جلسة 12 من مارس سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد المرسي فتح الله، وسعد حسين بدر ووليم رزق بدوي.
-----------------
(147)
الطعنان رقما 281، 952 لسنة 49 القضائية
(1) نقض "صحيفة الطعن". محاماة. وكالة. أهلية.
الطعن بالنقض ممن كان مختصماً في الاستئناف باعتباره بالغاً. تقديم المحامي الموقع على صحيفة الطعن سند وكالة عن وليه الطبيعي السابق عنه. أثره. عدم قبول الطعن.
(2) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الخصم في الطعن". تجزئة.
صدور الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو التزام بالتضامن أو دعوى مما يجب فيها اختصام أشخاص معينين. للخصم الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من غيره منضماً إليه. القعود عن ذلك. لا أثر في شكل الطعن.
(3) أحوال شخصية "ولاية على المال". أهلية.
بلوغ القاصر إحدى وعشرين سنة دون الحكم باستمرار الوصاية عليه أثره ثبوت أهلية كاملة.
(4) شفعة "الإنذار الرسمي وإعلان الرغبة".
ميعاد إبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة. بدؤه من تاريخ إنذار الشفيع رسمياً من البائع أو المشتري بالبيع، ما لم يسجل عقد البيع. جواز إبداء الشفيع رغبته قبل ذلك..
(5) شفعة "ملكية الشفيع. الحكم بالشفعة".
ملكية الشفيع. لا تنشأ إلا برضاء المشتري أو بالحكم النهائي بالشفعة. عدم ارتداد أثرها إلى تاريخ البيع أو المطالبة بالشفعة.
(6) شفعة "الإنذار الرسمي". نقض "السبب الجديد".
الإنذار الرسمي للشفيع من البائع أو المشتري. م 940 مدني. عدم تقديمه لمحكمة الموضوع، التمسك بدلالته لأول مرة. أمام محكمة النقض. غير جائز.
(7) دعوى "وقف الدعوى". شفعة "البيوع التي تجوز فيها الشفعة". عقد "فسخ العقد".
الحكم بوقف الدعوى. مناطه. رفض طلب وقف دعوى الشفعة لحين الفصل في دعوى فسخ البيع استناد الحكم في ذلك إلى جواز الشفعة في البيع المعلق على الشرط الصريح الفاسخ. لا خطأ. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن واقعة الدعوى تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول في الطعنين أقاموا الدعوى رقم 2891 سنة 77 مدني كلي دمنهور ضد الطاعنين في كل من الطعنين طالبين الحكم بأحقيتهم في أخذ الأطيان المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والبالغ مساحتها 20 س 7 ط 114 ف وتوابعها بالشفعة نظير الثمن المبين بعقد البيع وقدره "250 مليم، 160057 جنيه" أو ما يثبت أنه الثمن الحقيقي وكافة المصاريف والملحقات، وتسليمهم الأطيان المشفوع فيها مع إلزامهم متضامنين بالمصاريف والأتعاب، وقالوا بياناً لدعواهم أنه علموا أن المطعون عليهم الأربعة الآخرين في الطعن رقم 781 سنة 49 ق باعوا تلك المساحة إلى الطاعنين، وقد اختص كل من المشترين بحصة من هذه الأطيان، ولكونهم يملكون الأطيان المبيعة على الشيوع مع البائعين ومن حقهم أخذها بالشفعة فقد قاموا بإنذار البائعين والمشترين بإبداء رغبتهم في استعمال هذا الحق بإعلان تم في يومي 17، 24/ 11/ 1977 وسجل في 27/ 11/ 1977 وأودعوا الثمن خزينة محكمة دمنهور الابتدائية في 17/ 12/ 1977 وأقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم. وبتاريخ 27/ 6/ 1978 قضت محكمة دمنهور الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف الشفعاء الثلاثة - المطعون عليهم الثلاثة الأول في كل من الطعنين - ذلك الحكم بالاستئناف رقم 376 سنة 34 ق "الإسكندرية مأمورية دمنهور" وبجلسة 7/ 3/ 1979 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنفين في اخذ الأطيان موضوع عقد البيع المؤرخ 1/ 3/ 1977 البالغ مساحتها 20 س 7 ط 114 ف بالشفعة مقابل الثمن المبين بالعقد وقدره "250 مليم و60057 جنيه"، طعن المشترون على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 781 سنة 49 ق كما طعن عليه البائعون بالطعن رقم 952 سنة 49 ق وقدمت النيابة مذكرة في كل منها دفعت في الطعن رقم 781 سنة 49 ق بعدم قبول الطعن من الطاعن الرابع وبقبوله شكلاً من الباقين وفي موضوع الطعنين برفضهما، وإذ نظر الطعنان في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وأمرت بضم الطعن رقم 952 لسنة 49 ق إلى الطعن رقم 781 سنة 49 ق ليصدر فيها حكم واحد والتزمت النيابة رأيها، ودفع الحاضر عن المطعون عليهم الثلاثة الأول في الطعن رقم 781 سنة 49 ق بعدم قبول هذا الطعن لعدم تقديم توكيل عن الرابع في دعوى الشفعة غير القابلة للتجزئة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الرابع ".........." في الطعن رقم 781 سنة 49 ق أن محامي الطاعنين وقع على صحيفة الطعن باعتباره وكيلاً عن الطاعنين بالتوكيل رقم 390 سنة 79 توثيق أبو حمص وكان يبين من مراجعة هذا التوكيل بملف الطعن أنه صدر من الطاعن الثاني "........." بصفته ولياً طبيعياً على ابنه الطاعن الرابع، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن الرابع أقام الطعن بصفته الشخصية باعتباره بالغاً وكان مختصماً في الاستئناف بهذه الصفة ومن ثم يكون الطعن منه غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كان يجب أن يكون المحامي الموقع على صحيفة الطعن موكلاً عن الطاعن عند رفع الطعن وأن يرفع الطعن بذات الصفة التي كان متصفاً بها في الخصومة التي صدر بها الحكم المطعون فيه ولا يلزم تقديم التوكيل عند إيداع الصحيفة إلا أنه يجب إبراز التوكيل قبل حجز الطعن للحكم، وكان الثابت من التوكيل الذي استند إليه محامي الطاعنين في وكالته عنهم أنه موكل من الطاعن الثاني بصفته ولياً طبيعياً عن الطاعن الرابع وكان هذا الأخير قد طعن في الحكم بشخصه ولم يمثله الطاعن الثاني فيه بصفته ولياً عليه وقد كان مختصماً في الاستئناف - في الحكم المطعون فيه - بشخصه باعتباره بالغاً، فإن هذا التوكيل لم يصدر من الطاعن الرابع بعد أن زالت عن الطاعن صفة الولاية عليه وتمثيله في التوكيل عنه، وإذ لم يقدم محاميه سند وكالته عنه بعد بلوغه سن الرشد فإن طعنه يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان لا يلزم في حالة تعدد المحكوم عليهم أن يرفع الطعن منهم جميعاً بل يصح رفعه من بعضهم حتى ولو كان الموضوع الذي يدور حوله الطعن غير قابل للتجزئة أو التزاماً بالتضامن أو كانت الدعوى مما يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وإن جاز لمن فوت ميعاد الطعن من هؤلاء أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من غيره أو يتدخل فيه منضماً إليه، ولكنه إن لم يفعل فلا يؤثر ذلك على شكل الطعن الذي أقيم من غيره في الميعاد وكان الطعن رقم 781 سنة 49 ق قد أقيم من باقي الطاعنين مستوفياً أوضاعه القانونية فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن رقم 781 سنة 49 بالنسبة للطاعن الرابع وقبوله شكلاً بالنسبة لباقي الطاعنين.
وحيث إن الطعن رقم 957 سنة 49 ق قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون في السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين قالوا في بيان الوجه الأول منهما أنهم دفعوا بسقوط حق الشفعاء في الأخذ بالشفعة استناداً إلى أنهم اختصموا الطاعن الثامن في دعوى الشفعة شخصياً ولم يختصموه فيها في شخص الوصي عليه - والدته........ - التي عينت وصية عليه في 13/ 12/ 1969 في القضية رقم 68 سنة 69 أحوال مال أبو حمص، وإذ لم تكن له أهلية التقاضي فإن كلاً من إنذار إبداء الرغبة في الشفعة وصحيفة دعوى الشفعة قد وقعا باطلين مما يترتب عليه تخلف ما أوجبته المادتين 940، 943 من القانون المدني وسقوط الحق في الأخذ بالشفعة، فضلاً عن تقديمهم العديد من المستندات التي تثبت علمهم بالبيع سابقاً على الإنذار الصادر منهم بالرغبة في الشفعة إلا أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون إذ لم يقض بالسقوط، وقالوا في بيان الوجه الثاني أنهم تمسكوا بعدم أحقية الشفعاء في الأخذ بالشفعة لما يترتب على الحكم لهم بطلباتهم تجاوز ملكيتهم للحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية طبقاً لأحكام القانون 50 سنة 69 والعبرة في ذلك هي بوقت انعقاد عقد البيع الذي يشفعون فيه - 6/ 3/ 1977 - لأنه سبب الأخذ بالشفعة ويجب أن تتحقق للشفيع صفته وقت تحريره ومنها أن يكون الشفيع غير محظور عليه الأخذ بالشفعة لسبب في القانون، وإذا كان الشفعاء الثلاثة يملكون 20 س 7 ط 89 ف وقت إبرام عقد البيع المتضمن بيع 20 س 7 ط 114 ف وتتجاوز ملكيتهم به الحد الأقصى المقرر في القانون في ذلك الوقت فإنه يمتنع عليهم طلب أخذ العقارات المبيعة بالشفعة، ولا عبرة في ذلك بتصرفاتهم الصادرة في بعض أملاكهم بعد البيع المشفوع فيه لعدم تحقق صفتهم كشفعاء وقت العقد خاصة وأن التصرفات الصادرة منهم تستهدف التحايل على أحكام القانون 50 سنة 69 بالنزول بما يملكونه إلى الحد الذي يجيز لهم أخذ الأطيان المبعية بالشفعة - وقصدهم في هذا مردود عليهم، ولا أدل على صحة دفاعهم هذا من أن الشفعاء قصروا طلب الشفعة في صحيفة الاستئناف على مساحة 60 فقط كما قصروا في مذكراتهم طلب الشفعة على بعض المشترين، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وأعتد بملكيتهم بعد صدور تلك التصرفات منهم مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير صحيح ذلك أنه إذ كان مؤدى نص المادتين 18، 47 من الرسوم بقانون 119 سنة 52 بأحكام الولاية على المال أنه متى بلغ القاصر إحدى وعشرين سنة دون أن يحكم قبل بلوغه هذا السن باستمرار الوصاية عليه أصبح رشيداً وتثبت له الأهلية كاملة بحكم القانون دون ما حاجة إلى الحكم من المحكمة بذلك، وكان علم الشفيع بالبيع لا يعتبر ثابتاً في نظر الشارع في القانون المدني القائم إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري بحصول البيع ولا يبدأ سريان ميعاد إبداء الرغبة إلا من تاريخ هذا الإنذار، ولو علم بالبيع قبل ذلك ما لم يسجل عقد البيع، ولا عليه إن هو أبدى الرغبة في الأخذ بالشفعة قبل توجيه الإنذار إليه فإن الحكم المطعون فيه وإذ استند في قضائه بصحة إجراءات دعوى الشفعة قبل الطاعن الثامن - ......... - شخصياً لبلوغه سن الرشد وقت اتخاذ الإجراءات أخذاً من شهادة ميلاده وثبوت بلوغه الواحدة والعشرين دون أن يثبت قيام عارض من عوارض الأهلية به يستوجب أن يكون له من يمثله، وإذ استند إلى عدم سقوط حق الشفعاء في الأخذ بالشفعة لعدم تقديم ما يدل على إنذارهم بحصول البيع والذي تبدأ منه مواعيد السقوط يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في شقه الثاني غير سديد ذلك أنه لما كانت ملكية الشفيع للعين المشفوع فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تنشأ إلا برضاء المشتري بالشفعة أو بالحكم الصادر بها ولا يرتد أثر هذه الملكية إلى تاريخ البيع الحاصل للمشتري ولا إلى تاريخ المطالبة بالشفعة وفقاً لنص المادة 944 من القانون المدني التي تنص عن أن الحكم الذي يصدر نهائياً بالشفعة يعتبر سنداً للشفيع وذلك دون إخلال بالقواعد المعلقة بالتسجيل، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بملكية الشفعاء وقت الحكم مضافاً إليها الأطيان المشفوع فيها باعتبارها معاً لا تتجاوز به ملكيتهم أو ملكية أحدهم الحد الأقصى للمكية وفقاً للقانون ودون الاعتداد بملكيتهم وقت حصول البيع المشفوع فيه باعتبار البيع سبباً للمطالبة بالشفعة وليس سبباً منشئاً لملكية الشفيع للعقار المشفوع فيه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد في غير محله.
وحيث ينعى الطاعنون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه استدل على عدم سقوط حق الشفعاء في الأخذ بالشفعة باتخاذهم إجراءات الشفعة في مواعيدها المقررة لعدم إنذارهم من أي من البائعين أو المشترين بحصول البيع على الرغم من أنهم قد استدلوا على علم الشفعاء اليقيني بالبيع بالمستندات التي قدموها والتي تفيد معاملتهم المشترين على هذا الأساس ووكلوهم في بيع محصولاتهم من أرضهم التي يشفعون بها، ولم يكن المشترون في حاجة إلى إنذارهم بحصول البيع لعلمهم بعدم أحقيتهم في أخذ الأطيان المبيعة بالشفعة لتجاوز ملكيتهم بها الحد المقرر قانوناً، ومع ذلك فقد أنذروهم بالبيع على نحو ما هو ثابت من حافظة مستنداتهم فضلاً عن أنهم تداخلوا في دعوى القسمة لإنهاء حالة الشيوع، كما استدل الحكم على بلوغ القاصر سن الرشد من شهادة ميلاده على الرغم من أن العبرة في ذلك هو برفع الوصاية عنه وهو لم يقم عليه دليل في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت - وعلى ما سبق القول في الرد على السبب الأول من مبنى الطعن - المدة المنصوص عليها في المادة 940 من القانون المدني لا تبدأ إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه البائع إلى المشتري للشفيع ما لم يكن عقد البيع قد سجل، وكان لا يقبل من الطاعنين التمسك بالإنذار المؤرخ 14/ 4/ 1977 المقدم ضمن حافظة مستنداتهم لهذه المحكمة لعدم ثبوت تقديمه إلى محكمة الموضوع لأن التمسك بالدلالة المستمدة منه تعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام هذه المحكمة, أو كان القاصر متى بلغ إحدى وعشرين سنة غير محكوم باستمرار الوصاية عليه زالت عنه الوصاية أو الولاية بحكم القانون وثبت له الأهلية كاملة - على ما سبق القول - ولو لم يصدر قرار برفع الوصاية عنه فإن الحكم المطعون فيه إذ استدل على عدم سقوط حق الشفعاء في الأخذ بالشفعة لعدم إنذارهم بحصول البيع ولم يعتد في ذلك بعلمهم عن طريق الإنذار بحصول البيع أو بتسجيل عقد البيع واستدل على بلوغ سن الرشد من شهادة ميلاده, وعدم حدوث عارض من عوارض الأهلية له دون انتظار لصدور قرار برفع الوصاية عنه يكون قد استدل على ما خلص إليه استدلالاً سائغاً متفق مع حكم القانون ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه عن الطعن رقم 952 لسنة 46 فإن هذا الطعن أقيم على سبب واحد ينعى فيه الطاعنون على الحكم المطعون فيه قضاءه في دعوى الشفعة مع وجوب وقفها بعد أن تمسكوا بطلب الوقف حتى يفصل في الدعوى رقم 92 سنة 78 مدني كلي جنوب القاهرة التي أقاموها ضد المشترين باعتبار عقد البيع المشفوع فيه مفسوخاً لتحقق الشرط الصريح الفاسخ، ذلك أن إقامة تلك الدعوى جعلت وجود عقد البيع متنازعاً عليه، وطلب الحكم بالشفعة يتفرع عن وجود عقد البيع المشفوع فيه بين أطرافه واستمرار وجوده وهو الذي يعطي صفة البائع وصفة المشتري اللازمتين لانعقاد خصومة الشفعة في كافة مراحلها، وقيام دعوى الفسخ لتحقق الشرط الصريح الفاسخ يشيع المنازعة في صفات الخصوم في الشفعة، فدعوى الفسخ تقع من دعوى الشفعة منزلة الأصل من الفرع, ومن ثم فإنه لم يكن من الجائز قانوناً أن تحكم محكمة الاستئناف بالشفعة مع بقاء النزاع على انفساخ عقد البيع على حالة لم يفصل فيه بعد رغم أن انفساخ عقد البيع إذا ما ثبت مانع من الحكم بالشفعة إلا أن المحكمة خلطت بين وصفين مختلفين، وضع العقد القابل للفسخ أو القابل للإبطال الذي لم تتحرك في شأنه دعوى بهما أو الدفع بهما ويجوز فيها للمحكمة أن تبني حكمها عليه، ووضع العقد بعد طلب فسخه أو طلب إبطاله أو الدفع بهما وهو عقد قد صار وجوده محل نزاع قضائي لا يجوز للمحكمة أن تبني عليه حكمها إلى أن يحسم هذا النزاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 129/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه في غير الأحوال التي نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوزاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، وتنص بالمادة 16 فقرة أولى من القانون 46 سنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أنه "إذا دفعت قضية مرفوعة للمحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أو توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة، فإن لم تر لزوماً لذلك أغفلت الدفع وحكمت في موضوع الدعوى" ومفاد ذلك أن مناط الحكم بوقف الدعوى وفقاً للمادتين سالفتي الذكر أن ترى المحكمة تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، وأن تكون هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة الوظيفي أو النوعي، ولما كانت دعوى الفسخ تدخل في الاختصاص الولائي للقضاء العادي المختص ولائياً بدعوى الشفعة ولا تخرج عن الاختصاص النوعي لها، وكانت الشفعة جائزة في البيع المعلق على الشرط الصريح الفاسخ لأن البيع في هذه الحالة يكون موجوداً ونافذاً من وقت إبرامه وعلى الشفيع أن يراعي مواعيد إجراءات الأخذ بالشفعة فيه فإن هو فوتها سقط حقه في الأخذ بها، ولا تبدأ مواعيد جديدة بتخلف هذا الشرط، لما كان ذلك وكان لا إلزام على محكمة الشفعة أن تجيب الطاعنين إلى طلب وقف الدعوى بعد أن رأت في حدود سلطتها التقديرية أنه لا محل لوقفها حتى يفصل في دعوى الفسخ تأسيساً على أن الشفعة جائزة في البيع المعلق على شرط فاسخ طالما ظل البيع قائماً، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.