جلسة 26 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح وعبد الفتاح نصار المستشارين.
--------------
(28)
القضية رقم 388 لسنة 5 القضائية
موظف - مهندس - بدل تفرغ
- القرار الجمهوري الصادر في 13/ 7/ 1957 بمنح بدل تفرغ للمهندسين - نصه في الفقرة الثانية من المادة الأولى على منح البدل للمهندسين الموجودين في الخدمة متى عوملوا بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 - المقصود بالمعاملة بأحكام هذا القانون - صدور القانون رقم 154 لسنة 1957 لا يؤثر على الاستفادة من هذا الحكم - مثال.
إجراءات الطعن
في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 في القضية رقم 94 لسنة 5 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد حسانين إبراهيم بشندي ضد وزارة الداخلية والقاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" - وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعي في الحصول على بدل التخصص اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1954 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل تخصص للمهندسين ولأحكام القانون رقم 154 لسنة 1957 في شأن بدل التفرغ للمهندسين - وقد أعلن الطعن للحكومة في 17 من مايو سنة 1959 وللمدعي في 24 منه وعين لنظره جلسة 22 من مايو سنة 1960 أمام هيئة فحص الطعون وأحيل للمرافعة لجلسة 22 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية في 22 من يناير سنة 1958 طلب فيها الحكم باستحقاقه صرف بدل التخصص المقرر للمهندسين بموجب القانون رقم 67 لسنة 1950، اعتباراً من 23 من فبراير سنة 1954. وقال شرحاً لدعواه إنه حصل على دبلوم الفنون والصناعات قسم الهندسية الميكانيكية فرع السيارات في عام 1941 والتحق بخدمة الحكومة بوظيفة ملاحظ باليومية بمشروعات وسط الدلتا اعتباراً من 19 من يوليه سنة 1943 ثم نقل لوظيفة من الدرجة الثامنة باعتمادات الأعمال الجديدة بمصلحة الري اعتباراً من أول مايو سنة 1944 وسويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة السابعة الشخصية من بدء التعيين. وبتاريخ 23 من فبراير سنة 1954 نقل مهندساً بإدارة المرور بوزارة الداخلية، ولما صدر قانون المعادلات الدراسية سويت حالته باعتباره في الدرجة السابعة الشخصية من بدء التعيين وفي السادسة الشخصية من 19 من يوليه سنة 1941، وفي 4 من أغسطس سنة 1954 حصل على لقب مهندس طبقاً للقانون رقم 89 لسنة 1946 بإنشاء نقابة المهن الهندسية، وإذ كان معيناً في الدرجة السادسة وحاصلاً على لقب مهندس ويقوم بأعمال هندسية بحتة؛ فمن ثم فإنه يستحق منحه بدل التخصص المقرر للمهندسين بموجب القانون رقم 67 لسنة 1950 والقرار الجمهوري رقم 618 لسنة 1957. ولما طالب الوزارة بمنحه هذا البدل ولم تستجب لطلبه أقام هذه الدعوى. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المدعي نقل إليها في 23 من فبراير سنة 1954 في وظيفة مهندس بإدارة المرور بالدرجة السابعة الشخصية ثم رقي إلى الدرجة السادسة الفنية المتوسطة الشخصية (على درجة ثامنة) اعتباراً من 19 من يوليه سنة 1946 طبقاً لقانون المعادلات الدراسية ومنحته نقابة المهندسين لقب مهندس في أغسطس سنة 1954 ولما طلب منحه بدل التفرغ المقرر للمهندسين، استطلعت رأي ديوان الموظفين في مدى استحقاقه لهذا البدل وذكرت للديوان أنه يقوم بأعمال مهندس فني منذ التحاقه بإدارة المرور، فأجاب الديوان بأن الموضوع لا يزال قيد البحث، ثم صدر بعد ذلك القرار الجمهوري رقم 618 لسنة 1957 بشأن بدل التفرغ للمهندسين، ونص على أن يمنح بدل التفرغ للمهندسين الحاصلين على لقب مهندس طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1946 الخاص بإنشاء نقابة المهندسين المعدل بالقانون رقم 77 لسنة 1957 وذلك بشرط أن يكونوا شاغلين لوظائف هندسية مخصصة في الميزانية لمهندسين، كما يمنح البدل للمهندسين الموجودين في الخدمة ممن عوملوا بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 وذلك بشرط قيامهم بأعمال هندسية بحتة، ولما كان المدعي لم يعامل بالقانون رقم 67 لسنة 1950، كما أنه ليس مستوفياً للشروط المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 618 لسنة 1957 المشار إليه لأن الوظيفة التي يشغلها هي درجة سادسة شخصية على درجة ثامنة مخصصة لمستخدم فني فإنه لا يستحق بدل التفرغ. وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية المنفذ للقرار رقم 618 لسنة 1957 تقضي بأن "يمنح بدل التفرغ للمهندسين الحائزين على لقب مهندس بشرط أن يكونوا شاغلين لوظائف هندسية مخصصة في الميزانية لمهندسين وأن يكونوا مشتغلين بصفة فعلية بأعمال هندسية بحتة أو قائمين بالتعليم الهندسي، ومع ذلك يمنح البدل المذكور للمهندسين الموجودين حالياً بالخدمة من عوملوا بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 ولا تتوافر فيهم الشروط الواردة في الفقرة السابقة رقم 67 لسنة 1950، كما أنه ليس مستوفياً للشروط المنصوص عليها في القرار رقم 618 لسنة 1957 وقرار رئيس الجمهورية الصادر تنفيذاً له في الجريدة الرسمية في 13 من يوليه سنة 1957 وعمل بهما اعتباراً من أول أغسطس سنة 1957 وقد نصت المادة الثالثة من القانون المذكور على إلغاء القانون رقم 67 لسنة 1950 ونصت المادة الرابعة منه على أن يعمل به من أول الشهر التالي لتاريخ نشره، ومن ثم فقد ألغي العمل بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 من أول أغسطس سنة 1957، ولما كان المدعي لم يعامل طبقاً لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 كما لم تتوافر فيه شروط الفقرة الأولى من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر لأنه لا يشغل درجة من الدرجات المخصصة في الميزانية لمهندسين بل لا تعدو الدرجة التي يشغلها أن تكون شخصية ومخصصة لمستخدم فني؛ ومن ثم فإن دعواه تكون على غير أساس سليم من القانون حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من مراجعة القانون رقم 154 لسنة 1957 وقرار رئيس الجمهورية الصادر تنفيذاً له ومذكرته الإيضاحية أن المشرع قد استهدف بالتنظيم الجديد حسم الخلاف الذي دار بين مختلف الجهات في شأن تحديد الشروط الواجب توافرها في المهندسين الذين يستحقون البدل وفقاً لنصوص القانون رقم 67 لسنة 1950 ووضع حلول للصعوبات التي نشأت عن تطبيق قواعد الخصم من البدل والجمع بينه وبين البدلات الأخرى التي تمنح للمهندسين، إلا أنه لا يوجد بأحكام القانون أو القرار المنفذ له ما يدل على أن المشرع قد قصد إلى المساس بالحقوق التي اكتسبها الموظفون في ظل التنظيم السابق، فهو لم ينص على إلغاء القانون رقم 67 لسنة 1950 بأثر رجعي من تاريخ صدوره وإنما نص على إلغائه من تاريخ العمل بالقانون الجديد، وإذا كان القانون رقم 67 لسنة 1950 المشار إليه لم يترك للإدارة سلطة تقديرية تترخص بمقتضاها فتمنح البدل أو تمنعه حسبما يتراءى لها؛ وإنما جعل اختصاصها مقيداً بحيث إذا توافرت في الموظف الشروط المطلوبة فلا مناص لها من النزول على حكم القانون، ومن ثم فإن العمل بالقانون الجديد ليس من شأنه أن يؤثر على حقوق الموظفين التي اكتسبوها في ظل التنظيم السابق مدة سريانه، وهذا يتفق مع القواعد العامة التي تقضي بأنه لا يجوز المساس بالحقوق المكتسبة أو بالمراكز القانونية إلا بقانون ينص فيه على الأثر الرجعي، ويترتب على ذلك أن عبارة "المعاملة بالقانون رقم 67 لسنة 1950، المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، إنما قصد بها المعاملة القانونية أو استحقاقه المعاملة وفقاً للقانون بصرف النظر عما إذا كان الموظف قد منح البدل فعلاً أو تراخت الإدارة أو امتنعت عن منحه دون سند قانوني، فإذا توافرت في الموظف شروط منح البدل المنصوص عليها في القانون رقم 67 لسنة 1950 قبل العمل بأحكام القانون الجديد، فإنه يستحق منحه هذا البدل من تاريخ توافر هذه الشروط، وإذ توافرت في المدعي شروط منح هذا البدل وفقاً للقانون المذكور لأنه حاصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية ويشتغل بأعمال هندسية بحتة، فيستحق منحه هذا البدل، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً الطعن فيه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في هذه الدعوى هو معرفة ما قصده المشرع بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار الجمهوري الصادر في 13 من يوليه سنة 1957 بمنح بدل تفرغ للمهندسين تنفيذاً للقانون رقم 77 لسنة 1957 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 89 سنة 1946 بإنشاء نقابة المهن الهندسية، التي تنص على ما يأتي "ومع ذلك يمنح البدل المذكور إلى المهندسين الموجودين حالياً في الخدمة ممن عوملوا بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 ولا تتوافر فيهم الشروط الواردة في الفقرة السابقة وذلك بشرط قيامهم بأعمال هندسية بحتة" وهل قصد المشرع أن يمنح البدل المذكور للمهندسين الذين توافرت فيهم شروط تطبيق القانون رقم 67 سنة 1950 ولو لم يمنحوا البدل فعلاً، أم أنه قصد بهذا النص أن يكون تطبيقه مقصوراً على المهندسين الذين حصلوا فعلاً على بدل التخصص وفقاً لأحكام القانون 67 السالف الذكر.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على القانون رقم 67 لسنة 1950 الصادر بتقرير بدل تخصص للمهندسين ويفتح اعتمادات إضافية في ميزانية السنة المالية 1949/ 1950 أنه نص في المادة الأولى منه على ما يأتي: "يمنح بدل التخصص طبقاً للفئات التي أقرها مجلس الوزراء بتاريخ 3 من يوليه سنة 1949 لجميع المهندسين المشتغلين بأعمال هندسية بحتة الحاصلين على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة، أو الحاصلين على لقب مهندس وذلك مع مراعاة الشروط التي فرضها قرار مجلس الوزراء الصادر في 28 من ديسمبر سنة 1948 بخصوص وقف صرف بدل التفتيش والمكافأة عن ساعات العمل الإضافية والقرار الصادر من مجلس الوزراء بتاريخ 19 من فبراير سنة 1950 الخاص بزيادة إعانة الغلاء ووجوب خصم هذه الزيادة من بدل التخصص وعلى ألا يجمع بين مرتب التخصص ومرتب التفتيش..." كما نصت الفقرة (ج) من المادة الأولى من القانون رقم 77 لسنة 1957 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 89 لسنة 1946 بإنشاء نقابة المهن الهندسية على ما يأتي: "ويعد المهندس المساعد مهندساً إذا كان قد اكتسب لقب مهندس بقرار وزاري قبل العمل بهذا القانون وكان عند منحه اللقب موظفاً حكومياً في الدرجة السادسة على الأقل أو إذا مارس مدة عشر سنوات على الأقل بعد تخرجه أعمالاً هندسية يعتبرها وزير الأشغال العمومية - بعد أخذ رأي مجلس النقابة - كافية لمنحه لقب مهندس" وقد نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية الصادر في 13 من يوليه سنة 1957 بمنح بدل تفرغ للمهندسين على أنه "يمنح بدل تفرغ للمهندسين الحاصلين على لقب مهندس بالتطبيق لنص المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1946 المشار إليه بشرط أن يكونوا شاغلين لوظائف هندسية مخصصة في الميزانية لمهندسين وأن يكونوا مشتغلين بصفة فعلية بأعمال هندسية بحتة أو قائمين بالتعليم الهندسي، ومع ذلك يمنح البدل المذكور للمهندسين الموجودين حالياً في الخدمة ممن عوملوا بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 ولا تتوافر فيهم الشروط الواردة في الفقرة السابقة وذلك بشرط قيامهم بأعمال هندسية بحتة" - ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 154 لسنة 1957 في شأن بدل التفرغ للمهندسين ونص في المادة الثانية منه على أنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية منح بدل تفرغ للمهندسين وذلك للطوائف وبالشروط التي ينص عليها القرار - ثم نص في المادة الثالثة منه على إلغاء القانون رقم 67 لسنة 1950 المشار إليه ولم ينص على أن يكون هذا الإلغاء بأثر رجعي. ويبين من كل ما تقدم أن استحقاق البدل بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 منوط بتوافر شرطين: أولهما - أن يكون المهندس مشتغلاً بأعمال هندسية بحتة، والثاني - أن يكون حاصلاً على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية. وهذا القانون لم يترك لجهة الإدارة سلطة تقديرية تترخص بمقتضاها في منح البدل أو منعه حسبما تراه، بل جعل اختصاصها مقيداً فإذا ما توافرت في الموظف الذي يطالب بهذا البدل الشروط التي يتطلبها القانون فلا مناص لها من النزول على حكمه وصرف هذا البدل إليه، ولا يحول دون ذلك صدور القانون رقم 154 لسنة 1957 السالف الذكر، لأن هذا القانون لا يمس الحقوق المكتسبة في ظل القانون السابق أثناء مدة نفاذه ما دام لم ينص في القانون الجديد على سريانه بأثر رجعي. وبهذه المثابة فإن المهندس الموظف يستحق هذا البدل بعد نفاذ القانون الجديد إذا ما توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية المؤرخ 13 من يوليه سنة 1957 بأن كان قائماً بأعمال هندسية بحتة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي حاصل على لقب مهندس بقرار من وزير الأشغال في 4 من أغسطس سنة 1954 وأنه يقوم بأعمال مهندس فني منذ التحاقه بإدارة المرور كما وأن حقه في المعاملة بأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 لا جدال فيه. ولا يؤثر على ذلك عدم صرف البدل إليه قبل صدور القانون رقم 154 لسنة 1957 كما سلف إيضاحه. وقد سبق أن طالب به في سنة 1956، فمن ثم يتعين الحكم باستحقاقه لهذا البدل اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1954 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 والقانون رقم 154 لسنة 1957، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي لبدل التخصص اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1954، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات.