى عليه الأول قبل تاريخ صدورها ومن ثم يكون من حقه الاستمرار في استغلاله لصالح منشأته عملاً بأحكام المادة 11 من القانون رقم 132 لسنة 1949، وأورد المدعي فقرات من أسباب حكم محكمة الجنح المستأنفة القاضي بتأييد حكم محكمة الوايلي.
ورد المدعى عليه الأول على استناد المدعي إلى حكم محكمة جنح الوايلي بأن هذا الحكم لم يؤسس على بطلان براءة اختراعه ولم يشر من قريب أو من بعيد إلى عدم توافر عنصر الجدة أو إلى أن الطريقة التي منحت عنها البراءة سبق استعمالها بصفة علنية في مصر أو شهر عن وصفها أو عن رسمها في نشرات أذيعت في مصر، وإنما بني الحكم على سبب وحيد هو نص المادة 11 من قانون براءات الاختراع الذي لا يجعل لبراءة الاختراع حجية على من كان يشغل الاختراع بحسن نية قبل تقديم طلب البراءة وخلص المدعى عليه الأول إلى أن الحكم المذكور لا أثر له مطلقاً على الدعوى الحالية.
وفي 10 من يناير سنة 1961 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً بإلغاء القرار الصادر من إدارة البراءات والنماذج الصناعية بوزارة التجارة بمنح المدعى عليه عبد الحليم محمود علي براءة الاختراع رقم 794 لسنة 1958 فئة 3 عن طريقة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأوردت المحكمة في أسباب حكمها أنها استبانت من الاطلاع على الأوراق وعلى ملف براءة الاختراع المطلوب إبطالها وملف القضية 670 جنح استئناف القاهرة لسنة 1960 (التي كانت مضمون للدعوى) أن المدعى عليه عبد الحليم محمود علي أقام الدعوى الجنائية بالطريق المباشر ضد المدعي أمام محكمة جنح الوايلي وتقيدت بجدولها تحت رقم 9330 لسنة 1958 الوايلي واتهمه فيها بأنه في خلال المدة من أول يناير إلى 31 من أكتوبر سنة 1958 قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة اختراع وطلب عقابه بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 مع الحكم بإلزامه بأن يدفع له واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ودفع المدعي الاتهام الموجه إليه بعدم الاعتداد ببراءة الاختراع القائم عليها ذلك الاتهام لما هو ثابت من المستندات التي قدمها من أنه يملك مصنعاً لتكرير الزيوت المستعملة عن طريق إعادتها إلى أصلها منذ نوفمبر سنة 1949 وهي ذات الطريقة التي منح عنها المدعى عليه عبد الحليم محمود براءة اختراع ومن ثم يستفيد من الوجهة الجنائية من حكم المادة 11 من القانون فيما يقضي به من عدم سريان حكم براءة الاختراع على من كان يشغل الاختراع صناعياً بحسن نية قبل تقديم طلب البراءة كما دفع من ناحية أخرى ببطلان براءة الاختراع لمخالفتها للمادة الثالثة من القانون وقال إن دعوى البطلان منظورة أمام محكمة القضاء الإداري وفي جلسة 28 من مايو سنة 1959 قررت محكمة جنح الوايلي قبل الفصل في الموضوع ندب كبير المهندسين الكيميائيين بمصلحة الوقود بوزارة الصناعة وحددت مأموريته بالانتقال إلى مصنع المدعى عليه عبد الحليم محمود ومصنع المدعي ومعاينتهما وفحص الطريقة التي يستعملها كل منهما لإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها وذلك لبيان ما إذا كانت الطريقة التي يستعملها المدعي هي ذات الطريقة الممنوح عنها براءة الاختراع للمدعى عليه عبد الحليم محمود من عدمه، وإذا تبين له أن الطريقة واحدة فعليه أن يبين على وجه الدقة تاريخ استعمال المدعي لهذه الطريقة لبيان ما إذا كان سابقاً على منح البراءة أم لاحقاً عليه وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره وانتهى فيه إلى نتيجة مؤداها أن طريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها لدى كل منهما واحدة ومطابقة لبراءة الاختراع موضوع النزاع وأن هذه الطريقة ابتدأ استعمالها قبل 23 من فبراير سنة 1952 تاريخ طلب البراءة وفي جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959 ناقشت محكمة الوايلي الخبير فأكد ما جاء في تقريره وفي 21 من يناير سنة 1960 قضت محكمة جنح الوايلي حضورياً ببراءة المدعي ورفض الدعوى المدنية قبله وأقامت قضاءها على ما ثبت لديها من وقائع الدعوى أن المدعي قد أنشأ مصنعاً لاستخراج الزيوت المعدنية في سنة 1949 حسبما هو واضح من سجله التجاري وأنه باشر العمل فيه وحقق أرباحاً دفع عنها الضرائب المستحقة كما كانت مصلحة الإنتاج تطالبه بالرسوم المستحقة على الزيوت المجددة منذ أول ديسمبر سنة 1949 فضلاً عن الشهادات المختلفة التي قدمها دالة على أنه كان يمارس عملية تكرير الزيوت المستعملة وإعادتها إلى أصلها في تاريخ سابق على صدور البراءة موضوع النزاع وخلصت من ذلك إلى أن لا يسري عليه حكم القانون في حماية براءة هذا الاختراع بالتطبيق للمادة 11 منه وقد استأنف المدعى عليه عبد الحليم محمود ذلك الحكم وتقيد استئنافه برقم 760 جنح مستأنفة مصر سنة 1960 وفي جلسة 5 من مارس سنة 1960 قضت محكمة الجنح المستأنفة بتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليها رداً على ما أثاره المدعى عليه عبد الحليم محمود من محاولة النيل من الشهادات التي قدمها المدعي منسوبة إلى بعض شركات البترول والنقل والمؤسسات الصناعية والتي تشهد بسبق تكليفها المدعي بعملية تكرير وتجديد زيوتها المعدنية من تاريخ سابق على تاريخ منح براءة الاختراع فقالت "ومما يجعل المحكمة تطمئن إلى صحة تلك المستندات وتأخذ بما جاء بها.... ذلك المستند الذي لم ينكره المستأنف (المدعى عليه عبد الحليم محمود) والذي هو عبارة عن صورة فوتوغرافية من عقد اتفاق بين مصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال والشركة المصرية الأمريكية لتكرير الزيوت بشارع الشيخ حمزة 18 بمصر والذي يستفاد منه أن فكرة تكرير الزيوت المعدنية وتجديدها كانت فكرة معروفة من تاريخ هذا التعاقد على الأقل والذي يرجع إلى 11 يناير سنة 1947 أي في تاريخ سابق على منح البراءة للمستأنف ومما يزيد هذه الحقيقة تأكيداً صورة كتاب مصلحة الجمارك المصرية المؤرخ 31/ 10/ 1948 إلى الشركة المصرية الأمريكية لتكرير الزيوت والذي بمقتضاه تنهي إلى الشركة أن رسوم الإنتاج على الزيوت المعدنية المجددة تستحق ابتداء من 8/ 8/ 1943 وهذان المستندان يقطعان بأن فكرة تجديد الزيوت المعدنية إنما هي فكرة قديمة وكانت معروفة في مصر قبل تاريخ منح البراءة للمستأنف.." وبعد أن استعرضت أسباب الحكم المطعون فيه بعض نصوص القانون رقم 132 لسنة 1949 خلصت إلى "أن الثابت مما سبق شرحه في سياق وقائع هذه الدعوى ومن ملف القضية 670 جنح س مصر لسنة 1960 المضمومة أن المدعي يملك في القاهرة مصنعاً لتكرير الزيوت بطريق إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها منذ سنة 1949 على الأقل وهو التاريخ الذي بدأ فيه بدفع ضرائب عن أرباحه من هذه الصناعة وسداده رسوم الإنتاج عن إنتاجه من الزيوت المكررة بهذه الطريقة وهي ذات الطريقة موضوع براءة الاختراع الممنوحة للمدعى عليه الأول والمطلوب إبطالها وأن ذلك الاستعمال كان بطريقة علنية في مصر منذ ذلك التاريخ أي قبل 22 فبراير سنة 1952 تاريخ تقديم المدعى عليه الأول طلبه رقم 73 لسنة 1952 لمصلحة الملكية الصناعية بوزارة التجارة ومن ثم يكون الاختراع موضوع هذه البراءة قد فقد شرط الجدة المنصوص عليه في المادة الأولى من القانون وذلك طبقاً للفقرة الأولى من المادة الثالثة منه، كما قالت المحكمة إنه لا مقنع فيما ذهب إليه المدعى عليه الأول في مذكرته الختامية من أن الحكم الصادر في دعواه الجنائية لم يتعرض لإبطال براءة الاختراع الممنوحة له وإنما استند إلى المادة 11 التي تقضي بعدم سريان الحماية التي فرضها القانون 132 لسنة 1949 في حق من استغل الاختراع بحسن نية قبل طلب البراءة، لا مقنع في ذلك إذ أن المحكمة الجنائية لا تملك التصدي لبطلان البراءة من عدمه ومن ثم فلا مناص لها لتمارس اختصاصها الجنائي من أن تستند في حكمها ببراءة المدعي من التهمة الجنائية إلى المادة 11 سالفة الذكر.
وفي 9 من مارس سنة 1961 طعنت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الاقتصاد التنفيذي بوصفه الرئيس الأعلى لمصلحة التسجيل التجاري في الحكم سالف الذكر، وقيد الطعن تحت رقم 950 لسنة 7 القضائية، وطلب الطاعن القضاء بقبول الطعن شكلاً وطلب بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف واحتياطياً إخراج الطاعن بصفته من الدعوى دون مصروفات، وقد بني الطعن على أن الواضح من ملف طلب البراءة أن أحكام القانون قد اتبعت، فقد نشر عن الطلب بالجريدة ولم تقدم بشأنه أية معارضة فاستصدرت إدارة البراءات البراءة، وأن المحكمة ألزمت الطاعن بالمصاريف في حين أن الوزارة الطاعنة لا شأن لها بالنزاع وهي قد قامت بتنفيذ أحكام القانون الأمر الذي يدعو إلى إخراجها من الدعوى بلا مصاريف.
وفي 11 من مارس سنة 1961 طعن وكيل السيد/ عبد الحليم محمود علي في الحكم، وقيد الطعن تحت رقم 954 لسنة 7 القضائية، وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده الأول وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أورد الطاعن أسباب طعنه على نحو مفصل مردداً ما أبداه من أوجه دفاع أمام محكمة القضاء الإداري على ما سبق بيانه، وذكر أن الخبير الذي ندبته محكمة جنح الوايلي لمعاينة مصنعه ومصنع المطعون ضده الأول وفحص الطريقة المستعملة لدى كل منهما قد بنى النتيجة التي انتهى إليها في تقريره على أساس صحة المستندات والشهادات المقدمة من المطعون ضده الأول بملف القضية دون علم المصالح الحكومية المختصة كمصلحة الوقود وغيرها من المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر ومؤدى هذا إنه إذا صحت تلك المستندات والشهادات وكانت صناعة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها قد ابتدأ استعمالها في مصر قبل تقديم طلب البراءة، فإن ذلك كان دون على المصالح والهيئات المذكورة مما يقطع في أن ذلك الاستعمال لم يكن بصفة علنية وبالتالي لا يفقد الاختراع عنصر الجدة وفقاً لصريح نص المادة الثالثة فقرة أولى من قانون براءات الاختراع، وأنه فيما يتعلق بحكم محكمة جنح الوايلي فإنه غير ذي أثر مطلقاً على الدعوى الحالية لأنه لم يؤسس على أن الاختراع قد شرط الجدية كما أنه لا حجية له قانوناً لدى القاضي الإداري، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد تقيد به وأقام قضاءه على أساسه، هذا إلى أنه قد وردت في أسباب حكم الجنح المذكور عبارات صريحة قاطعة ليس لها إلا معنى واحد هو أن محكمة الجنح ترى أن براءة الاختراع لا زالت قائمة صحيحة منتجة لآثارها القانونية وسارية في حق الكافة مع استثناء المطعون ضده الأول الذي يبقى له فقط بصفة استثنائية وفقاً للمادة 11 من القانون حق استغلال الاختراع لحاجات منشأته دون أن يكون له نقل هذا الحق مستقلاً عن المنشأة ذاتها إلى الغير، وأن ما جاء في حكم محكمة الجنح المستأنفة من أن "فكرة تجديد الزيوت المعدنية إنما هي فكرة قديمة وكانت معروفة في مصر قبل تاريخ منح البراءة" هو قول لا يقدم ولا يؤخر في توافر شرط الجدة في الطريقة المعينة التي حصل الطاعن على براءة اختراع عنها, ذلك أن هذه البراءة ليست عن فكرة أو صناعة تجديد الزيوت المعدنية عموماً بل هي تنصب على "طريقة فنية معينة" لإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها على أسس كيماوية بمواد خاصة ونسب محددة وأجهزة معينة وهذه الطريقة بالذات هي موضوع الحماية.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين المتقدمي الذكر (950 و954 لسنة 7 القضائية) وقد انتهت فيه إلى قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الوزارة بالمصروفات مع تحميلها إلى السيد/ عبد الحليم محمود علي الطاعن والمدعى عليه الأول في الحكم المطعون فيه.
وقدمت مصلحة التسجيل والرقابة التجارية (إدارة البراءات والنماذج الصناعية) مذكرة ختامية طلبت فيها الحكم بقبول الطعن رقم 950 لسنة 7 القضائية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الحكومة بالمصاريف مع المطعون ضده الثاني والقضاء بهذه المصروفات على من ترى المحكمة إلزامه بها من المطعون ضدهما مع إلزام المطعون ضده الأول مصاريف هذا الطعن وأتعاب المحاماة عنه.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية قد نصت على ما يأتي "تمنح براءة الاختراع وفقاً لأحكام هذا القانون عند كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطرق أو وسائل صناعية معروفة" وواضح من هذا النص أنه يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون الاختراع أو الابتكار جديداً لم يسبق إليه أحد, وهو ما اصطلح على تسميته بشرط الجدة, والحكمة في هذا الشرط أن ما خوله القانون لمالك البراءة من حق استئثار مقصور عليه في استغلال الاختراع إن هو إلا مقابل لما أهداه للهيئة الاجتماعية من أسرار صناعية, فإذا لم تظفر منه بالجديد منها انقضى المقتضى لتخويله الاستئثار بالاستغلال وحرمان غيره منه, على أن الشارع المصري لم يشأ أن تكون هذه الجدة المتطلبة مطلقة, على غرار ما انتهجه الشارع الفرنسي الذي أخذ بمبدأ الجدة المطلقة في الزمان وفي المكان, بل قيد نطاقها ورسم ضوابطها بما نص عليه في المادة الثالثة من القانون التي جرى نصها بما يلي "لا يعتبر الاختراع جديداً كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين:
(1) إذا كان في الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال الاختراع بصفة علنية في مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه في نشرات أذيعت في مصر وكان الوصف أو الرسم الذي نشر من الوضوح بحيث يكون في إمكان ذوي الخبرة استغلاله.
(2) إذا كان في خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عن الاختراع أو جزء منه لغير المخترع أو لغير من آلت إليه حقوقه أو كان قد سبق للغير أن طلب براءة عن الاختراع ذاته أو عن جزء منه في المدة المذكورة.
وظاهر من هذا النص أن الاختراع يفقد شرط الجدة - ولا يكون بالتالي حقيقاً بمنح براءة يحميها القانون - في حالات إحداهما سبق استعمال الاختراع بصفة علنية في مصر خلال الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة وهي الحالة التي اقتصر الحكم المطعون فيه على بحثها وخلص من هذا البحث إلى أن الاختراع الممنوح عنه براءة للطاعن عبد الحليم محمود علي قد فقد شرط الجدة.
ومن حيث إنه دون خوض في بحث ما إذا كانت طريقة الطاعن عبد الحليم محمود علي لتكرير الزيوت المستعملة وإعادتها إلى أصلها (وهي موضوع براءة اختراعه) تعد ابتكار أم أنها لا تعدو أن تكون من قبيل التنقيحات أو التحسينات التي لا تضيف جديداً إلى الفن الصناعي القائم والتي يعتبرها بعض رجال الفقه داخلة في نطاق الصناعة لا في نطاق الاختراع, دون خوض في هذا البحث فإنه يكفي أن.. يثبت أن الاختراع موضوع البراءة فاقد شرط الجدة المتقدم ذكره لتحرم هذه البراءة من الحماية التي قررها القانون رقم 132 لسنة 1949 وليقضي ببطلانها, وهو ما انتهى إليه بحق الحكم المطعون فيه للأسباب التي بني عليها والتي تقررها هذه المحكمة, ومن الرجوع إلى التقرير الذي وضعه كبير المهندسين الكيمائيين بمصلحة الوقود الذي ندبته محكمة جنح الوايلي خبيراً في دعوى اتهام المطعون ضده ميركو بوتشيانتي بتقليد اختراع الطاعن عبد الحليم محمود علي, على أن تكون مأموريته الانتقال إلى مصنعيهما ومعاينتهما وفحص الطريقة المستعملة لدى كل منهما لإعادة الزيوت المعدنية إلى أصلها وذلك لبيان ما إذا كانت الطريقة التي يستعملها أولهما هي نفس الطريقة الممنوح عنها براءة الاختراع الثاني من عدمه, وإذا ثبت للخبير أن الطريقة واحدة فعليه أن يبين على وجه الدقة تاريخ استعمال الأول لهذه الطريقة لبيان ما إذا كان سابقاً على منح البراءة للطاعن عبد الحليم محمود علي أم لاحق عليه مع التصريح للخبير في سبيل أداء مأموريته بالاطلاع على مستندات الطرفين وسماع أقوال شهودهما بغير حلف يمين واتخاذ كافة ما يراه موصلاً للحقيقة. من الرجوع إلى التقرير الذي وضعه هذا الخبير يبين أنه خلص إلى ما يأتي:
(1) الطريقة المستعملة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها واحدة في مصنع عبد الحليم محمود علي وميركو بوتشيانتي ومطابقة للطريقة المنصوص عليها في براءة الاختراع رقم 794 بتاريخ 23/ 2/ 1952.
(2) طريقة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها ابتدأ استعمالها بمصر قبل 23 من فبراير سنة 1952 وذلك دون إخطار الجهات الحكومية المختصة والمشرفة على صناعة البترول في مصر, وهذا الذي انتهى إليه الخبير يقدم به الدليل الكافي على انتفاء شرط الجدة في الاختراع موضوع البراءة الممنوحة للطاعن عبد الحليم محمود علي لاسيما وأن هذا الخبير لا يطعن على الخبير أو يجرحه بشيء ما, ولا يغير من الأمر شيئاً قول الطاعن عبد الحليم محمود علي أن الأمر موضوع الحماية في اختراعه هو الطريقة الفنية المعينة التي ابتدعها والتي تقوم على استعمال مواد كيمائية بذاتها بنسب معينة وفي درجات حرارة محددة... وبأجهزة خاصة, ذلك أن الخبير قد استعرض في تقريره المراحل التي تمر بها طريقة تكرير الزيت المستعمل في كل من مصنعي ميركو بوتشيانتي وعبد الحليم محمود علي على نحو يكشف في جلاء عن دقة ما انتهى إليه من أن الطريقة واحدة في المصنعين, وقد أورد وصفاً لهذه المراحل - وعددها خمسة - في كل من المصنعين, وذكر أنها تبدأ بتخزين الزيوت المستعملة في مستودعات, يليها سحب الزيت من هذه المستودعات إلى الفرن لتسخينه بقصد فصل المياه العالقة والمواد الخفيفة التي تتطاير بالتبخير وبعد ذلك ينقل الزيت إلى المستودعات للتبريد ثم يضاف إليه حامض الكبريتيك لترسيب المواد الإسفلتية منه, ويعالج الزيت بعد ذلك بالجير لإزالة آثار حامض الكبريتيك التي لا تزال عالقة بالزيت ثم تضاف إليه البودرة لتحسين لونه، وأخيراً تفصل البودرة عن الزيت في المرشحات "فلتر" ثم استطرد قائلاً "من هذه المقارنة يتبين جلياً أن الطريقة المستعملة في المصنعين واحدة ولكنها على شكل مصغر في حالة مصنع المتهم أي ميركو بوتشيانتي" - وفضلاً عن ذلك فإنه يبين من المستند رقم 9 من حافظة مستندات المطعون ضده ميركو بوتشيانتي المقدمة لمحكمة القضاء الإداري تحت رقم 14 دوسيه أن سلاح الطيران البريطاني كان في 23 من أغسطس سنة 1950, أي قبل تقديم طلب براءة الاختراع بأكثر من سنة, قد عاين مصنع المطعون ضده ميركو بوتشيانتي لبحث مدى صلاحيته لتكرير الزيت المستعمل لهذا السلاح ووضع تقريراً لعرضه على سلطاته المختصة وتضمن هذا التقرير وصفاً تفصيلياً لطريقة تكرير الزيت المستعمل في المصنع المذكور وللمراحل التي تمر بها بما لا يخرج عما أوضحه في هذا الشأن كبير المهندسين الكيميائيين بمصلحة الوقود في تقرير على نحو سالف إيراده.
ومن حيث إنه يبقى بعد ذلك أن الطاعن إذ يذهب إلى القول بأنه إذا كانت صناعة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها قد ابتدأ استعمالها في مصر قبل تقديم طلب براءة اختراعه فإن ذلك كان - كما قال الخبير في تقريره - دون علم المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر مما يقطع بأن ذلك الاستعمال لم يكن لصفة علنية وبالتالي لا يفقد الاختراع شرط الجدة وفقاً لصريح نص المادة الثالثة فقرة أولى من القانون, وقوله هذا مردود بأن المقصود من "الصفة العلنية" في الاستعمال السابق للاختراع هو عدم بقائه سراً مكتوماً محجوباً عن الأنظار بحيث لا يكون ثمة حائل دون تسربه للجمهور وكشفه عنه, وترى المحكمة في ضوء وقائع الدعوى وما قدمه المطعون ضده من مستندات أن القول بأن استعماله في مصنعه لطريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها لم يكن بصفة علنية هو قول في غير محله, إذ لم يكن الأمر سراً مكتوماً أو محجوباً عن الأنظار إنما كان أمر صناعة مفتوح باب التعامل فيها في وجه الجميع ويعمل من أجل رواجها وجلب المزيد من العملاء لها وهؤلاء قد يرون المعاينة والدرس قبل التعاقد فلا يصدون عن ذلك كما حدث مع سلاح الطيران البريطاني على ما تقدمت الإشارة إليه, ولا يقدح في هذا أن المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر لم تكن تعلم بنشاط المطعون ضده الصناعي, إذ أن عدم العلم هذا لا يعني أكثر من أن هذه المصالح والهيئات بعيدة عن هذا النوع من النشاط الصناعي والتجاري أو لا تعيره شيئاً من اهتمامها دون أن يمس هذا علانيته المستخلصة من المستندات وفق ما تقدم.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من إبطال براءة الاختراع الممنوحة للسيد/ عبد الحليم محمود علي في غير محله قانوناً.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما طلبته الحكومة من عدم إلزامها بالمصاريف فإن المحكمة ترى في ضوء موقف الحكومة من الخصومة سواء أمام محكمة القضاء الإداري أو صحيفة طعنها أمام هذه المحكمة رفض طلبها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون الطعنان متعيني الرفض مع إلزام كل طاعن بمصاريفه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وألزمت كل طاعن بمصاريف طعنه.