الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أغسطس 2023

الطعن 331 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 127 ص 834

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

------------------------

(127)
الطعن رقم 331 لسنة 25 القضائية

(أ) نقض "إجراءات الطعن". "إعلان الطعن" "محل الإعلان". إعلان "المحل الذي يحصل فيه الإعلان". "الإعلان في المحل المختار".
ذكر المطعون عليه موطنه الأصلي ومحله المختار يجيز إعلانه في هذا المحل. الم 380 مرافعات.
(ب) ضريبة "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "ربط الضريبة وتحصيلها". "التقادم المسقط".
ميعاد مطالبة الممول بها:
عدم استطاعة مصلحة الضرائب مطالبة الممول بالضريبة عن أرباحه إلا بعد مضي شهرين من انتهاء سنته المالية. الم 48 ق 14/ 39.
حالة توقف المنشأة عن العمل:
لا يغير من ذلك أن تكون المنشأة قد توقفت عن العمل ولم تخطر المصلحة بذلك بدء سريان التقادم المسقط لدين هذه الضريبة من هذا التاريخ. عدم الاعتداد في تحديد بدء التقادم - في حالة التوقف بسبب وفاة الشريك المتضامن - بتاريخ التوقف المترتب على الوفاة ما دامت لم تخطر به المصلحة ولو علمت بالوفاة في تاريخ لاحق للشهرين التاليين لانتهاء السنة المالية.

-------------------------
1 - إذا كان المطعون عليه قد بين في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه موطنه الأصلي كما بين مكتب أحد المحامين باعتباره محلاً مختاراً له، فإن إعلانه بالطعن في هذا المحل يكون إعلاناً صحيحاً عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات - على ما جرى به قضاء محكمة النقض.
2 - مؤدى المادتين 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلها بالقانون رقم 253 لسنة 1953 و58 من ذات القانون أن مصلحة الضرائب لا تستطيع مطالبة الممول بالضريبة عن أرباحه إلا بعد مضي شهرين من انتهاء سنته المالية، وأنه إذا توقفت المنشأة عن العمل ولم تخطر مصلحة الضرائب بذلك فإن موقف المصلحة إزاء المنشأة لا يتغير، إذ يمتنع عليها مطالبة المنشأة بدين الضريبة عن أرباحها إلا بعد شهرين من انتهاء سنتها المالية، وبالتالي فإن التقادم المسقط لدين هذه الضريبة لا يبدأ سريانه إلا من هذا دون اعتبار لتوقف المنشأة عن العمل، وإذ كان التوقف يرجع إلى وفاة الشريك المتضامن فإنه لا يعتد في صدد تحديد بدء التقادم بتاريخ التوقف المترتب على الوفاة ما دامت لم تخطر به المصلحة ولا يؤثر في ذلك أن تكون المصلحة قد علمت بالوفاة في تاريخ لاحق للشهرين التاليين لانتهاء السنة المالية.


المحكمة

حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1951 أخطرت مأمورية ضرائب الجمالية منشأة جورج لكح بتقدير أرباحها عن المدة من 16/ 7/ 1945 إلى 22/ 3/ 1946 بمبلغ وقدره 16445 جنيهاً، فطعن وكيل المنشأة في هذا التقدير أمام لجنة الطعن، وتمسك بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضريبة عن هذه المدة. وأسس دفعه على أن التقادم بالنسبة للضريبة التي تطالب بها المصلحة عن هذه الفترة يبدأ سريانه من تاريخ انتهاء الشركة بوفاة الشريك المتضامن جورج لكح في 22/ 3/ 1946، وأن مدة هذا التقادم وهي خمس سنوات قد اكتملت دون أن تتخذ المصلحة أي إجراء قاطع لها - وبتاريخ 22 من مارس سنة 1952 أصدرت لجنة الطعن قرارها بقبول الدفع وسقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضريبة عن الفترة من 16/ 7/ 1945 إلى 22/ 3/ 1946 فيما زاد عن إقرار المنشأة في هذه الفترة. فطعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار بالدعوى رقم 843 سنة 1952 كلي القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بأحقيتها في تحصيل الضريبة المستحقة عن الفترة السالفة الذكر وفقاً لتقدير المأمورية المختصة، واستندت إلى أن التقادم لا يبدأ إلا من اليوم التالي لانتهاء الأجل المحدد لتقديم الإقرار، وذلك بعد شهرين من تاريخ السنة المالية للمنشأة أي اعتباراً من 16/ 9/ 1946، على أن يضاف إلى مدة التقادم 119 يوماً مقابل مدة الوقف التي تبدأ من 4/ 9/ 1950 وتنتهي في 31/ 12/ 1950 طبقاً للقانون رقم 189 لسنة 1950، ورتبت المصلحة على ذلك القول بأن التقادم لا تكتمل مدته بالنسبة للضريبة المطالب بها إلا في 13/ 1/ 1952 أي بعد إخطار المنشأة في 12/ 8/ 1951، وفي 24 من مايو سنة 1953 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بإلغاء قرار اللجنة وبأحقية مصلحة الضرائب في الضريبة المستحقة عن الفترة من 16/ 7/ 1945 إلى 22/ 3/ 1946، فاستأنفت هذا الحكم المطعون عليها، وهي زوجة الشريك المتضامن المتوفى، وقيد استئنافها بمحكمة استئناف القاهرة برقم 448 سنة 71 قضائية. وطلبت إلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار لجنة الطعن، واحتياطياً إحالة الدعوى إلى لجنة الطعن للحكم ببطلان ما قضي به عليها بأكثر من 1 إلى 16 من الضريبة وهو ما يقابل نصيبها في المنشأة - فقضت المحكمة الاستئنافية في 2 من مارس سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار لجنة الطعن الصادر في 22/ 3/ 1952. فطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض. وفي المذكرة المقدمة من المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إعلانه لها. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وطلبت النيابة في مذكرتها رفض الدفع وأيدت رأيها في موضوع الطعن وطلبت رفضه. وقررت دائرة الفحص بجلسة 14 من أكتوبر سنة 1959 إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959، وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه فيما يختص بالدفع بعدم قبول الطعن شكلاً فمبناه حسبما تقول المطعون عليها أنها وقد أعلنت بالطعن بمحلها المختار لا بموطنها الأصلي، رغم ذكر هذا الموطن بإعلان الحكم المطعون فيه فقد وقع إعلانها باطلاً.
وحيث إن هذا الدفع مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه إذا كان المطعون عليه قد بين في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه موطنه الأصلي، كما بين مكتب أحد المحامين باعتباره محلاً مختاراً له، فإن إعلانه بالطعن في هذا المحل يكون إعلاناً صحيحاً عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات، متى تقرر ذلك، وكان يبين من الصورة التنفيذية للحكم المطعون فيه المعلنة إلى الطاعنة والمودعة ضمن المستندات المقدمة بملف الطعن أنه قد ذكر بها بجانب الموطن الأصلي للمطعون عليها - بيان يفيد اتخاذها من مكتب الدكتور محمد صادق فهمي المحامي محلاً مختاراً لها، فإن إعلان المطعون عليها بتقرير الطعن في هذا المحل يكون إعلاناً صحيحاً، ومن ثم يكون الدفع على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم اعتبر أن التقادم بالنسبة لدين الضريبة الذي تطالب به المصلحة عن الفترة من 16/ 7/ 1945 إلى 22/ 3/ 1946 قد بدأ بمجرد انتهاء الشهرين التاليين لتاريخ توقف المنشأة عن العمل بسبب وفاة الشريك المتضامن في 22/ 3/ 1946، مستنداً في ذلك إلى أن المصلحة قامت بمحاسبة المنشأة عن أرباحها على أساس أن سنتها المالية قد انتهت في هذا التاريخ، في حين أن الثابت أن المنشأة لم تخطر مصلحة الضرائب عن توقفها طبقاً للمادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939، ولم يكن في استطاعة المصلحة المطالبة بالضريبة عن الفترة المشار إليها قبل مضي شهرين من تاريخ انتهاء السنة المالية في 15/ 7/ 1946 - ولا تأثير للمحاسبة التي أجرتها المصلحة فيما بعد على أساس تاريخ التوقف الحاصل في 22/ 3/ 1946، لا تأثير لهذه الواقعة اللاحقة على التقادم الذي كان قد بدأ فعلاً في وقت سابق - وترتب الطاعنة على ذلك القول بأن مدة التقادم يجب أن تحسب على أساس أنها لم تبدأ إلا بعد انقضاء شهرين من تاريخ انتهاء السنة المالية للمنشأة أي في 16/ 9/ 1946، فإذا كانت إجراءات المطالبة قد بدأت في 12/ 8/ 1951 فإنها تكون قد قطعت التقادم الذي لم يكتمل.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما تثيره الطاعنة في سبب الطعن على ما يأتي: "وحيث إنه عن السبب الأول الخاص ببدء سريان مدة التقادم فإن الثابت من عقد الشركة أن سنة المنشأة تبدأ في 15 يوليه وتنتهي في 14 يوليه من العام الثاني، وقد جرت مصلحة الضرائب على هذا الأساس في محاسبة المنشأة طيلة السنوات السابقة، ولكن حدث في السنة الأخيرة التي تبدأ من 15 يوليه سنة 1945 أن توفى المرحوم جورج لكح الشريك المتضامن في 22/ 3/ 1946 - وتوقفت المنشأة عن العمل قبل نهاية السنة المالية ولم تخطر مصلحة الضرائب بهذا التوقف في الميعاد القانوني طبقاً لنص المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - وبتاريخ 6/ 2/ 1949 قدمت المنشأة إقراراً بأرباحها عن الفترة من 15 يوليه سنة 1945 إلى 22/ 3/ 1946 أي لغاية تاريخ التوقف عن العمل، فقامت المصلحة بمحاسبتها عن تلك الفترة فقط، ووجهت للورقة النموذج 19 في 11/ 8/ 1951 متضمناً عناصر ربط الضريبة، ولم تتمسك بربط الضريبة عن سنة كاملة، واعتبرت أن السنة المالية للمنشأة قد انتهت في تاريخ التوقف عن العمل فحاسبتها على هذا الأساس وتنازلت عن التمسك بالإخطار عن التوقف، واعتبرت هذا التاريخ نهاية للسنة المالية يجب تقديم الإقرار المنصوص عليه بالمادة 48 في ظرف شهرين من تاريخه، وبذلك تبدأ مدة التقادم في 23/ 5/ 1946 وتنتهي في 23/ 5/ 1951، وحيث إن مصلحة الضرائب تتمسك رغم قيامها بمحاسبة المنشأة لغاية تاريخ التوقف في 22/ 3/ 1946 بأن السنة المالية لا تنتهي إلا في 14 من يوليه سنة 1946 وأن مدة التقادم لا تبدأ إلا بعد مضي الشهرين المحددين لتقديم الإقرار، أي أنها لا تبدأ إلا في 15 من سبتمبر سنة 1946 وتنتهي في 15 من سبتمبر سنة 1951. ولما كانت قد وجهت للمنشأة النموذج رقم 19 في 11/ 8/ 1951 أي قبل اكتمال المدة فتكون مدة التقادم قد انقطعت، ويكون حقها في المطالبة قائماً...... وحيث إن هذا الدفاع لا يمكن الأخذ به لأن قيام المصلحة بمحاسبة المنشأة لغاية تاريخ التوقف يعد تسليماً صريحاً منها بأن سنة المنشأة المالية قد انتهت في ذلك التاريخ فلا يقبل منها العدول عن هذا التسليم بعد أن تعلق به حق الورثة" وهذا الذي أقيم عليه الحكم المطعون فيه مخالف للقانون، ذلك أنه طبقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلها بالقانون رقم 253 لسنة 1953 يكلف الممول بأن يقدم إلى مصلحة الضرائب في بحر شهرين من انتهاء سنته المالية إقراراً يبين فيه مقدار أرباحه، وأن المادة 58 من ذات القانون نصت على أن توقف المنشأة عن العمل من شأنه أن يجري تحصيل الضريبة على الأرباح حتى التاريخ الذي وقف فيه العمل بشرط أن يتم التبليغ عن ذلك من الممول في خلال ستين يوماً من تاريخ التوقف، ويتأدى من مفهوم هاتين المادتين أن مصلحة الضرائب لا تستطيع مطالبة الممول بالضريبة عن أرباحه إلا بعد مضي شهرين من انتهاء سنته المالية، وأنه إذا توقفت المنشأة عن العمل ولم تخطر مصلحة الضرائب بذلك، فإن موقف المصلحة إزاء المنشأة لا يتغير إذ يمتنع عليها مطالبة المنشأة بدين الضريبة عن أرباحها إلا بعد شهرين من انتهاء سنتها المالية - وبالتالي فإن التقادم المسقط لدين هذه الضريبة لا يبدأ سريانه إلا من هذا التاريخ دون اعتبار لتوقف المنشأة عن العمل، وإذ كان التوقف يرجع إلى وفاة الشريك المتضامن كما هو الحال في الدعوى الحالية، فإنه لا يعتد في صدد تحديد بدء التقادم بتاريخ التوقف المترتب على الوفاة ما دامت لم تخطر به المصلحة، ولا يؤثر في ذلك أن تكون المصلحة قد علمت بالوفاة في تاريخ لاحق للشهرين التاليين لانتهاء السنة المالية - لما كان ذلك وكان مؤدى ما تقدم أن التقادم في خصوص دين الضريبة موضوع النزاع لا يبدأ إلا من 16/ 9/ 1946 أي بعد مضي شهرين من انتهاء السنة المالية للمنشأة ولا ينتهي إلا في 15 من سبتمبر سنة 1951 - وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن التقادم قد بدأ من 22/ 5/ 1946 ورتب على ذلك اعتبار أن النموذج رقم 19 ضرائب الذي أخطر به الورثة في 11/ 8/ 1951 قد وجه إليهم بعد مضي خمس سنوات أي بعد اكتمال مدة التقادم، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.

الطعن 46 لسنة 14 ق جلسة 17 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 82 ص 576

جلسة 17 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطيه، المستشارين.

--------------------------

(82)

القضية رقم 46 لسنة 14 القضائية

عقد إداري "تنفيذه. نظرية الظروف الطارئة".
يلزم لأعمال نظرية الظروف الطارئة أن تختل اقتصاديات العقد اختلالاً جسيماً - يجب لتقدير ذلك النظر إلى مجموع عناصر العقد وكامل مدته - بيان ذلك ومثال.

--------------------------
إن نظرية الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجردة التي هي قوام القانون الإداري كما أن هدفها تحقيق المصلحة العامة فرائد الجهة الإدارية هو كفالة حسن سير المرافق العامة باستمرار وانتظام وحسن أداء الأعمال والخدمات المطلوبة وسرعة إنجازها كما أن هدف المتعاقد مع الإدارة هو المعاونة في سبيل المصلحة العامة وذلك بأن يؤدي التزامه بأمانة وكفاية لقاء ربح مجز وأجر عادل وهذا يقتضي من الطرفين التساند والمشاركة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات وما يصادفه من عقبات. فمفاد نظرية الظروف الطارئة أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد الإداري ظروف أو أحداث لم تكن متوقعة عند إبرام العقد فقلبت اقتصادياته وإذا كان من شأن هذه الظروف أو الأحداث أنها لم تجعل تنفيذ العقد مستحيلاً بل أثقل عبئاً وأكثر كلفة مما قدره المتعاقدان التقدير المعقول وكانت الخسارة الناشئة عن ذلك تجاوز الخسارة المألوفة العادية التي يحتملها أي متعاقد إلى خسارة فادحة استثنائياً وغير عادية فإن من حق المتعاقد المضار أن يطلب من الطرف الأخر مشاركته في هذه الخسارة التي تحملها فيعوضه عنها تعويضاً جزئياً، وبذلك يضيف إلى التزامات المتعاقد معه التزاماً جديداً لم يكن محل اتفاق بينهما ومؤدى ذلك أن يفرض على الدائن التزام ينشأ من العقد الإداري، هذا الالتزام هو أن يدفع الدائن للمدين تعويضاً لكفالة تنفيذ العقد تنفيذاً صحيحاً متى كان من شأن الظروف أو الأحداث غير المتوقعة أن تثقل كاهل هذا المدين بخسارة يمكن اعتبارها قلباً لاقتصاديات العقد، على أن التعويض الذي يدفعه الدائن يكون تعويضاً جزئياً عن الخسارة المحققة التي لحقت المدين، ولما كان التعويض الذي يدفع طبقاً لهذه النظرية لا يشمل الخسارة كلها ولا يغطي إلا جزءاً من الأضرار التي تصيب المتعاقد فإن المتعاقد فإن المدين ليس له أن يطالب بالتعويض بدعوى أن أرباحه قد نقصت أو لفوات كسب ضاع عليه كما أنه يجب أن تكون الخسارة واضحة متميزة، ومن ثم يجب لتقدير انقلاب اقتصاديات العقد واعتبارها قائمة أن يدخل في الحساب جميع عناصر العقد التي تؤثر في اقتصادياته واعتبار العقد في ذلك وحده ويفحص في مجموعة لا أن ينظر إلى أحد عناصره فقط بل يكون ذلك بمراعاة جميع العناصر التي يتألف منها، إذ قد يكون بعض هذه العناصر مجزياً ومعوضاً عن العناصر الأخرى التي أدت إلى الخسارة، ومن ثم فإن انقلاب اقتصاديات العقد مسألة لا تظهر ولا يمكن التحقق من وجودها إلا بعد إنجاز جميع الأعمال المتعلقة بالعقد.
ومن حيث إنه إذا كان الثابت أن مدة العقد ثلاث سنوات بإيجار قدره 7727 جنيهاً سنوياً تدفع على أربعة أقساط كل قسط عن فترة ثلاثة أشهر من السنة، وبذلك تكون جميع الأقساط الواجب دفعها عن مدة العقد اثني عشر قسطاً، فإذا كان الأمر كذلك فإنه حتى على فرض أن انتشار دودة القطن في صيف سنة 1961 كانت من الفداحة بحيث يمكن اعتبارها من قبيل الحوادث الاستثنائية العامة غير المتوقعة فإن ضرر هذه الآفة لم يتجاوز أثره بالنسبة للطاعن ثلاثة أشهر كما قال في صحيفة طعنه وهي يونيه ويوليه وأغسطس سنة 1961 والتي استحق عنها قسط واحد هو القسط الحادي عشر وإصابة الطاعن بخسارة في هذه الأشهر الثلاث على فرض صحته ليس من شأنه قلب اقتصاديات العقد لأن هذه الخسارة لم تلحق الطاعن إلا بالنسبة لفترة يستحق عنها قسط واحد من الاثني عشر قسطاً التي تمثل جميع عناصر العقد ولم يقدم الطاعن دليلاً على أنه أصيب بخسارة أخرى غير التي زعم أنها لحقته بل إن الطاعن نفسه يقرر في صحيفة طعنه وفي المذكرات المقدمة منه أمام هذه المحكمة أن مجلس مدينة طنطا عندما أدار السوق في الفترة التي كانت متبقية من عقد الالتزام من 26/ 11/ 1961 إلى 25/ 2/ 1962 وهي لمدة ثلاثة أشهر حقق إيراداً قدره 2900 جنيه وأن قيمة القسط الذي يستحق عنها هو مبلغ 800 مليماً و1931 جنيهاً فيكون صافي الربح 200 مليماً و968 جنيهاً، وفي ذلك اعتراف من الطاعن أن هناك في كل سنة من سنى الالتزام فترات مريحة تدر إيراداً صافياً قدره الطاعن نفسه بحوالي ألف جنيه كل ثلاث أشهر، ومن ثم فإنه ليس من دليل في الأوراق على أن الطاعن قد أصيب بخسارة فادحة من شأنها قلب اقتصاديات العقد بالنسبة لمدة التعاقد كاملة وتبعاً لذلك فلا وجه لأعمال نظرية الظروف الطارئة في هذه المنازعة لعدم تحقيق شروطها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 21 لسنة 16 القضائية ضد (1) وزارة الإسكان والمرافق (2) مراقبة الشئون البلدية والقروية بمحافظة الغربية بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 8 من أكتوبر سنة 1961 طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ الأمر الإداري الصادر من مراقبة الشئون البلدية والقروية في 19/ 9/ 1961 برقم 15131، وفي الموضوع بأحقية المدعي في احتساب التأمين المدفوع منه وقدره 3090 جنيهاً و800 مليم من الإيجار المستحق عليه عن المدة التي تبدأ في 26 من أغسطس سنة 1961 وتنتهي في 25 من فبراير مع إلزام المعلن إليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة ثم قدم المدعي مذكرة بجلسة 14 من يناير سنة 1962 أثناء نظر الدعوى في الشق المستعجل منها عدل بها طلباته بأن جعل الطلب المستعجل ينصرف إلى وقف تنفيذ جميع الإجراءات التي اتخذتها وزارة الإسكان والمرافق ضده الخاصة بسحب الالتزام، وبجلسة 28 من يناير حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الطلب المستعجل المبدى من الحكومة، وفي شأن هذا الطلب برفضه وإلزام المدعي مصروفاته، وبجلسة 2 من يونيه سنة 1963 أضاف المدعي طلباً جديداً وهو الحكم بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بأن تدفع له على سبيل التعويض مبلغ 800 جنيه نتيجة سحب عملية استغلال السوق موضوع النزاع قبل انتهاء المدة المتعاقد عليها، وبصحيفة معلنة بتاريخ 24 من إبريل سنة 1965 قام المدعي بإدخال مجلس مدينة طنطا في الدعوى ليحكم عليه مع باقي المدعى عليهم بطريق التضامن بأن يدفعوا له أولاً مبلغ 1159 جنيه قيمة الباقي من التأمين المدفوع من المدعي بعد خصم كامل القسط الحادي عشر وقدره 1931 جنيهاً و800 مليم الذي استحق على المدعي ثانياً الحكم بإلزام المدعى عليهم بطريق التضامن بأن يدفعوا له مبلغ 800 جنيه على سبيل التعويض عن سحب التزام استغلال سوق طنطا العمومي قبل انتهاء المدة المتعاقد عليها ثالثاً إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصاريف والأتعاب.
ومن حيث إن أسانيد هذه الدعوى تتحصل حسبما أبداه المدعي في صحيفة دعواه ومذكراته الشارحة في أنه بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1958 أرسيت على المدعي عملية استغلال سوق طنطا العمومي بإيجار سنوي قدره 7727 جنيهاً تدفع على أربعة أقساط سنوية وكان أولها يستحق دفعه في 29 من ديسمبر سنة 1958 كما دفع المدعي تأميناً نهائياً قدره 3090 جنيهاً و800 مليم وقد ظل يدفع الإيجار المستحق عليه في المواعيد المتفق عليها رغم أنه كان ولا يزال يتكبد خسائر فادحة لارتفاع قيمة الإيجار إذ يبلغ أسبوعياً 154 جنيه إلا إنه عندما حل ميعاد القسط الحادي عشر عجز عن دفعه لأن الظروف الاقتصادية التي صاحبت هذه المدة لم تسعف المدعي في الحصول على الإيرادات التي تغطي سداد هذا القسط ذلك أن سوق طنطا العمومي يقوم أصلاً على تردد الزراع عليه وعرض المواشي التي ترد إلى السوق للبيع أو الشراء إلا أن المزارعين كانوا في هذه الفترة مشغولين بمقاومة دودة القطن التي استشرى خطرها فقل عدد المترددين على السوق، الأمر الذي أدى إلى هبوط إيراده إلى الحد الذي أصبح غير كاف لتغطية مرتبات الموظفين والعمال، ولقد كان الواجب على الجهة الإدارية أن تقدر هذا الظرف القاهر الذي ألم بالمدعي وتيسر عليه كما يسرت الدولة على المزارعين إلا أنها لم تفعل، بل أرسلت إليه خطاباً تهدده فيه بسحب الالتزام إذا لم يدفع القسط الحادي عشر وهو القسط الذي صاحبته هذه الظروف التي هي من قبيل القوة القاهرة والتي اعترفت الحكومة بها، ولقد طلب المدعي من مراقبة الشئون البلدية في طنطا أن يحتسب التأمين المدفوع منه وقدره 3090 جنيهاً و800 مليم من قيمة الأقساط المستحقة عليه حتى نهاية أجل الالتزام مع استعداده إلى سداد كل ما لم يف به هذا التأمين، إلا إن الجهة الإدارية رفضت هذا العرض وأصرت على سحب الالتزام ثم استطرد المدعي قائلاً أنه استناداً منه إلى نظرية القوة القاهرة فإنه يحق له طلب خصم التأمين المذكور من إيجار المدة الباقية من عقد الالتزام وانتهى المدعي إلى طلباته السالفة الذكر.
ومن حيث إن الجهة الإدارية دفعت الدعوى بقولها أنه رسا مزاد سوق طنطا الحكومي على المدعي بمبلغ 7727 جنيه سنوياً بجلسة 4/ 12/ 1958 لاستغلاله لمدة ثلاث سنوات وعقب أخطاره بقبول عطائه قام بسداد التأمين النهائي وقدره 3090 جنيهاً و800 مليم ويتم سداد المقابل على ثلاثة أقساط سنوية تدفع مقدماً قيمة كل قسط 1931 جنيهاً و750 مليماً وطبقاً للمادة 16 من عقد الالتزام يجب الوفاء بقيمة القسط خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ الاستحقاق وإلا تحتسب فوائد سنوية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق حتى تمام الوفاء وعلى الملتزم سداد قيمة القسط خلال أسبوع من تكليف الإدارة له بذلك بموجب كتاب موصى عليه وإلا جاز للجهة الإدارية سحب الالتزام ومصادرة التأمين النهائي، ولما حل ميعاد الوفاء بالقسط الثالث من السنة الثالثة في 26/ 8/ 1961 ومقداره 1931 جنيهاً و750 مليماً لم يقم المدعي بالوفاء به رغم الكتابة إليه في 17/ 8/ 1961 بسداد قيمة هذا القسط، الأمر الذي حدا بالإدارة إلى أن تبعث إليه بالخطاب رقم 15131 في 19/ 9/ 1961 تطالبه بسرعة السداد في بحر ثلاثة أيام من ذلك التاريخ وإلا اتخذت ضده الإجراءات المنصوص عليها في المادة 16 من عقد الالتزام إلا أنه لم يقم بالوفاء بل بادر إلى رفع الدعوى الراهنة، وبتاريخ 30/ 10/ 1961 وتنفيذاً لنص المادة 29 من شروط الالتزام وافق السيد وزير الإسكان والمرافق على سحب الالتزام ومصادرة التأمين وقد أبلغ المدعي بذلك في 25/ 11/ 1961 ثم استطردت الجهة الإدارية قائلة أن التأمين النهائي هو ضمان لدى الإدارة لتنفيذ كافة شروط الالتزام وأنه يتعين أن يبقى كاملاً لديها حتى ينتهي تنفيذ العقد وأنه لا يجوز للمدعي أن يطالب بخصم القسط الذي تأخر في دفعة من هذا التأمين، كما أنه بعد أن ثبت تقصير المدعي في القيام بالالتزام الذي فرضه عليه العقد فإنه من حق الجهة الإدارية أعمالاً لنص المادتين 16، 29 من شروط العقد أن توقع عليه الجزاء الإداري المنصوص عليه فيهما وهو سحب الالتزام ومصادرة التأمين استهدافاً لحسن سير المرافق العامة وأنه بناء على ذلك تم سحب الالتزام ومصادرة التأمين، أما القول بأن انشغال الفلاحين في مقاومة دودة القطن يعتبر من قبيل القوة القاهرة فهو قول لا سند له من القانون لأن القوة القاهرة التي تعفي من الالتزام هي تلك الأحداث العامة التي لا يمكن توقعها من أشد الناس يقظة ولا يمكن اعتبار انشغال الفلاحين بمقاومة دودة القطن من الأحداث التي لا يمكن توقعها.
وقد قدم المدعي مذكرة بجلسة 7/ 4/ 1963 عدل فيها عن الاستناد إلى نظرية القوة القاهرة وجعل الأساس القانوني لدفاعه الظروف الطارئة التي حلت بالبلاد سنة 1961 نتيجة لكارثة انتشار دودة القطن بشكل لم يسبق له مثيل وانتهى المدعي إلى أن نص المادة 147 في فقرتها الثانية من القانون المدني هي الواجبة التطبيق في هذا النزاع وانتهى إلى طلباته السالفة الذكر. وقد عقبت إدارة قضايا الحكومة على مذكرة المدعي بمذكرة قدمت لجلسة 9/ 11/ 1963 تناولت فيها شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة في مجال العقود الإدارية وخلصت إلى أن انتشار دودة القطن لا تعد ظرفاً طارئاً لأنها من الأمور المتوقعة وانتهت إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
ومن حيث إن المحكمة قضت بجلسة 16 من إبريل سنة 1967 برفض طلبات المدعي وألزمته المصروفات وأقامت قضاءها على أن المدعي دأب على التأخر في سداد الأقساط فلم يقم بسداد أي قسط إلا بعد تكرار المطالبات والإنذارات وأنه لم يسدد أي قسط في ميعاده المحدد في العقد وعندما حل القسط الحادي عشر لم يقم بسداد وبدلاً من ذلك أقام هذه الدعوى ثم استطردت المحكمة قائلة أنه لا صحة لما أثاره المدعي في دفاعه إذ أنه كان يتعين على المدعي بحسب شروط العقد أن يسدد الأقساط في مواعيدها وأن أي تقصير من جانبه في هذا الشأن يسوغ للإدارة اتخاذ الإجراءات التي كفلتها شروط العقد. أما عن طلب خصم قيمة الأقساط الباقية على المدعي من قيمة التأمين المدفوع منه فإنه طلب لا سند له من القانون لأن التأمين بحسب شروط العقد يجب أن يبقى حتى نهاية العقد وتسليم السوق ولا يرد للمتعاقد إلا إذا ثبت أنه ليست هناك مستحقات للجهة الإدارية تخصم من هذا التأمين هذا فضلاً عن أن القضاء الإداري قد استقر على أن الغرض من التأمين الذي يقدمه من يتعاقد مع الإدارة هو ضمان تنفيذ التزاماته طبقاً لشروط العقد وفي المواعيد المحددة بحيث إذا قصر في ذلك كان لجهة الإدارة مصادرة التأمين بغض النظر عن مدى الأضرار التي تكون قد لحقت بها من جراء تخلفه عن التنفيذ. أما عن القوة القاهرة التي يتخذها المدعي كسند لتبرير تخلفه عن سداد القسطين الأخيرين من السنة الأخيرة من سنى الالتزام فأنه سبب لا وجه للأخذ به في المنازعة المطروحة ذلك أنه يجب لقيام حالة القوة القاهرة توافر ثلاثة شروط أولها أن يكون ثمة أمر غير متوقع حتى من أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور وثانيهما ألا يمكن دفعه وثالثها أن يصبح الالتزام مستحيلاً لا بالنسبة للمدين فقط بل لأي شخص يوضع في مركزه ويبين من تطبيق هذه الشروط أن تفشى دودة القطن بزراعات المواطنين ليس بالأمر غير المتوقع حتى من أقل الناس فطنة بل أنها أصبحت من المسائل المألوفة لذلك فإن ما ذهب إليه المدعي من توافر شروط القوة القاهرة في هذه المنازعة لا سند له من الواقع أو القانون، أما عن طلب المدعي بإلزام الجهة الإدارية بتعويض قدره 800 جنيه فإنه لما كان المدعي قد أخل بشروط المادتين 14 و16 من شروط الالتزام، الأمر الذي يخول جهة الإدارة سحب العملية منه تطبيقاً لنص المادة 29 من الشروط ومصادرة التأمين، ومن ثم فلا وجه لما يطالب به المدعي من تعويض إذ ليس هناك ثمة خطأ تكون جهة الإدارة قد ارتكبته في اتخاذها تلك الإجراءات وبالتالي فلا محل للتعويض لأن أساس التعويض أن يكون هناك خطأ في إصدار القرارات الإدارية وأن يترتب على هذا الخطأ ضرر يصيب صاحب الشأن وأن تكون هناك علاقة سببية بين الخطأ والضرر، وطالما أنه تخلف ركن الخطأ فلا مسئولية على جهة الإدارة وينتفي حق المدعي في اقتضاء تعويض ما عن سحب الالتزام، ثم تطرقت المحكمة إلى دفاع المدعي الذي يستند فيه إلى نظرية الظروف الطارئة في طلب التعويض فقالت أنه من المبادئ المستقرة في القضاء الإداري أن الظرف الذي يفرض على الدائن التزاماً بدفع تعويض للمدين لكفالة تنفيذ العقد تنفيذاً صحيحاً متى كان من شأنه أن يثقل كاهل المدين بخسارة يمكن اعتبارها قلباً لاقتصاديات العقد وأنه يتعين لتحقق هذا الظرف توافر ثلاثة شروط وهي أن يكون الظرف أجنبياً أي مستقلاً عن إرادة المتعاقدين وأنه مما لا يمكن توقعه عادة كما يؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد أي أنه يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً كل ذلك بشرط أن يقوم المتعاقد بتنفيذ التزامه على النحو الصحيح: فإذا امتنع عن التنفيذ بحجة قيام هذا الظرف فلا وجه لمشاركة الدائن له في تحمل أعبائه الجديدة، فإذا كان الثابت أن المدعي قد تخلف عن تنفيذ شروط الالتزام وذلك بامتناعه عن سداد باقي الأقساط فلا مجال لأعمال أحكام نظرية الظروف الطارئة هذه كما أنه كما سبق القول لا يمكن اعتبار تفشي دودة القطن في أراضي الزراع من الأمور غير المتوقعة بل هي أمر مألوف تعد له الجهات المختصة عدتها قبل حلول موسمها من كل سنة وبالتالي فإن ركن وقوع حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها منتف في هذه الحالة وبذلك لا يمكن تطبيق هذه النظرية، أما ما يقول به المدعي من إساءة الجهة الإدارية لسلطتها فلا محل له لأن جميع الإجراءات التي اتخذتها في حدود القانون، وانتهت المحكمة إلى حكمها السالف الإشارة إليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ذلك أن الطاعن يستند في دعواه إلى نظرية الظروف الطارئة وليس إلى نظرية القوة القاهرة التي كان قد ذكرها خطأ في صحيفة دعواه كما أنه يستند على نظرية سوء استعمال الحق، فبالنسبة للنظرية الأولى فإن الكارثة التي حلت بالبلاد عام 1961 بسبب انتشار دودة القطن وانشغال جميع المزارعين في مقاومة هذه الآفة ترتب عليه امتناع المزارعين من ارتياد هذه الأسواق في أشهر المقاومة التي بدأت من شهر يونيه سنة 1961 واستمرت إلى أخر أغسطس سنة 1961 وهو الوقت الذي حل فيه سداد القسط الحادي عشر ولهذا عجز الطالب عن سداد هذا القسط وعلى هذا فإن ما حل بالطاعن يندرج تحت حكم المادة 147 مدني في فقرتها الثانية ولا نزاع في أن آفة دودة القطن التي حلت بالبلاد عام 1961 تعتبر من قبيل الحوادث الاستثنائية العامة وقد اعتبرتها الدولة فأجلت للمزارعين جميع الديون المطلوبة منهم لبنك التسليف أو للأموال الأميرية وقسطتها على ثلاث سنوات بلا فوائد كما أن هذه الكارثة لم يكن في استطاعة أحد أن يتوقع حدوثها وقد ترتب على ذلك أن أصبح الالتزام بالنسبة للطاعن مرهقاً، وخلص الطاعن إلى توافر شروط نظرية الظروف الطارئة بالنسبة لعقد الالتزام وأنه كان على الجهة الإدارية أن تشاركه في تحمل الخسارة التي ألمت به. وإلى جانب ذلك فقد فرض عليه بعض مفتشي الأسواق بمنطقة طنطا دفع إتاوة أسبوعية لهم في مقابل تغاضيهم عن تأخر الطاعن في سداد الأقساط في مواعيدها فلما امتنع عن دفعها لهم كادوا له وهذا ثابت من التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في هذا الخصوص. أما عن إساءة جهة الإدارة لاستعمال حقها فلا نزاع أن المطعون ضدها الأولى لا يمكنها أن تحتمي وراء الحقوق التي خولها لها عقد الالتزام والتي تعطي لها سحب الالتزام ومصادرة التأمين في حالة تأخر الطاعن عن سداد القسط المستحق عليه إذ أن ما وقع من الطاعن من تأخره في سداد القسط الحادي عشر لا يستأهل مثل هذا الجزاء القاسي المتمثل في سحب الالتزام، ومن ثم فإن قرار الجهة الإدارية بسحب الالتزام يتسم بعيب إساءة استعمال السلطة، ثم تناول الطاعن طبيعة التأمين النهائي المدفوع منه فقال أن حقيقة هذا التأمين أنه تعويض اتفاقي يخضع لحكم المادة 224 من القانون المدني فلا يكون هذا التعويض مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر كما يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا ثبت أن التقدير كان مبالغاً فيه أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه ولما كانت طبيعة التأمين الذي يدفع في مثل هذه الحالة هو أن يكون ضماناً لتنفيذ الملتزم ما تعهد بدفعه في مقابل استغلال السوق: كما أنه ضماناً لتسليم السوق كاملاً دون نقص، وقد تم استلام السوق فعلاً للجهة الإدارية كاملاً كما هو ثابت من محضر الاستلام المؤرخ في 26/ 11/ 1961 وبالتالي فإنه يحق للطاعن استرداد هذا التأمين بعد أن يخصم منه قيمة القسط الحادي عشر فيكون الباقي بعد ذلك هو مبلغ 1159 جنيهاً وهو ما يطالب الطاعن الحكم بإلزام المطعون ضدهم يدفعه له، أما عن التعويض فإن الفترة التي كانت باقية من عقد الالتزام بعد سحبه منه وهي ثلاثة أشهر تبدأ في 26/ 11/ 1961 وتنتهي في 25/ 2/ 1962 وقد قام مجلس مدينة طنطا بإدارة السوق في هذه الفترة وحقق ربحاً صافياً قدره 2900 جنيه وهذا الربح هو من حق الطاعن لأنه عن فترة تدخل في مدة عقد الالتزام المبرم بينه وبين الجهة الإدارية ويخصم القسط الثاني عشر والأخير وقدره 1931 جنيهاً و800 مليم من هذا المبلغ يكون الربح الصافي الذي ضاع على الطاعن هو مبلغ 968 جنيه و200 مليم وقد اكتفى الطاعن بالمطالبة بمبلغ 800 جنيه كتعويض عما فاته من ربح عن سحب الالتزام قبل نهاية مدته، وخلص الطاعن إلى المطالبة بالحكم له بطلباته التي سبق بيانها.
ومن حيث إنه بتاريخ 4/ 12/ 1958 أجريت مزايدة لتأجير سوق طنطا العمومي وقد رسا العطاء على المدعي بمبلغ 7727 جنيه سبعة آلاف وسبعمائة وسبعة وعشرون جنيهاً للسنة الواحدة، وفي أول يناير سنة 1959 أخطر برسو العطاء عليه فقام بتكملة التأمين النهائي البالغ قدره 3090 جنيه و800 مليم بتاريخ 14 من يناير سنة 1959 وقام بالتوقيع على العقد في 9 من فبراير سنة 1959 ونصت المادة الأولى من العقد على أن تمنح الوزارة الطرف الثاني (وهو المدعي) الذي قبل ذلك الالتزام حق استغلال سوق طنطا وفقاً للشروط المرافقة لهذا العقد، ونصت المادة الثانية منه على أن مدة هذا الالتزام تبتدئ من 26/ 2/ 1959 وتنتهي في 25/ 2/ 1962 ثم نصت المادة الثالثة على أن مقابل الاستغلال الذي التزم الطرف الثاني بأدائه هو مبلغ 7727 جنيه سنوياً على أن يؤدي في المواعيد وطبقاً للأحكام المنصوص عليها في الشروط المرافقة لهذا العقد ثم تناولت الشروط المشار إليها في هذه المواد القواعد التي تحكم العلاقة بين الطرفين المتعاقدين فقضت المادة 16 منها على أن يؤدي مقابل الاستغلال السنوي لحساب الإدارة العامة لشئون البلديات على أربعة أقساط متساوية كل ثلاثة شهور ويجب أداء الأقساط خلال الخمسة عشر يوماً التالية لاستحقاق كل منها على الأكثر ويستحق القسط الأول في تاريخ إبرام العقد وكل مبلغ يحصل تأخير في أدائه تحسب عليه حتماً فوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى تمام الأداء، ويجب على الملتزم أن يؤدي المقابل المتأخر عليه في خلال أسبوع من تكليف الإدارة له بذلك بموجب كتاب موصى عليه وإلا جاز لوزير الشئون البلدية أن يسحب الالتزام ويصادر التأمين بالكيفية المبينة في المادة 29 كما نص في المادة 29 على أن لوزير الشئون البلدية والقروية الحق في سحب الالتزام إذا أخل المرخص له بشرط من الشروط التي تتضمنها المواد 8، 11، 12، 14، 16، 17، 27 ويكون ذلك بكتاب موصى عليه يرسله وزير الشئون البلدية والقروية أو من ينوب عنه إلى الملتزم بغير حاجة لاتخاذ أية إجراءات قضائية من أي نوع كان ثم تناولت المادة 30 ما يترتب على سحب الالتزام فنصت على أنه في جميع الأحوال التي يسحب فيها الالتزام طبقاً لهذه الشروط ما عدا حالة الوفاة طبقاً لشروط المادة 27 يصادر التأمين النهائي بأكمله وتستولي الإدارة على السوق بالطريق الإداري وبدون اتخاذ أية إجراءات قضائية من أي نوع كان وذلك مع عدم الإخلال بحق الإدارة في مطالبة الملتزم بما قد يكون مستحقاً عليه مقابل الاستغلال أو الغرامات أو غيرها.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن المدعي قد أخل بشروط المادة 16 سالفة الذكر فلم يقم بسداد أي قسط في ميعاده المحدد في العقد رغم الإخطارات والإنذارات التي كانت توجهها إليه الإدارة في كل مرة فلما حل ميعاد سداد القسط الحادي عشر (الثالث من السنة الأخيرة) في 26/ 8/ 1961 لم يقم المدعي بسداده وقد أنذرته الإدارة في 19/ 9/ 1961 بسحب الالتزام إذا لم يقم بسداد هذا القسط: ولكنه لم يسدد شيئاً الأمر الذي حدا بالإدارة على سحب الالتزام ومصادرة التأمين النهائي إعمالاً لنصوص المواد 16، 29، 30 من شروط العقد وقد أخطر بذلك في 25/ 11/ 1961 وكان المدعي قد رفع الدعوى الراهنة في 8 من أكتوبر سنة 1961.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلبات المدعي وإلزامه المصروفات قد أصاب وجه الحق في قضائه للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إن نظرية الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجردة التي هي قوام القانون الإداري كما أن هدفها تحقيق المصلحة العامة فرائد الجهة الإدارية هو كفالة حسن سير المرافق العامة باستمرار وانتظام وحسن أداء الأعمال والخدمات المطلوبة وسرعة إنجازها كما أن هدف المتعاقد مع الإدارة هو المعاونة في سبيل المصلحة العامة وذلك بأن يؤدي التزامه بأمانه وكافية لقاء ربح مجز وأجر عادل وهذا يقتضي من الطرفين التساند والمشاركة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات وما يصادفه من عقبات. فمفاد نظرية الظروف الطارئة أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد الإداري ظروف أو أحداث لم تكن متوقعة عند إبرام العقد فقلبت اقتصادياته وإذا كان من شأن هذه الظروف أو الأحداث أنها لم تجعل تنفيذ العقد مستحيلاً بل أثقل عبئاً وأكثر كلفة مما قدره المتعاقدان التقدير المعقول وكانت الخسارة الناشئة عن ذلك تجاوز الخسارة المألوفة العادية التي يحتملها أي متعاقد إلى خسارة فادحة استثنائياً وغير عادية فإن من حق المتعاقد المضار أن يطلب من الطرف الأخر مشاركته في هذه الخسارة التي تحملها فيعوضه عنها تعويضاً جزئياً، وبذلك يضيف إلى التزامات المتعاقد معه التزاماً جديداً لم يكن محل اتفاق بينهما ومؤدى ذلك أن يفرض على الدائن التزام ينشأ من العقد الإداري: هذا الالتزام هو أن يدفع الدائن للمدين تعويضاً لكفالة تنفيذ العقد تنفيذاً صحيحاً متى كان من شأن الظروف أو الأحداث غير المتوقعة أن تثقل كاهل هذا المدين بخسارة يمكن اعتبارها قلباً لاقتصاديات العقد، على أن التعويض الذي يدفعه الدائن يكون تعويضاً جزئياً عن الخسارة المحققة التي لحقت المدين، ولما كان التعويض الذي يدفع طبقاً لهذه النظرية لا يشمل الخسارة كلها ولا يغطي إلا جزءاً من الأضرار التي تصيب المتعاقد فإن المتعاقد فإن المدين ليس له أن يطالب بالتعويض بدعوى أن أرباحه قد نقصت أو لفوات كسب ضاع عليه كما أنه يجب أن تكون الخسارة واضحة متميزة، ومن ثم يجب لتقدير انقلاب اقتصاديات العقد واعتبارها قائمة أن يدخل في الحساب جميع عناصر العقد التي تؤثر في اقتصادياته واعتبار العقد في ذلك وحده ويفحص في مجموعة لا أن ينظر إلى أحد عناصره فقط بل يكون ذلك بمراعاة جميع العناصر التي يتألف منها، إذ قد يكون بعض هذه العناصر مجزياً ومعوضاً عن العناصر الأخرى التي أدت إلى الخسارة، ومن ثم فإن انقلاب اقتصاديات العقد مسألة لا تظهر ولا يمكن التحقق من وجودها إلا بعد إنجاز جميع الأعمال المتعلقة بالعقد.
ومن حيث إنه إذا كان الثابت أن مدة العقد ثلاث سنوات بإيجاز قدره 7727 جنيهاً سنوياً تدفع على أربعة أقساط كل قسط عن فترة ثلاثة أشهر من السنة، وبذلك تكون جميع الأقساط الواجب دفعها عن مدة العقد اثني عشر قسطاً، فإذا كان الأمر كذلك فإنه حتى على فرض أن انتشار دودة القطن في صيف سنة 1961 كانت من الفداحة بحيث يمكن اعتبارها من قبيل الحوادث الاستثنائية العامة غير المتوقعة فإن ضرر هذه الآفة لم يتجاوز أثره بالنسبة للطاعن ثلاثة أشهر كما قال في صحيفة طعنه وهي يونيه ويوليه وأغسطس سنة 1961 والتي استحق عنها قسط واحد هو القسط الحادي عشر وإصابة الطاعن بخسارة في هذه الأشهر الثلاث على فرض صحته ليس من شأنه قلب اقتصاديات العقد لأن هذه الخسارة لم تلحق الطاعن إلا بالنسبة لفترة يستحق عنها قسط واحد من الاثني عشر قسطاً التي تمثل جميع عناصر العقد ولم يقدم الطاعن دليلاً على أنه أصيب بخسارة أخرى غير التي زعم أنها لحقته بل إن الطاعن نفسه يقرر في صحيفة طعنه وفي المذكرات المقدمة منه أمام هذه المحكمة أن مجلس مدينة طنطا عندما أدار السوق في الفترة التي كانت متبقية من عقد الالتزام من 26/ 11/ 1961 إلى 25/ 2/ 1962 وهي لمدة ثلاثة أشهر وكان يستحق عليها القسط الأخير وهو القسط الثاني عشر حقق المجلس المذكور إيراداً قدره 2900 جنيه وأن قيمة القسط الذي يستحق عنها هو مبلغ 1931 جنيهاً و800 مليم فيكون صافي الربح 968 جنيهاً و200 مليم, وفي ذلك اعتراف من الطاعن أن هناك في كل سنة من سنى الالتزام فترات مربحة تدر إيراداً صافياً قدره الطاعن نفسه بحوالي ألف جنيه كل ثلاث أشهر، ومن ثم فإنه ليس من دليل في الأوراق على أن الطاعن قد أصيب بخسارة فادحة من شأنها قلب اقتصاديات العقد بالنسبة لمدة التعاقد كاملة وتبعاً لذلك فلا وجه لإعمال نظرية الظروف الطارئة في هذه المنازعة لعدم تحقق شروطها.
ومن حيث إن الجهة الإدارية عندما قامت بسحب الالتزام من المدعي ومصادرة التأمين النهائي بالتطبيق لأحكام المادتين 29، 30 من شروط الالتزام إنما كان ذلك بسبب إخلال المدعي بشروط التعاقد المنصوص عليها في المادة 16 منه كما سبق القول فمصادرة التأمين في هذه الحالة إنما هو جزاء من قبيل الجزاءات التي تملك جهة الإدارة توقيعها على المتعاقد معها عند إخلاله بالتزاماته، ولما كانت هذه الجزاءات لا تستهدف في الواقع من الأمر تقويم اعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى تأمين سير المرافق العامة فإن هذا الجزاء المالي - وهو عبارة عن تعويض جزئي مقدر سلفاً باتفاق الطرفين توقعه جهة الإدارة بنفسها دون انتظار لحكم القضاء وبغير حاجة إلى إلزامها بإثبات أن ضرراً ما قد لحقها من جراء إخلال المتعاقد معها بالتزاماته وبهذا يتميز التعويض المذكور عن التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في القانون المدني، وبالتالي فالقول بأن هذا التعويض لا يكون مستحقاً إذا ثبت أن جهة الإدارة لم يلحقها أي ضرر هو قول بعيد عن الصواب في مجال تطبيق القانون الإداري.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد قام على أساس سليم من القانون ويكون الطعن على غير أساس، ويتعين لذلك القضاء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً: وإلزام الطاعن المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 560 لسنة 13 ق جلسة 17 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 81 ص 567

جلسة 17 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

------------------------

(81)

القضية رقم 560 لسنة 13 القضائية

(أ) عقد إداري "تنفيذه".
انصراف نية المتعاقدين إلى أن يتم توريد الصنف المتفق عليه على أساس سعر صرفه بمقتضى بطاقات التموين وحصول المتعهد على البطاقة المخصصة لهذا الغرض - إلغاء العمل بهذه البطاقة - أحقية المتعهد في الحصول على الفرق بين السعر المحدد لبطاقات التموين والسعر الحر - لا يحول دون ذلك أن يكون إلغاء العمل بالبطاقة التموينية قد تم قبل التعاقد بقرار من لجنة التموين العليا لم ينشر ولم يعلم به المتعاقدان قبل إبرام العقد.
(ب) عقد إداري "تنفيذه".
عدم اتفاق المتعاقدين على السعر قبل التوريد - تحديد السعر المناسب بمعرفة المحكمة.

-------------------------
الثابت من ظروف التعاقد أن نية الطرفين قد انصرفت إلى أن يتم توريد كميات الزيت المطلوبة مدة العقد على أساس سعر صرفه بمقتضى بطاقات التموين كما كان الشأن في عقود التوريد السابقة، وعلى هذا الأساس قامت الجامعة فور التعاقد بتسليم المدعي بطاقة التموين الخاصة بها، وقد استخدم المدعي هذه البطاقة في شراء كميات الزيت اللازمة لشهري أكتوبر ونوفمبر من سنة 1962، ولا حجة في القول بأن المدعي كان في ميسوره العلم بأن لجنة التموين العليا قد ألغت في 17 من يونيه سنة 1962 أي قبل حصول التعاقد المذكور العمل بهذه البطاقة ومثيلاتها الخاصة بالمدارس ذلك أن هذا الإلغاء على ما هو مستفاد من الأوراق لم يصدر بأداة تشريعية عامة يفترض معها علم الكافة بها إذ الثابت من كتاب مدير عام التخطيط والتموين بوزارة التموين والتجارة الداخلية ملف رقم 32/ 3/ 18 المؤرخ في 19 من نوفمبر سنة 1970 أن قرارات لجنة التموين العليا لا يتم نشرها بالجريدة الرسمية ولا تكتسب بقراراتها الصفة التشريعية إنما يتم تنفيذها من الجهات الإدارية ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطرفين المتعاقدين لم يعلما بقرار لجنة التموين العليا سالف الذكر عند إبرام التعاقد ومن ثم فقد كان ملحوظاً عند التعاقد أن يكون توريد الزيت بالسعر المحدد لبطاقات التموين دون السعر الحر، ويكون المدعي والحال كذلك محقاً فيما طالب بمن الفروق في سعر الزيت اللازم لتنفيذ هذا العقد ومحقاً فيما طالب به الإدارة من وجوب محاسبته عن فروق سعر الزيت نتيجة شرائه من السوق الحرة.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1084 لسنة 18 القضائية ضد جامعة عين شمس ووزارة التعليم العالي أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة في 28 من يونيه سنة 1964 طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 558 جنيهاً و412 مليماً - (خمسمائة وثمانية وخمسين جنيهاً وأربعمائة واثني عشر مليماً) وإلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه رست عليه عملية توريد الأغذية اللازمة لمسكن الطالبات وكلية البنات بمصر الجديدة التابعة لجامعة عين شمس وذلك عن العام الدراسي 62/ 1963. وأنه بمجرد التوقيع على العقد قامت الجامعة المذكورة بتسليمه بطاقة تموينية خاصة بصرف كمية الزيت اللازمة لغذاء الطالبات كما هي العادة في كل عملية توريد، وقد تمكن بمقتضى هذه البطاقة من استلام كمية الزيت المدونة بها عن شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1962 ولم يتمكن من استلام حصة الزيت المقررة لشهر ديسمبر سنة 1962 وذلك لقيام الجامعة بإلغاء العمل بهذه البطاقة، الأمر الذي اضطر معه إلى شراء كميات الزيت اللازمة عن باقي مدة تنفيذ العقد - من السوق الحر بسعر يزيد 80 مليماً للكيلو الواحد، ولما كانت كميات الزيت اللازم توريدها في المدة من ديسمبر سنة 1962 حتى نهاية مدة العقد تبلغ 2065.8050 كيلو جرام وبفرق سعر قدره 80 مليماً للكيلو الواحد فتكون جملة فروق السعر المستحقة له هي مبلغ 165جنيهاً و268 مليماً وقد امتنعت الجامعة عن سداده له رغم المطالبة به. كما أنه بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1962 أخطرته تلك الجامعة بتوريد لبن مبستر معبأ بزجاجات سعة الواحدة 200 جرام، وذلك رغم أن هذا الصنف لم يكن مدرجاً في كشف الوحدة أساس عقد التوريد، وبعد أن قام بتوريد اللبن المطلوب على أساس أن ثمن زجاجة اللبن هو مبلغ 18 مليماً رفضت الجامعة المحاسبة على أساس هذا السعر وتمسكت بأن يكون 15 مليماً مع أن السعر للمستهلك في السوق يبلغ 20 مليماً، ثم رفضت الجامعة أيضاً احتساب ثمن الزجاجات الشاغرة التي كسرت بمعرفة الطلبة أثناء استعمالهم لها ومقداره 10 جنيه و650 مليماً، كما وقعت عليه الجامعة غرامة تأخير عن توريد هذا الصنف وقدرته بمبلغ 3 جنيه ثلاث جنيهات. ثم خصمت الجامعة أخيراً من مستحقاته أيضاً مبلغ 328 جنيهاً و290 مليماً من قيمة ثمن الأغذية التي وردها لها في الأشهر مايو ويونيه ويوليه من سنة 1963 استناداً إلى أن الجامعة قد استغنت طوال هذه الفترة عن توريد الزيتون الأسود وتم توريد زبده لها بدلاً منه، وانتهى المدعي إلى أنه يطلب لذلك الحكم له بمجموع المبالغ السالف بيانها وقدره 558 جنيهاً و412 مليماً مع إلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب.
وقد ردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بمذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم أولاً - بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني. ثانياً - برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. "وقالت جامعة عين شمس رداً على ما أبداه المدعي من دفاع أنه بالنسبة لتوريد الزيت فإن إلغاء بطاقة التموين لم يأت من جانب الجامعة وإنما جاء نتيجة قرار مجلس التموين الأعلى بجلسته المنعقدة في 27 من يونيه والذي يقضي بإلغاء مقررات الزيت التي تصرف للمدارس والهيئات التي تتقاضى رسوماً من طلابها، ولما كان هذا القرار ينطبق على المدن الجامعية فقد ألغيت مقرراتها من الزيت وأخطرتها بذلك مراقبة تموين القاهرة بخطابها رقم 661 في 6 من ديسمبر سنة 1962، وقد سبق أن أشار السيد أمين عام الجامعة المساعد بعدم أحقية المدعي في المطالبة بفروق أسعار الزيت نظراً لأن قرار مجلس التموين الأعلى قد صدر قبل إتمام التعاقد مع المدعي في شأن التوريد. وأمام بالنسبة لموضوع اللبن المبستر فإن الجامعة رغبة منها في تحقيق ما ارتأته الإدارة الطبية من تقديم اللبن للطلاب داخل عبوات مقفلة حتى لا يتعرض للتلوث فقد طلبت من المدعي توريد اللبن المبستر بداخل زجاجات مقفلة سعة كل منها 200 جرام بدلاً من توريده الشاي واللبن الحليب العادي، وذلك بعد أن اتصلت الجامعة بشركة مصر للألبان وعلمت منها بأنه من الممكن توريد عبوة اللبن المطلوبة بسعر 15 مليماً للزجاجة المعبأة بالسعة المشار إليها ولما تقدم المدعي ببيان عن حساب التغذية في شهر نوفمبر سنة 1962 تبين أن الفاتورة الخاصة باللبن المبستر احتسبت على أساس 18 مليماً للزجاجة وعندما واجهته الجامعة بأن سعرها هو 15 مليماً كما أفادت بذلك شركة مصر للألبان أبدى عدم استعداده للتوريد على أساس السعر الأخير، فاضطرت الجامعة إلى الاتفاق بتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1962 مع توكيل شركة مصر للألبان بناحية مصر الجديدة والمطرية على توريد اللبن وذلك بعد قبول هذا التوكيل التوريد على أساس 15 مليماً لزجاجة اللبن المعبأة ذات السعة المشار إليها، وأنه لذلك أخطرت الجامعة المدعي بوقف توريد اللبن إليها، وأضافت الجامعة أنه لما كانت أسعار نصف الجملة تتخذ أساساً لمحاسبة المدعي عن الأصناف التي لم ترد بكشف أسعار الوحدة والتي لم ينص عليها التعاقد، فقد حاسبت المدعي عن كمية الألبان التي قام بتوريدها فعلاً على أساس 15 مليماً استناداً إلى أن هذا السعر يمثل سعر نصف الجملة، وذلك لقبول توكيل شركة مصر للألبان بناحية مصر الجديدة والمطرية المعتبر من تجار نصف الجملة التوريد على أساسه. وردت الجهة الإدارية على ما قرره المدعي بشأن كسر بعض الزجاجات نتيجة استعمال الطلبة ومطالبته بثمنها، بأن هذا الادعاء يدحضه ما جرى عليه العمل من تسليم مندوب المدعي الزجاجات الشاغرة أولاً بأول ولو كان بعض ما سلم له في حالة كسر لرفض استلامها وهو أمر لا دليل في الأوراق على حصوله. وقالت الجهة الإدارية عن غرامات التأخير الموقعة على المدعي بسبب عدم توريده الألبان قبل إخطاره بوقف توريدها، أنه تأخر في توريد اللبن المبستر في يومي 15 و20 من نوفمبر سنة 1962 ولما كان من حق الإدارة توقيع غرامة التأخير عليه فإن المدعي يكون غير محق في طلب رد مبلغ الغرامة إليه. وأما بالنسبة لما يطالب به المدعي من رد فروق سعر الزيتون الذي احتسبته الإدارة - عند خصم أسعاره لتوريده أصناف أخرى بدلاً منه كطلب الإدارة - بمبلغ 304 مليماً للكيلو الواحد بدلاً من 150مليماً، فإن شروط التعاقد تنص على أن يكون الزيتون الأسود من النوع المستورد اليوناني: وقد تبين عند المحاسبة عن قيمة الوفورات الناشئة عن استبدال الزيتون الأسود أن كشف الوحدة الخاص بأسعار ألأصناف الغذائية لم يرد به سعر الزيتون الأسود وجاء به فقط الزيتون المخلل ذات الحجم الكبير دون تحديد لنوعه مع تحديد سعره بمبلغ 150 مليماً للكيلو وقد أفادت الجمعية الاستهلاكية لتجار نصف الجملة أن متوسط سعر أنواع الزيتون الأسود المستورد هو مبلغ 304 مليماً للكيلو الواحد، وقد اتخذت الإدارة هذا السعر لمحاسبة المدعي على أساسه وبالتالي فلا سند لما يطالب به المدعي من إجراء المحاسبة على أساس 150 مليماً للكيلو.
وبجلسة 29 من يناير سنة 1967 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزارة التعليم العالي، وحكمت برفض طلبات المدعي وألزمته المصروفات. وأقامت قضاءها على ما خلاصته أنه ليس من حق المدعي المطالبة بفروق سعر الزيت ما دامت تعليمات التموين تقضي بإلغاء مقررات الزيت التي تصرف للمدارس والهيئات التي تتقاضى رسوماً من طلابها وهي تعليمات ليست بخافية على مثل المدعي الذي يعمل في ميدان توريد الأغذية، كما أنه ليس هناك من دليل على أن المدعي كان يضع في اعتباره عند التعاقد الارتكان إلى تلك البطاقة التموينية الخاصة بالجامعة والتي أوردها بدفاعه: كما أنه ليس من حقه المطالبة بفروق سعر الألبان التي وردها وذلك لأن مبلغ 15 مليماً للزجاجة الذي تمت المحاسبة على أساسه أنما يمثل السعر الذي يتعامل به تجار نصف الجملة، وقد علم المدعي أن الإدارة اتصلت بشركة مصر للألبان للاستفسار عن السعر فأفادت بأنه 15 مليماً للزجاجة، وارتأت المحكمة أنه لا سند لما يطالب به المدعي من احتساب ثمن زجاجات اللبن التي كسرت أثناء استعمالها بمعرفة الطلبة وذلك لعدم تقدميه الدليل على صحة حصول هذا التلف المدعي به، كما ارتأت عدم إجابة المدعي إلى طلب رد ما خصمته منه الإدارة مقابل غرامة التأخير الموقعة عليه لعدم توريده الألبان المبسترة في يومي 15 و20 من نوفمبر سنة 1962: وذلك استناداً إلى أنه من حق الإدارة توقيع هذه الغرامة لإخلال المدعي بالتزاماته العقدية. ثم ذهبت المحكمة بالنسبة لما يطالب به المدعي من رد فروق سعر الزيتون الذي احتسبته الإدارة بمبلغ 304 مليماً للكيلو الواحد بدلاً من مبلغ 150 مليماً إلى أنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن شروط التعاقد تنص على أن يكون توريد الزيتون الأسود من النوع المستورد اليوناني ولم يرد في كشف الوحدة الخاص بالوزارة عن أسعار الأصناف الغذائية سعر هذا النوع من الزيتون وجاء به فقط سعر الزيتون الأسود المخلل ذات الحجم الكبير دون تحديد لنوعه، ولما كانت الإدارة قد ارتأت عند المحاسبة عن قيمة الوفورات الناشئة عن استبدال الزيتون الأسود محاسبة المدعي على أساس متوسط سعر الأنواع المستوردة لهذا النوع من الزيتون وهو مبلغ 304 مليماً طبقاً لما أفادت به الجمعية الاستهلاكية العامة فإن الإدارة تكون قد حاسبته على أساس سليم لا مطعن عليه وبالتالي يكون المدعي غير محق في طلب رد الفروق التي يطالب بها في هذا الشأن.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية:
أولاً - إن الطاعن عندما قبل توريد الزيت بالسعر المبين في كشف الوحدة كان قد أدخل في اعتباره أن السعر الذي سيدفعه لشراء كميات الزيت المطلوبة سيكون على أساس بطاقة التموين المسلمة إليه من الجامعة، فإذا ما تبين بعد توريده كميات شهرين أن وزارة التموين قد ألغت هذه البطاقة مما أدى به إلى شراء كميات الزيت المطلوبة عن باقي المدة اللاحقة من السوق الحرة بسعر يزيد بمبلغ 80 مليماً للكيلو الواحد فإنه يكون من حقه الحصول من الإدارة على فروق الأسعار التي تحملها.
ثانياً - ركن الحكم المطعون فيه بالنسبة لرفضه ما طلبه الطاعن من أحقيته في فروق أسعار اللبن المبستر عن الكميات التي وردها إلى أن الطاعن كان يعلم بالسعر الذي حددته الشركة وهو 15 مليماً للزجاجة، وهذا العلم الذي نسبه إليه الحكم لا سند له في أوراق الدعوى. وحقيقة الحال هي أن الإدارة طلبت منه توريد اللبن المبستر دون تحديد السعر وبعد أن استمر في التوريد فترة طويلة رفضت الإدارة المحاسبة على أساس 18 مليماً للزجاجة وتمسكت بأن تكون على أساس 15 مليماً فقط لزجاجة اللبن المبستر.
ثالثاً - أن الإدارة عندما استغنت عن الزيتون الأسود حاسبت الطاعن على أساس 304 مليماً للكيلو استناداً إلى أن كراسة الشروط قد نصت على مواصفات الزيتون المستورد اليوناني أو الأسباني: ولكن لما كان كشف الوحدة المعتمد من وزارة التربية عن عام 62/ 1963 المبين به ثمن وحدة كل صنف من أصناف التغذية في هذه السنة لم يرد به ذكر إلا عن زيتون أسود مخلل حجم كبير بثمن قدره 150 مليماً للكيلو، ومن ثم فإن هذا الكشف يعتبر مكملاً لعقد التوريد وتكون إرادة المتعاقدين قد انصرفت إلى هذا النوع المحلي من الزيتون وليس إلى النوع المستورد.
وانتهى الطاعن في الطعن بعد سرد أوجه الطعن المشار إليها إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 558 جنيهاً و412 مليماً مع المصاريف والأتعاب.
ومن حيث إن الإدارة ردت على الطعن بمذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات والأتعاب، واستندت في ذلك إلى ذات الأسباب السابق إبداءها أمام محكمة القضاء الإداري. ثم قدمت إدارة قضايا الحكومة بجلسة المرافعة في 8 من إبريل سنة 1972 حافظة مستندات جديدة تضمنت مذكرة من مفتش مطاعم الجامعة ثابت فيها أن كميات الزيت الموردة خلال الأشهر الأربعة وهي ديسمبر سنة 1962 ويناير وفبراير ومارس من سنة 1963 قد بلغ مجموع وزنها 857.600 كيلو جرام وذلك على الأساس الموضح بهذه المذكرة، كما تضمنت الحافظة المذكورة مذكرة أخرى مقدمة من مفتش التغذية بالجامعة ثابت بها أن كميات اللبن المبستر الموردة من الطاعن خلال مدة العقد قد بلغ مجموع وزنها 3040 كيلو جراماً ثمنها 228 جنيه وذلك على أساس 75 مليماً للكيلو الواحد (15 مليماً عن 200جرام) كما تذهب الإدارة: وثمنها 273 جنيهاً و600 مليماً وذلك على أساس 90 مليماً للكيلو الواحد (18 مليماً عن 200 جرام)، أي أن الفرق بين الثمن المختلف عليه في الحالتين المذكورتين يعادل مبلغ 45 جنيهاً و600 مليماً.
ومن حيث إنه بالنسبة لفروق السعر التي يطالب بها المدعي عن كميات الزيت التي قام بتوريدها بداية من شهر ديسمبر سنة 1962، فإن الثابت من ظروف التعاقد أن نية الطرفين قد انصرفت إلى أن يتم توريد كميات الزيت المطلوبة مدة العقد على أساس سعر صرفه بمقتضى بطاقات التموين كما كان الشأن في عقود التوريد السابقة، وعلى هذا الأساس قامت الجامعة فور التعاقد بتسليم المدعي بطاقة التموين الخاصة بها: وقد استخدم المدعي هذه البطاقة في شراء كميات الزيت اللازمة لشهري أكتوبر ونوفمبر من سنة 1962، ولا حجة في القول بأن المدعي كان في ميسورة العلم بأن لجنة التموين العليا قد ألغت في 27 من يونيه سنة 1962 أي قبل حصول التعاقد المذكور العمل بهذه البطاقة ومثيلاتها الخاصة بالمدارس ذلك أن هذا الإلغاء على ما هو مستفاد من الأوراق لم يصد بأداة تشريعية عامة يفترض معها علم الكافة بها إذ الثابت من كتاب مدير عام التخطيط والتموين بوزارة التموين والتجارة الداخلية ملف رقم 32/ 3/ 18 المؤرخ في 19 من نوفمبر سنة 1970 أن قرارات لجنة التموين العليا لا يتم نشرها بالجريدة الرسمية ولا تكتسب قراراتها الصفة التشريعية إنما يتم تنفيذها من الجهات الإدارية، ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطرفين المتعاقدين لم يعلما بقرار لجنة التموين العليا سالف الذكر عند إبرام التعاقد ومن ثم فقد كان ملحوظاً عند التعاقد أن يكون توريد الزيت بالسعر المحدد لبطاقات التموين دون السعر الحر، ويكون المدعي والحال كذلك محقاً فيما طالب به من الفروق في سعر الزيت اللازم لتنفيذ هذا العقد ومحقاً فيما طالب به الإدارة من وجوب محاسبته عن فروق سعر الزيت نتيجة شرائه من السوق الحرة بسعر يزيد بمقدار 80 مليماً للكيلو الواحد وذلك عن الكميات التي وردها للإدارة بداية من شهر ديسمبر سنة 1962. وإذ كانت الجهة الإدارية لم تنازع في مقدار فرق السعر للكيلو من أنه 80 مليماً كما لم يدحض المدعي البيان المقدم من الإدارة عن كميات الزيت التي وردها بعد إلغاء العمل بالبطاقة عن الأشهر ديسمبر سنة 1962 ويناير وفبراير ومارس سنة 1963 وهي 857.600 كيلو جرام. ومن ثم يتعين لذلك الحكم للمدعي بالفروق المستحقة له عن هذه الكمية ومقدارها 68 جنيهاً و608 مليمات.
ومن حيث إنه بالنسبة لتوريد اللبن، فلما كان الثابت أن المدينة الجامعة طلبت من المدعي في 3 من نوفمبر سنة 1962 أن يورد لها زجاجات من اللبن المبستر سعة 200 جرام دون أن تتفق معه على سعر توريدها. وقد قام المدعي بتوريد الكمية المطلوبة عن شهر نوفمبر سنة 1962 وطالب في فاتورته عن هذا الشهر بالثمن على أساس 18 مليماً للزجاجة فاتصلت المدينة الجامعية بشركة مصر للألبان وعلمت منها بأنه من الممكن التوريد إليها عن طريق توكيلها بمصر الجديدة والمطرية بسعر 15 مليماً للزجاجة، ولما أصر المدعي على طلبه تعاقدت المدينة الجامعية مع التوكيل المشار إليه اعتباراً من 9 ديسمبر سنة 1962، ومثار المنازعة يدور حول تحديد قيمة ما ورده المدعي من اللبن خلال الفترة المشار إليها فبينما تتمسك الإدارة بأن تكون المحاسبة على أساس سعر نصف الجملة وهو 75 مليماً للكيلو جرام من الألبان التي وردها وقدرها 3040 كيلو جرام يرى المدعي أن تكون المحاسبة على أساس 90 مليماً للكيلو، وإذ لم يتفق الطرفان قبل التوريد على السعر الواجب المحاسبة بمقتضاه ولم تنطو الأوراق على ما يفيد قبول المدعي صراحة أو ضمناً توريد اللبن المبستر بسعر نصف الجملة، ومن ثم فلا وجه لما ذهبت إليه الإدارة وسايرها فيه الحكم المطعون فيه من وجوب الأخذ بسعر نصف الجملة في هذه الحالة. وترى المحكمة أن تكون المحاسبة بسعر 82.5 مليماً للكيلو على أساس أن الفرق بين هذا السعر وبين سعر نصف الجملة يعادل 7.5 مليمات لكل كيلو وهو ما يوازي 10% من سعر نصف الجملة يمثل الربح المناسب الذي تقدره المحكمة للمدعي باعتبار أنه قد اشترى اللبن بسعر نصف الجملة]. ومن ثم يكون المبلغ المستحق للمدعي نتيجة ذلك هو 22 جنيهاً و800 مليم. وبإضافة هذا المبلغ إلى المبلغ الذي يستحقه عن فروق سعر الزيت وهو 68 جنيهاً و608 مليماً السالف البيان يكون مجموع المستحق للمدعي عن المبلغين هو 91 جنيهاً و408 مليمات وهو ما يتعين الحكم به له. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً في هذا الشأن دون سند من الواقع أو القانون، فإنه يتعين الحكم بإلغائه بالنسبة لما قضى به في هذا الشق من النزاع.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلبات المدعي الأخرى، فهي واجبة الرفض على ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتقرها.
ومن حيث إن الطاعن قد أخفق في بعض طلباته على الوجه السالف البيان، فإن المحكمة ترى إلزامه نصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام جامعة عين شمس بأن تدفع للمدعي مبلغ 91 جنيهاً و408 مليمات (واحد وتسعين جنيهاً وأربعمائة وثمانية مليمات) ورفض الدعوى فيما عدا ذلك وألزمت كلاً من الطرفين نصف المصروفات.

الطعن 311 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 126 ص 829

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------------

(126)
الطعن رقم 311 لسنة 25 القضائية

استئناف "إجراءات رفع الاستئناف". شيك.
وجوب رفع الاستئناف عن الأحكام الصادرة في دعاوى السندات الإذنية والكمبيالات بتكليف بالحضور. م 118 مرافعات.
اختلاف طريقة رفع الاستئناف بين التكليف بالحضور والعريضة بالنسبة لدعاوى الشيكات بحسب ما إذا كان هذا الوصف ثابت أو غير ثابت لها. علة ذلك؟ أن الشيك الذي يفقد صفته كشيك قد يصدق عليه في حالات معينة وصف السند الإذني أو الكمبيالة.

------------------------
لما كانت الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات - بعد تعديلها بالقانون رقم 254 لسنة 1953 - تنص على أن الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 يرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور، وكانت المادة 118 من قانون المرافعات قد عينت هذه الدعاوى ومن ضمنها "دعاوى السندات الإذنية والكمبيالات" فإن مؤدى ذلك أنه كلما تحقق في المحرر الذي تأسست عليه المطالبة وصف السند الإذني أو الكمبيالة تعين رفع الاستئناف بتكليف بالحضور اعتباراً بتحقق هذا الوصف فيه. ولما كان مقرراً قانوناً أن الشيك "الذي يفقد صفته كشيك" قد يصدق عليه في حالات معينة وصف السند الإذني أو الكمبيالة فإن طريقة رفع الاستئناف تختلف بين التكليف بالحضور والعريضة بحسب ما إذا كان هذا الوصف ثابتاً لهذا المحرر الذي تأسست عليه المطالبة أو غير ثابت له - وهو أمر منوط بالمحكمة الاستئنافية يتعين عليها تبينه عند الفصل في شكل الاستئناف المرفوع إليها عن هذه المطالبة. فإذا كانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها عن هذا النظر بما أسست عليه قضاءها من إطلاق القول بأن الاستئناف يرفع بعريضة في جميع الأحوال التي يكون فيها موضوع الدعوى المستأنف حكمها مطالبة بقيمة شيك، فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن تقدم إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب ذكر فيه أنه يداين المطعون عليه الأول في مبلغ 500 جنيه بموجب شيك مؤرخ أول فبراير سنة 1952 موقع عليه منه ومسحوب على بنك زلخا (المطعون عليه الثالث) وأن المطعون عليها الثانية ضامنة للمطعون عليه الأول بمقتضى إقرار صادر منها ومحرر في 5 إبريل سنة 1949، وإزاء أنه لم يستطع صرف قيمة الشيك لعدم وجود رصيد للساحب بالبنك المذكور - فقد تقدم بالطلب المذكور لاستصدار أمر بالحجز التحفظي على ما للمطعون عليهما الأول والثانية لدى باقي المطعون عليهم وتحديد جلسة - ليسمع المطعون عليهم الحكم بإلزام الأولين في مواجهة الباقين بأن يدفعا له مبلغ 500 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وتثبيت الحجز التحفظي إلخ - وقد صدر الأمر بالحجز التحفظي وتحديد جلسة للمرافعة في 7 من يونيه سنة 1953، وبتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1954 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى وألزمت الطاعن بالمصروفات وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة للمطعون عليهما الأول والثانية - فاستأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 89 لسنة 11 ق تجاري - ودفع المطعون عليهما الأول والثانية ببطلان هذا الاستئناف لرفعه بورقة تكليف بالحضور في حين أنه كان ينبغي رفعه بطريق العريضة، وأسسا دفعهما على أن دعوى المستأنف (الطاعن) إذ تهدف إلى المطالبة بقيمة شيك فهي ليست من الدعاوى المستثناة بالمادة 118 مرافعات التي يرفع الاستئناف عنها بطريق الإعلان بورقة تكليف بالحضور، وبتاريخ 10 من مايو سنة 1955 حكمت محكمة الاستئناف بقبول هذا الدفع وببطلان الاستئناف وألزمت المستأنف (الطاعن) بالمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات أتعاب للمحاماة للمستأنف عليهما (المطعون عليهما الأول والثانية) - وبتاريخ 25 من يونيه سنة 1955 قرر الطاعن بالنقض في هذا الحكم. وبعد استيفاء الإجراءات أبدت النيابة العامة رأيها برفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7 من أكتوبر سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة (3 من ديسمبر سنة 1959) وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون إذ لم يعمل - الحكم - في خصوص الاستئناف المرفوع منه عن الحكم الصادر في دعوى المطالبة بقيمة الشيك أحكام الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات - قولاً منه بأن الشارع قد حصر الدعاوى التي يرفع الاستئناف فيها بتكليف بالحضور - فيما عددته المادة 118 من قانون المرافعات وليس من بينها دعاوى المطالبة بقيمة الشيك - وهو لا يعتبر سنداً إذنياً ولا كمبيالة - مع أن الشيك إذا فقد صفته كأداة وفاء يصبح أداة ائتمان فيكون سنداً إذنياً أو كمبيالة على حسب الأحوال - فلم يكن للشارع أن يذكر الشيك في ضمن تلك الدعاوى، ذلك لأن وصف الشيك لا يلتصق به إلا إذا كان أداة وفاء فحسب - فإذا لم تسدد قيمته زال عنه هذا الوصف - ودخل في مدلول السند أو الكمبيالة وإذ ذاك تكون الطريقة المثلى في رفع الاستئناف في هذا الخصوص - هي ما اتبعه الطاعن - إذ رفعه بتكليف بالحضور - ولم يرفعه بعريضة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان الاستئناف المرفوع من الطاعن على نظر حاصله أن المشرع قد نص بالمادة 405 من قانون المرافعات (معدلة بالقانون رقم 264 لسنة 1953) على أن الاستئناف يرفع بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره - ثم استثنى من رفع الاستئناف بهذه الطريقة - بالفقرة الثانية من تلك المادة - الاستئناف الذي يرفع عن الدعاوى المبينة في المادة 118 من قانون المرافعات - ومن بينها دعاوى السندات الإذنية والكمبيالات فإن الاستئناف يرفع في خصوصها بتكليف بالحضور بالأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى - وإذ كان الاستئناف (موضوع الخصومة الحالية) مرفوعاً عن حكم صادر في دعوى مؤسسة على المطالبة بقيمة "شيك" فكان يتعين أن يرفع بطريق العريضة لا بورقة تكليف معلنة، وأنه لا اعتداد في هذا المقام بالقول بأن الشيك شبيه بالكمبيالة - ذلك لأن طريقة رفع الاستئناف بتكليف بالحضور مقصورة على المسائل الواردة في المادة 118 والمذكورة فيها على سبيل الحصر وهي تعتبر استثناءاً من طريقة رفع الاستئناف بالعريضة. فلا مجال للتوسع ولا للتأويل. ذلك إلى أن الشيك يختلف عن الكمبيالة من جهة أنه باعتباره أداة وفاء لا أداة ائتمان يستحق الوفاء بمجرد الاطلاع - ومن المألوف (بالنسبة له) أنه لا يسحب إلا على مصرف - وهو لا يكون تجارياً إلا إذا تعلق بعمليات تجارية أو كان محرره تاجراً وتعلق بشئون تجارية، ولا يجوز اعتباره مجرد سند مديونية شأنه شأن السند الإذني لعدم تقديمه للبنك لقبض قيمته في الميعاد القانوني.
وحيث إن ما أقام الحكم قضاءه عليه من إطلاق القول بأن الاستئناف يرفع بعريضة في جميع الأحوال التي يكون فيها موضوع الدعوى (المستأنف حكمها) مطالبته بقيمة شيك - لا يتفق والقانون، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات (بعد تعديلها بالقانون رقم 264 لسنة 1953) تنص على أن الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 يرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور وكانت المادة 118 من قانون المرافعات قد عينت هذه الدعاوى - ومن ضمنها "دعاوى السندات الإذنية والكمبيالات" فإن مؤدى ذلك أنه كلما تحقق في المحرر الذي تأسست عليه المطالبة وصف السند الإذني أو الكمبيالة تعين رفع الاستئناف بتكليف بالحضور اعتباراً بتحقق هذا الوصف فيه. ولما كان مقرراً أن الشيك "الذي يفقد صفته كشيك" قد يصدق عليه - في حالات معينة وصف السند الإذني أو الكمبيالة - فإن طريقة رفع الاستئناف تختلف بين التكليف بالحضور والعريضة بحسب ما إذا كان هذا الوصف ثابتاً لهذا المحرر الذي تأسست عليه المطالبة أو غير ثابت له - وهو أمر منوط بالمحكمة الاستئنافية - يتعين عليها تبينه عند الفصل في شكل الاستئناف المرفوع إليها عن هذه المطالبة - ولما كانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها عن هذا النظر بذلك الإطلاق الذي أسست عليه قضاءها فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 1154 لسنة 14 ق جلسة 11 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 80 ص 556

جلسة 11 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي، نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي، المستشارين.

-------------------

(80)

القضية رقم 1154 لسنة 14 القضائية

عاملون مدنيون "نقل، قرار إداري".
المادة 41 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 - تقييدها نقل العامل من وزارة أو من مصلحة أو محافظة أو مؤسسة أو هيئة إلى أخرى بقيد ألا يفوت النقل عليه دوره في الترقية بالأقدمية - وجوب التزام هذا القيد أيضاً في حالة النقل من كادر إلى أخر - أساس ذلك - النقل في حالة الترقية بالاختيار - شرطه أن يصدر بباعث من المصلحة العامة - صورة لإساءة استعمال السلطة في هذا الخصوص.

-----------------------
إنه ولئن كان يجوز للإدارة طبقاً لنص المادة 41 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة نقل العامل من وزارة أو مصلحة أو محافظة إلى أخرى أو من مؤسسة أو هيئة إلى أخرى إذا كان هذا النقل لا يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناءاً على طلبه، فإن النقل من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي أو العكس وإن كان نقلاً نوعياً لتغاير طبيعة العمل في كل منهما - كما قرر الحكم المطعون فيه - إلا أن الحكمة التي حدت بالمشرع إلى تقرير الحكم الذي أورده نص المادة 41 سالف الذكر متوافر في هذا النوع من النقل أيضاً، ومن ثم فإن جهة الإدارة تتقيد فيه بدواعي المصلحة العامة ومصلحة الموظف جميعها، مما يتعين معه الاستهداء بحكم المادة 41 سالفة الذكر وبما أورده من قيود.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما يثيره الطعن من أن الترقية التي تمت بمقتضى القرار المطعون فيه كانت بالاختيار وشرط عدم النقل في المادة 41 سالفة الذكر منوط بالتخطي في الأقدمية المطلقة، ولئن كان القيد الذي أورده حكم هذه المادة - والذي جاء مردداً لحكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة الملغي - هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول وفقاً للقواعد العامة مما يتعين تفسيره في حدود الحكمة التشريعية التي قام عليها وهي منع التحايل لإيثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية وحرمان من كان يصيبه الدور في الترقية لولا مزاحمة المنقول له في فرصة الترقية فيحجبه بحكم أقدميته: الأمر الذي يفهم منه أن القيد الذي أورده الحكم المتقدم وحظر به النقل هو الذي يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية لئن كان هذا هو ما يفهم من القيد إلا أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت أنه مما يجب التنبيه إليه أنه ليس معنى ذلك أن النقل يصح دائماً إذا كانت الترقية بالاختيار بل يجوز إبطالها في هذه الحالة كذلك إذا صدرت بباعث من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن عيب الانحراف بالسلطة يعتبر ملازماً للسلطة التقديرية الممنوحة لجهة الإدارة في حدود ما تمليه مقتضيات الصالح العام تحقيقاً لحسن سير المرافق العامة على سند من توخي العدالة الإدارية بالنسبة لعمالها والقائمين عليها. وبهذه المثابة فإنه يتعين أن تمارسها بمعيار موضوعي يتفق وروح القانون، الأمر الذي يطوع للقضاء الإداري تحري بواعث العمل وملابساته وأسبابه وفرض رقابته على كل ذلك للوقوف على الهدف الحقيقي الذي تنشده الجهة الإدارية من قرارها وما إذا كان حقاً قد رمت به وجه المصلحة العامة أم تنكبت السبيل وانحرفت به عن الغاية، كما أنه غنى عن البيان إنه إذا ما أفصحت الإدارة عن أسباب قرارها فإن للمحكمة تحري صحة هذه الأسباب والتأكد من أنها تنتج حقيقة النتائج المنشودة وأنها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها واقعاً وقانوناً.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه خلت ثلاث درجات (ثانية) بالكادر الإداري بديوان عام وزارة الاقتصاد فقررت لجنة شئون العاملين بالوزارة بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1965 بمحضرها المعتمد من الوزير بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1965 نقل كل من المطعون ضده والسيد/ .... من الكادر الإداري إلى الكادر العالي ونقل كل من السيدين/ .... مكانهما من الكادر العالي إلى الكادر الإداري وترقيتهما في ذات الوقت وبذات القرار مع السيد/ .... الذي كان أحدث من المدعي في أقدمية الدرجة الثالثة بالكادر الإداري - إلى الدرجات الثلاث (الثانية) الخالية بهذا الكادر وصدر بذلك القرار المطعون فيه رقم 978 بتاريخ 3 من يناير سنة 1966، وقد جاء بمحضر لجنة شئون العاملين المشار إليه أنه روعي في النقل المصلحة العامة التي يقتضيها حسن سير العمل ومناسبة المؤهل الحاصل عليه كل منهم: وأضافت الوزارة بكتابها المؤرخ 12 من إبريل سنة 1972 رداً على استفسارات المحكمة أن مؤهل المدعي (شهادة العالمية من الأزهر) لا يتفق مع اشتراطات التأهيل المناسبة لشغل الوظيفة القيادية وأن المرقين يمتازون بحصولهم على المؤهلات المناسبة بالإضافة إلى خبرتهم في مجالات تخصصهم.
ومن حيث إن الواضح من الوقائع السابق تفصيلها أن الجهة الإدارية ربطت بين اعتبارات الصالح العام وبين المعيار الذي اتخذته للمفاضلة بين المدعي وزملائه الذين نقلوا ورقوا على أساس الوظائف التي رقوا إليها ومدى صلاحيتهم وقدراتهم على القيام بأعبائها بالنظر إلى خبراتهم السابقة ومناسبة مؤهلاتهم، في حين أن الواضح من رد الوزارة على الدعوى أن المدعي كان يشغل بالكادر الإداري قبل النقل وظيفة وكيل مراقبة المحفوظات، وشغل بعد النقل وظيفة كبير أخصائيين ثان، ومعنى ذلك - تمشياً مع وجهة نظر الوزارة - أن المدعي وهو حاصل على العالمية من الأزهر لا يصلح للعمل بالكادر الإداري في الوظيفة الأولى ولكنه يصلح للعمل بالكادر الفني العالي في الوظيفة الأخيرة وهي وظيفة قيادية وهو أمر لا يستقم مع ما تتطلبه الوظيفة الرئيسية في الكادر الفني العالي من استعداد ونوعية خاصة في المؤهلات ومن ثم تغدو حجة الوزارة في هذا الشأن داحضة، ويؤكد ذلك أن المؤهل الحاصل عليه زميل المدعي الذي كان تالياً في أقدمية الدرجة الثالثة بالكادر الإداري وهو السيد/ .... هذا المؤهل وهو (ليسانس الآداب) الذي يتماثل مع مؤهل المدعي ولا يفوقه لم يحل دون ترقيته إلى الدرجة الثانية بالكادر الإداري في القرار المطعون فيه: ويؤكد ذلك أيضاً أن النقل في حد ذاته لم يتخذ مظهراً جدياً فالثابت من رد الوزارة بالكتاب المؤرخ 12 من إبريل سنة 1972 أن الوظائف التي كان يتولاها الموظفون الذين نقلوا بالقرار المطعون فيه قبل النقل لم تتغير بصدور قرار النقل بل ظل كل منهم يشغل وظيفته السابقة مما يشعر بعدم جدية هذا النقل ويدل على أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين نقل المرقين ممن نقلوا من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري وترقيتهم في ذات الوقت وبذات القرار وبذلك يظهر واضحاً أن المعاصرة التي لازمت النقل والترقية كان الهدف منها إتاحة الفرصة لهؤلاء للترقية على الدرجات الخالية بالكادر الإداري، ومن ثم فإن المفاضلة التي أجرتها الوزارة بين المنقولين بالتبادل وجعلت أساسها المصلحة العامة لا تقوم على أساس سليم من الوقائع وبالتالي يعد نقلاً ساتراً لترقية المطعون ضدهم. وتأسيساً على ذلك يكون النقل بهذه المثابة باطلاً ويظل المدعي معتبراً قانوناً في الكادر الإداري كما يكون من حقه أن يتزاحم في الترشيح في الترقية بالاختيار على إحدى الدرجات الثلاث التي كانت خالية بالكادر الإداري والتي تمت الترقية إليها بالقرار المطعون فيه.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1367 لسنة 20 القضائية ضد وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 4 من مايو سنة 1966 طلب فيها الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 978 لسنة 1965 الصادر في 3 يناير سنة 1966 فيما تضمنه من نقل الطاعن من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي، ومن ترقية السادة أحمد طلعت شكري النحال ويحيى سامي مصطفى الغرباوي وحلمي عبد العزيز محمود ربيع على الدرجات الثانية الثلاث الخالية بالكادر الإداري والتي كان الطاعن يستحق الترقية على واحدة منها وما ترتب عليها ومن تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية بالكادر الإداري التي كان يستحقها اعتباراً من تاريخ 28 من ديسمبر سنة 1965 لو لم ينقل من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي وما يترتب على ذلك من آثار" وتوجز أسانيد دعواه في أنه نظراً لوجود ثلاث درجات خالية بالكادر الإداري بالديوان العام بالوزارة قررت لجنة شئون العاملين بالوزارة في 26 من ديسمبر سنة 1965 نقل المطعون ضدهما الأولين محمد شكري النحال ويحيى سامي الغرباوي من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري ونقله هو وزميله محمد إبراهيم عبد المجيد من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي وترقية المطعون ضدهما إلى الدرجة الثانية الإدارية، وإذ بقيت درجة ثانية إدارية أخرى بالكادر الإداري فقد قررت اللجنة المذكورة ترقية المطعون عليه حلمي عبد العزيز محمود ربيع إليها وقد كان هو - أي المدعي - يستحق الترقية إلى إحدى تلك الدرجات لو لم ينقل من الكادر الإداري، وقد اعتمد الوزير محضر اللجنة المشتمل على القرارات المشار إليها وصدر بذلك القرار المطعون فيه مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة إذا أن نقله من كادر إلى كادر قصد به تفويت فرصة الترقية عليه وإعطاء الدرجة لمن هو أحدت منه وتدخلت في ذلك الاعتبارات الشخصية وعلاقات القرابة بدليل أن التنقلات والترقيات تمت في آن واحد وأنه إذا كان نقل الموظف جائزاً إلا أن شرطه ألا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية طبقاً لنص المادة 41 من قانون العاملين كما أن المفاضلة لاختيار الأحق في الترقية أساسها مرتبة الكفاية التي يحددها التقرير السري السنوي ويجب التقيد بالأقدمية - ذات مرتبة الكفاية وفقاً لنص المادة 21 من ذات القانون هذا فضلاً عن أنه وفقاً لنص المادتين 68: 70 من القرار الجمهوري رقم 132 لسنة 1964 الخاص بضباط الاحتياط كان يتعين أن تكون له الأفضلية على زملائه بصفته ضابط احتياط.
وأجابت جهة الإدارة على الدعوى بأن المدعي حاصل على شهادة العالمية سنة 1944 وأجازة التدريس سنة 1944 - وترجع أقدميته في الدرجة الثالثة الإدارية إلى 20 أغسطس سنة 1963، وكان ترتيبه الثاني في أقدمية الكادر الإداري بالوزارة، وفي 28 من ديسمبر سنة 1965 قررت لجنة شئون العاملين نقل بعض العاملين بديوان عام الوزارة من الدرجة الثالثة العالية من الكادر العالي إلى الكادر الإداري وهم السيد/ أحمد طلعت شكري النحال الحاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1944، وترجع أقدميته في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى 30 من إبريل سنة 1960 وترتيبه الأول، والسيد/ يحيى سامي مصطفى الغرباوي الحاصل على ليسانس الحقوق عام 1943 ودبلوم معهد الضرائب سنة 1947 وترجع أقدميته في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى 14 من أغسطس سنة 1961 وترتيبه الثاني: كما تقرر نقل اثنين آخرين من الكادر الإداري إلى الكادر العالي وهما السيد/ محمد إبراهيم عبد المجيد الحاصل على دبلوم المعهد العالي للعلوم المالية والتجارية سنة 1944 وترجع أقدميته في الدرجة الثالثة الإدارية إلى 17 من يوليه سنة 1963 وترتيبه الأول، والسيد/ محمد رشاد مصطفى (المدعي) وتنفيذاً لذلك صدر القرار المطعون فيه متضمناً نقل المذكورين وترقية المنقولين من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري إلى الدرجة الثانية الإدارية وأضافت جهة الإدارة أن هذا النقل كانت تقتضيه دواعي المصلحة العامة ومقتضيات سير العمل بالوزارة ومناسبة المؤهل الحاصل عليه من المدعي وزملائه المنقولين معه، والوظيفة التي نقل إليها كل منهم ويكون النقل قد تم في حدود القانون ولم يفوت القرار المطعون فيه على المدعي دوره في الترقية بالأقدمية لأنه فضلاً عن أن هذا النقل لا يتقيد بالقيود التي أوردتها المادة 41 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين بالدولة فإن الترقية التي تمت بالقرار المطعون فيه كانت بالاختيار بمعنى أن شرط عدم جواز النقل منوط بالتخطي في الترقية بالأقدمية وليس بالاختيار، كما أن المدعي لو لم ينقل إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية هو وزميله لكان ترتيبه الرابع بعد نقل كل من السيدين أحمد طلعت شكري النحال ويحيى سامي الغرباوي اللذين ترجع أقدميتهما في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى 30 من إبريل سنة 1961، ولما كان عدد الدرجات ثلاث درجات ثانية فما كان ليدركه الدور في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثانية الإدارية العالية ومن ثم لم يكن هناك تخطي للمدعي في الترقية.
وبجلسة 25 من إبريل سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 978 الصادر في 3 من يناير سنة 1966 فيما تضمنه من نقل المدعي من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي وتخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن الرأي مستقر على أن النقل من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي يعتبر نوعياً لتغاير طبيعة العمل في كل منهما: والحكمة التي جعلت المشرع يقرر الحكم الذي أورده في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن بعده المادة 41 من قانون العاملين الجديد متوافرة أيضاً في النقل النوعي والإدارة مقيدة فيه بدواعي المصلحة العامة ومصلحة الموظف أيضاً، بمعنى أنه إذا تم على خلاف هذه القاعدة كان ذلك قرينة على إساءة استعمال السلطة، وأضافت المحكمة في الحكم المطعون فيه أن أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة الإدارية سابقة على المطعون في ترقيته الأخير وهو السيد/ حلمي عبد العزيز ربيع كما أن تقديراتهما في التقدير السنوي لعام 1965 متطابقة إذ حصلا على أقصى درجات التقدير (ممتاز) ولو ظل المدعي في الكادر الإداري لكان أحق منه بالترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية، وأنها لم تستبن من الأوراق أن النقل تم تحقيقاً للصالح العام وكان من الممكن تحقيق هذا الصالح العام بترقيته ثم نقله، كما أن المدعي أحق بالترقية من السيدين أحمد طلعت شكري النحال ويحيى سامي مصطفى الغرباوي ولا اعتداد بأنهما أقدم من المدعي في أقدمية الدرجة الثالثة إذ أن الأصل أن يستقل كل كادر بأقدمية خاصة بموظفيه ومن ثم يظل المدعي أقدم الموظفين الموجودين بالكادر الإداري كما لا اعتداد بأن الترقية تمت بالاختيار ذلك أن المادة 41 من قانون العاملين فضلاً عن أن تطبيقها على الحالة المعروضة إنما هو على سبيل الاستهداء بالروح التي صبغت بها وقياساً على الحالة الواردة بها لاتحاد العلة بين النقل المكاني والنوعي في الحالة الماثلة: فإن الأقدمية المشار إليها في هذه المادة قد وردت في صيغة عامة بحيث تشمل الترقية بالأقدمية المطلقة في وضعها العادي المعروف وتلك الأقدمية التي تؤهل للترقية بالاختيار، ولو قصد قصرها على الأولى لنصت المادة على ذلك صراحة، وانتهت المحكمة في حكمها بأن الوزارة لم تبين وجه الصالح العام في قرارها ولم تدفع ما أثاره المدعي من أن النقل صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن نقل المدعي إلى الكادر الفني العالي أملته مقتضيات الصالح العام ومناسبة المؤهل الحاصل عليه المطعون ضده وزملائه المنقولين معه والوظيفة التي نقل إليها كل منهم، وهم من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة ولا يتقيد بالقيد الوارد بالمادة 41 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، والتي تفترض النقل من وحدة مستقلة إلى وحدة مستقلة أخرى: فضلاً عن أن الترقية التي تمت بمقتضى القرار المطعون فيه تمت بالاختيار فإذا أضيف إلى ذلك أن المطعون ضده لو لم ينقل إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية هو وزميله فإن ترتيبه بعد نقل كل من المنقولين إلى الكادر الإداري يكون الرابع، ولما كانت الدرجات التي تمت إليها الترقية ثلاث درجات فإن أقدميته لم تكن تسعفه في الترقية.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما تقرره الوزارة الطاعنة من أن القيد الوارد بنص المادة 41 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة يفترض النقل من وحدة مستقلة إلى وحدة مستقلة أخرى، فإنه ولئن كان يجوز للإدارة طبقاً لنص الحكم المتقدم نقل [العامل من وزارة أو مصلحة أو محافظة إلى أخرى أو من مؤسسة أو هيئة إلى أخرى إذا كان هذا النقل لا يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناءاً على طلبه، فإن النقل من الكادر الإداري إلى الكادر الفني العالي أو العكس وإن كان نقلاً نوعياً لتغاير طبيعة العمل في كل منهما - كما قرر الحكم المطعون فيه - إلا أن الحكمة التي حدت بالمشرع إلى تقرير الحكم الذي أورده نص المادة 41 سالف الذكر متوافر في هذا النوع من النقل أيضاً، ومن ثم فإن جهة الإدارة تتقيد فيه بدواعي المصلحة العامة ومصلحة الموظف جميعاً: مما يتعين معه الاستهداء بحكم المادة 41 سالفة الذكر وبما أورده من قيود.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما يثيره الطعن من أن الترقية التي تمت بمقتضى القرار المطعون فيه كانت بالاختيار وشرط عدم النقل في المادة 41 سالفة الذكر منوط بالتخطي في الأقدمية المطلقة فإنه ولئن كان القيد الذي أورده حكم هذه المادة - والذي جاء مردداً لحكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة الملغي - هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول وفقاً للقواعد العامة مما يتعين تفسيره في حدود الحكمة التشريعية التي قام عليها - وهي منع التحايل لا يثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية وحرمان من كان يصيبه الدور في الترقية لولا مزاحمة المنقول له في فرصة الترقية فيحجبه بحكم أقدميته, الأمر الذي يفهم منه أن القيد الذي أورده الحكم المتقدم وحظر به النقل هو الذي يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية لئن كان هذا هو ما يفهم من القيد إلا أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت أنه مما يجب التنبيه إليه أنه ليس معنى ذلك أن النقل يصح دائماً إذا كانت الترقية بالاختيار بل يجوز إبطالها في هذه الحالة كذلك إذا صدرت بباعث من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن عيب الانحراف بالسلطة يعتبر ملازماً للسلطة التقديرية الممنوحة لجهة الإدارة في حدود ما تمليه مقتضيات الصالح العام تحقيقاً لحسن سير المرافق العامة على سند من توخي العدالة الإدارية بالنسبة لعمالها والقائمين عليها. وبهذه المثابة فإنه يتعين أن تمارسها بمعيار موضوعي يتفق وروح القانون، الأمر الذي يطوع للقضاء الإداري تحري بواعث العمل وملابساته وأسبابه وفرض رقابته على كل ذلك للوقوف على الهدف الحقيقي الذي تنشده الجهة الإدارية من قرارها وما إذا كان حقاً قد رمت به وجه المصلحة العامة أم تنكبت السبيل وانحرفت به عن الغاية. كما أنه غنى عن البيان أنه إذا ما أفصحت الإدارة عن أسباب قرارها فإن للمحكمة تحري صحة هذه الأسباب والتأكد من أنها تنتج حقيقة النتائج المنشودة وأنها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها واقعاً وقانوناً.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه خلت ثلاث درجات (ثانية) بالكادر الإداري بديوان عام وزارة الاقتصاد فقررت لجنة شئون العاملين بالوزارة بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1965, بمحضرها المعتمد من الوزير بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1965 نقل كل من المطعون ضده والسيد/ .... من الكادر الإداري إلى الكادر العالي ونقل كل من السيدين/ .... مكانهما من الكادر العالي إلى الكادر الإداري وترقيتهما في ذات الوقت وبذات القرار مع السيد/ .... - الذي كان أحدث من المدعي في أقدمية الدرجة الثالثة بالكادر الإداري - إلى الدرجات الثلاث (الثانية) الخالية بهذا الكادر وصدر بذلك القرار المطعون فيه رقم 978 بتاريخ 3 من يناير سنة 1966، وقد جاء بمحضر لجنة شئون العاملين المشار إليه أنه روعي في النقل المصلحة العامة التي يقتضيها حسن سير العمل ومناسبة المؤهل الحاصل عليه كل منهم, وأضافت الوزارة بكتابها المؤرخ 12 من إبريل سنة 1972 رداً على استفسارات المحكمة أن مؤهل المدعي (شهادة العالمية من الأزهر) لا يتفق مع اشتراطات التأهيل المناسبة لشغل الوظيفة القيادية وأن المرقين يمتازون بحصولهم على المؤهلات المناسبة بالإضافة إلى خبراتهم في مجالات تخصصهم.
ومن حيث إن الواضح من الوقائع السابق تفصيلها أن الجهة الإدارية ربطت بين اعتبارات الصالح العام وبين المعيار الذي اتخذته للمفاضلة بين المدعي وزملائه الذين نقلوا ورقوا على أساس الوظائف التي رقوا إليها ومدى صلاحيتهم وقدراتهم على القيام بأعبائها بالنظر إلى خبراتهم السابقة ومناسبة مؤهلاتهم: في حين أن الواضح من رد الوزارة على الدعوى أن المدعي كان يشغل بالكادر الإداري قبل النقل وظيفة وكيل مراقبة المحفوظات، وشغل بعد النقل وظيفة كبير أخصائيين ثان، ومعنى ذلك - تمشياً مع وجهة نظر الوزارة - أن المدعي وهو حاصل على العالمية من الأزهر لا يصلح للعمل بالكادر الإداري في الوظيفة الأولى ولكنه يصلح للعمل بالكادر الفني العالي في الوظيفة الأخيرة وهي وظيفة قيادية وهو أمر لا يستقم مع ما تتطلبه الوظيفة الرئيسية في الكادر الفني العالي من استعداد ونوعية خاصة في المؤهلات ومن ثم تغدو حجة الوزارة في هذا الشأن داحضة، يؤكد ذلك أن المؤهل الحاصل عليه زميل المدعي الذي كان تالياً في أقدمية الدرجة الثالثة بالكادر الإداري وهو السيد/ .... هذا المؤهل وهو (ليسانس الآداب) الذي يتماثل مع مؤهل المدعي ولا يفوقه لم يحل دون ترقيته إلى الدرجة الثانية بالكادر الإداري في القرار المطعون فيه, ويؤكد ذلك أيضاً أن النقل في حد ذاته لم يتخذ مظهراً جدياً فالثابت من رد الوزارة بالكتاب المؤرخ 12 من إبريل سنة 1972 أن الوظائف التي كان يتولاها الموظفون الذين نقلوا بالقرار المطعون فيه قبل النقل لم تتغير بصدور قرار النقل بل ظل كل منهم يشغل وظيفته السابقة مما يشعر بعدم جدية هذا النقل ويدل على أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين نقل المرقين ممن نقلوا من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري وترقيتهم في ذات الوقت وبذات القرار وبذلك يظهر واضحاً أن المعاصرة التي لازمت النقل والترقية كان الهدف منها إتاحة الفرصة لهؤلاء للترقية على الدرجات الخالية بالكادر الإداري: ومن ثم فإن المفاضلة التي أجرتها الوزارة بين المنقولين بالتبادل وجعلت أساسها المصلحة العامة لا تقوم على أساس سليم من الواقع وبالتالي يعد نقلاً ساتراً لترقية المطعون ضدهم. وتأسيساً على ذلك يكون النقل بهذه المثابة باطلاً ويظل المدعي معتبراً قانوناً في الكادر الإداري كما يكون من حقه أن يتزاحم في الترشيح في الترقية بالاختيار على إحدى الدرجات الثلاث التي كانت خالية بالكادر الإداري والتي تمت الترقية إليها بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المدعي يقيم دعواه على أساس أنه أحق من السيد/ حلمي عبد العزيز محمود ربيع في الترقية إلى الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه لأنه كان يليه في ترتيب الأقدمية في الدرجة الثالثة الإدارية، ولو بقى في الكادر الإداري دون أن ينقل لكان ذلك حائلاً دون ترقيته باعتباره - أي المدعي - كان سابقاً عليه وكفايته لا مطعن عليها فضلاً عن أنه حاصل على مؤهل يماثل مؤهل زميله وقد قصد من النقل فضلاً عن إتاحة الفرصة لترقية المنقولين من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري أن يفتح الطريق لترقية السيد/ حلمي عبد العزيز محمود ربيع المطعون ضده.
ومن حيث إنه من المقرر أن تكون الترقية في نسبة الاختيار بحسب درجة الكفاية في التقريرين الأخيرين وأنه لا يجوز تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير ظاهر الامتياز عليه، وأنه ولئن كانت الوزارة قد عللت النقل والترقية بصفة عامة بعلة ظهر فسادها، إلا أنها لم تعلل سبب اختيارها للمطعون ضده دون المدعي في الترقية مع أنه أسبق منه في ترتيب الأقدمية مع تساويهما في مرتبة الكفاية.
ومن حيث إنه يتضح من استظهار حالة المدعي والمطعون في ترقيته السيد/ حلمي ربيع من واقع الأوراق وملفات الخدمة أن كلاً منهما حصل على مرتبة الامتياز في الكفاية في تقريريه السريين عن عامي 1964، 1965 وأن المدعي أقدم من المطعون ضده في التخرج والتعيين وأقدمية الدرجة السابقة فضلاً عن تناسب مؤهليهما ومن ثم تكون الوزارة حين تخطته في الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار دون سبب محدد يبرر تخطيه ودون أن يرجحه المطعون في ترقيته بميزة ظاهرة توجب تفضيله عليه فإن قرارها والحالة هذه يكون على خلاف ما يقضي به التطبيق السليم للقانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه وبهذه المثابة يكون الطعن عليه في غير محله مما يتعين الحكم برفضه وتأييد الحكم المطعون فيه مع إلزام الوزارة بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية بمصروفاته.

الطعن 303 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 125 ص 826

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع المستشارين.

--------------------

(125)
الطعن رقم 303 لسنة 25 القضائية

(أ) قانون "تطبيق القانون في الزمان" "تنظيم قانون المرافعات الانتقال من ولاية القانون القديم إلى ولاية القانون الجديد".
وجوب سريان أحكام قانون المرافعات الجديد على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به إلا ما استثنى بنص خاص الم 1 ق المرافعات. مثال.
(ب) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة" "تقرير التلخيص". تقرير التلخيص.
إعداد. إجراء تلاوته بالجلسة إجراء آخر. إغفال أيهما يستوجب بطلان الحكم الم 116، 416 مرافعات.

--------------------
1 - الأصل وفقاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد رقم 77 لسنة 1949 هو وجوب سريان أحكام هذا القانون على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا كانت الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لا تدخل في نطاق الاستثناءات المنصوص عليها في هذه المادة، وكان الاستئناف قد نظر بعد إلغاء قانون المرافعات المختلط أمام محكمة استئناف وتداول في جلسات تحضير أمامها، فإنه يخضع والحالة هذه في الإجراءات لنصوص قانون المرافعات الجديد.
2 - أوجبت المادة 116 من قانون المرافعات أن تكون الإحالة من قاضي التحضير إلى جلسة المرافعة بتقرير تلخيص يتلى في الجلسة قبل بدء المرافعة، كما نصت المادة 416 من ذات القانون على سريان هذه الإجراءات على القضية عند نظرها أمام محكمة الاستئناف، ومؤدى هذا أن إعداد تقرير التلخيص وإيداعه ملف الدعوى ثم تلاوته بالجلسة قبل بدء المرافعة إجراءان مستقلان وإغفال أي منهما يستوجب بطلان الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.


المحكمة

ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان لأن المحكمة التي أصدرته أغفلت إجراء جوهرياً من إجراءات الدعوى هو تلاوة تقرير التلخيص الاستئنافي قبل بدء المرافعة وفقاً لما تقضي به أحكام المادتين 116 و408 مرافعات.
ومن حيث إن المطعون عليهم السبعة الأولين قرروا رداً على هذا السبب أن النصوص التي كان يجب تطبيقها هي نصوص قانون المرافعات المختلط الذي رفع الاستئناف وفقاً لأحكامه قبل إلغاء المحاكم المختلطة والذي لم يوجب كتابة تقرير تلخيص ولا تلاوته. وقد نصت المادة الثانية من قانون المرافعات الجديد على أن كل "إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك" - وإن المادة 116 من هذا القانون خاصة بإحالة القضية الابتدائية إلى جلسة المرافعة - وأنه فضلاً عن ذلك فالثابت من الشهادة الرسمية المستخرجة من قلم كتاب محكمة استئناف المنصورة أن المستشار المقرر أعد التقرير وأودعه ملف الدعوى - وقد تبادل الخصوم المذكرات بعد إيداع هذا التقرير واطلاعهم عليه فالسهو عن تلاوته لا يبطل الحكم.
ومن حيث إن الأصل وفقاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد رقم 77 لسنة 1949 هو وجوب سريان أحكام هذا القانون على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به إلا ما استثنى بنص خاص - وإذ كانت الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لا تدخل في نطاق الاستئناف - المنصوص عليها في هذه المادة وكان الاستئناف قد نظر بمحكمة استئناف المنصورة بعد إلغاء المحاكم المختلطة وتداول في جلسات التحضير أمامها فإنه يخضع والحالة هذه في الإجراءات لنصوص قانون المرافعات الجديد. ولما كانت المادة 116 من هذا القانون قد أوجبت أن تكون الإحالة من قاضي التحضير إلى جلسة المرافعة بتقرير "يلخص فيه موضوع الدعوى وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وما أصدره في القضية من قرارات وأحكام - ويتلى هذا التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة" كما نصت المادة 416 من ذات القانون على سريان هذه الإجراءات على القضية عند نظرها أمام محكمة الاستئناف، وكان مؤدى هذا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إعداد تقرير التلخيص وإيداعه ملف الدعوى ثم تلاوته بالجلسة قبل بدء المرافعة إجراءان مستقلان وإغفال أي منهما يستوجب بطلان الحكم - وكان الثابت من مطالعة الصور الرسمية للحكم المطعون فيه ولمحاضر جلسات القضية أمام محكمة الاستئناف المقدمة من الطاعنة أن الدعوى أحيلت من جلسة 11/ 4/ 1953 تحضير إلى المرافعة لجلسة 9/ 6/ 1953 واستمر تداولها بجلسات المرافعة أمام محكمة الاستئناف إلى أن قضت فيها بجلسة 19/ 2/ 1955 بالحكم المطعون فيه، وكان لا يبين من هذه المستندات أن تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة قبل بدء المرافعة وكانت تلاوة هذا التقرير أمام الهيئة التي تصدر الحكم إجراء واجباً على ما سبق بيانه - لما كان ذلك فإن محكمة الموضوع إذا أغفلت هذا الإجراء يكون حكمها باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 1128 لسنة 47 ق جلسة 29 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 194 ص 1075

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ أحمد شوقي المليجي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود مصطفى سالم، صلاح محمد أحمد، محمد محمد يحيى وأحمد طارق البابلي.

-------------------

(194)
الطعن رقم 1128 لسنة 47 القضائية

(1، 2) عمل "عمل إضافي". أجر.
(1) اشتغال العامل وقتاً إضافياً في أيام العمل المعتادة. استحقاقه أجراً إضافياً يوازي أجره الذي كان يستحقه عن الفترة الإضافية مضافاً إليه 25% عن ساعات العمل النهارية و50% عن ساعات العمل الليلية ق 91 لسنة 59.
(2) العمل في يوم الراحة الأسبوعية. اعتبار ساعاته جميعاً ساعات عمل إضافية. ق 91 لسنة 59. علة ذلك.
(3) عمل "أيام الراحة الأسبوعية. عمل إضافي". أجر.
اشتغال العامل في أيام الراحة الأسبوعية - مدفوعة الأجر - استحقاقه أجر اليوم المعتاد مضافاً إليه أجراً يوازي أجر ساعات العمل الإضافية محسوباً على أساس قسمة أجر اليوم المعتاد على ساعات العمل المعتادة مضروباً في ساعات العمل الإضافية وأجراً إضافياً مضاعفاً هو 50% من أجر ساعات العمل الإضافية إن كان العمل نهاراً و100% إن كان العمل ليلاً. ق 91 لسنة 1959.

-----------------------
1 - مفاد نصوص المواد من 58 إلى 63 والمواد 114 و119 و120 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 - الذي يحكم واقعة الدعوى - أن المشرع نظم ساعات وأيام العمل والراحة الأسبوعية وحدد أجر العامل عن عمله فترات إضافية في الأيام المعتادة وفي يوم الراحة بأحكام مغايرة لأحكام إجازات العمل وأجره عن عمله في الأعياد وبما لا سبيل للقياس أو الخلط بينهما ووضع حداً أقصى لساعات العمل اليومية والأسبوعية ومنح العامل راحة أسبوعية لا تقل عن أربع وعشرين ساعة متوالية وأجاز لصاحب العمل عدم التقيد بهذه الأحكام في أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يكون له فيها أن يكلف العامل بالعمل ساعات إضافية بما لا يجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً أو بالعمل في يوم الراحة الأسبوعية واعتبر اشتغال العامل في غير ساعات وأيام العمل التي ألزمه القانون بها عملاً إضافياً.
2 - إذا وقع العمل في يوم الراحة الأسبوعية كانت ساعات العمل في هذا اليوم جميعها ساعات عمل إضافية على اعتبار أن العامل لا يلتزم أصلاً بالعمل فيه.
3 - لما كان المشرع قد حدد للعامل في مقابل تشغيله وقتاً إضافياً في أيام العمل المعتادة وفي يوم الراحة أجراً خاصاً مما نص عليه في المادة 121 من قانون العمل المشار إليه من أن العامل يستحق إذا عمل وقتاً إضافياً في أيام العمل المعتادة في الحالات المقررة قانوناً أجر اليوم المعتاد وأجراً عن ساعات العمل الإضافية يوازي أجر مثلها محسوباً على أساس قسمة أجر اليوم المعتاد وأجراً عن ساعات العمل الإضافية يوازي أجر مثلها محسوباً على أساس قسمة أجر اليوم المعتاد على ساعات العمل المقررة مضروباً في ساعات العمل الإضافية وأجراً إضافياً بنسبة 25% من أجر ساعات العمل الإضافية إذا كان العمل نهاراً و50% من أجر ساعات العمل الإضافية إذا كان العمل ليلاً فإذا وقع العمل في يوم الراحة الأسبوعية المدفوع الأجر حسب الأجر الإضافي مضاعفاً وهذه المضاعفة إنما ترد على نسبة الإضافة الواردة بنص المادة سالف الذكر فيستحق العامل إذا كلف بالعمل في يوم الراحة الأسبوعية - مدفوع الأجر - زيادة على أجره اليومي المعتاد أجراً عن ساعات العمل التي يشتغلها في هذا اليوم يوازي أجر مثلها محسوباً على أساس قسمة أجر اليوم المعتاد على ساعات العمل المقررة مضروباً في ساعات العمل التي يشتغلها العامل في يوم الراحة وأجراً إضافياً مضاعفاً هو 50% من أجر ساعات العمل إذا كان العمل نهاراً و100% من أجر ساعات العمل إذا كان العمل ليلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة - النقابة العامة لعمال الصناعات الغذائية - تقدمت لمكتب علاقات عمل شرق الإسكندرية بطلب إلزام المطعون ضدها - الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات - بصرف الأجر الإضافي لجميع العاملين بواقع 150% من الأجر الأصلي عن العمل في يوم الراحة الأسبوعية نهاراً وبواقع 200% من الأجر الأصلي عن العمل في هذا اليوم ليلاً علاوة على أجر اليوم ذاته، وقالت بياناً لذلك إن الشركة تقوم بصرف أجر يوم واحد كأجر إضافي علاوة على أجر اليوم ذاته مقابل العمل في يوم الراحة الأسبوعية على خلاف ما تقضي به المادة 121 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 من استحقاق العامل أجراً إضافياً عن العمل فترة إضافية في أيام العمل المعتادة يوازي أجره الأصلي مضافاً إليه 25% على الأقل عن ساعات العمل النهارية و50% على الأقل عن ساعات العمل الليلية فإذا وقع العمل في يوم الراحة الأسبوعية المدفوع الأجر حسب الأجر الإضافي في هذه الحالة مضاعفاً أي بواقع 150% من ساعات العمل نهاراً و200% عن ساعات العمل ليلاً. ولما لم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع أحاله إلى لجنة التوفيق التي أحالته بدورها إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف الإسكندرية وقيد بجداولها برقم 1 لسنة 1976 تحكيم الإسكندرية وبتاريخ 17 مايو سنة 1977 قضت هيئة التحكيم برفض الطلب. طعنت الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض القرار وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بأسباب الطعن على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتقول بياناً لذلك إن القرار المطعون فيه ذهب في تفسير الفقرة أصالثانية من المادة 121 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 إلى أن العامل إذا اشتغل في يوم الراحة الأسبوعية المقرر له بنص المادة 119 من هذا القانون والمدفوع الأجر استحق علاوة على أجره اليومي أجر يوم آخر كأجر إضافي قياساً على أيام الإجازة الرسمية التي يشتغلها العامل وأن ما ورد في الفقرة الأولى من هذه المادة بشأن إضافة 25% عن ساعات العمل النهاري و50% عن ساعات العمل الليلي مقصور على الأجر الإضافي مقابل ساعات العمل التي يشتغلها العامل زيادة عن ساعات العمل اليومية التي نصت عليها المادة 114 من قانون العمل المشار إليه في حين أن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون العمل سالف الذكر أن اشتغال العامل بما يجاوز ساعات وأيام العمل المقررة قانوناً يعتبر عملاً إضافياً فإذا وقع العمل في يوم الراحة الأسبوعية - الذي لا يشتغل فيه العامل أصلاً - كانت ساعات عمله في هذا اليوم ساعات إضافية يستحق في مقابلها أجراً إضافياً مضاعفاً أي بواقع 150% من الأجر الأصلي عن ساعات العمل النهاري و200% عن ساعات العمل الليلي وإذ قضى القرار المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المشرع في قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 - الذي يحكم واقعة الدعوى - بعد أن أفرد لإجازات العامل المراد من 58 إلى 63 وحدد في المادة 62 الأجر الذي يستحق له عند تشغيله في أيام الأعياد خص تنظيم العمل بالباب الثالث منه ونص في المادة 114 من الفصل الثاني من هذا الباب على أنه لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من ثمان ساعات في اليوم الواحد أو 48 ساعة في الأسبوع.... وفي المادة 119 من هذا الفصل على أنه "يجب على صاحب العمل في جميع الأحوال التي لا يسري فيها حكم الإغلاق الأسبوعي أن يمنح كل عامل راحة أسبوعية لا تقل عن أربع وعشرين ساعة متوالية) وفي المادة 120 من الفصل ذاته على أنه "يجوز لصاحب العمل عدم التقيد بالأحكام الواردة في المواد 114 و..... و119 في الأحوال الآتية..." مما مفاده أن المشرع نظم ساعات وأيام العمل والراحة الأسبوعية وحدد أجر العامل عن عمله فترات إضافية في الأيام المعتادة وفي يوم الراحة بأحكام مغايرة لأحكام إجازات العامل وأجره عن عمله في الأعياد وبما لا سبيل للقياس أو الخلط بينهما ووضع حداً أقصى لساعات العمل اليومية والأسبوعية ومنح العامل راحة أسبوعية لا تقل عن أربع وعشرون ساعة متوالية وأجاز لصاحب العمل عدم التقيد بهذه الأحكام في أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يكون له فيها أن يكلف العامل بالعمل ساعات إضافية بما لا يجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً أو بالعمل في يوم الراحة الأسبوعية واعتبر اشتغال العامل في غير ساعات وأيام العمل التي ألزمه القانون بها عملاً إضافياً ومن ثم إذا وقع العمل في يوم الراحة الأسبوعية كانت ساعات العمل في هذا اليوم جميعها ساعات عمل إضافية على اعتبار أن العامل لا يلتزم أصلاً بالعمل فيه. لما كان ذلك وكان المشرع قد حدد للعامل في مقابل تشغيله وقتاً إضافياً في أيام العمل المعتادة وفي يوم الراحة أجراً خاصاً بما نص عليه في المادة 121 من قانون العمل المشار إليه من أنه "يجب على صاحب العمل أن يمنح العامل في الحالات المذكورة في المادة السابقة أجراً إضافياً يوازي أجره الذي كان يستحقه عن الفترة الإضافية مضافا إليه 25% على الأقل عن ساعات العمل النهارية و50% على الأقل عن ساعات العمل الليلية فإذا وقع العمل في يوم الراحة وكان العامل يتقاضى أجراً في أيام راحته حسب الأجر الإضافي في هذه الحالة مضاعفاً". ومؤدى ذلك أن العامل يستحق إذا عمل وقتاً إضافياً في أيام العمل المعتادة في الحالات المقررة قانوناً أجر اليوم المعتاد وأجراً عن ساعات العمل الإضافية يوازي أجر مثلها محسوباً على أساس قسمة أجر اليوم المعتاد على ساعات العمل المقررة مضروباً في ساعات العمل الإضافية وأجراً إضافياً بنسبة 25% من أجر ساعات العمل الإضافية إذا كان العمل نهاراً و50% من أجر ساعات العمل الإضافية إذا كان العمل ليلاً فإذا وقع العمل في يوم الراحة الأسبوعية المدفوع الأجر حسب الأجر الإضافي مضاعفاً وهذه المضاعفة إنما ترد على نسبة الإضافة الواردة بنص المادة سالفة الذكر فيستحق العامل إذا كلف بالعمل في يوم الراحة الأسبوعية - مدفوع الأجر - زيادة على أجره اليومي المعتاد أجراً عن ساعات العمل التي يشتغلها في هذا اليوم يوازي أجر مثلها محسوباً على أساس قسمة أجر اليوم المعتاد على ساعات العمل المقررة مضروباً في ساعات العمل التي يشتغلها العامل في يوم الراحة وأجراً إضافياً مضاعفاً هو 50% من أجر ساعات العمل إذا كان العمل نهاراً، و100% من أجر ساعات العمل إذا كان العمل ليلاً، لما كان ما تقدم وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن أجر اليوم المعتاد هو الذي يضاعف في مقابل اشتغال العامل في يوم الراحة قياساً على مضاعفة أجر العامل إذا ما عمل في أيام الإجازات الرسمية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 1311 لسنة 47 ق جلسة 29 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 193 ص 1071

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ أحمد شوقي المليجي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود صدقي خليل، محمود مصطفى سالم، صلاح محمد أحمد ومحمد محمد يحيى.

---------------------

(193)
الطعن رقم 1311 لسنة 47 القضائية

عمل. شركات القطاع العام. عمولة.
حق مجلس إدارة شركة القطاع العام في تحديد نسب العمولة أو تعديلها. شرطه. أن يتم في إطار نظام عام للعمولة يسري على كافة العاملين دون تمييز مستهدفاً تطوير الإنتاج وتنميته.

----------------------
النص في المادة 29 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام. يدل على أن لمجلس إدارة شركة القطاع العام الحق في تحديد نسب العمولة أو تعديلها طالما أن ذلك يستهدف تطوير الإنتاج وتنميته بشرط أن يتم ذلك في إطار نظام عام للعمولة يسري على كافة العاملين دون تمييز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة - الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات - الدعوى رقم 288 لسنة 1974 عمال كلي الزقازيق طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع مبلغ 2553 ج و651 م. وقال بياناً لها إنه التحق بالعمل لدى شركة التعبئة المصرية - أبوت - في وظيفة رئيس فرع الزقازيق بمرتب ثابت وعمولة. وظل يحصل على هذه العمولة بعد أن أممت الشركة وأدمجت في شركة القاهرة لتعبئة الزجاجات التي نقل فرع المياه الغازية بها إلى الشركة الطاعنة، وإذ ألغت الطاعنة نسب العمولة التي كان يتقاضاها وقضي بأحقيته لها وامتنعت عن أدائها في الفترة من 1/ 7/ 1969 إلى 31/ 12/ 1972 كما اقتطعت جزءاً من أجره، فقد أقام الدعوى بطلبه آنف البيان. وبتاريخ 8/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 27/ 12/ 1976 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 3553 ج و651 م، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" وقيد الاستئناف برقم 65 لسنة 30 ق. وبتاريخ 9/ 6/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة. فحددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب. تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضده لنسبة العمولة التي كان يتقاضاها لدى عمله بشركة التعبئة المصرية - أيوت - على أساس أن النزاع بين الطرفين قد انحسم بالحكم في الاستئناف رقم 7 لسنة 10 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" بأحقية المطعون ضده لهذه النسبة عن مدة أخرى فإن حجية الأمر المقضي لهذا الحكم تحول دون معاودة النزاع من جديد على نسبة العمولة في المدة محل التداعي، في حين أن العمولة تعتبر من ملحقات الأجر غير الدائنة والحكم للمطعون ضده بها عن مدة سابقة طبقاً للنسب التي وضعتها شركة التعبئة المصرية - أبوت - لا يجوز حجية الأمر المقضي في دعوى المطالبة بها عن مدة لاحقة طبقاً للنظام الذي وضعته الطاعنة لاختلاف الموضوع في الدعويين. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه وأياً كان وجه الرأي في النعي، فإنه لما كان الحكم رقم 7 لسنة 16 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" قد نقض بالحكم الصادر في الطعن رقم 796 لسنة 45 ق بتاريخ 22/ 3/ 1981 وزالت بذلك كافة الآثار المترتبة عليه فإن التحدي بحجيته في النزاع الماثل يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنه لما كانت المادة 29 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام تخول مجلس إدارة الشركة الحق في أن يضع ابتداء نظاماً للعمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة، ومن ثم يكون له الحق في تعديل هذا النظام، فإن الحكم المطعون فيه، إذ جرى في قضائه على عدم أحقية الطاعنة في تعديل نسب العمولة التي كان يتقاضاها المطعون ضده لدى شركة التعبئة المصرية - أيوت - طبقاً لعقد عمله بمقولة إن ذلك ينطوي على تعديل في الأجر بغير موافقة العامل فيكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان النص في المادة 29 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام المعدلة بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 67 - الذي يحكم واقعة الدعوى - على أن (يضع مجلس الإدارة نظاماً للحوافز بما يحقق حسن استخدامها على أساس المعدلات القياسية العادلة للإنتاج ومستوى الأداء.... ويجوز لمجلس الإدارة وضع نظام للعمل بالقطعة أو الإنتاج أو بالعمولة بحيث يتضمن معدلات الأداء الواجب تحقيقها بالنسبة للعامل أو مجموعة العاملين والأجر المقابل لها وحساب الزيادة والنقص في هذا الأجر عند زيادة الإنتاج أو نقصه عن المعدلات المقررة. كما يتضمن النظام كيفية حساب الأجر عند القيام بالإجازات والعطلات أو النقل إلى وظيفة لا تعمل بنظام الأجر بالإنتاج...) يدل على أن لمجلس إدارة شركة القطاع العام الحق في تحديد نسب العمولة أو تعديلها طالما أن ذلك يستهدف تطوير الإنتاج وتنميته بشرط أن يتم ذلك في إطار نظام عام للعمولة يسري على كافة العاملين دون تمييز. وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده التحق بالعمل بشركة التعبئة المصرية - أبوت - بأجر ثابت وعمولة توزيع، ثم أصبحت هذه الشركة بعد تأسيسها شركة القاهرة لتعبئة الزجاجات وألحق فرع المياه الغازية الذي كان يعمل به المطعون ضده بالشركة الطاعنة التي وضعت نظاماً عاماً وشاملاً للعمولة على المبيعات وحددت نسبة معينة لحسابها تسري على كافة العاملين في توزيع منتجاتها، ومن ثم يكون المطعون ضده خاضعاً لهذا النظام بعد إلحاق فرع المياه الغازية بالشركة الطاعنة ولا يجوز له النعي عليه ولو أدى ذلك النظام إلى نقص عمولته فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه للمطعون ضده بالعمولة وفقاً للنسب التي قررتها شركة التعبئة المصرية - أبوت - على مصادرة حق الشركة الطاعنة في تعديل هذه النسب يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثالث للطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم، ولأن الثابت في الدعوى أن المطعون ضده لا يستحق أية فروق في العمولة طبقاً لنظام العمولة الذي وضعته الشركة الطاعنة" فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 65 لسنة20 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق "بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.