جلسة 10 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد حمدي الأمير ومحمد عبد الحميد مسعود – المستشارين.
------------------
(96)
الطعن رقم 1954 لسنة 37 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - ملف الخدمة - الأثر المترتب على فقده. (دعوى) (إثبات).
- ملف الخدمة هو الوعاء الذي يحوي بياناً كاملاً لوقائع حياة العامل الوظيفية.
- لا يعتد بأي بيان أو مستند يخص العامل إذا لم يوجد له أصل بملف خدمته.
- فقد ملف الخدمة ذاته لا يعني ضياع الحقيقة وإنما يتعين الوقوف على ما لدى الإدارة من سجلات ومستندات أخرى مسطرة فيها البيانات والطلبات المقدمة من العاملين قبل أن تودعها ملفات خدمتهم - أساس ذلك: للحكم على صحة الواقعة من عدمه وثبوت الادعاء أو نفيه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 20/ 4/ 1991 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 18/ 2/ 1991 في الطعن رقم 59 لسنة 22 ق س المرفوع من محيي الدين عباس طنطاوي ضد مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية، وانتهى تقرير الطعن وللأسباب الواردة به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الطعن لمحكمة القضاء الإداري لنظره مجدداً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري لنظره مجدداً.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 9/ 1992، وبجلسة 23/ 12/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره جلسة 2/ 1/ 1993 حيث تداولت نظره إلى أن قررت حجزه للحكم بجلسة 10/ 4/ 1993، ثم مدت أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة قانونياً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 18/ 2/ 1991 وقد أقيم الطعن بتاريخ 20/ 4/ 1991 أي خلال الميعاد المقرر قانوناً بحسبان أن اليوم الستين صادف يوم جمعة فيمتد الميعاد إلى اليوم التالي، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتبين من الأوراق أن المدعي محيي الدين عباس طنطاوي أقام الدعوى رقم 17 لسنة 35 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الصحة والأوقاف ضد المركز القومي للبحوث الاجتماعية بصحيفة مودعة قلم كتاب المحكمة بتاريخ 19/ 11/ 1987 طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقيته في ضم مدة خدمته السابقة في أقدمية درجة بداية التعيين وما يترتب على ذلك من آثار، وذلك إعمالاً لحكم المادة 27/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين والقرارات السابقة تنفيذاً لها وقبل تبياناً لدعواه أنه عين بالمركز المدعى عليه بوظيفة أخصائي حسابات ثالث بالدرجة الثالثة مع الاحتفاظ له براتبه الذي كان يتقاضاه بشركة النصر للمسبوكات على أن يستكمل مسوغات تعيينه خلال سنه من تاريخ تعيينه في 3/ 9/ 1983 وقد تقدم بها ومن بينها الاستمارة (103 ع ح) بين بها أن له مدة خدمة سابقة كما تقدم بتاريخ 12/ 10/ 1983 بطلب ضم هذه المدة واستعجل هذا الطلب بتاريخ 19/ 7/ 1986 غير أن الجهة الإدارية رفضت ذلك متعللة بأنه لم يتقدم بطلبه هذا خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقرار رقم 5574 سنة 1983 الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه للمطالبة بضم هذه المدة لمدة خدمته الحالية بالمركز.
وبجلسة 18/ 11/ 1989 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها استناداً إلى أنه يتعين لإجابة المدعي لطلبه أن يتقدم خلال ثلاثة أشهر ابتداء من 12/ 8/ 1983 بطلب لحساب مدة خدمته السابقة وإلا سقط حقه في حسابها وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد طعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة دائرة التسويات بتاريخ 11/ 11/ 1989 بالاستئناف رقم 59 لسنة 22 ق س والمطعون في الحكم الصادر فيه بالطعن الراهن.
وبجلسة 18/ 2/ 1991 حكمت المحكمة المذكورة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المستأنف المصروفات عن درجتي التقاضي.
وشيدت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه على سلامة ما خلص إليه الحكم المطعون فيه بالنسبة لسقوط حق الطاعن في المطالبة بضم مدة خدمته السابقة وفقاً لأحكام القرار رقم 5547 لسنة 1983 لعدم تقدمه بطلب ضم هذه المدة خلال الميعاد القانوني، وأنه بالنسبة للطلب الذي أدعى تقديمه إلى إدارة شئون العاملين بالمركز في 6/ 9/ 1988 فإن ملف خدمة الطاعن قد خلا من أصل هذا الطلب بالإضافة إلى أن الجهة الإدارية لم تشر في كتابها الموجه إلى هيئة قضايا الدولة رقم 605 بتاريخ 12/ 9/ 1989 إلى تقدم المدعي بمثل هذا الطلب إذ لو كان تقدم به لأشارت إليه الجهة الإدارية في ذلك الكتاب الذي تحرر في 12/ 9/ 1989 أي بعد تقديم الطلب المدعي به ولذا فقد انتهى الحكم الطعين إلى عدم الاعتداد بتقديم المدعي لهذا الطلب، وبالتالي إلى سقوط حقه في حساب مدة خدمته السابقة التي قضاها بشركة النصر للمسبوكات.
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أنه يبين من الرجوع لملف الطعن رقم 59 لسنة 22 ق س من أنه قد تحدد لنظره جلسة 4/ 2/ 1991، وأثبت بمحضر هذه الجلسة حضور المستأنف ووكيله وقدم مذكرة وحافظة مستندات، ولم يحضر أحد من المركز المطعون ضده رغم الإخطار، وقد حوت حافظة المستندات صورة كربونية، من طلب ضم مدة الخدمة المؤرخ 1/ 9/ 1988 وعليه توقيعات بتاريخ 6/ 9/ 1988 أحدهما بالإحالة إلى شئون العاملين مع الموافقة والثاني يفيد استلام أصل الطلب، وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 18/ 2/ 1991 حيث صدر الحكم فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً استناداً إلى الأسباب الواردة تفصيلاً في الحكم والمنوه عنها بالوقائع - وعلى هذا النحو تكون المحكمة قد نظرت الطعن في جلسة واحدة قدم فيها الطاعن صورة الطلب الذي يدعي تقديمه في خلال الميعاد المقرر قانوناً بضم مدة خدمته السابقة وموقعاً على الصورة باستلام الأصل بتوقيع منسوب لمدير شئون العاملين بالمركز المطعون ضده وبتاريخ 6/ 9/ 1988 حسبما أشار وكيل الطاعن بمذكرته المقدمة بجلسة 4/ 2/ 1991 غير أن المحكمة لم تعتد بهذا الطلب تأسيساً على خلو ملف خدمته من أصل الطلب المشار إليه ولأن الجهة الإدارية لم تشر في كتابها الموجه إلى هيئة قضايا الدولة رقم 605 بتاريخ 12/ 9/ 1989 إلى تقدم المدعي بمثل هذا الطلب بمقولة أنه لو كان تقدم به لأشارت إليه الجهة الإدارية في ذلك الكتاب الذي تم تحريره في 12/ 9/ 1989.
وأضاف تقرير الطعن قائلاً أنه بالرجوع لصورة الكتاب رقم 605 بتاريخ 12/ 9/ 1989 المودعة بملف الطعن يتضح أنه صادر من المركز المطعون ضده لهيئة قضايا الدولة رداً على خطابها رقم 1973 في 24/ 7/ 1989 بطلب موافاة الهيئة بالطلب الذي تقدم به المدعي في 12/ 10/ 1983 لضم مدة خدمته السابقة حيث أفاد المركز أنه لا يوجد لديه ما يفيد تقدم المدعي بالطلب الذي يدعيه ويرجو المركز التنبيه بمطالبة المدعي بتوضيح اسم مستلم الطلب الذي يدعي تقديمه في 12/ 10/ 1983 وبالتالي فإن موضوع الكتاب المذكور كان الطلب المقدم بتاريخ 12/ 10/ 1983 ولا يعني إنكار المدعي بمثل هذا الخطاب - لا يعني بالضرورة عدم تقدمه بأية طلبات أخرى في تواريخ سابقة أو لاحقة على هذا التاريخ يؤكد ذلك سبق صدور @خطاب من المركز بتاريخ 18/ 10/ 1983 للجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المرفق صورته بالملف - تطلب فيه تسليم المدعي صورة من الفتوى الخاصة بضم مدة خدمته السابقة حتى يمكن النظر في ضم مدة خدمة المذكور، وأن خلو ملف خدمة الطاعن من أصل المذكرة المؤرخ 1/ 9/ 1988 لا يعني حتماً عدم تقدمه بمثل هذا الطلب - وخلص الطعن مما تقدم إلى أن ما ورد بالحكم سبباً لعدم الاعتداد بالمستندات المقدمة من الطاعن للمطالبة بضم مدة خدمته السابقة يكون قد شابه قصور يبطل ما بني عليه - ثم انتهى الطعن إلى الطلبات السالفة البيان.
وحيث إن قانون المرافعات قد أوجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها ورتب البطلان على كل قصور في أسباب الحكم الواقعية والقانونية ورمى المشرع بهذه النظرة إلى إضفاء الضمانات على الحكم وتحقيق الحيدة للقضاء، وضمان تقدير ادعاءات الخصوم وما تقوم عليه من مسائل قانونية فضلاً عن بث الطمأنينة في نفوس المتقاضين.
وحيث إنه ولئن كان ملف الخدمة هو الوعاء الذي يحوي بياناً كاملاً لوقائع حياة العامل الوظيفية إلا أن ذلك لا يفترض نفي أي بيان أو مستند يخص العامل إذا لم يوجد له أصل بملف خدمته بل أن فقد ملف الخدمة ذاته لا يعني ضياع الحقيقة وإنما يتعين الوقوف على ما لدى الإدارة من سجلات ومستندات أخرى مسطرة فيها البيانات والطلبات المقدمة من العاملين قبل أن تودعها ملفات خدمتهم وذلك للحكم على صحة الواقعة من عدمه وثبوت الادعاء أو نفيه.
وحيث إن القرينة هي استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة معلومة وأنه إذا كانت هذه الواقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها لا تصلح مصدراً للاستنباط وعليه فإن خلو ملف خدمة الطاعن من أصل الطلب المقدم من المدعي المؤرخ 1/ 9/ 1988 لا يعني بالضرورة عدم تقدمه بمثل هذا الطلب خاصة وأن الطاعن ادعى تقدمه به وتوقيع المستلم من إدارة شئون العاملين عليه ومن ثم فقد كان من المتعين التحقق من صدق الادعاء بدلاً من اعتبار خلو ملف الخدمة من أصل الطلب المذكور قرينة على عدم تقديمه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد شاب أسبابه قصور يبطله الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الطعن المطعون على الحكم الصادر فيه إلى محكمة القضاء الإداري لنظره مجدداً من دائرة أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الطعن رقم 59 لسنة 22 ق س إلى محكمة القضاء الإداري لنظره مجدداً.