جلسة 3 من يونيه سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.
-------------------
(76)
القضايا أرقام 1310 و1433 لسنة 12 القضائية و1068 لسنة 13 القضائية
دعوى الإلغاء "ميعاد رفع الدعوى. التظلم".
نص المادة 22 من قانون مجلس الدولة على اعتبار فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه - قيام هذا الرفض الحكمي على قرينة فوات هذا الفاصل الزمني دون أن تجيب الإدارة على التظلم - عدم قيام هذه القرينة إذا لم تهمل الإدارة التظلم وإنما اتخذت مسلكاً إيجابياً في سبيل الاستجابة إليه - المعول عليه في هذا الصدد هو المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعار الجهة الإدارية حقه فيه وليس المسلك الإيجابي في بحث التظلم - حساب ميعاد رفع الدعوى في هذه الحالة من التاريخ الذي تكشف فيه الإدارة عن نيتها - رفض التظلم بعد أن كانت المقدمات في مسلكها تنبئ بغير ذلك (1).
------------------
أنه ولئن كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه وإن كانت المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1655 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أن يعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة، أي افترضت في الإدارة أنها رفضت التظلم ضمناً باستفادة هذا الرفض الحكمي من قرينة فوات هذا الفاصل الزمني دون أن تجيب الإدارة عن التظلم، إلا أنه يكفي في تحقيق الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية المختصة لم تهمل التظلم، وأنها إذ استشعرت حق المتظلم فيه قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل استجابته: وكان فوات الستين يوماً راجعاً إلى بطء الإجراءات المعتادة بين الإدارات المختصة في هذا الشأن، والقول بغير ذلك مؤداه دفع المتظلم إلى مخاصمة الإدارة قضائياً في وقت تكون هي جادة في سبيل إنصافه وقد قصد الشارع من وجوب اتباع طريق التظلم الإداري تفادى اللجوء إلى طريق التقاضي بقدر الإمكان وذلك بحسم المنازعات إدارياً في مراحلها الأولى.
أنه ولئن كانت هذه المحكمة سبق لها أن قضت بما تقدم، إلا إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ واضحاً في تطبيق ما انتهت إليه هذه المحكمة، فقد استند الحكم المطعون فيه في القول بأن ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إلى المدعي الثاني ظل مفتوحاً، إلى أن الجهة الإدارية سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم منه "في حين إن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم هو أمر طبيعي وهو واجبها الذي يفترض قيامها به بالنسبة إلى تظلم يقدم إليها، ولم تقل - هذه المحكمة أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم من شأنه أن يفتح ميعاد الطعن، وإنما قالت "أنه يكفي في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من افتراض رفض الجهة الإدارية التظلم أن يتبين أنها إذ استشعرت حق المتظلم قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل إجابة تظلمه" فالمسلك الإيجابي الذي استندت إليه هذه المحكمة في حكمها السابق الإشارة إليه، ليس المسلك الإيجابي في بحث التظلم، وإنما المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعار الجهة الإدارية حقه فيه، والفرق واضح بين المسلكين.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعون - في أن المدعيين السيدين/ سالم محمد السيد ومحمد مبروك هريدي أقاما الدعوى رقم 299 لسنة 20 القضائية ضد السادة/ مفتش ري البحيرة ومفتش ري الوجه البحري ووزير الري بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 2 من ديسمبر سنة 1965، طلبا فيها "الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من السيد المدعى عليه الأول برقم 19906 في 8 من يوليه سنة 1964 بإنشاء طريق ري فوق أطيان المدعيين لري الأرض التي يدعي السيد/ أسعد صليب أنها مملوكة له، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الري مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواهما في أنهما يمتلكان أرضاً زراعية بزمام ناحية كوم أشو مركز كفر الدوار بحيرة مساحتها 49 ف 12 س بحوض السياخ الغربي قسم 18 قطعة رقم 94 و95 على وجه الشيوع بينهما، وفي 10 من يوليه سنة 1964 أعلن المدعي الأول بقرار صادر من مفتش ري البحيرة في 8 من يوليه سنة 1964، بناء على الشكوى المقدمة من السيد/ أسعد صليب التي يطلب فيها إيجاد طريق ري لأطيانه التي يقول أن مساحتها 38 فدان و3 قيراط و17 سهماً ضمن القطعة رقم 99 بحوض السياخ الغربي 5 قسم ثالث فصل أول بناحية كوم أشو مركز كفر الدوار بحيرة، وذلك بعمل مسقاة تمر بأرضهما لإيصال مياه الري لأطيانه من ترعة جاد الحق طبقاً للمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953، وقد تظلم المدعي الأول من هذا القرار في 28 من يوليه سنة 1964، وبقى هذا التظلم تحت نظر الجهة الإدارية إلى أن أخطرته برفضه في 21 من سبتمبر سنة 1965 وسلم إليه أخطار الرفض في 3 من أكتوبر سنة 1965، وأن المدعي الثاني لم يعلم بقرار مفتش ري البحيرة إلا في 14 من مايو سنة 1965 وقد بادر في 19 من مايو سنة 1965 بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر إلى السادة المدعى عليهم ضمنه أوجه اعتراضه على القرار مبيناً صفته في النزاع وهي أنه مالك لجزء من هذه الأطيان مساحته 37 ف و12 ق و14.5 س بعقد مسجل في 27 من فبراير سنة 1960، وفي 22 من أغسطس سنة 1965 تلقى من تفتيش الري كتاباً تضمن مطالبته بعقد التمليك لإعادة بحث وتحقيق الملكية للأرض المقرر مرور المسقة فيها وليمكن اتخاذ الإجراءات القانونية إذا ثبت صحة ما جاء بالإنذار، وقد رد المدعي الثاني على هذا الخطاب بكتاب مؤرخ أول سبتمبر سنة 1965 أرفق به عقد تمليكه ولكنه لم يتلق بعد ذلك رداً على إنذاره، وتوجز أسانيد المدعيين في الطعن على قرار مفتش ري البحيرة في أن السيد/ أسعد صليب ليس مالكاً للأرض التي يطالب بتمرير ري لها، وأن مناسيب الأرض التي يدعى السيد/ أسعد صليب بأنها ملكه ويطلب لريها طريقاً يمر بأرض المدعيين، أعلى من مناسيب أرض المدعيين، ومن ثم فإن إجابته إلى طلبه تلحق أبلغ الضرر بأرضهما، وأن تمرير مسقة بأرض المدعيين لا يعتبر أقصر طريق لري الأطيان التي يريد السيد/ أسعد صليب ريها.
وبجلسة 4 من يناير سنة 1966 طلب السيد/ أسعد صليب قبوله خصماً في الدعوى منضماً للحكومة وقد قررت المحكمة قبوله.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً، وطلبت من باب الاحتياط رفضها موضوعاً لعدم صحة الأسباب التي استند إليها المدعيان في الطعن على قرار مفتش ري البحيرة السابق الإشارة إليه، وقد انضم السيد/ أسعد صليب إلى الحكومة في دفاعها وأضاف إليه دفعاً بعدم قبول الدعوى من المدعي الثاني لرفعها من غير ذي صفة بمقولة أن المدعي المذكور لم يقدم ما يثبت ملكيته لجزء من الأرض التي تقرر إنشاء المسقة فيها بموجب القرار المطعون فيه.
وبجلسة 14 من يونيه سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من طلبات المدعيين "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعي الثاني لرفعها من غير ذي صفة وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بالنسبة للمدعيين وبقبولها وبوقف تنفيذ القرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1964 من مفتش ري البحيرة بإنشاء مسقاة بأرض المدعيين بالقطعة رقم 94 بحوض السياح الغربي رقم 5 قسم ثالث فصل أول الصادر في الشكوى المقدمة من أسعد صليب لتفتيش الري وألزمت الحكومة مصروفات هذا الطلب" وأقامت قضاءها بالنسبة إلى رفض الدفع الأول على أنه يبين من المستندات المقدمة من المدعي الثاني أنه شريك على الشيوع مع المدعي الأول في الأرض التي تقرر إنشاء المسقاة فيها بموجب القرار المطعون فيه وبذلك يكون ذا صفة في إقامة الدعوى، وبالنسبة إلى رفض الدفع الثاني على أن الحكومة لم تنازع المدعي الثاني فيما قرره من أنه لم يعلم بالقرار الصادر من مفتش الري في 8 من يوليه سنة 1964 بإنشاء المسقاة موضوع الطعن إلا في 14 في من مايو سنة 1965، وأنه تظلم من هذا القرار في نفس هذا التاريخ (14 من مايو سنة 1965) إلى مفتش ري البحيرة وأعقب هذا التظلم بإنذار رسمي على يد محضر في 19 من مايو سنة 1965 موجه إلى مفتش ري البحيرة ومفتش ري الوجه البحري ووزير الري مبيناً فيه أوجه اعتراضه على صدور القرار المذكور، وأن تفتيش ري البحيرة أرسل إلى المدعي الثاني في 22 من أغسطس سنة 1965 طالباً منه موافاة التفتيش بعقد ملكيته المسجل للأطيان لإعادة بحث وتحقيق الملكية لنفس الأرض المقرر مرور المسقاة فيها وليمكن اتخاذ الإجراءات القانونية إذا ثبت صحة الاعتراضات التي جاءت بالإنذار الموجه منه، وقد أرسل المدعي الثاني في أول سبتمبر سنة 1965 إلى مفتش ري البحيرة كتاباً مرفقاً به صورة عقد الملكية المطلوب: وأنه يبين من هذا أن الجهة الإدارية المدعى عليها قد سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم من المدعي الثاني، وليس في الأوراق ما يدل على إخطاره بما انتهت إليه في شأن تظلمه مما يترتب عليه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً، ويتعين بالتالي قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إليه، ونظراً لأن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة إذ أن موضوعها طلب إلغاء قرار صادر بإنشاء طريق ري في أرض مملوكة على الشيوع للمدعيين لصالح الخصم الثالث فلو أجيب المدعي الثاني إلى طلباته وقضى بإلغاء القرار الصادر بإنشاء هذه المسقاة لاستفاد المدعي الأول ولا مصلحة للحكومة ولا للخصم الثالث في الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعي الأول لرفعها بعد الميعاد ما دام أنها مقبولة بالنسبة للمدعي الثاني عن موضوع غير قابل للتجزئة، فإنه يتعين رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعي الأول، وأقامت قضاءها بالنسبة إلى وقف التنفيذ على أن ملكية السيد/ أسعد صليب بحسب الظاهر من الأوراق للأرض التي يطلب إيجاد طريق لريها وكذلك وضع يده عليها محل نزاع، وأن تنفيذ القرار المطعون فيه قد يتعذر تدارك نتائجه لو قضى بإلغائه.
وبجلسة 16 من مايو سنة 1967 قضت المحكمة في الشق الموضوعي من طلبات المدعيين "بإلغاء قرار السيد/ مفتش ري البحيرة الصادر في 8 من يوليه سنة 1964 بإنشاء مسقاة في أطيان المدعيين الواقعة بالقطعة رقم 94 بحوض السياخ الغربي رقم 5 قسم ثالث فصل أول وذلك في الشكوى المقدمة من السيد/ أسعد صليب لتفتيش ري البحيرة وألزمت الحكومة المصروفات" وأقامت قضاءها على أنه يبين من الأوراق أن ملكية السيد/ أسعد صليب للأرض التي يطلب إنشاء طريق لريها محل نزاع، وأنه بذلك لا يكون ذا صفة في تقديم الطلب، وأن قرار مفتش ري البحيرة المطعون فيه قد أغفل إجراء جوهرياً شرطه القانون وهو إعلان المدعي الثاني بوصفه صاحب شأن بموعد ومكان المعاينة التي أجرى فيها تحقيق الطلب المقدم من السيد/ أسعد صليب لإيجاد طريق لري الأرض التي يدعي ملكيته إليها.
ومن حيث إن مبنى الطعون الثلاثة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه حين قضى بقبول الدعوى شكلاً استناداً إلى أن المدعي الثاني أقامها في الميعاد قولاً منه بأن ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه يظل مفتوحاً طالما أن الجهة الإدارية قد سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم منه وليس في الأوراق ما يدل على أنها أخطرته بما انتهت إليه في شأن تظلمه، مما يترتب عليه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً، وأن المدعي الأول يستفيد من ذلك ولو كانت دعواه مرفوعة بعد الميعاد لأن موضوع والدعوى غير قابل للتجزئة، ذلك أنه فضلاً عما في قبول مبدأ امتداد ميعاد رفع الدعوى أكثر من الميعاد المقرر قانوناً - وهو ميعاد سقوط - من مخالفة للقانون فقد شاب الحكم فساد في الاستدلال، إذ لو فرض جدلاً بأن استجابة الجهة الإدارية إلى التظلم من شأنها أن تفتح ميعاد رفع الدعوى، فإن هذا القول لا يستقيم لمجرد قيام الجهة الإدارية ببحث التظلم وطلب استيفاء أوراق من المتظلم وما يتبع ذلك من إجراءات، إذ ليس في ذلك أي معنى من معاني الاستجابة إلى التظلم، هذا من ناحية الشكل، أما من ناحية الموضوع فقد أخطأ الحكم المطعون فيه حين استند في إجابة المدعيين إلى طلبهما وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم إلغائه، إلى أن ملكية السيد/ أسعد صليب للأرض التي يطلب إنشاء طريق ري لها وكذلك حيازته لها محل نزاع وأن القانون يتطلب لإجابته إلى طلبه أن يكون مالكاً، إذ فضلاً عما تنطق به المستندات المقدمة من السيد/ أسعد صليب من سلامة ملكيته، فإن المشرع لم يتطلب من مفتش الري وهو بصدد تطبيق أحكام المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف، بحث الملكية على النحو الذي افترضه الحكم، أما من ناحية ما ذهب إليه الحكم من أن الإجراءات التي يتطلبها القانون لم تتخذ في مواجهة المدعي الثاني، فمردود عليه بأنه يكفي اتخاذها في مواجهة أحد الملاك ولا سيما إذا كانت الملكية على الشيوع.
ومن حيث إنه طبقاً لما تقضي به المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة فإنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن ترفع خلال ستين يوماً يبدأ سريانها أما من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو من تاريخ إعلان صاحب الشأن به حسب الأحوال، وينقطع هذا الميعاد بالتظلم إلى الجهة الإدارية المصدرة للقرار أو إلى السلطات الرئاسية التي تتبعها خلال الستين يوماً المقررة للطعن بالإلغاء، ويعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه، ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي الأول السيد/ سالم محمد السيد أخطر بالقرار المطعون فيه في 8 من يوليه سنة 1964 وقد استلم الأخطار - على حد قوله - في 10 من يوليه سنة 1964 وتظلم منه في 28 من يوليه سنة 1964، فإنه بفوات ستين يوماً على تظلمه أي بانتهاء يوم 26 من سبتمبر سنة 1964 دون أن تجيب عنه السلطات الإدارية يعتبر أنه قد صدر قرار ضمني برفضه، ويبدأ من هذا التاريخ سريان ميعاد السنتين يوماً المقررة للطعن بالإلغاء ويظل هذا الميعاد مفتوحاً إلى يوم 25 من نوفمبر سنة 1964، وإذ كان السيد/ سالم محمد السيد لم يودع صحيفة الطعن بالإلغاء إلا في يوم 2 من ديسمبر سنة 1965 أي بعد أكثر من سنة، فإن طعنه يكون قد أقيم بعد الميعاد ومن ثم تكون دعواه غير مقبولة شكلاً، ولا عبرة بقرار رفض تظلمه الذي أخطر به في 21 من سبتمبر سنة 1965 أي بعد أكثر من سنة من تقديمه - وأن كان قد أقام دعواه بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ هذا الإخطار أيضاً - فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يتعين أن ترفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الفترة التي يعتبر فواتها دون إجابة السلطات المختصة عن التظلم بمثابة قرار حكمي بالرفض، حتى ولو أعلن صاحب الشأن بعد ذلك بقرار صريح بالرفض، ما دام أن الميعاد سبق جريانه قانوناً بأمر تحقق هو القرار الحكمي بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه استند في قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعي الأول إلى أن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة وأنه لو قضى بإلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة إلى المدعي الثاني لاستفاد المدعي الأول من ذلك حتماً حتى ولو كانت دعواه بالطعن بالإلغاء مرفوعة فعلاً بعد الميعاد.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدعي الثاني فالثابت من الأوراق أنه علم - على حد قوله - بالقرار المطعون فيه في 14 من مايو سنة 1965 وأنه بادر بالنظام منه برقياً في ذات التاريخ ثم أعقب ذلك بتظلم (إنذار على يد محضر) في 19 من مايو سنة 1965 وأنه لم يتلق رداً على تظلمه خلال الستين يوماً التالية لتقديمه، ومن ثم فقد كان من المتعين عليه أن يقيم دعواه خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الستين يوماً الأولى، أي في ميعاد غايته 16 من سبتمبر سنة 1965، وإذ أقام دعواه في 2 من ديسمبر سنة 1965، فإنه يكون قد أقامها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه استند في قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى هذا المدعي، إلى أنه تلقى في 22 من أغسطس سنة 1965 - أي خلال ميعاد رفع الدعوى الذي كان لا زال مفتوحاً - خطاباً من تفتيش الري يطلب منه فيه موافاته بعقد ملكيته المسجل لإمكان إعادة بحث وتحقيق ملكيته الأرض المقرر مرور المسقة فيها وليمكن اتخاذ الإجراءات القانونية إذا ثبت صحة ما جاء بتظلمه وأنه يبين من هذا أن "الجهة الإدارية قد سلكت مسلكاً إيجابياً ببحثها التظلم المقدم من المدعي الثاني وليس في الأوراق ما يدل على أنها أخطرته بما انتهت إليه في شأن تظلمه مما يترتب عليه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً ويتعين بالتالي قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إليه.
ومن حيث إنه ولئن كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه وإن كانت المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أن يعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة، أي افترضت في الإدارة أنها رفضت التظلم ضمناً باستفادة هذا الرفض الحكمي من قرينه فوات هذا الفاصل الزمني دون أن تجيب الإدارة عن التظلم، إلا إنه يكفي في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية المختصة لم تهمل التظلم، وأنها إذ استشعرت حق المتظلم فيه قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل استجابته، وكان فوات الستين يوماً راجعاً إلى بطء الإجراءات المعتادة بين الإدارات المختصة في هذا الشأن، والقول بغير ذلك مؤداه دفع المتظلم إلى مخاصمة الإدارة قضائياً في وقت تكون هي جادة في سبيل إنصافه، وقد قصد الشارع من وجوب اتباع طريق التظلم الإداري تفادي اللجوء إلى طريق التقاضي بقدر الإمكان وذلك بحسم المنازعات إدارياً في مراحلها الأولى.
ولئن كانت هذه المحكمة سبق لها أن قضت بما تقدم، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ واضحاً في تطبيق ما انتهت إليه هذه المحكمة، فقد استند الحكم المطعون فيه في القول بأن ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إلى المدعي الثاني ظل مفتوحاً: إلى أن الجهة الإدارية سلكت مسلكاً إيجابياً يبحثها التظلم المقدم منه "في حين أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم هو أمر طبيعي وهو واجبها الذي يفترض قيامها به بالنسبة إلى أي تظلم يقدم إليها، ولم تقل - هذه المحكمة أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم من شأنه أن يفتح ميعاد الطعن، وإنما قالت: "أنه يكفى في تحقيق معنى الاستفادة المانعة من افتراض رفض الجهة الإدارية التظلم أن يتبين أنها إذ استشعرت حق المتظلم قد اتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل إجابة تظلمه" فالمسلك الإيجابي الذي استندت إليه هذه المحكمة في حكمها السابق الإشارة إليه، ليس المسلك الإيجابي في - بحث التظلم، وإنما المسلك الإيجابي في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعار الجهة الإدارية حقه فيه: والفرق واضح بين المسلكين)، هذا فضلاً عن أن الذي يتبين من مطالعة الخطاب الذي أرسله تفتيش الري للمدعي الثاني رداً على تظلمه، والذي استند إليه الحكم المطعون فيه في القول بأن الجهة الإدارية سلكت مسلكاً إيجابياً في بحث تظلمه، أن البحث الذي ستقوم به الجهة الإدارية سيكون مقصوراً على تحقيق ادعاء المدعي الثاني أنه مالك على الشيوع مع المدعي الأول للأرض المقرر مرور المسقة فيها، وقد خلا الخطاب مما يفيد أن هناك أي بحث ستقوم به الجهة الإدارية بالنسبة إلى الموضوع الأساسي الذي انصب عليه التظلم، وهو إنكار حق السيد/ أسعد صليب في إنشاء مسقة لري أرضه تمر بأرض المدعيين، وهو الحق الذي تقرر بموجب القرار المتظلم منه والمطعون فيه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه الصادر في الشق المستعجل من طلبات المدعيين فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، استناداً إلى أن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً إيجابياً في بحث التظلم المقدم من المدعي الثاني من شأنه أن يظل ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إليه مفتوحاً، خلافاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه: ويكون الحكم المطعون فيه الصادر في الشق الموضوعي من طلبات المدعيين قد خالف القانون كذلك حين تطرق إلى بحث موضوع الدعوى والفصل فيه وهي غير مقبولة شكلاً، ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعون المضمومة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام المدعيين بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعون المضمومة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات.
(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/ 11/ 1958 المنشور بمجموعة السنوات العشر ص 194 بند 173.