الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 يوليو 2023

الطعن 1568 لسنة 8 ق جلسة 10 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 35 ص 344

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

----------------

(35)

القضية رقم 1568 لسنة 8 القضائية

(أ) تعبئة عامة. "استيلاء". رقابة القضاء على أعمال الإدارة.
نص المادة 24 من القانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة التي تخول الجهة الإدارية المختصة أن تصدر قراراً بالاستيلاء على العقارات وشغلها - القانون لم يضع أي شرط أو يورد أي قيد على سلطة الإدارة في اتخاذ هذا التدبير إلا أن يكون لازماً للمجهود الحربي - النظر في مشروعية قرار الاستيلاء يكون على أساس أن سلطة الإدارة في هذا الشأن مطلقة لا يحدها إلا التزام الغاية التي استهدفها القانون.
(ب) تعبئة عامة. "استيلاء".
عدم اشتراط خلو العقار المستولى عليه لصحة قرار الاستيلاء - أساس ذلك.
(جـ) تعبئة عامة. "استيلاء".
صدور قرار بالاستيلاء على العقار على الرغم من سابقة شغل الجهة الإدارية مصدرة القرار لذات العقار بطريق الإيجار - جواز ذلك متى جدت مبررات بعد قيام الرابطة العقدية بين جهة الإدارة ومالك العقار.

-------------------
1 - يتبين من الرجوع إلى القانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة أن من بين التدابير التي خولت المادة 24 منه للجهة الإدارية المختصة أن تصدر قراراً بها الاستيلاء على العقارات أو شغلها حيث أوضحت بعد ذلك المواد 25، 26، 27 إجراءات تنفيذ هذا الاستيلاء وطريقة تحديد التعويض المقابل، وبالاطلاع على المواد المذكورة يبين واضحاً أن القانون المشار إليه لم يضع أي قيد على سلطة الإدارة في اتخاذ هذا التدبير إلا أن يكون لازماً للمجهود الحربي فمن ثم فإنه يتعين وقد خلت تلك النصوص من أية شروط أو قيود يتعلق التصرف الإداري بتحقق واحد منها أو أكثر يتعين أن يكون النظر في مشروعية القرار الإداري الذي صدر مستنداً إليها على أساس أن سلطة الإدارة في هذا الشأن مطلقة من كل قيد لا يحدها إلا التزام الغاية التي استهدفها القانون وخولها تلك السلطة من أجل تحقيقها، ذلك أن الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة وإن اتحدت في طبيعتها بالنسبة لجميع التصرفات الإدارية إلا أنها لا شك تختلف في مداها بحسب الشروط والقيود التي تلازم السلطة المخولة لمصدر القرار ومتى تحررت هذه السلطة من كل قيد أو شرط كما هو الحال في قانون التعبئة الذي يعالج الخطير من المسائل المتعلقة بالمجهود الحربي فليس للقانون الإداري في هذه الحالة أن يقيد هذه السلطة بغير قيد من القانون أو يخصصها بغير مخصص منه.
2 - إنه يبدو خطأ الحكم المطعون فيه الصادر بإلغاء قرار الاستيلاء موضوع الطعن بمقولة إنه يشترط لصدور هذا القرار خلو العقار المستولى عليه ما دامت إدارة التعبئة تشغل هذا العقار قبلاً بطريق الإيجار فإن القرار الصادر بالاستيلاء يرد على غير محل مستنداً في ذلك إلى وجود مثل هذا الشرط في بعض القوانين الأخرى لما في هذا الاستناد من إضافة شرط غير وارد في القانون الذي صدر القرار استناداً إليه.
3 - إن الإدارة إذا قدرت بما لها من سلطة في هذا الشأن وهي في هذا المجال الذي يتصل بالمجهود الحربي وبأمن القوات المسلحة إنما تتمتع بحرية واسعة لا يحدها في ذلك حسبما سلف البيان إلا عيب إساءة استعمال السلطة وهو ما خلت الأوراق من أية واقعة يمكن أن تقوم قرينة عليها، إذ قدرت أن شروط عقد الإيجار وما صحب هذا الوضع من إشكالات أصبحت تتعارض مع ظروفها وأوضاعها الجديدة، كان لها بمقتضى هذه السلطة أن تدرء كل ما من شأنه أن يعوق سير الأعمال بها أو يخل بالسرية الواجبة لها، وأن تقضي على مصدر القلق ومبعث الخوف، فإن هي عادت بعد أن ألغت قرار الاستيلاء السابق إلى إصدار القرار المطعون فيه لمواجهة تلك الظروف الجديدة مستندة إلى الأسباب سالفة الذكر مستهدفة الغرض المشار إليه ودون أن يثبت أنها مست المزايا المالية المقررة للمدعية بموجب عقد الإيجار السابق حيث احتفظت لها بهذه المزايا كاملة غير منقوصة فإن قرارها الصادر في هذا الخصوص يكون قد صدر والحالة هذه مطابقاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعنين في أن المدعية عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين فريد ومحمد إسماعيل كامل أقامت الدعوى رقم 609 لسنة 15 القضائية ضد السيد وزير الحربية وذكرت فيها أنه بتاريخ 15/ 1/ 1955 صدر أمر وزير الحربية بالاستيلاء على العمارة الكائنة بشارع التحرير رقم 140 بالدقي والمملوكة لها ولولديها القاصرين لتشغلها إدارة التعبئة وقدر للعمارة إيجار قدره 49 جنيهاً و350 مليماً، ولما كان هذا الإيجار يقل بكثير عن أجر المثل فقد رفعت الطالبة الدعوى رقم 1498 لسنة 1955 كلي مصر لرفع الإيجار إلى 750 جنيه شهرياً ثم تنازلت عنها بعد أن توصلت إلى تسوية ودية مع الوزارة وصدر أمر السيد وزير الحربية بإلغاء أمر الاستيلاء السابق وإبرام عقد إيجار مع الطالبة بأجرة قدرها 594 جنيهاً شهرياً وظلت إدارة التعبئة شاغلة للعمارة التي كانت قد تسلمتها تنفيذاً لأمر الاستيلاء المشار إليه منذ 21/ 3/ 1955 وذلك بناء على ذلك العقد على أن المدعية فوجئت بإعلانها في شهر إبريل سنة 1961 بقرار قد صدر من السيد وزير الحربية بالاستيلاء على العمارة لتشغلها إدارة التعبئة وعلمت أن سبب صدور هذا القرار هو سبق إبداء رغبتها في بناء أدوار ثلاثة بأعلى العمارة وعدم موافقة إدارة التعبئة على ذلك، فسارعت إلى وزارة الحربية لتتعهد بعدم البناء في العمارة طوال المدة التي تظل إدارة التعبئة شاغلة لها، ورغم ذلك لم يلغ هذا الأمر، ولما كان الإبقاء على هذا القرار بعد ذلك ينطوي على تعسف واضح في استعمال السلطة، وفي تنفيذه خطر داهم لا يمكن تداركه، فقد أقامت الدعوى الراهنة تطلب أولاً وقف تنفيذ القرار وفي الموضوع الحكم بإلغائه مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وردت الحكومة على الدعوى فشرحت بعض أوجه نشاط إدارة التعبئة وما تقوم به من أعمال تختص بكيان البلاد وسلامتها وسلامة قواتها المسلحة ومجهودها الحربي سواء في أيام السلم أو أيام الحرب وأوضحت أن الوضع في إدارة التعبئة يقتضي قيام السرية التامة ولما كانت نصوص عقد الإيجار وهو عقد مطبوع تتنافى مع هذه السرية فيما تنص عليه من إباحة الدخول والخروج للمالكة ومندوبيها وعمالها، وهو ما لم تتوان المالكة في استعماله فكانت تتردد على العمارة كثيراً هي وعمالها ومندوبيها كما أن العقد يعطيها الحق عند التنبيه بالإخلاء بأن يدخل راغبو الاستئجار يومياً بين الساعة الثالثة والسادسة مساء لمعاينة شقق العمارة فإن هذه النصوص تتنافى مع طبيعة الغرض من استئجار العمارة فكان واجباً على جهة الإدارة أن تعمل على تغيير هذا الوضع وقد تم ذلك بقرار الاستيلاء المطعون فيه ولم يترتب على هذا القرار أي ضرر أو شبه ضرر للمدعية مما تنتفي معه كل مصلحة للمدعية لها في هذا الطعن إذ لم يغير الوضع إلا في صيانة أسرار إدارة التعبئة والقوات المسلحة وهي بهذا القرار عملت في حدود واجب تفرضه عليها المادة 31 من القانون رقم 87 لسنة 1960 إذ خولت لها أن تصدر قرارات لتأمين سلامة المنشآت العسكرية والقوات المسلحة ولا جدال في أن أول واجبات الإدارة إعمال هذا النص وبجلسة 17/ 7/ 1961 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم أصدرت حكمها في الموضوع بجلسة 3/ 7/ 1962 قاضياً "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء قرار وزارة الحربية رقم 291 بتاريخ 1/ 3/ 1961 بالاستيلاء على العمارة رقم 140 شارع التحرير بالدقي المملوكة للمدعية وولديها القاصرين فريد ومحمد إسماعيل كامل وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة. وقد أقامت المحكمة قضاءها في طلب وقف التنفيذ على ما ثبت لها بحسب ظاهر الأوراق من أن الدعوى تقوم على أسانيد جدية تبرر إجابة المدعية إلى طلبها ولما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها فيما لو أهدر عقد الإيجار الذي يربطها بجهة الإدارة ويعبث بالإيجار المتفق عليه ويتعطل صرفه وهو المورد الوحيد لها ولولديها القاصرين المشمولين بوصايتها بغير مبرر وما يشوب ذلك كله من اعتداء على حق ملكيتهم وهو من الحقوق المقدسة والتي كلفت دساتير البلاد حمايتها وأسست المحكمة حكمها في الموضوع بعد أن رفضت الدفع بعدم القبول لانتفاء المصلحة بمقولة توافر هذه المصلحة التي تتمثل في خشية المساس بالأجرة المتفق عليها، أسست المحكمة قضاءها بإلغاء القرار بعد أن رفضت الدفع على أن مفهوم نصوص القانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة، أن المشرع منح جهات الإدارة حق الاستيلاء على المواد التموينية والمنقولات والعقارات العامة والخاصة وكل ما يلزم للمجهود الحربي ويبين من الفقرات المختلفة لنص المادة 24 من هذا القانون أن المشرع يفترض دائماً أن الشيء المراد الاستيلاء عليه منقولاً كان أو عقاراً بعيد عن يد جهة الإدارة فجعل من إدارة الاستيلاء وسيلة تتمكن بها من إدخالها في سلطانها تحقيقاً للمصلحة العامة ما دامت لازمة للمجهود الحربي وأنه مما يؤيد هذا الفهم معنى الاستيلاء في القوانين الأخرى المعمول بها في البلاد ويؤكده أيضاً أن الاستيلاء لغة هو نزع الشيء من صاحب اليد عليه مالكاً أو منتفعاً قهراً عنه وهو في الأصل عمل غير مشروع لا يقره القانون إلا أن المشرع أجازه لسلطات خاصة لمواجهة ظروف معينة استجابة لدواعي الصالح العام وتغليبه لها على مصالح الأفراد لأسباب جدية واعتبارات وجيهة منها السرعة التي تقتضيها الظروف الداعية للاستيلاء تفادياً من البطء في إجراء المفاوضة مع صاحب اليد على العقار أو المنقول وقهره على التخلي عنه تفادياً للأسباب التي قد يلجأ إليها ليعطل تحقيق المصلحة العامة وجاءت المادة 25 بعد ذلك مؤكدة هذا المعنى في خصوص تنفيذ قرار الاستيلاء والتعويض عنه فأوجبت أن يكون ذلك بالاتفاق الودي أولاً وإلا تم الاستيلاء جبراً على التفصيل الموضح بالفقرات الأخيرة من هذه المادة ومن مقتضى هذا الفهم أنه إذا كان العقار في حيازة جهة الإدارة وتحت يدها فعلاً وتستغله بطريق الإيجار فإنه يمتنع عليها عندئذ أن تلجأ إلى الاستيلاء على هذا العقار استناداً إلى الرخصة التي خولها إياها القانون رقم 87 لسنة 1906 المشار إليه لانعدام سبب هذا الاستيلاء مما يجعل قرارها في ذلك مخالفاً للقانون، ومن ثم فإنه متى كان الثابت أنه قد تم الاتفاق والتراضي بين المدعية وبين إدارة التعبئة على تأجير عمارتها منذ سنة 1955 بإيجار معين وأن إدارة التعبئة تضع يدها على هذه العمارة وتشغلها منذ ذلك التاريخ دون أي تدخل من المدعية ولا إزعاج منها لأنها كانت تخضع دائماً لأمر إدارة التعبئة وتنفذ أوامرها وتوجيهاتها دون أي اعتراض منها، فإنه تأسيساً على ذلك يمتنع على وزارة الحربية إصدار قرار الاستيلاء على عمارة المدعية وولديها القاصرين لأن هذا الاتفاق الودي السابق والذي يتمثل في عقد الإيجار القائم بينها وبين إدارة التعبئة طول هذه المدة، يفقد قرار الاستيلاء ركن السبب ويجعله وارداً على غير محل وبذلك يكون مخالفاً للقانون، وأنه لا اعتداد بما تتذرع به جهة الإدارة من أسباب مختلفة ساقتها لتبرير قرارها المطعون فيه إذ لم تقدم أي دليل عليها وكذلك الحال في رغبة المدعية في بناء الطوبق الثلاثة فإنها ما كادت تعلم أن جهة الإدارة غير راضية عنها حتى سارعت بالتنازل عنها كتابة مما ينفي ما تثيره الإدارة في هذا الخصوص وأن الزعم بأن شروط عقد الإيجار تتنافى مع السرية الواجبة لأعمال إدارة التعبئة هو زعم لا أساس له من الواقع لأن الأسباب القائمة على السرية والرغبة في تأمين سلامتها كلها كانت قائمة طوال عقد الإيجار بل كانت قائمة عندما عدلت الوزارة عن الاستيلاء الأول سنة 1955 واستبدلته بعقد الإيجار على التفصيل السابق شرحه مما يجعل التذرع بهذه السرية نوعاً من الجدل الذي لا يستقيم مع واقعة الحال. وغني عن البيان أن خطورة الأعمال التي تختص بها إدارة التعبئة وما تستلزمه هذه الخطورة من ضرورة إحاطتها بالسرية التامة والأمان الكامل كل ذلك غير منكور ولا جدال فيه ولكنه أمر بعيد عن مجال هذه المنازعة والتلويح به في هذا المجال نوع من الشطط حتى الدفاع والاسترسال فيه لا يجدي جهة الإدارة فما دام العقار تحت يدها وتشغله بالفعل فليس الاستيلاء هو الذي يؤمن أعمالها ويحيطها بالسرية بل لذلك وسائل أخرى كتشديد الحراسة وحظر الدخول على غير المختصين أما مجرد تغيير الوصف القانوني لسبب الحيازة فهو أمر آخر لا شأن له فيما ترمي إليه جهة الإدارة وانتهت المحكمة من كل ما تقدم إلى أن القرار المطعون فيه يكون قد صدر والحالة هذه مخالفاً للقانون وقضت بإلغائه على نحو ما سلف بيانه وقد طعنت الحكومة في هذين الحكمين بانية طعنها في الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ على عدم توافر الشروط التي تطلبها القانون لقبول هذا الطلب فليس ثمة مطاعن جدية على القرار فضلاً عن عدم توافر ركن الاستعجال وأقامت طعنها في الحكم الصادر بالإلغاء على أن إدارة التعبئة من الإدارات العسكرية التي تقوم بأعمال في غاية الخطورة والأهمية والسرية ويتحتم عدم إفشائها أو إذاعتها تأميناً لمصالح البلاد الأساسية فهي تختص طبقاً لما ورد بالقرار الوزاري رقم 586 لسنة 1953 بجمع الإحصائيات اللازمة عن القوات المسلحة والقوات الاحتياطية واليد العاملة الاقتصادية وعمل البحوث الإحصائية الخاصة بالتعبئة وتحصيلها واستخلاص مدلولاتها ونتائجها وتقوم كذلك بإعداد البيانات والمعلومات اللازمة للتعبئة الاقتصادية وكل ما له صلة باقتصاديات الحرب في جميع أنحاء الدولة وعهد إليها بحصر الخامات الإستراتيجية والمواد اللازمة للحرب وتعيين المصانع والورش والمعامل التي تساهم مباشرة في المجهود الحربي وغير ذلك من الأعمال ذات الصلة الوثيقة باقتصاديات البلاد وشئون الدفاع عنها وما من شك في أنه يجب أن تكون تلك البيانات والأعمال والإحصائيات في مكان أمين بعيدة عن متناول الأيدي حتى لا تذاع أو تفشى فتفقد أهميتها وتصاب البلاد من جراء ذلك بأضرار جسيمة بل إن سرية هذه الأعمال قد تأكدت بصدور القانون رقم 87 لسنة 1960 بإعادة تشكيل وتنظيم إدارة التعبئة فنص في المادة 35 منه على معاقبة كل من يقوم بإفشاء البيانات والمعلومات الخاصة بالتعبئة كما نص في المادة 31 على أن للجهة الإدارية المختصة أن تصدر قرارات لتأمين سلامة المنشآت العسكرية والقوات المسلحة بل إن المشرع أصدر في سنة 1962 القرار الجمهوري رقم 154 لسنة 1962 في شأن إحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة ونصت المادة الأولى منه على أن "تحال الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 189 لسنة 58 والقانون رقم 87 لسنة 1960 إلى محاكم أمن الدولة. وقد أبانت المذكرة الإيضاحية لهذا القرار الهدف من إصداره بقولها "صدر قانون التعبئة العامة الموحد رقم 87 لسنة 1960 وخول وزير الحربية سلطة الاستيلاء والتكليف لضمان تموين القوات المسلحة وأعطى إدارة التعبئة حق الحصول على البيانات والمعلومات والإيضاحات. ولما كان الهدف من القيام بعمليات الاستيلاء والتكليف والحصول على البيانات اللازمة للتعبئة من كافة المصادر هو تموين القوات المسلحة بالقوى المادية والبشرية التي ينبغي أن تساهم في خدمة المجهود الحربي بكامل قواها وإمكانياتها. لذلك فإن هذه العمليات تعتبر في عداد الدعامات التي يتوقف عليها أمن وسلامة القوات المسلحة في جميع الأوقات وأبان الحروب على وجه أخص. وبالتالي فإن الإخلال بأحكام القوانين المنظمة لهذه العمليات يشكل أكبر الأخطار على أمن الدولة وسلامتها من الناحية الحربية وتعتبر الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذه القوانين جرائم تتعلق بأمن الدولة وتختص بنظرها والمعاقبة عليها محاكم أمن الدولة في إقليمي الجمهورية" ولما كان لا بد بعد أن صدرت التشريعات السابقة التي أسندت إلى إدارة التعبئة اختصاصات هامة تتصل بمصالح البلاد العليا والأساسية أن تستولي وزارة الحربية على العقار المملوك للمطعون ضدها والذي تشغلها إدارة التعبئة لتأمين سلامة القوات المسلحة وصيانة المعلومات والبيانات العسكرية من خطر الإذاعة والإفشاء وحرصاً على الصالح العام. ويكون الحكم المطعون فيه إذ تجاهل كل هذه الاعتبارات المستمدة من أوراق الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون ولا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه يمتنع على وزارة الحربية إصدار قرار بالاستيلاء على عمارة المدعية المطعون ضدها لوجود اتفاق سابق بينها وبين إدارة التعبئة على تأجير العمارة منذ سنة 1955 بإيجار معين ولأن إدارة التعبئة تضع يدها على هذه العمارة وتشغلها منذ ذلك التاريخ دون أي تدخل من المدعية. لا صحة لذلك كله لأن وجود عقد الإيجار السابق لا يمنع وزارة الحربية من إصدار القرار المطعون فيه بالاستيلاء على العمارة إذا تبينت أن الحقوق المخولة للمدعية بمقتضى هذا العقد تهدد السرية الواجب مراعاتها للأعمال التي تقوم بها إدارة التعبئة إذ أن هذا العقد يمنح المدعية حقوقاً ويفرض على إدارة التعبئة التزامات لا تتلاءم وطبيعة ما تقوم به هذه الإدارة من أعمال وتجعلها غير مطمئنة على سرية أعمالها كما أنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه كانت قائمة طوال سريان عقد الإيجار الذي ألغاه قرار الاستيلاء إذ الثابت أن اختصاصات إدارة التعبئة قد تضاعفت وازدادت عما كانت عليه وقت إنشائها في سنة 1955 وتداولت القوانين وتعاقبت القرارات الوزارية منذ ذلك التاريخ تعهد إلى إدارة التعبئة بأعمال جديدة واختصاصات متشعبة وجوهرية في السنوات اللاحقة لقيام العلاقة التأجيرية بل إن المشرع لم يتبين خطورة هذه الأعمال وأهميتها إلا في سنة 1960 حيث أضفى على جميع ما تقوم به هذه الإدارة من أعمال صفة السرية ونص على معاقبة كل من يحاول إذاعة شيء منها أو إفشائها ورخص حسبما سبق البيان لوزارة الحربية أن تصدر من القرارات ما تراه لازماً لسلامة المنشآت العسكرية والقوات المسلحة ومن بينها الاستيلاء على العقارات كما صدر في سنة 1962 القرار الجمهوري المشار إليه بإحالة الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام قوانين التعبئة إلى محاكم أمن الدولة، وعلى هذا يتضح أن القرار المطعون فيه قائم على أسباب جدية تبرره وأضاف الطعن أنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قرار الاستيلاء قد أخل بالمركز القانوني للمطعون ضدها وولديها القاصرين ذلك أن لجنة الطوارئ المختصة بتقدير الإيجار قدرت إيجاراً شهرياً للعقار قدره 475 جنيهاً و200 مليم وهو بعينه الإيجار الذي كان متفقاً عليه في العقد السابق فلم يحدث أي إخلال بالمزايا المالية التي كانت تتمتع به المدعية "المطعون ضدها" بموجب عقد الإيجار وقد قامت إدارة التعبئة بصرف هذه الأجرة بانتظام إليها.
ومن حيث إنه يتبين من الرجوع إلى القانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة أن من بين التدابير التي خولت المادة 24 منه للجهة الإدارية المختصة أن تصدر قراراً بها الاستيلاء على العقارات أو شغلها حيث أوضحت بعد ذلك المواد 25، 26، 27 إجراءات تنفيذ هذا الاستيلاء وطريقة تحديد التعويض المقابل، وبالاطلاع على المواد المذكورة يبين واضحاً أن القانون المشار إليه لم يضع أي شرط أو يورد أي قيد على سلطة الإدارة في اتخاذ هذا التدبير إلا أن يكون لازماً للمجهود الحربي فمن ثم فإنه يتعين وقد خلت تلك النصوص من أية شروط أو قيود يتعلق التصرف الإداري بتحقيق واحد منها أو أكثر يتعين أن يكون النظر في مشروعية القرار الإداري الذي صدر مستنداً إليها على أساس أن سلطة الإدارة في هذا الشأن مطلقة من كل قيد لا يحدها إلا التزام الغاية التي استهدفها القانون وخولها تلك السلطة من أجل تحقيقها، ذلك أن الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة وإن اتحدت في طبيعتها بالنسبة لجميع التصرفات الإدارية إلا أنها لا شك تختلف في مداها بحسب الشروط والقيود التي تلازم السلطة المخولة لمصدر القرار فمتى تحررت هذه السلطة من كل قيد أو شرط كما هو الحال في قانون التعبئة الذي يعالج الخطير من المسائل المتعلقة بالمجهود الحربي فليس للقاضي الإداري في هذه الحالة أن يقيد هذه السلطة بغير قيد من القانون أو يخصصها بغير مخصص منه.
وعلى هذا يبدو خطأ الحكم المطعون فيه الصادر بإلغاء قرار الاستيلاء موضوع الطعن بمقولة إنه يشترط لصدور هذا القرار خلو العقار المستولى عليه وأنه ما دامت إدارة التعبئة تشغل هذا العقار قبلاً بطريق الإيجار فإن القرار الصادر بالاستيلاء يرد على غير محل مستنداً في ذلك إلى وجود مثل هذا الشرط في بعض القوانين الأخرى، لما في هذا الاستناد من إضافة شرط غير وارد في القانون الذي صدر القرار استناداً إليه.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن شرط خلو العقار الوارد في بعض القوانين الأخرى والذي علق عليه المشرع ممارسة سلطة الاستيلاء، يجب فهم المقصود منه بألا يكون أحد - مالكاً أو مستأجراً - شاغلاً للعقار عند صدر قرار الاستيلاء عليه حتى لا يترتب على هذا القرار إخراج شاغله جبراً عنه، ولما كان العقار المستولى عليه بمقتضى القرار المطعون فيه مشغولاً بالفعل بحيازة إدارة التعبئة التي صدر لمصلحتها القرار المذكور وهي حيازة مشروعة بحكم قرار الاستيلاء السابق على القرار المطعون فيه ثم بحكم عقد الإيجار الذي تلاه حسبما توضح في بيان وقائع الدعوى، فمن ثم يكون قد تحقق هذا الشرط المقول به. هذا كله مع أن النصوص التي صدر القرار استناداً إليها قد خلت حسبما سبق القول من شرط كهذا ويتعين تأسيساً على ما تقدم النظر في مشروعية القرار المذكور على أساس أن سلطة مصدره مطلقة وغير مقيدة بأي قيد إلا أن تكون قد استهدفت الأغراض التي تغياها القانون بأن يكون القرار قد صدر لخدمة المجهود الحربي، وذلك إنما يكون بالنظر إلى الأسباب التي اقتضت إصداره فإذا ثبت أن هذه الأسباب تتصل حقيقة بذلك المجهود فإن القرار يكون قد صدر والحالة هذه مطابقاً للقانون مستهدفاً الغاية التي توخاها مبرء من عيب عدم المشروعية.
ومن حيث إنه يتضح من الأوراق أن هذا القرار إنما صدر بقصد التحلل من شروط عقد الإيجار المبرم بين المدعية وإدارة التعبئة والتي تقرر للمدعية حقوقاً وترتب على إدارة التعبئة التزامات أصبحت لا تتلاءم وطبيعة حال هذه الإدارة، وغدت مصدر قلق ومبعث خوف، يخشى معه من أن تتسرب أعمالها للخارج مع ما يجب أن يتوافر لها من سرية، إذ يبيح هذا العقد للمدعية حرية الدخول في المكان المؤجر لمعاينته والتأكد من حالته كما يفرض على إدارة التعبئة السماح في حالة الإخلاء - لمن يرغب التأجير معاينة المكان كل يوم. كما يلزمها كذلك بألا تضع به أي خزانة حديدية بدون تصريح سابق من المالكة التي تعين المكان الذي يجب وضع الخزانة فيه وغير ذلك من الشروط التي قدرت الإدارة أنها لم تعد تتلاءم مع طبيعة نشاطها وتخل بما يجب أن يتوافر لهذا النشاط من سرية بعد أن تضاعفت مسئولياتها وازدادت أعمالها وكلها تتصل بأمن القوات المسلحة وسلامتها مما اضطرتها إلى إصدار القرار المطعون فيه لحماية السرية الواجب توافرها لهذه الأعمال ضدها وأن المالكة المدعية لم تكف عن تقديم الكثير من الطلبات المستندة إلى نصوص العقد المشار إليه والتي كانت السبب في خلق الكثير من الإشكالات والمتاعب بينها وبين إدارة التعبئة.
ومن حيث إنه يتبين من استعراض التشريعات التي صدرت في شأن تنظيم إدارة التعبئة وبيان اختصاصها أن هذه الإدارة قد حملت الخطير من المسئوليات ذات الصلة الوثيقة بالمجهود الحربي وبقدر خطورة هذه المسئوليات بقدر ما دقت نظرة المشرع إليها فخولت السلطات التي تيسر مهمتها وتمكنها من النهوض برسالتها وتحفظ لأعمالها سريتها يتضح ذلك من الاطلاع على القانون رقم 87 لسنة 1960 الذي فرض في المادة 35 منه عقوبات على إفشاء البيانات والمعلومات الخاصة بالتعبئة، وخول الجهة الإدارية المختصة في المادة 31 منه سلطة إصدار القرارات اللازمة لتأمين سلامة المنشآت العسكرية والقوات المسلحة، ثم صدور أمر رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1962 بإحالة الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون إلى محاكم أمن الدولة نظراً لما في الإخلال بأحكامه من أخطار على أمن الدولة وسلامتها من الناحية الحربية، وإذا كان ذلك فإن الإدارة إذا قدرت بما لها من سلطة في هذا الشأن، وهي في هذا المجال الذي يتصل بالمجهود الحربي وبأمن القوات المسلحة إنما تتمتع بحرية واسعة لا يحدها في ذلك حسبما سلف البيان إلا عيب إساءة استعمال السلطة هو ما خلت الأوراق من أية واقعة يمكن أن تقوم قرينة عليها، إذا قدرت أن شروط عقد الإيجار وما صحب هذا الوضع من إشكالات أصبحت تتعارض مع ظروفها وأوضاعها الجديدة، كما لها بمقتضى هذه السلطة أن تدرأ كل ما من شأنه أن يعوق سير الإعمال بها أو يخل بالسرية الواجبة لها، وأن تقضي على مصدر القلق ومبعث الخوف، فإن هي عادت بعد أن ألغت قرار الاستيلاء السابق إلى إصدار القرار المطعون فيه لمواجهة تلك الظروف الجديدة مستندة إلى الأسباب سالفة الذكر مستهدفة الغرض المشار إليه ودون أن يثبت أنها مست المزايا المالية المقررة للمدعية بموجب عقد الإيجار السابق حيث احتفظت لها بهذه المزايا كاملة غير منقوصة فإن قرارها الصادر في هذا الخصوص يكون قد صدر والحالة هذه مطابقاً للقانون.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وأهدر هذه الظروف الواقعية وتلك الأوضاع القانونية الجديدة التي طرأت على نشاط إدارة التعبئة بعد إلغاء قرار الاستيلاء السابق صدوره في سنة 1955 والاستعاضة عنه بعقد الإيجار إذا أهدر الحكم هذه الظروف وتلك الأوضاع التي تطلبت إصدار القرار المطعون فيه سنة 1961 يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين لذلك إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى بشقيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 1754 لسنة 7 القضائية و1568 لسنة 8 القضائية وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبرفض الدعوى بشقيها وألزمت المدعية بالمصروفات.

الطعن 955 لسنة 11 ق جلسة 4 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 34 ص 335

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادسة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد علي البحراوي وسليمان محمد جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

------------------

(34)

القضية رقم 955 لسنة 11 القضائية

(أ) قرار إداري. "نفاذه".

 أثر القرار الإداري لا يتولد حالاً ومباشرة إلا حيث تتجه إرادة الإدارة لإحداثه على هذا النحو، ويكون ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك.
(ب) موظف. "بدلات. بدل العدوى". 

قرار رئيس الجمهورية رقم 2255 لسنة 1960 بشأن تقرير بدل عدوى لجميع الطوائف المعرضة لخطرها - توقف أثره بخصوص صرف بدل العدوى على صدور قرار وزير الصحة المنصوص عليه في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه - الاعتداد بالتاريخ الذي عينه وزير الصحة، بعد موافقة وزير الخزانة، في قراره بداية للصرف وهو أول يوليو سنة 1963 دون الارتداد بهذه البداية إلى تاريخ نشر قرار رئيس الجمهورية آنف الذكر. أساس ذلك.
(جـ) موظف. "علاقة الموظف بالحكومة". 

علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح - يجوز أن تمنع عنه إحدى مزايا الوظيفة بصفة مطلقة أو مؤقتة دون التحدي بأن له أصل حق دائم فيها.

-------------------
1 - إن القرار الإداري لا يولد أثره حالاً ومباشرة إلا حيث تتجه الإرادة لإحداثه على هذا النحو، كما أن أثر القرار لا يتولد على هذا الوجه إلا إذا كان ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك، وهذا كله مستمد من طبيعة القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة.
2 - إنه لو صح أن السلطة التي أصدرت القرار رقم 2255 لسنة 1960 سالف الذكر قد اتجهت إرادتها - في خصوص صرف بدل العدوى إلى مستحقيه بحسب النظام الجديد - إلى أن يتولد أثره حالاً ومباشرة من تاريخ النشر فإنه ما كان ممكناً أن يتولد أثره في هذا الخصوص على هذا الوجه. ذلك أن القرار المشار إليه، وإن حدد فئات بدل العدوى ونظم أحكام منحه في الحالات المختلفة، إلا أنه لم يعين الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض بل فوض وزير الصحة في هذا التعيين - بالإنفاق مع الوزير المختص بعد موافقة ديوان الموظفين ووزارة الخزانة أي أن مستحقي بدل العدوى بحسب النظام الجديد لم يكونوا معينين عند نشر القرار المبين آنفاً، ومن ثم فإنه ما كان ممكناً أن يتولد أثره حالاً ومباشرة عند نشره في خصوص صرف هذا البدل - سواء أكانت ثمة اعتمادات مالية مدرجة في الميزانية كافية للصرف أم لم تكن - ما دام المستحقون لبدل العدوى المذكور كانوا غير معينين وقتئذاك وإنما يتولد أثره - والحالة هذه - متى أصبح ذلك ممكناً وهو ما لا يتحقق إلا عند ما يصدره قرار وزير الصحة بتحديد الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض ويتم بذلك تعيين المستحقين لهذا البدل.
وبناء على ما تقدم ولما كان قرار رئيس الجمهورية سالف البيان لم يتولد عند أثر صرف بدل العدوى حالاً ومباشرة من تاريخ نشره، وإنما تولد هذا الأثر عند صدور قرار وزير الصحة على الوجه المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه، فقد لزم عند صرف بدل العدوى المذكور الاعتداد بالتاريخ الذي عينه وزير الصحة - بعد موافقة وزير الخزانة في قراره بداية للصرف، وهو أول يوليه سنة 1963 دون الارتداد بهذه البداية إلى تاريخ نشر قرار رئيس الجمهورية آنف الذكر وذلك إعمالاً للأصل المقرر وهو عدم رجعية القرارات الإدارية.
3 - إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح فمركز الموظف هو مركز قانوني عام، وأفادته من مزايا الوظيفة العامة ليست حقاً يقاس على الحقوق الخاصة كحق الملكية مثلاً، وإنما هي أمر يخضع لما تقرره القوانين واللوائح الخاصة بالوظيفة العامة التي يجوز تعديلها وتغييرها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، ومن ثم فإنه يجوز أن تمنع عن الموظف إحدى مزايا الوظيفة بصفة مطلقة أو لبعض الوقت دون التحدي بأن له أصل حق دائم فيها، ما دام ذلك قد تم من السلطة المختصة، بالشروط والأوضاع المقررة قانوناً، وبغير إساءة استعمال السلطة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 524 لسنة 11 القضائية ضد وزارة الصحة بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الصحة في 22 من أغسطس سنة 1964 بناء على قرار صادر من لجنة المساعدات القضائية بالمحكمة المذكورة في 27 من مايو سنة 1964 في طلب الإعفاء رقم 457 لسنة 11 القضائية المقدم من المدعي ضد وزارة الصحة في 29 من فبراير سنة 1964. وطلب المدعي في عريضة الدعوى "الحكم له بأحقيته في صرف مرتب بدل العدوى بفئة جنيه واحد شهرياً اعتباراً من أول يناير سنة 1961 حتى أول يوليه سنة 1963 وما يترتب على ذلك من آثار عملاً بالقرار الجمهوري رقم 2255 لسنة 1960، وإلزام المدعى عليها مصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة". وتوجز أسانيد دعواه في أنه التحق بخدمة وزارة الصحة في وظيفة "تمورجى" من الدرجة الثانية خارج الهيئة وكان يتقاضى مرتب بدل عدوى بفئة 500 مليم شهرياً عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1936 ثم انقطع صرف هذا المرتب إليه حين صدر القرار الجمهوري رقم 2255 لسنة 1960 بتنظيم صرف بدل العدوى وهو القرار الذي عمل به من تاريخ نشره في يناير سنة 1961، ونص فيه على منح عمال اليومية في مستشفيات الصدر والحميات... إلخ مرتب بدل عدوى بفئة جنيه واحد شهرياً. وقد أدرجت فعلاً الاعتمادات المالية اللازمة لذلك في السنة المالية 61/ 1962 بمبلغ يربو على المبلغ الذي كان مدرجاً في السنة المالية السابقة وعلى الرغم من ذلك فإن وزارة الصحة لم تصرف مرتب بدل العدوى إلا في أول يوليه سنة 1963 مع أن تنفيذ القرار الجمهوري رقم 2255 لسنة 1960 كان جائزاً وممكناً من أول يناير سنة 1961 لوجود الاعتماد المالي اللازم لتنفيذه، وقد أجابت وزارة الصحة على الدعوى بأن القرار الجمهوري المشار إليه كان موقوف التطبيق على صدور قرار من وزير الصحة بتحديد الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض وذلك بما له من سلطة تفويضية بموجب نص الفقرة الأخيرة من القرار الجمهوري المذكور، وأنه إذا صدر قرار إداري من سلطة معينة وكان من المستحيل تطبيق هذا القرار إلا بصدور قرار آخر من سلطة ما، كان القرار الأول موقوف الأثر حتى يصدر هذا القرار الأخير. كما أنه لا يحق للمدعي في فترة وقف تطبيق القرار الجمهوري سالف الذكر أن يستند في صرف مرتب بدل العدوى إلى القرارات التي كانت سارية من قبل لأن كلاً من هذه القرارات قد صدر في شأن شاغلي وظائف معينة بوحدات محددة وردت على سبيل الحصر والتحديد والمدعي لا يعتبر من المخاطبين بأحكام أي منها لأنه أصبح يشغل وظيفة عامل يومية. وإذا كان قد استطال الوقت حتى صدر قرار وزير الصحة باللائحة التنفيذية، فإن هذه الاستطالة لا تعتبر تقصيراً أو تراخياً لأن القرار الجمهوري المشار إليه قد فرض على وزير الصحة قبل إصدار القرار باللائحة التنفيذية أخذ رأي الوزير المختص في كل وزارة يعنيها أو يمسها هذا القرار، ثم أخذ موافقة ديوان الموظفين ووزير الخزانة مما يستغرق تحقيقه وقتاً طويلاً وفي جلسة 31 من مايو سنة 1965 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع باستحقاق المدعي لبدل العدوى بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 2255 لسنة 1960 المشار إليه اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1960 وإلزام وزارة الصحة المصروفات. وأقامت قضاءها على أن المادة السابعة من القرار الجمهوري رقم 2255 لسنة 1960 سالف الذكر قد نصت على أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره، وقد نشر القرار المذكور في 29 من ديسمبر سنة 1960. هذا على حين أن القرار الوزاري رقم 508 لسنة 1963 الصادر في 3 من سبتمبر سنة 1963 من وزير الصحة طبقاً للمادة الأولى من القرار الجمهوري المشار إليه قد نص في المادة الثانية منه على أن يمنح بدل العدوى اعتباراً من أول يوليه سنة 1963. وإزاء هذا التعارض بين التاريخين لا تتردد المحكمة في تغليب التاريخ الذي حدده القرار الاسمى، أي التاريخ الذي حدده القرار الجمهوري، وهو إن كان موقوف الأثر على صدور القرار الوزاري الذي نص عليه بحيث لم يكن في الإمكان قبل صدوره تطبيق القرار الجمهوري من التاريخ الذي عينه لنفاذه، إلا أنه بصدور القرار الوزاري ينفذ القرار الجمهوري من التاريخ الذي حدده فيه، إذ تقوم بين القرارين علاقة شبيهة بتلك التي تقوم بين العمل القانوني في القانون الخاص والشرط المعلق عليه هذا العمل، هذا بالإضافة إلى أن القرار الوزاري المشار إليه في خصوص تحديد تاريخ منح البدل يفتقد مشروعيته لأنه خرج في هذا الخصوص على حدود التفويض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القاعدة في القانون العام أن الحق لا ينشأ إلا بنص صريح وما دام المشرع قد ناط بوزير الصحة تحديد الوظائف المعرضة لخطر العدوى فإن الحق في بدل العدوى لا ينشأ إلا بنص في قرار وزير الصحة. وفكرة تشبيه استحقاق بدل العدوى بالعمل القانوني المعلق على شرط موقف تتعارض مع المبدأ المقدم. هذا فضلاً عن أن القرار الجمهوري رقم 2255 لسنة 1960 قد صدر في 18 من ديسمبر سنة 1960 أي في وقت كانت فيه الميزانية النافذة حينئذ قد صدرت من السلطة التشريعية منذ عدة شهور، ومن ثم لم تكن تتضمن حساباً لمواجهة الأعباء المترتبة على تنفيذ هذا القرار وعلى هذا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القواعد المستقرة في فقه القضاء الإداري من عدم نفاذ أية تسوية إلا منذ توافر الاعتمادات المالية اللازمة بميزانية الدولة لمواجهة تكاليفها.
ومن حيث إنه في 18 من ديسمبر سنة 1960 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2255 لسنة 1960 بشأن تقرير بدل عدوى لجميع الطوائف المعرضة لخطرها ونصت المادة الأولى منه على أن "يمنح بدل عدوى للمعرضين لخطرها بسبب طبيعة أعمال وظائفهم بالفئات الآتية:
60 جنيهاً سنوياً لموظفي الكادر الفني العالي (أطباء - كيمائيون - مهندسون).
24 جنيهاً سنوياً لموظفي الدرجة السادسة الفنية أو الإدارية أو الكتابية فما فوقها من غير الوظائف السابقة.
18 جنيهاً سنوياً لموظفي الدرجة السابعة.
12 جنيهاً سنوياً لموظفي الدرجة الثامنة والتاسعة والعمال.
وتحدد الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض بقرار من وزير الصحة بالاتفاق مع الوزير المختص بعد موافقة ديون الموظفين ووزارة الخزانة".
كما تضمنت المواد من الثانية إلى الخامسة من هذا القرار أحكام منح بدل العدوى في حالات الندب والإعارة والإجازات الاعتيادية والمرضية والبعثات والإجازات الدراسية وزيارات الأخصائيين من الأطباء الذين يزورون وحدات الأمراض المعدية وكذا حالات الجمع بين بدل العدوى وغيره من الرواتب الإضافية الأخرى. ونصت المادة السادسة على أن "تلغى جميع القرارات السابقة الصادرة في هذا الشأن". وقضت المادة السابعة بأن "ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره". وقد نشر هذا القرار في 29 من ديسمبر سنة 1960 في العدد رقم 299 من الجريدة الرسمية. وفي 3 من سبتمبر سنة 1963 صدر قرار وزير الصحة رقم 508 لسنة 1963، ونصت المادة الأولى على تحديد الوظائف المعرض شاغلوها لخطر العدوى كما نصت المادة الثانية على أن يمنح بدل العدوى لشاغلي هذه الوظائف بالفئات الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2255 لسنة 1960 اعتباراً من أول يوليه سنة 1963. وفي 26 من نوفمبر سنة 1963 صدر قرار وزير الصحة رقم 757 لسنة 1963 بإضافة وظائف أخرى إلى الوظائف المعرض شاغلوها لخطر العدوى، ونصت المادة الثانية من هذا القرار الأخير على أن يمنح بدل العدوى شاغلو هذه الوظائف بالفئات الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2255 لسنة 1960 اعتباراً من أول يوليه سنة 1963.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القرار الإداري لا يولد أثره حالاً ومباشرة إلا حيث تتجه إرادة الإدارة لإحداثه على هذا النحو، كما أن أثر القرار لا يتولد على هذا الوجه إلا إذا كان ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك، وهذا كله مستمد من طبيعة القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 2255 لسنة 1960 بشأن تقرير بدل عدوى لجميع الطوائف المعرضة لخطرها، ولئن نص في المادة السابعة منه على أن يعمل به من تاريخ نشره الذي تم في 29 من ديسمبر سنة 1960 إلا أنه في خصوص صرف بدل العدوى إلى مستحقيه بحسب النظام الجديد الذي وضعه، لا يتولد أثره حالاً ومباشرة من هذا التاريخ. ذلك أن إرادة السلطة التي أصدرت القرار المذكور لم تتجه لإحداث أثره في هذا الخصوص على هذا النحو. إذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى منه على أن "تحدد الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض بقرار من وزير الصحة بالاتفاق مع الوزير المختص بعد موافقة ديوان الموظفين ووزارة الخزانة"، فهي إذن قد ناطت صرف بدل العدوى هذا - المعلق على قرار وزير الصحة - بموافقة وزارة الخزانة - إلى جانب ديوان الموظفين - حتى ينتهي الأمر إلى التنظيم الذي ترى الوزارة المذكورة أنه يوفق بين الوقت الملائم للصرف في حدود المصلحة العامة وبين إمكانيات الميزانية، باعتبار أن الوزارة المشار إليها هي التي تهيمن على تدبير المال وتخطيط أوجه صرفه. إنه لو صح أن السلطة التي أصدرت القرار رقم 2255 لسنة 1960 سالف الذكر قد اتجهت إرادتها - في خصوص صرف بدل العدوى إلى مستحقيه بحسب النظام الجديد - إلى أن يتولد أثره حالاً ومباشرة من تاريخ النشر فإنه ما كان ممكناً أن يتولد أثره في هذا الخصوص على هذا الوجه. ذلك أن القرار المشار إليه، وإن حدد فئات بدل العدوى ونظم أحكام منحه في الحالات المختلفة، إلا أنه لم يعين الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض بل فوض وزير الصحة في هذا التعيين بالاتفاق مع الوزير المختص بعد موافقة ديوان الموظفين ووزارة الخزانة. أي أن مستحقي بدل العدوى بحسب النظام الجديد لم يكونوا معينين عند نشر القرار آنفاً. ومن ثم فإنه ما مكان ممكناً أن يتولد أثره حالاً ومباشرة عند نشره في خصوص صرف هذا البدل - سواء أكانت ثمة اعتمادات مالية مدرجة في الميزانية كافية للصرف أم لم تكن - ما دام المستحقون لبدل العدوى المذكور كانوا غير معينين وقتذاك، وإنما يتولد أثره - والحالة هذه - متى أصبح ذلك ممكناً، وهو ما لا يتحقق إلا عندما يصدر قرار وزير الصحة بتحديد الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض ويتم بذلك تعيين المستحقين لهذا البدل.
وبناء على ما تقدم، ولما كان قرار رئيس الجمهورية سالف البيان لم يتولد عنه أثر صرف بدل العدوى حالاً ومباشرة من تاريخ نشره، وإنما تولد هذا الأثر عند صدور قرار وزير الصحة على الوجه المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه، فقد لزم عند صرف بدل العدوى المذكور الاعتداد بالتاريخ الذي عينه وزير الصحة - بعد موافقة وزارة الخزانة في قراره بداية للصرف، وهو أول يوليه سنة 1963 دون الارتداد بهذه البداية إلى تاريخ نشر قرار رئيس الجمهورية آنف الذكر وذلك إعمالاً للأصل المقرر وهو عدم رجعية القرارات الإدارية.
ومن حيث إنه لا وجه للاحتجاج بأن تعيين وزير الصحة للتاريخ المذكور يعتبر خروجاً على التفويض الذي خوله إياه قرار رئيس الجهورية، ذلك أن تعيين التاريخ المشار إليه إن هو إلا تأكيد وتنفيذ لقرار رئيس الجمهورية الذي لا ينتج أثره في خصوص صرف بدل العدوى إلا عند صدور قرار وزير الصحة بعد موافقة وزارة الخزانة كما سلف البيان. كما أنه لا وجه للتحدي بأن تعيين التاريخ سالف الذكر بدءاً للصرف يخلق فراغاً يمتنع خلاله صرف بدل العدوى - ذلك أن قرار رئيس الجمهورية قد افترض حدوث هذا الفراغ عندما ألغي النظام القديم لبدل العدوى الذي كان سارياً من قبل إلغاء لا رجعة فيه إذ نص في المادة السادسة منه على أن "تلغى جميع القرارات السابقة الصادرة في هذا الشأن" دون أن يورد في الوقت ذاته نصاً انتقالياً على إبقاء هذه القرارات مؤقتاً حتى يتم تحديد الوظائف المعرضة لخطر العدوى ووحدات الأمراض، بينما أوجب على وزير الصحة أن يصدر قراره "بالاتفاق مع الوزير المختص بعد موافقة ديوان الموظفين ووزارة الخزانة " أي بعد أبحاث واتصالات ومشاورات تستغرق بطبيعتها زمناً كالذي استغرقه وزير الصحة لإصدار قراره. وغني عن البيان أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح فمركز الموظف هو مركز قانوني عام، وإفادته من مزايا الوظيفة العامة ليست حقاً يقاس على الحقوق الخاصة كحق الملكية مثلاً، وإنما هي أمر يخضع لما تقرره القوانين واللوائح الخاصة بالوظيفة العامة التي يجوز تعديلها وتغييرها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ومن ثم فإنه يجوز أن تمنع عن الموظف إحدى مزايا الوظيفة بصفة مطلقة أو لبعض الوقت، دون التحدي بأن له أصل حق دائم فيها، ما دام ذلك قد تم من السلطة المختصة، بالشروط والأوضاع المقررة قانوناً، وبغير إساءة لاستعمال السلطة.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون الدعوى على أساس غير سليم من القانون. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 374 لسنة 10 ق جلسة 3 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 33 ص 333

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

------------------

(33)

القضية رقم 374 لسنة 10 القضائية

موظف. "تأديب. الدعوى التأديبية انقضاؤها".
تنقضي الدعوى التأديبية بوفاة الموظف أثناء نظر الطعن في الحكم التأديبي أمام المحكمة الإدارية العليا.

---------------
إن الدعوى التأديبية تنقضي إذا توفى الموظف أثناء الطعن في الحكم التأديبي أمام المحكمة الإدارية العليا استناداً إلى الأصل الوارد في المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية - التي تنص على أن تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم. وهذا الأصل هو الواجب الاتباع عند وفاة المتهم أثناء نظر المحاكمة التأديبية سواء أكان ذلك أمام المحكمة التأديبية أم أمام المحكمة الإدارية العليا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه المرحوم حسن أبو العلا حسين قد توفى إلى رحمة الله في يوم 2 من يونيه سنة 1964 أي أثناء نظر الطعن.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بانقضاء الدعوى التأديبية إذا توفى الموظف أثناء الطعن في الحكم التأديبي أمام المحكمة الإدارية العليا استناداً إلى الأصل الوارد في المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم. وهذا الأصل هو الواجب الاتباع عند وفاة المتهم أثناء نظر المحاكمة التأديبية سواء أكان ذلك أمام المحكمة التأديبية أم أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية لوفاة المطعون عليه المرحوم حسن أبو العلا حسين أثناء نظر الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبانقضاء الدعوى التأديبية لوفاة المطعون ضده.

الطعن 828 لسنة 10 ق جلسة 17 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 18 ص 192

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضه ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

--------------------

(18)

القضية رقم 828 لسنة 10 القضائية

(أ) عامل. "عامل مؤقت". 

شرط اللياقة الطبية من الشروط الجوهرية لتولي الوظيفة العامة - اعتماد هذا الأصل بالنسبة للعمال الدائمين - أعماله من باب أولى على العمال المؤقتين - أساس ذلك - أثر القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 - ليس من شأنه أن يمس سلطة الإدارة في فصل العامل المؤقت عند ثبوت عدم لياقته الطبية للبقاء في الخدمة.
(ب) قرار إداري. 

مناسبة إصدار القرار ليست شرطاً من شروط صحته ولا ركناً من أركان انعقاده - مثال.

-----------------
1 - أن شرط اللياقة الطبية هو من الشروط الجوهرية اللازمة للصلاحية للتعيين في الوظيفة العامة وللاستمرار في الخدمة لانطوائه على ضمانه التحقق من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة التي يشغلها وأداء العمل الذي تتطلبه منه بحيث ينبني على تخلف هذا الشرط في أي وقت أثناء الخدمة فقدان الصلاحية للوظيفة ووجوب إنهاء الخدمة دون ترخص في ذلك من جانب الجهة الإدارية التي تكون سلطتها في هذا الشأن سلطة مقيدة يتعين أن تنزل في استعمالها على حكم القانون وهذا الأصل العام ولئن رددته صراحة بالنسبة إلى عمال اليومية الدائمين قبل صدور كادر العمال التعليمات المالية الصادرة في 1922 والمتضمنة للأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922 ثم أكده هذا الكادر عند صدوره إلا أن إعماله بالنسبة إلى عمال اليومية المعينين بصفة مؤقتة أولى بداهة وأوجب لزوماً لما تتصف به علاقة هذه الطائفة من عمال اليومية بالإدارة من طبيعة خاصة مبناها اعتبارهم مفصولين عقب كل يوم عمل يقومون به وإن طال قيامهم بهذا العمل ولو لم تنته الأعمال المعينون عليها أو تنفذ الاعتمادات المالية المخصصة لها ولأنه من غير السائغ أن يتقاضى العامل من هؤلاء أجراً عن عمل لا تمكنه حالته الصحية من أدائه، وأن يظل في الخدمة مفروضاً هكذا على الإدارة، مع أنه لو كان دائماً وأثبت وضعاً لما بقى فيها. ولا تحول دون ذلك أحكام القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين والموسميين الصادر في 9 من فبراير سنة 1960 الذي لم يقصد الخروج على الأصل المتقدم.
2 - أن مناسبة إصدار القرار الإداري الذي هو إفصاح الإدارة بما لها من سلطة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك جائزاً وممكناً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، ليست شرطاً من شروط صحة القرار ولا ركناً من أركان انعقاده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، وذلك باعتبار أن الحكم المطعون فيه قد صدر في 27 من يناير سنة 1964 تكون نهاية ميعاد الستين يوماً المقرر للطعن بالإلغاء طبقاً للمادة 15 من قانون مجلس الدولة هي يوم الجمعة الموافق 27 من مارس سنة 1964 بمراعاة أن شهر فبراير سنة 1964، عدته 29 يوماً ومن ثم فإن الطاعن، وقد أودع تقريره في يوم السبت الموافق 28 من مارس سنة 1964 التالي ليوم عطلة رسمية يكون قد رفع في الميعاد القانوني الذي أمتد إلى أول يوم عمل بعدها عملاً بالمادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1120 لسنة 9 القضائية ضد هندسة السكك الحديد بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 14 من يونيه سنة 1962 وأعلنت إلى السيد/ مدير عام السكك الحديدية في 21 من يونيه سنة 1962. طالباً فيها الحكم "بقبول هذه الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار إيقاف الطالب عن العمل الصادر بتاريخ 18 من إبريل سنة 1962 وأعادته إلى عمله مع صرف الفروق المترتبة على ذلك وإلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحاً لدعواه أنه عين بوظيفة بناء بهندسة السكك الحديد قسم المنصورة في 1937 وكان آخر أجر له 250 مليماً يومياً وأنه استمر في عمله بصفة منتظمة ومستمرة حتى فوجئ في عام 1961 بمنشور يلزمه بتقديم نفسه لتوقيع الكشف الطبي عليه، ولما لم ينجح في هذا الكشف الطبي أصدر مدير عام المنطقة الشمالية بالإسكندرية في 15 من سبتمبر سنة 1961 قراراً بإعفائه من الكشف الطبي وعلى أثر هذا أعيد إلى عمله واستمر فيه إلى أن فوجئ بقرار وقفه عن العمل لرسوبه في الكشف الطبي. ولما كان قد صدر منشور بإعفاء العمال والمستخدمين الذين أمضوا في خدمة مصلحة السكك الحديدية عشر سنوات من الكشف الطبي، فإن من حقه الإفادة من هذا المنشور لتمضيته أكثر من خمس عشرة سنة في خدمتها فضلاً عن سابقة صدور قرار بإعفائه من الكشف الطبي، ومن ثم فإن قرار وقفه يكون في غير محله الأمر الذي تظلم منه إلى السيد مدير عام السكك الحديدية في 13 من يونيه سنة 1962 دون جدوى. وفي جلسة 26 من أغسطس سنة 1962 قدمت المنطقة الشمالية بالإسكندرية التابعة للهيئة العامة للسكك الحديدية مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بنظر الدعوى حيث إن الاختصاص منعقد لمحكمة الإسكندرية الإدارية التي تقع في دائرة اختصاصها المنطقة الشمالية بالإسكندرية التابع لها المدعي والتي أصدرت القرار المطعون فيه بفصل المدعي اعتباراً من 18 من إبريل سنة 1962. كما دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها قبل الميعاد استناداً إلى أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه بتظلم مؤرخ 7 من يوليه سنة 1962. وصل إلى المنطقة في 9 من يوليه 1962، ثم قام برفع في دعواه في 14 من يوليه 1962 قبل انتهاء المواعيد المقررة للبت في التظلم وفي الموضوع طلبت المنطقة الشمالية الحكم برفض الدعوى تأسيساً على أن المدعي ثبتت عدم لياقته طبياً للعمل، وهي من الحالات الموجبة للفصل الذي تضمنه قرار مدير عام المنطقة الشمالية في حدود السلطة المخولة له قانوناً. وبجلسة 16 من يناير سنة 1963 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية بالإسكندرية وتنفيذاً لهذا الحكم قيدت الدعوى بالسجل العام تحت رقم 548 لسنة 10 القضائية في 2 من إبريل سنة 1963 وبجلسة 27 من يناير سنة 1964 حكمت هذه المحكمة الأخيرة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 23 من يونيه سنة 1962 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الهيئة المصروفات ومبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة" واستندت في قضائها فيما يتعلق بشكل الدعوى إلى أن الثابت أن المدعي أوقف عن عمله في 18 من إبريل سنة 1962، فأقام الدعوى بطلب إلغاء قرار وقفه في 14 من يونيه 1962 ثم صدر قرار بفصله اعتباراً من تاريخ وقفه فتظلم من هذا القرار في 7 من يوليه 1962 - وقصر طلباته في الدعوى أمام المحكمة بكامل هيئتها على طلب الحكم بإلغاء قرار الفصل بدلاً من قرار الوقف. ومن ثم فإن الدعوى تعتبر أنها قد وجهت أصلاً إلى طلب إلغاء قرار الفصل الذي انسحب أثره إلى تاريخ الوقف عن العمل في 18 من إبريل سنة 1962 والذي قام المدعي بالتظلم منه خلال الميعاد القانوني. وحتى لو قيل بأن الدعوى كانت غير مقبولة عند رفعها فإنها بصدور قرار الفصل بعد إقامتها والتظلم منه في الميعاد تكون قد استكملت شروط قبولها. أما فيما يتعلق بالموضوع فإن القرار المطعون فيه قد صدر استناداً إلى ما ثبت من قرار القومسيون الطبي في أغسطس سنة 1961 من عدم لياقة المدعي طبياً للخدمة لضعف إبصاره، وذلك بمناسبة تنفيذ كتاب ديوان الموظفين رقم 56 لسنة 1961 بإحالة عمال اليومية المؤقتين الذي تتسم طبيعة عملهم بصفة الاستقرار إلى الكشف الطبي ولما كان الكتاب الدوري سالف الذكر لا يسري إلا بالنسبة إلى العمال المؤقتين المعينين بعد أول مايو سنة 1960 تاريخ العمل بالقانون رقم 277 لسنة 1960 الخاص بالتأمين والمعاشات للمستخدمين وعمال اليومية الدائمين، والمدعي ليس من بينهم فإنه لا يجوز فصله طبقاً للقرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 الذي يحظر فصل العمال المؤقتين إلا بالطريق التأديبي أو في حالة نفاذ الاعتمادات المالية المعينين عليها انتهاء الأعمال المكلفين بها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الفصل بسبب عدم اللياقة الطبية وأن لم يرد ضمن الحالات التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 إلا أنه مبدأ عام نص عليه في قانون الموظفين وفي كادر العمال وبهذه المثابة يصدق على العمال المؤقتين إذ من غير السائغ أن يظل عامل بالخدمة ويتقاضى أجره في الوقت الذي لا يستطيع فيه تأدية مهام عمله. وقد أثبت القومسيون الطبي عدم قدره المطعون عليه على أداء العمل المكلف به لعدم لياقته طبياً بسبب ضعف إبصاره.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الميعاد، قد صادف الصواب في هذا الشق منه للأسباب التي قام عليها والتي تقرها هذه المحكمة.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الدعوى ينحصر فيما إذا كان القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة قد قام على سبب صحيح يبرره قانوناً حسبما تذهب إلى ذلك الجهة الإدارية المدعى عليها، أم أنه قام على خطأ في فهم الواقع أدى إلى خطأ في تطبيق القانون نتيجة اعتبار المدعي على اختلاف الحقيقة - من العمال الذي يسري في حقهم كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 56 لسنة 1961 بإحالة عمال اليومية الدائمين الذين تتسم طبيعة عملهم بصفة الاستقرار إلى الكشف الطبي لتقرير لياقتهم الطبية حسبما يقول بذلك المدعي ويسانده في هذا القول الحكم المطعون فيه وهيئة مفوضي الدولة لدى هذه المحكمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وبوجه خاص من ملف خدمة المدعي أنه التحق بخدمة الهيئة العامة للسكك الحديدية في وظيفة بناء ظهورات في مايو سنة 1937. بأجر يومي قدره خمسة وخمسون مليماً وتخللت مدة خدمته فترات انقطاع في السنوات من 1940 إلى 1946. ثم منح عدة علاوات وصل بها أجره اليومي إلى 250 مليماً وعلى أثر صدور القانون رقم 37 لسنة 1960. الخاص بالتأمين والمعاشات للمستخدمين وعمال اليومية الدائمين تقرر إحالته إلى الكشف الطبي فقدم طلباً في 11 من يوليه سنة 1961 لإعفائه منه إلا أنه أبلغ في 12 من أغسطس سنة 1961 برفض طلبه وبضرورة توقيع الكشف الطبي عليه وألا أخلى من عمله وفي 26 من أغسطس سنة 1961. تم الكشف الطبي عليه بوساطة مفتش القسم الطبي لهيئة السكة الحديد بالزقازيق حيث تبين أنه غير لائق نهائياً لضعف إبصاره الشديد. وفي 12 من سبتمبر سنة 1961 طلبت المنطقة الشمالية بالإسكندرية حضوره إليها لمعرفة مدى صلاحيته للعمل إلا أنه في 17 من سبتمبر سنة 1961. أبلغت المنطقة الشمالية مفتش أقسام الهندسة بطنطا بكتابها رقم 42/ 29/ 38 بموافقتها على إعفائه من شروط اللياقة الطبية (الصحيفة رقم 156 من الملف) بيد أن القسم الطبي بالهيئة المذكورة لم يوافق على ذلك بكتابه رقم 109/ 1 المؤرخ 21 من نوفمبر سنة 1961 (الصحيفة رقم 74 من الملف) وبناء على كتاب المنطقة الشمالية بالإسكندرية رقم 42/ 29/ 38 الوارد إلى مفتش أقسام الهندسة بطنطا في 11 من إبريل سنة 1962. والمتضمن أن جميع العمال سواء كانوا قد أمضوا بالخدمة أقل من عشر سنوات أو أكثر لا بد من الكشف عليهم طبياً ولا يجوز أن يستمر بالعمل العمال الذين لم يوافق القسم الطبي على إعفائهم من شرط اللياقة الطبية ويقتضي فصلهم فوراً حتى ولو كان سبق إعفاؤهم دون موافقة سابقة من القسم الطبي، بناء على هذا القرار تقرر وقف المدعي عن العمل في 17 من إبريل سنة 1962. فتظلم من قرار وقفه في 19 من إبريل سنة 1962. وأبلغ رفض تظلمه في 8 من يونيه 1962. رقم 87/ م. وفي 23 من يونيه سنة 1962 أصدر مدير عام المنطقة الشمالية القرار رقم 379 "مستخدمين" بفصله من الخدمة اعتباراً من 18 إبريل سنة 1962. وأحال القرار في ديباجته إلى كتاب تفتيش الأقسام الهندسية بطنطا رقم 636/ 1 المؤرخ 6 من يونيه 1962. المتضمن عدم لياقة المذكور طبياً للخدمة.
ومن حيث إنه يبين مما سلف إيراده أن السبب الباعث على إصدار قرار فصل المدعي من الخدمة إنما مرده إلى ما ثبت لمصدره من افتقاد المذكور لشرط اللياقة طبياً للبقاء في الخدمة بصفة نهائية لضعف إبصاره الشديد. وغني عن البيان أن شرط اللياقة الطبية هو من الشروط الجوهرية اللازمة للصلاحية للتعيين في الوظيفة العامة وللاستمرار في الخدمة لانطوائه على ضمانة التحقق من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة التي يشغلها وأداء العمل الذي تتطلبه منه بحيث ينبني على تخلف هذا الشرط في أي وقت أثناء الخدمة فقدان الصلاحية للوظيفة ووجوب إنهاء الخدمة دون ترخص في ذلك من جانب الجهة الإدارية التي تكون سلطتها في هذا الشأن سلطة مقيدة يتعين أن تنزل في استعمالها على حكم القانون وهذا الأصل العام ولئن رددته صراحة بالنسبة إلى عمال اليومية الدائمين قبل صدور كادر العمال التعليمات المالية الصادرة في سنة 1922. والمتضمنة للأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922. ثم أكده هذا الكادر عند صدوره إلا أن إعماله بالنسبة إلى عمال اليومية المعينين بصفة مؤقتة كما هو شأن المدعي، أولى بداهة وأوجب لزوماً لما تتصف به علاقة هذه الطائفة من عمال اليومية بالإدارة من طبيعة خاصة مبناها اعتبارهم مفصولين عقب كل يوم عمل يقومون به وإن طال قيامهم بهذا العمل ولو لم تنته الأعمال المعينون عليها أو تنفذ الاعتمادات المالية المخصصة لها ولأنه من غير السائغ أن يتقاضى العامل من هؤلاء أجراً عن عمل لا تمكنه حالته الصحية من أدائه، وأن يظل في الخدمة مفروضاً هكذا على الإدارة. مع أنه لو كان دائماً وأثبت وضعاً لما بقي فيها. ولا تحول دون ذلك أحكام القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960. بشأن العمال المؤقتين والموسميين الصادر في 9 من فبراير سنة 1960 الذي لم يقصد الخروج على الأصل المتقدم عندما حظر في المادة الأولى منه على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بالطريق التأديبي، لأن هذا الحظر إنما قصد به سلب سلطة الإدارة التقديرية في فصل العمال المؤقتين والموسميين بغير الطريق التأديبي دون المساس بسلطتها المقيدة في فصل العامل المؤقت أو الموسمي إذا ما ثبت عدم لياقته الطبية نهائياً للبقاء في الخدمة، هذا الفصل الذي يتعين إعماله خارج نطاق الحظر المشار إليه متى توفرت أسبابه، إذ لا تملك الإدارة سلطة تقدير ملاءمة إلا بناء على العامل المؤقت أو الموسمي على الرغم من عجزه الكلي عن القيام بأعباء الوظيفة المسندة إليه، بل أن خدمته تنتهي لزوماً في هذه الحال وتقطع علاقته بالإدارة لزوال صلاحيته للعمل، ولا أجر بغير عمل. وعلى مقتضى هذا الفهم الصحيح لأحكام القرار الجمهوري سالف الذكر تتحقق المصلحة العامة في تسيير مرافق الدولة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة قد قام على سبب صحيح يبرره قانوناً، ولا ينال من قيام هذا السبب صحيحاً منتجاً لآثاره أن الكشف عنه قد جاء نتيجة تطبيق خاطئ للكتاب الدوري لديوان الموظفين رقم 56 لسنة 1961 في شأن المدعي ذلك أن مناسبة إصدار القرار الإداري الذي هو إفصاح الإدارة بما لها من سلطة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك جائزاً وممكناً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، ليست شرطاً من شروط صحة القرار ولا ركناً من أركان انعقاده. ومهما يكن من أمر في شأن صحة قرار إحالة المدعي إلى الكشف الطبي فإن الثابت أن المذكور لم يطلب إلغاء هذا القرار في المواعيد المقررة لدعوى الإلغاء على الرغم من تظلمه منه في 11 من يوليه سنة 1961. ومن إبلاغه برفض تظلمه في 12 من أغسطس سنة 1961. مما لا معدي معه والحالة هذه من الاعتداد بهذا القرار وترتيب آثاره القانونية. ولا حجة فيما يثيره المدعي من أن ثمة قراراً إدارياً نهائياً قد صدر من مدير عام المنطقة الشمالية بالإسكندرية في 17 من سبتمبر سنة 1961. بإعفائه من شرط اللياقة الطبية، ذلك أن موافقة المدير المذكور على إعفائه من هذا الشرط كانت بطبيعتها مرهونة - طبقاً للتعليمات الجاري عليها العمل بهيئة السكك الحديدية - بموافقة القسم الطبي بالهيئة على هذا الإعفاء الأمر الذي لم يتحقق بالنسبة إلى المدعي حسبما ورد بكتاب القسم المذكور رقم 119/ 1 المؤرخ 21 من نوفمبر سنة 1961. بل كان السبب في إصدار قرار الفصل المطعون فيه على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه لما تقدم جمعية تكون دعوى المدعي فاقدة السند، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار الصادر في 23 من يونيه سنة 1962. بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 976 لسنة 7 ق جلسة 3 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 32 ص 314

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-------------------

(32)

القضية رقم 976 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف. "لجنة شئون الموظفين".
إغفال لجنة شئون الموظفين تحرير محضر لاجتماعها يتضمن ما دار فيه من مناقشات - لا بطلان.
(ب) موظف. "تقرير سنوي".
ملف خدمة الموظف لا يشمل حتماً كل ما يتعلق به من معلومات أو بيانات أو عناصر لها أثرها في تقدير كافيته - ما يعلمه الرؤساء وأعضاء لجنة شئون الموظفين عن عمل الموظف وسلوكه وشخصيته بحكم صلات العمل - من بين المصادر التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن - سلطة اللجنة في أن تستمد تقديرها من أية عناصر ترى الاستعانة بها في تحديد درجة الكفاية - سلطة تقديرية مطلقة.
(جـ) موظف. "تقرير سنوي".
تقدير لجنة شئون الموظفين درجة كفاية المدعي - الأخذ بعين الاعتبار مسلك المدعي في شأن تطاوله على رؤسائه وعدم تعاونه معهم وإسرافه دون مبرر في التقدم بشكاوى ضدهم تتضمن اتهامات خطيرة وعبارات غير لائقة - لا تثريب عليه - لا يحول دون ذلك أن مسلك المدعي في شأن الشكاوى المذكورة محل مؤاخذة تأديبية.

-----------------
1 - لا وجه للنعي على قرار لجنة شئون الموظفين بأنه قد شابه بطلان لعدم تحرير محضر لاجتماعها يتضمن ما دار فيه من مناقشات، ذلك أن تحرير هذا المحضر ليس من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان.
2 - إنه ولئن كان الأصل أن ملف خدمة الموظف هو الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه لا يشمل حتماً كل ما يتعلق بالموظف من معلومات أو بيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير فملف الخدمة ليس هو المصدر الوحيد لبيان حالة الموظف بل إن من بين المصادر التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن ما يعلمه رؤساؤه وأعضاء لجنة شئون الموظفين عن عمله وسلوكه وشخصيته بحكم صلات العمل - ولم يحدد القانون للجنة طريقاً معيناً تلتزمه في تقدير الكفاية في التقرير السنوي - بل إن تقديرها يقوم على ما تراه من الأسس كفيلاً بالوصول إلى التقدير السليم الذي يتفق مع الحق والواقع - وقد خصها القانون بسلطة تقديرية مطلقة في أن تستمد تقديرها من أية عناصر ترى الاستعانة بها في تقدير درجة الكفاية لحكمة ظاهرة هي أنها تضم عدداً من كبار الموظفين الذين لهم من خبراتهم ومرانهم وإلمامهم وإشرافهم على أعمال الموظفين ما يمكنهم من وزن كفاية الموظفين وتقدير درجة هذه الكفاية تقديراً سليماً دقيقاً فلا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير كفاية المدعي إن هي أدخلت في اعتبارها ما أسفر عنه فحص أحد أعضائها - الذي فوضته في هذا الشأن - لكفايته في ضوء ما أجراه من مناقشات مع مدير المصنع الذي كان يعمل فيه.
3 - لا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958 إن هي أدخلت في اعتبارها الأثر الذي ترى - بسلطتها في الإشراف والتعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين - ترتيبه على مسلك المدعي في شأن تطاوله على رؤسائه وعدم تعاونه معهم وإسرافه دون مبرر في التقدم بشكاوى ضد هؤلاء الرؤساء وغيرهم من كبار الموظفين تتضمن اتهامات خطيرة وعبارات غير لائقة، ولا يحول دون ذلك أن مسلك المدعي في شأن الشكاوى المذكورة قد ترتب عليه إقامة الدعوى التأديبية ضده وصدور حكم بإدانته مطعون فيه أمام المحكمة الإدارية العليا، إذ أن الأمر هنا لا يتعلق بتأديبه أو عقابه ولا يعدو أن يكون إعمالاً لسلطة اللجنة في تخفيض درجة كفايته في تقريره السنوي استناداً إلى ما تكشف لها من أمور تتعلق بسلوكه وصفاته الشخصية وقدراته وهي من العناصر المكملة لمقومات التقدير العام الذي تختص به اللجنة في مجال حكمها على كفاية الموظف وتترخص فيه بسلطتها التقديرية وهو غير مجال التأديب على كل حال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 16 من مايو سنة 1960 أقام السيد/ عبد الحميد فهمي غريب الدعوى رقم 436 لسنة 7 القضائية ضد السيد وزير الحربية (الهيئة العامة للمصانع الحربية) طالباً الحكم بإلغاء التقرير السري السنوي المقدم عنه في عام 1958 بتقدير ضعيف وكذلك ما ترتب على هذا التقدير من آثار وقال شرحاً لدعواه إنه كلف بالعمل بالمصانع الحربية بطريق الندب في 4 من مارس سنة 1953 ولما ثبتت صلاحيته للعمل بها نقل إليها نهائياً في سنة 1954 وكانت تقاريره السرية منذ عام 1954 إلى آخر عام 1957 مرضية للغاية واستحق علاوة دورية قدرها جنيهان في أول مايو سنة 1959 ولكن لجنة شئون الموظفين بالمصانع الحربية قررت حرمانه من هذه العلاوة لأنه حصل على تقدير ضعيف عن عام 1958 في التقرير السري السنوي المقدم عنه - وأضاف أن الحرمان من هذه العلاوة يجب أن يصدر به قرار خاص من لجنة شئون الموظفين وأن هذا القرار معيب بعدم مشروعية سببه وعدم مشروعية الغاية وإساءة استعمال السلطة.
وأجابت الهيئة العامة للمصانع الحربية على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن المادة 11 من القرار رقم 159 لسنة 1953 بلائحة نظام موظفي المصانع الحربية تقضي بأن الموظفين الحاصلين في التقدير العام على درجة تزيد على 40% وتقل عن 50% لا ينظر في أمر ترقيتهم على ألا يؤثر ذلك في علاواتهم الدورية - وأنه من مقتضى هذا النص يحرم الموظف الذي يحصل في التقرير السري على 40 درجة فأقل من علاوته الدورية - وقد حصل المدعي في التقرير السري المقدم عنه عن عام 1958 على 31 درجة (أي درجة ضعيف) فقررت لجنة شئون موظفي المصانع الحربية حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959، وذكرت الهيئة أن وضع هذا التقرير قد تم وفقاً للإجراءات القانونية التي نصت عليها المادة 10 من القرار رقم 159 لسنة 1953 التي تقضي بأن يدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على مديره المختص لإبداء ملاحظاته ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاءة وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاءة التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً - وقد وضع التقرير السري عن المدعي عن عام 1958 رئيسه المباشر وقدر درجة كفايته بثلاث وستين درجة من مائة وعرض التقرير على مدير الإدارة التابع لها المدعي فاعتمد التقرير بدرجة خمسين من مائة ثم عرض على لجنة شئون موظفي المصانع الحربية بجلستها المنعقدة في 27 من يوليو سنة 1959 واعتمدت هذا التقرير بدرجة إحدى وثلاثين من مائة وهي صاحبة السلطة النهائية في البت في درجة الكفاية. وبناء على ذلك صدر القرار الإداري رقم 134 لسنة 1959 في 9 من أغسطس سنة 1959 متضمناً حرمان المدعي من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959، كما أضافت الهيئة أن المدعي ما كان يستقر له مكان في أي مصنع من المصانع الحربية التي عمل بها لعدم كفاءته وسوء تصرفاته مما دعا إلى إلحاقه بالعمل بالإدارة العامة للمصانع الحربية وتنقل في كثير من مراقبتها وآخرها مراقبة التموين والمخازن وتقدم مدير التموين والمخازن بمذكرة يطلب فيها نقله فوراً من المراقبة نظراً إلى تصرفاته الشاذة وأشار نائب مدير الهيئة للإنتاج المدني بنقله من المصانع كما أشار السيد وكيل الحربية لشئون المصانع بالاتصال بوزارة الحربية لنقله إليها بدرجته وندبه لحين اتخاذ إجراءات النقل وتم استبعاده من الهيئة وندبه فعلاً للعمل بوزارة الحربية - وانتهت الهيئة في مذكرتها إلى طلب رفض الدعوى.
وقدم المدعي مذكرة بدفاعه قال فيها إن تقاريره السرية منذ دخوله العمل مرضية للغاية وأنه أثناء عمله بالهيئة العامة للمصانع الحربية بإدارة التموين والمخازن اكتشف عدة مخالفات مالية جسيمة واجهه رؤساؤه بها وأبلغ المسئولين عنها في حينها مما أدى إلى إجراء تحقيق قامت به النيابة الإدارية في القضية رقم 61 لسنة 1959 ضد المسئولين عن هذه المخالفات - وذكر أنه إزاء توجيهه الاتهام إلى رؤسائه لم يكن أمامهم إلا أن ينتقموا منه فكان أن أبعد عن العمل بالهيئة العامة للمصانع الحربية في 3 من يناير سنة 1959 وانتدب للعمل بوزارة الحربية رغم مخالفة هذا الندب لقانون موظفي الدولة وقرار رئيس الجمهورية رقم 678 لسنة 1957 بإنشاء الهيئة العامة للمصانع الحربية وقررت لجنة شئون موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية حرمانه من العلاوة التي استحقت له في أول مايو سنة 1959 وأن هذا الحرمان هو الإجراء التالي ضده نتيجة للقضية رقم 61 المشار إليها - وذكر أنه تظلم من قرار حرمانه من العلاوة الذي صدر في 9 من أغسطس سنة 1959 إلى السيد مفوض الدولة للحربية في 25 من أغسطس سنة 1959 الذي رأى إلغاء التقرير السري بدرجة ضعيف عن سنة 1958 مع ما ترتب عليه من آثار. وأضاف أنه يدل على الانحراف الظروف المحيطة بصدور هذا القرار وملف خدمته إذ أن رؤساءه ما حاربوه إلا لأنه أبلغ أولي الأمر بالمخالفات الجسيمة التي وقعت منهم والثابتة في محاضر القضية رقم 61 لسنة 1959 أما ملف خدمته فهو يشهد بكفاءته وجدارته إذ الثابت أنه منذ أن عين بخدمة الحكومة في3 من يناير سنة 1938 كانت جميع تقاريره السرية السنوية مرضية للغاية وجميع الأوراق الموجودة بملف خدمته تعبر عن أمانته وإخلاصه في العمل - وأشار المدعي إلى ما وقع من المسئولين من مخالفات مالية ثابتة في محاضر القضية رقم 61 لسنة 1959 وإلى أنه كشف بعضها ورفض الاشتراك في إحداها وانتهى إلى التصميم على طلباته.
وأودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بإلغاء التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1958 بتقدير ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت الهيئة العامة للمصانع الحربية مذكرة ثانية بدفاعها ذكرت فيها أن التحقيق الذي تجريه النيابة الإدارية في موضوع شكاوى المدعي لم ينته بعد وأنه لذلك لا يمكن التحدث عن المخالفات المالية التي شكا منها المدعي وعن مبلغ صحتها أو جسامتها أو ضآلتها وعقبت على استناد المدعي إلى ملف خدمته بقولها إنه لا علاقة له بتقدير الكفاية إذ لا تودع به أعمال الموظف وإنما أعماله معلومة للجهة الإدارية التابع لها وهي التي قدرت كفايته على هذا الأساس في التقرير السري عن سنة 1958 بدرجة ضعيف - ذلك فضلاً عن أن ملف خدمته لم يخل من الشوائب فقد جوزي بلفت نظر في 3 من يناير سنة 1955 لما نسب إليه في الشكوى رقم 94 لسنة 1955 وتبين من التحقيق معه حضوره إلى جراج الإدارة في غير أوقات العمل الرسمية واختلاطه بالعمال وإفهامهم مقدرته على تسيير الأمور طوع إرادته لاتصاله بالأميرالاي مهندس سكرتير عام الإنتاج - كما جوزي في 13 من يوليو سنة 1955 لتقديمه شكوى باعتداء السيد علي عبد النبي عليه وجوزي بخضم خمسة أيام من مرتبه لعدم تنفيذه أمر وكيل
الوزارة لشئون المصانع الصادر في أول يناير سنة 1959 بإخلاء طرفه وتقديم نفسه لوزارة الحربية - ورددت الهيئة ما سبق أن ذكرته من أن المدعي لم يستقر في أي مصنع من المصانع الحربية التي عمل بها لعدم كفاءته وذكرت أن مدير عام مصانع 18/ 90 الحربي بين في كتابه المؤرخ في 26 من سبتمبر سنة 1956 أنه غير كفء لإدارة أي عمل يتناسب مع درجته وقام المصنع بإخلاء طرفه للاستغناء عن خدماته - وأضافت الهيئة أن الوزارة لم توافق على رأي المفوض في التظلم المقدم من المدعي ورفضت هذا التظلم.
وبجلسة 14 من يناير سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء التقرير السري السنوي المقدم عن المدعي عن سنة 1958 بتقدير ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر في 27 من يوليو سنة 1959 فتظلم منه المدعي في 20 من أغسطس سنة 1959 ثم قدم طلباً لمعافاته من الرسوم في 11 من أكتوبر سنة 1959 فصدر القرار بمعافاته في 11 من مايو سنة 1960 وأقام دعواه في 16 من مايو سنة 1960 وبذلك تكون مرفوعة في الميعاد - وأنه يبين من التقرير السنوي السري المقدم عن المدعي عن عام 1958 أنه جاء في بداية هذا التقرير تحت عنوان (تعليمات هامة وإرشادات) ما يلي (يدون التقرير بواسطة الرئيس المباشر ثم يعرض على المدير الذي له حق الموافقة أو التعديل ثم يعرض على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقرير إذا لم يكن هناك خلاف بين التقديرين وإلا فاللجنة تقدر درجة الكفاية بمعرفتها) (الفقرة الخامسة من البند الثالث من التعليمات) ونصت الفقرة الثامنة من البند أولاً على أنه (يجب أن تكون كتابة التقارير مبنية على الأسس الآتية):
( أ ) دفاتر الحضور والانصراف.
(ب) البيانات المدونة بالسجل.
(ج) تقارير الهيئات التفتيشية المعدة عن أعمال الموظف.
(د) معاملته لزملائه ورؤسائه ومرؤوسيه والجمهور إن كان له اتصال به.
(هـ) نتائج التحقيقات في الشكاوى التي قدمت ضده سواء من الداخل أو الخارج.
ونصت الفقرة التاسعة على أنه يجب أن ينشأ سجل لتدوين الملاحظات (الأخطاء والمميزات) ويلاحظ درجة التقدم وتدون الملاحظات على مدار السنة وإشعار الموظف بها إن حسناً وإن قبيحاً. وذكرت المحكمة أن الثابت من مطالعة هذا التقرير أن الرئيس المباشر قدر كفاية المدعي بثلاث وستين درجة نزل بها المدير إلى خمسين درجة وبعرضه على لجنة شئون الموظفين بجلسة 27 من يوليو سنة 1959 لاعتماد التقرير قررت منح المدعي إحدى وثلاثين درجة (درجة ضعيف) وعلى أثر ذلك تقرر حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959 طبقاً لنص المادة 11 من لائحة نظام موظفي المصانع الحربية وأنه لما كانت المصانع الحربية سبق أن أفادت مفوض الدولة للوزارة بكتابها المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1959 أن السجل المشار إليه بنموذج التقرير سيعمل به اعتباراً من التقارير السرية السنوية عن سنة 1959 فلا يكون ثمة مرجع للحكم على أعمال الموظف سوى ملف خدمته - وأشارت المحكمة إلى حكم المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وخلصت إلى أن الرئيس المباشر هو المنوط به وضع التقارير السنوية عن الموظفين الخاضعين لهذا النظام لأنه بحكم اتصاله المباشر بمرؤوسيه وإشرافه عليهم ورقابته لهم أقدر من غيره على الحكم على مبلغ كفايتهم وتحري سلوكهم ولئن كان للجنة شئون الموظفين اختصاص في هذا الشأن إلا أن اختصاصها هو بمثابة إشراف وتعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين ولها أن تقدر درجة الكفاية التي تراها على أساس ما هو وارد بملف الخدمة بحسب الطريق المرسوم لذلك في القانون وأنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 210 لسنة 1951 ولائحته التنفيذية أن المشرع أوجب أن ينشأ لكل موظف ملف خاص اعتبره سجل حياته في الوظيفة وأنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه لا يوجد به أي دليل يؤيد الإدارة فيما ذهبت إليه من تقدير كفايته بدرجة ضعيف عن المدة من أول يناير إلى آخر ديسمبر سنة 1958 إذ لم يسبق للإدارة خلال هذه المدة أو قبيلها أن وقعت عليه جزاء نتيجة ذنب ارتكبه فتقدير لجنة شئون الموظفين لكفايته بدرجة ضعيف بدلاً من درجة مرضي التي قدرها له رئيسه المباشر لا يجد له سنداً في ملف خدمته بل الثابت أنه كان يقوم بعمله على وجه مرضي مما حدا بالإدارة إلى التوصية بترقيته ومنحه العلاوة أما مجازاته بلفت النظر مرتين فكان قبل التقرير المطعون فيه بثلاث سنوات كما أن جزاء الخصم من المرتب كان بعد التقرير المطعون فيه - وأشارت المحكمة إلى شكاوى المدعي التي أدت إلى إجراء تحقيق تولته النيابة الإدارية وذكرت أنها لا تتعرض لهذا التحقيق ولا لتلك الشكاوى طالما أن الأمر لا يزال في يد النيابة الإدارية لم تنته منه بعد - وأن مجرد تقديم الموظف لشكاوى ضد زملائه أو رؤسائه في حدود القوانين واللوائح وبمراعاة اللياقة ومقتضيات الوظيفة لا يجعل لهذه الشكاوى دخلاً في تقدير عناصر الكفاية أو يجعلها سبباً لخفضها في التقرير السنوي طالما أن الجهة التي تولت بحثها لم تصل بها إلى نتيجة تؤدي إلى مؤاخذة مقدمها أو تشوب سلوكه الوظيفي وأنه لذلك تكون النتيجة التي انتهى إليها القرار الصادر بمنحه درجة ضعيف في التقرير السنوي المطعون فيه لم تستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً ويكون القرار قد قام على غير سبب وجاء مخالفاً للقانون ويتعين الحكم بإلغائه.
وأقامت الوزارة طعنها على أن تقديرات الكفاية التي تتم سواء من الرئيس المباشر أو المدير المحلي أو رئيس المصلحة أو لجنة شئون الموظفين هي تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه وقد استوفى التقرير موضوع الدعوى الإجراءات والأوضاع التي نص عليها القانون فلم يكن من حق المحكمة أن تناقش تقدير الكفاية الذي انتهت إليه لجنة شئون الموظفين - كما أن ملف الخدمة ليس هو الوعاء الوحيد لتقدير كفاية الموظف إذ أن نموذج التقرير السنوي يقضي بضرورة مراعاة علاقة الموظف بالرؤساء والزملاء واستعداده الذهني ومدى إنتاجه وغير ذلك من العناصر التي يستخلصها الرؤساء بحكم اتصالهم بالموظف ولا تثبت من ملف الخدمة ولا تكون محلاً لمؤاخذة تأديبية ولكنها تكون محل وزن كبير عند تقدير الكفاية وقد قدرت لجنة شئون الموظفين درجة كفاية المدعي عن سنة 1958 بعد مناقشة مدير المدعي المختص ليستبين لها التقدير السليم على أساس من الواقع والاتصال الشخصي خصوصاً وأنه كان هناك خلاف بين تقدير الرئيس المباشر والمدير المختص لدرجة كفاية المدعي فكان على لجنة شئون الموظفين إزاء هذا الخلاف أن تقدر الدرجة التي تراها وهو تقدير تستقل به الجهة الإدارية.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى أنها تطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام رافعه المصروفات - وأشارت في هذا التقرير إلى أن الدعوى تقوم على الطعن بالتعسف في استعمال السلطة وذكرت أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لهذا الوجه اكتفاء بالعيوب الموضوعية الأخرى وأنه كان من المتعين طلب تحقيق النيابة الإدارية في الشكوى التي تقدم بها المدعي أو على الأقل بيان مستخرج من الوقائع والتهم التي تضمنها هذا التحقيق والأشخاص الذين وجهت إليهم ومراكزهم وما تم في التحقيق المذكور - وأن الهيئة قد طلبت هذا البيان من النيابة الإدارية وإزاء إصرارها على عدم تقديمه استدعى السيد المفوض المدعي وسأله عن الوقائع التي دار عليها التحقيق - وأشارت هيئة المفوضين إلى أن الأصل هو أن ملف الخدمة هو الوعاء الطبيعي لحياة الموظف وذكرت أنه ولئن كان للجنة شئون الموظفين أن تعدل عما ورد في الملف وتتخذ ما عداه على سبيل الاستثناء فإنه يجب أن يتبين القضاء الإداري أوجه طرح الثابت إلى غير الثابت - وأضافت أنه لا مطعن على ما استخلصه الحكم في شأن خلو ملف المدعي مما يجرحه وأنه قد تبين من الاطلاع على التقرير السري أنه قد ذيل بتوقيعات منسوبة لأعضاء لجنة شئون الموظفين فلما طلبت محاضر تلك اللجنة بينت الإدارة بكتابها المؤرخ في 4 من ديسمبر سنة 1961 أن التقارير السرية على موظفي المصانع الحربية ترد في شهر يناير من كل سنة وتسجل في كشوف تعرض على لجنة شئون الموظفين للنظر في اعتمادها وتسجل درجة الكفاية التي تعتمدها اللجنة على كل تقرير على حدة - وأن اللجنة قد فوضت مدير الهيئة للإنتاج المدني في مناقشة مديري المصانع في التقارير السرية الموضوعة عن الموظفين التابعين لهم الحاصلين على تقدير أقل من 55% عن عام 1958 وإجراء التعديلات التي يرى إدخالها على هذه التقارير بالتخفيض أو الزيادة وكان التقرير المقدم عن المدعي من هذه التقارير فنوقش وأعيد عرضه على اللجنة في 27 من يوليو سنة 1959 وقررت اعتماد درجة كفايته بإحدى وثلاثين درجة من مائة واعتمد قرارها في 9 من أغسطس سنة 1959 - وأن الإدارة قدمت في 9 من ديسمبر سنة 1961 مذكرة من مراقب الأفراد بين فيها ما أجراه نائب مدير الهيئة لشئون الإنتاج المدني وتخفيضه تقدير المدعي وعرض مذكرة بذلك على لجنة شئون الموظفين التي اكتفت بإثبات توقيعاتها في ذيل هذه المذكرة - وذكرت هيئة المفوضين أن هذه المذكرة لا تعتبر محضراً لانعقاد لجنة شئون الموظفين وإنه ثبت من المناقشة أن رئيس اللجنة السيد المهندس عبد الوهاب البشري وسكرتيرها السيد رشاد كشميري لم يوقعا على التقرير السري المطعون فيه وذلك من شأنه ألا يجعل التوقيعات الثابتة بأسفل التقرير بمثابة محضر صحيح للجنة - وتضمن تقرير هيئة المفوضين أن السيد المفوض استدعى المدعي وسأله عن الوقائع التي تضمنتها شكواه فأفاد بأنها عن مخالفات مالية نسبها إلى المهندس أحمد البدوي الذي نزل بتقديره إلى 50% وإلى بعض أعضاء لجنة شئون الموظفين - وانتهت هيئة المفوضين إلى القول بأن وقوف المدعي هذا الموقف في وجه رؤسائه إما يدل على الشذوذ وعدم الصلاحية أو يدل على صراحة غير مألوفة في الحق وأنه وقد اختارت الإدارة العناد والامتناع عن تقديم الدليل مرجحة ما هو ضدها من هذين الفرضين يتعين الأخذ بأقوال المدعي.
وقدمت الهيئة العامة للمصانع الحربية عدة حوافظ من مستنداتها تضمنت إحداها مستخرجاً من المذكرة المرفوعة للجنة شئون الموظفين بالمصانع الحربية - وبينت الهيئة أن جميع أعضاء اللجنة ومن بينهم رئيسها السيد المهندس عبد الوهاب البشري قد وقعوا على تلك المذكرة التي بموجبها اعتمدت اللجنة تقدير كفاية المدعي عن عام 1958 بإحدى وثلاثين درجة - وتضمنت حافظة أخرى صورة من مذكرة النيابة الإدارية بشأن القضيتين رقم 61 لسنة 1959 ورقم 284 لسنة 1961 - وتضمن حافظة ثالثة كتاب مدير الشئون القانونية للمصانع الحربية المؤرخ في 27 من مارس سنة 1965 الذي جاء به أن الرئيس المباشر للمدعي قد قدر كفايته عن عام 1958 بثلاث وستين درجة من تسعين تساوي 70 درجة من مائة وأن المدير المحلي قدر له خمسين درجة من تسعين تساوي 55 درجة من مائة كما أودعت الهيئة صورة من الحكم الصادر في 27 من إبريل سنة 1964 من المحكمة التأديبية لوزارات الأشغال والحربية والسد العالي في الدعوى رقم 26 لسنة 4 القضائية والقاضي بمجازاة المدعي بخصم شهر من مرتبه.
ومن حيث إن المدعي قد أودع مذكرتين بدفاعه قال فيهما إن ملف خدمته هو الوعاء الطبيعي لكل ما يتصل به من قرارات وقد خلا من الشوائب - وأن التقرير السري موضوع طعنه لم يستوف الإجراءات والأوضاع التي نص عليها القانون لأن انعقاد لجنة شئون الموظفين كان باطلاً وإجراءاتها باطلة كما أن هذا التقرير قد لحقه عيب إساءة استعمال السلطة - وذكرت أنه كان يعمل بالتموين والمخازن بالهيئة العامة للمصانع الحربية واكتشف أثناء عمله مخالفات مالية خطيرة فأبلغ عنها في حينها وكان رئيسه المباشر هو المهندس حسن بريقع الذي قدر كفايته بثلاث وستين درجة - وأن المهندس أحمد سعيد البدوي مدير القسم المحلي خفض تقديره إلى خمسين درجة بسبب استدعاء النيابة الإدارية له وسؤاله عن الاتهامات الموجهة إليه في القضية رقم 61 لسنة 1959 بناء على شكوى قدمها هو (أي المدعي) لسكرتير عام المصانع الحربية السيد إبراهيم ناجي مؤرخة في 25 من يوليو سنة 1958 وأن لجنة شئون الموظفين المكونة من السادة إبراهيم ناجي ومحمد رشاد محمود وعبد الله غنيم قد اجتمعت اجتماعاً غير قانوني ونزلت بإجراءات غير قانونية بالتقرير السنوي إلى 31% في 27 من يوليو سنة 1959 وجميع أعضائها وجهت إليهم اتهامات في القضية رقم 61 لسنة 1959 أي أن التقرير قد حرر بعد استدعائهم للتحقيق وذلك يدل على الانحراف بالسلطة وأضاف المدعي أنه إذا كان قد أقحم في الدعوى التأديبية رقم 26 لسنة 4 القضائية متهماً بعد أن كان مبلغاً فذلك نتيجة تكتل كبار الموظفين الذين أبلغ ضدهم والذين لم يحقق معهم ومع ذلك صدر الحكم بإدانة بعض من أبلغ ضدهم - وذكر أنه إذا كان قد أدين رغم ذلك فإنه قد طعن في الحكم التأديبي الذي لا صلة له بالخصومة بينه وبين من بخسوا حقه وانتهى المدعي إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام رافعه المصروفات.
ومن حيث إن الوزارة الطاعنة قد تقدمت بمذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم:
أصلياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
واحتياطياً: برفضها مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبنت دفعهما بعدم قبول الدعوى على أن المدعي كان موظفاً بالهيئة العامة للمصانع الحربية الصادر عنها القرار المطعون فيه وهي هيئة عامة لها شخصية معنوية مستقلة عن الدولة وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 678 لسنة 1957 بإنشاء الهيئة العامة للمصانع الحربية الذي حل محله قرار رئيس الجمهورية رقم 1478 لسنة 1961 بإنشاء المؤسسة العامة للمصانع الحربية والمدنية - ووزير الحربية لا يمثل الهيئة المذكورة ولذلك فإن الدعوى إذ رفعت ضد الوزارة تكون مرفوعة على غير ذي صفة ويتعين الحكم بعدم قبولها ولا يؤثر في قيام هذا الدفع عدم إبدائه أمام محكمة أول درجة إذ يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى - أما عن الموضوع فذكرت الوزارة أن الرئيس المباشر للمدعي قدر كفايته بثلاث وستين درجة خفضها المدير المختص إلى خمسين درجة وعندما اجتمعت لجنة شئون الموظفين في 29 من إبريل سنة 1959 للنظر في اعتماد التقارير السرية عن عام 1958 قررت تفويض مدير الهيئة للإنتاج المدني وهو أحد أعضائها في مناقشة السادة مديري المصانع في التقارير السرية الموضوعة عن الموظفين التابعين لهم الحاصلين على 55% فأقل وإجراء التعديلات التي يرى إدخالها على هذه التقارير إما بالتخفيض أو الزيادة بعد التثبت من مدى كفاءة هؤلاء الموظفين وبعد انتهاء مناقشة السيد عضو اللجنة لمديري المصانع أعدت إدارة شئون الأفراد مذكرة بما انتهت إليه المناقشة وعرض الأمر على اللجنة فوافقت في 27 من يوليو سنة 1959 على تقدير درجة كفاية المطعون ضده بإحدى وثلاثين درجة واعتمد السيد رئيس اللجنة المهندس عبد الوهاب البشري هذه التقديرات في 9 أغسطس سنة 1959 - وعقبت الوزارة على تقرير هيئة مفوضي الدولة بقولها إنه لا صحة لما ذهب إليه هذا التقرير من أن المهندس عبد المنعم إبراهيم قد وقع على التقرير باعتباره رئيس اللجنة بل وقع باعتباره عضواً بها أما التقديرات فقد اعتمدها السيد عبد الوهاب البشري في 9 من أغسطس سنة 1959 - وذكرت أنه لا وجه لما ذهب إليه التقرير من وجوب أن يكون هناك محضر رسمي يثبت اجتماعات اللجنة ومناقشاتها إذ أن الشارع لم يعين للجنة طريقاً معيناً تلتزمه في تقدير الكفاية وإنما جعل لها أن تلجأ إلى أية طريقة تراها موصلة إلى هذا التقدير - وإذا كان سائر أعضاء لجنة شئون الموظفين قد وقعوا على التقرير السنوي للمدعي ووقع رئيس اللجنة على المذكرة الخاصة بنتيجة مناقشة العضو المفوض فإن ذلك يؤكد سلامة التقرير - وأضافت الوزارة أن ملف الخدمة ليس الوعاء الوحيد لأحوال الموظف وتقدير كفايته - وأشارت إلى الشكاوى وتحقيقات النيابة الإدارية التي لم تشأ محكمة القضاء الإداري أن تتعرض لها لأن النيابة الإدارية لم تكن قد انتهت من تحقيقها - وذكرت أنه قد آن أوان التعرض لها بعد أن انتهى التحقيق وقدم المدعي إلى المحاكمة التأديبية وأنه قد جاء في مذكرة النيابة الإدارية بشأن القضيتين رقم 61 لسنة 1959 ورقم 284 لسنة 1961 أن المدعي (تقدم بشكاوى ضمنها اتهامات خطيرة لكبار موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية وضمن شكاويه عبارات جارحة واتهامات باطلة لهم ولم يثبت من التحقيق صحة أي ادعاء من هذه الادعاءات بالرغم من تجريحه لهؤلاء الموظفين لإصراره على نسبة مخالفات وهمية إليهم في كل شكوى) كما أشارت الوزارة إلى الحكم الصادر ضد المدعي من المحكمة التأديبية لوزارات الأشغال والحربية والسد العالي في 27 من إبريل سنة 1964 بخصم شهر من مرتبه وإلى أن أسباب هذا الحكم قد تضمنت أن التحقيق في شكاوى المدعي قد أسفر عن كذبها بالنسبة لهؤلاء الموظفين وتحامله الشديد عليهم بشكل مزري يجافي الخلق القويم ويجعل من شكاويه معرضاً للنيل من أمانة ونزاهة هؤلاء الموظفين وإهدار كرامتهم والولوغ في أعراضهم مما يخرجها من دائرة استهداف المصلحة العامة إلى دائرة التشفي والانتقام والحقد وأنه وإن أسفر النادر القليل من تلك الشكاوى عن وقوع بعض مخالفات فقد كانت من النوع العادي ووقعت من غيرهم وهي بذاتها لا تستدعي كل تلك الضجة - وأن ما نسب إلى المدعي ثابت في حقه ويصمه بالانحراف عن جادة الصواب وعن السيرة الحميدة - وذكرت الوزارة أن المدعي قد اعترف أنه بدأ في تقديم الشكاوى منذ سنة 1958 وكان يدبر الكيد لرؤسائه وكبار موظفي الهيئة ويطعن في أعراضهم وأمانتهم وأن مثله لا يمكن أن يعتبر موظفاً منتجاً في عمله وأن ما أثبتته المحكمة التأديبية في حقه ينعكس على كافة عناصر تقدير الكفاية ويجعل التقدير المطعون فيه بدرجة ضعيف تقديراً متساهلاً فيه.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث إن مبنى هذا الدفع الذي أبدته الوزارة في مذكرتها في هذا الطعن هو أن المدعي وهو يعمل بالهيئة العامة للمصانع الحربية قد أقام الدعوى ضد وزارة الحربية وكان يجب أن يرفعها ضد الهيئة المذكورة التي كانت تتمتع بشخصية معنوية مستقلة ويمثلها مديرها أمام الجهات القضائية وفقاً لأحكام المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 678 لسنة 1957 ثم بعد أن حلت محلها المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية والمدنية المنشأة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 1478 لسنة 1961 أصبح يمثل هذه المؤسسة رئيس مجلس إدارتها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي قد أقام دعواه بصحيفتها المودعة قلم كتاب المحكمة الإدارية في 16 من مايو سنة 1960 ضد وزير الحربية (الهيئة العامة للمصانع الحربية) طالباً إلغاء التقرير السنوي المقدم عنه عن عام 1958 وقد أعلنت هذه الصحيفة في 24 من مايو سنة 1960 إلى كل من السيد وزير الحربية والسيد مدير الهيئة العامة للمصانع كما أن قلم كتاب المحكمة أخطر تلك الهيئة بأنه قد تحددت جلسة 4 من أغسطس سنة 1960 لتحضير الدعوى المذكورة ثم أخطرها بتحديد جلسة 21 من نوفمبر سنة 1960 لنظر الدعوى وقد أدلت الهيئة بدفاعها فيها وأودعت مستنداتها وطلبت الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن الهيئة العامة للمصانع الحربية كانت مختصة في الدعوى ومثلت أمام المحكمة وأبدت دفاعها لذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من وزارة الحربية يكون غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
عن الموضوع:
ومن حيث إن المدعي طلب الحكم بإلغاء التقرير المقدم عنه عن عام 1958 بتقدير ضعيف استناداً إلى أنه معيب بعدم مشروعية سببه وعدم مشروعية الغاية وإساءة استعمال السلطة وقد استجاب الحكم المطعون فيه لهذا الطلب تأسيساً على أنه ليس بملف خدمة المدعي أي دليل يؤيد الإدارة فيما ذهبت إليه إذ لم يسبق لها خلال المدة من أول يناير إلى آخر ديسمبر سنة 1958 أو قبلها أن وقعت عليه جزاء نتيجة ذنب ارتكبه فتقدير لجنة شئون الموظفين لكفايته بدرجة ضعيف بدلاً من درجة مرض التي قدرها له رئيسه المباشر لا يجد له سنداً من ملف خدمته - وعلى أن مجرد تقديم الموظف لشكاوى ضد زملائه أو رؤسائه في حدود القوانين واللوائح وبمراعاة اللياقة ومقتضيات الوظيفة لا يجعل لهذه الشكاوى دخلاً في تقدير عناصر الكفاية طالما أن الجهة التي تولت بحثها لم تصل بها إلى نتيجة تؤدي إلى مؤاخذة مقدمها أو تشوب سلوكه الوظيفي وأنه لذلك تكون النتيجة التي انتهى إليها القرار الصادر بمنحه درجة ضعيف في التقرير المطعون فيه لم تستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها فيكون القرار قد قام على غير سبب وجاء مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إنه لا اعتداد بما ذهبت إليه الوزارة في طعنها من أن تقدير لجنة شئون الموظفين لكفاية الموظف لا يخضع لرقابة القضاء الإداري باعتباره داخلاً في صميم عمل الإدارة - ذلك أنه ما دام أن التقرير السنوي المقدم عن الموظف بعد استيفاء مراحله هو بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلاً في الترقية أو في منح العلاوة أو في بقائه في وظيفته أو نقله منها أو فصله من الخدمة فإن ذلك يستتبع خضوعه لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن الرئيس المباشر قد قدر كفاية المدعي عن عام 1958 بثلاث وستين درجة من تسعين أي بما يوازي 70 درجة من مائة وهبط المدير المختص بهذا التقدير إلى خمسين درجة من تسعين أي إلى ما يوازي خمساً وخمسين درجة من مائة - وقررت لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 29 من إبريل سنة 1959 تفويض السيد نائب مدير الهيئة للإنتاج المدني في مناقشة مديري المصانع في التقارير الموضوعة عن الموظفين التابعين لهم الحاصلين على 55% أو أقل عن عام 1958 وإجراء التعديلات التي يرى إدخالها على هذه التقارير إما بالتخفيض أو الزيادة بعد التثبت من مدى كفاءة هؤلاء الموظفين ثم عرض هذه التقديرات على اللجنة لتقرير ما تراه - وعقدت عدة اجتماعات للمديرين وتولى نائب مدير الهيئة مناقشتهم في تقديراتهم وأسفرت هذه المناقشة بالنسبة للمدعي عن تعديل الدرجة التي قدرها له المدير المختص بخفضها من خمس وخمسين درجة إلى إحدى وثلاثين درجة - وعرضت مذكرة متضمنة ذلك على لجنة شئون الموظفين فوافقت عليها إذ أشر عليها جميع أعضائها وكذلك رئيسها السيد المهندس عبد الوهاب البشري بما يفيد موافقتهم على ما تضمنته ووقعوا جميعاً عليها.
ومن حيث إنه لا وجه للنعي على قرار لجنة شئون الموظفين بأنه قد شابه بطلان لعدم تحرير محضر لاجتماعها يتضمن ما دار فيه من مناقشات - ذلك أن تحرير هذا المحضر ليس من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان إذ بالإضافة إلى أن تحريره ما كان ليؤثر على النتيجة التي انتهت إليها اللجنة فإن الثابت مما تحمله المذكرة التي عرضت عليها من تأشيرات أعضائها ورئيسها أنه قد تمت الموافقة بالإجماع على تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958.
ومن حيث إنه لا وجه أيضاً للنعي على تقدير لجنة شئون الموظفين لكفاية المدعي بدرجة ضعيف بأنه لا يجد له سنداً في ملف الخدمة ذلك أنه ولئن كان الأصل أن ملف خدمة الموظف هو الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه لا يشمل حتماً كل ما يتعلق بالموظف من معلومات أو بيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير فملف الخدمة ليس هو المصدر الوحيد لبيان حالة الموظف بل إن من بين المصادر التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن ما يعلمه رؤساؤه وأعضاء لجنة شئون الموظفين عن عمله وسلوكه وشخصيته بحكم صلات العمل - ولم يحدد القانون للجنة طريقاً معيناً تلتزمه في تقدير الكفاية في التقرير السنوي - بل إن تقديرها يقوم على ما تراه من الأسس كفيلاً بالوصول إلى التقدير السليم الذي يتفق مع الحق والواقع - وقد خصها القانون بسلطة تقديرية مطلقة في أن تستمد تقديرها من عناصر ترى الاستعانة بها في تقدير درجة الكفاية لحكمة ظاهرة هي أنها تضم عدداً من كبار الموظفين الذين لهم من خبراتهم ومرانهم وإلمامهم وإشرافهم على أعمال الموظفين ما يمكنهم من وزن كفاية الموظف وتقدير درجة هذه الكفاية تقديراً سليماً دقيقاً فلا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير كفاية المدعي إن هي أدخلت في اعتبارها ما أسفر عنه فحص أحد أعضائها - الذي فوضته في هذا الشأن - لكفايته في ضوء ما أجراه من مناقشات مع مدير المصنع الذي كان يعمل فيه.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإنه بالرجوع إلى ملف خدمة المدعي يبين أنه في 6 من ديسمبر سنة 1958 تقرر ندبه للعمل بوزارة الحربية (صفحة 117 من الملف) وحدد لتنفيذ هذا الندب يوم 31 من ديسمبر سنة 1958 ولما لم يقم بتنفيذ هذا القرار أجري معه تحقيق في أول يناير سنة 1959 سمعت فيه أقواله فذكر أن سبب عدم قيامه بتنفيذ القرار المذكور هو أنه سبق أن طلب مقابلة السيد وكيل الوزارة لتقديم مذكره له عن إجراءات خطيرة تمس سلامة الدولة المالية والحربية ولا يمكنه تنفيذ النقل إلا بعد مقابلته شخصياً أو مقابلة السيد القائد العام - وترتب على عدم تنفيذ المدعي لقرار ندبه في التاريخ المحدد له صدور قرار أول يناير سنة 1959 بمجازاته بخصم خمسة أيام من مرتبه (صفحة 122 من الملف) - ولقد كان إبعاد المدعي عن العمل بالمصانع الحربية على هذا الوجه محل شكوى من جانبه تناولها التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية في القضيتين رقم 61 لسنة 1959 ورقم 284 لسنة 1961 الخاصتين بما قدمه المدعي من شكاوى ضد رؤسائه وغيرهم من موظفي المصانع الحربية - وقد جاء في مذكرة النيابة الإدارية أن (إبعاد المدعي عن المصانع الحربية كان بناء على طلب الرئيس المباشر له وبعد أن تطاول عليه بالقول أكثر من مرة وبعد نقله إلى عدة جهات بالمصانع الحربية وعدم مقدرة رؤساء الأماكن التي عمل بها على التعاون معه الأمر الذي يبرر هذا الندب (صفحة 6 من مذكرة النيابة الإدارية) - كما قرر المدعي بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1966 أنه بدأ في تقديم الشكاوى التي كانت محل تحقيقات النيابة الإدارية في ديسمبر سنة 1958 وتضمن دفاعه الذي أبداه في مذكرته المقدمة لجلسة 17 من أكتوبر سنة 1964 أن إحدى تلك الشكاوى قدمت في 25 من يوليو سنة 1958 - وقد جاء في مذكرة النيابة الإدارية المشار إليها في شأن نتيجة تحقيق الشكاوى المذكورة أن المدعي (تقدم بشكاوى ضمنها اتهامات خطيرة لكبار موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية وضمن شكاويه عبارات جارحة واتهامات باطلة لهم ولم يثبت من التحقيق صحة أي ادعاء من هذه الادعاءات بالرغم من تجريحه لهؤلاء الموظفين وإصراره على نسبة مخالفات وهمية إليهم في كل شكوى من الشكاوى التي ظل يتقدم بها منذ عام 1959 حتى الآن وقد ثبت أن المخالفات التي أرشد عنها بالنسبة للعمرات التي أجريت بجملة المصانع الحربية مخالفات هزيلة لم تكن تحتمل كل هذه الاتهامات وبفرض صحتها ليس المسئول عنها هم كبار موظفي الهيئة وكان يجدر إن كان جاداً في شكواه أن يتقدم بها في حينها دون انتظار لمضي مدة طويلة إذ أن أكثرها وقع خلال عامي 1955، 1956 ثم طعن في اللجنة المشكلة لفحص العمارات بناء على طلبه واستجاب إلى هذا الطلب دون أن يكون مستنداً في اعتراضه على أي أساس قانوني الأمر الذي يدل على أن مقدم الشكوى لم يقصد بشكواه إلا الشوشرة على هؤلاء الموظفين للحصول على كسب شخصي من وراء ذلك كما أنه لم يثبت أية واقعة من الوقائع التي نسبهما إلى كبار موظفي الهيئة في القضية رقم 284/ 1961 - حتى الوقائع التي ثبتت بالنسبة للمخالفات التي اكتشفت بالمتحف لا يمكن أن يكون مسئولاً عنها كبار موظفي الهيئة الذين تعرض لهم واتهمهم ظلماً بالتبديد والسرقة والاختلاس ولم يكن الموقف يستدعي منه أكثر من انتظار لنتيجة التحقيق الذي أمر به سكرتير عام الهيئة الذي عرضت عليه تقارير اللجنة التي كان عضواً بها الأمر الذي نرى معه مساءلته عن هذه الاتهامات التي وجهها إلى كبار موظفي الهيئة دون أن يكون لها سند من الواقع (صفحة 14 من المذكرة) - وانتهت النيابة الإدارية في مذكرتها إلى اتهام المدعي بأنه (خرج على مقتضى الواجب بأن دأب على تقديم شكاوى نسب فيها مخالفات خطيرة واتهامات لكبار موظفي الهيئة العامة للمصانع الحربية كما ضمن هذه الشكاوى عبارات غير لائقة تمس هؤلاء الموظفين ولم يثبت التحقيق صحة هذه الاتهامات).
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المدعي قد سلك خلال سنة 1958 التي قدم عنها التقرير المطعون فيه سلوكاً ينم على عدم تعاونه مع رؤسائه وتطاوله عليهم وقد حدا ذلك برئيسه المباشر إلى طلب إبعاده عن المصانع الحربية مما ترتب عليه أن تقرر في 6 من ديسمبر سنة 1958 ندبه للعمل بوزارة الحربية وكان ذلك بعد أن بدأ في تقديم شكاوى ضد رؤسائه وضد كبار موظفي الهيئة تتضمن اتهامات بالغة الخطورة أسفر التحقيق فيما بعد - حسبما انتهت إليه النيابة الإدارية - عن عدم ثبوت شيء منها ضد هؤلاء الموظفين وعن أنه كان يقصد من ورائها إلى إصابة كسب شخصي.
ومن حيث إنه لا تثريب على لجنة شئون الموظفين وهي بصدد تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958 إن هي أدخلت في اعتبارها الأثر الذي ترى - بسلطتها في الإشراف والتعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين - ترتيبه على مسلك المدعي في شأن تطاوله على رؤسائه وعدم تعاونه معهم وإسرافه دون مبرر في التقدم بشكاوى ضد هؤلاء الرؤساء وغيرهم من كبار الموظفين تتضمن اتهامات خطيرة وعبارات غير لائقة - ولا يحول دون ذلك أن مسلك المدعي في شأن الشكاوى المذكورة قد ترتب عليه إقامة الدعوى التأديبية ضده وصدور حكم بإدانته مطعون فيه أمام المحكمة الإدارية العليا - إذ أن الأمر هنا لا يتعلق بتأديبه أو عقابه - ولا يعدو أن يكون إعمالاً لسلطة اللجنة في تخفيض درجة كفايته في تقريره السنوي استناداً إلى ما تكشف لها من أمور تتعلق بسلوكه وصفاته الشخصية وقدراته وهي من العناصر المكملة لمقومات التقدير العام الذي تختص به اللجنة في مجال حكمها على كفاية الموظف وتترخص فيه بسلطتها التقديرية - وهو غير مجال التأديب على كل حال.
ومن حيث إنه إذ انتهت لجنة شئون الموظفين - في ضوء ما أسفر عنه فحص أحد أعضائها لحالة المدعي بتفويض منها - وبعد وقوفها على مسلكه الذي أدى إلى إبعاده عن المصانع الحربية في آخر سنة 1958 وعلى ما كشفت عنه شكاويه المتلاحقة التي بدأ في تقديمها خلال السنة المذكورة - إلى الهبوط بتقدير كفايته في التقرير السنوي عن عام 1958 إلى درجة ضعيف فإنها تكون قد استمدت تقديرها من أصول صحيحة ثابتة في الأوراق - بل إن بعضها ثابت في ملف الخدمة ذاته - وتتصل بوقائع حدثت خلال العام المذكور - ولا يقدح في سلامة هذا التقدير حصول المدعي في تقارير السنوات السابقة أو اللاحقة على درجة مرضي إذ إن دلالة تلك التقارير ليست دلالة قاطعة إزاء العناصر الأخرى التي أخذتها اللجنة في الاعتبار والمستمدة من أصول ثابتة في الأوراق أما ما نعاه المدعي على لجنة شئون الموظفين من إساءة استعمال السلطة فلا يقوم على أساس إذ ليس في الأوراق ما يفيد أن اللجنة في تقديرها لكفايته قد انحرفت عن الجادة أو تنكبت سبيل المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه الصادر بتقدير كفاية المدعي في التقرير السنوي عن عام 1958 بدرجة ضعيف صحيحاً ومطابقاً للقانون وقائماً على سببه المبرر له قانوناً ويكون طلب إلغاء هذا القرار على غير أساس سليم من القانون وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 908 لسنة 8 ق جلسة 27 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 31 ص 311

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

------------------

(31)

القضية رقم 908 لسنة 8 القضائية

موظف. "مدة خدمة سابقة". هيئة البريد. 

قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958. شرط اتفاق طبيعة العمل - تخلفه إذا كانت المدة السابقة قد قضيت بوظيفة كاتب بشركة السكر والعمل الجديد موزعاً بهيئة البريد - أساس ذلك.

---------------
يستلزم لحساب مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 أن تكون طبيعة العمل فيها تتفق مع طبيعة العمل بالحكومة وغني عن البيان أن طبيعة عمل المدعي ككاتب في شركة السكر تختلف عن طبيعة عمله بهيئة البريد كطواف بريد - وهي الوظيفة التي بدأ الخدمة بها في هيئة البريد كما هو ثابت من ملف خدمته - ذلك أن وظيفة الكاتب لا تتطلب من ناحية الإعداد والتأهيل والخبرة ما تتطلبه وظيفة طواف البريد التي تقتضي معرفة ودراية توزيع البريد وأساليبه لا تكتسب إلا بالتدريب والمران في هيئة البريد ذاتها ولا يكفي في اكتسابها مجرد معرفة القراءة والكتابة وسابقة القيام بالأعمال الكتابية. ومن ثم يكون قد تخلف في المدعي شرط اتفاق طبيعة العمل الذي ينبغي توفره لإمكان حساب مدة عمله السابقة في شركة السكر وضمها إلى مدة خدمته بهيئة البريد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 487 لسنة 8 القضائية ضد السيدين وزير المواصلات ومدير عام هيئة البريد بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 4 من مارس سنة 1961 بناء على قرار صادر من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في 7 من يناير سنة 1961 في طلب الإعفاء رقم 178 لسنة 8 القضائية المقدم من المدعي ضد هيئة البريد. وطلب المدعي في عريضة الدعوى "الحكم بضم مدة خدمته السابقة مع ما يترتب على ذلك من آثار بخصوص تقدير الدرجة والمرتب والأقدمية وخلافه مع إلزام الحكومة المصروفات والأتعاب". وقال إنه التحق بخدمة الحكومة بهيئة البريد ابتداء من 12 من مايو سنة 1955 بوظيفة كتابية هي وظيفة فراز بريد، وقد كانت من ضمن مسوغات تعيينه شهادة من شركة السكر بالحوامدية تفيد أنه كان يعمل بالشركة من نوفمبر سنة 1934 حتى نوفمبر سنة 1950، أي مدة ست عشرة سنة وأنه لذلك يستحق ضم هذه المدة بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958. وقد أجابت هيئة البريد عن المنازعة بأن المدعي عين بخدمة البريد في 12 من مارس سنة 1955 في وظيفة طواف بريد من الدرجة التاسعة المؤقتة. وأن الهيئة لم تقم بتسوية حالته طبقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 لأنه لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته السابقة في ميعاد ثلاثة شهور من تاريخ نشر القرار الجمهوري المذكور، ولأن هذا القرار يشترط الاتفاق في طبيعة العمل السابق والجديد، ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون الموظفين التي لم يعرض عليها الأمر لعدم توفر شروط الضم في المدعي. وفي جلسة 17 من يناير سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية "باستحقاق المدعي لضم ثلاثة أرباع مدة خدمته السابقة من نوفمبر سنة 1943 إلى نوفمبر سنة 1950 إلى مدة خدمته بالدرجة التاسعة وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن الأعمال الكتابية التي كان يقوم بها المدعي أثناء عمله بشركة السكر تتفق في طبيعتها مع عمل وظيفة طواف بريد. وأنه يغني المدعي عن تقديم طلب لضم مدة خدمته السابقة طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، أنه كان قد تقدم قبل صدور هذا القرار بطلبات عديدة لضم هذه المدة، وأن الإدارة كانت بصدد بحث أحقيته في ضم المدة المذكورة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي لم يتقدم بطلب لحساب مدة الخدمة السابقة بالتطبيق لنص المادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 بعد نفاذ هذا القرار، وأنه لا يعتد بطلبات المدعي السابقة لأنها كانت في خصوص تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952، وعلى أية حال. فإن وظيفة فراز تتطلب مراناً وخبرة لا يتوافران في عمل الكاتب في شركة السكر، ومن ثم يكون شرط اتحاد طبيعة العمل بين المدة السابقة والمدة المراد الضم إليها غير متوفر في حق المدعي.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 942 لسنة 1962 المعمول به اعتباراً من 5 من مارس سنة 1962 قد فتحت ميعاداً جديداً لمن لم يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في الموعد المحدد، إلا أن البند الرابع من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة سالف الذكر يستلزم لحساب مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة أن تكون طبيعة العمل فيها تتفق مع طبيعة العمل بالحكومة. وغني عن البيان أن طبيعة عمل المدعي ككاتب في شركة السكر تختلف عن طبيعة عمله بهيئة البريد كطواف بريد - وهي الوظيفة التي بدأ الخدمة بها في هيئة البريد كما هو ثابت من ملف خدمته - ذلك أن وظيفة الكاتب لا تتطلب من ناحية الإعداد والتأهيل والخبرة ما تتطلبه وظيفة طواف البريد التي تقتضي معرفة ودراية بأعمال توزيع البريد وأساليبه وهي لا تكتسب إلا بالتدريب والمران في هيئة البريد ذاتها ولا يكفي في اكتسابها مجرد معرفة القراءة والكتابة وسابقة القيام بالأعمال الكتابية. ومن ثم يكون قد تخلف في المدعي شرط اتفاق طبيعة العمل الذي ينبغي توفره لإمكان حساب مدة عمله السابقة في شركة السكر وضمها إلى مدة خدمته بهيئة البريد، وتكون دعواه - والحالة هذه - على أساس غير سليم من القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون في - إذ أخذ بغير هذا النظر - قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.