الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 أغسطس 2023

الطعن 1970 لسنة 33 ق جلسة 2 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 104 ص 1049

جلسة 2 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

------------------

(104)

الطعن رقم 1970 لسنة 33 القضائية

استيلاء - سلطة وزير التموين في الاستيلاء على العقار أو المنقول لضمان تموين البلاد - سلطة مقيدة بأهدافها - (تموين) (ملكية).
المادتان 34، 37 من دستور سنة 1971 - المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين.
أناط المشرع بوزير التموين اتخاذ التدابير التي يراها لازمة لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها - الأصل أن ينفذ الاستيلاء ودياً فإذا تعذر يكون جبراً - سلطة وزير التموين مقيدة بأهدافها بأن تكون هذه التدابير لازمة لضمان تموين البلاد - يجب أن يكون الاستيلاء لازماً وضرورياً لتحقيق هذه الغايات بالفعل وألا يخرج الاستيلاء عن طبيعته وعن غاياته ليصبح لصالح خاص لفرد أو جهة أو تأميماً أو مصادرة بالفعل تعدياً على الملكية الخاصة بالمخالفة لأحكام الدستور - إذا تنكبت جهة الإدارة الهدف من الاستيلاء لتحقيق هدف آخر تكون قد خالفت القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 27/ 4/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين سكرتارية المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد أمامها برقم 1970 لسنة 33 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 2/ 1987 في الدعوى رقم 5709 لسنة 39 ق والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير طعنهما الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار....... تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن، وانتهى فيه - للأسباب الواردة به - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة 6/ 1/ 1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 21/ 2/ 1993 إصدار الحكم فيه بجلسة 28/ 3/ 1993 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 2/ 5/ 1993 وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أن مورثي المطعون ضدهما أقاموا بتاريخ 4/ 8/ 1985 دعوى أمام محكمة القضاء الإداري قيدت برقم 5709 لسنة 39 ق طلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التموين بالاستيلاء على المخبزين ملكهما وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها المصروفات.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم أنهم يمتلكون مخبزين بمدينة الفيوم أحدهما لإنتاج الخبز الشامي بحي باغوض والثاني للخبز الأفرنجي بحي البحاري. وقد تحرر ضدهما مذكرة من شرطة مباحث التموين إلى وزير التموين ورد بها أنهما من أصحاب المخابز دائمة المخالفات وسيئة السمعة ومن ثم فقد أصدر الوزير القرار رقم 288 لسنة 1985 بالاستيلاء على المخبزين. وقد جاء هذا القرار مخالفاً للقانون لقيامه على أسباب غير صحيحة ومجرد تحريات لا سند لها من الأوراق كما أن الاستيلاء على المخبزين جاء مخالفاً للأسباب التي وردت بالقانون رقم 95 لسنة 1945 فيما تطلبه من أن يكون قرار الاستيلاء بهدف تأمين توزيع المواد التموينية وهو الأمر الذي لم يتوافر في هذه الحالة. ومن ثم يكون القرار قد جاء مخالفاً للقانون ومن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذه وإلغائه.
وأودع المدعون تأييداً لدعواهم شهادة من جداول الجنح بالفيوم تفيد براءتهما مما نسب إليهما من مخالفات وبجلسة 26/ 2/ 1987، أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليهم المصروفات وأقامت قضاءها على سند من أن القرار المطعون فيه قام مستنداً إلى تقرير حررته شرطة التموين أوردت فيه بعض المخالفات المنسوبة إلى بعض المخابز بالمحافظة ومنها المخبزان موضوع الطعن الماثل. ولما كان البين من الأوراق أن المخالفات المنسوبة إلى المخبزين لا تتعلق بسير العمل بالمخبز أو إنتاجه بل تتلخص في حدوث تعدي من بعض العاملين بالمخبز على بعض أفراد شرطة التموين أثناء إحدى حملاتهم التفتيشية، ومن ثم فلم تكن هناك ضرورة ملجئة مما أوردتها مواد القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، الذي استند إليه القرار المطعون فيه وهو الأمر الذي يجعله مخالفاً للقانون ومن ثم توافر ركن الجدية المبرر لوقف تنفيذه فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على هذا الاستيلاء المخالف من أضرار بالمدعين. وانتهت المحكمة في قضائها إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تأويله وتطبيقه استناداً إلى أن المطعون ضدهما من أصحاب المخابز سيئة السمعة وقد اشتهر عنهما تهريب الحصص التموينية من الدقيق المخصص لإنتاج الخبز واتجارهما به في السوق السوداء. كما تعدى المطعون ضدهما وعمالهما على موظف شرطة التموين وتحرر ضدهما المحضر رقم 292 لسنة 1986 ج 11 أمن الدولة كما تضخمت ثراواتهما من جراء الاتجار المخالف بالمواد التموينية. ومن ثم يكون القرار الطعين قد صدر على صحيح سنده من القانون حرياً بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من وقف تنفيذه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري هو بتوافر ركنين أساسيين في طلب وقف التنفيذ.
أولهما: - ركن الجدية بأن يقوم الطلب - بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب يرجع معها الحكم بالإلغاء.
ثانيهما: - ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار ونتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
وكما سبق لهذه المحكمة القضاء بأنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين لها صدورها مخالفة للقانون، أو أن الجهة الإدارية تقاعست عن إصدار قرار يلزمها القانون بإصداره أو انحرفت عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهي تحقيق المصلحة العامة إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة للإدارة ويستند للقاضي الإداري فيما قضي بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو من عدم المشروعية فضلاً عن توفر نتائج يتعذر تداركها على الاستمرار في التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال.
وهذه الرقابة التي يقوم عليها قضاء مجلس الدولة لا تحل نفسها في مباشرته لرقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ محل الجهة الإدارية في أداء واجباتها ومباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة وإدارتها ومباشرة السلطة الإدارية والتنفيذية الممنوحة لها طبقاً للدستور والقانون.
ومن حيث إنه قد نص الدستور في المادة (37) منه على أن الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال. ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب.
كما نصت المادة (34) على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي.
ومن حيث إن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (95) لسنة 1945 الخاص بشئون التموين تنص على أنه (يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل أو بعض التدابير الآتية:
1 - فرض قيود على إنتاج هذه المواد وتداولها واستهلاكها بما في ذلك توزيعها بموجب بطاقات وتراخيص تصدرها وزارة التموين لهذا الغرض.
2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... 5 - الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل وأية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعي أو عقار أو منقول أو أي شيء من المواد الغذائية والمستحضرات الصيدلية والكيماوية وأدوات الجراحة والمعامل، وكذلك تكليف أي فرد بتأدية أي عمل من الأعمال. كما تنص المادة (44) من ذات القانون على أن ينفذ الاستيلاء المنصوص عليه في المادة الأولى بند 5 من المرسوم بقانون بالاتفاق الودي، فإن تعذر الاتفاق الودي طلب أداؤه بطريق الجبر ولمن وقع عليهم طلب الأداء جبراً الحق في تعويض......
ومن حيث إنه يبين من استقراء هذه النصوص أن المشرع أناط بوزير التموين اتخاذ التدابير التي يراها لازمة وكفيلة بضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعات والبناء وتحقيق العدالة في توزيعها ومن التدابير التي خولها له تحقيقاً لهذه الأغراض إصدار قرار بالاستيلاء على أي عقار أو منقول. على أن ينفذ هذا الاستيلاء ودياً. فإن تعذر ذلك فإن تنفيذ الاستيلاء يكون جبراً.
وإذا كان اتخاذ تلك التدابير مما يدخل في السلطة التقديرية لوزير التموين بعد موافقة اللجنة العليا للتموين إلا أن سلطته في ذلك سلطة مقيدة تجد حدها الطبيعي في استهداف الأغراض التي شرعت من أجلها اتخاذ هذه التدابير والتي عني المشرع بتأكيدها بالنص صراحة على أن تكون هذه التدابير لازمة لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها ولتحقيق العدالة في توزيعها ومن ثم فإنه إذا خرجت العدالة على حدود هذه الأغراض ابتغاء تحقيق هدف آخر فإنها تكون قد خالفت القانون وغني عن البيان أن استهدف الوزير المسئول بقراراته ضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها أو عدالة توزيعها بين المواطنين يقتضي الالتزام بأن تكون الأسباب الثابتة التي ينبني عليها قرار الاستيلاء لا تتعارض مع ضمان تموين البلاد بصورة سليمة ومنتظمة أو عدالة التوزيع للسلع التموينية بالبلاد. كما أنه وإذ صدر المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 سالف الذكر في ظل العمل بأحكام الدستور 1923 فإن إصدار قرار استناداً إليه في ظل العمل بأحكام دستور 1971، يتعين أن يلتزم بأحكام هذا الدستور وما قضت به مواده من أن الملكية الخاصة - مضمونة لا تمس ولا تخضع للحراسة أو الاستيلاء، كما سلف البيان - إلا وفق أحكام القانون ومبادئ الشرعية.
ومن ثم يتعين لتبرير سلطة الاستيلاء المحدد لوزير التموين في المرسوم بقانون سالف الذكر توافر الأسباب الضرورية الموجبة قانوناً لذلك للصالح العام وهي ضمان استمرار وانتظام تموين البلاد وضمان عدالة التوزيع للسلع الغذائية على المواطنين ويجب أن يكون الاستيلاء لازماً وضرورياً لتحقيق هذه الغايات بالفعل ولا يخرج استيلاء وزير التموين عن طبيعته وعن غايته ليصبح استيلاء لصالح خاص لفرد أو جهة أخرى أو تأميماً أو مصادرة بالفعل لملكية خاصة في غير الحالات التي حددها الدستور والقانون وعلى خلاف الأوضاع المنظمة لذلك تحقيقاً للصالح العام.
ومن حيث إن الجهة الإدارية استندت في إصدار قرارها المطعون فيه إلى ما ورد بتقرير إدارة شرطة التموين بالفيوم من أن المخبزين موضوع القرار من المخابز سيئة السمعة واشتهر عنهما الخروج على القانون والاتجار في الدقيق المخصص لإنتاج الخبز في السوق السوداء كما أن صاحب المخبز (مخبز باغوص) قد تعد عماله على رجال شرطة التموين وتحرر عن ذلك المحضر رقم 2073 لسنة 1985 والذي قيد برقم 292 لسنة 1986 جنايات أمن دولة كما أن المطعون ضده....... تحرر ضد عماله القضية رقم 246 لسنة 1984 جنح أمن دولة تعدى على رجال شرطة التموين كما سبق أن ضبطت إحدى السيارات التابعة له وهي تقوم بتهريب بعض أجولة الدقيق. وهو ما يجعل المخبزين لا يفيان بالغاية المخصصة لهما من الوفاء باحتياجات المواطنين من توفير الخبز في منافذ متعددة ولما كانت الجهة الإدارية لم تلتزم بقرارات المحكمة بتقديم ما أسفرت عنه الأحكام الصادرة في هذه القضايا رغم أنه قد أعيدت الدعوى إلى المرافعة بطلب إلى الجهة الطاعنة بيانه تصرفات السلطات والجهات المختصة في هذه الدعاوى أو ما صدر فيها من أحكام بالبراءة أو الإدانة إلا أن الجهة الإدارية لم تنفذ ما طلب منها رغم أنه يتعلق بالمستندات الرسمية التي تؤيد أسباب قرارها وسنده المشروع مما يجعل دفاعها بحسب الظاهر من الأوراق قد قام على غير سند ثابت وصحيح يبرره ومن ثم تكون الأسباب التي استندت عليها الجهة الإدارية في إصدار القرار المطعون فيه قائمة على مجرد تحريات أجرتها الشرطة مع ما نسب إلى المطعون ضده الأول من اتهامات بالتعدي على رجال الشرطة - وهذه منها موضوع الدعاوى أمام القضاء المختص ومن حيث إنه لم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد يقيناً خروج المطعون ضدهم على القانون بأفعال وجرائم تهدد حسن سير وانتظام مرفق التموين على النحو الذي استندت إليه جهة الإدارة في إصدار قرارها محل النزاع ولم تبين مدى صدور أحكام ضد المطعون ضده بشهادات رسمية صادرة من السلطة القضائية المختصة.
ومن حيث إن ما نسب إلى المذكور من مخالفات يشكل مخالفات وجرائم قانونية يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة أو الإغلاق أحياناً والتي لا يسوغ القول بارتكابه لها إلا بصدور أحكام بالإدانة بعد تقديم الدليل الرسمي القاطع على ذلك.
ومن حيث إنه فضلاً عن عدم وجود ما يفيد بيقين صدور الأحكام النهائية ضد المطعون ضده الأول - وليس جميع ملاك المخبزين والتي تشاركه ملكيتها المطعون ضدها الثانية والتي لم يكن لها دور في أي منها حسب الظاهر مما جاء بأوراق الدعوى - بشأن ما ارتكبه من مخالفات حسبما ذهبت إلى ذلك جهة الإدارة وكانت أحد أسباب صدور القرار الطعين، فإنه بافتراض التسليم جدلاً بصحة هذه الاتهامات فقد خلت بالأوراق مما يفيد ثبوت أن الأفعال التي يكون قد أدين من أجلها جنائياً قد تحقق في ارتكابه لها ما يؤثر بالفعل - وفقاً لخطورتها وتكررها وجسامة أثرها - في انتظام توفير الخبز للمواطنين وسلامة تقديمه لهم بالمواصفات السليمة أو يهدد حسن سير وانتظام مرفق تموين البلاد باحتياجاتها التموينية أو ينطوي على ما يؤدي إلى إخلال بعدالة توزيع المواد التموينية على النحو الذي يبرر صدور قرار بالاستيلاء على المخبزين لإزالة هذا التهديد أو الإخلال وضمان حسن تموين البلاد وعدالة توزيعه بمعرفة الجهة الإدارية التي أناط بها المشرع هذه السلطة الاستثنائية التي تقيد الملكية الخاصة لتحقيق المصلحة العامة المحددة قانوناً وهي رعاية حسن سير وانتظام مرفق التموين في مجال توفير قوت الشعب.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أنه لم يثبت من الناحية الواقعية على نحو يقيني صحة الأسباب التي ساقتها الإدارة مبرراً لإصدار قرار الاستيلاء المطعون فيه. ولا يستقيم مع ما هو ثابت من الأوراق وما قالت به الجهة الإدارية من أن الاستيلاء كان بقصد انتظام تموين البلاد أو تحقيق العدالة في التوزيع بل إن الثابت أن هذا الاستيلاء قد تقرر بناء على تحريات الشرطة بعد صدام بين بعض أفرادها والطاعنين واستناداً إلى مخالفة تموينية نسبت إليهم ولم تقدم الإدارة الأحكام النهائية فيها أو ما تم من المحاكم المختصة بشأنها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى لما أورده من أسباب إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه استناداً إلى ما استخلصه استخلاصاً سائغاً من أوراق الدعوى وملابسات النزاع وقد أصاب في هذا صحيح حكم القانون حسبما ورد في الحكم من أسباب ولذلك يكون الطعن الماثل قد قام على غير سند من القانون بما يتعين معه رفض الطعن مع إلزام الطاعنين بصفتيهما المصروفات تطبيقاً لأحكام المادة (184) من - قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

الطعن 3488 لسنة 36 ق جلسة 17 / 5 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 136 ص 1405

جلسة 17 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(136)

الطعن رقم 3488 لسنة 36 القضائية

(أ) دعوى - شرط الصفة - مطالبة عضو البعثة بالنفقات.
المواد 14 و25 و31 و32 و33 و35 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات والمنح.
إدارة البعثات هي الجهة صاحبة القوامة على شئون البعثات والمنح سواء من حيث الإيفاد أو الإشراف على الموفدين أو إنهاء البعثة أو المنحة وتقدير المطالبة بنفقاتها - وزارة التعليم هي الجهة الرئاسية لإدارة البعثات - وزارة التعليم هي صاحبة الصفة في مطالبة عضو البعثة بالنفقات دون غيرها من الجهات الإدارية الأخرى التي يعمل بها الموفد أو الجهة المقررة لها البعثة - تطبيق.
(ب) بعثات - مطالبة الموفد في منحه بنفقاتها - أسبابها - تحديد قيمتها في ضوء تغير سعر الصرف.
الجهة الإدارية المختصة (إدارة البعثات) مطالبة الموفد في منحة وضامنة بنفقاتها إذا أخل بالتزاماته ومنها عدم العودة لأرض الوطن وخدمة الإدارة - المنحة مقررة للدولة وليس للأفراد - الدولة في التي تستفيد منها عدم بترشيح أحد أبنائه - لا وجه للقول بأن الدولة لم تتحمل أية نفقات - الحق في المطالبة بقيمة تلك النفقات لا ينشأ إلا بصدور قرار التحميل - في هذا التاريخ دون غيره يعول على سعر تعادل الجنيه المصري بالعملة الأجنبية - العبرة في حالات تعدد أسعار التعادل ليس بالأسعار التي تقررها الدولة لتحقيق أهداف محددة وإنما يتخذ سعر الصرف المقرر للأفراد العاديين - أساس ذلك: أن ما تقرره الدولة من أسعار للتعادل بالنسبة لبعض التصرفات أو الأعمال إنما هو إجراء استثنائي لتحقيق أهداف عامة تقدرها السلطة المختصة ولا يجوز أن تمتد إلى غيرها من الأعمال والتصرفات طبقاً للقاعدة الأصولية التي تقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه - تطبيق.
(جـ) بعثات - رد النفقات - رد الفوائد طبقاً للمادة 226 من القانون المدني.
المطالبة بالفوائد تستند إلى واقعة التأخير وسداد المبالغ التي أصبحت معلومة المقدار يختلف ذلك عن الواقعة المنشئة للحق في استرداد النفقات وهي الإخلال بالالتزام من قبل الموفد - مؤدى ذلك: عدم جواز القول بأن رد قيمة النفقات والفوائد هما تعويضان عن واقعة واحدة - أساس ذلك: استقلال الواقعة المنشئة لكل من الفوائد واسترداد النفقات – تطبيق (1).


إجراءات الطعن

أولاً: الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق:
في يوم الاثنين الموافق 27/ 8/ 1990 أودعت الأستاذ/..... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد/ وزير التعليم العالي - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق ضد السيدين:1 -...... 2 -........ في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات - بجلسة 8/ 7/ 1990 في الدعوى رقم 6050 لسنة 41 ق المقام من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ 24113.944 والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات - وطلب الطاعن بصفته بختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه إلى إلزام المطعون ضدهما بالمبلغ المحكوم به وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد فضلاً عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً: الطعن رقم 97 لسنة 37 ق:
وفي يوم الاثنين الموافق 29/ 10/ 1990 أودع الأستاذ/....... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن السيد/...... بالتوكيل العام رقم 1083 لسنة 1988 توثيق الأزبكية - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 97 لسنة 37 ق ضد السيدين: - 1 - وزير التعليم العالي 2 -........ في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - بجلسة 8/ 7/ 1990 في الدعوى رقم 6050 لسنة 41 ق المقامة من المطعون ضده الأول ضد الطاعن والمطعون ضده الثاني - والذي قضى بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 24113.944 جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات - وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أولاً - بصفة أصلية: عدم قبول الدعوى لإقامتها من غير ذي صفة. ثانياً - بصفة احتياطية: رفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه إلى إلزام إلى المطعون ضدهما في الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق بمبلغ 15161.462 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى عام السداد وإلزامهما بالمناسب في المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما.
ونظر الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق أمام دائرة فحص الطعون والتي قررت بجلسة 18/ 3/ 1992 ضم الطعن رقم 97 لسنة 37 ق إلى الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق ليصدر فيهما حكم واحد مع ضم ملف الإعفاء رقم 303 لسنة 36 ق. ع وقدم المطعون ضدهما في الطعن 3488 ق مذكرة بدفاعهما في هذا الطعن والطعن المضموم طالباً فيها الحكم بصفة أصلية: بإلغاء الحكم المطعون عليه بصفه احتياطية: تحديد المبلغ الملزمان بسداده للجهة الإدارية بمبلغ 15161.462 جنيه كما قدمت الإدارة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى رقم 97 لسنة 37 ق والقضاء بطلباتها الواردة بتقرير الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق وأرفقت بالمذكرة صورة ضوئية في الفتوى الصادرة من إدارة الفتوى لوزارات التربية التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ملف رقم 19/ 18/ 187 - وبجلسة 15/ 2/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظرهما بجلسة 1/ 3/ 1994 وبتلك الجلسة قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 97 لسنة 37 - فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون عليه قد صدر بجلسة 8/ 7/ 1990 وكان الثابت من الشهادة الصادرة من هيئة مفوضي الدولة بناء على طلب المحكمة أن الطاعن...... قد تقدم بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية بهيئة مفوضي الدولة للمحكمة الإدارية العليا برقم 303 لسنة 36 ق لإعفائه من رسوم الطعن بتاريخ 5/ 9/ 1990 أي خلال الميعاد المنصوص عليه بالمادة (44) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة واستمر نظر الطلب حيث قرر الطاعن بجلسة 13/ 10/ 1990 تركه لهذا الطلب ثم أقام طعنه بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة بتاريخ 29/ 10/ 1990 أي خلال الستون يوماً التالية لتركه طلب المعافاة فإنه لذلك وبمراعاة أن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن طلب الإعفاء يقطع ميعاد الطعن ويستمر هذا الميعاد مقطوعاً حتى يفصل في هذا الطلب يكون الطعن مقاماً خلال الميعاد المقرر لإقامة الطعن طبقاً لحكم المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ومن ثم فإنه وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى يغدو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو ثابت بالأوراق - تخلص في أن السيد/ وزير التعليم العالي بصفته أقام الدعوى رقم 6050 لسنة 41 أمام محكمة القضاء الإداري مختصماً السيدين: 1 -....... 2 -...... طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغ 24113.944 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد تأسيساً على أن المدعى عليه الأول قد أوفد في بعثة دراسية إلى الخارج على إحدى منح السلام وذلك بعد أن وقع تعهداً بإتمام الدراسة والعودة إلى أرض الوطن وخدمة الجهة الموفدة أو أية جهة حكومية أخرى مدة محددة وفي حالة الإخلال بتلك الالتزامات يكون ملزماً مع المدعي الثاني (الذي وقع على التعهد) بالتضامن فيما بينهما برد المبالغ التي تستحق عليه في الخارج وبكافة المرتبات التي تصرف له ومن ثم فإنه وقد أخل المدعي بالتزامه بالعودة إلى أرض الوطن بعد انتهاء مدة دراسته يكون ملزماً مع المدعى عليه الثاني بسداد نفقات المنحة وذلك بالتضامن فيما بينهما مع الفوائد القانونية عن قيمة تلك النفقات من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وبجلسة 8/ 7/ 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 24113.944 جنيه والمصروفات وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وأقامت قضاؤها على أن الثابت بالأوراق أن المدعى عليه الأول قد تم إيفاده إلى إحدى المنح الأجنبية المخصصة للحكومة إلا أنه أخل بالتزامه بالعودة إلى أرض الوطن وخدمة الإدارة وبالتالي فإنه إعمالاً لحكم القانون 112 لسنة 1959 بتنظيم البعثات يكون ملزماً بالتضامن مع المدعى عليه الثاني بسداد نفقات المنحة والتي تحسب على أساس تعادل العملة وقت المطالبة وبالنسبة لرفض طلب إلزام المدعى عليهما بالفوائد القانونية فقد شيدت الحكم المطعون فيه على أن تلك الفوائد في حقيقتها تعويضاً وبالتالي فلا يجوز الجمع بينهما وبين التعويض عن إخلال المدعى عليه الأول بالتزامه الأصلي وإلا كان في ذلك جمعاً بين تعويضين عن واقعة واحدة.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 3488 لسنة 36 والمقام من السيد/ وزير التعليم العالي هو مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من وجوب تطبيق حكم المادة (226) من القانون المدني على جميع المطالبات القضائية بمبالغ معلومة المقدار ومستحقة الأداء.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 97 لسنة 37 ق هو مخالفة الحكم المطعون عليه للواقع والقانون تأسيساً على أن المطعون ضده الثاني في هذا الطعن وهو الموفد في المنحة قد تم إيفاده على منحة أجنبية ويتضمن قرار الإيفاد تحمل الجهة الموفد إليها بكافة النفقات وبالتالي فلا توجد نفقات تتحملها الحكومة المصرية يمكن المطالبة بها فضلاً عن أن الحكم المطعون عليه لم يحدد مفهوم سعر الصرف الذي يعول عليه في حساب نفقات المنحة وقت المطالبة مع وجود أسعار متعددة للصرف في هذا الوقت وهل هو السعر المتخذ أساساً للرسوم الجمركية أو أسعار تذاكر الطيران أو السعر الوارد بالاتفاقيات الدولية وهو ما ينم عن قصور في الأسباب الموجبة لإلغاء الحكم كما وأن الجهة التي طالبت بنفقات المنحة هي إدارة البعثات دون الجهة المختصة وهي الجهاز المركزي للمحاسبات الذي كان يعمل بها المطعون عليه الثاني بما كان يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 97 لسنة 37 ق فإن المادة (14) من القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات والمنح تنص على أنه لا يجوز لأي فرد أو وزارة أو مصلحة أو هيئة أو مؤسسة عامة قبول منح للدراسة أو التخصيص أو غير ذلك من دولة أو جامعة أو مؤسسة أو هيئة أجنبية أو فعلية إلا بعد موافقة رئيس اللجنة العليا للبعثات وتخطر إدارة البعثات لاتخاذ إجراءات البت في قبول المنحة أو رفضها كما تنص المادة (31) من هذا القانون على أن يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أو أية جهة حكومية أخرى ترى الحاجة بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات.. ثم نصت المادة (32) من القانون سالف الذكر على إلزام عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة أن يقدم نفسه لإدارة البعثات كما نصت المادة (33) على أن اللجنة التنفيذية أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو.... كما لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادتين (25، 31) وأخيراً نصت المادة (35) في القانون المشار إليه على أن يقدم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المتمتع بمنحة أجنبية، أو دولية كفيلاً تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد النفقات ومفاد تلك النصوص هو أن إدارة البعثات هي الجهة الإدارية صاحبة القوامة على شئون البعثات والمنح الأجنبية سواء من حيث الإيفاد في البعثة أو المنحة أو الإشراف على الموفدين وإنهاء البعثة أو المنحة أو تقدير المطالبة بنفقات البعثة أو المنحة ومن ثم فإنه لذلك تكون وزارة التعليم بحسبانها الجهة الرئاسية لإدارة البعثات هي صاحبة الصفة في مطالبة عضو البعثة أو المنحة بالنفقات وذلك دون غيرها من الجهات الإدارية الأخرى والتي يعمل بها الموفد أو الجهات المقرر لها البعثة أو المنحة وتكون الدعوى وقد أقيمت من وزارة التعليم العالي مقامة من صاحب الصفة بما يتعين منه رفض ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون عليه من عيب مخالفة القانون لعدم القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة كما يستفاد من هذه النصوص أن للجهة الإدارية المختصة (إدارة البعثات) مطالبة الموفد في منحة وضامنة بنفقات المنحة إذا ما أخل بالتزاماته ومنها عدم العودة لأرض الوطن وخدمة الإدارة وذلك طبقاً لصريح نصوص القانون وذلك لحكمة غير خافية وهي حسبما ذهب الحكم المطعون عليه وبحق إلى أن هذه المنحة إنما هي ممنوحة للدولة وليس للأفراد وأن الدولة هي التي تستفيد منها بترشيح أحد أبنائها للاستفادة منها، وبالتالي يغدو ما ذهب إليه الطاعن في مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون تأسيساً على أنه لا يجوز للإدارة المطالبة بنفقات المنحة بمقولة إن الدولة لم تتحمل أية نفقات غير قائم بدوره على سند من الواقع والقانون حقيقاً بالرفض ويكون الحكم المطعون عليه وقد انتهى إلى إلزام الطاعن في الطعن رقم 97 لسنة 37 وعضو البعثة بنفقات الدراسة متفقاً وصحيح القانون.
ومن حيث إنه لما كان استحقاق الإدارة لنفقات البعثة أو المنحة لا تتحقق إلا بعد أن تتحقق الجهة الإدارية المختصة من إخلال الموفد لالتزاماته المنصوص عليها في المادتين 25، 31 وتتخذ قرارها بمطالبته بقيمة تلك النفقات أي أن الحق في المطالبة بتلك القيمة لا ينشأ إلا بصدور قرار التحويل وبالتالي فإنه في هذا التاريخ دون غيره يعول على سعر تعادل الجنيه المصري بالعملة الأجنبية كما وأن العبرة في حالات تعدد أسعار التعادل بالأسعار التي تقررها الدولة لتحقيق أهداف محددة، وإنما تتخذ سعر الصرف المقرر للأفراد العاديين بحسبان ما تقرره الدولة من أسعار للتعادل بالنسبة لبعض التصرفات أو الأعمال إنما هو إجراء استثنائي لتحقيق أهداف عامة تقدرها السلطة المختصة وبالتالي لا يجوز أن تمتد إلى غيرها من الأعمال والتصرفات إعمالاً للقاعدة الأصولية التي تقرر أن الاستثناء لا يحوز التوسع فيه ولانتفاء القصد أو العلة في الأسعار المدعمة في حالات المطالبة بنفقات المنحة - ومن ثم يكون الحكم المطعون عليه وقد عول على القيمة المحددة بكشف الحساب المقدم من الإدارة العامة للبعثات في الدعوى والذي حدد سعر التعادل على الأسعار الغير مدعمة - فإنه يكون فيما انتهى إليه مطابقاً للقانون خاصة وأن الخصوم لم يجادلوا في صحة هذا السعر وإن طالبوا بالمعادلة على أساس الأسعار التشجيعية وعليه يكون السبب الأخير من أسباب الطعن غير قائم على أساس من القانون حقيقاً بالرفض بما يتعين معه القضاء برفض الطعن.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 3488 لسنة 36 ق وقوامه مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا في تطبيق المادة 226 من القانون المدني على المطالبات بمبالغ معلومة المقدار مستحقة الأداء - فإنه لما كانت الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرراً من القانون 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة معدلة بالقانون 136 لسنة 1984 قد انتهت بحكمها الصادر في الدعوى رقم 1264 لسنة 35 ق على أن الالتزام برد نفقات الدراسة إنما تستند إلى الإخلال بالالتزام الأصلي بالاستمرار في الدراسة وخدمة الإدارة مدة معينة فيما فاستحقاق الفوائد التأخيرية المنصوص عليها في المادة (226) من القانون المدني تستند إلى المطالبة بالتعويض عن عدم الوفاء بسداد نفقات الدراسة والتي أصبحت محققة ومستحقة الأداء بمجرد تحقق واقعة إخلال الموفد في البعثة أو المنحة بالتزامه الأصلي بخدمة الإدارة وبالتالي فإن المطالبة بتلك الفوائد بحسبانها تعويضاً إنما يستند إلى واقعة التأخير وسدد المبالغ التي أصبحت معلومة المقدار بما حدا بالإدارة إلى اللجوء إلى القضاء وأن ذلك يختلف عن الواقعة المنشئة للحق في استرداد نفقات الدراسة والتي تخلص في الإخلال بالالتزام الأصلي ومن ثم فلا وجه للقول بأن قيمة نفقات الدراسة والفوائد القانونية عنها هما تعويضان عن واقعة واحدة وبالتالي يكون الحكم المطعون عليه وقد ذهب إلى غير هذا المذهب - مخالفاً للقانون بما يتعين تعديله بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بالمبلغ المقضى به وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامهما بمصروفات هذا الطعن طبقاً لحكم المادة 184 مرافعات.
ومن حيث إن الطاعن في الطعن رقم 97 لسنة 37 ق قد خسر الطعن فإنه يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: بقبول الطعن رقم 97 لسنة 37 ق شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 3488 لسنة 36 ق شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ أربعة وعشرين ألف ومائة وثلاثة عشر جنيهاً، وسبعمائة وأربعة وأربعون مليماً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 30/ 8/ 1987 وحتى تمام السداد وألزمتهما المصروفات.


(1) الحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ بجلسة 6/ 1/ 1994 في الطعن رقم 1264 لسنة 35 ق.

الطعن 2849 لسنة 32 ق جلسة 2 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 103 ص 1044

جلسة 2 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النجار وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

------------------

(103)

الطعن رقم 2849 لسنة 32 القضائية

دعوى الإلغاء - طلب وقف التنفيذ - ركن الاستعجال 

- المنازعة حول طلب تسجيل أحد صناديق التأمين الخاصة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 - ليس من شأنه أن تتحقق حالة الاستعجال الموجبة لطلب وقف التنفيذ - لا ينال مما سبق أن اشتراكات العضوية قد بدأ تحصيلها وأن ذلك رهين بتسجيل الصندوق - أساس ذلك أن تأخير صرف هذه المزايا لا يعدو أن يكون قرار يمكن جبره بالتعويض عنه إن كان لذلك مقتضى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 5/ 7/ 1986 أودع الأستاذ/ محمد حسن الإسناوي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على التأمين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2849 لسنة 32 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في الدعوى رقم 7190 لسنة 38 ق، والذي قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الرابع وبرفض الدفع بعدم قبولها بالنسبة إلى المدعى عليهما الأول والثاني وبقبولها، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغائه والحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وأودع الأستاذ المستشار...... مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/ 11/ 1991 حيث نظرته بالجلسة المذكورة، وبالجلسات التالية حتى قررت الدائرة في 21/ 12/ 1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وقد تم تداول الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر بجلسة 28/ 2/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم 2/ 5/ 1993 وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 28/ 8/ 1984 أقامت مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر (المطعون ضدها) الدعوى رقم 7190 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) وطلبت في ختامها الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ثانياً: بإلغاء القرار المشار إليه الصادر بالامتناع عن تسجيل صندوق التأمين الخاص بالعاملين بالمؤسسة المدعية وكذلك إلغاء توصية اللجنة العليا للسياسات التي بني عليها قرار الامتناع عن التسجيل وإلزام المطعون ضدهم بتسجيل الصندوق المشار إليه والمصروفات. وذلك على سند من القول من أنها (المؤسسة المدعية) تقدمت بتاريخ 10/ 6/ 1984 إلى الهيئة العامة للرقابة على التأمين لتسجيل صندوق تأمين خاص بالعاملين بها طبقاً لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية، وقدمت كافة الأوراق والمستندات اللازمة قانوناً، وقد فوجئت بكتاب الهيئة المدعى عليها المؤرخ 8/ 7/ 1984 بإعادة كافة المستندات إليها استناداً إلى توصية اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بعدم تسجيل أية صناديق تكميلية جديدة، وقد نعت المؤسسة المدعية على هذا الاتجاه الذي يعد بمثابة قرار إداري بالامتناع عن تسجيل الصندوق الذي استوفى شرائطه وأركانه القانونية، مخالفته للقانون وإساءته لاستعمال السلطة لأنه بفرض صدور توصية اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية فإنها لا ترقى إلى مرتبة القرار والتشريع الذي يعطل أحكام القانون، ولما كان الاستمرار في الامتناع عن تسجيل الصندوق المشار إليه يرتب ضرراً بالغاً بالعاملين يتعذر تداركه يتمثل في عدم استفادتهم من مزايا الصندوق.
وبجلسة 8/ 5/ 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الرابع، وبرفض الدفع بعدم قبولها بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني وبقبولها وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وشيدت قضاءها على سند من نصوص القانون رقم 54 لسنة 1975 بشأن صناديق التامين الخاصة التي خولت لرئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للرقابة على التأمين سلطة تقديرية في إصدار قرار قبول طلب تسجيل الصندوق أو عدم إصداره في حاله واحدة فقط في حالة ما إذا ارتأى - قبل أن يصدر القرار فحص الشروط العامة للعمليات التي يتولى الصندوق مباشرتها والأسس الفنية التي تقوم علها بواسطة أحد الخبراء الاكتواريين على النحو الذي ورد بالمادة (5) من القانون، وفي غير هذه الحالة فليس من سلطة رئيس مجلس إدارة الهيئة الامتناع عن إصدار القرار بقبول طلب التسجيل عقب تقديمه مستوفياً المستندات التي ورد بيانها في المادة (4) وذلك أعمالاً لصريح نص المادة (3) من القانون التي أوجبت تسجيل الصندوق بمجرد إنشائه، وأن الظاهر من الأوراق أن المؤسسة المدعية بعد أن تقدمت بطلب تسجيل صندوق التأمين الخاص بالعاملين إلى الهيئة المصرية للرقابة على التأمين بتاريخ 19/ 6/ 1984، أبلغتها الهيئة، المذكورة بتاريخ 8/ 7/ 1984 بمضمون توصية اللجنة العليا للسياسات المشار إلها بعدم تسجيل أية صناديق تكميلية جديدة وأعادت إلى المؤسسة الطلب ومستنداته وامتنع رئيس الهيئة عن إصدار القرار بقبول تسجيل الصندوق سالف الذكر مما يكون معه القرار السلبي المطعون فيه قد خالف القانون إذا استند إلى غير الحالة الوحيدة التي أجاز فيها المشرع لرئيس الهيئة إرجاء البت في قبول طلب التسجيل على النحو السالف بيانه ومن ثم يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المذكور فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل في عدم إفادة العاملين بالمؤسسة المدعية من مزايا النظام الذي تم وضعه وترتب أموره في إطار القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، فالمشرع لم يمنح رئيس مجلس إدارة الهيئة سلطة تقديرية في إصدار وعدم إصدار القرار إلا في حالة فحص الشروط العامة للعمليات التي يتولى الصندوق مباشرتها والأسس الفنية التي تقوم عليها بواسطة أحد الخبراء الاكتواريين، ويكون الحكم قد أخطأ في تفسير القانون حين قرر أنه طالما أن الصندوق تقدم بأوراقه ومستنداته وكان من بينها تقرير الخبير فليس من سلطة رئيس مجلس إدارة الهيئة الطاعنة الامتناع عن إصدار قرار بقبول طلب التسجيل، لأن - في ذلك إهداراً لبقية نصوص القانون، فضلاً عن إهدار توصية العليا للسياسات بجلستها المنعقدة في 27/ 4/ 1983 والتي انتهت إلى عدم تسجيل أية صناديق تكميلية جديدة، بالإضافة إلى أن الهيئة قد رأت أن هذه الصناديق تعتمد في الجزء الأعظم من مواردها على جهات العمل التابعة لها، وقد تتوقف هذه الجهات عن تمويل هذه الصناديق وقد يترتب على ذلك انهيار الصناديق مالياً وإلغائها بعد استعادة البعض وحرمان الأغلبية العظمى بعد سداد ما عليهم من اشتراكات، وقد أخطأ الحكم المطعون فيه أيضاً حين قرر بتوافر ركن الاستعجال لأن التأمين هنا هو تأمين تكميلي من نوع خاص يضاف إلى التأمين الإجباري الاجتماعي الذي كفلته الدولة لسائر العاملين بها، ولا يعتبر هذا التأمين التكميلي من الضرورات العاجلة التي يترتب على التراخي فيها أضرار يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه طبقاً للمادة (49) من قانون مجلس الدولة لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا بتحقيق ركنين الأول الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية من صحيح أحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق بالنسبة لركن الاستعجال اللازم توافره لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، أن المنازعة مدارها طلب تسجيل أحد صناديق التأمين الخاصة بالتطبيق لأحكام القانون رقم (54) لسنة 1975 وموقف الجهة الإدارية المختصة من هذا الطلب، ولا ضير من بقاء الحال على ما هو عليه إلى أن يقضي في موضوع طلب الإلغاء، وليس من شأن هذا أن تتحقق الخطورة الموجبة لوقف التنفيذ، وليس للمؤسسة المطعون ضدها أن تحتج بأن هناك حالات قد تحققت فيها فعلاً مزايا الصندوق وأن اشتراكات العضوية الخاصة به قد بدأ تحصيلها، فضلاً عن أن - ذلك رهين بتسجيل الصندوق وليس قبل ذلك طبقاً للمادة (3) من القانون المشار إليه، فإن كل ما يترتب على تأخير صرف هذه المزايا لا يعدو أن يكون قرار يمكن جبره بالتعويض عنه إن كان لذلك مقتضى، وهو ما ينفي وجود نتائج يتعذر تداركها من جراء القرار المطعون فيه فيما لو فرض وقضي بإلغائه الأمر الذي يستوجب رفض طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، لم يلتزم بهذا النظر وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تفسير القانون وتأويله، ومن ثم يكون خليقاً بالإلغاء ويتعين القضاء والأمر كذلك برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المؤسسة المطعون ضدها بالمصروفات.

الطعن 1233 لسنة 32 ق جلسة 2 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 102 ص 1031

جلسة 2 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النجار وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------------

(102)

الطعن رقم 1233 لسنة 32 القضائية

ترخيص - ترخيص فتح الصيدليات - أسبقية قيد طلب فتح صيدلية - المعاينة - المواد 11، 12، 13، 30 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة 

- متى قدم طلب الترخيص متوافراً كافة المستندات أدرج في السجل المعد لذلك - رتب المشرع على أسبقية قيد طلب الترخيص في السجل امتناع جهة الإدارة عن الترخيص لصيدلية أخرى على مسافة تقل عن مائة متر - قيد المسافة شرط جوهري لدى الترخيص بإنشاء الصيدليات العامة - لا تملك جهة الإدارة سلطة تقديرية بالتجاوز أو التغاضي عن قيد المسافة فسلطتها مقيدة لا مجال فيها إلى الترخيص أو التقدير - يترتب على أسبقية الطلب التزام جهة الإدارة بإجراء معاينة لموقع الصيدلية وإخطار طالب الترخيص برأيها فيه في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل - عدم إخطار طالب الترخيص برأي الجهة الإدارية في الموقع خلال هذه المدة يعد قانوناً في حكم الموافقة على صلاحية الموقع شريطة عدم الإخلال بقيد المسافة - يتعين أن تتم المعاينة على نحو يكفل سلامة اختيار الموقع الملائم - من أسس سلامة المعاينة أن يحضر طالب الترخيص وقت إجراء المعاينة - إلزام المشرع الجهة الإدارية بأن تتم المعاينة وتثبت في محضر وفقاً للنموذج المعد في هذا الشأن - إخلال جهة الإدارة في بيانات المحضر وتقديم محضر مبتسر يفيد أن الموقع وهمي رغم وجود المبنى فعلاً في تاريخ المعاينة - نتيجة ذلك: -

قرار جهة الإدارة بحفظ طلب الترخيص يكون غير قائم على سبب واقعي مخالفاً للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 9 من مارس سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بالجدول العام تحت رقم 1233 لسنة 32 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد والهيئات - بجلسة 9/ 1/ 1986 في الدعوى رقم 5008 لسنة 39 ق فيما قضي به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. طلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام رافعها المصروفات والأتعاب عن الدرجتين - وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المقرر قانوناً.
قدم الأستاذ المستشار..... مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3 من ديسمبر سنة 1990 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 4 من نوفمبر سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1991 وبالجلسات التالية، وبجلسة 6 من ديسمبر سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 24 من يناير سنة 1993 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 2 من مايو سنة 1993 لإتمام المداولة، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 25 من يونيه سنة 1985 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 5008 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات - طلب في ختامها الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار حفظ طلب الترخيص بصيدلية أسماء بالسنطة المقدم من المدعي والمقيد بسجلات الطلبات بمديرية الشئون الصحية بطنطا تحت رقم 76 بتاريخ 5/ 3/ 1985 وإعطاء الأوراق سيرها القانوني الذي رسمته المادة (13) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثالثاً: بتعويض المدعي على سبيل التعويض المؤقت لما أصابه من أضرار ترتبت على حرمانه من حقه المشروع في الترخيص في المواعيد المحددة لذلك في القانون وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه صيدلي مرخص له بمزاولة المهنة لمضي أكثر من سنة على تخرجه، وقد تقدم إلى مديرية الصحة بطنطا بطلب الحصول على ترخيص بصيدلية عامة بملكة الكائن ببندر السنطة وفقاً للقانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، وقد تقدم بطلب بالبريد المسجل بعلم الوصول وأرفق به الأوراق اللازمة وأهمها الرسم الهندسي للمكان المراد تخصيصه والإيصال الدال على سداد رسم النظر. وقد أدرج طلبه بالسجل المخصص لذلك تحت رقم (76) بتاريخ 5/ 3/ 1985، وقد أخطرته جهة الإدارة بذلك بكتابها المؤرخ 6/ 3/ 1985، كما أخطرته في ذلك التاريخ بأنه قد تحدد يوم السبت 9/ 3/ 1985 لإجراء المعاينة الأولى، وقد انتظر المدعي في المكان المراد ترخيصه طول النهار وجزء من الليل دون أن يحضر مفتش صحة السنطة لإجراء المعاينة وإبداء الرأي في الموقع والتثبت من توافر الاشتراطات في الموعد المضروب، ولما استفسر منه في اليوم التالي علم أن الأوراق لم تصله من قسم الصيدلة بطنطا فتوجه إلى القسم المذكور حيث أخبره الصيدلي المختص بقيد طلبات الترخيص بأنه هو شخصياً المسئول عن المعاينة وإبداء الرأي وأنه توجه إلى السنطة في الميعاد المحدد فلم يجد أحد في الموقع، ووجد أن الطلب قدم عن موقع وهمي وأبلغ المدعي بحفظ طلبه وقد توجه المدعي إلى الشرطة لإثبات حالة المبنى المراد تخصيصه، وقد تحرر عن ذلك محضر إثبات الحالة رقم 1186/ 1985 إداري السنطة بتاريخ 10/ 3/ 1985 وتمكن المدعي بعد ذلك من مقابلة مديرة قسم الصيدلة بطنطا يوم 13/ 3/ 1985 فأفهمته أنها وقعت قبل حضوره خطاباً بحفظ الأوراق. وعليه أن يقدم طلباً آخر، فأرسل طلباً أخر بالبريد المسجل قيد برقم 79 بتاريخ 14/ 3/ 1985 عن ذات المكان، وقد أصابته الدهشة عندما حدد له الصيدلي المختص يوم 25/ 3/ 1985 لإجراء المعاينة، ولكن دهشته زالت عندما علم أن زميلاً له ينافسه في الحصول على ترخيص بفتح صيدلية بذات الشارع وعلى بعد أمتار قليلة منه وذلك عن مكان مزمع أقامته على أرض فضاء مجاورة وأنه قصد من إطالة فترة المعاينة إفساح الوقت أمام المنافس ليتمكن من إقامة المبنى وإجراء المعاينة قبل الموعد المحدد لمعاينة صيدلية المدعي، وحتى يصرف له الترخيص قبل المدعي، بناء على طلبه المقدم بتاريخ 13/ 3/ 1985 أي بعد تاريخ تقديم المدعي طلبه الأول، وقد اعتبرت مديرية الصحة طلب المدعي اللاحق طلباً جديداً قدم بعد تقديم طلب الزميل المنافس وأخطر المدعي في 1/ 4/ 1985 بأنه نتج عن المعاينة عدم استيفاء شرط المسافة المنصوص عليه في المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 وقد تظلم المدعي من هذا القرار الأخير موضحاً موقفه وأسبقيته في تقديم الطلب فأمرت مديرة قسم الصيدلة بإيقاف إجراءات الطلبين. وأضاف المدعي أنه كان يتعين إرسال الرسم الهندسي للسلطة الصحية المختصة لإجراء المعاينة والتثبت من ملائمة الموقع صحياً وتوافر الاشتراطات اللازمة الصادر بها قرار وزير الصحة المنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 24/ 5/ 1956 ولكنها أسندت الأمر إلى أحد الصيادلة العاملين بالمنطقة وهو غير مختص بذلك، ومتى تقدم المدعي بطلبه واستوفى المستندات والأوراق اللازمة وقيد بتاريخ 5/ 3/ 1985 ولم تنفذ جهة الإدارة أحكام القانون ولم ترسل الرسم الهندسي وباقي الأوراق إلى مفتش صحة السنطة المختص ببحث ملاءمة الموقع واستيفاء الاشتراطات اللازمة طبقاً لنص المادة (13) من القانون رقم (127) لسنة 1955 لذلك يكون المدعي قد استحقت له الموافقة الحكمية على الموقع بفوات ثلاثين يوماً على تقديم طلبه الأول، ووجود مسافة (130) متراً بين المكان المطلوب الترخيص به وبين أقرب صيدلية ولا عبرة بأية إجراءات اتخذتها جهة الإدارة وانحرفت بها عن صحيح حكم القانون. خلص المدعي إلى طلباته السابقة.
وبجلسة 9 من يناير سنة 1986 صدر الحكم المطعون فيه وقضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها قي مقام مدى توافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ بأن البادي من ظاهر الأوراق أن السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه هو أن المعاينة التي أجريت للمحل المراد الترخيص فيه للمدعي بفتح صيدلية أسماء بالسنطة أسفرت عن وهمية الموقع، وقد جاء بدفاع جهة الإدارة أنه بتاريخ 9/ 3/ 1985 قامت اللجنة المختصة بإجراء معاينة للموقع المقدم عنه طلب المدعي فتبين لها عدم وجود محل بهذا الموقع، إذ اكتفى بأن أقام في عجلة من أمره أحد حوائط الجدران فقط مما لا يصلح أساساً لمنح ترخيص بفتح صيدلية عامة، وتقرر لذلك حفظ طلبه إدارياً وأخطر بذلك بالكتاب رقم 468 بتاريخ 13/ 3/ 1985، ولم تقدم جهة الإدارة محضر المعاينة الذي أشارت إليه في دفاعها ولا أي مستند آخر يؤيد هذا الدفاع، ولم يكشف ظاهر الأوراق عن أن لجنة تابعة لقسم الصيدلة بمحافظة الغربية قد قامت فعلاً بمعاينة الموقع أو قابلت مقدم الطلب أو أحداً من رجال الإدارة أو الأهالي. وجاءت ادعاءات جهة الإدارة في هذا الشأن مجرد أقوال مرسلة لا يساندها من أوراق الدعوى دليل أو قرينة ويبين من محضر الشرطة رقم 1181 لسنة 1985 إدارة السنطة بناء على طلب المدعي وقد ثبت من المعاينة التي أجرتها الشرطة بتاريخ 10/ 3/ 1985 للمبنى الذي أرشد عنه المدعي ويقع في شارع بور سعيد بمدينة السنطة أن المبنى مكون من دور واحد عبارة عن محل مساحته 4.5×6.5 تقريباً وارتفاعه حوالي 3.5 متر ومبني بالطوب الأحمر والخرسانة والأسمنت وسقوف بالخرسانة المسلحة وله باب صاج بمسافة 2×3 متراً ولا يوجد به مياه أو كهرباء، ويرجح أنه أقيم من حوالي أسبوعين سابقين على المعاينة ومن ثم يكون قد ثبت بدليل رسمي وجود المبنى في تاريخ المعاينة التي تقول جهة الإدارة أنها أجرتها في 9/ 3/ 1985، وأن الادعاء بوهمية الموقع المقدم عنه طلب الترخيص بحسب الظاهر من الأوراق هو ادعاء مخالف للواقع، ولم يتأيد بأي دليل - ومن ثم تكون قد تخلفت الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب في القرار المطعون فيه ويكون ذلك القرار قد أقيم - بحسب الظاهر من الأوراق على سبب مخالف للقانون مما يرجح معه إلغاؤه عند الفصل في طلب وقف التنفيذ ويتوافر بذلك ركن الجدية اللازم للحكم بوقف التنفيذ في القرار المطعون فيه، كما يتوافر ركن الاستعجال إذ يترتب على تنفيذ القرار تعطيل استغلال المحل والمبنى الذي أعده المدعي للترخيص له فيه بفتح صيدلية عامة طوال المدة التي يستغرقها الفصل في طلب الإلغاء، مما يؤدي بالتبعية إلى حرمان المدعي من الأرباح التي يعول عليها من فتح الصيدلية الجديدة لتحسين أحواله الاجتماعية، وحرمانه من الشهرة والسمعة التجارية التي تكتسب بمرور الوقت من تاريخ بدء استغلال الصيدلية وكل هذه نتائج يتعذر تداركها ومن ثم يتوافر في حق طلب وقف التنفيذ ركن الاستعجال بالإضافة إلى ركن المشروعية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن المطعون ضده قد تقدم بطلب للترخيص له بإدارة الصيدلية بتاريخ 3/ 3/ 1985 ولم يستوف المستندات المطلوبة إلا بتاريخ 5/ 3/ 1985 ومن ثم قيد طلبه في السجل المختص لذلك في التاريخ الأخير وأخطر بتاريخ 6/ 3/ 1985 بتحديد يوم 9/ 3/ 1985 موعداً للمعاينة وفي هذا التاريخ تمت المعاينة من قبل اللجنة المختصة حيث تبين لها عدم وجود المبنى المزعوم ترخيصه كصيدلية وإنما وجدت أرض فضاء مقام عليها في عجالة أحد الجدران مما حدا باللجنة إلى حفظ الطلب، كما أن المطعون ضده تقدم بطلب ترخيص ببناء مخزن وليس صيدلية للوحدة المحلية بالسنطة مؤرخ 2/ 3/ 1985 وسدد رسم الفحص في 2/ 3/ 1985 وتم إجراء المعاينة للموقع المزمع إقامة المبنى عليه حيث تبين أنها أرض فضاء وذلك بتاريخ 4/ 3/ 1985 ومن ثم تم استخراج رخصة بناء مخزن طبقاً لطلبه برقم 43/ 85 بتاريخ 26/ 3/ 1985 وبديهي أنه لا تتم إقامة أية مباني إلا بعد استصدار الترخيص المطلوب طبقاً لحكم القانون رقم 106 لسنة 1976 بتنظيم المباني الأمر الذي يؤكد صحة ما انتهت إليه جهة الإدارة عند إجراء المعاينة وثبوت أن الموقع وهمي ومن ثم فإن قرار جهة الإدارة بحفظ الطلب المقدم من المطعون ضده للترخيص بإدارة الصيدلية المؤرخ 5/ 3/ 1985 إنما صادف صحيح حكم القانون ولا مطعن عليه ومن ثم ينتفي ركن الجدية مما يتعين الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك يكون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إنه طبقاً للمادة (49) من قانون مجلس الدولة لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا بتحقق ركنين: الأول: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها الحكم بالإلغاء عند نظر طلب الإلغاء والثاني الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وإذ تنص المادة (11) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة على أنه "لا يجوز إنشاء مؤسسة صيدلية إلا بترخيص من وزارة الصحة العمومية.... ولا يصرف هذا الترخيص إلا إذا توافرت في المؤسسة الاشتراطات الصحية التي يصدر بيانها قرار من وزير الصحة العمومية وكذلك الاشتراطات الخاصة التي تفرضها السلطات الصحية على صاحب الشأن في الترخيص فيها..... وتنص المادة 12 من ذات القانون على أن "يحرر طلب الترخيص إلى وزارة الصحة العمومية على النموذج الذي تعده وزارة الصحة العمومية ويرسل للوزارة بخطاب مسجل بعلم الوصول مرفقاً به ما يأتي:
1 - شهادة تحقيق الشخصية وصحيفة عدم وجود سوابق. 2 - شهادة الميلاد أو أي مستند أخر يقوم مقامها. 3 - رسم هندسي من ثلاث صور للمؤسسة المراد الترخيص بها. 4 - الإيصال الدال على سداد رسم النظر قدره خمس جنيهات مصرية. فإذا قدم الطلب مستوفياً أدرج في السجل الذي يخصص لذلك ويعطي للطالب إيصال ويوضح به رقم وتاريخ قيد الطلب في السجل.
وتنص المادة (13) على أن "يرسل الرسم الهندسي إلى السلطة الصحية للمعاينة وتعلن الوزارة طالب الترخيص برأيها في موقع المؤسسة في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المشار إليه ويعتبر في حكم الموافقة على الموقع، فوات الميعاد المذكور دون إبلاغ الطالب بالرأي بشرط عدم الإخلال بأحكام الفقرة الثانية من المادة (30) من هذا القانون. فإذا أثبتت المعاينة أن الاشتراطات الصحية المقررة مستوفاة صرفت الرخصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ المعاينة وإلا وجب إعطاء الطالب المهلة الكافية لإتمامها ثم تعاد المعاينة في نهايتها ويجوز منحه مهلة لا تجاوز نصف المهلة الأولى فإذا ثبت بعد ذلك أن الاشتراطات لم تتم رفض طلب الترخيص نهائياً".
وتنص المادة (30) على أنه "لا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي مرخص له في مزاولة مهنته يكون مضى على تخرجه سنة على الأقل.... ويراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص فيها على مائة متر".
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أن طلب الترخيص بمؤسسة صيدلية متى قدم متوافراً على كافة المستندات أدرج في السجل المعد لذلك ويعطي طالب الترخيص إيصالاً موضحاً به رقم وتاريخ قيد الطلب في السجل وذلك لما رتبه المشرع من نتيجة هامه على أسبقية قيد طلب الترخيص في السجل والمتمثلة في امتناع جهة الإدارة عن الترخيص لصيدلية أخرى على مسافة تقل عن مائة متر صيانة للمنافسة المشروعة في هذه المهنة ذات الطابع المتميز لارتباطها الوثيق بصحة الجمهور وسلامة المرضى فقيد المنافسة اشتراط جوهري لدى الترخيص بإنشاء الصيدليات العامة لا مجال إلى الفكاك منه ولا سبيل فيه إلى تقدير الجهة الإدارية التي لا تملك مجاوزته أو التغاضي عنه إذ يتحدد موقفها في شأنه بناء على سلطة مقيدة لا مجال فيها إلى الترخيص أو التقدير. وبعد قيد الطلب في السجل أوجب المشرع على الجهة الإدارية إجراء (معاينة) لموقع الصيدلية وإخطار طالب الترخيص برأيها في هذا الموقع في موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطالب بالسجل المشار إليه، بل إن عدم إخطار الطالب الترخيص برأي الجهة الإدارية في الموقع خلال المدة المشار إليها يعد قانوناً في حكم الموافقة على صلاحية الموقع شريطة عدم الإخلال بقيد المسافة المنوه عنه في المادة (30) آنفة البيان، ومن أجل سلامة صدور الترخيص صحيحاً بفتح صيدلية في موقع مناسب لأداء هذا العمل والتأكد من توافر الشروط في الموقع، ومن ناحية أخرى ضماناً لحق طالب الترخيص في جدية الإجراء الذي تقوم به الجهة الإدارية قبل موافقتها أو رفضها للموقع المقترح للصيدلية استلزم أن تقوم السلطة الصحية المختصة بإجراء معاينة للموقع، ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه تحقيقاً للغايات السالفة يتعين أن تتم المعاينة على نحو يكفل سلامة اختيار الموقع الملائم وألا يدحض حق طالب الترخيص ومن ثم يتعين أن تتوافر في المعاينة الضوابط التي تكفل سلامتها وإتمامها على وجهها الأكمل ومن أهم أسس سلامة هذه المعاينة أن يكون طالب الترخيص حاضراً أثناء إجراء المعاينة أو بحضور أحد رجال الإدارة في حالة إخطار طالب الترخيص إخطاراً صحيحاً مع إحجامه عن الحضور للمعاينة في الموعد المحدد بدون مبرر أو عذر وأن يثبت في محضر كافة الإجراءات التي قام بها المختص بإجراء المعاينة من الانتقال وكيفية الاستدلال على المكان وإثبات الحالة التي وجد عليها الموقع مغلقاً أو مفتوحاً ووصفه تفصيلاً وكيفية دخوله وساعة الدخول مع الاستفسار والاستيضاح وسؤال الجيران عن الموقع وما إلى ذلك من إجراءات يتعين أن يلتزم بها قانوناً لكي تحيط علمه بالثقة والاطمئنان ولكي يمكن للسلطة الرئاسية المختصة من بسط الرقابة على هذا العمل فضلاً عن تمكين محاكم مجلس الدولة من ممارسة ولايتها في رقابه مشروعية القرار وصحة قيامه على الأسباب الواقعية المرافقة لصدوره.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الظاهر من الوراق أن المطعون ضده قد تقدم بطلب الترخيص له بصيدلية أسماء بمدينة النسطة وذلك بالبريد المسجل بعلم الوصول وأرفق به الأوراق اللازمة وأدرج الطلب في السجل المعد لذلك برقم (76) بتاريخ 5/ 3/ 1985 وأخطرته الإدارة بأن تاريخ المعاينة قد تحدد في يوم 9/ 3/ 1985، ولما كان ما قدمته جهة الإدارة كمحضر معاينة للموقع قد ورد مبتسراً بأن الموقع وهمي وأنه أقام فقط أحد الحوائط في عجالة ولم يتضمن المحضر تحديد شخص ووظيفة من أجرى المعاينة وساعتها وانتقاله للمكان ومن قابله من رجال الإدارة أو الجيران وحالة ووصف المبنى كل ذلك لم يتضمنه محضر المعاينة، ويمثل ذلك نقصاً جسيماً في إجراءات الطبيعية التي توجبها المبادئ السليمة لحسن الإدارة والتي تقتضيها وغني عن البيان أن وجود نموذج محدد لمحضر المعاينة تجري السلطات الصحية المختصة على تحريره بالحتم والضرورة لنصوص القانون المتعلقة بالترخيص ويتحقق بها الحكمة المقصودة من إجراء هذه المعاينة بكفالة المعاينة الواقعية الصحيحة ووفقاً وفي إطار إتمامها في المقر المحدد في طلب الترخيص وبمراعاة شهادة وحضور طالب الترخيص وغيره من ذوي الشأن بما يكفل توفير المعلومات الصحيحة من طالب الترخيص عن المقر المطلوب الترخيص به من جهة ولتوفير ضمانات حق طالب الترخيص في الدفاع عن حقه في مواجهة الجهة الإدارية ومندوبيها الذين تندبهم لإجراء المعاينة لواقع الحال وهو حق أصيل كفله الدستور صراحة بالمادة (69) منه في جميع الأحوال لا يترتب عليه إهدار الضمانات سالفة البيان سواء كان سندها حق الدفاع الذي كفله الدستور. أم حتمية المبادئ الطبيعية الإدارة الحسنة، فلا يتبقى أن يكون شكل المحضر كما ورد بالنموذج سبباً في عدم تضمن المحضر كيفية وصول محرره إلى نتيجة المعاينة للموقع سواء بالقبول أو بالرفض ومن حيث إنه بالإضافة إلى ذلك فإن المطعون ضده وعلى ما يبين من ظاهر الأوراق قد بادر وبتاريخ 10/ 3/ 1985 أي في اليوم التالي للتاريخ المحدد لإجراء المعاينة بتحرير محضر الشرطة رقم 1181/ 85 إداري السنطة - مثبت به معاينة الشرطة للمبنى الذي أرشد عنه المطعون ضده ويقع بشارع بور سعيد بمدينة السنطة، وموضحة حدوده بالمحضر وأنه مكون من دور واحد عبارة عن محل مساحته 4.5×6.5 م وارتفاعه حوالي 3.5 م مبني بالطوب الأحمر والخرسانة والأسمنت ومسقوف بالخرسانة المسلحة وله باب صاج بمساحة 2×3 م ولا يوجد به مياه أو كهرباء ويرجع إقامته من حوالي أسبوعين، ومن حيث إنه وإن كانت الشرطة غير مختصة بمعاينة الصيدلية بدلاً من السلطة الصحية المختصة التي أوكل المشرع لها ذلك - إلا أن المعاينة الثابتة بمحضر الشرطة قد اقتصرت على إثبات حالة المبنى مجرداً ودون بحث في استكمال الشروط المقررة قانوناً فيه كصيدلية وهو أمر يدخل في الاختصاص الإداري الضبطي للشركة وبالتالي وبناء على محضر المعاينة الذي قامت به الشرطة وعلى ما سلف بيانه من نقص وقصور في محضر المعاينة الذي استندت إليه الإدارة في اعتبار الموقع المطلوب الترخيص بصيدلية فيه موقع وهمي فإنه يكون البادي لدى المحكمة بحسب ظاهر الأوراق - وجود المبنى فعلاً في التاريخ الذي حددته السلطة المختصة لإجراء المعاينة وهو 9/ 3/ 1985 ويكون قرارها بحفظ طلب المطعون ضده لأن مقر طلب الترخيص وهمي غير قائم على سبب واقعي صحيح بالمخالفة لأحكام القانون ومن ثم يكون قد توافر في طلب وقف التنفيذ ركن الجدية اللازم توافره لإجابة هذا الطلب فضلاً عن أن الاستمرار في تنفيذ القرار المطعون فيه من تعطيل استغلال المبنى المملوك للمطعون ضده طوال المدة التي تستغرقها الفصل في طلب الإلغاء وهو أمر يتعذر تداركه لما فيه من تفويت لمصالح مادية ومهنية وأدبية على المطعون ضده مما يتوافر معه ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ كذلك.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالنظر المتقدم وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه لما سلف بيانه من أسباب يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن فيه مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات تطبيقاً لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

الطعن 216 لسنة 34 ق جلسة 17 / 5 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 135 ص 1395

جلسة 17 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(135)

الطعن رقم 216 لسنة 34 القضائية

إصلاح زراعي - الأراضي المستولى عليها - إلغاء عقود الإيجار - الجهة المختصة به.
المادة (35) مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي الصادر المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمضافة بالقانون رقم 52 لسنة 1966.
الأصل أن عقود إيجار الأراضي الزراعية تلغي بموجب حكم قضائي - يستثنى من ذلك إلغاء عقود الأراضي الزراعية المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي والتي تؤول ملكيتها إلى الدولة أو تقوم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بشرائها - منح المشرع مجلس إدارة الهيئة المذكورة الاختصاص بإلغاء تلك العقود إذا اقتضت ذلك إجراءات استصلاح تلك الأراضي أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون أو إذا اقتضت المصلحة العامة تخصيص الأراضي لتحقيق غرض ذي نفع عام - لمجلس الإدارة مباشرة هذا الاختصاص في حالة إخلال المستأجر بأحد التزاماته الجوهرية المنصوص عليها في القانون أو العقد - يشترط لذلك أن يسبق القرار إخطار المستأجر حتى يبدي دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه - بعرض هذا الدفاع على مجلس الإدارة الذي له أن يتخذ القرار في ضوء ما يراه محققاً للصالح العام - يكون ذلك تحت رقابة القضاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 17/ 12/ 1987 أودع الأستاذ/....... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا نيابة عن الأستاذ/..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعنين بالتوكيلين 2863 لسنة 1987، 2865 لسنة 1987 - تقرير الطعن رقم 216 لسنة 24 ق ضد المطعون ضدهم - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - بجلسة 22/ 10/ 1987 في الدعوى رقم 6862 لسنة 38 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهم والذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجدداً بأحقيتهم في الانتفاع بالأرض محل النزاع كل حسب نصيبه الذي يضع يده عليه مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى لفحص الطعون والتي قررت بجلسة 18/ 11/ 1991 إحالته إلى الدائرة الثالثة (فحص) وبعد تداول الطعن أمام الدائرة قررت بجلسة 18/ 8/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 16/ 10/ 1993 حيث تدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 15/ 2/ 1994 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 12/ 4/ 1994 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو ثابت بالأوراق - تخلص في أن الطاعنين - أقاموا الدعوى رقم 1426 لسنة 1981 أمام محكمة بني سويف الابتدائية بإيداع عريضتها قلم كتاب تلك المحكمة في 5/ 9/ 1981 طلبوا في ختامها الحكم بتمكينهم من الانتفاع بمساحة 12 ط 8 ف أراضي زراعية كائنة بزمام السبوح مركز الفشن بحوض الفكرية رقم 4 والموضحة الحدود بعريضة الدعوى كل بحسب نصيبه الذي يضع يده عليه وينتفع به مع كف منازعة الإصلاح الزراعي لهم في هذا الانتفاع وذلك في مواجهة السيدين وكيل نيابة الفشن ومأمور شرطة مركز الفشن وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وحفظ حقوقهم الأخرى وذلك على سند من القول بأنهم يضعون اليد كل بحسب نصيبه على الأرض محل النزاع منذ ثماني سنوات بطريق الإيجار من هيئة الإصلاح الزراعي إلا أنهم فوجئوا بتعريض تلك الهيئة لهم وطلب طردهم وذلك بالمخالفة لأحكام القانون.
وبجلسة 29/ 4/ 1982 حكمت محكمة بني سويف الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل بني سويف لتنفيذ المأمورية المشار إليها وعقب تنفيذ هذا المكتب لمأموريته قدم تقريراً عنها مرفقاً به محاضر الأعمال وبجلسة 14/ 8/ 1984 حكمت محكمة بني سويف الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري مع إبقاء الفصل في المصروفات حيث أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها العام برقم 6862 لسنة 38 ق وبجلسة 22/ 10/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري - برفض الدعوى - تأسيساً على أن الثابت بالأوراق أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد أصدرت القرار 1832 لسنة 1982 متضمناً إلغاء عقود الإيجار مع المدعين عن الأرض محل النزاع استناداً إلى حكم المادة (35) مكرراً "1" من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون 11 لسنة 1972 حيث قام المدعون باعتبارهم مستأجرين لتلك الأرض والتي هي عبارة عن حديقة مزروعة بأشجار الموالح بقطع أشجارها ورأت الهيئة إخلاءهم منها لإعادة تشجيرها وبالتالي يكون هذا القرار متفقاً وصحيح القانون وبالتالي يقتضي القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للوقائع والقانون ذلك لأنهم لا يستأجرون الأرض محل النزاع لزراعتها وإنما يستأجرونها منذ مدة طويلة ويستغلونها في زراعة مختلف المحاصيل كما وإن ما نسب إلى بعضهم من تقطيع أشجار الحديقة لا ينهض سبباً للقرار الصادر بإخلائهم من تلك الأرض بحسبان أن تلك المخالفة غير منسوبة إليهم جميعاً وإنما إلى بعضهم وقد قام هذا البعض بسداد التعويضات التي طلبتها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هذا فضلاً عن أن الهيئة المذكورة لم تطبق في شأنهم صحيح حكم المادة 35 مكرر (1) في القانون 178 لسنة 1952 حيث لم تخطرها لإبداء دفاعهم قبل صدور قرار إلغاء عقودهم على النحو الذي تشترطه تلك المادة.
ومن حيث إن الثابت بتقرير الخبير المنتدب من محكمة بني سويف الابتدائية وحافظة مستندات الإدارة المقدمة لمكتب الخبراء أن الأرض محل النزاع مملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعد الاستيلاء عليها قبل أحد الخاضعين لأحكام القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وقد تم تأجيرها للطاعنين (زراعة مخصوصة) اعتباراً من 30/ 10/ 1974 وأنهم استمروا حائزين لتلك الأرض حتى العام الزراعي 81/ 1982 حيث بدأت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في اتخاذ إجراءات إخلاء تلك الأرض من الطاعنين الذين عارضوا الإدارة في إخلاء الأرض محل النزاع وبادروا باللجوء إلى القضاء المدني( محكمة بني سويف الابتدائية) وخلال نظر الدعوى أصدرت الهيئة العام للإصلاح الزراعي القرار رقم 1832 لسنة 1982 بتاريخ 11/ 7/ 1982 متضمناً إنهاء العلاقة الإيجارية مع الطاعنين عن الأرض محل النزاع وذلك استناداً إلى أحكام المادة (35) مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 وقد تضمنت المادة الأولى من هذا القرار المسبب الذي بني عليه وهو قيام الطاعنين (بتقطيع الأشجار التي كانت بالحديقة وقت التأجير لهم فضلاً على قيامهم بالتأجير من الباطن وإن الهيئة وعيت في 1981 بإعادة تشجير الحديقة وإضافة أنواع أخرى من الفاكهة) فقدم المدعون مذكرة نعوا فيها على هذا القرار مخالفته للواقع والقانون وبجلسة 20/ 3/ 1984 حكمت محكمة بني سويف الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري مع بقاء الفصل في المصروفات.
ومن حيث إنه لما سبق فإن النزاع الماثل قد أصبح بعد صدور القرار رقم 1832 لسنة 1982 ونعى الطاعنين على هذا القرار بمخالفته للواقع القانون - يدور حول مدى مشروعية القرار المشار إليه.
ومن حيث إن الأصل إنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى سلطتها في التنفيذ المباشر إلا إذا وجد نص يقرره القانون لها هذا الامتياز فيكون لها الحق في التنفيذ المباشر في حدود ما يقرره القانون وبمراعاة الضوابط والقيود التي نص عليها فإذا لم يوجد نص يقرر للإدارة الامتياز فلا يجوز لها استخدام سلطتها في التنفيذ المباشر إلا إذا توافرت حالة الضرورة وبشرط ألا يكون المشرع قد منحها دعوى قضائية في هذا الخصوص.
ومن حيث إن المادة (35 مكرراً) من القانون 178 لسنة 1952 والمضافة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 تنص على أنه استثناء من حكم المادة 35 يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إلغاء عقود إيجار الأراضي المستولى عليها تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي والأراضي التي تؤول ملكيتها إلى الدولة وتسلم إلى الهيئة بناء على قانون الأراضي التي تشتريها الهيئة كما يجوز لمجلس إدارة كل من الهيئات والمؤسسات العامة التابعة لوزارة الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي إلغاء عقود إيجار الأراضي التي ترى الدولة إسناد إدارتها واستغلالها أو التصرف فيها إليها وذلك كله إذا استلزم استصلاح تلك الأراضي أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً للقانون أو إذا اقتضى ذلك تخصيص العقار لغرض ذي نفع عام أو إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد.
وفي حالة إلغاء العقد بسبب إخلال المستأجر بأي من التزاماته يجب أن يسبق قرار مجلس الإدارة إخطار المستأجر بالطريق الإداري بأسباب الإلغاء ويجوز إبداء وجهة نظره ودفاعه إلى مجلس الإدارة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإخطار.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قد منح مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي اختصاصاً استثنائياً من الأحكام العامة التي توجب إلغاء عقود إيجار الأراضي الزراعية بموجب حكم قضائي - وهذا الاختصاص الاستثنائي هو جواز إلغاء عقود إيجار الأراضي الزراعية المستولى عليها طبقاً لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي أو التي تؤول ملكيتها للدولة أو تقوم الهيئة بشرائها وذلك إذا ما اقتضت ذلك إجراءات استصلاح تلك الأراضي أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون أو إذا ما اقتضت المصلحة العامة تخصيص الأراضي لتحقيق غرض ذي نفع كما يجوز لمجلس الإدارة مباشرة هذا الاختصاص في حالة إخلال المستأجر بأحد التزاماته الجوهرية المنصوص عليها في القانون أو العقد وذلك بشرط أن يسبق القرار إخطار المستأجر الذي له أن يبدي دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه ويعرض هذا الدفاع على مجلس الإدارة الذي له أن يتخذ القرار في ضوء ما يراه محققاًَ للصالح العام تحت رقابة القضاء.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الثابت بحافظة مستندات الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمقدمة أمام الخبير المكلف بتنفيذ المأمورية المحددة بالحكم الصادر من محكمة بني سويف الابتدائية بجلسة 29/ 4/ 1982 خلال تداول الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه أمام تلك المحكمة - أنها تحتوي على صورة من القرار محل الطعن والذي حددت مادته الأولى سبب إصداره في قيام المستأجرين الطاعنين بتقطيع الأشجار التي كانت بالحديقة وقت التأجير لهم فضلاً على قيامهم بالتأجير من الباطن وأن الهيئة رغبت في 1981 إعادة تشجير الحديقة وإضافة أنواع أخرى من الفاكهة.
ومن حيث إن مؤدى ذلك هو أن القرار موضوع النزاع قد بني على مخالفة الطاعنين لالتزاماتها الجوهرية بالحفاظ على الأشجار الموجودة بالأرض وقت استئجارهم لها وكذا تأجيرها لتلك الأرض للغير من الباطن.
ومن حيث إن الأوراق قد أجديت عن بيان سند الهيئة المطعون ضدها من قيام الطاعنين بتأجير الأرض المتنازع عليها للغير من الباطن أو تحديد أسماء المستأجرين من الباطن أو بيان المصدر الذي استندت إليه مذكرة وكيل الوزارة لشئون الملكية والحيازة بالهيئة والتي عرضت على مجلس الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من حافظة مستندات الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المقدمة أمام الخبير المنتدب من قبل محكمة بني سويف الابتدائية أنها تحتوي على محضر تأجير زراعة مخصوصة موقع من المختصين بتلك الهيئة وتحمل تاريخ 30/ 10/ 1974 وقد تضمن إقراراً صادراً من بعض الطاعنين باستئجارهم لمساحة أربعة أفدنة (التي كانت مزروعة حديقة موالح ولم تنتج شيئاً وبناء على موافقة السيد/ وكيل الوزارة بخلع أشجار هذه المساحة وتأجيرها) كما وأن الثابت من حافظة مستندات الهيئة المودعة وفق مذكرة دفاعها أمام محكمة بني سويف الابتدائية بتاريخ 10/ 4/ 1982 أنها تحتوي على صورة من القرار رقم 908 الصادر في 31/ 12/ 1975 بمجازاة السيد/....... مشرف الحديقة بالخصم سبعة أيام من راتبه لما نسب إليه من الإهمال في العمل مما أدى إلى قيام المستأجرين للحديقة بتقطيع الأشجار كما تضمن هذا القرار أسماء المستأجرين الذين قاموا بتقطيع الأشجار والمبالغ الملزمين بسدادها نظير ذلك وهؤلاء المستأجرين هم: -...... و....... و........ و........ و....... و........ كما تضمنت مذكرة وكيل الوزارة للحيازة والملكية المعروضة على مجلس إدارة الهيئة أن هؤلاء المستأجرين قاموا بسداد قيمة الأشجار - كما وأن الثابت من مذكرة مفتش البساتين المرفوعة للمدير العام للإصلاح الزراعي ببني سويف بتاريخ 24/ 6/ 81 أن أرض الحديقة تحتاج إلى تحسين التربة وأن الهيئة رأت زراعتها (..... بأي محصول بقولي أو تأجيرها).
ومن حيث إن مؤدى ما سبق هو أن تقطيع الأشجار قد حدث من بعض المستأجرين وعن جزء من المساحة التي يستأجرها الطاعنون وأن هذا الأمر قد حدث سنة 1974 كما وأنه كان تحت حصر وعلم المختصين بمدرية الإصلاح الزراعي ببني سويف ووفقاً لتوجيهات وكيل الوزارة المختص بالهيئة نظراً لحالة تلك الأشجار وطبيعة الأرض وبالتالي فإن ما نسب إلى الطاعنين في هذا الشأن لا يقوم على سند من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الثاني للقرار محل النزاع والقائم على قيام الطاعنين بتأجير الأرض الصادر بشأنها هذا القرار للغير من الباطن - فإنه ولئن كان من شأن ثبوت هذا الأمر أن يؤدي إلى القول بإخلال الطاعنين بالتزاماتهم باعتبارهم مستأجرين مما يتيح للهيئة المطعون ضدها التدخل طبقاً لحكم المادة (35 مكرراً) سالفة الإشارة وإصدار القرار محل الطعن بإلغاء عقود استئجارهم للأرض المؤجرة لهم إلا أنه لما كانت الأوراق قد أجدبت من توافر هذا السبب حيث لم تشر الإدارة إلى تحديد أياً من الطاعنين الذي ارتكب تلك المخالفة أو اسم المستأجرين من الباطن فضلاً عن عدم تحديد الدليل الذي استندت إليه لاستخلاص تلك النتيجة فإنه لذلك ونظراً لأن الإدارة لم تنقض ما هو ثابت من مستندات الطاعنين من قيامهم بالتزاماتهم نحو الجمعية التعاونية الزراعية المختصة خاصة فيما يتعلق بتوريد الحصص المقررة بالنسبة للمحاصيل الخاضعة لهذا النظام وبالتالي يغدو هذا السبب بدوره غير قائم على أساس من الواقع والقانون ومن ثم يكون القرار محل المنازعة غير قائم على سبب يبرره بما يعني مخالفته للقانون دون أن ينال من ذلك ما تثيره الهيئة المطعون ضدها في مذكراتها من أن الطاعنين يستأجرون الأرض محل المنازعة لزراعة واحدة بما يستتبع حق الهيئة في إخلائهم من تلك الأرض منذ سنة 1974 وحتى صدور القرار محل النزاع سنة 1982 ثم بعد صدور هذا القرار - فإن هذا السبب بفرض صحته ليس من الحالات التي يجوز للهيئة المطعون عليها التدخل بأسلوب التنفيذ المباشر بإصدار قرار إداري بإخلاء الأرض من المستأجرين طبقاً لحكم المادة (35 مكرراً) المشار إليها وإنما يكون عليها عند المنازعة في هذا الشأن اللجوء إلى القضاء لحسم مثل هذا النزاع كما وأن المحكمة تشير إلى أن ما ورد بالقرار المطعون فيه رغبة الهيئة المطعون ضدها في إعادة تشجير الحديقة لا تعتبر من قبيل تخصيص الأرض لمشروع ذي نفع عام وبالتالي لا يصلح بدوره أن يكون سبباً يحمل هذا القرار ومن ثم يكون القرار المطعون عليه مخالفاً للقانون لفقده السبب المبرر لإصداره الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبالتالي يغدو الحكم المطعون عليه وقد ذهب إلى غير ذلك مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الهيئة المطعون ضدها وقد خسرت الطعن فإنها تلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما يتضمنه من إنهاء عقود إيجار الطاعنين وإخلائهم من الأرض محل النزاع وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 745 لسنة 15 ق جلسة 26 / 1 / 1974 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 48 ص 102

جلسة 26 من يناير سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

----------------

(48)

القضية رقم 745 لسنة 15 القضائية

"موظف" "تأديب" 

لا يلزم لصحة الجزاء صحة جميع الأسباب التي قام عليها - يكفي ثبوت أحد الأسباب ما دام هذا السبب كافياً لحمل القرار - مثال.

---------------
أياً كان الرأي في مدى قيام المخالفتين الثالثة والرابعة قانوناً فإن المخالفة الأولى تنطوي على إخلال المطعون ضده إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته ومقتضياتها والثقة الواجب توافرها فيه إذ لا شك أن مما يتنافى مع الثقة الواجبة في المطعون ضده كطبيب أن يتخلى عن أداء واجب من أهم واجبات وضعها المجتمع أمانة بين يديه إذ من خلال مناظرة الطبيب لجثة المتوفى يتأكد من حدوث الوفاة ووقتها بما يترتب على ذلك من آثار قانونية بعيدة المدى وكذلك التثبت من انتفاء الشبهة الجنائية في الوفاة أو أنها بسبب مرض معد وقت أوضحت التعليمات المدونة بنظام الخدمة الصحية بالريف أهمية هذا الواجب وأن الإخلال به يؤدي إلى عدم دقة الإحصاءات الصحية التي تبني عليها الدولة مشروعاتها ومن ثم فإن هذه المخالفة وحدها تكفي لإقامة القرار المطعون فيه على سببه الصحيح ويصبح الجزاء الموقع على المطعون ضده بخصم مرتب شهر مناسباً لما ثبت في حقه من إخلال بواجبات وظيفته على الوجه السالف بيانه، وتكون دعوى المدعي بطلب إلغاء القرار المطعون فيه على غير أساس سليم من القانون.

الطعن 1240 لسنة 37 ق جلسة 24 / 4 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 101 ص 1025

جلسة 24 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ود أحمد مدحت علي ومحمد عزت السيد إبراهيم وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(101)

الطعن رقم 1240 لسنة 37 القضائية

لائحة المأذونين - تأديب - قرار الإحالة للمحاكمة التأديبية - الاختصاص به - أثره.

المادة (44) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل بتاريخ 4/ 1/ 1955 الاختصاص بإحالة المأذون للمحاكمة التأديبية - ينعقد لرئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها عمل المأذون - لا تنعقد الخصومة التأديبية ولا تتصل بها المحكمة المختصة إلا إذا أقيمت بالإجراءات المقررة قانوناً - دخول الدعوى في حوزة المحكمة المختصة دون إحالتها إليها من رئيس المحكمة يؤدي إلى انعدام الخصومة التأديبية وانعدام الحكم الصادر فيها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 4/ 3/ 1991 أودع الأستاذ/ مصطفى محمد نصر المحامي المقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المحكمة الإدارية العليا - بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية المحكمة تقرير طعن في الحكم (التأديبي) الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية للولاية على النفس الدائرة (17) شرعي بجلسة 13/ 2/ 1989 في الدعويين 21، 22 لسنة 1987 (تأديبياً) مأذونية الجيزة والذي قضى بمجازاة الطاعن مأذون ناحية اسكو مركز الصف بالوقوف عن العمل لمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ إعلانه بمعرفة المحكمة الجزئية مع إحالة أعماله إلى أقرب مأذونية وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار (الحكم) المطعون فيه المتضمن مجازاته مع ما يترتب على ذلك من أثار وبتاريخ 5/ 3/ 1991 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - التي نظرته على النحو المبين في محاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 20/ 3/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه عن شكل الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 13/ 12/ 1989 وبتاريخ 20/ 2/ 1989 أقام الطاعن الدعوى (الطعن) رقم 100 لسنة 36 ق أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية طالباً إلغاء هذا الحكم وبجلسة 26/ 8/ 1989 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وأمرت بإحالته إلى المحكمة التأديبية لوزارة العدل حيث قيد بجدولها برقم 3 لسنة 24 ق والتي قضت بدورها بجلسة 26/ 1/ 1992 بعدم اختصاصها بنظر الطعن على أساس أن الطعن في ذلك الحكم يختص بالفصل فيه المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن رفع الدعوى أو الطعن إلى محكمة غير مختصة يقطع ميعاد الطعن ويظل هذا الميعاد مقطوعاً إلى أن تفصل المحكمة في الدعوى أو الطعن بحكم وإذا كان الثابت أن المحكمة التأديبية لوزارة العدل أصدرت حكمها بعد اختصاصها بنظر الطعن بجلسة 26/ 1/ 1992 استناداً إلى أن الفصل فيه من اختصاص المحكمة الإدارية العليا - ثم أقام الطاعن طعنه هذا بإيداع تقرير الطعن في 4/ 3/ 1991 خلال ستين يوماً من تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية لوزارة العدل بعدم الاختصاص فإن الطعن يكون مستوفياً إجراءاته الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتلخص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه أن....... مأذون الوادي تقدم بعدة شكاوى ضد...... مأذون اسكو تضمنت أنه يعمل مأذوناً لناحية الوادي مركز الصف وقد قام الأخير بإبرام عقود زواج من أهالي ناحية الوادي متعدياً بذلك اختصاصه وأن قاضي محكمة الصف أجرى تحقيقاً في الشكوى وانتهت إلى ثبوت المخالفة في حقه وإرساله الأوراق إلى محكمة الجيزة الابتدائية للاختصاص وبجلسة 13/ 2/ 1989 قضت محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية للولاية على النفس الدائرة (17) شرعي بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ إعلانه بمعرفة المحكمة الجزئية مع إحالة أعماله إلى أقرب مأذونية مؤسسة قضاءها على أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المشكو في حقه اعترف بالمخالفة المسندة إليه ويبررها بأن طرفي العقد حضرا إليه بمكتبه وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت من أقوال المشكو في حقه أن طرفي العقد مقيمين بناحية الوادي مركز الصف وأنه يعمل مأذوناً لناحية اسكو وإن ذلك مخالفة للمادة 20 من لائحة المأذونية التي تقضي بأنه إذا اختلف محل إقامة الزوجين كان المختص بتوثيق العقد مأذون الجهة التي بها محل إقامة الزوجة وبذلك فإن المخالفة تكون ثابتة في حقه مما يتعين معه مجازاته.
كما أضافت المحكمة أنه سبق مجازاة المأذون بالإنذار في المواد أرقام 10/ 84، 19، 20، 21 لسنة 1985 مأذونية الجيزة بجلسة 3/ 2/ 1986 مما ترى معه المحكمة مجازاته عملاً بالمادة 43 من لائحة المأذونية وأنه قد سبق إنذاره من قبل إلا أنه لم يمتثل الأمر الذي ترى معه المحكمة معاقبته. بوقفه عن العمل لمدة ستة أشهر.
ومن حيث إن الطاعن طعن على هذا الحكم مؤسساً طعنه على أسباب خمسة على النحو التالي:
1 - الخطأ في تطبيق القانون لعدم قيام قاض محكمة الصف بتحقيق الشكوى.
2 - مخالفة القانون وإحالة الأوراق إلى محكمة الجيزة الابتدائية مباشرة بالمخالفة لنص المادة 44 من لائحة المأذونية.
3 - الفساد في الاستدلال حيث إنه ليس ممنوعاً على المأذون عقد قران أي زوجين في مكتبه إذا حضر الطرفين إليه وفقاً للمادة 20 من لائحة المأذونية.
4 - القصور في التسبيب لعدم إثبات المخالفة المستوجبة للعقاب حيث لم تتعرض المحكمة لدفاع الطاعن من أن عقد القران تم بناء على طلب الطرفين في مكتبه وفي دائرته.
5 - التعسف في استعمال السلطة - لعدم ملائمة الجزاء للمخالفة المنسوبة إلى الطاعن.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن بشأن مخالفة الحكم للقانون لإحالة الأوراق إلى محكمة الجيزة الابتدائية مباشرة بالمخالفة لنص المادة 44 من لائحة المأذونية وقال الطاعن في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه لم تسبقه إتباع الإجراءات التي استلزمتها المادة المذكورة لعدم عرض الأوراق على السيد المستشار رئيس محكمة الجيزة الابتدائية حتى يستعمل سلطته في توقيع الجزاء المناسب أو يحيل الأوراق إلى الدائرة المختصة وإن هذه الدائرة لم تضم الملف الخاص بالطاعن المشار إليه في المادة 17 من اللائحة.
ومن حيث إن المادة 44 من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل بتاريخ 4/ 1/ 1955 والقرارات المعدلة له، تنص على أن "لرئيس المحكمة أن ينذر المأذون بسبب ما يقع منه من مخالفات فإذا رأى أن ما وقع منه يستوجب عقوبة أشد أحال الأمر إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة الثانية" وعلى الدائرة إخطار المأذون بالحضور أمامها لسماع أقواله والاطلاع على التحقيقات والملف المشار إليه في المادة 17.
أولها أن تأمر بإجراء أي تحقيق عند الاقتضاء كما أن لها أن تقرر وقف المأذون عن عمله حتى تنتهي محاكمته تأديبياً وللدائرة أن توقع على المأذون أية عقوبة من العقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ولا يجوز توقيع عقوبة الإنذار لأكثر من ثلاث مرات.
وتنص المادة الثانية المشار إليها على أن تختص دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية بالنظر في المسائل الآتية 1 - ..... 5 - تأديب المأذونين وتسجل القرارات التي تصدرها الدائرة في دفتر بعد ذلك.
وتنص المادة 17 من اللائحة على أن تعد المحكمة الجزئية المختصة ملفاً لكل مأذون يحتوي على طلبات.... والإخطارات الواردة من المحكمة الكلية في شأن الشكاوى والتحقيقات وما تم فيها وقرارات الوقف والقرارات التأديبية الصادرة.
ومن حيث إن مؤدى نص المادة 44 من لائحة المأذونين المشار إليها أن الاختصاص بإحالة المأذون المطلوب محاكمته تأديبياً لما وقع منه من مخالفات إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة الثانية ينعقد وفقاً لصريح نص المادة لرئيس المحكمة ورئيس المحكمة المقصود في هذه المادة وهو رئيس المحكمة الابتدائية التي يتبع في إدارتها عمل المأذون لأنها هي المحكمة التي تختص إحدى دوائرها وهي دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية بتأديب المأذونين وفقاً لنص المادة الثانية من اللائحة فلرئيس المحكمة أن يكتفي بإنذار المأذون بسبب ما يقع منه من مخالفات وله إذا رأى أن ما وقع منه يستوجب عقوبة أشد من الإنذار أحال الأمر إلى دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة لمحاكمته تأديبياً ومفاد ما تقدم أن قرار إحالة المأذون للمحاكمة التأديبية أمام الدائرة المنصوص عليها في المادة الثانية يجب أن يصدر من رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها عمل المأذون وإن الدائرة المختصة لا تتصل بالدعوى التأديبية للمأذونية إلا إذا أحيلت إليها بقرار من رئيس المحكمة فالمشرع في لائحة المأذونين حدد السلطة التي تملك تحريك الدعوى التأديبية ضد المأذون لمحاكمته تأديبياً فيما نسب إليه من مخالفات فمن المقرر كأصل عام... في الدعاوى بصفة عامة والدعاوى التأديبية بصفة خاصة أن المحكمة التأديبية المختصة - أو مجلس التأديب - لا يتصل بالدعوى التأديبية إلا إذا أقيمت أمامها الدعوى على النحو المبين في القانون - وعلى ذلك نصت المادتين 14، 23 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 حيث نصت المادة 14 على أنه إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة تستوجب جزاء أشد مما تملكه الجهة الإدارية أحالت النيابة الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة ونصت المادة 23 على أن ترفع الدعوى التأديبية من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرر الإحالة بسكرتارية المحكمة المختصة وعلى هذا الحكم نصت المادة 34 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن الخصومة التأديبية لا تنعقد ولا تتصل بها المحكمة المختصة إلا إذا أقيمت بالإجراءات التي نص عليها القانون بقرار إحالة من السلطة المختصة سواء كانت من النيابة الإدارية مثلاً بالنسبة للمحاكم التأديبية أو من الجهة الإدارية التي نص عليها القانون بالنسبة للمجالس التأديبية - ومثلها الدائرة المختصة بمحاكمة المأذونين تأديبياً على النحو السابق بيانه، وبعد ذلك لا تقوم الدعوى التأديبية أو تنعقد الخصومة أصلاً، فلا تملك المحكمة أو مجلس التأديب التصدي لنظر دعوى لم تتصل بها الإجراءات القانونية السليمة بغير قرار إحالة إليها: أو بقرار إحالة باطل صادر من سلطة غير مختصة بإصداره ويترتب في مثل هذه الأحوال بطلان الحكم الصادر بغير قرار إحالة أو بقرار إحالة باطل لوقوع بطلان قي إجراءات الدعوى يؤثر في الحكم الصادر فيها.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الصادر من الدائرة 17 بالمحكمة الابتدائية للأحوال الشخصية - للولاية على النفس - لم تشر إلى إحالة الموضوع إليها من رئيس المحكمة كما تنص على ذلك المادة 44 من لائحة المأذونين - على النحو السابق بيانه - كما خلت الأوراق ما يثبت صدور مثل هذا القرار من الجهة المختصة وهو رئيس المحكمة الابتدائية للأحوال الشخصية - فإن المحكمة تكون قد اتصلت بالدعوى التأديبية الصادر فيها الحكم المطعون فيه بغير الطريق القانوني لعدم صدور قرار إحالة الطعن إليها من رئيس المحكمة - الأمر الذي يترتب عليه انعدام الخصومة التأديبية ضد الطاعن وانعدام الحكم الصادر فيها وخاصة أن الحاضر من الجهة الإدارية المطعون ضدها - وزارة العدل - لم يقدم للمحكمة ما يثبت وجود مثل هذا القرار أو يرد على ما أثاره دفاع الطاعن بهذا الشأن في تقرير الطعن الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه لانعدامه ودون حاجة إلى التعرض لأسباب الطعن الأخرى.
وحيث إن انعدام الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم وعدم اتصال المحكمة أصلاً بالدعوى بإجراءات قانونية سليمة فإن الأمر يقتضي إلغاء الحكم ولا وجه لإعادة الدعوى مرة أخرى إلى الدائرة المختصة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من وقف الطاعن عن عمله لمدة ستة أشهر وما يترتب على ذلك من آثار.

الطعن 720 لسنة 15 ق جلسة 26 / 1 / 1974 مكتب فني 19 ق 47 ص 101

جلسة 26 من يناير سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

----------------

(47)

القضية رقم 720 لسنة 15 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - "تأديب".
استناد قرار الجزاء إلى عدد من المخالفات. ثبوت وقوع بعض هذه المخالفات دون بعضها الآخر احتمال أن يكون للمخالفات التي ثبت عدم قيامها أثر بالغ في التقدير. إلغاء قرار الجزاء لتعيد الجهة الإدارية تقدير الجزاء - أساس ذلك - مثال.

---------------
إنه ولئن كان للجهة الإدارية سلطة تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني إلا أن مناط ذلك أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره فإذا تبين أنه قدر على أساس قيام عدد من المخالفات ثم تبين أن بعضها الذي قد يكون له خطره وأثره البالغ في التقدير لم يقم في حق العامل وأن المخالفات التي ثبتت ضده لا تبلغ من الأهمية أو الجسامة ما يجعلها تصلح وحدها لحمل القرار على سببه فإنه يتعين إلغاء القرار لمخالفته القانون لتعيد الجهة الإدارية تقدير الجزاء بما يتناسب صدقاً وعدلاً مع المخالفات الثابتة دون سواها.
ومن حيث إنه لما كان الجزاء الذي وقع على المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه هو أقصى النصاب القانوني للرئيس الإداري - قد بني على تصور ثبوت المخالفات الثلاثة المنسوبة إليه والتي أوردها القرار المطعون فيه تفصيلاً ولما كانت المخالفة الأولى منها – والتي ثبت عدم قيامها هي أبلغ المخالفات جسامة وأشدها خطراً لما انطوت عليه بحسب وصفها الوارد بالقرار من تلاعب في بيانات محضر الحجز يكاد يبلغ حد التزوير في المحررات الرسمية بقصد الإضرار بالمال العام بينما قامت المخالفتان الأخريان الثابتتان على الإهمال والتهاون في أداء عمل الوظيفة فإنه يستفاد من ذلك أن تصور الجهة الإدارية قيام المخالفة الأولى كان له أثره البالغ في تقدير الجزاء عن المخالفات الثلاث مجتمعة وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه لتعيد الجهة الإدارية تقدير الجزاء على أساس المخالفتين الثابتتين في حق المدعي وبعد استبعاد المخالفة الأولى من مجال التقدير.

الطعن 25 لسنة 14 ق جلسة 26 / 1 / 1974 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 46 ص 100

جلسة 26 من يناير سنة 1974

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

---------------------

(46)

القضية رقم 25 لسنة 14 القضائية

"دعوى" "شروط الدعوى" - "شرط المصلحة" 

- تعريفه - انعدام المصلحة - عدم قبول الدعوى - مثال.

------------------

من الأمور المسلمة أن من شروط قبول دعوى الإلغاء أن يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له وإلا كانت الدعوى غير مقبولة بنص المادة 12 من قانون مجلس الدولة ولما كانت أحكام القانون رقم 264 لسنة 1960 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 المشار إليهما والتي تستند إليها دعوى الهيئة الطاعنة تقضي باستثناء بعض الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاصة بالأقباط الأرثوذكس من نظام الاستبدال المقرر بالقانون رقم 152 لسنة 1957 المشار إليه كما تخول الهيئة الطاعنة الاختصاص في استلام هذه الأراضي الموقوفة وفي الإشراف على إدارة العقارات الموقوفة على الأغراض سالفة الذكر فإن مؤدى ذلك أن ولايتها إنما تنصب فقط على الأموال الموقوفة المشار إليها ولما كان الثابت فيما تقدم أن قطعة الأرض الزراعية التي قضى القرار المطعون فيه باستبدالها منقطعة الصلة بالأرض الموقوفة التي أفرزت لخيرات الوقف سالف الذكر بما في ذلك القدر الذي يخص مدرسة الأقباط بقويسنا لذلك تكون مصلحة الهيئة الطاعنة في الدعوى غير قائمة ابتداء ومنذ رفعها ومن ثم تكون غير مقبولة.

الطعنان 1083 ، 1136 لسنة 38 ق جلسة 18 / 4 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 100 ص 1012

جلسة 18 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع – المستشارين.

-----------------

(100)

الطعنان رقما 1083/ 1136 لسنة 38 القضائية

جامعات - رسالة دكتوراة - التاريخ الفعلي للحصول على رسالة الدكتوراة.
القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات.
تشكيل لجنة الحكم على الرسالة لنيل درجة الدكتوراة في طب وجراحة الأسنان مناقشتها للرسالة وخلصت في 13/ 12/ 1990 إلى التقرير بتصحيح الأخطاء الواردة بها ويعلق قبول الرسالة لحين تصحيح الأخطاء واعتمادها - اجتماع لجنة الحكم وإطلاعها على النسخة المعدلة بعد التصحيح وتوصيتها بجلسة 8/ 1/ 1991 بتصحيح الأخطاء وإعطاء الطالب ثلاثة أشهر فرصة لإنجاز التصحيحات ثم تعرض على اللجنة للنظر فيها واعتمادها - تقرير اللجنة في 28/ 1/ 1991 بأن الطالب قد أنجز ما طلب إليه من تصحيحات وطلب تعليق الرسالة لاستكمال شرائط قبولها القانونية - أداء الطالب الامتحان التحريري في 19/ 4/ 1991 التكميلي للحصول على الدرجة العلمية واجتيازه بنجاح - استكمال الطالب للشرائط القانونية للحصول على درجة الدكتوراة من تاريخ إعلان نتيجة الامتحان التحريري الذي عقد في 19/ 4/ 1991 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 24/ 3/ 1992 أودعت الأستاذة ألفت درويش المحامية نائبة عن الأستاذ نبيل محمد شلبي بصفته وكيلاً عن رئيس جامعة الإسكندرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 1083 لسنة 38 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 4000 لسنة 45 ق بجلسة 6/ 2/ 1992 والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 28/ 8/ 1991 من نائب رئيس الجامعة بتشكيل لجنة للحكم على رسالة الدكتوراة المقدمة من المدعي وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجامعة هذا الطلب والأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها، وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه، وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبعدم الاختصاص الولائي للقضاء الإداري بنظر الدعوى وفي جميع الأحوال إلزام المطعون ضده المصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 28/ 3/ 1992، أودع الأستاذ عادل عبد المقصود المحامي، بصفته وكيلاً عن الدكتور ناجي البرنس حسين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن في ذات الحكم المشار إليه. وطلب في ختام تقرير طعنه - وللأسباب الواردة به - طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما لحين الفصل في الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرارين سالفي الذكر، وما ترتب عليهما من آثار، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد تم إعلان الطعنين على النحو المشار إليهما في الأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة، تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعنين انتهت فيه للأسباب الواردة به للحكم:
1 - بقبول الطعن رقم 1083 لسنة 38 ق شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
2 - بقبول الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق. وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو الوارد بالتقرير وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 20/ 7/ 1992 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكماً واحداً، وبجلسة 16/ 11/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة لنظرهما. والتي نظرتهما على النحو الثابت بمحاضرها حيث حضر الطرفان جلسة 17/ 1/ 1993 وقرر الحاضر عن الجامعة أن المطعون ضده قد حصل على درجة الدكتوراه موضوع الطعن وطلب ترك الخصومة في الطعن. وقد أيد الدكتور الطاعن - والمطعون ضده هذا الإجراء وأضاف أنه يتحفظ على التاريخ الذي منحته الجامعة فيه درجة الدكتوراة ومن ثم لا تكون الجامعة قد إجابته إلى طلباته وطلب تحميلها المصروفات. وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 28/ 2/ 1993 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 18/ 4/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن كلاً من الطعنين قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إن الموضوع يتلخص حسبما يبين من الأوراق في أن الدكتور ناجي البرنس حسن أقام بتاريخ 28/ 9/ 1991 الدعوى رقم 4000 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وطلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا بتشكيل لجنة جديدة للحكم على رسالة الدكتوراة المقدمة منه، واستكمال عمل لجنة الحكم السابقة. وكذلك القرار الصادر من مجلس كلية طب الأسنان في 17/ 9/ 1991 بتحديد يوم 30/ 9/ 1991 موعداً لانعقاد تلك اللجنة الجديدة وبإلغاء القرارين المذكورين بما يترتب عليهما من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل مدرساً مساعداً بقسم جراحة الفم بكلية طب الأسنان جامعة الإسكندرية وتقدم للحصول على درجة الدكتوراة - واستكملها وتهيأت للمراجعة تمهيداً للمناقشة. ولكنه فوجئ بسلسلة إجراءات مثلت عرقلة لمناقشتها. ومن ثم اضطر إلى إقامة الدعاوى أرقام 1741 لسنة 44 ق، 2538 لسنة 44 ق أمام محكمة الفضاء الإداري بالإسكندرية. وقد صدر الحكم في الدعوى الأخيرة بوقف تنفيذ قرار تأجيل مناقشة الرسالة المقدمة من المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذاً لهذا الحكم حدد مجلس الكلية يوم 13/ 12/ 1990 موعداً لمناقشة الرسالة. وقد تم مناقشة الرسالة في التاريخ المقرر حيث صدر قرار لجنة الحكم بتعليق قبول الرسالة على تصحيح بعض الأخطاء وإضافة بعض المراجع التي أسقطت عند الطباعة - وفوضت اللجنة الأستاذ الدكتور رضوان الحق في اعتماد وتصحيح هذه الأخطاء.
وأضاف المدعي قوله أنه أتم إجراء هذه التصحيحات ولكن وبدون مبرر مقبول رفض الأستاذ المفوض قبول هذه التصحيحات مطالباً بعده إضافات أنكرها عليه مجلس القسم مقرراً أنها تخرج عما طلبته لجنة المناقشة وتمثل إضافات لم تطلب وتعتبر سابقة غير معهودة في الجامعة. ولعدم استجابة الأستاذ لذلك بادر بإقامة الدعوى رقم 1707 لسنة 45 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن اعتماد ما أجره من تصحيحات للأخطاء الإملائية وإضافة للمراجع المطلوبة.
واستطرد المدعي شرحاً لدعواه قوله، أن عميد كلية طب الأسنان - المدعى عليه الثاني - أخطر مجلس الكلية وعلى غير الواقع تنحي لجنة الحكم عن مهمتها ومن ثم استصدر قراراً بتشكيل لجنة جديدة لمناقشة الرسالة من ثلاثة أساتذة آخرين. خلال هذه الفترة كان قد صدر حكم المحكمة في الشق العاجل في الدعوى رقم 1707 لسنة 45 ق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبأحقية المدعي في دخول الامتحان العملي المقرر له إبريل 1991. تنفيذاً لهذا الحكم أدى الامتحان واجتازه بنجاح ومع ذلك لم يمنح درجة الدكتوراة بسبب تمسك مجلس الكلية بقراره الصادر في 4/ 6/ 1991 بتأجيل منحه درجة الدكتوراة لحين الانتهاء من البت في أمر الرسالة وتمسك المجلس بقراره الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1991، بتشكيل لجنة جديدة لمناقشة الرسالة وهو قرار يعارضه الحكم الصادر في الدعوى رقم 1707 لسنة 45 ق بجلسة 4/ 4/ 1991 بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر في هذا الشأن.
وأضاف المدعي أنه اضطر إلى إقامة الدعوى رقم 3123 لسنة 45 مطالباً في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بتاريخ 4/ 6/ 1991 من مجلس الكلية بتأجيل منحه درجة الدكتوراة حتى يتم البت في أمر الرسالة ولكن المحكمة قضت بجلسة 1/ 8/ 1991 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى.
وطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 4358 لسنة 37 ق.
واستطرد المدعي قوله بأنه إذ عرض الموضوع على الأستاذ الدكتور نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث أصدر قراراً في 28/ 8/ 1991، بتشكيل لجنة الحكم التي افترض مجلس الكلية بتاريخ 2/ 4/ 1991، وصدر قرار مجلس الكلية بتحديد يوم 30/ 9/ 1991 موعداً لإعادة مناقشة الرسالة، وهو الأمر الذي اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 4000 لسنة 45 ق منتهياً فيها إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء هذين القرارين.
وبجلسة 6/ 2/ 1992 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار الصادر من نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث بتاريخ 28/ 8/ 1991 بتشكيل لجنة للحكم على الرسالة المقدمة من المدعي. وما يترتب على ذلك من آثار. وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وشيدت المحكمة قضاءها على أسباب حاصلها أن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار الصادر من مجلس الكلية بتاريخ 2/ 4/ 1991، بتعديل تشكيل لجنة الحكم على الرسالة وتشكيل لجنة جديدة لإعادة مناقشتها برئاسة أ. د محمد محمد الشيخ وعضوية كل من محمد مجيد أمين، والدكتور فتحي إبراهيم شحاته عضواً ومشرفاً والدكتور أحمد رشاد قطب مشرفاً واعتمد هذا التشكيل من نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث في 28/ 8/ 1991 وقضت هذه اللجنة بتاريخ 3/ 9/ 1991 بالتوصية برفض الرسالة.
ولما كان البادي من الأوراق أن الدكتور محمد محمد الشيخ المعين بالقرار المطعون فيه رئيساً لهيئة الحكم كان قد تقدم بتاريخ 2/ 5/ 1991 بشكوى إلى رئيس الجامعة ضد المدعي وهو الأمر الذي يمثل خصومة بينهما. فما كان له والحال هذه أن يقبل رئاسة لجنة الحكم أو أن يكون عضواً فيها لافتقاده الحيدة المتطلبة قانوناً لذلك. وكان الأجدى به أن يتنحى عن المشاركة فيها وإذ لم يتم ذلك فإن إجراءات اللجنة يكون قد شابها عيب جوهري من شأنه أن يبطل قرارها ومن ثم وقف تنفيذه وما يترتب على ذلك من آثار. وعرض رسالة المدعى على لجنة الحكم الأصلية أو لجنة حكم أخرى تتوافر في شأنها الضمانات القانونية على أن تكون مهمتها استكمال أعمال لجنة الحكم الأصلية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول رقم 1083 لسنة 38 ق المقدم من الجامعة هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون تطبيقاً وتأويلاً استناداً إلى أن:
1 - الحكم لم يستظهر ركن الاستعجال واكتفى ببحث ركن الجدية فقط وهو ما يفقده صحته قانوناً إذ يلزم أن يعرض للركنين معاً.
2 - أنه ليس ثمة وجه لما استخلصه الحكم من وجود خصومة من المدعي - المطعون ضده وبين الأستاذ المعين رئيساً للجنة الحكم، ذلك أن مجرد تقديم شكوى من رئيس لجنة الحكم بصفته أحد الممتحنين ضد المدعي لا يعني وجود خصومة بينهما.
3 - أن الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق وما دفعت به الجامعة من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، على أنه ليس من اختصاص قضاء مجلس الدولة منح الدرجات العلمية كما ثبت ذلك الحكم بل استندت الجامعة في هذا الدفع إلى أن القرارين المطعون فيهما ليسا من قبيل القرارات الإدارية النهائية التي يجوز الطعن فيها أمام محاكم مجلس الدولة.
4 - أن الحكم المطعون فيه وهو في مجال بحث الشق العاجل من الدعوى قد فاته أن القرارين المطعون فيهما قد تم تنفيذهما بالفعل ومن ثم لا يصبح هناك جدوى من نظر الشق العاجل من الدعوى.
5 - أن ما انتهى إليه الحكم من طلب عرض موضوع تصحيح الرسالة المقدمة من المدعى على لجنة الحكم الأصلية أو على لجنة أخرى يتم تشكيلها تشكيلاً صحيحاً يكون قد قضى في موضوع الدعوى كما يعد قراراً حلت فيه المحكمة نفسها محل الجهة الإدارية في موضوع غير معروض عليه مما يبطل حكمها.
ومن حيث إن مبنى الطعن 1136 لسنة 38 ق، عليا أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون تطبيقاً وتأويلاً، تأسيساً على أن الحكم فيما اشتمل عليه من أسباب أحال إليها منطوقه قد أجحف بحقوقه وخالف صحيح حكم القانون استناداً إلى الأتي: -
1 - أن الحكم الصادر في الشق العاجل يعتبر حكماً وقتياً ويحوز حجيته في التنفيذ وأنه لما كان الطاعن قد صدر لصالحه الحكم في الدعوى رقم 1707 لسنة 45 ق بجلسة 4/ 4/ 1991 بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من لجنة الحكم على الرسالة التي تمت مناقشتها في 13/ 12/ 1990 وإضافة المراجع العلمية التي سقطت فإن تنفيذ هذا الحكم يقتضي أن تصدر الإدارة قراراً باعتماد التصحيح وما يترتب على ذلك من أثار أهمها السماح للطاعن بدخول الامتحان التحريري ثم منحه درجة الدكتوراة إذا ما اجتاز هو هذا الامتحان بنجاح، وإذا لم تفعل الإدارة ذلك فإنه تكون قد أخلت بحجية الحكم المشار إليه ومن ثم يكون كل من القرارين المطعون فيهما قد خالف القانون.
2 - أن اعتبار الباب ما زال مفتوحاً لصدور قرار جديد بتشكيل لجنة جديدة للحكم على الرسالة يعني مخالفة للحكم الصادر في الدعوى 1707 لسنة 45 المشار إليها وهو ما لم يطلبه المدعي لصدور حكم له به فعلاً ومن ثم يكون الحكم وإن قضى للطاعن بطلباته في منطوقة إلا أنه أخل بها في أسبابه مما يجعله مخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم وصياغة عباراتهم بما يتفق مع حريتهم في تحديد ما يقصدونه من الطلبات وسندهم فيها قانوناً، فإنه يتعين على المحكمة تحديد هذه الطلبات على نحو موضوعي وفقاً لحقيقة ما يقصده الخصوم من تقديمها وصحيح إرادتهم بشأنها ما يمكنها من إنزال حكم القانون الصحيح على هذه الطلبات وبصفة خاصة فيما يتعلق بولاية القضاء الإداري ونطاق رقابته على القرارات المطعون فيها ومدى مشروعيتها وعلى المحكمة أن تتصدى لذلك من تلقاء ذاته، ولو دون طلب من الخصوم لما في تحديد طلبات الخصوم وتكييفها وتحديد طبيعة المنازعة من ارتباط حتمي بالأصول العامة للتنظيم القضائي وبصفة خاصة ولاية محاكم مجلس الدولة التي حددتها المادة (172) من الدستور وأحكام قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ولما كان الطعن المقام من الطاعن في الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق عليا قد استند في تجريح الحكم المطعون في إلى أنه أورد أسباب تختلف عن حقيقة ما استهدفه من دعواه وأن حقيقة طعنه في القرارين المشار إليهما إنما يستند إلى أنه يبتغي من إلغائهما تأكيد الاعتداد بتاريخ مناقشته لرسالة الدكتوراه في 13/ 12/ 1990 واجتيازه الامتحان العملي المقرر لها بتاريخ 19/ 4/ 1991 ومن ثم اعتبار هذا التاريخ هو التاريخ الفعلي لحصوله على رسالة الدكتوراه، وعدم الاعتداد بما انتهت إليه لجنة الحكم المطعون في قرار تشكيلها بما انتهت إليه في 30/ 9/ 1991 بعدم صلاحية رسالة الدكتوراة.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن مقطع الفصل في النزاع هو تحديد تاريخ حصول الطاعن على الدكتوراه باستيفائه إجراءاتها فيما يتصل بإجراء التصحيحات التي طلبتها لجنة الحكم في قرارها بتاريخ 13/ 12/ 1990 وتاريخ إنهائه رسالة الدكتوراة بأدائه الامتحان العملي لها بتاريخ 19/ 4/ 1991 واعتباره هو التاريخ الفعلي لحصوله على رسالة الدكتوراة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه طبقاً لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين.
الأول: هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيباً بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه عند الفصل في الموضوع.
الثاني: هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين على نحو سواء بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع. كما أن الدولة ملزمة بأن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وتخضع لسيادة القانون باعتباره أساس الحكم في الدولة (المواد 64، 65 من الدستور) فإن هذا الحق يتساوى فيه كل مواطن بلا تمييز إلا بقدر ما يتميز فيه الفرد عن أقرانه بقدرته على تحصيل العلم وترتيب نتائج هذا التحصيل على نحو يفيد المجتمع ولهذا شرع المجتمع نظام الامتحان أو الاختبار ليتمكن من التمييز بين طلاب العلم على قدر تباينهم في التفوق وترتيب هذا التفوق في مراتب محددة وفقاً لكفاياتهم وقدراتهم في التحصيل والاستيعاب والتفكير والبحث والتأمل.
ولما كان الأصل أن ما تسفر عنه نتيجة الامتحان وأياً كانت وسيلتها - والتي تختلف في الدراسة عنها في الحصول على الدرجات العلمية في مرحلة بعد التعليم الجامعي - كالماجستير والدكتوراة.... إلا أن الجامعات تضع نظاماً موحداً لنيل هذه الدرجات من خلال أداء امتحان أو أكثر نظري أو عملي أو تحريري يمثل بحثاً علمياً متكامل عناصره تتم مناقشته فيه والحكم عليه لجنة علمية تشكل لهذا الغرض، ويعقبه أداء الطالب الذي يجتاز هذا البحث لامتحان عملي أو تحريري باجتياز الدارس له يكون قد استوفى شرائط الحصول على درجته العلمية. ولا يعني أي من الامتحانين عن الآخر في الإقرار بحصول الطالب على الدرجة العلمية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة منذ إنشائها قد جرى على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها محاكمة على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام الدستور أو القانون أو اللوائح أو القواعد التنظيمية العامة بحسب الأحوال. كما أن رقابة الإلغاء، يتفرع عنها رقابة وقف تنفيذ القرارات غير المشروعة ولذا تخضع لذات الأسس والمبادئ مع مراعاة طبيعتها المستعجلة والمؤقتة ولذا يجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضى به من وقف تنفيذ القرارات الإدارية إلى الظاهر من الأوراق، وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو من عدم مشروعية القرار فضلاً عن توفر نتائج يتعذر تداركها على استمرار التنفيذ.
بيد أن محاكم مجلس الدولة في مباشرتها لرقابة المشروعية على قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون ولا يسوغ لها أن تحل مطلقاً محل جهة الإدارة التنفيذية العاملة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها في أدائها لواجباتها أو لعملها الإداري أو التنفيذي الذي أناطها بها الدستور والقانون واللوائح التنفيذية والتي تتحمل الإدارة مسئولية أدائها لها سياسياً ومدنياً وجنائياً وإدارياً.. ومن ثم فإن رقابة المحكمة وولايتها لا تمتد إلى أبعد من القضاء بوقف التنفيذ أو الإلغاء ولا تشتمل تحديد وإعلان موضوع النتيجة أو القرار ولا تمتد إلى مراجعة الجانب الفني في تقدير العمل العلمي منحاً أو تصحيحاً وإنما تقف هذه الرقابة للمشروعية وسيادة القانون ووقف تنفيذ أو إلغاء القرار المطعون فيه على ما يتبين من خروجه عن التقيد بالمشروعية والتزام أحكام القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق فإنه بالنسبة للطعن رقم 1083 لسنة 38 ق عليا المقام من رئيس جامعة الإسكندرية فإن الثابت من الأوراق أن الحاضر عن الجامعة قد قرر بجلسة 17/ 1/ 1993 أن المطعون ضده في هذا الطعن قد حصل فعلاً على الدكتوراه موضوع النزاع دور إبريل 1991 وطلب لذلك ترك الخصومة في الطعن.
ومن حيث إن المادة 141 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن "يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها، أو بإبدائها شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر".
كما نصت المادة 142 من ذات القانون على أن "لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته.... إلا بقبوله".
كما نصت المادة 143 على أن "يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك وقف الحكم والحكم على التارك بالمصاريف".
ومن حيث إن المطعون ضده بعد أن أبدى دفاعه قرر أن الجهة الإدارية لم تجبه إلى طلباته ومن ثم يبدو أيضاً في حقيقة الأمر ترك الجامعة للخصومة في هذا الطعن. وهو الأمر الذي يقتضي بحثه من أسباب الحكم في الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق. المقام من المطعون ضده (ضد رئيس الجامعة) الطاعن.
ومن حيث إن الظاهر من الوراق أنه قد تم تشكيل لجنة للحكم على الرسالة المقدمة من د/ ناجي البرنس حسن (المطعون ضده في الطعن الأول والطاعن في الطعن الثاني) لنيل درجة الدكتوراه في طب وجراحة الفم والأسنان وشكلت لجنة لمناقشة هذه الرسالة الأساتذة من الدكتور/ رضوان يوسف الحق أستاذ جراحة الفم - المتفرغ - بالكلية - الدكتور/ عبد العزيز فهمي خليل أستاذ جراحة الفم (المشرف) والدكتور عبد المنعم توفيق أستاذ جراحة الفم والأسنان بكلية طب أسنان المنصورة. وقد تمت مناقشتها بتاريخ 13/ 12/ 1990 وقد خلصت اللجنة إلى التقرير بأن "تصحح الأخطاء الواردة بالرسالة ويعلق قبول الرسالة لحين تصحيح الأخطاء واعتمادها من الأستاذ الدكتور رضوان الحق الذي فوضته اللجنة في ذلك" وبتاريخ 8/ 1/ 1991 اجتمعت لجنة الحكم ذاتها واطلعت على النسخة المعدلة بعد قيام الطالب بتصحيحها وأوصت بتصحيح الأخطاء بالنسخة المعدلة وإعطاء الطالب ثلاثة أشهر فرصة لإنجاز هذه التصحيحات وتعرض على اللجنة للنظر فيها واعتمادها.
ومن حيث إن سائر الأساتذة أعضاء اللجنة أرسلوا بتاريخ 28/ 1/ 1991 خطاباً إلى رئيس قسم جراحة الفم والأسنان بالكلية تضمن أن الطالب قد أنحز ما طلب إليه من تصحيحات وأن ما طلب الدكتور المشرف من إضافات تخرج عما تضمنه قرار لجنة المناقشة بتاريخ 13/ 12/ 1990 وطلبوا إنهاء تعليق الرسالة لاستكمالها شرائط قبولها القانونية ومن حيث إنه يبين مما سبق أن لجنة المناقشة قد علقت قبول الرسالة المقدمة من الطاعن على شرط مضمونة قيامه بإجراء ما طلبت اللجنة إجراؤه على الرسالة من تصحيح لبعض الأخطاء وإدراج لما لم يتم إدراجه من مراجع علمية ليستكمل البحث شرائطه العلمية المقررة لقبوله. وإذ تحقق هذا الشرط بخطاب الأساتذة أعضاء لجنة الحكم الموجه إلى الأستاذ رئيس القسم المختص بطلب إنهاء تعليق الرسالة فإن الرسالة تكون قد استوفت شرائط قبولها باستكمال إجراءاتها، كما وأنه بتاريخ 19/ 4/ 1991 قد أدى الطاعن الامتحان التحريري التكميلي للحصول على الدرجة العلمية واجتازه بنجاح. وهو الأمر الذي يبين منه استكمال الطاعن للشرائط القانونية للحصول على درجة الدكتوراه بتاريخ إعلان نتيجة الامتحان التحريري الذي عقد بتاريخ 19/ 4/ 1991.
ومن حيث إن الجامعة قد أودعت ملف الطعن حافظة مستندات اشتملت على صورة من شهادة تفيد حصول الطاعن على درجة الدكتوراة دور إبريل 1991، وهو التاريخ الذي أدى فيه الامتحان التحريري المعتبر شرطاً لاستكمال الحصول على الدرجة العلمية فإنه يكون هذا التاريخ والحال هذه هو صحيح التاريخ المعتبر به حيث توجت رسالته بتاريخ 13/ 12/ 1991.
واستكملت تصحيحها بتاريخ 28/ 1/ 1991 بموجب الخطاب الموجه من أعضاء لجنة الحكم الأولى الموجه إلى الدكتور رئيس القسم المختص ثم أدى الامتحان التحريري بنجاح في 19/ 4/ 1991 ومن ثم يكون التاريخ الوارد بشهادة الدكتوراه الممنوحة للطاعن ومن أنه دور إبريل 1991 قد صادف صحيح حكم القانون والواقع.
ومن حيث إن من يخسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بقبول الطعن رقم 1083 لسنة 38 ق ع شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق. عليا شكلاً وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما على النحو الموضح بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.