الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أغسطس 2023

الطعن 242 لسنة 49 ق جلسة 28 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 190 ص 1053

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي ومحمد لبيب الخضري.

-----------------------

(190)
الطعن رقم 242 لسنة 49 القضائية

(1) قانون. "سريانه من حيث الزمان".
القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة. سريانه على حالات الفقد أو الوفاة أو الاستشهاد أثناء العمليات الحربية اعتباراً من 6 أكتوبر 1973 م 121 من القانون المذكور.
(2، 3) اختصاص "اختصاص ولائي". تعويض. دعوى.
(2) اختصاص المحاكم ذات الولاية العامة بنظر دعوى المطالبة بمكافأة استشهاد الجندي أثناء العمليات الحربية. علة ذلك.
(3) الإجراءات التي نصت عليها المادة 82 من القانون 90 سنة 1975 لإثبات سبب وفاة الجندي لا يمنع من اختصاص المحاكم العادية بنظر دعوى المطالبة بمكافأة الاستشهاد. علة ذلك.
(4) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة". نقض "السبب الموضوعي".
لقاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير ما يقدم له من الأدلة. عدم خضوعه في ذلك لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.

---------------------
1 - إن كان القانون رقم 90 لسنة 1975 قد صدر بعد حصول الوفاة محل النزاع إلا أنه نص في المادة 121 منه على أن تعاد تسوية حالات الاستشهاد أو الفقد أو الوفاة التي حدثت اعتباراً من 6 أكتوبر سنة 1973 فيما يتعلق بالمعاش والتأمين ومكافأة الاستشهاد.
2 - لما كانت نصوص القانون رقم 90 سنة 1975 قد خلت من أي نص يتعلق باختصاص جهة قضائية أخرى بالحكم في دعوى المطالبة بمكافأة استشهاد الجندي وكانت المطالبة بهذه المكافأة وهي مبلغ مالي محدد لا تعتبر منازعة إدارية يختص بها مجلس الدولة فإن الاختصاص بها يكون للمحاكم ذات الولاية العامة.
3 - إذ كان إثبات سبب وفاة الجندي مما يتطلب إجراءات خاصة نص عليها في المادة 82 من القانون رقم 90 سنة 1975 فإن المحاكم ملزمة بتطبيق قوانين الدولة على الواقع في القضايا التي تختص بنظرها ولها في سبيل ذلك مراقبة الخصومة في إثبات الواقعة وإثبات التخلص منها طبقاً لما تقضي به القوانين في هذا الصدد ولا يعوق اختصاصها بنظر الدعوى أن يكون إثبات حالة ما يتوقف عليه الحكم فيها مرهوناً بإجراءات قانونية معينة سواء كانت هذه الإجراءات قد اتخذت أم لم تتخذ فذلك كله خاضع لتقديرها ولما تكون به عقيدتها في الدعوى طبقاً للقانون.
4 - من المقرر أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير ما يقدم إليه في الدعوى من أدلة لا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون استخلاصه لما استخلص سائغاً وله دليل من الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 2038 لسنة 1977 مدني كلي المنيا على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهما مبلغ عشرة الآف جنيه - والمصاريف والأتعاب والنفاذ - وقالا في شرحها إن ابنهما..... استدعى لأداء الخدمة العسكرية في 30/ 1/ 1971 وظل مجنداً إلى أن توفى في 5/ 10/ 1974 ولما كان هذا الابن يعمل ميكانيكياً وهو في ريعان شبابه ويعولهما فإن وفاته ألحقت بهما ضرراً مادياً وأدبياً كبيراً مما حدا بهما لإقامة الدعوى - وبجلسة 9/ 2/ 1978 قضت محكمة أول درجة باستجواب المطعون ضدها في أساس الدعوى وسبب الوفاة وما إذا كانا قد صرفا تعويضاً ونوعه ومقداره وقرر المطعون ضده الأول بجلسة 29/ 3/ 1978 أن نجله توفى أثناء العمليات العسكرية وأنه يستند في طلب التعويض إلى القانون رقم 90 لسنة 1975 وأن ما سبق صرفه له هو مبلغ 45 ج مصاريف الجنازة، مبلغ 35 ج و733 م منحة العبور، وبجلسة 28/ 6/ 1978 قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهما مبلغ مائتي جنيه والمصاريف، ولم يرتض الطاعن بصفته هذا القضاء فطعن عليه بالاستئناف رقم 311 لسنة 14 ق أمام محكمة استئناف بني سويف مأمورية المنيا، وبجلسة 9/ 12/ 1978 قضت المحكمة الاستئنافية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف الأول بصفته (الطاعن) بأن يؤدي للمطعون ضدها مائتي جنيه والمصاريف والأتعاب، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة بغرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها ألزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين يقول في الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه قد رفض الدفعين بعدم الاختصاص الولائي وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني استناداً إلى أن نجل المطعون ضدها قد توفى في 5/ 10/ 1974 في جبهة القناة وتنطبق على حالته أحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 بما يستحق معه المطعون ضدها مكافأة استشهاد عنه وفات الحكم أن القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 116 لسنة 1964 الذي حصلت الوفاة في ظله وقبل صدور القانون رقم 90 لسنة 1975، وفي الوجه الثاني يقول الطاعن إن المحاكم العادية غير مختصة بنظر هذه الدعوى عملاً بالمادة 69 من القانون رقم 116 لسنة 1964 الذي يتطلب عرض الأمر على اللجنة المختصة لتصدر قراراها بعد فحص تقرير المجلس الطبي العسكري والاطلاع على التحقيق بتحديد ما إذا كان الجندي قد قتل بسبب العمليات العسكرية من عدمه وبالتالي فإن قرار هذه اللجنة يعتبر من القرارات الإدارية ويكون الطعن عليه أمام جهة القضاء الإداري.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول ذلك أنه وإن كان القانون رقم 90 لسنة 1975 قد صدر بعد حصول الوفاة محل النزاع إلا أنه نص في المادة 121 منه على أن "تعاد تسوية حالات الاستشهاد أو الفقد أو الوفاة..... التي حدثت اعتباراً من 6 أكتوبر سنة 1973 فيما يتعلق بالمعاش والتأمين الإضافي ومكافأة الاستشهاد"... لما كان ذلك وكانت دعوى المطعون ضدهما طبقاً للتعديل الأخير بطلب مكافأة استشهاد عن وفاة حصلت بعد 6 أكتوبر سنة 1973 فإن القانون 90 سنة 1975 ينطبق عليها بما نص عليه صراحة فيه والنعي مردود في وجهه الثاني بأن القانون رقم 90 سنة 1975 المشار إليه قد نص في المادة الثانية من مواد إصداره على أن تحل أحكامه محل القانون رقم 116 سنة 1964 في شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويضات للقوات المسلحة ومن ثم فإنه أياً كان الرأي فيما نص عليه القانون 116 سنة 1963 في شأن اختصاص اللجنة المشار إليها فيه وحجية قراراتها فإن القانون رقم 90 سنة 1975 ينطبق بأثره الفوري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل العمل به ولما كانت نصوصه قد خلت من أي نص يتعلق باختصاص جهة قضائية أخرى بالحكم في دعوى المطالبة بمكافأة استشهاد الجندي وكانت المطالبة بهذه المكافأة وهي مبلغ مالي محدد بالقانون لا تعتبر منازعة إدارية يختص بها مجلس الدولة فإن الاختصاص بها يكون للمحاكم ذات الولاية العامة، ولا يقدح في ذلك أن يكون إثبات سبب وفاة الجندي مما يتطلب إجراءات خاصة نص عليها في المادة 82 من القانون رقم 90 سنة 1975 إذ أن المحاكم ملزمة بتطبيق قوانين الدولة على الواقع في القضايا التي تختص بنظرها ولها في سبيل ذلك مراقبة الخصومة في إثبات الواقعة وإثبات التخلص منها طبقاً لما تقضي به القوانين في هذا الصدد ولا يعوق اختصاصها بنظر الدعوى أن يكون إثبات حالة مما يتوقف عليه الحكم فيها مرهوناً بإجراءات قانونية معينة سواء كانت هذه الإجراءات قد اتخذت أم لم تتخذ فذلك كله خاضع لتقديرها ومما تكون به عقيدتها في الدعوى طبقاً للقانون - لما كان ذلك - فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى نعي الطاعن بصفته بالسبب الأول والوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة قواعد الإثبات وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على مستندين هما شهادة قائد الوحدة التي كان يعمل بها ابن لمطعون ضدهما بالجيش الثاني الميداني وشهادة وفاته بمنطبقة كبريت بجبهة القناة في حين أن هذين المستندين لا يمكن أن يستخلص منهما ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أن وفاة نجلهما سببها الاستشهاد إذ يمكن أن تكون الوفاة طبيعية أو نتيجة حادث لا دخل للأعمال الحربية فيه أو نتيجة خطأ الجندي نفسه، كما أنه طبقاً للقواعد العامة في الإثبات فإنه يقع على عاتق المطعون ضدهما إثبات عناصر دعواهما ورغم عدم إثباتها من جانبهما فقد قضى الحكم المطعون فيه بطلباتهما كما بني على ما ورد بمحضر استجواب المطعون ضده الأول الذي قرر فيه أن ابنه قد استشهد دون أن يقدم دليلاً على ذلك مما يعد مخالفة للقانون إذ أن أقوال الخصم لا تنهض دليلاً على ما يدعيه مما يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه ولئن كان من المقرر أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير ما يقدم إليه في الدعوى من أدلة لا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون استخلاصه لما استخلص سائغاً وله دليل من الأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما ثبت للمحكمة من شهادة قائد وحدة الجندي مورث المطعون ضدهما أن الجندي المذكور كان ضمن قوة الوحدة التي تخدم في الخطوط الأمامية لجبهة القنال ضمن قوات أفراد الجيش الثالث الميداني وشهادة وفاته التي حدثت بمنطقة كبريت وخلص من ذلك أن الجندي قد استشهد أثناء العمليات العسكرية وقضي للمطعون ضدهما بمكافأة الاستشهاد على هذا الأساس حالة أن الشهادة الأولى لم تتضمن أن الوفاة حصلت في أثناء العمليات الحربية، كما لم تتضمن بياناً بالظروف التي أحاطت بالإصابة أو بالوفاة طبقاً لما تقضي به المادة 82 من القانون رقم 90 سنة 1975 حتى يمكن التحقق مما إذا كانت الوفاة تعتبر استشهاداً أم غير ذلك وكانت الأوراق خلواً مما يدل على ذلك مما لا يسوغ للحكم المطعون فيه استخلاص النتيجة التي انتهى إليها إذ قد تكون الوفاة في حالة وقوعها بمنطقة كبريت بجهة القناة - ليست بسبب العمليات العسكرية بأن تكون طبيعية أو نتيجة حادث لا علاقة له بالعمليات العسكرية أو بسبب خطأ المجني عليه نفسه وبالتالي لا تعد استشهاداً ولم يقدم المطعون ضدها دليلاً آخر يفيد ذلك وإذ أحال الحكم المطعون فيه في هذا الشأن إلى الحكم المستأنف من أن الأخير قد أعمل حكم القانون على واقعة الدعوى وطبقه تطبيقاً سلينا فقد جاء ذلك الحكم خلواً من دليل على أن الوفاة نتيجة العمليات العسكرية وإنما استند في ذلك إلى مجرد إقرار المطعون ضده الأول بمحضر الاستجواب ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وما أحال عليه مشوباً بالقصور والفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه.

الطعن 104 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 121 ص 805

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

------------------

(121)
الطعن رقم 104 لسنة 25 القضائية

(أ، ب) ملكية "أسباب كسب الملكية" "الميراث وتصفية التركة". تركة. نقض "المصلحة في الطعن".
ما يجب اتخاذه من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة يصدر الأمر به من المحكمة لا من قاضي الأمور الوقتية. م 881 مدني.
لا مصلحة في طعن بني على سبب لو صح واقتضى نقض الحكم لما عاد على الطاعن بأية فائدة. مثال في تصفية تركة.

--------------------
1 - مؤدى نص المادة 881 من التقنين المدني الجديد أن ما يجب اتخاذه من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة إنما يصدر به الأمر من "المحكمة" المقدم لها طلب التصفية وليس من قاضي الأمور الوقتية، وليس أقطع في الدلالة على أن المشرع قد جعل سلطة اتخاذ الاحتياطات المستعجلة منوطة "بالمحكمة" لا بقاضي الأمور الوقتية، من أنه ناط بالمحكمة اتخاذ تلك الإجراءات ليس فقط بناءً على طلب أحد ذوي الشأن أو النيابة العامة، بل إنه أيضاً خول لها اتخاذ تلك الاحتياطات من تلقاء نفسها ودون طلب ما - وهو أمر لا يتصور حصوله من قاضي الأمور الوقتية.
2 - لما كان مؤدى نص المادة 881 من التقنين المدني الجديد أن ما يجب اتخاذه من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة إنما يصدر به الأمر من "المحكمة" المقدم لها طلب التصفية - وليس من قاضي الأمور الوقتية - وكان ما تهدف إليه الطاعنة بطعنها من إعمال أحكام التصفية الواردة في التقنين المدني الجديد لا يحقق لها ما تبتغيه من ذلك، لأن الأوامر التي استصدرتها من قاضي الأمور الوقتية قد صدرت من غير ذي اختصاص فهي حتمية الإلغاء على أي اعتبار، فإن طعنها يكون غير مجد، إذ لو صحت أسبابه واقتضت نقض الحكم المطعون فيه فإنه لا تعود عليها من هذا النقض أية فائدة ومن ثم يتعين رفض الطعن.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 13/ 5/ 1954 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 2092 سنة 1954 مدني كلي بمحكمة القاهرة الابتدائية على المطعون عليهم الثلاثة الأولين، وذكرت فيها أن المطعون عليه الثالث تزوج بوالدتها المرحومة أنيسة سعد غبريال في سنة 1903 وكان يتولى إدارة أملاكها وأموالها إلى أن توفيت في 11 أغسطس سنة 1929، وظلت الأموال تحت يده دون أن يقدم حساباً عن إدارته - ولما كانت ترث نصف تركة والدتها - فقد أقامت هذه الدعوى بطلب تعيين مصف للتركة يستمد مهمته من نصوص المواد 875 وما بعدها من التقنين المدني - ثم استصدرت الطاعنة من قاضي الأمور الوقتية (بمحكمة القاهرة الابتدائية) أربعة أوامر على عرائض - في تواريخ 20 مايو سنة 1954 و5 يونيه سنة 1954 و10 يونيه سنة 1954 و23 يونيه سنة 1954 أولها بتوقيع الحجز التحفظي على الأموال والأوراق الخاصة بالمرحومة أنيسة سعد غبريال الموجودة في حيازة ومنازل ومكاتب المطعون عليهم المذكورين وما لدى بنك مصر والبنك الأهلي من أموال وأوراق مالية ومجوهرات وأشياء ذات قيمة محفوظة في خزائن خاصة وغيرها - وثانيها بفتح الخزانة المؤجرة من بنك مصر للمطعون عليها الأولى وجرد محتوياتها وتعيين حارس عليها من قبل البنك وتحت مسئوليته وإعادة غلقها وتحرير محضر وقائمة جرد بمحتويات الخزانة، ثالثها بوضع الأختام على الخزانة المؤجرة للمطعون عليها الأولى من بنك مصر ووضعها في عهدة أحد موظفي البنك المسئولين، ورابعها بوضع الأختام على الخزانة المؤجرة من بنك مصر للمطعون عليها الأولى وتكليف أحد المحضرين بهذا الإجراء وتركها تحت حراسة ومسئولية بنك مصر لحين الفصل في القضايا. ورفعت عن هذه الأوامر تظلمات إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية بطلب إلغائها واعتبارها كأن لم تكن مع إلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة... إلخ. وبتاريخ 23 أغسطس سنة 1954 حكمت المحكمة الابتدائية أولاً: بعدم قبول التظلم المرفوع من كل من المطعون عليهما الأول والثاني عن الأوامر الصادرة في 5 و10 و23 يونيه سنة 1954. وثانياً: بقبول التظلم المقدم من المطعون عليهم الثلاثة الأولين عن الأمر الصادر بتاريخ 20 مايو سنة 1954 شكلاً. وثالثاً: بقبول التظلم المقدم من المطعون عليها الأولى في الأوامر الصادرة في 5 و10 و23 يونيه سنة 1954 شكلاً ورابعاً - بإلغاء الأوامر الأربعة الصادرة بتاريخ 20 من مايو سنة 1954، 5 و10 و23 يونيه سنة 1954 واعتبار تلك الأوامر كأن لم تكن وإلغاء كل ما ترتب على صدورها من إجراءات وألزمت الطاعنة (المتظلم ضدها) بالمصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وبتاريخ 2 سبتمبر سنة 1954 استأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 944 لسنة 71 ق. طالبة قبول استئنافها شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف بجميع أجزائه وتأييد الأوامر الأربعة وبصحة إجراءاتها مع إلزام المستأنف عليهم الثلاثة الأولين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبتاريخ 23 من يناير سنة 1955 حكمت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصاريف، 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم الثلاثة الأول، وبتاريخ 14 مارس سنة 1955 قررت الطاعنة الطعن بالنقض في هذا الحكم - وبعد استيفاء الإجراءات أيدت النيابة رأيها في مذكرتها برفض الطعن. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من يونيه سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها. وقررت دائرة الفحص بتلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 5/ 11/ 1959 وصممت النيابة العامة فيها على رأيها السالف ذكره.
ومن حيث إنه يتضح من السببين الواردين بتقرير الطعن أن الطاعنة تهدف بطعنها إلى إعمال الأحكام التي أوردها المشرع في التقنين المدني الجديد في شأن الميراث وتصفية التركة، قولاً منها بأن تلك الأحكام تنطوي على أحكام إجرائية لها طبيعة قواعد المرافعات فتسري طبقاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات على كل التركات التي لم يحكم بتصفيتها بعد ولو كانت التركة قد نشأت بوفاة المورث قبل نفاذ التقنين المدني الجديد، وترتيباً على ذلك ترى الطاعنة أنه يحق لها بمقتضى نص المادة 881 من ذلك التقنين أن تستصدر من قاضي الأمور الوقتية من الأوامر ما يكون له صفة الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة ولها بوجه خاص أن تستصدر منه أوامر وقتية بوضع وإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء ذات القيمة.
وحيث إن طعن الطاعن على النحو السابق بيانه غير مقبول ذلك أن المادة 881 من التقنين المذكور إذ تجري "بأن على المحكمة أن تتخذ عند الاقتضاء جميع ما يجب من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة وذلك بناءً على طلب أحد ذوي الشأن أو بناءً على طلب النيابة العامة أو دون طلب ما. ولها بوجه خاص أن تأمر بوضع الأختام وإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء ذات القيمة"، فإن مؤدى ذلك أن ما يجب اتخاذه من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة إنما يصدر به الأمر من "المحكمة" المقدم لها طلب التصفية - وليس من قاضي الأمور الوقتية - وليس أقطع في الدلالة على أن المشرع قد جعل سلطة اتخاذ الاحتياطات المستعجلة منوطة بالمحكمة لا بقاضي الأمور الوقتية. من أنه ناط بالمحكمة اتخاذ تلك الإجراءات ليس فقط بناءً على طلب أحد ذوي الشأن أو النيابة العامة. بل إنه أيضاً خول لها اتخاذ تلك الاحتياطات من تلقاء نفسها ودون طلب ما، وهو أمر لا يتصور حصوله من قاضي الأمور الوقتية، وإذ كان ذلك فإن ما تهدف إليه الطاعنة بطعنها من إعمال أحكام التصفية الواردة في التقنين المدني الجديد لا يحقق لها ما تبتغيه من ذلك، لأن الأوامر التي استصدرتها من قاضي الأمور الوقتية قد صدرت من غير ذي اختصاص فهي حتمية الإلغاء على أي اعتبار، ومن ذلك يبين أن طعن الطاعنة غير مجد إذ لو صحت أسباب طعنها واقتضت نقض الحكم المطعون فيه فإنه لا تعود عليها من هذا النقض أية فائدة. ومن ثم يتعين رفض الطعن.

الطعن 83 لسنة 25 ق جلسة 17 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 120 ص 798

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

------------------

(120)
الطعن رقم 83 لسنة 25 القضائية

عمل "انحلال عقد العمل" "الانتهاء العادي لعقد العمل" "قواعده الموضوعية" "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". حكم "عيوب التدليل" "القصور" "ما يعد كذلك".
- سلطة رب العمل في تنظيم منشأته باعتباره المالك والمسئول عن إدارتها. تضييقه لدائرة نشاطه أو ضغطه لمصروفاته تفادياً لكارثة مالية أوشكت أن تنزل به وحريته في اتخاذ ما يراه من الوسائل الكفيلة بتوقي الخطر الذي يهدده والمحافظة على مصالحه المشروعة.
- ابتناء الحكم على نظر خاطئ مؤداه أنه لم يكن في إعادة تنظيم رب العمل لمنشأته ما يحتم طرد العامل من عمله يعتبر مجادلة منه لرب العمل في الوسائل التي اتخذها لإعادة تنظيم عمله توقياً لخطر يتهدده. أمر غير جائز قانوناً.
- دفع العامل بعدم صحة ما أسس عليه رب العمل قراره في إعادة تنظيم عمله وحجب المحكمة نفسها عن هذا البحث وإقامتها حكمها على افتراض صحة ما يدعيه رب العمل في هذا الخصوص لا يعتبر تسليماً منها بصحة هذا الادعاء أو نفيه. يعيب حكمها بمخالفة القانون والقصور.

----------------------
لصاحب العمل قانوناً السلطة في تنظيم منشآته باعتبار أنه هو المالك لها والمسئول عن إدارتها ولا معقب على تقديره إذا رأى - لأزمة اقتصادية ظهر أثرها عليه أو كارثة مالية توشك أن تنزل به - تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته بما يجعل له الحرية تبعاً لذلك في اتخاذ ما يراه من الوسائل الكفيلة بتوقي الخطر الذي يهدده والمحافظة على مصالحه المشروعة، فإذا كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بني على نظر خاطئ مخالف لما سبق - مؤداه أنه لم يكن في إعادة تنظيم الشركة الطاعنة لمنشآتها ما يحتم طرد المطعون عليه من عمله - فجادل الحكم بذلك الشركة الطاعنة في الوسائل التي تتخذها لإعادة تنظيم عملها توقياً لما يتهددها من خطر وهو أمر غير جائز له قانوناً، وكان الحكم فيما انساق إليه من هذا الخطأ قد حجب نفسه عن البحث فيما دفع به المطعون عليه دعوى الشركة الطاعنة من عدم صحة ما أسست عليه قرارها في إعادة تنظيم أعمالها وإنما بني قضاءه على افتراض صحة ما تدعيه الشركة في هذا الخصوص - ولا يعتبر ذلك من الحكم تسليماً منه بصحة هذا الادعاء أو نفيه، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور يستوجب نقضه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن المطعون عليه رفع الدعوى رقم 1530 سنة 1951 كلي مصر على الشركة الطاعنة بعريضة قال فيها أنه كان يعمل بشركة "يونيفرسال" منذ سنة 1931 وظل يتدرج في وظائفها حتى أصبح في سنة 1949 مساعداً للمدير العام بها. وفي تلك السنة عرضت عليه الشركة الطاعنة الالتحاق بوظيفة مدير لها في مصر فقبل هذا المنصب بالرغم من خدمته الطويلة في الشركة السابقة بعد أن تعهدت له الشركة الطاعنة على لسان ممثلها بأن تحل محل تلك الشركة في الالتزام بحقوقه عن مدة خدمته السابقة. وورد له خطاب التعيين في الشركة الطاعنة في أول يوليه سنة 1946 اعتباراً من 8 من نفس الشهر ولم يمض أكثر من شهر على تعيينه حتى ظهر الأثر الطيب لإدارته وخبرته الطويلة في الأفلام السينمائية فزادت إيرادات الشركة في مصر منذ بدء إدارته حتى بلغت 201 ألف جنيه في سنة 1949 وكانت 94 ألف جنيه في سنة 1946 نتيجة خبرته بالعمل وتعاقده على أفلام الشركة في مختلف بلاد الشرق الأدنى والأوسط حيث كان يسافر إلى هذه البلاد لإبرام العقود ومراقبة حسن سير العمل بها وكانت الشركة على علم بمجهوداته المضنية وكثيراً ما شكرته على جهوده في رسائل متعددة إلى أن حلت سنة 1950 فتغير ممثل الشركة في القطر المصري وأخذ الممثل الجديد يعمل على الحد من سلطته الإدارية والتضييق من اختصاصه لغير ما سبب سوى معارضته في سياسة التبذير في أموال الشركة وعدم انصياعه لإرضاء ميله إلى التزلف والملق، ثم فوجئ المطعون عليه بالاستغناء عن خدماته في 15 من ديسمبر سنة 1950 دون سابقة إنذار وفي وقت غير لائق، وقد ناله من هذا الفصل التعسفي ضرر مادي وأدبي قدره بمبلغ 20.000 جنيه طلب الحكم له به على الشركة الطاعنة تعويضاً له عن ذلك يدخل فيها مرتب مهلة الإنذار ومرتب إجازة سنة 1950 ومكافأة مدة خدمته في الشركة الطاعنة وفي شركة يونيفرسال التي تعهدت الشركة الطاعنة بأدائها إليه ومصاريف نقل أثاثه ومسكنه من الإسكندرية إلى مصر عقب التحاقه بوظيفته في الشركة الطاعنة - طلبت الشركة الطاعنة رفض الدعوى فيما زاد عن مبلغ 395 جنيه و200 مليم عبارة عن مكافأة مدة خدمة المطعون عليه لديها ومرتب مهلة الإنذار ومرتب مقابل الإجازة، وقالت إنها استعملت حقها في فصل المطعون عليه باعتبار أن العقد غير محدد المدة وأنكرت حصول أي تعسف منها في فصله وعزت هذا الفصل إلى ما لاحظته في عمله من مآخذ وما نسبته إليه من تقصيرات أشارت إليها في دفاعها كما عزته إلى ما أوردته في خطاب الفصل من رغبة الشركة في إعادة تنظيم أعمالها في الشرقين الأوسط والأدنى لسبب ما بدأت تعانيه صناعة السينما من أزمات اقتصادية من سنة 1950 لسبب انتشار التليفزيون في أمريكا ومعظم الأقطار الأوربية بحيث لم تعد إيراداتها كافية لتغطية الخسائر العظيمة بأمريكا ما دعاها إلى تخفيض مرتبات الكثير من مستخدميها والاستغناء عن 130 من مديريها من بينهم المطعون عليه - كما دفعت الشركة الطاعنة الدعوى بأن المطعون عليه لم ينله أي ضرر من هذا الفصل لأنه سرعان ما كون شركة لتوزيع الأفلام درت عليه أرباحاً تفوق مرتبه، ثم ساهم في شركتين أخريين وكان ذلك بفضل ما نال من شهرة نتيجة التحاقه بخدمتها. وبتاريخ 28/ 12/ 1953 حكمت المحكمة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 2951 جنيه و560 مليم مع المصاريف المناسبة ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة من ذلك مبلغ 395 جنيه و200 مليم التي سلمت الطاعنة بحق المطعون عليه فيه ومبلغ 2556 جنيه و360 مليم - كتعويض شامل عن الفسخ التعسفي، واستندت في ذلك إلى ما تذرعت به الطاعنة من أسباب لفصل المطعون عليه لم تذكرها بخطاب الفصل لا تكون أسباباً جدية للفصل وتكون المحكمة في حل من عدم تحقيقها. وما تذرعت به في ذلك الخطاب من حاجتها لتنظيم العمل لتغطية خسائرها مما اضطرها إلى الاستغناء عن عدد كبير من موظفيها فإن جاز بالنسبة لباقي الموظفين المفصولين فإنه لا يجوز بالنسبة للمطعون عليه لأن فرع القطر المصري لم تصبه خسارة مالية بسبب عدم دخول التليفزيون به بعد - استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 39 سنة 71 ق طالبة إلغاءه فيما زاد عن مبلغ 395 جنيه و200 مليماً - كما استأنفه المطعون عليه أمام تلك المحكمة برقم 90 سنة 71 طالباً تعديله والحكم له بطلباته كلها. فضمت محكمة الاستئناف هذين الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 21 من فبراير سنة 1955 برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بمصروفات استئنافها وبإلزام المطعون عليه بنصف مصروفات استئنافه وبإعفائه من النصف الباقي وبالمقاصة في أتعاب المحاماة وبتاريخ أول مارس سنة 1955 قامت الشركة الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وبتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على طلبها، فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959 - وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم خطأه في تطبيق القانون وقصور التسبيب، ذلك أن إجماع الفقه والقضاء منعقد على أن صاحب العمل الذي تصادفه أزمة اقتصادية له الحق في إعادة تنظيم عمله اقتصاداً للنفقات وانتهاجاً لسياسة أخرى، له في هذا السبيل مطلق الحرية في الاحتفاظ بمن يشاء من عماله ومستخدميه والاستغناء عمن يشاء منهم وسلطته في ذلك لا معقب عليها، وقد دفعت الطاعنة الدعوى لدى محكمة الموضوع بدرجتيها بأن ضائقة مالية حلت بصناعة إنتاج الأفلام السينمائية بسبب انتشار التليفزيون في أوروبا وأمريكا انتشاراً سبب منافسة خطيرة للسينما هددها بالفناء، وأشارت المجلات العالمية إلى ذلك، كما أشار مدير الشركة الطاعنة إلى هذه الأزمة وما يجب عليه اتخاذه من الإجراءات لتفاديها كضغط المصروفات والاستغناء عن عدد وفير من المديرين والموظفين والعمال وتخفيض أجورهم وبالجملة إعادة تنظيم نشاط الشركة، وفي سبيل ذلك ولتوجيه سياسة الشركة وجهة جديدة استغنت الشركة عن خدمات المطعون عليه من بين 130 مديراً من مديريها ولم تعين بديلاً عنه إلا بعد سنة ونصف سنة إذ رقت المدير العام المساعد إلى منصب مدير عام وضغط مصروفاتها من 17856 جنيهاً و420 مليماً إلى 14178 جنيهاً و6 مليماً في سنة 1950، وترتب على ذلك كله أن ارتفع رقم الإيرادات فتضاعف خلال ثلاث سنوات من سنة 1951 إلى سنة 1953 إلى رقم قياسي هو 142050 جنيهاً و676 مليماً ونقصت الخسارة في سنة 1951 إلى نصفها في سنة 1950 ثم انعدمت بعد ذلك مباشرة. وقد قال الحكم الابتدائي الذي تبنته محكمة الاستئناف عن ذلك أنه مهما يكن من أمر ما تدعيه الشركة من الخسائر التي لحقت بها وما أسمته بالحملة الاقتصادية التي تسبب عنها إخراج 130 مديراً من مديري الشركة فإنه إذا جاز أن يشمل هذا الوفر بعض المديرين بالشركة فإنه لا يجوز أن يشمل المطعون عليه، إذ أن فرع القطر المصري لم تصبه خسارة مالية تبرر هذا الفصل لأن التليفزيون لم يدخل مصر - وليس في إعادة التنظيم ما يحتم طرد المدعي من عمله وإحلال آخر محله حتى ولو كان هذا الموظف الجديد من نفس موظفي الشركة. وقضاء الحكم على هذا الوجه مشوب بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الحكم لم ينف أن خسائر أصابت الشركة عموماً ولا أنها لجأت إلى إعادة تنظيم أعمالها لمواجهة الأزمة التي تحيق بها. لأن الواقع الثابت قاطع في ذلك كله ولأن المطعون عليه لم يستطع نفي شيء منه. ومؤدى ذلك قانوناً أنه لم يثبت لدى المحكمة أن الشركة الطاعنة قد ارتكبت عسفاً في فسخ العقد أو أنها أساءت استعمال حقها وكان ذلك يقتضي أن تنزل المحكمة على ذلك حكم القانون فتقضي برفض الدعوى. إلا أنها لم تفعل وذهبت إلى أن الخسائر لا تبرر فسخ العقد وأن الحملة الاقتصادية لا تحتم الاستغناء عن المطعون عليه - وفي ذلك مخالفة للقانون. ذلك أن الرأي منعقد بالإجماع على الوجه الذي تقدم على أن لصاحب العمل مطلق الحرية في إعادة تنظيم عمله لتفادي الأزمة التي تحيق به وأنه لا معقب عليه فيما يجريه في ذلك.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الشركة الطاعنة بررت فصلها للمطعون عليه من عمله في كتابها الرقيم 15 من ديسمبر سنة 1950 برغبتها في إعادة تنظيم مكتبيها بالشرقين الأدنى والأوسط وعللت هذا التنظيم - على ما ورد في الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه "بأنها رأت أن صناعة السينما بدأت منذ سنة 1950 تعاني أزمات اقتصادية سببها الأول انتشار التليفزيون بأمريكا وبكثير من الأقطار الأوربية مما جعل الناس ينصرفون عن دور السينما حتى في البلاد التي لم يدخلها التليفزيون بعد كالقطر المصري فإن إيراداتها لم تعد كافية لتغطية الخسائر العظيمة بأمريكا - لذلك بدأت الشركات السينمائية في أمريكا ومن بينها المدعى عليها (الطاعنة) في اتخاذ حملة أسمتها الحملة الاقتصادية فبدأت بتخفيض مرتبات المستخدمين والممثلين والمخرجين والمنتجين بنسبة تتراوح بين 25%، 50% وقد شملت حملة الاقتصاد هذه مائة وثلاثين من مديري الشركة الذين اضطرت إلى الاستغناء عن خدماتهم، وكان المدعي (المطعون عليه) أحد هؤلاء ولم تعين الشركة في المكان الذي خلا منه بل أضيف اختصاصه إلى الأستاذ فتحي إبراهيم" - وقال الحكم إن المطعون عليه - رد على هذا القول من جانبه بأن الذي تتذرع به الشركة الطاعنة لا نصيب له من الصحة ثم استطرد بعد ذلك قائلاً إنه لا يعول على الأسباب التي جاءت تالية لكتاب الفصل واتخذتها الشركة مبررات لفصل المطعون عليه ثم قال إنه لا يبقى بعد ذلك إلا بحث ما جاء في كتاب الفصل وهو مراعاة التنظيم لمعرفة ما إذا كان هذا التنظيم مما يبرر فصل المدعي (المطعون عليه) أم لا - وأورد ما يأتي "وحيث إنه مهما يكن من أمر ما تدعيه الشركة من الخسائر التي أصابتها وفيما تسميه بالحملة الاقتصادية التي تسبب عنها إخراج مائة وثلاثين مديراً من مديري الشركة فإنه إذا أجاز أن يشمل هذا الوفر بعض المديرين بالشركة فإن هذا لا يجوز أن يشمل المدعي (المطعون عليه) وفرع القطر المصري لم تصيبه خسارة مالية تبرر هذا الفصل لأنه باعتراف الشركة فإن القطر المصري حتى الآن لم يدخله التليفزيون بعد - الأمر الذي يجعل رواد السينما ينصرفون عنها - وهذا على فرض صحة ما تدعيه الشركة - على أن خطاب الفصل لم يشمل سوء الحالة المالية المدعى بها وكل ما أشار إليه هو إعادة التنظيم وليس في إعادة التنظيم ما يحتم طرد المدعي من عمله وإحلال آخر محله حتى ولو كان هذا الموظف الجديد من نفس موظفي الشركة" وقد أيد الحكم المطعون فيه ذلك بما أورده في هذا الصدد من قول: "وبما أنه بالنسبة لما ذكرته الشركة من أن فصل المستأنف عليه (المطعون عليه) كان بسبب الخسائر التي لحقت صناعة السينما وضرورة ما رأته من إعادة تنظيم أعمالها فإن هذه المحكمة تقر محكمة الدرجة الأولى على ما ذهبت إليه في هذا الشأن" ولما كان لصاحب العمل قانوناً السلطة في تنظيم منشآته باعتبار أنه هو المالك لها والمسئول عنها وعن إدارتها ولا معقب على تقديره إذا رأى لازمة اقتصادية ظهر أثرها عليه أو كارثة مالية توشك أن تنزل به تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته بما يجعل له الحرية تبعاً لذلك - في اتخاذ ما يراه من الوسائل الكفيلة بتوقي الخطر الذي يهدده والمحافظة على مصالحه المشروعة وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ بني على نظر خاطئ مخالف لما سبق مؤداه أنه لم يكن في إعادة تنظيم الشركة الطاعنة لمنشآتها ما يحتم طرد المطعون عليه من عمله. فجادل الحكم بذلك الطاعنة في الوسائل التي تتخذها لإعادة تنظيم عملها توقياً لما يتهددها من خطر وهو أمر غير جائز له قانوناً - على ما سبق بيانه - وكان الحكم فيما انساق إليه من هذا الخطأ قد حجب نفسه عن البحث فيما دفع به المطعون عليه دعوى الشركة الطاعنة من عدم صحة ما أسست عليه قرارها في إعادة تنظيم أعمالها - وإنما بني قضاءه على افتراض صحة ما تدعيه الشركة في هذا الخصوص ولا يعتبر ذلك من الحكم تسليماً منه بصحة هذا الادعاء أو نفيه - لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون وشابه قصور يستوجب نقضه دون حاجة للبحث في باقي أسباب الطعن.

الطعون 1310 و1433 لسنة 12 ق و1068 لسنة 13 ق جلسة 3 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 76 ص 518

جلسة 3 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

-------------------

(76)

القضايا أرقام 1310 و1433 لسنة 12 القضائية و1068 لسنة 13 القضائية

دعوى الإلغاء "ميعاد رفع الدعوى. التظلم".
نص المادة 22 من قانون مجلس الدولة على اعتبار فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه - قيام هذا الرفض الحكمي على قرينة فوات هذا الفاصل الزمني دون أن تجيب الإدارة على التظلم - عدم قيام هذه القرينة إذا لم تهمل الإدارة التظلم وإنما اتخذت مسلكاً إيجابياً في سبيل الاستجابة إليه - المعول عليه في هذا الصدد هو المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعار الجهة الإدارية حقه فيه وليس المسلك الإيجابي في بحث التظلم - حساب ميعاد رفع الدعوى في هذه الحالة من التاريخ الذي تكشف فيه الإدارة عن نيتها - رفض التظلم بعد أن كانت المقدمات في مسلكها تنبئ بغير ذلك (1).

------------------
أنه ولئن كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه وإن كانت المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1655 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أن يعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة، أي افترضت في الإدارة أنها رفضت التظلم ضمناً باستفادة هذا الرفض الحكمي من قرينة فوات هذا الفاصل الزمني دون أن تجيب الإدارة عن التظلم، إلا أنه يكفي في تحقيق الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية المختصة لم تهمل التظلم، وأنها إذ استشعرت حق المتظلم فيه قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل استجابته: وكان فوات الستين يوماً راجعاً إلى بطء الإجراءات المعتادة بين الإدارات المختصة في هذا الشأن، والقول بغير ذلك مؤداه دفع المتظلم إلى مخاصمة الإدارة قضائياً في وقت تكون هي جادة في سبيل إنصافه وقد قصد الشارع من وجوب اتباع طريق التظلم الإداري تفادى اللجوء إلى طريق التقاضي بقدر الإمكان وذلك بحسم المنازعات إدارياً في مراحلها الأولى.
أنه ولئن كانت هذه المحكمة سبق لها أن قضت بما تقدم، إلا إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ واضحاً في تطبيق ما انتهت إليه هذه المحكمة، فقد استند الحكم المطعون فيه في القول بأن ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إلى المدعي الثاني ظل مفتوحاً، إلى أن الجهة الإدارية سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم منه "في حين إن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم هو أمر طبيعي وهو واجبها الذي يفترض قيامها به بالنسبة إلى تظلم يقدم إليها، ولم تقل - هذه المحكمة أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم من شأنه أن يفتح ميعاد الطعن، وإنما قالت "أنه يكفي في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من افتراض رفض الجهة الإدارية التظلم أن يتبين أنها إذ استشعرت حق المتظلم قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل إجابة تظلمه" فالمسلك الإيجابي الذي استندت إليه هذه المحكمة في حكمها السابق الإشارة إليه، ليس المسلك الإيجابي في بحث التظلم، وإنما المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعار الجهة الإدارية حقه فيه، والفرق واضح بين المسلكين.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعون - في أن المدعيين السيدين/ سالم محمد السيد ومحمد مبروك هريدي أقاما الدعوى رقم 299 لسنة 20 القضائية ضد السادة/ مفتش ري البحيرة ومفتش ري الوجه البحري ووزير الري بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 2 من ديسمبر سنة 1965، طلبا فيها "الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من السيد المدعى عليه الأول برقم 19906 في 8 من يوليه سنة 1964 بإنشاء طريق ري فوق أطيان المدعيين لري الأرض التي يدعي السيد/ أسعد صليب أنها مملوكة له، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الري مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواهما في أنهما يمتلكان أرضاً زراعية بزمام ناحية كوم أشو مركز كفر الدوار بحيرة مساحتها 49 ف 12 س بحوض السياخ الغربي قسم 18 قطعة رقم 94 و95 على وجه الشيوع بينهما، وفي 10 من يوليه سنة 1964 أعلن المدعي الأول بقرار صادر من مفتش ري البحيرة في 8 من يوليه سنة 1964، بناء على الشكوى المقدمة من السيد/ أسعد صليب التي يطلب فيها إيجاد طريق ري لأطيانه التي يقول أن مساحتها 38 فدان و3 قيراط و17 سهماً ضمن القطعة رقم 99 بحوض السياخ الغربي 5 قسم ثالث فصل أول بناحية كوم أشو مركز كفر الدوار بحيرة، وذلك بعمل مسقاة تمر بأرضهما لإيصال مياه الري لأطيانه من ترعة جاد الحق طبقاً للمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953، وقد تظلم المدعي الأول من هذا القرار في 28 من يوليه سنة 1964، وبقى هذا التظلم تحت نظر الجهة الإدارية إلى أن أخطرته برفضه في 21 من سبتمبر سنة 1965 وسلم إليه أخطار الرفض في 3 من أكتوبر سنة 1965، وأن المدعي الثاني لم يعلم بقرار مفتش ري البحيرة إلا في 14 من مايو سنة 1965 وقد بادر في 19 من مايو سنة 1965 بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر إلى السادة المدعى عليهم ضمنه أوجه اعتراضه على القرار مبيناً صفته في النزاع وهي أنه مالك لجزء من هذه الأطيان مساحته 37 ف و12 ق و14.5 س بعقد مسجل في 27 من فبراير سنة 1960، وفي 22 من أغسطس سنة 1965 تلقى من تفتيش الري كتاباً تضمن مطالبته بعقد التمليك لإعادة بحث وتحقيق الملكية للأرض المقرر مرور المسقة فيها وليمكن اتخاذ الإجراءات القانونية إذا ثبت صحة ما جاء بالإنذار، وقد رد المدعي الثاني على هذا الخطاب بكتاب مؤرخ أول سبتمبر سنة 1965 أرفق به عقد تمليكه ولكنه لم يتلق بعد ذلك رداً على إنذاره، وتوجز أسانيد المدعيين في الطعن على قرار مفتش ري البحيرة في أن السيد/ أسعد صليب ليس مالكاً للأرض التي يطالب بتمرير ري لها، وأن مناسيب الأرض التي يدعى السيد/ أسعد صليب بأنها ملكه ويطلب لريها طريقاً يمر بأرض المدعيين، أعلى من مناسيب أرض المدعيين، ومن ثم فإن إجابته إلى طلبه تلحق أبلغ الضرر بأرضهما، وأن تمرير مسقة بأرض المدعيين لا يعتبر أقصر طريق لري الأطيان التي يريد السيد/ أسعد صليب ريها.
وبجلسة 4 من يناير سنة 1966 طلب السيد/ أسعد صليب قبوله خصماً في الدعوى منضماً للحكومة وقد قررت المحكمة قبوله.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً، وطلبت من باب الاحتياط رفضها موضوعاً لعدم صحة الأسباب التي استند إليها المدعيان في الطعن على قرار مفتش ري البحيرة السابق الإشارة إليه، وقد انضم السيد/ أسعد صليب إلى الحكومة في دفاعها وأضاف إليه دفعاً بعدم قبول الدعوى من المدعي الثاني لرفعها من غير ذي صفة بمقولة أن المدعي المذكور لم يقدم ما يثبت ملكيته لجزء من الأرض التي تقرر إنشاء المسقة فيها بموجب القرار المطعون فيه.
وبجلسة 14 من يونيه سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من طلبات المدعيين "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعي الثاني لرفعها من غير ذي صفة وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بالنسبة للمدعيين وبقبولها وبوقف تنفيذ القرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1964 من مفتش ري البحيرة بإنشاء مسقاة بأرض المدعيين بالقطعة رقم 94 بحوض السياح الغربي رقم 5 قسم ثالث فصل أول الصادر في الشكوى المقدمة من أسعد صليب لتفتيش الري وألزمت الحكومة مصروفات هذا الطلب" وأقامت قضاءها بالنسبة إلى رفض الدفع الأول على أنه يبين من المستندات المقدمة من المدعي الثاني أنه شريك على الشيوع مع المدعي الأول في الأرض التي تقرر إنشاء المسقاة فيها بموجب القرار المطعون فيه وبذلك يكون ذا صفة في إقامة الدعوى، وبالنسبة إلى رفض الدفع الثاني على أن الحكومة لم تنازع المدعي الثاني فيما قرره من أنه لم يعلم بالقرار الصادر من مفتش الري في 8 من يوليه سنة 1964 بإنشاء المسقاة موضوع الطعن إلا في 14 في من مايو سنة 1965، وأنه تظلم من هذا القرار في نفس هذا التاريخ (14 من مايو سنة 1965) إلى مفتش ري البحيرة وأعقب هذا التظلم بإنذار رسمي على يد محضر في 19 من مايو سنة 1965 موجه إلى مفتش ري البحيرة ومفتش ري الوجه البحري ووزير الري مبيناً فيه أوجه اعتراضه على صدور القرار المذكور، وأن تفتيش ري البحيرة أرسل إلى المدعي الثاني في 22 من أغسطس سنة 1965 طالباً منه موافاة التفتيش بعقد ملكيته المسجل للأطيان لإعادة بحث وتحقيق الملكية لنفس الأرض المقرر مرور المسقاة فيها وليمكن اتخاذ الإجراءات القانونية إذا ثبت صحة الاعتراضات التي جاءت بالإنذار الموجه منه، وقد أرسل المدعي الثاني في أول سبتمبر سنة 1965 إلى مفتش ري البحيرة كتاباً مرفقاً به صورة عقد الملكية المطلوب: وأنه يبين من هذا أن الجهة الإدارية المدعى عليها قد سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم من المدعي الثاني، وليس في الأوراق ما يدل على إخطاره بما انتهت إليه في شأن تظلمه مما يترتب عليه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً، ويتعين بالتالي قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إليه، ونظراً لأن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة إذ أن موضوعها طلب إلغاء قرار صادر بإنشاء طريق ري في أرض مملوكة على الشيوع للمدعيين لصالح الخصم الثالث فلو أجيب المدعي الثاني إلى طلباته وقضى بإلغاء القرار الصادر بإنشاء هذه المسقاة لاستفاد المدعي الأول ولا مصلحة للحكومة ولا للخصم الثالث في الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعي الأول لرفعها بعد الميعاد ما دام أنها مقبولة بالنسبة للمدعي الثاني عن موضوع غير قابل للتجزئة، فإنه يتعين رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعي الأول، وأقامت قضاءها بالنسبة إلى وقف التنفيذ على أن ملكية السيد/ أسعد صليب بحسب الظاهر من الأوراق للأرض التي يطلب إيجاد طريق لريها وكذلك وضع يده عليها محل نزاع، وأن تنفيذ القرار المطعون فيه قد يتعذر تدارك نتائجه لو قضى بإلغائه.
وبجلسة 16 من مايو سنة 1967 قضت المحكمة في الشق الموضوعي من طلبات المدعيين "بإلغاء قرار السيد/ مفتش ري البحيرة الصادر في 8 من يوليه سنة 1964 بإنشاء مسقاة في أطيان المدعيين الواقعة بالقطعة رقم 94 بحوض السياخ الغربي رقم 5 قسم ثالث فصل أول وذلك في الشكوى المقدمة من السيد/ أسعد صليب لتفتيش ري البحيرة وألزمت الحكومة المصروفات" وأقامت قضاءها على أنه يبين من الأوراق أن ملكية السيد/ أسعد صليب للأرض التي يطلب إنشاء طريق لريها محل نزاع، وأنه بذلك لا يكون ذا صفة في تقديم الطلب، وأن قرار مفتش ري البحيرة المطعون فيه قد أغفل إجراء جوهرياً شرطه القانون وهو إعلان المدعي الثاني بوصفه صاحب شأن بموعد ومكان المعاينة التي أجرى فيها تحقيق الطلب المقدم من السيد/ أسعد صليب لإيجاد طريق لري الأرض التي يدعي ملكيته إليها.
ومن حيث إن مبنى الطعون الثلاثة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه حين قضى بقبول الدعوى شكلاً استناداً إلى أن المدعي الثاني أقامها في الميعاد قولاً منه بأن ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه يظل مفتوحاً طالما أن الجهة الإدارية قد سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم منه وليس في الأوراق ما يدل على أنها أخطرته بما انتهت إليه في شأن تظلمه، مما يترتب عليه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً، وأن المدعي الأول يستفيد من ذلك ولو كانت دعواه مرفوعة بعد الميعاد لأن موضوع والدعوى غير قابل للتجزئة، ذلك أنه فضلاً عما في قبول مبدأ امتداد ميعاد رفع الدعوى أكثر من الميعاد المقرر قانوناً - وهو ميعاد سقوط - من مخالفة للقانون فقد شاب الحكم فساد في الاستدلال، إذ لو فرض جدلاً بأن استجابة الجهة الإدارية إلى التظلم من شأنها أن تفتح ميعاد رفع الدعوى، فإن هذا القول لا يستقيم لمجرد قيام الجهة الإدارية ببحث التظلم وطلب استيفاء أوراق من المتظلم وما يتبع ذلك من إجراءات، إذ ليس في ذلك أي معنى من معاني الاستجابة إلى التظلم، هذا من ناحية الشكل، أما من ناحية الموضوع فقد أخطأ الحكم المطعون فيه حين استند في إجابة المدعيين إلى طلبهما وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم إلغائه، إلى أن ملكية السيد/ أسعد صليب للأرض التي يطلب إنشاء طريق ري لها وكذلك حيازته لها محل نزاع وأن القانون يتطلب لإجابته إلى طلبه أن يكون مالكاً، إذ فضلاً عما تنطق به المستندات المقدمة من السيد/ أسعد صليب من سلامة ملكيته، فإن المشرع لم يتطلب من مفتش الري وهو بصدد تطبيق أحكام المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف، بحث الملكية على النحو الذي افترضه الحكم، أما من ناحية ما ذهب إليه الحكم من أن الإجراءات التي يتطلبها القانون لم تتخذ في مواجهة المدعي الثاني، فمردود عليه بأنه يكفي اتخاذها في مواجهة أحد الملاك ولا سيما إذا كانت الملكية على الشيوع.
ومن حيث إنه طبقاً لما تقضي به المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة فإنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن ترفع خلال ستين يوماً يبدأ سريانها أما من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو من تاريخ إعلان صاحب الشأن به حسب الأحوال، وينقطع هذا الميعاد بالتظلم إلى الجهة الإدارية المصدرة للقرار أو إلى السلطات الرئاسية التي تتبعها خلال الستين يوماً المقررة للطعن بالإلغاء، ويعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه، ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي الأول السيد/ سالم محمد السيد أخطر بالقرار المطعون فيه في 8 من يوليه سنة 1964 وقد استلم الأخطار - على حد قوله - في 10 من يوليه سنة 1964 وتظلم منه في 28 من يوليه سنة 1964، فإنه بفوات ستين يوماً على تظلمه أي بانتهاء يوم 26 من سبتمبر سنة 1964 دون أن تجيب عنه السلطات الإدارية يعتبر أنه قد صدر قرار ضمني برفضه، ويبدأ من هذا التاريخ سريان ميعاد السنتين يوماً المقررة للطعن بالإلغاء ويظل هذا الميعاد مفتوحاً إلى يوم 25 من نوفمبر سنة 1964، وإذ كان السيد/ سالم محمد السيد لم يودع صحيفة الطعن بالإلغاء إلا في يوم 2 من ديسمبر سنة 1965 أي بعد أكثر من سنة، فإن طعنه يكون قد أقيم بعد الميعاد ومن ثم تكون دعواه غير مقبولة شكلاً، ولا عبرة بقرار رفض تظلمه الذي أخطر به في 21 من سبتمبر سنة 1965 أي بعد أكثر من سنة من تقديمه - وأن كان قد أقام دعواه بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ هذا الإخطار أيضاً - فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يتعين أن ترفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الفترة التي يعتبر فواتها دون إجابة السلطات المختصة عن التظلم بمثابة قرار حكمي بالرفض، حتى ولو أعلن صاحب الشأن بعد ذلك بقرار صريح بالرفض، ما دام أن الميعاد سبق جريانه قانوناً بأمر تحقق هو القرار الحكمي بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه استند في قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعي الأول إلى أن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة وأنه لو قضى بإلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة إلى المدعي الثاني لاستفاد المدعي الأول من ذلك حتماً حتى ولو كانت دعواه بالطعن بالإلغاء مرفوعة فعلاً بعد الميعاد.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدعي الثاني فالثابت من الأوراق أنه علم - على حد قوله - بالقرار المطعون فيه في 14 من مايو سنة 1965 وأنه بادر بالنظام منه برقياً في ذات التاريخ ثم أعقب ذلك بتظلم (إنذار على يد محضر) في 19 من مايو سنة 1965 وأنه لم يتلق رداً على تظلمه خلال الستين يوماً التالية لتقديمه، ومن ثم فقد كان من المتعين عليه أن يقيم دعواه خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الستين يوماً الأولى، أي في ميعاد غايته 16 من سبتمبر سنة 1965، وإذ أقام دعواه في 2 من ديسمبر سنة 1965، فإنه يكون قد أقامها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه استند في قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى هذا المدعي، إلى أنه تلقى في 22 من أغسطس سنة 1965 - أي خلال ميعاد رفع الدعوى الذي كان لا زال مفتوحاً - خطاباً من تفتيش الري يطلب منه فيه موافاته بعقد ملكيته المسجل لإمكان إعادة بحث وتحقيق ملكيته الأرض المقرر مرور المسقة فيها وليمكن اتخاذ الإجراءات القانونية إذا ثبت صحة ما جاء بتظلمه وأنه يبين من هذا أن "الجهة الإدارية قد سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم من المدعي الثاني وليس في الأوراق ما يدل على أنها أخطرته بما انتهت إليه في شأن تظلمه مما يترتب عليه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً ويتعين بالتالي قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إليه.
ومن حيث إنه ولئن كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه وإن كانت المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أن يعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة، أي افترضت في الإدارة أنها رفضت التظلم ضمناً باستفادة هذا الرفض الحكمي من قرينه فوات هذا الفاصل الزمني دون أن تجيب الإدارة عن التظلم، إلا إنه يكفي في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية المختصة لم تهمل التظلم، وأنها إذ استشعرت حق المتظلم فيه قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل استجابته، وكان فوات الستين يوماً راجعاً إلى بطء الإجراءات المعتادة بين الإدارات المختصة في هذا الشأن، والقول بغير ذلك مؤداه دفع المتظلم إلى مخاصمة الإدارة قضائياً في وقت تكون هي جادة في سبيل إنصافه، وقد قصد الشارع من وجوب اتباع طريق التظلم الإداري تفادي اللجوء إلى طريق التقاضي بقدر الإمكان وذلك بحسم المنازعات إدارياً في مراحلها الأولى.
ولئن كانت هذه المحكمة سبق لها أن قضت بما تقدم، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ واضحاً في تطبيق ما انتهت إليه هذه المحكمة، فقد استند الحكم المطعون فيه في القول بأن ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إلى المدعي الثاني ظل مفتوحاً: إلى أن الجهة الإدارية سلكت مسلكاً إيجابياً يبحثها التظلم المقدم منه "في حين أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم هو أمر طبيعي وهو واجبها الذي يفترض قيامها به بالنسبة إلى أي تظلم يقدم إليها، ولم تقل - هذه المحكمة أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم من شأنه أن يفتح ميعاد الطعن، وإنما قالت: "أنه يكفى في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من افتراض رفض الجهة الإدارية التظلم أن يتبين أنها إذ استشعرت حق المتظلم قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل إجابة تظلمه" فالمسلك الإيجابي الذي استندت إليه هذه المحكمة في حكمها السابق الإشارة إليه، ليس المسلك الإيجابي في - بحث التظلم، وإنما المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعار الجهة الإدارية حقه فيه: والفرق واضح بين المسلكين)، هذا فضلاً عن أن الذي يتبين من مطالعة الخطاب الذي أرسله تفتيش الري للمدعي الثاني رداً على تظلمه، والذي استند إليه الحكم المطعون فيه في القول بأن الجهة الإدارية سلكت مسلكاً إيجابياً في بحث تظلمه، أن البحث الذي ستقوم به الجهة الإدارية سيكون مقصوراً على تحقيق ادعاء المدعي الثاني أنه مالك على الشيوع مع المدعي الأول للأرض المقرر مرور المسقة فيها، وقد خلا الخطاب مما يفيد أن هناك أي بحث ستقوم به الجهة الإدارية بالنسبة إلى الموضوع الأساسي الذي انصب عليه التظلم، وهو إنكار حق السيد/ أسعد صليب في إنشاء مسقة لري أرضه تمر بأرض المدعيين، وهو الحق الذي تقرر بموجب القرار المتظلم منه والمطعون فيه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه الصادر في الشق المستعجل من طلبات المدعيين فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، استناداً إلى أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم المقدم من المدعي الثاني من شأنه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً، خلافاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه: ويكون الحكم المطعون فيه الصادر في الشق الموضوعي من طلبات المدعيين قد خالف القانون كذلك حين تطرق إلى بحث موضوع الدعوى والفصل فيه وهي غير مقبولة شكلاً، ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعون المضمومة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام المدعيين بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعون المضمومة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/ 11/ 1958 المنشور بمجموعة السنوات العشر ص 194 بند 173.

الطعن 778 لسنة 48 ق جلسة 25 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 189 ص 1048

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد كمال سالم، محمد رأفت خفاجي، محمد سعيد عبد القادر وماهر قلادة.

-----------------

(189)
الطعن رقم 778 لسنة 48 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2، 3) إيجار "القواعد العامة في الإيجار" "ضمان المؤجر". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
2 - ضمان المؤجر للمستأجر في تعرضه الشخصي. شرطه. لا محل للتحدي في خصوصه بالمادتين 4، 802 مدني. علة ذلك.
3 - استظهار خطأ المؤجر الذي ترتب عليه نقص انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة. من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً. مثال بشأن إقامة المؤجر محلاً بالممر الذي به محلات المستأجرين.

-------------------
1 - لا يكفي لقبول الطعن أن يكون المطعون ضده طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو.
2 - النص في المادة 571 من القانون المدني يدل على أن المؤجر يضمن للمستأجر تعرضه الشخصي في الانتفاع بالعين المؤجرة، سواء كان هذا التعرض مادياً أو مبنياً على سبب قانوني، فلا يجوز للمؤجر أن يحدث بالعين المؤجرة أو ملحقاتها أي تغيير يخل بانتفاع المستأجر بها.
3 - يشترط في تعرض المؤجر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون غير مستند إلى حق له، وكان استظهار هذا الخطأ الذي يترتب عليه نقص انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة هو تقدير موضوعي تستقل به محكمة الموضوع، ما دام استخلاصها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى وجود نقص في انتفاع المطعون ضدهم بالمحلات المؤجرة بمقدار 30% استناداً لتقرير الخبير وجاء في أسبابه أن الممر الذي كانت تطل عليه محلات المستأجرين قد ضاق من ناحية عرضه ونقص الانتفاع به بمقدار 30% بسبب أن المارة لن يجدوا فراغاً كافياً لمشاهدة معروضات المستأجرين وأن "الفترينة" المقامة تؤثر على نشاطهم التجاري. وانتهى الحكم إلى أن تعرض المؤجر غير مشروع، فيكون قد استظهر خطأ المؤجر عند تعرضه في الانتفاع إلى غير حق له - في استخلاص سائغ له ما يسانده من الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق - وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر - والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 4656 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة ضد باقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بإنقاص أجرة المحلات المبينة بصحيفة الدعوى والتي يستأجرونها من مورث المدعى عليهم، بسبب نقص الانتفاع بما يوازي الثلثين، نتيجة قيام المؤجر بإنشاء محل تجاري في الممر الذي تفتح عليه محلاتهم. وبتاريخ 20/ 5/ 1971 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره تدخل الطاعن منضماً للمدعى عليهم لشرائه العقار بعقد مسجل، وبتاريخ 15/ 6/ 1972 قضت المحكمة بقبول تدخل الطاعن، وبإحالة المأمورية لمكتب خبراء وزارة العدل، وبعد أن قدم تقريره، قضت بتاريخ 17/ 2/ 1977 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1465 سنة 94 ق القاهرة، وبتاريخ 25/ 2/ 1978 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإنقاص الأجرة الشهرية لمحلات النزاع بمقدار 30% اعتباراً من 22/ 10/ 1967. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الرابعة حتى الأخيرة، وأبدت فيها الرأي في موضوع الطعن برفضه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن أن المطعون ضدهم من الرابعة حتى الأخيرة ليسوا خصوماً للطاعن، إذ لم يوجه لهم طلبات، ولم ينازعوه طلباته، فلا يجوز اختصامهم في الطعن.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي لقبول الطعن أن يكون المطعون ضده طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وكان البين من مدونات الحكم أن الطاعن لم يوجه أية طلبات للمطعون ضدهم سالفي الذكر، ولم ينازعوه أمام محكمة الموضوع في طلباته، فإنه لا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهم، ويكون الطعن بالنسبة إليهم غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أخطأ عندما ذهب إلى وجود نقص في انتفاع المطعون ضدهم بالمحلات المؤجرة استناداً لحكم المادة 571 من القانون المدني بمقولة إنه تعرض لهم في الانتفاع عندما أقام محلاً في الممر المملوك له، والذي تفتح عليه هذه المحلات في حين أنه لم يؤثر في نشاطهم، فلم يحجب (الفترينات) الخاصة بهم ولم يمنع مرور الأفراد بالممر، وأن ذلك يعد من قبيل الاستغلال المشروع للملكية، إذ أن القانون لا يمنع المالك من استغلال المناور، فلا مسئولية عليه حتى لو سبب استغلاله لملكه ضرراً للغير عملاً بأحكام المادتين 4، 802 من القانون المدني، وأنه رغم تمسكه بهذا الدفاع الجوهري الذي يتغير بعه وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم لم يقم ببحث مشروعية الاستغلال، مقرراً عدم انطباق المادة 802 سالفة الذكر، مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب، هذا إلى أن الحكم أخطأ في تفسير البند 17 من عقد الإيجار، بمقولة إنه يمنع المؤجر من استغلال الممر في حين أنه يحظر عليه فقط إقامة "فترينات" على المحلات المؤجرة، كما أخطأ الحكم عندما اعتبر الممر مخصصاً لمنفعة المحلات المؤجرة بغير سند من الأوراق ودون أن يتمسك بذلك الخصوم مما يعيبه كذلك بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي جرأمردود، ذلك أن النص في المادة 571 من القانون المدني على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، يدل على أن المؤجر يضمن للمستأجر تعرضه الشخصي في الانتفاع بالعين المؤجرة، سواء كان هذا التعرض مادياً أو مبنياً على سبب قانوني، فلا يجوز للمؤجر أن يحدث بالعين المؤجرة أو ملحقاتها أي تغيير يخل بانتفاع المستأجر بها، لما كان ذلك. وكان يشترط في تعرض الأخير - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون غير مستند إلى حق له، وكان استظهار هذا الخطأ الذي يترتب عليه نقص انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة هو تقدير موضوعي تستقل به محكمة الموضوع، ما دام استخلاصها سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى وجود نقص في انتفاع المطعون ضدهم بالمحلات المؤجرة بمقدار 30% استناداً لتقرير الخبير وجاء في أسبابه "أن الممر الذي كانت تطل عليه محلات المستأجرين قد ضاق من ناحية عرضه ونقص الانتفاع به بمقدار 30% بسبب أن المارة لن يجدوا فراغاً كافياً لمشاهدة معروضات المستأجرين وأن "الفترينة" المقامة تؤثر على نشاطهم التجاري... وانتهى الحكم إلى أن تعرض المؤجر غير مشروع، فيكون قد استظهر خطأ المؤجر عند تعرضه في الانتفاع إلى غير حق له في استخلاص سائغ له ما يسانده من الأوراق، ويكون قد أعمل صحيح حكم القانون. لما كان ما تقدم، فإنه لا محل للتحدي بحكم المادة 802 من القانون المدني التي تنص على أن لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، والمادة 4 من القانون المدني التي تنص على أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر، إذ أن استغلال الطاعن للمر المملوك له انطوى على تعرض للمطعون ضدهم في الانتفاع بالأعيان المؤجرة وفقاًَ لأحكام المادة 571 من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه لا يكون قد أغفل دفاع الطاعن المؤسس على المادة 802 سالفة الذكر ولا يشوبه أي قصور. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإنقاص أجرة المحلات موضوع النزاع على دعامات مستقلة متعددة، هي تعرض الطاعن للمطعون ضدهم في الانتفاع بالأعيان المؤجرة. وأن عقد الإيجار يمنع المؤجر من استعمال الممر، وأن هذا الممر مخصص لمنفعة المحلات المؤجرة، وكانت دعامته الأولى دعامة صحيحة على ما تقدم وتكفي وحدها لحمل قضائه، فإن تعييبه في دعاماته الأخرى. أياً كان وجه الرأي فيها، يكون غير منتج، وبالتالي غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 9 لسنة 49 ق جلسة 25 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 188 ص 1042

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، ودرويش عبد الحميد، ومحمد عبد المنعم جابر.

------------------

(188)
الطعن رقم 9 لسنة 49 القضائية

(1، 2) وقف. نيابة عامة. دعوى.
1 - منازعات الأحوال الشخصية المتعلقة بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه أو الولاية عليه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية. وجوب تدخل النيابة العامة فيها ولو في دعوى مدنية أثيرت فيها إحدى هذه المسائل.
2 - طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع قطعة أرض آلت الملكية فيها للبائعين عن طريق الاستحقاق في وقف أهلي يوجد فيه نصيب خيرات. عدم اتصال هذا النزاع بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه. أثر ذلك. عدم وجوب تدخل النيابة العامة في هذا النزاع.
(3) خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب.
(4) حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. نقض.
إقامة الحكم قضاءه على أسباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله المنازعة في ذلك. مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.

------------------------
1 - مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه التي لا يتحقق إلا بها شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه أو الولاية عليه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم المدنية عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية، فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباًٍ عن نظر هذا النزاع وإلا كان الحكم الصادر باطلاً يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسائل متعلقة بالوقف.
2 - إذ كان البين من الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول أقام دعواه على المطعون ضدها الثانية والثالثة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي الصادر إليه منهما ببيعهما مساحة من الأرض آلت الملكية فيها للبائعين عن طريق الاستحقاق في وقف أهلي يوجد فيه نصيب الخيرات. وإذ كان النزاع على هذا النحو لا يتصل بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه، فإن تدخل النيابة العامة في هذا النزاع لا يكون واجباً عند نظره.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير الخبير هو من عناصر الإثبات في الدعوى التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب.
4 - إذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 138 سنة 1972 مدني كلي طنطا على الطاعن بصفته والمطعون ضدها الثانية والثالثة قال شرحاً لها إنه بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 24/ 2/ 1961 اشترى من المطعون ضدهما الثانية والثالثة قطعة أرض فضاء مساحتها 180 م2 ظهر من كشف تحديد المساحة أنها 142.7 م2 موضحة الحدود والمعالم بالعقد وصحيفة الدعوى بثمن مقداره 710 ج و350 م، وانتهى إلى طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور في مواجهة الطاعن بصفته ناظراً لأن العقار المبيع آل إلى البائعين له بطريق الاستحقاق في وقف. طلب الطاعن بصفته وقف الدعوى لأن الأرض المبيعة يدخل فيها حصة وقف خيرات لم يتم فرز تلك الحصة بعد - ومحكمة طنطا الابتدائية قضت بجلسة 8/ 11/ 1967 بوقف السير في الدعوى لحين صدور قرار من لجنة القسمة بفرز نصيب الخيرات في الوقف. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 476 سنة 17 ق، ومحكمة استئناف طنطا قضت بجلسة 28/ 12/ 1970 بإلغاء الحكم الصادر بوقف الدعوى وبإعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. وبعد أن حدد المطعون ضده الأول السير في الدعوى ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره وقضت محكمة طنطا الابتدائية بجلسة 18/ 12/ 1977 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 24/ 2/ 1961. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 57 سنة 28 ق، ومحكمة استئناف طنطا قضت بجلسة 4/ 11/ 1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته بالنقض في الحكمين الصادرين من محكمة استئناف طنطا في الاستئنافين رقمي 476 سنة 17 ق، 57 سنة 28 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بصفته الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد صدر في مسألة متعلقة بأصل الوقف دون أن تتدخل النيابة العامة أمام محكمة الموضوع إذ أنه من المقرر قانوناً وما جرى عليه قضاء النقض أنه يجب أن تتدخل النيابة العامة في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً - ولما كان الخلاف قد ثار أمام محكمة الموضوع حول خيرية الوقف وما إذا كان الوقف في قطعة الأرض محل النزاع هو وقف خيري أو وقف أهلي رصد على مورثة البائعين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) ومن ثم فقد ثارت مسألتان هما من أخص مسائل الوقف هل هو خيري أو أهلي واستحقاق المستحق فيه ومقدار ذلك الاستحقاق وهي من المسائل المتعلقة بأصل الوقف بما يضحى معه وجوب تدخل النيابة العامة لدى المحكمة. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه التي لا يتحقق إلا بها شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه أو الولاية عليه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم المدنية عملاً بالقانون 462 سنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية فإن تدخل النيابة يكون واجباًٍ عند نظر هذا النزاع وإلا كان الحكم الصادر باطلاً يستوي في ذلك أن تكون لدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون رفضت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف لما كان ذلك وكان البين من الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول أقام دعواه على المطعون ضدهما الثانية والثالثة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي الصادر إليه منهما ببيعهما مساحة من الأرض آلت الملكية فيها للبائعين عن طريق الاستحقاق في وقف أهلي يوجد فيه نصيب الخيرات. وإذ كان النزاع على هذا النحو لا يتصل بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه أو تغيير شروطه، فإن تدخل النيابة العامة في هذا النزاع لا يكون واجب عند نظره - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب لا أساس له.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على عدم وجود حصة وقف خيري في الأرض موضوع النزاع مشايعاً في ذلك الخبير الذي ندب في الدعوى بما أورده في تقريره من أن حصة الخيرات شرطت في الوقف الخاص بالأطيان دون العقارات. وإذ كان الثابت من حجة الوقف المقدمة لمحكمة الموضوع أن الوقف لم يجعل نصيب الخيرات قاصراً على الأطيان والعقارات وجاء شرط الإنشاء موضحاً أوجه الصرف الخيري في عموم ريع الوقف من أطيان وعقارات ولم يقصرها على الأطيان وحدها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير الخبير هو من عناصر الإثبات في الدعوى التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دن معقب، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد بيع الأرض موضوع النزاع على ما خلص له من تقرير الخبير في الدعوى بقوله.... وكان تقرير الخبير الأخير الذي حمل على أسباب سائغة وأسانيد سديدة وأبحاث سلمية تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومؤداها أن القدر موضوع التداعي مملوك للمدعي عليهما الأولى والثانية (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) البائعين للمدعي (المطعون ضده الأول) وأنهما كانتا تضعان اليد عليه ثم باعتاه إلى المطعون ضده الأول الذي وضع اليد بدوره عليه بإقامة مبان عليه وتأجيره للغير، كما انتهى ذلك التقرير إلى أنه لا توجد حصة للوقف تدخل في الأرض موضوع الدعوى إذ الثابت من الحجج التي اطلع عليها الخبير أن حصة الخيرات في الوقف بالأطيان الزراعية أي أن الخيرات ليست لها حصة بالعقارات ومنها الأرض المبيعة موضوع التداعي وهي أرض فضاء (مباني) ويؤكد صدق هذا الذي انتهى إليه الخبير ما هو ثابت من الصورة الرسمية من قرار لجنة القسمة الصادر في 1/ 1/ 1963 المقدمة من المطعون ضده الأول أمام محكمة أول درجة يتضمن أن اللجنة قصرت بحثها على الأعيان الخاصة بوقف العقار بأن الخيرات إنما شرطت في الوقف الخاص بالأطيان الزراعية - وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت في الأوراق لا أساس له.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع أقامت حكمها على دعامة ظاهرت بها قضاءها إذ اعتبرت أن المالك على الشيوع يملك بيع نصيه مفرزاً دون أن يتوقف ذلك على فرز نصيب الشريك على أن يكون البيع معلقاً على نتيجة القسمة، وقد اكتفت المحكمة بتلك التقريرات العامة دون أن تواجه دفاع الطاعن وتبحث مدى خيرية الوقف في أرض النزاع، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قاصر التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت وعلى ما سلف الرد على السبب الثاني من أسباب النعي، أن الحكم المطعون فيه انتهى صحيحاً في حدود سلطة الموضوعية - استخلاصاً من الأدلة المقدمة في الدعوى - أن قطعة الأرض موضوع النزاع لا يدخل فيها حصة وقف خيرات وهو ما يكفي لحمل الحكم ومواجهة دفاع الطاعن في هذا الخصوص ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا أساس له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 717 لسنة 12 ق جلسة 3 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 75 ص 506

جلسة 3 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

------------------

(75)

القضية رقم 717 لسنة 12 القضائية

(أ) جمعيات خيرية "مؤسسات اجتماعية".
القانون رقم 49 لسنة 1945 الخاص بتنظيم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية نصه على أن تعد جمعية خيرية كل جماعة من الأفراد تسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر - مفهوم ذلك أن يخضع لأحكام هذا القانون كل نشاط يسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر في مصر يستقيم في ذلك أن تكون الجمعية التي تباشر نشاطها في مصر مصرية أو تكون فرعاً أو وكالة أو مندوبية لشخص اعتباري أجنبي - لا يحول دون ذلك نص المادة 11 من القانون المدني - أساس ذلك ومثال المندوبية العامة للصليب الأحمر الفرنسي في مصر.
(ب) جمعيات خيرية "حل الجمعية" - حراسة.
التزام الجمعيات القائمة وقت صدور القانون رقم 384 لسنة 1956 بتعديل نظامها وطلب شهرها طبقاً لأحكام هذا القانون - جواز حل الجمعية إذا أخلت بهذا الالتزام - لا يغير من ذلك فرض الحراسة على أموال الجمعية.
(ج) جمعيات خيرية "حل الجمعية".
اختصاص الجهة التي أصدرت قرار حل الجمعية بتوجيه أموالها إلى الوجهة التي حددها القانون - العبرة بالأموال المملوكة للجمعية دون الأموال المملوكة للغير والتي تحوزها الجمعية - بيان ذلك.

---------------------
1 - إن القانون رقم 49 لسنة 1945 الخاص بتنظيم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية والتبرع للوجوه الخيرية وقد قضى بأن تعد جمعية خيرية كل جماعة من الأفراد تسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر وبأن تعد مؤسسة اجتماعية كل مؤسسة تنشأ بمال يجمع كله أو بعضه من الجمهور سواء كانت هذه المؤسسة تقوم بأداء خدمة إنسانية دينية أو علمية أو فنية أو صناعية أو زراعية أم بأي غرض أخر من أغراض البر أو النفع العام، وأوجب أن يكون لكل جمعية خيرية أو مؤسسة اجتماعية مقر في مصر وأن تسجل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية القائمة عند صدور القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به وإلا حق للجهات المختصة طلب حلها، فإنه يكون بذلك قد أخضع كل نشاط يسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر في مصر لأحكام القانون المشار إليه، واعتبره بحكم القانون جمعية خيرية أو مؤسسة اجتماعية حسب الأحوال، وأوجب تشكيلها وتسجيلها طبقاً لأحكام هذا القانون حتى تثبت لها الشخصية الاعتبارية، وإلا فقد حق حلها، ويستوي في ذلك أن تكون الجمعية الخيرية أو المؤسسة الاجتماعية التي تباشر أغراضها في مصر مصرية أو فرعاً أو وكالة أو مندوبيه لشخص اعتباري أجنبي على ما يبين من أحكام القانون على الوجه السالف البيان ولاتخاذ العلة التي حدت بالمشرع إلى التدخل في تنظيم حق تكوين الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية وكيفية استعمال هذا الحق وتنظيم مراقبة الجهات الحكومية المختصة لها صوناً للنظام العام والسهر على الأمن العام ومراقبة الآداب العامة في البلاد.
ومن حيث إن المندوبية العامة للصليب الأحمر الفرنسي في مصر على ما يبين من لائحتها الداخلية لا تعدو أن تكون جمعية خيرية في حكم القانون رقم 49 لسنة 1945 المشار إليه الذي سجلت طبقاً لأحكامه في مصر باعتبارها جماعة من الأفراد تسعى لتحقيق غرض من أغراض البر هو مساعدة المعوزين من الفرنسيين والمصريين، ولم تدع الجمعية أنه صدر بتنظيمها قانون أو مرسوم أو اتفاق دولي يبرر عدم خضوعها لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 المذكور. وإذ وافقت جمعية الصليب الأحمر الفرنسي في فرنسا على تسجيل مندوبيتها المذكورة في مصر تطبيقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 أثر صدوره على ما أبداه الدفاع عن الجمعية المدعية، فإن هذه المندوبية تكون قد اكتسبت الشخصية الاعتبارية باعتبارها جمعية خيرية وفقاً للقانون المذكور وتخضع لأحكامه، وتستقل شخصيتها بذلك عن شخصية الصليب الأحمر الفرنسي بفرنسا ولا يقدح في ذلك ما انطوت عليه اللائحة الداخلية لهذه المندوبية من اعتبارها وكيلة الصليب الأحمر الفرنسي بفرنسا ذلك أنه فضلاً عن أن المشرع اعتبرها - على ما سلف بيانه - شخصاً اعتبارياً خاضعاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 المذكور فإن اللائحة المذكورة قد نصت على أنه يكون مقر المندوبية في مصر وأن تؤدي رسالتها بمراعاة القوانين المصرية وأن يحدد نشاطها الصليب الأحمر في مصر بموافقة وزارة الشئون الاجتماعية، بما يؤكد خضوع هذه المندوبية لأحكام القوانين المصرية.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، فإنه لا تكون ثمة حجة في الاستناد إلى نص الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون المدني للقول بعدم خضوع المندوبية المشار إليها لأحكام القانون المصري وخضوعها بمقولة أنها تابعة لشخص اعتباري أجنبي لأحكام القانون الفرنسي، لا حجة في ذلك لأن هذه الفقرة وقد نصت على أنه "أما النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فيسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي في مصر..." فإنها لا تعني إلا تحديد القانون الواجب التطبيق على الشخص الاعتباري الأجنبي طبقاً لقاعدة الإسناد المصرية، دون وضع معيار الصفة المصرية أو الأجنبية للشخص الاعتباري من حيث مدى تمتعه بالحقوق في مصر، أما هذه الصفة فإنها تحدد وفقاً للقواعد القانونية التي تحكم الأشخاص الاعتبارية، ومؤدى القانون رقم 49 لسنة 1945 اعتبار المندوبية المذكورة على ما سلف ذكره شخصاً اعتبارياً مصرياً خاضعاً لأحكامه.
2 - إن المندوبية المذكورة إذ كانت قائمة عند صدور القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي حل محل القانون الأول، فإنه كان من المتعين أن يتم تعديل نظامها وطلب شهرها بالتطبيق لأحكام القانون الجديد خلال سنة من تاريخ العمل به وإلا جاز حلها بقرار من السلطة المختصة عملاً بنص المادة الثانية من مواد إصدار هذا القانون. وإذ قعدت المندوبية عن اتخاذ ما قضت به المادة المذكورة، فإن قرار حلها يكون قد قام على أساس سليم من القانون. ولا اعتداد بما أبداه الدفاع عن الجمعية المدعية من أن نشاط المندوبية توقف منذ أول نوفمبر سنة 1956 بسبب وضع أموالها تحت الحراسة باعتبارها من أموال الرعايا الفرنسيين وفقاً لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 384 لسنة 1956 المذكور، ذلك أن وضع الحراسة على أموال المندوبية ما كان ليحول قانوناً بين القائمين عليها وبين المطالبة بتعديل نظامها وطلب شهرها وفقاً لأحكام القانون.
3 - خول القانون رقم 384 لسنة 1956 في المادتين 38 و39 منه الجهة التي أصدرت قرار حل الجمعية الخيرية سلطة تعيين مصف لها وتوجيه أموالها الباقية إلى الوجهة التي حددها القانون، وإذ نص القانون على الجهة التي أصدرت قرار حل الجمعية بصفة عامة، فإنه لا يسوغ القول بتخصيص هذه الجهة بالجهات القضائية التي خولها القانون سلطة الحل في بعض الحالات دون الجهات الإدارية صاحبة الحق في حل الجمعيات الخيرية في الحالات الأخرى كما هو الشأن في المنازعة الماثلة ويكون القرار المطعون فيه فيما قضى به من أيلولة أموال المندوبية إلى جمعية الهلال الأحمر باعتبار أن نشاطها أقرب إلى غرض المندوبية قد صدر صحيحاً بالنسبة لاختصاص مصدره به وبالنسبة للجهة التي وجهت إليها أموال المندوبية.
وإنه وإن كان للجهة الإدارية الحق في تقرير أيلولة أموال المندوبية إلى جمعية الصليب الأحمر. غير أن هذا الحق مقصور على ما تملكه المندوبية المذكورة ويعتبر من مكونات ذمتها المالية، أما الأموال الأخرى المملوكة للغير والتي تضع المندوبية يدها عليها فلا تعتبر من مكونات ذمتها المالية وبالتالي لا تملك الجهة الإدارية المساس بها أو التصرف فيها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن جمعية الصليب الأحمر الفرنسية أقامت الدعوى رقم 1310 لسنة 17 القضائية ضد السادة/ وزير الشئون الاجتماعية ومحافظ القاهرة والحارس العام على أموال الرعايا الفرنسيين بصفتهم، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 28 من أبريل سنة 1963 طلبت فيها الحكم بإلغاء قرار السيد محافظ القاهرة رقم 1241 المنشور بالجريدة الرسمية في 8 من نوفمبر سنة 1962 الصادر، عملاً بالتفويض المعطى له من المدعى عليه الأول، بحل جمعية الصليب الأحمر الفرنساوي، وأيلولة أموالها إلى جمعية الهلال الأحمر للجمهورية العربية المتحدة، مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت الجمعية المدعية بياناً لدعواها أنها جمعية ذات نفع عام أسست بموجب القانون الفرنسي الصادر في 7 من أغسطس سنة 1940 ومركزها بباريس بفرنسا، ولا تمارس نشاطها الرئيسي بمصر حسب مفهوم المادة 11 من القانون المدني المصري، وأنه لم يكن لها في مصر إلا مندوب، وبناء على ذلك لا تخضع هذه الجمعية إلا لأحكام القانون الفرنسي باعتباره قانون الدولة التي اتخذت فيها مركز إدارتها والذي أنشئت بموجبه. ويتعين الاعتراف بوجود الشخصية الاعتبارية لها بمصر وعدم المساس بها عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون المدني المصري وأضافت المدعية أنه مع التسليم بتطبيق القانون رقم 384 لسنة 1956 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، على المؤسسات الأجنبية التي ليس لها مركز رئيسي بمصر فإن جمعية الصليب الأحمر لم تقم بأي نشاط في مصر بعد تاريخ العمل بهذا القانون في 3 من نوفمبر سنة 1956 نظراً لأنه تقرر وضع أموالها تحت الحراسة بموجب الأمر العسكري رقم 5 الصادر في أول نوفمبر سنة 1956، ولا يمكن أن تضار الجمعية لتخلفها عن اتخاذ إجراء لم تكن تملك أو بمقدورها أن تتخذه. وإذا كان القانون المذكور قد أوجب على الجمعيات والمؤسسات الخاصة القائمة وقت العمل به تعديل نظامها وطلب شهره وفقاً لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل به وإلا جاز حلها، إلا أنه لم يخول للإدارة حق التصرف في أموالها إلا في حالات الحل الصادر به قرار من القضاء طبقاً لحكم المادتين 36، 39 من هذا القانون. وأجابت الجهة الإدارية بأن جمعية الصليب الأحمر الفرنساوي التي صدر في شأنها القرار المطعون فيه جمعية مسجلة في مصر تحت رقم 393 طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 في شأن تنظيم الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية، وهذه الجمعية طبقاً لنظامها ذات شخصية معنوية مستقلة ومقرها بمدينة القاهرة ومستقلة عن جمعية الصليب الأحمر بفرنسا، وبالتالي فإنها تخضع للقوانين المصرية. وعقبت الجمعية المدعية بأنه كان لها في مصر مندوبية أو توكيل تدير بواسطته مستوصفات في الإسكندرية والقاهرة وبور سعيد والإسماعيلية والسويس وعقارات أخرى تبرع بها بعض الرعايا الفرنسيين بالطريق القانوني إلى الجمعية الفرنسية المدعية وليس لتوكيلها في مصر. وحين صدر القانون رقم 49 لسنة 1945 رؤي بالاتفاق مع وزارة الشئون الاجتماعية وجمعية الصليب الأحمر الفرنسي وجمعية الهلال الأحمر المصري أن يسجل هذا التوكيل باعتباره مجرد توكيل للجمعية الفرنسية يدير ما تملكه الجمعية الفرنسية في مصر من مستوصفات وعقارات وأموال سائلة ومنقولات مملوكة لها هي وليست مملوكة لهذا التوكيل الذي لا يعمل إلا باسمها ولحسابها في الدائرة الضيقة التي رسمها له رئيس الجمعية الفرنسية. وعلى هذا الأساس وضعت هذه الأموال عقب العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956 تحت الحراسة باعتبارها مملوكة لجمعية فرنسية وذلك قبل صدور القرار المطعون فيه ونعت الجمعية هذا القرار الاستيلاء على ممتلكاتها في مصر باعتبارها ملكية لأجنبي يتعين احترامها وعدم نزعها إلا بالطريق القانوني ومقابل دفع قيمتها.
وبجلسة أول فبراير سنة 1966 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعية المصروفات وأقامت قضاءها على أن الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون المدني المصري ينصرف حكمها إلى الأحكام الموضوعية التي يطبق بشأنها القانون الأجنبي الذي يتبعه الشخص المعنوي الأجنبي، أما إجراءات العلانية ورقابة السلطة العامة على الأشخاص المعنوية الأجنبية ووضع قيود على مزاولة نشاطها فإنها تخضع للقانون المصري وهذا القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة حماية للنظام العام وحتى لا تخرج هذه الجمعيات عن الأهداف التي أنشئت من أجلها. ولما كانت الجمعية المدعية مسجلة تحت رقم 393 طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 وكانت بذلك قائمة وقت العمل بالقانون رقم 384 لسنة 1956 المذكور فكان يتعين عليها أن تتخذ إجراءات الشهر في الميعاد الذي حدده القانون الأخير وإذ لم تتخذ هذا الإجراء فإن القرار الصادر بحلها وأيلولة أموالها إلى جمعية الهلال الأحمر يكون مطابقاً للقانون. وما كان وضع الجمعية المدعية تحت الحراسة ليحول دون اتخاذها إجراءات الشهر المذكورة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الجمعية المدعية وهي جمعية الصليب الأحمر الفرنسية بباريس لم ترفع دعواها لتحصل على الحق في ممارسة النشاط الخيري في مصر وهي لا تريد أن تمارس هذا النشاط على أية صورة كانت، وإنما رفعت دعواها لتحمي ملكيتها للعقارات المملوكة لها في مصر والمبينة بحافظة مستنداتها والتي كانت مملوكة لاتحاد نساء فرنسا وآلت ملكيتها إلى الجمعية المدعية بعد أن اندمج الاتحاد المذكور بطريق الاتفاق في الجمعية المدعية وصدر بهذا الاندماج القرار المؤرخ في 22 من يوليو سنة 1944 بالتطبيق للقانون الفرنسي الرقيم 7 أغسطس سنة 1940 ولم تنقل ملكية هذه العقارات قط بأي سبب من أسباب نقل الملكية من اتحاد نساء فرنسا أو من جمعية الصليب الأحمر الباريسية إلى مندوبية الصليب الأحمر في مصر بفرض أن هذه المندوبية لها ذمة مستقلة أو شخصية معنوية قائمة بذاتها، وإنما عهد إلى هذه المندوبية طبقاً لنظامها المسجل بإدارة هذه العقارات وتحصيل ريعها فقط. وعقب الدفاع عن الحكومة أن جمعية الصليب الأحمر بباريس وقد خصصت - على ما تقول الجمعية الطاعنة - العقارات التي أشارت إليها لمباشرة نشاطها في مصر فإن ذلك يتضمن اتفاقاً على رصد هذه الأموال لخدمة جمعية الصليب الأحمر في مصر، وتكون بذلك قد تنازلت عنها بحسبان أن قيام الشخصية الاعتبارية لجمعية الصليب الأحمر في مصر يستلزم وجود ذمة مالية مستقلة عن الأصيل.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على القانون رقم 49 لسنة 1945 الخاص بتنظيم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية والتبرع للوجوه الخيرية، الذي سجلت المندوبية العامة للصليب الأحمر الفرنسي في القطر المصري في ظله وطبقاً لأحكامه تحت رقم 393، أنه قد نص في المادة الأولى منه على أن تعد جمعية خيرية كل جماعة من الأفراد تسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر... ويشترط في جميع الأحوال ألا تكون أغراض الجمعية الخيرية أو المؤسسة الاجتماعية ووسائلها في تحقيق هذه الأغراض مخالفة للنظام العام أو الأمن العام أو الآداب العامة وأشارت المادة الثانية إلى أنه لا تثبت الشخصية المعنوية للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية القائمة عند صدور هذا القانون أو التي تنشأ بعد صدوره إلا إذا شكلت وسجلت طبقاً لأحكامه وذلك مع عدم الإخلال بالحقوق المخولة للجمعيات والمؤسسات المنظمة بقوانين أو مراسيم أو اتفاقات دولية. وقضت المادة الرابعة بأن يكون لكل جمعية خيرية أو مؤسسة اجتماعية مقر في مصر وأن تتضمن لائحة النظام الأساسي لكل منها اسم الهيئة ومحلها وأسماء الأعضاء والأغراض التي أنشئت من أجلها وشروط العضوية واشتراكات الأعضاء وما إلى ذلك. وخولت المادة 19 وزير الشئون الاجتماعية حق حل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية القائمة عند صدور هذا القانون إذا لم تتقدم بطلب التسجيل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به.
ومن حيث إن المشرع وقد قضى بأن تعد جمعية خيرية كل جماعة من الأفراد تسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر وبأن تعد مؤسسة اجتماعية كل مؤسسة تنشأ بمال يجمع كله أو بعضه من الجمهور سواء كانت هذه المؤسسة تقوم بأداء خدمة إنسانية أو دينية أو علمية أو فنية أو صناعية أو زراعية أم بأي غرض أخر من أغراض البر أو النفع العام، وأوجب أن يكون لكل جمعية خيرية أو مؤسسة اجتماعية مقر في مصر وأن تسجل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية القائمة عند صدور القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به وإلا حق للجهات المختصة طلب حلها، فإنه يكون بذلك قد أخضع كل نشاط يسعى إلى تحقيق غرض من أغراض البر في مصر لأحكام القانون المشار إليه، واعتبره بحكم القانون جمعية خيرية أو مؤسسة اجتماعية حسب الأحوال، وأوجب تشكيلها وتسجيلها طبقاً لأحكام هذا القانون حتى تثبت لها الشخصية الاعتبارية، وإلا فقد حق حلها، ويستوي في ذلك أن تكون الجمعية الخيرية أو المؤسسة الاجتماعية التي تباشر أغراضها في مصر مصرية أو فرعاً أو وكالة أو مندوبية لشخص اعتباري أجنبي على ما يبين من أحكام القانون على الوجه السالف البيان ولاتحاد العلة التي حدت بالمشرع إلى التدخل في تنظيم حق تكوين الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية وكيفية استعمال هذا الحق وتنظيم مراقبة الجهات الحكومية المختصة لها صوناً للنظام العام والسهر على الأمن العام ومراقبة الآداب في البلاد.
ومن حيث إن المندوبية العامة للصليب الأحمر الفرنسي في مصر على ما يبين من لائحتها الداخلية لا تعدو أن تكون جمعية خيرية في حكم القانون رقم 49 لسنة 1945 المشار إليه الذي سجلت طبقاً لأحكامه في مصر، باعتبارها جماعة من الأفراد تسعى لتحقيق غرض من أغراض البر هو مساعدة المعوزين من الفرنسيين والمصريين، ولم تدع الجمعية أنه صدر بتنظيمها قانون أو مرسوم أو أتفاق دولي يبرر عدم خضوعها لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 المذكور. وإذ وافقت جمعية الصليب الأحمر الفرنسي في فرنسا على تسجيل مندوبيتها المذكورة في مصر تطبيقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 أثر صدوره على ما أبداه الدفاع عن الجمعية المدعية، فإن هذه المندوبية تكون قد اكتسبت الشخصية الاعتبارية باعتبارها جمعية خيرية وفقاً للقانون المذكور وتخضع لأحكامه، وتستقل شخصيتها بذلك عن شخصية الصليب الأحمر الفرنسي بفرنسا ولا يقدح في ذلك ما انطوت عليه اللائحة الداخلية لهذه المندوبية من اعتبارها وكيلة الصليب الأحمر الفرنسي بفرنسا ذلك أنه فضلاً عن أن المشرع اعتبرها - على ما سلف بيانه. شخصاً اعتبارياً خاضعاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 المذكور، فإن اللائحة المذكورة قد نصت على أن يكون مقر المندوبية في مصر وأن تؤدي رسالتها بمراعاة القوانين المصرية وأن يحدد نشاط الصليب الأحمر في مصر بموافقة وزارة الشئون الاجتماعية، بما يؤكد خضوع هذه المندوبية لأحكام القوانين المصرية.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، فإنه لا تكون ثمة حجة في الاستناد إلى نص الفقرة الثانية من المادة 11 من القانوني المدني للقول بعدم خضوع المندوبية المشار إليها لأحكام القانون المصري وخضوعها بمقولة أنها تابعة لشخص اعتباري أجنبي لأحكام القانون الفرنسي، لا حجة في ذلك لأن هذه الفقرة وقد نصت على أنه "أما النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فيسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي في مصر..." فإنها لا تعني إلا تحديد القانون الواجب التطبيق على الشخص الاعتباري الأجنبي وفقاً لقاعدة الإسناد المصرية، دون وضع معيار الصفة المصرية أو الأجنبية للشخص الاعتباري من حيث مدى تمتعه بالحقوق في مصر، أما هذه الصفة فإنها تتحدد وفقاً للقواعد القانونية التي تحكم الأشخاص الاعتبارية، ومؤدى القانون رقم 49 لسنة 1945 اعتبار المندوبية المذكورة على ما سلف ذكره شخصاً اعتبارياً مصرياً خاضعاً لأحكامه.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم تكون المندوبية المذكورة جمعية خيرية في حكم القانون رقم 49 لسنة 1945، وإذ كانت قائمة عند صدور القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي حل محل القانون الأول، فإنه كان من المتعين أن يتم تعديل نظامها وطلب شهرها بالتطبيق لأحكام القانون الجديد خلال سنة من تاريخ العمل به وإلا جاز حلها بقرار من السلطة المختصة عملاً بنص المادة الثانية من مواد إصدار هذا القانون. وإذ قعدت المندوبية عن اتخاذ ما قضت به المادة المذكورة، فإن قرار حلها يكون قد قام على أساس سليم من القانون. ولا اعتداد بما أبداه الدفاع عن الجمعية المدعية من أن نشاط المندوبية توقف منذ أول نوفمبر سنة 1956 بسبب وضع أموالها تحت الحراسة باعتبارها من أموال الرعايا الفرنسيين وفقاً لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 384 لسنة 1956 المذكور، ذلك أن وضع الحراسة على أموال المندوبية ما كان ليحول قانوناً بين القائمين عليها وبين المطالبة بتعديل نظامها وطلب شهرها وفقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إنه عن الشق من القرار المطعون فيه الخاص بأيلولة أموال هذه المندوبية إلى جمعية الهلال الأحمر المصري، فقد خول القانون رقم 384 لسنة 1956 في المادتين 38، 39 منه الجهة التي أصدرت قرار حل الجمعية الخيرية سلطة تعيين مصف لها وتوجيه أموالها الباقية إلى الوجهة التي حددها القانون، وإذ نص القانون على الجهة التي أصدرت قرار حل الجمعية بصيغة عامة، فإنه لا يسوغ القول بتخصيص هذه الجهة بالجهات القضائية التي خولها القانون سلطة الحل في بعض الحالات دون الجهات الإدارية صاحبة الحق في حل الجمعيات الخيرية في الحالات الأخرى كما هو الشأن في المنازعة الماثلة ويكون القرار المطعون فيما قضى به من أيلولة أموال المندوبية إلى جمعية الهلال الأحمر باعتبار أن نشاطها أقرب إلى غرض المندوبية، قد صدر صحيحاً بالنسبة لاختصاص مصدره به وبالنسبة للجهة التي وجهت إليها أموال المندوبية.
ومن حيث إنه بالنسبة للمنازعة التي تثيرها الطاعنة في شأن الأموال التي تناولها القرار المطعون فيه، فإنه وإن كان للجهة الإدارية الحق في تقرير أيلولة أموال المندوبية إلى جمعية الصليب الأحمر، غير أن هذا الحق مقصور على ما تملكه المندوبية المذكورة ويعتبر من مكونات ذمتها المالية، أما الأموال الأخرى المملوكة للغير والتي تضع المندوبية يدها عليها فلا تعتبر من مكونات ذمتها المالية وبالتالي لا تملك الجهة الإدارية المساس بها أو التصرف فيها. فإذا تضمن القرار أموالاً ثبت أنها مملوكة للغير، فإن القرار يكون مخالفاً للقانون بالنسبة لها.
ومن حيث إن الجمعية المدعية وقد أعلنت أنها لا تبغي من دعواها الحصول على حق ممارسة النشاط الخيري في مصر، وإنما تهدف على ما هو مستفاد من طلباتها إلى إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من أيلولة العقارات المملوكة لها التي كانت قد عهدت بإدارتها - باسمها ولحسابها - إلى المندوبية المذكورة دون أن تنقل إليها ملكية هذه العقارات وقد حددت الجمعية المدعية هذه العقارات بأنها:
1 - فيلا فردان المقامة على قطعة أرض مساحتها 5352 متراً مربعاً بشارع فؤاد الأول رقم 394 برمل الإسكندرية.
2 - فيلا مقامة على أرض مساحتها 662 متراً مربعاً بشارع فؤاد الأول بالإسكندرية.
3 - مجموعة من أربع فيلات بالإسكندرية بشارع فيكتوريا رقم 2، 2 مكرر و 4، 4 مكرر.
4 - ملكية زراعية كائنة بناحية الصرح مساحتها 70 فدان تقريباً.
ومن ثم فإن مقطع النزاع ينحصر في تحديد مالك هذه العقارات، فإذا كانت مملوكة للمندوبية كان القرار مطابقاً للقانون، أما إذا كانت مملوكة للجمعية المدعية فإن القرار يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن اللائحة الداخلية للمندوبية المذكورة المسجلة طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1945 المشار إليه تحت رقم 393 قد نصت في البند السادس منها على أن تتكون موارد المندوبية ولجانها المحلية في مصر من اشتراكات الأعضاء ومن إعانات المركز الرئيسي بفرنسا ونص البند السابع على أن المندوبية لها السلطة لتتسلم أموال الصليب الأحمر الفرنسي والاشتراكات والتبرعات المالية والعينية لاستثمارها في الطرق المشروعة ومفهوم هذين النصين أن المندوبية وقد اعتبرت في حكم القانون جمعية خيرية لها الشخصية الاعتبارية وذمة مالية مستقلة، فإن اشتراكات الأعضاء والمعونات والتبرعات تدخل في ذمتها المالية وتعتبر من أموالها المخصصة للقيام بأغراضها، وبالتالي فلا جدال في مشروعية توجيهها إلى جمعية الهلال الأحمر. أما أموال الصليب الأحمر الفرنسي بفرنسا والتي لم تنتقل ملكيتها إلى المندوبية على أي وجه من الوجوه كالبيع أو الهبة، فإنها تظل على ملكية الجمعية المذكورة، ولا يجوز من ثم التصرف فيها باعتبارها من أموال المندوبية.
ومن حيث إنه عن الفيلات والأرض الزراعية آنف الإشارة إليها وهي مثار المنازعة فالثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية للمحضر الرسمي المسجل في باريس (قلم التوثيق التاسع) في 12 من ديسمبر سنة 1955 والمصدق عليه من وزارة خارجية مصر برقم 14206 في 13 من أبريل سنة 1971، والتي تقدم بها الدفاع عن الجمعية المدعية دون ثمة إنكار من جانب الحكومة، أن اتحاد نساء فرنسا أندمج بطريق الاتفاق في جمعية الصليب الأحمر الفرنسي بباريس في 22 من يوليه سنة 1940 وانتقلت أموال هذا الاتحاد كلها بما فيها العقارات محل النزاع إلى جمعية الصليب الأحمر الفرنسي بباريس، وصدر بهذا الاندماج قرار في 22 من يوليه سنة 1944 بالتطبيق للقانون الفرنسي الرقيم 7 من أغسطس سنة 1940 الذي أيد بعد انتهاء احتلال فرنسا بالأمر رقم 450833 الصادر في 27 من أبريل سنة 1945. ولما كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق أن هذه العقارات لم تنتقل ملكيتها إلى مندوبية الصليب الأحمر الفرنسي في مصر، وإنما سلمت إليها طبقاً لنص البند السابع من لائحتها الداخلية المشار إليه لاستثمارها. فإن مفاد ذلك أن الجمعية الفرنسية المدعية احتفظت لنفسها بملكية هذه العقارات واكتفت في هذا الشأن بتخصيص ريعها لأغراض المندوبية طالما بقيت المندوبية قائمة بنشاطها فإذا انتهى هذا النشاط بحل المندوبية كما هو الشأن في الحالة الماثلة عادت العقارات إلى الأصيل وعاد إليه تبعاً لذلك الحق في استثمارها والحصول على ريعها اعتباراً من تاريخ الحل، وبناء عليه فإن ريع هذه العقارات إلى تاريخ حلها هو الذي يدخل في الذمة المالية للمندوبية باعتباره من الأموال المخصصة للصرف منها على أغراضها دون العقارات المذكورة التي ظلت على ملكية الجمعية المدعية. ويساند هذا النظر أن المندوبية المذكورة كانت في نظر الجمعية المدعية على ما جاء بالبند الرابع من اللائحة الداخلية للمندوبية مجرد وكيله عن الصليب الأحمر الفرنسي بباريس، بما لا يسوغ معه القول بأن الأصيل هدف إلى نقل ملكية أمواله هذه أو التنازل عنها إلى وكيله. وبالبناء على ذلك فإنه ما كان يجوز قانوناً توجيه عقارات الجمعية المدعية إلى جمعية الهلال الأحمر في مصر باعتبارها من أموال المندوبية ويكون القرار المطعون فيه والأمر كذلك قد خالف حكم القانون في هذا الشق منه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر فإنه يكون واجب التعديل وذلك بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من توجيه العقارات - التي سلمتها جمعية الصليب الأحمر الفرنسي بباريس إلى المندوبية لاستثمارها - إلى جمعية الهلال الأحمر المصري، وذلك كله دون مساس بما قد يكون قد اتخذ من إجراءات حيال أموال الجمعية المدعية في مصر باعتبارها من الرعايا الفرنسيين، أو ما يجدر اتخاذه إزاءها قانوناً باعتبارها من الجمعيات الأجنبية التي لا يجوز لها - على سبيل المثال - تملك الأراضي الزراعية، ورفض الطعن فيما عدا ذلك، مع إلزام الجهة الإدارية كامل المصروفات باعتبار أنها هي التي ألجأت الجمعية المدعية إلى سلوك طريق التقاضي لاستخلاص حقوقها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من أيلولة العقارات مثار المنازعة إلى جمعية الهلال الأحمر، ورفض الطعن فيما عدا ذلك وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 305 لسنة 25 ق جلسة 10 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 119 ص 795

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(119)
الطعن رقم 305 لسنة 25 القضائية

دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة" "تقرير التلخيص". نظام عام.
تلاوته:
إجراء واجب وفقاً لنص الم 408 مرافعات يترتب على إغفاله بطلان الحكم.
الغاية منه:
إظهار عمل القاضي في الدعوى وتنوير زملائه وتنبيه الخصوم إلى الوضع الذي اتخذته عناصرها في ذهنه لإمكان استدراك ماسها أو أخطأ فيه.
تعلقه بالنظام العام:
اتصاله بنظام التقاضي اتصالاً يتعلق بالنظام العام يجيز للمحكمة في حالة إغفاله القضاء بالبطلان من تلقاء نفسها متى كانت عناصر الفصل في الطعن لهذا السبب مستكملة.

------------------
تلاوة تقرير التلخيص أمام الهيئة التي تصدر الحكم إجراء واجب وفقاً لنص المادة 408 من قانون المرافعات ويترتب على إغفاله بطلان الحكم - وإذا كانت الغاية التي توخاها الشارع من هذا الإجراء والتي أوضح عنها في المذكرة التفسيرية هي "إظهار عمل القاضي في الدعوى وتنوير زملائه الذين يسمعون معه المرافعة في موضوعها وتنبيه الخصوم ومحاميهم إلى الوضع الذي اتخذته عناصرها في ذهن القاضي فيكون في استطاعتهم استدراك ماسها عنه أو تدارك ما أخطأ في عرضه" فإن مؤدى ذلك أن هذا الإجراء يتصل بنظام التقاضي اتصالاً يتعلق بالنظام العام مما يجيز لمحكمة النقض في حالة إغفال هذا الإجراء أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها متى كانت عناصر الفصل في الطعن لهذا السبب مستكملة من واقع المستندات المقدمة بملفه تقديماً صحيحاً وفي المواعيد التي حددها القانون.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن النيابة العامة أشارت في مذكرتها إلى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان، لأن المحكمة التي أصدرته أغفلت إجراء جوهرياً من إجراءات الدعوى هو تلاوة تقرير التلخيص بالجلسة قبل بدء المرافعة، وقالت أنه لما كان هذا الإجراء يتعلق بالنظام العام لاتصاله بنظام التقاضي فإن لها أن تثير في الطعن هذا النعي ولو لم يثره الخصوم.
ومن حيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن تلاوة تقرير التلخيص أمام الهيئة التي تصدر الحكم إجراء واجب وفقاً لنص المادة 408 من قانون المرافعات ويترتب على إغفاله بطلان الحكم. وإذا كانت الغاية التي توخاها الشارع من هذا الإجراء والتي أفصح عنها في المذكرة التفسيرية هي "إظهار عمل القاضي في الدعوى وتنوير زملائه الذين يسمعون معه المرافعة في موضوعها وتنبيه الخصوم ومحاميهم إلى الوضع الذي اتخذته عناصرها في ذهن القاضي فيكون في استطاعتهم استدراك ماسها عنه أو تدارك ما أخطأ في عرضه" فإن مؤدى ذلك أن هذا الإجراء يتصل بنظام التقاضي اتصالاً يتعلق بالنظام العام مما يجيز لمحكمة النقض في حالة إغفال هذا الإجراء أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها متى كانت عناصر الفصل في الطعن لهذا السبب مستكملة من واقع المستندات المقدمة بملفه تقديماً صحيحاً وفي المواعيد التي حددها القانون. ولما كان الثابت من الصور الرسمية لهذا الحكم ولمحاضر جلسات القضية أمام محكمة الاستئناف من بدء إحالتها من جلسة التحضير الأخيرة للمرافعة حتى الفصل فيها والمقدمة من الطاعن بملف الطعن في المواعيد القانونية أنها جميعها قد خلت مما يفيد أن تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة قبل المرافعة.
لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً ويتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث الأسباب الواردة في تقرير الطعن.

الطعن 669 لسنة 49 ق جلسة 24 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 187 ص 1039

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد؛ ومحمد إبراهيم خليل، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.

------------------

(187)
الطعن رقم 669 لسنة 49 القضائية

(1) شفعة "علم الشفيع بالبيع".
علم الشفيع بالبيع. لا يعتبر ثابتاً إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري. لا إلزام على الشفيع إعلان رغبته إلا بعد ذلك الإنذار.
(2) شفعة "النزول الضمني عن الشفعة".
النزول الضمني عن الحق في طلب الشفعة. شرطه.

-------------------
1 - جرى نص المادة 940 من القانون المدني بأنه على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا سقط حقه، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أراد أن يقضي على كافة ضروب المنازعات التي كانت تثور في شأن علم الشفيع بالبيع وأن علمه بالبيع لا يعتبر ثابتاً إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري، ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذ لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار، ولا إلزام على الشفيع بإعلان رغبته إلا بعد إنذاره من البائع أو المشتري.
2 - النزول الضمني عن الحق في طلب الأخذ بالشفعة يستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد حتماً رغبته في عدم استعمال ذلك الحق واعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 763 سنة 1977 مدني قنا الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بأحقيته في أخذ الأرض الزراعية المبينة بالأوراق بالشفعة وقال بياناً للدعوى إن المطعون عليهما الثالث والرابع باعا تلك الأرض للمطعون عليهما الأولين بموجب عقد مؤرخ 2/ 6/ 1980 قضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 1215 سنة 1970 مدني قنا الابتدائية، وإذ توافرت له شروط أخذ هذه الأرض بالشفعة فقد أعلن رغبته في ذلك إلى المطعون عليهم الأربعة الأول، غير أن الأولين منهم قررا بأنهما باعا ذات الأرض إلى المطعون عليه الخامس بعقد مؤرخ 6/ 1/ 1971 دفع المطعون عليهما الأول والثاني بسقوط حق الطاعن في أخذ الأرض المذكورة بالشفعة. وبتاريخ 25/ 2/ 1978 حكمت المحكمة بإثبات تنازل الطاعن عن الأخذ بالشفعة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية قنا) بالاستئناف رقم 116 سنة 53 ق مدني. وبتاريخ 27/ 1/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر أنه تنازل ضمنياً عن طلب الشفعة لاختصامه للحكم في مواجهته في دعوى صحة التعاقد رقم 1215 سنة 1970 مدني قنا الابتدائية التي رفعت من المطعون عليهما الأول والثاني ضد المطعون عليهما الثالث والرابع، ولتوقيعه حجز ما للمدين لدى الغير على ما في ذمة المشتريين الأولين من باقي الثمن وفاء لدين له على البائعين لهما وسكوته منذ ذلك الحين عن طلب الشفعة، في حين أن الشفيع يعتبر عالماً ببيع العقار المشفوع فيه إلا بالإنذار الرسمي المرسل إليه من البائع أو المشتري بحصول البيع، ولا يعتبر متنازلاً عن حقه في الشفعة إلا إذا صدر منه ما يفيد أنه اعتبر المشتري مالكاً نهائياً للمبيع، وهو ما لم يصدر من الطاعن، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 940 من القانون المدني قد جرى نصها بأنه على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا سقط حقه، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أراد أن يقضي على كافة ضروب المنازعات التي كانت تثور في شأن علم الشفيع بالبيع وأن علمه بالبيع لا يعتبر ثابتاً إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري، ولا يسري ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار، ولا إلزام على الشفيع بإعلان رغبته إلا بعد إنذاره من البائع أو المشتري، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد خلص إلى نزول الطاعن ضمنياً عن حقه في طلب الأخذ بالشفعة من مجرد اختصامه في دعوى صحة التعاقد آنفة الذكر ليصدر الحكم فيها في مواجهته، وتوقيعه حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد المعطون عليهما الأولين على ما في ذمتهما من باقي الثمن وفاء لدين له في ذمة المطعون عليهما الثالث والرابع وسكوته فترة حتى أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة، وكان النزول الضمني عن الحق في طلب الأخذ بالشفعة يستلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد حتماً رغبته في عدم استعمال ذلك الحق واعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتد بعلم الشفعة بالبيع بغير الوسيلة التي حددها المشرع ورتب على ذلك نزوله ضمنياً عن حقه في طلب الأخذ بالشفعة، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.