الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 أغسطس 2023

الطعن 2672 لسنة 38 ق جلسة 12 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 121 ص 1241

جلسة 12 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: علي فكري حسن صالح، وعلي رضا عبد الرحمن رضا، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(121)

الطعن رقم 2672 لسنة 38 القضائية

(أ) مجلس الدولة - اختصاصه - ما يدخل في اختصاصه - إلغاء قرار وزير الخارجية بإنهاء خدمة بعض العاملين المصريين بجامعة الدول العربية.
تمخض عن مؤتمري بغداد في نوفمبر 1978 ومارس 1979 عدة قرارات من بينها تجميد عضوية جمهورية مصر العربية ونقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس - لمواجهة هذه الإجراءات صدر القانون رقم 107 لسنة 1980 بالتحفظ على أموال جامعة الدول العربية ومنظماتها - صدر كذلك قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 21 لسنة 1983 الذي ناط بوزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة - استمرت العلاقة الوظيفية مع العاملين المصريين وصرفت مرتباتهم من الأرصدة النقدية والحسابات الجارية والودائع طبقاً للاختصاص المنوط بوزير الخارجية في هذا الشأن - في 11/ 3/ 1990 صدر قرار مجلس الجامعة العربية بعودة مقر الجامعة إلى القاهرة في دور انعقاد سبتمبر سنة 1990 - أثر ذلك: انحسار العمل بالقانونين رقمي 107 لسنة 1980 و21 لسنة 1983 المشار إليهما - ليس الغرض من هذه الإجراءات إسباغ الصفة الدولية على سلطة إدارية داخلية - المفهوم الصحيح أن المشرع أقام سلطة وطنية داخلية عهد إليها ببعض اختصاصات الأمين العام للجامعة العربية وأمناء رؤساء المنظمات العربية التنفيذية لمواجهة الوضع الاستثنائي الناتج عن مؤتمري بغداد المشار إليهما - أثر ذلك: أن ما يتخذه وزير الخارجية في هذا الشأن من قرارات يجب خضوعه لرقابة القضاء الوطني باعتبارها صادرة من سلطة إدارية وطنية - القول بغير ذلك يجرد القرارات من كل رقابة قضائية ويتعارض مع الأصول التي تقضي بخضوع الدولة الحديثة للقانون وما يتفرع عن ذلك من وجوب خضوع ما تصدره من قرارات إدارية للرقابة القضائية - تطبيق.
(ب) قرار وزير الخارجية بإنهاء العاملين المذكورين صدر بعد إلغاء عضوية مصر بجامعة الدول العربية 

- وينطوي هذا القرار على غصب سلطة أمين عام الجامعة - أثر ذلك: اعتبار القرار منعدماً لا تلحقه حصانة ولا يتقيد الطعن عليه بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء ليس من شأن ذلك إلزام وزير الخارجية المصري بإصدار قرار بإعادة المطعون ضدهم إلى وظائفهم بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة التي كانوا يعملون بها عند نقل المقر من القاهرة - أساس ذلك: أن هذا الأمر يخرج من نطاق اختصاصه لأن من لا يملك إنهاء الخدمة لا يملك الإعادة إليها وفقدان الولاية يشمل الأمرين معاً - تطبيق.
(جـ) مسئولية إدارية - تعويض - أركان المسئولية.
مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التي تصدرها هو توافر الخطأ في جانبها وأن يترتب على ذلك ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر - انتقاء الضرر مؤداه انتقاء المسئولية بانهيار ركن من أركانها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 29/ 6/ 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيها سكرتارية المحكمة تقرير طعن - قيد بسجلاتها برقم 2672 لسنة 38 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات بجلسة 18/ 5/ 1992 في الدعوى رقم 1126 لسنة 45 ق التي أقامها المطعون ضدهم ضد الطاعنين لإلغاء قرار وزير الخارجية رقم 34 لسنة 1990 بإنهاء خدمتهم وتعويضهم عما أصابهم من أضرر مادية وأدبية بسبب هذا القرار - والذي قضى أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. ثانياً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الخارجية. ثالثاً - بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعين وما يترتب على ذلك من آثار وأحقية المدعين في تعويض يعادل مرتبهم الأصلي على النحو الموضح بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وبتاريخ 9/ 7/ 1992. تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وبجلسة 16/ 6/ 1993 قضت دائرة فحص الطعون برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير في موضوعه، وبعد تحضير الطعن قدمت الهيئة - تقريراً مسبباً - بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وبجلسة 19/ 1/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 1/ 2/ 1994 وفيها نظرت المحكمة الطعن وحضرت هيئة قضايا الدولة عن الطاعنين وحضر الأستاذ/...... المحامي عن المطعون ضدهم وطلب الطرفان حجز الطعن للحكم وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 29/ 3/ 1994 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه وإن كان الثابت أن تقرير الطعن أعلن للمطعون ضدهم على محلهم المختار أمام محكمة القضاء الإداري إلا أن الثابت أن الأستاذ/....... المحامي قد حضر أمام المحكمة عن المطعون ضدهم بتوكيلات عامة ثابتة وطلب حجز الطعن للحكم.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتلخص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة بالطعن - أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1127 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - طلبوا فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع - أصلياً - بإلغاء القرار رقم 34 لسنة 1990 الصادر من وزير الخارجية فيما تضمنه من إنهاء خدمتهم وبأحقيتهم في تعويض الأضرار المادية والأدبية التي لحقتهم من القرار المطعون فيه، واحتياطياً - تعويضهم تعويضاً عادلاً طبقاً للأسس والقواعد الواردة بجدول إنهاء خدمة موظفي الأمانة العامة بالقاهرة وتونس حسب وظيفة كل منهم باعتبارهم جميعاً ذوي مراكز قانونية واحدة وشملتهم قاعدة ضرورة تعويضهم تعويضاً مجزياً الصادر به قرار وزراء الخارجية العرب.
وقال المطعون ضدهم، في شرح دعواهم إنهم يعملون كموظفين بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية، وعلى أثر اتفاقية كامب ديفيد اتفقت غالبية الدول العربية على نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وتعليق عضوية جمهورية مصر العربية بها وقد بقي المطعون ضدهم بالقاهرة استجابة لقرار رئيس الجمهورية بعدم مشروعية قرارات دول الرفض في مؤتمر بغداد مع التحفظ على أموال الجامعة حفاظاً على حقوق المصريين بها ثم صدر قرار جمهوري بتكليف وزير الخارجية المصري بإدارتها وبذلك ظل العاملون المصريون يباشرون عملهم تحت الإشراف المباشر للحكومة المصرية وظل الحال كذلك حتى صدر قرار مجلس جامعة الدول العربية في شهر مارس 1990 بإعادة مصر إلى عضوية الجامعة وإعادة مقر الجامعة الدائم إلى القاهرة طبقاً لميثاق الجامعة، إلا أنه بتاريخ 30/ 8/ 1990 أصدر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القرار رقم 34 لسنة 1990 بإنهاء خدمة المدعين - اعتباراً من 1/ 9/ 1990 مع تحديد مكافأة نهاية الخدمة، انتهى المدعون (المطعون ضدهم) إلى طلب إلغاء هذا القرار لمخالفة القانون ولصدوره من غير مختص وفاقداً لركن السبب المبرر لإصداره.
وقدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم أصلياً - بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى - استناداً إلى أن مناط اختصاص محاكم مجلس الدولة، أن يكون القرار صادراً من سلطة وطنية ويتعلق بشئون موظفي الدولة بها، واحتياطاً - بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لزوال صفة مصدر القرار بعد عودة مصر إلى جامعة الدول العربية اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1990 ومن ثم لا تكون له صفة تبرر اختصاصه.
وبجلسة 18/ 5/ 1992 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الخارجية.
ثالثاً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعين وما يترتب على ذلك من آثار وأحقية كل من المدعين في تعويض يعادل مرتبه الأصلي على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص على أن الثابت أن المدعين يعملون بإحدى المنظمات المنبثقة عن جامعة الدول العربية وأنه عقب إبرام حكومة جمهورية مصر العربية اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام عقد مؤتمر بغداد في مارس سنة 1979 وفيه اتخذت الدول العربية المجتمعة عدة قرارات من بينها تجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة وجميع المنظمات والمكاتب التابعة لها من القاهرة إلى تونس ونقل تبعاً لذلك العاملين بجامعة الدول العربية ومنظماتها من غير المصريين أما بعض العاملين بالجامعة ممن يحملون جنسية جمهورية مصر العربية ومنهم المدعين فقد آثروا البقاء في القاهرة ورفضوا الانتقال إلى مقر الجامعة الجديد في تونس واستمروا يباشرون أعمالهم بالقاهرة، وبتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1980 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 533/ 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية الإسلامية ونصت المادة السابعة منه على أن يتولى الأمين العام لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وقد استبدلت تلك المادة بالقرار الجمهوري رقم 558 لسنة 1980 بما يستفاد منه أن موظفي جامعة الدول العربية السابقة يباشرون أعمال وظائفهم تحت الإشراف المباشر للأمين العام لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية آنذاك، كما صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 613/ 1980 بتولي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الاختصاصات المالية والإدارية والفنية المقررة للأمين العام للجامعة - وصدر القرار الجمهوري رقم 245/ 1981 بتعيين أمين عام لجامعة الدول العربية ثم صدر القانون رقم 21 لسنة 1983 بأن يتولى وزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام للجامعة وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة في نطاق جامعة الدول العربية ومن ثم تكون حكومة جمهورية مصر العربية بهذا القرار قد أقامت جهازاً إدارياً يقوم على شئون الجامعة العربية في مصر يضم ما بقي فيها من موظفيها - وعينت لها إدارة مصرية بصفة شخصية تحت إشراف ورئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وذلك نتيجة للظروف التي أحاطت بها بتجميد عضوية مصر بجامعة الدول العربية - ونقف مقر الجامعة ومنظماتها المتخصصة إلى تونس وبالتالي فلم يعد للجامعة وجود دولي في مصر بالمعنى القانوني الدولي وأن بقاء مبنى الجامعة في مصر ومنظماتها بالفعل لا يسبغ عليها الصفة الدولية التي زالت عنها بصدور قرارات الدول العربية في مؤتمر بغداد ونقل مقر الجامعة إلى تونس ولذلك فإن القول بإعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على موظفي الجامعة السابقة الموجودين في مصر لا يجد له سنداً من القانون الدولي بعد تجميد عضوية مصر بها ونقل مقر الجامعة منها إلى تونس، وأشارت المحكمة في حكمها إلى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 3502/ 29 ق عليا و1362/ 30 ق عليا الصادر بجلسة 16/ 2/ 1988. وأضافت المحكمة أن الثابت من القرار رقم 34 لسنة 1990 المطعون فيه صدر من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية استناداً إلى أحكام القرار الجمهوري بالقانون رقم 21 لسنة 1983 الذي ناط بوزير الخارجية بعض الاختصاصات المقررة للأمين العام للجامعة وللمنظمات المتخصصة في نطاق جامعة الدول العربية ومن ثم يكون القرار المطعون فيه صادراً من سلطة وطنية استناداً إلى أحكام التشريعات المصرية، بما يجعله قراراً إدارياً في مفهوم أحكام قانون مجلس الدولة ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الطعن فيه لمحاكم مجلس الدولة صاحب الرقابة على مشروعية كافة القرارات الإدارية عدا المتعلقة فيها بإعمال السيادة وهو أي القرار المطعون ليس من بينها ومن ثم يكون الدفع المبدى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى غير قائم على سند صحيح من القانون مستوجباً رفضه، والحكم باختصاص الحكمة بنظر الدعوى.
وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الخارجية لزوال صفته بعد عودة مصر إلى جامعة الدول العربية اعتباراً من أول سبتمبر 1990، قالت المحكمة رداً على هذا الدفع أن الثابت أن وزير الخارجية هو مصدر القرار المطعون فيه فمن ثم تكون له الصفة التي تبرر اختصاصه في الدعوى بما يجعل الدفع المبدى في هذا الشأن غير مستند على أساس صحيح من القانون مستوجباً الرفض.
وفي موضوع الدعوى - استعرضت المحكمة القرارات الجمهورية التي صدرت من السلطات المصرية عقب مؤتمر بغداد والتي سبقت الإشارة إليها وكان آخرها صدور القرار الجمهوري رقم 21 لسنة 1983 وقضت بإلغاء القرار المطعون فيه مؤسسة قضاءها على أن ما أصدرته جمهورية مصر العربية من قرارات لها قوة القانون على النحو المتقدم كان في حدود تأمين استقرار الجامعة العربية ومنظماتها في أداء أعمالها على النحو الذي كشفت عنه صراحة ديباجة كل منها وذلك لمواجهة حالة الضرورة الناشئة عن قرارات مؤتمر بغداد في نوفمبر 1978 ومارس 1979 بتجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس ومن ثم فإن هذه القرارات موقوتة بطبيعتها ومرتبطة بحالة الضرورة التي اقتضتها وجوداً وعدماً ودون أن يبتعد أثارها إلى أبعد من ذلك ومن ثم فلا يجوز الاستناد إليها بعد زوال مبرراتها، وأضافت المحكمة أن الثابت أنه بتاريخ 5/ 7/ 1988 وفي اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والتعليم في دورته الرابعة والأربعين - في الفترة من 2 - 7 يوليو سنة 1988 بتونس تقرر إلغاء القرار السابق صدوره في أبريل 1979 بتعليق عضوية مصر في المنظمة وإعادتها عضواً فعالاً من هذا التاريخ، وبتاريخ 11/ 3/ 1990 أصدر وزراء الخارجية العرب القرار رقم 4983 بعودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة في دورة سبتمبر 1990 وتضمن البند "4" منه تسوية أوضاع الموظفين والعاملين الذين لا يمكنهم الانتقال إلى القاهرة تسوية مجزية، وتضمن البند (5) تسوية أوضاع الموظفين والعاملين
في المقر الدائم لجامعة الدول العربية في القاهرة في حالة فقدانهم لوظائفهم عند عودة الجامعة إلى القاهرة تسوية مجزية، كما تضمن البند (6) بتكليف لجنة مكونة من وزير خارجية كل من العراق ومصر وتونس والمغرب وسلطته عمان بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية بدراسة التدابير الكفيلة بتنفيذ بنود هذا القرار ورفع تقريرها في هذا الشأن إلى مجلس الجامعة في دور انعقاده في سبتمبر - أيلول 1990 بتونس - وفي ضوء ما تقدم فإنه وقد تقرر إلغاء تعليق عضوية مصر في الجامعة وتقرير عودة مقرها إلى القاهرة وتكليف لجنة من بينها أمين عام الجامعة لدراسة شئون موظفيها وعمالهم على النحو الذي تضمنه هذا القرار فإنه يعود للجامعة العربية وضعها القانوني كمنظمة دولية تمارس وظائفها القانونية عن طريق أجهزتها الخاصة بها وبذلك تنتهي حالة الضرورة التي استلزمت مواجهتها بتشريعات داخلية - ويترتب على ذلك أن أي قرار يصدر من أي سلطة غير أجهزة الجامعة نفسها من العاملين بها يعتبر صادراً من سلطة غير مختصة بإصداره مشوباً بغصب السلطة مما يؤدي به إلى الانعدام.
واستطردت المحكمة قائلة إن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصرية بوصفة متولياً اختصاصات أمين عام الجامعة والمنظمات التابعة لها بتاريخ 26/ 8/ 1990 أي بعد إلغاء تعليق عضوية مصر بالجامعة العربية وبعد الإعلان عن عودة مقر الجامعة إلى القاهرة وتشكيل لجنة خاصة تبحث شئون العاملين على النحو المتقدم الإيضاح فإن هذه القرار يكون مشوباً بغصب السلطة مما يجعله بمثابة العقبة المادية التي يتعين إزالتها بحيث لا تلحقه حصانة ولا يتقيد بإجراءات ومواعيد دعوى الإلغاء ولذلك تكون الدعوى مقبولة شكلاً وفي الموضوع يكون القرار المطعون فيه مستوجباً الإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبالنسبة للتعويض أسست المحكمة حكمها بأحقية المطعون ضدهم في التعويض على أن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو خطأ في جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحقق لصاحب الشأن ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ وبين الضرر، وأنه قد تبين من العرض السابق عدم مشروعية قرارها بإنهاء خدمة المدعين وأنه ترتب على هذا القرار حرمان المدعين من راتبهم فمن ثم تتوافر أركان المسئولية التقصيرية الثلاثة وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما لجبر الضرر الذي أصابهم والذي تقدره المحكمة بما يعادل المرتب الأصلي - خلال فترة إبعادهم عن العمل نتيجة صدور القرار المطعون فيه - دون غيره من بدلات وتعويضات أخرى إذ أن البدلات والتعويضات إنما ترتبط بالأداء الفعلي للعمل ولمواجهة متطلباته فإذا لم يقم العامل بالعمل فعلاً فإنه لا يستحق تلك البدلات والتعويضات ويقتصر التعويض على المرتب الأصلي باعتباره العذر المتيقن في حقه والذي خسره من جراء قرار إنهاء الخدمة غير المشروع وعلى أن يخصم منه ما يكون قد صرف للمدعين من تعويضات ومكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بذات القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على النحو التالي:
أولاً: وبصفة أصلية، عدم اختصاص القضاء المصري ولائياً بنظر الدعوى، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ برفضه الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، لأن المطعون ضدهم كانواً يعملون بإحدى المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية، وهي منظمات لها الشخصية الدولية كمنظمة دولة لا اختصاص للقضاء المصري بمنازعات موظفيها، هذا فضلاً عن أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصري بصفته أميناً عاماً لجامعة الدول العربية وفقاً للقانون رقم 21 لسنة 1983 الذي نص في المادة الأولى منه على أن "يتولى وزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة في نطاق جامعة الدول العربية......" كما أن القرار صدر في شأن من شئون الجامعة وإعمالاً لتوصيات مجلسها وبذلك فإن القرار لم يصدر في شأن موظف مصري ولم يصدر في شأن يتعلق بالسلطة التنفيذية المصرية ولا يغير من صفتهم كموظفين دوليين في نظر الحكومة المصرية بقاؤهم في مصر وعدم انتقالهم إلى المقار الجديدة للمنظمات العربية التابعة للجامعة - فكل هذا لا يجعل منهم موظفين تابعين للحكومة المصرية... يضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصري بصفته عضواً في اللجنة المشكلة بقرار مجلس الجامعة العربية رقم 4983 الصادر في 11/ 3/ 19990 التي كانت من بين اختصاصاتها تسوية أوضاع الموظفين العاملين في المقر الدائم لجامعة الدول العربية في القاهرة في حالة فقدانهم لوظائفهم عند عودة الجامعة إلى مصر تسوية مجزية وبالتالي فإنه يخرج عن اختصاص المحاكم المصرية فحص مشروعيته.
ثانياً - وبصفة احتياطية - أخطأ الحكم برفضه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الخارجية بصفته - ذلك أن القرار المطعون فيه لم يصدر من وزير الخارجية المصري بصفته هذه بل صدر عنه بصفته عضواً في اللجنة المشكلة بقرار مجلس الجامعة رقم 4983 في 11/ 3/ 1990 وكذلك بصفته أمين عام للجامعة العربية التي منحت له بالقانون رقم 21 لسنة 1983 السابق ذكره، وأن صفته هذه زالت بعد صدور قرار مجلس الجامعة بتعيين أمين عام لها بعد تنفيذ قرار إعادة الجامعة إلى مقرها بالقاهرة - وبذلك أصبح وزير الخارجية المصري لا صفة له في تمثيل جامعة الدول العربية أمام القضاء.
ثالثاً - ومن باب الاحتياط الكلي: رفض الدعوى، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين بني قضاءه على أساس أن وزير الخارجية اغتصب سلطة أمين عام جامعة الدول العربية حين أصدر القرار المطعون فيه وذلك للأسباب الآتية:
1 - أن عيب غصب السلطة كعيب من عيوب القرار الإداري لا يجوز للقضاء المصري القول به طعناً على قرار وزير الخارجية المصري لأن المقصود من الرقابة القانونية للقرارات الإدارية هو منع العدوان من سلطة على اختصاصات سلطة أخرى داخلية ولا يمتد في حالة الزعم باغتصاب وزير الخارجية سلطة أمين عام جامعة الدول العربية لأن هذا الزعم يتعلق بعلاقة مصر بالمنظمة الدولية عما يخرج عن رقابة القضاء المصري.
2 - أن وزير الخارجية المصري استخدم سلطاته كأمين عام للجامعة بالقانون رقم 21 لسنة 1983 الذي ظل قائماً عندما أصدر ولم يعين مجلس الجامعة أمنياً عاماً جديداً إلا بعد أن تم تنفيذ قرار عودة المقر إلى مصر فضلاً عن أنه كان عضواً في اللجنة المشكلة بالقرار رقم 4983 في 11/ 3/ 1990 والتي اختصت ببحث أوضاع الموظفين العاملين بمقر الجامعة بالقاهرة وانتهت إلى إنهاء خدمة بعضهم وتعويضهم عن ذلك في 23/ 8/ 1990 الأمر الذي حدا بوزير الخارجية المصري بصفته عضواً بهذه اللجنة إلى إصدار القرار المطعون فيه قد أشير إلى ذلك في ديباجة القرار رقم 34 لسنة 1990. وبذلك لا يعدو هذا القرار أن يكون مجرد قراراً تنفيذياً كاشفاً للمركز القانوني للمطعون ضدهم في نظر الجامعة العربية وهو انتهاء خدمتهم بالمنظمة الدولية وصدر في شأن المنظمة ولم يستحدث مركزاً جديداً من وجهة نظر جامعة الدول العربية واستهدف تصفية أوضاعهم وحفظ حقوقهم المترتبة على انتهاء خدمتهم ولا شك أن النزاع حول هذه الحقوق يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية.
ومن حيث إنه قد استبان لهذه المحكمة من الأوراق أنه عقب إبرام حكومة جمهورية مصر العربية لاتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل، عقد في نوفمبر سنة 1978 ومارس 1979 مؤتمري بغداد اتخذت فيهما الدول العربية، عدة قرارات في غيبة جمهورية مصر العربية، من بينها تجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات العربية التابعة للجامعة ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، وكذلك نقل مقار المنظمات العربية الأخرى إلى بعض عواصم الدول العربية وذلك بالمخالفة لأحكام المادة (10) من ميثاق جامعة الدول العربية التي نصت على أن تكون القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية مما مقتضاه أن تغيير المقر الدائم للجامعة العربية بتطلب تعديلاً في الميثاق ذاته.
ومن حيث إن جمهورية مصر العربية رفضت الاعتراف بقرارات مؤتمري بغداد المشار إليهما فأصدرت بتاريخ 3 من أبريل 1979 بياناً بعدم الاعتداد بتلك القرارات واتخذت مجموعة من الإجراءات لكافة تأمين استمرار الجامعة ومنظماتها في أداء أعمالها في القاهرة فأصدرت القانون رقم 107 لسنة 1980 بالتحفظ على أموال جامعة الدول العربية ومنظماتها، كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية الذي نص في المادة السابقة منه على أن "يتولى الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية الإسلامية الإشراف على جامعة الدول العربية ومنظماتها بالقاهرة وأصدرت مجموعة من القرارات بتحديد من يتولى الاختصاصات المالية والإدارية والفنية للأمين العام لجامعة الدول العربية كان أخرها قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 21 لسنة 1983 الذي أشار في ديباجة إلى بيان حكومة جمهورية مصر العربية الصادر في 3/ 4/ 1979 بشأن الجامعة العربية ومنظماتها وعدم الاعتداد بالقرارات غير الشرعية التي صدرت من الدول العربية في مؤتمري بغداد في نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين استمرار الجامعة ومنظماتها في أداء أعمالها ثم نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن يتولى وزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة وكذلك بالنسبة للأرصدة التقديرية والحسابات الجارية والودائع وجميع الحقوق أياً كانت قبل البنوك وجميع الهيئات وكافة الأشخاص الطبيعيين وغير الطبيعيين.
ومن حيث إنه في نطاق الإجراءات المشار إليها فقد استمر وزير خارجية جمهورية مصر العربية بصفته متولياً للاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة التابعة، في معاملة العاملين بالجامعة ومنظماتها من المصريين باعتبار أن علاقتهم الوظيفية مستمرة مع استمرار صرف مرتباتهم مما تحت يده من أرصدة نقدية وحسابات جارية وودائع وفقاً لأحكام القوانين المشار إليها.
ومن حيث إنه صدر بعد ذلك قرار مجلس الجامعة العربية رقم 4983 في 11/ 3/ 1990 بالإعلان عن عودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة في دور انعقاد سبتمبر سنة 1990 وتضمن هذا الإعلان تسوية أوضاع الموظفين العاملين في المقر الدائم للجامعة بالقاهرة في حالة فقدانهم لوظائفهم عند عودة الجامعة إلى القاهرة تسوية مجزية - وتكليف لجنة لتنفيذ بنود القرار ومن بينها بند تسوية أوضاع الموظفين المشار إليه، على أن ترفع تقريرها في هذا الشأن إلى مجلس الجامعة في دور انعقاده في سبتمبر سنة 1990.
وبتاريخ 10/ 6/ 1990 تقدم وزير الخارجية المصري بمذكرة إلى مجلس الوزراء بشأن أوضاع الجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة في ضوء العودة إلى القاهرة أوضح فيها ما يلي:
1 - ترتب على انتقال مقر الجامعة ومنظماتها إلى تونس أن قامت حالة ضرورة اضطرت معها الحكومة المصرية إلى استصدار القوانين والقرارات اللازمة للحفاظ على الكيان الشرعي للجامعة العربية ومنظماتها واستمرارها في تأدية واجباتها من القاهرة.
2 - إزاء صدور قرار عودة مقر الأمانة العامة إلى القاهرة، أصبحنا الآن أمام ضرورة اتخاذ قرارات تستوجب موافقة مجلس الوزراء وهي تتعلق بالأمانة العامة للجامعة العربية والمنظمات بصفة عامة والعاملين بالمنظمات بصفة خاصة وذلك قبل انتهاء تفويض وزير الخارجية في إدارة شئون الجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة على ضوء انحسار العمل بالقانونين رقمي 107 لسنة 1981، 21 لسنة 1983 من ناحية وحتى لا تترك مصالح هؤلاء الموظفين في أيد مصرية من ناحية أخرى.
3 - تم دراسة وبحث هذا الموضوع من كافة جوانبه القانونية والإدارية والمالية وقد أسفرت هذه الدارسة والمشتملة على كافة المقترحات الواجب اتخاذها مع المذكرة المرفقة، عن ضرورة استصدار القرارات الآتية:
1 - إنهاء خدمة الموظفين بالمنظمات الموجودة بالقاهرة وذلك اعتباراً من 1/ 6/ 1990.
2 - إجراء اتصال مع مدير فرع البنك العربي المحدود بالقاهرة لسرعة تحويل مبلغ 8.5 مليون دولار أمريكي من حساب الصندوق العربي للمعونة الفنية لتغطية العجز المطلوب لتسوية مكافآت نهاية خدمة هؤلاء الموظفين.
3 - تسوية الأوضاع الوظيفية واستحقاقات العاملين بالأمانة العامة والصندوق العربي للمعونة الفنية بالقاهرة وذلك اعتباراً من 1/ 6/ 1990.
4 -........
كما أصدر وزير الخارجية بتاريخ 26/ 8/ 1990 القرار رقم 34 لسنة 1990 أشار فيه إلى أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 21 لسنة 1983 بتولي وزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية، ونص في المادة الأولى منه على أن "تنتهي خدمة الموظفين العاملين بالمنظمات العربية المتخصصة بالقاهرة والموضحة أسماؤهم بالكشف المرفق اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1990، ونصت المادة الثانية منه على أنه تسوى مكافأة نهاية خدمة الموظفين المشار إليهم في المادة الأولى على أساس جدول الرواتب لموظفي الأمانة العامة المطبق في المقر المؤقت للجامعة بتونس، ونصت المادة الثانية على أن "تصرف تعويضات انتهاء الخدمة والإجازات المتراكمة للموظفين المذكورين على أساس النظم والمرتبات الحالية، ونصت المادة الرابعة على أن "تصرف للموظفين المشار إليهم بعاليه فروق العلاوات والتسويات السابق تجميدها بقرار الأمين العام بالنيابة للجامعة رقم 70 لسنة 1979 وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية رقم 34 لسنة 1983 ونصت المادة الخامسة، على أن يكون للموظفين الذين أنهيت خدمتهم وفقاً لأحكام هذا القرار الأولوية في الترشيح للتعيين بالأمانة العامة للجامعة والمنظمات العربية المتخصصة العاملة في نطاقها، وقد كان المطعون ضدهم من بين ممن شملهم الكشوف المرفقة بالقرار المشار إليه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الطعن في القرار المشار إليه إلغاء وتعويضاً فإن الثابت مما تقدم أن القانون رقم 21 لسنة 1983 الذي أصدر القرار المطعون فيه استناداً إلى أحكامه لم يقضي بتنصيب وزير الخارجية لجمهورية مصر العربية أمنياً عاماً لجامعة الدول العربية وذلك باعتبار أن القانون الوطني يقصر أن يمتد إلى حد تعيين أمين عام لجامعة الدول العربية الذي يعين وفقاً لحكم المادة 12 من ميثاق الجامعة العامة العربية بقرار من مجلس الجامعة بأكثرية ثلثي دول الجامعة ومن ثم فإن غاية ما يمكن القول به أن حكومة جمهورية مصر العربية بعد أن قررت بالقانون رقم 107 لسنة 1980 التحفظ على أموال الجامعة العربية ومنظماتها، ناط القانون رقم 21 لسنة 1983 بوزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة وكذلك بالنسبة للأرصدة النقدية والحسابات الجارية والودائع وجميع الحقوق أياً كانت قبل البنوك وجميع الهيئات وكافة الأشخاص الطبيعيين وغير الطبيعيين كل ذلك لمواجهة حالة الضرورة التي نشأت نتيجة للقرارات التي صدرت في نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 والتي اعتبرتها حكومة جمهورية مصر العربية غير شرعية، وإذا كان القانون الداخلي وعلى ما سلف إيضاحه يقصر أن يمتد إلى إسباغ الصفة الدولية على سلطة إدارية داخلية أقامها لمواجهة ظروف استثنائية وناط بها اختصاصات محددة لإبطال آثار قرارات صادرة من جامعة الدول العربية ومنظماتها، اعتبرتها الحكومة المصرية غير شرعية فإن المفهوم الصحيح لهذا القانون أنه أقام سلطة وطنية داخلية عهد إليها ببعض الاختصاصات المقررة للأمين العام للجامعة العربية وأمناء ورؤساء المنظمات العربية التنفيذية لمواجهة هذا الوضع الاستثنائي وبالتالي فإن ما تتخذه هذه السلطة من قرارات وإجراءات يجب أن تكون خاضعة لرقابة القضاء الوطني باعتبارها صادرة عن سلطة إدارية وطنية والقول بغير ذلك من شأنه أن يجرد هذه القرارات من كل رقابة قضائية على خلاف الأصول العامة التي تقضي بخضوع الدولة المدنية الحديثة للقانون بما يتفرع عنه من وجوب خضوع ما تصدره من قرارات إدارية للرقابة القضائية، ذلك أن هذه القرارات وبحكم صدورها من سلطة أقامها القانون الوطني ومن غير إحدى سلطات الجامعة العربية أو منظماتها فإن جامعة الدول العربية وما ينبثق عنها من هيئات قضائية سوف تعاملها على هذا الأساس وبالتالي فإن الطعن فيها يخرج بالضرورة عن الولاية القضائية للمحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية وهو ما قضت به تلك المحكمة في دور انعقادها العادي لسنة 1992 في الدعاوى التي أقامها المطعون ضدهم وزملاؤهم طعناً في قرار وزير الخارجية المشار إليه حيث قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر تلك الدعوى.
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى باعتبارها طعناًً في قرار إداري نهائي صادر من سلطة وطنية إنما يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في هذا الشق منه لا أساس له من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فإن الثابت مما تقدم أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصري باعتباره السلطة التي ناط بها القانون رقم 21 لسنة 1983 الاختصاصات المالية والإدارية والفنية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية الأخرى وإذا كانت صفته المشار إليها قد زالت منذ إلغاء تعليق عضوية جمهورية مصر العربية بالجامعة وعودة مقر الجامعة العربية إلى القاهرة فإنه لا محيص من الإبقاء له على هذه الصفة فيما يقام من طعون بالنسبة للقرارات التي أصدرها من قبل بهذه الصفة والتي تعلق حق أصحاب الشأن بالطعن عليها أمام القضاء الإداري باعتبارها صادرة عن سلطة وطنية إلى أن يصدر حكم نهائي فيما يقام من منازعات عن تلك القرارات أمام القضاء الوطني وبالتالي يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ولا أساس له من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع فإن الثابت مما تقدم أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصري بوصفه متولياً اختصاصات أمين عام الجامعة والمنظمات التابعة وفقاً للقانون رقم 21 لسنة 1983 المشار إليه وذلك بتاريخ 30/ 8/ 1990 أي بعد إلغاء تعليق عضوية مصر بالجامعة وبعد الإعلان عن عودة مقر الجامعة إلى القاهرة وتشكيل لحنة خاصة تختص ببحث أوضاع الموظفين المصريين على النحو السابق بيانه، وكان الثابت وفق ما تقدم أن القانون رقم 21 لسنة 1983 إنما قصد به مواجهة وضع استثنائي مؤقت ترتب على ما اتخذته مجموعة الدول العربية في مؤتمري بغداد المشار إليهما - بتعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية، مما مقتضاه انتهاء العمل بأحكامه بعد زوال هذا الوضع المؤقت الذي صدر لمواجهته فإن محكمة القضاء الإداري وقد قضت بانعدام هذا القرار باعتباره متضمناً غصباً لسلطة أمين عام جامعة الدول العربية ينحدر به إلى الانعدام وبهذه المثابة لا تلحقه حصانة ولا يتقيد الطعن عليه بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء، وقضت على هذا الأساس بإلغائه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المطعون ضدهم وما يترتب على ذلك من آثار فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سلمياً.
ومن حيث إنه وإن كان مقتضى الحكم المشار هو إزالة القرار المطعون فيه باعتباره عقبة في سبيل استعمال المطعون ضدهم لمراكزهم القانونية السابقة على صدور القرار المطعون فيه والذي أعدمه الحكم المطعون فيه وهو حكم نهائي وحائز لقوة الأمر المقضي به الثابت بمقتضى الحكم في الطعن الماثل، فإن ذلك ليس من شأنه إلزام وزير الخارجية المصري بإصدار قرار بإعادة المطعون ضدهم إلى وظائفهم بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية التي كانوا يعملون بها عند نقل مقر الجامعة ومنظماتها من القاهرة باعتبار أن هذا الأمر مما يخرج من اختصاصه إذ أن من لا يملك إنهاء الخدمة لا يملك الإعادة إلى الخدمة وفقدان الولاية يشمل الأمرين جميعاً.
ويفصل بما تقدم أنه لا يكون للمطعون ضدهم مطالبة وزير الخارجية بصفته بأية حقوق تتعلق بمرتباتهم وفي المقابل فإنه لا يجوز للطاعن بصفته أن يسترد ما صرف لهم طبقاً للبنود 2، 3، 4 من القرار.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإن مناط مسئولية السلطة الإدارية عن القرارات الإدارية التي تصدرها هو توافر الخطأ في جانبها وأن ترتب على قراراتها الخاطئة ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن المحكمة لم تتبين أن ثمة ضرر لحق بالمطعون ضدهم نتيجة صدور القرار المطعون فيه، ذلك أنه منذ عودة الجامعة العربية إلى القاهرة وإلغاء تعليق عضوية مصر بها وما يترتب على ذلك من إنهاء الوضع الاستثنائي الذي واجهته الدولة بالقانون رقم 107 لسنة 1980 بالتحفظ على أموال الجامعة ومنظماتها والقانون رقم 21 لسنة 1983 السابق الإشارة إليه، فإن مظلة الحماية الوطنية للمطعون ضدهم استناداً إلى ذلك القانون الأخير قد انطوت، وبالتالي فإنه حتى ولو لم يصدر القرار المطعون فيه، فإنه ما كان يجوز قانوناً للسلطة الوطنية الاستمرار في أداء مرتباتهم بعد أن زالت ولايتها بالنسبة لهم وبالنسبة لأموال الجامعة وحقوقها. كما أنه وعلى ما سلف إيضاحه فإن هذه السلطة ما كانت تملك شيئاً بالنسبة لمراكزهم القانونية الثابتة لهم قبل الجامعة ومنظماتها، فإذا ما أضيف إلى ما تقدم أن القرار المطعون فيه بحكم صدوره من سلطة وطنية في شأن من شئون الجامعة ومنظماتها فإنه يقصر عن ترتيب أية آثار قانونية بالنسبة للمراكز القانونية للمطعون ضدهم في علاقتهم بالجامعة ومنظماتها لأنه بهذه الصفة ليس له قوة النفاذ قبل الجامعة ومنظماتها، وقد كان للجامعة العربية ومنظماتها أن تمنحهم تلك المراكز دون التوقف طويلاً أمام القرار المطعون فيه وكل تعلل قد تكون استندت إليه في هذا الشأن ساقط ولا ينفي أن أية أضرار تكون قد لحقت بالمطعون ضدهم إنما تكون ناشئة عن قرارات وتصرفات صادرة عنها وعن منظماتها إيجاباً أو سلباً وتكون علاقة السببية بين تلك الأضرار إن وجدت وبين القرار المطعون فيه منتفية فليس صحيحاً أن القرار المطعون فيه قد رتب أية آثار بالنسبة للمراكز القانونية للمطعون ضدهم في علاقتهم بالجامعة العربية أو منظماتها. كما أنه لا وجه للقول بأن القرار قد فوت عليهم فرصة تسوية حالتهم تسوية مجزية بأكثر مما قرره ذلك القرار بالنسبة لمكافآت نهاية الخدمة والتعويضات الأخرى المرتبطة بها، إذ فضلاً عما سلف إيضاحه فإن هذا القرار وبحكم صدوره من سلطة وطنية أجنبية بالنسبة للجامعة ومنظماتها. فإنه ما كان يحول بين الجامعة ومنظماتها من منح المطعون ضدهم لحقوقهم والتي تكون ثابتة لهم وفقاً لقرارات تنظيمية صدرت عنها في هذا الشأن كما أن الباب لا زال مفتوحاً أمامهم للمطالبة بما عسى أن يكون ثابتاً لهم من الحقوق فالطريق الودي أو الطريق القضائي أمام المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية باعتبار أن حقوقهم إنما يستمدونها في هذا الشأن من قواعد ولوائح وضعتها الجامعة ومنظماتها وبمراعاة ما عسى أن يكون ثابتاً لهم من مراكز قانونية في علاقتهم بالجامعة أو المنظمة التي كانوا يعملون بها قبل إلغاء القرار وبعده لأن هذا الطريق لم يستغلق عليهم وخاصة بعد إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمتهم بحكم من محكمة القضاء الإداري حائزاً لقوة الأمر المقضى به والذي أبدته هذه المحكمة في هذا الشق منه، وغني عن البيان أن الأحكام التي أصدرتها المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية بعدم اختصاصها بنظر طلب إلغاء وزير الخارجية المطعون فيه لا يجوز حجية الأمر المقضي به بالنسبة للطلب المكمل لما صرف لهم من مكافآت نهاية الخدمة والتعويضات الأخرى المرتبطة بها وفقاً لما عسى أن يكون قد صدر عن الجامعة أو منظماتها من قواعد أو قرارات في هذا الشأن أو بعد صدور القرار المطعون فيه وذلك لاختلاف المحل في الدعويين الأمر الذي تنتفي معه مظنة أن يكون القرار المطعون فيه قد فوت على المطعون ضدهم أية فرصة فيما تقدم.
ومن حيث إنه وقد ثبت مما تقدم انتفاء علاقة السببية بين الأضرار التي يقول بها المطعون ضدهم والقرار المطعون فيه فإن طلب التعويض عن ذلك القرار بكل صوره الواردة في عريضة الدعوى يكون لا أساس له من القانون، متعيناً رفضه وإذا ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى للمطعون ضدهم بتعويض عن ذلك القرار يعادل مرتباتهم الأصلية خلال فترة إبعادهم عن العمل نتيجة القرار المطعون فيه وفقاً لمنطوقه المحمول على أسبابه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه في هذا الشق منه ورفض طلب التعويض.
ومن حيث إن الحكومة معفاة من الرسوم القضائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المطعون ضدهم على النحو المبين بالأسباب وبرفض طلب التعويض وألزمت المطعون ضدهم نصف المصروفات.

الطعن 810 لسنة 13 ق جلسة 9 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 18 ص 47

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أحمد فؤاد أبو العيون - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد فهمي طاهر ويحيى توفيق الجارحي وأحمد سعد الدين قمحة ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

----------------

(18)

القضية رقم 810 لسنة 13 القضائية

(أ) جامعات 

- لجان فحص الإنتاج العلمي - القانون رقم 159 لسنة 1963 استبدل باللجان العلمية التي كانت تشكل عند التعيين في وظيفة أستاذ ذي كرسي لجان علمية دائمة دون أن يتضمن أحكاماً انتقالية - وجوب سريان التعديلات المستحدثة على إجراءات التي لم تتم حتى تاريخ العمل بها - لا تكتمل إجراءات فحص الإنتاج العلمي إلا بتقديم تقرير اللجنة - أساس ذلك - مثال.
(ب) جامعات 

- لجان فحص الإنتاج العلمي - تشكيلها يكون وفقاً لأحكام القانون لا وفقاً لرغبات أعضاء هيئة التدريس - لا يصح أن تكون اعتراضات المدعي على بعض أعضاء اللجنة حائلاً دون اشتراكهم في عضويتها.
(جـ) جامعات 

- لجان فحص الإنتاج العلمي - استقلال اللجنة بفحص الإنتاج العلمي على أساس من سلطتها التقديرية التي تنأى عن الرقابة القضائية ما دامت غير متسمة بإساءة استعمال السلطة - أساس ذلك.

----------------
1 - إن المادة 55 من القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات في الجمهورية العربية المتحدة كانت تقضي قبل تعديلها بالقانون رقم 159 لسنة 1963 بأنه "عند التعيين في وظيفة أستاذ ذي كرسي يشكل المجلس الأعلى للجامعات بناء على طلب مجلس الجامعة المختصة لجنة علمية لفحص الإنتاج العلمي للمرشح وتقديم تقرير مفصل عن هذا الإنتاج وعما إذا كان يرقى لاستحقاق المرشح الوظيفة التي تقدم إليها مع ترتيب المرشحين بحسب كفايتهم العلمية، ويشترط في أعضاء هذه اللجان أن يكونوا من الأساتذة المتخصصين في الجامعات. ويجوز أن يضم إليهم عند الاقتضاء عدد من المتخصصين من خارج الجامعات". وقد صدر القانون رقم 159 لسنة 1963 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 184 لسنة 1958 ومنها المادة 55 وقد جرى نصها بعد التعديل بما يأتي "تشكيل لجان علمية دائمة تتولى فحص الإنتاج العلمي للمرشحين لشغل وظائف الأساتذة ذوي الكراسي والأساتذة ويصدر بتشكيلها قرار من وزير التعليم العالي بناء على ترشيح المجلس الأعلى للجامعات وذلك على أن تقدم اللجنة تقريراً مفصلاً عن الإنتاج العلمي للمرشحين وعما إذا كان يؤهلهم للوظائف المرشحين لها مع ترتيبهم بحسب كفايتهم العلمية. ويشترط في أعضاء هذه اللجان أن يكونوا من بين الأساتذة ذوي الكراسي المتخصصين في الجامعات أو من المتخصصين من غيرهم. ويصدر قرار من وزير التعليم العالي بناء على اقتراح المجلس الأعلى للجامعات باللائحة الداخلية لتنظيم أعمال هذه اللجان.." ونص القانون رقم 159 لسنة 1963 المشار إليه في مادته السادسة على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وقد نشر بالعدد رقم 273 في 28 من نوفمبر سنة 1963.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن القانون رقم 159 لسنة 1963 قد استبدل باللجان العلمية التي كانت تشكل عند التعيين في وظيفة أستاذ ذي كرسي لجان علمية دائمة ولم يتضمن هذا القانون أحكاماً تعالج الأوضاع عند الانتقال من مجال العمل بالقواعد الملغاة إلى العمل بالقواعد المستحدثة كما لم يتعرض للجان العلمية التي شكلت قبل العمل به ومن ثم فإنه إعمالاً للأصول العامة المقررة قانوناً في هذا الشأن تسري التعديلات التي استحدثها القانون رقم 159 لسنة 1963 على الإجراءات التي لم تكن قد تمت حتى تاريخ العمل به دون تلك التي تمت صحيحة في ظل الأحكام الملغاة فتظل قائمة ومنتجة لآثارها القانونية. ولما كانت إجراءات فحص الإنتاج العلمي للمرشحين لا تكتمل إلا بتقديم اللجنة العلمية المشكلة لهذا الغرض تقريرها في هذا الشأن، وكان الثابت من وقائع الدعوى أن اللجنة العلمية التي شكلت بقرار المجلس الأعلى للجامعات في 3 من أكتوبر سنة 1963 لتقييم الإنتاج العلمي للمدعي وزميليه لم تقدم تقريرها قبل العمل بالقانون رقم 159 لسنة 1963 وأن الأمر لم يتجاوز مجرد تشكيلها إذ أنها لم تبدأ عملها إلا في 29 من نوفمبر سنة 1963 في ظل العمل بهذا القانون، فإن الإجراءات الخاصة بفحص الإنتاج العلمي للمرشحين لوظيفتي أستاذ ذي كرسي الشاغرتين تخضع لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1963 الذي أسند ولاية الفحص إلى لجان دائمة تشكل بقرار من وزير التعليم العالي وتباشر عملها وفقاً لأحكام اللائحة الداخلية التي تصدر بقرار من الوزير المذكور بناء على اقتراح المجلس الأعلى للجامعات دون أن يكون في ذلك إخلال بحق مكتسب لأحد أو المساس بمركز قانوني ثبت لصاحبه واستقر طالما لا يوجد نص يوجب استمرار اللجنة الأولى في عملها، وإذ قدمت اللجنة المذكورة تقريرها بعد أن زايلها اختصاص فحص الإنتاج العلمي للمرشحين فيتعين عدم الاعتداد به.
2 - إنه بالنسبة لما نعاه المدعي على تشكيل اللجنة الدائمة للفحص العلمي للمرشحين لوظائف الأساتذة ذوي الكراسي بقسم الرمد من أنها ضمت أعضاء غير محايدين فهو نعي لا يقوم على أساس سليم من الواقع أو القانون ذلك أن تشكيل هذه اللجنة لا يصح أن يتم وفقاً لرغبة كل مرشح وتبعاً لمشيئته وهواه إنما هو يتم طبقاً لنص المادة 55 سالفة الذكر بقرار من وزير التعليم العالي بناء على ترشيح المجلس الأعلى للجامعات باعتباره أعلى سلطة مشرفة على الجامعات، وإذ انتهى الأمر إلى تشكيل اللجنة الدائمة من الأساتذة المتخصصين الذين قاموا بفحص إنتاج كل من المرشحين دون التفات في ذلك إلى الاعتراضات التي أثارها المدعي بالنسبة إلى بعض أعضاء هذه اللجنة فإن التشكيل بذلك يكون قد تم وفقاً لأحكام القانون، ولا يصح أن تكون اعتراضات المدعي على بعض أعضاء اللجنة حائلاً دون اشتراكهم في عضويتها وإلا لأدى الأمر إلى تشكيل عدة لجان للفحص العلمي بما يخالف أحكام القانون ويتنافى مع قصد المشرع من النص على إنشاء لجان دائمة والذي كشفت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 159 لسنة 1963 إذ جاء بها ".... ولما كانت إجراءات تعيين الأساتذة والأساتذة ذوي الكراسي تطول بدون مبرر ولأن إجراءات تشكيل اللجان العلمية تقارب إجراءات التعيين ذاته، لذلك رؤى تشكيل لجان علمية دائمة لتقييم الإنتاج العلمي للمرشحين وأعمالهم الإنشائية الممتازة وتقرير ما إذا كانت تؤهلهم لشغل الوظائف المرشحين لها مع ترتيب الصالحين وفقاً لكفايتهم العلمية بما يتحقق معه توحيد معايير الصلاحية بالنسبة إلى المرشحين لوظائف الأستاذية بالجامعات، وقد اقتضى ذلك الاكتفاء بعرض التعيينات على مجالس الأقسام والكليات بالجامعات المختصة دون الرجوع إلى المجلس الأعلى للجامعات تقصيراً للإجراءات ولأن حكمة العرض عليه التنسيق بين مستويات الأساتذة ذوي الكراسي بالجامعات، وهذه الحكمة ستتحقق بإنشاء اللجان العلمية الدائمة...." ومتى كان ذلك يكون نعي المدعي على تشكيل اللجنة الدائمة على غير أساس سليم من القانون فتستقل هذه اللجنة بفحص الإنتاج العلمي للمرشحين على أساس من سلطتها التقديرية التي تنأى عن الرقابة القضائية طالما كانت غير متسمة بإساءة استعمال السلطة.
3 - إنه بالنسبة إلى ما أورده المدعي من مآخذ على أعمال اللجنة الدائمة من أنها استبعدت عنصر الإشراف على الرسائل وأنها قد خالفت اللجنة الأولى في تقييمها لأبحاثه وأبحاث الدكتور إبراهيم عبود، وأنها قد وضعت الأبحاث المشتركة والمنفردة في مستوى واحد وغير ذلك مما نعاه المدعي على أعمال تلك اللجنة فإن ذلك جميعه لا ينهض دليلاً على انحرافها بالسلطة، وذلك لأنه يبين من الاطلاع على تقرير اللجنة الأولى أن المدعي أشار إلى أنه قد أشرف على رسالتين دون أن يقدم نسخة من كل منهما وهذا عين ما سجلته اللجنة الدائمة في تقريرها، كما أن مخالفة اللجنة الدائمة للجنة الأولى في تقييمها للأبحاث إنما يتمشى مع طبائع الأمور ولا شيء عن الرغبة في مجاملة الدكتور إبراهيم عبود خصوصاً وأن هذا الخلاف قد تناول أيضاً تقييم أبحاث الدكتور محمد عبد المنعم لبيب ومن المقرر أن اللجنة العلمية تستقل بهذا التقييم بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن والتي لا تخضع عناصر التقدير فيها للرقابة القضائية وإلا انقلبت رقابة القضاء إلى مشاركتها في سلطتها المذكورة، كما أنه من وجه آخر فإن المساواة بين الأبحاث المشتركة والمنفردة ليس من شأنه أن يجعل تقديرها مخالفاً لأحكام القانون. أو مشوباً بالانحراف لأن تقييم اللجنة لكل بحث من البحوث المشتركة مقتضاه أن الدرجة التي قدرت بها هذا البحث إنما تنصرف إلى القدر الذي ساهم به المرشح في كل بحث من البحوث المشتركة المقدمة منه وليس في نص المادة 55 السالف ذكرها ما يلزم اللجنة بتحديد القدر الذي ساهم به المرشح في كل من هذه البحوث.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن القرار المطعون فيه إذ صدر بتعيين الدكتور إبراهيم أحمد عبود في وظيفة أستاذ ذي كرسي بكلية الطب بجامعة القاهرة بناء على طلب مجلس الجامعة وبعد عرض الأمر على اللجنة العلمية الدائمة يكون قد صدر صحيحاً وطبقاً للإجراءات المقررة قانوناً وغير مشوب بالانحراف بالسلطة ومن ثم يكون الطعن عليه بالإلغاء غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه، ويترتب على ذلك كنتيجة حتمية رفض طلب المدعي التعويض عن القرار المطعون فيه لعدم توافر ركن الخطأ في حق الإدارة بعد أن ثبتت سلامة هذا القرار ومطابقته للقانون على نحو ما سلف بيانه.

الطعن 541 لسنة 17 ق جلسة 8 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 17 ص 46

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي - المستشارين.

----------------

(17)

القضية رقم 541 لسنة 17 القضائية

عاملون بالقطاع العام "تأديب" 

- وجوب قيام القرار التأديبي على سبب انتهاء النيابة العامة إلى عدم ثبوت الاتهام قبل العامل - عدم جواز مساءلته عنه تأديبياً - أساس ذلك - ومثال.

---------------
إن القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يبرره ورقابة القضاء الإداري على هذه القرارات، وهي رقابة قانونية غايتها التعرف على مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها للقانون نصاً وروحاً. فإذا كان الثابت من الأوراق أن السبب الذي بني عليه القرار المطعون فيه - وهو شروع المدعي في سرقة خرطوم مطافئ من ممتلكات الشركة - غير قائم في حق المدعي من واقع التحقيقات التي قامت بها الشركة الطاعنة والشرطة والنيابة العامة والتي أجدبت تماماً من ثمة دليل يعزز شروع المدعي في سرقة الخرطوم، وقد انتهت النيابة العامة إلى الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل، فإن المطعون فيه يكون قد استخلص من غير أصول تنتجه مادياً أو قانوناً، ويكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء طالما أن الواقعة التي أثم عنها المدعي تأديبياً هي بذاتها التي تناولتها النيابة العامة بالتحقيق والتي انتهت في شأنها بعدم ثبوتها قبله وطالما لم ينسب إلى المدعي في القرار المطعون فيه ثمة وقائع أخرى غير تلك التي وردت في القرار المطعون فيه ويمكن أن تكون في نفس الوقت مخالفة تأديبية.

الطعن 4220 لسنة 35 ق جلسة 10 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 120 ص 1233

جلسة 10 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فواد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عبد القادر النشار، والسيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(120)

الطعن رقم 4220 لسنة 35 القضائية

دعوى - شروط الصفة - مجالس المدن والقرى - قرار إزالة التعدي على طريق عام.
تتمتع مجالس المدن والقرى بالشخصية الاعتبارية ولها أهلية التقاضي - يقوم رئيس المجلس بتمثيل المدينة أو القرية أمام القضاء وفقاً لأحكام قانون الإدارة المحلية - الأصل في الاختصام أن توجه الدعوى الإدارية ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار - مؤدى ذلك: وجوب توجيه الدعوى إلى مصدر القرار - صدور قرار إزالة التعدي على الطريق من رئيس مجلس المدينة يقتضي اختصامه وحده في الدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 5 من أغسطس سنة 1989 أودع الأستاذ/...... المحامي بالنقض قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 7/ 1989 الذي قضى أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول والثاني والخامس لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لهم ثانياً: رفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بقبول الدعوى بالنسبة لجميع المطعون ضدهم وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعنة مبلغ 150000 (مائة وخمسين ألف جنيه) علي سبيل التعويض المادي والأدبي والمعنوي والمصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وقد تحددت جلسة 20/ 3/ 1991 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي تداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 17/ 1/ 1994 قررت الدائرة النطق بالحكم بجلسة 21/ 2/ 1994 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وقدم وكيل الطاعنة - خلال الأجل - مذكرة أوضح فيها أن المطعون ضدهم جميعاً ساهموا واشتركوا في الإضرار بالطاعنة مما يحق لها وفقاً لنص المادة 169 من القانون المدني طلب إلزامهم متضامنين بالتعويض المطلوب، وفي الموضوع أوضح محامي الطاعنة عدم وجود أي مخالفة في المباني التي قامت بها موكلته، فقد صدرت لها موافقة مديرية الطرق على إقامة المزرعة بالحدود التي تم البناء بها وهو ما يثبته ملف الترخيص رقم 388/ 257 لسنة 1981 التي لم تقدمه الجهة الإدارية رغم تكرار طلب تقديمه سواء من محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا، ومما يؤكد أن مباني المزرعة التي أقامتها الطاعنة لم تكن مخالفة لقانون الطرق فقد عادت بعد واقعة الهدم وأقامت مزرعة جديدة بذات الحدود وعلى ذات المساحة للمزرعة السابقة وبعد موافقة الجهات المعينة وخلص محامي الطاعنة إلى أنه حتى مع التسليم جدلاً بصحة القرار بالهم فإن الجهة الإدارية لم تقتصر على هدم المباني المقامة على الطريق بل تجاوزت ذلك على النحو الثابت من تقرير مكتب خبراء وزارة العدل.
وبجلسة 21/ 2/ 1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 20/ 3/ 1994، وبتلك الجلسة طلب الحاضر عن هيئة قضايا الدولة، والحاضر عن الطاعنة حجز الطعن للحكم وقررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 10/ 4/ 1994.
وكانت هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنة (المدعية) كانت أقامت دعوى أمام محكمة بنها الابتدائية في 8/ 4/ 1982 طلبت فيها إلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لها متضامنين فيما بينهم مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه على سبيل التعويض المادي والآداب والمعنوي عن الأضرار التي لحقتها من جراء تصرفات المدعى عليهم، وقالت شارحة دعواها أنها تمتلك قطعة أرض زراعية بناحية سنديون على طريق قها - طنان مساحتها ثلاثة قراريط تقريباً، واستصدرت ترخيصاً بإقامة مزرعة للدواجن عليها في 11/ 10/ 1981 من مديرية الزراعة بالقليوبية ويشمل الترخيص موافقة كافة الجهات المعنية، وشرعت في إقامة المباني التي ارتفعت إلى دورين، إلا أنها فوجئت في 3/ 3/ 1982 بقوة من الشرطة وبلدوزر، وتم هدم المبنى بزعم صدور أمر بإزالة المزرعة التي تكلفت مبانيها ما يزيد على خمسين ألف جنيه خلاف ثمن الأرض فضلاً عن تعطل العمل بالمزرعة وهو ما يشكل ضرراً مادياً يتضاءل بجانب الضرر الأدبي والمعنوي الذي لحقها وتقدره جميعاً بمبلغ 150000 جنيه.
وبجلسة 31/ 12/ 1985 قضت محكمة بنها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.
وعقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى بمذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثاني والخامس، وفي الموضوع برفضها استناداً على أن المدعية خالفت الحظر الوارد في المادة (10) من قانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1968 وأقامت منشآت (مزرعة) دون مراعاة ترك المساحة المقررة قانوناً وأن مديرية الطرق قامت بتحرير محضر مخالفة للمدعية، وإعمالاً لحكم المادة 15 من القانون المشار إليه قامت مديرية الطرق بمعاونة الشرطة بإزالة المخالفة إدارياً وقد حكم على المدعية في الجنحة رقم 238 لسنة 82 قليوب بالغرامة وأيد هذا الحكم استئنافياً بجلسة 20/ 6/ 1982.
وبجلسة 2/ 7/ 1989 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول والثالث والخامس ورفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات. وأسست المحكمة قضاءها على أن إزالة المباني التي أقامتها المدعية بحرم الطريق المرصوف الموصل من طنان إلى قها جاءت مستندة على صحيح حكم القانون لأن تلك المباني أقيمت بالمخالفة لأحكام قانون الطرق رقم 84 لسنة 1968، ومن ثم فإن ركن الخطأ يكون منتفياً في حق الجهة الإدارية، وإذ تخلف هذا الركن من أركان المسئولية الموجبة للتعويض فإنه يكون من المتعين رفض الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثاني والخامس ذلك أن جميع المطعون ضدهم شاركوا في ارتكاب الفعل الخاطئ الموجب للتعويض ومن ناحية أخرى أخطأ الحكم المطعون فيه حينما استند إلى أن الطاعنة تحرر ضدها محضر مخالفة وحكم ضدها في الجنحة رقم 238 لسنة 1982، فالحكم المشار إليه صدر بعد إتمام تنفيذ هدم المزرعة، كما أخطأ الحكم حينما استند على أن الطاعنة أقامت المباني داخل العشرة أمتار من حدايد المنفعة العامة بدون ترخيص ذلك أن الطريق الذي يحد الأرض المملوكة للطاعنة لا ينطبق عليه الحظر الخاص بإقامة المنشآت.
ومن حيث إنه بادئ ذي بدء فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مجالس المدن والقرى لها الشخصية الاعتبارية ولها أهلية التقاضي، وأن رئيس المجلس يقوم بتمثيل المدينة أو القرية أمام القضاء وذلك وفقاً لأحكام قانون الحكم المحلي وأن الأصل في الاختصام في الدعوى الإدارية أن توجه الدعوى ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار، وترتيباً على ذلك فإن من توجه إليه الدعوى الماثلة هو مصدر القرار الذي تطالب المدعية بالتعويض عما لحقها من أضرار نتيجة صدور ذلك القرار، ولما كان ذلك وكان رئيس مجلس مدينة قليوب هو مصدر القرار الذي تتضرر منه الطاعنة لأنه تضمن إزالة المزرعة التي أقامتها فإنه يكون هو الواجب اختصامه وحده في الدعوى الماثلة، دون سائر المدعى عليهم وإذ قضى الحكم بذلك فإنه يكون صحيحاً ولا وجه للنعي عليه.
ومن حيث إن المادة (10) من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة تنص على أن "تعتبر ملكية الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة لمسافة خمسين متراً بالنسبة إلى الطرق السريعة وخمسة وعشرين متراً بالنسبة إلى الطرق الرئيسية وعشرة أمتار بالنسبة إلى الطرق الإقليمية وذلك خارج الأورنيك النهائي المحدد بحدائد المساحة طبقاً لخرائط نزع الملكية المعتمدة لكل طريق محملة لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية: أ - لا يجوز استغلال هذه الأراضي في أي غرض غير الزراعة ويشترط عدم إقامة أية منشآت عليها....".
وتنص المادة (12) من ذات القانون على أن "مع عدم الإخلال بأحكام المادة (10) لا يجوز موافقة الجهة المشرفة على الطريق إقامة أية منشآت على الأراضي الواقعة على جانبي الطريق العام.
وتنص المادة (13) على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تجاوز عشرة جنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعدى على الطرق العامة بأحد الأعمال الآتية: 1 -...... 2 -....... 3 -....... 4 - إقامة منشآت عليها بدون إذن الجهة المشرفة على الطريق".
وتنص المادة (15) من القانون المشار إليه "فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين بالحكم بإلزام المخالف بدفع مصروفات رد الشيء إلى أصله و........ وفي جميع الأحوال يكون للجهة الإدارية المشرفة على الطريق إزالة المخالفة إدارياً على نفقة المخالف".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنة أقامت مباني بجوار الطريق رقم 38 المرصوف ك 3 من طنان زمام سنديون داخل العشرة أمتار من حدايد المنفعة العامة وقد تحرر عن ذلك محضر مخالفة رقم 222 لسنة 1981، وأرسل المحضر إلى النيابة لقيده بدفتر الجنح، وقيد فعلاً جنحة برقم 238 لسنة 1982 وحكم فيها بجلسة 25/ 3/ 1982 بتغريم المدعية عشرة جنيهات وإلزامها بمصاريف رد الشيء إلى أصله، وذلك لإقامتها بناء على مسافة تقل عن عشرة أمتار على جانب طريق إقليمي وتأيد الحكم استئنافياً بجلسة 20/ 6/ 1982 وكان قد صدر قرار رئيس مركز قليوب بتاريخ 2/ 3/ 1982 بإزالة المباني المقامة الخاصة بالمواطنة/...... في حدود المسافة القانونية بحرم الطريق المرصوف والموصل من طنان إلى قها وذلك طبقاً للمسافات المقررة بالقانون رقم 84 لسنة 1968.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق - هو ما لم تدحضه الطاعنة - أن الطريق الذي أقيمت بجواره المباني المخالفة والتي تمت إزالتها هو من الطرق الرئيسية - الطريق رقم 38 طنان/ قها العمومي ومن ثم يخضع لأحكام قانون الطرق العامة المشار إليه سلفاً ويكون من حق الجهة الإدارية إزالة المخالفات التي تقع عليه إدارياً.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق قيام الطاعنة بالبناء بجوار الطريق المرصوف الموصول من طنان إلى قها داخل العشرة أمتار من حدايد المنفعة العامة للطريق مخالفة بذلك أحكام قانون الطرق العامة، وبالتالي فإن الجهة الإدارية المختصة - بعد أن ثبت لها من محضر المعاينة ومن المخالفة التي حررت للطاعنة بهذا الخصوص - أصدرت بمقتضى ما لها من سلطة وفقاً لنص المادة 15 من قانون الطرق العامة قراراً بإزالة المخالفة إدارياً، فإن قرار الإزالة يكون قد صدر صحيحاً ومتفقاً مع القانون خاصة وأن حكماً صدر ضد الطاعنة بتغريمها عشرة جنيهات عن المخالفة التي ارتكبتها وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً ومن ثم فإن ركن الخطأ الذي يمثل عنصراً من عناصر المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض عن تصرفات الإدارة غير متوافر.
ومن حيث إنه لا يعتبر مما تقدم ما ساقته الطاعنة من أنها حصلت على ترخيص من وزارة الزراعة بإقامة مزرعة دواجن على المساحة التي تم البناء عليها ذلك أن الترخيص بالبناء له مجال والترخيص بإقامة مزرعة له مجال آخر. وأن الحصول على ترخيص بإقامة مزرعة ليس من شأنه أن يتيح لصاحب الترخيص البناء على مساحة محظور البناء عليها بمقتضى نص في القانون كما هو عليه الحال الماثل، خاصة وأن موافقة وزارة الزراعة على إقامة مزرعة لا تعني موافقة على إقامة مباني على الأرض الواقعة بجانب طريق رئيسي.
ومن حيث إن أثارته الطاعنة من أن الجهة الإدارية عند قيامها بإزالة المباني قد تجاوزت المباني المخالفة على المساحة المحظور البناء عليها إلى مبان أقيمت وفقاً لحك القانون، ذلك أنه بفرض حدوث ذلك فإن خطأ الطاعنة بقيامها بالبناء بجوار طريق رئيسي غير مسموح بالبناء عليه هو الذي أدى إلى هذا التجاوز بفرض ثبوته فعلاً.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى عدم ثبوت خطأ في جانب الجهة الإدارية مما يجعل طلب التعويض غير قائم على أساس صحيح فإنه يكون مصادفاً لصحيح حكم القانون ويكون النعي عليه في غير محله متعيناً الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.

الطعن 672 لسنة 16 ق جلسة 8 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 16 ص 44

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

----------------

(16)

القضية رقم 672 لسنة 16 القضائية

عاملون بالقطاع العام - "تأديب" حرية الإدارة في تقدير الجزاء المناسب - الغلو في تقدير الجزاء - مناطه - مثال.
أصاب الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من أن ما نسب إلى المدعي من وجود عجز في عهدته وتقديمه بيانات غير صحيحة للتفتيش المالي بقصد تغطية هذا العجز ثابت في حقه ثبوتا يقينياً ولا ينال من ثبوته في حقه ما ذهب إليه من مبررات، إذ الثابت أن المستندات التي قدمها لنفي وجود عجز في عهدته كانت قد استعيضت وصرفت قيمتها للمدعي قبل الجرد أما القول بأنه قدم بيانات هذا المبلغ دون مراجعة فأمر لا يقبل في المسائل المالية التي تتطلب الدقة والحذر خصوصاً وأن المدعي من العاملين بالحسابات منذ تعيينه وعلى دراية كافية بما لهذا البيان من تأثير مباشر على نتيجة الجرد، الأمر الذي يشكل في حقه خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي كان من شأنه المساس بمصلحة مالية للشركة المدعى عليها.

-----------------

ومن حيث إن القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يبرره فلا تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة قانونية أو واقعية تبرر تدخلها ولما كان السبب هو ركن من أركان القرار فإن للقضاء الإداري أن يراقب قيام هذه الحالة أو عدم قيامها كركن من أركان القرار، وفي نطاق الرقابة القانونية التي تسلط على تلك القرارات التي غايتها التعرف على مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها للقانون نصاً وروحاً فإذا كان الثابت - على نحو ما تقدم - أن السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه، وهو إخلال المدعي بالتزاماته الجوهرية وخروجه على مقتضى واجبه الوظيفي أمر ثابت في حقه فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على سبب يبرره ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بالرغم مما خلص إليه من ثبوت الاتهام المسند إلى المدعي وإلى أنه يشكل خروجاً على مقتضيات واجبه الوظيفي، وأن من حق المؤسسة مجازاته عنه، انتهى إلى أن هذه المخالفة لا تستوجب أن يجازى عنها بأقصى الجزاءات وهو الفصل من الخدمة، إذ أن الإسراف في الشدة يجعل الجزاء متسماً بعدم المشروعية واكتفى بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وهذا الذي انتهى إليه الحكم غير صحيح ذلك أنه وإن كانت المخالفات الثابتة في حق المدعي لا تقف عند حد الإهمال بل تتعداه فإن من الأمور المستقرة أن إهمال العامل في المحافظة على عهدته وعدم مراعاته الدقة والحذر في المسائل المالية يعد إخلالاً بالتزاماته الجوهرية وبمقتضيات واجبه الوظيفي يجيز مجازاته بأقصى الجزاءات. ومن ثم فإنه لا يكون ثمت عدم تناسب أو غلو بين ما ثبت في حق المدعي وبين الجزاء الذي وقعته عليه الشركة، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف بما ذهب إليه في هذا الشأن ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، من أنه إذا انتهت الجهة الإدارية بحسب فهمها الصحيح للعناصر التي استخلصت منها قيام العامل بارتكاب ذنب إداري إلى تكوين اقتناعها بأن مسلك العامل كان معيباً وأن الفعل الذي أتاه أو التقصير الذي وقع منه كان غير سليم أو مخالفاً لما يقضي القانون أو الواجب باتباعه في هذا الشأن كان لها حرية تقدير الخطورة الناجمة عن ذلك وتقدير ما يناسبها من جزاء تأديبي في حدود النصاب القانوني دون أن يخضع اقتناعها أو تقديرها في ذلك لرقابة القضاء.

الطعن 388 لسنة 40 ق جلسة 3 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 119 ص 1225

جلسة 3 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، وعادل محمود فرغلي، وعبد القادر هاشم النشار، وادوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(119)

الطعن رقم 388 لسنة 40 القضائية

الأزهر - المعهد الديني الأزهري - أثر وضع الأسئلة خارج المنهج.
قرار مدير التعليم الابتدائي بالأزهر بتوزيع منهج القرآن الكريم على طلبة المرحلة الابتدائية.
لا يجوز للسلطات التعليمية إلزام الطلاب أو المدرسين أو العاملين بالتعليم إلا بمقتضى قرارات تنظيمية تتضمن التزامات واضحة الحدود والمعالم وبمقتضى نصوص صريحة لا تحتمل التأويل فيما تضمنته من التزامات أو فيمن يوجه إليهم الالتزام - ما ورد في جدول توزيع منهج السنة السادسة من عبارة "يلاحظ مراجعة ما سبق حفظه في الأعوام السابقة" لا يعني وضع الأسئلة من خارج المنهج - قيام جهة الإدارة بوضع أسئلة من خارج المنهج لا يعني إبطال الامتحان في ذاته وإنما يقتصر أثره على تصحيح مسلك جهة الإدارة بإبطال الامتحان فيما تضمنه من أسئلة خارج المقرر واعتبار الامتحان مقصوراً على الأسئلة الواردة بالمقرر طبقاً لقرار توزيع المنهج الصادر من مدير التعليم الابتدائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 15/ 12/ 1993 أودع الأستاذ/........ نيابة عن الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 388 لسنة 40 ق. ع طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "دائرة منازعات الهيئات والأفراد" "أ" بجلسة 7/ 12/ 1983، وذلك في الدعوى رقم 9200 لسنة 47 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبار كريمته منقولة للصف الأول الإعدادي وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 7/ 2/ 1994 حيث تم نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 7/ 3/ 1994 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 10/ 4/ 1994 وقد تم تداول الطعن أمام المحكمة ومناقشة أداته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 9/ 1993 أقام الطاعن الدعوى رقم 9200 لسنة 47 ق طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر باعتبار ابنته..... "راسبة في السنة السادسة من مرحلة التعليم الابتدائي في العام الدراسي 92/ 1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك تأسيساً على أن ابنته وهي طالبة بالمعهد الديني الأزهري بقليوب قد أدت امتحان السنة السادسة الابتدائية" الدور الأول في العام الدراسي 92/ 1993 وأنها نجحت في جميع المواد ورسبت في مادة القرآن الكريم حيث حصلت على 45 درجة وكانت تحتاج إلى خمس درجات أخرى للوصول إلى درجة النجاح علماً بأن الامتحان جاء في أجزاء من خارج المقرر وتم اختيارها، شفوياً وتحريرياً في القرآن الكريم كله، وقد تسرب ذات الخطأ إلى امتحان الدور الثاني لنفس المادة وجاء من خارج المنهج المقرر على طلبة السنة السادسة في مادة القران الكريم إذ المقرر في مادة القرآن الكريم سبعة أجزاء من أول البقرة حتى الآية 110 من سورة الأنعام، وقد جاء السؤال الأول والثاني من المقرر وخصص له 40 درجة بينما السؤالان الثالث والرابع من خارج المقرر ومخصص لهما 40 درجة أما الشفوي فمقرر له 20 درجة وكان من خارج المنهج أيضاً، مما يجعل التقدير غير معبر تعبيراً صحيحاً عن مستوى الطالبة في التحصيل.
وبجلسة 7/ 12/ 1993 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن منهج القران الكريم قسم على المرحلة الابتدائية على نحو يجعل الطالب يحفظه بأكمله بنهاية هذه المرحلة كما وردت عبارة يلاحظ مراجعة ما سبق حفظه في الأعوام السابقة في نهاية جدول منهج القرآن الكريم للصفوف الرابع والخامس والسادس، ومن ثم فإن ورود بعض أسئلة امتحان الصف السادس الابتدائي من غير الأجزاء المحددة بجدول توزيع المنهج لا يعتبر من خارج المقرر، وإنما هي جزاء منه فضلاً عن أن البادي من الاطلاع على أسئلة امتحان الدور الثاني معلقاً عليها من المدعي نفسه أن الامتحان على أربعة أسئلة وأن السؤال الثالث وحده هو الذي جاء خارج المنهج حسبما ورد بتعليق المدعي على ذلك الامتحان مما يستفاد منه أن واضع الامتحان حرص على أن يكون الجزاء الغالب منه في الأجزاء الواردة بجدول توزيع المنهج والباقي من الأجزاء السابق حفظها من سنوات سابقة، وبهذه المثابة لا ينطوي مسلك الجهة الإدارية بحسب الظاهر من الأوراق - على أية مخالفة لحكم القانون تستوجب إلغاء القرار الصادر بوضع الامتحان مما ينفي ركن الجدية في طلب المدعي وقت تنفيذ القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان على الوجه المتقدم ذكره.
ومن حيث إن مبنى الطاعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وقصر في تحصيل الوقائع الثابتة بالأوراق وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السؤالين الثالث والرابع من الامتحان من خارج المنهج أي نصف عدد الأسئلة ومن ثم يكون استناده إلى أن الجزء الغالب من الامتحان من المنهج المقرر هو استخلاص يخالف الثابت في الأوراق.
ثانياً: لم تشتمل حافظة مستندات الحكومة على ما يفيد قيام المعهد بمراجعة ما سبق حفظه في الأعوام السابقة لا سيما وأن الحصص المقررة لتدريس مادة القرآن الكريم وهي أربع حصص لا تكفي لتدريس المادة أو السبعة أجزاء المقررة مع مراجعة ثلاثة وعشرون جزءً آخرين.
ثالثاً: إن الثابت من المستندات المودعة ملف الدعوى أن المعهد لم يقدم بمراجعة ما سبق حفظه في الأعوام السابقة من آيات القرآن الكريم.
ومن حيث إن نفاذ القاعدة القانونية في حق المخاطبين بأحكامها يستمد قوته الشرعية فيما ترتبه مضمونها لهم من حقوق وما يفرضه من التزامات في نصوص صريحة لا لبس فيها ولا غموض، ولا ترتب أثرهما القانوني في حق ذوي الشأن إلا في حدود ما تضمنه هذه النصوص من أحكام، ولا تلتزم إلا من وجهت إليهم بالفعل، ومن تاريخ علم كل من وجه إليه الحكم بمضمونه على نحو لا يدع مجالاً للشك في الالتزام بأحكامه، فلا يسوغ إلزام أحد بما لم يوجه إليه من أحكام على سبيل الاستنباط أو التأويل وتسري هذه الأصول المسلمة في كافة المجالات الجنائية والمدنية والإدارية، فلا يجوز للسلطات التعليمة إلزام الطلاب أو المدرسين أو العاملين بالتعليم إلا بمقتضى قرارات تنظيمية تتضمن التزامات واضحة الحدود والمعالم وبمقتضى نصوص صريحة لا تحتمل التأويل أو التخريج سواء فيما تضمنه هذه النصوص من التزامات أو فيمن يوجه إليهم الالتزام بها.
فإذا كان البادي من الأوراق أن مدير التعليم الابتدائي بالأزهر قد أصدر قراره بتوزيع منهج القرآن الكريم على طلبة المرحلة الابتدائية على نحو يبين معه أنه قسم أجزاء القرآن الكريم على سنوات الدراسة الست فخص كل سنة منها بأجزاء معينة وسور محددة البداية والنهاية على نحو يؤكد التزام تلاميذ كل فرقة دراسية بمنهج محدد يتم تدريسه وحفظه واجتياز الامتحان المقرر فيه، فإذا ما تم اجتياز الامتحان بنجاح في إحدى الفرق الدراسية كان ذلك إقراراً من السلطة التعليمية بأنه قد حفظ على وجه مرضي الأجزاء المحددة له في قرار توزيع المنهج، مما لا يجوز معه معاودة امتحانه في ذات المنهج الذي سبق نجاحه فيه وإلا كان ذلك سحباً للقرار الصادر بإعلان نجاحه في ذات المقرر بعد أن صدر صحيحاً وأصبح حصيناً من السحب أو الإلغاء، واكتسب الطالب منه حقاً لا يسوغ المساس به، يؤكد ذلك ويظاهره أن القرار الصادر من مدير التعليم الابتدائي بتوزيع منهج القرآن الكريم على الفرق الدراسية بالمرحلة الابتدائية لم يتضمن أية ملاحظة أو إشارة إلى معاودة النظر فيما سبق حفظه أو الامتحان بمعاودة المراجعة أو الحفظ، وإنما ورد تحديد كل فرقة من الفرق الدراسية الست على سبيل الحصر من آيات القرآن الكريم وعلى نحو لا يحتمل أي غموض أو لبس في قصر التزام طلبه كل فرقة دراسية بما هو محدد له من أجزاء بمقتضى القرار المشار إليه دون أن يجاوز هذا الالتزام حدود هذه الأجزاء إلى الأجزاء المقررة في الفرق الدراسية.
ومن حيث إن الظاهر مما أثبته الحكم المطعون في مدوناته وبما لا خلاف عليه بين أطراف الخصومة أن امتحان الدور الثاني المعقود في أكتوبر سنة 1993 بمعهد قليوب الديني قد تضمن في مادة القرآن الكريم لطلبة الشهادة الابتدائية سؤالين من خارج المنهج الدراسي المقرر على تلاميذ الفرقة السادسة وفقاً للحصر الوارد بقرار مدير التعليم الابتدائي بتوزيع منهج القرآن الكريم على الفرق الدراسية هما السؤال الثالث والسؤال الرابع بينما جاء السؤال الأول والسؤال الثاني من واقع المنهج المقرر بمقتضى القرار المشار إليه، مما يجعل نصف الامتحان المذكور من المقررات السابق دراستها واجتياز الامتحان المقرر الامتحان المقرر لها، هو ما لا يجوز أن يتضمنه الامتحان، لما فيه من سحب للقرار الصادر باعتراف الجهة المختصة بنجاح الطالبة فيه بعد أن اكتسبت به حقاً لا يسوغ المساس به، وكل أولئك يجعل الامتحان غير معبر تعبيراً دقيقاً عن مدى تحصيل الطالبة لمنهج الفرقة السادسة الابتدائية الأمر الذي يتعين معه إبطال ما ترتب عليه من آثار أهمها إعلان نتيجة الطالبة على أنها راسبة في مادة القرآن الكريم، وإذ انتهى الحكم إلى غير هذه النتيجة استناداً إلى التزام جميع طلبة المرحلة الابتدائية بما سبق حفظه من القرآن في الأعوام السابقة، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فقد بات مسلماً أن الطالب الذي اجتاز الامتحان في منهج معين يكتسب حقاً لا يسوغ النيل منه بإعادة امتحانه مرة أخرى فيما سبق أن أجاز الامتحان فيه بنجاح، ما لم يكلف صراحة بذلك من السلطة المختصة، ولا يكفي لتقصي هذه القاعدة المسلمة ما ورد في جدول توزيع منهج السنة السادسة أو غيرها من السنوات على شهور الدراسة من عبارة "يلاحظ مراجعة ما سبق حفظه في الأعوام السابقة" ذلك أن هذه العبارة لم ترد في قرار مدير التعليم الابتدائي المتضمن توزيع وتحديد مناهج الفرق الست من القرآن الكريم، وإنما وردت كملاحظة في هامش الجداول التي يعدها الموجه الأول "ومدير الخطة لتوزيع المنهج المقرر لكل سنة على شهور السنة الدراسية، الأمر الذي يؤكد أن هذه الملاحظة موجهة من السلطة المشرفة على تنفيذ المنهج" متضمنة التوجيهات اللازمة للقائمين على التدريس لتيسير المهمة التعليمية وتسهيل استيعاب الطلاب للمنهج وتقسيمه على شهور السنة الدراسية مع مراعاة مراجعة ما سبق حفظه في السنوات السابقة من القرآن لشحذ همتهم وتنشيط ذاكرتهم، وهو ما يحدث عادة ودون حاجة إلى نص بالنسبة لجميع المناهج الدراسية سواء في التعليم الأزهري أو التعليم العادي دون أن يلتزم بما تمت مراجعته له من مقررات التزاماً قانونياً يسال عنه بمقتضى امتحان لقياس مدى استيعابه له، ما دام قد سبق له اجتياز الامتحان المقرر له،
ومن حيث إنه ولئن كان حقاً ما يدعيه الطاعن في النعي على مسلك الجهة الإدارية من إقحام أسئلة خارجة عن المقرر على الامتحان لطلبة الفرقة السادسة الابتدائية للعام الدراسي 92/ 1993 إلا أن ذلك لا يعني إبطال الامتحان في ذاته لجميع تلاميذ الفرقة المذكورة في العام المشار إليه وإهدار المراكز القانونية التي ترتبت عليه وأصبحت حصينة من الإلغاء، وإنما يقتصر أثره على تصحيح مسلك الجهة الإدارية بإبطال الامتحان فيما تضمنه من أسئلة خارجة على مقرر الفرقة السادسة واعتبار الامتحان مقصوراً على الأسئلة الواردة بالمقرر طبقاً لقرار توزيع المنهج الصادر من مدير التعليم الابتدائي.
ومن حيث إنه بتطبيق الأصول المتقدمة على واقعة النزاع فإنه يتعين استبعاد السؤالين الثالث والرابع من عداد الأسئلة المقررة واعتبار امتحان القرآن الكريم محل النزاع مقصوراً على السؤالين الأول والثاني فإذا كان البادي من الأوراق وبصفة خاصة كراسة الإجابة الخاصة بابنة الطاعن أنها أجابت على السؤال الأول بجزئيه أ، ب وحصلت فيهما على أربع درجات من عشرين درجة، وأخفقت نهائياً في الإجابة على السؤال الثاني بجزئيه أ، ب وحصلت على "صفر" وأصبح مجموع ما حصلت عليه في الامتحان هو أربع درجات من 40 درجة المقررة على السؤالين الداخلين في المقرر أي عشر الحد الأقصى لمجموع درجات السؤالين وهو يقل كثيراً عن الحد الأدنى المقرر لنجاح الطالب وهو حصوله على ربع الدرجة أي (25%) من المجموع الكلي للدرجات، الأمر الذي يجعل تصحيح سلوك الجهة الإدارية بتطبيق الأصول الصحيحة وقصر الأسئلة على السؤالين الأول والثاني غير مؤثر في نتيجة الطالبة، وغير منتج في تحقيق الغاية التي يستهدفها الطاعن من إبطال الامتحان، وهي اعتبار ابنته ناجحة حيث لا يسمح تحصيلها في مادة القرآن الكريم على اجتيازها الامتحان المقرر له، أياً كان الأساس القانوني الذي يستند إليه، الأمر الذي يختلف معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ لعدم رجحان إلغاء القرار المطعون، ويجعل الطعن في الحكم المطعون فيه - رغم مخالفة أسبابه للقانون، غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد أصابه الخسر في طعنه فيلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 2004 لسنة 39 ق جلسة 2 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 118 ص 1217

جلسة 2 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(118)

الطعن رقم 2004 لسنة 39 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - معاش - مدلول الخطأ المادي في الحساب عند تسوية المعاش.
المادة 142 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
حظر المشرع على أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم والهيئة المختصة المنازعة في المعاش بعد مضي سنتين من تاريخ الإخطار بربطه بصفه نهائية - استثنى المشرع من هذه القاعدة حالات محددة على سبيل الحصر منها حالة وقوع خطأ مادي في الحساب عند تسوية المعاش - يقصد بالخطأ المادي: الخطأ في التعبير وليس الخطأ في تقدير المعاش - يجب أن يكون للخطأ المادي أساس في قرار ربط المعاش يدل على الواقع الصحيح فيه بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن قرار ربط المعاش بعهد انتهاء الميعاد المنصوص عليه قانوناً - مؤدى ذلك:- أن الخطأ في تطبيق القانون يخرج عن نطاق الأخطاء المادية - مثال ذلك: عدم تطبيق قاعدة قانونية على واقعة تطبيق عليها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21/ 3/ 1993 أودع السيد الأستاذ/....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/......، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2004 لسنة 39 قضائية عليا ضد السيدتين/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، ومدير عام إدارة جنوب للتأمين والمعاشات، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات (ب)) بجلسة 25/ 1/ 1993 في الدعوى رقم 5159 لسنة 46 قضائية، والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعية المصروفات". وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن - ولما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقيتها في عدم المساس بقيمة المعاش الذي حدد لها منذ عام 1988 بمبلغ 303.360 شهرياً، ورد ما سبق خصمه من معاشها اعتباراً من شهر مارس سنة 1992، وعدم تحملها بخصم أية مبالغ قد صرفت بالزيادة عن المدة من 1/ 7/ 1988 حتى 28/ 2/ 1992 والتي قدرت بمبلغ 609.420 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبأحقية الطاعنة في عدم المساس بقيمة المعاش المستحق لها منذ عام 1998 بمبلغ 303.360، وما يترتب على ذلك من آثار، وإعفاء جهة الإدارة من المصروفات.
وتحددت جلسة 12/ 7/ 1993 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 22/ 11/ 93 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 25/ 12/ 1993 المسائية، وبها نظر، ثم بجلسة 29/ 1/ 1994 حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعة الشكلية شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن السيدة/....... أقامت أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسوية (ب)) الدعوى رقم 5159 لسنة 46 قضائية ضد السيدتين/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، ومدير عام إدارة جنوب للتأمين والمعاشات، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/ 4/ 1992، طلبت في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم المساس بقيمة المعاش الذي حدد لها منذ عام 1988 بمبلغ 303.360 ورد ما سبق خصمه من معاشها اعتباراً من معاش شهر مارس سنة 1992، مع عدم تحملها بخصم أية مبالغ قد صرفت بالزيادة عن المدة من 1/ 7/ 1988 حتى 28/ 2/ 1992 والتي قدرت بمبلغ 609.420 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت في شرح أسانيد دعواها أنه طبقاً لأحكام المعاش التيسيري المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، أحيلت إلى المعاش بتاريخ 9/ 6/ 1988، وأخطرت بربط المعاش المستحق لها شهرياً بصفة نهائية بمبلغ 303.360، واستمرت تصرف هذا المعاش حتى معاش شهر مارس سنة 1992. وبتاريخ 7/ 12/ 1991 أخطرت بكتاب الهيئة المدعى عليها رقم 10616 ملف 13248/ 22 أحياء بأنه تجمد عليها مبلغ 609.420، قيمة مبالغ بالزيادة بالنسبة للأجور المتغيرة من 1/ 7/ 1988 حتى 28/ 2/ 1992، وسيتم خصمه في حدود أقساط بمبلغ 40 حينهاً شهرياً من المعاش المستحق عن شهر مارس سنة 1992 وحتى نهاية الخصم علاوة على أربعة عشر جنيهاً تقريباً قيمة التسوية الخاطئة للأجور المتغيرة ولما كان هذا الإجراء يخالف ما تقضي به المادة (142) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 من أنه لا يجوز للهيئة أن تنازع في قيمة الحقوق المقررة بهذا القانون بعد انقضاء سنتين من تاريخ ربط المعاش بصفة نهائية أو من تاريخ الصرف بالنسبة لباقي الحقوق، وذلك فيما عدا الحالات التي استثناها المشرع، لذلك أرسلت المدعية إلى السيدة/ وزيرة التأمينات الاجتماعية وإلى المدعى عليهما بمذكرات تطلب فيها عدم المساس بقيمة المعاش الذي ربط لها بصفة نهائية اعتباراً من عام 1988، وعدم تحميلها بخصم أية مبالغ تكون قد صرفت بالزيادة عن المدة من 1/ 7/ 1998 حتى 28/ 2/ 1992، وإذ لم تتلق رداً على طلبها، لذلك فقد أقامت دعواها بغية الحكم لها بطلبها.
وبجلسة 25/ 1/ 1993 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات (ب)) بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعية المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه بفرض سريان الحظر المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة (142) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على الهيئة المدعى عليها، فإنه يستثنى من هذا الحظر حالة وقوع أخطاء مادية في الحساب عند التسوية، بحيث يجوز للمؤمن عليه أو المستحقين عنه أو الهيئة طلب تصحيح هذا الخطأ المادي أو القيام به بعد مضي المدة المنصوص عليها في المادة المذكورة، ولما كان الخطأ المادي كما يكون بالإضافة يمكن أن يكون بالحذف، ويكون كذلك بالحذف جزئياً أو كلياً، ويعد كذلك إغفال خصم النسبة الواجب خصمها قانوناً كليةً، ومن ثم ولما كان إغفال الموظف المختص سهواً أو عمداً خفض المعاش المستحق للمدعية بمقدار 5% عن كل سنة من السنوات المتبقية حتى بلوغ المدعية سن الستين، طبقاً للمادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي، هو خطأ لم يمس بعناصر تسوية المعاش، فمن ثم فإنه يكون مجرد خطأ مادي في الحساب عند التسوية يجوز للهيئة المختصة تداركه في أي وقت، وتغدو دعوى المدعية غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، ذلك لأنه اعتبر أن عدم مراعاة الهيئة خفض المعاش بنسبة 5% إعمالاً لنص المادة (32) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، هو خطأ مادي، في حين أن هذا الخطأ هو خطأ في تطبيق القانون، لأن نسبة الخفض منصوص عليها في مواد القانون، وعدم تطبيقها على حالة الطاعنة هو خطأ قانوني يخضع للحظر الوارد في المادة (142) من القانون المذكور.
ومن حيث إن المادة (142) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، تنص على أن "مع عدم الإخلاء بأحكام المادتين (56، 59) لا يجوز رفع الدعوى بطلب تعديل الحقوق المقررة بهذا القانون بعد انقضاء سنتين من تاريخ الإخطار بربط المعاش بصفة نهائية أو من تاريخ الصرف بالنسبة لباقي الحقوق وذلك فيما عدا حالات طلب إعادة تسوية هذه الحقوق بالزيادة نتيجة تسوية تمت بناء على قانون أو حكم قضائي نهائي وكذلك الأخطاء المادية التي تقع في الحساب عند التسوية كما لا يجوز للهيئة المختصة المنازعة في قيمة الحقوق المشار إليها بالفقرة السابقة في حالة صدور قرارات إدارية أو تسويات لاحقة لتاريخ ترك الخدمة بالنسبة للعاملين المشار إليهم بالبند ( أ ) من المادة (2) يترتب عليها خفض الأجور أو المدد التي اتخذت أساساً لتقدير قيمة تلك الحقوق".
ومن حيث إنه يؤخذ من هذا النص أن المشرع ضماناً لاستقرار الأوضاع وحماية لحقوق أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم حظر على هؤلاء وعلى الهيئة المختصة المنازعة في المعاش بعد مضي سنتين من تاريخ الإخطار بربطه بصفة نهائية، ولم يستثن من هذه القاعدة إلا حالات محدودة على سبيل الحصر منها حالة وقوع خطأ مادي في الحساب عند تسوية المعاش، ويقصد بالخطأ المادي الخطأ في التعبير وليس الخطأ في تقدير المعاش ويجب أن يكون لهذا الخطأ المادي أساس في قرار ربط المعاش يدل على الواقع الصحيح فيه بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن قرار ربط المعاش بعد انتهاء الميعاد المنصوص عليه قانوناً، ومن ثم يخرج عن نطاق الأخطاء المادية الخطأ في تطبيق القانون، ومنه عدم تطبيق قاعدة قانونية على واقعة تنطبق عليها.
ومن حيث إن الثابت أن المدعية أحيلت إلى المعاش قبل بلوغ السن القانونية بناء على طلبها طبقاً للمادة (95) مكرراً من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والمضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983، وربط لها معاش عن الأجر المتغير مقداره 96.690، دون إعمال ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، والمعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1987، من خفض المعاش عن الأجر المتغير بنسبة 5% عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين مع مراعاة جبر كسر السنة في هذه المدة إلى سنة كاملة، وظلت المدعية تصرف المعاش الذي ربط لها عن الأجر المتغير في الفترة من 1/ 7/ 1988 حتى 18/ 2/ 1992، وإذ نقض الجهاز المركزي للمحاسبات هذه التسوية لعدم مراعاة الهيئة المدعى عليها حكم المادة (23) المشار إليها، لذلك قامت الهيئة بتعديل المعاش عن الأجر المتغير فصار 82.180، وبذلك تكون المدعية قد صرفت معاش الأجر المتغير بالزيادة بمقدار 14.510 شهرياً، وتكون جملة ما صرف لها في الفترة من 1/ 7/ 1988 حتى 28/ 2/ 1992 مبلغ 609.420، بدأت الهيئة في خصمه بواقع 40 جنيهاً شهرياً اعتباراً من معاش شهر مارس سنة 1992.
ومن حيث إن الواضح أن الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة المدعى عليها عند ربط معاش الأجر المتغير للمدعية هو إغفال تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي، آنفة الذكر، ومن ثم فإن هذا الخطأ لا يعدو أن يكون خطأ في تطبيق القانون وليس خطأ مادياً، وما كان يجوز الهيئة المدعى عليها بعد انتهاء الميعاد المنصوص عليه في المادة (142) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، أن تعدل معاش الأجر المتغير الذي ربط لها بمبلغ 96.960، لمخالفة ذلك القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبعدم جواز تعديل المعاش الذي ربط للمدعية اعتباراً من 1/ 7/ 1988 وما يترتب على ذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز تعديل المعاش الذي ربط للمدعية اعتباراً من 1/ 7/ 1988 وما يترتب على ذلك من آثار.

الطعن 3372 لسنة 38 ق جلسة 2 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 117 ص 1207

جلسة 2 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(117)

الطعن رقم 3372 لسنة 38 القضائية

مجلس الدولة - وظيفة مندوب - شروط التعيين فيها من بين المندوبين المساعدين - مدلول التقارير المرضية المادتان 75، 85 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
يعتبر المندوب المساعد معيناً في وظيفة مندوب ابتداء من أول يناير التالي للحصول على الدبلومين المنصوص عليهما في البند (5) من المادة (73) من قانون مجلس الدولة المشار إليه متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية - سلطة الإدارة في هذا الشأن ليست سلطة تقديرية بل هي سلطة مقيدة طالما توافرت الشروط التي تطلبها القانون ومن بينها التقارير التي أعدت عن المندوب المساعد - على الجهة الإدارية تقديم التقارير في حينها حتى يمكن إعمال النص المشار إليه في الموعد الذي حدده القانون - إذا تقاعست عن تقديم هذه التقارير فلا يجوز أن يضار المندوب المساعد من جراء ذلك طالما كان عدم تقديمها لسبب لا بد له فيه - الأصل أن هذه التقارير بالنسبة للمندوبين المساعدين ليست بمثابة تقارير التفتيش الفنية بالمعنى المقصود في المادة (84) من القانون المشار إليه والتي جعلت اختيار النواب بطريق الترقية من بين المندوبين على أساس الأقدمية ومن واقع أعمالهم وتقارير التفتيش عنهم وبشرط ألا تقل عن درجة فوق المتوسط - المغايرة في صياغة نص المادة (75) عن هذه الأحكام يهدف منها ألا يكون للتقارير التي توضع عن المندوب المساعد عند تعيينه في وظيفة مندوب بعد حصوله على الدبلومين ذات الأثر لتقرير التفتيش الفني عند ترقيته من وظيفة مندوب إلى وظيفة نائب وما بعدها حتى وظيفة مستشار - القول بغير ذلك معناه وقف تعيين المندوب المساعد في وظيفة مندوب على إرادة الجهة الإدارية وذلك بامتناعها عن تقديم هذه التقارير دون أسباب مشروعة وهو ما لا يقصد إليه المشرع من عبارة متى كانت التقارير المقدمة عنهم مرضية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 7/ 1992 أودع السيد الأستاذ/........ المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ/....... بتوكيل رسمي عام رقم 139 لسنة 1989 قصر النيل النموذجي، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3372 لسنة 38 ق عليا طلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقيته الطاعن في تسوية حالته الوظيفية باعتباره مندوباً من أول يناير 1990 ثم نائباً أسوة بزميله السيد الأستاذ/...... على أن يكون سابقاً عليه في ترتيب الأقدمية في هذه الدرجات وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الجهة المطعون ضدها بالمصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 31/ 7/ 1993 وفيها حضر الطاعن وقدم مذكرة وحافظة مستندات كما قدمت الجهة الإدارية بجلسة 30/ 10/ 1993 مذكرة دفاع وبجلسة 1/ 1/ 1994 حضر الطاعن وقدم حافظتي مستندات ومذكرة دفاع. وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 5/ 2/ 1994 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن في أن السيد/...... عين وزميله/....... بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة في أبريل سنة 1987 وكان الطاعن يسبق زميله المشار إليه في ترتيب الأسماء الواردة بقرار التعيين، وفي أكتوبر 1987 حصل الطاعن على دبلوم القانون العام من جامعة عين شمس بتقدير جيد، وبينما كان الطاعن يؤدي امتحان دبلوم العلوم الإدارية في مايو 1988 تم اتهامه ظلماً بمحاولة الغش من ورقة كانت توجد بجيب قميصه وعلى أثر ذلك صدر قرار مجلس تأديب كلية الحقوق جامعة عين شمس بحرمانه من دخول جميع الدبلومات وإبلاغ القرار للجامعات الأخرى وتأيد هذا القرار من مجلس تأديب الجامعة وعلى أثر ذلك قام الطاعن بالطعن على هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا التي أحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وتقدم الطاعن للامتحان دبلوم الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة بعد أن تأكد من جميع الأوراق والبيانات بأنه لا يوجد أي مانع من التقدم للامتحان بهذه الجامعة، وفي أكتوبر 1989 حصل الطاعن على دبلوم الشريعة الإسلامية جامعة القاهرة كما حصل زميله الأستاذ/....... على الدبلوم الثاني له بذات التاريخ ثم تقدم هو وزميله بشهادتي الدبلومين إلى السيد المستشار الأمين العام لمجلس الدولة وطلبا الترقية إلى وظيفة مندوب وبعد أسبوع طلب الأمين العام من الطاعن تقديم أصل شهادة الدبلوم الثاني للتأكد من صحتها وعلى الفور تقدم بالأصل في أول نوفمبر 1986 إلا أنه فوجئ بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 94 لسنة 1990 بترقية زميله إلى درجة مندوب اعتباراً من أول يناير سنة 1990 دون ترقيته نظراً لصدور قرار مجلس التأديب المشار إليه والمطعون فيه من الطاعن ثم صدرت العديد من القرارات بترقية بعض زملائه إلى درجة مندوب ودرجة نائب رغم أسبقية حصول الطاعن على الدبلومين قبل جميع المرقين اعتباراً من صدور القرار رقم 94 لسنة 1990 المشار إليه إلى صدور القرار رقم 73 لسنة 1994 بترقية الطاعن إلى وظيفة مندوب اعتباراً من 15/ 11/ 1992 ثم وظيفة نائب بالقرار رقم 403 لسنة 1993 في 3/ 11/ 1993.
وبتاريخ 28/ 1/ 1993 صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 7326 لسنة 45 ق بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وإلزام الجامعة المصروفات.
وبتاريخ 28/ 3/ 1993 تقدم الطاعن إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة بطلب تسوية حالته الوظيفية وذلك بترقيته إلى درجة مندوب ثم إلى درجة نائب أسوة بزميله الأستاذ/..... وذلك بعد صدور حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار مجلس التأديب الذي كان العقبة الأساسية في سبيل أحقية الطاعن في الترقية لدرجة مندوب اعتباراً من أول يناير سنة 1990 التالي لحصوله على الدبلوم الثاني ثم لدرجة نائب أسوة بزميله الذي كان يسبقه في ترتيب الأقدمية في درجة مندوب مساعد وحصل معه على الدبلوم الثاني في أكتوبر سنة 1986.
ويؤسس الطاعن طعنه على أن قانون مجلس الدولة يقضي بترقية المندوب المساعد إلى درجة مندوب من أول يناير التالي لحصوله على الدبلوم الثاني وأنه يسبق زميله المشار إليه في ترتيب الأقدمية في قرار التعيين في وظيفة مندوب مساعد ثم حصولهما معاً على دبلومي الدراسات العليا في تاريخ (واحد أكتوبر سنة 1989) الأمر الذي يتعين معه أن يحصل على جميع الترقيات التي حصل عليها زميله والتي سيحصل عليها حتى يتم الفصل في هذا الطعن خاصة، بعد أن صدر حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه بإلغاء قرار مجلس تأديب الجامعة المطعون فيه حيث إن هذا القرار كان العقبة الأساسية في سبيل عدم ترقيته وبالتالي يتعين النظر في أمر هذه التسوية بعد صدور هذا الحكم خاصة وأنه صدرت العديد من القرارات بترقية بعض زملائه رغم أسبقيته لهم في ترتيب الأقدمية وهي القرارات أرقام 94 لسنة 1990 في 22/ 2/ 1990، 150 لسنة 1991 في 10/ 4/ 1991، 424 لسنة 1991 في 24/ 10/ 1991 إلى غير ذلك من القرارات الصادرة قبل ترقية الطاعن إلى وظيفة مندوب في 15/ 11/ 1992 وانتهى الطاعن في ختام تقرير طعنه إلى الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وفي مجال الرد على الطعن أودعت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها قالت فيها أن الطاعن تخلف في حقه شرط التقارير المرضية خلال فترة عمله بوظيفة مندوب مساعد طبقاً لنص المادة 75 من قانون مجلس الدولة والثابت أنه خلال تلك الفترة كان محلاً للمساءلة التأديبية أمام مجلس تأديب طلاب حقوق عين شمس لاتهامه بالغش من أوراق كانت بحوزته أثناء أداء الامتحان وهو ما يلقي بظلال من الشك حول مسلك الطاعن ولا يغير من ذلك إلغاء هذا القرار بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 7226 لسنة 45 ق والمؤيد من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا فالثابت أن إلغاء القرار كان لعيب شكلي لحقه دون التطرق للموضوع مما يقطع في الدلالة على عدم أحقية الطاعن في الترقية وتكون القرارات الصادرة بالتخطي سليمة في محلها ولا مطعن عليها ويكون الطعن الراهن مفتقداً لسنده القانوني جديراً بالرفض.
وتعقيباً على مذكرة دفاع الجهة الإدارية وتقرير هيئة مفوضي الدولة أودع الطاعن مذكرتي دفاع قال فيهما أن عدم وضع التقارير المرضية عنه خلال فترة صدور القرارات المطعون فيها أمر لا يد له فيه وليس في الإمكان أن يضع الإنسان التقرير عن نفسه وما كان في وسعه ذلك بعد أن أدى عمله على أكمل وجه حيث لم ينسب إليه أي تقصير خلال هذه الفترة وامتداد بحث الموضوع في مجلس الدولة لمدة أكثر من عامين حتى أول يناير 1992 أمر يرجع لجهة الإدارة وليس من العدالة أن يضار التراخي من هذا الإجراء فضلاً عن أن مجلس الدولة عجز خلال فترة تحضير الطعن وتداوله بجلسات المرافعة أن يقدم أسباب التخطي في الترقية لوظيفة مندوب رغم مطالبته بذلك أكثر من مرة خلال الجلسات العديدة وذلك لعدم وجود أسباب قانونية أو موضوعية للتخطي، كما أن نص المادة 75 من قانون مجلس الدولة الذي يقضي بأن يعتبر المندوب المساعد معيناً في وظيفة مندوب من أول يناير التالي لحصوله على الدبلومين المنصوص عليهما في البند (5) من المادة (73) متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية وبمفهوم المخالفة فإن المندوب المساعد يكون صالحاً للترقية إلى وظيفة مندوب طالما لم يقدم عنه تقارير غير مرضية فليس بشرط أن تقدم تقارير عن المندوب المساعد لترقيته إلى وظيفة مندوب بل يشترط ألا تقدم عنه تقارير غير مرضية ودليل ذلك ترقية بعض الزملاء إلى وظيفة مندوب بالمجلس دون أن تقدم عنهم ثمة تقارير كما هو الحال بالنسبة لحالته فقد تم ترقيته إلى وظيفة مندوب ثم إلى وظيفة نائب في 3/ 11/ 1992 بالقرار رقم 403 لسنة 1992 دون أن تقدم عنه ثمة تقارير فضلاً عن أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري لم ينتهي إلى ثبوت الواقعة ولو كان مجلس الدولة قد انتهى إلى ثبوت إدانته لكان قد أحاله إلى المحاكمة التأديبية إلا أنه تمت ترقيته إلى درجة مندوب في اجتماع المجلس الخاص المنعقد في 15/ 1/ 1992 وقبل صدور حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار مجلس التأديب وإلزام الجامعة المصروفات بجلسة 28/ 1/ 1993 وبالطعن على هذا الحكم من قبل جامعة عين شمس والذي قيد برقم 1104 لسنة 38 عليا وبنظره أمام دائرة فحص الطعون حكمت المحكمة بإجماع الآراء برفض الطعن وإلزام الجامعة المصروفات وتقضي بتنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء هو إعدام هذا القرار ومحو آثاره من وقت صدوره وأضاف الطاعن في دفاعه أن النزاع المطروح كان مع الجامعة ورغم علم مجلس الدولة بذلك قلم تراوده على الإطلاق فكرة مساءلته تأديبياً لعدم قناعته بثبوت الواقعة كما لم يلجأ المجلس حتى إلى مجرد التحقيق معه في ضوء ما قدمه من مذكرات ومستندات شرح فيها حقيقة المواقف ورغم ذلك فإنه تخطى لأربع مرات متتالية في وظيفة مندوب وهو ما يجعله في مركز أسوأ مما تم إحالته إلى محاكمة تأديبية بالمجلس.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن المائل يدور حول أثر عدم تقديم تقارير مرضية عن المندوب المساعد الذي استوفى شروط التعيين في وظيفة مندوب واعتباره معيناً في هذه الوظيفة ومن حيث إن المادة 75 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن يعتبر المندوب المساعد معيناً في وظيفة مندوب من أول يناير التالي لحصوله على الدبلومين المنصوص عليهما في البند (5) من المادة 73 متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية.
كما تنص المادة 85 من القانون ذاته على أن تعيين الأقدمية وفقاً لتاريخ القرار الصادر بالتعيين أو الترقية وإذا عين اثنان أو أكثر في وقت واحد وفي الدرجة عينها أو رقوا إليها حسبت أقدميتهم وفقاً لترتيب تعيينهم أو ترقيتهم.
ومن حيث إنه بين من النصوص السابقة أن المشرع اعتبر المندوب المساعد معيناً في وظيفة مندوب طبقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 75 سالفة الذكر ابتداء من أول يناير التالي للحصول على الدبلومين المشار إليهما متى كانت التقارير المقدمة عنه مرضية وسلطة الإدارة في هذا التعيين ليست سلطة تقديرية خولها لها القانون تستعملها بل هي سلطة مقيدة بنصوص القانون الذي يحتم عليها إجراء هذا التعيين طالما توافرت الشروط التي يتطلبها ومن بينها التقارير التي أعدت عنه. وعلى الجهة الإدارية أن تقوم بتقديمها في حينه حتى يمكن إعمال النص المشار إليه وفي الموعد الذي حدده القانون فإن تقاعست الجهة المختصة عن تقديم هذه التقارير فلا يجوز أن يضار المندوب المساعد من جراء ذلك طالما كان عدم تقديمها بسبب لا يد له فيه إذ الأصل أن هذه التقارير بالنسبة للمندوبين المساعدين وليست بمثابة تقارير التفتيش الفنية بالمعنى المقصود في المادة 84 من القانون المشار إليه التي جعلت اختيار النواب بطريق الترقية من بين المندوبين على أساس الأقدمية ومن واقع أعمالهم وتقارير التفتيش عنهم وبشرط ألا تقل عن درجة فوق المتوسط والمغايرة في صياغة نص المادة 75 عن هذه الأحكام الهدف فيها أن لا يكون للتقارير التي توضع عن المندوب المساعد عند تعيينه في وظيفة مندوب بعد حصوله على الدبلومين ذات الأثر لتقدير التفتيش الفني عند ترقيته من وظيفة مندوب إلى وظيفة نائب وما بعدها حتى وظيفة مستشار.
القول بعكس ذلك معناه وقف تعيين المندوبين المساعدين في وظيفة مندوب على إدارة الجهة الإدارية وذلك بامتناعها عن تقديم هذه التقارير دون أسباب مشروعة وهو ما لا يقصد إليه المشرع من عبارة "متى كانت التقارير المقدمة عنهم مرضية".
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق المودعة ملف الطعن أن الطاعن حاصل على ليسانس الحقوق دور مايو بتقدير جيد جداً عام 1985 وعين مندوباً مساعداً بمجلس الدولة اعتباراً من 23/ 4/ 1987 بقرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1987 وحصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام دور أكتوبر 1987 بتقدير جيد من جامعة عين شمس ودبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية دور أكتوبر سنة 1989 من جامعة القاهرة ثم تقدم بطلب في 28/ 12/ 1989 يفيد حصوله على الدبلومين لاتخاذ اللازم نحو إجراء تعيينه في وظيفة مندوب ولم يتم تعيينه في هذه الوظيفة أسوة بزميله الأستاذ/...... الذي كان يليه في ترتيب أقدمية التعيين في وظيفة مندوب مساعد وحصل معه على الدبلوم الثاني في ذات التاريخ (أكتوبر سنة 1989) حيث عين هذا الزميل في وظيفة مندوب اعتباراً من 1/ 1/ 1990 بقرار رئيس الجمهورية رقم 94 لسنة 1990 دون الطاعن الذي تم تعيينه بعد ذلك في وظيفة مندوب اعتباراً من 15/ 1/ 1992 بالقرار الجمهوري رقم 73 لسنة 1992 المؤرخ 25/ 2/ 1992 وقد تم هذا التعيين أيضاً دون أن تقدم الجهة الإدارية أية تقارير عنه سواء كانت مرضية أو غير مرضية ولم توضح أسباب تراخيها في تعيين الطاعن في وظيفة مندوب أسوة بزميله الذي يليه في ترتيب الأقدمية رغم تأجيل الطعن أمام المحكمة أكثر من مرة بناء على طلب الحاضر عن الجهة الإدارية لتقديم ما لديها من مستندات تؤيد وجهة نظرها أو الأسباب التي دعتها إلى عدم تعيين الطاعن في وظيفة مندوب في الموعد الذي حدده القانون على النحو المبين تفصيلاً بمحضر جلسة 5/ 2/ 1994.
ومن حيث إنه عما ساقته مذكرة هيئة قضايا الدولة في دفاعها عن الجهة الإدارية من أن سبب التأخير في تعيين الطاعن في وظيفة مندوب هو ما نسب إليه من ارتكابه محاولة الغش أثناء تأدية امتحان دبلوم العلوم الإدارية بكلية الحقوق جامعة عين شمس والصادر بشأنها قرار مجلس تأديب الكلية والمؤيد استئنافياً من مجلس تأديب الجامعة هذا الدفاع مردود عليه بأن قرار مجلس التأديب المشار إليه قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 7226 لسنة 45 ق بإلغائه وإلزام الجامعة بالمصروفات وعادت الجامعة الطاعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا برقم 1104 لسنة 38 ق عليا فقضت دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) بإجماع الآراء برفض الطعن وإلزام الجامعة المصروفات وبذلك يكون هذا الحكم قد حاز فكرة الأمر المقضي فيه وحسم كل نزاع حول واقعة الغش في امتحان الدبلوم المنسوبة إلى الطاعن.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم ولما كان الثابت أن أقدمية الطاعن في وظيفة مندوب مساعد متقدمة في الترتيب على أقدمية زميله الأستاذ/..... بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1987 في 23/ 1987 وقد حصل كل منهما على الدبلوم الثاني في أكتوبر سنة 1989 وقد عين هذا الزميل الذي يلي الطاعن في ترتيب الأقدمية في وظيفة مندوب اعتباراً من 1/ 1/ 1990 بالقرار رقم 94 لسنة 1990 ومن ثم يكون من حق الطاعن إرجاع أقدميته في وظيفة مندوب إلى 1/ 1/ 1990 بدلاً من 15/ 1/ 1992 تاريخ تعيينه في هذه الوظيفة بقرار رئيس الجمهورية رقم 73 لسنة 1992 ومن ثم يتعين الحكم بإرجاع أقدميته في هذه الوظيفة إلى 1/ 1/ 1990 وإعادة ترتيب أقدمية الطاعن في باقي الوظائف التي رقى إليها أسوة بزميله الأستاذ/..... على أن يكون الأخير تالياً للطاعن في ترتيب الأقدمية في جميع الوظائف المرقى إليها وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ومن حيث إن هذه الخصومة معفاة من الرسوم القضائية عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 104 من قانون مجلس الدولة فلا تقضي المحكمة بتحميل أي من الطرفين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعن في إرجاع أقدميته في وظيفة مندوب إلى أول يناير سنة 1990 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على النحو المبين بالأسباب.

الطعن 18 لسنة 16 ق جلسة 8/ 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 15 ص 42

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي - المستشارين.

---------------

(15)

القضية رقم 18 لسنة 16 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - نيابة إدارية 

- النيابة الإدارية هي وحدها الأمينة على الدعوى التأديبية - انقطاع المهندس عن العمل يستوجب مؤاخذته تأديبياً - عقوبة الفصل في هذه الحالة تعتبر عقوبة ذات حدين تصيب المهندس كما تصيب المصلحة العامة العدول عنها إلى جزاء آخر - أساس ذلك - مثال.

---------------
لما كان القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن أوامر تكاليف المهندسين خريجي الجامعات المصرية ينص في المادة (5) منه على أنه "يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فما دونها الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة (107) من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن، فإن انقطاع المهندس المذكور عن مباشرة عمله عقب انتهاء إجازته يعد خروجاً على حكم المادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه كما أن امتناعه عن العمل في خدمة المرفق الذي عين فيه يشكل خروجاً على مقتضى الواجب في أداء أعمال وظيفته وإخلالاً بحق الدولة قبله الأمر الذي يستوجب مساءلته على قدر ما بدر منه ولا يجدي المهندس المذكور الحجاج بنص الفقرة (1) من المادة (81) من القانون رقم 46 لسنة 1964، أو بالاستقالة التي أرسلها للجهة الإدارية والتي قررت رفضها في حينه إذ أن المادة (5) من القانون رقم 296 لسنة 1956 المشار إليه قد اعتبرت الاستقالة الصريحة أو الضمنية كأن لم تكن، كذلك ليس صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن في صحيفة الطعن من أنه كان يتعين على المحكمة التأديبية القضاء ببراءته بعد أن ورد لها كتاب محافظة القاهرة رقم 91551 المؤرخ 13 من نوفمبر سنة 1968 والذي تضمن أن المحافظة ليس لديها مانع من إنهاء خدمته باعتباره مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل، لأن هذا القول مردود بأن الكتاب المشار إليه لم يتضمن ما يفيد قبول استقالة الطاعن وحتى لو كان الكتاب المشار إليه تضمن ذلك فإن النيابة الإدارية هي وحدها التي تتحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة يستوي في ذلك أن تكون أقامت الدعوى التأديبية مختارة أم أقامتها ملزمة بناء على طلب الجهة الإدارية المختصة، وعلى ذلك فإن الجهة الإدارية ليس لها بإجراء من جانبها التنازل عن الدعوى التأديبية بعد اتصال الدعوى بالمحكمة التأديبية المختصة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن في المخالفة التي أسندت إليه، ويكون النص عليه في هذا الشق على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه وهي فصل الطاعن مع حرمانه من المكافأة أو المعاش فإن القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والذي في ظله وقعت المخالفة وصدر الحكم المطعون فيه قد حدد في المادة (61) الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين شاغلي الدرجات دون الثالثة وهي (1) الإنذار (2) الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين في السنة (3) تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر (4) الحرمان من العلاوة (5) الوقف عن العمل بغير مرتب أو بمرتب مخفض لمدة لا تجاوز ستة أشهر (6) الفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو الحرمان من المعاش أو المكافأة في حدود الربع. وإذا كانت العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه لم ترد ضمن الجزاءات التي عددتها حصراً المادة (61) المشار إليها، فإنه يكون قد قامت بالحكم المطعون فيه حالة من أحوال الطعن أمام هذه المحكمة تستوجب إلغاءه والحكم على الطاعن بالجزاء المناسب لما بدر منه في حق المصلحة العامة من إخلال بواجبات وظيفته، والمحكمة في صدد القضاء بالعقوبة المناسبة تضع محل اعتبارها أن جزاء الفصل من الخدمة - في هذه الحالة - ذا حدين - فيصيب المهندس المذكور وهو مخطئ يستحق الجزاء كما ينال في الوقت ذاته من المصلحة العامة وهى بريئة ويجب ألا تضار بفعله إذ يحرمها من خدمته في وقت تحتاج البلاد إلى أمثاله ولذلك يتعين في تقدير الجزاء عدم إغفال الاعتبار الذي تقوم عليه المصلحة العامة بما يوجب عدم الغلو في تقدير الجزاء بما يرتد إلى المصلحة المذكورة ولذلك تكتفي المحكمة بمجازاته بخصم شهرين من راتبه.

الطعن 1430 لسنة 38 ق جلسة 2 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 116 ص 1195

جلسة 2 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، ومحمود سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(116)

الطعن رقم 1430 لسنة 38 القضائية

(أ) هيئة النيابة الإدارية - أعضاؤها - تخطي في الترقية -إلغاء القرار.
المادتان 2 مكرراً و38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية معدلاً بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - المادة (49) من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية.
الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية لا تتم تلقائياً بحسب الأقدمية في وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية وإنما تتم على أساس درجة الأهلية - عند التساوي في هذه الدرجة يكون الأحق بالترقية هو الأقدم - عناصر الأهلية التي جعلها المشرع أساساً للترقية إلى المناصب القضائية تتضمن إلى جانب الكفاءة الفنية حسن السمعة والاستقامة والنزاهة والأخلاقيات التي ينبغي أن تنأى بصاحبها عن الشبهات والريب - تطبيق.
(ب) هيئة النيابة الإدارية - ترقية أعضائها - التعريف بالعضو.
جرى العرف في الهيئات القضائية المختلفة على إعداد ما يسمى بالتعريف بعضو الهيئة القضائية الذي لا تخضع أعماله للتفتيش عند النظر في ترقيته إلى وظيفة أعلى - التعريف ليس تقريراً بالتفتيش على أعمال العضو وإنما هو تقرير وتلخيص لما هو وارد في ملف خدمته وملفه السري من عناصر يتعين طرحها أمام المجلس الأعلى قبل النظر في ترقيته لتحديد مدى أهلية العضو وصلاحيته لمباشرة الوظيفة المرشح للترقية إليها - للسلطة المختصة وهي بسبيل إجراء الترقية أن تعمل الموازنة بين جميع العناصر التي تتكون منها الأهلية لتقدير مدى توافر أو عدم توافر درجة الأهلية اللازمة للترقية - لا تثريب عليها في تقديرها طالما كان ذلك مستمداً من أصول تنتجه ومستنداً إلى وقائع ثابتة - إذا أفصحت الجهة الإدارية عن أسباب التخطي في الترقية فإن ما تبديه من أسباب يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإداري الذي يمحص هذه الأسباب للتحقق من مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار وذلك إعمالاً لرقابة المشروعية التي يسلطها القضاء الإداري على القرارات الإدارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28/ 4/ 1992 أودع الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلاً عن الأستاذ/....... الوكيل العام بالنيابة الإدارية قلم كتاب الإدارة العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1430 لسنة 38 ق. عليا طالباً الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 75/ 1992 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 75/ 1992 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية مقابل أتعاب المحاماة.
وحدد لنظر جلسة 15/ 1/ 1994 وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/ 2/ 1994 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام طعنه الماثل طالباً الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 75 لسنة 1992 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 25/ 2/ 1992 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 75/ 1992 بترقية بعض أعضاء النيابة الإدارية إلى الوظائف الأعلى وتضمن تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية ممن هم أحدث منه أقدمية وقد علم بهذا القرار في 8/ 3/ 1992 فبادر إلى التظلم منه في 9/ 3/ 1992 طالباً سحبه لصلاحيته للترقية وجدارته بها وانعدام المانع من إجرائها وإزاء قعود النيابة الإدارية عن بحث تظلمه فقد بادر إلى إقامة طعنه في 28/ 4/ 1992 وقد نعى الطاعن في تقرير طعنه على القرار المشار إليه لمخالفته للقانون لأنه يفتقد السبب الصحيح الذي يبرر تركه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية وتخطيه في ذلك بزملاء له أحدث منه في الأقدمية ولا يفضله أيهم كفاية ولا يمتاز عليه صلاحية لذلك فمن حيث حجم ومستوى إنجازه فإنه طيب خلا من المآخذ بل وتميز أدائه في هذه الفترة لعمله مما اقتضى تنويه رؤسائه المتعاقدين بعمله ومن ذلك التنويه بما بذله من جهد في قضايا 1978 وتنويه نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ومدير فرع الدعوى الثانية الذي عمل معه الطاعن في السنة الأخيرة بما بذله في عمله من جهد وبحث وأشاد بعلاقته بزملائه ومرؤوسيه وأنه لم يسمع عنه ما يشينه ولذلك فإن الطاعن مستوفياً شروط الترقية صالحاً لها ترجح كفته في ميزان المفاضلة كفة زملاء له بهذه الترقية رغم أنهم أحدث منه أقدمية ولا يفضلونه كفاية وأضاف الطاعن إلى أن الواقعات القديمة التي طال عليها الأمد والتي وردت في البيان الشامل الوارد في التعويض الموضوع عنه لا تؤثر في ترقيته إلى وظيفة وكيل عام نيابة إدارية المرقى إليها في 24/ 2/ 1987 القرار الجمهوري رقم 60/ 1987 وبالتالي فهي لا تقدح في صلاحيته ولا تنال من كفايته ولا ترين على جدارته في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية.
ورداً على الدعوى أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات تضمنت صورة من القرار المطعون فيه ومستخرج من جلسة المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية المنعقدة في 29/ 12/ 1991 ومذكرة بالرد على الدعوى جاء بها أن المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية قرر بجلسته المشار إليها تخطي الطاعن في الترقية من درجة وكيل عام إلى درجة وكيل عام النيابة الإدارية للأسباب الآتية:
1 - إنه قبل شغله لوظيفته الحالية في 24/ 2/ 1987 وجهت إليه ملحوظة كتابية بتاريخ 11/ 8/ 1982 لما ثبت في حقه من التحقيق رقم 302/ 1980 من عدم اتخاذ الإجراءات الجادة والواجبة في القضايا والعرائض والإخطارات المحالة إليه كما أنه بتاريخ 26/ 5/ 1984 أحيل إلى مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية لما نسب إليه من مزاولته أعمالاً تجارية وتراخيه في إنجاز الأعمال المسندة إليه حيث قضى مجلس التأديب بجلسة 14/ 4/ 1985 بمجازاته بعقوبة اللوم مع التوصية بنقله إلى وظيفة غير قضائية وقد رفضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة في 28/ 3/ 1987 الطعن المقدم منه في الحكم المشار إليه (2) أنه بعد شغله لوظيفته الحالية وجهت إليه عدة ملاحظات كتابية تتمثل فيما يلي ( أ ) ملحوظة بتاريخ 14/ 2/ 1988 لتراخيه في فحص بلاغ جامعة الأزهر منذ وروده فضلاً عن قصور اطلاعه على أوراق البلاغ المشار إليه وعدم اتخاذ إجراءات جدية في تحقيق وقائعه المتشعبة منذ إحالة الوظيفة إليه وحتى تاريخ نقله - ب ملحوظة بتاريخ 14/ 1/ 1989 أبان عمله بالمكتب الفني بالقاهرة القسم الأول لتراخيه البين في فحص وعرض القضيتين رقمي 87/ 1986، 84/ 1987 نيابة التموين والإسكان لمدة تزيد على سبعة شهور دون مبرر مقبول وتراخيه في عرض القضية رقم 107 لسنة 1988 نيابة الزراعة منذ إعداد مذكرة الفحص فيها بتاريخ 3/ 11/ 1988 وحتى 26/ 11/ 1988 جـ - ملحوظة بتاريخ 16/ 1/ 1991 إبان عمله بفرع إدارة الدعوى التأديبية بالقاهرة لما ثبت في حقه من أنه وافق على إحالة خمسة من موظفي الهيئة العامة للصرف الصحي للمحاكمة التأديبية لما نسب إليهم في القضية رقم 140/ 1989 نيابة الإسكان إعداده تقرير الاتهام فيها رغم انتفاء مسئوليتهم عما نسب إليهم مما أدى إلى تقديم أبرياء للمحاكمة التأديبية وهو ما من شأنه زعزعة الثقة في تحقيقات الهيئة القضائية لذلك فقد رأى المجلس أن الوقائع سالفة الذكر تفصح بما لا يدع مجال للشك عن إهمال جسيم للعضو المذكور لعمله واستهتاره به وأنه بالرغم من شدة الإجراءات التي اتخذت قبله والتي بلغت ذروتها بإحالته إلى مجلس التأديب الذي أوقع عليه عقوبة اللوم وأوصى بنقله إلى عمل غير قضائي فإن إجراءات المحاكمة أو الحكم بما انطوى عليه من تعريض مستقبله في العمل القضائي للضياع لم يكفيا لردعه وحثه على بذل العناية الواجبة في عمله بل تواصل منه الإهمال وتتابعت الملحوظات الموجهة إليه والتي كان آخرها في مستهل عام 1991 مما تحقق معه لدى المجلس عدم صلاحية العضو المذكور وافتقاده للأهلية اللازمة لشغله الوظيفة القضائية المرشح لها وانتهت المذكرة إلى أن تخطي الطاعن كان لأسباب قانونية صحيحة وله ما يبرره ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يتفق وصحيح القانون وبمنأى عن أي تعسف أو إساءة استعمال السلطة وبالتالي فلا وجه لما طلبه الطاعن من الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن المادة 2 مكرراً من القانون رقم 117/ 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمقامة بالقانون رقم 12/ 1989 تنص على أن يشكل مجلس أعلى للنيابة الإدارية برياسة رئيس الهيئة وعضوية أقدم ستة من نواب الرئيس وعند غياب أحدهم أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدام فالأقدم من نواب الرئيس ثم الوكلاء العاميين الأول ويختص هذا المجلس بنظر كل ما يتعلق بتعيين أعضاء النيابة الإدارية وترقيتهم ونقلهم وإعارتهم وندبهم وكذلك سائر شئونهم على الوجه المبين في هذا القانون على أن يكون نظر ما يتعلق منها بالتعيين والترقية بطلب من وزير العدل بناء على اقترح رئيس الهيئة......".
وتنص المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117/ 1958 المشار إليه معدلة بالقانون رقم 12/ 1989 على أن يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعادة والإجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة.
ومن حيث إن المادة 49 من القانون رقم 46/ 1972 بشأن السلطة القضائية تنص "على أن يكون اختيار قضاة المحاكم الابتدائية من الفئة (ب) بطريق الترقية من بين أعضاء النيابة على أساس الأقدمية من واقع أعمالهم وتقارير التفتيش عنهم وتكون ترقية القضاة من الفئتين (ب، أ) والرؤساء بالمحاكم الابتدائية من الفئتين (ب، أ) على أساس الأقدمية مع الأهلية...... وفيما عدا ذلك يجرى الاختيار في الوظائف الأخرى على أساس درجة الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية".
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية لا تتم تلقائياً بحسب الأقدمية في وظيفة وكيل عام للنيابة الإدارية وإنما تتم على أساس درجة الأهلية وعند التساوي في هذه الدرجة يكون الأحق بالترقية هو الأقدم.
ومن حيث إن عناصر الأهلية التي جعلها المشرع أساساً للترقية إلى المناصب القضائية تتضمن إلى جانب الكفاءة الفنية حسن السمعة والاستقامة والنزاهة والأخلاقيات التي ينبغي أن تنأى بصاحبها عن الشبهات والريب ومن مجموع هذه العناصر وما يتصل بها تتكون الأهلية وعند التساوي في جميع الصفات يراعى تحقيقاً للعدالة تقديم الأسبق في الأقدمية بين المتساوين في الأهلية وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى ثبت الأهلية للترقية إلى درجات قضائية معينة رقى إليها من كان يلي صاحب الشأن في الأقدمية فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زملائه الذين كانوا يلونه في الأقدمية وتمت ترقيتهم ما لم يقدم الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون الترقية إلى الدرجات القضائية العليا أسوة بزملائه الذين كانوا تالين له في الأقدمية.
ومن حيث إنه قد جرى العرف في الهيئات القضائية المختلفة ومن بينها هيئة النيابة الإدارية على إعداد ما يسمى بالتعريف بعضو الهيئة القضائية الذي لا تخضع أعماله للتفتيش عند النظر في ترقيته إلى وظيفة أعلى وهذا التعريف ليس تقريراً بالتفتيش على أعماله وإنما هو تقرير وتلخيص لما هو وارد في ملف خدمته وملفه السري من عناصر يتعين طرحها أمام المجلس الأعلى قبل النظر في ترقيته لتحديد مدى أهلية العضو وصلاحيته لمباشرة أعمال الوظيفة المرشح للترقية إليها وللسلطة المختصة في الهيئة القضائية وهي بسبيل إجراء الترقية أن تعمل الموازنة بين جميع العناصر التي تتكون منها الأهلية لتقدير مدى توافر أو عدم توافر درجة الأهلية اللازمة للترقية ولا تثريب عليها في تقديرها طالما كان ذلك مستمداً أصول تنتجه ومستنداً إلى وقائع ثابتة على أنه إذا أفصحت الجهة الإدارية عن أسباب تخطي من لم تصادفه الترقية فإن ما تبديه من أسباب يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإداري وله في سبيل إعمال رقابته أن يمحص هذه الأسباب للتحقق من مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار وذلك إعمالاً لرقابة المشروعية التي يسلطها القضاء الإداري على القرارات الإدارية.
ومن حيث إنه باستقراء ما تضمنه التعريف الذي وضع عن الطاعن في 9/ 11/ 1991 بمناسبة النظر في ترقيته إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية والذي كان تحت نظر المجلس الأعلى للنيابة الإدارية واستند إليه في تخطيه للترقية إلى هذه الوظيفة بين أنه تضمن بياناً بتقارير الكفاية التي حصل عليها الطاعن طوال مدة خدمته وتدرجه في الوظائف الفنية بالنيابة الإدارية منذ التحاقه بها إلى أن رقي وكيلاً عاماً للنيابة الإدارية بقرار رئيس الجمهورية رقم 60/ 1987 بتاريخ 24/ 2/ 1987 والملاحظات التي وجهت إليه منها ما هو سابق على ترقيته إلى الوظيفة المذكورة ومنها ما هو لاحق على ذلك أما الملحوظات التي وجهت إليه قبل ترقيته لوظيفة وكيل عام النيابة الإدارية فإنها تتمثل فيما يلي: وجهت إليه ملحوظة في 11/ 8/ 1982 لما ثبت في حقه في التحقيق رقم 302/ 1980 من عدم اتخاذ الإجراءات الجادة والواجبة في القضايا والعرائض والإخطارات المحالة إليه كما أنه بتاريخ 26/ 5/ 1984 أحيل إلى مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية لما نسب إليه من مزاولته أعمالاً تجارية وتراخيه في إنجاز الأعمال المسندة إليه حيث قضى مجلس التأديب بجلسة 14/ 4/ 1985 بمجازاته بعقوبة اللوم مع التوصية بنقله إلى وظيفة غير قضائية أما الملحوظات التي وجهت إليه بعد ترقيته للوظيفة المذكورة فتتمثل فيما يلي: 1 - ملحوظة بتاريخ 14/ 2/ 1988 لتراخيه في فحص بلاغ جامعة الأزهر منذ وروده فضلاً عن قصور إطلاعه على أوراق البلاغ المشار إليه وعدم اتخاذ إجراءات جديدة في تحقيق وقائعه المتشعبة منذ إحالة القضية إليه وحتى تاريخ نقله، 2 - ملحوظة بتاريخ 14/ 1/ 1989 إبان عمله بالمكتب الفني بالقاهرة القسم الأول لتراخيه البين في فحص وعرض القضيتين رقمي 87/ 1986، 84/ 1987 نيابة التموين والإسكان لمدة تزيد على سبعة شهور دون مبرر مقبول وتراخيه في عرضه القضية رقم 107 لسنة 1988. نيابة الزراعة منذ إعداده مذكرة الفحص فيها بتاريخ 3/ 11/ 1988 حتى 26/ 11/ 1988. 3 - ملحوظة بتاريخ 16/ 1/ 1991 إبان علمه بفرع إدارة الدعوى التأديبية بالقاهرة لما ثبت في حقه أنه وافق على إحالة خمسة من موظفي الهيئة العامة للصرف الصحي للمحاكمة التأديبية لما نسب إلهم في القضية رقم 140/ 1989 نيابة الإسكان وإعداده تقرير اتهام فيها رغم انتقاء مسئوليتهم عما نسب إلهم مما أدى إلى تقديم أبرياء للمحاكمة التأديبية وهو ما من شأنه زعزعة الثقة في تحقيقات الهيئة القضائية وقد استخلص المجلس الأعلى من الوقائع السابقة أن الطاعن لا تتوافر فيه الأهلية اللازمة للترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن رقي إلى وظيفة وكيل عام للنيابة الإدارية بقرار رئيس الجمهورية رقم 60/ 1987 اعتباراً من 24/ 2/ 1987 ومن ثم فإن أهليته لشغل هذه الوظيفة بعناصرها المختلفة تكون قد ثبتت للطاعن وأصبح مستحقاً لها اعتباراً من التاريخ المشار إليه وبالتالي فإن هذه الأهلية تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زملاءه الذين كانوا يلونه في الأقدمية في الوظيفة المذكورة ومقتضى ذلك ولازمه عدم معاودة النظر في الوقائع السابقة على ترقيته لوظيفة وكيل عام للنيابة الإدارية واتخاذها عنصراً في الموازنة والترجيح عند تقدير أهليته للترقية لوظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية وإلا كان في ذلك خروج بمضمون الترقية عن الغاية المستهدفة منها وتجعل منها سيفاً مسلطاً على رقاب العاملين وبهذه المثابة فإنه لا يسوغ الاستناد إلى الملحوظات التي وجهت إلى الطاعن قبل ترقيته إلى وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية في 24/ 2/ 1987 ويكون ما استندت إليه الجهة الإدارية في هذا الخصوص لتخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول النيابة الإدارية قد استخلص استخلاصاً غير سائغ لا يفضي إلى النتيجة التي انتهى إليها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الملحوظات التي وجهت إلى الطاعن بعد ترقيته إلى وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية والتي تمثلت في الملحوظات الثلاثة سالفة البيان فهي على فرض صحتها ليست من الجسامة والخطورة بحيث تفضي إلى فقد الطاعن لأهليته للترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية خاصة وأن الثابت من التعريف سالف البيان أن السيد الأستاذ نائب رئيس الهيئة ومدير فرع الدعوة التأديبية بالقاهرة قد أفاد بكتابه المؤرخ في 14/ 10/ 1991 أن الطاعن تسلم العمل بفرع الدعوى التأديبية بالقاهرة اعتباراً من 1/ 1/ 1989 وتولى الادعاء أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا وفحص قضاياها وما ينتهي إليه هذا الفحص من إعداد تقارير الاتهام أو إعادة القضايا إلى مصدرها لاستيفاء التحقيق أو بتقرير عدم ملاءمة الإحالة فيها للمحاكمة التأديبية كما يتولى سيادته فحص هذه القضايا لتقرير الطعن فيها من عدم وكذا طلبات الإيقاف قد أحيل على سيادته في الفترة من 1/ 10/ 1989 حتى 1/ 10/ 1991 عدد 123 قضية تم إيداع 119 فيها وإعادة 4 قضايا ثلاثة منها للاستيفاء وواحدة لعدم ملائمة الإحالة للمحاكمة وتم الطعن في قضيتين صدر الحكم فيها بغير الإدانة وإشهار سيادته إلى أن السيد العضو (الطاعن) بذل من الجهد والبحث ما يستحق التنويه خاصة إذا ما لوحظ ما يتميز به العمل في فرع الدعوى التأديبية بالقاهرة من كم ضخم من القضايا وطلبات الوقف وصرف نصف المرتب فضلاً عن تشعب موضوعات تلك القضايا وأهميتها بالنظر إلى تعلقها بعاملين من مستوى الإدارة العليا وما يستتبعه ذلك من عناء متواصل كما أن مذكرات الفحص التي يحررها جاءت في الغالب الأعم منها متسمة بالبساطة والشمول لكل الوقائع وانتهت في معظمها إلى آراء سليمة كما جاءت قيوده وأوصافه في تقارير الاتهام صحيحة فضلاً عن أن علاقته بزملائه ومرءوسيه لا غبار عليها ولم يسمع منه ما يشينه منذ أن تولى رئاسة الفرع في 1/ 1/ 1991.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم تغدو الأسباب التي ارتكنت إليها الجهة الإدارية لتخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية غير قائمة على سند صحيح من القانون ويكون تخطيه في الترقية إلى هذه الوظيفة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 75/ 1992 قد جانبه الصواب مما يتعين معه الحكم بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من ذلك التخطي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 75/ 1992 الصادر في 25/ 2/ 1992 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة وكيل عام أول للنيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.