الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 سبتمبر 2023

الطعن 1618 لسنة 50 ق جلسة 25 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 245 ص 1192

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني.

------------------

(245)
الطعن رقم 1618 لسنة 50 القضائية

(1) بيع "بيع ملك الغير". خلف "الخلف العام" بطلان "بطلان التصرفات".
بيع ملك الغير. اعتباره قائماً منتجاً لآثاره إلى أن يتقرر بطلانه بناء على طلب المشتري. أثره. للمشتري مطالبة ورثة البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري - أو وارثه - وبعدم التعرض له في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه. أيلولة المبيع إلى البائع أو ورثته. مؤداه. انقلاب البيع صحيحاً في حق المشتري. م 467/ 2 مدني.
(2) بيع. إصلاح زراعي.
البيع الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. اشتراط أن يكون لواضع اليد على الأرض الزراعية المشتغل بالزراعة. اللائحة التنفيذية للقانون 100 لسنة 1964 المعدلة. لم تحظر على المشتري بيعها للغير.

----------------
1 - عقد بيع ملك الغير - إلى أن يتقرر بطلانه بناء على طلب المشتري، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبقى قائماً منتجاً لآثاره بحيث يكون للمشتري أن يطالب البائع بتنفيذ ما يترتب على العقد بمجرد انعقاده وقبل تسجيله من حقوق والتزامات شخصية، وتنتقل هذه الحقوق وتلك الالتزامات من كل من الطرفين إلى وارثه، فيلتزم وارث البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري أو إلى وارثه، كما يلتزم بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه... وهذا البيع ينقلب صحيحاً في حق - المشتري - بأيلولة ملكية المبيع إلى - البائع أو ورثته - بعد صدور العقد عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 467 من القانون المدني.
2 - لئن كانت المادة 14 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها المعدلة بقرار وزير الزراعة رقم 153 لسنة 1969 قد اشترطت صدور البيع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لواضع اليد على الأرض الزراعية المشتغل بالزراعة، إلا أن تلك اللائحة لم تحظر على المشتري بيعها للغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 346 سنة 1975 مدني أسوان الابتدائية ضد المطعون عليهما الأول والثاني بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوضع الأرض الزراعية المبينة بالأوراق تحت الحراسة القضائية وتعيين حارس قضائي عليها، وبطرد المطعون عليهما آنفي الذكر منها، وقالوا بياناً للدعوى إنهم يملكون تلك الأرض بالميراث عن المرحومة...... التي اشترها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي غير أن المطعون عليهما المذكورين اغتصابها فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. تدخلت المطعون عليها الثالثة في الدعوى طالبة الحكم برفضها لشرائها نصف الأرض محل النزاع من مورثة الطاعنين وركنت في ذلك إلى عقد مؤرخ 5/ 6/ 1971 وإيصالين أنكر الطاعنون صدورها من مورثتهم وبتاريخ 6/ 12/ 1975 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليها الثالثة وبرفض طلب الحراسة القضائية وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الثالثة أن العقد المؤرخ 5/ 6/ 1971 والإيصالين قد صدرت جميعها من مورثة الطاعنين، وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة بتاريخ 13/ 4/ 1976 برفض الدفع بالإنكار.... وبندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسوان لبيان مشتري أرض النزاع وتاريخ الشراء وكيفية سداد الثمن، كما أقام الطاعنون الدعوى رقم 622 سنة 1976 مدني أسوان الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بطردهم من ذات الأرض موضوع النزاع وأمرت المحكمة بضمها إلى الدعوى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 12/ 1977 بطرد المطعون عليه الأول من الأرض المبينة بتقرير الخبير ومساحتها 23 ط... ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية أسوان) بالاستئناف رقم 30 سنة 53 ق مدني، وبتاريخ 15/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ ذهب إلى أن بيع مورثتهم ما لا تملك إلى المطعون عليها الثالثة بالعقد المؤرخ 5/ 6/ 1971 يتقلب صحيحاً بأيلولة ملكية المبيع إليها بالتسجيل لورود عقد البيع المسجل على ذات الأرض المبيعة إليها، فضلاً عن التزام البائعة وورثتها الطاعنين قبل المطعون عليها المذكورة بضمان عدم التعرض، في حين أن الأرض موضوع العقد المؤرخ 5/ 6/ 1971 تختلف حسبما ورد بتقرير الخبير - عن تلك التي ورد عليها عقد البيع المسجل فيظل البطلان المترتب على عدم ملكية البائعة للقدر الذي باعته إلى المطعون عليها الثالثة قائماً لعدم انتقال ملكيته إليها، كما أن التسجيل لم يتم إلا بعد وفاة البائعة فانتقلت الملكية به إليهم مباشرة ولم يتلقوا عنها ميراثاً ولم يخلفوها في عقد البيع أو يلزموا قبل المطعون عليها الثالثة بضمان عدم التعرض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن عقد بيع ملك الغير - إلى أن يتقرر بطلانه بناء على طلب المشتري، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبقى قائماً منتجاً لآثاره بحيث يكون للمشتري أن يطالب البائع بتنفيذ ما يترتب على العقد بمجرد انعقاده وقبل تسجيله من حقوقه والتزامات شخصية، وتنتقل هذه الحقوق وتلك الالتزامات من كل من الطرفين إلى وارثه، فيلتزم وارث البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري أو إلى وارثه، كما يلتزم بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وإذ كان الثابت بالأوراق أن مورثة الطاعنين قد اشترت الأرض محل النزاع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي سنة 1971، وقبل أن تسجل هذا العقد باعت نصفها إلى المطعون عليها الثالثة بالعقد المؤرخ 5/ 6/ 1971، ولما سدد ورثتها الطاعنون باقي الثمن قاموا بتسجيل عقد البيع الصادر إلى مورثتهم في 16/ 5/ 1976 فانتقلت ملكية الأرض إليهم فإن عقد البيع الصادر من مورثة الطاعنين إلى المطعون عليها عن نصف الأرض محل النزاع وإن كان قد ورد في الأصل على ما لا تملك ويعتبر بيعاً باطلاً لمصلحة المطعون عليها المذكورة إلا أنه والمشترية لم تطلب الحكم بإبطاله يبقى قائماً منتجاً لجميع آثاره وتنتقل جميع الحقوق والالتزامات المترتبة عليه لكل من طرفيه إلى ورثته، ومن ثم يكون الطاعنون ملتزمين قبل المطعون عليها الثالثة ينقل ملكية القدر المبيع إليها وبعدم التعرض لها في الانتفاع به أو منازعتها فيه، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها إلى أن عقد البيع المبرم بين مورثة الطاعنين والمطعون عليها الثالثة قد ورد على ذات الأرض موضوع عقد البيع المسجل تأسيساً على أن شروطه هي ذات شروط عقد البيع المسجل وقد أقام الحكم قضاءه على ما يكفي لحمله ويؤدي إلى ما انتهى إليه في هذا الخصوص، فإن هذا البيع ينقلب صحيحاً في حق المطعون عليها الثالثة بأيلولة ملكية المبيع إلى الطاعنين بعد صدور العقد عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 467 من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه الفساد في الاستدلال، ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن عقد البيع المؤرخ 5/ 6/ 1971 يعتبر عقداً باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمخالفته أحكام القرار الوزاري رقم 153 سنة 1969 وقرار محافظة أسوان رقم 228 لسنة 1969 بتحديد مورثة الطاعنين دون سواها لنقل الملكية إليها، كما أن الحكم لصالح المطعون عليها الثالثة يعتبر تعرضاً للقرار الوزاري آنف الذكر بالإلغاء أو التعديل.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 14 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها المعدلة بقرار وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 153 لسنة 1969 وإن اشترطت صدور البيع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لواضع اليد على الأرض الزراعية المشتغل بالزراعة، إلا أن تلك اللائحة لم تحظر على المشتري بيعها للغير، ومن ثم فإن هذا النعي يكون لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 48 لسنة 54 ق جلسة 24 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 أحوال شخصية ق 242 ص 1174

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد، حسين محمد حسن ومحمد هاني محمد مصطفى.

-----------------

(242)
الطعن رقم 48 لسنة 54 القضائية "أحوال شخصية"

(1) إعلان. حكم "الطعن في الحكم". أحوال شخصية "الطعن في الحكم: المعارضة".
سريان ميعاد المعارضة. بدؤه من تاريخ العلم بتنفيذ الحكم المترتب على إعلان صورته التنفيذية. م 291، 292، 293 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. لا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بأي طريق آخر. علة ذلك.
(2) إعلان "إعلان الحكم". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
إعلان الحكم. إثباته بالبيان الوارد عنه في ورقة الإعلان. تحقق المحكمة من هذا التاريخ وجوب الرجوع فيه إلى ورقة إعلان الحكم ذاتها. الأخذ بدليل آخر في إثباته. التزام المحكمة بتحقيقه.

----------------
1 - مفاد المواد 291، 292، 293 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع قد جعل من العلم بتنفيذ الحكم المستفاد من إعلان صورته التنفيذية مبدأ لسريان ميعاد المعارضة ومن ثم فإنه لا يغني عنه علم المحكوم عليه بالحكم بأي طريق آخر وذلك لما هو مقرر من أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بأي إجراء آخر.
2 - الأصل في إثبات إعلان الحكم أن يكون بالبيان الوارد عنه في ورقة الإعلان بحيث إذا لزم الأمر أن تتحقق المحكمة في هذا التاريخ وجب عليها أن راجع إلى ورقة إعلان الحكم ذاتها فإن هي رأت الأخذ بدليل آخر في إثباته كان عليها أن تحققه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وفي حدود ما يقتضيه الفصل في الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 149 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة للحكم بإثبات طلاقه لها طلقة أولى رجعية وقال بياناً لدعواه إنه تزوجها طبقاً للطقوس الدينية لطائفة الأقباط الأرثوذكس التي كانا ينتميان إليها وإذ انضم إلى الطائفة الإنجيلية واختلف بذلك عنها طائفة بما من شأنه تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز له طلاقها بإرادته المنفردة وكان قد أوقع طلاقها بالفعل عند تحرير الصحيفة بقوله (زوجتي السيدة..... طالق وهذه أول طلقة رجعية) فقد أقام الدعوى. وفي 31/ 10/ 1971 حكمت المحكمة غيابياً بإثبات طلاقه الطاعنة بتاريخ 13/ 2/ 1971 طلقة رجعية. عارضت الطاعنة في هذا الحكم بصحيفة اختصمت فيها المطعون عليهم وقيدت بجدول المحكمة تحت رقم 261 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة وبتاريخ 2/ 5/ 1982 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أن المعارضة رفعت بعد الميعاد. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 238 للسنة 99 ق القاهرة وفي 27/ 2/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض المعارضة أقام قضاءه على أنها أعلنت بالصورة التنفيذية للحكم الغيابي المعارض فيه بتاريخ 24/ 11/ 1971 وأنها لم ترفع المعارضة إلا في 3/ 2/ 1980 بعد فوات الميعاد المقرر لذلك واستدل في ثبوت ذلك الإعلان بشهادة صادرة بتاريخ 6/ 6/ 1980 من محكمة الأزبكية الجزئية تتضمن أن الحكم المعارض فيه سلم إلى قلم محضري هذه المحكمة في 24/ 11/ 1981 للإعلان وأنه سلمه إلى المحضر وتنفذ في ذات التاريخ كما ذهب إلى القول بتوافر علمها بالحكم الغيابي مما يجرى ميعاد المعارضة في حقها معتداً في هذا الصدد بعقد تخارج بين المطعون عليهم موقع عليه منها باعتبارها شاهدة وليس بوصفها زوجة للمورث وأنها بذلك تكون قد سلمت بأنها أجنبية عنه، وذلك على الرغم من أن الشهادة المشار إليها لا تدل بذاتها على تمام إعلانه بالحكم الغيابي وإجرائه بالطرق المقررة قانوناً فلا تغني عن وجوب تحقق المحكمة من تمام الإعلان صحيحاً لشخصها أو في موطنها الأصلي باعتباره الإجراء الذي اعتد به القانون لتحديد تاريخ بدء سريان ميعاد المعارضة وفقاً لمؤدى المواد 291 و292 و293 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية هذا إلى أن علمها بالحكم لو صح استفادته من توقيعها على عقد التخارج فإنه ليس من شأنه أن ينفتح به ميعاد المعارضة وإذ تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فأغفل الحكم المطعون فيه الرد عليه ونهج على ما يخالفه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن النص في المادة 291 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن (تقبل المعارضة إلى الوقت الذي يعلم فيه المحكوم عليه بتنفيذ الحكم) وفي المادة 292 منها على أن (يعتبر المحكوم عليه عالماً بالتنفيذ بمجرد إعلان صورة الحكم التنفيذية إليه بالطرق المقررة) وفي المادة 293 منها على أن (مدة المعارضة ثلاثة أيام كاملة من تاريخ إعلان الصورة التنفيذية) مفاده أن المشرع قد جعل من العلم بتنفيذ الحكم المترتب من إعلان صورته التنفيذية مبدأ لسريان ميعاد المعارضة ومن ثم فإنه لا يغني عنه علم المحكوم عليه بالحكم بأي طريق آخر وذلك لما هو مقرر من أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بأي إجراء آخر. لما كان ذلك وكان الأصل في إثبات إعلان الحكم أن يكون بالبيان الوارد عنه في ورقة الإعلان بحيث إذا لزم الأمر أن تتحقق المحكمة في هذا التاريخ وجب عليها أن ترجع إلى ورقة إعلان الحكم ذاتها فإن هي رأت الأخذ بدليل آخر في إثباته كان عليها أن تحققه وكان الثابت بالأوراق أن المطعون عليهم لم يقدموا إلى محكمة الموضوع ورقة إعلان الطاعنة بالصورة التنفيذية من الحكم الغيابي الصادر ضدها بإثبات طلاق مورثهم لها وأن دفاع الطاعنة لدى نظر المعارضة في هذا الحكم قام على أنها لم تعلن بالدعوى ولا بالحكم الغيابي الصادر فيها وكان الحكم المطعون فيه - ومن قبله الحكم الابتدائي - إذا التفت عن هذا الدفاع قد أقام قضاءه على أن الطاعنة تقدمت بمعارضتها بعد الميعاد المقرر واستند في إثبات إعلانها بالصورة التنفيذية من هذا الحكم إلى شهادة من واقع دفتر قيد أوراق المحضرين بمحكمة الأزبكية الجزئية باستلام قلم المحضرين الحكم الغيابي وتسليمه إلى المحضر وتنفيذه في 24/ 11/ 1971 وإعادته في اليوم التالي وتسليمه إلى وكيل المحكوم له وإلى أن توقيعها على عقد تخارج بين الورثة دون الإفصاح عن كونها زوجة المورث يدل على علمها بانفصام زواجها منه قبل وفاته وكان هذا الذي تساند إليه الحكم لا يثبت به إعلان الطاعنة بالصورة التنفيذية من الحكم الغيابي المعارض فيه وإجراؤه صحيحاً بالطرق المقررة قانوناً مما كان يجب معه على المحكمة أن تتحقق من تمام الإعلان باعتباره الإجراء المعول عليه في انفتاح ميعاد الطعن بالمعارضة والذي لا يغني عنه العلم بالحكم من أي طريق آخر فإن ما خلص إليه الحكم في هذا الصدد يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني.

الطعن 68 لسنة 53 ق جلسة 24 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 أحوال شخصية ق 241 ص 1170

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة، ومرزوق فكري، حسين محمد حسن ومحمد هاني محمد مصطفى.

----------------

(241)
الطعن رقم 68 لسنة 53 القضائية (أحوال شخصية)

(1) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: تغيير الطائفة أو الملة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
تغيير الدين أو المذهب أو الطائفة. يتصل بحرية العقيدة. الشخص مطلق الإرادة ذلك طالما قد توافرت له أهلية الأداء. استخلاص هذا التغيير. من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
(2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين" تغيير الطائفة أو الملة.
اتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما. العبرة فيه هي بوقت رفع دعوى الطلاق. لا يغير من ذلك قيام نزاع بين الطرفين قبل رفع الدعوى بشأن تقرير نفقة الطاعنة. مؤدى ذلك. تغيير الطائفة أو الملة أثناء سير دعوى الطلاق لا يترتب عليه أي أثر في تحديد الشريعة الواجبة التطبيق ما لم يكن إلى الإسلام.

----------------
1 - للشخص أن يغير دينه أو مذهبه أو طائفته وهو في هذا - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - مطلق الإرادة تحقيقاً لمبدأ حرية العقيدة طالما توافرت له أهلية الأداء. واستخلاص هذا التغيير من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً له أصله الثابت من الأوراق.
2 - إن مفاد نصوص المواد 6، 7 من القانون رقم 462 لسنة 1955 و280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع قصد تطبيق أحكام الشريعة الطائفية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة وتطبيق الشريعة الإسلامية في تلك المنازعات بين غير المسلمين المختلفين طائفة وملة، وأن العبرة في اتحاد الطائفة والملة أو اختلافها هي بوقت رفع الدعوى فلا يترتب على تغيير الطائفة أو الملة أثر في تحديد الشريعة الواجبة التطبيق إذا كان حاصلاً أثناء سير الدعوى ما لم يكن إلى الإسلام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في ثبوت تغيير المطعون عليه لطائفته قبل رفع الدعوى بالشهادة الصادرة من الرئاسة الدينية لطائفة الروم الأرثوذكس بانضمامه إلى تلك الطائفة في 16/ 12/ 1980 وانتهى في قضائه إلى أن الطاعنة والمطعون عليه غير متحدي الطائفة والملة وطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة، فإن هذا من الحكم يكون استخلاصاً موضوعياً سائغاً وتطبيقاً صحيحاً للقانون، ولا ينال من صحته قيام نزاع بين الطرفين قبل رفع الدعوى بشأن تقرير نفقة للطاعنة، ويكون النعي على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 330 لسنة 1981 أحوال شخصية أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنة للحكم بإثبات طلاقه لها طلقة أولى رجعية في 13/ 1/ 1981 وقال بياناً لدعواه إنه تزوجها في 14/ 6/ 1971 طبقاً لشريعة طائفة الأقباط الأرثوذكس التي كانا ينتميان إليها وأنه قد انضم لطائفة الروم الأرثوذكس بينما ظلت هي قبطية أرثوذكسية وإذ أصبح بذلك مختلفاً طائفة عن الطاعنة مما من شأنه تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز له أن يطلقها بإرادته المنفردة وكان قد أوقع طلاقها بالفعل في 13/ 1/ 1981 بقوله زوجتي طالق مني فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 6/ 12/ 1982 بإثبات طلاق المطعون عليه للطاعنة منذ 13/ 1/ 1981. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 32 للسنة 18 ق بني سويف، وفي 25/ 5/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل النعي بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها قد أقامت على المطعون عليه دعوى نفقة ودعوى أخرى بزيادة المفروض وثالثة بطلب حبسه لامتناعه عن الإنفاق عليها فانضم على أثر ذلك إلى طائفة الروم الأرثوذكس ثم أقام ضدها دعوى إثبات الطلاق محل التداعي مما يعتبر معه تغيير الطائفة حاصلاً أثناء سير الدعوى بالمفهوم الواسع قانوناً لتمامه خلال الفترة بين دعاوى مرتبطة هذا إلى ما يدل عليه تغيير الطائفة على هذا النحو من قصد الغش والتحايل على القانون فيكون معدوم الأثر، وإذ تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وطلبت اطلاع المحكمة على اللائحة المنظمة للأحوال الشخصية للطائفة التي انضم إليها المطعون عليه للتحقق من عدم جدية هذا الانضمام فالتفت الحكم عن ذلك وطبق أحكام الشريعة الإسلامية على الدعوى باعتبار طرفيها مختلفي الطائفة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور.
وحيث إن النعي مردود بأن للشخص أن يغير دينه أو مذهبه أو طائفته وهو في هذا - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - مطلق الإرادة تحقيقاً لمبدأ حرية العقيدة طالما توافرت له أهلية الأداء. واستخلاص هذا التغيير من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً له أصله الثابت من الأوراق، كما أن مفاد نصوص المواد 6، 7 من القانون رقم 462 لسنة 1955 و280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع قصد تطبيق أحكام الشريعة الطائفية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة وتطبيق الشريعة الإسلامية في تلك المنازعات بين غير المسلمين المختلفين طائفة وملة، وأن العبرة في اتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما هي بوقت رفع الدعوى فلا يترتب على تغيير الطائفة أو الملة أثر في تحديد الشريعة الواجبة التطبيق إذا كان حاصلاً أثناء سير الدعوى ما لم يكن إلى الإسلام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في ثبوت تغيير المطعون عليه لطائفته قبل رفع الدعوى بالشهادة الصادرة من الرئاسة الدينية لطائفة الروم الأرثوذكس بانضمامه إلى تلك الطائفة في 16/ 12/ 1980 وانتهى في قضائه إلى أن الطاعنة والمطعون عليه غير متحدي الطائفة والملة وطبق في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة، فإن هذا من الحكم يكون استخلاصاً موضوعياً سائغاً وتطبيقاً صحيحاً للقانون، ولا ينال من صحته قيام نزاع بين الطرفين قبل رفع الدعوى بشأن تقرير نفقة للطاعنة، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1538 لسنة 50 ق جلسة 23 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 240 ص 1167

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.

------------------

(240)
الطعن رقم 1538 لسنة 50 القضائية

أعمال تجارية.
جواز قبول البيانات المقيدة في الدفاتر التجارية كدليل فيما ينشأ من منازعات بين التجار عن أعمالهم التجارية، وعدم جواز تجزئة ما يرد في هذه الدفاتر منتظمة. الشروط اللازمة لاعتبار الدفاتر منتظمة. م 5، 6 ق 388 لسنة 1953. لا يدخل في هذه الشروط أن يتضمن الدفتر بياناً لكيفية تدرج الحساب في الدفاتر السابقة عليه.

----------------
مؤدى نصوص المادة الأولى من القانون رقم 388 لسنة 1953 في شأن الدفاتر التجارية والمادة 17 من قانون التجارة والمادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 388 لسنة 1953 مجتمعة أن الدفاتر التجارية المنتظمة هي الدفاتر التي تتوافر في مسكها الشروط المبينة في المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 338 لسنة 1953، وأن هذه الدفاتر المنتظمة هي مناط جواز قبول البيانات المقيدة فيها كدليل فيما ينشأ من منازعات بين التجار عن أعمالهم التجارية، وهي أيضاً مناط قاعدة عدم جواز تجزئة ما يرد في هذه الدفاتر من بيانات، والشروط المشار إليها لم تستوجب لاعتبار الدفتر منتظماً أن يتضمن بياناً لكيفية تدرج الحساب في الدفاتر السابقة عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 254 لسنة 1978 تجاري كلي جنوب القاهرة على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 556 ج و556 م تأسيساً على أن الشركة الأخيرة توقفت عن الوفاء لها بقيمة منتجاتها التي تقوم بتوريدها لها بموجب عقد شفوي، وقد بلغ رصيدها المدين ابتداءاً من 16/ 4/ 1975 المبلغ المطالب به. ومحكمة أول درجة ندبت في 26/ 12/ 1978 خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها، وبعد أن قدم الخبير تقريره وطلبت الشركة المطعون ضدها إلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي لها مبلغ 487 ج و36 م قضت في 4/ 12/ 1979 برفض الدعويين. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 46 سنة 97 ق القاهرة، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 44 لسنة 97 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 27/ 4/ 1980 في استئناف الشركة الطاعنة بتأييد الحكم المستأنف وفي استئناف الشركة المطعون ضدها بطلباتها، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشكر الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وبياناً لذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعوها وإجابة الشركة المطعون ضدها إلى طلبها العارض على تجزئة ما ورد من بيانات في دفاترها رغم انتظامها وخضوعها لإشراف جهات رقابية متعددة إذا استبعد ما تضمنته عن مديونية الشركة المذكورة لها بمبلغ 1043 ج و962 م حتى 31/ 12/ 1972 واعتمد ما أثبت بها من دائنية تلك الشركة بالمبلغ المحكوم به أخذاً بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، وذلك بالمخالفة لنص المادة 17 من قانون الإثبات التي لا تجيز مثل هذه التجزئة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الشارع قد أوجب في المادة الأولى من القانون رقم 388 لسنة 1953 في شأن الدفاتر التجارية "على كل تاجر أن يمسك الدفاتر التجارية التي تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي بالدقة وما له وما عليه من الديون المتعلقة بتجارته" وأخضع مسك الدفاتر المشار إليها لأحكام خاصة نصت عليها المادتان الخامسة والسادسة منه واستهدف من هذه الأحكام كفالة انتظامها وضمان صحة ما يرد فيها من بيانات، وخلع على الدفاتر المنظمة طبقاً لهذه الأحكام حجية معينة في الإثبات إذ نص في المادة 17 من قانون التجارة على أنه "يجوز للقضاة قبول الدفاتر التجارية لأجل الإثبات في دعاوى التجار المتعلقة بمواد تجارية إذا كانت تلك الدفاتر مستوفية للشروط المقررة قانوناً"، كما نص في الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الإثبات على أنه "إذا كانت هذه الدفاتر منتظمة، فلا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد منه ما كان مناقضاً لدعواه" وكان مؤدى هذه النصوص مجتمعة أن الدفاتر التجارية المنتظمة هي الدفاتر التي تتوافر في مسكها الشروط المبينة في المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 388 لسنة 1953 وأن هذه الدفاتر المنتظمة هي مناط جواز قبول البيانات المقيدة فيها كدليل فيما ينشأ من منازعات بين التجار عن أعمالهم التجارية، وهي أيضاً مناط قاعدة عدم جواز تجزئة ما يرد في هذه الدفاتر من بيانات، وإذ كانت الشروط المشار إليها لم تستوجب لاعتبار الدفتر منتظماً أن يتضمن بياناً لكيفية تدرج الحساب في الدفاتر السابقة عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على تجزئة ما ورد بدفتر الشركة الطاعنة إذا استخلص منه مديونيتهما للشركة المطعون ضدها بمبلغ 487 ج و036 م واستبعد ما ورد به من مديونية الشركة الأخيرة للشركة الطاعنة بمبلغ 1043 ج و692 م، واعتمد في هذه التجزئة على ما تضمنه تقرير الخبير من أن هذا الدفتر خلا من بيان كيفية تدرج الدين في الدفاتر السابقة عليه - وهو ما لا ينال من انقطاعه قانوناً - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.

الطعن 43 لسنة 46 ق جلسة 23 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 239 ص 1161

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.

-----------------

(239)
الطعن رقم 43 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع "مسائل الواقع". عقد "تفسير العقود".
تفسير العقود. من سلطة محكمة الموضوع. لا رقابة عليها لمحكمة النقض متى كان تفسيرها ما تحتمله عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها.
(2) نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي". حكم "تسبيب الحكم".
انتهاء الحكم سائغاً إلى عدم مسئولية الجمعية المطعون ضدها عن قيمة الشيك والسندات الإذنية موضوع النزاع لصدورها من مدير الجمعية عن شخصه وبعيداً عن صفته. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي في تقدير الأدلة. عدم جوازه أمام محكمة النقض.
(3) شركات "تصفية". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
قيام المصفى بحصر الديون المطالب بها وإدراجها في كشوف التصفية لتخصيص مقابل للوفاء بها عند قبولها. لا يعد إقراراً بها أو أنها خالية من النزاع. استعداد الغير للوفاء بجزء من الدين. لا يعد دليلاً على صحة هذا الدين.

----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفسير العقود للتعرف على مقصود عاقديها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها.
2 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم مسئولية الجمعية عن قيمة الشيك والسندات الإذنية - موضوع النزاع - على ما خلص إليه في مدوناته من "أن البنك هو أقدم على تسوية صورية مريبة كشف عنها الخبير في تقريره قوامها مبلغ 11891 ج و511 م بموجب الكمبيالات الست والشيك السالف الإشارة إليه، وكان هذا الدين سابقاً على عقد فتح الاعتماد المطروح النزاع بشأنه على المحكمة وكانت هذه السندات الإذنية والشيك تحمل توقيع...... فقط دون كشف عن صفة له أو بيان لمن يمثله في أمر هذا الدين وفي الساعات السابقة على عقد الاتفاق بالنسبة للسندات الإذنية وفي ذات يوم توقيعها بالنسبة للشيك فأدرجها في حساب الدائن بالنسبة للجمعية قبل عقد الاتفاق وأدرجها في حساب المدين في الجمعية بعد سريان عقد الاتفاق أي أنها حملت الاتفاق المذكور ديوناً للبنك بموجب السندات الإذنية والشيك الصادر من.... هذا بشخصه بعيداً عن صفته.... ومؤدى هذه الحقيقة وجوب استنزال هذه المبلغ من جانب المديونية بالنسبة للجمعية التعاونية المنزلية والبنك وشأنه في اقتضائها من المدين بها" وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
3 - أن قيام المصفي بحصر الديون المطالب بها وإدراجها في كشوف التصفية تمهيداً لتخصيص مقابل للوفاء بها عند ثبوتها لا يعني إقراره بها أو أنها خالية من النزاع كما أن استعداد الغير للوفاء بجزء من أحد هذه الديون لا يعد دليلاً على صحة هذا الدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى رقم 155 لسنة 1963 تجاري كلي القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزام أولهم بصفته مصفياً والباقين بصفتهم ضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 102725 ج و375 م والفوائد بواقع 7% ابتداء من 1/ 6/ 1962 وبياناً لذلك قال أنه بموجب عقد تاريخه 15/ 6/ 1959 فتح البنك...... الذي آل إليه اعتماداً لديه بحساب جار لصالح الجمعية التعاونية المنزلية بمحافظة الإسماعيلية في حدود مبلغ عشرة آلاف ووقع عليه المطعون ضدهما الثاني والثالث والمرحومين..... و.... بصفتهم ممثلين للجمعية المذكورة وضامنين متضامنين، وإذ أقفل الحساب في 31/ 5/ 1962 عن رصيد مدين قدره 10272 ج 375 م وامتنع هؤلاء عن سداده فقد أقام البنك دعواه بطلباته السابقة وبتاريخ 26/ 2/ 1967 ندبت محكمة أول درجة خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن قدم الخبير تقريره وأعيد إليه لمباشرتها في مواجهة المطعون ضدهم وقدم تقريره الثاني حكمت في 16/ 12/ 1973 برفض الدعوى، استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 22/ 11/ 1975 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأوجه الأول والثاني والثالث من السبب الأول منهما أن الطاعن تمسك في دفاعه بصفة المطعون ضده الثالث في تمثيل الجمعية وفي السحب الجاري لديه لأن هذا الحساب ليس حساباً جديداً ناتجاً عن قد فتح الاعتماد المؤرخ 15/ 6/ 1959 وإنما هو حساب قديم مستمر ناشئ عن عقود اعتماد أخرى متلاحقة وسابقة على العقد المذكور أولها العقد المؤرخ 1/ 10/ 1950 وإذ نص في هذا العقد على صفة مدير الجمعية في تمثيلها وفي السحب من حسابها الجاري لديه فإن هذه الصفة تظل لاصقة بالحساب حتى إقفاله وإن لم يرد لها ذكر في باقي عقود الاعتماد الأخرى وإلا كان على الجمعية أن تخطره بما يخالف ذلك وإذ لم تفعل وجب أن تتحمل مسئولية تجاوز تابعها المذكور في السحب وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع فأخطأ بذلك في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفسير العقود للتعرف على مقصود عاقديها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن عرض لعقود فتح الاعتماد المبرمة بين البنك والجمعية خلص إلى أن عقد فتح الاعتماد المؤرخ 15/ 6/ 1959 ليس امتداداً للعقود أو للحسابات السابقة عليه بل هو عقد مستقل عنها ومنبت الصلة بها وكان هذا الذي خلص إليه سائغاً ومما تحتمله عبارات العقد ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعن المشار إليه، فإن ما يثيره الطاعن من أحد هذا العقد كان امتداداً لعقود فتح الاعتماد السابقة عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الأول أن الحكم استخلص من إنشاء الشيك والسندات الإذنية محل النزاع قبل تاريخ عقد فتح الاعتماد المؤرخ 15/ 6/ 1959 والتي تم خصم قيمتها من الحساب الجاري الناتج عن هذا الاعتماد أن هذه الأوراق صورية وهو استخلاص فاسد من الحكم يعيبه بالقصور في التسبيب ذلك أنه لا يوجد في العرف المصرفي ما يمنع من خصم مثل هذه الأوراق من حساب جار متى استحقت في ظله وكان ذلك الحساب امتداداً للحساب القائم وقت تحريرها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم مسئولية الجمعية عن قيمة الشيك والسندات الإذنية موضوع النزاع على ما خلص إليه في مدوناته من "أن البنك هو أقدم على تسوية صورية مريبة كشف عنها الخبير في تقريره قوامها مبلغ 11891 ج و511 م بموجب الكمبيالات الست والشيك السالف الإشارة إليه، وكان هذا الدين سابقاً على عقد فتح الاعتماد المطروح النزاع بشأنه على المحكمة وكانت هذه السندات الإذنية والشيك تحمل توقيع علي سليمان فقط دون كشف عن صفة له أو بيان لمن يمثله في أمر هذا الدين وفي الساعات السابقة على عقد الاتفاق بالنسبة للسندات الإذنية وفي ذات يوم توقيعها بالنسبة للشيك فأدرجها في حساب الدائن بالنسبة للجمعية قبل عقد الاتفاق وأدرجها في حساب المدين بعد سريان عقد الاتفاق أي أنها حملت الاتفاق المذكور ديوناً للبنك بموجب السندات الإذنية والشيك الصادر من..... هذا لشخصه بعيداً عن صفته.... ومؤدى هذه الحقيقة وجوب استنزال هذا المبلغ من جانب المديونية بالنسبة للجمعية التعاونية المنزلية والبنك وشأنه في اقتضائها من المدين بها". وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول بصفته مصفياً للجمعية أقر بدينه عند إعداد كشوف التصفية كما أن محافظة الإسماعيلية عرضت عليه الوفاء بمبلغ ألفي جنيه خصماً من هذا الدين وقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع والمستندات المؤيدة له.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن قيام المصفي بحصر الديون المطالب بها وإدراجها في كشوف التصفية تمهيداً لتخصيص مقابل للوفاء بها عند ثبوتها لا يعني إقراره بها أو أنها خالية من النزاع كما أن استعداد الغير للوفاء بجزء من أحد هذه الديون لا يعد دليلاً على صحة هذا الدين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول قد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله، فلا عليه إذ التفت عما ذهب إليه الطاعن من التمسك بإقرار المصفي بالدين في كشوف التصفية واستعداد محافظة الإسماعيلية للوفاء بجزء منه ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 699 لسنة 50 ق جلسة 23 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 238 ص 1158

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.

----------------

(238)
الطعن رقم 699 لسنة 50 القضائية

شركات. تقادم "التقادم المسقط" دعوى "سقوط الخصومة".
حق كل شريك في شركة التضامن أو التوصية في رفع دعوى بطلان عقد الشركة لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر. عدم سقوط الدعوى ببطلان الشركة لهذا السبب بالتقادم. علة ذلك.

--------------
النص في المادتين 48، 49 من قانون التجارة على إجراءات الشهر والنشر الواجب اتخاذها بالنسبة لشركات التضامن والتوصية، وفي المادة 51 على أنه إذا لم تستوف هذه الإجراءات كانت الشركة باطلة، وفي المادة 52 على أن يزول هذا البطلان إذا تم النشر والشهر قبل طلب الحكم به، وفي المادة 53 على أنه لا يجوز للشركاء أن يحتجوا بهذا البطلان على غيرهم وإنما لهم الاحتجاج به على بعضهم بعضا، يدل على أن لكل شريك في شركة التضامن أو التوصية الحق في أن يطلب بطلان الشركة في مواجهة باقي الشركاء لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر حتى لا يبقى في شركة مهددة بالانقضاء في أي وقت قبل الأجل المحدد لذلك بعقد تكوينها، كما أن للغير في أي وقت أن يتمسك ببطلان الشركة في مواجهة الشركاء لإهمالهم اتخاذ تلك الإجراءات وإذ كان المطلوب في دعوى البطلان لهذا السبب سواء رفعت من أحد الشركاء أو من الغير، هو تقرير بطلان العقد لعدم استيفاء الإجراءات المشار إليها، وهو حقيقة قائمة مستمرة لم تنقطع حتى يبدأ التقادم بالنسبة إليها وليس من شأن التقادم أن يؤثر فيها مهما طال عليها الزمن، فإن الدعوى ببطلان الشركة لهذا السبب لا تسقط بالتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2375 لسنة 1977 تجاري كلي قنا على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان عقد شركة التضامن المبرم بينه وبين مورثهم في 1/ 4/ 1960 وتصفيتها لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر المنصوص عليها في المادتين 48، 49 من قانون التجارة، ولسابقة إخطاره لهم برغبته في إنهاء تلك الشركة طبقاً لبنود العقد لوجود نزاع بين الطرفين، ومحكمة أول درجة قضت في 27/ 3/ 1978 برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 33 لسنة 53 ق أمام محكمة استئناف أسيوط التي قضت في 22/ 1/ 1980 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وبياناً لذلك يقول إن الحكم رفض طلب بطلان عقد الشركة لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر، تأسيساً على سقوط الحق فيه بمضي المدة الطويلة في حين أن هذا الحق لا يسقط بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادتين 48، 49 من قانون التجارة على إجراءات الشهر والنشر الواجب اتخاذها بالنسبة لشركات التضامن والتوصية وفي المادة 51 على أنه إذا لم تستوف هذه الإجراءات كانت الشركة باطلة، وفي المادة 52 على أن يزول هذا البطلان إذا تم النشر والشهر قبل طلب الحكم به، وفي المادة 53 على أنه لا يجوز للشركاء أن يحتجوا بهذا البطلان على غيرهم وإنما لهم الاحتجاج به على بعضهم بعضا، يدل على أن لكل شريك في شركة التضامن أو التوصية الحق في أن يطلب بطلان الشركة في مواجهة باقي الشركاء لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر حتى لا يبقى في شركة مهددة بالانقضاء في أي وقت قبل الأجل المحدد لذلك بعقد تكوينها، كما أن للغير في أي وقت أن يتمسك ببطلان الشركة في مواجهة الشركات لإهمالهم اتخاذ تلك الإجراءات وإذ كان المطلوب في دعوى البطلان لهذا السبب، سواء رفعت من أحد الشركاء أو من الغير، هو تقرير بطلان العقد لعدم استيفاء الإجراءات المشار إليها، وهو حقيقة قائمة مستمرة لم تنقطع حتى يبدأ التقادم بالنسبة إليها، وليس من شأن التقادم أن يؤثر فيها مهما طال عليها الزمان - فإن الدعوى ببطلان الشركة لهذا السبب لا تسقط بالتقادم، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.

الطعن 1034 لسنة 49 ق جلسة 22 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 237 ص 1150

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم أحمد بركة نائب رئيس المحكمة، والدكتور. علي فاضل حسن، طلعت أمين صادق ومحمد عبد القادر سمير.

----------------

(237)
الطعن رقم 1034 لسنة 49 القضائية

(1 - 2 - 3) عمل "العاملون بشركات القطاع العام" "أجر: ملحقات الأجر، عمولة البيع: حوافز الإنتاج: قيمة الحوافز.
(1) عمولة البيع من ملحقات الأجر غير الدائمة. عدم استحقاق العامل لها إلا إذا تحقق سببهما. علة ذلك.
(2) حوافز الإنتاج. اختصاص مجلس إدارة الشركة بوضع النظام الخاص بها. القانون 61 لسنة 1971.
(3) مجموع البدلات والحوافز ومكافآت الإنتاج، عدم تجاوزها 100% من الأجر الأساسي للعامل. الاستثناء. حالة عدم تقاضي العامل أجراً. علة ذلك. المادة 75 من القانون 61 لسنة 1971.
(4 - 5) عمل "بدلات: بدل الانتقال". حكم "تسبيب حكم".
(4) بدل الانتقال، اعتباره جزءاً من الأجر متى كان لقاء طاقة يبذلها العامل. أثر ذلك. ارتباطه بظروف تقريره. إعطاؤه للعامل عوضاً عن نفقات يتكبدها. مؤداه. عدم اعتباره جزءاً من الأجر.
(5) عدم التزام محكمة الموضوع بتتبع الخصوم في مناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً، حسبها أن تقيم قضائها على ما يكفي لحمله.

-----------------
1 - لما كانت العمولة هي الأجر الذي يعطى للطوافين والمندوبين والجوابين والممثلين التجاريين، ويدفع عادة على شكل نسبة مئوية من الصفات التي يحصلون عليها وقد تضاف العمولة إلى أجر ثابت يتقاضاه العامل، وتعتبر ملحقة به وليست لها صفة الثبات والاستقرار فهي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل ولا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو البيع الفعلي، وقد لا يتناول العامل أجراً سواها فتكون هي الأجر الوحيد له.
2 - مؤدى نص المادتين 22 و75 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - والمطبق على واقعة النزاع - يدل على أن المشرع جعل مجلس إدارة شركة القطاع العام هو وحده المختص بوضع النظام الخاص بحوافز الإنتاج بما له من سلطة تنظيم المنشأة بحسب ظروف العمل فيها، ويتعين إعمال أحكامه باعتباره جزءاً متمماً لأحكام القانون.
3 - لما كانت الفقرة الأولى من المادة 75 من القرار بقانون 61 لسنة 1971 قد أوجبت عدم زيادة مجموع البدلات والحوافز ومكافآت الإنتاج التي يحصل عليها العامل طبقاً للنظام الذي يضعه مجلس الإدارة في هذا الخصوص على نسبة مائة في المائة من الأجر الأساسي للعامل، وذلك باعتبار أن العامل في هذه الحالة يتقاضى أجراً ثابتاً، وتكون هذه الحوافز من ملحقات الأجر ولا تتحقق إلا بتحقق سببها، إلا أن الفقرة الثانية من المادة المذكورة قد تناولت حالة ما إذا كان العامل لا يتناول أجراً سوى النسبة المئوية عما يحققه من عمله بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة، فإنه يتقاضى في هذه الحالة الحوافز جميعها مهما بلغت قيمتها لأنها إنما تمثل أجره المتعاقد عليه عن النسبة المئوية للصفقات التي يحققها.
4 - لما كانت من المقرر أن بدل الانتقال إما أن يعطى إلى العامل عوضاً له عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله، وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءاً من الأجر ولا يتبعه في حكمه، وإما أن يعطى له لقاء طاقة يبذلها وفي هذه الحالة يعتبر جزءاً من الأجر مرهوناً بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق بوجودها وينقطع بزوالها.
5 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف مناحي أقوالهم وحججهم بالرد استقلالاً على كل حجة أو قول يثيرونه وحسبها أن تقيم حكمها على أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 46 سنة 1975 عمال كلي شمال القاهرة على المطعون ضدها - شركة.... - بطلب الحكم بأحقيته في صرف عمولة بواقع 0.3% من إجمالي مبيعات معرض الشركة من تاريخ ندبه مديراً له في 10/ 9/ 1971 وأحقيته في أربعين قرشاً يومياً بدل انتقال ثابت من تاريخ وقف صرفه له من إبريل سنة 1974، والفروق المالية والفوائد القانونية، وقال بياناً للدعوى إنه كان يعمل بإدارة معرض منتجات المطعون ضدها، ولما نقلته إلى عمل آخر أضافت إلى أجره متوسط العمولة بنسبة 0.2%، ثم أنها أصدرت قرارات في 10/ 9/ 1970 بندبه مديراً لإدارة المعرض دون صرف أية عمولة، ولما كان مدير المعرض يتقاضى نسبة 0.5% عمولة على مجموعة المبيعات إعمالاً لقرار المطعون ضدها الصادر في 3/ 5/ 1963، فإنه يستحق فرق عمولة قدره 0.4%، كما أنه كان يتقاضى بدل انتقال ثابت قدره أربعون قرشاً يومياً حرمته منه المشعون ضدها بغير حق وذلك منذ انتخابه في إبريل سنة 1974 عضواً بمجلس الإدارة رغم استحقاقه له باعتبار أنه جزء من أجره، ومن ثم أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 27/ 1/ 1978 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد أمامها برقم 602 سنة 95 ق. وفي 24/ 3/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم قضى برفض طلبه زيادة العمولة من نسبة 0.3% التي يتقاضاها إلى نسبة 0.5% من المبيعات التي حددتها المطعون ضدها لمن يشغل وظيفة مدير معرض المبيعات قولاً من الحكم بأن المادة 75 من القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 قد أوجبت عدم تجاوز مجموع العلاوات والحوافز ومكافآت الإنتاج نسبة مائة في المائة من الأجر الأساسي للعامل وأن نسبة 0.3% من المبيعات التي يصرفها الطاعن يتحقق بها هذا الشرط، في حين أن الفقرة الثانية من المادة المذكورة نصت على استثناء العامل الذي يعمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة من هذه النسبة التي قررها القانون وأنه غير صحيح أن هذا الاستثناء خاص بالعمال الذين تتحدد أجورهم بالعمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة دون هؤلاء الذين يعملون بالأجر ذلك أن هذا النعي لم يخصص العاملين بالأجر فقط.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن العمولة هي الأجر الذي يعطى للطوافين والمندوبين والجوابين والممثلين التجاريين، ويدفع عادة على شكل نسبة مئوية من الصفات التي يحصلون عليها وقد تضاف العمولة إلى أجر ثابت يتقاضاه العامل، وتعتبر ملحقة به وليست لها صفة الثبات والاستقرار فهي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل ولا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو البيع الفعلي وقد لا يتناول العامل أجراً سواها فتكون هي الأجر الوحيد له، لما كان ذلك وكان النص في المادة 22 من القرار رقم 61 لسنة 1971 - بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - والمطبق على واقعة النزاع - على أن "يضع مجلس الإدارة نظاماً للحوافز يراعى فيه الوضوح وسهولة التطبيق ويجوز لمجلس الإدارة وضع نظام للعمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة" والنص في المادة 75 على أن: - "يجب ألا يتجاوز مجموع البدلات والحوافز ومكافآت الإنتاج المنصوص عليها في المواد 20، 21، 22 من هذا النظام نسبة مائة في المائة من الأجر الأساسي للعامل. ولا يدخل ما يحصل عليه العامل نظير العمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة في نطاق النسبة المشار إليها في هذه المادة" يدل على أن المشرع جعل مجلس إدارة شركة القطاع العام هو وحده المختص بوضع النظام الخاص بحوافز الإنتاج بما له من سلطة تنظيم المنشأة بحسب ظروف العمل فيها، ويتعين إعمال أحكامه باعتباره جزءاً متمماً لأحكام القانون، وقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة 75 من القرار بقانون المشار إليه عدم زيادة مجموع البدلات والحوافز ومكافآت الإنتاج التي يحصل عليها العامل طبقاً للنظام الذي يضعه مجلس الإدارة في هذا الخصوص على نسبة مائة في المائة من الأجر الأساسي للعامل وذلك باعتبار أن العامل في هذه الحالة يتقاضى أجراً ثابتاً، وتكون هذه الحوافز من ملحقات الأجر ولا تتحقق إلا بتحقق سببها، أما النص في الفقرة الثانية من المادة المذكورة فقد تناول حالة ما إذا كان العامل لا يتناول أجراً سوى النسبة المئوية عما يحققه من عمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة، فإنه يتقاضى في هذه الحالة الحوافز جميعها مهما بلغت قيمتها لأنها إنما تمثل أجره المتعاقد عليه عن النسبة المئوية للصفقات التي يحققها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وبني قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى الطاعن على أن "ثبت من تقرير الخبير من اطلاعه على ملف خدمة المستأنف - الطاعن - أن متوسط العمولة بواقع 0.2% الذي أضيف إلى أجره الأصلي وأصبح جزءاً لا يتجزأ منه قد بلغ قدراً مساوياً لأجره الأصلي وأن المادة 75/ 1 من القانون 61 لسنة 1971 تمنع تجاوز مجموع البدلات والحوافز ومكافآت الإنتاج بنسبة 100% من ذلك الأجر، ولا محل للتحدي بأن الفقرة الثانية من تلك المادة قد نصت صراحة على أن لا يدخل ما يحصل عليه العامل نظير العمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة في نطاق النسبة المشار إليها في هذه المادة، ذلك أن هذه الفقرة الثانية تقصد العمال الذين تحدد أجورهم طبقاً لما يصنعون من قطع أو ما ينتجون من منتجات المنشأة أو ما يعترفونه منها وليس لهم حق في أي قدر ثابت كجزء من مستحقاتهم في الأجر، وعلى ذلك فلا ينطبق حكم هذه الفقرة على المستأنف - الطاعن - الذي ثبت من بحث الخبير المنتدب أنه كان يشغل عند ندبه في 17/ 9/ 1970 للعمل بالمعرض الفئة المالية الخامسة ومرتبها الأساسي هو 35 جنيهاً وكان قد أضيف إلى هذا المرتب مبلغ 055 م و34 ج وهو ما يقارب نسبة 100% من الأجر الأساسي للفئة الخامسة التي كان يشغلها وذلك من متوسط العمولة التي كان يتقاضاها بواقع 0.2% عندما كان يعمل بالمعرض في فترة سابقة، فأصبح ولا حق له في أن يطلب زيادة في نصيبه في العمولة وإلا تجاوز نسبة 100% التي يتعين أن لا يتجاوزها طبقاً للفقرة الأولى من المادة المذكورة "وهو من الحكم صحيح في القانون فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول والثاني والشق الأول من السبب الخامس والسبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وإغفال المستندات ويقول في بيان ذلك أن العمولة المقررة للعامل جزء من الأجر ولا يجوز المساس بها أو انتقاصها من جانب المطعون ضدها والتي أصدرت قرارات بتحديد نسبة 0.5% عمولة من جملة مبيعات معرضها مديراً له، كما أنه قد صدر حكم سابق لمن شغل هذا المنصب بأن يتقاضى النسبة المذكورة، ومن ثم فإنه كان يتعين تقرير حق الطاعن في صرف ذات النسبة مادام قد شغل المنصب المذكور، ولا يجوز للمطعون ضدها أن تنتقص من حقه وتصرف له نسبة مقدارها 0.2% مما كان يتعين معه القضاء بطلبه صرف العمولة بنسبة 0.5% كاملة دون نقص فيها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه صحيحاً - وعلى ما سبق بيانه في الرد على السبب الثالث - على أنه لا يجوز أن يزيد مجموع البدلات والعمولة ومكافآت الإنتاج التي يتقاضاها الطاعن عن نسبة مائة في المائة من الأجر الأساسي للطاعن، وأن الثابت أن أجره الذي يتقاضاه هو 35 ج شهرياً، وأن متوسط العمولة التي أضيفت إلى هذا الأجر بنسبة 0.2% قد ساوت ذات الأجر مما لا يصح معه طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام أن يصرف الطاعن أي نسبة أخرى من العمولة، لما كان ذلك فإن النعي بهذه الأسباب مجتمعة يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع والشق الثاني من السبب الخامس وبالسبب السادس على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وعابه القصور في التسبيب، وقال بياناً لذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن بدل الانتقال المطالب به جزء من الأجر لا يجوز المساس به أو انتقاصه، وأن المطعون ضدها أفادت اللجنة المشكلة بفحص شكاوى العاملين عن مطالبتهم بهذا البدل نظير انتقالهم إلى محال أعمالهم بأحقيتهم في تقاضيه، كما أنه سبق أن صرفت له هذا البدل وذلك في المدة من شهر ديسمبر سنة 1976 حتى شهر مارس سنة 1978، إلا أن الحكم لم يعن بالرد على ما أثاره في هذا الخصوص مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان من المقرر أن بدل الانتقال إما أن يعطى إلى العامل عوضاً له عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله، وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءاً من الأجر ولا يتبعه في حكمه، وإما أن يعطى له لقاء طاقة يبذلها وفي هذه الحالة يعتبر جزءاً من الأجر مرهوناً بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق لوجودها وينقطع بزوالها، وإذ كان ذلك وكان واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن بدل الانتقال الذي كان يصرف للطاعن إنما كان مقابل ما يتكبده من مصاريف فعلية يتحملها حين انتقاله إلى عمله في الوقت الذي كان فيه أداء العمل على فترتين، وأن المطعون ضدها قد قررت إلغاء هذا البدل لما أصبح العمل فترة واحدة متصلة، وكان الحكم قد خلص من ذلك إلى أن بدل الانتقال الذي يطالب به الطاعن لم يكن لقاء جهد إضافي يلزم ببذله، ورتب على ذلك عدم اعتباره بدل الانتقال جزءاً من الأجر، وإنما كان لقاء انتقاله للعمل مرة إضافية قد تم إلغاؤها، وانتهى صحيحاً وبأسباب سائغة إلى رفض دعوى الطاعن، لما كان ذلك وكان صرف الطاعن بدل انتقال في مدة معينة لا يترتب عليه استحقاقه له في المدة المطالب بها ما دام قد انتفى السبب الموجب له، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف مناحي أقوالهم وحججهم بالرد استقلالاً على كل حجة أو قول يثيرونه وحسبها أن تقيم حكمها على أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 467 لسنة 5 ق جلسة 27 / 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 136 ص 1623

جلسة 27 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-----------------

(136)

القضية رقم 467 لسنة 5 القضائية

(أ) مرض عقلي 

- حجز المصاب به - تقرير قيام سببه - مسألة فنية موضوعية متروكة لتقدير مجلس مراقبة الأمراض العقلية - سلطة القضاء الإداري في التعقيب على ذلك والتحقق منه - أساسها ومجال استعمالها.
(ب) اختصاص القضاء الإداري 

- دعوى تهيئة دليل يقوم في نزاع مستقبل - اختصاص القضاء الإداري بنظرها منوط بأن يكون النزاع المستقبل مما يدخل في ولايته الكاملة لا في ولاية الإلغاء.

---------------
1 - لئن كانت سلطة مجلس مراقبة الأمراض العقلية، مشكلاً على النحو المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 141 لسنة 1944 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية، في تقرير ما إذا كان شخص مصاباً بمرض عقلي أم لا، هي في الأصل سلطة تقديرية باعتبارها من الأمور الفنية ذات التقدير الموضوعي، بحيث ما كان يجوز التعقيب عليها إلا عند إساءة استعمال السلطة، إلا أنه لما كان الأمر يتعلق بالحرية الشخصية فإنه يجوز للقضاء الإداري، من حيث المبدأ، اتخاذ ما يلزم للتحقق من ذلك إذا قدم إليه طلب الإلغاء، وليس قبل ذلك بدعوى إثبات حالة استقلالاً.
2 - إن اختصاص القضاء الإداري هو اختصاص محدد، وينحصر بالنسبة لقضاء الإلغاء فيما حدده القانون بالذات وعلى سبيل الحصر من القرارات الإدارية المعينة، دون أن يمتد في هذا الخصوص إلى دعاوى تهيئة الدليل التي أجيزت استثناء في مجال القانون الخاص، وتجوز كذلك في القضاء الكامل في مجال القضاء الإداري.


إجراءات الطعن

في 7 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الأولى) بجلسة 6 من يناير سنة 1959 في الدعويين رقمي 601 و1119 لسنة 11 ق المرفوعتين من السيد روبير جبران منصور ضد السيد رئيس مجلس مراقبة الأمراض العقلية وآخر، والقاضي "برفض الدعويين، وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة بعريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بصفة مستعجلة بندب أخصائي في الأمراض العقلية والنفسية لفحص حالة ريمون جبران منصور، وتقديم تقرير عن حالته، وهذا قبل الفصل في دعوى الإلغاء، مع إرجاء الفصل في المصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 21 من إبريل سنة 1959، وإلى الخصم في 27 منه، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9 من مايو سنة 1959، حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 13 من يونيه سنة 1959، ثم أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي رفع الدعوى رقم 601 لسنة 11 ق بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 3 من مارس سنة 1957، طلب قيها الحكم: (أولاً) بوقف تنفيذ أمر حجز شقيقه ريمون جبران في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية والصادر من المدعى عليه الأول، (ثانياً) بإلغاء هذا الأمر، مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات والأتعاب. وقال شرحا لدعواه إن شقيقه السيد/ ريمون جبران كان موظفاً بالبنك التركي بالإسكندرية، وقد تقدم بعدة شكاوى إلى أولي الأمر أدت إلى القبض عليه، وحبس عسكرياً بناء على أمر صادر من النائب العام، ثم أودع مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية، واستمر زهاء ثلاث سنوات كان يشكو المرة تلو الأخرى من حجزه بدون وجه حق خلافاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1944. وقد عين لطلب وقف التنفيذ جلسة 26 من مارس سنة 1957، ثم تداول بالجلسات حيث أودعت الحكومة ملف الموضوع مع مذكرة بدفاعها قالت فيها إن المحجوز (ريمون جبران) أرسل إلى عدة جهات إدارية كتباً مفتوحة تتضمن طعناً في نظام الحكم القائم بمصر وحضاً على كراهيته مما يقع تحت طائلة العقاب طبقاً للمادتين 171 و174 من قانون العقوبات، وحبس عسكرياً، وأحيل في 12 من يناير سنة 1954 إلى مستشفى الأمراض العقلية؛ لاختبار حالته العقلية وتقدير مسئوليته عما وقع منه. وقام الدكتور أحمد وجدي وكيل مصلحة الصحة العقلية بالكشف عليه وملاحظة حالته، وقدم تقريراً في 15 من فبراير سنة 1954 تضمن أن المحجوز مصاب بحالة عقلية مرضية مصحوبة بمعتقدات وهمية تكيف إلى حد كبير سلوكه، وتجعله لا يقدر نتائج أقواله وأفعاله، وأن هذه الحالة العقلية المرضية تواجدت عنده منذ مدة طويلة تجعله غير مسئول عن أعماله في الحادث المنسوب إليه، وأن حالته هذه تتطلب الصيانة والعلاج بمستشفى الأمراض العقلية. واستناداً إلى ذلك وإلى حكم المادة 342 من قانون الإجراءات الجنائية والقرار الصادر من وزير الداخلية في شأن القواعد الخاصة بتحقيق القضايا العسكرية، أصدر رئيس نيابة أمن الدولة في 22 من مارس سنة 1954 أمراً بإيداع المتهم المذكور مستشفى الأمراض العقلية للصيانة والعلاج، وقيدت التحقيقات بدفتر الشكاوى العسكرية وحفظت إدارياً. وقد تقدم المدعي بعدة مكاتبات لمدير مستشفى الأمراض العقلية للإفراج عن شقيقه المحجوز، وقد رفعت كلها إلى مجلس المراقبة مشفوعة برأي مدير المستشفى بأن حالة المريض المحجوز لا تسمح بالإفراج. وقرر المجلس بناء على ذلك رفض الإفراج عنه. وانتهت الحكومة في مذكرتها إلى القول بأن المادة 342 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأنه إذا صدر قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم بسبب إصابته بعاهة في عقله، يحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن تأمر الجهات المختصة بإخلاء سبيله. وقد صدر قرار رئيس نيابة أمن الدولة بحجز المتهم المذكور بمستشفى الأمراض العقلية على إثر حفظ الدعوى العمومية قبله لما ثبت من إصابته بمرض عقلي؛ مما يجعله غير مسئول عن عمله وبجلسة 28 من مايو سنة 1957 رفضت المحكمة طلب وقف التنفيذ. وفي 17 من يوليه سنة 1957 أودع المدعي صحيفة الدعوى رقم 1119 لسنة 11 ق قال فيها إنه سبق أن رفع الدعوى رقم 601 لسنة 11 قضائية بطلب إلغاء الأمر الصادر بحجز أخيه، وبما أنه يجوز له قانوناً إثبات حالة أخيه، فإنه يطلب الحكم بصفة مستعجلة بندب خبير أخصائي في الأمراض العقلية والنفسية لإثبات حالته ونوع المرض الذي يغشاه إذا وجد، وآثاره على نفسه إذا كانت حالته تندرج تحت أحكام القانون رقم 141 لسنة 1944. وقد عين لنظر هذه الدعوى جلسة 30 من يوليه سنة 1957، ثم تداولت بالجلسات. وفي 29 من أكتوبر سنة 1957 طلب محامي المدعي ضمها للدعوى رقم 601 لسنة 11 ق، وقد نظر طلب الإلغاء في الدعوى 601 لسنة 11 ق بجلسة 25 من فبراير سنة 1958، كما نظرت المحكمة الدعوى رقم 1119 لسنة 11 ق، وأودع محامي المدعي مذكرة بدفاعه أبان فيها أنه ليس للإدارة أن تتذرع بالكشوف الطبية المؤقتة على المحجوز من 4 من أغسطس سنة 1954 إلى 27 من يناير سنة 1957، والتي أقرها مجلس مراقبة الأمراض العقلية؛ لأن الحالة الصحية تتغير من يوم لآخر، وأنه لو سلمنا جدلاً بأن حالة المحجوز كانت سيئة وتدعو إلى حجزه حتى 27 من يناير سنة 1957، فليس بعد هذا التاريخ من كشوف تجرح الحالة الصحية للمحجوز. وانتهى إلى طلب الحكم أصلياً بإلغاء قرار الحجز، واحتياطياً بندب أخصائي لتحقيق حالة المحجوز العقلية والنفسية. وبجلسة 29 من إبريل سنة 1958 كلفت المحكمة الجهة الإدارية إيداع أوراق العلاج والتقارير الطبية عن حالة المحجوز من شهر يناير سنة 1957. وبجلسة 10 من يونيه سنة 1958 أودعت الحكومة صورة طبق الأصل من أوراق العلاج والتقارير الطبية عن حالة المحجوز، وتتضمن أن مجلس المراقبة رفض خروج المحجوز في 2 من مارس سنة 1958. وفي 6 من يناير سنة 1959 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها "برفض الدعويين، وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن "مجلس مراقبة الأمراض العقلية، بعد دراسته لحالة المريض المحجوز وبعد اطلاعه على التقريرات الطبية المتضمنة قيام حالة المرض العقلي، أصدر بسلطته التقديرية القرار المطعون فيه، القاضي باستمرار حجز ذلك المريض بمستشفى الأمراض العقلية، وأن القرار المطعون فيه وقد صدر من هيئة مختصة في حدود سلطتها التقديرية، فلا سبيل للتعقيب عليه، طالما قد خلا من الانحراف أو الغرض، كما أن التقريرات الطبية التي استند إليها هذا القرار قد وضعها أخصائيون من الأطباء فلا محل لإهدارها، ما دامت مبرأة من الانحراف أو الغموض أو التناقض، وأن المدعي لم يطعن على القرار المطعون فيه أو التقريرات الطبية بالانحراف، ولم يقدم دليلاً جدياً على عدم اقتناعه بتلك التقريرات الطبية، وقصر طلباته بشأنها على طلب ندب خبير أخصائي، وهو ما لا ترى المحكمة محلاً له لما تقدم؛ ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة تبرره، ومنها قيام حالة المرض العقلي لدى المريض المحجوز، وبالتالي يكون طلب إلغائه لا أساس له من القانون، وكذلك يكون طلب ندب خبير لإعادة فحص المريض في غير محله، ويتعين لذلك رفض الدعويين مع إلزام المدعي بمصروفاتهما".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن رفض دعوى إثبات الحالة تأسيساً على أن القرار المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة، ولم يقدم المدعي دليلاً جدياً على عدم اقتناعه بالتقارير الطبية، مما يستتبع رفض طلب تعيين الخبير لأنه في غير محله - إن هذا الذي انتهى إليه قضاء المحكمة إنما هو مصادرة على المطلوب وقطع السبيل على المدعي والحيلولة بينه وبين تهيئة الدليل في دعوى الإلغاء، فإذا ما تبين ألا سبيل لديه غير ذلك لإثبات دعواه فمؤدى هذا أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على حرمان المدعي من إبداء دفاعه وحجبه عن الوصول إلى دليله الوحيد.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن النقطة القانونية مثار النزاع هي مدى سلطة القضاء الإداري في التعقيب على تقدير الجهات الإدارية المختصة في شأن قيام أو عدم قيام حالة المرض العقلي المسوغ لحجز المصاب به من عدمه، وهل يجوز للقضاء الإداري أن يتحقق من قيام هذه الحالة أو عدم قيامها عن طريق أهل الخبرة الذين قد يندبهم لهذا الغرض، وهل يجوز لذوي الشأن طلب إثبات حالة المحجوز استقلالاً دون رفع طلب الإلغاء، أم أنه إذا جاز ذلك تعين أن يكون طلب إثبات الحالة في دعوى إلغاء تتعلق بحجز المصاب.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 141 لسنة 1944 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية تنص على أنه "لا يجوز حجز مصاب بمرض في قواه العقلية إلا إذا كان من شأن هذا المرض أن يخل بالأمن أو النظام العام، أو يخشى منه على سلامة المريض أو سلامة الغير، وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون..."؛ مما يستفاد منه أن القرار الذي تصدره الإدارة بالحجز يجب - لكي يكون مطابقاً للقانون - أن يقوم على ركنين هما: إصابة الشخص المحجوز فعلاً بمرض عقلي، ثم خطورة مرضه، بأن يكون من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام، أو يخشى منه على سلامة المريض أو سلامة الغير، وبغير توافر ذلك يكون حجزه غير جائز قانوناً.
ومن حيث إن القانون المشار إليه قد ناط في مادته الأولى بمجلس مراقبة الأمراض العقلية مهمة النظر في حجز المصابين بأمراض عقلية والإفراج عنهم، وفي الترخيص بالمستشفيات المعدة لهم والتفتيش عليها، وبين في مادته الثانية كيفية تشكيله، وهو ينتظم عناصر طبية من مستوى عال، هم: مدير قسم الأمراض العقلية بوزارة الصحة العمومية وكبير الأطباء الشرعيين وأستاذ الأمراض العصبية بجامعة القاهرة وأحد كبار أطباء وزارة الصحة العمومية يعينه الوزير وكبير أطباء مصلحة السجون، كما ينتظم عناصر قضائية كبيرة، هم: المحامي العام لدى المحاكم الوطنية أو رئيس نيابة الاستئناف ونائب من مجلس الدولة، وينتظم كذلك موظفاً كبيراً يندبه وزير الداخلية وموظفاً كبيراً يندبه وزير الشئون الاجتماعية والعمل. ويظهر من هذا التشكيل بضماناته المتنوعة أنه أهل لما أسنده القانون إليه من سلطات تقديرية بالغة الخطورة في هذا الشأن. كما نظم القانون في الباب الثاني منه الإجراءات التي يجب اتباعها عند حجز المصابين والإفراج عنهم، وهي إجراءات تقوم على ضمان التأكد من قيام حالة المرض والخطر المسوغين لحجز المصاب.
ومن حيث إنه ولئن كانت سلطة مجلس المراقبة في تقرير ما إذا كان شخص مصاباً بمرض عقلي أم لا، هي في الأصل سلطة تقديرية، باعتبارها من الأمور الفنية ذات التقدير الموضوعي، بحيث ما كان يجوز التعقيب عليها إلا عند إساءة استعمال السلطة، إلا أنه لما كان الأمر يتعلق بالحرية الشخصية؛ فمن ثم يجوز للقضاء الإداري من حيث المبدأ اتخاذ ما يلزم للتحقق من ذلك إذا قدم طلب الإلغاء، وليس قبل ذلك بدعوى إثبات حالة استقلالاً، ما دام اختصاص القضاء الإداري هو اختصاص محدد، وينحصر بالنسبة لقضاء الإلغاء فيما حدده القانون بالذات وعلى سبيل الحصر من القرارات الإدارية المعينة، دون أن يمتد في هذا الخصوص إلى دعاوى تهيئة الدليل التي أجيزت استثناء في مجال القانون الخاص، وتجوز كذلك في القضاء الكامل في مجال القضاء الإداري.
ومن حيث إنه ولئن كان ذلك هو كما تقدم، إلا أنه يجب أن يقوم من الشواهد في أوراق المدعي ما يسوغ اتخاذ مثل هذا الإجراء، أما إذا لم يكن ثمة من تلك الشواهد ما يمس تقدير الإدارة الذي بنت عليه قرارها بالحجز، فإن الدعوى تكون، والحالة هذه، غير قائمة على أساس سليم.
ومن حيث إن هذه الدعوى خلو مما قد يقدح في تقدير الجهات المختصة في شأن حالة المحجوز العقلية، مع ما انتظمه تشكيل مجلس المراقبة من عناصر فنية وقضائية هي أهل لما أسنده إليهم القانون من سلطة تقدير في هذا الخصوص بالغة الخطر، حسبما سلف البيان؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها، ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 1041 لسنة 52 ق جلسة 19 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 236 ص 1147

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.

-----------------

(236)
الطعن رقم 1041 لسنة 52 القضائية

تعويض. مسئولية "الخطأ الجنائي والخطأ المدني". محكمة الموضوع.
الالتزام بالتعويض عن كل خطأ سبب ضرراً للغير. شموله كل فعل أو قول خاطئ ولو تجرد من صفة الجريمة - المادة 163 مدني. مؤدى ذلك. التزام المحكمة المدنية ببحث كل فعل أو قول يعتبر خروجاً على الالتزام القانوني المفروض على الكافة بعدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع.

---------------
رتب المشرع في المادة 163 من القانون المدني الالتزام بالتعويض على كل خطأ سبب ضرراً للغير، وأورد عبارة النص في صيغة عامة بما يجعلها شاملة لكل فعل أو قول خاطئ سواءً أكان مكوناً لجريمة معاقباً عليها، أم كان لا يقع تحت طائلة العقاب ويقتصر على الإخلال بأي واجب قانوني لم تكلفه القوانين العقابية بنص خاص، ومؤدى ذلك أن المحكمة المدنية يجب عليها البحث فيما إذا كان الفعل أو القول المنسوب للمسئول - مع تجرده من صفة الجريمة - يعتبر خروجاً على الالتزام القانوني المفروض على الكافة، بعدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع، فلا يمنع انتفاء الخطأ الجنائي من القول أو الفعل المؤسس عليه الدعوى من توافر الخطأ في هذا القول أو الفعل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2408 لسنة 1980 مدني قنا الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده أن يدفع له مبلغ 500 ج، وقال بياناً لذلك أن الأخير ضبط بمعرفة الشرطة وهو ينقل كمية من الأسمدة ولدى سؤاله بمحضر الجنحة 165 لسنة 1973 عسكرية ادفو نسب إليه - على غير الحقيقة أن السماد المضبوط مملوك له (الطاعن) بيد أنه قضى ببرائته من هذه التهمة وتصدق على الحكم، وأن المبلغ المطالب به يمثل التعويض الجابر للأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب هذا الاتهام، وبتاريخ 21/ 3/ 1981 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده أن يدفع للطاعن مبلغ 300 ج، استأنف الطرفين هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا وقيد استئناف المطعون ضده برقم 177 سنة 56 ق مدني، واستئناف الطاعن برقم 185 سنة 56 ق مدني، وبتاريخ 8 / 2/ 1982 حكمت المحكمة في استئناف المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفي استئناف الطاعن برفضه، طعن الأخير في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر في الجنحة 165 سنة 1973 عسكرية ادفو ببراءته والمطعون ضده من تهمة نقل الأسمدة المضبوطة لعدم وجود جريمة في الأوراق إلا بنفي ركن الخطأ عن المطعون ضده، بعد أن أسند إليه (إلى الطاعن) - على غير الحقيقة أنه المالك للسماد المضبوط وأنه هو الذي أمر بنقله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه على أن ما أسنده المطعون ضده إلى الطاعن لا يكون جريمة، وبالتالي لا يكون في هذا الإسناد خطأ يمكن نسبته إليه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 163 من القانون المدني على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" فقد رتب الالتزام بالتعويض على كل خطأ سبب ضرراً للغير، وأورد عبارة النص في صيغة عامة، بما يجعلها شاملة لكل فعل أو قول خاطئ، سواء أكان مكوناً لجريمة معاقباً عليها، أم كان لا يقع تحت طائلة العقاب ويقتصر على الإخلال بأي واجب قانوني لم تكلفه القوانين العقابية بنص خاص، ومؤدى ذلك أن المحكمة المدنية يجب عليها البحث فيما إذا كان الفعل أو القول المنسوب للمسئول - مع تجرده من صفة الجريمة - يعتبر خروجاً على الالتزام القانوني المفروض على الكافة، بعدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع، فلا يمنع انتفاء الخطأ الجنائي من القول أو الفعل المؤسس عليه الدعوى المدنية من توافر الخطأ في هذا القول أو ذلك الفعل، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على عدم وجود ركن الخطأ فيما أسنده المطعون ضده إلى الطاعن لمجرد أن هذا الإسناد لا يشكل جريمة، بما مؤداه أن الخطأ في حق المطعون ضده لا يتوافر إلا أن يكون مكوناً لجريمة جنائية، فإنه بعد تخصيص من الحكم لعموم نص المادة 163 من القانون المدني بغير مخصص، وهو الأمر الذي حجب محكمة الاستئناف عن استظهار ما إذا كان هناك خطأ مدني ضار يستوجب مساءلة المطعون ضده بالتعويض عنه أولاً، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 26 لسنة 5 ق جلسة 27 / 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 135 ص 1613

جلسة 27 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

------------------

(135)

القضية رقم 26 لسنة 5 القضائية

عمد ومشايخ 

- انتهاء خدمة العمدة أو الشيخ - ترتبه بقوة القانون على صدور حكم قضائي ماس بالنزاهة أو الشرف ضده - قرار الفصل الذي تصدره الإدارة في مثل هذه الحالة هو مجرد إجراء لمقتضى الحكم - اعتباره كأن لم يكن إذا ما نقض الحكم وقضى بتبرئة العمدة أو الشيخ - عدم تقيد الطعن فيه بالميعاد.

----------------
إن قرار فصل العمدة أو الشيخ لصدور حكم قضائي عليه ماس بالنزاهة أو الشرف بالتطبيق للمادة 24 من القانون رقم 141 لسنة 1947 الخاص بالعمد والمشايخ هو في حقيقته إجراء منفذ لمقتضى الحكم القضائي الماس بالنزاهة أو الشرف الذي يرتب عليه القانون حتماً انتهاء خدمة العمدة أو الشيخ، مما لا معدى معه مع إنزال هذا الأثر القانوني دون أن يكون لجهة الإدارة المختصة أي سلطة في الترخص في هذا الشأن، وهذه الحالة التي وردت في قانون العمد والمشايخ لا تعدو بدورها أن تكون ترديداً للأصل العام في هذا الشأن الذي نصت عليه الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 ومن قبله القوانين واللوائح الخاصة بالموظفين - هذا الأصل الذي يقضي بانتهاء رابطة التوظف كأثر حتمي لصدور حكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف؛ وينبني على ذلك من جهة أخرى أنه إذا ما نقض الحكم الذي صدر قرار الفصل تنفيذاً لمقتضاه، وقضى ببراءة المتهم مما أسند إليه لعدم صحة الواقعة وثبوت تلفيقها، كان قرار الفصل معدوماً وكأنه لم يكن، ولا تلحقه أية حصانة، ولا يزيل انعدامه فوات ميعاد الطعن فيه؛ لأنه عدم والعدم لا يقوم، وساقط والساقط لا يعود؛ ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن لتقديمه بعد الميعاد في غير محله.


إجراءات الطعن

في 19 من أكتوبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين صحيفة الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بجلسة 3 من سبتمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 150 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ علي عبد العزيز دكروني محمد ضد وزارة الداخلية، القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، مع إلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 5 من نوفمبر سنة 1958، وإلى الحكومة في 6 منه، وعين لنظره جلسة 31 من يناير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، ثم أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما هو مستفاد من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية المختصة في 10 من إبريل سنة 1958 طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة الشياخات الصادر في 5/ 10/ 1955، والمصدق عليه من وزير الداخلية في 30/ 10/ 1955، بفصل المدعي من عمدية بلدة الرشايدة مركز المنشأة مديرية سوهاج، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه في سنة 1940 عين شيخاً لبلدة الرشايدة مركز المنشأة، وكان في عمله مثال الموظف النزيه الذي يقدم صالح الدولة على كل صالح آخر، ولقد عرف بحسن التعاون مع السلطات القائمة على شئون الأمن؛ ولذلك تلقى في مناسبات كثيرة كتباً بشكره على ما قدم من خدمات، وفي سنة 1946 تمكن من ضبط عدد كبير من المجرمين الهاربين من تنفيذ أحكام جنائية صادرة ضدهم، وسلمهم إلى سلطات البوليس لتنفذ عليهم أحكام القضاء، فأرسلت إليه وزارة الداخلية كتباً تشكره على مجهوده في هذه المناسبة. وحدث أن تستر عمدة البلدة على بعض الهاربين من وجه العدالة، فأوقفته الوزارة عن عمله، وأقامت المدعي مقامه بلقب نائب عمدة، فظل مضطلعاً بأعباء هذه الوظيفة إلى أن فصل من العمدية، وأعلنت الوزارة خلو وظيفة العمدية، واتخذت إجراءات الترشيح لها، فتقدم الطالب مرشحاً للعمدية، فلم ينافسه أحد وفاز بالوظيفة بالتزكية؛ وعندئذ صدر قرار الوزارة في 16 من يناير سنة 1952 بتعيينه عمدة لبلدة الرشايدة، وقد اضطلع بشئون العمدية على خير الوجوه وأحسنها، فلم يقصر مرة واحدة، ولم يوقع عليه جزاء واحد. وحدث في أوائل سنة 1953 أن نسب إليه الاشتراك في خطف شخص يدعى حسب السباعي عبد الرحمن من أهالي بلدة الرشايدة فقبضت عليه النيابة ثم أفرجت عنه بضمان مالي قدره ثلاثون جنيهاً، وتقيدت الجناية تحت رقم 240 ج المنشأة سنة 1953 (559 كلي سنة 1953)، فقررت وزارة الداخلية وقفه عن عمله اعتباراً من 1/ 3/ 1953. وبتاريخ 11/ 12/ 1953 أعادت النيابة القبض عليه وقدمته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن التهمة المذكورة، فقضت المحكمة بجلسة 11/ 5/ 1955 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وعقب الحكم شرع فوراً في تنفيذ العقوبة عليه، ولكنه طعن في هذا الحكم أمام محكمة النقض، وفي أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض قررت وزارة الداخلية تقديمه إلى لجنة الشياخات للنظر في أمره، وقيدت ضده الدعوى التأديبية رقم 188 لسنة 1955، وأعلنته في السجن ليحضر أمام اللجنة بجلسة 5/ 10/ 1955 فلم يحضر، فقررت لجنة الشياخات في نفس الجلسة فصله من وظيفته، وصدق وزير الداخلية على قرارها في يوم 30/ 10/ 1955، ولم يعلن الطالب بهذا القرار؛ حيث كان في ليمان طرة يقضي مدة العقوبة التي قضي عليه بها ظلماً وعدواناً، فلما عرض الطعن على محكمة النقض قررت قبوله، ونقض الحكم المطعون فيه، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات سوهاج لتقضي فيها من جديد دائرة أخرى، ورغم ذلك ظل الطالب مسجوناً في ليمان طرة. وبتاريخ 12 من فبراير سنة 1958 - وكان الطالب قد استوفى العقوبة المقضى بها عليه - نظرت الدعوى محكمة جنايات سوهاج وأعادت تحقيقها فتبين أن الاتهام مختلق من أساسه، وأن الطالب مظلوم وبريء، فقضت ببراءته من التهمة المسندة إليه بلا مصاريف، ورفض الدعوى المدنية قبله، وإلزام رافعها مصروفاتها ومبلغ 40 جنيهاً أتعاب محاماة. ثم مضى المدعي فأورد بعضاً من حيثيات الحكم، ثم قال إنه يتضح من ذلك أن البراءة صدرت على أساس أن التهمة غير صحيحة وملفقة للمدعي، ولما كان قرار لجنة الشياخات بفصل المدعي من عمدية بلدة الرشايدة قد استند على اتهامه وإدانته في قضية الجناية المنوه عنها ولم يستند إلى شيء آخر، وقد اتضحت براءة المدعي من الجريمة التي كانت محكمة الجنايات قد أدانته فيها، فسقط بذلك سبب قرار لجنة الشياخات، وظهر أن ما استند إليه كان من قبيل الخطأ القضائي الذي تداركته محكمة النقض ثم قضاء الإحالة بعد ذلك. ولما كانت الأحكام القضائية كاشفة عن الحقوق والمراكز القانونية وليست منشئة لها، فيكون الطالب بفضل حكم محكمة الجنايات الصادر بجلسة 12/ 2/ 1958 معتبراً بريئاً من البداية وكأنه لم ينسب إليه شيء على الإطلاق، ولما كان الطالب لا يستطيع أن يطعن في قرار لجنة الشياخات الذي صدر بجلسة 5/ 10/ 1955 وصدق عليه السيد الوزير في 30/ 10/ 1955؛ لأن حكم محكمة الجنايات الذي صدر بإدانته أولاً كان قائماً في وجهه وكان قد أدى إلى الزج به في غيابات السجون ظلماً وزوراً، فما كان ينتظر من لجنة الشياخات أن تصدق قوله إنه بريء، وإن القضاء الجنائي أخطأ حين قضى بإدانته؛ لذلك كان حقاً مقضياً عليه أن يصطبر حتى صدر الحكم ببراءته. وعندئذ رأى أن يطعن في قرار فصله من العمدية في ميعاد الستين يوماً التالية لظهور براءته. ولما كان القرار الإداري يقبل الطعن فيه بالإلغاء في ميعاد الستين يوماً التالية لإبلاغه إلى صاحب الشأن، وفي حالة التظلم منه في الستين يوماً التالية لصدور قرار برفض التظلم، فإذا ما استمر التظلم محل بحث جهة الإدارة، فإن ميعاد رفع الدعوى يظل مفتوحاً ولو استمرت البحث لعدة سنوات. ولما كان المدعي لم يبلغ بقرار لجنة الشياخات بفصله من العمدية، ومع ذلك فإن طعنه بطريق النقض في حكم محكمة الجنايات الأول الذي كان سند الوزارة في فصله يعتبر في حكم التظلم، وقد استمر معروضاً على محكمة النقض إلى أن قضى بنقض الحكم القاضي بالإدانة، وعندئذ أعيدت القضية من جديد إلى دائرة أخرى بمحكمة جنايات سوهاج، واستمرت متداولة في الجلسات إلى أن فصل فيها في 12 من فبراير سنة 1958، فتعتبر دعواه الحالية بالطعن على قرار فصله غير متأخرة عن موعدها. ولذلك فقد رفع الدعوى بالطلبات المتقدمة. وبجلسة 3 من سبتمبر سنة 1958 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار. وقد استند الحكم المطعون فيه إلى أن القانون رقم 141 لسنة 1947 بشأن العمد والمشايخ كان يشترط فيمن يعين عمدة ألا يكون قد صدر عليه حكم قضائي ماس بالنزاهة والشرف، وأن من يفقد شرطاً من الشروط المتطلبة للتعيين في وظيفة العمدة أثناء شغله يحال إلى لجنة الشياخات للنظر في أمره، ولما كان فقد أحد شروط التعيين يستتبع حتماً الفصل من الوظيفة، فإن لجنة الشياخات إذ تنظر في أمر العمدة في هذه الحالة لن يكون قرارها سوى فصله، وهي بذلك تنزل حكم القانون، وقرارها في هذا الشأن إنما يصدر في حدود سلطتها المقيدة إذا ما ثبت فقدان الشرط، فهي وإن ترخصت في تقدير ثبوت فقد الشرط في الأحوال التي تترخص فيها قانوناً في ذلك، إلا أنها إذا ما ثبت لها فقدان الشرط تعين عليها إنزال حكم القانون وفصل العمدة الذي فقد هذا الشرط. ولما كان المدعي قد حكم عليه في القضية رقم 24 لسنة 53 جنايات المنشأة بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات لاشتراكه في حادث خطف أحد الأشخاص فأحيل إلى لجنة الشياخات للنظر في أمره، ولما كانت الجريمة المسندة إليه تخل بالنزاهة والشرف، وكان الحكم الجنائي يحوز قوة الشيء المحكوم به لدى الكافة، فقد اعتبرت لجنة الشياخات فقدان هذا الشرط أمراً ثابتاً لا تقدير لها فيه، وأنزلت حكم القانون وفصلته. فقرار فصله لم يصدر - والحالة هذه - في حدود سلطتها التقديرية، وإنما صدر في حدود سلطة مقيدة مما ينأى بالطعن فيه عن نطاق دعوى الإلغاء، ويكون الطعن فيه من قبيل دعاوى التسوية التي يستمد الحق فيها من القانون مباشرة، فلا تتقيد الدعوى الراهنة بالشروط المقررة لقبول دعوى الإلغاء من مواعيد وتظلم وجوبي؛ ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى سواء برفعها بعد الميعاد أم لعدم سبق التظلم من القرار المطعون فيه في غير محله، ويتعين الحكم برفضه. وأما عن الموضوع فقد قالت المحكمة فيه إن الواضح من الأوراق أن محكمة الجنايات قطعت بما لا يدع أي مجال للشك بعدم صحة الاتهام الموجه للمدعي، وهدمته من أساسه بعد أن ثبت لها أن القضية ملفقة للانتقام من المدعي، مما حدا بها إلى تبرئته. ولما كان قرار فصل المدعي قد ارتكن في سببه على قيام الحكم الأول بإدانته، وهذا الحكم ألغته محكمة النقض، ثم صدر الحكم الثاني ببراءة المدعي مما أسند إليه، فإن سبب القرار الإداري الصادر بالفصل يكون قد انهار من أساسه، ويصبح بذلك غير قائم على سببه متعيناً إلغاؤه. ولا يحتج في هذا المقام بأن القرار صدر في حينه سليماً، ولا عبرة بعد هذا بما يصدر من أحكام؛ ذلك أنه يلزم ليكون القرار متكاملاً أن يقوم على أركان أحدها السبب، فإذا كان سبب القرار حكماً قضائياً نهائياً، فلا شك أن القرار يصدر سليماً وصحيحاً، إلا أنه إذا ما جد بعد ذلك أن ألغي هذا الحكم، فإن ذلك الإلغاء يكون كاشفاً للمركز القانوني للشخص من وقت رفع الدعوى أياً كان نوعها، وبالتالي فإن الإلغاء يرجع أثره إلى الحكم الملغي مصححاً وضعه بجميع ما يترتب على ذلك من آثار، فإذا ترتب أثر ما على الحكم الملغي فإن هذا الأثر يزول تبعاً لزوال الحكم الناتج عنه. وبناء على ذلك فإنه إذا ما أقامت جهة الإدارة قرار الفصل على صدور حكم بالإدانة وألغي هذا الحكم إلى البراءة، فإن قرارها يصبح منذ صدوره بلا سبب يبرره.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من تقصي أحكام القانون رقم 141 لسنة 1947 الخاص بالعمد والمشايخ أن المادة الثالثة منه اشترطت فيمن يعين عمدة شروطاً معينة، من بينها ألا يكون قد صدر عليه حكم قضائي أو تأديبي ماس بالنزاهة والشرف، ونصت المادة 24 من القانون سالف الذكر بأنه إذا فقد العمدة شرطاً من هذه الشروط أو أصبح ظاهر العجز عن أداء واجباته أصدر المدير قراراً بإحالته إلى لجنة الشياخات للنظر في فصله. ومفاد ذلك أن العمدة الذي يصدر ضده حكم قضائي ماس بالنزاهة والشرف، كما هو الشأن في هذه المنازعة، يصدر المدير قراراً بإحالته إلى لجنة الشياخات للنظر في فصله، فإذا ما أصدرت اللجنة قراراً بفصله وصدق وزير الداخلية بما له من سلطة على ذلك، فإن مثل هذا القرار يكون صادراً عن سلطة تقديرية لجهة الإدارة، فتتجه إرادتها إلى إنشاء المركز القانوني ذاته وفصم العلاقة الوظيفية، فهي كما تترخص في تقدير ثبوت فقد الشرط، فإنها أيضاً لا بد وأن تتدخل بإرادتها الملزمة نحو إحداث المركز القانوني. وآية ذلك ما استلزمته المادة 24 من القانون رقم 141 لسنة 1947 سالفة الذكر من إجراءات هي من قبيل ما يتخذ في المحاكمة التأديبية، فليس بمستطاع إذن مجاراة الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن قرار الفصل قد صدر في حدود سلطة مقيدة، مما ينأى بالطعن فيه عن نطاق دعوى الإلغاء، ويكون الطعن فيه من قبيل دعاوى التسوية التي يستمد الحق فيها من القانون مباشرة - ليس ذلك بمستطاع لسبب ظاهر مفاده أن القانون في هذا الشأن لم يرتب صدور قرار الفصل بصفة تلقائية نتيجة فقد أي شرط من الشروط الواجب توافرها في العمدة كما هو الحال في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، الذي عنيت المادة 107 منه ببيان الأحوال التي تنتهي فيها خدمة الموظف بقوة القانون، وإنما ناط بالإدارة أن تتدخل بما لها من سلطة تقديرية، فتقدر ملاءمة إصدار قرارها بفصل فاقد الشرط من عدمه؛ وعلى هذا المقتضى فإن الدعوى الراهنة لا يمكن تكييفها قانوناً إلا على أنها خصومة عينية تقوم على اختصام قرار إداري، شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري آخر، مما لا مندوحة معه من التزام حدود الأوضاع الشكلية لدعوى الإلغاء، ومراعاة ما رسمه القانون لقبولها من مواعيد؛ بحيث إذا ما استغلقت استقر المركز القانوني الناشئ عن القرار، واكتسب حصانة تعصمه من الإلغاء. ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي عين في وظيفة عمدة بناحية الرشايدة مركز المنشأة مديرية سوهاج في 16 من يناير سنة 1952، وفي أول فبراير سنة 1953 أوقف عن عمله لاتهامه في الجناية رقم 240 جنايات المنشأة سنة 1953، وبجلسة 11 من مايو سنة 1955 صدر الحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، فطعن فيه بطريق النقض، ثم أصدر مدير سوهاج في 12 من سبتمبر سنة 1955 قراراً بإحالة المدعي إلى لجنة الشياخات بالمديرية، وأعلن بهذا القرار في 22 من سبتمبر سنة 1955. وبجلسة 5 من أكتوبر سنة 1955 انعقدت اللجنة وقررت بإجماع الآراء غيابياً فصل المدعي من وظيفته استناداً إلى المواد 24 و25 و27 من قانون العمد والمشايخ رقم 141 لسنة 1947 ، وجاء بأسباب هذا القرار أن العمدة قد فقد الثقة والشروط الواجب توافرها فيه كعمدة للناحية من حسن سمعة وأمانة واستقامة، وأن هذا الحكم يمس نزاهته وشرفه، وأن الجناية التي حكم عليه فيها من الجنايات المخلة بالأمن، فضلاً عن أن وجوده في السجن يحول دون تأدية أعمال وظيفته. وقد صدقت وزارة الداخلية على هذا القرار في 30 من أكتوبر سنة 1955، وأعلن المدعى به في 18 من يناير سنة 1956؛ ومن ثم كان من المتعين على المدعي أن يقيم دعواه بإلغاء قرار الفصل في خلال الستين يوماً التالية لتاريخ إعلانه، أما وقد تراخى في رفع دعوى الإلغاء إلى 10 من إبريل سنة 1958، فإن هذه الدعوى تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد، ولا يحول دون سلامة هذا النظر ما تعلل به المدعي من أن حكم محكمة الجنايات الذي صدر بإدانته أولاً كان قائماً في وجهه، إذ أن ميعاد رفع دعوى الإلغاء من مواعيد السقوط التي لا تنقطع ولا توقف ولا تمتد لأي سبب كان بغير نص في القانون لتعلقها بالنظام العام، ولا يمكن اعتبار احتجاز المدعي في السجن من قبيل القوة القاهرة التي تقف سريان الميعاد المقرر قانوناً؛ لوجود النظم التي تكفل للمسجونين القيام بما يريدون القيام به من إجراءات قانونية، ولا اعتداد كذلك بما يستند إليه المدعي من أن الطعن بطريق النقض في حكم محكمة الجنايات الأول الذي كان سند الوزارة في فصله يعتبر في حكم التظلم، وقد استمر معروضاً على محكمة النقض إلى أن قضى بنقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة الجنايات للفصل فيها مجدداً، واستمرت متداولة في الجلسات إلى أن فصل فيها بالبراءة في 12 من فبراير سنة 1958، فتعتبر دعواه الحالية بالطعن على قرار فصله غير متأخرة عن موعدها - لا اعتداد بذلك؛ لأنه فضلاً عن أن قرار لجنة الشياخات بفصل المدعي قد صدر بعد تقريره بالطعن بالنقض، فهو من القرارات التي لا يشترط لقبولها التظلم الوجوبي لعدم جدواه، حسبما استقر على ذلك قضاء المحكمة الإدارية العليا، كما أن الطعن في الأحكام بطريق النقض لا يؤثر على ما يحق لها من التنفيذ وما يترتب عليها من آثار، وقد استقرت للمدعي نهائياً بالحكم الجنائي الأول حالة قانونية كانت سبباً دفع الإدارة إلى التدخل بإرادتها الملزمة لإصدار قرارها بالفصل، فإذا ما استبان بعد ذلك أن هذه الحالة القانونية لا وجود لها، فإن القرار المبني عليها يكون قد اعتوره عيب من العيوب التي تبيح للقضاء إلغاءه، على أن ذلك رهين، ولا شك، بأن يكون طلب الإلغاء قد قدم في المواعيد المقررة له. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا. وانتهت هيئة المفوضين إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن قرار فصل العمدة أو الشيخ لصدور حكم قضائي عليه ماس بالنزاهة والشرف بالتطبيق للمادة 24 من القانون رقم 141 لسنة 1947 الخاص بالعمد والمشايخ التي تمت واقعة النزاع في ظله هو في حقيقته إجراء منفذ لمقتضى الحكم القضائي الماس بالنزاهة أو الشرف الذي يرتب عليه القانون حتماً انتهاء خدمة العمدة أو الشيخ، مما لا معدى معه مع إنزال هذا الأثر القانوني، دون أن يكون لجهة الإدارة المختصة أي سلطة في الترخص في هذا الشأن. وهذه الحالة التي وردت في قانون العمد والمشايخ لا تعدو بدورها أن تكون ترديداً للأصل العام في هذا الشأن الذي نصت عليه الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951، ومن قبله القوانين واللوائح الخاصة بالموظفين - هذا الأصل الذي يقضي بانتهاء رابطة التوظف كأثر حتمي لصدور حكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف، وينبني على ذلك من جهة أخرى أنه إذا ما نقض الحكم الذي صدر قرار الفصل تنفيذاً لمقتضاه، وقضى ببراءة المتهم مما أسند إليه لعدم صحة الواقعة وثبوت تلفيقها، كان قرار الفصل معدوماً وكأنه لم يكن، ولا تلحقه أية حصانة، ولا يزيل انعدامه فوات ميعاد الطعن فيه؛ لأنه عدم والعدم لا يقوم، وساقط والساقط لا يعود؛ ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن لتقديمه بعد الميعاد في غير محله.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالموضوع فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي ارتكن إليها وتأخذ بها هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 80 لسنة 51 ق جلسة 19 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 235 ص 1140

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ عزت حنورة نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي، محمد بهاء الدين باشات ولطفي عبد العزيز.

-----------------

(235)
الطعن رقم 80 لسنة 51 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". قرار إداري. قسمة.
القرارات الصادرة من الهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي فصلاً في المنازعات المطروحة عليها. قرارات إدارية. اختصاص القضاء الإداري بالفصل في الطعون التي ترفع عنها م 10 ثامناً ق 47/ 1972. طلب بطلان القرارات النهائية الصادرة من لجنتي القسمة والاعتراضات لمخالفتهما القانون. ق 55 لسنة 1960. اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظره.
(2) نقض. اختصاص. نظام عام.
تعيين جهة القضاء صاحبة الاختصاص. تعلقه بالنظام العام. لمحكمة النقض التصدي له من تلقاء نفسها.
(3) دعوى "وقف الدعوى". اختصاص. بيع. قسمة.
توقف الفصل في الدعوى على الفصل في نزاع تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى. أثره وجوب وقف الدعوى. م 16 ق 46/ 1972 بشأن السلطة القضائية. (مثال بشأن توقف الفصل في صحة التعاقد على الفصل في طلب بطلان قرار القسمة)..

------------------
1 - النص في المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية.... ثامناً: الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي.... وذلك متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها" يدل على أن المشرع قد اعتبر أن ما تصدره الهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي من قرارات فصلاً في المنازعات المطروحة عليها هي من قبيل القرارات الإدارية وناط بمحكمة القضاء الإداري وحدها الفصل في الطعون التي ترفع عنها متى كان مبنى الطعن أي من العيوب التي حددها إلى هذه القرارات، لما كان ذلك وكانت لجنتا القسمة والاعتراضات بوزارة الأوقاف المشار إليهما بالقانون رقم 55 لسنة 1960 هما هيئتان إداريتان ذواتا اختصاص قضائي وكان ما أوردته المادة 13 من هذا القانون - خروجاً على هذا الأصل العام من اختصاص محكمة الاستئناف بنظر الطعون في القرارات النهائية الصادرة من لجنة القسمة، قاصراً على تلك التي ترفع من أطراف القسمة وليس الطاعن من بينهم، وكان طلب الطاعن بطلان قراري لجنتي القسمة والاعتراضات لمخالفتهما القانون هو في حقيقته طلب واحد وارد على قرار لجنة القسمة الذي أصبح نهائياً برفض الاعتراض المقام عنه، فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب يكون لمحكمة القضاء الإداري وحدها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بالنسبة لطلب بطلان قرار لجنة الاعتراضات يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - لما كان لمحكمة النقض أن تتصدى من تلقاء نفسها لما فصل فيه الحكم المطعون فيه متعلقاً بتعيين جهة القضاء صاحبة الاختصاص باعتباره مسألة متعلقة بالنظام العام تدخل في نطاق الطعن المطروح. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى اختصاص لجنة الاعتراضات بنظر طلب بطلان قرار لجنة القسمة وأمر بإحالة هذا الطلب إليها حال أن محكمة القضاء الإداري - وعلى ما سلف بيانه - هي المختصة بنظره، فإنه يكون قد خالف القانون.
3 - لما كانت المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد أوجبت على المحكمة وقف الدعوى متى كان الفصل فيها - يتوقف على الفصل فيما أثير فيها من نزاع تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى، وكان مفاد نصوص المواد 3، 4، 7، 8 من قرار وزير الأوقاف رقم 36 لسنة 1960 ونص المادة 440 من قانون المرافعات أن قرار لجنة القسمة بوزارة الأوقاف برسو المزاد على صاحب أكبر عطاء ينعقد به البيع للراسي عليه المزاد وذلك ما لم يتم إيقاع البيع على غيره من بعد نتيجة إعادة إجراءاته سواء كان ذلك لتخلف الراسي عليه المزاد الأول عن الوفاء بباقي الثمن في الموعد المحدد أو لحصول زيادة العشر بالإجراءات المرسومة قانوناً، لما كان ذلك وكان الثابت أن لجنة القسمة بعد أن قررت إرساء المزاد على الطاعن إعادت إجراء البيع لحصول زيادة بالعشر ولعدم اعتدادها بوفاء الطاعن بباقي الثمن ثم قررت إيقاع البيع على المطعون ضدهم من الثاني إلى الثامنة، وكان طلب الطاعن الحكم بصحة عقده جاء محمولاً على ما يراه من بتات هذا العقد كأثر لما طلبه من بطلان القرار النهائي للجنة القسمة بإيقاع البيع على غيره وذلك لمخالفته القانون بعدم اعتداده بوفائه الصحيح بباقي الثمن ولقبوله زيادة العشر التي لم تتبع فيها الإجراءات المرسومة قانوناً، فإن الفصل في طلب صحة التعاقد يتوقف على الفصل في طلب بطلان ذلك القرار والذي تختص بنظره محكمة القضاء الإداري بما كان يوجب على محكمة الاستئناف وقف الفصل في طلب صحة التعاقد حتى يفصل نهائياً في طلب بطلان قرار لجنة القسمة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 8035 سنة 1977 مدني جنوب القاهرة على وزير الأوقاف بصفته المطعون ضده الأول - وعلى باقي المطعون ضدهم طالباً الحكم ببطلان قرار لجنة القسمة بوزارة الأوقاف الصادر بتاريخ 21/ 5/ 1975 بإيقاع بيع العقار 51 شارع قصر النيل على المطعون ضدهم من الثاني إلى الثامنة وببطلان قرار لجنة الاعتراضات الصادر في الاعتراض رقم 40 سنة 1975 وبصحة ونفاذ شرائه لهذا العقار بموجب قرار لجنة القسمة الصادر بتاريخ 29/ 5/ 1974 لقاء ثمن مقداره 63500 ج والتسليم وبإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع له تعويضاً مبلغ 15 ألف جنيه، وقال بياناً لها أن لجنة القسمة بوزارة الأوقاف قررت بجلسة 29/ 5/ 1974 إرساء مزاد بيع هذه العقار عليه لقاء ثمن مقداره 63500 ج وحددت جلسة للوفاء به ورغم قيامه بالوفاء بكامل الثمن قبل حلول موعد هذه الجلسة إلا أن اللجنة قبلت زيادة العشر من آخرين وأعادت إجراء المزايدة ثم قررت بجلسة 21/ 5/ 1975 إيقاع البيع على المطعون ضدهم من الثاني إلى الثامنة فطعن على هذا القرار لدى لجنة الاعتراضات رقم 40 سنة 1975 الذي قررت هذه اللجنة رفضه، وإذ كان قرار لجنتي القسمة والاعتراضات باطلين لعدم سلامة طلب زيادة العشر ولعدم الاعتداد بوفائه الصحيح بباقي الثمن وقد أصابه ضرر من جراء ذلك يقدر التعويض عنه بالمبلغ المطالب به وكان البيع الصادر له بجلسة 29/ 5/ 1974 قد أصبح باتاً بوفائه صحيحاً بباقي الثمن فقد أقام الدعوى ليحكم له بطلباته، دفع المطعون ضدهم من الثاني إلى الثامنة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، بتاريخ 2/ 6/ 1978 قضت المحكمة برفض الدفع والدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5182 س 95 ق طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، بتاريخ 15/ 11/ 1980 قضت المحكمة بإلغاء الحكم في قضائه في الدفع وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر طلبي البطلان والتعويض وبإحالة طلب بطلان قرار لجنة القسمة إلى لجنة الاعتراضات وإحالة طلب بطلان قرار لجنة الاعتراضات وطلب التعويض عنه إلى محكمة القضاء الإداري وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيانه يقول إن قرارات لجنتي القسمة والاعتراضات لا تعد قرارات إدارية مما يختص القضاء الإداري بنظر الطعن فيها ذلك أن هذه القرارات تفصل في المنازعات المتعلقة بالقسمة التي تختص المحاكم العادية بنظرها وتطبق في شأنها القواعد الواردة في القانون المدني وقانون المرافعات، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر طلب بطلان القرارين على سند من أنهما قراران إداريان يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النص في المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية.... ثامناً: الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي.... وذلك متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها" يدل على أن المشرع قد اعتبر أن ما تصدره الهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي من قرارات فصلاً في المنازعات المطروحة عليها هي من قبيل القرارات الإدارية وناط بمحكمة القضاء الإداري وحدها الفصل في الطعون التي ترفع عنها متى كان مبنى الطعن نسبة أي من العيوب التي حددها إلى هذه القرارات، لما كان ذلك وكانت لجنتا القسمة والاعتراضات بوزارة الأوقاف المشار إليهما بالقانون رقم 55 لسنة 1960 هما هيئتان إداريتان ذواتا اختصاص قضائي وكان ما أوردته المادة 13 من هذا القانون - خروجاً على هذا الأصل العام من اختصاص محكمة الاستئناف بنظر الطعون في القرارات النهائية الصادرة من لجنة القسمة، قاصراً على تلك التي ترفع من أطراف القسمة وليس الطاعن من بينهم، وكان طلب الطاعن بطلان قراري لجنتي القسمة والاعتراضات لمخالفتهما القانون هو في حقيقته طلب واحد وارد على قرار لجنة القسمة الذي أصبح نهائيا برفض الاعتراض المقام عنه، فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب يكون لمحكمة القضاء الإداري وحدها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بالنسبة لطلب بطلان قرار لجنة الاعتراضات يكون قد أصاب صحيح القانون، لما كان ذلك وكان لمحكمة النقض أن تتصدى من تلقاء نفسها لما فصل فيه الحكم المطعون فيه متعلقا بتعيين جهة القضاء صاحبة الاختصاص باعتباره مسألة متعلقة بالنظام العام تدخل في نطاق الطعن المطروح، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى اختصاص لجنة الاعتراضات بنظر طلب بطلان قرار لجنة القسمة وأمر بإحالة هذا الطلب إليها حال أن محكمة القضاء الإداري - وعلى ما سلف بيانه - هي المختصة بنظره، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض طلب صحة عقد البيع على أن قرار لجنة القسمة الصادر بتاريخ 29/ 5/ 1974 برسو المزاد على الطاعن ليس نهائيا فلا ينعقد به البيع، ولما كانت نهائية هذا القرار تتوقف على الفصل في طلب بطلان قرار لجنة القسمة الذي قضى الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظره، فإنه كان يتعين على المحكمة وقف الدعوى حتى يفصل في طلب البطلان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية قد أوجبت على المحكمة وقف الدعوى متى كان الفصل فيها - يتوقف على الفصل فيما أثير فيها من نزاع تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى، وكان مفاد نصوص المواد 3، 4، 7، 8 من قرار وزير الأوقاف رقم 36 لسنة 1960 ونص المادة 440 من قانون المرافعات أو قرار لجنة القسمة بوزارة الأوقاف برسو المزاد على صاحب أكبر عطاء ينعقد به البيع للراسي عليه المزاد وذلك ما لم يتم إيقاع البيع على غيره من بعد نتيجة إعادة إجراءاته سواء كان ذلك لتخلف الراسي عليه المزاد الأول عن الوفاء بباقي الثمن في الموعد المحدد أو لحصول زيادة العشر بالإجراءات المرسومة قانوناً، لما كان ذلك وكان الثابت أن لجنة القسمة بعد أن قررت إرساء المزاد على الطاعن إعادة إجراءات البيع لحصول زيادة بالعشر ولعدم اعتدادها بوفاء الطاعن بباقي الثمن ثم قررت إيقاع البيع على المطعون ضدهم من الثاني إلى الثامنة، وكان طلب الطاعن الحكم بصحة عقده جاء محمولاً على ما يراه من بتات هذا العقد كأثر لما طلبه من بطلان القرار النهائي للجنة القسمة بإيقاع البيع على غيره وذلك لمخالفته القانون بعدم اعتداده بوفائه الصحيح بباقي الثمن ولقبوله زيادة العشر التي لم تتبع فيها الإجراءات المرسومة قانوناً، فإن الفصل في طلب صحة التعاقد يتوقف على الفصل في طلب بطلان ذلك القرار والذي تختص بنظره وعلى ما سلف - محكمة القضاء الإداري بما كان يوجب على محكمة الاستئناف وقف الفصل في طلب صحة التعاقد حتى يفصل نهائيا في طلب بطلان قرار لجنة القسمة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي سببي الطعن.
ولما تقدم، ولما كان موضوع الاستئناف صالحاً للفصل فيه، فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص، وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب بطلان قراري لجنة القسمة ولجنة الاعتراضات وطلب التعويض وإحالتهما إلى محكمة القضاء الإداري وبوقف الاستئناف بالنسبة إلى طلب صحة التعاقد والتسليم حتى يفصل نهائياً في طلب البطلان.