وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد جمال عبد
المجيد .
وأمين السر السيد / هشام عز الرجال .
المرفوع من :
..... المحكوم
عليه - الطاعن
ضد
النيابة العامة
---------------
" الوقائع "
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد جمال عبد
المجيد .
وأمين السر السيد / هشام عز الرجال .
المرفوع من :
..... المحكوم
عليه - الطاعن
ضد
النيابة العامة
---------------
" الوقائع "
جلسة 11 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.
----------------
(13)
الطعن رقم 244 لسنة 36 القضائية
(1) تزوير. "الادعاء بالتزوير". إثبات. "طرق الإثبات. الكتابة". نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". حكم. "تسبيب الحكم. التقريرات القانونية الخاطئة". خلف.
الادعاء بالتزوير من صاحب التوقيع على الورقة العرفية. مانع له من الادعاء بالإنكار بعد ذلك. حكم الوارث أو الخلف حكم المورث في هذا الشأن.
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة. النعي عليه فيما أورده من تقريرات خاطئة. غير منتج.
(2) نقض. "أسباب الطعن. السبب الجديد". بطلان. وكالة.
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع ببطلان الخصومة أو بطلان التوكيل لانعدام أهلية مورثه في إصداره. التمسك بذلك أمام محكمة النقض. سبب جديد. غير مقبول.
(3) حكم. "تسبيب الحكم". إثبات. "طرق الإثبات. الشهادة".
عدم التزام الحكم بذكر جميع أقوال الشهود. حسبه الإشارة إلى ما ورد بها مما ينبئ عن مراجعتها. حقه في إطراح ما لا يطمئن إليه من هذه الأقوال.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
قاضي الموضوع. سلطته في بحث الدلائل والمستندات المقدمة وترجيح ما يطمئن إليه واستخلاص ما يرى أنه واقع الدعوى.
(5) حكم. "تسبيب الحكم".
لا على الحكم إن لم يتتبع الخصوم في مختلف مناحي أقوالهم وحججهم ويرد استقلالاً على كل منها.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
تقدير الأدلة وكفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع ما دام لا خروج فيه على الثابت بأوراق الدعوى.
(7) حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً". تزوير. إثبات.
ثبوت توقيع المورث على العقد بالختم. عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بطلب تحقيق بصمة الإصبع المنسوبة إلى المورث على ذات العقد بمعرفة أهل الخبرة. اقتناع الحكم بصحة صدور العقد من المورث تأسيساً على ما قدم من أدلة. لا قصور ولا إخلال بحق الدفاع.
(8) عقد. "انعقاد العقد". حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد خطأ في الإسناد". بيع. هبة. وصية. صورية.
انتهاء الحكم إلى صدور العقد صحيحاً من المورث. استخلاص اتجاه نيته إلى نقل الملكية إلى بناته بعد تحصيل إيجار السنة الزراعية التي أصدر فيها العقد. هذا الاستخلاص فيه الرد على ما وجه إلى العقد من أنه وصية مضافة إلى ما بعد الموت. قضاء الحكم بصحة العقد باعتباره عقد بيع حقيقي أو هبة يسترها عقد بيع. لا قصور ولا خطأ في الإسناد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهن الخمس الأوليات أقمن الدعوى رقم 4167 سنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد والدهن..... بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 30/ 2/ 1960 والمتضمن بيعه لهن 30 ف و22 ط و21 س أطياناً زراعية كائنة بناحية كفر بولين مركز كوم حمادة محافظة البحيرة وبإلزام المدعى عليه بتسليم هذه الأطيان مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك بناء على عقد بيع موقع عليه ببصمة إبهام وخاتم منسوب صدورهما إلى البائع، ونص في العقد على أن الثمن قدره 7430 ج دفع وقت التعاقد، وطعن الحاضر عن المدعى عليه بالتزوير على أساس أن البائع لم يوقع على العقد ببصمة خاتمه أو إبهامه وأنه يجيد القراءة والكتابة وكان يشغل منصب رئيس محكمة شرعية قبل إحالته إلى المعاش، وبتاريخ 26/ 5/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الادعاء بالتزوير شكلاً وإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليه أنه لم يستعمل في معاملاته ختماً أو بصمة، ونظراً لانقطاع الخصومة بسبب وفاة المدعى عليه قبل تنفيذ الحكم عجلت الدعوى قبل ورثته، وطعن المدعى عليه الأول بأنه يجهل توقيع مورثه على العقد، وبعد أن حكمت المحكمة بتاريخ 4/ 4/ 1964 بعدم قبول الادعاء بالإنكار وإعادة القضية للمرافعة وأصر المدعى عليه الأول في مذكرة دفاعه على تزوير العقد، عادت بتاريخ 20/ 6/ 1964 فحكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليه الأول أن مورثه لم يوقع ببصمة إبهامه أو بخاتمه على العقد، وبعد أن نفذت المحكمة هذا الحكم بسماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 23 يناير سنة 1965 (أولاً) برفض الادعاء بالتزوير وإلزام المدعى عليه الأول باعتباره وارثاً للمرحوم...... بالغرامة وقدرها 25جنيهاً (ثانياً) بصحة عقد البيع المؤرخ 20 فبراير سنة 1960 وإلزام المدعى عليه الأول باعتباره وارثاً للمرحوم عبد العزيز سليمان بالمصروفات واستأنف المدعى عليه الأول هذا الحكم والأحكام السابقة لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءها والحكم برد وبطلان العقد وقيد الاستئناف برقم 613 سنة 82 قضائية، وبتاريخ 7/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وباستجواب طرفي الخصومة، وبعد أن نفذت هذا الحكم حكمت بتاريخ 8/ 3/ 1966 في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه رفض قبول الطعن بالجهالة على أساس أن الطاعن اعترف في استجوابه بأنه هو الذي طعن بالتزوير أمام محكمة أول درجة وانتحل إرادة والده دون علمه وسخر في ذلك محامياً كان وكيلاً عنه، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وتناقض في التسبيب، ذلك أن الثابت بمذكرة دفاع المطعون عليهن أمام محكمة أول درجة وبالتقرير الطبي الشرعي المقدم في دعوى الحجر أن المورث لم تكن له إرادة يمكن انتحالها في تاريخ الطعن بالتزوير، فلا تكون له أهلية التقاضي وقت رفع الدعوى مما يؤدي إلى بطلان الخصومة وبطلان الطعن بالتزوير، كما أن انتحال إرادة المورث يؤدي إلى بطلان توكيل المحامي ولا يؤدي إلى اعتبار الطعن بالتزوير صادراً من الطاعن قبل اختصامه في الدعوى وإنما يعتبر الطعن بالتزوير عديم الأثر فلا يحول دون حقه في الطعن بالتجهيل، وهو يعتبر من الغير في شأن حجية الورقة العرفية المنسوب صدورها إلى المورث.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن صاحب التوقيع على الورقة العرفية إذا لجأ إلى طريق الادعاء بالتزوير ولم يقف عند حد الإنكار كان عليه إثبات هذا التزوير، ولا يكون على المتمسك بالورقة إثبات صحتها ولا يستطيع من نسب إليه التوقيع أن يلجأ بعد ذلك إلى الإنكار ليسقط حجية الورقة ويحمل المتمسك بها عبء إثبات صدورها، كما لا يستطيع الوارث أو الخلف الالتجاء إلى الإنكار أو التجهيل بعد أن أسقط سلفه حقه فيه بالادعاء بالتزوير، وإذ كان الواقع في الدعوى أنها أقيمت على مورث الطاعن وأن الحاضر عنه طعن على عقد البيع الذي يحمل توقيعه بالتزوير، وأن الطاعن اختصم بعد وفاة المورث وتمسك بأنه يجهل توقيع المورث ولم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان الخصومة أو بطلان التوكيل لانعدام أهلية المورث في إصداره قبل صدور قرار الحجر، وكان لا يقبل التمسك بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره سبباً جديداً وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في قضائه بعدم قبول الطعن بالإنكار من جانب الطاعن بعد الادعاء بالتزوير، فإن النعي على الحكم فيما أورده من تقريرات خاطئة يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني في الوجوه الثلاثة الأولى أن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه برفض الادعاء بالتزوير وبصحة العقد على أقوال الشهود في التحقيق، وهو من الحكم خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وقصور من وجوه (أولها) أن الحكم قرر أن شهادة شاهدي الطاعن انصبت على القول بأن المورث كان مريضاً طريح الفراش قبل وفاته بثلاث سنوات، في حين أن الثابت من أقوالهما أنهما شهدا بأن المورث كان فاقد الوعي لا يعرف أهله ولا يستطيع التصرف في أمواله، وأنه كان يستعمل في معاملاته السابقة الإمضاء لا الختم (وثانيها) أن الحكم عول في قضائه على أن الشاهد طه مهنا قد قرر بأن المورث جاء لأداء واجب العزاء بالقرية في سنة 1960 وتمكن من صعود السلم في حين أن الشاهد لم يذكر هذه الواقعة وإنما ذكرها شاهد آخر أغفلت المحكمة الإشارة إلى أقواله فضلاًً عن أن الحكم لا يبين هذه القرية ولا يحدد ما إذا كان العزاء قد حدث قبل تاريخ العقد أو بعده، وهو لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في قضائه (وثالثها) أن الحكم استند إلى أقوال الشاهد طه مهنا من أن المورث كان يستعمل الختم في معاملاته مع بنك مصر منذ سنة 1948 وأغفل ما هو ثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن من أن المورث وقع بإمضائه في معاملاته مع البنك والجهات الأخرى بعد هذا التاريخ فضلاً عن أن استعمال المورث للختم بفرض صحته لا يؤدي بذاته إلى ثبوت صدور العقد خصوصاً وأن إحدى المطعون عليهن أقرت في الاستجواب بأن والدها كان يحتفظ دائماً بالختم في ملابسه وأنها أرملة وتقيم معه لخدمته.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجهين (الأول والثاني) منه بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الادعاء بالتزوير على أقوال الشهود في التحقيق وذلك بقوله "انصبت شهادة شاهدي المستأنف وهما..... و..... على أن المورث كان مريضاً طريح الفراش قبل وفاته بثلاث سنوات، وأنهما لم يعلما بالعقود موضوع الدعوى، وهذه الشهادة لا تقدم ولا تؤخر إذ أن هذين الشاهدين لا يقيمان معه في نفس المنزل ولم يكن واجباً على المورث أن يفضي إليهما بكل أسراره وأسرار بيته" وأنه "شهد"........ مدير إدارة بنك مصر وهو أحد شهود المستأنف عليهن والذي تعتمد هذه المحكمة أقواله وتطمئن إليها أن المورث كان يتعامل مع بنك مصر بتوقيعه حتى سنة 1948، وفيها انتابته رعشة في جسده فأشار عليه باستعمال الختم، كما قرر أنه في سنة 1960 جاء المورث إلى قريته أي قرية هذا الشاهد لأداء واجب العزاء وكان متعباً ولكنه استطاع صعود السلم" وأن "ذهاب البائع في سنة 1960 وهي السنة التي أبرم العقد في بدايتها إلى بلد آخر للعزاء يقطع بأنه كان في حالة صحية لا بأس بها بالنسبة لمن هو في مثل عمره، وأما أنه كان في حالة شيخوخة فمن المعلوم أن الشيخوخة طور من أطوار الحياة ولا تعتبر في نظر القانون مرضاً كما أورد الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه قوله "يؤكد سلامة هذا العقد ما شهد به شاهد المدعيات الأول من أن البائع كان يتعامل مع البنك بخاتمه ابتداء من سنة 1948، وقد قدم لبنك مصر فيشة المرحوم..........، وقد تأشر عليها بتاريخ 19/ 4/ 1948 ببصمة خاتم للمطالبة باعتمادها بدلاً من توقيعه ابتداء من هذا الشهر" وهي تقريرات موضوعية سائغة عول فيها الحكم على أقوال الشاهد الأول المطعون عليهن ولم يعول على أقوال شاهدي الطاعن ولا وجه للقول بأن الحكم تغاضى عما قرره هذان الشاهدان من أن المورث كان أثناء مرضه فاقد الوعي لا يعرف أهله ولا يستطيع التصرف في أمواله لأن الحكم صرح في أسبابه بأن الشاهدين لا يقيمان مع المورث في منزله وأن عدم علمهما بالعقد لا ينفي صدوره، ولم يكن على المورث أن يفضي إليهما بتصرف أصدره لبناته المطعون عليهن، وهو استخلاص لا يخرج بأقوالهما عن مدلولها ولا تثريب على الحكم إن لم يورد جميع أقوال الشاهدين، وبحسبه أن يشير إلى ما ورد بأقوالهما بما ينبئ عن مراجعتها، وله أن يطرح منها ما لا يطمئن إليه، كما لا وجه لرمي الحكم بالخطأ في إسناد واقعة قيام المورث بواجب العزاء إلى شاهد المطعون عليهن الأول بمقولة إن هذه الواقعة ذكرها الشاهد الثاني الذي أغفل الحكم الإشارة إليه، إذ الواقع الثابت في التحقيق بمحضر جلسة 24/ 10/ 1964 أن محكمة أول درجة بعد أن سمعت أقوال الشاهد الأول...... وأثناء سماعها لأقوال الشاهد الثاني...... أعادت سؤال الشاهد الأول وقد تضمنت إجابته حضور المورث إلى بلد الشاهد للقيام بواجب العزاء في سنة 1960 وأن الشاهد وقع بإمضائه تحت ملاحظة أوردتها المحكمة في هذا الخصوص. والنعي مردود في الوجه (الثالث) بأن الحكم وقد استخلص من أقوال الشهود أن الطاعن عجز عن إثبات التزوير وأن المورث استعمل الخاتم في معاملاته ببنك مصر بعد مرضه في سنة 1948، فإنه يكون قد تضمن التعليل المسقط لحجة الطاعن بتوقيع المورث بإمضائه في معاملاته الأخرى مع البنك أو غيره من الجهات بالمستندات المشار إليها في النعي، ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة وترجيح ما يطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص ما يرى أنه واقع الدعوى، وما كان على الحكم أن يتتبع الخصوم في مختلف مناحي أقوالهم وحججهم ويرد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاروه.
وحيث إن حاصل الوجوه الرابع والخامس والسادس من السبب الثاني أن الحكم المطعون فه أقام قضاءه على ما لا يصلح دليلاً على صدور البيع من المورث وبإرادته فشابه القصور والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استخلص من حضور أحد المحامين عن المورث في هذه الدعوى بتوكيل قديم وتسخير الطاعن لهذا المحامي في الادعاء بتزوير العقد بتاريخ 4/ 1/ 1962 قبل وفاة المورث بتاريخ 2/ 12/ 1962 دون علم من المورث أن الطاعن إنما سلك هذا السبيل لأنه علم بحقيقة العقد من والده وتحقق من صحته وصدوره بإرادته وانتهز فرصة عجز والده عن الحركة حتى يستطيع إبطال العقد، في حين أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي المقدم بتاريخ 21/ 12/ 1961 في دعوى الحجر ومن إقرار المطعون عليهن بعجز المورث وفقده الإدراك من منتصف سنة 1960 أن المورث لم تكن له إرادة وقت الادعاء بالتزوير أو وقت رفع الدعوى، فكان يستحيل على الطاعن أن يعلم منه بحقيقة العقد، كما أن الحكم أطرح التقرير الطبي الشرعي استناداً إلى أنه لا يبين بداية الأعراض التي أصابت المورث وإلى قيامه بالعزاء في سنة 1960، في حين أن الأمراض المستعصية لا تنشأ في وقت واحد، وفي حين أن الحكم لا يحدد وقت حصول العزاء من تلك السنة مع أن العقد مؤرخ 20/ 2/ 1960 ولم يبرم في بدايتها خلال الشهر الأول منها، هذا إلى أن الطاعن تمسك في شواهد التزوير بأن بصمة الإصبع الموقع بها على العقد ليست للمورث وطلب تحقيق ذلك بمعرفة أهل الخبرة إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في جميع ما تضمنه مردود بأنه بالرجوع إلى تقرير الطعن بالتزوير يبين أنه قدم إلى قلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 4/ 1/ 1962 من الأستاذ محمد توفيق السيد يوسف المحامي والوكيل عن الشيخ عبد العزيز علي سليمان بتوكيل رقم 288 سنة 1959 والمصرح فيه بالطعن بالتزوير، وبالرجوع إلى محضر الجلسة أمام محكمة استئناف القاهرة في 17/ 1/ 1966 يبين أن المستأنف قرر في استجوابه أنه هو الذي طعن على العقد بالتزوير وأن والده كان فاقد الإدراك وقت الطعن على هذا العقد، وإذ كان الحكم قد أورد بهذا الصدد قوله "إن دعوى صحة العقد وقد رفعت في 18/ 8/ 1961 فقد كان باستطاعة المستأنف أن يعلم من والده الذي توفى في 2/ 12/ 1962 ما إذا كان العقد صحيحاً أم مزوراً" وأن "المستأنف إنما ركب هذا الطريق الوعر لتحققه من صحة العقد ومن صدوره بإدارة والده فأراد بهذا الأسلوب أن يبطل العقد منتهزاً في ذلك فرصة عجز والده عن الحركة في وقت الطعن بالتزوير"، وما قرره الحكم من ذلك واقع له أصله الثابت بالأوراق وما رتبه على هذا الواقع هو استخلاص سائغ ليس من المستحيل عقلاً، وكان التحدي بما أورده التقرير الطبي الشرعي عن الأعراض التي أصابت المورث للتدليل على فقده للإدراك وقت الطعن بالتزوير لا يؤثر في القرينة المستفادة من مسلك الطاعن في تسخير الوكيل للقيام بالطعن بالتزوير نيابة عن والده دون علمه وهو الثابت باعترافه في الاستجواب ولا يقبل من الطاعن التحدي بالتقرير الطبي للتدليل على أن المورث كان فاقد الإدراك وقت العقد ما دام الحكم قد أطرح هذا الدليل لأن التقرير لا يحدد بداية هذه الأعراض، وتقدير الأدلة وكفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع متى كان تقديرها لا خروج فيه على ما هو ثابت بأوراق الدعوى، إذ كان ذلك وكان الطاعن لم يتمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بطلب تحقيق البصمة المنسوبة إلى المورث على العقد بمعرفة أهل الخبرة وإنما قرر في مذكرة دفاعه أمامها بأنها بصمة مطموسة لا تقبل فحصاً أو مقارنة، وكان يكفي لإضفاء الحجية على العقد واعتباره صادراً من المورث ثبوت توقيعه عليه بالختم فإن الحكم إذ رأى فيما تقدم من أدلة ما يكفي لاقتناعه بصحة صدور العقد من المورث، ويغني عن تحقيق البصمة المنسوبة إليه على هذا العقد، فإنه لا يكون مشوباً بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن حاصل الوجهين السابع والثامن من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه على صحة التاريخ الوارد في العقد، وهو من الحكم قصور وخطأ في الإسناد لأن الثابت بصحيفة الاستئناف أن الطاعن تمسك بأن العقد لم يوقع عليه شاهد أو كاتب، ولم يظهر في الوجود إلا بعد رفع الدعوى ومضي أكثر من سنة ونصف على التاريخ المعطى للعقد، ولم يتخذ أي إجراء للتسجيل والتسليم رغم سداد الثمن بالكامل حتى توقيع الحجر على البائع ووفاته، إلا أن الحكم قرر أنه ليس بالأوراق ما يدل على عدم صحة هذا التاريخ ولم يتخذ أي إجراء لتحقيق الطعن بصورية التاريخ على فرض ثبوت تزوير العقد، هذا إلى أن الحكم اعتمد في تكوين اقتناعه على ما قررته إحدى المطعون عليهن في الاستجواب من أن المورث كتب للطاعن عشرة أفدنة قبل ذلك بسنتين وأن الطاعن لم ينف هذا القول رغم أن الطاعن لم يوجه إليه سؤال عنها أثناء الاستجواب أو بعده، ورغم أن الحكم رتب على هذه الواقعة اعتبار البيع ساتراً لهبة منجزة دون أن يبين مظاهر التنجيز.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى صحيفة الاستئناف يبين أن الطاعن تمسك بعدم صحة التاريخ الوارد في العقد لبيان أن هذا العقد لم يكن له وجود في هذا التاريخ، كما تمسك بأن العقد على فرض صحته لا يعدو أن يكون وصية لأن الثمن الوارد في العقد للأطيان المبيعة لا يجاوز ثلث القيمة الحقيقية لهذه الأطيان، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأدلة سائغة - على ما سلف البيان - إلى رفض الادعاء بالتزوير وإلى أن العقد صدر صحيحاً من المورث وهو في حالة شيخوخة، ولم يكن في حالة مرضية لا تسمح له بإصداره عن رضاء صحيح، وكان الحكم قد استخلص من نصوص العقد وملابساته أن نية المورث اتجهت إلى أن ينقل الملكية إلى بناته بعد أن يحصل إيجار السنة الزراعية التي أصدر فيها العقد، وأن تصرفه إن لم يكن بيعاً فإنه يكون هبة منجزة استوفت الشكل القانوني، وهو استخلاص سائغ يتضمن الرد على ما وجه إلى هذا العقد في دفاع الطاعن من أنه وصية مضافة إلى ما بعد الموت، لا يؤثر في ذلك أن يكون مشروطاً في العقد تأجيل التسليم إلى نهاية السنة الزراعية أو نقص الثمن المسمى بالعقد عن القيمة الحقيقية، كما لا يؤثر فيه حديث الحكم عن هبة من المورث لولده الطاعن في تصرف سابق لا دليل على حصوله لأنه تزيد يستقيم قضاء الحكم بدونه، إذ كان ذلك وكان الحكم قد قضى بصحة العقد باعتباره عقد بيع حقيقي أو هبة يسترها عقد بيع فإنه لا يكون قد أخطأ في الإسناد أو شابه قصور في التسبيب.
جلسة 10 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وإبراهيم السعيد ذكري، وإسماعيل فرحات عثمان.
----------------
(12)
الطعن رقم 214 لسنة 35 القضائية
(1) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية". شركات. "شركات التضامن".
ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. فرضها على كل شريك متضامن شخصياً في شركات التضامن أو التوصية. التزام هذا الشريك بتقديم الإقرار عن أرباحه. وجوب توجيه إجراءات ربط الضريبة إليه أو إلى من ينيبه من الشركاء أو الغير، طعن الشركة في قرار اللجنة غير جائز. المادة 34/ 4 ق 14 لسنة 1939. الهدف منها ضمان تحصيل الضريبة المستحقة على كل شريك.
(2) ضرائب. "الطعن الضريبي". دفوع. شركات. "شركات التوصية".
إقامة الطعن في قرار اللجنة من مدير شركة التوصية. لمصلحة الضرائب مصلحة قانونية في الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للشركاء المتضامنين حتى يقتصر نطاق الطعن في حصة التوصية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مراقبة ضرائب المنشية قدرت أرباح شركة........ - وهي شركة توصية بسيطة - في سنة 1954/ 1955 بمبلغ 2360 ج، وفي الفترة من 1/ 4/ 1955 إلى 31/ 12/ 1955 بمبلغ 1770 ج، وفي السنوات من 1956 إلى 1958 بمبالغ 1904 ج، 2476 ج، 3070 ج على التوالي، وإذ اعترض الشركاء المتضامنون ومدير الشركة بصفته وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 27/ 9/ 1960 بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، فقد أقامت الشركة الدعوى رقم 1233 سنة 1960 تجاري الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه واعتبار صافي الأرباح في سنوات الخلاف طبقاً للإقرارات المقدمة منها، وأرباح المدة من 1/ 4/ 1955 إلى 31/ 12/ 1955 - التي لم تقدم عنها إقراراً - مبلغ 600 ج. دفعت مصلحة الضرائب بعدم قبول الطعن بالنسبة لمن عدا حصة التوصية استناداً إلى أن الطعن رفع من مدير الشركة بصفته فلا ينصرف إلا إلى حصة التوصية دون حصص الشركاء المتضامنين، وبتاريخ 30/ 11/ 1961 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع وبندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره عادت وبتاريخ 28/ 3/ 1963 فحكمت بتعديل قرار اللجنة واعتبار صافي أرباح الشركة مبلغ 1265ج و465 م في سنة 1954/ 1955، 948 ج و599 م في الفترة من 1/ 4/ 1955 إلى 31/ 12/ 1955، 949 ج و600 م، 1242 ج و189 م، 1650 ج و412 م في السنوات من 1956 إلى 1958 على التوالي. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم والحكم الصادر بتاريخ 30/ 11/ 1961 بالاستئناف رقم 366 سنة 19 ق تجاري الإسكندرية طالبة إلغاءهما والحكم بقبول الدفع وبعدم قبول الطعن بالنسبة لمن عدا حصة التوصية وبتأييد قرار اللجنة، وبتاريخ 27/ 1/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الدفع واعتبار الطعن مقصوراً على حصة التوصية وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه بقبول الدفع تأسيساً على أن مؤدى نص المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن شركات التضامن والتوصية لا تخضع للضريبة وإنما تربط على الشريك المتضامن وهو الذي يحق له وحده أن يطعن في الربط بنفسه أو بمن ينيبه عنه، وإذ كان مدير الشركة هو الذي طعن في قرار اللجنة بنفسه دون أن يكون نائباً عن الشركاء المتضامنين فإن طعنه يكون غير مقبول إلا بالنسبة لحصة التوصية، في حين أنه ليست لمصلحة الضرائب مصلحة في الدفع، لأن الشركة لم تعرض في طلباتها للضريبة المستحقة على الشركاء المتضامنين، هذا إلى أن الشركة هي صاحبة الصفة في الطعن على تقدير أرباحها وهي مسألة سابقة على ربط الضريبة على الشركاء، علاوة على أنها تسأل عن هذه الضريبة على وجه التضامن مع الشركاء، وهو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 34 سالفة الذكر، ويعتبر المدير نائباً عن الشركاء في الطعن الذي أقامه لأنه اتخذ هذا الإجراء لمصلحتهم جميعاً فضلاً عن مصلحة الشركة، وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ، وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على دفاعه المذكور وقضى بعدم قبول الطعن بالنسبة لمن عدا حصة التوصية، فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون قد عاره القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص في فقرتها الثانية على أنه "وفيما يتعلق بشركات التضامن تفرض الضريبة على كل شريك شخصياً عن حصته في أرباح تعادل نصيبه في الشركة" وتنص في فقرتها الثالثة على أنه "أما فيما يتعلق بشركات التوصية فتفرض الضريبة باسم كل من الشركاء المتضامنين بمقدار نصيبه في الربح وما زاد عن ذلك فتفرض عليه الضريبة باسم الشركة"، وكان مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون رقم 14 لسنة 1939 لم يعتد في هذا الخصوص بالشخصية الاعتبارية لشركات التضامن أو التوصية فلم يخضعها بهذا الوصف للضريبة كما أخضع الشركات المساهمة في المادة 31 منه، بل سوى في حكم المادة 34 بين الشريك المتضامن في هذه الشركات وبين الممول الفرد من حيث إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح، مما مقتضاه أن هذا الشريك يعتبر في مواجهة مصلحة الضرائب هو الممول وهو المسئول شخصياً عن الضريبة، ونتيجة لذلك يكون على هذا الشريك عبء تقديم الإقرار عن أرباحه في الشركة، كما يجب أن توجه الإجراءات إليه شخصياً من مصلحة الضرائب، كل ذلك إلا إذا كان الشريك قد أناب أحد الشركاء أو الغير في تقديم الإقرار عن الأرباح إلى مصلحة الضرائب، فإن الإجراءات في هذه الحالة يجوز أن توجه إلى هذا النائب بصفته، وكان لا وجه لتحدي الطاعنة تأييداً لوجهة نظرها في هذا الخصوص بالفقرة الرابعة من المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 التي أضيفت بالقانون رقم 146 لسنة 1950 والمعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1951 وهي تنص على أنه "ومع ذلك تبقى الضريبة المربوطة على الشريك ديناً على الشركة في حدود ما كان يستحق على نصيبه في ربح الشركة لو فرضت عليه الضريبة مستقلاً"، ذلك أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إنما هدف بإضافة هذه الفقرة إلى ضمان تحصيل الضريبة المستحقة على الشريك، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون رقم 146 لسنة 1950، إذ جاء في تقرير لجنتي المالية والتجارة والصناعة في مجلس الشيوخ عن مشروع القانون المذكور "أن إضافة الفقرة الرابعة إلى المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ترمي إلى تمكين الخزانة من استيفاء الضريبة على الشريك في حصته في الشركة لأن بعض الشركات كانت تعترض على التنفيذ على حصص الشركاء بحجة أنها ليست مملوكة للشريك بل للشركة فدفعاً للبس وضع هذا النص" يؤكد هذا النظر ما أشار إليه تقرير لجنة الشئون المالية بمجلس النواب من أن الفقرة سالفة الذكر لا تتعلق بالشريك المتضامن فحسب بل تنصرف كذلك إلى الشريك الموصى في شركة التوصية - وهو لا يسأل عن ديون الشركة إلا في حدود حصته - مما لا يسوغ معه القول بأنه يجوز للشركة أن تتوب عن الشركاء المتضامنين في الطعن في قرار اللجنة، ولما كان لمصلحة الضرائب مصلحة قانونية في إبداء الدفع بعدم قبول الطعن استناداً إلى أنه رفع من مدير الشركة الذي لا يمثل الشركاء المتضامنين وذلك حتى تحصر مصلحة الضرائب نطاق الطعن في حصة التوصية دون حصص هؤلاء الشركاء. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أنه ليس بالأوراق توكيل من الشركاء المتضامنين إلى مدير الشركة. وأن الطعن الذي أقامه بهذه الصفة يكون منصرفاً إلى حصة التوصية فحسب دون الشركاء المتضامنين وهم الذين تربط الضريبة عليهم ويكون لهم وحدهم الحق في الطعن في هذا القرار، وكان ما قرره الحكم يكفي لحمله ويتضمن الرد على دفاع الطاعنة، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي المستشارين.
-------------------
(10)
القضية رقم 640 لسنة 5 القضائية
(أ) جمعيات
- الجمعية الخيرية الكاثوليكية بالإسكندرية - حظر النظر في أية مسألة غير واردة في جدول أعمال اجتماع الجمعية العمومية - من القواعد العامة المسلمة ولا ضرورة للنص عليه في القانون الأساسي للجمعية - أساس ذلك - مثال.
(ب) الجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية
- اجتماع جمعيتها العمومية - اعتباره منفضاً بمجرد الانتهاء من جدول أعمال الجلسة - عدم اعتبار الجلسة مستمرة ببقاء فريق من الأعضاء - القرارات التي يتخذها هذا الفريق في اجتماعه - اعتبارها مجرد اتفاق مما يجمع عليه فريق من الأعضاء - انعدامها بالنسبة للجمعية العمومية.
(جـ) قرار إداري - جمعيات
- الجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية - اعتبار انتخاب أعضاء مجلس الإدارة منعدماً - ليس بحاجة لقرار من وزير الشئون الاجتماعية بإلغاء هذا الانتخاب - كتاب مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية باعتباره كأن لم يكن - لا يعتبر قراراً إدارياً بإبطاله - هو تبصير للجمعية بحقيقة الواقع - النعي بصدور هذا الكتاب ممن لا يملك إصداره - في غير محله.
إجراءات الطعن
في 12 من إبريل سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الشئون الاجتماعية ومراقبة الشئون الاجتماعية بمنطقة الإسكندرية سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 640 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 8462 لسنة 8 القضائية المقامة من السادة مراد عريان وآخرين ضد الطاعنين والقاضي "بإلغاء قرار مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية الصادر بتاريخ 24 من مايو سنة 1954 ببطلان انتخاب مجلس إدارة الجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية التي تمت في 14 من مايو سنة 1954 وألزمت الحكومة بالمصروفات" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضدهم (المدعين) في 4/ 7/ 1959 وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وبعد تداوله في الجلسات قررت المحكمة إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم (المدعين) أقاموا الدعوى رقم 8462 لسنة 8 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة الشئون الاجتماعية ومراقبة الشئون الاجتماعية بمنطقة الإسكندرية طلبوا فيها الحكم ببطلان القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 24 من مايو سنة 1954 من المدعى عليها الثانية والمبلغ إلى الجمعية (المدعين) بخطاب بنفس التاريخ واعتباره كأن لم يكن وذلك لصدوره من غير ذي صفة في إصداره ولانعدام تسبيبه، مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعون شرحاً لدعواهم إنه بتاريخ 20 من إبريل سنة 1954 اجتمعت الجمعية العمومية للجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية، وكان جدول أعمالها يشتمل على تقرير مجلس الإدارة عن أعماله عن سنة 1952/ 1953 وكذا انتخاب مراقب للحسابات عن السنة المالية 1953/ 1954 إلا أنه لعدم تكامل العدد القانوني أجل انعقاد الجمعية إلى يوم 14 من مايو سنة 1954 وفي هذه الجلسة الأخيرة تلا مندوب مجلس الإدارة تقريره السنوي عن حساباته وأعماله في السنة المالية 1952/ 1953، وكان عدد الأعضاء الحاضرين في أول الجلسة 104 أعضاء وعند أخذ الأصوات على هذا التقرير رفض الموافقة عليه 62 عضواً ووافق عليه 22 عضواً وامتنع عن التصويت 4 أعضاء وأما باقي الأعضاء فكانوا قد انصرفوا، وعلى أثر ذلك قدم اقتراح بطرح الثقة بمجلس الإدارة وإجراء انتخابات وكانت نتيجة التصويت 62 عضواً في جانب عدم الثقة بالمجلس، 22 عضواً في جانب الثقة بالمجلس وعلى أثر ذلك أجريت انتخابات لانتخاب أعضاء لمجلس إدارة جديد فكانت النتيجة انتخاب المدعين - وبتاريخ 17 من مايو سنة 1954 أرسل مجلس الإدارة إلى مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية صورة من محضر جلسة الجمعية العمومية المنعقدة بتاريخ 14 من مايو سنة 1954 وذلك تنفيذاً لحكم المادة 9 من القانون رقم 49 لسنة 1945 المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 357 لسنة 1952 كما أرسل إليها في ذات التاريخ صورة من محضر الجلسة الأولى لمجلس الإدارة الجديد التي تم فيها انتخاب المهندس مراد عريان رئيساً لمجلس الإدارة. وبتاريخ 26 من مايو سنة 1954 تسلم رئيس المجلس إخطاراً من المعلن إليها الثانية مؤرخاً 24 من مايو سنة 1954 بأن المراقبة اتضح لها أن الانتخابات التي أجريت غير قانونية وأنه تطبيقاً للفقرة الأخيرة من المادة 9 من القانون رقم 49 لسنة 1945 قررت المراقبة إلغاء هذه الانتخابات واعتبارها كأن لم تكن. واستطرد المدعون يقولون إن هذا القرار باطل لصدوره من غير ذي صفة، ذلك أنه طبقاً للمادة 9 المشار إليها للوزير وحده حق إلغاء الانتخاب، على أن يكون ذلك بقرار مسبب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إجرائه إذا تبين له أنه وقع مخالفاً للنظام الأساسي، كما أن قرار المراقبة باطل أيضاً لخلوه من الأسباب. وقد ردت الحكومة على الدعوى بأنه في 14 من مايو سنة 1954 اجتمعت الجمعية العمومية للنظر في جدول الأعمال الذي دعيت الجمعية العمومية من أجله وقد تضمن الجدول ثلاث مسائل وهي ( أ ) تلاوة محضر الجلسة السابقة (ب) تلاوة تقرير مجلس الإدارة والموافقة على الميزانية (جـ) انتخاب مراقب الحسابات وقد أخطرت الجمعية وزارة الشئون الاجتماعية بهذا الاجتماع والغرض منه فحضر مندوب من قبلها هذا الاجتماع وقد نظرت الجمعية العمومية جدول الأعمال وبعد الانتهاء منه طلب بعض الحاضرين طرح الثقة بمجلس الإدارة وانتخاب مجلس إدارة جديد مع عدم ورود هذه المسألة في جدول الأعمال، فاعترض مندوب الوزارة على ذلك وانسحب كما انسحب فريق من الحاضرين على أساس انتهاء النظر في جدول الأعمال وانفضاض الجمعية العمومية بعد أن استنفدت الغرض الذي دعيت من أجله. ولكن فريقاً من الأعضاء بقى وأجرى اختيار مجلس إدارة جديد وأخطر مراقبة الشئون الاجتماعية بصورة من محضر هذا الاجتماع وبصورة من جلسة مجلس الإدارة الجديد فأبلغت المراقبة رئيس مجلس الإدارة الجديد بأن الانتخابات التي تمت في 14 من مايو سنة 1954 غير صحيحة وأن المراقبة اعتبرتها كأن لم تكن. وأضافت الوزارة أن الخطاب الذي بعثت به مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية إلى رئيس مجلس الإدارة الجديد ليس قراراً يستوجب الطعن بل هو مجرد اعتراض على الإجراءات التي اتبعت، ذلك أن إدارة الخدمات الاجتماعية وهي الجهة المشرفة على الجمعيات لها حق توجيه هذه الجمعيات وحضور جمعيتها العمومية وملاحظة سير هذه الجمعيات على مقتضى نظامها الأساسي ووفق أحكام قانون الجمعيات الخيرية، فإذا لاحظ مندوب إدارة الخدمات الاجتماعية خطأ في الإجراءات بادر إلى التنبيه إليه وإثباته في محضر الاجتماع. فإذا أصر المخالفون على مخالفتهم أبلغ ذلك إلى المدير العام الذي يملك الاعتراض على هذه الإجراءات، فإذا أصر المخالفون على المخالفة رفع مدير إدارة الخدمات الاجتماعية الأمر إلى الوزير ليصدر قراراً في الموضوع وفي حالة صدور هذا القرار يكون هو الذي يصح أن يتوجه عليه الطعن. وقالت الوزارة أيضاً أن قرارات الجمعية العمومية صحيحة فيما نظرته من مسائل واردة بجدول الأعمال، أما ما حدث بعد ذلك من اجتماع فريق من الأعضاء لتقرير إسقاط مجلس الإدارة وانتخاب مجلس إدارة جديد فلم تكن الوزارة في حاجة إلى إصدار قرار وزاري لإبطاله بالتطبيق للمادة 9 من القانون رقم 49 لسنة 1945 السابق الإشارة إليها، لأن تطبيق هذه المادة لا ينصرف إلا لقرارات الجمعية العمومية لا لقرارات فريق من الأعضاء يجتمعون عقب انفضاض الجمعية العمومية مهما بلغ عدد الحاضرين. كذلك قدم المدعون طلباً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وطلبت الحكومة رفض هذا الطلب.
وبجلسة 15 من ديسمبر سنة 1954 أصدرت المحكمة حكمها برفض طلب وقف التنفيذ. وبجلسة 10 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة في الموضوع بإلغاء قرار مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية الصادر بتاريخ 24 من مايو سنة 1954 ببطلان انتخاب مجلس إدارة الجمعية الذي تم في 14 من مايو سنة 1954. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه وإن كان انتخاب مجلس الإدارة قد تم في الوقت الذي لم يكن مدرجاً في جدول الأعمال المقرر عرضها على الجمعية العمومية التي يتعين عليها أن تقصر بحثها على تلك الأعمال الواردة في الجدول، إلا أن قرار الإلغاء كان يجب أن يصدر من الوزير طبقاً للمادة التاسعة سالفة الذكر وليس من مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية، ومن ثم فيكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا يملكه ومن غير مختص بإصداره مما يجعله باطلاً وواجب الإلغاء.
وقد طعنت الوزارة في هذا الحكم مستندة إلى ذات الأسباب التي أبدتها أمام محكمة القضاء الإداري عند نظر الدعوى - وقدمت هيئة المفوضين مذكرة بالرأي القانوني في هذا الطعن ارتأت فيها أن الحكم المطعون فيه صحيح وأن الأسباب التي بنت عليها إدارة قضايا الحكومة طعنها سبق أن ذكرتها أمام محكمة القضاء الإداري وقد ردت عليها المحكمة في أسباب حكمها مما لا يدع مجالاً لإعادة مناقشتها والرد عليها وانتهت هيئة المفوضين في مذكرتها بطلب قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجمعية العمومية للجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية دعيت إلى الاجتماع في يوم 20 من إبريل سنة 1954 لنظر المسائل المبينة في جدول الأعمال وقد تضمن الجدول مسائل ثلاث فقط وهي ( أ ) تلاوة محضر الجلسة السابقة (ب) تلاوة تقرير مجلس الإدارة والموافقة على الميزانية (جـ) انتخاب مراقب الحسابات. وأخطرت الجمعية الأعضاء بهذا الجدول مع بطاقة الدعوة إلى الاجتماع كما أخطرت الجمعية وزارة الشئون الاجتماعية بهذا الاجتماع وبالغرض منه وهو النظر في المسائل الثلاث المذكورة وإذ لم يتكامل العدد القانوني لعقد الجمعية العمومية في التاريخ المذكور فقد تقرر تأجيل الاجتماع إلى 14 من مايو سنة 1954.
ومن حيث إنه في هذه الجلسة الأخيرة انعقدت الجمعية العمومية انعقاداً صحيحاً وحضر الاجتماع مندوب عن وزارة الشئون الاجتماعية ونظرت الجمعية العمومية في المسائل الواردة بجدول الأعمال وبعد انتهاء النظر فيها رأى فريق من الأعضاء الحاضرين طرح الثقة بمجلس إدارة الجمعية فقام مندوب الوزارة بلفت نظر الحاضرين إلى عدم جواز ذلك لعدم ورود هذه المسألة في جدول الأعمال المبينة في الجدول والتي عقدت الجمعية من أجلها دون سواها ولما لم يقتنع أغلبية الحاضرين بما أبداه مندوب الوزارة انسحب سيادته من الاجتماع كما انسحب معه فريق من الأعضاء وهو الأقلية وبقى الفريق الآخر وهو الأكثرية.
ومن حيث إن الفريق من الأعضاء الذي بقى قام بطرح الثقة بأعضاء مجلس الإدارة القائم وأجري التصويت على ذلك فكانت أغلبية الأصوات في جانب عدم الثقة وعندئذ أجري تصويت لانتخاب أعضاء مجلس إدارة جديد فأسفرت النتيجة عن انتخاب المدعين أعضاء لمجلس إدارة الجمعية، وفي 17 من مايو سنة 1954 أخطر هؤلاء المنتخبون وزارة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية بما تم في اجتماع الجمعية العمومية في 14 من مايو سنة 1954 وما كان من انتخابهم أعضاء لمجلس الإدارة، كما أرسلوا إلى المراقبة المذكورة في ذات التاريخ صورة من محضر أول جلسة عقدها مجلس الإدارة الجديد وانتخب فيها المهندس مراد عريان رئيساً لمجلس الإدارة فأرسلت المراقبة إليه الكتاب رقم 3019 بتاريخ 24 من مايو 1954 تذكر له فيه أن المراقبة بعد فحص الموضوع اتضح لها أن الانتخابات التي أجريت في ذلك اليوم (14/ 5/ 1954) غير قانونية - وتطبيقاً للفقرة الأخيرة من المادة 9 من القانون رقم 49 لسنة 1945 قررت المراقبة إلغاء هذه الانتخابات واعتبارها كأن لم تكن.
ومن حيث إن المدعين طعنوا في هذا القرار بإلغاء الانتخابات أمام محكمة القضاء الإداري مؤسسين دعواهم على أن هذا القرار صدر من مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية وهي غير مختصة بإصداره إذ أن حق إلغاء الانتخاب مخول للوزير وحده بمقتضى المادة 9 من القانون رقم 49 لسنة 1945 في شأن تنظيم الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والتبرع للوجوه الخيرية التي تنص على أنه "يجب فيما يتعلق بالانتخابات لمجالس إدارة الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية وهيئاتها التنفيذية إخطار وزارة الشئون الاجتماعية عن موعد الانتخاب ومكانه قبل إجرائه بخمسة عشر يوماً على الأقل. ويجوز لوزير الشئون الاجتماعية أن يندب من يحضر هذه الانتخابات للتحقيق من أنها تجرى طبقاً للنظام الأساسي - وللوزير حق إلغاء الانتخاب بقرار مسبب وذلك في خلال خمسة عشر يوماً من إجرائه إذا تبين له أنه وقع مخالفاً لذلك النظام ويجوز التظلم من هذا القرار على الوجه المبين في المادة 11 في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه لذوي الشأن".
ومن حيث إنه وإن خلا القانون الأساسي للجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية من نص يحظر فيه على الجمعية العمومية النظر في أية مسألة تكون غير واردة في جدول أعمال الاجتماع إلا أن هذا الحظر من القواعد المسلمة، ذلك أنه عند دعوة الأعضاء إلى اجتماع الجمعية العمومية يبين لهم في الدعوة أو معها المسائل التي سوف تعرض في الجلسة فيجيب العضو الدعوة بالحضور أو لا يجيبها حسب أهمية تلك المسائل في نظره، ومن ثم يحظر النظر في أية مسألة أخرى خارجة عن جدول الأعمال، لأن الأعضاء لم يخطروا بها عند دعوتهم إلى الاجتماع ولو أنهم أخطروا بها لربما حضر من أجلها الكثير من الأعضاء الغائبين ولذلك فإنه لو كان جدول اجتماع الجمعية العمومية المنعقدة في 14 من مايو سنة 1954 تضمن مسألة طرح الثقة بأعضاء مجلس الإدارة القائم وانتخاب مجلس إدارة جديد لحضر كثير من الأعضاء الذين تغيبوا لأهمية هذه المسألة.
ومن حيث إنه ولئن كان الاقتراح بالثقة بأعضاء مجلس الإدارة القائم وانتخاب أعضاء مجلس إدارة لم يقدم قبل إعداد جدول الأعمال وإنما قدم في الجلسة، فقد كان الإجراء القانوني الوحيد هو تحديد موعد لاجتماع جديد يعقد فيما بعد لنظر هذا الاقتراح وترسل الدعوة إلى الاجتماع الجديد إلى جميع الأعضاء متضمنة هذا الاقتراح حتى يكون جميع الأعضاء على بينة من الموضوع الذي سوف يطرح في الاجتماع الجديد.
ومن حيث إن اجتماع الجمعية العمومية للجمعية الخيرية القبطية الكاثوليكية بالإسكندرية في 14 من مايو سنة 1954 يعتبر أنه انفض بمجرد الانتهاء من النظر في جدول أعمال الجلسة، فإن بقاء فريق من الأعضاء مهما بلغ عددهم بعد ذلك - أي بعد انفضاض الاجتماع - لا يعتبر بقاؤهم استمراراً لجلسة الجمعية العمومية، لأن الجلسة قد انفضت - كما سلف البيان - بالانتهاء من نظر جدول الأعمال وأي قرارات يتخذونها في مثل هذا الاجتماع لا تعتبر صادرة من الجمعية العمومية، بل شأنها شأن أي اتفاق يجمع عليه فريق من الأعضاء فيما بينهم بعيداً عن الجمعية - ومن ثم فإن القرارات التي تتخذ بهذه الطريقة لا تكون مخالفة للقانون، كما ذهب الحكم المطعون فيه، وإنما هي منعدمة تماماً Inexistants بالنسبة للجمعية العمومية التي كانت منعقدة انعقاداً صحيحاً وانفض اجتماعها بعد الانتهاء من نظر المسائل التي وردت في جدول أعمال الاجتماع.
ومن حيث إن مسألة انتخاب المدعين كأعضاء لمجلس الإدارة لم تكن مدرجة في جدول الأعمال فإن هذا الانتخاب يكون منعدماً كما سلف القول، والإجراء المنعدم ليس بحاجة لقرار إداري ليبطله ومن ثم فلم تكن ثمة حاجة لأن يصدر وزير الشئون الاجتماعية قراراً بإلغاء هذا الانتخاب المعدوم أصلاً، وأن ما جاء في كتاب مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية من بطلان هذا الانتخاب واعتباره كأن لم يكن ليس في الواقع قراراً من هذه المراقبة بإبطال الانتخاب لأنه منعدم وإنما هو تبصير من المراقبة للجمعية بحقيقة الواقع من أن هذا الانتخاب يعتبر كأن لم يكن، ومن ثم فإن طلب المدعين الحكم بإلغاء ما تضمنه كتاب مراقبة الشئون الاجتماعية بالإسكندرية ووصفه المدعون بأنه قرار صدر ممن لا يملك إصداره، هذا الطلب لا يستند إلى أساس سليم من القانون متعيناً الحكم برفضه وإلزام المدعين المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعين بالمصروفات.
جلسة 10 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد ذكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.
--------------
(11)
الطعن رقم 17 لسنة 35 القضائية
(1) ضرائب. "ضريبة التركات".
الأموال المتروكة عن المتوفى. وجوب تقديرها حسب قيمتها الحقيقية وقت الوفاة.
(2) ضرائب. "ضريبة الأرباح الاستثنائية". "احتياطي هبوط الأسعار". "ضريبة التركات".
احتياطي هبوط الأسعار. لا يعد في حالة عدم استعماله من أصول تركة الممول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مراقبة ضرائب المنشية قدرت تركة مورث المطعون عليهم المتوفى في 11/ 7/ 1951 بمبلغ 36859 ج و71 م وأخطرتهم بهذا التقدير، وإذا اعترضوا وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 25/ 6/ 1956 بتخفيض قيمة التركة إلى مبلغ 20766 ج و155 م، فقد أقاموا الدعوى رقم 663 سنة 1956 تجاري إسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبين الحكم باعتبار التركة مدينة بمبلغ 18165 ج و552 م، كما طعنت مصلحة الضرائب في القرار المذكور بالدعوى رقم 669 سنة 1956 تجاري إسكندرية الابتدائية طالبة إلغاءه وتأييد تقديرات المراقبة استناداً إلى أن اللجنة استبعدت مبلغ 16092 ج و916 م قيمة احتياطي هبوط الأسعار من أصول المحل التجاري الذي تركه المورث مع أنه يتعين إضافة هذا المبلغ إلى رأس المال لأنه لم يستعمل حتى تاريخ الوفاة، وبتاريخ 23/ 3/ 1960 حكمت المحكمة في طعن الورثة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بذلك الحكم، وفى طعن مصلحة الضرائب برفضه وتأييد قرار اللجنة فيما قضى به من استبعاد احتياطي هبوط الأسعار من أصول المحل التجاري. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 615 سنة 18 ق تجاري إسكندرية طالبة إلغاءه والحكم بتأييد تقديرات المراقبة. وبتاريخ 11/ 11/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم قضى بعدم إضافة احتياطي هبوط الأسعار إلى أصول التركة استناداً إلى أن المأمورية قدرت أصول المحل التجاري المخلف عن المورث، كما قدرت خصومه وقت الوفاة طبقاً للقواعد التي نص عليها قانون التركات، وأن في إضافة احتياطي هبوط الأسعار إلى الأصول زيادة لقيمة البضاعة بما يجاوز تقدير المراقبة، وهو ما يترتب عليه زيادة رأس مال المحل التجاري بمقدار الاحتياطي على غير أساس، في حين أن القانون رقم 142 لسنة 1944 حدد في المادتين 36 و37 طرق تقدير قيمة الأموال الخاضعة لرسم الأيلولة، ولم يتبع طريقاً واحداً للتقييم بل جعل الأصل في الرسم أن يربط على القيمة الحقيقية للتركة، وذلك فيما عدا الأموال التي نص على تقييمها طبقاً للأسس الحكيمة التي عينها. وقد أضافت مصلحة الضرائب إلى أصول التركة مبلغ 16092 ج و916 م قيمة احتياطي هبوط الأسعار الذي لم يستعمل حتى تاريخ وفاة المورث، وهذا يتفق مع ما نص عليه القانون من تقدير التركة طلقاً لقيمتها الفعلية، لأنه طالما أن هذا الاحتياطي استقطع من الربح الاستثنائي للمنشأة، وظل باقياً حتى تاريخ الوفاة دون أن يستخدم في الغرض الذي كون من أجله، فإنه يتعين إضافته إلى رأس مال المنشأة واعتباره أصلاً من أصولها عند تقدير التركة، دون أن يكون في ذلك زيادة لقيمة البضاعة عن تقدير مراقبة الضرائب، وإذ استبعد الحكم المطعون فيه احتياطي هبوط الأسعار من أصول التركة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الأصل في تقدير التركات - وفى غير الأحوال التي وضع المشرع في شأنها قواعد خاصة لتقدير الأموال - أن تقوم الأموال التي يتركها المتوفى فعلاً بقيمتها الحقيقية وقت الوفاة، ذلك أن هذا النوع من الضريبة إنما يفرض بمناسبة ما وقع للوارث من اغتناء أي من زيادة في رأس ماله تقوم لحظة تمامها بما تساويه من ثمن يحتمل أن تباع به وقت حصول الواقعة المنشئة للضريبة، وكان الاحتياطي الذي أجاز المشرع للممول تكوينه لمواجهة هبوط الأسعار تطبيقاً للمادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة خاصة على الأرباح الاستثنائية هو من الأصول الدفترية، ولا يعتبر في حالة عدم استعماله من أصول التركة بحيث يضاف إلى قيمة البضاعة، بل يتعين عدم التعويل عليه في التقدير كعنصر من عناصر التركة طالما أن جميع أصولها وخصومها يشملها التقدير، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقرر أن مراقبة الضرائب قدرت جميع أصول المحل التجاري وخصومه وقت الوفاة طبقاً للقواعد التي نص عليها قانون التركات، وأنه لا يجوز بالتالي اعتبار احتياطي هبوط الأسعار الذي لم يستعمله المورث ضمن أصول التركة، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.
-----------------
(9)
القضية رقم 634 لسنة 5 القضائية
(أ) كادر العمال - عامل
- قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 6/ 1950 بتطبيق الكشوف حرف (ب) على العمال المعينين بعد 30/ 4/ 1945 - تسوية حالة هؤلاء العمال من بدء دخولهم الخدمة - صرف الفروق المالية المترتبة من 14/ 2/ 1951 - مثال.
(ب) كادر العمال - عامل
- إعانة غلاء المعيشة - تثبيتها - قرار مجلس الوزراء الصادر في 30/ 12/ 1950 في هذا الشأن - تثبيته الإعانة على أساس الماهيات والأجور في آخر نوفمبر سنة 1950 - الاعتداد بالتسويات المترتبة على تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 6/ 1950 - تثبيت الإعانة للمستفيدين من أحكامه على أساس الأجر المستحق في آخر نوفمبر سنة 1950 طبقاً لهذه التسويات - صرف فروق إعانة الغلاء المترتبة من 14/ 2/ 1951 - أساس ذلك - مثال.
إجراءات الطعن
في يوم 27 من إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 11 من فبراير سنة 1959 في القضية رقم 499 لسنة 4 القضائية المقامة من عبد الحميد أحمد ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والقاضي "برفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أجره الذي يستحقه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 وهو 340 مليماً وصرف الفروق المستحقة اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951 وإلزام المدعى عليها بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن للهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في 13 من مايو سنة 1959 وللمدعي في 9 من مايو سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12 من يونيه سنة 1960 وأبلغت الهيئة العامة والمدعي في 18 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة وقررت إرجاء النطق بالحكم في نهاية الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 17 من أغسطس سنة 1957 أقام المدعي دعواه بعد أن حصل على قرار بالمعافاة من رسومها، طالباً الحكم بأحقيته في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس الأجر الفعلي الذي استحقه فعلاً في 30 من نوفمبر سنة 1950 وهو 340 مليماً مع صرف الفروق من 14 من فبراير سنة 1951. وقال شرحاً لدعواه إنه منح علاوتين دوريتين في مايو سنة 1948 ومايو سنة 1950 ولم يمنح عنهما إعانة غلاء معيشة بالمخالفة لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بشأن تثبيت إعانة الغلاء وبالمخالفة لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952.
وقالت الجهة الإدارية رداً على الدعوى أن إعانة غلاء المعيشة الخاصة بالمدعي تثبت على ما كان يتقاضاه فعلاً في 30 من نوفمبر سنة 1950 وهو مائتا مليم ثم اعتبر في الدرجة (300/ 500) مليم بأول مربوطها وقدره 300 مليم من تاريخ التعيين طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 وصرفت إليه الفروق اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء.
وتذكر الجهة الإدارية أن كتاب المالية رقم 234/ 13/ 27 يقضي بأن كل زيادة يحصل عليها الموظف أو المستخدم أو العامل في ماهيته أو أجره بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 لا يترتب عليها زيادة في إعانة غلاء المعيشة وأنه بناء على كتاب المالية رقم 88/ 1/ 98 م 16 في 13 من إبريل سنة 1952 منح إعانة غلاء معيشة على أساس أول مربوط درجته وهو 300 مليم ومنح الدرجة (360/ 700) اعتباراً من 3 من إبريل سنة 1956 وثبتت إعانة الغلاء على أساس أول مربوط الدرجة الجديدة وهو 360 مليماً بواقع 112.5% بحد أقصى عشرة جنيهات.
وبجلسة 11 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأجر الفعلي الذي كان يتقاضاه المدعي - كما يبين من ملف خدمته - في 30 من نوفمبر سنة 1950 هو مائتا مليم فقط وأن الهيئة ثبتت إعانة غلاء المعيشة للمدعي على أساس هذا الأجر طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1950.
ولما كانت حالة المدعي قد سويت بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 بشأن تطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على العمال المعينين بعد 30 من إبريل سنة 1945 بوضعه في الدرجة (300/ 500) بأول مربوطها أي 300 مليم اعتباراً من 23 من مارس سنة 1946 تاريخ إلحاقه بالخدمة ومنح علاوتين دوريتين في 1/ 5/ 1948، 1/ 5/ 1950 فبلغت بهما أجرته 340 مليماً في أول مايو سنة 1950 وصرفت له الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية من 14 من فبراير سنة 1951 (مستند رقم 100 من ملف خدمة المدعي).
ولما كان مجلس الوزراء قرر بجلسته المنعقدة في 18 من مارس سنة 1953 - بشأن تثبيت إعانة الغلاء لعمال اليومية الذين ثبتت لهم هذه الإعانة على أساس أجورهم في 30 من نوفمبر سنة 1950 ثم نقلوا إلى درجات أعلى بعد ذلك التاريخ أن تثبت الإعانة على أساس أول مربوط درجاتهم الجديدة من تاريخ الحصول عليها سواء أكان النقل في حدود الوظائف المخصصة للتعيين من الخارج أو للترقية، ولكي يتسنى إعمال قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1952 بغير إخلال في المعاملة بين القدامى والجدد على أن يسري ذلك اعتباراً من تاريخ موافقة مجلس الوزراء في 18 من مارس سنة 1953، ولما كانت الهيئة المدعى عليها إذ ثبتت إعانة غلاء المعيشة للمدعي على أساس أول مربوط الدرجة الجديدة وهو 300 مليم وصرفت له الفروق المترتبة على ذلك من 18 من مارس سنة 1953 وهو تاريخ موافقة مجلس الوزراء، تكون قد التزمت حدود القانون ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 بشأن إنصاف عمال اليومية لم يكن، إذ صدر في ذلك التاريخ، قرار مكتمل الأركان وقت صدوره وذلك لعدم توافر الاعتماد المالي اللازم لنفاذ أحكامه وإنما توافر الاعتماد المالي اللازم بصدور القانون رقم 28 لسنة 1951 بفتح اعتماد إضافي قدره 250 ألف جنيه في ميزانية السنة المالية 1951/ 1952 بعنوان تكملة إنصاف العمال باليومية لصرف الفروق المترتبة على تنفيذ القواعد المتقدمة التي تضمنها قرار 11 من يونيه سنة 1950 وذلك اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951 على ألا تصرف الفروق إلا من هذا التاريخ. وانتهت المحكمة إلى القول بأنه يترتب على ما تقدم أن تكون الأجرة الفعلية التي كان يصرفها المدعي في 30 من نوفمبر سنة 1950 عبارة عن 300 مليم بدون اعتداد بالعلاوتين الدوريتين اللتين استحقهما بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1951 لأن هاتين العلاوتين لم يصبح لهما أثر فعلي في أجره إلا من 14 من فبراير سنة 1951 وهو تاريخ لاحق على التاريخ الذي ثبتت عليه إعانة غلاء المعيشة أي 30 من نوفمبر سنة 1950.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ليس معنى تعليق بعض آثار القرار الإداري على صدور الاعتماد المالي اللازم لنفاذه، هو أن تعطل سائر آثاره التي لا يتوقف نفاذها على ذلك الاعتماد المالي بل ما دام أن بعض آثار القرار لا يتوقف تنفيذها على الاعتماد المالي فإنه يتعين الاعتداد حسب الأصل - بوقوعها فور صدورها وتكون هذه الآثار جائزة ممكنة بمجرد صدور القرار ما دامت لا تحتاج للاعتماد المالي لنفاذها. ولا نزاع في الخصوصية المعروضة في أن حساب أجر المدعي حسب قرار 11 من يونيه سنة 1950 وتدرجه بالعلاوات إنما يكون من بدء التعيين ولا يتعطل من ذلك إلا صرف الفروق قبل 14 من فبراير سنة 1951 ويكون الواقع هو أن أجر المدعي القانوني في 30 من نوفمبر سنة 1950 هو 340 مليماً بالتطبيق لقرار 11 من يونيه سنة 1950 ولا يؤثر عدم صرف الفروق على أعمال قرار 3 من ديسمبر سنة 1950 الخاص بتثبيت إعانة الغلاء في مجاله ولا تتعطل أحكام هذا القرار الأخير المتعلقة باتخاذه للأجر الحقيقي كوعاء لتثبيت إعانة الغلاء، إلا أن ذلك لا يمنع من القول في نفس الوقت بأن المدعي إنما يستحق فروق إعانة الغلاء من 14 من فبراير سنة 1951 وهو التاريخ المحدد لصرف جميع الفروق المالية المترتبة على تطبيق قرار 11 من يونيه سنة 1950، فإعانة الغلاء فرع من المرتب والفرع يتبع الأصل في حكمه.
ومن حيث إن المدعي يستهدف بهذه الدعوى تثبيت إعانة الغلاء على أساس الأجر الفعلي الذي وصل إليه في 30 من نوفمبر سنة 1950 طبقاً للتسوية الجديدة وهي تتمثل في أول مربوط الدرجة المستحقة له في 23 من مارس سنة 1946 مضافاً إليها علاوتان دوريتان كلتاهما تقدر بمبلغ 20 مليماً الأولى استحقت في أول مايو سنة 1948 والثانية في أول مايو سنة 1950 أي أن المدعي يطلب أن تثبت إعانة الغلاء له على أساس أجر مقداره 340 مليماً.
ومن حيث إن المدعي استمد الحق في التسوية الجديدة باعتباره في الدرجة (300/ 400) من بدء دخوله الخدمة في 23 من مارس سنة 1946 وبأول مربوطها ثم تدرجت أجرته بالعلاوات الدورية وقدرها 20 مليماً كل سنتين، من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 بشأن تطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على العمال المعينين بعد 30 من إبريل سنة 1945 إلا أن صرف الفروق الناتجة عن هذه التسوية تراخى إلى 14 من فبراير سنة 1951 تاريخ صدور القانون رقم 28 لسنة 1951 بفتح الاعتماد اللازم لهذه التسوية.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال في آخر نوفمبر سنة 1950، قد جعل الإعانة المستحقة عن شهر نوفمبر سنة 1950 هي أساس التثبيت، ولما كانت هذه بدورها تنسب إلى الماهية أو المرتب أو الأجر المستحق عن هذا الشهر فالعبرة بالماهية أو المرتب أو الأجر المستحق للموظف أو المستخدم أو العامل في آخر شهر نوفمبر سنة 1950 دون ما يصرف منها في هذا التاريخ إذ الصرف أثر من آثار استحقاق المرتب أو الأجر.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 والذي استمد منه المدعي الحق في التسوية الجديدة التي وصلت بأجر في 30 من نوفمبر سنة 1950 إلى 340 مليماً قد صدر قبل قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بتثبيت إعانة غلاء المعيشة، فبهذه المثابة يكون الأجر المذكور هو الأجر المستحق فعلاً للمدعي في 30 من نوفمبر سنة 1950، فلا مناص والحالة هذه من تثبيت إعانة غلاء المعيشة للمدعي على أساس الأجر الذي استحقه في 30 من نوفمبر سنة 1950 وهو 340 مليماً.
ومن حيث إن صرف الفروق المالية الناشئة عن التسوية الجديدة التي قررها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 بشأن تطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على العمال المعينين بعد 30 من إبريل سنة 1945 قد تراخى إلى 14 من فبراير سنة 1951 تاريخ صدور القانون رقم 28 لسنة 1951 بفتح الاعتماد اللازم لهذه التسوية. ولما كانت إعانة غلاء المعيشة تتبع المرتبات والماهيات والأجور وتصرف تبعاً لها منسوبة إليها فإن فروق إعانة غلاء المعيشة المترتبة على الزيادة في الأجر الناشئ بعد هذه التسوية لا تصرف إلا من هذا التاريخ أي من 14 من فبراير سنة 1951.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فما دام أجر المدعي اليومي في 30 من نوفمبر سنة 1950 قد وصل إلى 340 مليماً فإنه لا ينبغي إهدار ذلك بل يجب اتخاذ هذا الأجر أساساً لربط إعانة غلاء المعيشة المستحقة له وتثبيتها؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيتعين لذلك إلغاؤه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس أجره المستحق له في 30 من نوفمبر سنة 1951 وقدره 340 مليماً، مع صرف الفروق اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951، وألزمت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بالمصروفات.
جلسة 9 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمد طايل راشد، وعثمان حسين عبد الله، ومصطفى الفقي.
-----------------
(10)
الطعن رقم 491 لسنة 37 القضائية
(1) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
عدم تقديم الطاعن دليلاً على أن عقداً بعينه كان معروضاً على محكمة الاستئناف وأنه تمسك به أمامها. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) عقد. "فسخ العقد". "الشرط الفاسخ الضمني". بيع. محكمة الموضوع.
الشرط الفاسخ لا يقتضي الفسخ حتماً بمجرد حصول الإخلال بالالتزام إلا إذا كانت صيغته صريحة دالة على وجوب الفسخ حتماً عند تحققه. لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في ألا تقضي بالفسخ استناداً للشرط الفاسخ الضمني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1847 لسنة 1966 القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها، وطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 1/ 7/ 1965 الصادر منه إلى المطعون عليها، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب العقد المشار إليه باع إلى المطعون عليها قطعة أرض فضاء مساحتها 140 متراً مقابل ثمن قدره 400 ج دفعت المشترية منه مبلغ 100 ج وقت التعاقد، وتعهدت بسداد الباقي في ميعاد غايته 1/ 10/ 1965 وإلا اعتبر العقد مفسوخاً، وإذ قامت المطعون عليها بسداد مبلغ 200 ج في 15/ 8/ 1965 وتخلفت عن سداد الباقي وقدره 100ج فقد أقام الطاعن دعواه عليها بطلباته السابقة. أجابت المطعون عليها بأن العين المبيعة وجد بها عجز مقداره 30 متراً قيمته 82 ج و857 م، وطلبت لذلك رفض الدعوى، وبتاريخ 31/ 12/ 1966 قضت المحكمة للطاعن بطلباته. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 509 سنة 84 ق، وبتاريخ 17/ 6/ 1967 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق، ويقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى استناداً إلى القول بوجود عجز في البيع لأنه تبين من كشف التحديد أن مساحة الأرض المبيعة حقيقتها 110 متراً وليست 140 متراً، ولما كانت قيمة العجز تبلغ 82 ج و850 م فإن الباقي من الثمن وقدره 17 ج و143 م يكون ضئيلاً بحيث لا يستهل القضاء بالفسخ هذا في حين أن الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى ومن عقد البيع الصادر إلى الطاعن من البائعة له أن قطعة الأرض المبيعة ومساحتها 140 متراً ليست قاصرة على الأرض المعدة للبناء وإنما يدخل ضمنها نصف مساحة الطريق الذي يحدها من الناحية القبلية ومساحته 25 متراً، وهو ما يعادل العجز الذي ظهر في كشف التحديد، وبالتالي يكون الباقي من الثمن هو مبلغ 100 ج وإذ لم يعتد الحكم بذلك ولم يعمل الشرط الفاسخ الصريح الوارد في العقد، فإنه يكون قد خالف الثابت في الأوراق وأخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان يبين من عقد البيع المؤرخ 1/ 7/ 1965 موضوع الدعوى والمودع بملف الطعن أنه لم يرد به أن الأرض المبيعة تشمل نصف مساحة الطريق الذي يحدها من الناحية القبلية، فإن النعي على الحكم بمخالفته الثابت في هذا العقد يكون على غير أساس، وإذ كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن عقد البيع الصادر إليه من البائعة له والمقدمة صورته الشمسية بملف الطعن كان معروضاً على محكمة الاستئناف، وأنه تمسك به أمامها ولم يرد بالحكم المطعون فيه ما يفيد ذلك، فإنه لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الشرط الفاسخ لا يقتضي الفسخ حتماً بمجرد حصول الإخلال بالالتزام إلا إذا كانت صيغته صريحة دالة على وجوب الفسخ حتماً عند تحققه. وكانت عبارة الشرط الواردة في العقد موضوع الدعوى أنه "إذا لم يدفع باقي الثمن في المدة المحددة به يعتبر البيع لاغياً" فإن هذا الشرط لا يعدو أن يكون ترديداً للشرط الفاسخ الضمني المقرر بحكم القانون في العقود الملزمة للجانبين، ولما كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية ألا تقضي بالفسخ استناداً إلى الشرط الفاسخ الضمني الوارد بالعقد لما تبينته من أن الباقي من الثمن بعد استنزال قيمة العجز قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، فإنه لا تكون قد خالفت القانون، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
جلسة 9 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.
-----------------
(9)
الطعن رقم 410 لسنة 37 القضائية
بيع. صورية. "صورية مطلقة". إثبات. "إجراءات الإثبات. البينة" حكم. "القصور. ما يعد كذلك". إرث.
تمسك الوارث بصورية عقد البيع الصادر من مورثه لوارث آخر صورية مطلقة. التدليل عليها بعدة قرائن. طلبه الإحالة إلى التحقيق لإثباتها بالبينة تأسيساً على قيام المانع الأدبي. دفاع جوهري. إغفال بحثه. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على أنفسهم وعلى الطاعن الدعوى رقم 361 سنة 1965 مدني كلي الإسكندرية، وطلبوا الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 20/ 9/ 1960 الصادر إليهم من مورثة الطرفين ببيعها لهم المنزل المبين بالصحيفة لقاء ثمن مقبوض مقداره 3000 ج دفع الطاعن بأنه لا يعلم أن التوقيع الذي يحمله العقد هو لمورثته وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وسمعت شهود الطرفين قضت برفض الدفع فتمسك الطاعن بصورية عقد البيع، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بكافة الطرق، وبتاريخ 23/ 11/ 1966 قضت المحكمة للمطعون ضدهم بطلباتهم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 366 سنة 22 ق الإسكندرية. ومحكمة الاستئناف حكمت في 27/ 6/ 1967 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بصورية عقد البيع صورية مطلقة وأن المورثة لم تقبض شيئاً من الثمن المنصوص عليه فيه، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بشهادة الشهود علاوة على القرائن التي ساقها للتدليل بها على الصورية، وذلك تأسيساً على أنه يجوز له إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية لوجود مانع أدبي حال بين مورثته وبين الحصول على ورقة ضد، هو أن المتصرف إليهم في هذا العقد هم أولادها ولا يتصور أن تطلب منهم ورقة ضد، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع وهو ما يشوبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه ومن المذكرة المقدمة من الطاعن إلى محكمة الاستئناف لجلسة 7/ 5/ 1967 أنه تمسك أمام تلك المحكمة بصورية العقد المؤرخ 20/ 9/ 1960 صورية مطلقة، ودلل على هذه الصورية بعدة قرائن منها أن العقد تضمن أن نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى، وهو ما يطابق أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث وأن المتصرف إليهم لا يستطيعون أداء الثمن، وأن العقد لم يظهر إلى حيز الوجود إلا بعد وفاة المتصرفة، كما طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت هذه الصورية بالبينة على أساس أن رابطة الأمومة التي تربط المتصرفة بأولادها المتصرف إليهم والظروف التي تم فيها هذا التصرف تعتبر مانعاً أدبياً من الحصول على دليل كتابي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث هذا الدفاع الجوهري والرد عليه، فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل ومحمود إبراهيم وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.
-------------------
(8)
القضية رقم 604 لسنة 5 القضائية
(أ) كادر العمال
- امتحان - وجوب امتحان العامل عند التعيين أو الترقية أو النقل من فئة إلى أخرى - ضرورة أدائه أمام اللجنة الفنية المختصة بالوزارة أو المصلحة - حكمة ذلك - الاستيثاق من قدرة العامل ودرجة كفايته لتحديد الدرجة والأجر اللذين يستحقهما - عدم تحقق هذه الحكمة بامتحان يجرى في جهة أخرى ولو كانت رسمية لغرض آخر - أساس ذلك.
(ب) كادر العمال
- امتحان - التعيين في وظيفة سائق سيارة - وجوب أداء العامل امتحاناً في القيادة أمام اللجنة الفنية المختصة - الترخيص لسائق السيارة من قلم المرور - لا يقوم مقام الامتحان الذي يتطلبه كادر العمال - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
في أول إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هيئة المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 604 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 9 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 21 لسنة 5 القضائية "محاكم" المقامة من: مصطفى حسين حجاج ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (بلدية القاهرة) القاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لكادر العمال بأن يوضع في الدرجة (300/ 500) بأجر يومي 300 مليم يومياً اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1926 وفي درجة الدقة الممتازة (360/ 700) اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وبصرف الفروق المالية اعتباراً من 4 من ديسمبر سنة 1950 وألزمت بلدية القاهرة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 30 من إبريل سنة 1959، وإلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 5 من مايو سنة 1959. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من يونيه سنة 1960. وفي 18 من مايو سنة 1960 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى آخر جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 21 لسنة 5 القضائية "محاكم" ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (بلدية القاهرة) أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 7 من نوفمبر سنة 1957 ذكر فيها أنه عين في أول يوليه سنة 1918 في وظيفة سائق "موتوسيكل" ونقل في أول يوليه سنة 1926 إلى وظيفة سائق سيارة، وظل شاغلاً هذه الوظيفة حتى صدر كادر العمال في سنة 1945 فسويت حالته بالتطبيق له تسوية خاطئة ثم رقي إلى درجة صانع ممتاز (360/ 800) في أول مايو سنة 1956 وقد كان الواجب تطبيق الكادر المذكور في حقه على الوجه الصحيح بوضعه في الدرجة (240/ 500) اعتباراً من أول يوليه سنة 1918 ثم في الدرجة (300/ 500) بأول مربوطها اعتباراً من أول يوليه سنة 1926 تاريخ نقله إلى وظيفة سائق سيارة، وترقيته ترقية فرضية إلى درجة الدقة الممتازة (360/ 700) بعد ست سنوات من وضعه في درجة صانع دقيق، ثم ترقيته لدرجة صانع ممتاز بأجر يومي قدره 660 مليماً من أول مايو سنة 1956 مع منحه العلاوات الدورية المستحقة له على هذا الأساس في كل مراحل تدرجه بيد أن الإدارة درجت أجره حتى بلغ 580 مليماً بعلاوة الترقية لصانع ممتاز في أول مايو سنة 1956 وهذا يغاير التدرج الصحيح المطابق لأحكام الكادر، ولذا فإنه يطلب "صدور حكم المحكمة باستحقاقه لأن تسوى مدة خدمته تسوية صحيحة حسب قواعد الكادر كالبيان الموضح بالعريضة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1945 مع إلزام المدعى عليها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقد ردت بلدية القاهرة على هذه الدعوى بأن المدعي دخل الخدمة في أول يوليه سنة 1918 في مهنة سائق "بأجر يومي قدره 60 مليماً، ثم نقل إلى سلك الخدمة السائرة في الدرجة الرابعة بماهية شهرية قدرها 2.520 ج اعتباراً من أول إبريل سنة 1920. وفي أول يوليه سنة 1926 عين في وظيفة سائق سيارة بأجر يومي قدره 170 مليماً نقلاً من الخدمة السائرة وظل شاغلاً هذه الوظيفة حتى نفاذ كادر العمال حيث سويت حالته على أساس أحكامه في أول مايو سنة 1945 بوضعه في الدرجة (360/ 700) بأجر يومي قدره 440 مليماً اعتباراً من ذلك التاريخ ثم تدرج أجره بالعلاوات حتى بلغ 540 مليماً يومياً في أول يوليه سنة 1955 ورقي إلى درجة صانع ممتاز (360/ 800) اعتباراً من أول مايو سنة 1956 بأجر يومي مقداره 580 م ولم يثبت أنه أدى امتحاناً فنياً سواء عند تعيينه في وظيفة سائق موتوسيكل أو عند تعيينه في وظيفة سائق سيارة ومن ثم فإنه يكون حاصلاً على حقه كاملاً، إذ أن تسوية حالته تكون من أول يوليه سنة 1926 تاريخ تعيينه في وظيفة سائق سيارة باليومية، ثم تفترض له مدة خدمة كصبي ثماني سنوات فيوضع من التاريخ التالي لانقضاء هذه السنوات الثماني - أي في أول يوليه سنة 1934 - في درجة صانع غير دقيق (200/ 360) وتدرج علاواته وترقياته بعد ذلك على النحو الذي تم في حقه. ودفعت البلدية بصفة احتياطية بالتقادم الخمسي وفقاً للمادة 375 من القانون المدني فيما يتعلق بالفروق التي قد تستحق طالبة الحكم أصلياً "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف ومقابل الأتعاب". وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه لما أبداه به من أسباب إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المذكور في تسوية حالته طبقاً لأحكام كادر العمال على أساس اعتباره في الدرجة (300/ 400) المعدلة إلى (300/ 500) من 7 من يوليه سنة 1926 وفي الدرجة (360/ 700) من 7 من يوليه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من أول مايو سنة 1945 على أن يراعى إسقاط ما انقضى عليه منها خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى أو آخر تظلم". وقد عقب المدعي على دفاع البلدية بمذكرة قال فيها إنه عمل رخصة سائق عمومي من 16 من أكتوبر سنة 1924 وأن هذه الرخصة تحل محل الاختبار إذ أن السائق يختبر في مهنته قبل منحه الرخصة فإذا أدى الاختبار بنجاح حصل على الرخصة التي تعتبر بمثابة وثيقة امتحان، وانتهى إلى حصر طلباته "في استحقاقه لدرجة صانع دقيق بأجر 300 مليم في أول يوليه سنة 1926 ثم ترقيته لدرجة الدقة الممتازة (360/ 700) في أول يوليه سنة 1932 ثم تدرج أجره بالعلاوات الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار". وقدمت البلدية مذكرة أوضحت فيها أن أجره بحسب التسوية الصحيحة التي يستحقها وفقاً لأحكام كادر العمال ما كان ليصل إلا إلى 264 مليماً في اليوم بعد خصم الـ 12% في أول مايو سنة 1945 وأنها مع ذلك منحته في التاريخ المذكور أجراً يومياً قدره 440 مليماً في الدرجة (360/ 700) أي أزيد مما يستحق. وبجلسة 9 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لكادر العمال بأن يوضع في الدرجة (300/ 500) بأجر 300 مليم يومياً اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1926 وفي درجة الدقة الممتازة (360/ 700) اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وبصرف الفروق المالية اعتباراً من 4 من ديسمبر سنة 1950 وألزمت بلدية القاهرة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأسست قضاءها على أن المدعي حصل على الرخصة رقم 6614 محافظة مصر سواق سيارة عمومي في 16 من أكتوبر سنة 1924 أي قبل تعيينه في وظيفة سائق سيارة الحاصل في 7 من يوليه سنة 1926، وأنه طبقاً لنص المادة 40 من لائحة السيارات الصادرة في 16 من يوليه سنة 1913 والمعدلة في 3 من سبتمبر سنة 1930 لا تمنح الرخصة لسائقي السيارات المعدة للأجرة إلا بعد أن يكون السائق قديراً على أن يثبت لإدارة السيارات كفايته الفنية والعملية بعد امتحان يجريه مهندس إدارة المرور، ومن ثم فإن هذا الامتحان الذي تجريه هيئة حكومية من إدارة المرور عند منح ترخيص القيادة يقوم مقام الامتحان المطلوب بكادر العمال لوظيفة سائق سيارة حكومية. وعلى هذا فإن تسوية حالة المدعي يجب أن تتم على أساس اعتبار أنه قد دخل الخدمة بامتحان وفقاً للقاعدة المقررة لذلك في كادر العمال. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في أول إبريل سنة 1959 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات. واستند في أسباب طعنه إلى أن المناط في اعتبار أن الصانع دخل الخدمة بامتحان هو بأن يؤدي امتحاناً أمام الجهة الإدارية التي عين بها ولا تتقيد هذه الجهة بما يكون الصانع قد أداه من اختبارات أخرى أمام جهات أخرى لغرض آخر كما هو الحال في الخصوصية المعروضة، وذلك حتى تطمئن بنفسها على مدى قدرته وخبرته الفنية التي تقيم عليها معاملته وتحديد درجته وأجره، ولا يفهم من نصوص كادر العمال أنه يكتفي بالنسبة إلى السائق أن يكون حاصلاً على ترخيص حسب لائحة السيارات. وربما كان الاختبار الذي تجريه جهة الترخيص لسائقي السيارات أقل في مرتبته الفنية من ذلك الذي تتطلبه جهة الإدارة لتعيين هؤلاء السائقين بها، وليس يجوز التعقيب على سلطتها التقديرية في ذلك كما أن المرخص له بقيادة السيارات قد يترك التدريب عليها فترة من الزمن قبل تعيينه فيفقد الكفاية المطلوبة لهذا التعيين وقد حصل المدعي على الترخيص في سنة 1924 وقام بعد ذلك بعمل سائق موتوسيكل حتى عين سائق سيارة في شهر يوليه سنة 1926 مما لا يسمح بالقول بأن هذا الاختبار القديم يقوم مقام الامتحان الذي يعول عليه لتسوية حالته باعتباره ممتحناً عند التعيين. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون فيما انتهى إليه.
ومن حيث إنه يظهر من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه غير حاصل على أي مؤهل دراسي، وأنه التحق بخدمة الحكومة بوظيفة سائق موتوسيكل في مصلحة المجاري الرئيسية في أول يوليه سنة 1918 بأجر يومي قدره 60 مليماً، ونقل إلى سلك الخدمة السائرة في الدرجة الرابعة بماهية شهرية قدرها 2.520 ج اعتباراً من أول إبريل 1920 ثم عين باليومية نقلاً من الخدمة السائرة في مهنة سائق سيارة بأجر يومي قدره 170 م اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1926 وليس في الأوراق ما يدل على أدائه امتحاناً فنياً ما سواء في هذه المهنة لدى تعيينه فيها أو في مهنة سائق موتوسيكل السابقة وعند تطبيق أحكام كادر العمال سويت حالته في الدرجة (360/ 700) بأجر يومي قدره 440 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1945 ومنح علاواته الدورية التي بلغ بها أجره اليومي 540 مليماً في أول يوليه سنة 1955. ورقي إلى الدرجة (360/ 800) المخصصة لصانع ممتاز بأجر يومي قدره 580 مليماً بعلاوة ترقية اعتباراً من أول مايو سنة 1956.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة كادر عمال اليومية الحكوميين أنه أقام تفرقة في القواعد التي قضى بأن تبنى عليها تسويات حالات العمال الخاضعين لأحكامه سواء الافتراضية منها وهي السابقة على أول مايو سنة 1945 أو الواقعية وهي اللاحقة لهذا التاريخ وجعل أساس هذه التفرقة المؤهل الدراسي والامتحان المهني الفني، وغاير في الوضع والمدد اللازمة للترقية والتدرج في الوظيفة والمعاملة بين العمال تبعاً للمؤهل وأداء الامتحان على تفصيل فيما إذا توافر للعامل أحدهما أو كلاهما، وأوجب أن يؤدى هذا الامتحان أمام "لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص" وناط بهذه اللجنة "تحديد وظيفة العامل ودرجته" على مقتضى النتيجة التي يسفر عنها امتحانه من حيث نوع الحرفة التي يصلح لها ودرجة مهارته الفنية فيها، وذلك عند تعيين العامل ابتداء من الخارج في وظائف الصناع التي نص عليها أو عند ترقيته من بعض هذه الوظائف إلى التي تليها، أو عند نقله إلى وظيفة أعلى أو من إحدى فئات الوظائف إلى الأخرى. وإذا كان تشكيل اللجنة الفنية المشار إليها على النحو المتقدم واختصاصها الذي أسنده إليها واضع الكادر إنما ينصرف بالأثر الحال لهذا الكادر إلى الحالات التي تجد بعد نفاذه فإن الحكمة التي يقوم عليها تطلب أداء هذا الامتحان أمام الهيئة الفنية المختصة بذلك في كل وزارة أو مصلحة لا تختلف قبل نفاذ كادر العمال عنها بعد نفاذه وهي توحيد معيار التقدير في يد هيئة رسمية فنية متعددة الأعضاء ذات تخصص مهني في الجهة الإدارية التي يجرى تعيين العامل فيها للاستيثاق من مدى قدرته وتحديد درجة كفايته وخبرته الفنية في الحرفة التي تثبت صلاحيته لها وهي العناصر التي تبنى عليها معاملته من حيث تعيين مهنته ودرجته وأجره الأمر الذي لا يتحقق بامتحان يجرى في جهة أخرى - وإن تكن رسمية - لغرض آخر، ويوزن بميزان مختلف بقدر هذا الغرض، بعيداً عن رقابة الجهة صاحبة الشأن ودون تقيد بمعاييرها أو ضوابطها أو مستوياتها الفنية، أو تحديد لدرجة الصلاحية أو مرتبة المهارة الفنية القائمة بالشخص الذي امتحن ومصداق هذا في خصوص سائقي السيارات من العمال ما أقامه كادر العمال من تباين في أسس إنصاف هؤلاء السائقين تبعاً لدخولهم الخدمة بامتحان، وعدم استثنائهم من هذا الامتحان أو إعفائهم منه ولو كانوا حاصلين على رخص للقيادة وفقاً للائحة السيارات بل افترض لزوم أدائهم إياه في الوزارة أو المصلحة التي يعينون فيها - ومن ثم فإن الترخيص لسائق السيارة من قلم المرور بالقيادة لا يقوم مقام الامتحان الذي يتطلبه كادر العمال لاعتبار العامل ممتحناً وفقاً لأحكامه الامتحان الذي تترتب عليه الآثار التي قررها لذلك، ولا سيما أن الترخيص قد يمنح - وبخاصة في الماضي - بشيء من التسامح وأنه قد تمضى بين الحصول عليه والتعيين في الوظيفة فترة من الزمن - كما هو الحال في شأن المدعي - يفقد فيها المرخص له الصلاحية للقيادة أو الدراية عليها، للعجز أو لعدم المزاولة الفعلية بما يسقط كل قيمة للإثبات الذي يمكن افتراض أن هذا الترخيص شاهد به.
ومن حيث إنه متى تبين مما سلف إيضاحه أن المدعي لم يدخل الخدمة بامتحان فإن الأساس الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه في التسوية التي أجراها والتي طبق عليه فيها أحكام كادر العمال باعتبار أنه دخل الخدمة بامتحان، هذا الأساس يكون مخالفاً للواقع وللقانون، وينبني عليه تبعاً لذلك خطأ هذه التسوية وإذ كانت الجهة الإدارية قد سوت حالة المدعي على أساس دخوله الخدمة بغير امتحان وطبقت في حقه أحكام الكادر وفقاً لذلك على الوجه الصحيح، كما يظهر من التسوية التي عاملته بها، فإنه يكون على غير حق في دعواه، ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في محله، ويتعين - والحالة هذه - إلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.